الأمم المتحدة

CCPR/C/115/D/2016/2010

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

28 December 2015

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2016/2010

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها 115 (19 تشرين الأول/أكتوبر - 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2015)

المقدم من: ليونيد سودالينكو (لا يمثله محام)

ال شخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

ال دولة الطرف : بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ : 23 أيار/مايو 2010 (تاريخ الرسالة الأولى)

ال وثائق المرجعية : قرار المقرر الخاص بموجب المادة 97، المحال إلى الدولة الطرف في 12 آب/أغسطس 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015

ال موضوع : رفض منح إذن بتنظيم تجمع سلمي؛ وحرية التعبير؛ والمحاكمة العادلة؛ وسبيل الانتصاف الفعال

ال مسائل الإجرائية : المقبولية من حيث الاختصاص الموضوعي ؛ واستنفاد سبل الانتصاف المحلية

ال مسائل الموضوعية : حرية التعبير؛ وحرية التجمع؛ والمحاكمة العادلة؛ وسبيل الانتصاف الفعال

مواد العهد : 2(2) و2(3) و14(1) و19 و21

مواد البروتوكول الاختياري : 2 و3 و5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 115)

بشأن

البلاغ رقم 2016/2010 *

المقدم من: ليونيد سودالينكو (لا يمثله محام)

ال شخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

ال دولة الطرف : بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ : 23 أيار/مايو 2010 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2016/2010 المقدم إليها من ليونيد سودالينكو بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو ليونيد سودالينكو ، وهو مواطن بيلاروسي وُلد في عام 1966. وهو يزعم أنه وقع ضحية انتهاك بيلاروس حقوقه المكفولة بموجب المواد 14(1)، و19 و21، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في بيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992. وصاحب البلاغ ليس ممثلاً بمحام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى اللجنة التنفيذية لمدينة غومل الكبرى من أجل تنظيم اعتصام في أحد الميادين في وسط غومل (ميدان "الانتفاضة") في 10 كانون الأول/ديسمبر 2009، لكي يعبّر على الملأ عن رأيه الشخصي بمناسبة الاحتفال في ذلك اليوم بذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ حيث إن "يوم حقوق الإنسان" هو يوم احتفالي معترف به في بيلاروس.

2-2 وفي 2 كانون الأول/ديسمبر 2009، رفضت اللجنة التنفيذية ، بموجب قرارها رقم 1410 ، أن تأذن لصاحب البلاغ بتنظيم الاعتصام. وقد استند رفضها هذا إلى عدم امتثال صاحب البلاغ لمقتضيات القرار رقم 299 الصادر عن اللجنة التنفيذية بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2008 بشأن تنظيم التظاهرات الجماعية في مدينة غومل ، وهو القرار الذي اعتُمد بالاستناد إلى القانون المتعلق بالتظاهرات الجماعية في بيلاروس، الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997. وقد لاحظت اللجنة التنفيذية، أولاً، أن صاحب البلاغ قد خطط لتنظيم اعتصام خارج المكان المخصص لهذا الغرض بموجب القرار رقم 299؛ ولاحظت اللجنة، ثانياً، أن صاحب البلاغ لم يُبرم العقود المطلوبة مع مقدمي الخدمات في المدينة من أجل الحفاظ على الأمن، وتقديم المساعدة الطبية، وتنظيف المكان.

2-3 وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2009، قدم صاحب البلاغ طعناً في قرار الرفض الصادر عن اللجنة التنفيذية إلى محكمة المنطقة الوسطى في غومل التي رفضت هذا الطعن في 30 كانون الأول/ديسمبر 2009. وفي 22 كانون الثاني/يناير 2010، قدم صاحب البلاغ طعناً في قرار محكمة المنطقة الوسطى إلى محكمة غومل الإقليمية التي رفضت هذا الطعن في 23 شباط/ فبراير 2010. وفي 11 آذار/مارس و19 نيسان/أبريل 2010، قدم صاحب البلاغ طعناً في قرار محكمة غومل الإقليمية إلى رئيس المحكمة الإقليمية ورئيس المحكمة العليا من خلال إجراء المراجعة القضائية الرقابية. وقد رُفض كلا الطعنين في 14 نيسان/أبريل 2010 و15 أيار/ مايو 2010، على التوالي.

2-4 وقد زعم صاحب البلاغ، في شكاواه المقدمة إلى المحاكم، أن رفض اللجنة التنفيذية منحه الإذن يشكل تقييداً لحقه في حرية التعبير وحقه في حرية التجمع اللذين يكفلهما دستور بيلاروس والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأنه لم يحصل على أي توضيح للأسباب التي استدعت تقييد حقوقه. وقد خلصت المحاكم إلى أن رفض اللجنة التنفيذية قانوني لأنه استند إلى القرار رقم 299.

2-5 وفي الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ إلى محكمة المنطقة الوسطى في 7 كانون الأول/ديسمبر 2009، طلب إلى المحكمة أن تعتبر قرار اللجنة التنفيذية رقم 299 قراراً يتناقض مع دستور بيلاروس وكذلك مع العهد. ويزعم صاحب البلاغ أن القيود المحددة في ذلك القرار، أي اشتراط تنظيم أي تجمع في مكان واحد محدد في منطقة نائية من مدينة يبلغ عدد سكانها 000 500 نسمة، وإبرام عقود لدفع أتعاب مقدمي الخدمات في المدينة، تنتهك جوهر تلك الحقوق ذاته. وقد رفضت محكمة المنطقة الوسطى هذا الجزء من شكوى صاحب البلاغ في 14 كانون الأول/ديسمبر 2009 حيث خلصت إلى أنه ليس من الممكن الطعن في القرار رقم 299 أمام المحاكم ذات الاختصاص العام لأن ذلك القرار قد سُجِّل في السجل الوطني للصكوك القانونية.

2-6 وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2009، قدم صاحب البلاغ طعناً في قرار محكمة المنطقة الوسطى أمام المحكمة الإقليمية التي رفضت هذا الطعن في 14 كانون الثاني/يناير 2010. وفي 11 آذار/مارس 2010 و22 آذار/مارس 2010، على التوالي، قدم صاحب البلاغ طعناً في قرار المحكمة الإقليمية لدى رئيس المحكمة الإقليمية ورئيس المحكمة العليا من خلال إجراء المراجعة القضائية الرقابية. وقد رُفض كلا الطعنين في 19 آذار/مارس 2010 و6 أيار/مايو 2010، على التوالي ( ) . ويقول صاحب البلاغ إنه بذلك يكون قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن رفض السلطات الوطنية طلبه المتعلق بتنظيم اعتصام يشكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب أحكام المادتين 19 و21، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد. وهو يزعم أنه لا اللجنة التنفيذية ولا المحاكم قد نظرت في ما إذا كانت القيود المفروضة على حقوقه بموجب القرار رقم 299 مبررة لأسباب تتعلق بالأمن القومي أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو ما إذا كانت تلك القيود ضرورية لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وهو يدعي أن القرار رقم 299 الذي يحصر كل التظاهرات الجماعية في مكان واحد يقع في منطقة نائية في غومل ، واشتراط قيام منظمي التظاهرات بإبرام عقود مسبقة مع مقدمي الخدمات في المدينة ل دفع تكاليف الخدمات، يقيدان على نحو لا داعي له حقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 و21 من العهد. وهو يزعم أيضاً أن أحكام القانون المتعلق بالتظاهرات الجماعية تمك ّ ن السلطات التنفيذية المحلية من اتخاذ قرارات تحدد فيها مواقع دائمة لتنظيم التظاهرات الجماعية من دون تقديم أي مبرر لهذا التقييد.

3-2 ويزعم صاحب البلاغ أيضاً أن استحالة الطعن، في إطار دعوى قضائية مدنية، في مشروعية القانون التشريعي أمام المحاكم ذات الاختصاص العام تحرمه من الاستفادة من سبيل انتصاف فعال وتشكل انتهاكاً لأحكام المادة 14(1) مقروءة بالاقتران مع أحكام المادة 2(2) و(3) من العهد. وفي هذا السياق، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن توصي الدولة الطرف بمواءمة تشريعاتها مع المعايير الدولية المحددة في المواد 19 و21 و14(1) من العهد، وتقديم تعويضات عما تكبده من نفقات، بما فيها رسوم المحكمة، كما يطلب تعويضاً غير نقدي.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 في مذكرة شفوية مؤرخة 25 كانون الثاني/يناير 2012، كررت الدولة الطرف موقفها الذي كانت قد أعربت عنه في مذكرتها الشفوية المؤرخة 6 كانون الثاني/يناير 2011 فيما يتعلق بالتسجيل غير المبرر للبلاغات المقدمة من أفراد لم يستنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة في الدولة الطرف، بما في ذلك تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة رقابية لحكم له مفعول الأمر المقضي به، ما يشكل انتهاكاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري. وبالإضافة إلى ذلك، تقول الدولة الطرف إنها عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، وافقت بموجب المادة 1 منه على الاعتراف باختصاص اللجنة في تلقي ودراسة البلاغات المقدمة من أفراد خاضعين لولايتها يدّعون أنهم ضحايا انتهاكها لأي من الحقوق التي يحميها العهد. غير أن الدولة الطرف تلاحظ أن ذلك الاعتراف جاء مقترناً بأحكام أخرى من البروتوكول الاختياري، بما فيها تلك الأحكام التي تحدد معايير تتعلق بمقدمي الالتماسات وبمقبولية بلاغاتهم، وبخاصة أحكام المادتين 2 و5.

4-2 وتقول الدولة الطرف إن الدول الأطراف غير ملزمة، بموجب البروتوكول الاختياري، بأن تعترف بنظام اللجنة الداخلي أو بتفسيرها لأحكام البروتوكول الاختياري الذي لا يمكن أن يكون فعالاً إلاّ عندما يكون وفقاً لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات. وتضيف الدولة الطرف بأنه فيما يتعلق بإجراء تقديم الشكاوى، ينبغي أن تسترشد الدول الأطراف، في المقام الأول، بأحكام البروتوكول الاختياري، وأن الإشارات إلى ممارسة اللجنة المتبعة منذ أمد بعيد وإلى أساليب عملها واجتهاداتها السابقة لا تندرج في إطار البروتوكول الاختياري. وتقول الدولة الطرف أيضاً إنها ستعتبر أي بلاغ يُسجَّل على نحو يشكل انتهاكاً لأحكام البروتوكول الاختياري بلاغاً يتعارض مع البروتوكول الاختياري وسيُرفض من دون تقديم ملاحظات بشأن مقبوليته أو أسسه الموضوعية، وإن سلطاتها ستعتبر أي قرار تتخذه اللجنة بشأن هذه البلاغات المرفوضة قراراً "باطلاً". وترى الدولة الطرف أن البلاغ الحالي قد سُجِّل على نحو ينتهك البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في رسالة مؤرخة 21 آذار/مارس 2012، يقول صاحب البلاغ إنه لا يعتبر أن المراجعة الرقابية أمام مكتب المدعي العام تشكل سبيل انتصاف فعالاً، وهو يشير إلى اجتهادات اللجنة بشأن هذه المسألة ( ) .

5-2 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف على نظام اللجنة الداخلي، يقول صاحب البلاغ إن اللجنة هي التي تفسر أحكام العهد وإن "آراء اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري تمثل قراراً ذا حجية من قبل الهيئة المنشأة بموجب العهد نفسه والمكلفة بتفسير ذلك النص" ( ) . ويرى صاحب البلاغ أنه استناداً إلى ما تقدم، يجب على الدولة الطرف أن تحترم قرارات اللجنة وكذلك "معاييرها وممارستها وأساليب عملها".

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

عدم تعاون الدولة الطرف

6-1 تلاحظ اللجنة تأكيد الدولة الطرف بأنه لا توجد أسس قانونية للنظر في هذا البلاغ ما دام قد سُجِّل على نحو يشكل انتهاكاً لأحكام البروتوكول الاختياري؛ وأنها غير ملزمة بأي التزام فيما يتعلق بالاعتراف بنظام اللجنة الداخلي وبتفسير اللجنة لأحكام البروتوكول الاختياري؛ وأنه إذا اتخذت اللجنة قراراً بشأن هذا البلاغ، فستعتبره السلطات قراراً "باطلاً".

6-2 وتُذكّر اللجنة بأن المادة 39(2) من العهد تخول اللجنة وضع نظامها الداخلي الخاص بها، وهو نظام وافقت الدول الأطراف على الاعتراف به. فلدى الانضمام إلى البروتوكول الاختياري، تعترف الدولة الطرف في العهد باختصاص اللجنة المتمثل في تلقي ودراسة البلاغات المقدمة من أفراد يزعمون أنهم ضحايا انتهاك أي حق من حقوقهم المنصوص عليها في العهد (الديباجة والمادة 1). ثم إن انضمام دولة ما إلى البروتوكول الاختياري يعني ضمناً تعهدها بأن تتعاون مع اللجنة بحسن نية للسماح لها بالنظر في تلك البلاغات وتمكينها من ذلك والقيام، بعد دراسة البلاغات، بإحالة آرائها إلى الدولة الطرف وإلى الفرد المعني (المادة 5(1) و(4)). ومما يتعارض مع هذه الالتزامات أن تتخذ الدولة الطرف أي إجراء يمنع أو يعطل نظر اللجنة في بلاغ ما ودراسته والتعبير عن آرائها بشأنه ( ) . ويعود إلى اللجنة أن تقرر ما إذا كانت حالة ما ينبغي أن تُسجَّل أم لا. والدولة الطرف، بامتناعها عن قبول اختصاص اللجنة المتمثل في تحديد ما إذا كان يجب تسجيل بلاغ ما، وبإعلانها القاطع أنها لن تقبل القرار الذي تتخذه اللجنة فيما يتعلق بمقبولية البلاغات وأسسها الموضوعية، تكون قد أخلت بالتزاماتها بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

النظر في مقبولية البلاغ

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست موضع بحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وتحيط اللجنة علماً باعتراض الدولة الطرف لأن صاحب البلاغ لم يقدم طلباً إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة رقابية لقرارات المحاكم المحلية. وتُذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تفيد بأن تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام من أجل إجراء مراجعة رقابية لقرارات المحاكم التي أصحبت نافذة لا يشكل سبيل انتصاف يجب استنفاده لأغراض المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناء عليه، تعتبر اللجنة أنه ليس ثمة ما يمنعها، بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، من دراسة هذا البلاغ.

7-4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب المادة 14(1)، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد قد انتُهكت لأن المحاكم رفضت النظر في ادعائه فيما يتعلق بعدم قانونية القرار رقم 299 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمدينة غومل في 2 نيسان/ أبريل 2008 بشأن تنظيم التظاهرات الجماعية في مدينة غومل . وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه بموجب التشريعات الوطنية، لا يمكن التحقق من مشروعية القوانين إلا من قبل المحكمة الدستورية وليس من قبل المحاكم ذات الاختصاص العام. ويمكن للأفراد أن يتقدموا بطلبات إلى المحكمة الدستورية عن طريق عدد من السلطات والمسؤولين. وتلاحظ اللجنة أن تحريك الدعوى أمام هيئة قضائية تفتقر على نحو واضح لاختصاص التعامل مع مسألة ما لا يُستدل منه تلقائياً على حدوث انتهاك للضمانات المنصوص عليها في المادة 14(1) من العهد ( ) . ولذلك فإن اللجنة تخلص إلى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

7-5 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن السلطات المحلية قد رفضت طلبه تنظيم اعتصام وأن اللجنة التنفيذية وكذلك المحاكم لم تنظر في مسألة ما إذا كانت القيود المفروضة على حقوقه بموجب القرار رقم 299 مبررة أم لا. ويزعم صاحب البلاغ أيضاً أن القرار رقم 299 الذي اعتُمد بالاستناد إلى القانون المتعلق بتنظيم التظاهرات الجماعية قيّد على نحو لا داعي له الحقوق التي تكفلها المادتان 19 و21 من العهد. وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب أحكام المادتين 19 و21، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد قد انتُهكت. وفي غياب أي معلومات من الدولة الطرف بشأن وقائع هذه القضية، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول ما دام يثير مسائل تندرج في إطار أحكام المادتين 19 و21، مقروءة وحدها وبالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد، ومن ثم تنتقل اللجنة إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان حسبما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن قرار اللجنة التنفيذية رقم 299 يقيّد على نحو لا داعي له الحق في حرية التعبير والحق في التجمع السلمي لأنه يفرض على منظمي التظاهرات الجماعية التزاماً بإبرام عقود مع مقدمي الخدمات في المدينة تقتضي دفع تكاليف الخدمات ولأنه لا ي ُ سمح بتنظيم التظاهرات الجماعية إلا في مكان واحد وفي منطقة نائية في غومل ، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 000 500 نسمة. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أن التطبيق الرسمي لقرار اللجنة التنفيذية رقم 299 على حالته، من دون النظر في مدى الحاجة إلى تقييد ممارسته لحقوقه، يشكل تقييداً غير مبرر لحقوقه بموجب المادتين 19 و21 من العهد.

8-3 وتُذكّر اللجنة، أولاً، بأن المادة 19(3) من العهد ت فرض قيود اً معينة شريطة أن يكون فرضها بموجب القانون وأن يكون ضرورياً لضمان (أ) احترام حقوق الآخرين وسمعتهم؛ و(ب) حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34(2011) بشأن حرية الرأي والتعبير، وقد جاء فيه أن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لنماء الشخص نماءً كاملاً، وأن هاتين الحريتين ضروريتان لأي مجتمع (الفقرة 2). فهما تشكلان حجر الأساس لكل مجتمع حر وديمقراطي (الفقرة 22). وأي تقييد لممارسة هاتين الحريتين يجب أن يكون متوافقاً مع المعيارين الصارمين المتمثلين في الضرورة والتناسب. ويجب ألاّ تُفرض القيود إلا لتلك الأغراض التي حددت من أجلها ويجب أن

تكون متصلة اتصالاً مباشراً بالحاجة المحددة التي فُرضت من أجلها ( ) . وتُذكّر اللجنة ( ) بأن الدولة الطرف هي من يجب أن يثبت أن القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 19 من العهد ضرورية ومتناسبة وأنه حتى ولو جاز للدول الأطراف، من حيث المبدأ، أن تنشئ نظاماً يهدف إلى التوفيق بين حرية الفرد في نقل المعلومات والمصلحة العامة المتمثلة في الحفاظ على النظام العام في منطقة بعينها، فإن هذا النظام يجب ألاّ يُطبق بطريقة تتعارض مع أحكام المادة 19 من العهد.

8-4 وتُذكّر اللجنة، ثانياً، بأن الحق في التجمع السلمي، كما هو مكفول بموجب المادة 21 من العهد، هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وهو ضروري للتعبير العلني عن وجهات نظر الفرد وآرائه، وهو حق لا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. وهو يستتبع إتاحة إمكانية تنظيم التجمعات السلمية والمشاركة فيها، بما في ذلك الحق في تنظيم التجمعات غير المتحركة (مثل الاعتصامات في مكان عام ) . ويحق لمنظمي التجمعات عموماً اختيار مكان التجمع على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف، ولا يجوز فرض أي قيد على هذا الحق إلا إذا (أ) فُرِضَ على نحو يتوافق مع القانون؛ و(ب) كان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي من أجل الحفاظ على الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح الآنفة الذكر التي تمثل شاغلاً عاماً، فينبغي لها أن تسترشد بهدف تيسير ممارسة هذا الحق بدلاً من أن تسعى لتقييده بقيود لا داعي لها أو غير متناسبة. ولذلك يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتبرير تقييد هذا الحق الذي تحميه المادة 21 من العهد.

8-5 وفي الحالة قيد النظر، اختار صاحب البلاغ أحد الميادين الرئيسية في مدينة غومل لينظم فيه اعتصامه لكي يجاهر برأيه في "يوم حقوق الإنسان". وتلاحظ اللجنة أن السلطات الوطنية رفضت طلب صاحب البلاغ تنظيم اعتصام بحجة أن الموقع الذي يُعتزم لتنظيم هذا الحدث فيه يختلف عن المكان الوحيد المسموح به بموجب القرار رقم 299 ولأن صاحب البلاغ لم يبرم عقوداً مع مقدمي الخدمات في المدينة. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه يتبين، من مواد الملف، أن السلطات الوطنية لم تبين كيف يمكن لاعتصام منظم في المكان الذي اقترحه صاحب البلاغ أن يُعرّض للخطر الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وتلاحظ اللجنة، بصفة خاصة، أنه لا يرد أي توضيح، لا في قرار اللجنة التنفيذية رفض طلب صاحب البلاغ تنظيم اعتصام، ولا في قرارات المحاكم، لبيان الأسباب التي تجعل من القيود المفروضة بموجب القرار رقم 299 والمطبقة في حالة صاحب البلاغ ضرورية ومبررة.

8-6 وتلاحظ اللجنة كذلك أن الحظر المفروض بحكم الأمر الواقع بموجب القرار رقم 299 لتنظيم تجمع في أي مكان عام في وسط مدينة غومل ، باستثناء منطقة واحدة نائية، يقيّد على نحو لا داعي له الحق في التجمع وحرية التعبير. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن مطالبة مُنظِّم اعتصام يقتصر عليه وحده بأن يبرم عقداً للحصول على خدمات إضافية من أجل تنظيم الاعتصام تلقي عبئاً غير متناسب على ممارسة الحق في التجمع السلمي والحق في حرية التعبير في السياق نفسه. وفي ظل هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى أن التطبيق الرسمي للقرار رقم 299 ورفض سلطات الدولة الطرف لطلب صاحب البلاغ تنظيم اعتصام ليسا مبررين، وتستنتج اللجنة من ثم أن حقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 19 و21 من العهد قد انتُهكت.

8-7 وفي ضوء هذا الاستنتاج، تقرر اللجنة عدم النظر في ادعاءات صاحب البلاغ التي تندرج في إطار أحكام المادتين 19 و21، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2) و(3) من العهد.

9- وإن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 19 و21 من العهد.

10- ووفقاً للمادة 2(3)(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بأن تتيح لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. وهذا يتطلب منها أن تجبر بالكامل الضرر الذي لحق بالأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وبناء ًعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بأن تسدد أي نفقات تكبدها صاحب البلاغ وأن تقدم له تعويضاً ملائماً. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الخصوص، تؤكد اللجنة مرة أخرى أنه ينبغي للدولة الطرف أن تنقح تشريعاتها وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2(2)، وبخاصة القرار رقم 299 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمدينة غومل ، والقانون المتعلق بتنظيم التظاهرات الجماعية الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997، اللذين طُبِّقا في هذه الحالة، بغية ضمان التمتع بالحقوق المكفولة بموجب المادتين 19 و21 من العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف ( ) .

11- وبالنظر إلى أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين داخل إقليميها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن تتيح سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ عن د ثبوت حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة هذه موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع باللغتين البيلاروسية والروسية في الدولة الطرف.

التذييل الأول

رأي فردي لعضوة اللجنة سارة كليفلاند (موافق)

1- في هذا البلاغ، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد أخلّت بالتزاماتها بموجب أحكام المادتين 19 و21، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2) من العهد. ويُلاحظ أن اللجنة قد خلصت إلى أن هذا الادعاء مقبول ولكنها، في النهاية، لم تنظر فيه. وإنني أ عتقد أيضاً أنه كان يمكن للجنة أن تستنتج أن انتهاكاً قد حدث للمواد الموضوعية ذات الصلة، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2).

3- وقد رُفِض منح صاحب هذا البلاغ إذناً بتنظيم اعتصام في ميدان رئيسي في مدينة غومل بمناسبة الاحتفاظ بذكرى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وذلك بسبب عدم امتثاله للقرار رقم 299 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمدينة غومل ، وهو القرار الذي اعتمد بالاستناد إلى القانون المتعلق بتنظيم التظاهرات الجماعية في بيلاورس ، الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997. وهذا النظام القانوني يقتضي الحصول على إذن مسبق لتنظيم كل التجمعات العامة في غومل ، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها زهاء 000 500 نسمة؛ وهو نظام يحصر كل التجمعات التي لا تنظمها سلطات الدولة في موقع وحيد في منطقة نائية؛ وهو يقتضي أن يبرم منظمو هذه التظاهرات العامة عقوداً، على نفقتهم، لضمان السلامة العامة والأمن، والرعاية الطبية، وخدمات تنظيف المكان. وعلى الرغم من أن أصحاب البلاغات قد طعنوا أمام المحاكم المحلية في قرارات رفض طلباتهم المتعلقة بالحصول على إذن للتظاهر، فإن المحاكم قد أقرت تلك القرارات باعتبارها قرارات قانونية بموجب هذا الإطار القانوني.

4- وفي 20 حالة تقريباً، خلصت اللجنة إلى أن تطبيق القانون المتعلق بتنظيم التظاهرات الجماعية في بيلاروس ينتهك حقوق الأفراد المكفولة بموجب المواد 19 و21 و/أو 22 بشأن حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات. كما أن ست حالات من تلك الحالات قد اشتملت أيضاً على تطبيق القرار رقم 299. وفي تلك الحالات، دعت اللجنة بيلاروس، مراراً وتكراراً، إلى مراجعة تشريعاتها من أجل مواءمة نظامها القانوني مع العهد ومنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل ( ) .

5- وإنني أرى أن ظروف تلك الحالات تستتبع بصورة مباشرة التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 2(2 ) من العهد التي تنص على ما يلي:

" تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل بالفعل إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضرورياً لهذا الإ عمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية ".

6- وقد سلمت اللجنة منذ وقت طويل بأن المادة 2 تنشئ التزامات إضافية ولا يمكن أن تُتَّخذ ، بصورة مستقلة عن غيرها، أساساً لادعاء يتعلق بحدوث انتهاك بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . وبدلاً من ذلك، لا بد أن ينشأ انتهاك لأحكام المادة 2 مقترناً بانتهاك مادة موضوعية أخرى من مواد العهد. وكما سل ّ منا في تعليق اللجنة العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني الذي يقع على عاتق الدول الأطراف في العهد، فإن المادة 2(2) تجيز للدول الأطراف أيضاً تحقيق الامتثال بوسائل تتوافق مع "هياكلها الدستورية المحلية" الخاصة بها ( ) . غير أنه لا يجوز للدول الأطراف أيضاً أن تحتج بقوانينها المحلية لتبرير امتناعها عن أداء أو إعمال التزاماتها بموجب العهد ( ) . بل على العكس من ذلك، حيثما تكون هناك أوجه تعارض بين القانون المحلي وأحكام العهد، تقتضي المادة 2 تغيير القانون المحلي أو الممارسة المحلية بحيث تستوفي المعايير التي تفرضها الضمانات الأساسية التي يفرها العهد ( ) .

7- وفي قضية بولياكوف ضد بيلاروس ، خلصت اللجنة إلى أن المادة 2 يمكن أن تُتخذ أساساً لادعاء يتعلق بحدوث انتهاك بموجب البروتوكول الاختياري، على أن تكون مقترنة بمادة موضوعية أخرى، عندما يكون عدم مراعاة الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب المباشر لحدوث انتهاك آخر مختلف لأحكام العهد يؤثر تأثيراً مباشراً على الفرد الذي يدعي أنه ضحية ( ) .

8- وهذا المفهوم المتعلق بوجود "الانتهاك الآخر المختلف" للمادة 2 الذي ينشأ، مع ذلك، مقترناً بانتهاك مادة أخرى من المواد الموضوعية للعهد يمكن أن يُفهم في ضوء النهج الذي تتبعه اللجنة منذ وقت طويل إزاء المادة 2(3). فهذا الحكم يقتضي من الدول الأطراف أن تُنصف الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد ( ) . وقد طبقت اللجنة المادة 2(3) بطريقتين. فأولاً، في أي حالة تخلص فيها اللجنة إلى أن انتهاكاً لأحكام العهد قد حدث، تفرض المادة 2(3) التزاماً على الدولة الطرف بأن تجبر على النحو المناسب الضرر الذي لحق بالضحية. وهكذا تحتج اللجنة بالمادة 2(3) باعتبارها أساساً لإدراج فقرة بشأن سُبل إنصاف الضحية في آراء تعتمدها اللجنة وتخلص فيها إلى أن انتهاكاً قد وقع، ذلك لأن استنتاج اللجنة بأن انتهاكاً قد حدث يستتبع التزام الدولة الطرف ب جبر الضرر جبراً كاملاً بموجب المادة 2(3).

9- ثانياً، يمكن لفر د ما أن يثبت حدوث انتهاك مقترن بانتهاك المادة 2(3) عندما يُلاحظ أن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تُرتكب في دولة ما وحيثما تتخلف الدولة باستمرار عن أداء التزاماتها بإتاحة سبيل انتصاف للضحية. ومن ذلك مثلاً أنه في الحالات التي تنطوي على انتهاكات حدثت في الماضي، مثل التعذيب، وعمليات القتل خارج نطاق القضاء، وحالات الاختفاء القسري، تكون الدولة الطرف ملزمةً بالتحقيق في هذه الحالات وتقديم الجناة إلى العدالة ( ) وبتقديم تعويض للضحايا. وعندما تكون الدولة الطرف قد تخلفت باستمرار عن الوفاء بهذا الالتزام، يمكن للفرد أن يثبت حدوث "انتهاك آخر مختلف" للمادة 2(3) مقترنة بالمادة الموضوعية ذات الصلة ، مثل المادة 6 أو المادة 7 من العهد ( ) .

10- وفي هذه الحالة، ووفقاً للنهج الأول إزاء المادة 2(3) على النحو المذكور أعلاه، تحتج الفقرة المتعلقة بالإنصاف التي أدرجتها اللجنة (الفقرة 10) احتجاجاً صريحاً بالالتزامات التي تقع على عاتق الدولة الطرف بموجب المادة 2(2) كأساس للإيعاز إلى الدولة الطرف بأن تنقح تشريعاتها بحيث تتوافق مع الالتزامات التي تقع على عاتقها بموجب العهد ( ) . وإنني أوافق على هذا القرار.

11- وعلاوةً على ذلك، ووفقاً للنهج الذي نتبعه إزاء انتهاكات المادة 2(3)، أعتقد أنه يمكن للجنة أيضاً أن تستنتج أن انتهاكاً قد وقع، مقترناً بانتهاك المادة 2(2) في حالات مثل هذه الحالة تكون فيها التشريعات القائمة للدولة الطرف أو التفسير القائم للقوانين من قبل المحكمة الأعلى للدولة، قد شكلا بصورة مستمرة ومنهجية مصدراً لانتهاك أحكام العهد، وتكون فيها الدولة الطرف قد تخلّفت عن الوفاء بواجبها الملزم بموجب المادة 2(2) بأن تعتمد ما يلزم من تدابير تشريعية أو غير تشريعية لإعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد.

12- وقد خلصت اللجنة مراراً وتكراراً إلى أن الإطار القانوني ذا الصلة في بيلاروسِ، وهو، في هذه الحالات، المادة 5 من القانون المتعلق بتنظيم التظاهرات الجماعية، والقرار رقم 299 - ينتهك حرية التعبير، وحرية التجمع، وحرية تكوين الجمعيات، التي يكفلها العهد. وقد دعونا الدولة الطرف، مراراً وتكراراً، إلى مراجعة تشريعاتها في ضوء هذه الانتهاكات. وبالمقابل، فإن الدولة الطرف قد تخلفت باستمرار عن الوفاء بالتزامها "غير المشروط والفوري" بأن تغير قانونها المحلي لكي يستوفي المعايير التي يفرضها العهد ( ) .

13- ويشكِّل تخلُّف الدولة الطرف المستمر عن مواءمة قوانينها لإعمال الحقوق المكفولة بموجب العهد تخلفاً عن الامتثال للمادة 2(2)، وهو ما ينبغي، في رأيي، أن يُفهم على أنه يؤدي إلى "انتهاك آخر مختلف" للعهد - أي انتهاك لالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة 2(2) مقترنة بالمادة الموضوعية ذات الصلة. ومن السياقات المماثلة الأخرى التي قد يكون من المناسب فيها التوصل إلى استنتاج حدوث انتهاك مقترن بانتهاك المادة 2(2) ما يشمل بعض حالات الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية حيث خلصت اللجنة تكراراً إلى حدوث انتهاكات للمادة 18 نتيجة لتخلف الدولة الطرف عن اعتماد تشريعات تتيح بدائل مدنية لأداء الخدمة العسكرية وحيث أوصت اللجنة تكراراً بمراجعة التشريعات ذات الصلة ( ) فضلاً عن القوانين القائمة التي تفرض عقوبة إعدام إلزامية ( ) .

14- وإن من شأن الاعتراف بحدوث انتهاك يقترن بانتهاك المادة 2(2) في سياقات التخلف الهيكلي والنُظُمي للدولة عن اعتماد تشريعات إصلاحية أن يؤكد للدولة الطرف، وبخاصة لواضعي القوانين ذات الصلة، قلق اللجنة من أن مصدر الانتهاكات يكمن في الإطار القانوني للدولة والتزامها المميز بموجب المادة 2(2) بمواءمة قوانينها المحلية من أجل إعمال الحقوق المشمولة بالعهد ( ) . ومن شأن استنتاج حدوث انتهاك للمادة 2(2) أن يؤدي بدوره إلى تعزيز حماية حقوق الإنسان الخاصة بالفرد من خلال تأكيد التزام الدولة بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

15- وهذا النهج يتفق أيضاً مع النهج الذي تتبعه هيئات أخرى معنية بحقوق الإنسان. فوفقاً للمادة 46 من ا لا تفاقية الأوروبية ل حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، اعتمدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نهجاً مماثلاً في إجرائها النموذجي المتعلق بالأحكام، حيث تحدد المحكمة في حكمها المشاكل النُظمية أو الهيكلية في الإطار القانوني للدولة الطرف الذي يفضي إلى حدوث الانتهاك، و اتخاذ التدابير العلاجية التي يجب على الدولة اعتمادها، بما في ذلك مراجعة التشريعات ( ) وقد طبقت المحكمة هذا النهج لمعالجة حالات التخلف المستمر للدولة الطرف عن وضع تشريعات إصلاحية . كما أن محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان قد حددت منذ أمدٍ بعيد الحالات التي تتطلب تنقيح الإطار القانوني واستنتجت، ولا سيما في ظروف تخلف الدولة عن اتخاذ مثل هذه الإجراءات، حدوث انتهاكٍ أو تخلفٍ عن الامتثال لأحكام المادة 2 من اتفاقية البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالمواد الموضوعية ذات الصلة ( ) .

16- وبناءً عليه، ورغم أنني أؤيد طلب اللجنة الصريح الوارد في الفقرة 10 بأن تُنقح الدولة الطرف تشريعاتها عملاً بالمادة 2(2) فإنني أعتقد أنه كان يمكن للجنة أن تستنتج أيضاً حدوث انتهاك مقترن بانتهاك المادة 2(2) في ظل ظروف هذه القضايا وأن حماية حقوق الإنسان كان يمكن أن تتعزز بهذا الاستنتاج.

التذييل الثاني

رأي فردي لعضو اللجنة فيكتور مانويل رودريغيس - ريسيا (مخالف جزئياً )

1- على الرغم من أنني أوافق على الاستنتاج الذي خلصت إليه اللجنة فيما يتعلق بمقبولية البلاغ رقم 2016/2010 وأُسسه الموضوعية بخصوص حدوث انتهاك للمادتين 19 و21 من العهد بحق صاحب البلاغ، فإنني اعتبر أنه كان ينبغي إجراء تقييم يبين ما إذا كان هناك أيضاً انتهاك للحقين (الحق في حرية التعبير والحق في حرية التجمع العام والسلمي) مقترناً بانت ه اك المادة 2(2) من العهد (الالتزامات الإيجابية والسلبية باعتماد تدابير تشريعية أو غير تشريعية وبالامتناع عن اعتماد تدابير تشريعية أو غير تشريعية تعرقل أو تعوق ممارسة الحقوق المكرسة في العهد)، بسبب وجود قانون محلي في بيلاروس يتناقض تناقضاً مباشراً مع أحكام المادتين 19 و21.

2- وعلى الرغم من التعليقات الواردة أدناه، فإنني أعترف بأن اللجنة قد أحرزت، في تناولها لهذا البلاغ، تقدماً في الطريقة التي عالجت بها في الماضي حالات مماثلة كانت الدولة طرفاً فيها: أولاً، لأن اللجنة قد أقرت إمكانية استنتاج حدوث انتهاكٍ للمادة 2(2) مقترناً بانتهاك المادتين 19 و21 - رغم أنها لم تفعل ذلك في النهاية متقيدة بالصيغة الواردة في الفقرة 8-7 - وثانياً، لأن اللجنة قد استشهدت صراحةً، ولأول مرة، بالمادة 2(2) لتبرير مراجعة القواعد المطعون فيها كجزءٍ من سُبُل الانتصاف.

3- إن ما أفهمه هو أن ال وقائع المعروضة في هذا البلاغ لا تتصل فقط بتنفيذ القانون (القيود المفروضة بموجب قرار اللجنة التنفيذية رقم 299 الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 بشأن تنظيم التظاهرات الجماعية في مدينة غومل ، وهو القرار الذي اعتُمد بالاستناد إلى المادة 5 من القانون المتعلق بتنظيم التظاهرات الجماعية في بيلاروس، بل إنها تتصل أيضاً بوجود القانون ذاته، وهو مصدر للعديد من الانتهاكات الناشئة عنه. وإلى أن تُلغى تلك الأحكام بموجب الإجراءات الداخلية في بيلاروس بغية جعلها متوافقة مع معايير العهد، ستكون هناك سلسلة متواصلة من الحالات المتكررة في بلاغات مثل البلاغ الحالي.

4- وإنني أعتقد أن صاحب البلاغ قد أثبت بأدلة كافية حقيقة أن انتهاكات حقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 و21 ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوجود هذه القواعد. وبناءً عليه، كان ينبغي للجنة أن تمارس صلاحياتها فتقيم مدى امتثال الجزء ذي الصلة من القانون المتعلق بتنظيم التظاهرات الجماعية (وبخاصة المادة 5 منه) لأحكام العهد لدى النظر في الإجراءات التي ستتخذها بشأن البلاغ وأن تعلن عن حدوث انتهاك للمادة 2(2) مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21.

5- ويتبين من دراسة الحالة أن النص المطعون فيه يخالف أحكام العهد إذ ينص على الشروط التالية لمنح التصاريح لتنظيم التظاهرات الجماعية : (أ) إن السلطات التنفيذية المحلية هي التي تحدّد المواقع الدائمة لتنظيم التظاهرات الجماعية؛ وفي الحالة الراهنة، كان الموقع الذي اختير بعيداً عن مناطق الساحات العامة (ميدان يقع في شاريع يونييلنايا (رقم 48) في مدينة غومل )؛ و(ب) إن القانون المعني يفرض قيوداً شتى، ما يجعل من المستحيل عملياً منح تصاريح لتنظيم تظاهرات جماعية ؛ ومن ذلك، مثلاً، اشتراط إبرام عقود مع مقدمي الخدمات في المدينة ل دفع تكاليف الحفاظ على الأمن، وتقديم المساعدة الطبية، وتنظيف مكان التظاهرة، وهو ما يتعارض مع معياري الضرورة والتناسب فيما يتعلق بتقييد ممارسة الحق في حرية التعبير والحق في التجمع، كما أنه يشكل انتهاكاً للمادة 2(2) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21.

6- ولهذه الاشتراطات آثار مباشرة تجعل ممارسة ل لحق في التظاهر وما ينطوي عليه ذلك ضمنياً من ممارسة الحق في حرية التعبير أمراً شبه مستحيل. والأشخاص الذين يستطيعون تحمل تكاليف إبرام عقود خاصةٍ بتوفير خدمات التنظيف وتقديم المساعدة الطبية وخدمات الأمن يحظون بفرصٍ أفضل للحصول على تصاريح للتظاهر مقارنةً بغيرهم من الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم تلك الإمكانية، وهو ما ينطوي على معاملة تمييزية بين الأشخاص ذوي الإمكانيات المالية وأولئك الذين يفتقرون إليها؛ وبالنظر إلى أن خدمات التنظيف والأمن والرعاية الصحية هي خدمات عامة بطبيعتها فضلاً عن أنها ملازمة لممارسة السلطة العامة فيما يتعلق بالتظاهرات العامة، فإنه ينبغي توفيرها كضمانة ملازمة لهذه الممارسة المحتملة والفعلية. وما من شرطٍ من تلك الشروط يبرر وجود الأحكام التقييدية في سياق القيود المطبقة على نحوٍ سليمٍ في دولةٍ ديمقراطيةٍ تقوم على سيادة القانون، ما يكفل في هذه الحالة احترام حقوق الآخرين وسمعتهم وحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم (المادة 19(3)(أ) و(ب)، مقروءة بالاقتران مع المادة 21.

7- وعلى الرغم من أن اللجنة قد وضعت في الاعتبار هذه القيود لدى النظر في استنتاجها المتعلق بحدوث انتهاك للمادتين 19 و21 من العهد، فإن ذلك كان لمعالجة مسألة تنفيذ القانون وليس مسألة الطعن في وجود الأحكام المعنية، وهو لب المسألة. وكان ينبغي للجنة أن تفعل ذلك وفقاً لصلاحياتها بموجب المادة 2(2).

8- وفي حين أنني أوافق على التعليل الوارد في الفقرة 10 بشأن سُبُل الانتصاف، فإنني اعتبر أن هذا التعليل كان ينبغي أن ينبثق عن نظرٍ موضوعي في الوقائع، حيث إن القواعد المطعون فيها هنا تشكل انتهاكاً متأصلاً لمواد العهد المذكورة. وإنني أرى أنه ما كان ينبغي للجنة أن تكتفي بالدعوة إلى مراجعة تلك القواعد (الأثر/الاستنتاج)، بل كان ينبغي لها أولاً أن تتناول السبب الذي يستدعي المراجعة، ألا وهو وجود القانون ذاته الذي تكررت الإشارة إليه أعلاه.