RESTRICTED *
CAT/C/42/D/261/200512 May 2009
ARABIC
Original: ENGLISH
ل جن ة مناهضة التعذيب
الدورة الثانية والأربعون
27 نيسان/أبريل - 15 أيار/مايو 2009
قرار
البلاغ رقم 261/2005
المقدم من : السيد باسم عثماني (يمثله محامٍ، مركز القانون الإنساني، ومركز حقوق الأقليات والمركز الأوروبي لحقوق طائفة الروما )
الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى
الدولة الطرف : جمهورية صربيا ( )
تاريخ تقديم الشكوى : 17 كانون الأول/ديسمبر 2004 (تاريخ الرسالة الأولى)
تاريخ صدور القرار الحالي : 8 أيار/مايو 2009
موضوع البلاغ : إساءة معاملة صاحب الشكوى من جانب مسؤولي الشرطة أثناء قيامهم بتنفيذ أمر إجلاء ثم عدم إنصاف وتعويض صاحب الشكوى.
القضايا الإجرائية : الفقرة 5(ب) من المادة 22
القضايا الموضوعية : المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ الحق في تحقيق سريع ونزيه متى توافرت أسباب معقولة للاعتقاد بأنه جرت معاملة أو نفذت عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة؛ حق الفرد في أن يرفع شكوى إلى السلطات المختصة في دولة طرف وفي أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة؛ الحق في تعويض عادل ومناسب.
مواد الاتفاقية : الفقرة 1 من المادة 16 مقروءة منفصلة أو بالاقتران مع المواد 12 و13 و14، مقروءة منفردة أو بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 16.
[مرفق]
المرفق
قرار لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
الدورة الثانية والأربعون
بشأن
البلاغ رقم 261/2005
المقدم من : السيد باسم عثماني (يمثله محامٍ، مركز القانون الإنساني، ومركز حقوق الأقليات والمركز الأوروبي لحقوق طائفة الروما )
الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى
الدولة الطرف : جمهورية صربيا
تاريخ تقديم الشكوى : 17 كانون الأول/ديسمبر 2004 (تاريخ الرسالة الأولى)
إن لجنة مناهضة التعذيب ، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد اجتمعت في 8 أيار/مايو 2009،
وقد اختتمت نظرها في الشكوى رقم 261/2005، المقدمة إلى لجنة مناهضة التعذيب باسم السيد باسم عثماني بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،
وقد أخذت في الحسبان جميع المعلومات التي أتاحها لها أصحاب الشكوى،
تعتمد القرار التالي بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
1- صاحب الشكوى هو السيد باسم عثماني، مواطن من جمهورية صربيا من أصول غجرية (طائفة الروما ) ، مولود في عام 1967، يقيم في جمهورية صربيا. ويدعي أنه ضحية لانتهاكات جمهورية صربيا للفقرة 1 من المادة 16، منفردة أو مقروءة بالاقتران مع المواد 12 و13 و14، مقروءة منفردة أو بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتمثله ثلاث منظمات غير حكومية وهي: مركز القانون الإنساني، ومركز حقوق الأقليات، وكلاهما يتخذان من بلغراد مقراً لهما والمركز الأوروبي لحقوق طائفة الروما ومقره بودابست.
الخلفية الوقائعية
2-1 صاحب الشكوى هو أحد ساكني مستوطنة ال روما "أنتينا" البالغ عددهم 107 أشخاص، وهي تقع في بلدية بلغراد الجديدة. وشُيِّدت المستوطنة منذ عام 1962. وكانت أربع أُسر تقيم فيها بصفة دائمة، بينما تتألف أغلبية سكانها من طائفة الروما الذين أُجلوا من كوسوفو، وانتقلوا إلى المستوطنة في عام 1999 بعد تدمير ممتلكاتهم في كوسوفو. وفي 6 حزيران/يونيه 2000، أخطرت بلدية بلغراد الجديدة كتابيا ً سكان "أنتينا" بقرارها المؤرخ 29 أيار/مايو 2000 القاضي بهدم المستوطنة وبوجوب مغادرتهم المنطقة مساء اليوم التالي ( ) . ولم يعترض السكان على قرار البلدية، بيد أنه م لم يغادروا الموقع بسبب فقرهم وعدم قدرتهم على إيجاد مكان آخر للعيش به في خلال مهلة قصيرة. وفي 8 حزيران/يونيه 2000، ونحو الساعة 10 صباحاً، وصل ممثلو بلدية بلغراد الجديدة ومجموعة تضم نحو عشرة أفراد شرطة يرتدون الزي الرسمي إلى المستوطنة بغية تنفيذ أمر الإجلاء. وإثر شروع الجرافات مباشرة في هدم المستوطنة، وصلت مجموعة تتألف من خمسة إلى ستة أفراد شرطة يرتدون جميعهم الزي المدني الأسود، باستثناء سائق الشاحنة الذي كان يرتدي بزة بيضاء، في سيارة شاحنة من فئة إيفيكو تحمل لوحة سيارات شرطة رقم BG 611-542( ) . ولم يبرزوا بطاقات هوية ولم توجد على ملابسهم أية شارات مميزة. وأثناء الإجلاء، اعتدى أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني بالضرب على عدد من طائفة الروما ، بينما وجّه أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي الرسمي عبارات عنصرية نابية إليهم. وصُفع الشاكي مرتين وضُرب بقبضة اليد على الرأس وفي موقع الكليتين من جانب فرد من أفراد من الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني ، وقيَّد ذراع صاحب الشكوى الأيسر، والحال أنه كان يحتضن ابنه البالغ من العمر 4 سنوات بالذراع الأيمن. وضُرب الطفل أيضاً، بيد أنه لم يتعرض لإصابة خطيرة. وفرّ صاحب الشكوى من المستوطنة لتلقي الإسعاف الطبي. وأفادت شهادات طبية مؤرخة 12 حزيران/يونيه 2000 عن وجود كدمات تحت ذراعه الأيسر وأُشير عليه بالاتصال بطبيب أخصائي لفحص بطنه.
2-2 ونتيجة لهذه العملية، دمّر تماماً بيت الشاكي وممتلكاته الشخصية بما فيها شاحنة صغيرة، فبات بلا مأوى رفقة زوجته وأطفاله القصر الثلاثة. وأقام الشاكي وأسرته أثناء الشهور الستة الأولى التي تلت الحادثة في خيمة بموقع المستوطنة المدمرة. وبداية من عام 2002، أقاموا في الطابق التحتاني من عمارة يعمل فيها صاحب الشكوى للإشراف على نظام التدفئة والصيانة.
2-3 وفي 12 آب/أغسطس 2000، قدم مركز القانون الإنساني شكوى مشفوعة بأدلة داعمة منها بيانات أدلى بها خمسة شهود أمام المدعي العام البلدي الرابع لبلغراد ، يدّعي فيها المركز أن إساءة معاملة صاحب الشكوى من جانب أشخاص مجهولي الهوية ، وسلوك الشرطة أثناء هدم المستوطنة ، يشكلان انتهاكاً لل مادة 54 (نتجت عنه إصابة بدنية طفيفة) والمادة 66 (إساءة استعمال السلطة) من القانون الجنائي.
2-4 ووفقاً للفقرة 1 من المادة 19 من قانون الإجراءات الجنائية لجمهورية صربيا، يمكن تقديم دعوى جنائية بطلب من مدعي عام مأذون، يمكن أن يكون المدعي العام أو الضحية. و يجوز للدولة بحكم وضعها والتزاماتها إقامة الدعوى بشأن الجرائم الجنائية الثابتة بموجب القانون، عن طريق دائرة المدعي العام، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك صراحة، وهو لم يحدث طبقاً ل لمادتين 54 و66 من القانون الجنائي. وعملاً بالفقرة 1 من المادة 241 والفقرة 3 من المادة 242 من قانون الإجراءات الجنائية، لا يمكن إجراء تحقيق قضائي رسمي إلا ضد فرد حُددت هويته. وعندما تكون هوية المرتكب المزعوم لجريمة جنائية مجهولة، يجوز للمدعي العام أن يطالب بالمعلومات اللازمة و/أو أن تتخذ التدابير الضرورية بغية التعرف على الفرد/الأفراد المعنيين. وعملاً بالفقرة 1 من المادة 239، من قانون الإجراءات الجنائية، يمكن للمدعي العام أن يمارس هذه السلطة عن طريق هيئات إنفاذ القانون أو بمساعدة قاضي التحقيق. وإذا ثبت لدى المدعي العام، استناداً إلى مجمل القرائن، وجود شك معقول في ارتكاب شخص ما جريمة جنائية ، يجوز له بحكم المنصب إقامة دعوى بشأنها فإنه يطلب من قاضي التحقيق إجراء تحقيق قضائي رسمي عملاً بالمادتين 241 و242 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن جهة أخرى، إذا قرر المدعي العام أنه لا يوجد أساس للقيام بتحقيق قضائي رسمي، يجب عليه أن يُبلغ الشاكي/الضحية بهذا القرار، ويمكن للشاكي عندئذ أن يمارس صلاحياته في رفع دعوى باسمه - أي بصفته "مدعٍ عام خاص" كما تقضي بذلك الفقرتان 1 و2 من المادة 61 والفقرة 1 من المادة 235 من قانون الإجراءات الجنائية.
2-5 وفي 10 نيسان/أبريل 2001، ونظراً إلى عدم تسلم رد من مكتب المدعي العام، أرسل مركز القانون الإنساني التماساً إلى المدعي العام البلدي الرابع للحصول على معلومات بشأن التحقيق. وأُبلغ المركز في رسالة مؤرخة 19 نيسان/أبريل 2001 استلمها في 16 أيار/مايو 2001، برفض الشكوى، بسبب عدم وجود شك معقول في ارتكاب أفعال جنائية قابلة للمقاضاة رسمي اً. ولم تُقدَّم أي معلومات عن التدابير التي اتخذها مكتب المدعي العام للتحقيق في الشكوى. وأُشير على ممثل الضحية، عملاً بالفقرة 2 من المادة 60 ( ) ، من قانون الإجراءات الجنائية، بتقديم دعوى لمحكمة بلغراد البلدية في غضون ثمانية أيام. وتحقيقاً لهذا الغرض، دّ عي ممثل الضحية إلى أن يقترح على قاضي التحقيق إجراء تحقيق ضد شخص مجهول الهوية أو اتهام المسؤولين شخصي اً بالجرائم التي تحظرها المادتان 54 و66 من القانون الجنائي الصربي. وقدم نائب المدعي العام قائمة تضم أسماء أربعة أشخاص من إدارة الشؤون الداخلية لبلغراد الجديدة قدموا المساعدة إلى إدارة الهندسة المدنية وشؤون الإسكان البلدي في تنفيذ أوامر الإجلاء والهدم وهم: كبير الرقباء B.، والرقيبان الأولان A. وN.، والمساعد J. بيد أن الرسالة لم تذكر أسماء أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني وشاركوا في عملية الإجلاء، مما يحول دون تقديم صاحب الشكوى دعوى قضائية رسمية ضدهم.
2-6 وفي 23 أيار/مايو 2001، قدم مركز القانون الإنساني طلباً إلى المحكمة البلدية الرابعة لبلغراد بإعادة فتح التحقيق في القضية. وبغية المساعدة على التعرف على الجناة، طلب المركز إلى المحكمة أن تستمع، بالإضافة إلى الشهود من طائفة الروما ، إلى أفراد الشرطة الذين وردت أسماؤهم في رسالة نائب المدعي العام المؤرخة 19 نيسان/أبريل 2001، وكذلك ممثلي إدارة الهندسة المدنية وشؤون الإسكان البلدي الذين كانوا حاضرين في 8 حزيران/يونيه 2000.
2-7 وفي الفترة من 25 كانون الأول/ديسمبر 2001 إلى 10 نيسان/أبريل 2002، استمع قاضي التحقيق إلى أفراد الشرطة الأربعة الذين كانوا يرتدون الزي الرسمي، وأدلوا ببيانات متناقضة بشأن مشاركة الشرطة في هدم مستوطنة "أنتينا". وأفاد المساعد J. أنه بسبب عدد سكان المستوطنة وممانعتهم في إجلائها، طلب فريق الشرطة تزويده بمساعدة إضافية فحضرت مركبة فوراً إلى مسرح الأحداث تُقِل خمسة أو ستة زملاء يرتدون الزي المدني من مخفر شرطة بلغراد الجديدة ( ) . وأفاد كبير الرقباء B.، وهو قائد إدارة الشرطة في بيزانيجا ( ) ، أن دعم الشرطة قُدم في موقعين بالمستوطنة وأنه لم يكن يوجد أفراد شرطة يرتدون الزي المدني في الموقع الذي كان يوجد فيه. وصرَّح الرقيب A. أنه كان حاضراً عند هدم المستوطنة لكنه لم يشاهد حدوث أي عنف. وأفاد أنه لا يتذكر ما إذا كان يوجد أفراد آخرون من وزارة الشؤون الداخلية، باستثناء الأفراد الذين قدموا من إدارة شرطة بيزانيجا ، الذين كانوا موجودين في مسرح الأحداث. وأفاد أنه وفقاً للقاعدة المعمول بها ، تُقدَّم المساعدة من جانب أفراد ال شرطة الذين يرتدون الزي الرسمي وليس من جانب أفراد الشرطة الذين يرتدون الزي المدني. وأفاد الرقيب N.ب أنه لم يشارك في هذه العملية. ولم يتمكن أي فرد من أفراد الشر طة الذين كانوا حاضرين أثناء إجلاء وهدم مستوطنة "أنتينا"، من تذكُّر أسماء الزملاء أو المساعدين الذين شاركوا أيضاً في العملية.
2-8 وفي 17 أيار/مايو 2002، استمع قاضي التحقيق لصاحب الشكوى. وأيَّدت شهادته بيانات أدلى بها اثنان من سكان المستوطنة، استمع إليهما قاضي التحقيق أيضاً بصفتهما شاهدين. وأفادوا جميعاً أن بوسعهم التعرف على أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني ، واعتدوا عليهم بالضرب.
2-9 وفي 4 حزيران/يونيه 2002، ورداً على طلب قاضي التحقيق الحصول على معلومات عن أفراد الشرطة الذين كانوا حاضرين أثناء إجلاء سكان مستوطنة "أنتينا" وهدمها، أفادت إدارة الشؤون الداخلية لبلغراد الجديدة أن تنفيذ قرار بلدية بلغراد الجديدة بدأ في 7 حزيران/يونيه 2000. وفي ذلك اليوم، زار مسؤولو الشرطة J. وO. وT. المستوطنة وطلبوا إلى السكان المبادرة إلى إخلاء بيوتهم. وواصل العملية في اليوم التالي الرقيبانA.وN. إلى جانب القائد B..
2-10 وفي 17 تموز/يوليه 2002، استجوب قاضي التحقيق المفتش P.، وهو أحد مفتشي تشييد ال مباني الحاضرين أثناء العملية. وأفاد أن سكان "أنتينا" كانوا على عِلم بخطة هدم مستوطنتهم قبل شهر من الهدم الفعلي وأنهم مُنحوا في 7 حزيران/يونيه 2000 ما لا يقل عن 24 ساعة كإشعار بالإجلاء. وفي 8 حزيران/يونيه 2000، اجتمع سكان "أنتينا" في المستوطنة وبدا له أنهم استعانوا بأشخاص آخرين من طائفة الروما من مستو طنات أخرى لمنع الهدم. وطلب مفتشو تشييد المباني المساعدة من إدارة شرطة بيزانيجا ، التي أرسلت إلى المستوطنة أفراد شرطة يرتدون الزي الرسمي وآخرون يرتدون الزي المدني. وأكد الشاهد أن سكان طائفة الروما تعرضوا لبعض اللكمات والصفعات على وجوههم لكنه أفاد أنه لا يتذكر استخدام هراوات لضربهم. غير أنه أضاف أن أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني لم يتدخلوا في النزاع؛ بل كانوا يقتادون أحد سكان طائفة الروما إلى مخفر الشرطة، بسبب مقاومته هدم المستوطنة. ومضى يقول إن عملية الهدم لم تبدأ قبل إخراج السكان أمتعتهم من أماكن الإيواء ( ) .
2-11 وفي 12 أيلول/سبتمبر 2002، أبلغت المحكمة البلدية الرابعة لبلغراد مركز القانون الإنساني ( ) باختتام التحقيق وأنه بوسع ممثل الضحايا، عملاً بأحكام الفقرة 3 من المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية، تقديم لائحة اتهام في القضية ( ) في غضون 15 يوماً وإلا ستعتبر المحكمة أن ممثل الضحايا قد تخلى عن الملاحقة القضائية.
2-12 وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر 2002، قدم ممثل صاحب الشكوى والضحايا الآخرون طلباً جديداً لاستكمال التحقيق لدى المحكمة البلدية الرابعة لبلغراد، وفقاً للإجراء الذي تقضي به الفقرة 1 من المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية. وتنص اللائحة على أن قاضي التحقيق، انتهاكاً للمادة 255 من قانون الإجراءات الجنائية، لم يقدم للأطراف أسماء أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون زياً مدنياً، وتبعاً لذلك، لم ي تمكن الممثل من تق ديم شكوى رسمية للملاحقة القضائية في هذه القضية. واقترح أموراً منها عقد المحكمة جلسة جديدة مع المساعد J. وإعادة إرسال طلب إلى إدارة الشؤون الداخلية لبلغراد الجديدة لتقديم معلومات عن هوية أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني وشاركوا في الحادث.
2-13 وفي 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، ورداً على هذا الطلب، أرسلت المحكمة البلدية الرابعة لبلغراد طلباً إلى إدارة الشؤون الداخلية لبلغراد الجديدة للاستفسار عن أسماء أفراد الإدارة الذين قدموا المساعدة إلى بلدية بلغراد الجديدة وإلى إدارة شرطة بيزانيجا ، بيد أنها أدرجت خطأً تاريخ اً غير صحيح للحادث وهو 8 حزيران/يونيه 2002. ونتيجة لذلك، ردت إدارة الشؤون الداخلية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 أنها لم تقدم أي مساعدة إلى الهيئات السالفة الذكر في ذلك التاريخ. وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، أرسلت المحكمة البلدية الرابعة لبلغراد طلباً ثاني اً مماثلاً إلى إدارة الشؤون الداخلية. ولم يتضمن الطلب الإشارة هذه المرة إلى تاريخ الحادث بل طلب أسماء أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني وساعدوا أفراد الشرطة من إدارة شرطة بيزانيجا أثناء هدم مستوطنة "أنتينا". وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2002، ردّ المساعد J. أنه لا يعرف أسماء أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني والذين تدخلوا أثناء هدم مستوطنة "أنتينا" بيد أنه لم ينكر حدوث هذا التدخّل. وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 كذلك، أجرت المحكمة مقابلة جديدة مع المساعد J.، الذي كرر تصريحاته السابقة مضيفاً "[...] سأسعى، إذا اقتضت الحاجة ذلك، للعثور على أسماء أفراد الشرطة تحديداً الذين كانوا متواجدين وإبلاغ المحكمة بذلك".
2-14 وفي 26 كانون الأول/ديسمبر 2002، أبلغت المحكمة البلدية الرابعة لبلغراد ممثل الضحايا أنها أغلقت باب التحقيق وذكَّرت بأنه وفقاً للفقرة 3 من المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية، يمكن لممثل الضحايا رفع لائحة اتهام في القضية في غضون 15 يوماً، وإلا سيُعتبر أنه تخلى عن الملاحقة القضائية.
2-15 وفي 10 كانون الثاني/يناير 2003، أبلغ ممثل الضحايا المحكمة أن مشاركة أفراد شرطة يرتدون الزي المدني في الاعتداء على أفراد من طائفة الروما في 8 حزيران/يونيه 2000 تدعمه دعماً واضحاً بيانات الضحايا، وكذلك بيانات الشاهدين P. والمساعد J. وطلب إلى المحكمة مواصلة تحقيقها بغية تحديد هوية الجناة. وفي 6 شباط/فبراير 2003، أرسلت إدارة الشؤون الداخلية لبلغراد الجديدة، في إطار ردها على طلب ثالث من المحكمة بتاريخ 30 كانون الثاني/يناير 2003، رسالة تتضمن إسمي فردين من أفراد الشرطة هما G. وA.، قدما المساعدة أثناء الحادث الذي وقع في 8 حزيران/يونيه 2000.
2-16 وفي 25 آذار/مارس 2003، أرسل مركز القانون الإنساني خطاباً إلى وزير الشؤون الداخلية أعرب فيه عن قلقه واشتكى فيه من عدم تعاون إدارة الشؤون الداخلية لبلغراد الجديدة في التحقيق وطلب إلى الوزير الإفصاح عن أسماء أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني والذين قدموا المساعدة أثناء حادثة 8 حزيران/يونيه 2000 بمستوطنة "أنتينا" الواقعة في بلغراد الجديدة.
2-17 وفي 8 شباط/فبراير 2003، أجرت المحكمة مقابلة مع الشرطي G.، الذي أفاد أنه لم يكن حاضراً أثناء هدم مستوطنة "أنتينا" و لم يكن على عِلم بحادثة 8 حزيران/يونيه 2000 مباشرة. وأكد أن المساعدة في مثل هذه الحالات يقدمها عادة وطبقاً للقواعد السارية أفراد شرطة يرتدون الزي الرسمي وليس أفراد شرطة يرتدون الزي ال مدني، لكن يمكن في حالات الطوارئ إرسال بعض أفراد الشرطة الذين يرتدون الزي المدني. وأضاف أن أفراد الشرطة الذين يكل ّ فون بمهام مختلفة تدون أسماؤهم في سجل ّ لدى إدارة الشرطة. وإذا رغبت المحكمة في الحصول على هذه المعلومات، فإنها ستتلقى تقريراً يستند إلى المعلومات الواردة في هذا السجلّ .
2-18 وبموجب رسالة مؤرخة 6 آذار/مارس 2003 ( ) ، أُبلغ ممثل الضحايا مجدداً أن المحكمة البلدية الرابعة لبلغراد أغلقت باب التحقيق و أن بإمكانه تقديم لائحة اتهام في غضون 15 يوماً لتيسير المقاضاة الجنائية في هذه القضية. ومرة أخرى لم تحدد أسماء الجناة . وفي 27 أيار/مايو 2003، طلب الممثل إلى المحكمة عدم إقفال باب التحقيق في القضية حتى ترسل وزارة الشؤون الداخلية ردها على طلب مجلس القانون الإنساني تزويده بأسماء أفراد الشرطة الذين شاركوا في الحادث وكانوا يرتدون الزي المدني. وفي 3 حزيران/يونيه 2003، أرسل مجلس القانون الإنساني تذكيراً إلى وزارة الشؤون الداخلية. وفي 20 حزيران/يونيه 2003، أبلغ مستشار وزير الداخلية مركز القانون الإنساني بأن التحقيق الجنائي الذي أجرته المحكمة البلدية الرابعة لبلغراد لم يؤكد مشاركة أفراد شرطة يرتدون الزي المدني في حادثة 8 حزيران/يونيه 2000. وخلصت الرسالة، إلى أنه ينبغي لأمانة بلغراد ( ) ، بناءً على طلب المحكمة، تقديم جميع المعلومات المطلوبة المتعلقة بسلوك أفراد الشرطة.
2-19 وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2003، أُبلغ ممثل الضحايا للمرة الرابعة بأن المحكمة قد اختتمت تحقيقها في القضية ودُعي الممثل إلى تقديم لائحة الاتهام في غضون 15 يوماً. وكما حدث سابقاً، لم يبل ّ غ الممثل بأسماء الجناة، الأمر الذي جعل من المستحيل على الضحايا إقامة الدعوى في هذه القضية.
2-20 ولصاحب الشكوى، بموجب القانون المحلي، إجراءان مختلفان يمكن من خلالهما التماس التعويض: (1) الدعوى الجنائية، بموجب المادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية، التي ينبغي أن تُرفع على أساس الشكوى الجنائية التي يتقدم بها ، أو (2) رفع دعوى مدنية مقابل الأضرار التي لحقت به وذلك بموجب المادتين 154 و200 من القانون الصربي الخاص بالالتزامات. وحيث إن المدعي العام لم يحدد الجناة ولم يقدم المدعي العام البلدي الرابع دعوى جنائية رسمية، بات الخيار الأول سبيلاً غير مطروح. وفيما يتعلق بالسبيل الثاني، لم يتقدم صاحب الشكوى بدعوى مدنية للحصول على تعويض، نظرا ً إلى أن المحاكم الصربية دأبت على تعليق القضايا المدنية التي تطالب بجبر الأضرار الناجمة عن الجرائم الجنائية حتى تنتهي الإجراءات الجنائية المتعلقة بها .
2-21 ولو قرر صاحب الشكوى رفع دعوى للتعويض عن الأضرار التي لحقت به مباشرة بعد وقوع الحادثة، لاعترض سبيله عائق إجرائي آخر. ذلك أن المادتين 186 و106 من قانون الإجراءات الجنائية تنصان على وجوب أن يُحدد الطرفان في دعوى مدنية - المدعي والمُدَّعى عليه على السواء - بالإسم والعنوان وغيرهما من البيانات الشخصية. وحيث إن صاحب الشكوى لم يتمكن من تقديم هذه المعلومات، فسيكون رفع دعوى مدنية في حكم المستحيل إجرائياً وستُرفض الدعوى المدنية فورا ً .
الشكوى
3-1 يؤكد صاحب الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 1 من المادة 16، مقروءة منفردة أو بالاقتران مع المادتين 12 و13؛ والمادة 14، مقروءة منف صلة أو بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 16 من الاتفاقية.
3-2 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يؤكد صاحب الشكوى أن القانون الدولي لا يطالِب ضحية ما بالسعي للحصول على أكثر من انتصاف واحد، يمكن أن يجبر الأضرار التي لحقته بسبب الانتهاكات المزعومة. وحيثما يكون هناك خيار ات مطروحة للحصول على تعويضات فعالة وكافية، يتعين على صاحب الشكوى أن يختار واحد اً منها. وبناء على ذلك، وإذا كان صاحب الشكوى قد استنفد أحد سُبُل الانتصاف دون جدوى، فإنه "لا يمكن أن يتعرّض للنقد بسبب عدم اللجوء إلى سبل الانتصاف القانونية التي ستوجَّه أساساً إلى النهاية نفسها ولن تتضمن فرص اً أفضل للنجاح" ( ) . ويشير صاحب الشكوى إلى السوابق القضائية للمفوضية الأوروبية التي اعتبرت أنه عندما يوفر القانون المحلي سبل انتصاف مدنية وجنائية من معاملة يُزعَم أنها تتعارض مع المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن صاحب الشكوى الذي يرفع دعوى جنائية ضد فرد من أفراد الشرطة يُزعَم أنه مسؤول عن إلحاق ضرر به ، لا يحتاج كذلك إلى رفع دعوى مدنية للحصول على تعويضات ( ) . وإضافة إلى ذلك، يدفع صاحب الشكوى بأن الدعوى المدنية فقط في هذه الحالة هي التي قد تكون فعالة؛ فسبل الانتصاف المدنية و/أو الإدارية لا تتيح الانتصاف الكافي.
3-3 ويدّعي صاحب البلاغ أنه تعرّض إلى معاملة أو عقوبة قاسية ولا إنسانية ومهينة على أيدي مسؤولي الدولة انتهاكاً للمادة 16. ويؤكد أن تقييم مستوى إساءة المعاملة يتوقف على أمور منها ضعف الضحية وينبغي بالتالي أن يأخذ في الحسبان نوع جنس الضحية أو سنها أو حالتها الصحية أو أصلها الإثني . ويتوقف مستوى إساءة المعاملة حتى تنعت بأنها "مهينة"، جزئياً، على مدى تعرض الضحية للمعاناة البدنية أو العاطفية. وارتباط صاحب الشكوى ب أقلية تتعرض تاريخياً للتمييز والتحيز ( ) يجعل الضحية أكثر تعرض اً لإساءة المعاملة بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 16، وبخاصة أن هيئات إنفاذ القانون، كما هو الشأن في جمهورية صربيا، لم تُفلح دوم اً في التصدي لأشكال العنف والتمييز المنتظمة ضد طائفة الروما . ويشير إلى أن "مستوى معيناً من الإيذاء البدني يرجَّح أن يشكل ‘معاملة أو عقوبة مهينة أو لا إنسانية‘ عندما يكون بواعز عرقي و/أو يقترن بنعوت عنصرية".
3-4 ويدفع صاحب الشكوى بأن السلطات الصربية، انتهاكاً للمادة 12، إذا قُرِئت بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 16 من الاتفاقية، لم تجر تحقيق اً عادل اً ونزيه اً وشامل اً في الحادثة المع نية يكفل تحديد هوية المسؤولين عن الأفعال المرتكبة ومعاقبتهم، رغم وجود حجج معقولة تحمل على الاعتقاد في إتيان معاملة أو تنفيذ عقوبة قاسية ولا إنسانية ومهينة. ويشير إلى استنتاجات اللجنة في قضية أبّاد ضد إسبانيا أن "السلطات ملزمة بموجب المادة 12 من الاتفاقية ببدء تحقيقات رسمية، متى توافرت أسباب معقولة للاعتقاد بأنه قد جرى ارتكاب أعمال تعذيب أو إساءة معاملة، وأيّاً كان مبعث الشك". ورأت اللجنة كذلك "أن من المفترض أن يستهدف التحقيق في الجرائم تحديد طابع الأفعال المشكو منها والظروف التي حدثت فيها تلك الأفعال، إلى جانب هوية الأشخاص الذين يُحتمل أن يكونوا قد شاركوا فيها" ( ) . وبغية الامتثال لمقتضيات المادة 12، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 16، يقع على سلطات الدولة الطرف واجب إجراء تحقيق فعلي وليس شكلياً يكفل التعرُّف على هوية المسؤولين عن ارتكاب الفعل ومعاقبتهم. وعلى إثر صدور قرار نائب المدعي العام في 19 نيسان/أبريل 2001 بإقفال باب التحقيق، كما يقضي بذلك القانون، يحق للضحية أن ترفع دعوى في القضية وأ ن تقدم لائحة اتهام في نهاية المطاف. بيد أن عدم قيام المدعي العام وقاضي التحقيق بتحديد هوية الجناة حال دون ممارسة صاحب الشكوى هذا الحق.
3-5 ويزعم صاحب الشكوى كذلك انتهاك المادة 13 مقروءة بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 16، بسبب انتهاك حقه في أن تنظر السلطات المختصة في حالته على وجه السرعة وبنزاهة. ويؤكد أن ’الحق في تقديم الشكوى‘ لا يتضمن الإمكانية القانونية للقيام بذلك فحسب بل أيضاً الحق في الحصول على تعويض فع ّ ال بسبب الضرر الذي لحق به .
3-6 ويدّعي صاحب الشكو ى أخيراً حدوث انتهاك للمادة 14 مقروءة بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 16، بسبب عدم جبر الضرر الذي لحق به و عدم حصوله على تعويض عادل ومناسب. ويشير إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن تفسير عبارة "سبل الانتصاف الفعالة" التي ينبغي أن تتاح على الصعيد المحلي، مشيراً إلى أنه كلما ادّعى فرد ، مستنداً إلى أسانيد، تعرّضه لمعاملة لا إنسانية أو مهينة من جانب ال شرطة أو موظفي الدولة، فإن عبارة سبل الانتصاف الفعالة تتضمن، إضافة إلى دفع تعويض عند الاقتضاء، إجراء تحقيق شامل وفعال يؤدي إلى تحديد هوية المسؤولين عن هذه الأفعال ومعاقبتهم ( ) .
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية للشكوى
4- 1 اعترضت الدولة الطرف في رسالة مؤرخة 23 أيار/مايو 2005، على زعم صاحب الشكوى أن المدَّعي العام البلدي الرابع لم يتخذ أي إجراءات رداً على الشكوى التي تقدم بها مجلس القان ون الإنساني في الفترة من 12 آب/ أغسطس 2000 إلى 19 نيسان/أبريل 2001. وتدفع الدولة الطرف بأنه وفقاً لملف القضية المتاح لدى المدعي العام البلدي الرابع ووفقاً لمقابلة أجريت مع نائب المدعي العام المعني بالقضية، فقد تم تلقي شكوى مجلس القانون الإنساني في 15 آب/أغسطس 2000. وفي 18 آب/أغسطس 2000، طلب المدعي العام إلى إدارة الشؤون الداخلية لبلغراد الجديدة تزويده بمعلومات عن "الأشخاص الذين ساعدوا إدارة الهندسة المدنية وشؤون الإسكان البلدي لبلغراد الجديدة على هدم المستوطنة، وما إذا كان قد تم اللجوء إلى القوة، بما في ذلك فئة القوة والطريقة التي استخدمت بها وأسبابها، وعما إذا كان السكان تصدوا لتنفيذ قرار الإدارة".
4-2 وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 ، تلقى المدعي العام تقريراً من قسم مراقبة الشؤون الداخلية التابع لأمانة الشؤون الداخلية لبلغراد. وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، طلب المدعي العام إلى الأمانة أن تعيد إليه الشكوى الأصلية التي أحالتها له الهيئة الأخيرة بتاريخ 13 شباط/فبراير 2001. ووفقاً للتقرير، وفي 7 حزيران/يونيه 2000، زار موظفون من إدارة شرطة بيزانيجا المستوطنة ولاحظوا أن السكان كانوا يحزمون أمتعتهم ببطء، ويقومون بتفكيك أكواخهم ويبحثون عن مكان آخر للسكن. وبناء على ذلك، لم تتدخل الشرطة ضد السكان في ذلك التاريخ. وفي 8 حزيران/يونيه 2000، قامت سلطات الإدارة البلدية "بهدم المساكن المشيدة على نحو غير شرعي [...] وجرت العملية دون الإخلال بالسلم والنظام العامين. وقدمت الشرطة المساعدة [...] بيد أن المساعدة كانت تتمثل في وجود مادي، وعدم اتخاذ أي إجراء أو التدخل بأي شكل من ال أ شكال، سواء أكان ذلك قبل هدم المساكن أم بعدها".
4-3 وفي 19 شباط/فبراير 2001، قرر المدعي العام رفض الشكوى عملاً بالفقرة 4 من المادة 153، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 2 من قانون الإجراءات الجنائية. وعملاً بالفقرة الفرعية 1 من الفقرة 2 من المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية النافذ وقتئذ، فإن للمدعي العام سلطة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحري في الجرائم الجنائية وللتعرف على الجناة المزعومين. والمدعي العام مسؤول عن الإجراءات السابقة على ا لمحاكمة بموجب الفقرة الفرعية 1 من الفقرة 2 من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية الذي بدأ نفاذه لاحقاً. وتخلص الدولة الطرف إلى أن للمدعي العام بموجب قانون الإجراءات الجنائية سلطات محدودة جداً في الإجراءات السابق ة على ا لمحاكمة وعليه أن يستند إلى وزارة الشؤون الداخلية. ووفقاً لتقرير الوزارة، لم تحدث أي أنشطة غير مشروعة في هذه القضية ومع مراعاة إجراء الحصول على أدلة بموجب قانون الإجراءات الجنائية، رأى المدعي العام، وهو محقّ في ذلك، أنه لا يوجد شك معقول بوقوع جريمة جنائية بموجب المادة 66 من قانون الإجراءات الجنائية، أو أي جريمة أخرى ارتكبت وتقا م بشأنها دعو ى قضائية بصفة تلقائية.
4-4 وفي 19 نيسان/أبريل 2001، أحيل القرار أعلاه الخاص بالانتصاف بالمعنى الوارد في الفقرة 2 من المادة 60 من قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس القانون الإنساني. وفي هذا الصدد، تدفع الدولة الطرف بأن قانون الإجراءات الجنائية وقانون الإجراءات المدنية يميزان بصورة واضحة بين صاحب الشكوى والطرف المتضرر. وللطرف المتضرر فقط الحق، بالمعنى الوارد في الفقرة 2 من المادة 60، من قانون الإجراءات الجنائية والفقرة 2 من المادة 61 من قانون الإجراءات المدنية، في رفع دعوى جنائية إذا رفض المدعي العام الشكوى. وفي هذه القضية، فإن للطرف المتضرر حق المدعي العام وليس حق صاحب شكوى خاص. وحيث إن مجلس القانون الإنساني رفع شكوى دون تقديم توكيل رسمي من الطرف المتضرر الذي يمثله في هذه القضية، فإن المدعي العام لم يتمكن من إبلاغ المركز برفض الشكوى. وإضافة إلى ذلك، لم يتمكن من إبلاغ الطرف المتضرر، صاحب الشكوى، كذلك، نظراً إلى أن عنوانه بعد تدمير المستوطنة لم يعد صالحاً ولم يقدم عنواناً بديلاً. وبعد تقديم المركز التوكيل الرسمي فقط في 13 نيسان/أبريل 2001، تمكن المدعي العام عندئذ من إبلاغه، في أقصر وقت ممكن، برفض الشكوى مرفقاً هذا الرفض بمذكرة مستفيضة عن سبل الانتصاف.
4-5 وفي عامي 2000 و2001 كانت السلطة المستقلة الوحيدة المخولة بمراقبة قانونية عمل وزارة الشؤون الداخلية هي قسم مراقبة الشؤون الداخلية. وقد حقق القسم في جميع الحالات التي استخدمت فيها القوة وقام بعمليات مراقبة داخلية بناء على شكاوى مرفوعة بخصوص سوء سلوك فادح و/أو تقارير تفيد باللجوء إلى استخدام القوة بإفراط. وتم في نفس الوقت تحويل هذا القسم إلى المفتشية العامة لإدارة الأمن العام.
4-6 وفيما يتعلق بما ذكره صاحب البلاغ وضحايا آخرين عن إمكانهم التعرف على رجال الشرطة ممن يرتدون الزي المدني الذين ضربوهم لو أتيحت لهم هذه الفرصة، تؤكد الدولة الطرف أنه "إذا كان بيان الشاهد يشكل دليلاً، فالتعرُّف ليس وسيلة لإثبات صحته". ونظراً إلى أن قسم مراقبة الشؤون الداخلية خلص إلى أن وزارة الشؤون الداخلية تصرفت بمراعاة أحكام القانون أتم المراعاة، لم يكن بوسع المدعي العام أن يطلب استعراض المشتبه فيهم للتعّرف على شخص الجاني لعدم وجود حاجة إلى ذلك. وفي جميع الحالات، يحق للطرف المتضرر الذي يتكفل الإدعاء أن يطلب اتخاذ تدابير لتحديد الهوية أثناء المحاكمة.
4-7 وبينت الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، أن المحكمة واجهت صعوبات في استدعاء الأطراف المتضررة ، نظراً إلى أن مركز القانون الإنساني لم يوفر عناوينهم الصحيحة. ونتيجة ذلك، لم تتمكن المحكمة من استدعاء الشهود إلاَّ يوم 7 أيار/مايو 2002 ولم تستمع إلى أقوالهم، بالتالي، إلاَّ بعد مرور سنة تقريباً على رفع الطرف المتضرر الدعوى. وأشارت الدولة الطرف إلى البيان الذي أدلى به أحد سكان "Antena" أمام قاضي التحقيق في المحكمة المحلية الرابعة لمدينة بلغراد والذي أفاد فيه بجملة أمور من بينها أن "هؤلاء الأشخاص لم يحملوا أي شارات وكانوا يرتدون زياً مدنياً ولم يستخدموا إلاَّ أيديهم وأرجلهم أثناء الهجوم على سكان المستوطنة". وأضاف أن ابنه تعرض للدفع بهراوة عندما انحنى لالتقاط هاتفه الجوال من على الأرض، وأن "ضابط الشرطة فعل ذلك لإبعاده عن العراك إذ كان ابني معرضاً لخطر الضرب والوقوع والدهس". وأدلى الرقيب الأول "B."، الضابط التابع لإدارة الشؤون الداخلية لمدينة بلغراد الجديدة (Novi Beograd)، بشهادته في شهر كانون الثاني/يناير 2002، قائلاً إن "سكان [...] استقبلونا بأصوات الازدراء والاستهجان واحتجوا على الهدم [...]". وبالإضافة إلى الشهادة التي ذكرها صاحب الشكوى والتي أدلى بها الرقيب "J." في 10 نيسان/أبريل 2002 ( ) ، أشارت الدولة الطرف إلى جزء من البيان الذي أوضح فيه أنه جرت محاولات عديدة لإبلاغ سكان المستوطنة قرارات الهدم. وفي 8 حزيران/يونيه 2000، "رفض السكان الرحيل، وحاول رجال الشرطة إقناعهم بالرحيل ولكن دون جدوى". وتذكَّر أن رجال مباحث الشرطة الذين قدموا إلى مسرح الوقائع استخدموا الهراوات في ضرب السكان الأكثر مقاومة الذين طرحوا أنفسهم أرضاً أمام الجرافات لمنع الهدم، ولكنه لم يتذكر من كان يستخدم الهراوات وعلى من. وتذكَّر أيضاً أن ما من أحد شتم أفراد طائفة الروما أو ركلهم أو لكمهم. وكان الاحتكاك البدني يقتصر على مسك الأشخاص من ذراعهم لجرهم بعيداً عن المكان؛ وتم في نهاية الأمر إلقاء القبض على شخص أو شخصين من بينهم واحتجاز هؤلاء الأشخاص في إدارة شرطة بيزانيجاBezanija)). وفيما يتعلق بشهادة مفتش العمار التي أشار إليها صاحب الشكوى ( ) ، تسترعي الدولة الطرف الانتباه إلى جزء من بيانه الذي أشار فيه إلى أن "[...] ضابط الشرطة التابع لمخفر شرطة بيزانيجا الذي ساعدنا، حاول تسوية المشكلة مع طائفة الروما بأساليب سلمية، والحقيقة أنني لا أستطيع أن أتذكر الآن ما إذا كان قد جرى تبادل للشتائم فيما بينهم".
4-8 وخلصت الدولة الطرف إلى أن الوقائع المشار إليها أعلاه تثبت أن رجال الشرطة حاولوا في اليوم المذكور التصرف بمراعاة المعايير المعمول بها في التدخلات ضد أعداد كبيرة من الناس وسعوا لاستخدام القوة بحذر. وحاولوا، بصفة خاصة، اتباع نهج ذي شقين تجاه المحتجين: فأبدى رجال الشرطة أكبر قدر ممكن من الاحترام تجاه المحتجين الذين لم يقاوموا ونقلوهم بعيداً عن المكان، بينما أبدى عدد من المحتجين مقاومة نشطة استهدفت منع رجال الشرطة من تنفيذ التدخل المخطط وتشجيع فرادى طائفة الروما على مقاومة الشرطة مما أدى إلى الاحتكاك مباشرة برجال الشرطة واضطر رجال الشرطة إلى اللجوء إلى القوة واستخدام الهراوات وضرب المحتجين وركلهم لإبعادهم عن المكان.
4-9 وبالإضافة إلى ذلك، قدم ت الدولة الطرف معلومات مستفيضة بشأن السبل القانونية المتاحة للطرف المتضرر ليمارس حقه في الحصول على التعويض بمباشرة إجراءات جنائية ومدنية وإدارية. وتدعي الدولة الطرف أنه برفع دعوى للمطالبة بالتعويض بموجب المادة 172 من قانون العقود والأضرار، كان بإمكان صاحب الشكوى أن يقاضي جمهورية صربيا ووزارة الشؤون الداخلية أمام المحكمة المدنية. وليست معرفة أسماء جميع الأشخاص الذين سببوا الضرر شرطاً ضرورياً لمباشرة تلك الدعاوى ومتابعتها. فالشخص الاعتباري (جمهورية صربيا) مسؤول عن الضرر الذي تلحقه وكالاته بشخص ثالث لدى تأدية مهامها أو أداء أعمال ذات صلة بتلك المهام، ويكفي لذلك إثبات تورط موظفي وزارة الشؤون الداخلية. ويتوجب على المحكمة لدى البت في القضية أن تحدد ما إذا كان تدخل الضباط التابعين لوزارة الشؤون الداخلية مبرراً أم غير مبرر. فلو وجدت المحكمة أن التدخل لم يكن مبرر اً ، كانت ستقبل الطلب وتأمر الدولة بدفع تعويض للطرف المتضرر. ولو اعتبرت المحكمة أن التدخل كان مبرراً كانت ستقيِّم ما إذا كان قد تم اللجوء بإفراط إلى استخدام القوة، ولو تثبتت من ذلك، لكانت ستقبل الطلب وتأمر الدولة بدفع التعويض للطرف المتضرر.
4-10 وأخيراً ادعت الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يستنفد جميع سبل التظلم المحلية نظراً إلى أن الدعوى المدنية المشار إليها أعلاه في إطار حكم المسؤولية الموضوعية إجراء يتسم بدرجة أكبر من الفعالية للحصول على الجبر وينطوي على احتمالات أكبر بتحقيق الغاية مقارنة بالدعوى الجنائية. وبينت الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، أن طلب الطرف المتضرر مباشرة دعوى جنائية، بموجب المادة 66 من القانون الجنائي، ضد رجال الشرطة المتورطين في عملية 8 حزيران/يونيه 2000، سيقع في إطار قانون التقادم المسقط بتاريخ 8 حزيران/يونيه 2006.
تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف
5-1 قدم صاحب الشكوى تعليقاته في 6 تموز/يوليه 2005 وكرر فيها جميع الادعاءات التي قدمها في البداية وركز على أن الدولة الطرف لم ترد على جميع الجوانب المبينة في البلاغ بخصوص ادعاءات انتهاك المادتين 13 و14 وبخصوص بعض الجوانب في المادة 12. وبيَّن، بالإضافة إلى ذلك، أن صمت الدولة الطرف قد يعتبر بمثابة عدم اعتراض من جانبها على تلك النقاط.
5-2 أما بخصوص ادعاء الدولة الطرف عدم استنفاد سبل التظلم المحلية، فقد أكد صاحب الشكوى أن حجة الدولة الطرف بشأن الإمكانية النظرية المتاحة لرفع دعوى مستقلة حجة لا أساس لها من الصحة. فعلى النحو المبين ضمنياً في مجموعة قرارات اللجنة، لا يطلب إلى الضحية أن تلجأ إلى سبل تظلم متعددة ( ) - جنائية ومدنية وإدارية - ليعتبر أنها استنفدت سبل التظلم المحلية. ذلك بالإضافة إلى أن الضرر اللاحق بصاحب الشكوى يقع بوضوح في إطار المادة 16 من الاتفاقية التي توجب طلب الجبر أمام المحكمة الجنائية، نظراً إلى أن سبل التظلم المدنية والإدارية لا تكفي وحدها ( ) للحصول على جبر كافٍ. وأخيراً، فإن الإجراءات الجنائية في جمهورية صربيا هي، عموماً، أسرع وأكثر فعالية من الإجراءات المدنية.
5-3 وبين صاحب الشكوى، بالإضافة إلى ذلك، أن السلطات ملزمة بحكم المهام المنوطة بها بالتحقيق في حالات سوء السلوك التي ترد إلى علمها وبمعاقبة المسؤولين عنها. ويلزم المدعون العامون ، سواء بموجب قانون الإجراءات الجنائية أو بموجب مدونة الإجراءات الجنائية المستعاض بها عن القانون المذكور، باتخاذ جميع الخطوات واعتماد كافة التدابير اللازمة للكشف عن الأدلة ذات الصلة والتحقيق في القضية بدقة. وكون صاحب الشكوى قد باشر إجراءات مدنية مستقلة أمر لا أهمية له نظراً إلى أن الدولة الطرف ملزمة بالتحقيق والمقاضاة إذ إن الأدلة بينت بوضوح وقوع انتهاك.
5-4 وطعن صاحب الشكوى في ادعاء الدولة الطرف أن القانون المعمول به وقتذاك كان يقيّد السلطات الممنوحة للمدعي العام في إدارة الدعاوى الجنائية، لا سيما ما يتصل منها بالشرطة، وذلك لأنه كان للمدعي العام ولا تزال اختصاصات وسلطات معينة في جميع مراحل الدعوى الجنائية. ويجوز له، بصفة المدعي، أن يتكفل الإدعاء عوضاً عن الطرف المتضرر في الجرائم الجنائية التي، كما في الحالة الراهنة، تخضع للمقاضاة تلقائياً. وأكد صاحب الشكوى أن المادة 155 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز للمدعي العام إصدار التعليمات للشرطة وقاضي التحقيق على حد سواء، في حين أن المادة 239 من مدونة الإجراءات الجنائية تنص على أن سلطات المدعي العام في هذا الصدد لا تسري إلاَّ على قاضي التحقيق. ويخول القانونان قاضي التحقيق سلطة التصرف من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المدعي العام. ولإجراء تحقيق ملائم في ادعاءات التعرض لإساءة المعاملة على أيدي رجال الشرطة، يجب، ضمن جملة أمور، الأمر بتحديد هوية ضباط الشرطة الذين كانوا يرتدون زياً مدنياً، وذلك باستعراض المشتبه فيهم للتعرّف على هوية الجاني. وكان بإمكان هيئات مختلفة من هيئات الدولة الطرف أن تأمر الشرطة بتوفير هذه المعلومة عن طريق وزارة الشؤون الداخلية أو قاضي التحقيق أو المدعي العام. وخلص صاحب الشكوى إلى أنه لا وَقْعَ لأي تفاوت بين مدونة الإجراءات الجنائية وقانون الإجراءات الجنائية على الحجج المقدمة في القضية الراهنة، لا سيما فيما يتعلق بالتزامات الدولة الطرف بموجب المواد 12 و13 و14 من الاتفاقية.
5-5 وطعن صاحب الشكوى في ما أكدته الدولة الطرف من أن قسم مراقبة الشؤون الداخلية كان السلطة المستقلة الوحيدة المخولة في الفترة بين عامي 2000 و2001 بضبط سلوك الشرطة. فالمبدأ الأساسي لتقييم السلطات يسند للقضاء هذه السلطة.
5-6 وأحاط صاحب الشكوى علماً بأن الدولة الطرف أكدت وجود ضباط شر ط ة بملابس مدنية في الموقع كما أحاط علماً بحجتها أنهم لم يستخدموا إلاَّ هراوات الشرطة وبأسلوب قانوني (دون اللجوء إلى اللكم والركل وما شابههما) ( ) . وهذا تأكيد لا يتساوق وبيِّنات الشهود التي أفادت بوقوع انتهاكات أكدتها التقارير الطبية والصور الفوتوغرافية. وفي نفس الوقت، لم تكشف أي سلطة مختصة من سلطات الدولة عن هوية هؤلاء ال ضباط المعنيين لصاحب الشكوى، فمنعته بصورة قطعية ونهائية من ممارسة حقه في تولي الادعاء بنفسه والتمكن في نهاية الأمر من مقاضاة مرتكبي تلك الجرائم. وحتى وإن لم يكشف التقرير هوية هؤلاء ال ضباط، توجد سبل متعددة يمكن للسلطات أن تطلب هذه المعلومة من خلالها.
5-7 وبين صاحب الشكوى، فيما يتعلق بواجب التحقيق المنصوص عليه في المادة 12، أنه لم يحصل في أي مرحلة من مراحل الإجراءات المحلية على أي تقرير داخلي من تقارير أجهزة وهيئات الدولة الطرف التي تصف التحقيق في وقائع 8 حزيران/يونيه 2000. وبالتالي، لم يسهم بأي معلومات في هذا التحقيق الداخلي، ولم يتمكن من بحث بيانات الشهود أو غيرها من الأدلة المقدمة من الشرطة، ولم تتح له فرصة لمواجهة الضباط الذين يحتمل أن يكونوا قد استجوبوا أو للتأكد من أن جميع الضباط المعنيين استجوبوا. وأخيراً، بين صاحب الشكوى أن الدولة الطرف ما زالت تمتنع عن تزويده وتزويد اللجنة بنسخة من تقرير قسم مراقبة الشؤون الداخلية. وأشار إلى مجموعة القرارات التي اعترفت فيها اللجنة بأن عدم إبلاغ الدولة صاحب الشكوى بما إذا تم إجراء تحقيق داخلي وبالنتائج التي أسفر عنها التحقيق يحول بالفعل دون تمكن صاحب الشكوى من تولي الادعاء بنفسه ويخل بالتالي بالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة 12 ( ) .
رسائل إضافية مقدمة من الدولة الطرف
6- أحالت الدولة الطرف، طي رسالة إضافية مؤرخة 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، مذكرة من مكتب المدعي العام تشمل حججاً شبيهة بتلك التي قدمتها الدولة الطرف في ملاحظاتها بتاريخ 23 أيار/مايو 2005. وطعنت الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، في ادعاء صاحب الشكوى أن الدعوى المدنية ما كانت تشكل رادعاً لارتكاب جريمة إساءة استعمال السلطة ( ) . وكان من المحتمل أن يدفع نشر حكم تصدره محكمة مطالبةً الدولة الطرف بدفع تعويض عن أفعال ارتكبها ضباط تابعون لوزارة الشؤون الداخلية في وسائط الإعلام، الوزارة إلى اتخاذ إجراءات تأديبية داخلية. ورفضت الدولة الطرف، أيضاً، إفادة صاحب الشكوى أن الإجراءات المدنية تستغرق وقتاً أطول من الإجراءات الجنائية. وذكرت الدولة الطرف قضية ميلان ريستيش ( ) التي أقيمت فيها دعوى مدنية بعد اتخاذ إجراء جنائي وأمرت المحكمة الدولة الطرف بدفع تعويض إلى أسرة الضحية بينما كان التحقيق الجنائي ما زال جارياً. وخلصت الدولة الطرف إلى أن السلطات القضائية اتخذت الإجراء وفقاً للتشريعات المحلية ولأحكام الاتفاقية. ولم يكن بالإمكان اتخاذ أي إجراء آخر طالما أن صاحب الشكوى أو محاميه لم يتعاونا بصورة أكثر فعالية مع المدعي العام.
قرار اللجنة بشأن المقبولية
7-1 نظرت اللجنة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 في مقبولية البلاغ. وأحاطت علماً بالحجج التي قدمها صاحب الشكوى وبما أكده بخصوص استنفاد سبل التظلم المحلية. وكذلك أحاطت اللجنة علماً بأن الدولة الطرف طعنت في هذا الأمر وقدمت وصفاً مفصلاً للسبل القانونية المتاحة للطرف المتضرر لممارسة حقه في الحصول على التعويض برفع دعاوى جنائية ومدنية وإدارية. وأحاطت اللجنة علماً، أيضاً، بحجة الدولة الطرف أن الدعوى المدنية التي تقام بموجب حكم المسؤولية الموضوعية في إطار قانون العقود والأضرار إجراء يتسم بدرجة أكبر من الفعالية للحصول على الجبر مقارنة بالدعوى الجنائية. ورأت اللجنة، في هذا الصدد، أن عدم مباشرة الدولة الطرف ا لتحقيق بحكم مهامها في ادعاءات صاحب الشكوى وعدم كشفها عن هوية ال ضباط ممن كانوا يرتدون الملابس المدنية الموجودين وقت الأحداث والسماح لصاحب الشكوى بناءً على ذلك بتكفل الادعاء بنفسه، جعل اختيار سبيل تظلم يمكِّن صاحب الشكوى من الحصول على جبر فعال وكافٍ أمراً مستحيلاً فعلياً في الظروف الخاصة بالحالة الراهنة. ذلك بالإضافة إلى أنه ينبغي بعد استنفاد أحد سبل التظلم بدون جدوى ألاَّ يطالب المرء، لأغراض الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، باستنفاد سبل قانونية بديلة كانت ستفضي أساساً إلى نفس النتيجة دون إتاحة فرص أفضل لتحقيق النجاح على أية حال . وخلصت اللجنة، في هذه الظروف، إلى أن الشروط المبينة في الفقرة 5(ب) من المادة 22 لا تمنعها من النظر في البلاغ.
7-2 وأحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحب الشكوى أن رجال الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي المدني استخدموا قوة غير متناسبة أدت إلى إصابته شخصياً بإصابات طفيفة لم يتمكن بعدها من الحصول على الجبر. وبينت الدولة الطرف أن رجال الشرطة حاولوا اتخاذ الإجراء بمراعاة المعايير المعمول بها في التد خلات ضد أعداد كبيرة من الناس وسعوا لاستخدام القوة بحذر . ورأت اللجنة، مع ذلك، أنه قدِّمت أدلة كافية، لأغراض المقبولية ، إثباتاً لتلك الادعاءات، وأنه ينبغي، بالتالي، النظر فيها على أسس موضوعية .
7-3 وبناء على ما سبق قررت لجنة مناهضة التعذيب أن البلاغ مقبول لأنه يثير مسائل في إطار المواد 12 و13 و14 و16 من الاتفاقية .
ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية
8-1 بينت الدولة الطرف في 19 حزيران/يونيه 2008 أن أحكام القانون الجنائي لجمهورية صربيا، ومدونة الإجراءات الجنائية، وقانون الالتزامات ، ودليل أساليب المساعدة المتاحة من وزارة الشؤون الداخلية، المؤرخ 2 كانون الأول/ديسمبر 1997 (الدليل)، تنطبق جميعاً على الحالة الراهنة. وذكرت على وجه التحديد:
(أ) أنه بموجب المادة 153 من مدونة الإجراءات الجنائية السارية المفعول وقت حدوث الوقائع موضع البحث، يرفض المدعي العام المحضر الجنائي إن لم يوجد أساس لمباشرة تحقيق قضائي رسمي. وإذا لم يكن بوسع المدعي العام أن يقيِّم، بالاستناد إلى المحضر الجنائي، ما إذا كانت التهم المدرجة فيه محتملة، أو إذا كانت البيِّنات المضمنة في المحضر الجنائي أو في إخطار الشرطة لا توفر أدلة كافية لإصدار حكم بمباشرة التحقيق، يطلب المدعي العام إلى الشرطة أن تجمع المعلومات اللازمة وتتخذ تدابير أخرى، إن استحال عليه اتخاذ التدابير الضرورية تلقائياً أو عن طريق سلطات حكومية أخرى. وإن خلص إلى أن الجريمة المبلغ عنها ليست جريمة جنائية خاضعة لتحقيق قضائي رسمي، يرفض المدعي العام المحضر الجنائي. ويجيز قانون الإجراءات الجنائية كما تجيز مدونة الإجراءات الجنائية للطرف المتضرر أن يتكفل بنفسه إقامة الدعوى الجنائية في حال رفض المدعي العام الشكوى. ذلك بالإضافة إلى أن الفقرة 3 من المادة 259 من مدونة الإجراءات الجنائية توجب على قاضي التحقيق، إن قرر اختتام التحقيق، أن يبلغ الطرف المتضرر ، بصفة المدعي العام أو المدعي الخاص، بهذا القرار وأن يبلغ ه أن بإمكانه تقديم لائحة اتهام أمام المحكمة، أي رفع دعوى خاصة، وإن لم يفعل فسيعتبر أنه تنازل عن المقاضاة.
(ب) تنص الفقرتان 6 و7 من المادة 103 من القانون الجنائي (التقادم في الملاحقات القضائية الجنائية) على عدم جواز إقامة دعوى جنائية بعد مرور ثلاثة أعوام على ارتكاب جريمة جنائية يعاقب عليها بالسجن لمدة تتجاوز السنة الواحدة؛ وبعد مرور سنتين على ارتكاب جريمة جنائية يعاقب عليها بالسجن لمدة أقل من السنة الواحدة أو بدفع غرامة. وتنص الفقرة 6 من المادة 104 من القانون الجنائي (سريان وتعليق حكم التقادم في الملاحقات القضائية الجنائية) على أن مدة التقادم المطلقة في الملاحقات القضائية الجنائية تبدأ بالسريان بعد انقضاء ضعف المهلة المحددة في القانون لإقامة دعوى جنائية. ويحق للطرف المتضرر أو ممثله أن يبلغ، في أي وقت من الأوقات بعد تقديم المحضر الجنائي، بما اتخذه المدعي العام من إجراء بشأن المحضر.
(ج) يُمنح صاحب الشكوى بموجب المادة 154 والمادة 200 من قانون الالتزامات الصربي، حق طلب التعويض بإقامة دعوى مدنية ( ) .
(د) يفيد الدليل بأن موظفي الخدمة المدنية لا يشتركون في إجراءات الإخلاء. وينفِّذ قرار الإخلاء ضباط تابعون لوزارة الشؤون الداخلية يرتدون الزي الرسمي.
8-2 وتبين الدولة الطرف أن الشرطي ومفتش العمار أكدا في 10 نيسان/أبريل و17 تموز/يوليه 2002، على التوالي، أن "بعض المدنيين" اشتركوا في تفرقة سكان المستوطنة الذي كانوا يعارضون الهدم، ولكنهما لم يؤكدا ما إذا "كان هؤلاء المدنيون ضباط شرطة".
8-3 وتذكِّر الدولة الطرف بأنها أجرت، حسب المطلوب في المادة 12 من الاتفاقية، تحقيقاً سريعاً ونزيهاً، كما أجرت تحقيقات إضافية في مناسبات عديدة بناء على طلب مركز القانون الإنساني. و أفادت أن ادعاء صاحب الشكوى بشأن اشتراك ضباط شرطة يرتدون الزي المدني في الحدث لم يثبت في التحقيق وهو، بالتالي، "غير مطابق للوائح المعمول بها في جمهورية صربيا".
8-4 وتعرب الدولة الطرف عن أسفها لأن مدة التقادم المطلقة لإقامة دعوى جنائية في القضية الراهنة انقض ت يوم 8 حزيران/يونيه 2006 ( ) وتشدد على أن صاحب الشكوى نفسه أسهم جزئياً في إبطاء التحقيق. وتبين، على وجه التحديد، أن مركز القانون الإنساني لم يقدم سند التوكيل لتمثيل صاحب الشكوى أمام المدعي العام للمحكمة المحلية الرابعة لمدينة بلغراد إلاَّ بعد مرور سبعة أشهر على تقديم المحضر الجنائي. كما أنه لم يزود سلطات التحقيق ب ال عناوين الصحيحة لصاحب الشكوى والشهود .
8-5 وبغض النظر عن مدة التقادم المطلقة لإقامة دعوى جنائية في القضية الراهنة، تنكر الدولة الطرف أنها انتهكت المادة 14 من الاتفاقية لأنه توافرت لصاحب الشكوى فرص عديدة للحصول على تعويض منصف عن الأضرار بإقامة دعوى مدنية ( ) . وحتى في حال مباشرة إجراءات جنائية، كانت المحكمة ستوجه صاحب الشكوى بعد إتمام الإجراءات إلى إقامة دعوى مدنية لإثبات ادعائه. أي أن المحكمة كانت ستضطر، في إطار الإجراءات الجنائية، إلى طلب رأي خبراء اقتصاديين وطبيين، مما كان سيستغرق وقتاً أطول ويؤدي إلى زيادة كبيرة في التكاليف. ذلك بالإضافة إلى أن القانون الصربي يجيز مباشرة إجراءات جنائية ومدنية في نفس الوقت. فكان يحق لصاحب الشكوى أن يطالب بالتعويض عن شتى أشكال الضرر (تسديد تكاليف الرعاية الطبية، و المعاناة والآلام البدنية، وما شابه ذلك) ولكنه أخفق في استغلال تلك الإمكانيات. و أكدت الدولة الطرف مرة أخرى أن صاحب الشكوى لم يستنفد جميع سبل التظلم المحلية المتاحة.
8-6 وتبين الدولة الطرف، ختاماً، أنها ستتخذ التدابير اللازمة لدفع تعويض ملائم بالمبلغ المحدد لصاحب الشكوى على سبيل الهبة لجبر الأضرار غير المادية إن خلصت اللجنة إلى أن مدة التقادم المطلقة لإقامة دعوى جنائية تنطوي على انتهاك للمادة 13 من الاتفاقية. ويجب أن يكون التعويض المذكور مطابقاً للممارس ات المتبعة في المحاكم المحلية والدولية في القضايا المماثلة.
تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية
9-1 لاحظ صاحب الشكوى في 12 أيلول /سبتمبر 2008 أن الدولة الطرف غيرت الحجج التي كانت تستند إليها في مسائل هامة. وأصبحت، على وجه التحديد، تعترف الآن بأن أحكام مدونة الإجراءات الجنائية تسري أيضاً على القضية الراهنة، حسب ما أفاد به صاحب الشكوى منذ البداية، وقبلت حجته أن المدعي العام كان مخولاً، سواء بموجب قانون الإجراءات الجنائية أو بموجب مدونة الإجراءات الجنائية، الصك الذي خلفه اعتباراً من شهر آذار/مارس 2002، باختصاص وبولاية إجراء تحقيق كامل في ادعاءات التعرض لسوء المعاملة على أيدي رجال الشرطة.
9-2 ويقر صاحب الشكوى أنه كان يحق له مباشرة دعوى مدنية ولكنه لم يكن ملزماً بمباشرتها. ويبين، مرة أخرى، أن سبل التظلم أمام المحاكم المدنية لم تكن تعتبر في قضيته سبلاً ملائمة أو فعالة، لذا لم يكن استنفادها ضرورياً. ويبين صاحب الشكوى أيضاً أنه سبق للجنة أن تناولت هذه المسألة في قرارها بشأن المقبولية وقد رأت فيه أن هذا "الإخفاق" المزعوم في اللجوء إلى سبل التظلم أمام المحاكم المدنية لا يعتبر بمثابة عدم استنفاد [سبل التظلم] ( ) .
9-3 ويبين صاحب الشكوى، بالإضافة إلى ذلك، أن الدولة الطرف عندما تشير إلى الدليل ( ) فهي تعني في حقيقة الأمر أنه ما كان بوسع رجال الشرطة ممن يرتدون الملابس المدنية الاشتراك في العملية التي قامت بها الشرطة. فضلاً عن أن الدولة الطرف بينت، للمرة الأولى خلال الإجراءات المباشرة أمام المحاكم المحلية وأمام اللجنة على حد سواء، أن المسؤولين عن إساءة معاملة صاحب الشكوى لم يكونوا في الواقع رجال شرطة بل كانوا مدنيين ( ) . ويلاحظ صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم تشر حتى الآن إلى وجود مجموعة من "المدنيين" أثناء الإخلاء وأقرت أن ضباط الشرطة لج أ وا بالفعل إلى استخدام قوة مشروعة ضد أفراد طائفة الروما . ويشير صاحب الشكوى إلى نفس الشهادة التي أدلى بها الرقيب "J." ومفتش العمار في 10 نيسان/أبريل و17 تموز/يوليه 2002 على التوالي، وهي الشهادة التي أشارت إليها الدولة الطرف، ولكنه يخلص إلى أنها مليئة بإشارات إلى رجال الشرطة بالملابس المدنية ( ) . وبالتالي، يفند صاحب الشكوى حجة الدولة الطرف أن الإطار القانوني المعمول به لا يجيز إلاَّ لضباط الشرطة الذين يرتدون الزي الرسمي المشاركة في عمليات الإخلاء. ويؤكد صاحب الشكوى، في هذا الصدد، أن سلطات الدولة مسؤولة عن الأفعال التي يقوم بها وكلاؤها بتجاوز نطاق صلاحياتهم.
9-4 وي لاحظ صاحب الشكوى أنه حتى ولو افترِض نظرياً أن الرواية الجديدة للأحداث كما سردتها الدولة الطرف ستحظى بالقبول، ستبقى مسؤولية الدولة قائمة. فتنص المادة 16 من الاتفاقية على أن "تتعهد كل دولة طرف بأن تمنع، في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية حدوث أي أعمال أخرى من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي لا تصل إلى حد التعذيب كما حددته المادة 1، عندما يرتكب موظف عمومي أو شخص آخر يتصرف بصفة رسمية هذه الأعمال أو يحرض على ارتكابها، أو عندما تتم بموافقته عليها أو بسكوته عنها . ويسترعي صاحب الشكوى الانتباه إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أدلة تثبت اتخاذ رجال الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي الرسمي وكانوا موجودين في موقع الأحداث أي إجراء لحماية أفراد طائفة الروما من هجوم هؤلاء "المدنيين" عليهم. كما أنها لم تقدم أي دليل يثبت أنها اتخذت تدابير لتعيين هوية هؤلاء "المدنيين" وإتاحة أسمائهم لصاحب الشكوى.
9-5 ويخلص صاحب الشكوى إلى أن عبء الإثبات يقع على عاتق الدولة الطرف سواء لإثبات الظروف التي ألحق فيها رجال الشرطة الإصابات بصاحب الشكوى (حسب الرواية الأصلية للأحداث) أو لإثبات كيف تمكن هؤلاء "المدنيون" من دخول المستوطنة خفية والهجوم على السكان حسب ما تسوقه الدولة الطرف الآن. ويشدد صاحب الشكوى على أن العملية التي قام بها رجال الشرطة ذاك اليوم كانت عملية دقيقة التنظيم والتخطيط، أي أنها لم تكن عملية "عفوية". وقد توافر، بناء عليه، الوقت الكافي لسلطات الشرطة كي تستعد وتتخذ كافة التدابير اللازمة للحد قدر الإمكان من أي خطر قد يهدد السكان.
9-6 ويكرر صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم تقدم حججاً في تقديم حجج اً جديدة لإثبات أنها حققت بصورة ملائمة في ادعائه التعرض لإساءة المعاملة ويذكِّر بأن الأمر "لا يتعلق بواجب تحقيق نتيجة بل بواجب إتاحة ال سبل". فيتوقع، مبدئياً، أن يفضي الأمر في أي تحقيق إلى إقرار وقائع القضية، وأن يفضي، إن ثبتت صحة الادعاءات، إلى ت حديد المسؤولين وإنزال العقاب بهم. وفي الحالة الراهنة، اتخذ المدعي العام قرار عدم التحقيق في المحضر الجنائي المقدم من مركز القانون الإنساني بناء على التقرير الوارد من أمانة الشؤون الداخلية في بلغراد، فرع مراقبة الشؤون الداخلية، بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 ( ) . ولا تزال الدولة الطرف تمتنع عن إطلاعه وإطلاع اللجنة على هذا التقرير ( ) . ويبين صاحب الشكوى، بالإضافة إلى ذلك، أن الدولة الطرف نفسها تشكك في صحة هذا التقرير بتأييد ثلاث روايات متناقضة للأحداث التي وقعت يوم 8 حزيران/يونيه 2000 ( ) .
9-7 وبالإضافة إلى ذلك، يبين صاحب الشكوى جمل ـ ة أم ـ ور من بينها أن سلطات الدولة الطرف لم تحدد عدد رجال الشرطة الموجودي ـ ن بزيهم الرسمي يوم 8 حزيران/يونيه 2000 (بغض النظر عن رجال الشرطة بالملابس المدنية) وإلى أي الدوائر كانوا تابعين؛ وما إذا كانت إح ـ دى وكالاتها تستخدم مركبة تحمل لوحة رقمها ه ـ و الرق ـ م الذي ذكره صاح ـ ب الشكوى وغيره من الشه ـ ود؛ كما أنها لم تطلب نسخة من سجل إدارة الشؤون الداخلية في بلغراد الجديدة ( ) . ويضيف أنه توجد منذ 25 كانون الأول/ديسمبر 2001 أدلة ملموسة ( ) تبين اشتراك رجال شرطة من وكالة شرطة أخرى بالإضافة إلى إدارة شرطة بيزانيجا في عملية هدم مستوطنة "Antena" وأنه كان ينبغي أن يكون المدعي العام على علم بأن المعلومات التي قدمتها إدارة الشؤون الداخلية في بلغراد الجديدة في رسالتها المؤرخة 6 شباط/فبراير 2003 لم تكن صحيحة ( ) . ولكن على الرغم من ذلك، اتخذ قرار بغلق ملف قضية صاحب الشكوى عملاً بالمادة 257 من مدونة الإجراءات الجنائية. و يرى صاحب الشكوى أن تلبية قاضي التحقيق لجميع الطلبات التي رفعها بإجراء تحقيق إضافي يعتبر بمثابة اعتراف بعدم كفاية تدابير التحقيق المتخذة حتى ذاك الحين.
9-8 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف فوات المدة المحددة لرفع دعوى في القضية الراهنة وأن صاحب الشكوى قد أسهم جزئياً في إبطاء التحقيق، يؤكد صاحب الشكوى ما يلي:
(أ) ما كان ينبغي أن يكون لتأخر مركز القانون الإنساني في تقديم سند التوكيل للمدعي العام للمحكمة المحلية الرابعة لمدينة بلغراد أي أثر في التحقيقات، إذ كان ينبغي للسلطات أن تتخذ كافة التدابير اللازمة للتحقيق في ادعاءات صاحب الشكوى من تلقاء نفسها. وفي جميع الحالات، فإن التأخير الوحيد الذي يمكن عزوه إلى صاحب الشكوى هو ثلاثة أشهر وليس سبعة أشهر كما ادعت الدولة الطرف ( ) . وحتى وإن أ ُ خذ هذا التأخير في عين الاعتبار، كانت توجد أمام الدولة الطرف مهلة سنتين و9 أشهر لإجراء تحقيق فعلي قبل انقضاء مدة التقادم المحددة لإقامة دعوى جنائية، و5 سنوات و9 أشهر قبل انقضاء مدة التقادم المطلقة لرفع أي دعوى.
(ب) وفيما يتعلق بالتأخير الذي زعم أن سببه يعود إلى إخفاق صاحب الشكوى في تزويد سلطات الادعاء بعناوين الشهود الصحيحة، يؤكد صاحب الشكوى أن الدولة الطرف أقرت نفسها أن معرفة مكان وجود الشهود من طائفة الروما أمر صعب لأن السلطات لم تكن تعرف مكان إقامتهم بعد الإخلاء . وقد أخفقت السلطات في الاتصال على الفور بمركز القانون الإنساني وطلب مساعدته على تعيين مكان وجود الشهود المعنيين. ويبين صاحب الشكوى، بالإضافة إلى ذلك، أن إخلاءه وإخلاء المقيمين الآخرين في مستوطنة "Antena" يوم 8 حزيران/يونيه 2000 ينتهك معايير حقوق الإنسان ذات الصلة ( ) .
النظر في الأسس الموضوعية
10-1 نظرت اللجنة في البلاغ على ضوء جميع المعلومات المتاحة لها من الطرفين المعنيين، عملاً بالفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.
10-2 وتحيط اللجنة علماً بالملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف في 19 حزيران/يونيه 2008 للطعن في مقبولية البلاغ وترى أن النقاط التي أثارتها الدولة الطرف ليست من الأهمية ما يتطلب من اللجنة أن تعيد النظر في القرار الذي اتخذته بشأن المقبولية ، خاصة وأن الدولة الطرف لم تباشر، بحكم وظيفتها، تحقيقاً في ادعاءات صاحب الشكوى كما لم تكشف عن هوية الأشخاص الذين ألحقوا أضراراً جسدية بصاحب الشكوى وشتموه، فحالت بذلك دون تمكنه من ت ولي الادعاء بنفسه. وبناء عليه، لم يبق لصاحب الشكوى أي سبيل تظلم محلي يمكنه من ت ولي الادعاء بنفسه والمطالبة بجبر فَعال وكافٍ للمعاملة التي تعرض لها يوم 8 حزيران/يونيه 2000. وبالتالي، لا ترى اللجنة أي سبب يبرر رجوعها عن القرار الذي اتخذته بشأن المقبولية .
10-3 وتنتقل اللجنة ، من ثم ، إلى النظر في الأسس الموضوعية وت بين أن صاحب الشكوى يدعي انتهاك الدولة الطرف لل فقرة 1 من المادة 16 ، مقروءة منفردة أو بالاقتران مع الماد تين 12 و13 ول لمادة 14 مقروءة منفردة أو بالاقتران مع ال فقرة 1 من المادة 16 من الاتفاقية.
10-4 وفيما يتعلق بقانونية المعاملة التي عومل بها صاحب الشكوى يوم 8 حزيران/يونيه 2000، ترى اللجنة أن تعريض صاحب الشكوى لمعاناة وآلام بدنية ومعنوية إضافة إلى موقفه الشخصي الضعيف العائد إلى انتمائه إلى أصل إثني غجري والربط بشكل محتوم بينه وبين أقلية معرضة تاريخياً للتمييز والإجحاف، يصل إلى حد المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى والدولة الطرف يختلفان بخصوص هوية الأشخاص الذين ألحقوا إصابات بدنية بصاحب الشكوى وشتموه ولكن الطرفين يتفقان على أن رجال شرطة تابعين للدولة الطرف ويرتدون الزي الرسمي (موظفين عموميين) كانوا موجودين في المكان المذكور وفي الوقت المحدد. وتبين اللجنة، بالإضافة إلى ذلك، أن الدولة الطرف لم تنكر أن صاحب الشكوى تعرض لإصابات بدنية وللشتم. وتذكِّر اللجنة بأن الدولة الطرف لم تدع أن رجال الشرطة الذين كانوا يرتدون الزي الرسمي وكانوا موجودين في مستوطنة “Antenna” عندما حدثت المعاملة المنافية لأحكام المادة 16، اتخذوا إجراءات لحماية صاحب الشكوى وسكان آخرين من إصابتهم بأذى ، ولم تقدم أي دليل يسمح للجنة بأن تستنتج أنهم فعلوا ذلك.
10-5 وترى اللجنة، بغض النظر عن عما إذا كان الأشخاص الذين ألحقوا إصابات بدنية بصاحب الشكوى وشتموه كانوا موظفين عموميين أم لم يكونوا، أن سلطات الدولة الطرف التي شهدت الأحداث ولم تتدخل لمنع وقوع الإساءات قد "وافقت أو سكتت"، على أقل تقدير، إزاء الأحداث، بالمعنى المقصود في المادة 16 من الاتفاقية. وقد أعربت اللجنة، في هذا الصدد، عن قلقها في مناسبات عديدة إزاء "تواني الشرطة والموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لكفالة الحماية المناسبة من الهجمات ذات البواعث العرقية عندما تهدد هذه الجماعات" ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت أحكام الفقرة 1 من المادة 16 من الاتفاقية.
10-6 وبما أن اللجنة اعتبرت أن الوقائع التي تستند إليها الشكوى تشكل أفعالاً تقع في إطار المعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 16 من الاتفاقية، فهي مضطرة، على ضوء هذه النتيجة، إلى تحليل ادعاءات أخرى بوقوع انتهاك لأحكام الاتفاقية.
10-7 وفيما يتعلق بالانتهاك المدعى للمادة 12 تذكِّر اللجنة بما أكدته في قضايا سابقة ( ) ومفاده أن أي تحقيق جنائي يجب أن يسعى لتحديد طبيعة الأفعال المدعى وقوعها وظروف ارتكابها كما يجب أن يسعى لتحديد هوية أي شخص ربما يكون قد تورط فيها. وتلاحظ اللجنة، في القضية الراهنة، أن الظروف الحقيقية لا تزال غير واضحة على الرغم من وجود عدد كبير من طائفة الروما أثناء أحداث 8 حزيران/يونيه 2000 واشتراك عدد من رجال الشرطة بالزي الرسمي وأحد مفتشي الأشغال العامة. وترى اللجنة أن عدم إبلاغ الدولة الطرف صاحب الشكوى بنتائج التحقيق لمدة ست سنوات تقريباً، وعدم قيامها، ضمن جملة أمور، بتزويده بالمحضر الذي أعده فرع مراقبة الشؤون الداخلية في عام 2000، وعدم إطلاعه، أيضاً، على أسماء الأشخاص الذين ألحقوا به أضراراً بدنية وشتموه، كلها أمور منعته، بالفعل، من "تكفل الإدعاء" في قضيته قبل انتهاء مدة التقادم المطلقة لإقامة دعوى جنائية. وترى اللجنة، في هذه الظروف، أن التحقيق الذي أجرته سلطات الدولة الطرف لم يلبِِِ متطلبات المادة 12 من الاتفاقية. كما ترى أن الدولة الطرف لم تفِ، أيضاً، بالتزاماتها بموجب المادة 13 من الاتفاقية فيما يتعلق بضمان تمتع صاحب الشكوى بحقه في أن يرفع شكواه إلى سلطاتها المختصة وفي أن تنظر تلك السلطات في قضيته على وجه السرعة وبنزاهة.
10-8 وفيما يتعلق بالانتهاك المدَّعى للمادة 14 من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة أن النص المذكور لا يسري إلاَّ على قضايا التعذيب بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية ولا يشمل الأشكال الأخرى لإساءة المعاملة. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أن الفقرة 1 من المادة 16 من الاتفاقية، وإن كانت تشير تحديداً إلى المواد 10 و11 و12 و13، فهي لا تذكر المادة 14 من الاتفاقية. ولكن مع ذلك، ليس المقصود بالمادة 14 من الاتفاقية أن الدولة الطرف غير ملزمة بإتاحة الجبر وتقديم تعويض عادل ومناسب لضحايا فعل ينتهك المادة 16 من الاتفاقية. والالتزامات الواجبة المترتبة على الجملة الأولى من المادة 16 من الاتفاقية تشمل واجب الجبر ومنح التعويض لضحايا فعل يرتكب انتهاكاً لذاك الحكم ( ) ، لذا ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تراع التزاماتها بموجب المادة 16 من الاتفاقية بعدم تمكينها صاحب الشكوى من الحصول على الجبر وعلى تعويض عادل ومناسب.
11 - و اللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك لل فقرة 1 من المادة 16 و للمادتين 12 و13 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
12- وت حث اللجنة الدولة الطرف ، عملاً بالفقرة 5 من المادة 11 1 من نظامها الداخلي، على أن تحقق بشكل ملائم في أحداث 8 حزيران/يونيه 2000 وأن تحاكم الأشخاص المسؤولين عن تلك الأ فع ال وتعاقبهم ، وتمكن صاحب الشكوى من الحصول على الجبر، بما يشمل التعويض العادل والمناسب، و تبلغ اللجنة، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، ب ما اتخذته من إجراءات تلبية ل لآراء المبينة أعلاه.
[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والروسية والفرنسية، علماً بأن النص ال إنكليزي هو النص الأصلي. و سيصدر لاحقاً بالصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة . ]
- - - - -