الأمم المتحدة

CCPR/C/104/D/1853-1854/2008

Distr.: General

19 June 2012

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغان رقم 1853/2008 ورقم 1854/2008

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها الرابعة بعد المائة، في الفترة من 12 إلى 30 آذار/مارس 2012

المقدم ان من : جينك أتاسوي (1853/2008) وأردا ساركوت (1854/2008) ويمثلهما المحامي جيمس إي. أندريك، الولايات المتحدة الأمريكية)

الشخص ان المدعيان أنهما ضحيتان : صاحب ا البلاغ

الدولة الطرف : تركيا

تاريخ ا تقديم البلاغ ين : 8 كانون الأول/ديسمبر 2008 (1853/2008) و15 كانون الأول/ ديسمبر 2008 (1854/2008) (تاريخ الرسالتين الأوليين)

الوثائق المرجعية : قرار المقرر الخاص بمقتضى المادة 97 من النظام الداخلي الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 22 كانون الأول/ديسمبر 2008 (لم يصدر في شكل وثيقة)

CCPR/C/99/D/1853-1854/2008 - القرار الذي اعتمدته اللجنة بشأن المقبولية في 5 تموز/يوليه 2010

تاريخ اعتماد الآراء : 29 آذار/مارس 2012

الموضوع : الاستنكاف الضميري

المسألة الإجرائية : المقبولية - عدم استنفاد سبل الانتصاف

المسائل الموضوعية : الحق في حرية الفكر والوجدان والدين

مواد العهد : الفقرة 1 من المادة 18

مواد البروتوكول الاختياري : المادة 2، والفقرة 2(ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة الرابعة بعد المائة )

بشأن

البلاغان رقم 1853/2008 ورقم 1854/2008 *

المقدم ان من: جينك أتاسوي (1853/2008) وأردا ساركوت (1854/2008) ويمثلهما المحامي جيمس إي. أ ندريك، الولايات المتحدة الأمريكية)

الشخص ان المدعيان أنهما ضحيتان : ص احب ا البلاغ

الدولة الطرف: تركيا

تاريخ ا البلاغ ين : 8 كانون الأول/ديسمبر 2008 (1853/2008) و15 كان ون الأول/ دي سمبر 2008 (1854/2008) (تاريخ الرسالتين الأوليين)

تاريخ قرار المقبولية: 5 تموز/يوليه 2010

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 آذار/مارس 2012 ،

وقد فرغت من النظر في البلاغين رقم 1853/2008 ورقم 1854/2008 اللذين قدمهما إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان كل من جينك أتاسوي وأردا ساركوت ، على التوالي، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحبا البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبا البلاغ هما جينك أتاسوي ( البلاغ رقم 1853/2008) وأردا ساركوت ( البلاغ رقم 1854/2008) مواطنان تركيان يدعيان أنهما ضحيتان لانتهاك الجمهورية التركية للفقرة 1 من المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحبي البلاغ المحامي جيمس إي. أ ندريك من الولايات المتحدة الأمريكية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة ل لدولة الطرف في 24 شباط/فبراير 2007.

1-2 وفي 14 نيسان/أبريل 2009، وبناء على طلب الدولة الطرف، قرر المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، نيابة عن اللجنة، النظر في مقبولية البلاغين بمعزل عن أسسهما الموضوعية.

1-3 وفي 5 تموز/يوليه 2010 قررت اللجنة ، عملاً بالفقرة 2 من المادة 94 من نظام ها الداخلي ضم البلاغ ين واتخاذ قرار بشأنهما نظراً لتشابههما الكبير من حيث الوقائع الموضوعية والناحية القانونية.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

قضية جينك أتاسوي

2-1 السيد أتاسوي هو من جماعة شهود يهوه. وفي 7 آب/أغسطس 2007، قدم التماساً إلى مكتب التجنيد العسكري يوضح فيه أنه من شهود يهوه وأنه لا يستطيع أداء الخدمة العسكرية بسبب معتقداته الدينية. وفي رسالة مؤرخة 31 آب/أغسطس 2007، أ ُ بلغ أنه عملاً بالمادتين 10 و72 من الدستور ، والمادة 1 من القانون العسكري، لا يمكن إعفاءه من الخدمة العسكرية. وفي 29 كانون الثاني/يناير 2008، تلقى عن طريق جامعته رسالة من شعبة شؤون التجنيد بوزارة الدفاع الوطني تبلغه بوجوب تنفيذ إجراءات الاستدعاء للخدمة العسكرية بين 1 و31 آذار/مارس 2008 ، والمشاركة في التجنيد في الخدمة العسكرية في نيسان/أبريل 2008.

2-2 وفي 21 آذار/مارس 2008، توجه صاحب البلاغ إلى مكتب التجنيد العسكري وق دم التماساً آخر أعاد فيه تأكيد أسباب عدم تمكنه من أداء الخدمة العسكرية. وأوضح أيضاً للسبب ذاته ، أنه لا يستطيع أن يجلس ل اختبارات ضباط الاحتياط المقرر إجراؤها في الفترة بين 1 و3 نيسان/أبريل. ومنح صاحب البلاغ شهادة حالة تهرب من التجنيد ، وطلب منه تنفيذ إجراءات التجنيد في الخدمة العسكرية بين 1 و31 تموز/يوليه 2008 وتقديم نفسه إلى دُفعة التجنيد في آب/أغسطس 2008. وفي 9 نيسان/أبريل 2008، تلقى رداً رسمياً على التماسه المؤرخ 21 آذار/مارس 2008 أعيد فيه تأكيد "عدم إمكان إعفائه من الخدمة الوطنية" عملاً بالمادتين 10 و72 من الدستور والمادة 1 من القانون العسكري .

2-3 وفي 25 تموز/يوليه 2008، توجه إلى مكتب التجنيد العسكري وقدم التماساً يتعلق بالإشعار بالتجنيد في الخدمة العسكرية الصادر في آب/أغسطس 2008، معيداً تأكيد عدم استطاعته أداء الخدمة العسكرية. ومنح مرة أخرى شهادة حالة تهرب من التجنيد ذُكر فيها وجوب تنفيذه الإجراءات المتعلقة بأداء الخدمة العسكرية في الفترة بين 1 و30 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، وأن ينفذ الإشعار بالتجنيد في الخدمة العسكرية الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2008. وقدم صاحب البلاغ التماساً آخر ذكر فيه سبب عدم تمكنه من الالتحاق بالخدمة العسكرية في كانون الأول/ديسمبر 2008، وتلقى رسالة في 18 آب/ أغسطس 2008 توضح من جديد أنه لا يمكن إعفاءه من الخدمة العسكرية. ويذكر صاحب البلاغ أن هذا الوضع سيستمر: وأن استدعاءه للخدمة العسكرية سوف يستمر إلى أن يُسجن في نهاية المطاف ، وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، أ ُ حضر أمام محكمة جنائية لعدم تنفيذ الاستدعاء للتجنيد في الخدمة العسكرية في نيسان/أبريل 2008. وما تزال هذه القضية معلقة. ويخشى صاحب البلاغ أيضاً أن تتلقى الشركة التي يعمل فيها رسائل من الحكومة توصيها فيها بإنهاء خدمته.

2-4 وأشار صاحب البلاغ في جميع التماساته إلى أنه يستطيع أداء خدمة "مدنية" مما لا ي تناقض مع مبادئه الدينية. وأوضح أن الردود التي تلقاها من وزارة الدفاع الوطني تذكر أنه لا يمكن إعفاءه من الخدمة الوط نية. إلا أنه يدفع بأنه لم يطلب الإعفاء من الخدمة وإنما ذكر فقط أنه لا يستطيع أداء هذه الخدمة بالطريقة التي تطلبها الدولة.

قضية أردا س ا ركوت

2-5 السيد ساركوت هو أيضاً من جماعة شهود يهوه. بدأ العمل في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2006 كمحاضر مساعد في كلية تكنولوجيا وتصميم المجوهرات والإكسسوارات، بجامعة مِرسين . وفي شباط/فبراير 2007، توجه إلى مكتب التسجيل العسكري في مِرسين لتقديم التماس يذكر فيه أنه لن يستطيع أداء الخدمة العسكرية بسبب معتقداته الدينية. ومنذ ذلك الوقت، ي ذهب إلى مكتب التجنيد العسكري كل أربعة أشهر لتقديم التماس مماثل يتعلق بالإشعار بالتجنيد في الخدمة الوطنية يذكر فيه سبب عدم استطاعته أداء تلك الخدمة. ويرفض مكتب التجنيد العسكري دائماً قبول هذه الالتماسات، ولذلك يرسل صاحب البلاغ نسخاً بالبريد المسجل إلى إدارة التجنيد التابعة لوزارة الدفاع الوطني في أنقرة.

2-6 وفي 6 نيسان/أبريل 2007، وجه مكتب التجنيد العسكري في بيشيكتاش رسالة إلى جامعة مِرسين يطلب فيها صرف صاحب البلاغ من العمل اعتباراً من 31 تموز/ يوليه 2007 لكي يتسنى له أداء الخدمة العسكرية في آب/أغسطس 2007. كما نُصحت الجامعة بعدم إعادة توظيف صاحب البلاغ ما لم يقدم وثيقة من مكتب التجنيد العسكري. و ستكون الجامعة متهمة، في حالة إعادة توظيفه، بارتكاب جريمة بموجب عدة مواد من بينها المواد 91 و92 و93 من القانون العسكري رقم 1111. ونتيجة لذلك، أُجبر صاحب البلاغ على أخذ إجازة بدون مرتب اعتباراً من 15 تموز/يوليه 2007.

2-7 وفي تموز/يوليه 2008، تلقى صاحب البلاغ رسالة من جامعة مِرسين تذكر فيها أنها بدأت تجري تحقيقاً بشأن عدم أدائه للخدمة العسكرية على الرغم من حصوله على إجازة كافية لهذا الغرض. وفي 12 آب/أغسطس 2008، وجه صاحب البلاغ رسالة ذكر فيها أسباب عدم استطاعته أدا ء تلك الخدمة، وطلب فيها العودة إلى عمله ثانية . وفي تشرين الأول/أكتوبر 2008، تلقى رسالة من الجامعة تذكر فيها أنه فُصل من الخدمة لأنه قدم "إفادة كاذبة". وبعد توجيهه رسالة إلى الجامعة يعترض فيها على قرار صرفه من الخدمة، تلقى في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 رسالة من الجامعة تشير فيها إلى أن اعتراضه "لم يُقبَل". ووفقاً لما أشار إليه صاحب البلاغ فإن الجامعة لن توظفه للعمل بالتدريس فيها بسبب استنكافه الضميري عن الخدمة في الجيش؛ وقد منعته وزارة الدفاع الوطني من العمل في مكان "يدفع استحقاقات الضمان الاجتماعي"، و أشار إلى أنه ما فتئ بلا عمل ويتعرض للضغط بسبب الدعاوى القضائية المرفوعة ضده.

2-8 وأوضح صاحب البلاغ في جميع الالتماسات التي قدمها (زهاء 20 التماساً وقت تقديم بلاغه) أنه يستطيع أداء خدمة مدنية لا تتعارض مع مبادئه الدينية. وأوضح أن الردود التي تلقاها من وزارة الدفاع الوطني تذكر أنه ثمة مواد من الدستور من بينها المادة 10 تمنع الإعفاء من الخدمة الوطنية.

2-9 و يشير كل من صاحبي البلاغين إلى قرارات المحكمة العسكرية العليا بشأن الاستنكاف الضميري ، ويقدمان نسخاً من هذه القرارات التي تذكر "أن دفع المتهم بأنه لا يستطيع الخدمة في الجيش بسبب معتقده الديني، وب أن الخدمة العسكرية الإلزامية المفروضة على المتهم بموجب المادتين 35 و47 من قانون الخدمة العسكرية ، والمادة 45 من القانون الجنائي العسكري تتناقض مع حرية الدين والوجدان المنظمة بموجب المادة 24 من دستور الجمهورية التركية، لا يعتبر دفعاً قانونياً أو ملائماً أو قويماً " ( ) . وبسبب قرارات المحكمة العسكرية العليا هذه، يرى صاحبا البلاغ أن استنفاد سبل الانتصاف المحلية غير فعال.

الشكوى

3-1 يشكو صاحبا البلاغ من أن عدم وجود بديل في الدولة الطرف للخدمة العسكرية الإلزامية التي ي عر ِّ ض عدم أدائها للمقاضاة الجنائية والسجن ، ينتهك حقوقهما بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3-2 ويشير صاحبا البلاغين إلى بلاغي اللجنة رقم 1321/2004 و رقم 1322/2004 يون وشوي ضد جمهورية كوريا ، والآراء المعتمدة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 التي رأت فيها اللجنة وقوع انت هاك من جانب الدولة الطرف للفقرة 1 من المادة 18 من العهد على أساس وقائع مماثلة لما ورد في هذين البلاغين، وأُلزمت الدولة الطرف بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبي البلاغ ين .

ملاحظات الدولة الطرف على المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في رسالة مؤرخة 20 شباط/فبراير 2009، تعترض الدولة الطرف على مقبولية كلا البلاغين على أساس عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وفيما يتعلق برأي صاحبي البلاغ ين أن سبل الانتصاف المحلية غير فعالة، تدفع الدولة بأنه وفقاً للفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فإن الاستثناء الوحيد لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية هو إثبات أن سبل الانتصاف "مطولة على نحو مفرط" ، كما أن إثبات عدم الفعالية غير منصوص عليه كاستثناء لهذه القاعدة. ومع ذلك، فإنها تدفع أيضاً بأن استنفاد سبل الانتصاف يكون في أي حال من الأحوال فعالاً.

4-2 وفيما يتعلق بحجة صاحبي البلاغ ين أنه، في ضوء حكم المحكمة العسكرية العليا بشأن الاستنكاف الضميري المتعلق بأربعة من جماعة شهود يهوه، فإنهما غير مطالبين باستنفاد س بل الانتصاف المحلية في قضيتيهما؛ تدفع الدولة الطرف بأنه في عام 2006 ، عُدِّل القانون رقم 353 بشأن إنشاء المحاكم العسكرية وإجراءات محاكماتها، ووفقاً للتعديل، فإن جريمة التهرب من الخدمة العسكرية ( bakaya ) الواردة في المادة 63 من قانون العقوبات العسكري عندما يرتكبها مدنيون في زمن السلم، يُعاقب عليها أمام محاكم مدنية بدلاً من المحاكم العسكرية ( ) . وتخضع قرارات المحاكم المدنية للاستئناف أمام محكمة النقض.

4-3 ووفقاً للدولة الطرف، فإن محاكمتي صاحبي البلاغين المتعلقتين بالتهرب من الخدمة العسكرية مستمرتان. و قد رفعت على كلا صاحبي البلاغ ين قضية أمام محكمة بِيوغلو الجنائية الأولى (محكمة ابتدائية) ، ورُفعت ضد صاحب البلاغ الثاني أيضاً قضية أمام المحكمة الجنائية الثانية. وأثناء جلسة الاستماع إلى صاحب البلاغ الأول في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، ذ َ كر أنه ، كأحد شهود يهوه ، لا يستطيع أداء الخدمة العسكرية بوازع من ضميره وبسبب معتقداته. ودفع أيضاً بأن تهم التهرب من الخدمة العسكرية تنتهك المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وقدم صاحب البلاغ الثاني حججاً مماثلةً.

4-4 وتذكر الدولة الطرف أن المعاهدات الدولية ذات أثر مباشر في الدولة ، وتصبح جزءاً من التشريع المحلي عند التصديق عليها. وفي حالة التناقض بين معاهدات حقوق الإنسان التي تشكل تركيا طرفاً فيها والقوانين المحلية بشأن المسألة ذاتها، فإن أحكام المعاهدة الدولية هي التي تسري. و بالتالي ستنظر محكمة بِيوغلو الجنائية الأولى في حجج صاحبي ال بلاغين أثناء المحاكمة ، مع إيلاء الاعتبار الواجب للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن الدستور والتشريعات الأخرى ذات الصلة.

4-5 وبالإضافة إلى ذلك، وفي حالة خسارة صاحبي البلاغ ين الدعوى أمام المحكمة الابتدائية، يمكنهما استئناف الحكم أمام محكمة النقض، وهي أعلى محكمة في م ا يتعلق بالنظر في المسائل المدنية والجنائية على ال سواء. والمحكمة الابتدائية ومحكمة النقض غير ملزمتين قانونياً بالسوابق القضائية للمحاكم العسكرية، حتى وإن ك انت القضايا متماثلة. والواقع أن هناك وفقاً للدولة الطرف اختلاف اً في الآراء بين محكمة النقض والمحكمة العسكرية العليا بشأن حالات مماثلة. وبالإضافة إلى ذلك، ليس للمحاكم المدنية سوابق قضائية فيما يتعلق با لاستنكاف الضميري.

تعليقات صاحبي البلاغين على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 26 حزيران/يونيه 2009، فند صاحبا البلاغ ين حجج الدولة الطرف بشأن مقبولية بلاغيهما. وقدم كلاهما معلومات محدَّثة بشأن محاكمتهما. وفي 2 نيسان/أبريل 2009، رأت محكمة بيوغلو الجنائية الأولى أن كليهما مذنبان بانتهاك المادة 63/1- ألف من قانون العقوبات العسكري - وليس بانتهاك قانون مدني ( ) . وحُكم على صاحب البلاغ الأول بالسجن مدة شهر واحد حُوِّل إلى غرامة قدرها 600 ليرة تركية. وصدرت ثلاثة أحكام على صاحب البلاغ الثاني: إذ ص در عليه حكمان بالسجن شهراً واحداً، حُوِّل بواقع 20 ليرة تركية يومياً إلى غرامة قدرها 600 ليرة تركية، و صدر عليه حكم ثالث بالسجن أربعة أشهر، حُوِّل إلى غرامة قدرها 000 2 ليرة تركية، حُسبت بواقع 20 ليرة تركية يومياً لمدة 100 يوم بدلاً من 120 يوماً. ووفقاً ل صاحبي البلاغ ين ، فإن المحكمة المدنية جعلت وضعهما أصعب مما لو كانا حوكما أمام محكمة عسكرية لأن تحويل الأحكام الصادرة ضدهما إلى غرامات (تقل عن عتبة ا ل ‍ 000 2 ليرة تركية) يعني أنهما لا يستطيعان الاستئناف أمام محكمة النقض. وعلى الرغم من أن المحكمة استندت إلى القانون العسكري في محاكمة صاحبي البلاغين، فإن العقوبات استندت إلى قانون العقوبات المدني.

ومع أن المادة 305 من قانون الإجراءات الجنائية القضائية رقم 1412 تذكر في الجزء نافذ المفعول أن "أحكام المحاكم الجنائية يمكن استئنافها. إلا أن، ... الأحكام بالغرامات التي تصل إلى 2 بليون ليرة تركية (أي إلى 000 2 ليرة تركية، بعد إعادة تقييم العملة مؤخراً) ... وال أحكام المشار إليها بكلمة "م ؤكدة " من أحكام لا يمكن استئنافها ( ) .

5-2 وجميع العقوبات المفروضة على صاحبي البلاغ ين، أدنى من العتبة المحددة. والواقع أن صاحب البلاغ الثاني يدعي أن تحويل حكمه بالسجن لمدة أربعة أشهر قد حُسب بصورة متعمدة على نحو يكفل عدم بلوغه العتبة، وبالتالي جرى التحايل على حقه في الاستئناف. وبالإضافة إلى ذلك، يدعي صاحبا البلاغ ين أن جميع الأحكام ت شير بوضوح إلى أنها "مؤكدة"، وهو معيار أيضاً للأحكام التي لا يمكن استئنافها أمام محكمة النقض. والخي اران الوحيدان أمام صاحبي البلاغين حالياً هما دفع الغرامة أو دخول السجن. إلا أنه ليس من المتوقع أن تنته ي المسألة هنا، لأن صاحبي البلاغين سيُدْعَيان على الدوام من جديد إلى أداء الخدمة العسكرية ويواجهان التهم والإدانات والعقوبات ذاتها . ولهذه الأسباب، يدفع صاحبا البلاغ ين بأن سبل الانتصاف المحلية قد استُنفِدت ويجب النظر في بلاغي هما بالاستناد إلى أسسهما الموضوعية.

المسائل والإجراءات المطروحة

النظر في المقبولية

6-1 نظرت اللجنة في مقبولية البلاغين في 5 تموز/يوليه 2010. وتحققت وفقاً للفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-2 وأخذت اللجنة علماً بحجج الدولة الطرف التي مؤداها أن كلا البلاغين غير مقبولين لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن قضيتي صاحبي البلاغ ين كانتا لا تزالان معروضتين على المحاكم المدنية، وقت عرضه ما على اللجنة . وبالإضافة إلى ذلك احتجت الدولة الطرف بأن أية أحكام تصدرها المحاكم ضد صاحبي البلاغ يمكن استئنافها أمام محكمة النقض. وأشارت اللجنة أيضاً إلى أنه منذ تقديم البلاغين قدم صاحبا البلاغين معلومات مؤداها أن المحكمة الابتدائية نظرت عندئذ في قضيتيهما وأصدرت أحكاماً ضدهما في كل قضية. ورأت اللجنة أن صاحبي البلاغين قدما معلومات تفصيلية عن السبب في عدم تمكنه م ا من استئناف أية أحكام أمام محكمة النقض. ولاحظت اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في أي من حجج صاحبي البلاغين. ولهذه الأسباب، ترى اللجنة أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، لا تمنعها من النظر في البلاغين. وترى أن كلا البلاغين مقبولان.

ملاحظات الدولة الطرف على قرار اللجنة بالمقبولية وعلى الأسس الموضوعية

7-1 في مذكرة شفوية مؤرخة 4 شباط/فبراير 2011، علقت الدولة الطرف على قرار اللجنة بالمقبولية. وأوضحت أن السيد أتاسوي لم يستجب لعدد من الإشعارات بالتجنيد في الخدمة العسكرية في عامي 2008 و2010، ولهذا السبب قُدِّم للمحكمة الجنائية حيث لا تزال تُنظر عدة قضايا جنائية مقدمة ضده. وبالإضافة إلى ذلك، قضت محكمتا الصلح الجنائيتان الثانية والثالثة في بِيوغلو بإطلاق سراح صاحب البلاغ في أغلب القضايا، وفقاً للمعلومات التي قدمتها وزارة العدل، غير أن القضايا التي تبين فيها أن صاحب البلاغ مذنب كانت لا تزال تُنظر أمام محكمة النقض.

7-2 وفيما يتعلق بالسيد ساركوت ، أوضحت الدولة الطرف أنه لم ينفذ الإشعار بالتجنيد في الخدمة العسكرية في الفترة من 2007 إلى 2010 ، ولهذه الأسباب ، قُدّ ِ م إلى المحكمة الجنائية؛ ورُفع ضده عدد من القضايا الجنائية. ووفقاً للمعلومات المتاحة آنذاك، أمرت المحكمة الجنائية بإطلاق سراح صاحب البلاغ في قضيتين، بينما كانت محكمة النقض لا تزال تنظر ثلاث قضايا أخرى.

7-3 وتعيد الدولة الطرف تأكيد ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغين ، وتدفع بأنه في الحكمين الصادرين في عامي 2006 و2009، رأت المحكمة الدستورية أن الفقرة 2(1) من المادة 305 من قانون الإجراءات الجنائية تتناقض مع الدستور، وبالتالي أتاحت للأفراد إمكانية الاستئناف بشأن الغرامات التي تقل عن 000 2 ليرة تركية.

7-4 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تعيد الدولة الطرف تأكيد أنه وفقاً للمادة 72 من الدستور، فإن الخدمة العسكرية إلز امية: "الخدمة الوطنية حق وواجب كل تركي. وينظم القانون الطريقة التي يجب أن تُؤَدَّى بها هذه الخدمة أو يرى أنها أُديت النظر في تنفيذها، سواء في القوات المسلحة أو في الخدمة العامة". وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 10 من الدستو ر على أن جميع الأفراد متساوون، دون أي تمييز، أمام القانون، ب صرف النظر عن اللغة، أو العرق، أو اللون، أو الجنس، أو الرأي السياسي، أو الفلسفي، أو الدين، أو المعتقد أو المذهب أو أي اعتبارات من هذا القبيل؛ كما أن للرجال والنساء حقوق اً متساوية. ويقع على عاتق الدولة التزام كفالة تحقيق هذه المساواة في التطبيق. ولا يُمنح أي امتياز لأي فرد أو أسرة أو جماعة أو فئة. وعلى أجهزة الدولة والسلطات ا لإدارية والتصرف وفقاً لمبدأ المساواة أمام القانون في جميع إجراءاتها. وتضمن المادة 24 من الدستور حرية المعتقد والضمير الديني، والمعتقدات الدينية .

7-5 وبموجب النظام الدستوري للدولة الطرف، تتمتع جميع مواد الدستور بقوة متساوية، دون تراتب فيما بينها. و تتطابق المواد بعضها مع بعض ، كما تعزز بعضها بعضاً ؛ وينبغي قراءة أية مادة بالاقتران مع المواد الأخرى. ولذلك إذا قُرِئت المواد 72 و10 و24 من الدستور معاً ، فإنها تعني أن ممارسة حرية الوجدان والمعتقد الديني والإيمان لا يمكن أن تتجاوز في قيمتها واجب أداء الخدمة العسكرية، لأن هذه الأحكام لا يمكن تفسيرها على أنها تناقض أو تنقض بعضها البعض. وعلى التوازي ، تضمن المادة 10 المساواة بين الأفراد بدون أي تمييز، وبالتالي تحول دون إعفاء أفراد أو مجموعات من أداء الخدمة العسكرية على أساس أن ذلك يتناقض مع معتقداته م الدينية.

7-6 وينص التشريع الناظم للخدمة العسكرية على أن يُؤَدي المواطنون الذكور الخدمة العسكرية في سن معينة. وحتى الأفراد الذين يُؤَدون الخدمة العسكرية في إطار نظام مؤقت ، يتعين عليهم أداء التدريب العسكري الأساسي. وبالتالي، فإن الإعفاء من الخدمة العسكرية بحجة الوجدان غير ممكن بموجب القانون، وتندرج هذه المسألة، وفقاً لرأي الدولة الطرف، في نطاق الهامش التقديري للسلطات المحلية.

7-7 ووفقاً للدولة الطرف، فإن المادة 18 من العهد لا تنطبق على هذه القضية لأنها لا تقدم أي ضمان ضمني أو صريح للاستنكاف الضميري. وبالإحالة إلى المادة 31 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، تلاحظ الدولة الطرف أن المعاهدة ينبغي "أن تفسَّر بحسن نية ووفقاً للمعنى الذي يُعطى لألفاظها ضمن السياق الخاص بموضوعها والغرض منها". وتعتقد الدولة الطرف أنه عندما يُعطى معنى لألفاظ المادة 18 من العهد، في ضوء الموضوع والغرض منها، فإنه لا يوجد فيها ما يمكن أن يُؤَوَّل على أنه يشير إلى أن أي "حق في استنكاف ضميري"، واضح في أحكامها أو يمكن أن يستمد منها. وحتى إذا رأى أحد، على سبيل الافتراض، أن المادة بنصها وروحها غامضة أو مبهمة، فإن اللجوء إلى الأعمال التحضيرية ( travaux pr é paratoires ) الخاصة بالعهد ي ؤكد أن نية من أعَدُّوا صيغته لم تكن على الإطلاق إنشاء "حق" منفصل ومطلق "في ال استنكاف ال ضميري" في نطاق الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، في وقت كانت فيه الخدمة العسكرية الإلزامية في الواقع، حقيقة في كثير من الدول التي أعدت صياغة العهد.

7-8 ووفقاً للدولة الطرف، لا تتيح المادة 18، إذا قُرئت بالاقتران مع الفقرة 3(ج)‘2‘ من المادة 8 من العهد، مجالاً لأي لبس ل أن ذلك الحكم يشير صراحة إلى "البلدان التي تعترف بحق الاستنكاف الضميري". وتدفع الدولة الطرف بأنه لو كان من أعدّوا صياغة العهد يُنْوون إنشاء "حق استنكاف ضميري" متميز ومطلق بموجب المادة 18 بحيث تعتبر الخدمة العسكرية الإلزامية، استناداً إلى هذا الفهم، بمثابة "انتهاك لهذا الحق"، فسيكون من غير المتوقع ورود إشارة مناقضة من هذا القبيل في المادة 8 من العهد تسّلم على نحو واضح بوجود هذه الممارسة في بلدان لا تعترف بحق الاستنكاف الضميري. ولا يتسق تفسير نيَّة معدّي الصياغة في مادة على أنها منع الخدمة العسكرية الإلزامية بينما تكون النية في مادة أخرى هي إضفاء شرعية على تلك الممارسة أو على الأقل توفير اعتراف عام بها دون التعبير عن الحاجة إلى التوفيق بين المادتين 18 و8. وإذا افتُرض أن نية معدي الصي ا غة كانت هي إعلان أن الخدمة العسكرية الإلزامية انتهاك ل "الحق في الاستنكاف الضميري"، فإنه يمكن للمرء أن يطعن على نحو مشروع في الأساس المنطقي وراء النص في مادة أخرى على ال اعتراف بهذا "الانتهاك" في بعض الدول ، باعتباره استثناء ً من السخرة أو العمل الإلزامي.

7-9 وتستطرد الدولة الطرف موضحة أن أي أوجه عدم اتساق بين مواد معاهدة يُحَلُّ بتحقيق أوجه الارتباط اللازمة بين أحكامها لإتاحة الإمكانية للدول الأطراف ل اكتساب فهم واضح لالتزاماتها. إلا أنه في هذه القضية ، تشير المادة 8 بوضوح إلى أن بعض الدول لا تعترف بالاستنكاف الضميري ، وأن عدم الاعتراف هذا لا ي عتبر بأي حال من الأحوال بمثابة انتهاك لأي حكم آخر من أحكام العهد. والمادتان 8 و18 متسقتان، لأن المادة الأخيرة لا تتوخى "حق استنكاف ضميري". و من شأن أي تفسير آخر أن يتجاوز، وفقاً لما تراه الدولة الطرف، ما تسمح به القواعد القائمة لقانون المعاهدات.

7-10 وتوضح الدولة الطرف، التماساً للحجج، أنه يمكن اعتبار المادة 8 لا تستبعد الاستنكاف الضميري كممارسة للدولة، إلا أنها بالتأكيد لا تعترف به ك‍ "حق"، وهي بجلاء لا تنزع الصفة الشرعية عن ممارسة الدولة للخدمة العسكرية الإلزامية باعتبارها "انتهاكاً" لهذه "الحقوق". ووفقاً للدولة الطرف، فإنه لو كانت نية مُعِدّي صياغة العهد هي منع الخدمة العسكرية الإلزامية في المادة 18، فإن المرء يتوقع منهم أن يدخِلوا حظراً واضحاً في هذه المادة من مثل "لا يُجبَر أي شخص على أداء الخدمة العسكرية على نحو يتعارض مع فكره أو وجدانه أو دينه".

7-11 ووفقاً للدولة الطرف ، فإن موضوع وغرض المادتين 8 و18 واضحان عند إعطاء ألفاظهما المعنى المعهود. ولا يمكن بأي حال من الأحوال تأويلهما على أنهما يعتبران الخدمة العسكرية الإلزامية "انتهاكاً" ل‍ "حق ضمني في الاستنكاف الضميري" . وفي رأي الدولة الطرف، فإن تقديم حجة معاكسة ، لن يكون متسقاً مع القاعدة العرفية للتفسير الواردة في المادة 31 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات. وترى أن تأكيد انتهاك "حق متضمن" من هذا القبيل بموجب العهد، بسبب الاعتراف بالخدمة العسكرية في حكم آخر له ، ي شكل "إساءة استخدام حق" بموجب القانون الدولي. وبالإضافة إلى ذلك، سيكون من باب التناقض مع ا لمبادئ الأساسية لقانون حقوق الإنسان أن تنشئ معاهدة رئيسية من مثل العهد حقاً "(في المادة 18) من ناحية، وأن يتوقع أن تعترف به بعض الدول بينما، تجعل في الإمكان من ناحية أخرى، ألا تعترف به دول أخرى ( كما هو الحال في المادة 8). ووفقاً للدولة الطرف، فإن هذا النهج غير المتسق ينتهك المبدأ الأسمى المتمثل في عالمية حقوق الإنسان.

7-12 وتضيف الدولة الطرف أن هذا البلاغ ينبغي ألا يقيم فقط في ضوء المادة 18 من العهد، بسبب الإشارة فيه إلى "الاستنكاف الضميري" في المادة 8. فعملاً باتفاقية فيينا ، وعند تفسير أحكام معاهدة، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب أيضاً إلى سياق المعاهدة لغرض التفسير الذي يشتمل على "النص، بما في ذلك الديباجة والملاحق".

7-13 وتقر الدولة الطرف بأنه يمكن تقبل أن "يتطور" فهم أحكام معاهدة بمضي الزمن، لكن هذا "التفسير المتطور" له حدود، ولا يمكن للتفسير المعاصر لحكم ما أن يتجاهل ما كُتب بشأنه فعلياً. ولا يمكن للتفسير أن يتجاوز نص وروح المعاهدة أو ما قصدته منها الدول الأطراف أولاً وبصورة واضحة. وفي هذه الحالة، من الواضح أن معدي صياغة العهد يعترفون في المادة 8 بأن الاستنكاف الضميري يمكن ألا يعترف به في بعض الدول التي تكون الخدمة العسكرية إلزامية فيها. وإذا أرادت الدول الأطراف في العهد أن توفق في المستقبل بين المادتين 8 و18 فيه بسبب الظروف المتغيرة، ينبغي لها تعديل العهد بناء على ذلك؛ وإلى أن يتحقق ذلك، ينبغي أن يكون أي تفسير لنص المادتين متطابقاً مع نص العهد وروحه.

7-14 وعلى ضوء الملاحظات المذكورة أعلاه، ترى الدولة الطرف أن العهد لا يمنح، ولو ضمنياً، "حقاً في استنكاف ضميري" في حد ذاته، وليس هناك التزام على الدول الأطراف بالاعتراف بحق من هذا القبيل. ولذلك، وحسبما يعترف العهد، لا يمكن اعتبار الخدمة العسكرية بمثابة "انتهاك للحق في الاستنكاف الضميري".

7-15 ووفقاً للدولة الطرف، وحتى لو افترض المرء في هذه القضية أن المجاهرة بمعتقدات صاحبي البلاغين قد قيدت، ينبغي ملاحظة أن صاحبي البلاغين لم يحكم عليهما إلا بسبب عصيانهما المستمر لأوامر أداء الخدمة العسكرية، وأن هذا لم يمنعهما من الاعتراض بصفة مستمرة على أداء أي نوع من الواجبات العسكرية. وبالإضافة إلى ذلك، ووفقاً للفقرة 3 من المادة 18 من العهد، يمكن أن يكون فرض بعض القيود ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لحماية السلامة العامة والنظام العام. وبالتالي للدول الأطراف الحق في تقييم حدود الحق في الاستنكاف الضميري والمسؤولية عن هذا التقييم على نحو لا يؤدي فيه الإعفاء من الخدمة العسكرية إلى الإخلال بالسلامة والنظام العامين.

تعليقات صاحبي البلاغين على ملاحظات الدولة الطرف

8-1 قدم صاحبا البلاغين تعليقاتهما على ملاحظات الدولة الطرف في 23 آذار/ مارس 2011. وأبلغا اللجنة بادئ ذي بدء أن وضعهما لم يتغير، وأنهما ما زالا متهمين بسبب رفضهما أداء الخدمة العسكرية. وآنذاك، وجه الاتهام للسيد أتاسوي بسبب رفضه ثلاث مرات الاستجابة لإشعاره بالتجنيد في الخدمة العسكرية، وتعين عليه الدفاع عن نفسه في المحكمة إزاء ستة إشعارات أخرى بمجموع يصل إلى 9 إشعارات. ووجهت لائحة اتهام للسيد ساركوت بسبب ستة إشعارات بالتجنيد في الخدمة العسكرية، وتعين عليه الدفاع عن نفسه في المحكمة لرفضه الالتحاق بالجيش في ستة إشعارات أخرى بما مجموعه 12 إشعاراً بالتجنيد. وبسبب أمر أرسله موظفون عسكريون إلى صاحب عمله في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، فقد السيد ساركوت وظيفته كمدرس؛ وسيظل هذا الأمر سارياً حتى يؤدي الخدمة العسكرية. ووفقاً لصاحبي البلاغين، لا توجد إمكانية واقعية لأن تتخذ السلطات والمحاكم قراراً لصالحهما يؤدي بصورة دائمة إلى تحريرهما من التزام أداء الخدمة العسكرية، حتى لو كانا مستعدين لأداء أي خدمة مدنية أخرى كبديل لها.

8-2 وبشأن مسألة عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، أشار صاحبا البلاغين إلى أنه في 23 تموز/يوليه 2009، قررت المحكمة الدستورية إمكانية الاستئناف بشأن الغرامات التي تقل عن ألفي ليرة تركية. ونشر القرار في الجريدة الرسمية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2009، وبدأ نفاذه في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2010. وبالإضافة إلى ذلك، وبعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2010 كانت هذه الاستئنافات ممكنة فقط بالنسبة للغرامات المحددة بعد ذلك التاريخ. وحتى إذا نظرت محكمة النقض في استئناف يتعلق بالغرامات المفروضة على مستنكفي الضمير، فيمكن ألا تكون هناك إمكانية معقولة لتوقع إعفاء صاحبي البلاغين من الخدمة العسكرية أو تكليفهما بخدمة مدنية بديلة مقبولة. وبناء عليه، وحتى لو قبلت محكمة النقض بعض استئنافات صاحبي البلاغين للغرامات المفروضة عليهما، فإن استنفاد سبل الانتصاف هذه يظل، في النهاية، غير فعال.

8-3 وفيما يتعلق بدفع الدولة الطرف، أن العهد لا ينص على الحق في الاستنكاف الضميري، يذكِّر صاحبا البلاغين بأنه وإن كانت اللجنة قد خلصت أولاً إلى أن المادة 18 من العهد لا تنص على هذا الحق ( ) فإن تفسيرها للعهد تطور منذ ذلك الوقت، وإن موقفها حالياً هو أن القيود غير المبررة لحقوق المستنكفين ضميرياً تشكل انتهاكاً للمادة 18. ويوضح صاحبا البلاغين أن هذا الموقف تأكد في قرارات اللجنة المتعلقة بعدة بلاغات فردية، وكذلك في تعليقها العام رقم 22 على الحق في حرية الفكر والوجدان والدين (المادة 18)، وأنه يعكس موقف هيئات الأمم المتحدة الأخرى ( ) . ويرى صاحبا البلاغين أن المعلومات المذكورة أعلاه تشكل رداً كافياً على دفوع الدولة الطرف في هذا الخصوص.

8-4 وفيما يتعلق برأي الدولة الطرف أن الإعفاء من الخدمة العسكرية يشكل تهديداً للسلامة العامة والنظام العام، يذكر صاحبا البلاغين أنهما لا يمكنهما تخيل كيف يمكن لهما أن يشكلا تهديداً من هذا القبيل. ويضيفان أن دولاً من مثل الدانمرك أو إسرائيل أو هولندا أو النرويج أو الاتحاد الروسي أو المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية لديها قوانين تعترف بالاستنكاف الضميري حتى خلال زمن الحرب. وبالتالي، فإن حجة الدولة الطرف في رأيهما لا تستند إلى أساس، نظراً لأن أقل من 1 في المائة من المجندين حالياً في الخدمة العسكرية هم من المستنكفين ضميرياً في الدولة الطرف، ومن الصعب تصور إمكانية أن تشكل نسبة مئوية صغيرة من هذا القبيل تهديداً.

النظر في إعادة فتح باب المناقشة في مسألة المقبولية

9-1 تلاحظ اللجنة إفادة الدولة الطرف بأن قضيتي صاحبي البلاغين ما زالتا تنظران أمام محكمة النقض، وبأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد. ويقتضي هذا ضمناً إعادة النظر في مسألة المقبولية.

9-2 وترى اللجنة في ظروف هذه القضية أنها لا تحتاج إلى إعادة النظر في قرارها بالمقبولية الذي اتخذ في 5 تموز/يوليه 2010، وتقرر الشروع في النظر في البلاغ من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبي البلاغين أن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 1 من المادة 18 من العهد بسبب عدم وجود بديل للخدمة العسكرية الإلزامية فيها، ونتيجة لذلك جرت محاكمتهما جنائياً بسبب عدم أدائهما واجب الخدمة العسكرية. وفقد السيد ساركوت وظيفته. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تتناول هذه المسألة مباشرة لكنها أوضحت بالأحرى أن المادة 18 في حد ذاتها لا تُنشئ "حقاً في الاستنكاف الضميري". كما تتذرع الدولة الطرف بالفقرة 3 من المادة 18 التي تنص على بعض القيود التي تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية السلام العام والنظام العام.

10-3 وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة الدولة الطرف المتعلقة بالمادة 8 من العهد التي تنص على أنه "في البلدان التي تعترف بحق الاستنكاف الضميري" لا تشكل الخدمة الوطنية للمستنكفين ضميرياً سخرة أو عملاً إلزامياً. وتذكِّر اللجنة بأنه في قرارها بعدم المقبولية المتعلق بالبلاغ رقم 185/1984، ل. ت. ك. ضد فنلندا ، احتفظت في الواقع بهذه الجملة لتعزيز استنتاج مؤداه أن المادة 18 لا تمنح على وجه التحديد حقاً في الاستنكاف الضميري. ومع ذلك أكدت اللجنة منذ ذلك الوقت أن الاستخدام غير المباشر لهذه الجملة في سياق مختلف "لا يعترف بالحق في الاستنكاف الضميري ولا يستثنيه أيضاً" ( ) وبالتالي لا يناقض النتائج المنطقية الضرورية للضمانة التي يكفلها العهد للحق في حرية الفكر والوجدان والدين.

10-4 وبالتالي تذكر اللجنة بتعليقها العام رقم 22(1993) الذي اعتبرت فيه أن الطابع الأساسي للحريات المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 18 من العهد ينعكس في حقيقة أن هذا الحكم لا يمكن تقييده حتى في أوقات الطوارئ الاستثنائية، على نحو ما ورد في الفقرة 2 من المادة 4 من العهد. وبالرغم من أن العهد لا يشير صراحة إلى الحق في الاستنكاف الضميري، فإن اللجنة تعيد تأكيد رأيها وهو أن هذا الحق مستمد من المادة 18، طالما أن الالتزام بالمشاركة في استخدام القوة القاتلة قد يتعارض تعارضاً حقيقياً مع حرية الوجدان ( ) . وتعيد اللجنة تأكيد أن الحق في الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية يحمل في صلبه الحق في حرية الفكر والوجدان والدين. وهو يخول أي فرد الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية إذا لم يكن بالإمكان التوفيق بينه وبين دين الفرد ومعتقداته. ويجب ألا يعرض أحد لإكراه يخل بهذا الحق. ويجوز للدولة الطرف، إن شاءت، أن تلزم المستنكف بأداء خدمة مدنية بديلة عن الخدمة العسكرية، خارج المجال العسكري وتحت قيادة غير عسكرية. ولا يجب أن تكون الخدمة البديلة ذات طبيعة عقابية، إذ يجب أن تكون خدمة حقيقية للمجتمع وتتماشى واحترام حقوق الإنسان ( ) .

10-5 وترى اللجنة في القضيتين المعروضتين عليها، أن رفض صاحبي البلاغين أداء الخدمة العسكرية الإلزامية نابع من معتقداتهم ا الدينية التي يتقيدان بها بصدق، وهو أمر ليس موضوع شك ، وأن ما تلا ذلك من إدانتهما والحكم عليهما يشكل انتهاكاً لحرية الوجدان المكفولة لهما، و انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 18 من العهد. وتذكر اللجنة بأن قمع من يرفضون أداء الخدمة العسكرية الإلزامية لأن ضميرهم أو دينهم يمنعهم من استخدام الأسلحة أمر لا يتماشى والفقرة 1 من المادة 18 من العهد ( ) .

11- وإذ تتصرف اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك جمهورية تركيا للفقرة 1 من المادة 18 من العهد فيما يتصل بكل واحد من صاحبي البلاغين.

12- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزاماً بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبي البلاغين، بما في ذلك شطب سوابقهما الجنائية وتعويضهما تعويضاً مناسباً. ويقع على الدولة الطرف التزام بتجنب حدوث انتهاكات مماثلة للعهد في المستقبل.

13- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها قد تعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفير سبل انتصاف فعالة وقابلة للتنفيذ في حالة التثبت من وقوع انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ومطلوب من الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وترجمتها إلى اللغة الرسمية للدولة الطرف وتوزيعها على نطاق واسع.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]

تذييل

أولاً- رأي فردي لعضو اللجنة السيد جيرا لد ل. نومان . بالاشتراك مع الأعضاء السيد يوجي إواساوا ، والسيد مايكل أوفلاهرتي والسيد فالتر كالين (رأي مؤيد)

أتفق مع استنتاج اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت المادة 18 من العهد، لكني أود الوصول إلى ذلك الاستنتاج بطريق مختلف إلى حد ما. ففي قضية يون وشوي ضد جمهورية كوريا ( ) أوضحت اللجنة أن معاقبة المستنكفين ضميرياً على رفضهم أداء الخدمة العسكرية يعتبر تقييداً لقدرتهم على المجاهرة بدينهم وعقيدتهم، كما أن التقييد لا يكون متفقاً مع أحكام المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إلا إذا ثبت أنه ضروري لغرض وجيه ضمن المقصود من الفقرة 3 من المادة 18. وأطبق التحليل ذاته في هذه القضية، واضعاً في الاعتبار الظروف الواقعية الخاصة بتركيا - فلم تحدد الدولة الطرف أية أسباب من واقع التجربة تفسر لماذا يعد رفضها تقبل الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية ضرورياً لأحد الأغراض المشروعة الواردة في العهد.

وتستخدم الأغلبية نهجاً مختلفاً، اعتمدته اللجنة أولاً في قضية جيونغ وآخرون ضد جمهورية كوريا ( ) في آذار/مارس 2011. وهي تعزو حق المستنكفين ضميرياً في رفض أداء الخدمة العسكرية مباشرة إلى الحق في حرية الوجدان، ولم تنظر على الإطلاق في مدى ضرورة الخدمة العسكرية. والواقع، أن التعليق العام للجنة رقم 22(1993) على المادة 18 يلاحظ أن حرية الوجدان، تتميز عن حرية المجاهرة بالدين أو العقيدة وتتمتع بحماية العهد دون قيد أو شرط، ولا يمكن أن تخضع لأي قيد من القيود ( ) . ولا أزال أعتقد أن النهج الجديد للأغلبية إزاء الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية نهج خاطئ.

إن رفض أداء الخدمة العسكرية لأسباب وجدانية هو من بين "مجموعة واسعة من الأفعال" ( ) التي تشملها حرية المجاهرة بدين أو عقيدة في العبادة وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم. ولا ينطوي هذا الفرض على مجرد الحق في الإيمان بعقيدة، وإنما على الحق بالمجاهرة بالعقيدة بإتيان أفعال بدافع منها. وتسمح المادة 18 من العهد بقيود على هذه الحرية إذا لم يتسن الوفاء بالمعيار الرئيسي للتبرير الوارد في الفقرة 3. ولا تقدم آراء الأغلبية في هذه القضية أي سبب وجيه لمعاملة حالة الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية باعتبارها حالة الحق في الإيمان بعقيدة، المحمي حماية مطلقة. ولا توضح الأغلبية كيف يمكن في هذا الخصوص تمييز الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية عن المطالبات الأخرى بالإعفاء من التزامات قانونية لأسباب دينية.

أدرك أن الأغلبية تحصر فكرها في نطاق ضيق بطريقة لا تدعو إلى التوسع بقدر كبير في الحجج الرامية إلى الحماية المطلقة للأفعال أو الامتناع عن الأفعال بوازع ديني. وأدرك أيضاً أن نهج الأغلبية لم يوصلها إلى نتيجة غير ملائمة في هذه القضية. وبالرغم من ذلك، أعتقد أن الخطأ في التحليل كبير، وأن اللجنة لم تقدم حتى الآن مبرراً كافياً لنهجها الجديد إزاء هذه المسألة. وسأعود إلى النهج الأول للجنة القائم على حرية المجاهرة بدين أو عقيدة في الممارسة.

[حرر بالإنكليزية (النص الإنكليزي هو النص الأصلي). وسيصدر لاحقاً أيضاً بالإسبانية والروسية والصينية والعربية والفرنسية كجزء من تقرير اللجنة السنوي للجمعية العامة.]

ثانياً- رأي فردي لعضو اللجنة السير نايجل رودلي ، بالاشتراك مع الأعضاء السيد كريستر تيلين والسيد كورنيليس فلينترمان (رأي مؤيد)

توضيحاً لقرارها الذي يتناول قضية الاستنكاف الضميري هذه، وقضايا استنكاف ضميري سابقة، باعتبارها انتهاكاً للمادة 18 من العهد، بدون الإشارة - كما كانت ممارستها من قبل في قضية جيونغ وآخرون ضد جمهورية كوريا ( ) - إلى القيود التي يمكن تطبيقها على المجاهرة بدين أو عقيدة في الفقرة 3 من المادة 18، تذكر اللجنة في الفقرة 10-4 من الآراء أعلاه "أن الحق في الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية يحمل في صلبه الحق في حرية الفكر والوجدان والدين. وهو يخول أي فرد الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية إذا لم يكن بالإمكان التوفيق بينها وبين دين الفرد ومعتقداته. ويجب ألا يعرض أحد لإكراه يخل بهذا الحق".

وفهمي للتفكير الذي يستند إليه هذا التطور هو أن حرية الفكر والوجدان والدين تتضمن الحق في عدم المجاهرة بمعتقدات المرء التي يمليها الضمير، فضلاً عن الحق في المجاهرة بهذه المعتقدات. والخدمة العسكرية الإلزامية بدون توفير إمكانية أداء خدمة مدنية بديلة، تنطوي ضمناً على أن الشخص يمكن أن يوضع في وضع يحرم فيه من الحق في اختيار ما إذا كان يجاهر أو لا يجاهر بمعتقداته التي يمليها عليه ضميره نتيجة لالتزام قانوني، إما يخرق القانون وإما بإتيان فعل يتعارض مع تلك المعتقدات في سياق قد يكون من الضروري فيه حرمان شخص آخر من حياته.

وتوجد بالطبع حالات أخرى يمكن أن يجبر فيها المرء على المجاهرة بالمعتقدات التي يمليها عليه ضميره. فمثلاً نظام الخدمة العسكرية الإلزامية الذي ينص على الاستنكاف الضميري يمكن أن يطلب من شخص ما يرغب في الاستفادة من تلك الخدمة البديلة، إعلان المعتقد الذي يخول الشخص اختيار تلك الخدمة. والاختلاف هنا هو في أن الشخص يتعين عليه أن يفعل ذلك لغرض البقاء في نطاق القانون، ويتفادى تلقائياً أن يوضع في وضع يعرضه لمخاطر اضطراره لحرمان شخص آخر من الحياة.

ويمكن أن تنشأ أيضاً، مطالبات بالإعفاء من التزامات قانونية أخرى لأسباب دينية أو عقيدية أخرى يمليها الضمير. وكما لوحظ في الرأي الفردي للسيد نومان والزملاء الذين انضموا إليه، يتعين تمييز الاستنكاف الضميري عن المطالب الأخرى من هذا القبيل. ولأغراض هذه القضية، يكون المثل النموذجي هو الاستنكاف الضميري عن دفع ذلك الجزء من فاتورة الضرائب المخصص لتمويل القدرة العسكرية للدولة الطرف. وفي قضية من هذا القبيل، يمكن للجنة أن ترد بأن الاختلاف يكمن في أن مستوى الخشية من المشاركة في جريمة حرمان شخص آخر من الحياة غير واضح بذاته على الأقل. وأود أيضاً أن أشير إلى أن نهج اللجنة السابق في قضية يون وشوي ضد جمهورية كوريا ( ) ، لا يقدم توجيهاً أفضل مما في هذه القضية بشأن كيفية تمييز الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية، عن الاعتراض المماثل على دفع الضرائب أو، بالنسبة لتلك المسألة، عن الامتثال لالتزامات قانونية أخرى لأسباب وجدانية.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك افتقار ما للواقعية في تأسيس الانتهاك على تحليل الفقرة 3 من المادة 18. فمقتضى الاعتماد على ذلك الحكم هو أنه يمكن مواجهة ظروف يمكن فيها لمصالح المجتمع التي ينص عليها الحكم تجاهل استنكاف الفرد الضميري عن أداء الخدمة العسكرية. ويناقض بهذا جميع خبراتنا عن ظاهرة الاستنكاف الضميري. ويكون الحق في الاستنكاف الضميري في أمس الحاجة إلى الحماية في أوقات النزاع المسلح عندما يكون من الأرجح أن تتعرض مصالح معينة للمجتمع لأكبر تهديد. وغالباً ما يتذرع بهذا الحق، وألا يحترم في الممارسة. ولا أعتقد للحظة أن اللجنة سوف تستخدم على الإطلاق تحليل الفقرة 3 من المادة 18 لمنع شخص من التذرع بصورة ناجحة بالاستنكاف الضميري كدفاع فيما يتعلق بمسؤولية قانونية.

وفي رأيي، إن المسألة الأساسية لا تتعلق بالمادة 18 فقط وإنما بالمادة 18 مقترنة بالمادة 6، الحق في الحياة، الحق الذي وصفته اللجنة منذ أيامها الأولى على أنه "الحق الأسمى" ( ) . وبالطبع، ليس كل حرمان من الحياة البشرية في ظروف النزاع المسلح (أو غيره) يُعتبر انتهاكاً للمادة 6، كما أن الحرمان من الحياة (القتل) ليس مماثلاً للحرمان من الحق في الحياة. لكن القيمة التي يستند إليها ذلك الحق - قدسية الحياة البشرية - تضعه في مستوى آخر غير مستوى المصالح البشرية العميقة الأخرى التي يحميها العهد. والفقرتان 1 و2 من المادة 18 تعترفان بذلك اعترافاً كاملاً؛ ولا يسع الفقرة 3 إلا الاعتراف به اعترافاً غير كامل. وينبغي قبول الحق في رفض القتل قبولاً كاملاً وذلك هو السبب في أن الفقرة 3 من المادة 18 هي الأساس الأقل ملاءمة الذي يستند إليه قرار اللجنة.

[حرر بالإنكليزية (النص الإنكليزي هو النص الأصلي). وسيصدر لاحقاً أيضاً باللغات الإسبانية والروسية والصينية والعربية والفرنسية كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]

ثالثاً- رأي فردي قدمه عضو اللجنة السيد فابيان عمر سالفيولي (رأي مؤيد)

1- أتفق مع قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن البلاغين رقم 1853/2008 و1854/2008 ( أتاسوي وس ا ركوت ضد تركيا ) ومع جميع الحجج التي قُدِّمت في آراء اللجنة التي تؤكد اجتهادها القانوني البالغ الأهمية بشأن الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية الإلزامية، حسبما ورد في قرارها بشأن البلاغات أرقام 1642 إلى 1741/2007 ( جيونغ وآخرون ضد جمهورية كوريا )، الذي اتُّخذ في يوم 24 آذار/مارس 2011 التاريخي. وقد استمر النقاش داخل اللجنة في الفترة التي سبقت اتخاذ القرار في قضية أتاسوي وساركوت وهو موضوع هذا التحليل، ودفعني هذا إلى عرض موقفي على نحو أكثر تفصيلاً.

2- فمن المهم توضيح أن القرار المتخذ في القضيتين المذكورتين آنفاً يقتصر على الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية الإلزامية في ضوء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا تتناول آراء اللجنة سيناريوهات أخرى للاستنكاف الضميري ومدى توافقها أو عدم توافقها مع العهد لأنه لم تُتح للجنة فرصة لعرض موقفها بشأن هذه القضايا في اجتهادها القانوني ( ) ، ومن غير الملائم التخمين بشأنه في سياق فرادى البلاغات الخاصة بمواضيع مختلفة.

3- والواضح هو - بغض النظر عن السيناريوهات المحتملة الأخرى - أن طبيعة الخدمة العسكرية الإلزامية وعلاقتها باستخدام القوة المسلحة تبرر اهتمام اللجنة بالموضوع حسبما أوضح ذلك بطريقة مقتدرة، حسبما يبدو لي، السير نايجل رودلي في الفقرتين الأخيرتين من رأيه الفردي بشأن البلاغين المتعلقين بأتاسوي وسا ركوت ضد تركيا .

4- وقد تطور مفهوم الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية الإلزامية بمضي الزمن في إطار الحماية الدولية لحقوق الإنسان؛ وينعكس هذا التطور في الاجتهادات القانونية للجنة وآرائها التي ينبغي أن تطبق وتفسر العهد باعتباره صكاً حياً. ويقر أشد المنظرين تبصراً في ميدان القانون الدولي لحقوق الإنسان بأن الصكوك القانونية دينامية وتتطور من خلال تفسير الهيئات المنفذة لها التي تعكس هي ذاتها التقدم في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان كما تقدم تفسيرات تستخدمها هيئات ومؤسسات أخرى. وتطور الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية الإلزامية كحق إنساني، مثل واضح على التفاعل المثمر بين اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والأجهزة والهيئات الأخرى التابعة للأمم المتحدة.

5- وقد اعترفت لجنة حقوق الإنسان السابقة في قرارها 1989/59 بحق الجميع في إبداء استنكاف ضميري عن الخدمة العسكرية كممارسة مشروعة للحق في حرية الفكر والوجدان والدين كما هو منصوص عليه في المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك في المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) . وبقيت اللجنة لاحقاً على هذا الموقف في قرارات شتى معبرة عن إقرارها بأن الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية ينبع من مبادئ وأسباب ضميرية، بما فيها معتقدات عميقة متولدة من دوافع دينية أو أخلاقية أو إنسانية أو دوافع مماثلة ( ) . وفي عام 1998، طلبت لجنة حقوق الإنسان إلى الأمين العام للأمم المتحدة جمع معلومات من الحكومات والوكالات المتخصصة والمنظمات الحكومية الدولية، والمنظمات غير الحكومية عن آخر التطورات في هذا الميدان وتقديم تقرير عن ذلك ( ) . وهو ما فعله في عام 1999 ( ) .

6- وتناول المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان المعني بالقضاء على جميع أشكال التعصب القائم على أساس الدين هذه المسألة في عدة مناسبات؛ ووضع أنجيلو فيدال دالميدا ريبيرو ، أول من تولى هذه الولاية، مجموعة من المعايير تتعلق بحالات الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية الإلزامية ( ) . وأكد عبد الفتاح عمر، الذي تولى الولاية بعده، في تقريره على أن الحق في الاستنكاف الضميري يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحرية الدينية، وأعرب عن تأييده لآراء لجنة حقوق الإنسان ( ) .

7- وواصل مجلس حقوق الإنسان تجديد ولاية المقرر الخاص المعني بهذا الموضوع. وقد أشارت أسماء جاهانغير ، المقررة الخاصة السابقة، في تقريرها عام 2007 إلى أن الكثير من الأفراد طالبوا بالحق في رفض أداء الخدمة العسكرية (الاستنكاف الضميري) على أساس أن هذا الحق ناشئ عن حريتهم في التفكير والوجدان والدين ( ) . وقد استُرعي انتباه الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى جميع هذه التقارير بالطبع. كما عرض هاينر بيلافلدت الذي يضطلع بهذه الولاية حالياً في تقريره، موقفه من الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية الإلزامية، بما في ذلك في تقريره عن مهامه القطرية، بما في ذلك تقريره عن زيارته إلى باراغواي في ع ام 2012 ( ) .

8- وجميع الصكوك المشار إليها تذكر بوضوح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وأعمال اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. كما أن الارتباط بين الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية الإلزامية وحقوق الإنسان لا يمكن إنكاره، ولذلك ينبغي ألا يكون هناك ما يثير الدهشة من أن مجلس حقوق الإنسان اتبع طريق "التطوير التدريجي" في هذا المجال، حيث إن هذا المبدأ يتخلل كامل مجال الحماية الدولية.

9- ومع أنه في قضية موهونين ضد فنلندا ادعى صاحب البلاغ أن الفقرة 1 من المادة 18 من العهد قد انتهكت بسبب استنكافه الضميري عن أداء الخدمة العسكرية - الذي يستند إلى أسباب أخلاقية - فإن اللجنة لم تبد رأياً في ذلك لأنها رأت أن ذلك الجزء من البلاغ غير مقبول لأن صاحب البلاغ حصل على سبيل انتصاف في الدولة الطرف يسلم بالحق الذي يطالب به ( ) . وبعد فترة قصيرة من ذلك، في عام 1985، اعتمدت اللجنة قرارها في قضية ل. ت. ك. ضد فنلندا الذي رأت فيه: "أن العهد لا ينص على الحق في الاستنكاف الضميري؛ كما لا يوجد في المادة 18 ولا في المادة 19 من العهد، لا سيما إذا أخذت في الاعتبار الفقرة 2(ج)‘2‘ من المادة 8، ما يمكن تأويله بأنه يعني ذلك الحق" ( ) . ومع ذلك، تبحث اللجنة التطورات في هذا المجال، وتؤكد على أن "العهد لا يشير صراحة إلى الحق في الاستنكاف الضميري، بيد أن اللجنة تعتقد أن هذا الحق يمكن أن يُستمد من المادة 18، حيث إن الإلزام باستخدام القوة بهدف القتل يمكن أن يتعارض بشكل خطير مع حرية الوجدان والحق في المجاهرة بالدين أو العقيدة" ( ) .

10- وفي عام 2006، نظرت اللجنة في قضيتي يوو - بوم يون وميونغ - جين شوي معاً وهما من المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وذكرت اللجنة بوضوح "أنه يجب تقييم البلاغ الحالي فقط في ضوء المادة 18 من العهد، التي يتبلور فهمها على غرار أي ضمانة أخرى من الضمانات التي يكفلها العهد على مر الزمن استناداً إلى نصه ومقصده " (التوكيد مضاف) ( ) . ولذلك رأت اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت في القضية المعنية أن القيد المعني "ضروري" في إطار المعنى الذي تقصده الفقرة 3 من المادة 18 من العهد. ووفقاً لهذا التسلسل المنطقي، لا تزال اللجنة تقر أنه يمكن للدولة تبرير تطبيق قانون بشأن الخدمة العسكرية الإلزامية يشكل قيداً على الحق في المجاهرة بدين المرء أو معتقده، عندما يكون التطبيق ضرورياً لحماية السلامة العامة، أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية ( ) .

11- وأخيراً، فإن الاجتهاد القانوني للجنة في قضية جيونغ وآخرون ضد جمهورية كوريا ( ) ، وفي هذه القضية الخاصة ب أتاسوي وس ا ركوت ضد تركيا يشكلان أكبر تطور حتى تاريخه بشأن مسألة الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية في علاقتها بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

12- والواقع أنه ليس هناك شك في أن اللجنة ترى الآن أن حرية الوجدان والدين (المادة 18 من العهد) تشمل الحق في الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية؛ وهذا تحول كبير عن الممارسة الماضية. ولا يمكن استخلاص استنتاج آخر من تحليل القرارات الصادرة في قضيتي جيونغ وآخرون ضد جمهورية كوريا ، و أتاسوي وس ا ركوت ضد تركيا : "فالحق في الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية يحمل في صلبه الحق في حرية الفكر والوجدان والدين. وهو يخول أي فرد الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية إذا لم يكن بالإمكان التوفيق بينها وبين دين الفرد ومعتقداته. ويجب ألا يُعرَّض أحد لإكراه يخل بهذا الحق" ( ) .

13- وبالنظر إلى أن حرية الفكر والوجدان والدين متضمنة في صلب الحق في الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية الإلزامية، حسبما اعترفت بذلك اللجنة، لا يمكن تناول المسألة في إطار الفقرة 3 من المادة 18. ولا يمكن أن يكون هناك حالياً قيد أو تبرير ممكن بموجب العهد، لإجبار شخص على أداء الخدمة العسكرية.

14- كما عرضت اللجنة بوضوح الشروط التي يتعين أن تفي بها دولة طرف بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فيما يتعلق بالبدائل المدنية للخدمة العسكرية: "يجوز للدولة، إن شاءت أن تلزم المستنكف بأداء خدمة مدنية بديلة عن الخدمة العسكرية، خارج المجال العسكري وتحت قيادة غير عسكرية. ولا يجب أن تكون الخدمة البديلة ذات طبيعة عقابية. إذ يجب أن تكون خدمة حقيقية للمجتمع وتتماشى واحترام حقوق الإنسان" ( ) . ومن ثم، يجوز لأي شخص اختيار أداء خدمة مدنية بديلة تفي بهذه الشروط.

15- وتنص الفقرة 1 من المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين لكل إنسان يشمل حريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره ، وحريته في إظهار دينه أو معتقده. ومطالبة أي شخص بأداء خدمة عسكرية ضد إرادته ينتهك بعدي الحق في حرية الوجدان والدين؛ وأدى هذا المنطق باللجنة إلى تصنيف الاستنكاف الضميري على أنه متضمن في صلب حرية الوجدان والدين (وإني أشير هنا إلى الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية وليس إلى أي أشكال محتملة أخرى للاستنكاف الضميري التي لا تحدد اللجنة موقفاً بشأنها في هذه القضية).

16- ولا تتعلق المناقشة بما إذا كانت الفقرة 1 من المادة 18 من العهد قد انتهكت في هذه القضية: إذ إن هناك توافقاً في الآراء بهذا الصدد. وإنما هي بالأحرى حول ما إذا كان توضيح الدولة الطرف ينبغي أن يخضع للشروط الواردة في الفقرة 3 من المادة 18. وهذا غير ممكن، لأن الخدمة العسكرية الإلزامية تعوق تمتع مستنكف الضمير بالحق في اعتناق دين أو معتقد يختاره ، وهو أمر محظور بموجب الفقرة 2 من المادة 4 التي لا تجيز أي مخالفة تحت أية ظروف لأحكام الحق في حرية الفكر والوجدان والدين.

17- واتخذ بعض الأعضاء موقفاً مؤداه أن آراء اللجنة في قضيتي أتاسوي وساركوت ضد تركيا ، و جيونغ وآخرون ضد جمهورية كوريا لم توضح نهجها الجديد توضيحاً كافياً ( ) . ومع إيلاء كل الاحترام الواجب، يتعين علي الاختلاف بشدة مع هذا الموقف، للأسباب المبينة أعلاه في هذا الرأي الفردي المسبب. فما يحتاج إلى توضيح في الواقع هو كيف يمكن أن يكون الإبقاء على النهج السابق في هذه القضية معقولاً في هذا العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. في ظل نهج القديم، يمكن للدولة الطرف إيجاد أسباب لإجبار الشخص على استخدام الأسلحة، وعلى الانخراط في نزاع مسلح والتعرض لمخاطر أن يُقتل، والأسوأ أن يقتُل بدون أن يكون ذلك انتهاكاً للعهد. فكيف يمكن أن يكون هذا متمشياً مع حرية الوجدان والدين لشخص تدفعه معتقداته الفلسفية أو الدينية لكي يكون مستنكفاً ضميرياً (بغض النظر عن حريته في المجاهرة بمعتقداته أو عدم المجاهرة بها)؟

18- ذكرت اللجنة في قضية يون وشوي ضد جمهورية كوريا - فيما يخص الفقرة 3 من المادة 18 من العهد أن "أية قيود يجب ألا تنتقص من جوهر الحق المعني ذاته" ( ) . وأن الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية ينطوي أيضاً على مجاهرة بالمعتقدات الفلسفية أو الدينية للشخص. وثمة حجة أخرى أود أن أقدمها - ولا تناقض بأي حال ما قيل في الفقرتين السابقتين - هي أن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية لا يمكن أن يعتبر على الإطلاق قيداً جائزاً في إطار الفقرة 3 من المادة 18 من العهد، لأن ذلك المسمى "قيداً" ليس هو كذلك: والقصد منه هو إلغاء الحق كلية. و سيطبق تقييم اللجنة للقيود الممكنة على حرية المجاهرة بمعتقدات المرء أو دينه على الحالات المحتملة الأخرى للاستنكاف الضميري، لك ن لن يطبق على الإطلاق على حالات الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية.

19- ومن المستحيل تقديم أرقام عن عدد الأشخاص الذين ضرب بمعتقداتهم عرض الحائط على مدار التاريخ بإجبارهم على أداء الخدمة العسكرية ضد إرادتهم أو باضطهادهم أو سجنهم لرفضهم حمل السلاح؛ وكثيرون آخرون قد أجبروا على القتل أو الموت في نزاعات مسلحة لم يختاروا المشاركة فيها. والاجتهاد القانوني الأخير للجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن موضوع الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية لا يعتمد فقط على أسس قانونية قوية وإنما يشيد أيضاً إشادة متأخرة عن موعدها ولكن واجبة تماماً لأولئك الضحايا.

[حرر بالإسبانية، وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية والإنكليزية والفرنسية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة].