بلاغ مقدم من:

س . (يمثلها المحامي، منظمة المساعدة القانونية للمرأة والطفل)

الشخص المدّعي بأنه ضحية:

صاحبة البلاغ

الدولة الطرف:

تيمور - ليشتي

تاريخ تقديم البلاغ:

16 شباط/فبراير 2015 (تاريخ تقديم أول بلاغ)

الجهات الـمُحال إليها:

أحيل إلى الدولة الطرف في ١٠ حزيران/يونيه ٢٠١٥ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

٢٦ شباط/فبراير ٢٠١٨

1 -١ مقدمة البلاغ هي السيدة س.، وهي مواطنة من تيمور - ليشتي، ولدت في عام 1987. وهي تزعم أنها ضحية انتهاك ارتكبته تيمور - ليشتي لحقوقها المنصوص عليها في المادتين 2 (ج) و (د) و (و) والمادة 15 من الاتفاقية. وقد صدقت الدولة الطرف على الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري في عام ٢٠٠٣. ويمثل صاحبةَ البلاغ محام من منظمة المساعدة القانونية للمرأة والطفل (AsisténsiaLegálba Feto noLabarik).

١-٢ وقد أدينت صاحبة البلاغ بارتكاب جريمة قتل عشيرها مع ظروف مشدَّدة في عام 2012 وحُكم عليها بالسجن لمدة 15 عاما. وأعيدت محاكمتها في عام 2013 وصدر تأييد للإدانة والعقوبة. وبعد حصول صاحبة البلاغ على عفو جزئي من رئيس تيمور - ليشتي في ٢٠ أيار/مايو ٢٠١٥، أُفرج عنها إفراجا مشروطا في ١٧ أيلول/سبتمبر ٢٠١٥.

بيان الوقائع

٢-١ في ٢٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، طعنت صاحبة البلاغ عشيرها، د. س. طعنة أو د ت بحياته. وكان العشيران يعيشان سويا في علاقة بحكم الواقع منذ عام 2008. وكان د. س. من أفراد جيش تيمور - ليشتي. وكان ابنهما، ر. د. س. يبلغ من العمر 10 أشهر وقت وقوع الحادث. وتدعي صاحبة البلاغ أن الإجراءات كانت غير قانونية، إذ أنها كانت تحاول الدفاع عن نفسها من اعتداء عنيف من عشيرها. وقبل هذا الحادث، عانت صاحبة البلاغ من سنوات من العنف العائلي.

٢-٢ وانضم د. س. إلى قوات الدفاع في تموز/يوليه ٢٠٠٩. وقد أيدت صاحبة البلاغ قراره بالانضمام وشعرت بالاعتزاز به. وكانت تتمنى أن يصبح أحد قادة المجتمع ومثالا يحتذى. وما لبث أن تغير موقف د. س. وسلوكه تجاه صاحبة البلاغ بعد فترة غير طويلة من انضمامه إلى قوات الدفاع. وبينما كان علاقتهما مبنية على تبادل الاحترام والمودة، أصبح د. س. كثير المطالب وعنيفا بشكل متزايد معها. وكان يقضي الأسبوع في مقر قوات الدفاع في ميتينارو . وكان يعود إلى المنزل لقضاء عطلات نهاية الأسبوع في وقت متأخر من الليل أيام الجمعة. وكان يصل دائما وهو في حالة سكر وكان يرغم صاحبة البلاغ على الاستيقاظ والجلوس معه في الشرفة حتى ساعة متأخرة من الليل. وكان د. س. ينتظر منها أن تطيع كل أوامره.

٢-٣ وأدى التغير الذي طرأ على سلوك د. س. إلى اندلاع مشاجرات مع صاحبة البلاغ، وبدأ يعتدي عليها بالضرب. وكشفت صاحبة البلاغ لصهرها ف. ج. عن العنف الذي كانت تتعرض له وتوسلت إليه أن يساعدها. وكان ف. ج. يعيش في منزل مجاور وشاهد بنفسه الكدمات والإصابات التي تعاني منها صاحبة البلاغ بسبب العنف الذي كان يرتكبه د. س. وحاول ف. ج. التحدث مع د. س، ولكنه أخفق في ذلك، واستمر د. س. في ممارسة سلوكه العنيف. ولم يتخذ ف. ج. أي إجراء آخر لمساعدة صاحبة البلاغ. وكان د. س. يصل به السكر في بعض الأحيان عندما يضرب صاحبة البلاغ إلى درجة لا يتذكر معها ما حدث في صباح اليوم التالي. وشعرت صاحبة البلاغ بالإحباط والخزي، حتى أنها لم تتقدم ببلاغ عن العنف إلى زعيم قريتها أو إلى الشرطة. فقد كانت تحب عشيرها وكانت تريد أن تحافظ على اسمه ومكانته في المجتمع المحلي.

٢-٤ وفي نيسان/أبريل ٢٠١٠، حملت صاحبة البلاغ، وفي ١٤ كانون الثاني/يناير ٢٠١١، أنجبت ابنهما. واستمر د. س. في ممارسة سلوكه التعسفي والمتسلط طوال فترة الحمل وحتى بعدها. واستمر في إيقاظ صاحبة البلاغ عند عودته في وقت متأخر من أيام الجمعة. ومنذ ذلك الوقت، ازدادت وتيرة مشاجراتهما، وأصبح د. س. عنيفا تجاه صاحبة البلاغ. وشهدت والدة صاحبة البلاغ محاولة اعتداء د. س. على ابنتها وأبلغت زعيم القرية الفرعية وزعيم القرية بالحادث. وأخبرت صاحبة البلاغ أفراد قوات الدفاع أيضا بالعنف الذي كانت تتعرض له. ولم تتخذ قوات الدفاع ولا الزعيمان القرويان أي إجراء لحماية صاحبة البلاغ واستمر العنف على أية حال. وفي ٢ حزيران/يونيه ٢٠١١، تشاجر د. س. مع صاحبة البلاغ بشأن رعاية ابنهما. وحاول د. س. أن يضرب صاحبة البلاغ بساطور إلا أنها تمكنت من الهرب. وبلغ د. س. درجة من الغضب دفعته إلى قتل كلب في المنطقة المجاورة بالساطور. وشهدت والدة صاحبة البلاغ الحادث وأبلغت به زعيم القرية، فأحالها إلى زعيم القرية الفرعية. وزار هذا الأخير صاحبة البلاغ وعشيرها في منزلهما، إلا أنه ذهب إلى حال سبيله دون تسوية المسألة ولم يبلغ الشرطة بالحادث.

٢-٥ وفي وقت لاحق في عام 2011، ضرب د. س. صاحبة البلاغ ضربا مبرحا بقطعة خشبية حتى تورم الجزء العلوي من جسمها بالكامل وأصبح مغطى بالكدمات. وأخبرت صاحبة البلاغ قوات الدفاع بهذا العنف، مما دفع أفرادها إلى إجبار د. س. على التوقيع على إقرار بأنه لن يضربها مرة أخرى. ولم تقم قوات الدفاع بإحالة المسألة إلى الشرطة ولم تنقل صاحبة البلاغ إلى المستشفى لتلقي العلاج الطبي. وفي وقت لاحق من عام 2011، عاد د. س. إلى المنزل مخمورا في إحدى ليالي يوم الجمعة. وكعادته، نادى صاحبة البلاغ وطلب منها الجلوس معه في الخارج، مما تسبب في إزعاج ابنهما الذي كان نائما. وكانت صاحبة البلاغ تشعر بالضيق إزاء عدم اهتمام د. س. بابنه أو انشغاله برعايته. وبدءا في الشجار، فأخذ د. س. قطعة خشبية وبدأ في ضرب صاحبة البلاغ على رأسها. وغطت صاحبة البلاغ رأسها بيدها في محاولة منها لحماية نفسها. فواصل د. س. ضربها بالقطعة الخشبية. وضربها على منكبها فوقعت على الأرض. وحاولت صاحبة البلاغ الاستغاثة بصهرها، الذي يعيش بالقرب منها، طلبا للمساعدة إلا أنها كانت تشعر بالوهن. وترك د. س. صاحبة البلاغ مصابة وهي تنزف على الأرض.

٢-٦ وفي حوالي الساعة الرابعة صباحا، تمكنت صاحبة البلاغ من جر نفسها وابنها حتى وصلا إلى جار لها يمتلك سيارة أجرة. وطلبت نقلها إلى مقر قوات الدفاع، حيث وصلت هناك في حوالي الساعة الخامسة صباحا، وأبلغت أحد كبار أفراد قوات الدفاع بالحادث، وهي لا تتذكر اسمه الآن. وأخذ هذا الضابط منها بيانا خطيا والتقط بعض الصور لإصاباتها. ووصفت صاحبة البلاغ سجل العنف العائلي الذي ارتكبه عشيرها، وأوضحت أن الحادث الأخير لم يكن حادثا منعزلا. ثم اصطحب أفراد قوات الدفاع صاحبةَ البلاغ وابنها إلى المنزل. ولم يعرضوها على طبيب ولم يحيلوا المسألة إلى وحدة الأشخاص الضعفاء التابعة للشرطة، وهي الوحدة المكلفة بالتحقيق في حالات العنف المنزلي. وبعد أن اصطحب أفراد قوات الدفاع صاحبة البلاغ إلى المنزل، ذهبوا للبحث عن د. س. وفور العثور عليه، ضربوه وأجبروه على توقيع بيان يقر فيه بأنه ضرب شريكته في الحياة ويتعهد فيه بأنه لن يعود للعنف مرة أخرى معها. ووقعت صاحبة البلاغ أيضا على ذلك الإقرار. وقال د. س. إن الأمر مجرد مشكلة عائلية وأشار إلى المثل التيموري الشائع عن العنف بين الزوجين، القائل إن ” الطبق والملعقة يضرب أحدهما الآخر “ . وقال أفراد قوات الدفاع أيضا لصاحبة البلاغ إنهم يعتبرون العنف الذي يرتكبه د. س. تجاهها مشكلة أسرية وأشاروا إلى أنهم لا يعتزمون اتخاذ أي إجراء لتصعيد المسألة. ولا تملك صاحبة البلاغ الآن أي نسخ من البيان الذي قدمته إلى قوات الدفاع أو من الإقرار الذي وقعه د. س.

٢-٧ وفي ٢٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، عاد د. س. متأخرا إلى منزله حوالي الساعة الحادية عشرة مساء، بينما كانت صاحبة البلاغ نائمة. فقد كانت منهكة وتشعر بالقلق على ابنها الذي كان مريضا منذ فترة من الزمن. ونادى د. س. صاحبة البلاغ فجاءت إلى الغرفة الرئيسية وجلست على كتلة من الإسمنت المسلح. فركلها في ركبتيها. وحاولت صاحبة البلاغ الهرب، إلا أن د. س. قطع عليها مدخل المنزل. ولما حاولت الوقوف، ركلها في مقدمة رأسها بحذائه العسكري، فوقعت على الأرض وفقدت وعيها. ولما بدأت تستعيد وعيها، رأته يقترب منها مرة أخرى. وقد كانت خائفة حقا على حياتها وظنت أنه سيقتلها. وبينما كانت صاحبة البلاغ ملقاة على الأرض، سحبت أحد سكاكين المطبخ وطعنت د. س. في صدره بينما كان قادما نحوها. وأثناء سقوطه، حاول أن يركل صاحبة البلاغ مرة أخرى. وتوفي على الفور. وركضت صاحبة البلاغ فورا إلى الخارج طلبا للمساعدة واتصلت مباشرة بالشرطة باستخدام هاتفها المحمول. وانتظرت وصول الشرطة ثم اقتيدت إلى الحجز، واحتجزت في البداية في مركز شرطة مقاطعة كومورو الفرعية في ديلي لمدة سبعة أيام، متجاوزة بذلك الفترة المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية (القانون رقم ١٣ لعام ٢٠٠٥)، الذي ينص على أن المتهمين يجب أن يعرضوا على قاض للخضوع للاستجواب القضائي في غضون ٧٢ ساعة من إلقاء القبض عليهم ( ) .

٢-٨ وعند وصول صاحبة البلاغ إلى مركز الشرطة، طلبت عرضها على طبيب. وكان الجرح الموجود في المكان الذي ركلها فيه د. س. في رأسها متورما وداميا. وطلبت صاحبة البلاغ أيضا أدلة طبية على الإصابات التي كانت تعاني منها من جراء الهجوم. وظنت أن من الممكن إجراء أشعة سينية. ورفضت الشرطة تقديم العلاج الطبي لها. وأخذت الشرطة بعض الصور للإصابات، إلا أن ذلك تم في وقت متأخر من الليل ولم يكن ضوء الكاميرا جيدا، ولذلك كانت الصور رديئة النوعية. وأخذت الشرطة بيانا من صاحبة البلاغ. وعلى مدى فترة احتجازها في مركز الشرطة، لم يخبرها ضابط الشرطة بأي من حقوقها، بما في ذلك حقها في التمثيل القانوني وحقها في أن تلتزم الصمت. ولم يحضر أي محام أثناء مقابلتها مع الشرطة. ووقعت صاحبة البلاغ على بيان خطي ولكن لم تتح لها الفرصة لمراجعته على النحو الواجب.

٢-٩ وأثناء احتجاز صاحبة البلاغ، اقتيدت إلى المستشفى الوطني في ديلي لتقييم حالتها بناء على طلب المدعي العام الذي كان يتولى التحقيق في القضية. وعرضت صاحبة البلاغ على طبيب كوبي، قيل لها إنه طبيب نفسي. وطرح عليها ذلك الطبيب بعض الأسئلة عن الحادث وأوضحت صاحبة البلاغ أنها تصرفت دفاعا عن نفسها. وترى صاحبة البلاغ أنه أعد تقريرا بناء على ذلك الفحص، ولو أنها لم تطّلع أبدا على نسخة من ذلك التقرير. ولم يقدم لصاحبة البلاغ أي علاج أو دعم نفسي، من قبيل المشورة النفسية.

٢-١٠ وفي ٢٩ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، وبينما كانت صاحبة البلاغ لا تزال رهن الاحتجاز في مركز الشرطة، نشرت صحيفة Suara Timor Lorosae المحلية مقالا زُعم فيه أن أحد أفراد قوات الدفاع، وهو د. س، تلقى طعنة قاتلة من زوجته، التي أشير إليها في عنوان المقال بالأحرف الأولى من اسمها. ومضى كاتب المقال في التكهن بما حدث، وذكر أن د. س. وصاحبة البلاغ ” كانا يتشاجران بسبب عدم وجود ما يكفي من المال لشراء الأرز “ . وعلاوة على ذلك، زُعم أن صاحبة البلاغ قالت أنها ” قتلت [د. س] لأنه ضربني “ . ولم تكن صاحبة البلاغ قد أدلت بأي تعليق لوسائط الإعلام في ذلك الوقت.

٢-١١ وأثناء احتجاز صاحبة البلاغ في مركز الشرطة، تدهورت صحة ابنها، ونقل إلى المستشفى الوطني في ديلي. ورافق ضباط الشرطة صاحبةَ البلاغ لزيارته وإطعامه، لأنها كانت لا تزال ترضعه في ذلك الوقت. وحضر شقيقها وأصهارها أيضا إلى المستشفى لرعاية الطفل. وبينما كان الطفل في المستشفى، حاولت أسرة د. س. أن تأخذه، وكانت صاحبة البلاغ تخشى ألا تراه مرة أخرى. وفي وقت لاحق، أخذت أسرة د. س. ابن صاحبة البلاغ إلى باوكاو (وهي مدينة تبعد عن ديلي بنحو ثلاث ساعات بالسيارة ) دون أن تعرف صاحبة البلاغ ذلك أو توافق عليه، واضطر موظفو شؤون حماية الطفل التابعون لوزارة التضامن الاجتماعي إلى إعادته إلى ديلي.

٢-١٢ وعقدت جلسة الاستماع الأولى لصاحبة البلاغ في ٢ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١. وتولى تمث ي ل صاحبة البلاغ أحد المحامين المكلفين من الحكومة ب المساعدة القضائية، الذي لم ي عرِّف صاحبة البلاغ على نفسه ولم ي كلمها قبل ال جلسة أو بعدها. وطرح كل من القاضي والمدعي العام أسئلة على صاحبة البلاغ. وذكرت صاحبة البلاغ أن أسر ة د. س . حاولت أن تأخذ ابنها من المستشفى وأنها كانت تخشى على سلامتها. ولم ترغب في أن تتولى أسرة شريكها حض ا نة ابنها. ونتيجة لهذا التبادل، أكد المدعي العام للمحكمة أن من الضروري وضع صاحبة البلاغ في حبس احتياطي. ولم ي قل محامي المساعدة القضائية شيئا خلال جلسة الاستماع، ولم ي عارض طلب الاحتجاز إلى حين المحاكمة ولم يُ دل بأي بيان عما إذا كانت شروط الاحتجاز بموجب قانون الإجراءات الجنائية قد استوفيت. وأمرت المحكمة باحتجاز صاحبة البلاغ في سجن غلينو ، بمقاطعة إرميرا ، في انتظار المحاكمة. وتدعي صاحبة البلاغ أن احتجازها لم يكن يستوفي الشروط المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية ( ) ولم ي كن من المحتمل أن تهرب صاحبة البلاغ ، و كان لها ولد عمره ١٠ أشهر. وأمرت المحكمة أيضا بإيداع ابن صاحبة البلاغ في ملجأ للأيتام في ديلي، وهو يقيم فيه حاليا. ولم تُتخذ أي خطوات لاستكشاف سبل بديلة لضمان سلامة صاحبة البلاغ دون حرمانها من الحرية وفصلها عن ابنها.

٢-١٣ وفي ٢٣ أيار/مايو ٢٠١٢، بعد مرور خمسة أشهر على احتجاز صاحبة البلاغ، وُجه ت إليها تهمة القتل العمد مع ظروف مشددة بمقتضى المادتين ١٣٨ و ١٣٩ (ب) و (ز) من قانون العقوبات، الذي يعتبر من أعمال العنف العائلي بمقتضى المادتين ٢ و ٣٥ (ب) من قانون مكافحة العنف العائلي. وزُعم في لائحة الاتهام، من بين أمور أخرى، أن صاحبة البلاغ قد فزعت عندما عاد د. س . إلى البيت في وقت متأخر وأيقظها؛ وأنها التقطت سكينا كبيرا وفتحت الباب ووصلت إلى الرواق، حيث وجدت د. س . يتمشى ذهابا وإيابا لا يقول شيئا؛ وأن د. س . كان واق ف ا مديرا ظهره لصاحبة البلاغ وأنها اقتربت منه والسكين بيدها وهي تسأل ”ماذا حدث، ماذا حدث؟“؛ وأنه عندما استدار د. س . تجاه صاحبة البلاغ طعنته، دون سابق إنذار، في أعلى الجانب الأيمن من الصدر، فأصابت الرئة والوتين وألقته على الأرض، حيث توفي على الفور؛ وأن أخ صاحبة البلاغ، س. س. أ، كان أيضا في المنزل وقت وقوع الحادث؛ وأن صاحبة البلاغ كانت تنوي قتل د. س، و أنها قتلته ع مداً و طوعا ً و عن وعي . ولم تستلم صاحبة البلاغ نسخة من لائحة الاتهام شخصيا. ولم ي خبرها محامي المساعدة القضائية بالاتهام أو بحقها في الطعن.

٢-١٤ وفي وقت سابق لشهر آب/أغسطس ٢٠١٢، تلقت صاحبة البلاغ زيارة محامية أخرى من محامي ات المساعدة القضائية، طلبت منها أن تعيد رواية ما حدث. فأوضحت صاحبة البلاغ الأحداث التي جرت في ٢٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، وقالت إنها تصرفت دفاعاً عن نفسها من هجوم عشيرها. وتحدثت إليها أيضا عن تاريخ العنف العائلي الذي ارتكبه د. س. ، فقالت محامية المساعدة القضائية لصاحبة البلاغ أنها تعتقد أن فعلها يشكل دفاعا عن النفس. غير أنها لم تقدم لصاحبة البلاغ أي مشورة قانونية بشأن محاكمتها المقبلة.

٢-١٥ وبدأت المحاكمة الأولى في ٢٠ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢. والتقت صاحبة البلاغ بمحامية المساعدة القضائية الجديدة للمرة الأولى صباح يوم المحاكمة. وفي ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، أدانت محكمة ديلي المحلية صاحبة البلاغ وحكمت عليها بالسجن لمدة ١٥ عاما. وقال أحد القضاة لصاحبة البلاغ عند إصدار قرار المحكمة: ”نصدر حكما بالسجن لمدة ١٥ عاما لأنك أوديت بحياة فرد من أفراد الشعب (في إشارة إلى أن د. س . كان من أفراد قو ات الدفاع). وكزوجة، يجب عليك أن تحمي زوجك “ . وخلصت المحكمة إلى أن صاحبة البلاغ كانت تنوي قتل د. س . وأنه لم يسبق ل أي مشاكل أن حدث ت بينهما، رغم الأدلة التي قدمتها صاحبة البلاغ لإثبات العكس والأدلة الأخرى الداعمة التي قدمتها أخت د. س. ولم تأخذ المحكمة في الاعتبار أدلة صاحبة البلاغ التي تفيد بأنها لم تلتقط السكين إلا بعد أن ركلها د. س . على الركبتين والجبين وطرحها على الأرض.

٢-١٦ وفي ٣ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢، رفعت صاحبة البلاغ طعنا في قرار محكمة ديلي المحلية، بحجة وجود أخطاء صارخة في تقييم الأدلة و عدم كفاية ال أدلة للتوصل إلى القرار الصادر. وفي ١٢ شباط/فبراير ٢٠١٣، أيدت محكمة الاستئناف الطعن، وأعلنت أن القرار الأصلي لاغٍ وأمرت بإعادة المحاكمة. وخلصت محكمة الاستئناف إلى أن القرار الصادر عن المحكمة المحلية لم ي تناول في المقام الأول مسألة جوهرية هي تحديد ما إذا كانت صاحبة البلاغ قد تصرفت دفاعا عن النفس، وأنه لم يكن هناك ما يكفي من الأدلة لإثبات ذلك.

٢-١٧ وأعادت محكمة ديلي المحلية النظر في القضية في ١٧ أيار/مايو ٢٠١٣، ورأت أن صاحبة البلاغ مذنبة بارتكاب جريمة قتل مع ظروف مشددة تعتبر عنفا عائليا بمقتضى المادتين ١٣٨ و ١٣٩ (ز) من قانون العقوبات والمادتين ٢ و ٣٥ (ب) من قانون مكافحة العنف العائلي. وحُكم على صاحبة البلاغ مرة أخرى بالسجن لمدة 15 عاما. ولئن خلصت المحكمة إلى أن د. س . قد ركل صاحبة البلاغ مرتين قبل أن تلتقط السكين، فإن المحكمة لم تقبل أن المتهمة تصرفت دفاعا عن النفس. وكان تقييم الأدلة والحجج في قرار المحكمة الثاني يتطابق في معظمه مع ما كان عليه في قرارها السابق، و كان أحد القضاة الذين نظروا في القضية أثناء المحاكمة الأولى من أعضاء هيئة المحكمة أيضا عند إعادة المحاكمة. ولم يدل بشهادة شفوية عند إعادة المحاكمة سوى صاحبة البلاغ وأخوها، الذي لم يكن في البيت وقت وقوع الحادث.

٢-١٨ وعند إعادة المحاكمة، فضلت المحكمة الشهادة السابقة التي أدلى بها ابن أخت صاحبة البلاغ، إ. ف، الذي لم يشهد إلا جزءا من المشادة بين صاحبة البلاغ وعشيرها. وخلصت المحكمة إلى أن شهادة إ. ف ”موثوقة ومقنعة و تفرغ الصيغة التي قدمتها [صاحبة البلاغ] من الصدق “ . ولم توضح المحكمة السبب الذي جعلها تعتبر شهادة إ. ف . أكثر مصداقية من شهادة صاحبة البلاغ. فلم يحضر إ. ف . المحاكمة للإدلاء بشهادة شفوية ولم يخضع لاستجواب الدفاع. ودون علم صاحبة البلاغ، رفع كل من المدعي العام ومحامي ة المساعدة القضائية طعنا في قرار إعادة المحاكمة. وفي ١٦ تموز/يوليه ٢٠١٣، رفضت محكمة الاستئناف طلبي الاستئناف وأكدت الحكم الصادر عن محكمة ديلي المحلية بإدانة صاحبة البلاغ وسجنها لمدة 15 عاما. ولم تر محكمة الاستئناف أي أخطاء في تق ييم المحكمة المحلية للأدلة، ولم ت َ عقد جلسة استماع ولم ت َ ستجوب صاحبة البلاغ بشأن الأدلة التي قدمتها.

٢-١٩ وطوال سير الإجراءات في ال قضية ، لم تكن صاحبة البلاغ ممثلة تمثيلا قانونيا مناسبا. فقد مثلها أربعة محامين مختلفين من محامي المساعدة القضائية خلال محاكمتها، واستئناف المحاكمة وعند إعادة المحاكمة والاستئناف الثاني، ولم تجر بينهم أي عملية لتسليم الملف. ولم يكرَّس ما يكفي من الوقت للحصول على تعليمات من صاحبة البلاغ وإعداد دفاع قوي. فعلى سبيل المثال، التقت صاحبة البلاغ بمحامي المساعدة القضائية المكلف بقضيتها للمرة الأولى صباح الجلسة الأولى، في حين أنه لم ي حصل على تعليمات منها ولم ي قدم لها أي مشورة بشأن حقوقها. ولم يحاول محامي المساعدة القضائية أن ي قدم أدلة عن سجل العنف العائلي الذي ارتكبه د. س.، والذي كان له أثر في الحالة الذهنية لصاحبة البلاغ وقت وقوع الحادث.

٢-٢٠ وأبلغ محامي صاحبة البلاغ اللجنة في ٢١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٥ أن صاحبة البلاغ م ُ نحت عفوا جزئيا فيما يتعلق بالحكم الصادر في حق ها، الذي تم تخفيض مدته إلى سبع سنوات. وأفرج عنها إفراجا مشروطا في ١٧ أيلول/سبتمبر ٢٠١٥.

الشكوى

٣-١ تدعي صاحبة البلاغ أن تيمور - ليشتي لم تف بالتزاماتها بموجب المادتين ٢ (ج) و (د) و (و) و ١٥ من الاتفاقية. وتحتج صاحبة البلاغ أيضا بحقوقها المكفولة بمقتضى أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لا سيما المادة ١٤، المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة.

٣-٢ وتؤكد صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة ٢ (ج) و (د) إذ لم تتخذ التدابير الملائمة لضمان حماية صاحبة البلاغ من العنف العائلي وتوفير سبل الانتصاف المتاحة في الوقت المناسب. وعلى الرغم من أن العنف الذي ارتكبه د. س . في حق صاحبة البلاغ قد أبلغ إلى زعيم القرية الفرعية وإلى قو ات الدفاع، فلم توفر لها أي من هاتين السلطتين الحماية الملائمة، ولو ب إحالة قضيتها إلى الشرطة أو مقدمي الخدمات المعنيين.

٣-٣ وعلاوة على ذلك، تؤكد أن صاحبة البلاغ أن تيمور - ليشتي انتهكت المادتين ٢ (و) و ١٥ لأنها لم تكفل نزاهة الإجراءات القانونية والإجراءات القضائية وعدلها ولم تكفل عدم تأثرها بالأحكام المسبقة والتحيز الجنساني . وتزعم صاحبة البلاغ أن إجراءات محاكمتها واستئنافها وإعادة محاكمتها واستئنافها الثاني لم تتم بطريقة عادلة لأ نها لم تتلق مشورة ملائمة بشأن حقوقها، سواء قبل الإجراءات القضائية أو أثناءها ؛ ولم يُتح لها تمثيل قانوني ملائم، و لم يتم تسليم الملفات بين ال محامي ن الأربعة المكلفين ب المساعدة القضائية الذين قاموا بتمثيلها، و الذين لم يكرسوا وقتا كافيا لإعداد دفاع قوي ولم يناصروا مصالحها الفضلى في المحكمة؛ فتقييم الأدلة الذي أجرته محكمة ديلي المحلية ومحكمة الاستئناف تسبب في ضرر كبير ل صاحبة البلاغ و شابَهُ التحيز الجنساني ؛ ولم تراع المحكمتان الاعتبارات الجنسانية عند النظر في أدل ة صاحبة البلاغ ، لا سيما الأدلة المتعلقة بسجل العنف العائلي الذي ارتكبه عشير ها . ولم تجر أي دراسة من جانب المحكمتين أو الممثلين القانونيين لصاحبة البلاغ عن الصدمة والإصابات الخطيرة التي تعرضت لها باعتبارها ضحية للعنف العائلي.

عدم تقديم ملاحظات الدولة الطرف

٤ - ط ُ لب إلى الدولة الطرف أن تقدم ملاحظاتها بشأن مقبولية شكوى صاحبة البلاغ وأسسها الموضوعية في ١٠ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٥. وأرسلت رسائل تذكيرية في هذا الصدد إلى الدولة الطرف في ١٧ آذار/مارس ٢٠١٦ و ٢٠ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦ و ١٦ حزيران/يونيه ٢٠١٧، مع تحديد موعد نهائي في ١٤ تموز/يوليه ٢٠١٧. وتعرب اللجنة عن أسفها لعدم ورود أي بلاغات حتى تاريخ اعتماد هذه الآراء. وعليه، يجب على اللجنة أن تستند في قرارها إلى المعلومات التي قدمتها صاحبة البلاغ ما دامت مدعومة بما يكفي من الأدلة.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5-1 يتعين أن تقرر اللجنة وفقا ً للمادة 64 من نظامها الداخلي ما إذا كان ال بلاغ مقبول اً بموجب البروتوكول الاختياري. و وفق ا ً ل لفقرة 4 من القاعدة 72، يتعين عل ى اللجنة أن تبت في المقبولية قبل النظر في موضوع البلاغ.

5-2 ووفقا ً للمادة 4 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري، تحيط اللجنة علما ً بتأكيد صاحب ة البلاغ أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار أي إجراء دولي آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية. و هي تقبل هذا التأكيد ، إذ لم تقدم أي مطالبات ب عكس ذلك ولا يوجد في الملف ما يشير إلى أن مثل تلك الإجراءات قد اتُّخذت أو أنها قيد التنفيذ.

5-3 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري للاتفاقية، تؤكد صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف القانونية المتاحة لها بموجب القانون التيموري. ف قد أصدرت محكمة الاستئناف حكم ها في 16 تموز/يوليه 2013، و تؤكد صاحب ة البلاغ أنه لا يوجد سبيل لتقديم طعن آخر . وذكرت كذلك أنها لا ت ستو في متطلبات الاستئناف الاستثنائي بموجب المادة 315 من قانون الإجراءات الجنائية. ف محكمة الاستئناف هي أعلى هيئة لل استئناف في الدولة الطرف. وفي غياب ملاحظات مقدمة من الدولة الطرف تفيد ب عكس ذلك ، تقبل اللجنة ب أن صاحب ة البلاغ قد استنفد ت جميع سبل الانتصاف، وبالتالي فإن اللجنة تعتبر أن مقتضيات المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

5-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تشير إلى انتهاكات ل لمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فيما يتعلق بمحاكمتها. وترى اللجنة أن هذا العنصر من الشكوى غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوع ي بموجب المادة 4 (2) (ب) من البروتوكول الاختياري. ولذلك ، فإنها تجد نفسها ممنوعة من النظر في هذا العنصر من الشكوى.

5-5 وتلاحظ اللجنة أن صاحب ة البلاغ قد صدر عفو جزئي عنه ا ، ونتيجة لذلك، خُفض الحكم الصادر في حقها ب السجن لمدة تتراوح بين 15 و 7 سنوات. ووفقاً ل لمعلومات المقدمة إلى اللجنة، يبدو أن العفو لا يتعلق سوى بالحكم وليس بالإدانة. و بالتالي ، لا ترى اللجنة أن العفو سيكون ذا صلة في نظرها في العناصر المذكورة أعلاه التي أثار ت ها صاحب ة البلاغ.

5-6 و بخلاف ذلك، تلاحظ اللجنة أنه لا يوجد في الملف ما يشير إلى أن الشكوى غير مقبولة في ظاهر ها. وتلاحظ أيضاً أنه لم ترد معلومات من الدولة الطرف في هذه القضية. وبناء على ذلك، تقرر اللجنة إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب ة البلاغ بقدر ما تكون مدعومة بما يكفي من الأدلة. وفي ضوء ما ورد أعلاه، لا تعتبر اللجنة نفسها ممنوعة من النظر في البلاغ بموجب المادة 4 من البروتوكول الاختياري، وبالتالي فإنها تشرع في النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

6-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ على ضوء كافة المعلومات التي وضعتها تحت تصرفها صاحب ة البلاغ دون الاستفادة من ملاحظات الدولة الطرف، وفقا ً لأحكام المادة 7 (1) من البروتوكول الاختياري.

6-2 وفيما يلي المسائل المعروضة على اللجنة: أولاً، ما إذا كانت الدولة الطرف قد أوفت بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، وبصورة خاصة، ما إذا كانت قد قامت بواجبها في بذل العناية الواجب ة فيما يتعلق بحماية صاحب ة البلاغ من العنف المنزلي قبل أحداث 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 وفي معاملتها لصاحبة البلاغ فيما يتعلق بتلك الأحداث؛ وثانياً، ما إذا كان ت السلطة القضائي ة والأجهزة الأخرى في الدولة الطرف قد نفذ ت ولاياته ا ، دون تمييز على أساس الجنس، ل كفالة حصول صاحب ة البلاغ على محاكمة عادلة، دون تحيز أو تمييز أو تنميط جنساني.

6-3 و فيما يتعلق بالنقطة الأولى، وهي وفاء الدولة الطرف ب التزامها المتعلقة بالعناية الواجبة، تلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب ة البلاغ بأن شكاواها إلى سلطات القرية وقو ات الدفاع بشأن ممارسات العنف المنزلي التي كانت تتعرض لها لم تُنقل قط إلى الشرطة؛ وأنه، على الرغم من تقديمها لبلاغ و ل صور أخذتها لل إصابات التي لحقتها بعد العديد من حوادث ال عنف ال أسري، فإنها لم تُ نقل لتلقي العلاج الطبي ولم تُحَل قضيتها إلى سلطات إنفاذ القانون أو سلطات الادعاء ؛ وأنه لا يبدو أنها قد حصلت على حق الوصول إلى تلك الأدلة في دفاعها.

6-4 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ ب أن ادعاءاتها بشأن العنف المنزلي لم تُح َ ل إلى السلطات المختصة، تلاحظ اللجنة أن زعماء القر ية لم يح ي لوا شكاواها إلى السلطات، و بالإضافة إلى ذلك، أخفقت قو ات الدفاع، وهي مؤسسة تابعة للدولة، في إحالة شكوى صاحب ة البلاغ إلى سلطات الادعاء . وترى اللجنة في هذا الصدد أن قو ات الدفاع، باعتبارها تمثل ا لدولة، اعتمدت إجراءات مماثلة لتلك التي تطبق في إنفاذ القانون في ا لتحقيق ات الجنائي ة من خلال التقاط الصور و تحرير بلاغ ، وعلى ما يبدو فإن ها لم تستجوب صاحبة البلاغ، بالنظر إلى أن الجاني قد وق َّ ع على اعتراف، وبالتالي فقد أخفقت في الوفاء ب مسؤوليتها المتعلقة ب العناية الواجبة إذ لم تتخذ أي تدابير تكفل حماية صاحبة البلاغ .

6-5 وفيما يتعلق بالنقطة الثانية، وهي التمييز والتنميط الجنس انيان في السلطة القضائي ة وغيرها من الأجهزة التابعة للدولة الطرف، فقد أخذت قوة الدفاع وعدَ عشير صاحب ة البلاغ على أساس الثقة، و صدّقت أنه سيتوقف ع ن ضرب صاحب ة البلاغ. وتلاحظ اللجنة كذلك أن سلطات إنفاذ القانون في الدولة الطرف لم تقدم الرعاية الطبية لصاحبة البلاغ بعد اعتقالها، و لم تب لغها بحقوقها، ولم توفر لها محاميًا في أول مقابلة لها ، و لم ت جمع ال أدلة التي كان من شأنها أن تساعدها في دفاعها؛ وأبقت على صاحب ة البلاغ رهن الا حتجاز لفترة أطول بكثير مما ينص عليه القانون على ال رغم من كونه ا أما ًّ مرضعة ؛ ولم تقدم الدعم النفسي الاجتماعي ل صاحب ة البلاغ بعد إلقاء القبض عليها بما يناسب شخص اً يدعي أنه تعرض للهجوم وأنه قتل دفاعاً عن النفس؛ ولم تكفل ، عندما عينت محاميا ً ، أن المساعدة المقدمة مساعدة فعالة (بما في ذلك عدم دفع الحجج لمنع ال احتجاز السابق ل لمحاكمة ل أم مرضعة، و عدم إسداء المشورة لها بشأن دفاعها أو استشارتها من أجل إتاحة الفرصة لها لترتيب دفاعها الخاص)؛ وأخيراً، فإن القضاة، و على الرغم من القبول ب إعادة ال محاكم ة على أساس أن عنصر الدفاع عن النفس لم يُنظر فيه على النحو الواجب في المحاكمة الأولى، سمح وا ل ل ت نم ي ط ا لجنس اني والتحيز ب أن يؤثرا على عملية تقييم الأدلة في المحاكمة الثانية، و لا سيما عن طريق التقليل من مصداقية صاحب ة البلاغ في مقابل ترجيح شهادة ابن أخيها (أو أختها) ، الذي لم يكن حاضراً في جميع المراحل المهمة من المحاكمة . ورغم أن اللجنة لم تأخذ المحاكمة الأولى بعين الاعتبار على وجه التحديد، نظراً لأن ال حكم الناجم عنها قد نقضته محكمة الاستئناف، و مع مراعاة أن الدفاع عن النفس في مثل تلك الحالات هو دفاع كلي ضد تهمة القتل، فمن الواضح أنه ل م تتم معالج ة العيوب التي شابت المحاكمة بشكل م ُ رض ٍ ، وأن تلك الإجراءات الأولية التي قيل خلالها لصاحبة البلاغ أنها ” كزوجة، كان يجب عليك حماية زوجك “ ، قد أظهر ت نمطًا من التحيز العميق الذي استمر خلال إعادة ال محاكمة وكان له أثر مضر للغاية ب حياة صاحبة البلاغ وابنها. و لا يمكن المبالغة في تأكيد تداعيات مثل هذه العيوب الإجرائية. وفي هذا الصدد، تشير ا للجنة إلى توصيتها العامة رقم 28 (2010) بشأن الالتزامات الأساسية للدول الأطراف بموجب المادة 2 من الاتفاقية، التي تنص على أنه ” يجب أن تفي الدول الأطراف بكل جوانب التزاماتها القانونية بموجب الاتفاقية والمتمثلة في احترام حق المرأة في عدم التمييز وفي التمتع بالمساواة، وحماية ذلك الحق وإعماله ‘‘ ، و أنها ” مُلزَمة كذلك ب أن تتصدى على نحو فاعل لأي تمييز ضد المرأة بصرف النظر عن كون ذلك الفعل أو التقصير قد ارتكبته الدولة أو جهات فاعلة خاصة “ ( ) .

6-6 وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى توصيتها العامة رقم ٣٣ (2015) بشأن لجوء المرأة إلى القضاء ، التي جاء فيها ما يلي:

كثيراً ما يعتمد القضاة معايير صارمة بشأن ما يعتبرونه السلوك المناسب للنساء، ويعاقبون أولئك اللاتي لا يتوافقن وتلك القوالب النمطية. والتنميط يؤثر أيضا ً على مصداقية أصوات المرأة وحججها وشهاداتها، من حيث كونها طرفا ً أو شاهدة في القضايا. وهذا التنميط يمكن أن يجعل القضاة يسيئون تفسير القوانين أو تطبيقها. .. ومن شأن التنميط، في جميع مجالات القانون، أن يقوّض حياد النظام القضائي ونزاهته، وهو ما يمكن أيضا ً أن يؤدي إلى إساءة تطبيق أحكام القضاء، بما في ذلك معاودة العدوان على الشاكيات.

وليس القضاة والقضاة الابتدائيون هم الجهات الفاعلة الوحيدة في منظومة العدالة الذين يطبقون الأفكار النمطية ويعززونها ويديمونها. فالنواب العامون والمسؤولون عن إنفاذ القانون والجهات الفاعلة الأخرى كثيرا ً ما يتركون الصور النمطية تؤثر على التحقيقات والمحاكمات، وخاصة في قضايا العنف القائم على نوع الجنس، حيث تؤدي القوالب النمطية إلى تقويض دعاوى ضحايا الاعتداء ... فالتنميط، إذن، يمكن أن يتخلل كلا ً من التحقيق ومراحل المحاكمة، ثم يشكل الحكم النهائي .

6-7 وتُذكِّر اللجنة بتوصيتها العامة رقم 19 (1992) بشأن العنف ضد المرأة وتوصيتها العامة رقم 35 (2017) بشأن العنف الجنساني ضد المرأة، الصادرة تحديثاً للتوصية العامة رقم 19، و التي جاء فيها أن العنف ضد المرأة الذي يعوق أو يمنع تمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية بموجب القانون الدولي أو بموجب شتى اتفاقيات حقوق الإنسان يعد تمييزاً بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية. وفي إطار الالتزام ببذل العناية الواجبة، يجب على الدول الأطراف أن تعتمد وتنفذ تدابير متنوعة للتصدي للعنف الجنساني ضد المرأة الذي ترتكبه جهات فاعلة من غير الدول، بما في ذلك وضع قوانين وإنشاء مؤسسات ونظام للتصدي لذلك العنف، والتأكد من أنها تعمل بشكل فعال على صعيد الممارسة العملية وأن يدعمها جميع موظفي الدولة وهيئاتها الذين يعملون بجد لإنفاذ تلك القوانين. و إن عدم قيام الدولة الطرف باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أعمال العنف الجنساني ضد المرأة في الحالات التي تكون فيها السلطات على علم بخطر ذلك العنف أو ينبغي لها أن تعلم به، أو عدم إجراء التحقيق ومقاضاة ومعاقبة الجناة وتقديم تعويضات إلى الضحايا/الناجيات من تلك الأعمال، يمنح الإذن الضمني بارتكاب أعمال العنف الجنساني ضد المرأة أو يشجع على ارتكابها . وتشكل حالات عدم القيام بتلك التدابير والإجراءات أو التقصير فيها انتهاكات لحقوق الإنسان.

6-8 وتذكّر اللجنة بأن الدول الأطراف ملزمة، بموجب المادتين 2 (و) و 5 (أ) من الاتفاقية، بأن تتخذ تدابير مناسبة لتعديل أو إلغاء لا القوانين والأنظمة القائمة فحسب ، بل كذلك العادات والممارسات التي تشكل تمييزا ً ضد المرأة. ويقع على الدول الأطراف أيضاً بموجب الفقرة 1 من المادة 16 واجب اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع المسائل المتصلة بالزواج والعلاقات الأسرية. وفي هذا الصدد، تُشدد اللجنة على أن القوالب النمطية تؤثر في حق المرأة في محاكمة نزيهة، وأنه يجب على الهيئة القضائية ألاّ تُطبق معايير جامدة استناداً إلى أفكار مسبقة عما يشكل عنفاً أسريا ً.

6-9 وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن سلطات الدولة الطرف، بسبب فشلها في معالجة مسألة العنف المنزلي المستمر و في جمع الأدلة و طريقة معامل ة صاحبة البلاغ و نوع الدعم والمشورة ال لذين تلقته م ا و ال ت عامل م ع شهادتها و الحكم بالسجن على أم مرضعة في حالة ضعف ، لم تفِ بالتزاماتها بموجب الفقرات (ج) و (د) و (و) من الماد ة 2 و المادة 15 من الاتفاقية.

7 - ووفقا ً للمادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري، ومع مراعاة جميع الاعتبارات الآنفة الذكر، ترى اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب ة البلاغ فيما يتعلق بالفقرات (ج) و (د) و (و) من الماد ة 2 والمادة 15 من الاتفاقية، عند قراءتها في ضوء المادة 1 من الاتفاقية و التوصي ات العام ة الم رقم ة 19 و 28 و 33 و 35 الصادرة عن اللجنة .

8 - وبالتالي، تقدم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف:

(أ) فيما يتعلق بصاحب ة البلاغ:

’1‘ منح صاحب ة البلاغ العفو الكامل؛

’2‘ منح صاحبة البلاغ جبراً ملائماً ، يشمل تعويضاً كاملاً يتناسب مع جسامة ال انتهاكات التي طالت حقوقها؛

(ب) بوجه عام:

’1‘ توفير التدريب الإلزامي للقضاة والمدعين العامين والمحامين وموظفي إنفاذ القوانين والموظفين الإداريين بشأن تطبيق الاتفاقية والبروتوكول الاختياري الملحق بها والتوصيات العامة الصادرة عن ا للجنة، لا سيما منها التوصيات العامة المرقمة 19 و 28 و 33 و 35؛

’2‘ إنشاء آليات للرصد تكفل حياد قواعد الإثبات والتحقيقات وسائر الإجراءات القانونية وشبه القضائية، وعدم تأثرها بالقوالب النمطية أو الأحكام المسبقة في المسائل الجنسانية؛

’3‘ إجراء تحقيق مستفيض ونزيه بغرض تحديد ما إذا كانت هناك أوجه قصور هيكلية في هياكل الدولة الطرف وممارساتها من شأنها أن تؤدي إلى عدم حماية ضحايا العنف المنزلي؛

’4‘ كفالة معالجة مطالبات الضحايا على وجه السرعة وبالكامل، وحصول هم على الدعم القانوني والطبي والاجتماعي و على الحماية التي يحتاجون إليها، وضمان التحقيق مع الجناة وم قاضا تهم ومعاقبتهم.

9 - ووفقا ً للمادة 7 (4) من البروتوكول الاختياري، يتعين على الدولة الطرف أن تولي الاعتبار الواجب لآراء اللجنة إلى جانب توصياتها، و أن تقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن أي إجراءات تكون قد اتخذتها في ضوء آراء اللجنة وتوصياتها . ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن ت نشر آراء اللجنة وتوصياتها و أن تعممها على نطاق واسع لكي تصل إلى جميع ال قطاعات المعنية .