الأمم المتحدة

CCPR/C/107/D/2027/2011

Distr.: General

30 April 2013

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2027 / 2011

قرار اعتمدته اللجنة في دورتها 107 (11-28 آذار/مارس 2013)

المقدم من: ألماس كوشرباييف (يمثله ناني يانسن، من مبادرة الدفاع القانوني عن وسائط الإعلام )

الشخص المدَّعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: 6 أيلول/سبتمبر 2010 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص بموجب المادة 97 من النظام الداخلي المحال إلى الدولة الطرف في 16 شباط/فبراير 2011 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 25 آذار/مارس 2013

موضوع البلاغ: إدانة صحفي بالتشهير برجل سياسي والحكم عليه بدفع تعويض كبير عن التشهير

المسائل الإجرائية المقبولية من حيث الزمن

المسائل ال موضوعية : الحق في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ونزيهة؛ تقييد الحق في حرية التعبير والرأي

مواد العهد: الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 19

مواد البروتوكول الاختياري: المادة 1

المرفق

قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 107 )

بشأن

البلاغ رقم 2027 /20 1 1 *

المقدم من: ألماس كوشرباييف (يمثله ناني يانسن، من مبادرة الدفاع القانوني عن وسائط الإعلام )

الشخص المدَّعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: 6 أيلول/سبتمبر 2010 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 آذار/مارس 2013 ،

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن المقبولية

1 -1 صاحب البلاغ هو السيد ألماس كوشرباييف، من رعايا كازاخستان ولد عام 1981. ويدعي أنه ضحية انتهاك كازاخستان لحقوقه المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 14، وفي المادة 19، من العهد الدولي. وتمثله السيدة ناني يانسن من مبادرة الدفاع القانوني عن وسائط الإعلام .

1-2 دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدول ة الطرف في 30 أيلول/سبتمبر 2009 ( ) .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 عمل صاحب البلاغ صحفياً في صحيفة تاجرغان الأسبوعية المستقلة بألماتي. وفي 24 نيسان /أبريل 2008، نشر مقالا بعنوان "مادينوف الملاّك ‘ الفقير ‘ " («Бедный» ЛатифундистМадинов بالروسية). وفي المقال أجرى صاحب البلاغ تقييماً لحالة القطاع الزراعي عقب قرار الحكومة حظر تصدير الحبوب من كازاخستان، وأبدى رأيه في قضايا متنوعة كانت تحظى باهتمام عام وقتئذ، من قبيل الاقتصاد العالمي ومكانة كازاخستان فيه، والأزمة المالية، وسعر المواد الغذائية الأساسية، لا سيما سعر الحبوب، وحظر تصدير الحبوب والمصالح التجارية لعضو في البرلمان، رومن مادينوف. وانتقد المقال السيد مادينوف وأشار إلى وجود تضارب في المصالح بين أعماله التجارية من جهة وواجباته بصفته عضوا ً في البرلمان من جهة أخرى.

2-2 وفي آب/أغسطس 2008، ورداً على هذا المقال، رفع السيد مادينوف دعوى مدنية ضد شركة دات إكس الإعلامية المحدودة وصاحب البلاغ، ملتمسا ً تعويضا ً عن التشهير، واستعادة حقوق الملكية ودفع تعويض عن الضرر المعنوي. واتهم صاحبَ البلاغ بتشويه صورته لأن المقال يركز على الطريقة التي تستفيد بها أعماله التجارية من عمله التشريعي، وطالب بتعويض بلغ 300 مليون تنج كازاخست اني (حوالي مليوني دولار أمريكي) ( ) .

2-3 وفي 16 كانون الثاني /يناير 2009، خلصت محكمة مقاطعة ميديوس بألماتي إلى إدانة صاحب البلاغ بالتشهير ومنح السيد مادينوف تعويضا قدره 3 ملايين تنج (420 18 يورو) يدفعها صاحب البلاغ ومالك شركة دات - إكس الإعلامية المحدودة معاً ( ) . ولاحظت المحكمة أن صاحب البلاغ طابق بين السيد ما دينوف و"الاستحواذ على الشركات" (مصادرة طرف لملك طرف آخر رغم أنفه عن طريق التهديد أو الضغط أو العنف، وما إلى ذلك)، وذهب أبعد من ذلك إلى تشبيه الحزب السياسي الذي يتزعمه السيد مادينوف بمركبة عامة معدة لحماية غنائم خاصة. وأشارت المحكمة أيضا ً إلى أن صاحب البلاغ اتهم السيد مادينوف، رغم قرينة ا لبراءة، بارتكاب جرائم من قبيل " الاستحواذ على ا لشركات" وامتلاك "قطاع الحبوب" مما يشكك في قانونية إجراءاته. وأشارت كذلك إلى فشل محاولة السيد مادينوف الحصول على تراجع من الصحيفة، واعتبرت المقال غير مطابق للحقيقة. ولاحظت المحكمة أيضا ً أن صاحب البلاغ أشار إلى أن السيد مادينوف يستغل س لطته بصفته عضوا في البرلمان لحسا به الشخصي بصفته مضاربا ً زراعيا ً ، وخلصت إلى أن الملاحظات الواردة في المقال من دون أساس ملاحظات تشهيرية تمس باسم السيد مادينوف وسمعته الطيبين وتنتهك الحقوق الشخصية غير المرتبطة بالملكية التي تضمنها المادتان 17 و18 من الدستور.

2-4 استأنف صاحب البلاغ الحكم لدى محكمة مدينة ألماتي، مدعيا ً انتهاك حقه في حرية التعبير. واستأنف السيد مادينوف أيضا ً مطالبا ً بتعويض أكبر. وفي 26 شباط/فبراير 2009، رفضت المحكمة استئناف صاحب البلاغ وأيدت جزئيا استئناف السيد مادينوف، بزيادة مبلغ التعويض الذي يتعين على صاحب البلاغ ومالك الشركة دفعه إلى 30 مليون تنج (حوالي 000 200 دولار أمريكي). ورفضت المحكمة نتائج التحليل اللغوي لمقال صاحب البلاغ لأنه من إعداد منظمة تدافع عن حرية الكلام وتشغل أيضا ً محامي صاحب البلاغ في إجراءات داخلية، وبالتالي فالتحليل غير موضوعي، ورفضت إجراء أي تحليل آخر. فقدم صاحب البلاغ كذلك طلبا ً لإجراء مراجعة قضائية رقابية لدى المحكمة العليا في 20 آب/ أغسطس 2009، مدعياً جملة أمور منها انتهاك حقه في حرية التعبير. وفي 21 آب/ أغسطس 2009، أيدت المحكمة العليا قرار محكمة ألماتي. وعقب قرار المحكمة العليا أمرت الشرطة صاحب البلاغ بدفع مبلغ التعويض بواقع 200 7 تنج (حوالي 50 دولاراً شهرياً). ومنذ ذلك الحين وصاحب البل اغ يدفع هذا المبلغ شهرياً. ويدعي أنه، حسب هذه الوتيرة، سيظل يدفع مبلغ التعويض طيلة ما تبقى من عمره وقد يتعرض للسجن إن توقف عن الدفع.

الشكوى

الانتهاكات المزعومة للمادة 19 من العهد

3- 1 يدعي صاحب البلاغ أن المقال الذي نشره في أسبوعية تاجرغان محمي بموجب المادة 19 من العهد، وأن مبلغ التعويض عن التشهير المحكوم به عليه، واتفاق الدفع المبرم مع الشرطة وإنفاذ الدفع المستمر تحت طائل السجن أمر يشكل انتهاكا ً مستمراً لحقوقه المنصوص عليها في المادة 19 من العهد.

3 -2 ويقول صاحب البلاغ إن حرية التعبير حق أساسي من حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً، لا سيما بالنظر إلى دوره ا الأساسي في دعم الديمقراطية. ذلك " أ ن الحق في حرية التعبير ذو أهمية فائقة في أي مجتمع ديمقراطي" على نحو ما ذهبت إ ل يه اللجنة ( ) . وينطبق ضمان حرية التعبير بشكل أقوى على وسائط الإعلام. فقد دأبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) على تأكيد "الدور الأساسي للصحافة في دولة يحكمها القانون" ( ) . وشددت اللجنة أيضاً على أن حرية وسائط الإعلام أمر أساسي في العملية السياسية: فحرية إيصال المعلومات والأفكار المتعلقة بالقضايا العامة والسياسية ونشرها بين المواطنين، والمرشحين والممثلين المنتخبين أمر أساسي. ويقتضي ذلك وجود صحافة حرة ووسائط إعلام أخرى باستطاعتها التعليق على القضايا العامة دونما رقابة أو قيود و قادرة على إعلام الرأي العام ( ) .

3-3 ووفقاً لصاحب البلاغ، لا يحق لوسائط الإعلام التعليق على قضايا تحظى ب اهتمام عام والإبلاغ عنها فقط، بل عليها واجب القيام بذلك، وأكدت المحاكم الدولية أن واجب الصحافة يتجاوز مسألة الإبلاغ عن الوقائع؛ فمن واجبها تأويل الوقائع والأحداث من أجل إبلاغ الجمهور والمساهمة في مناقشة المسائل التي تحظى بأهمية عامة ( ) . فضيّق ٌ هو نطاق القيود المفروضة على النقاش السياسي ومناقشة المسائل التي تحظى بأهمية عامة ( ) .

3-4 ويذكر صاحب البلاغ أيضاً أن الحق في حرية التعبير يحمي خطاب الاستف زاز والشتم، وكذا الخطاب الذي يلقى الترحاب. إذ أصبح من المعتقدات الأساسية في فقه حرية التعبير أن الحق في حرية التعبير "لا ينطبق على ‘المعلومات‘ أو ‘الأفكار‘ التي تلقى الترحاب أو تُعدّ غير مستف ز ّة أو محايدة ً فحسب، بل ي نطبق أيضاً على المعلومات أو الأفكار التي تستفز ، أو تصدم أو تقلق. هذه هي مطالب التعددية، والتسامح وسعة الأفق التي بدونها لا يوجد أي ‘مجتمع ديمقراطي‘" ( ) .

3-5 ويؤكد صاحب البلاغ أن المحاكم الدولية لحقوق الإنسان اعترفت بأن على السياسيين والشخصيات العامة أن يتسع صدرهم لانتقاد عملهم العام. ويعني ذلك أن عتبة الانتقاد المسموح به لدى السياسي أعلى مما هي عليه لدى الفرد الخاص. وكما قالت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تعد حدود الانتقاد المقبول لدى السياسي أوسع مما هي لدى الفرد الخاص. فبخلاف هذا الأخير، يضع السياسي نفسه بشكل مباشر وعن قصد عرضة ل لصحفيين والجمهور عموماً يدققون في كل قول أو فعل يصدر عنه ، وبالتالي عليه أن يتحلى بقدر أكبر من التسامح ( ) . ولا ينحصر هذا المبدأ في نقد السياسيين المتصرفين بصفتهم العامة. فالمسائل المتعلقة بالمصالح الخاصة أو التجارية يمكن أن تكون وجيهة كذلك. فعلى سبيل المثال، ذهبت المحكمة الأوروبية إلى أن وجود سياسي في حالة يتداخل فيها نشاطه التجاري مع نشاطه السياسي قد يثير مناقشة لدى الجمهور، حتى لو لم يقع أي تعارض وظيفي بموجب القانون الداخلي" ( ) .

3-6 ويقول صاحب البلاغ أيضاً إن القانون الدولي لحقوق الإنسان ينص في حالات ال تشهير على وجود تمييز واضح بين البيانات الوقائعية والأحكام القيم ي ة. ذلك أن الوقائع يمكن إثباتها، بينما حقيقة الحكم القيم ي لا تخضع للدليل. ففي قضية ديشان وآخرون ضد النمسا ( ) ، ذهبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن - إثبات حقيقة حكم قيم ي أمر مستحيل وينتهك حرية الرأي في حد ذاتها، التي هي جزء أساسي من الحق في حرية التعبير. وذكرت المحكمة أيضاً في قضية دالبان ضد رومانيا ( ) أن من غير المقبول بالنسبة لصحافي أن يُمنع من الإعراب عن أحكام ذات قيمة نقدية ما لم يتمكن من إثبات حقيقتها. ويدعي صاحب البلاغ أن المحاكم المحلية لم تراع - بل لم تذكر - أياً من هذه المبادئ الأساسية ولم تراع كون مقاله يتعلق بمسألة تحظى باهتمام كبير لدى الجمهور، ويتناول أنشطة تجارية لرجل سياسي.

3-7 وعلاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن مقاله يستكشف المشاكل الاقتصادية المعقدة ا لمرتبطة بالزيادة في أسعار الحبوب وجهود الحكومة الرامية إلى حل هذه المشكلة. وفي هذا السياق، يشير إلى دور السيد مادينوف بصفته سياسي اً ورجل أعمال. وقال إن المقال يتعلق بمسألة يهتم بها الجمهور كثيراً، وليس ا لصحفي حراً في الإبلاغ عنها فحسب بل هو مُلزم بذلك . فكازاخستان بلد منتج للحبوب بكثرة وهناك اهتمام لدى الجمهور بهذا الموضوع؛ بيد أن المحاكم لم تراع أياً من هذه الاعتبارات.

3-8 ويقول صاحب البلاغ إن المحاكم المحلية انتقدته لعدم تقديم أدلة تؤيد بياناته في مقاله. ويدعي أن المحاكم أخطأت في تصنيف البيانات المدانة بوصفها بيانات وقائع تخضع للإثبات، بينما ينبغي تصنيفها ضمن بيانات الرأي غير الخاضعة للإثبات وأن جميع البيانات الأربع التي ركّزت عليها المحاكم هي أمثلة كلاسيكية لبيانات الرأي. بيد أن المحاكم وجدت أن البيانات غير مدعومة بأدلة وانتهت إلى أنها تشهيرية. ورغم أن بعض البيانات صيغت بطريقة شديدة، يقول صاحب البلاغ إن الصحفيين يُسمح لهم بقدر من المبالغة وإن على السياسيين أن يتقبلوا الانتقاد لمهامهم حتى وإن كان قاس ياً .

3-9 ويشير صاحب البلاغ إلى أن أي تقييد للحق في حرية التعبير يجب تبريره على أنه "لازم" تحديداً بالمفهوم الوارد في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد. ويقتضي مصطلح "لازم" النسبية حيث إن نطاق التقييد المفروض على حرية التعبير يجب أن يكون متناسباً مع قيمة ما يرمي التقييد إلى حمايته، ويمتد هذا الشرط إلى التعويضات المفروضة في قضايا ال تشهير . وفي هذا السياق يشير صاحب البلاغ إلى قضية تولستوي ميلوسلافسكي ضد المملكة المتحدة ، حيث ذهبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن التعويضات المفرطة في قضايا ال تشهير تنتهك شرط "اللزوم" لتبرير تقييد للتعبير. وأوضحت المحكمة أنه بموجب الاتفاقية، يجب أن يراعي حكم بالتعويض عن ال تشهير علاقة النسبية المعقولة بين الضرر والسمعة التي مسّت ( ) . وفي قضية ستيل وموريس ضد المملكة المتحدة ( ) ، ذهبت المحكمة إلى أنه لدى الحكم بالتعويض، يجب مراعاة الأثر الذي قد يخلفه الحكم لدى المدعى عليه، ولاحظت أن التعويضات تكون كبيرة لما تقارن بالإيرادات والموارد المتواضعة لمقدمي الطلب، وبالتالي خلصت إلى وجود انتهاك للحق في حرية التعبير.

3-10 وفي هذا الصدد يدعي صاحب البلاغ أن التعويضات التي حُكم بها ضده غير متناسبة للغاية وبالتالي تنتهك حقه في حرية التعبير. ويحاجج صاحب البلاغ بأن السيد مادينوف لم يُبيِّن بالضبط ا لأضرار التي عاناها نتيجة للمقال ، ويشير إلى أنه لا يزال عضو اً في البرلمان. ويدعي أن مبلغ 30 مليون تنج يفوق راتبه الشهري بواقع 200 مرة في ذلك الوقت ويفوق بواقع 300 مرة متوسط الدخل في قطاع الاتصالات بكازاخستان ( ) . ويعترض صاحب البلاغ أيضاً على مراعاة محكمة ألماتي لما قدمه السيد مادينوف من "تقييم ذاتي" للإجهاد الذي عاناه. إذ لا يعد ذلك غير قابل للتحقق منه تماماً فحسب، بل سيف س ح ذلك المجال، إن قُبل، لأي تقييم ذاتي للأضرار، مهما كان ذلك مفرطاً. ويدعي صاحب البلاغ أن تأييد الحكم المبالغ فيه بالتعويض ضده سي ُ ثني لا محالة آخرين عن انتقاد المسؤولين العموميين وسيحد من حرية تدفق المعلومات والأفكار ( ) .

3-11 وفيما يتعلق بالمقبولية من حيث الزمن ، يقول صاحب البلاغ إ ن البروتوكول الاختياري الملحق بالعقد دخل حيز النفاذ بالنسبة إلى كازاخستان في 30 أيلول/سبتمبر 2009؛ وللجنة اختصاص النظر في البلاغات المتعلقة بما يصدر عن سلطات الدولة من إجراء أو تقصير أو ما تعتمده من فعل أو قرار بعد هذا التاريخ. ويقول كذلك إنه وفقاً للاجتهاد الذي درجت عليه اللجنة، فلها اختصاص النظر في الانتهاكات التي تستمر بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ. وتحديداً، ذهبت اللجنة إلى أن استمرار انتهاك يُفسّر على أنه تأكيد، بعد دخول البروتوكو ل الاختياري حيز النفاذ، بالفعل أو الاستنتاج الواضح، لانتهاكات سابقة قامت بها الدولة الطرف ( ) . وعلاوة على ذلك ذكرت اللجنة أن لها اختصاص النظر في البلاغات المتعلقة بادعاء الانتهاكات التي تترتب عليها آثار تُعدّ انتهاكات في حد ذاتها، بعد تاريخ الدخول في حيز النفاذ ( ) . ويقول صاحب البلاغ إن اللجنة ذهبت في قضية باراغا ضد كرواتيا إلى أن إجراءات ال تشهير التي ت بدأ قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ و تظل معلقة تعد حادثاً ذا آثار مستمرة، وقد تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد ( ) . وبالتالي يدعي صاحب البلاغ أن اللجنة لها اختصاص النظر في بلاغه لأن السلطات تنفذ فعلياً دفع التعويضات بعد 30 أيلول/سبتمبر 2009، أي بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف. فبناءً على حكم من المحكمة العليا، استُدعي إلى مركز الشرطة وأُلزم بدفع مبلغ شهري خاضع للمراقبة عن كثب. ويقول إن هذا الإجراء يشكل تأكيداً لحكم صادر عن مؤسسة تابعة للدولة وانتهاكاً مستمراً بالفعل وبما يترتب عنه من آثار. وعلاوة على ذلك، بما أن ثلاث مؤسسات مختلفة تابعة للدولة تستلم المبالغ التي يدفعها، فإن استلام هذه المؤسسات الثلاث لهذه المبالغ بعد 30 أيلول/سبتمبر 2009 يشكل تأكيداً واضحاً للحكم الصادر عن مؤسسة تابعة للدولة وبالتالي فهو انتهاك مستمر.

3-12 ويقول صاحب البلاغ إن الإدانة بالتشهير لها آثار خطيرة لا تزال مستمرة بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ وأن هذه الآثار تشكل بذاتها انتهاكاً لحقوقه. أولاً، نتيجة للإدانة، أصبح عاطلاً عن العمل في وسائط الإعلام وبالتالي غير قادر عن ممارسة حقه في حرية التعبير عبر واسطة من اختياره، أي وسائط الإعلام الجماهيري. وهذا الأثر المترتب على إدانته يشكل في حد ذاته انتهاكاً لأحكام المادة 19. ثانياً، لا يزال يعاني مالياً. فدفع التعويضات أمر متواصل وسيستمر إلى حين وفاته نظراً للحجم المهول لمبلغ التعويض ولموارده المتواضعة جداً. وهذا أثر متواصل عن الإدانة الأصلية التي تشكل انتهاكاً في حد ذاتها.

الانتهاكات المزعومة لأحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد

3-13 يدعي صاحب البلاغ أن الإجراءات المقامة ضده متحيزة، وتنتهك أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. ويقول إن أيا من المحاكم المحلية لم تشر إلى أن ما قاله يتعلق بأنشطة رجل سياسي بشأن مسألة تحظى باهتمام الجمهور، وهو ما ينبغي لوسائط الإعلام أن يُسمح لها بالكتابة عنه. ويقول إن اللجنة فسّرت أن لمفهوم الحياد جانبين: أولاً، يجب على القضاة ألاّ يجعلوا حكمهم متأثراً بتحيز شخصي أو حكم مسبق، وألاّ تكون لديهم تصورات مسبقة بشأن قضية معينة معروضة عليهم، ولا أن يتصرفوا بطريقة تشجع بشكل غير صحيح مصالح طرف على حساب طرف آخر؛ ثانياً، يجب على المحكمة أن تظهر بمظهر الحياد أمام أي مراقب معقول ( ) . ويدعي أن المحاكم المحلية انتهكت هذين الشرطين.

3-14 ويدعي صاحب البلاغ أن رأي الخبير (التحليل اللغوي لمقاله) الذي أُعد باسمه قد صرفت المحاكم النظر عنه، رغم أن محكمة مقاطعة مريوس (المحكمة الابتدائية) قبلته أول الأمر دليلاً؛ وطيلة الإجراءات كان هناك احترام واضح لممثلي المشتكي.

3-15 ويقول صاحب البلاغ إنه استنفد سبل الانتصاف المحلية. ويدعي أن من غير المجدي بالنسبة إليه أن يستأنف إنفاذ دفع التعويضات، ويفسر أن هذه المسألة لم تعرض على أي جهاز دولي آخر للتحقيق أو التسوية.

3-16 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعلن انتهاك حقوقه المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 19 من العهد، والانتهاء إلى أن مضمون مقاله محمي بموجب المادة 19 من العهد وأن مبلغ التعويض المحكوم به عليه غير متناسب. ويطلب إلى اللجنة أيضاً أن تطلب إلى الدولة الطرف أن تُعدل قانونها حتى تجعل قوانين التشهير متطابقة مع أحكام العهد فيما يتعلق بضرورة اعتراف القانون المحلي بالتعبير عن الرأي الصادق بشأن مسائل تحظى باهتمام الجمهور وضرورة فرض سقف لمبلغ التعويضات الذي يمكن الحكم به في دعاوى التشهير المدنية، وكذا منحه تعويضاً عن انتهاكات حقوقه المنصوص عليها في العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4- في مذكرة شفوية بتاريخ 25 شباط/فبراير 2012، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية وتقول إن الحكم الصادر ضده دخل حيز النفاذ يوم 26 شباط/فبراير 2009. وتشير كذلك إلى أنه لدى التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، قدمت الدولة الطرف إعلاناً يحد من اختصاص اللجنة من حيث الزمن ( ) . ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 30 أيلول/سبتمبر 2009، بينما الإجراءات التي اشتكى منها صاحب البلاغ في رسالته وكذا القرارات المتخذة بشأن هذه القضية، سابقة لدخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ. وعليه تدعي الدولة الطرف أن بلاغ صاحب البلاغ غير مقبول من حيث الزمن.

تعليقات صاحب البلاغ على المقبولية

5-1 في 25 نيسان/أبريل 2012، أكد صاحب البلاغ من جديد ادعاءاته ولاحظ أن اعتراض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ لا يتناول الطبيعة المتواصلة للانتهاك الذي لحق به. وفي هذا الصدد، يؤكد صاحب البلاغ من جديد الحجج التي قدمها في بلاغه الأول (الفقرة 3-11 والفقرة 3-12 أعلاه) ويؤكد أن اللجنة لها ا ختصاص النظر في بلاغه بما أن (أ) الدولة الطرف أكدت الانتهاك السابق بالفعل وما يترتب عنه من أثر؛ و(ب) الانتهاك استمر ولا يزال مستمراً بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ؛ و(ج) الانتهاك يولد آثار تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد.

5-2 ويقول صاحب البلاغ إن اللجنة انتهت في قضية غي وآخرون ضد فرنسا إلى وجود انتهاك لحقوق أصحاب البلاغ بموجب العهد حيث إن القانون أنتج آثاراً بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف ( ) . وأكدت في قضية إ وأ. ك. ضد هنغاريا أن الانتهاك المستمر ينبغي تفسيره على أنه تأكيد، بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ، بالفعل أو بما يترتب عنه من أثر واضح لانتهاكات سابقة للدولة الطرف ( ) . وفي قضية ج. ل. ضد أستراليا نظرت اللجنة في الطبيعة المستمرة لانتهاك العهد الناتج من جلسات المحاكم التي جرت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى أستراليا، ولاحظت أن آثار القرارات المتخذة استمرت بعد دخول البروتوكول حيز النفاذ ( ) .

5-3 ويدعي صاحب البلاغ أن انتهاك حقوقه المنصوص عليها في العهد في القضايا المذكورة أعلاه، استمر بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ. ونتيجة لإدانته، أصبح غير قادر على إيجاد عمل بصفة صحفي وأنه عاجز عن إيجاد أي عمل يكسب منه رزقه. وأضاف أن التزامات دفع التعويض تجعله يعاني مالياً، وذلك انتهاك مستمر حتى بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ. ويعني عدم الالتزام بالدفع، وهو غير قادر على الدفع، أنه يواجه خطر السجن باستمرار، وبالتالي فإن حقوقه لا تزال منتهكة. ويقول صاحب البلاغ كذلك إن للجنة بموجب العهد اختصاص النظر في الانتهاكات التي تترتب عليها آثار تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ ( ) .

5-4 ويؤكد صاحب البلاغ من جديد ادعاءه بأن الحكم الصادر ضده من المحكمة العليا لكازاخستان بتاريخ 20 آب/أغسطس 2009 ترتبت عليه آثار مستمرة، وما تزال كذلك، بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى كازاخستان. وتشكل هذه الآثار المستمرة بنفسها وفي حد ذاتها انتهاكاً للعهد، لأنه لا يستطيع إيجاد عمل يكسب منه رزقه نتيجة إدانته وعليه أن يدفع تعويضاً كبيراً كما أن عجزه عن الالتزام بالدفع لعجزه عن امتلاك راتب يجعله دائما عرضة لخطر السجن. ثم إن تلقي مؤسسات الدولة للمبالغ التي يدفعها أمر يشكل انتهاكاً متجدداً وتأكيداً لإدانته السابقة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6-1 في 17 تموز/يوليه 2012، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية وأوردت موجزاً للوقائع والإجراءات الواردة في قضية صاحب البلاغ. تقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ أشار في مقاله المنشور إلى أن السيد مادينوف يستغل منصبه الرسمي للترويج لمصالحه الشخصية في الأعمال التجارية الزراعية. ويذكر كذلك أن السيد مادينوف "تمكن من خصخصة جانب كبير من قطاع الحبوب، أو بشكل أدق من وضع يده عليها (قد يقول البعض عبر "الاستحواذ على الشركات")". وتقول الدولة الطرف إن مفهوم الاستحواذ على الشركات يشير إلى استحواذ طرف على ملك يعود لطرف آخر رغم أنفه عن طريق التهديد، أو الضغط، أو العنف، وما إلى ذلك. وتعد هذه الملاحظات تشهيرية بالاسم والسمعة التجارية الطيبين للسيد مادينوف، لأن هذه الملاحظات تمثل اتهاماً بسلوك إجرامي مرتبط بمضاربة، أي "الاستحواذ على الشركات" وحيازة "قطاع الحبوب".

6-2 وعملاً بأحكام الفقرة 3(1) من المادة 77، من دستور كازاخستان، تُفترض براءة الشخص إلى أن تثبت إدانته بموجب حكم صادر عن المحكمة ويدخل حيز النفاذ. وتنص المادة 65 من قانون الإجراءات المدنية على إلزام جميع الأطراف بتقديم أدلة تثبت الظروف التي يذكرونها في الاعتراضات والادعاءات. بيد أن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل يثبت أن السيد مادينوف امتلك أمواله بطريقة غير قانونية. وفي أثناء الإجراءات المدنية، قدم صاحب البلاغ في دفاعه رأياً أعده محللون لغويون للمركز العام لتحليل الخبراء بشأن قضايا المعلومات والوثائق، يُفيد بأن الملاحظات التي أبداها في مقاله ليست تشهيرية باسم وسمعة السيد مادينوف التجارية. ورُفضت هذه النتائج لأن التحليل اللغوي أجرته منظمة تدافع عن حرية التعبير التي تشغّل أيضاً محامي صاحب البلاغ في الإجراءات الداخلية، وبالتالي فهي نتائج غير موضوعية.

6-3 وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن صاحب البلاغ يذكر أيضاً في مقاله أن "برلمان الغرفة الواحدة خالٍ من شخصيات بارزة أو ذات قيمة لدى المجتمع أو قادرة على الدفاع عن مصالح الدولة. إذ ليس فيه سوى انتهازيين، ومحتالين، ومتملقين، ومداهنين، أي طبقة ذوي الامتيازات والأعمال التجارية الذين لا يحتاجون إلى برلمان إلا للدفاع عن مصالحهم وحماية أعمالهم التجارية مع التظاهر أحياناً بالاهتمام بما هو في مصلحة الدولة"، ويواصل قائلاً "قد تكون للسيد مادينوف بعض الاعتراضات المعقولة تماماً على هذا، من قبيل "اللعنة لما أنشأت هذا الحزب لأنضم إلى الركب وأدعم النظام ثم عندما يحين الوقت، لا أجني الثمار؟"" ووفقاً للدولة الطرف يقدم هذا القول السيد مادينوف على أساس أنه رجل يستخدم لغة غير لائقة، وكأنه رجل قليل الأدب، مما يعد تشهيراً في حقه أيضاً.

6-4 وتنص المادة 21 من قانون جمهورية كازاخستان الخاص بوسائط الإعلام الجماهيري على منع الصحفيين من تقديم معلومات مغلوطة وتلزمهم باحترام الحقوق والمصالح القانونية للأشخاص والكيانات القانونية وبالاضطلاع بمهامهم الموكلة إليهم بموجب قانون كازاخستان. ووفقاً للفقرة 1 من المادة 143 من القانون المدني، للمواطن الحق في أن يطلب عبر المحاكم سحب معلومات تشهيرية باسمه وسمعته المهنية إذا لم يورد مُقدم هذه المعلومات دليلاً يثبت أنها مطابقة للحقيقة. وبالتالي، وعملاً بهذا الحكم القانوني، فإن واجب إثبات صحة المعلومات المنشورة يقع على عاتق المُدعى عليه. إذ ليس على المشتكي سوى إثبات أن المعلومات التشهيرية من نشر المُدعى عليه، وله الحق أيضاً في تقديم الدليل الذي يثبت أن المعلومات التشهيرية غير صحيحة. ولم يقدم صاحب البلاغ دليلاً يثبت أن المعلومات الواردة في مقاله صحيحة ولم يتحقق من دقة تلك الملاحظات (وهو ما لم يفنده صاحب البلاغ في المحكمة). وعليه، فإن المعلومات الواردة في المقال المعنون "مادينوف الملاك ‘ الفقير‘" معلومات تشهيرية باسم وسمعة السيد مادينوف وتنتهك حقوقه الشخصية غير المرتبطة بالملكية التي تضمنها المادتان 17 و18 من الدستور.

6-5 ووفقاً للفقرة 4 من المادة 143 من القانون المدني، تنظر المحاكم في طلب شخص أو كيان قانوني نشرَ تراجع أو نفي من قبل وسائط الإعلام إذا رفضت الواسطة الإعلامية المعنية نشر التراجع أو النفي أو لم تنشره في غضون شهر، أو في حالة تصفيتها. وفي 16 آب/ أغسطس 2008، طلب السيد مادينوف إلى صحيفة تاجرغان أن تنشر تراجعاً؛ غير أن طلبه أُهمل. وعملاً بالفقرة 6 من المادة 143 من القانون المدني، لا يحق لشخص أو كيان قانوني شُهِّر باسمه أو بسمعته التجارية أن يطلب تراجعاً فحسب بل له أن يطلب تعويضاً عن الخسائر ودفع التعويضات عن الضرر المعنوي أيضاً. وفي هذا الصدد، أمرت محكمة مقاطعة ميريوس بألماتي (16 كانون الثاني/يناير 2009) ومحكمة مدينة ألماتي (26 شباط/فبراير 2009) صاحب البلاغ وشركة دات - إكس ميديا المحدودة بنشر تراجع ودفع تعويض قدره 30 مليون تنج. ويعد قرارا المحكمتين قانونيين ومطابقين تماماً لأحكام الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، حيث يجوز إخضاع الحق في حرية التعبير إلى بعض القيود على النحو المنصوص عليه في القانون ووفقاً لما يقتضيه احترام حقوق الآخرين وسمعتهم.

6-6 وتقول الدولة الطرف أيضاً إن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 من العهد لا تستند إلى أساس، لأنه استأنف القرارين المعتمدين بشأن قضيته لدى محاكم أعلى. وتخلص الدولة الطرف أيضاً إلى أن ادعاءات صاحب البلاغ بأن القانون المحلي لا يمتثل للعهد لا يستند إلى أساس لأن صاحب البلاغ لم يشر إلى المعايير المحددة من القانون التي تخالف العهد.

6-7 وتوضح الدولة الطرف كذلك أن قانونها الحالي لا ينص على أية قيود بشأن حجم التعويض الذي يمكن دفعه عن الأضرار المعنوية. وتعرف الفقرة 1 من المادة 951 من القانون المدني الضرر المعنوي بأنه انتهاك لمزايا وحقوق أفراد غير مرتبطة بملكية شخصية أو إنكار لها أو حرمان منها، ومن ذلك المعاناة المعنوية أو المادية الناجمة عن فعل غير قانوني ارتُكب في حقهم. وتنص المادة 952 من القانون المدني على دفع تعويض نقدي عن الضرر المعنوي الذي يلحق المشتكي وتبت المحكمة في مبلغ التعويض المدفوع. ولدى تحديد مبلغ التعويض عن الضرر المعنوي من الناحية النقدية، تسترشد المحكمة بالقرار رقم 6 الصادر عن المحكمة العليا بكامل هيئتها يوم 18 كانون الأول/ديسمبر 1992 "بشأن تطبيق المحاكم للقانون المتعلق بالتشهير بالاسم والسمعة التجارية للأشخاص الطبيعيين والقانونيين"، وبالقرار التنظيمي الصادر عن المحكمة العليا "بشأن تطبيق المحاكم للقانون المتعلق بالتعويض عن الضرر المعنوي" بتاريخ 21 حزيران/يونيه 2001، ومبادئ العدل والكفاية، مع مراعاة التقييم الذاتي الذي يقوم به الطرف المتضرر لشدة الضرر المعنوي أو المادي الذي يعانيه وكذا البيانات الموضوعية التي تشهد على مثل ذلك، لا سيما: الأهمية الحاسمة للحقوق الشخصية غير المرتبطة بالملكية (الحياة، الصحة، الحرية، حرمة المسكن، والخصوصية الشخصية والأُسرية، والشرف والسمعة، وما إلى ذلك)؛ ومدى المعاناة المعنوية والمادية التي يعانيها المُشتكي؛ وطبيعة ذنب الجاني (احتيال، إهمال) عندما يتعين إثبات ذلك لدى التعويض عن الضرر.

6-8 وفيما يتعلَّق بادعاء صاحب البلاغ أنه غير قادر على إيجاد عمل يكسب منه رزقه نتيجة إدانته، تقول الدولة الطرف إن المحاكم لم تحرمه الحق في العمل بصفة صحفي. وبالتالي لا توجد أسباب ناجمة عن قراري المحكمتين من شأنها أن تمنع صاحب البلاغ من ممارسته نشاطه الصحفي أو أي عمل مأجور آخر.

6-9 وفيما يتعلَّق بادعاء صاحب البلاغ بشأن استمرار خطر تعرُّضه للسجن لعدم تنفيذ الحكم، تقول الدولة الطرف إن أي قضية جنائية لم تُرفع ضد صاحب البلاغ لعدم تنفيذ حكم المحكمة وأن مسألة ملاحقة صاحب البلاغ ليست موضع مناقشة حالياً. وعليه، فإن ادعاءه بشأن استمرار خطر التعرُّض للسجن فيما يتعلَّق بعجزه عن دفع المبالغ الشهرية هو أمر لا يستند إلى أساس. وعلاوةً على ذلك، وعملاً بأحكام المادة 233 من قانون الإجراءات المدنية، يمكن لصاحب البلاغ أن يقدِّم طلباً لدى المحكمة لوقف تنفيذ الحكم أو تأجيله.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 في 11 أيلول/سبتمبر 2012 أك د صاحب البلاغ ادعاءاته السابقة ولاحظ أن الدولة الطرف لم تتناول بشكل صحيح الوقائع والحجج القانونية الواردة في بلاغه. وأكّد أن حكم التشهير الصادر ضده وإنفاذَ أمر التعويض تحت طائلة السجن في حالة عدم الدفع أمرٌ يشكِّل انتهاكاً مستمراً لأحكام المادة 19 من العهد لأن المحاكم المحلية لم تراعِ المبادئ الأساسية المتعلِّقة ب الحق في حرية التعبير من خلال عدم اعترافها بشكل صحيح بأن ما قاله يتعلَّق بمسألة تحظى باهتمام كبير لدى الجمهور، مخطئة في تصنيفها للمقال ضمن سرد الوقائع بينما هو يسرد رأياً، ومن خلال فرض عقوبة غير متناسبة عليه. ولم تتناول الدولة الطرف أياً من هذه الحجج أو لم تعترض عليها في ملاحظاتها.

7-2 ويلاحظ صاحب البلاغ كذلك أن الدولة الطرف لم تتناول حججه المتعلِّقة بانتهاك حقوقه المنصوص عليها في المادة 14 من العهد، مدعية أن ادعاءاته لا تستند إلى أساس دون تقديم أية أسباب غير أنه كان له حق الطعن في الحكم وقد قام بذلك.

7-3 وفيما يتعلَّق بحجج الدولة الطرف بأنه لم يُشر بالتحديد إلى أي المعايير التي تخالف العهد في القانون الكازاخستاني، يقول صاحب البلاغ إنه طلب في بلاغه بوضوح أن تطلب اللجنة إلى كازاخستان أن تعدِّل قانونها بشأن نقطتين هما: (أ) الاعتراف بالإعراب عن الرأي الصادق بشأن المسائل التي تحظى باحترام الجمهور، و(ب) فرض حدٍّ أقصى لمبلغ التعويضات التي يمكن دفعها في قضايا التشهير المدنية.

7-4 ويلاحظ صاحب البلاغ كذلك أن الدولة الطرف تعترف أن قانونها الحالي لا ينصّ على أية قيود بشأن مبلغ التعويض الذي يمكن الحكم به فيما يخصّ الأضرار المعنوية. ويدّعي أن المبلغ المهول الذي حُكِمَ عليه بدفعه تعويضاً يظهر أن توجيه المحكمة العليا الذي تشير إليه الدولة الطرف لا يشكِّل وسيلةً فعّالة لمنع المحاكم من منح هذه التعويضات المفرطة. ويعني ذلك أن التوجيه إما أنه خاطئٌ أو أُسيئ فهمه أو تطبيقه من قبل المحاكم في هذه القضية.

7-5 ويرى صاحب البلاغ أن حجة الدولة الطرف بشأن عدم قدرته على إيجاد عمل مأجور نتيجة إدانته حجةٌ غامضة. إذ تقول الدولة الطرف إنها لا يمكن أن تفهم كيف أن الحكم الصادر ضده سيمنعه من الحصول على عمل آخر مأجور. ويؤكِّد صاحب البلاغ من جديد أن من المستحيل عليه إيجاد عمل مأجور "لأن جزءاً من راتبه سيتعيَّن دفعه إلى الدولة الطرف". لذا فهو ليس مقيَِّداً في إيجاد عمل في إطار وظيفته فحسب، بل في إيجاد أي نوع من أنواع العمل المأجور. وعليه فمنعه من العمل بصفة صحفي لا يمنعه من ممارسة حقه الأساسي في حرية التعبير فحسب، بل له أثر أوسع على احترام المبادئ الديمقراطية الراسخة في العهد ككل.

7-6 وفيما يتعلَّق بحجة الدولة الطرف بأن وكالات إنفاذ القانون التابعة لها لا تعمل حالياً على إنفاذ الحكم الصادر ضده عن المحكمة، يدّعي صاحب البلاغ أن ذلك يؤيِّد ادعاءه بأنه بينما قد لا يكون الحكم الصادر ضده منفَّذاً حالياً، فهو تحت خطرٍ مستمرّ لاحتمال بدء إجراءات التنفيذ. وإذا كان الإنفاذ غير وارد حالياً (كما ذكرت الدولة الطرف)، فإن الإنفاذ معلَّق باستمرار ضده. وفيما يتعلَّق بتأكيد الدولة الطرف أن بإمكانه طلب تعليق تنفيذ الحكم الصادر ضده لدى المحاكم، لا يرى صاحب البلاغ كيف أن المحاكم ذاتها التي أبدت تحيُّزها ضده في أثناء الإجراءات التي أدَّت إلى إدانته قد يُتَوقَّع منها أن تكون نزيهة عند النظر في هذا الطلب إن هو قدَّمه.

7-7 وفي ضوء ما تقدَّم، ومراعاةً أيضاً لرسائله الأولية، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تنظر في الأسس الموضوعية لبلاغه، وأن تخلص إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت أحكام الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 19 من العهد، وأن تطلب إلى الدولة الطرف أن تعدِّل قوانينها المتعلِّقة بالتشهير وأن تمنحه تعويضات عن انتهاك حقوقه.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أيِّ ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تبتَّ فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وتحيط اللجنة علماً باعتراض الدولة الطرف على أن البلاغ غير مقبول من حيث الزمن لأن الإجراءات التي يشكوها صاحب البلاغ، وكذا القرارات المعتمدة بشأن قضيته، تتعلَّق بأحداث وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيِّز النفاذ بالنسبة إلى كازاخستان في 30 أيلول/سبتمبر 2009. وفي هذا الصدد، تحتج الدولة بإعلانها ( ) الذي يقيِّد اختصاص اللجنة بالنظر في الأحداث التي تلي دخول البروتوكول الاختياري حيِّز النفاذ. وتشير اللجنة إلى أنها لا يمكنها أن تنظر في انتهاكات العهد المدعى وقوعها قبل دخول البروتوكول الاختياري حيِّز النفاذ بالنسبة إلى دولة طرف، ما لم تكن هذه الانتهاكات مستمرةً بعد ذلك التاريخ أو ترتّبت عليها آثار ظلت بنفسها وبحدِّ ذاتها تشكِّل انتهاكاً للعهد ( ) . وفي هذا الصدد يدّعي صاحب البلاغ أن اللجنة لها اختصاص النظر في بلاغه لأن استمرار دفع التعويض بعد دخول البروتوكول حيِّز النفاذ يشكِّل اعترافاً بالانتهاك السابق سواء بالفعل أو بالأثر المترتِّب عليه، ولأن الإدانة بالتشهير ترتّبت عليها آثارٌ خطيرةٌ لا تزال قائمةً بعد دخول البروتوكول الاختياري حيِّز النفاذ وتشكِّل بنفسها انتهاكاً لحقوقه المنصوص عليها في العهد، لأنه أصبح غير عامل في قطاع وسائط الإعلام وغير قادر على ممارسة حرية التعبير عبر وسيلة من اختياره، ولا يزال يعاني مالياً وهو تحت خطر مستمر للتعرُّض للسجن لعدم تنفيذ الحكم (انظر الفقرات 3- 11 ، و3-12 ومن 5-1 إلى 5-4 أعلاه).

8-3 وتلاحظ اللجنة أن نشر مقال صاحب البلاغ، ورفع الدعوى المدنية ضده بتهمة التشهير، وكذا حكم المحكمة الذي يأمره بدفع تعويضات إلى الطرف المتضرِّر أمورٌ تمّت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيِّز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف. وبالتالي فإن القضية المعروضة مختلفة عن الظروف الواردة في قضية برانغا ضد كرواتيا ( ) ، والتي استند إليها صاحب البلاغ، حيث إن إجراءات التشهير لم تتم قبل دخول البروتوكول الاختياري حيِّز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف واستمرّت بعد ذلك التاريخ. وترى اللجنة أن مجرّد استمرار صاحب البلاغ في دفع التعويض المحكوم به بعد دخول البروتوكول الاختياري حيِّز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف واستمراره في المعاناة مالياً بعد ذلك التاريخ لا يشكِّل تأكيداً لانتهاك سابق ولا يرقى لدرجة استمرار آثار تشكِّل بنفسها انتهاكاً لأي من حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في العهد. وعلاوةً على ذلك تظهر المواد المعروضة على اللجنة أن صاحب البلاغ لم يُحرَم من حقه في ممارسة الصحافة. وبالتالي ترى اللجنة أن الحكم الأصلي لا تترتّب عليه آثارٌ مستمرةٌ تشكِّل في حدِّ ذاتها انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في العهد. وفي ضوء الاستنتاج الوارد أعلاه، لم تنظر اللجنة فيما إذا كان يتعين اعتبار الإعلان الذي قدَّمته كازاخستان لدى تصديقها على البروتوكول الاختياري تحفظاً أو مجرّد إعلان.

8-4 وبناءً عليه، تقرِّر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول من حيث الزمن بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُبلَّغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ.

[اعتُمِدَ بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]