الأمم المتحدة

CCPR/C/111/D/1926/2010

Distr.: General

29 September 2014

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1926/2010

قرار اعتمدته اللجنة في دورتها 111 (7 - 25 تموز/يوليه 2014)

المقدم من: س. إ. د. وآخرون (يمثلهم محاميان هما دانيالا ميهايلوفا من رابطة تكافؤ الفرص، وبريت غ. ثييل من المبادرة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: بلغاريا

تاريخ تقديم البلاغ: 21 أيلول/سبتمبر 2009 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 97 الذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 28 كانون الثاني/يناير 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 21 تموز/يوليه 2014

الموضوع: الإخلاء والهدم الوشيكان لمساكن طائفة الروما القائمة منذ أمد بعيد

المسائل الموضوعية: سبل الانتصاف الفعالة؛ التدخل غير القانوني والتعسفي في شؤون بيت الشخص؛ الحق في المساواة أمام القانون/الحماية المتساوية أمام القانون؛ التمييز على أساس الأصل الإثني

المسائل الإجرائية: إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية؛ عدم دعم الادعاءات بأدلة

مواد العهد: 2 و17 و26

مواد البروتوكول الاختياري: المادة 2 والفقرة 2(أ) من المادة 5

المرفق

قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 111)

بشأن

البلاغ رقم 1926/2010 *

المقدم من: س. إ. د. وآخرون (يمثلهم محاميان هما دانيالا ميهايلوفا من رابطة تكافؤ الفرص، وبريت غ. ثييل من المبادرة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: بلغاريا

تاريخ تقديم البلاغ: 21 أيلول/سبتمبر 2009 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 21 تموز/يوليه 2014 ،

تعتمد ما يلي:

قرار اللجنة بشأن المقبولية

1-1 أصحاب البلاغ المؤرخ 21 أيلول/سبتمبر 2009، هم س. إ. د.، وم . أ. ت.، وأ . أ. سٍ .، ور. س. غ.، وأُ . أ. ت.، وم . غ. ه ‍ .، وغ . س. غ.، وإ . س. ر.، وف. أ. ت.، ون. أ. س.، وي . ب. ك.، وغ . ي. ت.، ول. إ. ر.، ول. ي. م.، ود. م. م.، وس . إ. ك.، وي . ك. ب.، إ. س. ر.، وت. س. م.، وإ . م. ك.، أ. س. س.، وم . غ. ه ‍ .، وس . م. ن.، وم . د. ب.، ون. إ. س.، ور. أ. س.، وم . ه ‍ . غ.، وس . إ. ف.، ور. إ. ك.، ول. س. ك.، وس . م. ك.، وم . ج. س.، وك . س. ب.، من جماعة غورنو إزيروفو ، وإ . أ. ب.، وك . ه ‍ . س.، وم . إ. د.، وز . س. أ.، من جماعة ميدن رودنيك ، وجميعهم مواطنون بلغاريون من طائفة الروما. وتقيم جماعتا غورنو إزيروفو وميدن رودنيك في بلدية بورغاس في بلغاريا. ويدعي أصحاب البلاغ أن بلغاريا ستنتهك الحقوق المكفولة لهم بموجب المادتين 17 و26، مقروءتين كل بمفردها و بالاقتران مع المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، في حال إجبارهم على إخلاء منازلهم وهدمها. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى بلغاريا في 26 حزيران/يونيه 1992. ويمثل أصحاب البلاغ محاميان.

1-2 وفي 28 كانون الثاني/يناير 2010، قرر المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، نيابةً عن اللجنة، عدم طلب اتخاذ تدابير مؤقتة بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة في ضوء عدم كفاية المعلومات المتوفرة عن الوقائع التي عرضها أصحاب البلاغ في ذلك الوقت .

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 أصحاب البلاغ من جماعتي غورنو إزيروفو وميدن رودنيك من طائفة الروما، وهما مجموعتان تعيشان في بلغاريا منذ أكثر من خمسين عاماً. وخلال تلك الفترة، اعترفت السلطات العامة بحكم الواقع بمساكن هاتين الجماعتين ومن أشكال ذلك الاعتراف أنها زوّدتها بخدمات من قبيل البريد الفردي والماء والصرف الصحي والكهرباء.

2-2 وفي عام 2007، تلقى 52 شخصاً من سكان جماعة غورنو إزيروفو و32 أسرة من جماعة ميدن رودنيك أوامر بالإخلاء صادرة عن المكتب الإقليمي للإدارة الوطنية لمراقبة البناء في بورغاس ، عملاً بالفقرة 1 من المادة 225 من قانون تنمية الأقاليم، التي تجيز هدم المنازل المشيّدة من دون رُخص بناء سليمة. ونصّت أوامر الإخلاء على أنه يتعين إما أن يهدم أصحاب البلاغ منازلهم بأنفسهم أو أن يوكلوا أمر الهدم إلى السلطات. وفي الحالة الأخيرة، كان يُتوقع من أصحاب البلاغ أن يعوضوا السلطات عن تكاليف الهدم. وأفاد أصحاب البلاغ في رسالتهم الأولى بأن أوامر الإخلاء تلك جاءت نتيجة دعاوى رفعها أفراد يد ّ عون أنهم مالكو الأراضي التي تقيم فيها هاتان الجماعتان منذ زمن طويل.

2-3 وفي 28 أيار/مايو 2008، قدّم أصحاب البلاغ شكوى إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بموجب إجراء الشكاوى لديه، وأفادوا بأنهم سيُخلَون قسراً. وعُلّقت عمليات الإخلاء بينما كان البلاغ قيد نظر الفريق العامل المعني بالبلاغات التابع للمجلس. وفي نيسان/أبريل 2009، أنهى الفريق العامل النظر في شكوى أصحاب البلاغ.

2-4 وفي 8 أيلول/سبتمبر 2009، أخلت بلدية بورغاس قسراً 27 شخصاً من جماعة غورنو إزيروفو وهدمت منازلهم. ونُفّذ الأمر بمساعدة الشرطة المحلية التي أفرطت في استخدام القوة في حق السكان. فقد أُخرج الأشخاص عنوة من منازلهم وتعرّض بعضهم للضرب. واضطروا أيضاً إلى ترك معظم ممتلكاتهم الشخصية، بما في ذلك الأثاث الذي بقي داخل المنازل عندما هُدمت. ونتيجة لذلك، صُيِّرت هذه الأسر التي تضمّ أطفالاً ومسنين بلا مأوى.

2-5 ولدى تقديم هذا البلاغ إلى اللجنة للمرة الأولى، كانت الأسر الأخرى من جماعة غورنو إزيروفو التي تلقت أوامر بالإخلاء والأسر البالغ عددها 32 أسرة من جماعة ميدن رودنيك قاب قوسين أو أدنى من إخلاء بيوتها قسراً ومن هدمها. وفيما يخص جماعة ميدن رودنيك ، ف نصف منازل الأسر البالغ عددها 32 منزلاً قائم منذ حوالي 20 عاماً بينما يتألف النصف الآخر من منازل أحدث عهداً. وفي وقت لاحق، في 25 أيلول/سبتمبر 2009 أو في تاريخ قريب منه، أُخليت منازل 19 أسرة من جماعة ميدن رودنيك من ساكنيها قسراً ثم هُدمت. ولم يُعرض على الأشخاص الذين تم إخلاؤهم قسراً أي مسكن بديل؛ ولم تجر أي مشاورات تذكر مع الجماعة المعنية. وعلى الرغم من أن رئيس بلدية بورغاس أفاد بأن البلدية ستوفر مساكن بديلة للأسر المُسجّلة قانونياً في بورغاس ، وأن جميع الأشخاص الذين أُخلوا يستوفون هذا الشرط، لم يؤمَّن سكن بديل لأي منهم وأضحوا بلا مأوى.

2-6 ولا تتوفر سبل انتصاف فعالة على المستوى الداخلي للطعن في الإخلاء في حالات أُنكر فيها حتى الحد الأدنى من ضمان الحيازة. وعلى الرغم من هذا الوضع، حاولت عدة أسر رفع قضايا إلى المحكمة الإدارية في بورغاس والمحكمة الإدارية العليا، لكن أوامر الإخلاء أُيّدت لأسباب منها انعدام ضمان الحيازة. وساعدت جمعية تكافؤ الفرص الجماعتين على الطعن في أوامر الإخلاء أمام المحكمة الإدارية بالاستناد إلى القانون الدولي، لأن قانون الدولة الطرف لا يوفر أي سبيل انتصاف. وكانت جماعات أخرى من طائفة الروما قد رفعت قضايا مشابهة أمام المحاكم المذكورة. لكن هذه القضايا رُفضت جميعها لأسباب منها أن المدعّين لم يتمكنوا من إثبات الأساس القانوني الذي، بناءً عليه، يقيمون على قطع الأرض المعنية. وفي هذا دليل على أن المحاكم الداخلية غير راغبة في حماية حقوق الإنسان الدولية في موضوع هذا البلاغ، أو أنها عاجزة عن ذلك.

الشكوى

3-1 يدفع أصحاب البلاغ بالقول إنهم ضحايا نمط مستمر من التمييز العنصري في حق السكان الروما. وهو ما حدا بجماعات الروما، مثل جماعة غورنو إزيروفو وجماعة ميدن رودنيك إلى الإقامة في مستوطنات عشوائية (مثل "مبانٍ غير قانونية"). ويؤدي هذا التمييز إلى نقص فرص التعليم والعمل اللازمة للحصول على مساكن بأسعار السوق. ويشير أصحاب البلاغ إلى الملاحظات الختامية الصادرة عن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي ورد فيها أن جهود الدولة الطرف لمكافحة البطالة "لم تُكّلل بالنجاح"، وأن "اللجنة تأسى لعدم تأمين الرواتب التي يحصل عليها العاملون مستوى معيشياً لائقاً لهم ولأسرهم" ( ) . ومن الأسباب الأخرى وراء قيام المستوطنات العشوائية في المدن أن سكان الأرياف من الروما أُجبروا على البحث عن فرص عمل في المناطق الحضرية لأنهم شُرّدوا من المناطق الريفية. وأشار أصحاب البلاغ إلى الملاحظات الختامية الصادرة عن لجنة القضاء على التمييز العنصري‏ التي أشارت فيها إلى أن سكان الأرياف من طائفة الروما ثُبطوا عن المطالبة بالأراضي التي يحق لهم امتلاكها بموجب قانون حلّ التعاونيات الزراعية ( ) .

3-2 وأنكرت الدولة الطرف جماعتي غورنو إزيروفو وميدن رودنيك أي شكل من أشكال ضمان الحيازة، بما فيها أدنى درجات ضمان الحيازة التي تكفل الحماية القانونية من الإخلاء القسري والمضايقات وغير ذلك من التهديدات ( ) ، التي تقتضيهاً التزاماتها الدولية والمحلية في مجال حقوق الإنسان. وأضاف أصحاب البلاغ أن محاولاتهم رفع قضاياهم إلى المحكمة الإدارية في بورغاس لم تجد نفعاً. وأيّدت المحكمة الإدارية في بورغاس والمحكمة الإدار ية العليا أوامر الإخلاء والهدم.

3-3 و يشكل الإخلاء القسري والتهديد به انتهاكاً للمادة 17 من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 2 منه. وكانت اللجنة قد أفادت سابقاً في ملاحظاتها الختامية بأن ممارسة عمليات الإخلاء القسري "تنال تعسفاً من الحقوق التي يكفلها العهد لضحايا عمليات الإخلاء هذه، ولا سيما حقوقهم بموجب المادة 17 من العهد" ( ) ، وأنه ينبغي للدولة الطرف المعنية أن "تكفل عدم حدوث عمليات الإخلاء من المستوطنات ما لم يُستشر المتضررون وما لم تُتخذ ترتيبات مناسبة لإعادة توطينهم" ( ) .

3-4 ويدعي أصحاب البلاغ أن التهديد بإخلاء جماعتي غورنو إزيروفو وميدن رودنيك قسراً عمل غير قانوني أيضاً نظراً إلى أنه يتعارض مع حقوق منها الحق في السكن اللائق، بما في ذلك حظر الإخلاء القسري المكرّس في المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومثلما جاء في التعليق العام رقم 4(199 1 ) بشأن الحق في السكن اللائق والتعليق العام رقم 7(1997) بشأن الإخلاء القسري، الصادرين عن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ونظراً إلى حجية التعليقين العامين في تعريف حظر عمليات الإخلاء القسري بموجب القانون الدولي، بما في ذلك بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعليه، ونظراً إلى أن عمليات الإخلاء القسري في حد ذاتها تتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإنها تمثل تدخلاً غير قانوني في شؤون بيت الشخص، وتنتهك بالتالي المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3-5 ويحتج أصحاب البلاغ بأن عمليات الإخلاء القسري تعسفية أيضاً وتجري بطريقة يشوبها تمييز عنصري يقوم على انتماء جماعتي غورنو إزيروفو وميدن رودنيك الاثني لطائفة الروما. ويضيفون أن لعمليات الإخلاء نيّة تمييزية غير قانونية وأثراً تمييزياً غير قانوني معاً في آن.

3-6 ويشير أصحاب البلاغ إلى توصية مج لس أوروبا رقم 4 (2005) بشأن تحسين ظروف سكن أفراد طائفة الروما والرّحّل في أوروبا، التي اعتمدها المجلس في 23 شباط/ فبراير 2005، ويدفعون بالقول إنه ينبغي الاستناد إلى التوصية في تفسير المادة 17 من العهد. وإن أي مخالفة للتوصية تعادل تدخلاً غير قانوني في شؤون البيت. واستناداً إلى ما سبق، يدّعي أصحاب البلاغ أنه ينبغي اعتبار التهديد بالإخلاء القسري موضوعِ هذا البلاغ مخالفاً للقانون وتعسفياً ومن ثمَّ منتهكاً للمادة 17 من العهد.

3-7 ويدّعي أصحاب البلاغ أن الإخلاء القسري والتهديد به يمثّلان انتهاكاً للمادة 26 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 منه. وبموجب المادة 5(4) من دستور بلغاريا، تكون الحقوق المكرّسة في العهد وغيرها من المعاهدات التي صدّقت عليها بلغاريا ملزمة لها مباشرةً في إطار قانونها الداخلي. وتقضي المادة 26 بضمان الحقوق المكفولة بموجب المادة 17 من العهد دون تمييز على أساس الأصل الإثني لطائفة الروما، وكذلك بضمان المساواة في الحماية التي تكفلها المادة 17 من العهد. وتُعزى أسباب وجود جماعتي غورنو إزيروفو وميدن رودنيك في مستوطنات عشوائية أو "مبانٍ غير قانونية"، مثلما تصفها الوكالة الإقليمية لمراقبة المباني غير القانونية، في معظمها، إلى النمط المستمر من التمييز العنصري في حق الروما وإلى عدم رغبة الدولة الطرف في إعمال الحق في السكن اللائق.

3-8 وصدّقت الدولة الطرف على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتالي فإن الحقوق التي يكفلها العهد ملزمة للدولة الطرف بصورة مباشرة في إطار قانونها الداخلي، بما فيها الحق في السكن اللائق وحظر الإخلاء القسري المكرّس في المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويدفع أصحاب البلاغ بالقول إن المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مقروءة بالاقتران مع المادة 2، تلزم الدولة الطرف باحترام الحق في السكن اللائق دون تمييز وبحمايته وإعماله. وبموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا يمكن تبريّر عمليات الإخلاء إلا في ظروف استثنائية جداً وبعد استطلاع جميع البدائل الممكنة عن الإخلاء في إطار مشاورات بنّاءة مع الأشخاص المتضررين منه. وحتى في هذه الحالة، يجب التقيد بتوفير مختلف أشكال الحماية اللازمة بموجب الأصول القانونية على النحو المبيّن في التعليق العام رقم 7 الصادر عن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( ) . وأخيراً، وحتى إن روعيت معايير الأصول القانونية بطريقة مرضية، لا يجوز تنفيذ عمليات الإخلاء بشكل تمييزي، ولا يجوز أن تؤدي إلى تشريد الأشخاص أو تعريضهم لانتهاك حقوق الإنسان الأخرى. وفي قضية أصحاب البلاغ، لم تُجرِ السلطات أي مشاورات لاستطلاع جميع البدائل الممكنة عن الإخلاء. وكان بإمكان الدولة الطرف أن تدفع تعويضات لمن يظهر أنهم أصحاب الأراضي المعنية، وبذلك تكون قد وفت بالتزامها باحترام الحق في السكن اللائق وبحمايته وإعماله من خلال تسوية أوضاع جماعتي غورنو إزير وفو وميدن رودنيك .

3-9 ويخلص أصحاب البلاغ إلى أن الدولة الطرف انتهكت المادة 26 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بعدم حظرها التمييز على أساس الأصل الإثني لطائفة الروما، وبعدم مساواتهم بغيرهم في الحماية وفقاً لما تقضي به المادة 17 من العهد أو بعدم مساواتهم بغيرهم في حماية الحقوق المكرّسة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيها الحق في السكن اللائق وحظر الإخلاء القسري.

3-10 ويضيف أصحاب البلاغ أن سبل الانتصاف ينبغي أن تشمل أيضاً تأمين السكن وإعادة الأرض ودفع تعويضات لمن أُخلي قسراً. كما ينبغي أن تشمل تسوية أوضاع جماعتي غورنو إزيروفو وميدن رودنيك ، بوسائل منها منحهم درجة من ضمان الحيازة تكفل لهم الحماية القانونية من الإخلاء القسري والمضايقة وغيرهما من التهديدات. وينبغي تنفيذ جميع سُبل الانتصاف بمشاركة حقيقية ومجدية من الجماعتين.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 26 آذار/مارس 2010، قدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية وطلبت إلى اللجنة أن تعلن أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرات (ج) و(ه‍( و(و) من المادة 96 من النظام الداخلي للجنة.

4-2 وتوجّه الدولة الطرف عناية اللجنة إلى أن أصحاب هذا البلاغ كانوا قد قدموا، في تشرين الأول/ أ كتوبر 2009، ادعاءات مماثلة بموجب إجراء الشكاوى التابع لمجلس حقوق الإنسان، وتحديداً إلى المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب وبالحق في عدم التمييز في هذا السياق، وإلى الخبير المستقلّ المعني بقضايا الأقليات والمقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب. وقدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها إلى أولئك المكلفين بالولايات. ولم يكن المكلفون بالولايات قد أعطوا ردودهم بعد حين قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها إلى اللجنة. وعليه، يتعين إعلان أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 96(ه‍( من النظام الداخلي للجنة.

4-3 وقدم أصحاب هذا البلاغ أيضاً في 28 أيار/مايو 2008، شكوى بموجب إجراء الشكاوى لدى مجلس حقوق الإنسان أوقف الفريق العامل المعني بالبلاغات في المجلس النظر فيها في 16 نيسان/أبريل 2009. وكانت هذه البلاغات جميعها متشابهة جداً وكررت عرض نفس الوقائع والادعاءات الواردة في البلاغ المقدم إلى اللجنة. وهذا يدفع إلى استنتاج أن أصحاب البلاغ قد قدموا خلال نفس الفترة تقريباً الحجج والوقائع ذاتها إلى عدة إجراءات. وهذه الممارسات الخلافية لا تتسق مع المادة 96(ج) من النظام الداخلي للجنة وينبغي بالتالي عدم تشجيعها لأنها تكاد تبلغ حد إساءة استخدام الحق في تقديم البلاغات.

4-4 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ الدولة الطرف أن أربعة فقط من أصحاب البلاغ، هم السيد س. إ. د والسيدة غ. ي. ت. والسيدة ل. ي. م. والسيدة ل. إ. ر.، قد طعنوا في قرار المحكمة الإدارية في بورغاس لدى المحكمة الإدارية العليا. بينما لم يستنفد أصحاب البلاغ الآخرون سبل الانتصاف المحلية بل إنهم لم يستخدموها. وبناءً على ذلك، تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعلن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل ا لانتصاف المحلية عملاً بالفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختيار ي الملحق بالعهد .

4-5 وفيما يتعلق بقضية السيد س.إ.د، أشارت الأحكام القضائية إلى أنه طعن لدى المحكمة الإدارية في بورغاس في الأمر رقم 39 الصادر عن الإدارة الوطنية لمراقبة البناء بإزالة الأبنية غير القانونية المشيّدة على قطعة الأرض الرسمية رقم 1 الواقعة في الجزء الأول وفق خريطة حي غورنو إزيروفو (38 شارع مينزوهار ). وادعى المذكور أن تنفيذ الأمر سيوقعه في مأزق اجتماعي لأنه لن يتمكن من توفير سكن آخر ولأنه يعيل أسرة كبيرة. وادعى لاحقاً، في إطار نفس الإجراء، أن البناء مقبول بالمعنى المقصود في الفقرة 3 من المادة 16 من الأحكام التكميلية لقانون تنمية الأقاليم. وفي 11 حزيران/يونيه 2008، رفضت المحكمة الإدارية دعوى صاحب البلاغ لأن البناء شُيّد في عام 1999 على قطعة أرض تملكها البلدية دون أن يكون شَغلها مستنداً إلى أي أساس قانوني ودون رخصة لتشييد المبنى أو ملف خاص بالبناء. وعلى غرار ذلك، تُفيد الدولة الطرف بأن اعتراض السيد س.إ.د. بالقول إن البناء مقبول لا أساس له. وبناءً على ذلك، اعتُبر البناء غير قانوني بموجب الفقرتين الفرعيتين 1 و2 من الفقرة 2 من المادة 225 من القانون. وأشار الحكم أيضاً إلى أن الحجج المتعلقة بالمأزق الاجتماعي، المرتبط بنقص الدخل لشراء منزل آخر وحجم العائلة الكبير، أخفقت في دحض استنتاج المحكمة أن البناء غير قانوني. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2008، رفضت المحكمة الإدارية العليا طلب النقض الذي تقدم به صاحب البلاغ وأيّدت الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية في بورغاس لأن صاحب البلاغ لم يقدّم دليلا ً يثبت أن البناء قانوني.

4-6 وتدفع الدولة الطرف بالقول إن المادة 6(2) من دستور بلغاريا تنصّ على مبدأ تساوي جميع المواطنين أمام القانون، وإن القانون الأساسي لا يخول تقييد الحقوق ولا منح أي امتيازات البتة على أساس العرق أو الجنسية أو الهوية الإثنية أو نوع الجنس أو الأصل أو الدين أو التعليم أو المعتقدات أو الانتماءات السياسية أو المركز الشخصي أو الاجتماعي. وأكدت المحكمة الدستورية في حكمها التفسيري رقم 14 الصادر في عام 1992 أن "تساوي جميع المواطنين أمام القانون" بالمعنى المقصود في المادة 6(2) من الدستور يعني تساويهم أمام جميع النصوص القانونية. وحدّد قانون الحماية من التمييز المعتمد في عام 2003 أشكال التمييز المحظور وحدّد إجراءات الحماية من التمييز وهيئاتها.

4-7 وتفيد الدولة الطرف بأن السياسة التي تتبعها السلطات إزاء طائفة الروما تستند إلى البرنامج الإطاري لإدماج طائفة الروما بالمساواة مع غيرها في المجتمع البلغاري، الذي اعتمده مجلس الوزراء بموجب قراره الصادر في عام 1999. وجاء في الفصل الرابع من البرنامج الإطاري "الهيكل العمراني لأحياء طائفة الروما" أن أحياء طائفة الروما المنفصلة عن غيرها، التي تقع أكثريتها خارج التخطيطات الحضرية وتفتقر إلى الهياكل الأساسية الكافية، من أخطر المشاكل الاجتماعية - الاقتصادية التي تواجهها هذه الجماعة. وتشير الدولة الطرف أيضاً في هذا السياق إلى البرنامج الوطني لتحسين ظروف سكن طائفة الروما في بلغاريا (2005-2015).

4-8 وقد نُفّذ عدد من المشاريع الرامية إلى تحسين أوضاع أفراد المجموعات الإثنية، مع التركيز بصورة خاصة على طائفة الروما، ولا يزال تنفيذها مستمراً في سياق الامتثال إلى المعايير المنطبقة على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتُموَّل هذه المشاريع في إطار برنامج الاتحاد الأوروبي لمساعدة بلدان أوروبا الوسطى والشرقية (برنامج المنار : برنامج مساعدة بولندا وهنغاريا لإعادة هيكلة اقتصاديهما)، ومن جانب مصرف التنمية التابع لمجلس أوروبا، ومن الميزانية الوطنية عن طريق ميزانية وزارة التنمية الإقليمية والأشغال العامة ومن ميزانيات عدد من البلديات. وتخضع لمراقبة مستمرة أنشطة إدماج طائفة الروما، بما فيها المشاريع التي تنفذها المنظمات غير الحكومية والتي تموَّل من مصادر وطنية أو خارجية.

4-9 وأنشئت لجنة إدماج الروما في إطار المجلس الوطني للتعاون بشأن القضايا الإثنية والديمغرافية ، وهي هيئة استشارية وتنسيقية تابعة لمجلس الوزراء. ويتعين على المؤسسات الحكومية أن تتشاور مع مجلس التعاون بشأن اقتراحات تتعلق بالقضايا الإثنية والديمغرافية التي تشكل سياسة إدماج الروما في المجتمع البلغاري بالمساواة مع غيرهم جزءاً مهماً منها.

4-10 وتوفرت منذ عام 1990 إمكانية تسوية الوضع القانوني لجميع المباني غير القانونية التي تستوفي الشروط القانونية والمواصفات التقنية اللازمة. ويقع تحت طائلة الإزالة كل مبنى لم يُقدم طلب لتسوية وضعه القانوني قبل 26 كانون الثاني/يناير 2004 أو رُفض الطلب المتعلق به. لكن الإزالة لا تُنفّذ تلقائياً ومن دون سابق إشعار. فعلى سبيل المثال، ينبغي لرئيس البلدية أن يقدم طلباً إلى المجلس البلدي المعني بشأن الوحدات السكنية غير القانونية التي تشكل خطراً على ساكنيها أو في حال وجوب إعادة الملكية إلى أصحابها بقرار محكمة.

4-11 وفيما يتعلق ببناء المنازل بشكل غير قانوني في حيي غورنو إزيروفو وميدن رودنيك في بلدية بورغاس ، تشير الدولة الطرف إلى أن إجراءات إعادة الصفة القانونية التي اتخذتها الإدارة البلدية في بورغاس والمكتب الإقليمي للإدارة الوطنية لمراقبة البناء قد حظيت بدعم سكان المناطق المعنية وباقي سكان مدينة بورغاس . وفي عام 2004، أجرت البلدية تفتيشاً عملاً بقرار مجلسها في 30 آذار/مارس 2004، تناول واجباتها في مراقبة أعمال البناء. وكشف التفتيش عن وجود 44 بناء غير قانوني وعشرة أبنية خفيفة خارج الحدود التنظيمية لحي غورنو إزيروفو ، فضلاً عن 21 بناء غير قانوني و21 وحدة بناء خفيفة في منطقة حي ميدن رودنيك ، شُيّدت على قطع أرض ية تملكها البلدية مفرزة لفتح شارع وعلى قطعة أرض يملكها أحد الخواص. وكانت المباني برمتها آيلة للسقوط وغير متينة استُعملت في بناء معظمها مواد مؤقتة ومستهلكة. وكانت هذه المباني تفتقر إلى إمدادات الماء والصرف الصحي وتختلس الكهرباء فيها بطريقة غير قانونية بواسطة الأسلاك الهوائية. ولم تتوفر في المباني شروط النظافة وكانت المناطق المحيطة بها شديدة التلوث، فكانت الظروف مهيِّئة لظهور الأوبئة وتفشي الأمراض. وكانت هذه المناطق متاخمة لأحياء يقطنها السكان الروما منذ أكثر من خمسين عاماً.

4-12 وفيما يتعلق بالهياكل الخفيفة، أقرّت بلدية بورغاس إجراءً إدارياً يتمشى مع الإجراء المنصوص عليه في المادة 179 من قانون تنمية الأقاليم الذي كان سارياً في ذلك الوقت. وخلص هذا الإجراء إلى ضرورة إزالة هذه الهياكل قسراً.

4-13 وفي موضوع الأبنية غير القانونية، أبلغت بلدية بورغاس المكتب الإقليمي للإدارة الوطنية لمراقبة البناء في عام 2004 بعملية البناء غير القانونية لكي يتخّذ هذا الأخير خطوات بموجب قانون تنمية الأقاليم والأمر الوزاري رقم 13 الصادر في عام 2001 عن وزارة تنمية الأقاليم والأشغال العامة، وكلاهما يتعلق بالإنفاذ القسري لأوامر إزالة الأبنية غير القانونية. وشرع مكتب بورغاس الإقليمي في إجرا ءات وفقاً للبند 1 من المادة 225 (1) من قانون تنمية الأقاليم وأصدر أوامر بإزالة الأبنية على أساس عدم ثبوت الملكية وعدم وجود ملف البناء المطلوب. وتفيد الدولة الطرف بأن الإجراءات الإدارية استغرقت نحو ثلاث سنوات وأن البلدية والإدارة درستا بتأنٍ خلال تلك الفترة كل حالة على حدة، وأبلغتا الجهات المعنية مقدَّماً بجميع الخطوات وفق الإجراء المعتمد، بواسطة بيانات وأوامر ومذكرات ودعوات إلى الامتثال الطوعي وإخطارات خطية وغير ذلك من الوثائق. ومن ثمّ أجّلّت السلطات تنفيذ ال أوامر مراراً في عامي 2007 و2008 ، ونفّذتها في نهاية المطاف بعد سنتين إلى خمس سنوات من تاريخ صدورها، في الفترة ما بين 8 و24 أيلول/سبتمبر 2009. وقد رُصد 21 بناء غير قانوني في حي ميدن رودنيك و42 بناء غير قانوني في حي غورنو إزيروفو . ومُنح جميع المالكين مهلة 30 يوماً فرصةً أخيرة للامتثال طوعاً. وانتقل ثلاثة وعشرون ساكناً من سكان هذه الأبنية من تلقاء نفسهم. ولم يُجبَر أي شخص على إخلاء منزله قسراً ولم تُترك أي ممتلكات خاصة داخل الهياكل التي هُدمت ولم تُنقل بالقوة إلى مخازن تابعة للبلدية.

4-14 وأثناء تنفيذ الأوامر، لم تُعرّض حياة الأشخاص المعنيين أو صحتهم لأي خطر. وفي 8 أيلول/سبتمبر 2008، وقبل الشروع في هدم الأبنية غير القانونية في حي غورنو إزيروفو ، اضطر عناصر الشرطة إلى استخدام القوة لوقف اعتداء شنّته مجموعة من السكان. وجُرح في هذه المواجهة أحد أفراد الشرطة بحجر أصابه. ولهذا السبب، تدفع الدولة الطرف بالقول إن الشرطة لم تفرِط في استخدام القوة ضد السكان الروما خلال تنفيذ أوامر الهدم.

4-15 وتفيد الدولة الطرف كذلك بأن الأشخاص الذين أُخلوا من المباني المُهدّمة، حسب بلدية بورغاس ، قد عادوا إلى المساكن التي كانوا يقطنونها سابقاً والواقعة في الأحياء المتاخمة للمنطقة الإنمائية التي أُخليت والتي تعيش فيها مجموعات كبيرة من السكان الروما، في حين انتقل شخصان أو ثلاثة أشخاص إلى منطقة أخرى في البلد تقع خارج نطاق البلدية.

4-16 وتفيد الدولة الطرف بأن تنفيذ أمر الإخلاء الصادر عن المكتب الإقليمي للإدارة الوطنية لمراقبة البناء في بورغاس كان الحل الأخير لتسوية قضية الأبنية غير القانونية، بعد محاولات عديدة أخرى قامت بها السلطات البلدية والوطنية في نطاق الإجراءات الإدارية التي استغرقت قرابة ثلاث سنوات. وبناءً على ذلك، لا يستند أصحاب البلاغ إلى أي دليل موضوعي في ادعائهم بأن في الإخلاء القسري انتهاكاً للعهد.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 30 حزيران/يونيه 2010، قدّم أصحاب البلاغ تعليقاتهم على ملاحظات الدولة الطرف. ويجادلون فيها بالقول إ نه ينبغي اعتبار هذا البلاغ مقبولاً، نظراً إلى أن الإجراءات الدولية التي اع ت د ت بها الدولة الطرف، ولا سيما المقرر الخاص المعني بالحق في السكن كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب والحق في عدم التمييز في هذا السياق والمقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب والخبير المستقل المعني بقضايا الأقليات ، لا تندرج في إطار "إجراء من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية" المشار إليها في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري أو في المادة 96( ه‍( من النظام الداخلي للجنة . وعلى غرار ذلك، لا يقع إجراء الشكاوى لدى مجلس حقوق الإنسان في نطاق الشرط الوارد في هذا النص القانوني، وحتى لو كان الأمر كذلك، فقد أوقف الفريق العامل المعني بالبلاغا ت النظر في هذه القضية في نيسان/أبريل 2009. وبناءً على ذلك، لا شيء يمنع اللجنة من النظر في هذا البلاغ.

5-2 وفيما يتعلق باستنفاد سبُل الانتصاف المحلية، يشير أصحاب البلاغ إلى أن الدولة الطرف سلّمت في ملاحظاتها بأن أربعة من أصحاب البلاغ قد طعنوا في قرار المحكمة الإدارية في بورغاس لدى المحكمة الإدارية العليا. وتظهر قرارات المحكمة الإدارية العليا في هذه القضايا أن سبل الانتصاف المحلية ليست ملائمة ولا فعالة. وتشير القرارات السابقة للجنة إلى عدم اشتراط اللجوء إلى سبيل انتصاف لا يوفر إمكانية تصحيح الوضع عندما يكون واضحاً منذ البداية، على سبيل المثال، أن القانون الذي ستطبقه المحكمة لا يمكن أن يؤدي إلا إلى رفض أي طعن.

5-3 وفيما يخص الأسس الموضوعية، يكرر أصحاب البلاغ أنه لا يمكن تنفيذ الحل المعتمد لإنفاذ حقوق الملكية بشكل قانوني بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، ولا سيما حين يعود سبب حالة الإقامة العشوائية إلى عدم رغبة الدولة الطرف في إعمال الحق في سكن ملائم من دون تمييز أو عجزها عن ذلك. ويلتمس أصحاب البلاغ من اللجنة في هذا الصدد الاسترشاد بالقرارات السابقة الصادرة عن اللجنة الأوروبية للحقوق الاجتماعية ( ) .

5-4 و لا يمكن تبرير عمليات الإخلاء إلا في ظروف استثنائية جداً وبعد است طلاع جميع البدائل الممكنة للإخلاء في إطار مشاورات مجدية مع الأشخاص المعنيين ( ) . وفي الحالة قيد النظر، لم تتبع السلطات هذا الأسلوب ولم تنظر في البدائل الممكنة التي لا ينشأ عنها انتهاك لحقوق أصحاب البلاغ. فقد كان بإمكان الدولة الطرف، على سبيل المثال، أن تدفع تعويضاً لمن يدعي أنه مالك الأرض المعنية، ثم تفي بالتزامها ب احترام الحق في السكن اللائق دون تمييز و ب حماي ته وإعمال ه بتسوية وضع جماعتي ميدن رودني كأنه المالك الفعلي للأرض وغورنو إزيروفو بوسائل منها منحهم ا درجة من ضمان الحيازة ت كفل لهما الحماية القانونية من الإخلاء القسري والمضايقة وغيرهما من التهديدات.

5-5 ويفيد أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف قد أخفقت في مراعاة الأصول القانونية للحماية على النحو المبيّن في التعليق العام رقم 7 للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حتى لو خلصت إلى أن ظروفاً استثنائية بررت عمليات الإخلاء تلك وإلى أنها استطلعت جميع البدائل بالفعل، فهي لم تعطِ فرصة لإجراء مشاورات حقيقية مع الأشخاص المتضررين ولم توفر سبل انتصاف قانونية ولم تقدم مساعدة قانونية، حيثما أمكن ذلك، تمكّن من التماس الجبر لدى المحاكم. وبناءً على ذلك، أكّد أصحاب البلاغ مجدداً أن لعمليات الإخلاء تلك أثر تمييزي على السكان من أقلية الروما وأن أُسراً قد شُرّدت بالفعل.

5-6 وفي 13 شباط/فبراير 2013، قدّم أصحاب البلاغ معلومات إضافية إلى اللجنة. ورحبوا بآراء اللجنة المتعلقة بالبلاغ رقم 2073 /2011، نايدينوفا وآخرون ضد بلغاريا ، وأشاروا إلى أن تحليل اللجنة ينطبق على حالتهم أيضاً. والفرق بين البلاغ المشار إليه والبلاغ قيد النظر أن بعض أصحاب البلاغ قد أُخلوا بالفعل وأن الجماعتين المعنيتين تقيمان على أرض يُدّعى أنها ملك خاص. لكن يبقى على السلطات أن تت حقق من الملكية الفعلية للأرض. و غياب أي إجراء لتحديد الملكية الفعلية للأرض يبيّن أن هذا الأمر ليس ضرورة ملحة ويشكّل دليلاً إضافياً على أن عمليات الإخلاء التي نُفّذت لم تكن ضرورية، وأنه ينبغي عدم تنفيذ العمليات التي لم تنفَّذ بعد. ويجب حلّ أي نزاع بشأن الملكية الخاصة على الأقل بطريقة لا تنتهك حقوق الإنسان. وإن كان لا بدّ من أساليب جبر فتنبغي صياغتها بشكل يعزز حقوق الإنسان، كدفع تعويضات لمن يدعي أنه مالك الأرض إذا قدم دليلاً على ملكيته الصحيحة للأرض والسماح لجماعات الروما بالبقاء حيث هم ومنحهم ضمان الحيازة وإفادتهم من خطط لتحسين ظروف السكن.

معلومات إضافية قدمتها الدولة الطرف

6-1 نزولاً عند طلب اللجنة ( ) ، قدّمت الدولة الطرف معلومات إضافية في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2013 و7 شباط/فبراير 2014. وأفادت الدولة الطرف بأنه شُرع في الإجراءات المتعلقة بالمباني الواقعة في المنطقة السكنية في حي غورنو إزيروفو بموجب طلب أودعته السيدة م. ف. ر. لدى وزارة تنمية الأقاليم والأشغال العامة في 8 نيسان/ أبريل 2003. وأظهر التفتيش الذي أجرته بلدية بورغاس أن البناء شُيّد بين عامي 1999 و2000. وباشرت البلدية الإجراءات المتعلقة بحي ميدن رودنيكأنه المالك الفعلي للأرض في عام 2004 بسبب شكاوى كثيرة تقدم بها مواطنون يقطنون في الجوار بخصوص المباني غير القانونية وأصحابُ الأملاك الخاصة التي شُيّدت عليها تلك المباني من دون موافقتهم. وتبيّن بعد الاطلاع على خطط المسح العقاري وتقسيم المناطق أن هذه المباني شُيّدت بعد عام 1997.

6-2 وفي الحالتين، تقع المباني في محيط مناطق يقطنها بالأساس أشخاص من الروما. وقد شُيّدت المباني الواقعة في المنطقة السكنية في حي غورنو إزيروفو على حدود الحي وخارجه. وشُيّد 16 مبنى على أملاك تعود إلى البلدية و23 مبنى على أملاك مخصصة للاستخدام الزراعي يملكها أفراد وتقع خارج منطقة الحي المقسّمة. وفيما يتعلق بحي ميد ن رودنيكأنه المالك الفعلي للأرض ، تقع المباني في 11 قطعة أرض تملكها البلدية، منها واحدة مخصصة لفتح طريق، وفي ثماني قطع أرض أُعيدت إلى مالكين خواص بقرار صدر عن لجنة الأراضي في عام 1993.

6-3 وكانت المباني المهدمة قبيحة المظهر وتفتقر إلى نظام الصرف الصحي وكانت تُمد بالماء والكهرباء بصورة غير قانونية. وكانت هذه المباني في أغلبها معرّضة للانهيار ولم تكن تستوفي شروط الصرف الصحي والنظافة الصحية التي يقتضي قانون تنمية الأقاليم توفرها في المباني السكنية.

6-4 واعتمدت الإدارة البلدية في بورغاس أمراً بموجب المادة 45 من قانون الملكية البلدية لعام 2004 يتيح للأشخاص الذين يطالهم تنفيذ أوامر الهدم الاستفادة من بعض الامتيازات لسد حاجته م إلى السكن ولإيوائهم في مساكن تابعة للبلدية مقابل دفع إيجار. لكن ثلاثة أشخاص فقط من منطقة ميدن رودنيك طلبوا الاستفادة من هذه الامتيازات. وفي 26 أيلول/ سبتمبر 2009، منحت بلدية بورغاس أحد هؤلاء الأشخاص وعائلته سكناً في المساكن التابعة للبلدية مقابل دفع إيجار. أما الشخصان الآخران فلم يستوفيا الشروط المطلوبة للاستفادة من السكن الذي توفره البلدية، ورُفض طلباهما.

7-1 وفي 21 كانون الثاني/يناير 2014، قدّم أصحاب البلاغ معلومات إضافية نزولاً عند طلب اللجنة. وأفاد أصحاب البلاغ مجدداً بأن جماعتي غورنو إزيروفو وميدن رودنيك موجودتان منذ أكثر من خمسين عاماً، وأنهم جميعاً ولدوا هناك. وقد شُيّد بعض المنازل توسعةً لمنازل قائمة. وبالإضافة إلى ذلك، تفيد معلومات قدمتها بلدية بورغاس إلى الاتحاد الإقليمي للروما بأن الأراضي التي شُيّدت عليها المنازل هي ملك للبلدية.

7-2 وأغلبية منازل أصحاب البلاغ مزوّدة بالماء والكهرباء ويتلقى أصحاب البلاغ فواتير شهرية بالكميات المستهلكة من الماء والكهرباء بالبريد الرسمي من مصلحتي الماء والكهرباء المحليتين. وأضاف أصحاب البلاغ أنهم مسجّلون على عناوين المنازل التي كانوا يقيمون فيها وأنهم يتلقون الرسائل على تلك العناوين.

7-3 وأشار أصحاب البلاغ إلى أن السبب الفعلي وراء إصدار أوامر الإخلاء يعود إلى أن منازلهم كانت مشيّدة على الساحل، على أراضٍ ذات قيمة تجارية عالية. وقررت البلدية إخلاءهم كي تبيع الأراضي لشركات بناء تنوي إقامة منتجعات كبيرة وحديثة على شاطئ البحر. واعتُبرت الأسر الروما عقبة على طريق تحقيق هذا الهدف.

7-4 وتضم جماعة ميدن رودنيك حوالي 500 1 شخص من الروما بينما تضم جماعة غورنو إزيروفو ما يقارب 000 2 شخص من الروما يعيشون في بيوت مكتظة. وأغلبية هؤلاء الأشخاص عاطلون عن العمل وهم يكسبون قوتهم من لمّ البقايا من مكّب القمامة المحلي. وهم يعيشون تحت المستوى الأدنى للكفاف ولم يكن لديهم علم بشروط تقديم الطلبات للاستفادة من المساكن البلدية. وبعد تنفيذ أوامر الإخلاء، هُدم 19 منزلاً في حي ميدن رودنيك و52 منزلاً في حي غورنو إزيروفو . ولم تؤمَّن مساكن بديلة للأشخاص المتضررين من الإخلاء. ولجأ معظمهم إلى أقربائهم وجيرانهم لإيوائهم؛ وبنى بعض منهم منازل جديدة في المواقع نفسها التي هُدمت فيها المنازل القديمة. ورفضت البلدية تسجيلهم على أنهم يعيشون في عناوين تعتبرها غير قانونية وبدون وثائق كهذه لا يمكنهم تقديم طلبات للاستفادة من المساكن البلدية. وللسبب عينه، تعذّر على الكثير منهم، بمن فيهم جميع أصحاب البلاغ تقريباً، الحصول على بطاقات هوية لأنه تعذّر عليهم تقديم شهادة من البلدية تثبت عنوانهم الدائم للإدارة المحلية التابعة لوزارة الداخلية. ولهذا السبب، لم يستوفِ الكثير من أصحاب البلاغ معايير التسجيل التي وضعتها البلدية ولم تُسجّل سوى ست عائلات، واحدة منها فقط استفادت من سكن تابع للبلدية.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أي ادعاء وارد في بلاغ ما، يتعين عليها وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي أن تقرر ما إذا كانت القضية مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد أم لا.

8-2 و فيما يتعلق بالشرط الوارد في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تُحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن أصحاب هذا البلاغ قدموا شكاوى مماثلة في إطار إجراء الشكاوى التابع لمجلس حقوق الإنسان وإلى المقرر الخاص المعني بالحق في سكن لائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب والحق في عدم التمييز في هذا السياق و إلى الخبير المستقل المعني بقضايا الأقليات والمقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب.

8-3 وتذكّر اللجنة ، في هذا الصدد ، بأن الإجراءات أو الآليات التي وضعها مجلس حقوق الإنسان خارج نطاق الاتفاقيات ، لكي ت نظر في حالات حقوق الإنسان في بلدان أو أقاليم محددة أو في ظواهر رئيسية من ظواهر انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم و لتقدم تقارير علن ية ً عنها ، لا تشكل إجراء تحقيق أو تسوية على الصعيد الدولي ب العنى المقصود في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد . وتذكِّر اللجنة بأن دراسة مشاكل حقوق الإنسان ذات الطابع الأعم، وإن كان يمكن أن ت شير إلى معلومات تتعلق بأفراد أو تستفيد منها، لا يمكن اعتبارها ك النظر في الحالات الفردية بالم عنى المقصود في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناءً على ذلك، ترى اللجنة، لأغراض المقبولية، أن لا سبب يمنع ها من النظر في البلاغ المقدم بموجب الفقرة 2( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-4 وتلاحظ اللجنة أن البلاغ الأصلي الذي قدمه أصحاب البلاغ تناول بعبارات عامة وجود جماعتي غورنو إزيروفو وميدن رودنيك منذ عقود طويلة وتحدث عن الصلة بين أصحاب البلاغ والمنازل التي كانوا يقطنونها وبين هاتين الجماعتين. لكنه تبيّن من المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف أن بعض تلك المنازل كان قد شُيّد منذ وقت قصير، أي حين اعترضت البلدية على بنائه من دون ترخيص، وأن بعضاً من هذه المنازل شُيّد على أراضٍ لم يسبق لهاتين الجماعتين أن أقامتا عليها. ويتبيّن أيضاً أن بعض الأراضي التي شُيّدت عليها المنازل ملك خاص وأن أصحابها يرغبون في استرداد ملكيتها. ولمّا كان لهذه العوامل وغيرها أهمية في تحديد ما إذا كان تدخل الدولة الطرف في موضوع سكن أصحاب البلاغ على الأراضي تعسفياً، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف وإلى محاميي أصحاب البلاغ الكشف تحديداً عن طول مدة إقامة كل مالك في المنزل أو الموقع الذي أُخلي منه أو الذي هو مُهدد بإخلائه، وعمّا إذا كانت الأرض التي كان يقيم عليها ملكاً عاماً أو خاصاً. كما طلبت اللجنة معلومات عن تزويد تلك المنازل بالخدمات، من قبيل البريد والماء والصرف الصحي والكهرباء، التي اعتبر البلاغ أنها تشكّل إقراراً بحكم الواقع بإقامة أصحاب البلاغ في تلك المواقع. وطلبت اللجنة إلى أصحاب البلاغ تزويدها، كلما أمكنهم ذلك، بأدلة تدعم شروحاتهم .

8-5 وعلى الرغم من تقديم اللجنة طلبها هذا، لم يُقدّم أصحاب البلاغ إلا أجوبة عامة على أسئلتها. ولم تبيّن الأجوبة مَن مِن أصحاب البلاغ يقيم على أرضٍ تملكها البلدية ومن منهم يقيم على أرضٍ خاصة، ولم تُحدّد طول المدة التي أقامها أصحاب البلاغ في المواقع المتنازع عليها. ولم تُحدّد مَن مِن أصحاب البلاغ استفاد من الخدمات المزعومة ولم تقدم أي دليل يدعم هذا الادعاء بخصوص أي من أصحاب البلاغ. ولا يتعلق غياب معلومات محددة بمجرد ربط أسماء بالحالة الخاصة بكل واحد من أصحاب البلاغ، بل إنه يحول بالأحرى دون حصول اللجنة على وصف دقيق لأي حالة من حالاتهم الخاصة. وفي هذه الظروف، تعتبر اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يقدموا أدلة كافية تدعم ادعاءاتهم، بموجب المادة 17 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 من العهد ، لأغراض المقبولية، وترى أنها غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8-6 وفيما يتعلق بالانتهاك ات الم د ع اة للمادة 26، مقروءة بمفردها ومقترنة بالمادة 2 من العهد ، والتي تتمثل في عدم احترام الدولة الطرف مبدأ ي المساواة في الحماية وعدم التمييز إذ تهدد أصحاب البلاغ بإخلاء منازلهم منهم وهدمها لأن أصلهم الإثني من طائفة الروما، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات لم تُدعم بأدلة كافية لأغراض المقبولية. ولم يتضّح أيضاً ما إذا كان أصحاب البلاغ قد أثاروا في أي وقت من الأوقات هذه الادعاءات أمام سلطات الدولة الطرف ومحاكمها. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن ادعاءات الانتهاك هذه غير مقبول ة بموجب الفقرة المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9- وبناءً على ذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن تبلَّغ الدولة الطرف و أصحاب البلاغ هذا القرار.

المرفقات

المرفق الأول

رأي مشترك لعضوي اللجنة السيد يوفال شاني والسيدة كريستين شانيه (رأي مخالف)

1- نوافق اللجنة رأيها الذي اعتبرت فيه أن أصحاب البلاغ لم يقدموا أدلة كافية لإثبات ادعائهم بأن الدولة الطرف أخفقت في احترام مبدأ ضمان الحيازة بتنفيذها عمليات الإخلاء القسري وهدم المساكن التي كانوا يقيمون فيها. ونوافق أيضاً على أن أصحاب البلاغ أخفقوا في تقديم أدلة كافية على ادعائهم أن السلطات أفرطت في استخدام العنف خلال عمليات الإخلاء وأنهم فقدوا ممتلكات خاصة خلال عملية الهدم. لكننا نخالف اللجنة في استنتاجها بأن الدولة الطرف لم تنتهك المادة 17 من العهد.

2- فلا يتوقف تصنيف الإخلاء القسري بوصفه تدخّلاً تعسفياً في شؤون بيت الشخص بموجب المادة 17 من العهد على ما إذا كان للأشخاص الذين أُخلوا حقوق ناشئة عن ملكية صحيحة للمساكن المعنية، وإنما يتوقف أيضاً عما إذا كانت الدولة الطرف قد راعت على النحو الواجب النتائج التي يمكن أن يخلّفها الإخلاء على هؤلاء الأشخاص ( ) . ومع أنه قد يتعين على الدولة الطرف أن تؤمن للأشخاص الذين أُخلوا حلولاً طويلة الأمد للسكن في بعض الحالات التي يكون فيها الأشخاص قد أقاموا فترات طويلة في المساكن المعنية، فإنه قد يكفي في الحالات التي تكون فيها فترات الإقامة قصيرة أن تُبيّن الدولة الطرف أنها اعتمدت تدابير متواضعة كتأمين حلول سكن مؤقتة للأشخاص الذين أُخلوا أو أخذ احتياجاتهم في الاعتبار في إطار البرامج العامة للإسكان الاجتماعي المتوفرة في الدولة.

3- ونلاحظ أن أصحاب البلاغ ادعوا أن الأغلبية العظمى من الأشخاص الذين أُخلوا لم يستفيدوا من سكن بديل وأن الكثير من المقيمين في هذه المساكن منذ سنوات عدة لم يتمكنوا من الحصول على الوثائق اللازمة لتقديم طلب للحصول على مساكن بلدية بسبب المركز العشوائي لمساكنهم. لذلك، أفاد أصحاب البلاغ بأن ست عائلات فقط نجحت في التسجيل لدى السلطات البلدية وأن عائلة واحدة فقط حصلت على سكن في المساكن البلدية. ولم تناقض المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف للجنة أياً من ادعاءات أصحاب البلاغ، بل إن الدولة الطرف أبلغت اللجنة بأن حفنة من المقيمين فقط قدمت طلبات للحصول على مسكن بلدي وأن عائلة واحدة استفادت من سكن آخر في بلدية بورغاس .

4- وبما أن الدولة الطرف لم تزوّد اللجنة بمعلومات عن حلول السكن المحددة التي فكرت في إيجادها لكل واحد من أصحاب البلاغ، ولم تنفِ الادعاء بأن العديد من أصحاب البلاغ قد مُنعوا من تقديم طلبات للحصول على مساكن بلدية بسبب المركز العشوائي لمساكنهم، فإننا نرى أن الدولة الطرف لم تُثبت أنها أولت الاعتبار الواجب للنتائج المترتبة على الإخلاء القسري، وخاصة لحاجة الأشخاص الذين أُخلوا إلى مساكن بديلة وللصعوبات الفريدة الناجمة عن مركز مساكنهم العشوائي ( ) . ونتيجة لذلك، تصرّفت الدولة الطرف في ظروف هذه الحالة بشكل يدلّ على عدم اكتراثها بالنتائج المترتبة على عمليات الإخلاء وبحاجة أصحاب البلاغ لمساكن بديلة. وإخفاق الدولة الطرف في إيلاء الاعتبار الواجب للنتائج التي قد تترتب على الإخلاء القسري يجعل من إخلاء أصحاب البلاغ "تدخلاً تعسفياً" في شؤون بيوتهم الخاصة ممّا يشكل انتهاكاً للمادة 17 من العهد.

المرفق الثاني

رأي فردي لعضو اللجنة السيدة زونكي زانيلي ماجودينا (رأي مخالف)

1- لا يسعني أن أوافق اللجنة على استنتاجها أن "أصحاب البلاغ لم يقدموا أدلة كافية تدعم ادعاءاتهم، بموجب المادة 17 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 من العهد ، لأغراض المقبولية، وترى أنها غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري " .

2- فقد ضيّعت اللجنة بدايةً فرصة لتعزيز آرائها التي اعتمدتها بشأن بلاغ سابق نايدينوفا وآخرون ضد بلغاريا، البلاغ رقم 2073/2011، والتي خلصت فيها إلى أن " الدولة الطرف ستنتهك حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 17 من العهد إذا نفذت أمر الإخلاء المؤرخ 14 تموز/يوليه 2006 ، ما لم تتح سكناً بديلاً مرضياً لهم فوراً " . وبغض النظر عن بعض الفروقات الطفيفة في وقائع كل من هاتين القضيتين، فقد ورد في كل منهما ادعاء بانتهاك حرمة البيت بالمعنى المقصود في المادة 1، من جملة ادعاءات أخرى. وتقول اللجنة في تعليقها العام على المادة 17 إن الإخلاء القسري ينبغي ألا يكون تعسفياً وأن يتطابق مع أحكام العهد وأهدافه وأغراضه حتى حين يجيزه القانون كما هو الحال في هذه القضية. وبالإضافة إلى ذلك، أوضحت الملاحظات الختامية الصادرة عن اللجنة أنه ينبغي على الدول الأطراف أن تضمن عدم تنفيذ عمليات الإخلاء القسري إلا بعد التشاور مع السكان المتضررين منها واتخاذ ترتيبات ملائمة لتأمين السكن لهم.

3- ولا تدل الوقائع المعروضة في هذه القضية على أن مشاورات مجدية جرت قبل أن يتلقى 52 شخصاً من جماعة غورنو إزيروفو و32 أسرة من جماعة ميدن رودنيك أوامر الإخلاء. وبعد دخول أوامر الإخلاء حيز التنفيذ، هُدم 52 منزلاً في جماعة غورنو إزيروفو و19 منزلاً في جماعة ميدن رودنيك . وأُبلغ أصحاب البلاغ بذلك كتابةً بواسطة إعلانات وأوامر ومذكرات ودعوات إلى الامتثال الطوعي واخطارات في فترة تراوحت بين سنتين وخمس سنوات، مُنحوا بعدها فرصة أخيرة للامتثال في غضون 30 يوماً. ولا يرقى أي من تلك التدابير إلى مستوى مشاورات مجدية ولم تبذل السلطات أي جهد لتأمين ترتيبات بديلة أو لدفع تعويضات فعلية لأسر الروما المتضررة.

4- وفي حالةٍ لم تؤمَّن فيها مساكن بديلة، كانت النتيجة أن فقدت أُسر منازلها. وهذا يعادل تدخلاً تعسفياً في شؤون البيت وانتهاكاً للمادة 17. ولا يؤثر هذا التدخل على بيوت أُسر الروما المتضررة فحسب، وإنما يؤثر على حياتهم الخاصة وحياتهم الأسرية أيضاً.

5- ثم إن اللجنة ساوت بين جماعتي الروما في غورنو إزيروفو وميدن رودنيك والجماعات المقيمة بشكل اعتيادي إذ أشارت إلى أسئلة لمعرفة ما إذا كانت الأراضي التي كانت تقيم عليها هذه الأسر أملاكاً خاصة أو عامة، وأخرى عن اعتراف السلطات العامة بشغل المقيمين للأراضي والأدلة الداعمة للاعتراف بحقوق الملكية العائدة لأصحاب الأراضي. وهذا لا يأخذ في الاعتبار أن المستوطنات غير القانونية التي أقام فيها الروما موجودة منذ سنين طويلة كانت خلالها تستفيد من بعض الخدمات العامة ومن موافقة السلطات الضمنية. كما أن ظروف العيش الخاصة التي كانت الأسر المتضررة في ظلها تقطن منازلها لم تسمح لها بالتمتع بضمان الحيازة بموجب القوانين البلدية ذات الصلة، فأضحت تسوية الوضع الخاص لتلك الأُسر شبه مستحيلة.

6- وقد أقرّت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوضوح مشكلة نقص الأمن القانوني حين حكمت بالإجماع في قضية مشابهة، هي قضية يوردانوفا وآخرون ضد بلغاريا (25446/06، 24 نيسان/أبريل 2012)، بأن تهديد جماعة من طائفة الروما بالإخلاء القسري مع أنها مقيمة منذ فترة طويلة، و ب صرف النظر عن الصفة غير الرسمية لحيازتها الأرض ، ينتهك أحكام المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وهي نظيرة المادة 17 من العهد.

7- ولمّا خلصت اللجنة إلى أن أصحاب البلاغ لم يقدموا في هذه القضية أدلة كافية تدعم الوقائع لأغراض المقبولية، فإنها حالت بذلك دون إمكانية تحليل وتقييم ادعاء الانتهاك، الذي تقدمت به جماعتان من أقلية الروما المستضعفة والمحرومة من حق أساسي من الحقوق التي يكفلها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسي ة، بناء على أسسه الموضوعية.