الأمم المتحدة

CAT/C/64/D/742/2016

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

21 September 2018

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 742/2016 * **

بلاغ مقدم من: أ. ن. (يمثله المركز السويسري للدفاع عن حقوق المهاجرين)

الشخص المدعى أنه ضحية: مقدم الشكوى

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى: 12 نيسان/أبريل 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد هذا القرار: 3 آب/أغسطس 201 8

الموضوع: الإبعاد إلى إيطاليا

المسائل الإجرائية : عدم كفاية الأدلة المقدمة لإثبات الادعاءات؛ عدم مقبولية البلاغ من حيث الموضوع

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب؛ الحق في إعادة التأهيل

مواد الاتفاقية : 3 و14 و16

1-1 يُدعى مقدم الشكوى أ. ن.، وهو من رعايا إريتريا، ومن مواليد عام 1987 ، صدر بحقه أمر إبعاد من سويسرا إلى إيطاليا. قدم شكوى في 11 نيسان/أبريل 2016، وأضيفت إلى شكواه مستندات أخرى في 2 شباط/فبراير 2017. سُجّلت الشكوى في 21 نيسان/أبريل 2016. يدّعي أن إبعاده سيشكل انتهاكاً من الدولة الطرف لحقوقه المكفولة بموجب المواد 3 و14 و16 من الاتفاقية. ويمثل صاحب الشكوى محام.

1-2 في 6 شباط/فبراير 2017، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، بواسطة مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، وعملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، عدم طرد صاحب الشكوى ما دامت قضيته قيد النظر. وفي 13 شباط/فبراير 2017، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنه تطبيقاً لطلب تنفيذ التدابير المؤقتة، لن يُطرد صاحب الشكوى أثناء النظر في البلاغ.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى ( )

2-1 كان صاحب الشكوى يقيم في مقاطعة حقاز في إريتريا، ولاعباً من لاعبي فريق كرة القدم. في كانون الثاني/يناير 2008 على وجه التقريب، أمضى لاعبو فريق آخر لكرة القدم الليلة في منزله وغادروا البلد دون إذن في اليوم التالي. ولم يكن صاحب الشكوى على علم بخطة اللاعبين لمغادرة البلد. وتُعتبر مغادرة البلد دون إذن عملاً غير مشروع يعاقَب عليه بوصفه جرماً في إريتريا. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، جاء ثلاثة جنود إلى منزل صاحب الشكوى وفي حوزتهم مذكرة توقيف، واتهموه بمساعدة لاعبي كرة القدم على مغادرة البلد. وكُبلت يداه واقتيد إلى سجن في أغوردات .

2-2 احتُجز صاحب الشكوى في أغوردات لمدة شهرين. وتعرض للتعذيب مرة أو مرتين في الأسبوع لدفعه إلى كشف أسماء الأشخاص الذين ساعدوا اللاعبين على مغادرة البلد. وخلال جلسات الاستجواب، كانت يداه وقدماه مقيدة، وتعرض للضرب بالعصي، والركل، واللطم، واللكم، والإهانة، والإذلال. وهدده مستجوبه بقتله في عدة مناسبات، وكان ذلك الشخص يسأل مسؤولي السجن بانتظام: لماذا لا يزال صاحب الشكوى على قيد الحياة، ولماذا لم يقتلوه بعد. وبعد مرور شهرين، نُقل صاحب الشكوى إلى سجن في هامشاي مدبر حيث احتُجز لمدة شهرين آخرين، وقد أمضى شهراً ونصف شهر منهما في زنزانة معزولة. وفي نيسان/أبريل 2008، اقتيد إلى سجن سمبل في أسمرة، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات لمحاولة مغادرة البلد بطريقة غير مشروعة. وقُصرت مدة العقوبة لاحقاً لتصبح خمس سنوات لأسباب لم تُشرح له مطلقاً. ولم تتسنَّ لصاحب الشكوى فرصة الطعن في الحكم الصادر بحقه بأي شكل من الأشكال؛ ولم يتمكن من الاتصال بمحام ولم يمثُل أبداً أمام قاضٍ. وفي سمبل، أمضى مدة ستة أشهر في زنزانة معزولة لم يكن فيها سوى نوافذ صغيرة جداً في جهتها العليا. وفي نيسان/أبريل 2010، نُقل إلى سجن جوفا، في كرن، حيث أمضى مدة ستة أشهر في زنزانة صغيرة معزولة تبلغ مساحتها متراً مربعاً واحداً. وفي كانون الثاني/يناير 2013، أُطلق سراح صاحب الشكوى بعد أن أكمل عقوبته. وباختصار، تعرّض صاحب الشكوى للتعذيب، وإساءة المعاملة، وسوء التغذية، والمرض، والإيذاء اللفظي، والتهديدات على أساس يومي أثناء احتجازه.

2-3 وفي حزيران/ يونيه 2013، حاول صاحب الشكوى مغادرة البلد، ولكن السلطات ألقت القبض عليه في ألابو ، وأودع السجن في أدي عمر. وهو يصف ذلك السجن بأنه مكان ضخم واقع تحت الأرض، مبني من مادة طينية كانت في أحيان كثيرة تتساقط قطعاً قطعاً من السقف، وتوجد فيه ثعابين. وكان يتعرض للضرب باستمرار بعد طلاء جسده بالزيت للحد من الندوب. وكان يُربط بكرسي وتوضع يداه خلف ظهره ويخضع للاستجواب. وكان يتعرض للضرب بالعصي وبمادة مطاطية. وقيل له إنه لن يغادر السجن على قيد الحياة. وتعرض للضرب في أسفل بطنه وعانى لاحقاً من النزف (البول الدموي). ولم يتلق أي علاج طبي. وكثيراً ما كان يسمع صرخات أشخاص آخرين يتعرضون للتعذيب، مما كان يؤثر عليه بشدة. وفي تموز/يوليه 2013، نُقل إلى أبوي ركم، حيث أُرغم على تلقي التدريب العسكري حتى كانون الأول/ديسمبر 2013. وبعد ذلك، أُرسل إلى كرن كجندي لأداء مهمة مراقبة الحدود وإلقاء القبض على الأشخاص الذين يُحتمل أن يغادروا البلد.

2-4 وفي تموز/يوليه 2014، غادر صاحب الشكوى إريتريا سيراً على قدميه من مدينة أغوردات الحدودية في إريتريا نحو السودان، بعد أن أصبح عاجزاً عن فرض نفس المصير الذي واجهه على أشخاص آخرين. وفي كسلا، اعترضت السلطات السودانية سبيله ونقلته إلى مخيم للاجئين في وادي شريفي لفترة قصيرة. ثم نُقل إلى الشجراب لمدة شهرين، ومن هناك إلى الخرطوم، حيث مكث حتى تموز/يوليه 2015. وانتقل من الخرطوم، عبر الصحراء، في سيارة إلى ليبيا. وبعد أن وصل إلى طرابلس، اختُطف واحتُجز لمدة 10 أيام على يد عصابة من المهربين الذين طلبوا 500 3 دولار من كل مهاجر من المهاجرين البالغ عددهم 42 فرداً ضمن مجموعته. ولم يكن في وسع أي منهم دفع الفدية، وتعرضوا لإساءة المعاملة إلى حين الإفراج عنهم من قبل عصابة منافِسة من المهربين.

2-5 وسافر صاحب الشكوى على متن قارب شديد الاكتظاظ بغية العبور إلى إيطاليا. وبعد وقت قصير في البحر، اعترضت السلطات الإيطالية القارب (القوات البحرية الإيطالية أو قوات حرس السواحل الإيطالية) واقتيد إلى إيطاليا، ثم نُقل إلى ميلانو. وفي مركز للشرطة في فيرونا، أخذت السلطات الإيطالية بصمات أصابعه. وبعد أربعة أيام أمضاها صاحب الشكوى في مأوى لمنظمة غير حكومية، اتجه إلى سويسرا بالقطار. ويؤكد بأنه لم يقدم رسمياً قط طلب لجوء في إيطاليا.

2-6 وفي 9 أيلول/سبتمبر 2015، قدم طلب لجوء في سويسرا. وفي 16 أيلول/ سبتمبر 2015، أجرت السلطات السويسرية مقابلة مع صاحب الشكوى من أجل تسجيل طلبه.

2-7 وفي رسالة مؤرخة 23 تشرين الأول/أكتوبر 2015، أخطرت أمانة الدولة لشؤون الهجرة صاحب الشكوى بقرارها ترحيله من سويسرا إلى إيطاليا تطبيقاً للائحة رقم 604/2013 الصادرة عن البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي، المؤرخة 26 حزيران/ يونيه 2013، المسماة بلائحة دبلن الثالثة، والسارية في سويسرا بمقتضى اتفاق الارتباط. ووفقاً للرسالة، تنص لائحة دبلن الثالثة على قاعدة عامة بأن تصبح أول دولة عضو يكون طالب اللجوء على اتصال بها هي الدولة العضو المسؤولة عن النظر في طلبه للحصول على الحماية الدولية. ولما كان صاحب الشكوى قد مرّ عبر إيطاليا، حيث سُجلت بصمات أصابعه، فإن إيطاليا مسؤولة عن الفصل في طلبه.

2-8 وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، بدأ صاحب الشكوى يتلقى العلاج في العيادة المتخصصة لمعالجة صدمات ضحايا التعذيب والحرب التابعة لمستشفيات جامعة جنيف. وجاء في تقرير طبي صادر عن العيادة وموقَّع من طبيبين (الدكتور إيمانويل إيسكار ، طبيب الأمراض النفسية، والدكتورة فانيا روجياني ، طبيبة الأمراض الباطنية) ( ) ، أن صاحب الشكوى يُظهر مجموعة من الأعراض البدنية والاضطرابات النفسية التي تُعتبر اضطراباتٍ نفسية لاحقة للإصابة، وهي حالة سريرية تصيب عادةً ضحايا العنف. وبدأ بنسج علاقة بنَّاءة مع أطبائه في إطار علاجه، وهو ما يُعَدّ الشرط المسبق الضروري لعملية التعافي. واستناداً إلى الأطباء المعالِجين، من المهم للغاية أن يُواصِل صاحب الشكوى الاستفادة من الرعاية النفسية المتخصصة التي توفرها العيادة. وهم يحذّرون من العواقب الوخيمة التي ستنشأ عن وقف العلاج قسراً، بما في ذلك الاضطرابات النفسانية المزمنة اللاحقة للإصابة والتحول نحو الاضطرابات الأخرى المزمنة المرتبطة بالحالة اللاحقة للإصابة، مثل الاكتئاب الحاد، والقلق، والاضطرابات في الشخصية والهوية، وبروز تداعيات خطيرة على صحته النفسية والاجتماعية. وأخيراً، سيؤدي الإبعاد القسري إلى فصل صاحب الشكوى عن أخيه الذي يقيم في جنيف أيضاً. ويشير التقرير إلى أن أخ صاحب الشكوى يوفر له الاستقرار والدعم المعنوي، وأن القرب الجغرافي منه هو عامل أساسي لنجاح العلاج الذي يتلقاه. إذ يخشى الأطباء من أن يؤثر فصله عن أخيه تأثيراً سلبياً على صحته النفسية، وأن تتعرض حالته نتيجةً لذلك لتراجع خطير للغاية.

2-9 وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، استأنف صاحب الشكوى قرار أمانة الدولة المؤرخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 2015 لدى المحكمة الإدارية الاتحادية دون تلقي مشورة قانونية. وفي طلب الاستئناف، ادّعى أن النظام الإيطالي لاستقبال ملتمسي اللجوء قد انهار ولم يعد قادراً على تقديم أبسط الاحتياجات الحيوية من الغذاء والمأوى. وطلب صاحب الشكوى الحصول على فترة تمديد لتوفير الأدلة الطبية من العيادة المتخصصة لمعالجة الصدمات، بالنظر إلى بدء علاجه للتو. وطلب أيضاً تعيين محامٍ لتمثيله مجاناً في إجراءات الاستئناف. وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، رأت المحكمة الإدارية الاتحادية أن طلب الاستئناف لا يستند إلى أسس وجيهة ورفضته، وحمَّلت صاحب الشكوى تكاليف المحكمة.

2-10 وفي 12 نيسان/أبريل 2016، قدم صاحب الشكوى شكواه إلى اللجنة، وسُجلت الشكوى في 21 نيسان/أبريل 2016.

2-11 وفي 29 أيلول/سبتمبر 2016، قدمت الدولة الطرف استمارة موحدة لتبادل البيانات الصحية قبل نقل صاحب الشكوى إلى السلطات الإيطالية بموجب لائحة دبلن، وأرفقت بها الشهادة الطبية لصاحب الشكوى بعد ترجمتها إلى الإنكليزية. وفي 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، أُبعد صاحب الشكوى إلى إيطاليا. ووصل إلى مطار مالبنسا ظهراً على وجه التقريب، واقتاده أفراد من الشرطة إلى مكتب لأخذ بصمات أصابعه. وزُود ببعض الوثائق، دون تلقي أي تفسير بشأن مضمونها. وعلى الرغم من أن صاحب الشكوى لا يقرأ الإنكليزية أو الإيطالية ولا يفهم إلا القليل من اللغة الإنكليزية الدارجة، فلم تتوفر له أي ترجمة شفوية. وبعد انتظار دام ساعتين، رُدَّت له أمتعته الشخصية وسُئل، باللغة الإنكليزية، عما إذا كان يعرف أي شخص في ميلانو، فأجاب بالنفي. ثم طُلب إليه الانتظار في المطار حتى يصبح أحد المقاعد شاغراً في غرفة بجوار الأمتعة فيتمكن من قضاء الليل هناك. وقال إنه لم يحصل على أي طعام. وسأل ثلاث مرات عما يُفترض به أن يفعله ولكن لم يُجِب عليه أحد. وبين الساعة 17:00 والساعة 19:30، طُلب إليه الانتظار خارج المطار. وخلال تلك الفترة، مرّ أفراد من الشرطة في نفس المكان وطلبوا إليه إبراز وثائق هويته. وتلقى مكالمة من أحد معارفه وكان مقيماً في ميلانو، وطلب إليه الذهاب إلى محطة القطارات حيث يمكنه إيجاد مأوى مؤقت لدى مؤسسة كاريتاس . وفي الساعة 21:30، تمكن من العثور على المأوى ووقف في طابور انتظار لمدة أربع ساعات، ولكنه لم يحصل على مكان للنوم أو لتناول الطعام هناك. وقال إنه لم يكن لديه أي خيار سوى النوم في العراء. وفي اليوم التالي، وقف في الطابور بدءاً من الساعة 13:00، وحصل على مكان في المأوى. ويصف صاحب الشكوى الحالة هناك بأنها حالة تعمّها الفوضى، مع وجود المئات من ملتمسي اللجوء الذين ينامون في الشارع دون تلقي مساعدة من السلطات. وأدرك أن ليس لديه، في إيطاليا، أي فرصة للحصول على مأوى محدد، وأنه سيُجبر على النوم في الشارع، دون أي وسيلة لتلبية احتياجاته الأساسية، وأنه لن يتاح له الحصول على الرعاية الصحية الطبية. ولم يحصل صاحب الشكوى على أي معلومات عن كيفية تقديم طلب لجوء، ولم يطلب إليه أحد تقديم معلومات عن حالته الصحية.

2-12 وفي 14 تشرين الأول/أكتوبر 2016، قرر صاحب الشكوى العودة إلى سويسرا، وفي 20 تشرين الأول/أكتوبر 2016، قدم طلباً جديداً للجوء. وأشار إلى أنه من ضحايا التعذيب وأنه بحاجة إلى الرعاية الطبية المتخصصة التي لا يمكن أن يتلقاها في إيطاليا. وأرفَق تقريراً طبياً بطلبه ( ) . وذُكر في التقرير الطبي أن صاحب الشكوى قد تلقى علاجاً لمدة 12 شهراً بواقع مرة أو مرتين في الأسبوع في العيادة المتخصصة لمعالجة الصدمات في جنيف، وأنه يعاني من صدمة حادة من جراء أعمال التعذيب وإساءة المعاملة التي تعرض لها في إريتريا، ويعاني أيضاً بشدة من اضطرابات نفسية لاحقة للإصابة، مع نزعة واضحة إلى عزل نفسه. وأُشير مجدداً في التقرير إلى أن صاحب الشكوى بحاجة إلى دعم أخيه وأنه يعتمد عليه وتربطه به علاقة وثيقة، وفي حال حرمان صاحب الشكوى من العلاج المتخصص لضحايا التعذيب أو من بيئة اجتماعية مستقرة، فقد يُصاب بحالة اكتئاب، مع احتمال كبير بأن يُقدم على الانتحار. ووُضع التقرير بعد 12 شهراً من العلاج، وتيسَّر إعداده بفضل العلاقة الوثيقة التي نُسجت بين الأطباء وصاحب الشكوى في إطار العلاج. ويتضمن التقرير سرداً مفصلاً لما واجهه صاحب الشكوى في إريتريا ولأعمال التعذيب التي تعرض لها.

2-13 وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قدمت أمانة الدولة استمارة موحدة إلى السلطات الإيطالية تطلب فيها أن تسترجع إيطاليا صاحب الشكوى. ولم تتضمن الاستمارة أي معلومات عن احتياجاته الخاصة.

2-14 وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2016، ونظراً إلى عدم ورود أي رد من السلطات الإيطالية، قررت أمانة الدولة إبعاد صاحب الشكوى إلى إيطاليا بموجب لائحة دبلن الثالثة. وفي 24 كانون الثاني/يناير 2017، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية إجراءات استئناف صاحب الشكوى. ورأت المحكمة أن صاحب الشكوى ليس مُعالاً على الرغم مما ورد في التقرير الطبي، وأنه لم يتبيَّن أن حالته الصحية حرجة أو أنه يشرف على الموت، واعتبرت أنه لا يمكن ضمان أي خدمات تمريض أو رعاية طبية له في بلد الإبعاد.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب الشكوى أن إعادته القسرية إلى إيطاليا ستشكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المواد 3 و14 و16 من الاتفاقية. ويؤكد أنه إذا أعيد إلى إيطاليا، سيكون عرضة لحالة تصل إلى حد المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وللحرمان من أي فرصة لإعادة التأهيل.

3-2 ويدعي أن إيطاليا لم تعد قادرة على تلبية احتياجات ملتمسي اللجوء أو كفالة حصولهم على الخدمات الأساسية، مثل المأوى والرعاية الطبية الأساسية. وينطبق ذلك بصفة خاصة على ضحايا التعذيب الذين لديهم احتياجات طبية محددة. ووفقاً لصاحب الشكوى، فإنه لن تتاح له إجراءات طلب اللجوء الحقيقية في إيطاليا. وفي هذه الحالة لن يكون لديه خيار معقول آخر سوى طلب الحماية في أماكن أخرى، مما يعرضه لخطر الإعادة القسرية "المتسلسلة" إلى بلده الأصلي.

3-3 ويلاحظ صاحب الشكوى أنه نظراً إلى التدفق الحالي للمهاجرين، لا يمكن للسلطات الإيطالية أن تضمن ظروف الاستقبال والإقامة الملائمة للحفاظ على كرامتهم. ويؤكد صاحب الشكوى أن قرار المجلس الأوروبي ( ) لنقل ما مجموعه 600 39 من ملتمسي اللجوء من إيطاليا إلى بلدان أخرى في الاتحاد الأوروبي يشكل اعترافاً صريحاً من جانب مؤسسات الاتحاد الأوروبي بأن إيطاليا لم تعد قادرة على معالجة الطلبات المقدمة من ملتمسي اللجوء، مما يعرضهم لخطر انتهاك حقوقهم الأساسية، بما في ذلك انتهاك مبدأ عدم الإعادة القسرية. ويصف المجلس الأوروبي في قراره الحالة في إيطاليا بأنها حالة طوارئ استثنائية. وأشارت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية Tarakhel  v.  Switzerland ( ) إلى المشاكل الحادة التي تواجهها السلطات الإيطالية منذ عام 2011 لاستقبال ملتمسي اللجوء، بما في ذلك الصعوبات الكبيرة لإيوائهم وكفالة أحوال معيشية ملائمة وتوفير الرعاية الطبية لهم. واعترفت كل من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان واللجنة المعنية بحقوق الإنسان ( ) بضرورة الحصول على ضمانات شخصية من السلطات الإيطالية في حالات الإبعاد إلى إيطاليا في إطار تطبيق لائحة دبلن الثالثة.

3-4 ويضيف صاحب الشكوى أنه وفقاً لما جاء في تقرير للمنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين ( ) ، تُعتبر المآوي في إيطاليا غير مناسبة لإيواء الأشخاص في حالة ضعف، مثل ضحايا التعذيب. وقد ينتهي الأمر بهؤلاء الضحايا إلى العيش في الشوارع بعد عودتهم إلى إيطاليا أو في مستقطنات يديرها المهاجرون، وهي أماكن تتاح مقابل أجرة ولا تُناسِب الأشخاص في حالة ضعف ( ) . ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن منظمة أطباء بلا  حدود ( ) ، أُفيد في كانون الأول/ ديسمبر 2015 أنه من بين ما يزيد على 000 100 من المهاجرين المقيمين في مراكز الاستقبال في إيطاليا، أودع حوالي 000 80 شخص في مراكز الاستقبال الاستثنائية؛ ويقيم 000 19 شخص في المراكز التابعة لنظام حماية ملتمسي اللجوء واللاجئين؛ وهناك أكثر من 000 7 شخص يقيمون في مراكز حكومية مخصصة للاستقبال الأولي لملتمسي اللجوء.

3-5 ووفقاً للمنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين ( ) ، لا تتاح سوى إمكانية محدودة لهؤلاء من أجل الحصول على العلاج الطبي، ولا سيما العلاج النفسي المتخصص، نظراً لعدم توافر معلومات عن كيفية الحصول عليه والافتقار إلى خدمات الترجمة الشفوية لإجراء مشاورات مع الأخصائيين. وبالإضافة إلى التوصل إلى استنتاج وجود خطر كبير من أن ينتهي الأمر بملتمسي اللجوء إلى العيش في الشوارع، خلصت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين إلى أنه لا يتاح لهؤلاء الأشخاص علاج نفسي من النوع الذي يحتاج إليه صاحب الشكوى.

3-6 ويدعي صاحب الشكوى أنه حُرم من إمكانية الاستعانة بمحام، سواء في المحكمة الابتدائية أو في مرحلة الاستئناف، وأن المحكمة الإدارية الاتحادية رفضت عرضه تقديم أدلة طبية، وأنها اعتمدت إجراءات مبسطة نظر فيها قاض وحيد فحسب، وفرضت تكاليف الدعوى عليه رغم ثبوت عوزه. ويزعم أن هذه الوقائع تشكل انتهاكاً لحقه في الحصول على سبيل انتصاف فعال على النحو الوارد في المادة 14 من الاتفاقية. وعلاوة على ذلك، يدّعي صاحب الشكوى في ضوء المعلومات المذكورة أعلاه، وتجربته الخاصة عند إبعاده إلى إيطاليا، أنه قد لا يتمكن من إيجاد مكان للإقامة أو لتلقي العلاج الطبي المتخصص في إيطاليا مقارنةً بالعلاج الذي يتلقاه بالفعل في سويسرا. كما سيُحدث الانفصال عن أخيه آثار صدمة على صحته العقلية بوجه خاص، مما ينطوي على خطر التسبب في صدمة جديدة. ثم إن الافتقار إلى الدعم العاطفي وإلى ضمانات الحصول على مكان للسكن والعلاج الطبي المتخصص في إيطاليا سيحول دون إعادة تأهيل صاحب الشكوى باعتباره من ضحايا التعذيب، فيما يشكل انتهاكاً للمادة 14 من الاتفاقية.

3-7 أخيراً، يدعي صاحب الشكوى أن حالته كضحية تعذيب ورجل يعاني من اضطرابات نفسية حادة لاحقة للإصابة واعتماده على أخيه، على النحو المبين في التقرير الطبي، فضلاً عن الافتقار إلى الرعاية الصحية وإلى شبكة للدعم الاجتماعي في إيطاليا، كلها ظروف استثنائية تجعل إبعاده إلى إيطاليا شكلاً من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة التي تشكل انتهاكاً للمادة 16. ولنفس الأسباب، فمن شأن إبعاد صاحب الشكوى إلى إيطاليا أن يشكل انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية وللمادة 3 من الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 اعترضت الدولة الطرف، في رسالتيها المؤرختين 21 تشرين الأول/أكتوبر 2016 و2 آذار/مارس 2017، على مقبولية ادعاءات صاحب الشكوى من حيث الموضوع فيما يتعلق بالمادتين 14 و16 من الاتفاقية. وترى الدولة الطرف أن الالتزامات بالإنصاف والتعويض وإعادة التأهيل الواردة في المادة 14 تقتصر على ضحايا أعمال التعذيب التي تُرتكب في إقليم الدولة الطرف، أو على يد أحد مواطنيها أو ضده. ولما كان الهدف الرئيسي من هذه المادة هو ردّ الكرامة إلى الضحية، فإن لدى الدول الأطراف هامش تقدير بشأن السبل المتاحة لتحقيق ذلك. كما أن المادة 14 وتعليق اللجنة العام رقم 3(2012) بشأن تنفيذ المادة 14 لا يستبعدان إمكانية التعاون بين الدول الأطراف لكفالة إعادة التأهيل. ولا يحق للضحايا الاستفادة من تدابير محددة من مقدِّمين للخدمات من اختيارهم في دولة يختارونها. وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن اللجنة خلصت في آرائها السابقة إلى أن نطاق الالتزام بعدم الإعادة القسرية الوارد في المادة 3 لا يسري على حالات سوء المعاملة التي تنص عليها المادة 16 ( ) . وبما أن إيطاليا اعترفت باختصاص اللجنة في تلقي الشكاوى الفردية والنظر فيها، فيجوز لصاحب الشكوى أن يقدم شكوى جديدة يطلب فيها تطبيق التدابير المؤقتة إذا أرادت إيطاليا طرده إلى إريتريا.

4-2 وتلاحظ الدولة الطرف أن إيطاليا طرف في عدد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، ومنع التعذيب، ووضع اللاجئين. وتشير إلى أن قدرة إيطاليا على إيواء اللاجئين تخضع دون شك لضغط كبير في الوقت الحاضر، ولكن من المؤكد أن هذا لا يعني انهيار النظام لديها، على نحو ما أقرت به المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضايا عدة من بينها قضية محمد حسن وآخرين ضد هولندا وإيطاليا ( ) . ويتعلق بعض هذه القرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأشخاص ضعفاء. وترى الدولة الطرف أيضاً أن إجراءات اللجوء لم تزل قائمة من الناحية الهيكلية في إيطاليا، كما هي الحال في اليونان. وتلاحظ الدولة الطرف أن في قضية تراخيل ضد سويسرا التي ذكرها صاحب الشكوى، لم تعارض المحكمة نقل ملتمسي اللجوء إلى إيطاليا، إنما طلبت فقط في حالة أسرة ذات أطفال صغار التماس ضمانات شخصية. وإذا واجه صاحب الشكوى حالة انتُهكت فيها كرامته أو أي حق له من حقوق الإنسان في إيطاليا، كان يمكنه المطالبة بحقوقه مباشرةً أمام السلطات الإيطالية. ومع ذلك، فقد غادر إيطاليا قبل أن تتمكن السلطات من النظر في طلبه، ولم يُتِح بذلك الفرصة أمام الدولة للبت في هذه المسألة أو توفير المأوى الملائم له. وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يُثبت بالأدلة صحة ادعاءاته بأن السلطات الإيطالية وفرت له منشورات إعلامية دون ترجمة حيث إنه لم يقدم نسخة من تلك المنشورات. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يزعم أنه من ضحايا التعذيب أو أي معاملة أخرى محظورة بموجب المادة 3 من الاتفاقية في إيطاليا. وفي هذه الظروف، ترى الدولة الطرف أن جميع الادعاءات في إطار المادة 3 لا تستند إلى أساس.

4-3 وترى الدولة الطرف أيضاً أنه في حال اعتبار الادعاءات المقدمة بموجب المادة 14 من الاتفاقية ادعاءات مقبولة، فإنها لا تكشف وقوع انتهاك. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى شاب غير مُعيل، وأنه لا توجد أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن مشاكله الصحية خطيرة أو أنها تجعله عاجزاً. وكان قادراً على العيش دون أخيه لعدة سنوات، وتمكن من الوصول إلى أوروبا دون مساعدته، مما يعني أن وجود أخيه غير ضروري. ولا تُعتبر الحالة الراهنة لصاحب الشكوى حالة شخص ضعيف بوجه خاص. وأُحيلت السجلات الطبية لصاحب الشكوى إلى إيطاليا، التي لديها نظام طبي مشابه للغاية للنظام القائم في سويسرا. وسبق للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن قررت، في قضية تتعلق بنقل ملتمس لجوء يتلقى علاجاً نفسياً إلى إيطاليا، أنه لا يوجد سبب للاعتقاد أنه لن يتسنى لصاحب الشكوى الاستفادة من الرعاية الطبية المناسبة ( ) . وليس ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد أيضاً بأن السلطات الإيطالية سترفض توفير العلاج المناسب إلى صاحب الشكوى ما دامت حالته الصحية أو وجوده معرضين للخطر.

4-4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب الشكوى أنه لم يحصل على سبيل انتصاف فعال في الدولة الطرف، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب الشكوى تمكن، حتى بدون مساعدة قانونية، من تقديم طلب استئناف لدى المحكمة الإدارية الاتحادية؛ وأنه لا يجوز، وفقاً للقانون المنطبق، التنازل لشخص عن تكاليف الدعوى عندما يكون من الجلي أن الاستئناف غير مقبول؛ وأن صاحب الشكوى تمكن من تغطية التكاليف؛ وأن المحكمة يمكن أن تقبل المزيد من الأدلة لتوضيح الوقائع، وأنها تتمتع بهامش تقدير في هذه المسألة. وعلاوة على ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن قرارات القاضي الوحيد يجب أن تنال موافقة قاضٍ ثان، وأنه في حالة عدم الاتفاق، تُحال القرارات إلى دائرة مؤلفة من ثلاثة قضاة. وتخلص الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى قد حصل على سبيل انتصاف فعال.

4-5 وترى الدولة الطرف أيضاً أنه في حال اعتبار الادعاءات المقدمة بموجب المادة 16 ادعاءات مقبولة، فإنها لا تستند إلى أساس. وتشير الدولة الطرف إلى الآراء السابقة للجنة ( ) التي جاء فيها أنه فقط في ظروف استثنائية للغاية، قد يشكل الإبعاد في حد ذاته معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، وأن تدهور الحالة الصحية البدنية أو العقلية للفرد نتيجةً للإبعاد لا يكفي بصفة عامة، في حال عدم وجود عوامل أخرى، لاعتبار أن الإبعاد يصل إلى حد المعاملة المهينة في ما يشكل انتهاكاً للمادة 16. وفي الشكوى الحالية، لم يدَّع صاحب الشكوى وجود ظروف استثنائية مماثلة ولم يُثبت وجودها بأدلة.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يوضح صاحب الشكوى، في رسالته المؤرخة 16 حزيران/ يونيه 2017، أنه لم يعد إلى سويسرا على الفور، وذلك لإعطاء الفرصة للسلطات الإيطالية لتوفير مأوى له. ويرى أن افتراض الدولة الطرف بأنه لم يُعطِ الفرصة للسلطات الإيطالية لتوفير مأوى له لا يستند إلى أي دليل. ويؤكد أنه لا يملك الأدلة المادية على بقائه في إيطاليا، لكنه يقول إن جميع المعلومات التي قدمها متسقة. ومع ذلك، فإن سلطات الدولة الطرف لم تنظر في هذه المسألة.

5-2 ويلاحظ صاحب الشكوى أن الدولة الطرف تعترف بأن المادة 14 من الاتفاقية تشمل الالتزام بالتعاون من أجل حماية الحق في إعادة التأهيل، ولكنها لم تتعاون أبداً مع السلطات الإيطالية بشأن معاملته، بل اكتفت بإبلاغ السلطات الإيطالية بحالته الصحية، دون ورود ردّ على ذلك من إيطاليا. ويؤكد أنه لم يتَّخذ خيار تلقي العلاج في سويسرا، إنما أراد مجرد الحصول على العلاج الذي يحتاج إليه، وهو أمر متعذّر في إيطاليا. ويميِّز صاحب الشكوى بين الالتزام بتوفير الجبر والتعويض من جهة، والالتزام بإعادة التأهيل الوارد في المادة 14 من جهة أخرى، ويرى أن الجبر والتعويض هما من الالتزامات التي تقتصر على ضحايا أعمال التعذيب المرتكبة في إقليم الدولة الطرف، أو على يد أحد مواطنيها أو ضده؛ أما الحق في إعادة التأهيل الذي يطالب به، فلا يخضع لأي تقييد جغرافي. وقد أكدت اللجنة في تعليقها العام رقم 3 أن التزامات الدول الأطراف بتوفير إعادة التأهيل لضحايا التعذيب لا يمكن تأجيلها، مما يلزم الدول الأطراف بأن تكفل لهؤلاء الضحايا الحصول على التأهيل المتاح الأكثر شمولاً (الفقرة 12). وعلاوة على ذلك، يقول صاحب الشكوى إنه في حال مراعاة حجة الدولة الطرف بشأن القيود الجغرافية للالتزامات بموجب المادة 14، لن يقع أي التزام على إيطاليا بإعادة تأهيله. ويرى أن حجة الدولة الطرف تنطوي على تناقض وينبغي استبعادها. ويلاحظ صاحب الشكوى أن الدولة الطرف تفي حالياً بالتزامها عن طريق العلاج الطبي الذي يتلقاه في العيادة المتخصصة لمعالجة الصدمات في جنيف.

5-3 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف بأن نطاق المادة 16 لا يشمل عمليات الإبعاد، يلاحظ صاحب الشكوى أن اللجنة، في تعليقها العام رقم 2(2007) بشأن تنفيذ المادة 2، رأت أن الالتزامات الواردة في المادة 3 تنطبق أيضاً على أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة (الفقرة 6)، وأن هذا الرأي يعقب الاجتهادات القضائية للجنة المعنية بحقوق الإنسان ( ) والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بهذا المعنى ( ) . واقتراحُ أن يقدم صاحب الشكوى شكوى ضد إيطاليا إذا ما أُبعد إلى إريتريا يعني إرجاء اضطلاع الدولة الطرف بمسؤوليتها عن حماية حقوق الإنسان العائدة إلى صاحب الشكوى.

5-4 ويلاحظ صاحب الشكوى أن سلطات الدولة الطرف لم تضطلع بأي تقييم فردي لحالته. ولم تستند الدولة الطرف إلى أي تقرير لدعم قولها إن لدى إيطاليا الهياكل الأساسية الطبية اللازمة لمعالجة احتياجاته النفسية. وبدلاً من ذلك، فقد اعتمدت حصراً على الأحكام الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي ترقى بمعظمها إلى عام 2013، أي قبل حدوث التدفق الكبير للمهاجرين في عامي 2015 و2016. واليوم، يتناول عدد من التقارير عدم توافر إمكانية الحصول على السكن والعلاج الطبي لملتمسي اللجوء في إيطاليا. ويذكر صاحب الشكوى، على وجه الخصوص، آخر تقرير للمنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين ( ) ، الذي يشير إلى وجود أوجه قصور هيكلية في نظام الإيواء الحالي، ولا سيما الأحوال المعيشية ونشر المعلومات. إذ كثيراً ما تكون المصادفة هي التي تحدِّد إحالة ملتمس اللجوء إلى المأوى المناسب. وبناء على ذلك، قد ينتهي الأمر ببعض الأشخاص إلى العيش في الشوارع والانتظار عدة أشهر قبل التمكن من تقديم طلب لجوء. ويؤكد آخر تقرير صادر عن قاعدة بيانات معلومات اللجوء أن الأحوال المعيشية في المآوي ليست ملائمة لملتمسي اللجوء ( ) . وعلاوة على ذلك، يصف التقرير الإقليمي للمجلس الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب عدم توافر إجراءات محددة في إيطاليا لكفالة التعرف على ضحايا التعذيب ( ) . وعلى الرغم من تسجيل تحسن في التعرف على ضحايا التعذيب في أعقاب تنفيذ مشروع بين عام 2007 وعام 2012 للشبكة الإيطالية لملتمسي اللجوء الناجين من التعذيب، فقد أُنهي المشروع في عام 2012 نتيجةً لنقص التمويل ( ) .

5-5 ووفقاً لتقارير مقدمة من منظمة أطباء بلا  حدود ( ) ، يفتقر العديد من مراكز الإقامة المخصصة لملتمسي اللجوء إلى خدمات الدعم النفسي. وعلى الرغم من أن مراكز الإقامة ينبغي أن تُيَسّر الحصول على الخدمات الطبية عن طريق نظام الصحة العامة الإيطالي، فإن الحصول على تلك الخدمات ليس بالأمر المضمون دوماً، كما أن عدم وجود نظام رصد وجزاءات لتلبية الاحتياجات في الوقت اللازم يجعل تنفيذ هذه الخدمات أمراً خاضعاً للسلطة التقديرية. ويؤدي أيضاً الاستبعاد الاجتماعي لملتمسي اللجوء والافتقار إلى خدمات الترجمة الشفوية والتحريرية إلى الحدّ بشكل خطير من إمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية. وعلى أي حال، فإن الخدمات الطبية المقدمة عن طريق نظام الرعاية الصحية الإيطالي ليست مصممة خصيصاً لمعالجة الحالات التي يتأثر بها عادةً ملتمسو اللجوء واللاجئون، التي تختلف إلى حد كبير عن الحالات التي تمس السكان الإيطاليين ( ) . ورأت منظمة أطباء بلا حدود أن "الإجراءات المتبعة لتقييم الصحة العقلية في [النظام الصحي الإيطالي] غير كافية أو منعدمة تماماً"، وأن "تحديد مواطن ضعف المرضى ونقلهم إلى مرافق طبية مخصصة بطيء، بل ويكون منعدماً في كثير من الأحيان" ، وأن "النظام يفتقر إلى الموارد البشرية والمالية الملائمة ثقافياً وإلى خدمات الصحة العقلية لعلاج ملتمسي اللجوء" ( ) .

5-6 ويضيف صاحب الشكوى أن موجة الهجرة إلى إيطاليا في عام 2016 أدت إلى انهيار نظام الاستقبال وأن على المهاجرين الانتظار لمدة أسابيع أو أشهر قبل التمكن من تقديم طلب لجوء والحصول على خدمات نظام الاستقبال ( ) . وفي ضوء ذلك، أُتيحت هياكل إقامة غير رسمية، ولكنها غير مكيفة لاستقبال الأشخاص في حالات ضعف. وتؤدي رداءة الأحوال المعيشية في هذه المراكز إلى تدهور الصحة العقلية لملتمسي اللجوء ذوي الأمراض النفسية. ولذلك، يرى صاحب الشكوى أن الأحوال المعيشية لملتمسي اللجوء في إيطاليا ممَّن يعانون مثله من حالة ضعف واضطرابات نفسية لاحقة للإصابة، هي أحوال لا تطاق.

5-7 وينبغي ألا يقتصر مفهوم "حالة الضعف" على الأسر التي لديها أطفال، إنما أن يشمل الأشخاص المنتمين إلى فئة ضعيفة بوجه خاص كضحايا التعذيب، على غرار صاحب الشكوى ( ) . وفي هذا الصدد، يحيط صاحب الشكوى علماً بادعاء الدولة الطرف بأن قضية تراخيل ضد سويسرا لا صلة لها بالموضوع لأنها تشير إلى حالة أسرة ذات أطفال صغار. لكنه يلاحظ أن المحكمة أقرت في تلك القضية بأن ملتمسي اللجوء ينتمون إلى فئة ضعيفة بوجه خاص، وتحتاج إلى حماية خاصة، وبأن الحصول على مأوى يمكن أن يكون متعذراً بالنسبة إلى بعض ملتمسي اللجوء في إيطاليا.

5-8 ويرى صاحب الشكوى أنه في قضية A.S. v. Switzerland التي أشارت إليها الدولة الطرف، لم تأخذ المحكمة في الحسبان الاحتياجات المحددة لأحد الناجين من التعذيب فيما يتعلق بإعادة تأهيله وحقيقة أن هذا الحق هو حق مدني منفرد ( ) . واستعرضت المحكمة اجتهادها القضائي في مسألة إبعاد الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية في قضية Paposhvili v. Belgium ، بالنظر إلى أن عمليات الإبعاد التي تشكل انتهاكاً للمادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) تشمل إبعاد "شخص مصاب بمرض خطير إذا وُجدت أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه، وإن لم يكن معرضاً لخطر وشيك بالوفاة، سيواجه خطراً حقيقياً، نظراً لعدم توافر العلاج المناسب في بلد الاستقبال أو عدم إمكانية الحصول على ذلك العلاج، بالتعرض لتدهور خطير وسريع ولا رجعة فيه في حالته الصحية، مما يؤدي إلى معاناة شديدة أو إلى تراجع كبير في العمر المتوقع" ( ) . ورأت المحكمة أيضاً أنه إذا ظلت ثمة شكوك قائمة بشأن إمكانية الحصول على العلاج اللازم، بعد إجراء تحليل للحالة في بلد الاستقبال، فلا بد من طلب الحصول على ضمانات فردية قبل عملية الإبعاد. ويكرر صاحب الشكوى تأكيد أن الدولة الطرف لم تطلب ضمانات فردية في حالته.

5-9 ويلاحظ صاحب الشكوى أيضاً أن الدولة الطرف تشكك في خطورة حالته الصحية. وبذلك، فإنها تشكك في تقييم المهنيين ومحتوى التقارير الطبية المفصلة دون أن تقدم أي أدلة تتعارض مع ما ورد فيها.

5-10 ويخلص صاحب الشكوى إلى أن الظروف الاستثنائية لحالته تبرر القول بأن إبعاده إلى إيطاليا سيشكل انتهاكاً للمواد 3 و14 و16 من الاتفاقية، وبأن الدولة الطرف لم تُجر تقييماً فردياً لحالته.

معلومات إضافية مقدمة من صاحب الشكوى

6- في 21 تموز/يوليه 2017، قدم صاحب الشكوى تقريراً طبياً من العيادة المتخصصة لمعالجة الصدمات في جنيف، يتضمن تأكيداً بأن المعني لا يزال يخضع للعلاج، وكان يعاني في ذلك الوقت من حادثة اكتئاب ذات حدة متوسطة إلى شديدة. وأوصى الأطباء بأن يواصِل صاحب الشكوى علاجه النفساني.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أيّ ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجرى بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-2 وتشير اللجنة إلى أنها، وفقاً للمادة 22(5)(ب) من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ إلا إذا تحققت من أن صاحبه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة، في هذه القضية، أن الدولة الطرف أقرت بأن صاحب البلاغ استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ولذا، ترى اللجنة أن ليس ثمة ما يمنع من أن تنظر في البلاغ بموجب المادة 22(5)(ب) من الاتفاقية.

7-3 وتلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب الشكوى بموجب المادتين 14 و16 غير مقبولة من حيث الموضوع لأن الالتزامات بتوفير الجبر والتعويض وإعادة التأهيل الواردة في المادة 14 تقتصر على ضحايا أعمال التعذيب التي تُرتكب في إقليم الدولة الطرف، أو على يد أحد مواطنيها أو ضده، ولأن نطاق الالتزام بعدم الإعادة القسرية الوارد في المادة 3 لا يشمل حالات سوء المعاملة التي تنص عليها المادة 16. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجج صاحب الشكوى القائلة بأن الحق في إعادة التأهيل لا يخضع لقيود جغرافية، على نحو ما يُفهم ضمناً من تعليق اللجنة العام رقم 3، الذي يفيد بأن التزامات الدول الأطراف بتوفير إعادة التأهيل لضحايا التعذيب لا يمكن تأجيلها؛ وبأن اللجنة، في تعليقها العام رقم 2، اعتبرت أن الالتزامات المنصوص عليها في المادة 3 تشمل أيضاً المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة (الفقرة 6)؛ وبأن الاقتراح بأن يقدِّم المعني شكوى ضد إيطاليا في حال إبعاده إلى إريتريا يعني إرجاء اضطلاع الدولة الطرف بمسؤوليتها عن حماية حقوق الإنسان العائدة إلى صاحب الشكوى. وترى اللجنة أن التزامات الدول الأطراف بإعادة تأهيل ضحايا التعذيب تتطلب أن تكفل الدول المعنية هذه الحماية في نظمها القانونية في حالات قد يثير فيها الإبعاد إلى دولة طرف أخرى، في ظروف معينة، أسئلة في إطار المادة 16. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب الشكوى في إطار المادتين 14 و16 مقبولة من حيث الموضوع.

7-4 وإذ لا ترى اللجنة أي عقبات أخرى تحول دون المقبولية، فإنها تعلن قبول البلاغ المقدم بموجب المواد 3 و14 و16 من الاتفاقية وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في البلاغ، وفقاً لأحكام الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

8-2 وفي هذه القضية، تتمثل المسألة المعروضة على اللجنة في تحديد ما إذا كان إبعاد صاحب الشكوى قسراً إلى إيطاليا يشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أي شخص أو إعادته ("رده") إلى دولة أخرى إذا توافرت أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

8-3 ويجب على اللجنة أن تُقيِّم مدى وجود أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب أو لسوء المعاملة لدى عودته إلى إيطاليا. ويجب عليها أيضاً، عند تقدير هذا الخطر، مراعاة جميع الاعتبارات المتصلة بهذا الموضوع، عملاً بالمادة 3(2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان ( ) .

8-4 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 4(2017) بشأن تنفيذ المادة 3 في سياق المادة 22، الذي ينص على نشوء التزام بعدم الإعادة القسرية كلما وُجدت "أسباب حقيقية" تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص المعني سيكون في خطر التعرض للتعذيب في الدولة التي يُحتمل أن يُرَحَّل إليها، سواء كفرد أو كعضو في مجموعة قد تكون في خطر التعرض للتعذيب في بلد المقصد؛ وتشير أيضاً إلى الممارسة التي تتبعها اللجنة في هذا السياق بتأكيد وجود "أسباب حقيقية" كلما كان خطر التعذيب "متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً" (الفقرة 11). وتشير اللجنة كذلك إلى أن عبء الإثبات يقع عموماً على صاحب الشكوى إذ يجب عليه تقديم حجة يمكنه الدفاع عنها، أي أن عليه تقديم حجج مفصّلة بظروف، تُبيِّن أن خطر تعرضه للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي. لكن عندما يكون صاحب الشكوى في حالة تمنعه من أن يوضح قضيته، ينتقل عبء الإثبات إلى الدولة الطرف المعنية التي يتعين عليها التحقيق، عندئذٍ، في الادعاءات والتحقق من المعلومات التي يستند إليها البلاغ (الفقرة 38). وتولي اللجنة أهمية كبيرة للنتائج الوقائعية التي تقدمها أجهزة الدولة الطرف المعنية؛ ومع ذلك، فهي لا تتقيد بهذه النتائج وتجري تقييماً مستقلاً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للمادة 22(4) من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية (الفقرة 40).

8-5 وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب الشكوى أنه إذا نُقل إلى إيطاليا، يرجَّح ألا تتوافر له إمكانية الحصول على مكان إقامة، أو على العلاج الطبي والنفساني المتخصص أو على الدعم العاطفي الذي يوفره له أخوه، وهو بحاجة إلى كل ذلك بوصفه من ضحايا التعذيب. وفي هذه الحالة لن يكون لديه خيار معقول آخر سوى طلب الحماية في أماكن أخرى، مما يعرضه لخطر الإعادة القسرية "المتسلسلة" إلى بلده الأصلي. وقدم صاحب الشكوى تقارير شاملة لوصف ظروف استقبال ملتمسي اللجوء في إيطاليا، المتسمة بقصور كبير. ويشمل ذلك عدم توافر قدرة كافية لدى مراكز الإقامة لإيواء ملتمسي اللجوء، بما في ذلك العائدون بموجب لائحة دبلن، والأحوال المعيشية الرديئة في تلك المراكز، والإمكانية المحدودة جداً للحصول على العلاج الطبي والنفساني المتخصص لملتمسي اللجوء. وتتفاقم هذه الحالة نتيجةً لعدم توافر إجراءات كافية للتعرف على ضحايا التعذيب بشكل منهجي. وعلى الرغم من أن الدولة الطرف أبلغت السلطات الإيطالية، في 29 أيلول/سبتمبر 2016، بالحالة الصحية لصاحب الشكوى في الاستمارة الموحدة لتبادل البيانات الصحية قبل نقل الشخص المعني بموجب لائحة دبلن، تلاحظ اللجنة أن هذه الاستمارة لم تبيِّن أن صاحب الشكوى من ضحايا التعذيب. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تطلب ضمانات فردية من السلطات الإيطالية، كما أنها لم تتلقَّ أي رد من إيطاليا على التقرير الطبي الذي أرسلته بشأنه. وعلاوة على ذلك، في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2016، نُقل صاحب الشكوى إلى إيطاليا حيث يدّعي أنه لم يحصل على مأوى في الليلة الأولى من وصوله ولا على معلومات عن الرعاية الصحية أو عن كيفية تقديم طلب لجوء بلغة يستطيع فهمها، ولم يتلقَّ أي مساعدة طبية. وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قدمت أمانة الدولة لشؤون الهجرة استمارة موحدة إلى السلطات الإيطالية تطلب فيها أن يُسترجع صاحب الشكوى. وتلاحظ اللجنة أن هذه الاستمارة لا تتضمن أي معلومات عن الحالة الصحية لصاحب الشكوى واحتياجاته المحددة، وأن سلطات الدولة الطرف قررت نقل صاحب الشكوى إلى إيطاليا مجدداً، على الرغم من عدم ورود أي رد منها.

8-6 وترى اللجنة أنه كان من واجب الدولة الطرف إجراء تقييم فردي للخطر الشخصي والحقيقي الذي سيواجه صاحب الشكوى في إيطاليا، ولا سيما بالنظر إلى أوجه الضعف المحددة التي يعاني منها باعتباره ملتمس لجوء ومن ضحايا التعذيب، لا الاعتماد على افتراض أنه ليس عرضة للخطر بوجه خاص وبأنه سيتمكن من الحصول على العلاج الطبي المناسب هناك ( ) .

8-7 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات الدولة الطرف أنه لا توجد أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن المشاكل الصحية التي يعاني منها صاحب الشكوى خطيرة أو أنها تجعله عاجزاً، أو إلى الاعتقاد بأن وجود أخيه أمر أساسي بالنسبة إليه. غير أن اللجنة تلاحظ أيضاً أن صاحب الشكوى قدم ثلاثة تقارير طبية تتضمن معلومات مفصلة للغاية عن حالة الضعف التي يعاني منها بوصفه من ضحايا التعذيب، وعن احتياجاته المحددة وضرورة بقائه على مقربة من أخيه، وهي معلومات لم تطعن الدولة الطرف في صحتها. وتشير اللجنة إلى إفادة صاحب الشكوى بأن احتمال عدم توافر مكان له للإقامة في إيطاليا وغياب أي دعم أسري هناك، سيحول دون تحقيق إعادة تأهيله تأهيلاً كاملاً بوصفه من ضحايا التعذيب. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى يتلقى العلاج النفساني المتخصص لضحايا التعذيب في سويسرا، وأن استمرار هذا العلاج أمر ضروري لإعادة تأهيله. واستناداً إلى التقرير الطبي المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 2016، سيؤدي وقف العلاج المتخصص وإنهاء حالة الاستقرار التي يوفرها أخوه من الناحية الاجتماعية إلى تعريض صاحب الشكوى لضرر لا يمكن إصلاحه، لأن حالة اكتئابه ستتفاقم إلى حد قد يدفعه إلى الانتحار. وتلاحظ اللجنة كذلك أن هذه الحالة غير المستقرة التي تعرض حياة صاحب الشكوى للخطر لن تتيح له خياراً معقولاً آخر سوى طلب الحماية في أماكن أخرى، مما يعرضه لخطر الإعادة القسرية "المتسلسلة" إلى بلده الأصلي.

8-8 وعلى ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الدولة الطرف كان ينبغي أن تتأكد مما إذا كانت خدمات إعادة التأهيل المناسبة في إيطاليا متوافرة بالفعل ومتاحة لصاحب الشكوى من أجل الوفاء بحقه في إعادة التأهيل باعتباره من ضحايا التعذيب، وأن تسعى للحصول على ضمانات من السلطات الإيطالية لكفالة تلقي صاحب الشكوى أشكال العلاج هذه بشكل فوري ومستمر إلى حين لا تعود ثمة حاجة إليها. ونظراً إلى عدم ورود أية معلومات من الدولة الطرف تشير إلى إجراء تقييم مماثل في هذه القضية، ونظراً إلى الحالة الصحية لصاحب الشكوى، تعتبر اللجنة أن الدولة الطرف لم تقيِّم على أساس فردي وبالقدر الكافي التجربة الشخصية لصاحب الشكوى بوصفه من ضحايا التعذيب والنتائج المتوقعة من جراء إعادته قسراً إلى إيطاليا. وعليه، ترى اللجنة أن الدولة الطرف ستحرم صاحب الشكوى، عن طريق إبعاده إلى إيطاليا، من حقه في إعادة التأهيل، وأن هذه الحالة بذاتها تصل، في ظروف صاحب الشكوى، إلى حد سوء المعاملة. وبناء على ذلك، ستشكل إعادة صاحب الشكوى قسراً إلى إيطاليا انتهاكاً للمادتين 14 و16 من الاتفاقية.

8-9 وتشير اللجنة إلى أنه وفقاً لتعليقها العام رقم 2، يتداخل الالتزام بمنع إساءة المعاملة مع الالتزام بمنع التعذيب، وينسجم معه إلى حد بعيد، وأن الحد الفاصل، عملياً، بين مفهومي إساءة المعاملة والتعذيب يتسم في كثير من الأحيان بعدم الوضوح. وتثبت التجربة أن الظروف التي تؤدي إلى إساءة المعاملة تسِّهل التعذيب في كثير من الأحيان، ولذلك، يجب تطبيق التدابير اللازمة لمنع التعذيب من أجل منع إساءة المعاملة (الفقرة 3). وتشير أيضاً إلى أنه وفقاً للتعليق العام نفسه، تشكل حماية بعض الأقليات أو الأفراد أو السكان المهمّشين، مثل ملتمسي اللجوء، المعرضين بصفة خاصة لخطر التعذيب جزءاً من الالتزام بمنع التعذيب أو إساءة المعاملة (الفقرة 21).

8-10 وتشير اللجنة أيضاً إلى أنه ينبغي للدول الأطراف أن تنظر فيما إذا كانت الأشكال الأخرى من إساءة المعاملة التي يُحتمل أن يتعرض لها شخص يواجه الإبعاد قد تتغير لتبلغ حد التعذيب، وذلك قبل إجراء تقييم عدم الإعادة القسرية. وفي هذا الصدد، لا يمكن إجراء تقييم موضوعي دوماً للألم أو المعاناة الشديدين، ويتوقف الأمر على العواقب البدنية و/أو العقلية السلبية التي تسببها الأعمال العنيفة أو التعسفية إزاء كل فرد، مع مراعاة الظروف المتصلة بكل حالة، بما في ذلك طبيعة معاملة الضحية ونوع جنسها وسنها وحالتها الصحية وضعفها وأية أوضاع أو عوامل أخرى (الفقرتان 16 و17). وتلاحظ اللجنة أنه، في حالة صاحب الشكوى، فمن شأن إساءة المعاملة التي كان سيتعرض لها في إيطاليا، إضافةً إلى عدم توافر بيئة اجتماعية مستقرة مماثلة للتي يوفرها له أخوه، أن تؤدي إلى خطر تفاقم حالة اكتئابه إلى حد يُحتمل أن يدفعه إلى الانتحار، وأنه في ظل هذه الظروف، يمكن لإساءة المعاملة أن تصل، في حالته، إلى مستوى مماثل للتعذيب. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن إبعاد صاحب الشكوى إلى إيطاليا سيشكل خرقاً للمادة 3 من الاتفاقية.

9- وتخلص اللجنة، وهي تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، إلى أن إبعاد صاحب الشكوى إلى إيطاليا سيشكل خرقاً للمواد 3 و14 و16 من الاتفاقية.

10- وترى اللجنة أنه وفقاً للمواد 3 و14 و16 من الاتفاقية، تُلزَم الدولة الطرف بالامتناع عن إعادة صاحب الشكوى قسراً إلى إيطاليا وبمواصلة الامتثال لالتزامها بتوفير إعادة التأهيل لصاحب الشكوى عن طريق العلاج الطبي، وذلك بالتشاور الكامل معه. وتدعو اللجنة الدولة الطرف، عملاً بالفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، إلى إبلاغها، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بما اتخذته من خطوات استجابةً للملاحظات الواردة أعلاه.