الأمم المتحدة

CCPR/C/104/D/1880/2009

Distr.: General

2 May 2012

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1880 /200 9

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دور تها ال رابع ة بعد المائة 12-30 آذار/ مارس 201 2

المقدم من: ن. س. نينوفا وأخريات ( ت مثله ن المحامية ليسبيث زيغفلد )

الشخص الذي يدعى أنه ضحية: صاحبات البلاغ

الدولة الطرف: ليبيا

تاريخ تقديم البلاغ: 31 آذار/مارس 200 9 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار الذي اتخذه المقرر الخاص بموجب المادة 97 والمحال إلى الدولة الطرف في 10 حزيران/يونيه 200 9 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 20 آذار/مارس 20 12

الموضوع: تعذيب صاحبات البلاغ المزعوم؛ و توقيع عقوبة الإعدام بعد محاكمة غير عادلة وتمييزية

المسألة الإجرائية: لا توجد

المسائل الموضوعية: التعذيب، والمحاكمة غير العادلة، والتوقيف والاحتجاز التعسفيان؛ و توقيع عقوبة الإعدام بعد محاكمة غير عادلة، والافتقار إلى سبل انتصاف فعالة، والتمييز

مواد العهد: 2 و6 و7 و9 و الفقر ة 1 من المادة 10، و14 و26

مادة البروتوكول الاختياري: لا توجد

ال مرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة ال رابع ة بعد المائة)

بشأن

البلاغ رقم 1880 /200 9 *

المقدم من: ن. س. نينوفا وأخريات ( ت مثله ن المحامية ليسبيث زيغفلد )

الشخص الذي يدعى أنه ضحية: صاحبات البلاغ

الدولة الطرف: ليبيا

تاريخ تقديم البلاغ: 31 آذار/مارس 200 9 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المُنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 20 آذار/مارس 20 12،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1880 /200 9 ، الذي ق ُ دم إليها من السيدة ن. س. نينوفا وسيدات أخريات بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاح ت ها لها صاحبات البلاغ ، والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبات البلاغ المؤرخ 31 آذار/مارس 2009 هن فاليا جورجيفا شيرفانياشكا، المولودة في 22 آذار/مارس 1955، وسنيزانا إفانوفا ديميتروفا، المولودة في 18 آب/ أغسطس 1952، وناسيا ستويشيفا نينوفا، المولودة في 2 تموز/يوليه 1966، وفالانتينا مانولوفا سيروبولو، المولودة في 20 أيار/مايو 1959 وكريستيانا فينيلينوفا فالشيفا، المولودة في 12 آذار/مارس 1959. وجميعهن مواطنات بلغاريات. وتدعين أنهن ضحايا انتهاك ليبيا للمواد 2 و6 و7 و9 و الفقر ة 1 من المادة 10، والمادتين 14 و26 من العهد ( ) . وتمثلهن السيدة ليسبيث زيغفلد.

1-2 وفي 5 آب/أغسطس 2009، رفضت اللجنة، متصرفة من خلال مقرِّرها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، طلب الدولة الطرف أن تنظر اللجنة في مقبولية البلاغ بشكل منفصل عن الأسس الموضوعية.

الوقائع كما عرضتها صاحبات البلاغ

2-1 وصلت صاحبات البلاغ ، ما عدا كريستيانا فينيلينوفا فالشيفا، إلى ليبيا بين شباط/فبراير 1998 وشباط/فبراير 1999 للعمل كأعضاء في فريق طبي في مستشفى الفاتح للأطفال في بنغاري. أما كريستيانا فينيلينوفا فالشيفا، فقد وصلت إلى ليبيا في عام 1991 وكانت تعمل في مستشفى الهواري في بنغازي منذ ست سنوات وقت وقوع الأحداث.

2-2 وفي 9 شباط/فبراير 1999، قامت الشرطة الليبية بتوقيف صاحبات البلاغ مع 18 فرد اً آخر من فرق طبية، وجميعهم من مواطني بلغاريا، دون أن تخبرهم بأسباب توقيفهم. وقد كبلت أياديهم خلف ظهورهم وكممت أفواههم وعصبت أعينهم قبل أن يؤخذوا بعيد اً في حافلة. وبعد مرور عدة ساعات، تعرض خلالها بعضهم للضرب على الرأس والرقبة، وصلوا إلى مركز الشرطة في شارع النصر في طرابلس. وأُطلق سراح سبعة عشر فرد اً من هؤلاء البلغار في 16 شباط/فبراير 1999. أما صاحبات البلاغ والسيد أشرف الحجوج جمعة ( ) الذي تم توقيفه في 29 كانون الثاني/يناير 1999، فقد اتهموا بالقتل للاشتباه في نقلهم فيروس نقص المناعة البشري إلى 393 طفل اً في مستشفى الفاتح في بنغازي. والعقوبة التي كانوا يواجهونها بسبب هذه الجريمة هي الإعدام. ولم تعمل كريستيانا فالشيفا أبد اً في مستشفى الفاتح للأطفال.

2-3 وخلال الاستجواب، تعرضت صاحبات البلاغ للتعذيب من أجل الاعتراف. وشملت الأساليب المستخدمة الص دمات الكهربائية المتكررة على السيقان والأقدام والأيادي والصدر والأعضاء الحساسة كما رُبطت النساء عاريات على سرير حديدي. وشملت هذه الأساليب أيض اً الضرب على أخمص القدمين ( ) ؛ والتعليق من الأيادي والأذرع؛ والإغراق ؛ والخنق؛ والتهديد بالقتل؛ والتهديد بإلحاق الضرر بأفراد أسرهن، وتهديدهن وقت تعصيب أعينهن بأنهن ستتعرضن لهجوم الكلاب؛ والضرب؛ وجرِّهن على الأرض من شعرهن؛ والحرق بالسجائر؛ ووضع حشرات لاذعة على أجسادهن؛ وحقنه ن بالمخدرات؛ والحرمان من النوم؛ والعزل الحسي الكامل؛ والتعرض لألسنة النار والمياه الباردة؛ والاحتجاز في زنزانات قذرة و مكتظة بالنزلاء ؛ والتعرض للأضواء المسببة للعمى. كما تعرض البعض من صاحبات البلاغ للاغتصاب. واستمر هذا التعذيب حسب الادعاءات حوالي شهرين. وبمجرد أن اعترفت صاحبات البلاغ جميعهن، قلت وتيرة التعذيب ولكنها لم تتوقف نهائياً.

2-4 وفي 15 أيار/مايو 1999، أُحيلت القضية إلى مكتب الادعاء الشعبي (النيابة العامة الشعبية) الذي اتهم صاحبات البلاغ وزميلهن المتهم، أشرف الحجوج جمعة، بارتكاب أفعال ضد سيادة ليبيا تسببت في موت عشوائي لأغراض الإخلال بأمن البلد (جريمة يعاقب عليها بالإعدام)؛ والتآمر والتواطؤ لارتكاب الجرائم المذكورة أعلاه؛ مما أدى عمد اً إلى وقوع وباء جراء حقن 393 طفل اً في مستشفى الفاتح بفيروس نقص المناعة البشري (جريمة يعاقب عليها بالإعدام)؛ والقتل مع سبق الإصرار بمواد فتاكة، من خلال حقن أطفال بفيروس نقص المناعة البشري (جريمة يعاقب عليها بالإعدام)؛ وارتكاب أفعال تتنافى مع القوانين والتقاليد الليبية (إنتاج الكحول غير الشرعي، واستهلاك الكحول في أماكن عامة، والاتجار غير المشروع بالعملات الأجنبية والعلاقات الجنسية غير المشروعة). وفي 16 أيار/مايو 1999، مثلت صاحبات البلاغ، بعد مرور حوالي أربعة أشهر على احتجازهن، أمام مكتب الادعاء الشعبي لأول مرة. وكانت تمثلن بعد ذلك أمام المدعي العام كل 30-45 يوما ً .

المحاكمة الأولى

2-5 بدأت المحاكمة أمام المحكمة الشعبية (المحكمة الاستثنائية الخاصة بالجرائم المرتكبة ضد الدولة) في 7 شباط/فبراير 2000. وارتكزت القضية على الاعترافات وتصريح لرئيس الدولة مفاده أن المتهمين عملاء ل وكالة المخابرات المركزية والموساد. وفي 17 شباط/فبراير 2000 فقط، بعد مرور 10 أيام على بداية المحاكمة، منحت صاحبات البلاغ إمكانية الاستعانة بمحام وأصبح بإمكانهن الادعاء أمام المحكمة بأنهن تعرضن للتعذيب. ولم يكن بإمكانهن القيام ب ذلك من قبل بسبب تهديدات معذبيهن وعدم قدرتهن على التحدث بحرية مع محاميهن لأن ممثلي الدولة كانوا حاضرين دائم اً. وفي حزيران/يونيه 2001، تراجعت اثنتان من صاحبات البلاغ عن اعترافاتهما، وصرحتا بأن هذه الاعترافات انتُزعت منهما تحت التعذيب ( ) . ورفضت المحكمة شكواهما دون أن تأمر ب التحقيق . ولاحق اً، أنكرت صاحبات البلاغ مع المتهم الآخر ما نسب إليهم من تهم.

2-6 وقد عُلقت القضية في البداية، لأن المحكمة لم تجمع ما يكفي من الأدلة لإثبات تهمة التآمر ضد الدولة. وفي 17 شباط/فبراير 2002، أوقفت المحكمة الشعبية الإجراءات وأحالت القضية من جديد إلى مكتب المدعي العام (النيابة العامة) . وسحب المدعي العام تهم التآمر وقدم تهما جديدة تتعلق باختبار غير مشروع للمخدرات والتسبب عمد اً في إصابة 426 طفل اً بفيروس نقص المناعة البشري ( ) . وطوال هذه المدة، ظلت صاحبات البلاغ مع المتهم الآخر رهن الاحتجاز.

المحاكم ة الثانية

2-7 وفي آب/أغسطس 2002، أيدت غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف في بنغازي التهم التي قدمها المدعي العام وأحالت القضية إلى محكمة جنائية عادية، وهي محكمة الاستئناف في بنغازي. وتقوم التهم على اعترافات أدلت بها واحدة من صاحبات البلاغ ( ) مع المتهم الآخر للمدعي العام وعلى نتائج تفتيش منزل واحدة أخرى من صاحبات البلاغ ( ) ، الذي اكتشفت فيه الشرطة حسب الادعاءات خمس قنينات من دم البلازما الملوث. وقد بدأت المحاكمة الثانية في تموز/يوليه 2003. وعُين البروفيسور لوك مونتانييه والبروفيسور فيتوريو كوليزي كخبيرين. وفي أيلول/سبتمبر 2003، أثبت الخبيران أن عينات الدم في مستشفى الفاتح تلوثت في عام 1997، أي أكثر من سنة قبل أن تبدأ الممرضات العمل في المستشفى وأن الإصابات استمرت بعد احتجازهن. وحسب رأي الخبيرين، فإن سبب الإصابات غير معروف وغير متعمد. وقد نجمت هذه الإصابات المرتبطة بعدوى المستشفيات عن سلالة فيروسية معدية بشدة وجد محددة وعن الإهمال ومعايير النظافة الصحية الضعيفة ( ) . وفي كانون الأول/ ديسمبر 2003، عينت المحكمة فريق اً ثاني اً من الخبراء يتألف من خمسة أطباء ليبيين. وفي 28 كانون الأول/ ديسمبر 2003، رفض هذا الفريق الثاني النتائج التي خرج بها الخبيران المعروفان، وأفاد بأن سبب وباء فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز لم يكن الإصابات المرتبطة بعدوى المستشفيات أو إعادة استخدام المعدات الطبية الملوثة، بل كان فعل اً متعمد اً. وطلب الدفاع تقييم خبير آخر، لكن المحكمة رفضت طلبه.

2-8 وفي 6 أيار/مايو 2003، حكمت محكمة الاستئناف في بنغازي على صاحبات البلاغ والمتهم الآخر بالإعدام لتسببهم في موت 46 طفل اً وإصابة 380 طفل اً آخر. واتُهم تسعة ليبيين كانوا يعملون في مستشفى الفاتح بارتكاب الجريمة نفسها، لكن أُطلق سراحهم بكفالة في بداية الإجراءات ولم يوضعوا في الحبس الاحتياطي في انتظار المحاكمة. وبرئت ذمتهم. وأعلنت المحكمة أنها لا تملك ولاية فيما يخص أفراد الأمن الليبيين الثمانية الذين اتهمتهم صاحبات البلاغ مع المتهم الآخر بالتعذيب، وأعادت قضاياهم إلى مكتب المدعي العام. وفي 5 تموز/ يوليه 2004، طعنت صاحبات البلاغ مع المتهم الآخر في نقاط قانونية لدى المحكمة العليا الليبية. وطلب المدعي العام من المحكمة إلغاء أحكام الإعدام وأعاد القضية إلى محكمة الاستئناف في بنغازي من أجل إعادة المحاكمة، نظر اً لوقوع "مخالفات" أثناء توقيف واستجواب صاحبات البلاغ المتهمات والمتهم الآخر. وبعد عدة تأجيلات ألغت المحكمة العليا الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في بنغازي وأعادت القضية إلى محكمة طرابلس في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2005 من أجل إعادة المحاكمة. ورفضت المحكمة الإفراج عن صاحبات البلاغ والمتهم الآخر بكفالة لعدم وجود ضمانات كافية على أنهم سيمثلون من جديد لإعادة المحاكمة.

إعادة المحاكمة والإفراج

2-9 أعادت محكمة طرابلس ا لمحاكمة في 11 أيار/مايو 2006. وطلب المدعي العام من جديد إنزال عقوبة الإعدام بصاحبات البلاغ والمتهم الآخر. وأنكرت صاحبات البلاغ مجدد اً التهم المنسوبة إليهن، وأكدن مرة أخرى أنهن تعرضن للتعذيب من أجل الإدلاء باعترافات. وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 2006، ثبتت إدانتهن من جديد وحكم عليهن بالإعدام. وأفادت المحكمة بأنه لا يمكنها النظر مجدد اً في ادعاءات التعذيب لأنه سبق لمحكمة أخرى أن رفضتها.

2-10 وطعنت صاحبات البلاغ في الحكم لدى المحكمة العليا في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2006. وجرت جلسة الاستماع أمام المحكمة العليا في 11 تموز/يوليه 2007، رغم أنه كان من المفترض أن تجري في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الطعن. وتدعي صاحبات البلاغ أن المحكمة عقدت جلسة واحدة فقط، لمدة يوم، وأيدت أحكام الإعدام. وفي 17 تموز/يوليه 2007، أعلن المجلس الأعلى للقضاء أن الحكم سيخفف إلى السجن المؤبد وفق اً لاتفاق حول التعويضات أُبرم مع أسر الضحايا. وفي 24 تموز/يوليه 2007، نُقلت صاحبات البلاغ إلى بلغاريا لقضاء العقوبات التي صدرت بحقهن، كنتيجة لمفاوضات جرت بين ليبيا وحكومات بلدان أخرى. وبمجرد الوصول إلى هناك، حظيت صاحبات البلاغ فور اً بالعفو وأُطلق سراحهن.

2-11 ولم يجر أي تحقيق في ادعاءات التعذيب التي تقدمت بها صاحبات البلاغ من عام 2000 فصاعدا ً ( ) . وفي 2 حزيران/يونيه 2001، تراجعت اثنتان من صاحبات البلاغ ( ) عن اعترافاتهما التي قالتا عنها إنها اعترافات انتُزعت منهما بالإكراه وذكرتا أسماء المسؤولين عن التعذيب. وفي أيار/مايو 2002 فقط، قرر مكتب المدعي العام التحقيق في الموضوع وأمر بإجراء فحص طبي. ونتيجة لذلك، وُجهت اتهامات إلى ثمانية أفراد من أفراد دوائر الأمن كانوا مكلفين بالتحقيق إلى جانب طبيب ومترجم شفوي. وفي حزيران/ يونيه 2002، فحص طبيب ليبي عيَّنه المدعي العام صاحبات البلاغ والمتهم الآخر ووجد آثار اً على أجسادهم قال إنها ناتجة عن "تقييد الحركة" أو "الضرب". وفي حكم مؤرخ 6 أيار/مايو 2004، جزمت محكمة الاستئناف في بنغازي بأنها غير مختصة للبت في الأمر بما أن الجريمة لم ترتكب في المنطقة الخاضعة لولايتها، بل في المنطقة الخاضعة لولاية محكمة الاستئناف في طرابلس.

2-12 وفي 7 أيار/مايو 2004، بعث المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة طلب اً عاجل اً إلى الدولة الطرف بشأن قضية صاحبات البلاغ والمتهم الآخر، يلتمس فيه معلومات عن ادعاءات التعرض للتعذيب ومحاكمة غير عادلة. وسأل أيض اً عن سبب عدم ملاحقة الموظفين الذين قيل عنهم إنهم مسؤولون عن أعمال التعذيب المزعومة ( ) . ورد اً على هذا الطلب، أفادت الدولة الطرف بأن هيئة الادعاء العام أحالت قضية أفراد الشرطة إلى محكمة الاستئناف في طرابلس بما أنها المحكمة الوحيدة المختصة للنظر في القضية. وقد بدأت محاكمة أفراد الشرطة والطبيب والمترجم الشفوي في 25 كانون الثاني/يناير 2005. وخلال جلسات الاستماع، اعترف أفراد الشرطة بأنهم عذبوا البعض من صاحبات البلاغ والمتهم الآخر لانتزاع اعترافات منهم. وقدم الدفاع تقييم خبير طبي لم يكن من الممكن إنجازه إلا بعد مرور ثلاث سنوات على الوقائع المزعومة؛ لكن المحكمة وضعته جانب اً لأنه حسب الطبيب الليبي الذي عُين رسمي اً كخبير، لم تُتّبع البروتوكولات اللائقة، ولم يكن من الممكن الكشف عن آثار التعذيب، وفي جميع الأحوال، فإن أشكال التعذيب المزعومة لا يمكن أن تترك أي أثر بعد مرور أسبوعين أو ثلاثة أسابيع. وبرَّأت محكمة طرابلس المشتبه فيهم لانعدام الأدلة في 7 حزيران/يونيه 2005. وقدمت صاحبات البلاغ مع المتهم الآخر طعن اً، لكن المحكمة العليا الليبية رفضت هذا الطعن في 29 حزيران/يونيه 2006. وفي 10 آب/أغسطس 2007، أفادت الصحافة الدولية بأن ابن الرئيس معمر القذافي، سيف الإسلام، قد أقر في مقابلة مع قناة الجزيرة التلفزيونية بأن صاحبات البلاغ والمتهم الآخر قد تعرضوا للتعذيب والتهديد بإلحاق الضرر بأسرهم ( ) .

الشكوى

3-1 تدعي صاحبات البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المواد 2 و6 و7 و9 و الفقر ة 1 من المادة 10 والمادتين 14 و26 من العهد.

3-2 وتدعي صاحبات البلاغ أن الحكم بالإعدام الصادر في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2006 والحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في 11 تموز/يوليه 2007 والذي يؤيد حكم الإعدام هما نتيجة محاكمة غير عادلة وتعسفية بشكل صارخ. وينتهك حكم الإعدام الفقرة 2 من المادة 6 من العهد. وتنتهك ال محاكمة غير ال عادلة، إلى جانب انتهاكات عديدة للمادة 14 من العهد، الفقرة 2 من المادة 6 من العهد. وإن تخفيف عقوبة الإعدام لاحق اً إلى عقوبة السجن المؤبد لا يعفي الدولة الطرف من التزامها بموجب هذه المادة. ولم تُخفَّف عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد إلا عندما قُدمت مبالغ مالية كبيرة لأسر الأطفال المصابين ومارس الاتحاد الأوروبي وبلغاريا ودول أخرى ضغوط اً شديدة.

3-3 وتدعي صاحبات البلاغ أنهن تعرضن للتعذيب والتخدير دون موافقتهن بغرض انتزاع اعترافات منهن، مما ينتهك المادة 7 من العهد. وعلى الرغم من الأدلة المؤيدة والشهادات الدامغة المقدمة من أفراد الأمن الذين أقروا ببعض أعمال التعذيب، برئت ذمة جميع المتهمين، مما يظهر أن المحاكمة كانت مجرد خدعة. وتؤكد صاحبات البلاغ أن عبء الإثبات لا يمكن أن يقع على عاتقهن فقط. وقد قدمن شكاواهن بمجرد أن أصبح بإمكانه ن ذلك، عند مثولهن أخير اً أمام قاض بعد ثمانية أشهر من الاحتجاز الانفرادي. وفي ذلك الوقت، كانت صاحبات البلاغ تحملن آثار اً واضحة للتعذيب، لكن لم يتخذ المدعي العام أو المحكمة أي إجراء. وتدعي صاحبات البلاغ أن إساءة معاملتهم كانت قاسية إلى حد لا بد من وصفه بالتعذيب، بما أن الغرض من ذلك كان انتزاع اعترافات.

3-4 وتدعي صاحبات البلاغ أن المعاملة التي عانينها طوال احتجازهن تشكل أيض اً انتهاك اً للمادة 7. و ي روين أنهن بقين بعد اعتقالهن 14 شهر اً قيد الاحتجاز في مرافق الشرطة وليس في أحد السجون، وأنهن احتُجزن خلال الأيام القليلة الأولى مع 20 امرأة أخرى في زنزانة صغيرة قذرة وبدون نوافذ. وكانت كريستيانا فالشيفا حينها محتجزة في سجن انفرادي داخل زنزانة دون نافذة، مضاءة بالكاد ورديئة التهوية، تبلغ مساحتها 1.8 متر على 1.5 متر، ولا تضم سوى مرتبة قذرة للنوم. ولم يكن فيها مرحاض وكانت كريستيانا فالشيفا مجبرة على قضاء حاجتها في علبة حليب ورقية فارغة. وكانت صاحبات البلاغ الأخريات محتجزات في أوضاع مماثلة. ولم يكن بإمكانهن الاستحمام لعدة شهور، وكن يحصلن على الماء مرة واحدة فقط في كل 24 ساعة ولم تكن لديهن إمكانية الحصول على كتب أو مجلات. وقد أُجبرت سنيزانا ديميتروفا على الصلاة باللغة العربية، واعتناق الإسلام والتخلي عن عقيدتها المسيحية، و خلع صليبها من عنقها وسحقه تحت قدمها والبصق عليه. كما تدعي صاحبات البلاغ أنهن كن محرومات من الخروج إلى الهواء الطلق، والرياضة البدنية، والاتصال بالعالم الخارجي، بما في ذلك أسرهن، وأنهن كن محرومات من إمكانية استشارة طبيب على انفراد.

3-5 وترى صاحبات البلاغ أن توقيفهن واحتجازهن كانا تعسفيين. وبموجب القانون الليبي، كان ينبغي أن يمثلن أمام ال مدعي العام في غضون 48 ساعة بعد توقيفهن . لكن لم يحدث ذلك إلا بعد مرور ثلاثة أشهر، في 16 أيار/مايو 1999. وحتى بعد ذلك، احتجزتهن السلطات احتجاز اً انفرادي اً إلى 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، عندما سُمح أخير اً لأسرهن برؤيتهن. وبالتالي، فإن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 1 من المادة 9. وفضل اً عن ذلك، ذُكر أن صاحبات البلاغ لم تُبلَّغن على الفور بالتهم المنسوبة إليهن. ولم يجر إخبارهن بها أخير اً إلا عند مثولهن أمام المدعي العام، وحتى دون حضور محام؛ ويشكل هذا انتهاك اً للفقرة 2 من المادة 9. وأخير اً، لم تمثل صاحبات البلاغ على الفور أمام "سلطة قضائية" حيث مثلن للمرة الأولى أمام القضاء في 7 شباط/فبراير 2000. وقبل هذا التاريخ، رأين المدعي العام فقط، وهذا انتهاك للفقرة 3 من المادة 9.

3-6 وتدعي صاحبات البلاغ أن المعاملة التي عانينها بعد توقيفهن تشكل انتهاك اً لحقوقهن المنصوص عليها في المادة 10. وتحلن إلى ادعاءاتهن بموجب المادة 7 من العهد وتضفن أنه سُمح لهن برؤية أطفالهن وأفراد آخرين من أسرهن فقط ثلاث أو أربع مرات على مدى ثماني سنوات بكاملها من الاحتجاز.

3-7 وتدعي صاحبات البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقهن في محاكمة عادلة بما أ نهن لم يُبلَّغن بالتهم الموجهة إليهن خ لال الأشهر الثلاثة الأولى من احتجازهن. ولم يكن بإمكانهن الاستعانة بمترجم شفوي في أي وقت خلال المحاكمة ولم يعين محام للدفاع عنهن حتى 17 شباط/فبراير 2000، أي بعد بدء المحاكمة بعشرة أيام ومرور عام كامل على احتجازهن. وقد أُكرهن على الإدلاء بشهادات ضدهن تحت التعذيب، ولم يكن أي محام حاضر اً عندما أدلين باعترافاتهن أمام المدعي العام كما أن المحكمة وضعت جانب اً شهادة البروفيسور مونتانييه والدكتور كوليزي كخبيرين، دون أن تقدم أسباب اً كافية، رغم كل الدلائل على أن النتائج التي توصل اً إليها كانت تبرئ صاحبات البلاغ والمتهم الآخر. أما التفتيش الثاني لمنزل السيدة فالشيفا، الذي اكتُشفت خلاله "بتدبير من السماء" ( ) خمس قنينات من دم البلازما الملوث، فقد أجري دون حضور صاحبات البلاغ ولا محام للدفاع. وتبين أوجه التضارب في هذا "الاكتشاف" ( ) ، فضل اً عن أن الادعاء العام لم ي قدم أبداً محاضر التفتيش وأن المح كمة نفسها اعتبرت نتائج إحدى عمل يتي التفتيش بالخطأ أنها نتائج العملية الأخرى، أنه كان أمر اً مفتعل اً تمام اً. وتدعي صاحبات البلاغ أيض اً أن المحاكمة شهدت تأخير اً غير معقول ( ) . وتشكل هذه النقاط، حسب صاحبات البلاغ، انتهاك اً للمادة 14 من العهد.

3-8 ويشكل سعي الدولة الطرف إلى التمييز على أساس العرق ولون البشرة واللغة والدين والجنسية حسب الادعاءات انتهاك اً لحقوق صاحبات البلاغ المحمية بموجب المواد 6 و7 و9 و10 و14 من العهد. فقد احتجزت وأدانت السلطات الليبية صاحبات البلاغ بوجه مخالف للقانون ليكون الأجانب أكباش الفداء. و احتجزت صاحبات البلاغ بالتحديد على نحو ينتهك المادتين 2 و26 من العهد، لأنهن أجنبيات ومختلفات عن السكان الليبيين من حيث العرق ولون البشرة واللغة والدين والأصول القومية. وتفيد صاحبات البلاغ بأن هناك سياسة تمييزية بخصوص احتجاز الموظفين الطبيين الأجانب تجلت في مناسبات عديدة قبل ا حتجازهن وكان الهدف منها جعل الأجانب أكباش فداء. كما تشير صاحبات البلاغ إلى أن جميع الليبيين الذين احتجزوا في هذه القضية أُطلق سراحهم على الفور تقريب اً أو أُفرج عنهم بكفالة، ولم يوضعوا في الحبس الاحتياطي خلال المحاكمة وبُرئت ذمتهم جميع اً في نهاية المطاف.

3-9 وفيما يخص استنفاذ سبل الانتصاف المحلية، تقول صاحبات البلاغ إن ادعاءاتهن عُرضت على السلطات: ادعاءات التعذيب والتوقيف التعسفي والمحاكمة غير العادلة، إلى جانب الشكاوى المتعلقة بالتمييز على أساس الجنسية المرفوعة في عام 2006.

3-10 وتطالب صاحبات البلاغ بالتعويض، بما فيه التعويض المالي، عن الضرر الجسدي والمعنوي، كسبيل لجبر الانتهاكات التي عانتها. وتطلبن أيض اً حث الدولة الطرف على اتخاذ خطوات للعمل وفق اً لالتزاماتها بموجب العهد والبروتوكول الاختياري، وضمان عدم وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في مذكرة مؤرخة 4 آب/أغسطس 2009، طلبت الدولة الطرف من اللجنة أن تعلن أن البلاغ غير مقبول دون أن تقدم أسباب اً تبرر طلبها.

4-2 وفي 8 كانون الأول/ديسمبر 2009، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتشير إلى أن الإجراءات القانونية والقضائية كانت طويلة من أجل معرفة الحقيقة في قضية تتعلق بأكثر من 450 طفل اً انتهك حقهم الأساسي في الحياة. وترى أن صاحبات البلاغ مُنحن جميع ضمانات المحاكمة اللائقة وفق اً للمعايير الدولية. وقد تابعت منظمات المجتمع المدني الليبية ومنظمات دولية لحقوق الإنسان وبعثات دبلوماسية أجنبية في ليبيا الإجراءات بكاملها.

4-3 وتذكّر الدولة الطرف بأنه في 30 أيلول/سبتمبر 1998 قدم مواطن ليبي، وهو محمد بشير بنغازي، شكوى إلى هيئة الادعاء العام مفادها أن ابنه، البالغ من العمر 14 شهر اً آنذاك، أصبح مصاب اً بفيروس نقص المناعة البشري أثناء إقامته في مستشفى الفاتح للأطفال في بنغازي. وقد علم بهذا في مصر، التي نُقل إليها ابنه للعلاج الطبي. وفي 12 تشرين الأول/ أكتوبر 1998، فتحت هيئة الادعاء العام تحقيق اً في الأمر، بعدما تلقت مزيد اً من الشكاوى. وحصلت على 233 بيان اً من آباء الأطفال المصابين وأصدرت أمر اً يمنع جميع الأجانب العاملين في المستشفى من مغادرة البلد، إلى جانب تدابير أخرى.

4-4 وبناء على القرار رقم 28/1209، أمر أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام بإجراء تحقيق بشأن إصابة الأطفال الذين خضعوا للعلاج في مستشفى الفاتح للأطفال بفيروس نقص المناعة البشري. وتألفت لجنة التحقيق من مدير الإدارة العامة للبحث الجنائي وكبار المحققين في هذه الهيئة وأطباء. وبدأت العمل في 9 كانون الأول/ديسمبر 1998 وحددت في نهاية المطاف صاحبات البلاغ وطبيب اً فلسطيني اً وطبيب اً بلغاريا كمشتبه بهم. وأكملت اللجنة عملها في 15 أيار/مايو 1998 وأرسلت تقرير اً يتضمن الأدلة وأسماء المشتبه بهم إلى مكتب المدعي العام الذي استجوب المشت به بهم.

4-5 وفي 18 أيار/مايو 1999، أحال مكتب المدعي العام القضية إلى مكتب الادعاء الشعبي الذي واصل التحقيق. وفي 17 شباط/فبراير 1999، أعلنت المحكمة الشعبية عدم اختصاصها للنظر في القضية وأعادتها إلى مكتب المدعي العام. وخلال المحاكمة أمام المحكمة الجنائية، زعم المدعى عليهم أنهم تعرضوا للتعذيب على يد الشرطة خلال التحقيق. وقد أمر قاضي غرفة ا لاتهام ممثل اً عن مكتب المدعي العام بالتحقيق في الادعاءات. ورُفعت نتائج هذا التحقيق إلى غرفة الاتهام، التي أحالت القضية إلى محكمة الاستـئناف في بنغازي في 4 تموز/يوليه 2003. وخصصت هذه المحكمة أكثر من 20 جلسة للاستماع لهذه القضية. وفي 6 أيار/مايو 2004، حكمت المحكمة على صاحبات البلاغ والمتهم الآخر بالإعدام وقضت بأنها لا تملك الولاية القضائية الإقليمية للنظر في تهم التعذيب الموجهة إلى أعضاء لجنة التحقيق.

4-6 ومن 13 حزيران/يونيه 2002 فصاعد اً، أخذ مكتب المدعي العام تصريحات من المدعى عليهم بشأن إدعاءاتهم المتعقلة بالتعذيب. كما أخذ تصريحات من أعضاء اللجنة التي كُلفت بالتحقيق في إصابة الأطفال بفيروس نقص المناعة البشري. وأُحيلت الشكوى المتعلقة بالتعذيب إلى محكمة الاستئناف في طرابلس، التي أصدرت في 7 حزيران/يونيه 2005 حكم اً يبر ئ لجنة التحقيق. وقد طعنت صاحبات البلاغ والمتهم الآخر في الحكم بالإعدام أمام المحكمة العليا، التي أصدرت حكمها في 25 كانون الأول/ديسمبر 2005، الذي ألغى الحكم بالإعدام، وأعادت القضية إلى محكمة الاستئناف في بنغازي لينظر فيها فريق قضاة مختلف. وعقدت هذه المحكمة 13 جلسة بشأن القضية. وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 2006، حكمت من جديد على صاحبات البلاغ والمتهم الآخر بالإعدام. وقرر المدعى عليهم الطعن لدى المحكمة العليا، التي أصدرت حكمها في 11 تموز/يوليه 2007.

4-7 وقد تلقى المدعى عليهم محاكمة عادلة مُنحوا خلالها ضمانات قانونية كاملة. وكانوا قادرين على ممارسة حقهم في الدفاع من خلال فريق من المحاميين. وجرت المحاكمة بشكل علني وحضرها العديد من ممثلي المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، وممثلين عن بعثات دبلوماسية أجنبية في ليبيا.

4-8 وفيما يخص ادعاءات التعذيب، تفيد الدولة الطرف بأن صاحبات البلاغ مثلن أمام اللجنة التي شُكلت للتحقيق في هذه القضية في 11 نيسان/أبريل 1999. واعترف الطبيب الفلسطيني واثنتان من صاحبات البلاغ (ناسيا نينوفا وكريستيانا فالشيفا) بأنهم أطراف في الجريمة مع صاحبات البلاغ الأخريات. وأُحيلوا بالتالي إلى مكتب المدعي العام، الذي استجوبهم فيه فرد من أفراد هيئة الادعاء العام. وأدلى الطبيب الفلسطيني وإحدى صاحبات البلاغ، ناسيا نينوفا، باعترافات مفصلة عن تورطهما في الجريمة مع ممرضات بلغاريات أخريات. ولم يذكرا أي شيء عن تعرضهما للتعذيب على يد لجنة التحقيق. وقد اعترفا باستمرار بتورطهما في الجريمة لجميع السلطات القضائية المختلفة التي مثل اً أمامها. ولم يذكرا للقاضي أنهما تعرضا للتعذيب إلا بعدما أعلنت المحكمة الشعبية عدم اختصاصها وأُحيلت القضية إلى غرفة الاتهام في محكمة جنوب بنغازي الابتدائية ، في 3 حزيران/يونيه 2002. وأمر القاضي على الفور هيئة الادعاءات العامة بالتحقيق في الادعاءات. وفتحت هذه الهيئة تحقيق اً وأخذت تصريحات من الطبيب الفلسطيني وصاحبات البلاغ وأعضاء لجنة التحقيق. كما أمرت بإجراء تحقيق طبي. ورغم اقتناع الهيئة بأن الادعاءات لا تقوم على أي أساس، فقد وجهت تهما ضد أعضاء لجنة التحقيق. واستمعت المحكمة للقضية، وبرأت أعضاء اللجنة في 7 حزيران/يونيه 2005.

4-9 وتسجل الدولة الطرف مجموع 115 زيارة تلقاها المدانون في السجن من أفراد منظمات أجنبية وبعثات دبلوماسية أجنبية. وطلبت وزارة العدل أن يُسمح لأفراد من أسر صاحبات البلاغ بزيارتهن كل يوم أحد طوال مدة احتجازهن. كما أُذن لفريق من المحاميين من بلغاريا بالمساعدة في الدفاع عن المتهمين.

4-10 وفيما يخص البيان الذي أدلى به الدفاع أمام المحكمة العليا عند الطعن في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في بنغازي في 19 كانون الأول/ديسمبر 2006، تشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة العليا ردت على جميع الاعتراضات التي أثارتها صاحبات البلاغ ( ) .

تعليقات صاحبات البلاغ

5-1 في رد مؤرخ 12 شباط/فبراير 2010، أكدت صاحبات البلاغ من جديد حججهن المتعلقة بمقبولية البلاغ، ومنها استنفاذ سبل الانتصاف المحلية وإثبات الادعاءات. وفيما يخص الأسس الموضوعية، تقول صاحبات البلاغ إن الدولة الطرف، في ملاحظاتها، لا تطعن إلا في الحجج المقدمة في الرسالة الأولى ولا تقدم أي حجج أو أدلة جديدة. وتحلن اللجنة بالتالي إلى رسالتهن الأولى.

5-2 وفيما يخص موضوع التمييز، قالت الدولة الطرف إن جميع الأدلة تنحو في منحى إدانة صاحبات البلاغ. وتدعي صاحبات البلاغ أنهن تعرضن للتمييز على أساس جنسيتهن لأنه، على العكس، لم تكن هناك أي أدلة على إدانتهن، لا سيما وقت توقيفهن . ويؤكد هذا أن الشرطة احتجزت في 9 شباط/فبراير 1999 صاحبات البلاغ و18 فرد اً من فريق طبي دولي، وجميعهم بلغار يعملون في مستشفيات مختلفة في بنغازي. وبعد سبعة أيام، أُفرج عن 17 منهم. ولم يُحصل على الأدلة الوحيدة ضد صاحبات البلاغ إلا بعد احتجازهن وتتكون من اعترافات منتزعة بالإكراه والاكتشاف "غير المتوقع" لخمس قنينات من دم البلازما الملوث في منزل إحداهن.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في البلاغات، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد .

6-2 وقد تيقنت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحبات البلاغ أن الحكم بالإعدام قد فُرض بعد محاكمة غير عادلة، مما ينتهك المادة 6، تشير اللجنة إلى أن الحكم بالإعدام لم يكن نهائياً . وبالنظر إلى تخفيف عقوبات الإعدام، لم تعد هناك أي أسس واقعية لادعاء صاحبات البلاغ بموجب المادة 6 من العهد. ولذا ترى اللجنة أن هذا الجزء من الادعاء لم يدعم بأدلة وهو بالتالي غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري ( ) .

6-4 وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف قد طلبت من اللجنة إعلان أن البلاغ غير مقبول دون أن تقدم أسباب اً تبرر طلبها. لكن اللجنة ترى أنه لا يوجد ما يمنع من اعتبار البلاغ مقبول اً بموجب المواد 2 و7 و9 والفقرة 1 من المادة 10 والمادتين 14 و26 من العهد بما أن جميع الادعاءات مدعمة بأدلة كافية.

6-5 ولذلك، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول بقدر ما يثير مسائل بموجب المواد 2 و7 و9 والفقرة 1 من المادة 10 والمادتين 14 و26 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان ، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

7-2 وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحبات البلاغ أنهن تعرضن للتخدير والتعذيب لتنتزع منهن اعترافات و تأكدت ه ذه الادعاءات خلال المحاكمة بتقارير طبية وشهادات أدلى بها شهود بمن فيهم أفراد الشرطة المكلفون بالتحقيق. وتحيط اللجنة علم اً بأقوال صاحبات البلاغ إن عبء الإثبات ينبغي ألا يقع على عاتقهن فقط؛ وإن شكاوى التعذيب قدمت بمجرد أن أمكن ذلك، عندما مثلت صاحبات البلاغ أخير اً أمام قاض بعد عام من الاحتجاز؛ وإنهن كن يحملن في ذلك الوقت آثار اً واضحة على التعذيب لكن لم يتخذ المدعي العام أو المحكمة أي إجراء؛ وإن التحقيق لاحق اً لا يمكن أن يعتبر تحقيق اً فوري اً أو شاملا ً .

7-3 وتحيط اللجنة علم اً بحجج الدولة الطرف ومفادها أن بعض صاحبات البلاغ اعترفن باستمرار بتورطهن في الجريمة لجميع السلطات القضائية المختلفة التي مثلن أمامها ( ) ؛ وأنهن لم يذكرن لقاض أنهن تعرضن للتعذيب حتى 3 حزيران/يونيه 2002؛ وأن القاضي أمر على الفور مكتب المدعي العام بالتحقيق في ادعاءات التعذيب المقدمة من صاحبات البلاغ والمتهم الآخر، وأن مكتب المدعي العام فتح تحقيق اً في الموضوع وأخذ تصريحات من الطبيب الفلسطيني وصاحبات البلاغ وأعضاء لجنة التحقيق؛ وأن هذا المكتب أمر أيض اً بإجراء تحقيق طبي؛ وأنه على الرغم من اقتناعه بأن الادعاءات لا تقوم على أي أساس، فقد وجه تهم اً ضد أعضاء لجنة التحقيق. كما تحيط اللجنة علم اً بالمعلومات الواردة من الدولة الطرف والتي تفيد بأن المحكمة برأت أعضاء لجنة التحقيق في 7 حزيران/يونيه 2005.

7-4 وتلاحظ اللجنة كذلك أنه خلال 14 شهر اً بعد احتجاز صاحبات البلاغ، أُبقين حسب الادعاءات قيد الاحتجاز الانفرادي في مرافق الشرطة وليس أحد السجون ؛ وأنهن احتُجزن خلال الأيام القليلة الأولى مع 20 امرأة أخرى في زنزانة صغيرة قذرة وبدون نوافذ ، وأنهن أُبقين بعد ذلك في سجن انفرادي في أوضاع متردية لم تكن تستوفي أدنى معايير معاملة الأشخاص المحتجزين. وتحيط اللجنة علم اً بالادعاء الآخر لصاحبات البلاغ بموجب المادة 7 ومفاده أن إحداهن أُكرهت على التخلي عن دينها واعتناق دين آخر. وتلاحظ أن الدولة الطرف لم تنف هذه الادعاءات.

7-5 وتؤكد اللجنة من جديد رأيها السابق بأن عبء الإثبات لا يمكن أن يقع على عاتق صاحب البلاغ فقط، لا سيما أنه ليس دائماً على قدم المساواة مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على الأدلة وأن المعلومات اللازمة تكون في أغلب الأحيان في حيازة الدولة الطرف وحدها ( ) . ويترتب على الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري ضمناً أنه يجب على الدولة الطرف أن تحقق بحسن نية في جميع الادعاءات الواردة بشأن انتهاكها وانتهاك ممثليها لأحكام العهد وأن تحيل المعلومات المتاحة لديها إلى اللجنة. ويجوز، في الحالات التي يرفع فيها صاحب البلاغ ادعاءات إلى الدولة الطرف تعززها أدلة يُعتد بها وتكون فيها أي إيضاحات إضافية مرهونة بمعلومات موجودة في حيازة الدولة الطرف فقط، أن تخلص اللجنة إلى أن الادعاءات المقدمة صحيحة ما لم تدحضها الدولة الطرف بتقديم أدلة وإيضاحات مرضية. كما تذكر اللجنة برأيها السابق بأن الدولة الطرف ليست ملزمة بإجراء تحقيقات شاملة فحسب في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، بما فيها انتهاكات حظر التعذيب، بل هي ملزمة أيض اً بملاحقة الجناة ومحاكمتهم ومعاقبتهم ( ) . وفيما يخص الاحتجاز الانفرادي، تسلم اللجنة بدرجة المعاناة التي ينطوي عليها التعرض للاحتجاز لمدة غير محددة دون اتصال بالعالم الخارجي. وتذكر بتعليقها العام رقم 20(1992) بشأن حظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي يوصي الدول الأطراف بسن حكم ضد الاحتجاز الانفرادي ( ) .

7-6 وفي ضوء ما ذُكر أعلاه، تخلص اللجنة إلى أن المعاملة التي تعرضت لها صاحبات البلاغ تشكل تعذيب اً وأن التوضيحات التي قدمتها الدولة الطرف، بما فيها الإحالة إلى الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف في طرابلس في 7 حزيران/يونيه 2005، لا يُستخلص منها أن تحقيق اً فوري اً وشامل اً ونزيه اً قد أجري على الرغم من تقديم أدلة واضحة على التعذيب، مثل تلك التي جاءت في التقارير الطبية وشهادات الجناة المزعومين. وتستخلص اللجنة، بناء على المعلومات المتاحة لها، أن التعذيب الذي تعرضت له صاحبات البلاغ وعدم التحقيق بشكل فوري وشامل ونزيه في الوقائع يشكلان انتهاك اً للمادة 7، منفصلة ومقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

7-7 وبالتوصل إلى هذا الاستنتاج، تقرر اللجنة ألا تبحث ادعاءات صاحبات البلاغ بموجب المادة 10 من العهد.

7-8 وفيما يخص المادة 9، تلاحظ اللجنة أن صاحبات البلاغ لم تمثلن أمام المدعي العام حتى 16 أيار/مايو 1999، بعد مرور ثلاثة أشهر على احتجازهن، مما يشكل انتهاك اً للقانون الليبي، وأنهن أُبقين في الاحتجاز الانفرادي حتى 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، عندما أُذن أخير اً لأسرهن برؤيتهن. وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحبات البلاغ أنه لم يجر إخبارهن على الفور بالتهم الموجهة ضدهن، وأنهن سمعن بها في نهاية المطاف عندما مثلن أمام المدعي العام، ودون حضور محام آنذاك؛ وأنهن لم يمثلن على الفور أمام "سلطة قضائية" حيث مثلن للمرة الأولى أمام القضاء في 7 شباط/فبراير 2000. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تنف هذه الاد عاءات. وفي غياب أي توضيحات ذات صلة من الدولة الطرف، تخلص اللجنة إلى وقوع انتهاك للمادة 9 من العهد ( ) .

7-9 وتدعي صاحبات البلاغ أيض اً وقوع انتهاك للمادة 14 من العهد. وهنا تلاحظ اللجنة ما يلي: تدعي صاحبات البلاغ أنهن لم يبلَّغن بالتهم الموجهة ضدهن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من احتجازهن؛ ولم يكن بإمكانهن الاستعانة بمترجم شفوي طوال فترة المحاكمة؛ ولم يعين محام للدفاع عنهن حتى 17 شباط/فبراير 2000، أي بعد بدء المحاكمة بعشرة أيام ومرور عام كامل على احتجازهن ؛ وأنهن أُكرهن على الإدلاء بشهادات ضدهن تحت التعذيب؛ وأنه لم يكن أي محام حاضر اً عندما أدلين باعترافاتهن أمام المدعي العام. وإلى جانب هذا، تلاحظ اللجنة أن المحكمة لم تأخذ بشهادة البروفيسور مونتانييه والبروفيسور كوليزي كخبيرين، دون أن تقدم أسباب اً كافية؛ وأن التفتيش الثاني لمنزل السيدة فالشيفا الذي اكتُشفت فيه خمس قارورات من دم البلازما الملوث أجري حسب الادعاءات دون حضور صاحبات البلاغ ولا محام للدفاع؛ وأن الادعاء العام لم يصدر أبد اً حسب الادعاءات سجلات عمليات التفتيش الرسمية. كما تحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحبات البلاغ أن المحاكمة سجلت تأخير اً مفرط اً ، مما يشكل انتهاك اً للمادة 14 من العهد. وتحيط علم اً كذلك بحجة الدولة الطرف القائلة إن صاحبات البلاغ تلقين محاكمة عادلة منحت فيها ضمانات قانونية كاملة، وإنهن كن قادرات على ممارسة حقهن في الدفاع من خلال فريق من المحاميين وإن المحاكمة كانت علنية وبحضور العديد من ممثلي المجتمع المدني ومنظمات لحقوق الإنسان وبعثات دبلوماسية أجنبية في ليبيا.

7-10 وتؤكد اللج نة من جديد تعليقها العام رقم 32 (2007) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، الذي شددت فيه على أن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية يكفل بشكل عام، بالإضافة إلى المبادئ الواردة في الجملة الثانية من الفقرة 1 من المادة 14، مبادئ المساواة في الوصول إلى المحاكم وتكافؤ الفرص القانونية، ويضمن معاملة أطراف القضية المعنية من دون أي تمييز ( ) . وفي هذه القضية، وبمراعاة المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف، ترى اللجنة بالتالي أن الدولة الطرف مسؤولة عن مجموعة من الانتهاكات للحق في محاكمة عادلة، لا سيما فيما يتعلق بانتهاك حق كل فرد في عدم الشهادة ضد نفسه، وانتهاك مبدأ تكافؤ الفرص القانونية، حيث انتُهك هذا المبدأ جراء عدم تكافؤ إمكانية الوصول المتاحة إلى الأدلة وآراء الخبراء، وانتهاك حق المدعى عليهم في الحصول على الوقت الكافي والتسهيلات اللازمة للتحضير من أجل الدفاع عن أنفسهم، وذلك بسبب عدم الحصول على محام قبل بداية المحاكمة. وتخلص اللجنة إلى أن محاكمة صاحبات البلاغ وإدانتهن تشكلان انتهاك اً للمادة 14 من العهد.

7-11 وفي ضوء الاستنتاج السالف الذكر، تقرر اللجنة ألا تنظر قي ادعاءات صاحبات البلاغ بموجب المادتين 2 و26 من العهد.

8- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادة 7، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2؛ وعن انتهاكات للمادتين 2 و14 من العهد.

9- وعملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبات البلاغ، بما في ذلك إجراء تحقيق شامل ومعمق في ادعاءات التعذيب وملاحقة المسؤولين عن المعاملة التي تعرضت لها صاحبات البلاغ، وذلك كبديل لما سبق للدولة الطرف أن أجرته، ومنح صاحبات البلاغ سبل الجبر المناسبة، بما فيها التعويض. كما أن الدولة الطرف ملزمة باتخاذ خطوات لمنع أي انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وبما أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد، وتعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أ و ا لخاضعين ل ولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك، فإن اللجنة تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وإن الدولة الطرف مدعوة أيض اً إلى نشر هذه الآراء على نطاق واسع باللغة الرسمية للدولة الطرف .

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]