الأمم المتحدة

CCPR/C/GC/37

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

17 September 2020

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

التعليق العام رقم 37 ( 2020 ) بشأن الحق في التجمع السلمي ( المادة 21 ) *

أولا ً - مقدمة

1- يسمح حق الإنسان الأساسي في التجمع السلمي للأفراد بالتعبير الجماعي والمشاركة في تشكيل مجتمعاتهم. والحق في التجمع السلمي مهم في حد ذ اته لأنه يحمي قدرة الناس على ممارسة الاستقلال الذاتي الفردي في تضامن مع الآخرين. وهو يشكل أيض اً، إلى جانب حقوق أخرى ذات صلة، الأساس ذاته لنظام حكم تشاركي قائم على الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والتعددية. ويمكن أن تؤدي التجمعات السلمية دوراً حاسماً في تمكين المشاركين من تقديم أفكار وأهداف طموحة في المجال العام وتحديد مستوى الدعم أو المعارضة الذي تحظى به تلك الأفكار أو الأهداف. وعندما تستخدم التجمعات السلمية للتعبير عن المظالم، قد تتيح فرصاً لتسوية الخلافات على نحو شامل وتشاركي وسلمي.

2- وعلاوة على ذلك، يشكّل الحق في التجمع السلمي أداة قيِّمة استُخدِمت ويمكن استخدامها لإقرار وإعمال مجموعة واسعة من الحقوق الأخرى، بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويكتسي الحق في التجمع السلمي أهمية خاصة بالنسبة للمهمّشين، أفراداً وجماعات. وفي العادة، يمثل عدم احترام وكفالة الحق في التجمع السلمي علامة من علامات القمع .

3- وتنص الجملة الأولى من المادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على ما يلي: "يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به". ويرد هذا الحق بعبارات مماثلة في صكوك دولية وإقليمية أخرى ( ) ، وتناولت مضمونَه بالتفصيل هيئات الرصد، مثلاً في آرائها وملاحظاتها الختامية وقراراتها ومبادئها التوجيهية التفسيرية وأحكامها القضائية ( ) . وبالإضافة إلى كون معظم الدول ملزمة بموجب القانون الدولي بالاعتراف بالحق في التجمع السلمي، فإنها تعترف أيضاً بهذا الحق في دساتيرها الوطنية ( ) .

4- ويحمي الحق في التجمع السلمي التجمّع غير العنيف الذي يعقده أشخاص لأغراض محدّدة، وبالأساس لأغراض التعبير ( ) . وهو يشكل حقاً فردياً يمارس بصورة جماعية ( ) وهكذا ينطوي هذا الحق في صميمه على مكون جمعوي.

5- ولكل شخص الحق في التجمع السلمي: المواطنون وغير المواطنين على حد سواء. ويمكن أن يمارسه، على سبيل المثال، الرعايا الأجانب ( ) والمهاجرون ( النظاميون وغير النظاميين ) وملتمسو اللجوء واللاجئون ( ) وعديمو الجنسية ( ) .

6- وتحمي المادة 21 من العهد التجمعات السلمية أينما كانت، سواء في الهواء الطلق أو في الأماكن المغلقة أو عبر الإنترنت؛ أو في الفضاءين العام والخاص؛ أو مزيج منهما. وقد تتّخذ هذه التجمعات أشكالاً عديدة، بما فيها المظاهرات والاحتجاجات والاجتماعات والمواكب والتجمعات والاعتصامات والوقفات على ضوء الشموع والتجمعات المفاجئة. وهي محمية بموجب المادة 21 سواء أكانت ثابتة، مثل الاعتصامات، أم متنقلة، مثل المواكب أو المسيرات.

7- وفي كثير من الأحيان، لا تكون للتجمعات السلمية أهداف مثيرة للجدل ولا تتسبب سوى في اضطرابات قليلة أو لا تتسبب فيها إطلاق اً. وقد يكون الهدف بالفعل، مثل اً، الاحتفال بيوم وطني أو بنتائج حدث رياضي. ومع ذلك، قد تُستخدم التجمعات السلمية أحيانا لطرح أفكار أو أهداف مثيرة للجدل. وقد تتسبب بحكم حجمها أو طبيعتها في عرقلة حركة المركبات أو المشاة أو الأنشطة الاقتصادية على سبيل المثال ( ) . وهذه التبعات، سواء أكانت مقصودة أم غير مقصودة، لا تستوجب إعادة النظر في الحماية التي تحظى بها هذه التجمعات. وبقدر ما يمكن أن يتسبب حدث ما في اضطرابات أو مخاطر من هذا القبيل، يجب إدارة هذه الاضطرابات أو المخاطر في إطار العهد.

8- ويفرض الاعتراف بالحق في التجمع السلمي على الدول الأطراف التزاماً مقابلاً باحترام وكفالة ممارسته دون تمييز ( ) . ويقتضي ذلك من الدول أن تسمح بعقد هذه التجمعات دون تدخل غير مبرر وأن تيسّر ممارسة الحق وأن تحمي المشاركين. وتنص الجملة الثانية من المادة 21 على أسباب التقييد المحتمل لهذا الحق، غير أنه يجب توخي الدقة عند وضع هذه القيود. وتوجد في الواقع حدود للقيود الممكن فرضها.

9- ولا يمكن توفير الحماية الكاملة للحق في التجمع السلمي إلا عندما تكون حقوق أخرى، متداخلة في الغالب، محمية أيضاً، ولا سيما حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والمشاركة السياسية ( ) . وغالباً ما تتوقف حماية الحق في التجمع السلمي أيضاً على إعمال طائفة أوسع من الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعندما يتصرف الأفراد بطريقة تخرجهم من نطاق الحماية التي تنص عليها المادة 21 ، لأنهم يمارسون العنف مثل اً، فإنهم يحتفظون بحقوقهم الأخرى بموجب العهد، رهناً بالحدود والقيود الواجبة التطبيق.

10- وتتغير طريقة وسياقات إجراء التجمعات مع مرور الوقت. وقد يؤثر ذلك بدوره على طريقة تعامل السلطات معها. فعلى سبيل المثال، تسمح تكنولوجيات الاتصال الناشئة بالتجمع كلياً أو جزئياً على الإنترنت، وكثيراً ما تؤدي دوراً أساسياً في تنظيم التجمعات المادية والمشاركة فيها ورصدها، وبالتالي فإن التدخل في هذه التكنولوجيات من شأنه أن يعوق التجمعات. ولئن كان من الممكن استخدام تكنولوجيات المراقبة للكشف عن التهديدات بالعنف وبالتالي لحماية الجمهور، فإن ذلك قد يتسبب أيضاً في انتهاك حق المشاركين والمارة في الخصوصية وغيره من الحقوق، وقد يكون له أثر مثبط. وعلاوة على ذلك، هناك تزايد في الملكية الخاصة وغيرها من أشكال التحكم في الأماكن ومنصات التواصل التي يمكن لعامة الجمهور الوصول إليها. وينبغي الاسترشاد بمثل هذه الاعتبارات لبلوغ فهم معاصر للإطار القانوني الذي تقتضيه المادة 21 .

ثانيا ً - نطاق الحق في التجمع السلمي

11- ينطوي تحديد ما إذا كانت مشاركة شخص ما في تجمع محمية بموجب المادة 21 على عملية تنقسم إلى مرحلتين. أولاً، يجب تحديد ما إذا كان تصرّف الشخص المعني يندرج ضمن نطاق الحماية التي يوفّرها الحق، من حيث أنه يُعتبَر مشاركة في "تجمع سلمي" ( على النحو المبين في هذا الفرع ) . وإذا كان الأمر كذلك، يجب على الدولة أن تحترم حقوق المشاركين وتكفلها ( على النحو المبين في الفرع الثالث أدناه ) . ثانياً، يجب تحديد ما إذا كان تطبيق أي قيود على ممارسة هذا الحق أمر اً مشروع اً أم لا في هذا السياق ( على النحو المبين في الفرع الرابع أدناه ) .

12- والمشاركة في "تجمّع" يعني تنظيم تجمع للأشخاص أو المشاركة فيه بغرض التعبير عن رأي أو موقف بشأن مسألة معينة أو تبادل الأفكار مثل اً. وقد يهدف التجمع أيض اً إلى تأكيد التضامن الجماعي أو الهوية الجماعية أو إثباتهما. وبالإضافة إلى هذه الأهداف، قد تكون للتجمعات أهداف أخرى، ذات طابع ترفيهي أو ثقافي أو ديني أو تجاري مثل اً، وتظل مع ذلك محمية بموجب المادة 21 .

13- وعلى الرغم من أن فكرة التجمع تعني ضمناً مشاركة أكثر من شخص واحد، فإن محتجاً واحداً يتمتع بحماية مماثلة بموجب العهد، مثلاً في إطار المادة 19 ( ) . ولئن كان يُفهَم عموماً أن ممارسة الحق في التجمع السلمي ترتبط بالتجمع المادي للأشخاص، فإن الحماية بموجب المادة 21 تمتد أيضاً إلى المشاركة في التجمعات وتنظيمها عن بُعد، على الإنترنت مثلاً ( ) .

14- وغالب اً ما تنظم التجمعات السلمية مسبق اً، مما يمنح المنظمين متسع اً من الوقت لإخطار السلطات حتى تقوم بالتحضيرات اللازمة. ومع ذلك فإن التجمعات التلقائية، التي تكون في العادة رد اً مباشر اً على الأحداث الجارية، سواء أكانت منسقة أم لا، تحظى هي الأخرى بالحماية بموجب المادة 21 . وتحدث المظاهرات المضادّة عندما ينظَّم تجمع للتعبير عن معارضته لتجمع آخر. ويمكن أن يندرج كلا التجمعين في نطاق حماية المادة 21 .

15- ويتعارض التجمع "السلمي" مع التجمع الذي يتسم بعنف خطير وواسع النطاق. وهكذا فإن مصطلحي "سلمي" و"غير عنيف" يستخدمان على نحو متبادل في هذا السياق. ولا يجوز، بحكم تعريف الحق في التجمع السلمي، ممارسة هذا الحق باستخدام العنف. وعادة ما يعني "العنف" في سياق المادة 21 استخدام المشاركين القوة البدنية ضد الآخرين، مما قد يؤدي إلى الإصابة أو الوفاة، أو إلى إلحاق ضرر جسيم بالممتلكات ( ) . ولا يُعتبَر "عنفاً" مجرد الدفع والتدافع أو تعطيل حركة المركبات أو المشاة أو الأنشطة اليومية.

16 - وإذا كان سلوك المشاركين في تجمّع ما سلمياً، فإن عدم امتثال منظمي التجمع أو المشاركين فيه بعض المقتضيات القانونية المحلية المتعلقة بالتجمعات غير كاف لاستبعاد المشاركين من نطاق الحماية المنصوص عليها في المادة 21 ( ) . ويمكن أن تشمل المادة 21 حملات العصيان المدني الجماعي أو العمل المباشر، شريطة أن تكون غير عنيفة ( ) .

17- ولا يوجد دائم اً خط فاصل واضح بين التجمعات السلمية والتجمعات غير السلمية، ولكن هناك قرينة سلمية التجمعات ( ) . وعلاوة على ذلك، ينبغي ألا تُنسَب أعمال العنف المعزولة التي يرتكبها بعض المشاركين إلى المشاركين الآخرين أو إلى المنظمين أو إلى التجمع في حد ذاته ( ) . وهكذا، قد تشمل المادة 21 بعض المشاركين في تجمع ما ولا تشمل آخرين في التجمع نفسه.

18 - وينبغي الإجابة عن سؤال ما إذا كان التجمع سلمي اً أم لا بالإشارة إلى العنف الذي يمارسه المشاركون. أما العنف الممارس ضد المشاركين في تجمع سلمي من قبل السلطات، أو من قبل وكلاء محرضين يتصرفون نيابة عنها، فلا يجعل هذا التجمع غير سلمي. وينطبق الأمر نفسه على العنف الذي يمارسه أفراد من الجمهور ضد التجمع، أو يمارسه مشاركون في مظاهرات مضادة.

19- ويمكن اعتبار سلوك مشاركين محدّدين في أي تجمّع عنيفاً إذا كان بإمكان السلطات تقديم أدلّة موثوقة على أن هؤلاء المشاركين حرّضوا آخرين، قبل الحدث أو أثناءه، على استخدام العنف، وعلى أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى العنف؛ أو على أن للمشاركين ن وايا عنيفة ويخططون لتنفيذها؛ أو على أنهم على وشك استخدام العنف ( ) . ولن تكفي حالات معزولة من هذا السلوك لنعت تجمّع بأكمله على أنه غير سلمي، لكن عند تفشيه بشكل واضح داخل التجمع، فإن المشاركة تصبح غير محمية بموجب المادة 21 .

20 - ولا يكفي بالضرورة أن يحمل المشاركون أشياء تعتبر، أو يمكن اعتبارها، أسلحة أو معدّات واقية مثل أقنعة الغاز أو الخوذات لاعتبار سلوكهم عنيف اً. ويتعين تحديد ذلك على أساس كل حالة على حدة، رهن اً، في جملة اعتبارات أخرى، باللوائح المحلية المنظمة لحمل الأسلحة ( لا سيما الأسلحة النارية ) ، والممارسات الثقافية المحلية، ومسألة ما إذا كان هناك دليل أم لا على وجود نوايا عنيفة، وخطر العنف الذي ينطوي عليه وجود هذه الأمور.

ثالثا ً - التزام الدول الأطراف فيما يتعلق بالحق في التجمع السلمي

21 - يلزم العهد الدول الأطراف بواجب "احترام وكفالة" جميع الحقوق الواردة في العهد ( المادة 2 (1)؛ واتخاذ تدابير تشريعية وغير تشريعية لتحقيق هذا الغرض ( المادة 2 ( 2)؛ والسعي إلى المساءلة وتوفير سبل انتصاف فعالة في حالة انتهاك الحقوق التي ينص عليها العهد ( المادة 2(3) () . وهكذا، يشمل التزام الدول الأطراف بالحق في التجمع السلمي هذه العناصر المختلفة، وإن كان يجوز في بعض الحالات تقييد هذا الحق وفقاً للمعايير الواردة في المادة 21 .

22- ويجب على الدول أن تترك للمشاركين حرية تحديد أغراض التجمع أو محتواه التعبيري. وهكذا، يجب أن يكون نهج السلطات في التعامل مع التجمعات السلمية وأي قيود تفرضها عليها محايداً مبدئياً من حيث المحتوى، وألا يستند إلى هوية المشاركين أو علاقتهم بالسلطات ( ) . وعلاوة على ذلك، قد يكون توقيت التجمعات ومكانها وطريقة عقدها موضع قيود مشروعة في بعض الظروف بموجب المادة 21 ، بالنظر إلى الطابع التعبيري المعتاد للتجمعات، إلا أنه يجب السماح للمشاركين قدر الإمكان بعقد التجمعات على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف ( ) .

23 - ويفرض الالتزام باحترام وكفالة التجمعات السلمية واجبات سلبية وإيجابية على الدول قبل عقد التجمعات وأثناءها وبعدها. ويستلزم الواجب السلبي عدم التدخل بشكل غير مبرر في التجمعات السلمية. فالدول ملزمة، مثل اً، بعدم حظر التجمعات السلمية أو تقييدها أو منعها أو تفريقها أو عرقلتها دون مبرّر مقنع، وبعدم معاقبة المشاركين أو المنظّمين دون سبب مشروع.

24 - وعلاوة على ذلك، تكون للدول الأطراف واجبات إيجابية معيّنة لتيسير التجمعات السلمية، ولمساعدة المشاركين على تحقيق أهدافهم ( ) . وبالتالي، يجب على الدول أن تهيئ بيئة مواتية لممارسة الحق في التجمع السلمي دون تمييز، وأن تضع إطار اً قانوني اً ومؤسسي اً يسمح بممارسة هذا الحق بفعالية. وقد يتعين على السلطات أحيان اً اتخاذ تدابير محددة، مثل إغلاق الشوارع أو إعادة توجيه حركة المرور أو توفير الأمن. وعند الاقتضاء، يجب على الدول أيضاً حماية المشاركين من الإساءة التي قد ترتكبها جهات فاعلة من غير الدول، مثل التدخل أو العنف الذي يمارسه أفراد آخرون من الجمهور ( ) ، والمتظاهرون المضادون ومقدمو الخدمات الأمنية .

25 - ويجب على الدول أن تكفل ألا تؤدي القوانين وتفسيرها وتطبيقها إلى التمييز في التمتع بالحق في التجمع السّلمي، مثلاً على أساس العرق، أو اللون، أو الأصل الإثني، أو السّن، أو نوع الجنس، أو اللغة، أو الملكية، أو الدين أو المعتقد، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو المولد، أو الأقلية، أو وضع السكان الأصليين أو غيره من الأوضاع، أو الإعاقة، أو الميل الجنسي أو الهوية الجنسانية، أو أي وضع آخر ( ) . ويجب بذل جهود خاصة لضمان المساواة والفعالية في تيسير وحماية حق التجمع السلمي للأفراد الذين ينتمون إلى جماعات تعرضت للتمييز أو تتعرّض له حالياً، أو قد تواجه صعوبات خاصة للمشاركة في التجمعات ( ) . وعلاوة على ذلك، من واجب الدول أن تحمي المشاركين من جميع أشكال الإساءة والاعتداءات على أساس تمييزي ( ) .

26 - ولا يعفي الحق في التجمع السلمي المشاركين من اعتراضات باقي أعضاء المجتمع. ويجب على الدول أن تحترم وتكفل المظاهرات المضادة بوصفها تجمعات قائمة بذاتها، مع منع عرقلة التجمعات التي تعارضها بدون مبرر ( ) . ويجب أن تتخذ الدول من حيث المبدأ نهج اً محايداً من حيث المحتوى إزاء المظاهرات المضادة التي يجب السماح بتنظيمها، قدر الإمكان، على مرأى ومسمع من التجمعات التي تستهدفها.

27 - وليس احتمال أن يثير تجمع سلمي ردود فعل سلبية أو حتى عنيفة من جانب بعض أفراد الجمهور سبباً كافياً لحظر التجمع أو تقييده ( ) . والدول ملزمة باتخاذ جميع التدابير المعقولة التي لا تحمّلها أعباء مفرطة لحماية جميع المشاركين والسماح بعقد هذه التجمعات دون انقطاع ( انظر أيض اً الفقرة 52 أدناه ) .

28 - ويستند واجب احترام وكفالة التجمعات السلمية في جوهره إلى نظام قانوني وسياساتي سليم وشفاف. ويجب أن يعترف القانون المحلي بالحق في التجمع السلمي، وأن يحدّد بوضوح واجبات ومسؤوليات جميع الموظفين العموميين المعنيين، وأن يكون متوائم اً مع المعايير الدولية ذات الصلة ومتاح اً لعامة الجمهور. ويجب على الدول أن تكفل التوعية العامة بالقانون واللوائح ذات الصلة، بما في ذلك أي إجراءات يجب أن يتبعها الراغبون في ممارسة هذا الحق، والسلطات المعنية، والقواعد المنطبقة على هؤلاء الموظفين، وسبل الانتصاف المتاحة فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للحقوق.

29 - ويجب على الدول الأطراف أن تكفل رقابة مستقلّة وشفّافة على جميع الهيئات المعنية بالتجمعات السلمية، بطرق منها الوصول في الوقت المناسب إلى سبل الانتصاف الفعالة، بما فيها سبل الانتصاف القضائية، أو إلى المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بغية التمسك بهذا الحق قبل التجمع وأثناءه وبعده.

30 - ويكتسي دور الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومراقبي الانتخابات وغيرهم من المشاركين في رصد التجمّعات أو الإبلاغ عنها أهمية خاصة بالنسبة للتمتع الكامل بالحق في التجمع السلمي. ويحق لهؤلاء الأشخاص الحصول على الحماية بموجب العهد ( ) . ولا يجوز منعهم من ممارسة هذه الوظائف، بما فيها المتعلقة بمراقبة تصرفات الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، أو تقييد ممارستهم لها تقييد اً غير مبرر. ويجب ألا يتعرّضوا للانتقام أو غيره من المضايقات، وألا تصادر معداتهم أو تدمّر ( ) . وحتى إن أُعلن أن التجمع غير قانوني أو تم تفريقه، فإن ذلك لا ينهي الحق في المراقبة. ومن الممارسات الجيّدة للمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية مراقبة التجمعات.

31- وتتحمل الدول الأطراف المسؤولية الرئيسية عن إعمال الحق في التجمع السلمي. غير أن المؤسسات التجارية تتحمل مسؤولية احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك، مثلاً، حق المجتمعات المحلية المتضررة من أنشطتها وحق موظفيها في التجمع السلمي ( ) . ويمكن توقع أن تقبل الكيانات الخاصة والمجتمع على نحو أوسع حدوث قدر معين من الاضطرابات بسبب ممارسة هذا الحق.

32 - ونظراً لأن التجمعات السلمية غالباً ما تكون لها وظائف تعبيرية، ولأن الخطاب السياسي يتمتع بحماية خاصة كشكل من أشكال التعبير، فإن من الضروري أن تتمتع التجمعات التي لها رسالة سياسية بمستوى تيسير وحماية رفيع ( ) .

33- ولا تقتصر المادة 21 والحقوق المرتبطة بها على حماية المشاركين في الوقت والمكان اللذين يجري فيهما التجمع، بل تشمل أيض اً الأنشطة ذات الصلة التي يضطلع بها فرد أو مجموعة من الأفراد خارج السياق المباشر للتجمع ولكنها ضرورية لجعل العملية ذات مغزى. وهكذا، تمتد التزامات الدول الأطراف لتشمل إجراءات مثل تعبئة المشاركين أو المنظمين للموارد؛ والتخطيط؛ ونشر المعلومات بشأن حدث قادم ( ) ؛ وإعداد الحدث والسفر إليه ( ) ؛ والتواصل بين المشاركين قبل التجمع وأثناءه؛ وبث وقائع التجمع أو البث من داخله؛ ومغادرة التجمع بعد انتهائه. وعلى غرار المشاركة في التجمع نفسه، يجوز أن تخضع هذه الأنشطة لقيود، شريطة أن تُحدَّد هذه القيود تحديداً دقيقاً. وعلاوة على ذلك، لا ينبغي أن يتعرّض أي شخص للمضايقة أو أن يواجه أي أعمال انتقامية أخرى نتيجة لوجوده في تجمع سلمي أو لانتمائه إليه.

34 - ويحدث العديد من الأنشطة ذات الصلة عبر الإنترنت أو يعتمد على الخدمات الرقمية. وتحظى هذه الأنشطة أيضاً بالحماية بموجب المادة 21 . وعلى الدول الأطراف، مثل اً، ألا تعرقل أو تعوق التوصيل بشبكة الإنترنت فيما يخص التجمعات السلمية ( ) . وينطبق الشيء نفسه على التشويش الموجه جغرافي اً أو الخاص بتكنولوجيا معينة على التوصيل بشبكة الإنترنت أو الوصول إلى المحتوى. وينبغي للدول أن تكفل عدم تسبب أنشطة مقدّمي خدمات الإنترنت والوسطاء في تقييد التجمعات أو الحياة الخاصة للمشاركين فيها تقييداً غير مبرر. ويجب أن تستجيب أي قيود تُفرض على تشغيل نظم نشر المعلومات لشروط تقييد حرية التعبير ( ) .

35 - وإذا كانت جميع أجهزة الدولة ملزمة باحترام وكفالة الحق في التجمع السلمي، فإن القرارات المتعلقة بالتجمعات غالب اً ما تُتّخذ على المستوى المحلي. ولذلك، يجب على الدول أن تكفل توفير التدريب والموارد الكافية للموظفين المشاركين في اتخاذ هذه القرارات على جميع مستويات الحكومة.

رابعا ً - تقييد الحق في التجمع السلمي

36 - إن كان يجوز أحياناً تقييد الحق في التجمع السلمي، فإن مسؤولية تبرير أي قيود تقع على عاتق السلطات ( ) . ويجب أن تكون السلطات قادرة على إثبات أن أي قيد من القيود المفروضة يفي بشرط المشروعية، وأنه أيض اً ضروري لأساس واحد على الأقل من الأسس المسموح بها لفرض القيود المذكورة في المادة 21 ومتناسب معه، كما هو مبين أدناه. وفي حال عدم الوفاء بهذه المسؤولية، تُخرق المادة 21 ( ) . وينبغي أن يسترشد فرض أي قيود بهدف تيسير هذا الحق بدلاً من السعي إلى تقييده على نحو غير ضروري وغير متناسب ( ) . ويجب ألا تكون القيود تمييزية، أو مخلة بجوهر الحق، أو هادفة إلى ردع المشاركة في التجمعات، أو ذات أثر مثبط .

37 - ولا يمكن النظر في حظر تجمّع ما سوى كتدبير أخير. وحيثما اعتُبِر أن من الضروري فرض قيود على تجمع معين، ينبغي للسلطات أن تسعى أولاً إلى تطبيق أقل التدابير تدخلاً. وينبغي للدول أن تنظر أيضاً في السماح بعقد التجمّعات قبل أن تقرّر ما إذا كان ينبغي اتخاذ تدابير بشأن التجاوزات المحتملة خلال حدوثها، بدلاً من فرض قيود مسبقة في محاولة للقضاء على جميع المخاطر ( ) .

38 - وينبغي أن تستند أي قيود تفرض على المشاركة في التجمعات السلمية إلى تقييم متمايز أو فردي لسلوك المشاركين والتجمع المعني. ويفترض أن من غير المتناسب فرض قيود شاملة على التجمعات السلمية.

39 - وتنص الجملة الثانية من المادة 21 على أنه لا يجوز فرض أي قيود على ممارسة الحق في التجمع السلمي غير تلك التي ينص عليها القانون. ويطرح ذلك الشرط الرسمي المتعلق بالمشروعية، على غرار شرط أن تكون القيود منصوصاً عليها بموجب القانون في مواد أخرى من العهد. وهكذا يجب فرض القيود من خلال القانون أو قرارات إدارية مستندة إلى القانون. ويجب أن تكون القوانين المعنية دقيقة بما يكفي للسماح لأفراد المجتمع بتقرير طريقة تنظيم سلوكهم، ولا يجوز أن تمنح سلطة تقديرية مطلقة أو شاملة للمكلفين بإنفاذها ( ) .

40 - وتنص المادة 21 على وجوب أن تشكل القيود تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي. ولذلك يجب أن تكون القيود ضرورية ومتناسبة في سياق مجتمع قائم على الديمقراطية وسيادة القانون والتعددية السياسية وحقوق الإنسان، بدل اً من أن تكون فقط معقولة أو مناسبة ( ) . ويجب أن تشكل هذه القيود استجابات مناسبة لضرورة اجتماعية ملحة تتصل بأحد الأسس المسموح بها في المادة 21 . ويجب أيض اً أن تكون الأقل تدخل اً من بين التدابير التي قد تؤدي وظيفة الحماية ذات الصلة ( ) . وعلاوة على ذلك، يجب أن تكون متناسبة، وهو ما يتطلب تحديد قيمتها من خلال الموازنة بين طبيعة التدخل وتأثيره الضار على ممارسة الحق، من جهة، والفائدة المترتبة على أحد أسباب التدخل، من جهة أخرى ( ) . وفي حال رجحان الضرر على الفائدة، يكون التقييد غير متناسب وبالتالي غير مسموح به.

41 - ويحدد الجزء الأخير من الجملة الثانية من المادة 21 الأسباب المشروعة التي تسمح بتقييد الحق في التجمع السلمي. وهو يتضمن قائمة شاملة تتألف من الأسباب التالية: صيانة الأمن القومي؛ أو السلامة العامة؛ أو النظام العام؛ أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة؛ أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

42 - ويمكن أن تشكل مسألة "صيانة الأمن القومي" سبب اً لفرض قيود إذا كانت هذه القيود ضرورية للحفاظ على قدرة الدولة على حماية بقائها أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي من استخدام القوة أو من تهديد موثوق باستخدامها ( ) . ولن تبلغ التجمعات "السلمية" هذا الحد إلا في حالات استثنائية. وعلاوة على ذلك، لا يمكن قمع حقوق الإنسان لتبرير فرض مزيد من القيود، بما في ذلك على الحق في التجمع السلمي، عندما يكون ذلك القمع نفسه هو الذي أدى إلى تدهور الأمن القومي ( ) .

43 - وللاحتجاج بحماية "السلامة العامة" كسبب لتقييد الحق في التجمع السلمي ( ) ، يجب إثبات أن التجمع يشكل خطراً حقيقياً وكبيراً على سلامة الأشخاص ( على حياة الأشخاص أو أمنهم ) أو خطراً مماثلاً يتمثل في إلحاق ضرر جسيم بالممتلكات ( ) .

44 - ويشير مصطلح "النظام العام" إلى مجموع القواعد التي تكفل حسن سير المجتمع، أو مجموعة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، وهو ما يعني أيض اً احترام حقوق الإنسان، بما فيها الحق في التجمع السلمي ( ) . وينبغي ألا تعتمد الدول الأطراف على تعريف غامض لمصطلح "النظام العام" لتبرير فرض قيود مفرطة على الحق في التجمع السلمي ( ) . وأحيان اً، قد تكون التجمعات السلمية مخلة بالنظام بطبيعتها أو بشكل مقصود، وتتطلب التحلي بدرجة كبيرة من التسامح. ومصطلح "النظام العام" ليس مرادف اً لـمصطلح "القانون والنظام" ولا ينبغي استخدام حظر "الفوضى العامة" في القانون المحلي استخدام اً غير ملائم لتقييد التجمعات السلمية.

45 - وقد تسمح حماية "الصحة العامة" بفرض قيود استثنائية، كما هو الحال مثلاً عندما يتفشى مرض معد وتكون التجمعات خطرة. وقد ينطبق هذا الأمر أيضاً في الحالات القصوى عندما تشكّل الحالة الصحية أثناء تجمع ما خطراً صحياً كبيراً على الجمهور العام أو المشاركين أنفسهم ( ) .

46 - ولا ينبغي تقييد التجمعات السلمية لحماية "الآداب" إلا في حالات استثنائية. وفي حال استخدام هذا السبب، ينبغي ألا يكون ذلك لحماية مفاهيم أخلاقية تُستمد من تقليد اجتماعي أو فلسفي أو ديني واحد فقط ( ) ، ويجب فهم أي قيود من هذا القبيل في ضوء الطابع العالمي لحقوق الإنسان والتعددية ومبدأ عدم التمييز ( ) . ولا يجوز فرض قيود على هذا الأساس، مثل اً، بسبب معارضة التعبير عن الميل الجنسي أو الهوية الجنسانية ( ) .

47 - وقد تتعلق القيود المفروضة لحماية "حقوق الآخرين وحرياتهم" بالحمايات المنصوص عليها في العهد أو غيرها من حقوق الإنسان المكفولة للأشخاص غير المشاركين في التجمع. وفي الوقت نفسه، تشكّل التجمّعات استخدام اً مشروع اً للأماكن العامة وغير العامة. ولأنها قد تتسبب بطبيعتها في اضطرابات معينة للحياة العادية، فإنه يجب مراعاة هذه الاضطرابات ما لم تفرض عبئ اً غير متناسب، إذ سيتعين على السلطات حينها أن تكون قادرة على تقديم مبررات مفصلة لأي قيود ( ) .

48 - وبالإضافة إلى الإطار العام للقيود المنصوص عليها في المادة 21 ، كما نوقش أعلاه، ثمة اعتبارات إضافية ذات صلة بالقيود المفروضة على الحق في التجمع السلمي. ومن الشروط الأساسية لإعمال هذا الحق أن تكون القيود، مبدئي اً، محايدة من حيث المحتوى، وبالتالي لا تكون مرتبطة بالرسالة التي ينقلها التجمع ( ) . واتباع نهج مخالف يبطل الغرض ذاته من التجمعات السلمية بوصفها أداة محتملة للمشاركة السياسية والاجتماعية التي تسمح للناس بطرح أفكارهم وتحديد مدى الدعم الذي تتمتع به.

49 - وينبغي اتباع القواعد المنطبقة على حرية التعبير عند تناول أي عناصر تعبيرية في التجمّعات. وبالتالي، يجب عدم فرض قيود على التجمعات السلمية، صراحة أو ضمناً، لقمع التعبير عن المعارضة السياسية لحكومة ما ( ) ، أو الاحتجاج على السلطة، بما في ذلك الدعوة إلى إجراء تغييرات ديمقراطية في الحكومة أو الدستور أو النظام السياسي، أو السعي إلى تقرير المصير . ولا ينبغي استخدام القيود لحظر المس بشرف وسمعة المسؤولين أو بأجهزة الدولة ( ) .

50 - ووفقاً للمادة 20 من العهد، لا يجوز أن تستخدم التجمعات السلمية من أجل الدعاية للحرب ( المادة 20 (1))، أو الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف ( المادة 20 ( 2 )) . وفي مثل هذه الحالات، ينبغي، قدر الإمكان، اتخاذ إجراءات ضد فرادى الجناة، بدل اً من اتخاذها ضد التجمع ككل. ويجب معالجة مسألة المشاركة في التجمعات التي تندرج رسالتها الأساسية ضمن نطاق المادة 20 وفقاً لشروط التقييد المبينة في المادتين 19 و 21 ( ) .

51 - وعموم اً، يعتبر استخدام الأعلام والزي الرسمي واللافتات واليافطات شكل اً تعبيري اً مشروع اً لا  ي نبغي تقييده، حتى وإن كانت هذه الرموز تذكّر بماض مؤلم. وفي حالات استثنائية، تطبق القيود المناسبة عندما تكون هذه الرموز مرتبطة ارتباطاً مباشراً وأساسي اً بالتحريض على التمييز أو العداء أو العنف ( ) .

52 - وكقاعدة عامة، لا يبرر القيودَ كون التجمّع يتسبب، أو يمكن أن يتسبّب، في رد فعل عدائي من أفراد الجمهور ضد المشاركين؛ ويجب السماح للتجمع بالمضي قدم اً، وحماية المشاركين فيه ( انظر الفقرة 18 أعلاه ) . غير أنه في الحالات الاستثنائية التي تكون فيها الدولة عاجزة عن حماية المشاركين من تهديد خطير لسلامتهم، يجوز فرض قيود على المشاركة في التجمّع. ويجب أن تخضع أي قيود من هذا القبيل لتمحيص دقيق. ولا يكفي لتقييد التجمع وجود خطر عنف غير محدّد، أو مجرد احتمال عجز السلطات عن منع أو تحييد العنف الصادر عمن يعارضون هذا التجمع، بل يجب أن يكون بمقدور الدولة أن تبين، استناداً إلى تقييم ملموس للمخاطر، أنها لن تستطيع احتواء الوضع، حتى وإن نُشِرت قدرات كبيرة لإنفاذ القانون ( ) . ويجب النظر في فرض قيود أقل تدخلاً، مثل تأجيل التجمع أو نقله، قبل اللجوء إلى الحظر.

53 - وبوجه عام، يكون تنظيم زمان التجمع ومكانه وطريقته محايداً من حيث المحتوى، ورغم أنه يجوز إلى حد ما فرض قيود تنظِّم هذه العناصر، فإن السلطات تظل مسؤولة عن تبرير أي قيود من هذا القبيل على أساس كل حالة على حدة ( ) . غير أن أي قيود من هذا القبيل ينبغي أن تسمح للمشاركين، قدر الإمكان، بالتجمع على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف، أو في أي موقع آخر مهم للغرض الذي ينشدونه ( ) .

54 - وفيما يتعلق بالقيود المفروضة على زمان التجمع، يجب أن تتاح للمشاركين فرصة كافية للتعبير عن آرائهم أو للسعي سعياً فعالاً لتحقيق أغراضهم الأخرى ( ) . وبوجه عام، ينبغي إفساح المجال للتجمعات السلمية لكي تنتهي من تلقاء نفسها. ذلك أن القيود التي تفرض على الوقت المحدد أو التاريخ الذي يمكن أو لا يمكن فيه عقد التجمع قد لا تكون متوافقة مع أحكام العهد ( ) . وينبغي ألا تكون القيود المفروضة على التجمعات مستندة إلى تواترها فقط. فقد يؤدي توقيت المظاهرة أو مدتها أو تواترها، مثلاً، دوراً محورياً في تحقيق الهدف المنشود منها. غير أنه يجوز تقييم الأثر التراكمي للتجمعات المستمرة في تقييم تناسبية القيود. فعلى سبيل المثال، قد يكون لبعض التجمعات التي تعقد بانتظام ليلاً في المناطق السكنية تأثير كبير على سكان تلك المناطق.

55 - أما فيما يتعلق بالقيود المفروضة على عنصر المكان، فيجوز تنظيم التجمعات السلمية، من حيث المبدأ، في جميع الأماكن التي يمكن للجمهور الوصول إليها أو التي ينبغي أن تتاح له إمكانية الوصول إليها، مثل الساحات العامة والشوارع ( ) . ومع أن القواعد التي تنظم وصول عامة الجمهور إلى بعض الأماكن، مثل المباني والحدائق العامة، قد تحد أيضاً من الحق في التجمع في هذه الأماكن، فإن تطبيق هذه القيود على التجمعات السلمية يجب أن يكون مبرراً وفقاً لأحكام المادة 21 . ولا ينبغي إبعاد التجمعات السلمية إلى مناطق نائية يتعذر فيها جذب اهتمام الفئات المستهدفة أو عامة الجمهور ( ) . وكقاعدة عامة، لا يمكن فرض حظر شامل على جميع التجمعات في العاصمة ( ) ، أو في جميع الأماكن العامة باستثناء موقع واحد محدد داخل المدينة ( ) ، أو خارج وسط المدينة ( ) ، أو في جميع شوارع المدينة.

56 - وينبغي عموماً تجنب تصنيف المناطق المحيطة بأماكن من قبيل المحاكم أو البرلمانات أو المواقع ذات الأهمية التاريخية أو غيرها من المباني الرسمية على أنها مناطق لا يجوز التجمع فيها، وذلك لأسباب منها أن هذه الأماكن أماكن عامة. وينبغي أن تكون أي قيود تفرض على تنظيم التجمعات في مثل هذه الأماكن وحولها مبررة ومحددة بدقة ( ) .

57 - ومع أن التجمعات التي تنظم في الأماكن الخاصة تندرج ضمن نطاق الحق في التجمع السلمي ( ) ، فإنه يجب إيلاء الاعتبار الواجب لمصالح أصحاب الحقوق الآخرين في هذه الممتلكات. ويتوقف مدى جواز فرض قيود على هذه التجمعات على اعتبارات من قبيل ما إذا كانت إمكانية الوصول إلى مكان التجمع متاحة لعامة الجمهور بانتظام، وطبيعة ومدى ما قد ينجم عن التجمع من تضارب مع مصالح أشخاص آخرين لديهم حقوق في ملكية مكان التجمع، وما إذا كان أصحاب الحقوق في الملكية يوافقون على استخدام مكان التجمع لهذا الغرض، وما إذا كان التجمع وسيلة للاحتجاج على ملكية المكان، وما إذا كانت لدى المشاركين في التجمع وسائل معقولة أخرى لتحقيق الغرض المنشود منه، وفقاً لمبدأ التجمع على مرأى ومسمع من الجمهور المستهدف ( ) . ولا يجوز منع الوصول إلى الممتلكات الخاصة على أساس تمييزي.

58 - وفيما يتعلق بالقيود المفروضة على طريقة التجمع السلمي، ينبغي أن يُترك للمشاركين أمرُ تحديد ما إذا كانوا يريدون استخدام معدات كالملصقات أو مكبرات الصوت أو الآلات الموسيقية أو غيرها من الوسائل التقنية، مثل معدات العرض الضوئي، لإيصال رسالتهم. وقد تستتبع التجمعات إقامة هياكل مؤقتة، مثل النظم الصوتية، للوصول إلى جمهورها أو تحقيق الغرض المنشود منها ( ) .

59 - وبوجه عام، ينبغي للدول الأطراف ألاّ تفرض قيوداً على عدد المشاركين في التجمعات ( ) . ولا يمكن قبول فرض أي قيد من هذا القبيل ما لم تكن له صلة واضحة بسببٍ مشروعٍ يبرر فرض القيود على النحو المنصوص عليه في المادة 21 ، مثلاً عندما تملي اعتبارات السلامة العامة فرض حد أقصى على عدد الجمهور المحتشد في ملعب أو في جسر، أو عندما تملي اعتبارات الصحة العامة التباعد البدني.

60 - وقد يشكل إقدام المشاركين في التجمع على ارتداء أغطية الوجه أو غيرها من وسائل التخفي، مثل القلنسوات أو الأقنعة أو لجو ئ هم إلى وسائل أخرى تكفل لهم المشاركة في التجمع من دون الكشف عن هويتهم جزءاً من العنصر التعبيري للتجمع السلمي أو وسيلة لتجنب تعرضهم لأعمال انتقامية أو لحماية خصوصيتهم، بما في ذلك في سياق تكنولوجيات المراقبة الجديدة. وينبغي أن يكون إغفال هوية المشاركين مسموحاً ما لم يشكل سلوكهم سبباً مشروعاً لاعتقالهم ( ) ، أو تكن هناك أسباب قاهرة أخرى مماثلة، كأن يكون غطاء الوجه جزءاً من رمز يمنع ارتداؤه، بشكل استثنائي، للأسباب المشار إليها أعلاه ( انظر الفقرة 51 ) . ولا ينبغي اعتبار ارتداء الأقنعة في حد ذاته دليلاً على نية ارتكاب فعل عنيف.

61 - ومع أن قيام السلطات بجمع المعلومات والبيانات ذات الصلة قد يساعد على تيسير التجمعات في ظروف معينة، فإنه لا يجب أن يؤدي إلى قمع الحقوق أو إلى إحداث أثر مثبط لممارسة هذه الحرية. ويجب أن يكون أي جمعٍ للمعلومات، سواء من جانب كيانات عامة أو خاصة، بما في ذلك عن طريق مراقبة الاتصالات أو اعتراضها، والطريقة التي يتم بها جمع البيانات وتبادلها والاحتفاظ بها والوصول إليها، متفقاً تماماً مع المعايير الدولية السارية، بما في ذلك الحق في الخصوصية، ولا يجوز أبداً أن يكون الهدف منهما تخويف المشاركين الفعليين أو المحتملين في التجمعات أو مضايقتهم ( ) . وينبغي أن تنظم هذه الممارسات أطر قانونية وطنية مناسبة تكون متاحةً لعامة الجمهور ومتوافقة مع المعايير الدولية وخاضعة للتدقيق من جانب المحاكم ( ) .

62 - ومجرد انعقاد أي تجمع في مكان عام لا يعني أنه لا يمكن انتهاك خصوصية المشاركين فيه. ذلك أنه يمكن انتهاك الحق في الخصوصية، مثلاً، من خلال تقنية التعرف على الوجه وغيرها من التقنيات القادرة على التعرف على هوية المشاركين في حشد ( ) . وينطبق الأمر نفسه على مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي بغرض جمع معلومات عن المشاركة في التجمعات السلمية. ويجب ممارسة رقابة مستقلة وشفافة على قرار جمع معلومات شخصية وبيانات خاصة عن المشاركين في التجمعات السلمية، وعلى تبادلها أو الاحتفاظ بها، وذلك ضماناً لتوافق هذه الإجراءات مع العهد.

63 - ولا ينبغي أن تتجاوز القيود المفروضة على حرية الموظفين العموميين في المشاركة في التجمعات السلمية حدود ما تقتضيه ضرورة ضمان ثقة الجمهور في نزاهة هؤلاء الموظفين، وبالتالي، في قدرتهم على أداء واجبات الخدمة المنوطة بهم ( ) ، ويجب أن تمتثل أي قيود من هذا القبيل لأحكام المادة 21 .

64 - وبوجه عام، لا تتفق مع أحكام المادة 21 الشروط التي تلزم منظمي التجمع السلمي أو المشاركين فيه إما بترتيب ضبط النظام أو الأمن ( ) ، أو المساعدة الطبية أو التنظيف ( ) ، أو أي خدمات عامة أخرى مرتبطة بالتجمعات السلمية وإما بالمساهمة في دفع تكاليف ذلك ( ) .

65 - ويُتوقع من منظمي أي تجمع والمشاركين فيه الامتثال للشروط القانونية التي تسري على هذا اتجمع، ويجوز إخضاعهم للمساءلة عن أي سلوك غير مشروع يقدمون عليه، بما في ذلك تحريض الآخرين ( ) . أما في الحالات الاستثنائية التي يخضع فيها المنظِّمون للمساءلة عن وقوع أضرار أو إصابات لم تثبت مسؤوليتهم المباشرة عنها، فيجب أن تقتصر مساءلتهم على الحالات التي تُثبِت فيها الأدلة أنه كان بوسع المنظمين إلى حد معقول توقّع تلك الأضرار والإصابات ومنع وقوعها ( ) . وثمة ممارسة جيدة يمكن لمنظمي التجمعات اتّباعها، ألا وهي تعيين مشرفين أو حراس عند الضرورة، ولكنها لا ينبغي أن تكون شرطاً قانونياً.

66- ولا يجوز للسلطات أن تطلب من الأفراد التعهد أو الالتزام بعدم تنظيم تجمعات مقبلة أو المشاركة فيها ( ) . وفي المقابل، لا يجوز إرغام أي شخص على المشاركة في أي تجمع ( ) .

67- وفي حال فرض جزاءات جنائية أو إدارية على منظمي تجمع سلمي أو المشاركين فيه بسبب إقدامهم على سلوك غير مشروع، يجب أن تكون هذه الجزاءات متناسبة وغير تمييزية وألا تستند إلى جرائم معرفة تعريفاً غامضاً أو فضفاضاً للغاية أو تقمع سلوكاً محمياً بموجب العهد.

68- ورغم وجوب تجريم أعمال الإرهاب وفقاً للقانون الدولي، فإن تعريف هذه الجرائم يجب ألا يكون فضفاضاً للغاية أو تمييزياً كما يجب ألاّ يطُّبق هذا التعريف على نحو يحد من ممارسة الحق في التجمع السلمي أو يثني عن ممارسته ( ) . ولا يجوز أن تُجرَّم قوانين مكافحة الإرهاب مجرد تنظيم تجمع سلمي أو المشاركة فيه.

69 - ويجب أن تكون إمكانية اللجوء إلى المحاكم أو الهيئات القضائية الأخرى لطلب الانتصاف فيما يتعلق بالقيود المفروضة متاحةً بسهولة، بما في ذلك إمكانية استئناف الحكم أو مراجعته. ولا يجب أن يؤدي توقيت الدعوى المرفوعة في حالة فرض قيود على تجمع ما والوقت الذي يستغرقه البت فيها إلى تعريض ممارسة هذا الحق للخطر ( ) . وتسري الضمانات الإجرائية التي يكفلها العهد على جميع هذه الحالات، وكذلك على حالات من قبيل الاحتجاز أو فرض الجزاءات، بما فيها الغرامات، فيما يتصل بالتجمعات السلمية ( ) .

خامسا ً - نظم الإخطار

70- إن اشتراط تقديم طلب للحصول على إذن من السلطات يقوض الفكرة القائلة إن التجمع السلمي حق أساسي ( ) . فنظم الإخطار التي تلزم مَن يعتزمون تنظيم تجمع سلمي بإبلاغ السلطات مسبقاً به وبتقديم تفاصيل عن بعض سماته البارزة نظمٌ يجوز العمل بها بالقدر اللازم لمساعدة السلطات على تيسير سير التجمعات السلمية بسلاسة وحماية حقوق الآخرين ( ) . وفي الوقت ذاته، يجب ألاّ يُساء استخدام هذا الشرط لتضييق الخناق على التجمعات السلمية، ويجب أن يكون فرضه مبرراً بالأسباب الواردة في المادة 21 ( ) ، شأنه في ذلك شأن التدخلات الأخرى في هذا الحق. ويجب ألا يصبح إنفاذ شروط الإخطار غايةً في حد ذاته ( ) . وينبغي أن تكون إجراءات الإخطار شفافة، لا بيروقراطيةً بلا مبرر ( ) ، وأن تكون المتطلبات التي تفرضها على المنظِّمين متناسبة مع التأثير المحتمل للتجمع المعني على عامة الجمهور، وأن تكون مجانية.

71- ولا ينفي عدم إخطار السلطات، عند الاقتضاء، بنية تنظيم تجمعٍ صفة المشروعية عن فعل المشاركة فيه، ويجب ألاّ يُستخدم في حد ذاته كأساس لفض التجمع أو إلقاء القبض على منظميه أو المشاركين فيه، أو معاقبتهم على نحو غير مبرر مثل اتهامهم بارتكاب أفعال إجرامية. وفي حال فرض جزاءات إدارية على منظمي التجمع لعدم إخطارهم السلطات، يجب أن تبرر السلطات فرض تلك الجزاءات ( ) . فعدم الإخطار لا يعفي السلطات من الالتزام، في حدود قدراتها، بتيسير التجمع وحماية المشاركين فيه.

72- ويجب أن ينص القانون الوطني على أي شروط إخطار بالتجمعات المخطط لها مسبقاً. وقد يختلف الحد الأدنى لفترة تقديم الإخطار المسبق باختلاف السياق ومستوى التيسير المطلوب، ولكنه لا ينبغي أن يكون طويلاً إلى حد مفرط ( ) . أما في حال فرض قيود بعد تقديم الإخطار، فينبغي إبلاغ الجهات المعنية في وقت مبكر بما فيه الكفاية لتمكينها من اللجوء إلى المحاكم أو غيرها من الآليات للطعن فيها. وينبغي أن يستثني أي نظام إخطار التجمعات التي يُتَوقع إلى حد معقول أن يكون تأثيرها على الآخرين ضئيلاً، مثلاً، بسبب طبيعتها أو موقعها أو قلة عدد المشاركين فيها أو قصر مدتها. ويجب عدم اشتراط تقديم إخطار بالنسبة للتجمعات العفوية التي لا يوجد متسع كاف من الوقت لتقديم إخطار بها ( ) .

73- وإذا كانت القوانين الوطنية لا تزال تنص على نظم ترخيص، يجب استخدام هذه النظم، في الممارسة العملية، باعتبارها نظم إخطار، على أن يُمنح الترخيص تلقائياً ما لم تكن هناك أسباب قاهرة تمنع من ذلك. أما نظم الإخطار، فيجب ألاّ تُستخدم كنظم ترخيص، في الممارسة العملية ( ) .

سادسا ً - واجبات وصلاحيات أجهزة إنفاذ القانون

74- يجب على موظفي إنفاذ القانون المنوط بهم ضبط أمن التجمعات احترام وكفالة ممارسة منظمي التجمعات والمشاركين فيها لحقوقهم الأساسية، كما يجب عليهم دفع الأذى عن الصحفيين ( ) ، وراصدي التجمعات ومراقبيها والعاملين في القطاع الطبي وغيرهم من أفراد عامة الجمهور، فضلاً عن الممتلكات العامة والخاصة ( ) . وعند الضرورة، ينبغي أن يكون السعي إلى تيسير التجمعات السلمية هو النهج الأساسي الذي تتبعه السلطات.

75- أما أجهزة إنفاذ القانون المعنية، فينبغي أن تعمل قدر الإمكان على إنشاء قنوات للاتصال والحوار بين مختلف الأطراف المشاركة في التجمعات، قبل التجمع وأثناءه، وذلك بهدف تعزيز التأهب والتخفيف من حدة التوتر وتسوية الخلافات ( ) . ولا يجوز إلزام منظمي التجمعات والمشاركين فيها باستخدام هذه القنوات، رغم كون ذلك ممارسة جيدة.

76- وفي الحالات التي تستدعي حضور موظفي إنفاذ القانون، ينبغي التخطيط لإجراءات ضبط الأمن في أي تجمع والاضطلاع بها بما يمكِّن من سير التجمع على النحو المتوخى وبما يقلل إلى أدنى حد من احتمال إصابة أي شخص بجروح أو إلحاق أي ضرر بالممتلكات ( ) . وينبغي للخطة أن تبين بالتفصيل التعليمات الموجهة إلى جميع الموظفين المعنيين والوحدات المعنية وعتادهم ومواقع نشرهم.

77 - وينبغي أن تضع أجهزة إنفاذ القانون المعنية أيضاً خطط طوارئ عامة وبروتوكولات تدريب، لا سيما فيما يتعلق بضبط الأمن في سياق التجمعات التي تنظّم من دون إخطار السلطات بها مسبقاً والتي قد تؤثر على النظام العام ( ) . ويجب أن تكون هناك هياكل قيادة واضحة لدعم المساءلة، كما يجب أن تكون هناك بروتوكولات لتسجيل الأحداث وتوثيقها، وضمان تحديد هوية الضباط والإبلاغ عن أي استخدام للقوة.

78- وينبغي أن يسعى الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين إلى تهدئة الأوضاع التي قد تؤدي إلى العنف. وهم ملزمون باستنفاد الوسائل غير العنيفة وبتوجيه إنذار مسبق إذا حتمت الضرورة استخدام القوة، ما لم يتبين أن ذلك لن يجدي نفعاً. ويجب أن يمتثل أي استخدام للقوة للمبادئ الأساسية المنطبقة على أحكام المادتين 6 و 7 من العهد، وهي مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب والحيطة وعدم التمييز، ويجب إخضاع الأشخاص الذين يستخدمون القوة للمساءلة عن كل استخدام للقوة ( ) . ويجب مواءمة النظم القانونية الوطنية المتعلقة باستخدام القوة من جانب موظفي إنفاذ القانون مع الشروط المنصوص عليها في القانون الدولي، مع الاسترشاد بمعايير مثل المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والتوجيهات المتعلقة بحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن استخدام الأسلحة الأقل فتكاً في سياق إنفاذ القانون ( ) .

79- ويجوز استخدام أدنى حد لازم من القوة فقط عندما يحتمه غرضٌ مشروع من أغراض إنفاذ القانون أثناء التجمع. وبمجرد انتفاء الحاجة إلى أي استخدام للقوة، مثل النجاح في إلقاء القبض على شخص عنيف، لا يجوز اللجوء إلى القوة مرة أخرى ( ) . ولا يجوز لموظفي إنفاذ القانون أن يستخدموا من القوة قدراً أكبر مما يتناسب مع الهدف المشروع المتمثل في تفريق تجمع ما، أو منع ارتكاب جريمة، أو إلقاء القبض بشكل قانوني على مجرم أو شخص يشبته في أنه مجرم، أو المساعدة في إلقاء القبض عليه ( ) . ويجب ألاّ يخوّل القانون الوطني هؤلاء الموظفين صلاحيات واسعة إلى حد كبير، مثل صلاحية استخدام " القوة " أو " كل القوة اللازمة " لتفريق التجمعات، أو ببساطة صلاحية " إطلاق النار على الساقين " . وعلى وجه الخصوص، يجب ألا يسمح القانون الوطني باستخدام القوة استخداماً عشوائياً أو مفرطاً أو تمييزياً ضد المشاركين في أي تجمع ( ) .

80- ولذلك، فإن موظفي إنفاذ القانون المدربين على ضبط الأمن في التجمعات، بما في ذلك على معايير حقوق الإنسان ذات الصلة، هم وحدهم الذين ينبغي نشرهم لهذا الغرض ( ) . وينبغي أن يكون الغرض من التدريب توعية هؤلاء الموظفين بالاحتياجات الخاصة للأفراد المستضعفين أو الجماعات المستضعفة، التي تشمل، في بعض الحالات، النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة، عند المشاركة في التجمعات السلمية. ولا ينبغي استخدام الجيش في ضبط أمن التجمعات ( ) ، ولكن إذا نُشر أفراده في حالات استثنائية وعلى أساس مؤقت على سبيل الدعم، فإنهم يجب أن يكونوا قد تلقوا تدريباً مناسباً في مجال حقوق الإنسان، كما يجب أن يمتثلوا للقواعد والمعايير الدولية نفسها التي يمتثل لها موظفو إنفاذ القانون ( ) .

81- ويجب أن يكون جميع موظفي إنفاذ القوانين المسؤولين عن ضبط أمن التجمعات مجهزين تجهيزاً مناسباً، بما في ذلك، عند الاقتضاء، بما يناسب ويلائم الغرض المنشود من معدات واقية وأسلحة أقل فتكاً. ويجب على الدول الأطراف أن تكفل إخضاع جميع الأسلحة، بما فيها الأسلحة الأقل فتكاً، لاختبارات مستقلة صارمة، ويجب أن يتلقى الضباط الذين يُنشرون وهم مزودون بهذه الأسلحة تدريباً خاصاً، كما يجب تقييم ورصد تأثير هذه الأسلحة على حقوق الأشخاص المتضررين ( ) . ويجب أن تكون أجهزة إنفاذ القانون متنبهة للآثار التمييزية التي يحتمل أن تنجم عن أساليب معينة لضبط الأمن، بما في ذلك في سياق التكنولوجيات الجديدة، ويجب أن تتصدى لهذه الآثار ( ) .

82- وقد يشكل احتجاز أفراد بعينهم احتجازاً احتياطياً لمنعهم من المشاركة في التجمعات سلباً تعسفياً للحرية، وهو ما ينافي الحق في التجمع السلمي ( ) . وينطبق هذا بصفة خاصة على الاحتجاز إذا استمر أكثر من بضع ساعات. وإذا كان القانون الوطني يجيز الاحتجاز الاحتياطي، فلا يجوز اللجوء إلى هذا النوع من الاحتجاز إلا في الحالات الاستثنائية للغاية ( ) ، ولفترات لا تتجاوز ما تقتضيه الضرورة القصوى، وفقط عندما يكون لدى السلطات دليل على نية الأفراد المعنيين المشاركة في أعمال عنف أثناء تجمع معين أو التحريض على ارتكابها، وفي الحالات التي يتضح فيها أن أي تدابير أخرى لمنع العنف لن تكون كافية ( ) . أما ممارسات الاعتقال الجماعي العشوائي قبل التجمعات أو أثناءها أو بعدها، فهي ممارسات تعسفية، ومن ثم، غير قانونية ( ) .

83- ويجب ممارسة صلاحيتي " التوقيف والتفتيش " على الأشخاص المشاركين في التجمع أو مَن هم على وشك المشاركة فيه بناءً على وجود شبهة معقولة في ارتكاب جرم جسيم أو خطر ارتكاب جرم من هذا القبيل، ولا يجب استخدامهما بطريقة تمييزية ( ) .

84- ولا يجوز استخدام أسلوب التطويق، حيث يطوق موظفو إنفاذ القانون قسماً من المشاركين ويعزلونهم، إلا إذا كان استخدامه ضرورياً ومتناسباً للتصدي لعنف فعلي أو لتهديد وشيك من جانب ذلك القسم من المشاركين. وغالباً ما يحبذ الاستعاضة عن أسلوب التطويق بما يلزم من تدابير إنفاذ القانون التي تستهدف أشخاصاً بعينهم. ويجب الحرص، قدر الإمكان، على تطويق الأشخاص المرتبطين ارتباطاً مباشراً بأعمال العنف فقط، كما يجب ألا تتجاوز مدة التطويق الحد الأدنى اللازم. ذلك أن استخدام أسلوب التطويق بشكل عشوائي أو عقابي ينتهك الحق في التجمع السلمي وقد ينتهك أيضاً حقوقاً أخرى، مثل عدم التعرض للاحتجاز التعسفي وحرية التنقل ( ) .

85- ولا يجوز تفريق التجمعات إلا في الحالات الاستثنائية. ويجوز اللجوء إلى التفريق إذا لم يعد التجمع في حد ذاته سلمياً، أو إذا كان هناك دليل واضح على وجود تهديد وشيك بوقوع عنف خطير لا يمكن التصدي له بشكل معقول من خلال تدابير أكثر تناسباً، مثل اعتقال أشخاص بعينهم. وفي جميع الحالات، يجب التقيد تقيداً صارماً بقواعد إنفاذ القانون المتعلقة باستخدام القوة. وينبغي أن يحدد القانون الوطني شروط الأمر بتفريق التجمعات، ولا يجوز أن يصدر أمر تفريق التجمع السلمي إلاّ من مسؤول مصرّح له على النحو الواجب. وكقاعدة عامة، لا يجوز تفريق أي تجمع سلمي ما دام سلمياً ولو تسبب في اضطراب شديد، مثل وقف حركة المرور لفترة مطولة، ما لم ينجم عنه اضطراب " خطير ومستمر " ( ) .

86- وينبغي تجنب استخدام القوة إذا كان قرار التفريق قد اتُخذ وفقاً للقانون الوطني والدولي. وإذا تعذر ذلك، لا يجوز سوى استخدام أدنى حد لازم من القوة ( ) . وأي قوة تستخدم ينبغي توجيهها، قدر الإمكان، ضد فرد معين أو جماعة معينة تمارس العنف أو تهدد به. ولا ينبغي استخدام القوة التي يرجح أن تسبب أكثر من جروح طفيفة ضد من يقاومون مقاومة سلبية من أفراد أو جماعات ( ) .

87 - أما الأسلحة الأقل فتكاً ذات الآثار الواسعة النطاق، مثل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، فعادةً ما تكون لها آثار عشوائية. وعند استخدام هذه الأسلحة، ينبغي بذل جميع الجهود المعقولة للحد من مخاطرها، مثل التسبب في تدافع أو إلحاق ضرر بالمارة. وينبغي ألا تستخدم هذه الأسلحة إلا تدبير يُلجأ إليه كملاذ أخير، بعد توجيه إنذار شفوي، ومع إتاحة فرصة كافية للمشاركين في التجمع لكي يتفرقوا. ولا ينبغي استخدام الغاز المسيل للدموع في الأماكن المغلقة ( ) .

88- وأما الأسلحة النارية، فليست أداة مناسبة لضبط الأمن أثناء التجمعات ( ) . ويجب ألا تستخدم هذه الأسلحة أبداً لمجرد تفريق تجمع ما ( ) . وحرصاً على الامتثال للقانون الدولي، يجب أن يقتصر أي استخدام للأسلحة النارية من جانب موظفي إنفاذ القانون في سياق التجمعات على استهداف أفراد بعينهم في ظروف لا مناص فيها من مواجهة خطر محدق يهدد بوقوع وفيات أو إصابات خطيرة ( ) . وبالنظر إلى ما تشكله هذه الأسلحة من خطر على الحياة، ينبغي أيضاً تطبيق هذا الحد الأدنى على إطلاق الرصاص المعدني المغلف بالمطاط ( ) . وفي حال كان الموظفون المكلفون بإنفاذ القانون مستعدين لاستخدام القوة أو كان حدوث أعمال عنف محتملاً، يجب على السلطات أيضاً أن تكفل توافر مرافق طبية مناسبة. ولا يجوز أبداً إطلاق النار عشوائياً أو استخدام الأسلحة النارية بطريقة آلية كُلياً في سياق ضبط أمن التجمعات ( ) .

89 - والدولة مسؤولة بموجب القانون الدولي عن أي فعل أو امتناع عن الفعل من جانب لأجهزة إنفاذ القانون التابعة لها. ومنعاً لارتكاب الانتهاكات، ينبغي للدول أن تعزز باستمرار ثقافة المساءلة لدى الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في سياق التجمعات. ولتعزيز المساءلة الفعالة، ينبغي أن يرتدي الموظفون النظاميون المكلفون بإنفاذ القانون دائماً شكلاً من أشكال تحديد الهوية يسهل التعرف عليه أثناء التجمعات ( ) .

90 - والدول ملزمة بالتحقيق على نحو فعال ونزيه وفي الوقت المناسب في أي ادعاء أو شبهة معقولة في استخدام القوة استخداماً غير مشروع أو ارتكاب أي انتهاكات أخرى من جانب موظفي إنفاذ القانون، بما في ذلك العنف الجنسي أو الجنساني، في سياق التجمعات ( ) . ويمكن أن يشكل الفعل المتعمد أو الناجم عن الإهمال أو الامتناع عن الفعل انتهاكاً لحقوق الإنسان. ويجب إخضاع كل موظف من الموظفين المسؤولين عن ارتكاب تلك الانتهاكات للمساءلة بموجب القانون الوطني، وعند الاقتضاء، بموجب القانون الدولي، ويجب إتاحة سبل انتصاف فعالة للضحايا ( ) .

91- وينبغي تسجيل جميع حالات استخدام القوة من جانب موظفي إنفاذ القانون وإدراجها فوراً في تقرير يتسم بالشفافية. وفي حال وقوع إصابات أو أضرار، ينبغي أن يتضمن التقرير معلومات كافية لإثبات ما إذا كان استخدام القوة ضرورياً ومتناسباً، وذلك بسرد تفاصيل الواقعة، بما في ذلك أسباب استخدام القوة ومدى فعاليته والعواقب الناجمة عنه ( ) .

92 - ولا يجب نشر أي ضباط يرتدون زياً مدنياً في سياق التجمعات إلا في حالات الضرورة القصوى التي تمليها الظروف السائدة، ولا يجب أن يحرِّض هؤلاء الضباط على العنف أبداً. وقبل الشروع في أي عملية من عمليات التفتيش أو إلقاء القبض أو اللجوء إلى أي استخدامٍ للقوة، يجب على الضباط الذين يرتدون زياً مدنياً أن يعرِّفوا الأشخاص المعنيين بأنفسهم.

93 - والدولة هي المسؤولة في نهاية المطاف عن إنفاذ القانون أثناء التجمعات ولا يجوز لها تفويض مقدمي الخدمات الأمنية الخاصة هذه المهام إلا في حالات استثنائية. وفي هذه الحالات، تظل الدولة مسؤولة عن سلوك مقدمي الخدمات هؤلاء ( ) . وتظل الدولة مسؤولة، بالإضافة إلى ذلك، عن مساءلة مقدمي الخدمات الأمنية الخاصة بموجب القانون الوطني، وعند الاقتضاء، بموجب القانون الدولي ( ) . وينبغي أن تحدد السلطات في التشريعات الوطنية دور مقدمي الخدمات الأمنية الخاصة وصلاحياتهم في مجال إنفاذ القانون، وينبغي أن يخضع استخدامهم للقوة وتدريبهم لضوابط صارمة ( ) .

94 - وقد يؤدي استخدام موظفي إنفاذ القانون أجهزة التسجيل أثناء التجمعات، بما في ذلك الكاميرات الصدرية، دوراً إيجابياً في ضمان المساءلة، إذا ما استُخدمت تلك الأجهزة استخداماً حكيماً. غير أنه ينبغي أن تكون لدى السلطات مبادئ توجيهية واضحة ومتاحة لعامة الجمهور لضمان استخدام تلك الأجهزة استخداماً يتسق مع المعايير الدولية المتعلقة بالخصوصية ولا ينجم عنه أثر يثبط المشاركة في التجمعات ( ) . ويحق للمشاركين والصحفيين والمراقبين أيضاً تسجيل موظفي إنفاذ القانون ( ) .

95 - والدولة مسؤولة مسؤوليةً كاملة عن استخدام أي منظومات أسلحة يتم التحكم فيها عن بعد أثناء التجمعات. فقد تؤدي أساليب استخدام القوة هذه إلى تصعيد حدة التوترات، ولذلك، لا ينبغي استخدامها إلاّ بحذر شديد. أما منظومات الأسلحة المزودة بخاصية التشغيل الذاتي الكامل، التي يمكن أن تستخدم قوتها الفتاكة ضد المشاركين في التجمع بدون تدخل بشري فعلي بمجر نشرد منظومة منها، فيجب ألاّ تُستخدم أبداً في إنفاذ القانون في سياق التجمعات ( ) .

سابعا ً - التجمع في حالات الطوارئ والنزاع المسلح

96 - مع أن الحق في التجمع السلمي لا يرد في الفقرة 2 من المادة 4 ضمن الحقوق التي لا يجوز تقييدها، فإن الحقوق الأخرى التي يمكن أن تنطبق على التجمعات، كالحقوق التي تنص عليها المواد 6 و 7 و 18 ، هي حقوق لا يجوز تقييدها. ويجب ألاّ تلجأ الدول الأطراف إلى تقييد الحق في التجمع السلمي إذا كان تحقيق أهدافها ممكناً من خلال فرض قيود بموجب أحكام المادة 21 ( ) . وإذا خالفت الدول أحكام العهد في التعامل، مثلاً، مع مظاهرات جماهيرية تتخللها أعمال عنف، فإنها يجب أن تكون قادرة على أن تبرر أن هذه الحالة لا تشكل تهديداً لحياة الأمة فحسب، ولكن أيضاً أن جميع ما اتخذته من تدابير لا تتقيد بالتزاماتها بموجب العهد هي تدابير تقتصر بشكل صارم على ما تستوجبه مقتضيات الحالة وتمتثل للشروط الواردة في المادة 4 ( ) .

97 - وفي حالة النزاع المسلح، يظل استخدام القوة أثناء التجمعات السلمية منظماً بالقواعد التي تحكم إنفاذ القانون، وتظل أحكام العهد سارية ( ) . ويتمتع المدنيون الذين يشاركون في التجمعات بالحماية من الاستهداف بالقوة الفتاكة إلا إذا شاركوا مباشرة في الأعمال القتالية بالمعنى الذي يُفهَم به هذا المصطلح في القانون الدولي الإنساني وأثناء مشاركتهم في تلك الأعمال فقط. وفي هذه الحالة، لا يجوز استهدافهم إلاّ في حال عدم تمتعهم بشكل آخر من أشكال الحماية من الاعتداء بموجب القانون الدولي. ويخضع أي استخدام للقوة بموجب القانون الدولي الإنساني المنطبق لقواعد ومبادئ التمييز، واتخاذ الاحتياطات اللازمة عند الهجوم، والتناسب، والضرورة العسكرية، والإنسانية. وينبغي أن تكون سلامة وحماية المشاركين في التجمع وعامة الجمهور من الاعتبارات الهامة في جميع القرارات المتعلقة باستخدام القوة.

ثامنا ً - علاقة المادة 21 بغيرها من أحكام العهد وبالأنظمة القانونية الأخرى

98 - إن حماية الحق في التجمع السلمي حمايةً كاملة تتوقف على حماية طائفة من الحقوق. فقد يشكل استخدام القوة غير الضرورية أو غير المتناسبة أو أي سلوك غير قانوني آخر من جانب موظفي الدولة أثناء التجمعات خرقاً لأحكام المواد 6 و 7 و 9 من العهد ( ) . وقد تشكل الحالات القصوى التي يتعرض فيها المشاركون في التجمعات السلمية إلى القوة غير المشروعة أو السلوك غير المشروع في سياق هجوم منهجي أو واسع النطاق يستهدف السكان المدنيين، أياً كانوا، جريمةً ضد الإنسانية في حال استيفاء المعايير الأخرى ذات الصلة ( ) .

99 - أما القيود التي تُفرض على قدرة الأشخاص على السفر، بما في ذلك إلى الخارج ( الفقرة 2 من المادة 12 ) بغرض المشاركة في التجمعات والمسيرات وغيرها من التجمعات المتحركة، فقد تنتهك حريتهم في التنقل ( الفقرة 1 من المادة 12 ) . ويجب أن تكون القرارات الرسمية التي تقيد ممارسة حقوق التجمع قابلة للطعن فيها قانوناً في محاكمات تستوفي شروط المحاكمة العادلة والعامة ( الفقرة 1 من المادة 14 ) ( ) . وقد تنتهك مراقبة المشاركين في التجمعات وغيرها من أنشطة جمع البيانات حقهم في الخصوصية ( المادة 17 ) . ويمكن أيضاً حماية التجمعات الدينية بموجب حرية المجاهرة بالدين أو المعتقد ( المادة 18 ) ( ) . والحق في التجمع السلمي ليس مجرد مظهر من مظاهر حرية التعبير ( الفقرة 2 من المادة 19 ) ؛ بل غالباً ما يتسم بعنصر تعبيري، ذلك أن الأسس المنطقية للاعتراف بهذين الحقين والقيود المقبول فرضها عليهما تتداخل من نواح عديدة. وتشكل حرية الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها الهيئات العامة ( الفقرة 2 من المادة 19 ) الأساس لقدرة الجمهور على معرفة الإطار القانوني والإداري المنطبق على التجمعات وتمكنه من مساءلة الموظفين العموميين.

100 - أما حرية تكوين الجمعيات ( المادة 22 ) ، فتحمي أيضاً العمل الجماعي، وكثيراً ما تؤثر القيود المفروضة على هذا الحق في الحق في التجمع السلمي. ويرتبط حق المشاركة في الحياة السياسية ( المادة 25 ) ارتباطاً وثيقاً بالحق في التجمع السلمي، وفي الحالات التي ينطبق عليها ذلك، يجب تبرير القيود المفروضة على هذا الحق وفقاً للشروط المنصوص عليها في المادتين 21 و 25 ( ) . ويحمي الحق في عدم التمييز المشاركين من الممارسات التمييزية في سياق التجمعات ( المواد 2 ( 1 ) و 24 و 26 ) .

101 - أما الحق في المشاركة في التجمعات السلمية، فيجوز تقييده وفقاً للمادة 21 من أجل حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

102 - وللحق في التجمع السلمي قيمة جوهرية. وهو، علاوة على ذلك، كثيراً ما يمارس بهدف النهوض بإعمال حقوق الإنسان الأخرى وغيرها من قواعد ومبادئ القانون الدولي. وفي هذه الحالات، يستمد واجب احترام الحق في التجمع السلمي وضمانه أيضاً مبرراته القانونية من أهمية الطائفة الأوسع من الحقوق والقواعد والمبادئ الأخرى التي يعزز هذا الحق إعمالها.