الأمم المتحدة

CAT/C/66/D/776/2016

‎ لجنة مناهضة التعذيب ‏‏

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

5 August 2019

Arabic

Original: English

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 776/2016 * ** ***

بلاغ مقدم من:X وY (يمثلهما محام هو مارسيل زيرنغاست )

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبا الشكوى

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى: ١٩ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادتين 114 و115 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في ٢٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠١٩

الموضوع: الترحيل إلى باكستان

المسائل الإجرائية: لا يوجد

المسائل الموضوعية: الخطر على الحياة أو خطر التعرض للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة في حال الترحيل إلى البلد الأصلي (عدم الإعادة القسرية)

مواد الاتفاقية: 3 و22

1-1 صاحبا الشكوى هما X وY، من مواطني باكستان، وُلدا في عامي 1966 و1973 ، على التوالي. وهما يدعيان، بعد رفض طلب اللجوء الذي قدماه في سويسرا، أن الدولة الطرف ستنتهك حقوقهما المنصوص عليها في المادة 3 من الاتفاقية إذا ما رُحّلا قسراً إلى باكستان.

1-2 وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر 2016، أرسلت اللجنة، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، طلباً إلى الدولة الطرف، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، بالامتناع عن طرد صاحبي الشكوى ما دامت قضيتهما قيد النظر. وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر 2016، أفادت الدولة الطرف اللجنة أنها علقت ترحيل صاحبي الشكوى وفقاً لطلب اللجنة. وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2017، رفضت اللجنة، بواسطة المقرر نفسه، طلب الدولة الطرف وقف دراسة البلاغ ( ) .

الوقائع كما عرضها صاحبا الشكوى

2-1 يعتنق صاحبا الشكوى الكاثوليكية وهما زوجان. في عام ٢٠٠٦، بدأ صاحب الشكوى يعمل موظفاً في السفارة السويسرية في إسلام أباد. وابتداءً من عام ٢٠١٠، أخذ يتلقى مكالمات هاتفية منتظمة من أفراد يعرضون عليه رشى نقدية لقاء الحصول على تأشيرات بصورة غير قانونية.

2-2 وفي شباط/فبراير ٢٠١١، اعترض صاحبَ الشكوى في الشارع أفرادٌ طلبوا منه الأمر نفسه. وبالنظر إلى أنه رفض دائماً الاستجابة لهذه الطلبات، بدأت المكالمات الهاتفية التي كان يتلقاها في العمل تتخذ لهجة تهديدية. وفي أوائل آذار/مارس ٢٠١١، تلقى رسالة تهديد. وفي منتصف نيسان/أبريل ٢٠١١، في لاهور، اعتدى عليه نفس الأفراد الذين كانوا هددوه وأوسعوه ضرباً.

2-3 وبعد الاعتداء الذي وقع في لاهور بنحو أسبوعين، علم صاحب الشكوى أن بلاغاً ضده قُدم إلى الشرطة بدعوى انتهاكه الحظر القانوني للتجديف. ومن أجل تحسين وضعه، أنهى عقد عمله مع السفارة السويسرية في نهاية حزيران/ يونيه ٢٠١١. وفي ١٧ تموز/يوليه ٢٠١١، سافر صاحبا الشكوى جواً إلى سويسرا مستخدمين التأشيرة السويسرية الدائمة التي كانت بحوزتهما.

2-4 وفي أيلول/سبتمبر ٢٠١١، عاد صاحبا الشكوى إلى باكستان، أملاً في أن يكون وضعهما قد تحسن. وبعد وصولهما، اكتشفا أن الشرطة أصدرت مذكرة توقيف في حقهما، فغادرا إلى سويسرا مجدداً في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١.

2-5 وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2011، قدم صاحبا الشكوى طلب لجوء في سويسرا. وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2014، رفض مكتب الهجرة الاتحادي طلبهما. وفي ١٩ أيلول/سبتمبر ٢٠١٦، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية طعنهما في ذلك القرار.

الشكوى

3-1 يؤكد صاحبا الشكوى أن الدولة الطرف ستنتهك حقوقهما بترحليهما إلى باكستان، حيث يخشيان على حياتهما وسلامتهما البدنية، لأن صاحب الشكوى قُدمت ضده شكوى جنائية بتهمة التجديف ولأن صاحبي الشكوى، بسبب عقيدتهما المسيحية، لا يحصلان من الحكومة على حماية فعالة من العنف المعادي للمسيحيين. ويواجه صاحب الشكوى خطر التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية بسبب الاشتباه في أنه ارتكب جريمة التجديف.

3-2 وعلى الرغم من أن مكتب الهجرة الاتحادي والمحكمة الإدارية الاتحادية كلاهما اعتبر أن صاحبي الشكوى يفتقران إلى المصداقية، فقد أُتيح لهما التعبير عن أنفسهما بوضوح وتفصيل في المقابلتين اللتين أجريتا معهما أمام السلطات المحلية. وعلى الرغم من أنهما ردا في الاستئناف على شواغل المصداقية التي أثارها مكتب الهجرة الاتحادي، لم تأخذ المحكمة الإدارية الاتحادية ردودهما في الاعتبار، واكتفت بتكرار ما خلص إليه المكتب من أن أقوال صاحبي البلاغ غير منطقية ومتناقضة وغير واقعية. غير أن صاحب الشكوى أتى على ذكر عدة أسماء وأماكن، ووصف بدقة لقاءه في ٢٤ شباط/فبراير ٢٠١١ في إسلام أباد مع الأفراد الذين حاولوا إكراهه على تزو يد هم بتأشيرات سويسرية بصورة غير قانونية، والاعتداء الذي تعرض له في ١٦ نيسان/أبريل ٢٠١١ من نفس الأفراد في منتزه الحرية في لاهور.

3-3 وأولت السلطات السويسرية أهمية للتناقضات المزعومة في أقوال صاحبي الشكوى بشأن التاريخ الذي بدأ فيه صاحب الشكوى يتلقى مكالمات تهديد هاتفية في السفارة السويسرية. بيد أن صاحبي البلاغ أوضحا أنهما في البداية لم يعتبرا تلك المكالمات تهديدية، بل حتى ضحكا منها معاً، وأشارا إلى أن صاحب الشكوى لم يكن يملك حتى صلاحية إصدار تأشيرات. وأفاد صاحبا البلاغ أنهما لم يشعرا بأن لهجة المكالمات تهديدية إلا بعد أن اعترض خمسة أفراد صاحب الشكوى في الشارع. وأفاد صاحب الشكوى أيضاً أن عامل مقسم الهاتف المدعو "م" كان يرد على المكالمات في السفارة ويحولها إليه. ويدل مستوى التفاصيل التي قدمها صاحبا الشكوى إلى السلطات السويسرية على أنهما عاشا فعلاً تلك الأحداث.

3-4 ووجدت السلطات السويسرية أيضاً تناقضات في أقوال صاحبي الشكوى بخصوص وصول الشرطة إلى منزل شقيق صاحب الشكوى. إلا أن صاحبي الشكوى كليهما أفادا أنهما علما، بعد التهديدات والاعتداء، أن شكوى قُدمت ضدهما. وبينما كان صاحب الشكوى لا يزال في باكستان، ذهب أفراد إلى منزل شقيقه وتركوا رسالة مكتوبة بالطباشير. وفي ذلك الوقت، لم يكن صاحبا الشكوى يعلمان هل هؤلاء الأشخاص من أفراد الشرطة أم لا. ولم يعلم صاحب الشكوى إلا بعد وصوله إلى سويسرا أن أفراداً من الشرطة ذهبوا إلى بيت شقيقه وسألوا عنه. ومن المحتمل أن تكون أقوال صاحب الشكوى إلى السلطات السويسرية تفتقر إلى الدقة في هذه النقطة، لكن كل ما في الأمر أنه لم يكن متيقناً من أن الأفراد الذين ذهبوا إلى بيت شقيقه كانوا من أفراد الشرطة أم لا. ويمكن تفسير هذه الحيرة بسبب انتشار الفساد في صفوف الشرطة في باكستان، ولأن الحكومة لا تمنح المسيحيين الذين تقدَّم ضدهم شكاوى جنائية حمايتها. ولم يكن صاحبا الشكوى على اتصال بالشقيق عندما قدما إلى سويسرا أول مرة ولم يتحدثا إليه عن عودتهما إلى سويسرا.

3-5 وعلى الرغم من أن السلطات السويسرية رأت أن من غير المنطقي وغير المفهوم أن يعود صاحبا الشكوى طوعاً إلى باكستان، يجدر بالذكر أنهما كانا يعيشان حياة مريحة هناك. وقدّما إلى السلطات السويسرية مرجعيات مهنية لتأكيد أنهما مستقران، مهنياً واجتماعياً. ولا أحد يترك وضعاً كهذا بدون سبب وجيه. وكان صاحب الشكوى عمل مصوراً هناك، وكان لدى شقيقه محل تصوير في لاهور. وقد أفاد صاحبا الشكوى للسلطات السويسرية أن صاحب الشكوى كان يأمل أن يتحسن وضعه في باكستان بعد أن استقال من وظيفته في السفارة السويسرية. وقد توجه صاحبا البلاغ في البداية إلى سويسرا هرباً من الخطر بعد أن علما ً بالشكوى المقدمة من الشرطة ضدهما. ومع ذلك، لم يتخليا في تلك المرحلة عن حياتهما في باكستان. وما قالاه من أنهما التقيا مواطناً باكستانياً في زيوريخ مصادفةً وتمكنا من الإقامة عنده مدةً هو أمر محدد للغاية وغير اعتيادي ولا يمكن أن يكون تلفيقاً. وقد قررا العودة إلى باكستان، حيث كانا يرغبان في العيش، لأنهما ما كانا يريدان أن يشكلا عبئاً على مواطنهما. ولهذا السبب لم يقدما طلب لجوء خلال فترة إقامتهما الأولى في سويسرا.

3-6 وخلال المقابلة، ذكر صاحب البلاغ صراحةً أنه خلال فترة إقامته الأولى في سويسرا، ذهبت الشرطة في باكستان إلى منزل شقيقه في لاهور بحثاً عن صاحبي البلاغ، وأنه لم يعلم بذلك إلا بعد عودته. وتتطابق هذه الأقوال مع إفادة صاحبة الشكوى أنهما لم يعلما بذهاب الشرطة إلى منزل شقيق صاحب الشكوى مرتين بحثاً عنهما إلا بعد عودتهما إلى سويسرا. أما البيان الخطي الذي وقعه صاحب الشكوى لاحقاً، وأكد فيه أن شقيقه أبلغه بزيارة الشرطة في مكالمة هاتفية، فقائم على سوء فهم. وكان صاحب الشكوى يود أن يقول إنه لم يتصل بشقيقه بسبب تكلفة المكالمات وإنه لم يكن يعرف بالضبط متى ذهب أفراد الشرطة إلى منزل شقيقه. ولم يعرف صاحب الشكوى عن زيارات الشرطة عبر الهاتف. ونظراً لطول المقابلة، من المفهوم أن يكون صاحب الشكوى قد فاته تصحيح هذا الخطأ أثناء إعادة ترجمة بيانه الخطي. كما أن مكتب الهجرة الاتحادي لم يقابل صاحبي الشكوى إلا بعد انقضاء ثلاث سنوات على تقديمهما طلب اللجوء؛ وهذا ما يفسر أيضاً نقص الدقة فيما يتعلق بالمسائل الثانوية، وهو ما لا يؤثر في صدق صاحبي الشكوى إجمالاً. وحتى بعد انقضاء ثلاث سنوات، ما زالت أقوالهما مفصلة وواقعية.

3-7 وبالإضافة إلى ذلك، لم تنظر المحكمة الإدارية الاتحادية كما ينبغي في تقرير المعلومات الأول الذي قدمه صاحبا الشكوى. وكان التقرير الأول الذي صدر في ٥ أيار/مايو ٢٠١١ يتضمن إفادة شخص أبلغ شرطة لاهور أن صاحب الشكوى ألقى مواعظ عن الحملات الصليبية وانتقد النبي محمد مراراً. ووفقاً للتقرير، رأى عدة أشخاص صاحب الشكوى وهو يقوم بهذه الأفعال ( ) .

3-8 ويزداد انتشار الأصولية الإسلامية في باكستان، وتُستخدم القوانين التي تحظر التجديف للكيد بالأقليات الدينية، ولا سيما بالمسيحيين. وكثيراً ما يُتهم المسيحيون بالتجديف زوراً، وعندما يحدث ذلك تكون حياتهم مهددة إذا لم يحظوا بحماية الشرطة. وفي آذار/مارس ٢٠١١، اغتيل شهباز بهتي، وزير الأقليات، بعد إدلائه ببيان علني يؤيد فيه تنقيح قانون حظر التجديف. وقبل ذلك بشهرين، اغتيل سلمان تاثير ، حاكم مقاطعة البنجاب، بعد أن حاول مساعدة مسيحي حُكم عليه بالإعدام بتهمة التجديف. وقد أيد معظم الساسة وغالبية الجمهور في باكستان هذين الاغتيالين. ولم يتحسن الوضع منذ ذلك الحين، ولذلك فما ادعاه صاحبا الشكوى من أنهما اتُهما بالتجديف ويتعذر عليهما الحصول على حماية الدولة جدير بالتصديق تماماً.

3-9 ورأى مكتب الهجرة الاتحادي والمحكمة الإدارية الاتحادية أن تقرير المعلومات الأول ذو قيمة إثباتية محدودة لأنه نسخة وليس الأصل، ولأنه يسهل الحصول على مثل هذه التقارير بطرق غير قانونية. بيد أن تقارير المعلومات الأولى وثائق موحدة تُستخدم لتسجيل الشكاوى الجنائية؛ ويتعذر الحصول على النص الأصلي لأنه يبقى في حوزة الشرطة. وقدم صاحبا البلاغ كتاباً من شزاد أحمد، وهو محام في زيوريخ، يذكر فيه أن تقرير المعلومات الأول وثيقة خطية تعدها الشرطة في باكستان استجابةً لشكوى جنائية، وأن النسخة الأصلية لا يمكن توفيرها لا بشكل رسمي ولا غير رسمي.

3-10 وذكر صاحب البلاغ، خلال المقابلة التي أُجريت معه أمام مكتب الهجرة الاتحادي في ٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤، أن الشرطة أعطت شقيقه نسخة من تقرير المعلومات الأول. ثم طُلب منه إبراز التقرير فسأل شقيقه أن يحصل عليه. وصحيح أن من السهل الحصول على وثائق مزورة في باكستان. غير أن هذا لا ينطبق على المسيحيين والأقليات. وطلبُ وثيقة مزورة من السلطات يمثل خطراً على حياته كمسيحي. ومن ثم، تخطئ السلطات السويسرية إن هي اعتبرت التقرير الذي قدمه صاحب الشكوى مفتقراً إلى قيمة إثباتية بسبب تفشي الفساد في باكستان. وعلاوةً على ذلك، تصرفت السلطات تصرفاً تعسفياً حين طلبت من صاحب الشكوى تقديم التقرير لتؤكد بعدها أنه يفتقر إلى قيمة إثباتية. ويكفي التقرير وحده لإثبات أن صاحب الشكوى يواجه خطر التعرض لمعاملة تتنافى مع المادة ٣ من الاتفاقية في باكستان.

3-11 وأخطأت السلطات السويسرية أيضاً إذ رفضت أدلة أخرى قدمها صاحب الشكوى، ولا سيما الرسائل الواردة من زعماء الكنيسة. فالسلطات لم تدرس محتوى هذه الرسائل بل اعتبرتها مجرد رسائل مجاملة تفتقر إلى قيمة إثباتية. إلا أن زعماء الكنيسة أوضحوا في الرسائل أنهم يعرفون صاحب الشكوى وذكروا أنهم يعرفون أنه يواجه تهديدات.

3-12 وأخطأت السلطات السويسرية إذ رأت أن من غير المنطقي أن يكون صاحب الشكوى، الذي عمل في السفارة السويسرية في إسلام أباد سنوات عديدة، على غير علم في البداية بإمكانية طلب اللجوء في سويسرا. ومع أن هذا الادعاء قد يبدو غريباً، أعلم صاحب الشكوى السلطات أنه كان على علم بقانون اللجوء، ولكنه لم يفكر في البداية في طلب اللجوء لنفسه. وتدل هذه الأقوال على أن صاحبي الشكوى كانا يرغبان في مواصلة العيش في باكستان. ولم يقررا طلب اللجوء إلا أثناء فترة إقامتهما الثانية في سويسرا، بعد أن فقدت صاحبة الشكوى حقيبة يدها وجوازي سفرهما في بازل. واتصل صاحبا الشكوى، وقد أُسقط في يدهما، بالشخص الذي استضافهما خلال فترة إقامتهما الأولى في سويسرا. فشجعهما على الاتصال بالسلطات. وربما كان تصرفهما ساذجاً إذ لم يفكرا في طلب اللجوء خلال فترة إقامتهما الأولى في سويسرا أو في بداية فترة الإقامة الثانية، لكنه لم يكن عبثياً بأي حال من الأحوال. كما أنهما وصفا بتفصيل شديد ظروف وصولهما في المرة الثانية إلى سويسرا؛ وهذا يدل على أن روايتهما ليست من نسج الخيال.

3-13 وعلى الرغم من أن السلطات السويسرية رأت أن من غير المنطقي أن يتخلف صاحب البلاغ عن إبلاغ السفارة السويسرية بالتهديدات الهاتفية، قال صاحب الشكوى بوضوح أن عامل مقسم الهاتف كان على علم بتلك المكالمات وأنه حذره من مغبة الضلوع في نشاط غير قانوني. ونظراً لوضع صاحب الشكوى الحساس، فمن المفهوم أنه امتنع عن إبلاغ رؤسائه بالتهديدات الهاتفية، أو بما تلاها من حوادث. وكان يتوقع أن تتدخل الشرطة، ونظراً لانتشار الفساد في أوساط الشرطة وتفشي العداء للمسيحيين في باكستان، كانت لديه أسباب حقيقية للخوف من الشرطة.

3-14 واعتبرت السلطات السويسرية أيضاً رسالة التهديد التي قدمها صاحبا الشكوى مزيفة لأن جزءاً منها كُتب باللغة الإنكليزية. بيد أن الرسالة لا تتضمن سوى عدد قليل من المفردات الإنكليزية، ولا تعكس مستوى عالياً من التحصيل العلمي يمكن أن يتعارض مع الأصول القروية المفترضة للأفراد الذين كتبوها. ثم إن الغالبية العظمى من الباكستانيين يلمون باللغة الإنكليزية. لذلك فاعتراض السلطات السويسرية على صحة الرسالة لا أساس له.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

4-1 أضافت الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠١٧، إلى خلفية الوقائع المذكورة في البلاغ عناصر أثارها صاحبا الشكوى خلال الإجراءات المحلية. فقد ادعى صاحب الشكوى أنه بدأ يتلقى تهديدات هاتفية في نهاية عام ٢٠١٠، وفي شباط/فبراير ٢٠١١، خاطبه في الشارع الأفراد الذين كانوا يتصلون به وعرضوا عليه رشوة لقاء مساعدتهم في الحصول على تأشيرات. وبعد أن رفض عرضهم أخذ يتلقى تهديدات هاتفية شبه يومية. وفي ٣ آذار/مارس ٢٠١١، تلقى أيضاً رسالة تهديد. وفي ١٦ نيسان/أبريل ٢٠١١، تعرض للتهديد والضرب في لاهور من الأفراد الذين كانوا يتصلون به. ووفقاً لصاحب الشكوى، اتصل به بعد نحو أسبوعين قس أبلغه أن مضطهديه قدموا ضده شكوى جنائية بدعوى أنه شتم النبي محمد. وفي ٣٠ حزيران/ يونيه ٢٠١١، استقال من عمله في السفارة السويسرية، خوفاً من مضطهديه ومن الشرطة. وتدعي صاحبة الشكوى أنها بدأت العمل في السفارة السويسرية سنة ٢٠٠٧ خادماً في منزل رئيس قسم التأشيرات. والأفراد الذين هددوا زوجها هددوا أيضاً بإيذائها. بيد أن أي اتصال لم يحدث بينها وبينهم.

4-2 وفي ١٧ تموز/يوليه ٢٠١١، وصل صاحبا الشكوى إلى سويسرا للمرة الأولى، وعادا إلى لاهور في أيلول/سبتمبر ٢٠١١. وفي ٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، وصلا إلى سويسرا مرة أخرى، ثم فقدا جوازي سفرهما في بازل.

4-3 وترى الدولة الطرف أن البلاغ بلا أساس، لأن ادعاءات صاحبي الشكوى غير جديرة بالتصديق، ولا يوجد ما يدل على أنهما يواجهان خطراً شخصياً بالتعرض للتعذيب في باكستان. ورفضت السلطات السويسرية ادعاءاتهما بعد فحص شامل ودقيق. ولا يتضمن بلاغهما أي عناصر جديدة يمكن أن يقود اللجنة إلى استنتاج مختلف.

4-4 فالوضع العام في باكستان لا يكفي وحده لإثبات أن صاحبي الشكوى يواجهان خطر التعرض للتعذيب هناك ( ) . وفي حين تشير تقارير موثوق بها إلى أن الأقليات الدينية في باكستان تواجه احتمالات انتقام مرتفعة وتتعرض للتمييز ( ) ، فإن عدد أعمال العنف المرتكبة ضد المسيحيين الذين يعيشون في باكستان، بالقياس إلى عددهم الكبير، لا يدل على أنهم يتعرضون بشكل جماعي للاضطهاد ( ) . وعلاوةً على ذلك، أعلنت حكومة باكستان خطة عمل وطنية لمكافحة الإرهاب، تشمل هدفاً واضحاً يتمثل في مكافحة خطاب الكراهية الطائفية، والملاحقة القضائية لكل من يرمي غيره بتهمة الكفر. وفي عدة مناسبات، تدخلت الشرطة لمنع الغوغاء من قتل مسيحيين. إلا أن بعض التقارير يشير إلى أن الشرطة تخلفت في كثير من الأحيان عن حماية الأقليات الدينية من الاعتداءات، وأن النزوح الداخلي ليس خياراً ممكناً للمسيحيين المتهمين بالتجديف ( ) . ومع ذلك، ألغت محاكم الاستئناف قرارات صادرة عن محاكم أدنى درجة تدين أفراداً بالتجديف ( ) .

4-5 ولئن كان ينبغي أن تؤخذ أفعال التعذيب السابقة في الاعتبار عند تقييم مخاطر الإعادة القسرية لأغراض المادة ٣ من الاتفاقية، فإن صاحبي الشكوى لا يدعيان أنهما تعرضا للتعذيب أو لسوء المعاملة في الماضي. فهما يقولان إن صاحب الشكوى تعرض للضرب على يد خمسة رجال في لاهور، لكنهما لا يدعيان أن المعتدين كانوا من موظفي الدولة أو أفراداً يتصرفون بموافقة صريحة أو ضمنية من الدولة.

4-6 ولئن كان ينبغي أن تؤخذ الأنشطة السياسية في الاعتبار عند تقييم مخاطر الإعادة القسرية، فإن صاحبي الشكوى لا يدعيان أنهما مارسا أنشطة سياسية. ومجرد الانتماء إلى الأقلية المسيحية لا يكفي لإثبات أن صاحبي الشكوى سيتعرضان للتعذيب عند عودتهما إلى باكستان.

4-7 وكانت ادعاءات صاحبي الشكوى أثناء الإجراءات المحلية متناقضة في عدد من الجوانب المهمة. فبينما ذكر صاحب الشكوى أن مكالمات التهديد الهاتفية بدأت في نهاية عام ٢٠١٠ وأنه أعلم زوجته بها منذ البداية، ذكرت صاحبة الشكوى أنه لم يُعلمها بالمكالمات إلا في كانون الثاني/يناير ٢٠١١. وعلاوةً على ذلك، بينما ذكر صاحب الشكوى أن المتصلين به في المكالمة الهاتفية الأولى في عام ٢٠١٠ طلبوا لقاءه، ذكرت صاحبة الشكوى أن المتصلين لم يطلبوا لقاءه إلا في شباط/فبراير ٢٠١١. وقد كان للمكالمات الهاتفية دور حاسم في قرار صاحبي الشكوى مغادرة باكستان. ومن ثم، يصعب التوفيق بين ما أدليا به من أقوال متناقضة في هذا الشأن.

4-8 وبالإضافة إلى ذلك، قدم صاحبا الشكوى روايات متناقضة عن التاريخ الذي أخذت فيه الشرطة تلاحق صاحب الشكوى. فقد ذكر صاحب الشكوى أن الشرطة بحثت عنه مرتين في منزل شقيقه: مرة قبل مغادرته إلى سويسرا، ومرة أخرى حين كان في سويسرا. وفي المقابل، ذكرت صاحبة الشكوى أن هذين الحدثين وقعا حين كانا في سويسرا، ولم يعلما بهما إلا حين عادا إلى باكستان. وبالنظر إلى أن البحث عن صاحب الشكوى عامل مهم في روايتهما، ولا سيما فيما يتعلق بعودتهما إلى باكستان، من المستغرب أن تختلف أقوالهما في هذا الشأن. ومحاولة صاحبي الشكوى تعليل هذا التناقض في بلاغهما غير مقنعة.

4-9 ويدعي صاحبا الشكوى أنهما علما بالشكوى الجنائية من قس، لكنهما لا يشرحان كيف علم القس بالشكوى، ولم يتمكن صاحب البلاغ من توضيح هذه النقطة عندما سئل عنها. وهذا يدل على أن الادعاء المتعلق بملاحقة الشرطة صاحب الشكوى غير جدير بالتصديق. وحتى إذا كان الادعاء يحظى بالمصداقية، فإن المادة 3 من الاتفاقية، وفقاً لاجتهاد اللجنة، لا توفر الحماية لأفراد يقتصر ادعاؤهم على أنهم يخشون الاعتقال في بلدهم الأصلي ( ) .

4-10 وعلاوةً على ذلك، تتسم ادعاءات صاحبي الشكوى بأنها غير منطقية وغير مفهومة. ويقول صاحب الشكوى أنه أثناء وجوده في سويسرا، علم من شقيقه أن الشرطة تبحث عنه في باكستان. وهذا يعني أنه كان يعلم أن الوضع في باكستان قد تردى، ومع ذلك اختار العودة إليها في أيلول/سبتمبر ٢٠١١. وإذا كان صاحبا الشكوى يشعران أنهما مهددان، فالمتوقع منهما أن يتشاورا مع أسرتهما قبل أن يعودا. لكنهما لم يفعلا. ولا يبدو معقولاً أيضاً أن يتلقى صاحب الشكوى مكالمات تهديد هاتفية شبه يومية، وألا يبلغ رؤساءه بها، وأن موظفاً واحداً فقط من موظفي السفارة السويسرية كان على علم بها.

4-11 وبالإضافة إلى ذلك، ردت صاحبة الشكوى رداً مراوغاً على الأسئلة المتعلقة بعودة الزوجين إلى باكستان. فتذاكر الطائرة التي اشترياها للمغادرة إلى باكستان في ٣١ آب/ أغسطس ٢٠١١، كانت تذاكر ذهاب وإياب، وشملت رحلة العودة إلى سويسرا في ١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١ ( ) . وعلى الرغم من أن صاحب البلاغ ذكر أن زميله قام عند شراء التذاكر بإضافة رحلة العودة طمعاً بسعر أدنى، فمن الصعب تصديق أن التاريخ المقرر للمغادرة، المقرر قبل أشهر، تصادف مع التاريخ الذي اضُطرا فيه للمغادرة على وجه السرعة.

4-12 وتشوب ادعاءات صاحبي الشكوى عدةُ تناقضات أخرى تجعلها غير قابلة للتصديق: (أ) من غير المنطقي أن يكون صاحبا الشكوى انتظرا حتى إجراء الطعن أمام المحكمة الإدارية الاتحادية ليقدما تقرير المعلومات الأول، بالنظر إلى أن شقيق صاحب الشكوى ادعى أنه تلقى التقرير عند قدوم الشرطة إلى منزله للمرة الأولى؛ و(ب) على تقرير المعلومات الأول ختمٌ باللغة الإنكليزية، وهو أمر غير قابل للتصديق لأن بقية الوثيقة باللغة الأردية؛ و(ج) لم يقدم صاحبا الشكوى ما يثبت ادعاءهما أنه يصعب على المسيحيين الحصول على وثائق مزورة في باكستان.

4-13 وعلاوةً على ذلك، هناك عدة جوانب غير واضحة في ادعاءات صاحبي الشكوى فيما يخص جوازي سفرهما. فقد ادعى صاحب الشكوى أنه ترك جوازي السفر في حقيبة يد صاحبة الشكوى، التي كانت تحتوي أيضاً على حوائج أخرى تقدَّر قيمتها بمبلغ ٢٠٠ ١ يورو، في منزل مضيفهما. وعندما أدركا أنهما تركا حقيبة اليد سهواً في المنزل عادا إليه فوراً، لكن حقيبة اليد كانت قد اختفت. وحدث هذا في ٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، أي قبل أن يقدما طلب اللجوء بيومين. إلا أن صاحبة الشكوى أكدت أنها تركت حقيبة اليد عند درجات ارتقتها هي وصاحب البلاغ وهما يتمشيان على ضفة نهر. ووفقاً لما ذكرته صاحبة الشكوى، توجه صاحبا الشكوى إلى منزل مضيفهما وفتشاه قبل أن يعودا أدراجهما إلى نفس المكان على ضفة النهر، لكنهما لم يعثرا على حقيبة اليد. ثم اتصلا بمضيفهما، الذي أخبرهما أنهما ما عاد بإمكانهما البقاء في منزله، وأن عليهما التوجه إلى الشرطة للإبلاغ عن فقدان حقيبة اليد. وبالنظر إلى ارتفاع قيمة الممتلكات في حقيبة اليد، من المستغرب أن تتركها صاحبة الشكوى على ضفة النهر. ومن المستغرب أيضاً ألا تكون بطاقتا هوية صاحبي الشكوى، وهما أيضاً من الوثائق المهمة، غير موجودتين في حقيبة اليد الضائعة.

4-14 وتفتقر الرسائل الموجهة من القساوسة وزعماء الكنيسة والتي قدمها صاحبا الشكوى إلى السلطات المحلية إلى قيمة إثباتية باعتبارها رسائل مجاملة. ومن المدهش أيضاً أن يكون صاحب الشكوى قد أبلغ القساوسة بالتهديدات المزعومة، ولم يبلغ رؤساءه في السفارة السويسرية.

4-15 وفي ضوء ما تقدم، لا يوجد أساس لاستنتاج أن ترحيل صاحبي الشكوى إلى باكستان يشكل انتهاكاً لالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة ٣ من الاتفاقية.

تعليقات صاحبي الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5-1 يؤكد صاحبا الشكوى، في تعليقاتهما المؤرخة ١٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧، أن الدولة الطرف تكتفي بتكرار الحجج التي ذكرها مكتب الهجرة الاتحادي والمحكمة الإدارية الاتحادية، ولا ترد على التعليلات التي قدمها صاحبا الشكوى في بلاغهما. وقد شرح صاحبا الشكوى بالتفصيل أسباب فرارهما من باكستان. وكثيراً ما تبدو تعليلات الفرار من بلد ما غير منطقية أو غير قابلة للتصديق لأشخاص يعيشون في بلد آمن، حيث إن هذه الرحلات معقدة ويمكن أن يساء فهمها.

5-2 وتنتقد الدولة الطرف صاحب الشكوى لأنه انتظر حتى إجراء الطعن ليقدم تقرير المعلومات الأول دليلاً. ولكن كما سبق شرحه، طلبت الدولة الطرف إلى صاحبي الشكوى أثناء المقابلة التي أُجريت معهما في ٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤ أن يقدما التقرير في أقرب وقت ممكن. وقد امتثلا هذا الطلب بأسرع ما يمكنهما، وتلقيا التقرير بعد ذلك ببضعة أسابيع، في ٨ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٤. وفي غضون ذلك، كان مكتب الهجرة الاتحادي قد رفض أصلاً طلب اللجوء الذي قدمه صاحبا الشكوى قبل ذلك بأربعة أيام. ولم يستطع صاحبا البلاغ تقديم التقرير قبل صدور هذا القرار. والسرعة التي رُفض فيها طلب اللجوء، على الرغم من طلب السلطات تزوديها بالتقرير، يثير الشك في مدى استعداد الدولة الطرف لتقييم المخاطر التي كان يواجهها صاحبا الشك وى تقييماً موضوعياً ومحايداً.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة ذاتها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-2 ووفقاً للفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا تنظر اللجنة في أي بلاغ مقدم من فرد من الأفراد إلا بعد أن تكون قد تأكدت من أن ذلك الفرد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة، في هذه القضية، أن الدولة الطرف لم تعترض على أن صاحبي الشكوى استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. لذا، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من أن تنظر في البلاغ بموجب الفقرة (5)(ب) من المادة 22 من الاتفاقية.

6-3 وبما أن اللجنة لا ترى أي عقبات أخرى تحول دون مقبولية البلاغ، فإنها تعلن قبوله وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 عملاً بالمادة 22(4) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

7-2 والمطروح على اللجنة، في هذه القضية، هو تحديد ما إذا كان ترحيل صاحبي الشكوى إلى باكستان سيشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بأن تمتنع عن طرد أي شخص أو إعادته ("رده") إلى دولة أخرى، إذا كانت توجد أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب. ويشمل ذلك التعرض للتعذيب أو لغيره من ضروب سوء المعاملة على يد كيانات من غير الدول، بما في ذلك الجماعات التي تسبب ألماً أو معاناة شديدين لأغراض تحظرها الاتفاقية، والتي ليس للدولة المستقبِلة سيطرة فعلية عليها أو لها عليها سيطرة جزئية فقط، أو التي لا تستطيع منع أعمالها أو لا تستطيع مكافحة إفلاتها من العقاب ( ) .

7-3 ويتعيّن على اللجنة أن تُقيّم ما إذا كانت توجد أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أن صاحبي الشكوى سيواجهان شخصياً خطر التعرض للتعذيب عند عودتهما إلى باكستان. وعند تقييم ذلك الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3(2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللجنة تذكّر بأن الهدف من ذلك هو تحديد ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً يتمثل في التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه. ويترتب على ذلك أن وجود نمط من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لتحديد أن شخصاً معيناً سيتعرض لخطر التعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب تقديم أسباب إضافية تبين أن الشخص المعني سيتعرض شخصياً للخطر. وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن شخصاً بعينه قد لا يتعرض للتعذيب في الظروف التي تخصه على وجه التحديد ( ) .

7-4 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 4(2017)، بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22 (الفقرة 11)، الذي يفيد بوجود التزام بعدم الإعادة القسرية متى وُجدت "أسباب حقيقية" تدعو إلى الاعتقاد أن الشخص المعني سيكون في خطر التعرض للتعذيب في دولة يواجه الترحيل إليها، سواء كفرد أو كعضو في مجموعة قد تكون في خطر التعرض للتعذيب في دولة المقصد. وتشير اللجنة إلى وجود "أسباب حقيقية" كلما كان خطر التعذيب "متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً" (الفقرة 11). وقد تشمل مؤشرات وجود خطر شخصي، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي: (أ) الأصل الإثني والانتماء الديني لصاحب الشكوى؛ و(ب) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية لصاحب الشكوى؛ و(ج) التوقيف أو الاحتجاز دون ضمان العدل في المحاكمة والمعاملة؛ و(د) الحكم غيابياً؛ و(ه) التعرض للتعذيب سابقاً (الفقرة 45).

7-5 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية لبلاغ مقدم بموجب المادة ٢٢ من الاتفاقية، يقع عبء الإثبات على صاحب البلاغ، الذي يجب عليه أن يعرض قضية يمكن الدفاع عنها، أي أن يقدم حججاً مدعومة بأدلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي (الفقرة 38). ولكن عندما يكون صاحب الشكوى في وضع يعجز فيه عن تفصيل قضيته، كأن يكون، مثلاً، قد أثبت استحالة حصوله على وثائق تتعلق بادعاء تعرضه للتعذيب أو يكون مسلوب الحرية، فإن عبء الإثبات ينعكس ويكون على الدولة الطرف المعنية أن تحقق في الادعاءات وتتحقق من صحة المعلومات التي تستند إليها الشكوى (الفقرة 38). وتشير اللجنة أيضاً إلى أنها تولي النتائج الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية أهمية بالغة، إلا أنها غير ملزمة بتلك النتائج ويمكنها إجراء تقييم حر للمعلومات المتاحة لها وفقاً للمادة ٢٢(٤) من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية (الفقرة 50) ( ) .

7-6 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبي الشكوى أنهما يخشيان على حياتهما وسلامتهما الجسدية في باكستان لأنهما مسيحيان وصدرت بحقهما مذكرة توقيف. وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب الشكوى أنه تلقى، حين كان يعمل في السفارة السويسرية في إسلام أباد، مكالمات هاتفية متكررة في العامين 2010 و2011 من أفراد عرضوا عليه رشى لقاء الحصول على تأشيرات. ويدعي صاحب الشكوى أن المتصلين اعتدوا عليه في لاهور، وأنه تلقى رسالة تهديد مجهولة المصدر، وأنه علم أن شكوى جنائية قُدمت ضده بتهمة التجديف. وتلاحظ اللجنة ما ادعاه صاحبا الشكوى من أنهما غادرا باكستان نتيجة هذه الحوادث؛ وأن الشرطة ذهبت إلى منزل شقيق صاحب الشكوى مرتين بحثاً عنه؛ وأنهما عادا إلى باكستان أملاً في أن يكون الوضع قد تحسن؛ وأنهما غادرا باكستان ثانيةً بعدما علما أن تقرير معلومات أول قُيّد ضد صاحب الشكوى. وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبي الشكوى أن الدولة الطرف يتعين أن تمتنع عن ترحيلهما إلى باكستان، استناداً إلى التقرير، الذي يفيد أن شكوى جنائية قُدمت ضد صاحب الشكوى بتهمة التجديف بموجب المادتين 295-ألف و295 -جيم من قانون العقوبات الباكستاني. وتلاحظ اللجنة ما ذكراه من أن الاستنتاج الذي انتهت إليه سلطات اللجوء السويسرية فيما يخص مصداقيتهما استنتاج خاطئ وتعسفي، وأن المسيحيين في باكستان يتعرضون لاضطهاد واسع النطاق، ولا يتمتعون بحماية الدولة.

7-7 وتلاحظ اللجنة أيضاً موقف الدولة الطرف من أن ادعاءات صاحبي الشكوى غير جديرة بالتصديق وتتناقض جوهرياً في نقاط مهمة. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة بوجه خاص ما حاججت به الدولة الطرف من أن عودة صاحبي الشكوى طوعاً إلى باكستان تدل على أنهما ما كانا يخشيان التعرض لأذى. وتلاحظ اللجنة أيضاً موقف الدولة الطرف من أن عدم إبلاغ صاحب الشكوى رؤساءه في السفارة السويسرية في إسلام أباد بأنه كان يتلقى كل يوم تقريباً في عمله مكالمات تهديد هاتفية أمر يصعب تصديقه. وتلاحظ اللجنة ما ذكرته الدولة الطرف من أن صاحبي الشكوى، قبل عودتهما إلى باكستان، حجزا رحلة إياب إلى سويسرا. وتلاحظ اللجنة أيضاً ما خلصت إليه الدولة الطرف من أن تقرير المعلومات الأول ورسالة التهديد مجهولة المصدر المقدمين من صاحبي الشكوى مزوران، لأسباب منها أنهما يتضمنان مقاطع مكتوبة باللغة الإنكليزية. وتلاحظ اللجنة كذلك ما ذهبت إليه الدولة الطرف من أن الوضع العام في باكستان لا يكفي في حد ذاته لإثبات أن صاحبي الشكوى سيواجهان خطر التعرض للتعذيب لدى عودتهما، وأن أحوال المسيحيين قد تحسنت.

7-8 وتذكّر اللجنة بأن عليها أن تتيقن من أن صاحبي الشكوى يواجهان حالياً خطر التعذيب في باكستان ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى، إذ يدعي أنه تعرض لاعتداء عنيف في ١٦ نيسان/أبريل ٢٠١١ من أفراد كانوا يهددونه في مكالمات هاتفية، لا يذكر أنه احتاج أو طلب علاجاً طبياً عقب هذا الحادث، ولا يقدم مستندات تدل على أنه تعرض لاعتداء أو للتعذيب. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبي الشكوى لا يقدمان أي تفاصيل أخرى عن الحادث أو ما أعقبه في البلاغ، ولا هما يعللان ما جعلهما يعتقدان أن المعتدين كانوا أيضاً أصحاب المكالمات الهاتفية. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحب الشكوى، إذ يعترض على ما خلصت إليه السلطات السويسرية من أن رسالة التهديد التي تلقاها في آذار/مارس ٢٠١١ مزورة لأن أجزاء منها مكتوبة باللغة الإنكليزية، لم يصف مضمون هذه الرسالة ولم يقدمها إلى اللجنة. وتلاحظ اللجنة أنه لم يقدم أي وثائق أخرى لدعم ادعاءاته بأنه تلقى مكالمات تهديد هاتفية شبه يومية حين كان يعمل في السفارة السويسرية في إسلام أباد. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي الشكوى، بعد مكالمات التهديد الهاتفية والرسالة والاعتداء، لم يبلغا السفارة السويسرية، واختارا العودة إلى باكستان في أيلول/سبتمبر ٢٠١١ بعد مكوثهما شهرين في سويسرا، بنية البقاء في باكستان. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي الشكوى، حتى بعد أن علما قبل مغادرة باكستان بشهرين أن شكوى جنائية بتهمة التجديف قُدمت بحقهما، عادا طوعاً إلى البلد بعد ذلك ببضعة أشهر. وترى اللجنة في ظل هذه الظروف أن عودة صاحبي الشكوى إلى باكستان لا تؤيد ادعاءهما أنهما كانا يخشيان على حياتهما بسبب التهديدات المزعومة والاعتداء والشكوى الجنائية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الاعتداء والتهديدات المزعومة حدثت قبل ثمانية إلى تسعة أعوام في إطار وظيفة صاحب الشكوى السابقة، التي تركها في عام ٢٠١١، وأن ذلك لا يعني بالضرورة أن أياً من صاحبي الشكوى سيواجه خطر التعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى باكستان اليوم.

7-9 وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحبي الشكوى، إذ يدعيان أنهما غادرا باكستان في المرة الثانية على وجه السرعة في 1 تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١ بعد أن علما أن مذكرة توقيف صدرت بحقهما، كانا قد أزمعا العودة إلى سويسرا في ذلك التاريخ نفسه، بشراء تذاكر رحلات جوية ذهاباً وإياباً. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي الشكوى، إذ يؤكدان صدور مذكرة توقيف بحقهما، لا يقدمان تفاصيل أو وثائق تؤيد هذا الادعاء، ولا يعلّلان أسباب صدور مذكرة توقيف بحق صاحبة الشكوى، إذا كانت الشكوى الجنائية وتقرير المعلومات الأول لا يخصان سوى صاحب الشكوى. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبي الشكوى لا يدعيان أنهما كانا على اتصال شخصي بالشرطة أو بأفراد آخرين رموهما بتهمة التجديف، ولا هما يدعيان أنهما صادفا مشاكل عند مغادرة باكستان في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، على الرغم من مذكرة التوقيف المزعومة. وتلاحظ اللجنة كذلك أن البلاغ لا يتضمن معلومات مؤيدة بأدلة عن تعرض صاحبة الشكوى لأي اضطهاد. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي الشكوى أتيحت لهما فرصتان للإدلاء بأقوالهما أمام مكتب الهجرة الاتحادي، في المقابلتين اللتين أجريتا معهما في عامي ٢٠١١ و٢٠١٤ . وترى اللجنة أن الحجج التي ساقها صاحبا الشكوى، على الرغم من طعنهما في الاستنتاج القاضي بأن تقرير المعلومات الأول والرسائل المجهولة المصدر مزورة، لا تثبت أن تقييم سلطات اللجوء السويسرية الوثائق كان تعسفياً أو خاطئاً على نحو واضح أو كان بمثابة إساءة تطبيق لأحكام العدالة. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبي الشكوى، على الرغم من أنهما يعترضان على ما خلصت إليه السلطات من أن الرسائل الواردة من مسؤولي الكنيسة هي مجرد رسائل مجاملة، لم يقدما تلك الرسائل إلى اللجنة.

7-10 وتعرب اللجنة عن قلقها لأن التجديف، وفق ما تنص عليه المادة ٢٩٥-جيم من قانون العقوبات الباكستاني، يعاقَب عليه بالإعدام وجوباً، وإن لم يسبق أن نفذت الدولة حكم الإعدام على هذه الجريمة ( ) . ويساور اللجنة أيضاً قلق عميق إزاء التقارير التي تفيد أنه ليس من النادر في باكستان أن يقدم أفراد المجتمع المحلي على اتهام أشخاص بالتجديف زوراً والاعتداء عليهم اعتداءً جماعياً عنيفاً، دون أن تبذل الدولة جهوداً فعلية لمنع حدوث ذلك أو للتدخل في حال حدوثه ( ) . وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية الصادرة في عام ٢٠١٧ بشأن التقرير الأولي لباكستان، التي أعربت فيها عن قلقها إزاء ورود تقارير عن عدم بذل السلطات الحكومية جهوداً كافية لحماية الأفراد الضعفاء، بمن فيهم أفراد الطوائف المسيحية والأفراد المتهمون بالتجديف، من العنف الذي تمارسه جهات من غير الدول (CAT/C/PAK/CO/1، الفقرة 36). وتذكّر اللجنة بما ورد في تعليقها العام رقم ٢(2007) المتعلق بتنفيذ المادة 2، من أن امتناع الدول الأطراف عن ممارسة العناية الواجبة للتدخل ووقف أعمال التعذيب ومعاقبة مرتكبيها وتوفير سبل انتصاف لضحاياها يسهِّل على الجهات من غير الدول ارتكاب أفعال غير مسموح بها بموجب الاتفاقية مع الإفلات من العقاب، ويمكِّن هذه الجهات من ارتكابها (الفقرة 18). على أن اللجنة تذكِّر أيضاً بأن حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في بلد العودة، ترتكبها جهات تابعة للدولة أو غير تابعة لها، لا يكفي في حد ذاته لتخلص إلى أن صاحب شكوى معرض شخصياً لخطر التعذيب ( ) . وتشير اللجنة إلى ما خلصت إليه من استنتاجات في الفقرتين 7-8 و 7 -9 أعلاه، وترى في هذه القضية أن صاحبي الشكوى لم يثبتا أن الدولة الطرف لم تقيّم حسب الأصول ادعاءاتهما بأن الشرطة كانت تبحث عن صاحب الشكوى فيما يتعلق بادعاءات التجديف وأن أفراداً هددوه واعتدوا عليه بعنف بعد أن كانوا طلبوا إليه تزويدهم بصورة غير قانونية بتأشيرات سويسرية. وللأسباب المذكورة أعلاه، ترى اللجنة أن المعلومات المقدمة من صاحبي الشكوى غير كافية لإثبات وجود أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أنه إذا أعيدا إلى باكستان، سيواجهان خطراً متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً بالتعرض للتعذيب، سواء من مسؤولي الدولة أو من وكلاء غير تابعين للدولة وخارجين عن سيطرتها.

٨- وترى اللجنة، استناداً إلى ما تقدم وفي ضوء المواد المعروضة عليها، أن صاحبي الشكوى لم يقدما أدلة كافية تمكّنها من استنتاج أن ترحيلهما قسراً إلى باكستان سيعرضهما لخطر متوقع وحقيقي وشخصي بالتعرض للتعذيب بالمعنى المقصود في المادة 3 من الاتفاقية.

٩- وتقضي اللجنة، وهي تتصرف بمقتضى الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، بأن ترحيل الدولة الطرف صاحبي الشكوى إلى باكستان لن يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية ( ) .

المرفق

[الأصل: بالفرنسية]

رأي فردي مخالف صادر عن عبد الوهاب الهاني

1- كان ينبغي للجنة أن تلاحظ أن نحو ثلاث سنوات انقضت بين المقابلتين اللتين أجرتهما أمانة الدولة لشؤون المهاجرين مع صاحبي الشكوى. وقد تفسر هذه المدة بعض التناقضات الوقائعية الصغيرة في الأقوال التي أدليا بها للسلطات في نقاط ثانوية غير جوهرية لطلب اللجوء ( ) ، مثل التواريخ الدقيقة لزيارات الشرطة إلى منزل شقيق صاحب الشكوى والمكان الذي أضاع فيه صاحبا الشكوى جوازي سفرهما. والدولة الطرف لا تعترض على هوية صاحبي الشكوى، ولا على أنهما مسيحيان، ولا حتى على أن صاحب الشكوى كان يعمل في السفارة السويسرية في إسلام أباد. وقد أعطى صاحب البلاغ السلطات السويسرية تعليلات منطقية بشأن عدد كبير من أقواله. فقد أوضح مثلاً أنه لم يبلغ رؤساءه في السفارة بمكالمات التهديد الهاتفية التي كان يتلقاها، وهو ما قالت عنه السلطات إنه غير منطقي، لأنه كان يخشى أن تكون الشرطة متحيزة ضده بسبب اعتناقه المسيحية. ويبدو هذا التفسير معقولاً بالنظر إلى المعلومات الجديرة بالتصديق التي تفيد أن الشرطة الباكستانية كثيرا ً ما لا توفر حماية فعالة للأقليات الدينية، ولا سيما المسحيين منهم ( ) .

2- أما الأسباب التي ساقتها الدولة الطرف لإثبات أن تقرير المعلومات الأول يفتقر إلى قيمة إثباتية فهي أسباب غير مقنعة. فصحيح أنه نسخة، لكن من الممكن أن تحتفظ الشرطة بالأصل لديها. واعتبرت الدولة الطرف أن الوثيقة مزورة لأن الختم يحمل عبارة باللغة الإنكليزية (“Police Station − Lahore – Liaqatabad“). لكن باكستان كانت فيما مضى مستعمرة بريطانية، ولم تتحقق الدولة الطرف، على ما يبدو، مما إذا كانت اللغة لإنكليزية ما زالت شائعة الاستخدام في الوثائق الرسمية. أما عن التأخر في تقديم تقرير المعلومات، فقد أوضح صاحبا الشكوى أنهما قدماه بعدما طلبته سلطات الدولة الطرف ببضعة أسابيع. غير أن السلطات السويسرية لم تراع ذلك مراعاة واجبة. كما أن مجرد وجود بضع كلمات إنكليزية في الرسالة المجهولة المصدر المرسلة إلى صاحب الشكوى، الذي كان يعمل في سفارة أجنبية، لا يكفي بالضرورة للطعن في القيمة الإثباتية لهذه الرسالة.

3- وبالإضافة إلى ذلك، إذا كان صاحب الشكوى لم يبرز وثائق تؤيد ما ذهب إليه من أن مذكرة التوقيف صدرت بحقه في عام 2011، فإن بعض التقارير يدل على أن قانون العقوبات لا يلزم بتقديم أدلة تتعلق بادعاءات التجديف ( ) . كما تدل معلومات موثوق بها على أن واجب ضباط الشرطة التحقيق في شكاوى التجديف قبل إحالتها إلى المحاكم نادراً ما يُتقيد به ( ) . ورأت الدولة الطرف أن أقوال صاحبي الشكوى من أنهما كانا يخشيان العودة إلى باكستان غير جديرة بالتصديق لأنهما عادا طواعيةً إلى هذا البلد؛ لكن صاحبي الشكوى قالا إنهما لم يعلما بتقرير المعلومات الأول إلا بعد عودتهما إلى باكستان وإنهما لم يلبثا أن غادرا البلد. ويتضمن تقرير المعلومات الأول اتهاماً بالتجديف ضد صاحب الشكوى، والوضع الحالي يشير إلى وجود أسباب جدية تحمل على الاعتقاد أن الأشخاص المتهمين بالتجديف هم، من ناحية أولى، معرضون شخصياً للقتل في باكستان، ولا يستطيعون من ناحية أخرى التعويل على حماية فعالة من السلطات العامة.

4- وبالنظر إلى ما تقدم، كان يتعين على اللجنة أن تستنتج أن إعادة صاحبي الشكوى إلى باكستان يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.