الأمم المتحدة

CAT/C/60/D/681/2015

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

30 June 2017

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة ٢٢ من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم ٦٨١/2٠١٥ * **

بلاغ مقدم من : م. ك. م. (تمثله المحامية ميكايلا بييرز )

المجني عليه المزعوم : صاحب الشكوى

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم الشكوى : ١٨ أيار/مايو ٢٠١٥ (الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد هذا القرار : ١٠ أيار / مايو ٢٠١٧

الموضوع : مخاطر إبعاد صاحب الشكوى إلى أفغانستان

المسائل الإجرائية : المقبولية - يبدو جليا ً عدم استناد الادعاء إلى أسس سليمة

المسائل الموضوعية : مخاطر التعرض للتعذيب في حالة الإبعاد إلى البلد الأصلي ( عدم الإعادة القسرية )

مواد الاتفاقية : ٣

١-١ صاحب الشكوى هو م. ك. م.، مواطن أفغاني ولد في ١٨ حزيران/ يونيه ١٩٨٥. وقد التمس اللجوء في أستراليا ورفض طلبه ويواجه مخاطر الطرد بالإكراه إلى أفغانستان ( ) . ويدّعي صاحب الشكوى أن إبعاده من أستراليا إلى سري لانكا يشكل انتهاكاً للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة. وقد أصدرت أستراليا الإعلان بموجب المادة 22 من الاتفاقية، في 28 كانون الثاني/يناير 1993. وتمثل صاحب الشكوى المحامية ميكايلا بييرز .

١-٢ وفي ٢٢ أيار/مايو ٢٠١٥، تصرفت اللجنة عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، وطلبت إلى الدولة الطرف الامتناع عن إبعاد صاحب الشكوى إلى أفغانستان ما دامت شكواه قيد نظر اللجنة. وفي 31 آذار/مارس ٢٠١٦، طلبت الدولة الطرف إلى اللجنة إلغاء طلبها المتعلق باتخاذ تدابير مؤقتة. وفي 12 أيار/مايو ٢٠١٦ تصرفت اللجنة عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، وقررت عدم الموافقة على طلب الدولة الطرف بأن تلغي اللجنة طلب التدابير المؤقتة.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

٢-١ صاحب الشكوى شخص ذو أصول اثنية طاجيكية، وهو مسلم من أتباع مذهب السنَّة. وقد وصل إلى أستراليا على متن مركب، في ١٣ آذار/مارس ٢٠١٠، بدون تأشيرة دخول صالحة، وأودع في مركز لاحتجاز المهاجرين ( ) . وفي 12 نيسان/أبريل ٢٠١٠، أجريت له مقابلة شخصية ابتدائية مع موظف في إدارة الهجرة وحماية الحدود. وفي ٢٣ أيار/ مايو ٢٠١٠، قدم صاحب الشكوى طلبا ً من أجل تقييم وضعه كلاجئ.

٢-٢ وفي 14 أيلول/سبتمبر ٢٠١٠، قرر أحد موظفي الوزارة أن صاحب الشكوى ليس لاجئا ً ، ولذلك لا يعتبر شخصا ً يجب أن تلتزم أستراليا بتوفير الحماية له. ووفقا ً لعملية الاستئنافات المعمول بها، قدم صاحب الشكوى، في ٢٢ أيلول/سبتمبر ٢٠١٠، طلبا ً منفصلا ً لإجراء فحص للأسس الموضوعية ( ) . وفي ٣٠ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، أجرى مراجع تقييما ً مستقلا ً للأسس الموضوعية لادعاءات صاحب الشكوى. وفي ٦ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١، أمَّن المراجع على القرار الأولي لموظف الوزارة، وخلص إلى أن صاحب الشكوى لا يستحق الحماية.

٢-٣ واستأنف صاحب الشكوى قرار المراجع أمام المحكمة الجزئية الاتحادية في أستراليا (التي أعيدت تسميتها، في نيسان/أبريل ٢٠١٣، لتصبح محكمة الدائرة الاتحادية). وفي ١ حزيران/ يونيه ٢٠١٢، وجدت المحكمة أن المراجع لم يكفل لصاحب الشكوى العدالة الإجرائية إذ لم يستمع إلى رأيه بشأن الحالة، ولذلك حقَّ لصاحب الشكوى الحصول على استعراض جديد لطلبه.

٢-٤ وفي 13 آب/أغسطس 2012، أبلغ أحد موظفي إدارة الهجرة وحماية الحدود صاحب الشكوى بأن تعديلات قد أدخلت على قانون الهجرة، في 24 آذار/مارس 2012، وأنها تتيح له إمكانية طلب " حماية تكميلية " ( ) . وأُبلِغ صاحب الشكوى بأن الاستعراض المستقل لحالته اكتمل قبل 24 آذار/مارس 2012، وأن المراجعين لم ينظروا في طلبه بناء على معيار " الحماية التكميلية " الجديد. وأبلغ الموظف صاحب الشكوى بأنه لم يستوف الشروط الواردة في المبادئ التوجيهية لإحالة طلبات الحماية بعد عملية الاستعراض إلى الوزير للنظر فيها، وأن طلبه لم يقدَّم إلى الوزير من أجل تقييم جديد، لتحديد ما إذا كان السماح له بتقديم طلب للحصول على تأشيرة حماية يخدم المصلحة العامة.

٢-٥ وفي 22 تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢، أجرى مراجع مستقل استعراضا ً ثانيا ً للأسس الموضوعية لمطالب صاحب الشكوى المتعلقة بالحصول على الحماية. وفي ٢٥ تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠١٢، اتضح للمراجع أنه لا يحق لصاحب الشكوى الحصول على الحماية، سواء في إطار الاتفاقية المتعلقة بمركز اللاجئين أو بموجب التزامات الحماية التكميلية.

٢-٦ وفي ٢٣ كانون الثاني/يناير ٢٠١٣، طعن صاحب الشكوى مرة أخرى في قرار المراجع المستقل بشأن استعراض الأسس الموضوعية أمام محكمة الصلح الاتحادية. وفي ١٣ شباط/ فبراير ٢٠١٣، قدم صاحب الشكوى طلب تدخل وزاري، من أجل أن يمارس الوزير سلطته التقديرية ويمنحه تأشيرة حماية. واتضح أن صاحب الشكوى لا يستوفي معايير المبادئ التوجيهية لإحالة الطلبات إلى الوزير، ورفِض طلبه. وفي ٢٧ حزيران/ يونيه ٢٠١٣، رفضت محكمة الدائرة الاتحادية استئناف صاحب الشكوى المقدم في ٢٣ كانون الثاني/يناير ٢٠١٣. ولا يجوز تقديم استئناف آخر.

٢-٧ ويدعي صاحب الشكوى أنه يخاف من حركة الطالبان بسبب أصله الإثني ومذهبه الديني. ويدعي أيضا ً أن حركة الطالبان اتهمته بالعمل لصالح حكومة أجنبية واشتبهت في أنه متورط في إعداد تفجير انتحاري كشِف عنه في ١٩ تموز/يوليه ٢٠٠٨، حينما اعتقلت السلطات اثنين من الانتحاريين المزعومين أمام متجر صاحب الشكوى المسمى ‘ دكان سيد كاكا‘، قرب محطة دياكاكا الإذاعية. ويدعي صاحب الشكوى أنه تلقى اتصالا ً هاتفيا ً من حركة الطالبان، بعد ١٠ أيام من تلك الحادثة. وبعد خمسة أيام أخر، تلقى صاحب الشكوى اتصالا ً هاتفيا ً من شخص آخر، طلب إليه الذهاب إلى المسجد في مقاطعة أندار في محافظة غازني، لكنه رفض. وبعد بضعة أيام من ذلك التهديد الهاتفي، في ميداني حيردار أباد، اعترض أربعة رجال مسلحين طريقه هو ووالده، حيث اعتدوا عليهما واختطفوهما؛ ووضعوهما في قبو صغير لا تتعدى مساحته 4 أمتار في 4 أمتار، مع ثلاثة محتجزين آخرين: مصور تلفزيوني ومترجم وسائق تابع لإحدى المنظمات الأجنبية. ويدَّعى أن صاحب الشكوى ووالده خضعا للاستجواب والتعذيب لمدة خمسة أشهر تقريبا ً . ويدَّعى أيضا ً أن الملا غول يان أصدر أمرا ً بقتل والد صاحب الشكوى والمصور، بعد حوالي شهر من بداية الاحتجاز ( ) . وشاهد صاحب الشكوى الجناة وهم يقطعون رأس المصور ثم رأس أبيه ( ) . وبعد عدة أسابيع إضافية من الاحتجاز، اقتيد صاحب الشكوى إلى المقر الرئيسي لحركة الطالبان في مقاطعة باكتيكا . وقد تمكن من الفرار بينما كان ينفذ مهمة لحركة الطالبان في كابول ( ) .

٢-٨ وصار صاحب الشكوى خائفا ً على حياته وسلامته في إثر ما تعرض له من اعتداءات بدنية ونفسية وتعذيب حينما قبض عليه واحتجز لدى حركة الطالبان في عام ٢٠٠٨، وعندما شاهد عملية قطع رأس أبيه وأحد المحتجزين الآخرين. ويقول إنه لم يتمكن من الحصول على أية حماية من السلطات الأفغانية لأن حركة الطالبان تسللت إلى صفوفها على جميع المستويات. ولذلك قرر مغادرة أفغانستان إلى أ ستراليا، وهو ما فعله في آذار/مارس ٢٠١٠. ويدعي صاحب الشكوى أنه لن يستطيع الحصول على حماية فعالة من ا لأخطار التي تهدد حياته من قِبل جهات فاعلة من غير الدول، إذا رجع بسبب الفشل في الحصول على اللجوء. ويشير في هذا الصدد، إلى تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، في عام ٢٠١١، تصف فيه المنظمة تدهور الأوضاع في أفغانستان وتؤكد أن المخاطر الأمنية التي يواجهها العائدون حقيقية ( ) . ويشير صاحب الشكوى أيضا ً إلى روايات لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (المفوضية السامية) عن انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، التي يرجح استمرارها وقد تتفاقم عقب رحيل قوات الأمن الدولية ونقل المسؤوليات إلى النظراء الأفغان ( ) . وعلاوة على ذلك، يشير صاحب الشكوى إلى تقييمات مركز إدموند رايس التي تتحدث عن كثرة العواقب الوخيمة، التي تشمل تعرض طالبي اللجوء العائدين إلى التهديد والاعتداء، وهو ما أكدته بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان ( ) . ويدفع صاحب الشكوى بأن انعدام الحماية المناسبة وافتقار ملتمسي اللجوء الأفغان المبعدين إلى الدعم أو المساعدة على الاندماج، يعرضهم لمخاطر مواجهة عواقب سلبية خطيرة، بما في ذلك تدهور صحتهم العقلية واحتمال تعرضهم إلى مشاكل صحة عقلية حادة ( ) .

٢-٩ ويدعي صاحب الشكوى أنه استنفد وسائل الانتصاف المحلية وأن هذه المسألة نفسها لم ينظر ولا يجري النظر فيها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

الشكوى

٣-١ يدعي صاحب الشكوى أنه سيجري التعرُّف عليه إذا أعيد قسرا ً إلى أفغانستان، وسيتعرض للاضطهاد وربما القتل عند عودته، باعتباره هاربا ً من حركة الطالبان، نظرا ً إلى أنه شاهد الكثير من أنشطتها ورأى وجوه كثيرين من أعضائها أثناء فترة احتجازه لديها. ويدعي أن تلك التهديدات تصل إلى حد التعذيب.

٣-٢ ويدّعي صاحب الشكوى في ذلك الصدد، أن السلطات الأفغانية غير راغبة في، أو غير قادرة على، حمايته من الاضطهاد والتعذيب، اللذين يقر بأنه سيتعرض لهما بالضرورة على أيدي جهات فاعلة من غير الدول بشكل رئيسي. وهو يخشى أن يواجه مخاطر شديدة بأن يتعرض للتعذيب وإساءة المعاملة، بشكل مماثل لما تعرض له من ضرب واضطهاد بعد أن شاهد اعتقال اثنين من الانتحاريين خارج متجره، في تموز/يوليه ٢٠٠٨، وللتعذيب الذي تعرض له أثناء احتجازه لدى حركة الطالبان لعدة أشهر، مع والده. ويشير صاحب الشكوى أيضا ً إلى أنه شاهد قطع رأس أبيه ورأس شخص محتجز آخر. ونظرا ً إلى ما تعرض له صاحب الشكوى من أذى بدني وعقلي شديد وخطير أثناء احتجازه لدى حركة الطالبان، فقد أصيب باضطرابات عقلية، تشمل الإجهاد الذي يعقب الصدمة (ان ظر الفقرات ٤-٨ و٤-١١ و ٦-٤ أدناه) .

٣-٣ ويضيف صاحب الشكوى أنه يخشى التحرش والاضطهاد والتعذيب على أيدي السلطات الأفغانية، باعتبار أنه شخص عائد بعد فشله في الحصول على اللجوء، وأنه ظل مقيما ً في بلد غربي منذ عام ٢٠١٠. ويدفع صاحب الشكوى في ذلك الصدد، بأن الأفغان المبعدين لا يجدون شيئا ً عند عودتهم: فلا مدارس ولا مساعدة طبية ولا مياه في أفغانستان. وليس لصاحب الشكوى أية روابط أسرية حميمة متبقية في أفغانستان ( ) . وهو يخشى أن يعرضه عدم وجود الدعم الضروري من أسرته وأقاربه إلى مخاطر أكبر، فيكتشف وجوده ويتعرض للاضطهاد من قبل حركة الطالبان أو أطراف أخرى.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٤-١ قدمت الدولة الطرف، في 10 كانون ال أ ول/ديسمبر 2015، ملاحظات بشأن مقبولية الشكوى وأسسها الموضوعية.

٤-٢ وتفيد الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب الشكوى غير مقبولة لافتقارها الواضح إلى أي أساس. وترى أن مسؤولية صاحب الشكوى تجاه شكواه هي إقامة قضية ظاهرة الوجاهة لأغراض المقبولية، وهو ما فشل فيه صاحب الشكوى. وإذا رأت اللجنة أن هذه الادعاءات مقبولة، فإن الدولة الطرف تدفع بأنها ادعاءات تفتقر إلى الأسس الموضوعية، حيث لا توجد أدلة داعمة تثبت أن صاحب الشكوى سيواجه خطرا ً " متوقعا ً وحقيقيا ً وشخصيا ً بالتعرض للتعذيب " ( ) .

٤-٣ وتؤكد الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب الشكوى دُرِست بشكل وافٍ من خلال سلسلة من العمليات المحلية، تشمل تقييم مركز اللاجئين، وعن طريق استعراض مستقل للأسس الموضوعية وفي محكمة الدائرة الاتحادية ( ) ، وأنها خضعت لمراجعة قضائية من قبل محكمة الدائرة الاتحادية والمحكمة الاتحادية في أستراليا. واتضح من خلال عمليات تمحيص محلية دقيقة أن ادعاءات صاحب الشكوى تفتقر إلى المصداقية، ولا تندرج تحت التزامات الدولة الطرف بعدم الإعادة القسرية. وعلى وجه الخصوص، جرى تقييم ادعاءات صاحب الشكوى بم وجب الأحكام الواردة في الفصل ٣٦( 2) ( أأ ) من قانون الهجرة لسنة 1958 بشأن الحماية التكميلية، التي تجسد التزامات عدم الإعادة القسرية، على النحو المنصوص عليه في المادة ٣ من الاتفاقية.

٤-٤ وترى الدولة الطرف كذلك أن صاحب الشكوى لم يقدم إلى اللجنة أيّة ادعاءات جديدة ذات مصداقية ولم يسبق النظر فيها من خلال الإجراءات المحلية الإدارية والقضائية بصورة فعالة وشاملة. وتشير الدولة الطرف إلى اجتهادات اللجنة القضائية التي تفيد بأن اللجنة ليست هيئة استئناف أو هيئة قضائية، وأنها لذلك تعطي وزنا ً كبيرا ً للحيثيات الوقائعية التي توفرها أجهزة الدولة الطرف ( ) . وتطلب إلى اللجنة القبول بأن ادعاءات صاحب الشكوى قد خضعت لتقييم دقيق من خلال الإجراءات المحلية للدولة الطرف، ومن ثم خلصت الدولة الطرف إلى أنها ليست ملزمة بأن توفر تدبير حماية آخر بموجب الاتفاقية لصاحب الشكوى. وتؤكد الدولة الطرف أنها تأخذ التزاماتها بموجب الاتفاقية على محمل الجد وتنفذها بحسن نية من خلال إجراءاتها المحلية المتعلقة بالهجرة.

٤-٥ وتقول الدولة الطرف أيضا ً إنها استعرضت المواد التي قدمها صاحب الشكوى وأن هذه المواد لا تشكل أسسا ً إضافية توضح أن صاحب الشكوى يواجه مخاطر متوقعة وحقيقية وشخصية بالتعرض للتعذيب إن عاد إلى أفغانستان. وقد محَّصت جميع السلطات المحلية بعناية المسائل التي أثارها صاحب الشكوى بشأن انتهاكات حقوق الإنسان ومخاطر التعذيب التي سيواجهها إذا رجع إلى أفغانستان بوصفه ملتمس لجوء فشل في مبتغاه. وخلصت تلك السلطات إلى أنه لا توجد أسباب قوية للاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه مخاطر تعذيب حقيقية وشخصية إذا عاد إلى أفغانستان.

٤-٦ ويتضح من الوثائق المودعة في الملف أن إدارة الهجرة وحماية الحدود قد قبلت، في سياق تقييم مركز اللاجئ، وعلى الرغم من بعض الشواغل المتعلقة بالمصداقية، الادعاء بأن " حركة الطالبان تؤمن بأن صاحب الشكوى مسؤول عن هجوم انتحاري فاشل كان من المقرر أن ينفذه اثنان من العناصر الانتحارية قرب متجره، وأن صاحب الشكوى ووالده قد اختطِفا وعذِبا من قبل حركة الطالبان على مدى عدة أشهر، وأن صاحب الشكوى شاهد قطع رأس والده، وأنه هرب من قبضة الطالبان، وأن لديه بالتالي مخاوف ذاتية بشأن العودة إلى أفغانستان بعد أن فر منها " . بيد أن الإدارة خلصت إلى أن صاحب الشكوى لن يتعرض للاضطهاد بسبب أصله الاثني الطاجيكي ، وأنه يستطيع في حدود المعقول الانتقال للإقامة في منطقة أخرى في أفغانستان، بما في ذلك كابول، وأنه لذلك ليس لديه مخاوف حقيقية بأن يتعرض للأذى. وخلصت الإدارة إلى أن مخاوف صاحب الشكوى بشأن التعرض للاضطهاد، على النحو المحدد في الاتفاقية المتعلقة بمركز اللاجئين، لا تستند إلى أسس قوية.

٤-٧ وقد قُيّمت ادعاءات صاحب الشكوى في إطار الأحكام المتعلقة بالحماية التكميلية في قانون الهجرة، أثناء الاستعراض المستقل للأسس الموضوعية ومن خلال الإجراءات المحلية اللاحقة. وقد أعرب الاستعراض عن عدة شواغل بشأن مصداقية ادعاءات صاحب الشكوى. وخلص إلى أنه لا يواجه خطرا ً حقيقيا ً بالتعرض للاضطهاد من قبل حركة الطالبان في أفغانستان، ورفض ادعاءاته بشأن الهجوم الانتحاري والقبض عليه عقب ذلك على يد حركة الطالبان.

٤-٨ وأعقب قرار المحكمة الجزئية الاتحادية، إلغاء أول استعراض مستقل للأسس الموضوعية بسبب خطأ إجرائي، لأنه لم يكفل لصاحب الشكوى العدالة الإجرائية ( ) . وفي الاستعراض المستقل الثاني، فحص المراجع قدرة صاحب الشكوى على تقديم أدلة، ونظر أيضا ً في الأدلة المقدمة من دائرة نيو ساوث ويلز لعلاج وتأهيل الناجين من التعذيب والصدمات وقرر أن صاحب الشكوى يعاني من الإجهاد الذي يعقب الصدمة. وبرغم أن المراجع خلص إلى أن صاحب الشكوى استطاع تقديم أدلة مفيدة، إلا أنه ذكر أن عدم اتساق الأدلة أو تأخر تقديم المطالبات الجديدة قد يكون لهما تأثير على مصداقية أ قوال صاحب الشكوى. ورأى المراجع أن صاحب الشكوى لن يواجه مخاطر حقيقية بالتعرض للاضطهاد أو إساءة المعاملة في حالة إبعاده إلى أفغانستان. ولم يقبل الادعاء بأن صاحب الشكوى كان مستهدفا ً من قِبل حركة الطالبان باعتباره متعاونا ً مع السلطات أو مع قوات أجنبية، ورأى أنه لا يثر اهتمام حركة الطالبان بشكل مستمر. ولم يقبل أيضا ً الادعاء بأن صاحب الشكوى سيكون مستهدفا ً عند عودته إلى أفغانستان باعتباره طالب لجوء سابق في أستراليا.

٤-٩ وفي ٢٧ آذار/مارس ٢٠١٤، رفضت محكمة الدائرة الاتحادية الأسترالية طلب صاحب الشكوى إجراء مراجعة قضائية، نظرا ً إلى أن المراجع قد طبق الاختبارات المتعلقة بالحماية التكميلية على الوقائع التي وجدها وقد كان بذلك عادلا ً من الناحية الإجرائية.

٤-١٠ وفي ٦ آب/أغسطس ٢٠١٤، رفضت محكمة أستراليا الاتحادية طعن صاحب الشكوى في قرار محكمة الدائرة الاتحادية. واستأنف صاحب الشكوى لدى المحكمة الاتحادية مدعيا ً أن القاضي الابتدائي قد أخطأ عندما خلص إلى أن المراجع طبق الاختبارات الصحيحة لتقييم ما إذا كان صاحب الشكوى مستوفيا ً لمعايير الحماية التكميلية. وقد قبل المراجع الادعاء بأن حركة الطالبان قد أساءت معاملة صاحب الشكوى، لكنه رفض ادعاءه بأنه كان مستهدفا ً من قِبل الحركة. وعليه، خلص المراجع إلى أن صاحب الشكوى لن يكون موضع اهتمام كبير لدى حركة الطالبان إذا رجع إلى أفغانستان، وأنه لا توجد مخاطر حقيقية بأنه سيتعرض لضرر جسيم. وخلصت المحكمة الاتحادية إلى أنه لا يوجد أساس موضوعي لادعاء صاحب الشكوى أن المراجع قد أخطأ حين طبّق نتائج استعراض الوقائع في ما يتصل بالمعايير الواردة في الاتفاقية المتعلقة بمركز اللاجئين عند نظره في مسألة معايير الحماية التكميلية. ولاحظت أيضا ً أن صاحب الشكوى لم يثبت حدوث أي خطأ من جانب القاضي الابتدائي أو المراجع، ورفضت الاستئناف. بيد أن المحكمة أشارت أيضا ً إلى أنه: " يصعب ألا ينشأ قدر محسوس من التعاطف مع مقدم الاستئناف " . فقد تبين أنه تعرض لمعاناة كبيرة على يد حركة الطالبان في أفغانستان؛ حيث تعرض هو نفسه للتعذيب، وشاهد قطع رأس أبيه وغير ذلك من الأعمال الوحشية لحركة الطالبان. ولا غرابة إذا اتضح أن لديه خوف حقيقي من العودة إلى أفغانستان. وبرغم ذلك، فقد قيَّم موظف حكومي ومراجع حالته وقررا أنها ليست ملزمة لأستراليا بتوفير الحماية له. ويرجع ذلك أساسا ً إلى أن الموظف والمراجع معا ً يعتبران أن عودة المستأنف إلى كابول ستكون آمنة. وفي غضون تنفيذ هذه العملية الإدارية، قضى المستأنف سنتين في مراكز احتجاز المهاجرين. وقد أطلق سراحه مؤخرا ً لينضم إلى المجتمع المحلي حيث يعمل الآن. ... ويرجّح أن يعاد المستأنف إلى أفغانستان. وهذه نتيجة قاسية للمستأنف بجميع المقاييس. ولابد أن يصعب فهمها عليه (وربما على كثيرين غيره). ومع ذلك، وأيا ً كان اعتقاد المرء بشأن النتيجة، وبرغم أي تعاطف مع المستأنف في جميع الظروف، فإنه لم يثبت وجود أي خطأ قانوني في ذلك الاستعراض. ولا يوجد أساس قانوني لإلغائه " .

٤-١١ وفي أعقاب ذلك، قدم صاحب الشكوى طلبين لتقييم مطالباته التي قدمها بعد الاستعراض بشأن الحماية، وأرفقهما بطلب موجه إلى الوزير كي يمنحه تأشيرة لأغراض المصلحة العامة. وقررت إدارة الهجرة وحماية الحدود أن مطالبات صاحب الشكوى بشأن الحماية قد درِست بشكل ضافٍ في العملية الثانية المستقلة لاستعراض الأسس الموضوعية، وأن صاحب الشكوى لم يقدم أية معلومات جديدة ذات مصدا قية منذ ذلك الوقت تستدعي إحالة المسألة إلى الوزير للنظر فيها. وفيما يتعلق بالشواغل الإنسانية والصحية المحتملة لصاحب الشكوى، قررت الإدارة أنه لا توجد ظروف فريدة واستثنائية في حالته. وعليه لا تستوفي حالة صاحب الشكوى متطلبات المادة ١٩٥ ألف من المبادئ التوجيهية كي تحال إلى الوزير. غير أنه، وفقا ً لقرار الإدارة المؤرخ ٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤، " حدث تدهور في صحة صاحب الشكوى النفسية منذ عام ٢٠١٢، في ما يتصل تحديدا ً بمشاهدة قتل والده وبقائه فترة طويلة في مراكز احتجاز المهاجرين، في إثر الأخطاء المعترف بها في التقييم السابق لحالته من خلال الاستعراض المستقل الأول للأسس الموضوعية " . وفي ١٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤، أجرت إدارة الخدمات البشرية، عن طريق قرار حالة معقدة، تقييما ً لحالة صاحب الشكوى خلصت فيه إلى أن طلبه إجراء تقييم بموجب المادة ١٩٥ ألف لا يستوفي معايير المبادئ التوجيهية للإحالة إلى الوزير. وتشير سجلات الإدارة في ذلك الصدد، إلى أن صاحب الشكوى يخضع لعملية رعاية صحية وبدنية وعقلية مستمرة تحت رقابة الصليب الأحمر الأسترالي، وقد كشف عليه طبيب أعصاب في ٢٧ آب/أغسطس ٢٠١٤، بسبب إصابته بحالة تشنج وفقدان للوعي. ويشير التقرير إلى أن صاحب الشكوى يعاني من القلق والاكتئاب والإجهاد الذي يعقب الصدمة، وأنه يتلقى مساعدة من صندوق الدعم المجتمعي من أجل الخدمات الطبية، ولديه إمكانية الحصول على العلاج الطبي على النحو الواجب. وعلى الرغم من تدني حالة خدمات الرعاية المتعلقة بالصحة العقلية في أفغانستان بالمقارنة مع غيرها، فإنه " ليس معروضا ً على الإدارة ما يشير إلى أن صاحب الشكوى سيحرم من الرعاية الطبية أو العلاج لأي سبب، أو أن حالته/ظروفه سترفع عنصر المخاطرة على نحو يعرضه إلى الإصابة بأضرار خطيرة أو جسيمة في أفغانستان في حدود المستقبل المنظور على مدى مقبول " .

٤-١٢ وفيما يتعلق بإشارة صاحب الشكوى في بياناته إلى مقالات وتقارير إعلامية مختلفة، دعما ً لادعاءاته بشأن مخاطر تعذيب العائدين وملتمسي اللجوء الفاشلين، وبشأن فشل الحكومة الأفغانية في توفير الحماية من التعذيب، تؤكد الدولة الطرف أن وجود مخاطر عنف عامة لا يشكل في حد ذاته سببا ً كافيا ً للجزم بأن شخصا ً معينا ً سيكون عرضة للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد. ويجب أن تكون هناك أسباب إضافية تبين أن الفرد المعني سيتعرض شخصيا ً للمخاطر ( ) . وقد استعرضت الدولة الطرف المواد التي قدمها صاحب الشكوى ولا ترى أنها تشكل مثل هذه الأسباب.

الملاحظات الإضافية للدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٥-١ في ٣١ آذار/مارس ٢٠١٦، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية. وترى الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب الشكوى بشأن مخاطر إصابته بضرر لا يمكن إصلاحه لا يوجد ما يؤيدها، وتطلب إلى اللجنة أن تلغي طلب اتخاذ تدابير مؤقتة، وتعجل النظر في الحالة. وبعد أن أجرت الدولة الطرف تقييماتها في سياق سياسة طلب التدابير المؤقتة، تؤكد مجددا ً أنه لم تظهر أية معلومات جديدة ذات مصداقية في رسائل صاحب الشكوى ومن ثم لا توجد أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه سيواجه مخاطر حقيقية بالتعرض للتعذيب إذا أعيد إلى أفغانستان.

٥-٢ وتشير الدولة الطرف إلى الإجراءات الداخلية الشاملة، بما في ذلك استعراض الأسس الموضوعية من قِبل محكمة مراجعة قضايا اللاجئين، والمراجعة القضائية لدي محكمة الدائرة الاتحادية والمحكمة الاتحادية الأسترالية، وتقديم طلب إلى وزير الهجرة وحماية الحدود من أجل استخدام سلطته التقديرية للتدخل لصالح طلب تأشيرة غير موفق. وتؤكد مجددا ً أن العمليات المحلية خلصت بشكل منهجي إلى أنه لا يحق لصاحب الشكوى الحصول على حماية بموجب الاتفاقية المتعلقة بمركز اللاجئين أو على حماية ثانوية، وأن التزامات الدولة الطرف المتعلقة بعدم الإعادة القسرية، بما في ذلك التزاماتها بموجب المادة ٣ من الاتفاقية، لم يُحتكَم إليها فيما يتعلق بصاحب الشكوى.

٥-٣ وإذا قررت اللجنة عدم إلغاء طلب التدابير المؤقتة، تطلب الدولة الطرف النظر في الشكوى في حينها وعلى أساس أنها ليست معقدة وأن الوثائق مكتملة، وأن جميع الإجراءات المحلية قد استنفدت.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

٦-١ وفي ١١ نيسان/أبريل ٢٠١٦، قدم صاحب الشكوى تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. ويدفع صاحب الشكوى بأن استعراض الأسس الموضوعية للحالة من جانب الدولة الطرف لم يكن " فعالا ً وشاملا ً" ، نظرا ً إلى أن العملية أجريت في إطار نظام عرفي خارج نطاق أحكام قانون الهجرة لسنة ١٩٥٨، وعلى يد صناع قرارات ومتعاقدين تابعين للإدارات المختصة. ويدعي صاحب الشكوى أن الاستعراض المستقل الثاني للأسس الموضوعية لم يتناول أحكام الحماية التكميلية سوى في أربع فقرات، ولذلك لا يمكن اعتباره استعراضا ً فاع لا ً وشاملا ً .

٦-٢ ويرى صاحب الشكوى كذلك أنه حرم من فرصة إجراء استعراض مستقل " فعّال وشامل " للأسس الموضوعية لحالته على يد محكمة الاستئناف الإدارية، عملا ً بالنظام القانوني في قانون الهجرة لعام ١٩٥٨. وتقتصر المراجعة القضائية في الدولة الطرف على نطاق ضيق جدا ً للبحث في ما إذا كان صناع القرارات الإدارية قد ارتكبوا أي خطأ قانوني. ولا يسمح باستعراض الأسس الموضوعية في إطار المراجعة القضائية. ولم تقيّم المحاكم ما إذا كان صاحب الشكوى لاجئا ً أو مستوفيا ً لشروط الاستفادة من أحكام الحماية التكميلية.

٦-٣ وعلاوة على ذلك، وفي سياق التقييم الذي أجري في ٨ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤ لطلبات الحماية المقدمة بعد الاستعراض، والتقييم الذي أجري في ٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤ للمبادئ التوجيهية لتقديم الالتماسات إلى الوزير، لم ينفذ موظف الوزارة المختص بالتدخل، والذي لم يذكر اسمه، أي تقييم لالتزامات البلد المتعلقة بعدم الإعادة القسرية، واكتفى فقط بالنظر في ما إذا كانت الاستنتاجات السابقة لصناع القرارات الداخليين لا تزال صالحة.

٦-٤ ويعترض صاحب الشكوى أيضا ً على حجة الدولة الطرف بأنه لم يقدم أدلة على نشوء ظروف جديدة، مؤكدا ً أنه قد فعل ذلك. وقد ذكر مجلس طائفة الهزاره في أستراليا، في رسالته المؤرخة ٨ شباط/فبراير ٢٠١٣، أن أحد أعضاء البرلمان الأفغاني قد أجرى استعراضا ً للحالة وأثبت أن والد صاحب الشكوى قد اغتيل على يد حركة الطالبان، بدعوى التجسس لصالح السلطات الأفغانية. وبالإضافة إلى ذلك، يقر الكثيرون على نطاق واسع بافتقار أفغانستان إلى خدمات الرعاية الصحية العقلية. وبينما رأى صناع القرار المكلفين بحالة صاحب الشكوى أنه لن يحرم من خدمات الرعاية الطبية في أفغانستان، إلا أنهم لم ينظروا في مسألة وجود الإمكانية الفعلية لعلاج حالة صحته العقلية في أفغانستان، ولم يقيّموا ما إذا كان انعدام إمكانية العلاج ستنشأ عنه معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. ولذلك يطلب صاحب الشكوى إلى اللجنة عدم إلغاء طلب التدابير المؤقتة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٧-١ قبل النظر في أي شكوى مقدَّمة في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، وفق مقتضيات المادة 22 (5)(أ) من الاتفاقية، من أن هذه المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولية أو التسويات الدولية.

٧-٢ وتشير اللجنة إلى إفادة الدولة الطرف بأنه يبدو جليا ً أن البلاغ يستند إلى أسس ضعيفة، وأن صاحب الشكوى لم يثبت وجود مخاطر بأنه شخصيا ً سيتعرض للتعذيب إذا عاد إلى أفغانستان، والبلاغ لذلك غير مقبول وفقا ً للمادة ١١٣ (ب) من نظام اللجنة الداخلي. وتشير اللجنة إلى أنه يجب أن يفي البلاغ بالمتطلبات الأساسية لإقامة الدليل لأغراض المقبولية كي يكون مقبولا ً بموجب الم ادة ٢٢ من الاتفاقية والمادة ١١٣ (ب) من نظام اللجنة الداخلي ( ) . وترى اللجنة أن صاحب الشكوى قدم تفاصيل وافية للوقائع والأساس الذي تستند إليه ادعاءاته بموجب المادة ٣ من الاتفاقية كي تتمكن اللجنة من اتخاذ قرار، ولذلك ترى أن ادعاءاته مدعومة بأدلة كافية لأغراض المقبولية.

٧-٣ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تطعن في مقبولية الشكوى على أية أسس أخرى، ولذلك لا ترى أية عقبات أمام مقبولية البلاغ. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة أن هذا الادعاء مقبول وستباشر النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٨-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان المعنيان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

٨-٢ والمسألة المعروضة على اللجنة في هذه الحالة هي تحديد ما إذا كان إبعاد صاحب الشكوى إلى أفغانستان سيشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 (1) من الاتفاقية، أي عدم إبعاد أو إعادة أي شخص إلى دولة أخرى في حالة وجود أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه سيواجه مخاطر التعرض للتعذيب في تلك الدولة.

٨-٣ ويجب على اللجنة أن تقيّم ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية للاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه شخصيا ً خطر التعذيب عند عودته إلى أفغانستان. ويجب على اللجنة، لأغراض تقييم هذه المخاطر، أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملا ً بالفقرة ٣ (2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط منهجي من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. إلا أن اللجنة تذكّر بأن الهدف المتوخى من عملية التحديد هو ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً مخاطر منظورة وحقيقية بالتعرض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه ( ) . فوجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان لا يشكّل في حد ذاته سبباً كافياً لكي تقرر اللجنة أن شخصاً معيناً سيواجه مخاطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى البلد المعني. ولا بد من استنباط أسباب أخرى توضح أن الفرد المعني سيتعرض شخصياً للمخاطر. وبالمقابل، لا يعني عدم وجود نمط منهجي من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أن الشخص المعني قد لا يواجه مخاطر التعرض للتعذيب في ظل الظروف المحددة الخاصة به ( ) .

٨-٤ وتذكر اللجنة أيضا ً بتعليقها العام رقم ١ وتؤكد مجددا ً أن وجود مخاطر التعذيب يجب أن يقيَّم على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. وبرغم أنه لا يشترط أن تكون احتمالات المخاطر عالية ( ) ، فإن عبء الإثبات يقع بصفة عامة على عاتق صاحب الشكوى، الذي يجب أن يقدم حالة يمكن الدفاع عنها وتثبِت أنه يواجه " مخاطر منظورة وحقيقية وشخصية " ( ) . وتعطي اللجنة وزناً كبيراً للنتائج المتعلقة بالوقائع التي تخلص إليها الأجهزة المعنية في الدولة الطرف، وإن كانت في ذات الوقت غير ملزَمة بتلك النتائج، بل تخوِّل لها الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية سلطة التقييم الحر للوقائع بالاستناد إلى مُجمَل ملابسات كل قضية على حدة ( ) .

٨-٥ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب الشكوى أنه احتجز وعذب من قِبل حركة الطالبان لمدة خمسة أشهر تقريبا ً في عام ٢٠٠٨، بسبب أصوله الاثنية ومذهبه الديني، ولأن الحركة اتهمته بالعمل لصالح حكومة أجنبية واشتبهت في تورطه في إعداد تفجير انتحاري. وتلاحظ اللجنة أيضا ً ادعاء صاحب الشكوى أنه شاهد قطع رأس أبيه وأحد المحتجزين الآخرين، مما سبب له صدمة كبيرة؛ وأن السلطات الأفغانية ستكون غير راغبة أو غير قادرة على حمايته من الاضطهاد والتعذيب إذا عاد إلى أفغانستان، نظرا ً إلى أن سلطاتها مخترقة من قِبل حركة الطالبان على جميع المستويات (انظر الفقرة ٢-٨ أعلاه)؛ وأن حالته قد شخصت، بعد وصوله إلى أستراليا، على أنه مصاب بالقلق والاكتئاب والإجهاد الذي يعقب الصدمة، وأن هذه الاضطرابات تفاقمت بسبب طول مدة حبسه في مراكز احتجاز المهاجرين بالدولة الطرف، مع الإقرار بذلك. وتلاحظ اللجنة كذلك أنه لن يكون متاحا ً في أفغانستان علاج مناسب لاستيفاء احتياجات صاحب الشكوى، بجانب أن حالته النفسية قد تدهورت منذ عام ٢٠١٢؛ ويعزي ذلك في المقام الأول إلى مشاهدته مقتل والده وإقامته لفترة طويلة في مراكز احتجاز المهاجرين، في أعقاب أخطاء معترف بها حدثت في أول تقييم لحالته من خلال استعراض مستقل للأسس الموضوعية (انظر الفقرة ٤-١١ أعلاه) وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب الشكوى أن صنّاع القرار في الدولة الطرف لم ينظروا في مدى إمكانية علاج اضطرابات صحته العقلية في أفغانستان، وما إذا كان الافتقار إلى العلاج المناسب سيكون بمثابة معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة في مثل هذه الحالة. ولم تعترض الدولة الطرف على هذه الادعاءات، التي شكلت ظروفا ً جديدة داعمة لمطالبات الحماية التكميلية التي قدِمت عقب عمليات استعراض الأسس الموضوعية.

٨-٦ وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يقدم ما يدعم ادعاءه بأنه سيواجه مخاطر حقيقية وشخصية بالتعرض للتعذيب إذا عاد إلى أفغانستان، وأن مخاطر العنف العام لا تشكل سببا ً كافيا ً للجزم بأن شخصا ً معينا ً سيواجه خطر التعذيب إن أبعِد. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على ادعاءات صاحب الشكوى بشأن تعرضه لمخاطر التعذيب أو إساءة المعاملة إن عاد بوصفه ملتمس لجوء فشل في مسعاه، وأن حكومة أفغانستان ستعجز عن توفير الحماية له من التعذيب. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن إدارة الهجرة وحماية الحدود في الدولة الطرف خلُصت إلى أن صاحب الشكوى يستطيع في حدود المعقول الانتقال للإقامة في منطقة أخرى في أفغانستان، بما في ذلك مدينة كابول، بينما قبلت واقعة اختطافه هو ووالده وتعذيبهما من قِبل حركة الطالبان على امتداد عدة أشهر، وأنه شاهد عملية قطع رأس أبيه، ولهذا السبب يخشى العودة إلى أفغانستان (انظر الفقرة ٤-٦ أعلاه). وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن الدولة الطرف أشارت إلى وجود تناقضات في إفادات صاحب الشكوى؛ بيد أن اللجنة ترى أنه نادرا ً ما تُتوقع الدقة الكاملة في إفادات ضحايا التعذيب، الذين ينبغي أخذ ظروف صحتهم العقلية بشكل كامل في الاعتبار ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، رأت الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لن يحرم من الرعاية الطبية في أفغانستان، بينما قبلت القول بأن خدمات الرعاية المتعلقة بالصحة العقلية في أفغانستان " ذات مستوى أدنى بالمقارنة مع غيرها " .

٨-٧ وتدرك اللجنة حالة حقوق الإنسان في أفغانستان، وتلاحظ أن السلطات الأسترالية أخذت هذه المسألة بعين الاعتبار عند تقييم المخاطر التي قد يواجهها صاحب الشكوى إذا أعيد إلى بلده الأصلي. وفيما يتعلق بادعاءات صاحب الشكوى بأنه سيواجه مخاطر بوصفه ملتمس لجوء فشل في مسعاه وعاش عدة سنوات في بلد غربي، تلاحظ اللجنة عدم وجود أية حجج تفند هذا الادعاء من قِبل الدولة الطرف. وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب الشكوى أنه تعرض للتعذيب من جانب جهات فاعلة غير حكومية وأن الدولة الطرف لن تكون قادرة على حمايته إذا عاد إلى أفغانستان. وتشير اللجنة في ذلك الصدد، إلى أنها تناولت، في اجتهاداتها ( ) القضائية وفي تعليقها العام رقم 2(2008) بشأن تنفيذ المادة ٢، مسألة التعرض لمخاطر التعذيب على يد جهات فاعلة من غير الدول ومسألة عجز الدولة الطرف عن مراعاة الأصول الواجبة والتدخل لوقف الانتهاكات المحظورة بموجب الاتفاقية، والتي قد تتحمل المسؤولية عنها ( ) . وتلاحظ اللجنة في ذلك الصدد، المعلومات الواردة في التقارير المتاحة بشأن التعذيب وإساءة المعاملة والاحتجاز التعسفي وانتهاك حقوق المحاكمة العادلة في أفغانستان ( ) ، علاوة على التقارير المتعلقة بإساءة معاملة ملتمسي اللجوء الذين يفشلون في مساعيهم، ممن يتشابهون في السمات مع صاحب الشكوى ( ) .

٨-٨ وتلاحظ اللجنة كذلك أن سلطات الدولة الطرف قد نظرت في حجج صاحب الشكوى والأدلة التي قدمها لدعم تلك الحجج. وتشير اللجنة إلى أنه، على الرغم من أن صاحب الشكوى يتحمل المسؤولية عن إقامة قضية ظاهرة الوجاهة دعما ً لطلب اللجوء، فإن هذا لا يعفي الدولة الطرف من أن تبذل جهودا ً كبيرة لتحديد ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيتعرض لخطر التعذيب إذا أعيد إلى بلده ( ) . وتعتبر اللجنة أنه لا جدال في أن صاحب الشكوى قد احتجز وعذب من قبل حركة الطالبان، وأنه في حالة صحية غير مستقرة، وقد شخصت حالته على أنه مصاب بالقلق والاكتئاب والإجهاد الذي يعقب الصدمة، في ما يتصل بما تعرض له في أفغانستان، وقد أقرت الجهات المختصة بأن حالته ازدادت تدهورا ً بسبب طول الفترة التي قضاها في مراكز احتجاز المهاجرين في الدولة الطرف، كما أن مخاطر التعذيب أو الضرر الجسيم لا يمكن استبعادها لمجرد أن الدولة الطرف اقترحت أن ينتقل صاحب الشكوى للإقامة في منطقة أخرى داخل أفغانستان (انظر الفقرة ٤-٦).

٨-٩ وبناء على ذلك، ترى اللجنة أنه على الرغم من أن الدولة الطرف قد أثارت شواغل تتعلق، مثلا ً ، بمصداقية حجج صاحب الشكوى في ما يتصل بخوفه من مخاطر التعذيب، أو بسبب الأخطار التي واجهها، فهي قد خلصت إلى استنتاج سلبي بشأن مصداقية صاحب الشكوى دون بحث كافٍ في جانب أساسي من ادعائه، وهو تحديدا ً ما إذا كان تأثير تجربته السابقة مع التعذيب، الذي تفاقم بسبب حالة صحته العقلية الناتجة عن التعذيب والمعاملة اللاإنسانية التي تعرض لها في أفغانستان، لن يشكل نسق مخاطر مستمر بسبب التعرض لضرر خطير أو جسيم، في حالة إعادته إلى أفغانستان. ولذلك ترى اللجنة أن الدولة الطرف، إذ ترفض طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى دون إعطاء وزن كاف لحقيقة أن السلطات الأفغانية ليست في وضع يمكنها من توفير الحماية له من التعرض لمزيد من الاضطهاد على يد حركة الطالبان، تكون قد فشلت في التحقيق بصورة مناسبة في ما إذا كان صاحب الشكوى سيواجه خطر التعذيب أو إساءة المعاملة إذا أعيد إلى أفغانستان. وترى اللجنة في ذلك الصدد، مع الإشارة إلى اجتهاداتها القضائية ( ) ، أن المقترح البديل المتمثل في الهرب أو تغيير مكان الإقامة داخل البلد لا يمثل بديلا ً يمكن الاعتماد عليه على الدوام، حيث يصبح نمط انعدام الحماية حالة عامة ويتعرض الفرد المعني لمزيد من مخاطر الاضطهاد أو الإصابة بضرر جسيم، وبخاصة لأن اضطهاد السكان المدنيين من جانب العناصر المناوئة للحكومة يكون في الغالب عشوائيا ً في البلد الأصلي لصاحب الشكوى. وترى اللجنة كذلك أن سلطات الدولة الطرف لم تقيّم بشكل مناسب حالة الصحة العقلية لصاحب الشكوى، ومدى إمكانية توافر العلاج اللازم لها فعليا ً في أفغانستان، والتأثير المحتمل على الصحة العقلية لصاحب الشكوى بسبب إبعاده قسريا ً إلى بلده الأصلي. ولذلك ترى اللجنة أن إبعاد صاحب الشكوى إلى أفغانستان، وبخاصة في ظل الظروف المحيطة بحالته، يشكل مخالفة للمادة 3 من الاتفاقية.

٩- وفي ضوء ما ذكر آنفا ً ، ترى ال لجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 22 (7) من الاتفاقية، أن الدولة الطرف ملزمة، وفق المادة 3 من الاتفاقية، بالامتناع عن إعادة صاحب الشكوى قسرياً إلى أفغانستان أو إلى أي بلد آخر قد يواجه فيه خطراً حقيقياً بالطرد أو الإعادة إلى بلده الأصلي.

١٠- وتدعو اللجنة الدولة الطرف، بموجب الفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، إلى إبلاغها، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار إليها، بالخطوات التي تتخذها استجابةً للملاحظات الواردة أعلاه.