الأمم المتحدة

CCPR/C/120/D/2267/2013

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

21 September 2017

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2267/2013 * **

بلاغ مقدم من: لونيس خليفاتي (يمثله تجمع عائلات المفقودين في الجزائر)

الشخص المدعى أنه ضحية: يوسف خليفاتي (ابن صاحب البلاغ) وصاحب البلاغ نفسه

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ: ٨ آذار/مارس ٢٠١٣ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادتين 92 و 97 من النظام الداخلي للجنة والمحال إلى الدولة الطرف في ١١ تموز/يوليه ٢٠١٣ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٢٨ تموز/يوليه ٢٠١٧

الموضوع: الاختفاء القسري

المسائل الإجرائية: استنفاد س بل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في سبيل انتصاف فعال؛ حظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ حق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه؛ احترام الكرامة الأصيلة في الإنس ان؛ الاعتراف بالشخصية القانونية

مواد العهد: الفقرتان 2 و3 من المادة 2 والمواد 6، و7، و9، و10، و16

مواد البروتوكول الاختياري: المادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5

١- صاحب هذا البلاغ، المؤرخ 8 آذار/مارس 2013، هو لونيس خليفاتي ، وهو مواطن جزائري مقيم في دلس، بولاية بومرداس (الجزائر). ويدعي صاحب البلاغ أن ابنه يوسف خليفاتي ، وهو مواطن جزائري من مواليد ٩ تشرين الأول/أكتوبر ١٩٦٧، وقع ضحية لاختفاء قسري تتحمل الدولة الطرف المسؤولية عنه، وهو ما يشكل انتهاكاً لأحكام الفقرتين 2 و3 من المادة 2 والمواد 6 و7 و9 و10 و16 من العهد. ويؤكد صاحب البلاغ أنه ضحية لانتهاك أحكام الفقرة 2 من المادة 2 والمادة 7 مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وقد دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ في الدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 1989. ويمثل صاحب البلاغ تجمع عائلات المفقودين في الجزائر.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ في حوالي الساعة الخامسة والنصف من صباح يوم ٢٠ حزيران/ يونيه ١٩٩٤، طوق عدد كبير من ضباط الشرطة منزل أسرة السيد خليفاتي . وكان هؤلاء الضباط مسلحين ومقنعين ويرتدون زي " النينجا " ، وكانوا ينتمون إلى فرقة مكافحة الإرهاب. ودخل أربعة منهم باحة المنزل عن طريق الحديقة. وكان يوسف خليفاتي يتوضأ في باحة المنزل استعداد اً للصلاة، فانقضوا عليه وهددوه بالقتل إن تحرك. ثم أخذوا ملاءة كانت معلقة أمام المنزل ووضعوها على رأسه. وأيقظت الجلبة صاحب البلاغ، فنزل يسأل ضباط الشرطة عن سبب إلقاء القبض على ابنه. فأمره ضباط الشرطة بالعودة إلى داخل المنزل وإلا أطلقوا النار عليه. وتعرّف صاحب البلاغ على صوت ب.، وهو محافظ شرطة بمحافظة شرطة الفرقة المتنقلة التابعة للشرطة القضائية في دلس.

٢-٢ وشهد أحد الجيران ما وقع. واقتاد ضباط الشرطة يوسف خليفاتي سيراً إلى مدرسة مسرور علي، حيث كانت تنتظرهم سيارة بيضاء من طراز Peugeot 205. ثم ألقوا بالضحية في صندوق السيارة الخلفي وانطلقوا بها. وشهد جاران آخران واقعة إلقاء القبض على ابن صاحب البلاغ.

٢-٣ وفي الساعة السابعة من صباح اليوم نفسه، ذهب صاحب البلاغ إلى محافظة شرطة دلس لمعرفة سبب القبض على ابنه. وكانت السيارة البيضاء من طراز Peugeot 205 متوقفة أمام محافظة الشرطة. وتعرف صاحب البلاغ على محافظ الشرطة ب.، الذي كان يرتدي نفس الزي الذي كان يرتديه أثناء إلقاء القبض على ابنه. وأنكر محافظ الشرطة تماماً أنه ألقى القبض على يوسف خليفاتي .

٢-٤ وفي اليوم التالي، عاد ضباط الشرطة الذين ألقوا القبض على يوسف خليفاتي بصحبة وحدات تابعة للجيش لتمشيط الحي والغابة وتفتيش منزل أسرة صاحب البلاغ. وعلى مدى السنوات التالية وحتى عام 2000، عاد ضباط الشرطة لتفتيش منزل الأسرة كل عشرة أيام تقريباً، دون أن يقدموا أي تفسير للأسرة عن الهدف أو الغرض من تفتيشه.

٢-٥ واستُدعي عدد من سكان دلس إلى ثكنة بن عكنون عدة مرات، حيث استجوبهم ضباط شرطة يرتدون زي اً مدنياً بشأن يوسف خليفاتي . ويرى صاحب البلاغ أن هذا دليلٌ على أن الشرطة نقلت ابنه إلى دائرة الاستعلام والأمن، أي الشرطة السياسية في الجزائر، المعروفة باسم " الأمن العسكري " .

٢-٦ وفي ١١ تشرين الأول/أكتوبر ١٩٩٤، تلقى صاحب البلاغ رسالة بالتلكس من المرصد الوطني لحقوق الإنسان (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان) يبلغه فيها بأن المديرية الوطنية للأمن الوطني صرحت بأن يوسف خليفاتي ، وهو " إرهابي ناشط " ، قُتل برصاص قوات الأمن في تموز/ يوليه ١٩٩٤ في جبال دلس. وما انفك صاحب البلاغ يعترض على هذا التصريح، الذي يعتبره تصريحاً كاذباً لأنه كان حاضراً عندما ألقي القبض على ابنه.

٢-٧ وقد تأثر جميع أفراد الأسرة بسبب إصرار صاحب البلاغ على تقصي الحقيقة. ذلك أن السلطات الجزائرية مارست ضغوطاً على الأسرة من خلال سلسلة من أعمال المضايقة والترهيب. فقد دُمر المتجر الذي كان يعمل به ابن صاحب البلاغ بأمر من البلدية. وقطع إمداد منزل الأسرة بالمياه فجأة. وبالإضافة إلى ذلك، استهدفت السُلطات محمد خليفاتي ، الأخ الأصغر ليوسف، الذي كان يبلغ من العمر 15 عاماً وقت إلقاء القبض على أخيه، والذي تعرض لمضايقة قضائية حقيقية. وقد اعتقل محمد خليفاتي عدة مرات، واختطف واستجوب من قبل ضباط القوات البحرية. وتعرض للاعتداء البدني عدة مرات من قبل أفراد انهالوا عليه بالضرب وهددوه بأن " يفعلوا به ما فعلوه بأخيه " . ويفيد صاحب البلاغ بأن عزمه على معرفة مصير ابنه هو السبب المباشر لجميع هذه الأعمال الانتقامية. ويضيف صاحب البلاغ أن هذه الضغوط ما زالت مستمرة وأنه كثير اً ما يتلقى رسائل من عدة مسؤولين، منهم والي ولاية بومرداس، يحثونه فيها بشدة على طلب تعويض. وقد حاول والي ولاية بومرداس، وهو يعلم أن صاحب البلاغ أُمي، التغرير به وحمله على التوقيع على شهادة تثبت وفاة ابنه المختفي. وحتى الآن، يرفض صاحب البلاغ رفض اً قاطع اً إقامة دعوى تعويض في هذا الصدد لأن ذلك سيعني أنه يعترف بوفاة ابنه.

٢-٨ واتصل صاحب البلاغ بكبار المسؤولين في البلد من أجل العثور على ابنه. وقدم شكوى إلى المرصد الوطني لحقوق الإنسان فور إلقاء القبض على ابنه. وقدم أيضاً شكوى إلى رئيس الجمهورية السابق، اليمين زروال، في ١٨ نيسان/أبريل ١٩٩٨، وثلاث شكاوى إلى وسيط الجمهورية وشكوى أخرى إلى وزير العدل. وتلقى صاحب البلاغ ردوداً من عدد من الجهات المسؤولة. فعلى سبيل المثال، تلقى صاحب البلاغ استدعاءً من المرصد الوطني لحقوق الإنسان، في ٣٠ كانون الأول/ديسمبر ١٩٩٨، ثم من اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، التي حلت محل المرصد الوطني، في ٤ شباط/فبراير ٢٠٠٣. وتلقى صاحب البلاغ أيضاً رسالتين من رئيس دائرة دلس (مؤرختين ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٠٦ و١١ نيسان / أبريل ٢٠٠٧). و تلقى أيضاً رسالة من رئيس الحكومة، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٦، يبلغه فيها بأن طلبه أحيل إلى اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان.

٢-٩ وفي ٢٠ شباط/فبراير ٢٠٠٨، وجه صاحب البلاغ رسالة أخرى إلى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة. وفي ١٢ آذار/مارس ٢٠٠٨، وجه صاحب البلاغ رسالة إلى كل من وزير العدل ووزير الداخلية ووالي ولاية بومرداس واللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان. ولم يتلق صاحب البلاغ أي رد شاف، باستثناء رسالة وجهها إليه رئيس الحكومة في 18 أيار/مايو 2008 ليبلغه فيها بأن رسالته أحيلت إلى اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، وباءت جميع جهوده بالفشل ( ) .

٢-١٠ ولجأ صاحب البلاغ أيضاً إلى المحاكم. ففي ١٨ نيسان/أبريل ١٩٩٨، قدم صاحب البلاغ شكوى إلى المدعي العام بمجلس قضاء الجزائر وأخرى إلى وكيل الجمهورية بمحكمة دلس يطلب فيهما البحث عن ابنه والعثور عليه.

٢-١١ وإثر هاتين الشكويين، تلقى لونيس خليفاتي استدعاءً مؤرخاً 31 أيار/مايو 1998 للحضور بمكتب المدعي العام للجمهورية بمحكمة دلس في 7 حزيران/ يونيه 1998. غير أن الشكوى لم تفض إلى أي نتيجة. وبعد إحالة ملف القضية إلى قا ضي التحقيق بالمحكمة العسكرية في البليدة، تلقى صاحب البلاغ استدعاءً للحضور أمام المحكمة في ٢٠ شباط/فبراير ٢٠٠٠. غير أن صاحب البلاغ تلقى محضراً مؤرخاً 10 شباط/فبراير 2001 يبلغه بأن بوسعه الحضور لاستلام حكم رد القضية في غضون أربع وعشرين ساعة.

٢-١٢ وفي ١ شباط/فبراير ٢٠٠٣، وجه المدعي العام بمجلس قضاء الجزائر استدعاءً إلى السيد لونيس خليفاتي . ومثل صاحب البلاغ أمام المدعي العام، ولكن لم يتخذ أي إجراء في القضية.

٢-١٣ وفي 2 حزيران/ يونيه 2007، وجه والي ولاية بومرداس رسالة إلى صاحب البلاغ يأمره فيها بقبول التعويض المقدم وبالكف عن طلب معلومات عن مصير ابنه. وفي ٢٧ حزيران / يونيه ٢٠٠٧، رد صاحب البلاغ على تلك الرسالة مشيراً إلى أنه يرفض أي تعويض رفضاً قاطعاً ما لم يعرف حقيقة مصير ابنه. وفي 29 آب/أغسطس 2007، تلقى صاحب البلاغ رسالة من مكتب رئيس الجمهورية تدعوه إلى الذهاب إلى أقرب محكمة إلى منزله من أجل رفع دعوى والحصول على تعويض. ثم تلقى صاحب البلاغ رسالتين بالتلكس من والي ولاية بومرداس، في ٧ شباط/فبراير و13 حزيران/ يونيه 2009، يطلب إليه فيهما التوجه إلى مكتب الاستقبال والإرشاد لتقديم طلب تعويض. ويرى صاحب البلاغ أن هذه ضغوط لا يمكن قبولها لأنه ذهب عدة مرا ت لمقابلة هؤلاء المسؤولين شخصي اً وإبلاغهم بأنه لا يرغب في أي تعويض وأن همه الوحيد هو معرفة مصير ابنه.

٢-١٤ وفي 27 آب/أغسطس 2006، حصل صاحب البلاغ من محافظة شرطة دلس على شهادة تثبت اختفاء ابنه. وقدم صاحب البلاغ شكويين إلى وكيل الجمهورية بمحكمة دلس في 20 حزيران/ يونيه 2007 و12 آذار/مارس 2008. غير أن وكيل الجمهورية قرر حفظ الشكوى لعدم كفاية الأدلة. وفي ٢٩ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، قرر وكيل الجمهورية حفظ القضية لعدم كفاية الأدلة، وذلك إثر وفاة محافظ الشرطة ب.، الذي كان قد شارك في إلقاء القبض على الضحية في ٢٠ حزيران/ يونيه ١٩٩٤.

٢-١٥ وقد عُرضت حالة يوسف خليفاتي على الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في 9 كانون الأول/ديسمبر 2002.

الشكوى

٣-١ يدعي صاحب البلاغ أن يوسف خليفاتي ضحية لاختفاء قسري تتحمل الدولة الطرف المسؤولية عنه، حسب التعريف الوارد في المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. ويرى صاحب البلاغ أن اختفاء ابنه اختفاءً قسرياً منذ 20 حزيران/ يونيه 1994 يشكل انتهاكاً لما يلي: (أ) أحكام الفقرتين 2 و3 من المادة 2 والمواد 6 و7 و9 و10 و16 من العهد في حق يوسف خليفاتي ؛ و(ب) أحكام الفقرة 2 من المادة 2 والمادة 7 مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد في حق صاحب البلاغ وأسرته.

٣-٢ ويرى صاحب البلاغ أن الأمر رقم 06-01، الصادر في ٢٧ شباط/فبراير 2006 ( ) والمتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يشكل خرقاً للالتزام العام المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة ٢ من العهد لأن أحكام هذه الفقرة تستتبع التزاماً سلبياً على الدول يتمثل في عدم اتخاذ تدابير منافية لأحكام العهد. وباعتماد الأمر رقم 06-01، تكون الدولة الطرف قد اتخذت تدبير اً تشريعي اً يحول دون إعمال الحقوق المعترف بها في العهد ( ) ، ولا سيما الحق في سبيل انتصاف فعال من انتهاكات حقوق الإنسان. ويدعي صاحب البلاغ أنه وابنه ضحيتان لأحكام هذا النص التشريعي وأن من الواضح أن أحكام الفقرة 2 من المادة ٢ من العهد قد انتهكت في هذه القضية.

٣-٣ ويذكِّر صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، القضائية منها والإدارية، من دون التوصل إلى أي نتيجة أو إلى إجراء أي تحقيق فعلي، مدعياً أن الدولة الطرف ملزمة، بموجب الفقرة 3 من المادة ٢، بحماية ابنه، يوسف خليفاتي ، من انتهاك حقوقه من جانب موظفيها. وبالإشارة إلى الاجتهادات السابقة الصادرة عن اللجنة ( ) ، يؤكد صاحب البلاغ أيضاً أن عدم التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يؤدي في حد ذاته إلى انتهاك مستقل للعهد وأن مجرد نفي تورط الأجهزة الأمنية لا يمكن أن يشكل امتثالاً من جانب الدولة الطرف للالتزام الواقع على عاتقها بموجب الفقرة 3 من المادة 2، علماً أن السلطات التي لجأ إليها صاحب البلاغ اكتفت إما بالصمت أو برد الدعوى. ويخلص صاحب البلاغ إلى أن أحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد انتهكت في حق يوسف خليفاتي .

٣-٤ وفيما يخص المادة 6، يلاحظ صاحب البلاغ أن فرص العثور على يوسف خليفاتي تتضاءل يوم اً بعد يوم منذ اعتقاله في عام ١٩٩٤ وفي ضوء عدم وجود أي معلومات عنه وأن غيابه الطويل يوحي بأنه توفي. وعلاوة على ذلك، يشتد خطر انتهاك الحق في الحياة في حالة حبس السجين بمعزل عن العالم الخارجي، لأن السجناء وحراس السجون لا يخضعون لأي مراقبة في هذه الحالة. ويشير صاحب البلاغ إلى التطور الذي شهدته اجتهادات اللجنة فيما يخص الاختفاء القسري ( ) وإلى أن اللجنة باتت تقر بمسؤولية الدولة عن انتهاك الحق في الحياة في الحالات التي لم تثبت فيها وفاة الضحية، مدعياً أن الدولة الطرف لم تف بواجبها المتمثّل في حماية حق ابنه في الحياة وأن أحكام المادة 6 من العهد قد انتهكت تبعاً لذلك.

٣-٥ ويذكِّر صاحب البلاغ بملابسات اختفاء ابنه، بما في ذلك عدم توفر أي معلومات عن مكان احتجازه أو حبسه أو حالته الصحية وعدم اتصاله بأسرته وبالعالم الخارجي، مؤكداً أن يوسف خليفاتي تعرض لضرب من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. ويشير صاحب البلاغ علاوة على ذلك إلى الاجتهادات السابقة الصادرة عن اللجنة، مؤكداً أن حالة الكرب وعدم اليقين والضيق الناجمة عن اختفاء يوسف خليفاتي تعد ضرباً من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة بالنسبة لأسرته. ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف مسؤولة عن انتهاك المادة ٧ في حق يوسف خليفاتي وعن انتهاك المادة ٧، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، في حق صاحب البلاغ وأسرته.

٣-٦ ويشير صاحب البلاغ إلى أن فرقة مكافحة الإرهاب ألقت القبض على يوسف خليفاتي في ٢٠ حزيران/ يونيه ١٩٩٤من دون مذكرة توقيف، وأنه أودع الحبس الانفرادي من دون إمكانية الاستعانة بمحام ومن دون إبلاغه بأسباب اعتقاله ولا بالتهم الموجهة إليه، وأن احتجازه لم يذكر في سجل الاحتجاز لدى الشرطة، وأنه لا يوجد هناك أي سجل رسمي عن مكان وجوده ولا عن مصيره. ويدفع صاحب البلاغ بأن يوسف خليفاتي سلب حقه في الحرية وفي الأمان على شخصه وبأن التحقيقات في اختفائه افتقرت إلى الفعالية والكفاءة اللازمتين. وعليه، يؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف مسؤولة عن انتهاك المادة ٩ من العهد في حق يوسف خليفاتي .

٣-٧ ويرى صاحب البلاغ، نتيجة لاختفاء ابنه وعدم إجراء تحقيق جدي فيه، وبالنظر إلى أن الاختفاء القسري كثير اً ما يفضي إلى الحبس بمعزل عن العالم الخارجي، أن الدولة الطرف قد انتهكت أيضاً أحكام المادة ١٠ من العهد في حق ابنه.

٣-٨ ويشير صاحب البلاغ إلى أن السلطات الجزائرية لم تقدم قط أي معلومات واضحة عن مصير يوسف خليفاتي وأنها تعمدت حرمانه من حما ية القانون، مؤكداً انتهاك كرام ة ابنه وشخصيته القانونية، وهو ما يشكل انتهاكاً للحق في الاعتراف بالشخصية القانونية المكفول بموجب المادة 16 من العهد.

٣-٩ ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تأمر الدولة الطرف بما يلي: (أ) أن تقر بأنها انتهكت الفقرتين 2 و3 من المادة 2 والمواد 6 و7 و9 و10 و16 من العهد في حق يوسف خليفاتي ، والفقرة 2 من المادة 2، والمادة 7 مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2، في حق صاحب البلاغ وأسرته؛ و(ب) أن تعثر على يوسف خليفاتي ؛ و(ج) أن تقدم مرتكبي هذا الاختفاء القسري إلى السلطات المدنية المختصّة من أجل مقاضاتهم؛ و(د) أن توفر ليوسف خليفاتي ، إذا كان لا يزال على قيد الحياة، ولأفراد أسرته، جبراً مناسباً وفعالاً وسريعاً عما لحق بهم من ضرر، بما يشمل تعويض اً كافي اً ومتناسب اً مع جسامة الفعل المرتكب، وأن تقدم لهم خدمات إعادة التأهيل الكامل والشامل وضمانات عدم التكرار.

عدم تعاون الدولة الطرف

٤- في 11 تموز/يوليه 2013 و28 شباط/فبراير 2014 و17حزيران/ يونيه 2014 و20 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، دُعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق أي معلومات في هذا الشأن. وتعرب عن أسفها لرفض الدولة الطرف موافاتها بأي معلومات عن مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ أو عن أسسها الموضوعية أو عن كليهما. وتذكّر ( ) بأن الدولة الطرف المعنية ملزمة، بموجب الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، بأن تقدم إلى اللجنة تفسيرات أو بيانات خطية توضح فيها المسألة والتدابير التي اتخذتها، مع الإشارة، عند الاقتضاء، إلى أي تدابير قد تكون اتخذتها لتدارك الوضع.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

٥-١ قبل النظر في أي ادّعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

٥-٢ وقد تأكدت اللجنة، عملاً بالفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتشير اللجنة إلى أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي أُبلغ بحالة الاختفاء هذه. غير أنها تذكّر بأن الإجراءات أو الآليات الخارجة عن نطاق المعاهدات، التي وضعها مجلس حقوق الإنسان والتي تتمثل ولايتها في دراسة حالة حقوق الإنسان في بلد أو إقليم ما أو الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان في العالم وتقديم تقارير عن ذلك، لا تندرج عموماً ضمن إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمفهوم الوارد في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وعليه، ترى اللجنة أن نظر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في حالة يوسف خليفاتي لا يجعل البلاغ غير مقبول بمقتضى أحكام هذه المادة.

٥-٣ وفيما يخص استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف ليست ملزمة فقط بإجراء تحقيقات شاملة في مزاعم ارتكاب سلطاتها انتهاكات لحقوق الإنسان، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بانتهاك الحق في الحياة، وإنما أيضاً بمقاضاة كل من يشتبه في ضلوعه في تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وقد أخطرت أسرة يوسف خليفاتي السلطات المختصة مراراً باختفائه، ولكن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيق شامل وفعال في هذا الادعاء الخطير. وعلاوة على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف معلومات تؤكد توافر سبيل انتصاف فعال، في الوقت الذي يستمر فيه العمل بالأمر 06-01المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 رغم توصيات اللجنة الداعية إلى مواءمة أحكامه مع أحكام العهد (CCPR/C/DZA/CO/3، الفقرات 7 و8 و13). وتعرب اللجنة أيضاً عن قلقها لأن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات أو ملاحظات بشأن مقبولية البلاغ أو أسسه الموضوعية، على الرغم من توجيه ثلاث رسائل تذكير إليها. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في البلاغ وفقاً للفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

٥-٤ وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أشار إلى انتهاك الفقرة 2 من المادة 2 من العهد في حق يوسف خليفاتي . وتذكّر اللجنة بأن أحكام المادة 2 من العهد تنص على التزام عام يقع على عاتق الدول الأطراف وبأنه لا يمكن الاحتجاج بها منفردة في بلاغ ما ( ) . وعليه، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

٥-٥ وترى اللجنة أن الادعاءات التي تثير مسائل في إطار المواد ٦ و٧ و٩ و١٠ و١٦، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة ٢ من العهد، تؤيدها أدلة كافية وأنه لا يوجد ما يمنع قبولها. وبناء على ذلك، تنتقل اللجنة إلى النظر في هذه الادعاءات من حيث أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٦-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي تلقتها، وفقاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحب البلاغ، وترى، من ثم، أنه ينبغي إيلاء هذه الادعاءات الاعتبار الذي تستحقه ما دامت مدعومةً بما يكفي من الأدلة.

٦-٢ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن يوسف خليفاتي اعتقل في 20 حزيران / يونيه 1994 على يد ضباط شرطة نظاميين تابعين لوحدة مكافحة الإرهاب وبحضور شهود. ومنذ ذلك الحين، لم تتلق أسرة يوسف خليفاتي أي أخبار عنه، على الرغم مما شرعت فيه من مساع دؤوبة لدى السلطات الإدارية والقضائية (انظر الفقرة 2-8 والفقرات التالية) منذ يوم اختفائه.

٦-٣ وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما تعرضت له أسرة يوسف خليفاتي من أعمال انتقامية بسبب سعيها إلى توضيح ملابسات اختفائه. وتشير اللجنة إلى اجتهاداتها ( ) وتذكر بأن الدولة الطرف لا يسعها أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا بلاغاً إلى اللجنة أو يعتزمون تقديمه. وتقضي أحكام العهد بأن تحرص الدولة الطرف على مصير كل شخص وتعامل كل شخص باحترام الكرامة الأصيلة في الذات البشرية. وعلاوة على ذلك، تذكر اللجنة بأن الأمر رقم 06-01يساهم في الإفلات من العقاب في هذه القضية، ما لم تُدخل عليه التعديلات التي أوصت بها اللجنة، وبالتالي، فلا يمكن اعتباره متوافقاً، بصيغته الحالية، مع أحكام العهد.

٦-٤ وتشير اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة التي أكدت فيها أن عبء الإثبات لا يمكن أن يقع على صاحب البلاغ وحده، ولا سيما بالنظر إلى أن صاحب البلاغ لا يتساوى مع الدولة الطرف من حيث إمكانية الوصول إلى الأدلة، وإلى أنه غالباً ما يكون بمقدور الدولة الطرف وحدها الحصول على المعلومات ذات الصلة، كالمعلومات المتعلقة باعتقال يوسف خليفاتي واختفائه ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات توضح مصير يوسف خليفاتي في حين أنه شوهد آخر مرة وهو في قبضة ضباط الشرطة الوطنية الجزائرية في 20 حزيران/ يونيه ١٩٩٤. ولم تؤكد أي سلطة من السلطات المعنية مكان احتجاز يوسف خليفاتي ولم تحدد رسمي اً ملابسات وفاته على وجه الدقة، رغم سعي صاحب البلاغ الدؤوب إلى البحث عن ابنه. ولم يجر أي تحقيق بناء على ما نقله المرصد الوطني لحقوق الإنسان في 11 تشرين الأول/أكتوبر ١٩٩٤ من معلومات غامضة ومقتضبة وغير مباشرة مفادها أن يوسف خليفاتي قتل على يد جهاز الأمن في تموز/يوليه ١٩٩٤، ولم تتسلم الأسرة رفاة ابنها. وتذكّر اللجنة بأن سلب الحرية ثم عدم الإقرار بذلك أو عدم الكشف عن مصير الشخص المختفي يؤدّي، في حالات الاختفاء القسري، إلى حرمان هذا الشخص من حماية القانون ويُعرّض حياته لخطر جسيم ودائم تُعتبر الدولة مسؤولة عنه ( ) . والأرجح أن يوسف خليفاتي أُعدم بإجراءات موجزة أو توفي أثناء احتجازه، بالنظر إلى مرور سنوات عديدة على اختفائه وورود معلومات تفيد بإعدامه، ومن الواضح أن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بحماية حياته. وعليه، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

٦-٥ وتقر اللجنة بالمعاناة الشديدة التي ينطوي عليها الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لأجل غير مسمى. وتذكّر بتعليقها العام رقم 20(1992) بشأن حظـر التعذيب وغيره من ضروب المعاملـة أو العقوبة القاسيـة أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي أوصت فيه الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الحبس الانفرادي. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ وأفراد أسرة يوسف خليفاتي لم يحصلوا قط على أي معلومات عن مصيره أو عن مكان احتجازه. وبالنظر إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسيرات بهذا الخصوص، ترى اللجنة أن هذا الاختفاء يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد في حق يوسف خليفاتي ( ) .

٦-٦ وفي ضوء ما تقدّم، لن تنظر اللجنة بصورة منفصلة في المزاعم المتعلقة بانتهاك المادة 10 من العهد ( ) .

٦-٧ وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما تسبب فيه اختفاء ابن صاحب البلاغ من ضيق وكرب لصاحب البلاغ وأفراد أسرته. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ أن ابنه الثاني، محمد خليفاتي ، وهو الأخ الأصغر ليوسف خليفاتي ، قد تعرض لأعمال انتقامية تمثلت في الاعتقال والملاحقة والعنف والتهديد من قبل ضباط الجيش. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تدحض هذه المعلومات، وترى أن الوقائع المعروضة عليها تبين حدوث انتهاك لأحكام المادة 7، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، في حق صاحب البلاغ وأسرته ( ) .

٦-٨ وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 9، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه أُلقي القبض على يوسف خليفاتي بدون مذكرة توقيف وبدون إبلاغه بأسباب توقيفه أو توجيه تهمة إليه، وأنه لم يمثل أمام سلطة قضائية كان بإمكانه الاعتراض أمامها على مشروعية احتجازه. وبما أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات في هذا الصدد، ترى اللجنة أنه ينبغي إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ ( ) الاعتبار الذي تستحقه وتخلص، من ثم، إلى انتهاك أحكام المادة 9 في حق يوسف خليفاتي ( ) .

٦-٩ وترى اللجنة أن تعمد حرمان شخص ما من الحماية القانونية يشكل إنكاراً لحقه في الاعتراف بشخصيته القانونية، ولا سيما في حالة العمل بصورة منهجية على عرقلة ما يبذله أقارب الضحية من جهود لممارسة حقهم في سبيل انتصاف فعال ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير مقنع بشأن مصير يوسف خليفاتي ولا بشأن مكان وجوده، على الرغم مما وجه إليها صاحب البلاغ من طلبات متكررة في هذا الصدد. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء يوسف خليفاتي قسراً منذ ما يزيد على 23 عاماً حرمه من حماية القانون ومن حقه في أن يُعترف له بالشخصية القانونية، بما يشكّل انتهاكاً للمادة 16 من العهد.

٦-١٠ ويحتج صاحب البلاغ بأحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، التي تطالب الدول الأطراف بالعمل على أن تضمن للأفراد سبل انتصاف متاحة وفعالة وقابلة للإنفاذ من أجل إعمال الحقوق التي يكفلها العهد. وتُذكر اللجنة بأنها تولي أهمية لمسألة قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة للنظر في الشكاوى المتصلة بانتهاكات الحقوق المكفولة بموجب العهد ( ) . وتذكّر بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير فيه على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في ادعاءات حدوث انتهاكات قد يفضي، في حد ذاته، إلى إخلال آخر بأحكام العهد. وفي هذه القضية، أخطرت أسرة يوسف خليفاتي السلطات المختصة بأمر اختفائه، ولا سيما المدعي العام بمجلس قضاء الجزائر ووكيل الجمهورية بمحكمة دلس، غير أنه لم يتخذ أي إجراء في هذه الشكاوى ولم تجر الدولة الطرف أي تحقيق شامل وفعال ونزيه في أمر اختفائه. وفي البداية، نفت السلطات المختصة أنها ألقت القبض على الضحية (الفقرة 2-3)، ثم حصل صاحب البلاغ، من مصدر غير مباشر، على معلومات تفيد بأن يوسف خليفاتي قتل على يد قوات الأمن في تموز/يوليه 1994 (الفقرة 2-6)، من دون إجراء أي تحقيق في هذه الادعاءات ولا تسليم رفاة الضحية إلى أسرته. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف عمدت إلى الضغط على صاحب البلاغ لكي يعلن وفاة ابنه ولكي يكف عن السعي إلى معرفة الحقيقة والمطالبة بالعدالة بشأن مصير ابنه، بدلاً من إجراء تحقيق من ذلك القبيل. وعلاوة على ذلك، فإن استحالة اللجوء قانوناً إلى أي هيئة قضائية، بعد صدور الأمر رقم 06-01المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لا تزال تحرم صاحب البلاغ وأسرته من الوصول إلى أي سبيل انتصاف فعال، ذلك أن الأمر المذكور يمنع من اللجوء إلى العدالة لكشف ملابسات أشد الجرائم خطورة، مثل الاختفاء القسري (CCPR/C/DZA/CO/3، الفقرة 7). وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تبين حدوث انتهاك لأحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 6، والمواد 7 و9 و16 في حق يوسف خليفاتي ، وانتهاك لأحكام الفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 7، في حق صاحب البلاغ وأسرته.

٧- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تبين أن الدولة الطرف قد انتهكت أحكام الفقرة 1 من المادة 6 والمواد 7 و9 و10، و16 من العهد، وكذلك أحكام الفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 6، والمواد 7 و9 و16 من العهد في حق يوسف خليفاتي . وتخلص اللجنة أيضاً إلى انتهاك الدولة الطرف أحكام المادة 7، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2، في حق صاحب البلاغ وأسرته.

٨- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك من الدول الأطراف أن تجبر أي ضرر لحق بالأفراد الذين انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد جبراً كاملاً. والدولة الطرف ملزمة، في هذه القضية، بما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل وفعال ونزيه في اختفاء يوسف خليفاتي وتزويد صاحب البلاغ وأسرته بمعلومات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ و(ب) الإفراج عن يوسف خليفاتي فوراً إذا كان لا يزال محتجزاً بمعزل عن العالم الخارجي؛ و(ج) تسليم رفاة يوسف خليفاتي إلى أسرته إذا كان قد توفي؛ و(د) مقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ و(ه) تعويض صاحب البلاغ تعويض اً مناسباً عما تعرض له من انتهاكات، وكذلك يوسف خليفاتي إن كان لا يزال على قيد الحياة؛ و(و) اتخاذ التدابير المناسبة لترضية صاحب البلاغ وأسرته. وبصرف النظر عن الأحكام التي ينص عليها الأمر رقم 06-01، ينبغي للدولة الطرف أن تحرص على عدم انتهاك حق ضحايا جرائم كالتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري في سبيل انتصاف فعال. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف أن تنقح تشريعاتها وفقاً للالتزام المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 2، وأن تعيد النظر على وجه الخصوص في الأمر 06-01 بما يكفل ممارسة الحقوق المكرسة في العهد ممارسة كاملة في الدولة الطرف.

٩- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.