الأمم المتحدة

CCPR/C/107/D/1945/2010

Distr.: General

18 July 2013

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1945/2010

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 107 (من 11 إلى 28 آذار/ مارس 2013)

المقدم من : ماريا كروث أشابال بويرتاس (يمثلها المحامي خايمي إلياس أورتيغا )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادتين 92 و97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف بتاريخ 17 أيار/مايو 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 27 آذار/مارس 2013

الموضوع : التعذيب أثناء الحبس الانفرادي

المسائل الإجرائية : القضية معروضة سلف اً على إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية؛ واستنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : الحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والحق في سبيل انتصاف فعال

مواد العهد : المادة 7 والفقرة 3 من المادة 2

مواد البروتوكول الاختياري : الفقرة 2 (أ) و(ب) من المادة 5

مرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 107)

بش أن

البلاغ رقم 19 45/2010 *

المقدم من : ماريا كروث أشابال بويرتاس (يمثلها المحامي خايمي إلياس أورتيغا )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي ا لخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 27 آذار/مارس 2013،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1945/2010، المقدم إليها من السيدة ماريا كروث أشابال بويرتاس ، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المقدمة إليها كتابةً من صاحبة البلاغ ومن الدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة البلاغ هي السيدة ماريا كروث أشابال بويرتاس ، وهي مواطنة إسبانية من مواليد 16 تشرين الأول/أكتوبر 1961. وتدعي أنها ضحية انتهاك إسبانيا لحقوقها التي تكفلها الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. ويمثلها محام ( ) .

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 حوالي الساعة 30/2 من 7 حزيران/يونيه 1996، حضرت مجموعة من حوالي 15 من عناصر الحرس المدني إلى منزل صاحبة ال بلاغ في بلباو ، وبعد تفتيش دقيق، اعتُقلت للاشتباه في انتمائها إلى عصابة مسلحة. واقتيدت إلى مقر لا سالفي ، حيث أخذت بصماتها، والتقطت لها صور، وأخذت منها أغراضها الشخصية. وفي الليلة نفسها، اقتيدت برا ً إلى المديرية العامة للحرس المدني في مدريد. وخلال الرحلة التي قطعتها مقرفصة ومعصوبة العينين، تعرضت من بين ما تعرضت له للضرب وللتهديد بجعلها في حكم المختفين. وعند الوصول، مرروها مما يشبه نفق اً حيث بدأت تتلقى ضربات في الرأس بينما كانت تلقى على مسامعها عبارات من مثل "لن تخرجي من هنا أبدا ً " و"أخيرا ً وقعتِ"، وهي دائم اً معصوبة العينين حتى وصولها إلى زنزانة. وبعد بضع دقائق، وضعوا على رأسها غطاء ً أسود واقتيدت إلى غرفة حيث عمد عدد من عناصر الحرس المدني إلى ت هديدها، على وقع الصراخ والدفع، لانتزاع اعترافات منها.

2-2 وتوالت عدة جلسات استجواب من هذا النوع، تعرضت أثناءها للضرب في الرأس وللسب والتهديد بالاعتداء الجنسي، وتخللتها فترات قصيرة في زنزانة انفرادية. وفي لحظة محددة، تعرضت لمحاولة اغتصاب، وهو ما تسبب في فقدانها لوعيها. وبعد هنيهة، ودائم اً بغطاء الرأس، حملت إلى الطبيب الشرعي، ولكن بعد تهديدها لكي لا تبلغ عن المعاملة التي تعرضت لها. وعند العودة إلى الزنزانة الانفرادية، قالوا لها إنهم اعتقلوا زوجها وأنه قد تحدث إليهم أصلا ً . وعند العودة إلى غرفة الاستجواب، أخبروها بأنهم اعتقلوا ابنتها وأنها توجد في المباني نفسها وأنها ستخضع للاستجواب. ووصل الضغط إلى حد إيهامها بأن ابنتها توجد في الزنازين الانفرادية، بل إن صاحبة البلاغ ظنت أنها سمعتها تبكي ورأت حذاء ً أسود والأجزاء السفلية من سروال شبيهة لحذاء وسروال ابنتها. وقالوا لها أيض اً إنهم سيعتدون جنسي اً على ابنتها. واقتيدت مرة ثانية إل ى الطبيب الشرعي الذي اشتكت له ب أ نها تعاني نوبة من القلق وتجد صعوبة في التنفس. واستمر الضغط المتصل بابنتها كما استمرت الاستجوابات ، وهو ما دفع صاحبة البلاغ إلى الإجابة على الأسئلة في الاتجاه الذي كانوا يريدونه. وأعطوها بعض الأوراق لقراءتها وقالوا لها إنها ستكون هي إفادتها، وهي تدين الأشخاص الذين وردت أسماؤهم فيها. وقالوا لها لاحق اً إنها ستدلي بشهادتها أمام محام للمساعدة القضائية وإنها إذا لم تذكر ما قرأته أو أبلغت عن إساءة معاملتها، فإن ابنتها ستدفع الثمن. وعندما قالوا لها هذا، واربوا بابا ً تستطيع من خلاله رؤية حذاء أسود وسروال مثل حذاء وسروال ابنتها، وظنت أنها تسمع بكاءها. وكانت هذه هي الظروف التي أدلت فيها بأول إفادة لها أمام شخص، أخبروها، أنه محامي المساعدة القضائية، وشخص آخر كان يكتب، وثالث كان يطرح عليها الأسئلة وشخص رابع. واستمرت الشتائم والتهديدات بعد هذه الجولة وأخذت صاحبة البلاغ من جديد إلى الطبيب الشرعي الذي اشتكت له أنها لا تزال تعاني نوبة قلق شديد.

2-3 وبعد إجراء مزيد من الاستجوابات في حضور محامي مساعدة قضائية جديد وتهديدات جديدة، مثلت أمام المحكمة العليا. وهناك اعترفت بتصريحاتها ولم تبلغ عن التعذيب. ومن هناك، نقلت إلى سجن كارابانشيل حيث بقيت حتى شباط/فبراير 1997. وخلال إقامتها في ذلك السجن، سجلت المصالح الطبية أنها كانت تعاني أزمة قلق مصحوبة بالكوابيس والذعر الليلي، وأنها تعرف تدهور اً تدريجيا ً . وفي 11 شباط/فبراير 1997، نقلت إلى سجن نانكلاريس دي أوكا . وتشير التقارير الطبية لذلك السجن إلى أنها تعاني أزمة هلع وقلق وخفقان القلب، وصعوبة في النوم، وأنها تتذكر في عدة مناسبات، خلال الأزمات، ما جرى من مخفر الحرس المدني.

2-4 ونظر اً لتدهور حالتها الصحية، أدخلت في نيسان/أبريل 1997 مستشفى سانتياغو أبوستول في بيتوريا - غاستييث ، حيث مكثت عدة أسابيع وجرى تشخيص حالتها على أنها اضطراب اكتراب مزمن تالي للصدمة واضطراب اكتئابي شديد. ويشير تقرير الطب النفسي الذي أعده هذا المستشفى في 2 أيار/مايو 1997، من بين ما يشير إليه، إلى ما يلي: "لوحظ أثناء نزولها في المستشفى أنها تعرضت لعدة أزمات قلق [...] أفضت إلى الإغماء [...]. وقد ظهرت هذه النوبات عند تعرضها لمهيجات تذكرها بصدمتها، مثل اقتيادها عبر ممر في الطابق السفلي تحت عهدة قسم الأشعة، أو عندما يطلب منها التعليق على الأحداث المتسببة في مرضها، أو عند استقبال زيارات/أخبار بعينها". ويخلص التقرير إلى أنه: "بالرغم من أنه ليس لدينا إلا شهادتها كدليل، فنظر اً لاتساق المرض والظهور الموضوعي للأعراض أثناء نزولها المستشفى، نستبعد تصنع الاضطراب. ويوجد عدد من الضغوط المستمرة التي تذكرها بالصدمة، من مثل بقائها في السجن والعيش رهن الاحتجاز، وهي تؤثر على الإدامة الذاتية للأعراض [...]. ويتضح عدم وجود اضطراب في الشخصية وسبق الإصابة بأمراض نفسية، وإن كان هناك احتمال أن تكون المشاكل التي كانت تعانيها المريضة (الاقتصادية والأسرية، وصعوبة الحياة، ومشاكل العمل...) قد خلقت لديها استعداد اً مسبق اً لاضطرابها الراهن".

2-5 وفي 13 حزيران/يونيه 1997، مُتعت صاحبة البلاغ بالإفراج المؤقت بعد دفع كفالة. وفي تموز/يوليه 1997، خضعت للفحص في م ركز الصحة النفسية إرسيلا دي ب لباو . وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، أعد الدكتور أ. س. أ، رئيس مصحة هذا المركز، تقرير اً أكد فيه أن صاحبة البلاغ لم تكن تعاني سابق اً من اضطرابات نفسية شخصية وأنها تعرضت بسبب احتجازها لدى الحرس المدني في حزيران/يونيه 1996 لاضطراب الاكتراب المزمن التالي للصدمة. ويشير التقرير إلى أن "المعاناة النفسية للمريضة تتسق مع الشهادة المدلى بها وأنها نتيجة منطقية لإساءة المعاملة، إذ ترسم مشهد اً بئيس اً في الحاضر والمستقبل على السواء، مع ما لذلك من أثر على التوازن العاطفي والعلاقات الشخصية (إذ لا تتواصل عملي اً إلا مع ابنتها). والمريضة يائسة ومنسحبة اجتماعي اً وتحتاج إلى دعم مستمر، إذ إنها غير قادرة على تلبية احتياجاتها الخاصة دون مساعدة، وهو ما يدل على تدهور كبير في أهم مجالات حياة شخص ما". ويشير التقرير أيض اً إلى أنه يجب اعتبار "أي إفادة استخلصت في ظل الظروف الواردة في حكاية الشخص موضع الخبرة إفادة فاسدة من أصلها".

2-6 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1997، وبناء على اقتراح من الدكتور أ. س. أ.، أدخلت صاحبة الب لاغ مستشفى الطب النفسي لثال ديبار ، حيث أكد الفريق الطبي التشخيص السابق. ويتوافق ذلك مع التقرير الذي قدمته الدكتورة د. أ. ت.، وهي طبيبة نفسية بالمستشفى، إلى المحكمة العليا في كانون الأول/ديسمبر عام 1997، في سياق الدعوى المرفوعة ضد صاحبة البلاغ. وفيما يتصل بسؤال المحكمة عن سبب ما حدث من اضطراب نتيجة الاكتراب المزمن التالي للصدمة الذي تعاني منه صاحبة البلاغ، يجيب التقرير بأن الأمر مرده "الاحتجاز والعيش في أجواء الخوف على سلامتها الجسدية". وفيما يتصل بسؤال بشأن ما إذا كان هناك أي سبب طبي يبرر عدم إطلاع صاحبة البلاغ السلطة القضائية على سوء المعاملة الذي تقول إنها تعرضت له، يجيب التقرير بأن "المرض الناجم عما حدث قد يكون هو ذاته سبب اً كافي اً لتفسير عدم إبلاغها عما حدث منذ اللحظة الأولى".

2-7 وبموجب الحكم الصادر في 27 كانون الثاني/يناير 1998، برأت المحكمة العليا صاحبة البلاغ من تهمة ارتكاب جريمة التعاون مع عصابة مسلحة. ويشير الحكم إلى أن المحكمة "لا تعتبر أنه قدمت أدلة على ما نسبه الادعاء العام عدا محضر الشرطة، وأنها أخذت في الاعتبار حالتها النفسية عند الإدلاء بإفادتها، التي سلطت عليها الضوء بينة الخبير التي قدمت في جلسة الاستماع". وفي تلك المحاكمة، أثبت أيض اً أن صاحبة البلاغ كانت تحيى، قبل احتجازها، حياة طبيعية وتعمل في مشروع يعنى بالإدمان على المخدرات لحساب بلدية أريغورياغا . وخلال شهادتها كمتهمة، أبلغت عن سوء المعاملة الذي تعرضت له في مخفر الحرس المدني وأكدت أنها لم تبلغ المحكمة عنها خوف اً من احتمال إمكانية التعرض للانتقام من العناصر نفسها.

2-8 وظلت صاحبة البلاغ في المستشفى حتى آذار/مارس 1998، حيث واصلت علاج الطب النفسي والعلاجات النفسية، وهي علاجات استمرت معها حتى الوقت الحاضر بسبب تحول الاضطراب إلى اضطراب مزمن. وتؤكد أن حالتها الصحية لا تزال هي نفسها، وأن عجزها عن العمل لا يزال قائما ً ، وأن أزمات التذكر أمر لا يفارقها.

2-9 وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000، قالت صاحبة البلاغ إنها رفعت دعوى جنائية ضد عناصر الحرس المدني الذين تزعم مسؤوليتهم بتهمة ارتكاب جريمتي التعذيب وإيقاع إصابات. وأدلي في مراحل التحقيق بعدد من الأدلة. وتشير صاحبة البلاغ إلى أن تقرير الطبيب الشرعي لعيادة بلباو ، الدكتور خ. ب . ل.، الصادر في 22 شباط/ فبراير 2002 بأمر من المحكمة يكتسي أهمية خاصة. ويشير هذا التقرير إلى أن صاحبة البلاغ "تعاني اضطراب الاكتراب التالي للصدمة الناتج عن التعرض لمعاملة لا إنسانية ومهينة، تشمل العنف الجسدي والنفسي، أثناء احتجازها لدى الشرطة عام 1996. وبالرغم مما مضى من الوقت، لا يزال الاضطراب بكل مظاهره حي اً وفي تطور". ويشير التقرير أيض اً إلى أن صاحبة البلاغ "لم تكن تعاني، قبل الاحتجاز لدى الحرس المدني، من أي اضطراب نفسي أو انحراف في الشخصية قد تكون له صلة بما ذكرت". ويشير كذلك إلى أن "اضطراب الاكتراب التالي للصدمة ناتج عن التعرض لوضع صادم نفسي اً تظهره رواية ص احبة الشكوى". وأكد الدكتور خ. ب . ل - في شهادته أمام القضاء - تقريره تماما ً . وقدم ثلاثة أطباء آخرين عالجوا صاحبة البلاغ إفاداتهم ووضعت التقارير المذكورة أعلاه تحت تصرف المحكمة.

2-10 وبطلب من المدعي العام، طُلب إلى طبيب شرعي من مدريد، الدكتور إ. ف. ر.، إعداد تقرير في هذا الصدد؛ وأكد الطبيب دون أن يفحص صاحبة البلاغ أنه يتعذر عليه أن يثبت بشكل قاطع أن ما حدث هو ما قد يكون تسبب في اضطراب الاكتراب التالي للصدمة المزعوم. وفي تموز/يوليه 2002، التمست صاحبة البلاغ أن تستدعى للشهادة الطبيبة التي كانت تعالجها في مستشفى ثالديبار ، وهي الطبيبة النفسية الوحيدة التي عالجتها ولم يجر استدعاؤها، وكذا طبيب العائلة والأخصائي النفسي الذي كان يتابع حالتها. لكن لم يستجب لهذا الملتمس.

2-11 وفي 26 آب/أغسطس 2002، أصدر قاضي المحكمة الابتدائية رقم 28 في مدريد قرار اً بحفظ القضية. وأكد في القرار أنه لا يوجد أي معطى موضوعي على أن إساءة المعاملة وقعت خلال الساعات التي كانت صاحبة البلاغ محتجزة فيها في المديرية العامة للحرس المدني أو تحت تصرف المحكمة العليا؛ وأن لا أحد من المحامين الثلاثة الذين ساعدوها أثناء احتجازها لاحظ علامات سوء المعاملة الجسدية ولا هي أخبرتهم بشيء من ذلك، وأنه لا يوجد أي معطى موضوعي يثبت وجود سوء المعاملة، وهو ما تستحيل معه إقامة علاقة سبب ية بين سوء المعاملة هذه والمرض.

2-12 وقدمت صاحبة البلاغ طلب اً بإعادة النظر في هذا القرار وطعن اً فرعي اً اعتبرت فيه أن تقارير الطب النفسي، التي تتفق مع إفادتها، تشكل أدلة معقولة على وجود عنصر إجرامي كاف لمواصلة الدعوى. وأشارت أيض اً إلى أنه ينبغي أن تكون محكمة المقاطعة هي التي تقرر، بعد عقد جلسة استماع، فيما إذا كانت هناك أدلة كافية. وقد رفض التماس إعادة النظر في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2002. وفي 21 أيار/مايو 2003، رفضت محكمة مقاطعة مدريد الطعن الاستئنافي وأكدت قرار حفظ القضية. ورأت المحكمة أن إفادة صاحبة البلاغ وتقارير الطب الشرعي لا تثبت وجود سوء المعاملة موضوع الدعوى. وتشير صاحبة البلاغ إلى أن الأمر لم يكن يتعلق، في الدعوى المعروضة على المحكمة ال ابتدائية، بإثبات وجود سوء المعا م ل ة، وذلك لأن قانون الإجراءات الجنائية يشترط وجود أسباب معقولة كافية للمض ي قدم اً إلى مرحلة جلسة الاستماع.

2-13 وفي 23 حزيران/يونيه 2003، قدمت صاحبة البلاغ طلب حماية الحقوق أمام المحكمة الدستورية. وتدفع فيه بأن تصريحها المتسق والخالي من التناقضات يشكل، إلى جانب التقارير الطبية المتعددة التي تثبت وجود متلازمة الاكتراب المزمن التالي للصدمة، عناصر تشير بصورة كافية إلى أنه كان ينبغي عقد جلسة استماع تتوفر فيها كل الضمانات وتتيح إمكانية توضيح ملابسات الوقائع المبلغ عنها. وفي 12 كانون الثاني/يناير 2005، أصدرت المحكمة الدستورية فتوى بعدم قبول طلب حماية الحقوق بسبب الافتقار البين إلى محتوى من شأنه أن يبرر قرار اً بشأن الأسس الموضوعية للشكوى.

2-14 وفي 11 تموز/يوليه 2005، قدمت صاحبة البلاغ شكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، محتجة بانتهاك المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإ نسان، مقروءة بمفردها وبالاقتر ان مع المادة 1 من نفس الاتفاقية ، بسبب عدم التحقيق الفعال في شكواها بشأن التعذيب. وفي 13 أيار/مايو 2008، تلقت صاحبة البلاغ رسالة من المحكمة تبلغها فيها أن لجنة من ثلاث قضاة قررت أن تعلن عدم مقبولية الشكوى، لأنها لم تلاحظ "أي شيء قد يدل على انتهاك الحقوق والحريات التي تكفلها الاتفاقية أو بروتوكولاتها".

2-15 وتؤكد صاحبة البلاغ أن المحكمة اعتمدت على ظواهر الأشياء فقط وأنها، بسبب عدم قبولها النظر في القضية، لم تسع إلى النظر في الأسس الموضوعية للقضية. ونتيجة لذلك، ليس هناك من سبب لعدم نظر اللجنة في هذا البلاغ.

2-16 وقدمت صاحبة البلاغ إلى اللجنة نسخة من التقارير الطبية المشار إليها أعلاه، وتؤكد أن جميع الأطباء النفسيين الذين عالجوها يعملون لهيئات رسمية (السجون، ودائرة الصحة الباسكية ، وعيادات الطب الشرعي). ولا أحد منهم من القطاع الخاص.

الشكوى

3-1 تشير صاحبة البلاغ إلى أن الوقائع المعروضة تشكل انتهاك اً للفقرة 1 من المادة 10 من العهد، بسبب ت عذيبها أثناء حرمانها من الحرية ووضعها رهن حبس انفرادي أيام 7 و8 و9 حزيران/يونيه 1 996. وتؤكد أنها لو لم توضع رهن الحبس الانفرادي، لما كانت عناصر الحرس المدني تصرفت معها بتلك الدرجة من الإحساس بالإفلات من العقاب ولكان بالإمكان تفادي ما ذكر من وقائع. ويولد تقييد حق المحتجز في تلقي مساعدة محام يحظى بثقته، مع إتاحة إمكانية إجراء مقابلة خاصة، أو إخطار أسرته باحتجازه، شعور اً بالإحباط لديه وإحساسه بإفلات العناصر المنفذة من العقاب، ويؤدي في بعض الحالات إلى عواقب وخيمة، كما في هذه الحالة. وفي هذا الصدد، تشير صاحبة البلاغ إلى توصيات اللجنة والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المقدمة إلى إسبانيا بإلغاء الحبس الانفرادي.

3-2 وتشير صاحبة البلاغ إلى أن المحاكم ال إ سبانية حالت دون إجراء محاكمة عادلة بشأن وقائع التعذيب. وفي غياب إدانة، لم تكن لديها إمكانية الوصول إلى إعلان مسؤولية الدولة. وتسعى من خلال هذا البلاغ إلى تحقيق الهدف نفسه. والأهم في هذا ا لصدد هو أن يُعترف بأنها تعرضت للتعذيب، وأن تمنح تبعا ً لذلك تعويضا ً . كما تطلب إلى اللجنة أن تعلن عدم توافق نظام الحبس الانفرادي كما هو محدد في المادتين 520 مكرر اً و527 من قانون الإجراءات الجنائية مع الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وتقول صاحبة البلاغ إن نظام الحبس الانفرادي يشكل عائق اً أمام الجهود الرامية إلى القضاء على التعذيب في إسبانيا.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 7 تموز/يوليه 2010، قدمت الدولة الطرف ملاحظ ات بشأن المقبولية . وطلبت إعلان عدم مقبولية البلاغ. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ قدمت شكوى بشأن نفس الوقائع أمام المحكمة الأوروبية لحق وق الإنسان في تموز/يوليه 2005، مدعية أنها تعرضت لانتهاك للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وانتهاك لهذه المادة مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من نفس الاتفاقية، وذلك بسبب عدم إجراء المحاكم الإسبانية تحقيق اً فعال اً في شكواها. وتقول صاحبة البلاغ إن الشكوى المذكورة لم تقبل، وبالتالي لم تنظر أي محكمة دولية في قضيتها. ولا تشاطر الدولة الطرف هذا الرأي. فحتى بصرف النظر عن هذ ه الشكوى والقرار المتخذ بشأنها، تجدر الإشارة إلى أن قرارات إعلان عدم المقبولية ينبغي أن تقوم، بموجب المادة 35 من الاتفاقية، على تقييم المحكمة للأسس الموضوعية ("الشكوى لا تتوافق مع أحكام الاتفاقية أو البروتوكولات الملحقة بها، ومن الواضح أنها لا تقوم على أسس سليمة أو تسيئ استخدام الآلية"). وعدم قبول الشكاوى لعدم قيامها على أسس سليمة بشكل واضح لا يعود إلى مجرد شكليات خارجية أو مراعاة المراسيم الإجرائية، وإنما للأساس المادي للادعاء. ويفترض قرار عدم القبول دراسة مسبقة من المحكمة نفسها، وهذه الدراسة تعني عدم جواز تناول نفس المسألة أمام اللجنة. وهذه هي الحالة التي تعالجها المادة 96 ( ) من النظام الداخلي للجنة ( ) .

4-2 وفيما يتعلق بالتماس صاحبة البلاغ أن تأمر اللجنة الدولة الطرف بجبر الأضرار التي لحقت بها وإعلان عدم توافق نظام الحبس الانفرادي مع العهد، لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية. والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن أفعال الإدارات العمومية أو المحاكم لها قنوات خاصة بها ومستقلة ومتوافقة مع الأحكام بالبراءة من التهم الجنائية التي قد تكون وجهت إلى موظفين تابعين لتلك الهيئات. ففيما يتعلق بالإدارات العمومية، ينظم هذه المسألة القانون رقم 30/1992 حيث حددت المسؤولية بشكل أوسع كثير اً من المسؤولية الناجمة عن ارتكاب موظفين أو مستخدمين لجر ائم بالمعنى الضيق. وأي ضرر ناتج عن السير العادي أو غير العادي للخدمات العامة يعطي حقاً في الحصول على تعويض. ولم يكن قرار حفظ القضية الجنائية التي رفعتها صاحبة البلاغ يحول دونها والتشبث بمسؤولية الدولة عن إصابتها، شريطة ثبوت وجودها والعلاقة السببية مع سير الخدمات العامة. وبالتالي يمكن القول إن ذلك يتفق مع شرط إعلان عدم المق بولية المنصوص عليه في المادة 96(و) من النظام الداخلي للجنة.

4-3 وفيما يتعلق بإمكانية تعارض القواعد الإجرائية للحبس الانفرادي مع الدستور، لأنها تغري بانتهاك حظر التعذيب أو المعاملة المهينة، لم تحرك صاحبة البلاغ أي إجراء أمام المحاكم. ولذلك، ينبغي إعلان عدم مقبولية الشكوى بموجب المادة 96 (و) من النظام الداخلي.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5-1 في 28 نيسان/أبريل 2011، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. وتشير إلى أنه بالرغم من إطلاق سراح صاحبة البلاغ في حزيران/يونيه 1997 وتبرئتها في كانون الثاني/يناير 1998، فإنها لم تقدم أي شكوى بشأن المعاملة التي تعرضت لها إلا في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000. وفي وقت لاحق، أشار القرار الصادر في 26 آب/أغسطس 2002، الذي قررت بموجبه المحكمة الابتدائية رقم 28 لمدريد حفظ ملف القضية، إلى عدم وجود مؤشرات معقولة على ارتكاب الوقائع المبلغ عنها. وتشير أيض اً إلى أنه لا أحد من المحامين الثلاثة الذين ساعدوا صاحبة البلاغ أثناء احتجازها لاحظ علامات لسوء المعاملة الجسدية، ولا هي أخبرتهم بشيء من ذلك، "وهي ملابسة يفترض منطقي اً أن الضحية كانت، في حال حدوثها، ستطلع عليها محاميها وقاضي التحقيق الذي مثلت أمامه، حيث اكتفت بالإجابة على السؤال المتعلق بالمعاملة التي تلقتها بأنهم لم يضربوها".

5-2 واتخذت في إطار هذه الدعوى عدة إجراءات، ولا سيما منها ما له طابع طبي شرعي. وفيما يتعلق بهذه الإجراءات، تشير المحكمة إلى أنه، وإن ثبت أن صاحبة البلاغ كانت تعاني اضطراب الاكتراب التالي للصدمة بعد احتجازها ومكوثها في السجن، فإنه "لا يوجد أي دليل موضوعي يثبت وجود سوء المعاملة أثناء الاحتجاز، وهو ما تستحيل معه إقامة علاقة سببية بين سوء المعاملة هذه والمرض (...). فمجرد الاحتجاز، في مثل هذه الظروف، وفي هذه الحالة، بزعم انتمائها إلى جماعة إيتا الإرهابية، وما تلاه من سجن، يولد أو يمكن أن يولد اختلال اً لدى الشخص ينتج عنه اضطراب ذو طابع نفسي". ويترك القرار، بعد حفظ الملف، المجال مفتوح اً للدعاوى المدنية للحصول على التعويض المناسب عن المعاناة والأض رار التي تعرضت لها صاحبة البلاغ .

5-3 وخلصت محكمة الاستئناف الإقليمية لمدريد، في قرارها الذي رفض الطعن الاستئنافي ، إلى أنها "لا تلاحظ علاقة منطقية ومتسلسلة زمني اً بين حالة معينة قد تكون حدثت في 14 حزيران/يونيه 1996 أو، على الأقل، يرجع تاريخها إلى ذلك الوقت، والمساعدات الطبية المقدمة لاحق اً في السجن الذي أودعت فيه المدعية، لأن حالة القلق التي عانت منها في التاريخ الأول، 14 حزيران/يونيه 1996، والتي لم يكن إخفاؤها بسبب الاحتجاز، لم تبلغ عنها الدوائر الطبية للسجن إلا في 18 حزيران/يونيو 1996". أما فيما يتعلق بطلب حماية الحقوق، خلصت المحكمة الدستورية إلى أنه في ضوء الخبرات الطبية العديدة التي أجريت، لم تكن ح جج صاحبة البلاغ مقنعة فيما يتصل بوجاهة عناصر الأدلة التي طل بت بحثها، وهو طلب لم يُستجب له في القرار النهائي للدعوى.

5-4 وفيما يتعلق بالشكوى المقدمة إلى محكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فهي لم تُقبل بقرار من لجنة مكونة من ثلاثة قضاة. ولا يتعلق الأمر بقرار نمطي أو سطحي، وإنما بقرار اعتمد بعد دراسة الوقائع بعناية. وجاء في رسالة الإخطار بالقرار أن المحكمة "لا ترى أي شيء قد يدل على انتهاك الحقوق والحريات التي تكفلها الاتفاقية أو بروتوكولاتها". وعلاوة على ذلك، بالرغم من أن المسار المتبع أمام المحكمة الأوروبية انتهى في 13 أيار/مايو 2008، لم تتوجه صاحبة البلاغ إلى اللجنة حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2009. وإذا أضيف إلى هذا الأمر الوقتُ المنقضي منذ قرار المحكمة الدستورية (خمس سنوات تقريبا ً ) وما يقارب ثلاث سنوات قبل أن تبلغ صاحبة البلاغ عن سوء المعاملة المزعوم أمام المحاكم المحلية، فإن هذا يلقي ظلال الشك على جدية هذا البلاغ ومضمونه.

5-5 ف قد احتجزت صاحبة البلاغ وظلت رهن الحبس الانفرادي لفترة تزيد بالكاد قليل اً عن 72 ساعة وبعدها أودعت السجن مباشرة. ومن منظور المادة 7 من العهد، ما يه م هو ما إذا كانت الحالة المرضية التي لوحظت بعد الاحتجاز والمكوث في السجن لما يقارب 15 شهر اً نتيجة طبيعية (وإن كانت غير مرغوب فيها ومؤسفة) لهذا المكوث أو أنها نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضت لها. ولم يحدد سبب هذا الاضطراب بشكل واضح في التحقيق القضائي، بالرغم من الفحوص الطبية العديدة التي أجريت. كما لا يقدم البلاغ بيانات جديدة تفضي إلى استنتاج مختلف. وبالرغم من أن بعض التقارير الطبية تعطي مصداقية ظاهرية لرواية صاحبة البلاغ، فإن هناك أخرى تناقضها أو تشير على الأقل إلى أنه لا يمكن استبعاد فرضيات أخرى. وهكذا، فإن تق رير الدكتور إ. ف. ر.، وهو طبيب نفسي يعمل في عيادة الطب الشرعي لوزارة العدل، الذي أعد بناء على طلب من المحكمة الابتدائية رقم 28 يشير إلى أنه "لا يمكن إقامة علاقة سببية بين مجموعة الأعراض والتعرض للصدمة النفسية المبلغ عنها، بما أنها لم ترد إلا على لسان المبلغة دون أي بيانات موضوعية ولا نعرف صحتها من عدمها. [...] وأن مجموعة أعراض الاكتراب التالي للصدمة قد تكون نتيجة لعوامل إجهاد حياتية عديدة، لم يكن بإمكان هذا الخبير التأكد بشكل قاطع، اعتماد اً على التشخيصات المتاحة، من أيها يمكن أن يكون قد تتسبب في اضطراب الاكتراب التالي للصدمة المزعوم [...]. ويمكن لحالة الاحتجاز لوحدها، والظروف التي تتم فيها - حتى من دون أية إساءة معاملة - وما تلاها من إيداع في السجن، أن تتسبب في مجموعة أعراض ظرفية وفي اضطراب الاكتراب التالي للصدمة الناتج عن عوامل الإجهاد الحياتية المرتبطة بالاحتجاز في حد ذات ه وما تلاه من إيداع في السجن" ( ) .

5-6 وقدمت الشكوى المتعلقة بالتعذيب بعد ما يقارب ثلاث سنوات من حدوث الوقائع، وهو يمثل موضوعي اً صعوبة في التحقيق فيها. ومع ذلك، صير إلى تحديد هوية جميع عناصر الحرس المدني الذين كان لهم اتصال بصاحبة البلاغ؛ وجرى ا ستجوابهم؛ واستخلصت إفادات جميع محامي المساعدة القضائية الذين كانوا على اتصال بصاحبة البلاغ أثناء اعتقالها بصفتهم شهودا ً ، وكذا الأطباء الشرعيين الذين عالجوها؛ وضمت إلى الدعوى تقارير طبية عديدة عن الحالة الصحية لصاحبة البلاغ. وأثبت مجموع هذه التحقيقات وجود اضطراب الاكتراب التالي للصدمة. وعليه، لم تقدم أي من الإجراءات المتخذة، مثل الحصول على إفادات المحامين المستقلين الذين ساعدوا صاحبة البلاغ وكذا الطبيب الشرعي، أي مؤشر يسمح بالاستمرار في الدعوى الجنائية من خلال عقد جلسة استماع. وبالرغم من قبول فرضية أن الاضطرابات التي تعانيها صاحبة البلاغ كانت نتيجة لاحتجازها ووضعها رهن الحبس الاحتياطي، ه ناك أسباب تحمل على الاعتقاد أن مردها الوضع القانوني الذي كانت فيه صاحبة البلاغ، المتهمة بارتكاب جرائم خطيرة، وليس مردها أن الاحتجاز والحبس الاحتياطي سارا بصورة غير قانونية.

5-7 وفيما يتعلق بالتماس التعويض الذي قدمته صاحبة البلاغ، ترى الدولة الطرف أن الملتمس المذكور بعيد عن اختصاص اللجنة في النظر في البلاغات الفردية. وتكرر التأكيد أن صاحبة البلاغ لم تحاول الحصول على أي تعويض أمام القضاء الإسباني، بالرغم من أن القانون ينص على مسار محدد في حالات الحبس الاحتياطي عندما يصدر حكم بالبراءة لاحقا ً . ويتعلق الأمر بنظام موضوعي للمسؤولية يشمل، علاوة على ذلك، التعويض عن الأضرار المعنوية والتي لا يلزم فيها إ ثبات وجود سوء معاملة أو تعذيب ( ) . وهذا ما يجعل ادعاء صاحبة البلاغ استحالة الحصول على تعويض دون إدانة مسبقة للمسؤولين عن التعذيب ادعاء ً لا أساس له.

5-8 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ بشأن الحبس الانفرادي، ترى الدولة الطرف أنه من غير المناسب أن تعالجَ من خلال بلاغ فردي مطالبةٌ بإصدار حكم مجرد وعام بشأن مدى توافق قاعدة قانونية وطنية مع العهد. ومن ناحية أخرى، يحترم نظام الحبس الانفرادي، الذي تنظمه المادتان 520 مكرر اً و527 من قانون الإجراءات الجنائية، الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. ولا يُلجأ إلى هذا النظام إلا في حالات محددة وبشكل مقيد. ويتطلب تطبيقه في أي حالة موافقة المحكمة عن طريق قرار محدد الدوافع ومعلل يصدر وجوب اً في غضون 24 ساعة الأولى من الاحتجاز، ومراقبة دائمة ومباشرة للحالة الشخصية للمحتجز من قبل القاضي الذي وافق عليه أو قاضي التحقيق في الدائرة القضائية التي يجري فيها الحرمان من الحرية. والخصوصيات الوحيدة التي ينفرد بها مقارنة بنظام الاحتجاز العادي هي: ( أ) تعيين محامي المساعدة القضائية؛ ( ب) لا يحق للمحتجز أن تبلَّغ أسرته أو شخص يختاره بواقعة احتجازه ومكانه في أي وقت من الأوقات؛ ( ج) لا يحق له أيض اً التخابر على انفراد مع محامي المساعدة القضائية عند نهاية الدعوى التي شارك فيها؛ ( د) يمكن تمديد الحد الأقصى لمدة الاحتجاز (72 ساعة) بقرار قضائي. وفيما يتعلق بمدة الاحتجاز، فهي غير ذات صلة بقضية صاحبة البلاغ، بما أن احتجازها كان في 7 حزيران/يونيه بينما كان تقديمها للعدالة في 11 منه.

5-9 وفيما يتعلق بكون المساعدة القضائية قدمت من محامي المساعدة القضائية وليس من محام من اختيارها، يتعلق الأمر بتحقيق توازن بين مصلحتي منع الهجمات الإرهابية والدفاع عن المحتجز. وتعيِّن محامي المساعدة القضائية هيئة مهنية مستقلة عن السلطات العامة ويجب أن يستوفي بعض الشروط المهنية الخاصة لخدمة أشخاص رهن الحبس الانفرادي، وهي عشر سنوات من الخبرة المهنية والتخصص الموثق في المسائل الجنائية. والقصد من حضور محام هو ضمان احترام الحقوق الدستورية للمح تجز وعدم تعرضه لإكراه أو معاملة تمس كرامته وحريته في الإدلاء بإفادته، ومده بالمشورة الفنية اللازمة بشأن السلوك الواجب مراعاته في عمليات الاستجواب، بما في ذلك التزام الصمت. وفي كل الأحوال، تعوز إفادات المحتجز أمام الشرطة قيمة إثباتية في حد ذاتها. وما إن تنتهي فترة الحبس الانفرادي حتى يسترجع المحتجز حقه في اختيار محام يحظى بثقته.

5-10 وتؤكد الدولة الطرف أن النظام القانوني الذي طبق على صاحبة البلاغ عدل في وقت لاحق ويجري النظر في إصلاح عام لنظام الحبس الانفرادي في إطار إصلاح قانون الإجراءات الجنائية. وبالتالي، فإن إصلاح تشرين ا لثاني/نوفمبر 2003 يسمح للمحتجز رهن حبس انفرادي أن يطلب فحصه من طبيب شرعي ثان يعينه القاضي أو المحكمة المختصة بالنظر في الوقائع. ولا يستطيع لا القاضي ولا السلطات الحكومية اختيار أي طبيب شرعي يفحص محتجز اً بعينه، وهي مهمة تعود إلى الط بيب المعتمد لدى المحكمة المختصة التي أمرت بالاحتجاز.

5-11 ويسمح عدد من المحاكم الست المسؤولة عن التحقيق في الجرائم الإرهابية حالي اً بإجراءات ضمان إضافية تتمثل في تسجيل الاستجوابات ومزيد من الإشراف الطبي. وقد طبقت هذه التدابير التي أصبحت رسمية انطلاق اً من القرار الصادر في 12 كانون الأول/ديسمبر 2006 على ما يقارب 90 في المائة من المحتجزين رهن حبس انفرادي منذ ذلك الحين. وتتيح زيادة الإشراف الطبي إمكانية فحص المحتجزين من قبل أطباء من اختيارهم، إذا طلبوا ذلك، بالاشتراك مع الطبيب الشرعي الذي يزور المحتجز كل ثماني ساعات وكلما تطلب الأمر. ويعد الطبيب الشرعي تقرير اً والطبيب الذي يحظى بثقة المحتجز تقرير اً آخر، ويسلم كلا التقريرين إلى القاضي الذي يأخذ إفادة المحتجز.

تعليقات صا حبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية

6-1 في 28 تموز/يوليه 2011، أدلت صاحبة البلاغ بتعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. وفيما يتعلق بمحاجّة الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم ترفع الشكوى إلا بعد ثلاث سنوات من إطلاق سراحها، تؤكد أن محاميها أرسل رسالة إلى المحكمة بأن تحقق في القضية المرفوعة ضدها سرد فيها وقائع سوء المعاملة، وأنها أكدت في الإفادة التي أدلت بها أمام نفس المحكمة في 7 كانون الثاني/يناير 1998 مضمون تلك الرسالة. وإضافة إلى ذلك، تشير صاحبة البلاغ إلى أحد التقارير الطبية المقدمة الذي جرى التأكيد فيه أن المرض الذي تسبب فيه ما جرى قد يكون في حد ذاته سبب اً كافي اً لتفسير سبب عدم الإبلاغ عن الحادث منذ البداية. فحالتها العقلية لم تكن تسمح لها ببذل جهد كبير لرفع دعوى. وحتى تشرين الأول/أكتوبر 2000، لم تكن تجد القوة لفعل ذلك.

6-2 وتكرر صاحبة البلاغ عدم اتفاقها مع ما ورد في القرار الصادر في 26 آب/ أغسطس 2002، الذي حفظت بموجبه القضية، من تأكيد بأنه يستحيل إقامة علاقة سببية بين سوء المعاملة المحتمل لصاحبة البلاغ ومرضها. وتذكِّر بالتقارير المقدمة من أطباء نفسيين مستقلين. وجرى التأكيد في أحدها، على سبيل المثال، أنها "تعاني اضطراب الاكتراب التالي للصدمة الناتج عن التعرض لمعاملة لا إنسانية ومهينة، تشمل العنف الجسدي والنفسي، أثناء احتجازها لدى الشرطة عام 1996". ويؤكد التقرير أيض اً أنها "لم تكن تعاني، قبل الاحتجاز لدى الحرس المدني، من أي اضطراب نفسي أو انحراف في الشخصية قد تكون لهما صلة بما ذكرته". وترفض صاحبة البلاغ رفض اً قاطع اً التأكيد الوارد في القرار بأن معاناتها النفسية تعود إلى مجرد الاحتجاز.

6-3 وفيما يتعلق بالشكوى المقدمة أمام المحكمة الأوروبية ل حقوق الإنسان، تشير صاحبة البلاغ إلى أنها قدمتها في 11 تموز/يوليه 2005 وأن المحكمة استغرقت ثلاث سنوات للبت فيها. وإذا كانت تأخرت ما يزيد قليل اً عن سنة، بعد إخطارها بقرار المحكمة، لتقديم القضية إلى اللجنة، فإن ذلك يعود إلى الريبة المتولدة لديها أمام تكرر القرارات السلبية حتى ذلك الحين.

6-4 وتشير صاحبة البلاغ إلى أن جميع الأطباء النفسيين الذين فحصوها يتفقون في استنتاجاتهم. فالدكتور إ. ف. ر. الذي تحيل الدولة الطرف إلى تقريره لتؤكد عدم وجود مثل هذا الحادث، لم يسبق أبدا ً أن عالجها أو فحصها. أما بالنسبة لإفادات عناصر الحرس المدني المشتكى بهم كمتهمين، فقد رفضوا في المرة الوحيدة التي مثلوا فيها أمام المحكمة الابتدائية رقم 28 الرد على أسئلة محامي المدعية، بل إن الادعاء العام لم يحضر أصلا ً . ولم يشارك الادعاء العام في أي من الإجراءات المتخذة في مرحلة التحقيق حين كانت الدعوى لا تزال مستمرة. كما لم يحرك الادعاء العام أي تحقيق تلقائي عندما أبلغت صاحبة البلاغ عن تعرضها لسوء المعاملة، في إطار الدعوى المرفوعة ضدها من المحكمة العليا.

6-5 وفيما يتعلق بالتماس التعويض، تشير صاحبة البلاغ إلى أنه إذا جرى الاعتراف بتعرضها للتعذيب، فإن الطريقة الوحيدة لجبر الضرر في الحد الأدنى هي من خلال صرف تعويض. ومن شأن مساعدة طبية متخصصة ومجانية أن تكون عون اً كبير اً أيضا ً . وتؤكد صاحبة البلاغ أنها منفتحة إزاء نوع التعويض الذي قد يعتبر مناسبا ً .

6-6 وفيما يتعلق بدعوى التعويض التي تشير إليها الدولة الطرف، بمقتضى المادة 294 من القانون الأساسي للقضاء، يشترط القانون إثبات عدم وجود الجرم المزعوم، وإثبات واقعة منفية أمر مستحيل في العادة، وهو أمر مستحيل في ضوء الحكم بالبراءة.

6-7 وفيما يتعلق بالطلب المتصل بالحبس الانفرادي، تؤكد صاحبة البلاغ أن له صلة تامة بالموضوع. وبالرغم من توصيات اللجنة، لم يلغ أو يعدل هذا النظام الذي تنظمه المواد 509 و520 مكرر اً و527 من قانون الإجراءات الجنائية. وقد جاءت التغييرات التي تلمح إليها الدولة الطرف بعد وقائع هذه القضية.

الإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادّعاء يرد في بلاغٍ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تبت في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت شكوى بشأن الوقائع نفسها أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبموجب رسالة مؤرخة 13 أيار/مايو 2008، أبلغت صاحبة البلاغ أن لجنة من ثلاثة قضاة قد قررت أن الشكوى غير مقبولة، إذ لم تلاحظ أي شيء يدل على انتهاك الحقوق والحريات التي تضمنها الاتفاقية أو بروتوكولاتها. وتشير اللجنة إلى أن إسبانيا قدمت، عند التصديق على البروتوكول الاختياري، تحفظ اً يستبعد اختصاص اللجنة فيما يتعلق بالقضايا المعروضة على إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وتذكر اللجنة باجتهاداتها السابقة فيما يتعلق بالفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري التي تذهب فيها إلى أنه عندما تبني المحكمة الأوروبية قرارها بعدم المقبولية لا على أسس إجرائية فحسب، بل أيضاً على أسباب تشمل قدراً من النظر في الأسس الموضوعية للقضية، يُعتبر عندئذ أن المسألة نفسها كانت موضع نظر بالمعنى المقصود في التحفظات على الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛ وأنه ينبغي اعتبار أن المحكمة الأوروبية قد ذهبت إلى أبعد من مجرد النظر في المعايير الإجرائية للمقبولية عندما أعلنت عدم قبول الشكوى، لأنها "لا تكشف أي انتهاك للحقوق والحريات المبينة في الاتفاقية أو بروتوكولاتها" ( ) . وعليه، ففي الملابسات الخاصة لهذه القضية، لا يتيح التعليل المحدود الوارد في رسالة المحكمة للجنة المعنية بحقوق الإنسان الافتراض بأن النظر شمل استعراض اً كافي اً للأسس الموضوعية، وفق اً للمعلومات المقدمة إلى اللجنة من كل من صاحبة البلاغ والدولة الطرف. وبناء على ذلك، تعتبر اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ رفعت دعوى جنائية بزعم تعرضها للتعذيب أمام المحكمة الابتدائية وقدمت طعن اً استئنافي اً أمام محكمة مقاطعة مدريد واستئناف اً طلب اً لحماية الحقوق أمام المحكمة الدستورية، ولا أحد منها كلل بالنجاح. ولذلك، تعتبر أن سبل ال انتصاف المحلية قد استنفدت. وحيث إن البلاغ استوفى الشروط الأخرى للمقبولية ، فإن اللجنة تعتبره مقبول اً وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتؤكد صاحبة البلاغ أنها تعرضت للتعذيب أثناء وضعها رهن الحبس الانفرادي أيام 7-9 حزيران/يونيه 1996، وحرمت خلالها من الحق في أن يساعدها محام من اختيارها ومن التواصل مع أسرتها. وتقول إنها تعاني، نتيجة للمعاملة التي تعرضت لها، من الاكتراب المزمن التالي للصدمة الذي شخّصه عدة أطباء من نظام الصحة العامة وما زال يتطلب علاجا ً . وتدعي صاحبة البلاغ أيض اً أنها لم تتمكن من الحصول على محاكمة عادلة عندما أبلغت عن الوقائع المزعومة، بما أن القاضية أمرت بحفظ القضية دون إتاحة الفرصة لعقد جلسة استماع، حيث اعتبرت أنه لا توجد أي معطيات موضوعية تثبت وجود سوء المعاملة. وتدعي الدولة الطرف أن سبب الاضطراب الذي تعاني منه صاحبة البلاغ لم يثبت بشكل واضح في التحقيق القضائي، بالرغم من العديد من الفحوص الطبية التي أجريت، وأنه يمكن أن يكون نتيجة للت جربة التي مرت منها صاحبة البلاغ نتيجة للدع وى المرفوعة ضدها. وتؤكد أيض اً أن أي اً من الاختبارات التي أجريت لم يقدم مؤشرات كافية لمواصلة النظر في الدعوى الجنائية عن طريق عقد جلسة استماع.

8-3 وتذكّر اللجنة بتعليقيها العامّين رق م 20 (1992) ( ) ورقم 21 (1992) ( ) ، فيما يتعلق بالعلاقة بين المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد، وترى أن الوقائع التي أبلغت عنها صاحبة البلاغ تدخل ضمن نطاق تطبيق المادة 7، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. ونتيجة لذلك، ستنظر اللجنة في الوقائع في ضوء ذلك وليس فيما يتصل بالفقرة 1 من المادة 10 التي استشهدت بها صاحبة البلاغ.

8-4 وتحيط اللجنة علم اً بالوصف المفصل والمتسق الذي قدمته صاحبة البلاغ للوقائع التي أحاطت باحتجازها وإقامتها في المديرية العامة للحرس المدني في مدريد. وتحيط علم اً أيض اً بالتقارير الطبية التي قدمتها صاحبة البلاغ، ولا سيما تقارير الأطباء النفسيين الذين عالجوها وشخصوا لديها وجود اضطراب الاكتراب المزمن التالي للصدمة الذي يفترض أنه ناتج عن الوقائع التي أحاطت باحتجازها. ووفق اً لما أثبتته هذه التقارير، استلزم الاضطراب دخول المستشفى والخضوع للعلاج لفترة طويلة تمتد حتى الوقت الحاضر. وأمام هذه العناصر، تحاجج الدولة الطرف بتقرير الطبيب النفسي لعيادة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل، الصادر بناء على طلب المحكمة الابتدائية رقم 28، والذي أكد تعذر الإثبات القطعي للسبب الذي قد يكون أصل الاضطراب اعتماد اً على التقارير الطبية المشار إليها أعلاه لوحدها. ومع ذلك، ترى اللجنة أن هذا التقرير الذي قدمت صاحبة البلاغ نسخة منه في إطار هذا البلاغ والذي صدر دون أن يفحص الطبيب المعني صاحبة البلاغ، ليس كافي اً لدحض التقارير الطبية التي تقوم على أساس المعرفة المباشرة لصاحبة البلاغ ومعالجتها. كما لا يصلح أساس اً للخلوص إلى الاستنتاج بأن الوقائع لم تحدث بالطريقة التي ذكرتها صاحبة البلاغ. ومن جهة، يلمح التقرير إلى استحالة إقامة علاقة سببية بين هذا الاضطراب والوقائع التي بلغت عنها صاحبة البلاغ نظر اً لعدم وجود بيانات موضوعية. وهو ما يدفع اللجنة إلى التطرق إلى مسألة التحقيق في الشكوى التي قدمتها صاحبة البلاغ أمام المحاكم المحلية.

8-5 وتلاحظ اللجنة أنه جرى، في إطار التحقيق الذي أشرفت عليه المحكمة الابتدائية رقم 28، تحديد هوية عناصر الحرس المدني الذين كان لهم اتصال بصاحبة البلاغ ومحامي المساعدة القضائية الذين كفلت الدولة الطرف خدماتهم أثناء وضعها رهن الحبس الانفرادي والأطباء الشرعيين الذين فحصوها خلال نفس الفترة واستجوابهم جميعا ً . والحال أن صاحبة البلاغ تؤكد أن عناصر الحرس المدني رفضوا، في المرة الوحيدة التي مثلوا فيها أمام المحكمة، الإجابة عن أسئلة دفاع المدعية. أما بالنسبة لمحامي المساعدة القانونية والأطباء الشرعيين الذين أكدوا أن صاحبة البلاغ لم تشتك من سوء المعاملة، ترى اللجنة أن الأسباب التي قدمتها صاحبة البلاغ لعدم الإبلاغ عن المعاملة التي كانت تخضع لها مقنعة، ولا سيما بالنظر إلى الهشاشة التي كانت عليها، والناجمة عن نظام الحبس الانفرادي. كما تلاحظ اللجنة أيض اً أن صاحبة البلاغ اشتكت، في إطار الدعوى المرفوعة ضدها من المحكمة، من سوء المعاملة التي تعرضت لها أثناء احتجازها، لكن لم يفتح أي تحقيق تلقائي بشأنها.

8-6 وتذكِّر اللجنة بتعليقيها العامين رقم 20 (1992) ( ) ورقم 31 (2004) ( ) ، وكذا باجتهاداتها السابقة ( ) التي تفيد بوجوب إجراء السلطات المختصة تحقيقاً فورياً وشاملاً ومحايداً في الشكاوى التي تدعي وجود انتهاك للمادة 7 واتخاذها التدابير المناسبة ضد من يثبت تورطه. وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن حفظ القضية في مرحلة التحقيق، وهو ما حال دون ع قد جلسة استماع، لا يلبي متطلبات التحقيق الشامل اللازم لمعالجة أية شكوى من التعذيب، وأن الخطوات الوحيدة المتخذة في مرحلة التحقيق لم تكن كافية لدراسة الوقائع بمستوى من العمق يلائم مرض صاحبة البلاغ وتقارير الأطباء الذين عالجوها وشخصوا حالتها. ونظرا ً للصعوبات التي ينطوي عليها إثبات وجود التعذيب وسوء المعاملة، عندما لا يتركان آثار اً جسدية، كما هو الحال بالنسبة لصاحبة البلاغ، يجب أن تكون التحقيقات في هذه الأفعال جامعة مانعة. وإضافة إلى ذلك، فأي أذى جسدي أو نفسي يل حق بشخص رهن الاحتجاز، وخاصة رهن الحبس الانفرادي، يفتح الباب أمام افتراض هام بشأن الواقعة، لأن عبء الإثبات لا ي جب أن يقع على الضحية المزعومة ( ) . وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن التحقيق الذي أجرته المحاكم المحلية لم يكن كافي اً لضمان حق صاحبة البلاغ في سبيل انتصاف فعال، وأن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاك اً للمادة 7، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

9- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للمادة 7 من العهد، مقروءةً بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

10- ووفقاً لأحكام الفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمةٌ بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ يشمل ما يلي: ( أ) إجراء تحقيق محايد وفعال وكامل في الوقائع، ومقاضاة الجناة ومعاقبتهم؛ ( ب) تقديم جبْر كامل للضرر الواقع على صاحبة البلاغ، يشمل تقديم تعويض مناسب لها؛ ( ج) توفير سبل المساعدة الطبية المتخصصة والمجانية. كما أن الدولة الطرف مُلزَمة بتلافي ارتكاب انتهاكات مشابهة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تذكر اللجنة بالتوصية المقدمة إلى الدولة الطرف أثناء النظر في التقرير الدوري الخامس باتخاذ التدابير اللازمة، بما في ذلك ذات الطابع التشريعي، من أجل الإلغاء النهائي لنظام الحبس الانفرادي، والاعتراف لجميع المحتجزين بالحق في حرية اختيار محام يستطيعون التشاور معه في سري ة كاملة ويمكنه حضور الاستجواب ( ) .

11- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد سلّمت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عما ستكون قد اتخذته من تدابير لتنفيذ هذه الآراء. ويُطلب أيض اً إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة هذه وتُعمّمها على نطاق واسع.

[اعتُمِدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. وستصدر لاحقـاً بالروسية والصينية والعربية كجـزء من تقرير اللجنـة السنوي إلى الجمعية العامة.]

تذييل

رأي فردي (مخالف) لأعضاء اللجنة السيدة أنيا زايبرت - فور، والسيد يوجي إواساوا ، والسيدة يوليا أنطوانيلا موتوك، والسيد جيرالد ل. نومان ، والسيد يوفال شاني ، والسيد كونستونتين فاردزيلاشفيلي

تعذر علينا الاتفاق مع قرار المقبولية الذي اعتمدته اللجنة في هذه القضية، وذلك للأسباب المبينة أدناه. عندما انضمت حكومة إسبانيا إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فعلت ذلك "مفسرةً الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري على أنها تعني أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لن تنظر في أي بلاغ مقدم من أي فرد قبل أن تتأكد من أن المسألة ذاتها ليست ولم تكن موضع نظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية".

ووفق اً للاجتهادات السابقة المسترسلة للجنة فيما يت صل بالفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، لا يتحقق هذا الشرط عندما ي رفض البلاغ لأسباب إجرائية فقط ( ) . ومع ذلك، عندما تبني المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قرارها بعدم المقبولية ليس على أسس إجرائية فحسب بل أيضاً على أسباب "تشمل قدراً من دراسة الأسس الموضوعية للقضية"، تذهب الاجتهادات السابقة للجنة إلى أنه ينبغي اعتبار المسألة قد خضعت ل‍ "الدراسة" بالمعنى المقصود في التحفظ على الفقرة 2(أ) من الم ادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . واعتبرت اللجنة أنه "حتى الدراسة المحدودة للأسس الموضوعية للقضية" تعتبر دراسة بالمعنى المقصود في التحفظ ( ) . ويعتبر أن القضيةَ المثارة هي ذاتها إذا كان محتوى الاتفاقية الأوروبية، كما فسرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قريب اً إلى حد كاف من الحماية التي يوفرها العهد.

ولا نرى أي سبب للابتعاد عن هذا التفسير الراسخ في القضية المذكورة. وبنت المحكمة الأوروبية قرارها بشأن عدم المقبولية على حجة أنها "لا تكشف عن أي انتهاك للحقوق والحريات التي تضمنها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وبروتوكولاتها". وعلى حد علمنا، لا يمكن تفسير هذا إلا على أنه نظر، وإن كان محدودا ً ، في الأسس الموضوعية. وبالفعل، خلصت اللجنة في حالات سابقة إلى أنه ينبغي اعتبار أن المحكمة الأوروبية قد ذهبت أبعد من مجرد فحص معايير المقبولية من منظور إجرائي بحت عندما تعلن عدم مقبولية بلاغ على هذه الأسس ( ) .

وكان بإمكان صاحبة البلاغ أن تختار أخذ قضيتها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أو تقديمها إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وحيث إنها اختارت تقديم شكوى إلى المحكمة الأوروبية لانتهاك المادة 3، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية الأوروبية، وأعلن لاحق اً عدم قبولها لعدم وجود أدلة على انتهاك الحقوق والحريات المكفولة بموجب الاتفاقية، تظل القضية "معروضة سلف اً على إجراء استعراض [...] دولي آخر" بالمعنى المقصود في التحفظ المذكور أعلاه. وليس من اختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تحديد ما إذا كانت القضية قد استعرضت بما يكفي من الاستفاضة في إطار دعوى ترمي إلى تطبيق قاعدة توفر مستوى مماثل اً من الحماية لما هو منصوص عليه في المادة 7 من العهد، والتي احتجت بها صاحبة البلاغ دون جدوى قبل إحالة القضية إلى اللجنة للنظر فيها.

[اعتُمِدت بالإسبانية والإنكليزية وا لفرنسية، علماً بأن النص الإ نكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقـاً بالروسية والصينية والعربية كجـزء من تقرير اللجنـة السنوي إلى الجمعية العامة.]

رأي فردي مقدم من عضوي اللجنة السيد كورنيليس فلينترمان والسيد فابيان عمر سالفيولي

1- نحن متفقان مع استنتاج اللجنة بأن التحفظ الذي أبدته إسبانيا عند تصديقها على البروتوكول الاختياري لا يمكن أن يُعتبر، في ظل الملابسات المحددة لهذه القضية عقبة أمام النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ وفق اً للفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. ومع ذلك، كان سيكون من المفيد أن تشرح اللجنة بتفصيل أكثر هذه الملابسات، وذلك من أجل توضيح أن اللجنة لا تعارض التحفظات، مثل التي أبدتها إسبانيا وعدد هام من الدول الأوروبية وأوغندا، إلا في ظروف استثنائية.

2- و يفترض تحفظ إسبانيا على الفقرة 2 (أ) من المادة 5 أن اللجنة لن تنظر في أي بلاغ مقدم من أي فرد قبل أن تتأكد من أن المسألة ذاتها ليست ولم تكن موضع نظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، وفي هذه الحالة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي هذه القضية، ليس هناك خلاف حول ما إذا كان البلاغ المعروض على اللجنة يشير إلى المسألة نفسها موضوع الشكوى المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وإنما السؤال هو ما إذا كانت المحكمة قد "نظرت" حق اً في هذه القضية لإعطاء التحفظ أثر اً استبعادي اً فيما يتعلق بالفقرة 2 (أ) من المادة 5.

3- وفي هذا الصدد، من الأهمية بمكان العودة إلى الاجتهادات السابقة للجنة، والتي يتبين منها أن هذه الأخيرة لا تعتبر أنه ينبغي فهم "النظر" في سياق التحفظات الشبيهة بتحفظ إسبانيا على أنه "أي نظر" ( لوميرسييه ضد فرنسا ، البلاغ رقم 1228/2003). وفي الملابسات الملموسة للقضية المعروضة علينا، أحاطت اللجنة علم اً بالتعليل، المحدود والقصير، للرسالة الموجهة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى صاحبة البلاغ، والتي أبلغتها فيها بأنها لا تقبل النظر في الشكوى لأنها لم تلاحظ أي شيء يدل على انتهاك الحقوق والحريات التي تضمنها الاتفاقية (الأوروبية) ولا بروتوكولاتها. وللأسف، فإن اللجنة لا تضيف أي شيء أكثر من ذلك، ولا تخوض في الملابسات الملموسة للقضية.

4- وكان بإمكان اللجنة أن تضيف أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ردت، في هذه القضية بالذات، برسالة إلى صاحبة البلاغ بعد ما يقارب ثلاث سنوات من تقديمها لشكواها ودون إحالة هذه الشكوى إلى الدولة الطرف لإبداء رأيها في مقبوليتها أو في أسسها الموضوعية. وكان بإمكانها أيض اً أن تضيف أن صاحبة البلاغ قد قدمت، في هذه القضية بالذات، شكواها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بدعوى انتهاك المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان و الحريات الأساسية (حظر التعذيب و غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة)، وهي مادة مماثلة للمادة 7 من العهد. وكانت الإثباتات التي قدم ت ها صاحبة البلاغ إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان شبيهة بما قدمته إلى اللجنة. وفي الحالات التي تكون فيها السلامة البدنية لمقدم الشكوى، بل وحقه في الحياة، في خطر، ينبغي أن يكون واضح اً انطلاق اً من قرار المحكمة (إذ لم تقبل النظر في الشكوى) أن هذه قد أولت للأسس الموضوعية للقضية عناية تكفي للقول إنه جرى النظر في الوقائع بصورة تجعل لتحفظ من قبيل تحفظ إسبانيا على الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري أثر اً استبعاديا ً . وبالمقابل، كان بإمكان اللجنة أن تعلن بصورة مشروعة أن البلاغ مقبول بالرغم من التحفظ، كما فعلت في هذه القضية.

[اعتُمِدت بالإسبانية والإنكليزية وا لفرنسية، علماً بأن النص الإ نكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقـاً بالروسية والصينية والعربية كجـزء من تقرير اللجنـة السنوي إلى الجمعية العامة.]