الأمم المتحدة

CAT/C/58/D/682/2015

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

13 September 2016

Arabic

Original: French

‎ لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 682/2015 * **

المقدم من: رُبى الحاج علي (يمثلها رشيد مصلي من مؤسسة الكرامة)

‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ الشخ ص المدعى أنه ضحية : عبد الرحمن الحاج علي، زوج صاحبة الشكوى

الدولة الطرف: المغرب

تاريخ تقديم البلاغ: ٢٢ أيار/مايو ٢٠١٥ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ هذا القرار : ٣ آب/أغسطس ٢٠١٦

الموضوع : تسليم زوج صاحبة البلاغ إلى المملكة العربية السعودية

المسائل الإجرائية: لا شيء

المسائل الموضوعية : طرد شخص إلى دولة توجد فيها أسباب حقيقية تحمل على الاعتقاد بأنه قد يتعرض للتعذيب

مواد العهد: ٣

١-١ صاحبة الشكوى هي رُبى الحاج علي، وهي مواطنة سورية من مواليد 25 أيلول/ سبتمبر 1990، تعيش في المغرب. وتقدم البلاغ نيابة عن زوجها، عبد الرحمن الحاج علي، وهو مواطن سوري وُلد في 15 آذار/مارس 1977، محتجز حالياً في سجن سلا المدني في مدينة الرباط، ريثما يُسلّم إلى المملكة العربية السعودية. وتدعي صاحبة الشكوى أن من شأن ترحيل المغرب زوجها إلى السعودية أن ينتهك التزامات الدولة الطرف بمقتضى المادة 3 من الاتفاقية. ويمثلها رشيد مصلي من مؤسسة الكرامة.

١-٢ وعمل اً بالفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، أحالت اللجنة البلاغ إلى الدولة الطرف في 28 أيار/مايو 2015. وبموازاة ذلك، طلبت إليها، عملاً بالفقرة 1 من المادة 114 من نظامها الداخلي، عدم طرد السيد الحاج علي إلى السعودية ما دامت تنظر في طلبه.

١-٣ وفي 6 تموز/يوليه 2015، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها "اتخذت التدابير اللازمة لوقف تنفيذ أمر تسليم عبد الرحمن الحاج علي".

١-٤ وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 2015، كررت الدولة الطرف قولها إن السلطات المختصة قررت وقف تنفيذ أمر تسليم الشخص المعني إلى المملكة العربية السعودية ريثما تصدر اللجنة قرارها بشأن الأسس الموضوعية للقضية. وإذ تلاحظ الدولة الطرف، من جهة، أن السيد الحاج علي كان محتجزاً دون محاكمة، الأمر الذي "يمس بحقوقه"، منذ أكثر من عام ( ) ، وبالنظر إلى الافتقار إلى أحكام قانونية ترفع عنه الاحتجاز دون محاكمة، من جهة أخرى، طلبت إلى اللجنة أن تعجّل باتخاذ قرار في هذه القضية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة الشكوى

٢-١ في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2014، على الساعة الثامنة والنصف مساء، استجوب عناصر من الشرطة المغربية يرتدون زياً مدنياً السيد الحاج علي بينما كان في مقهى قرب منزله بمدينة القنيطرة. واقتيد إلى المديرية العامة للأمن الوطني بالقنيطرة؛ وقال إن عناصر الشرطة فيها أساؤوا معاملته وأهانوه. وبينما كانوا يسحبونه من عنقه في الأروقة، فوجئ برؤية كفيله السعودي السابق، الذي كان لديه تضارب في المصالح معه عندما كان يقيم في المملكة العربية السعودية، عند وصوله إلى ذلك المكان. وسبّه الكفيل وهدده بالقتل وبتعريضه لأسوء ألوان العذاب فور عودته إلى السعودية، وذلك بحضور عناصر الشرطة.

٢-٢ وعندما أُبلغت زوجته صاحبة الشكوى بتوقيفه، قصدت مركز الشرطة فطلبت رؤية زوجها، لكن طلبها رُفض.

٢-٣ وعندما كان محتجزاً لدى الشرطة في مقرها بالقنيطرة، قُدم إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة الذي أخبره بأن مذكرة توقيف دولية صدرت في حقه وأن المملكة العربية السعودية تطلبه بتهمة اختلاس مبلغ 192 544 ريالاً سعودياً. وأوضح السيد الحاج علي أنه لم يقترف ما اتُّهم به وأنه كان مجرد مالك شركةٍ في السعودية منذ عام 2007، لكن التشريعات السعودية بشأن المهاجرين فرضت عليه تسجيل الشركة وكل أصولها باسم كفيله السعودي. وأشار إلى أن كفيله وقّع شهادة عند مغادرته يعترف فيها بعدم وجود دين أو التزام تجاهه.

٢-٤ وعلى الرغم من الأدلة الواضحة على سوء نية من وجّه إليه الاتهام، أمر وكيل الملك باحتجاز الضحية قبل المحاكمة في سجن مدينة سلا ريثما تبتّ محكمة النقض رسمياً في التسليم. وأُودع صاحبُ الشكوى سجن سلا في انتظار تسليمه. وفي أوائل كانون الأول/ديسمبر 2014، أحيل السيد الحاج علي إلى الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض بالرباط كي تبتّ في طلب التسليم. لكن جلسة الاستماع أُجّلت بسبب غياب محاميه.

٢-٥ وفي 31 كانون الأول/ديسمبر 2014، خلال الجلسة الثانية، أثار الدفاع في بداية الدعوى مسألة الدفع بقوة الشيء المقضي به، أي مبدأ عدم جواز المحاكمة مرتين على نفس الجرم، لأنه سبقت إدانة الضحية في سوريا بسبب الوقائع نفسها وقضى مدة عقوبته في عام 2007. ومع ذلك، أيدت محكمة النقض في نهاية الجلسة تسليم السيد الحاج علي، رافضةً حجج الدفاع على أساس أن الحكم الصادر في سوريا لم يشِر تحديداً إلى الوقائع التي لوحق لأجلها في السعودية، علماً بأن الإجراءات القضائية في سوريا لم تُبْنَ إلاّ على أساس طلب التسليم والوقائع التي ادعتها السلطات السعودية، وهذا ما يتجلى دون شك يُذْكر من حكم القضاء السوري ( ) .

٢-٦ وفي 3 شباط/فبراير 2015، طلب محامي السيد الحاج علي مراجعة قرار محكمة النقض بالرباط - التي تصدر أحكاماً نهائية وبصفتها أعلى هيئة قضائية - إلى وزير العدل، عملاً بالفقرة 4 من المادة 566 وبالمادة 567 من قانون المسطرة الجنائية. لكن وزير العدل، الذي رأى أن التماس مراجعة قرار المحكمة لا مبرِّر له في القضية محل النظر، رفض الطلب.

طلب التسليم الأول من المملكة العربية السعودية والإدانة في سوريا

٢-٧ سبق أن حوكم السيد الحاج علي جنائياً في عام 2007 لنفس الأسباب التي استند إليها طلب التسليم الذي وُجه إلى الحكومة المغربية. وقد أثار محاموه هذا الأمر أمام محكمة الاستئناف بالرباط. وعقب طلب التسليم الأول هذا الذي تقدمت به السعودية، كانت السلطات السورية أوقفت السيد الحاج علي وحكمت عليه بسلب حريته مدة ثلاثة أشهر بسبب التهم التي وُجهت إليه في السعودية، رغم أنه أقام الدليل على عدم وجود عناصر مادية تبرر طلب السلطات السعودية.

٢-٨ فالسيد الحاج علي استقر في السعودية في عام 2007 لإنشاء شركة خدمات فندقية وأشرك معه كفيلاً سعودياً يملك 51 في المائة من رأس مال الشركة، وهو أمر تنص عليه التشريعات السعودية.

٢-٩ وعندما قرر السيد الحاج علي العودة إلى بلده، سلّمه كفيله شهادة يعترف فيها بعدم وجود أي التزام مالي تجاهه؛ بيد أن هذا الأخير أقام عليه لاحقاً دعوى جنائية ( ) قررت عَقِبها لجنة التسليم التابعة لوزارة العدل السورية، التي رفضت الطلب السعودي، إحالته إلى محكمة جنائية. لذا، حُكم على السيد الحاج علي بالسجن ثلاثة أشهر نافذة وبغرامة قدرها 100 ليرة سورية ( ) ، وقضى مدة عقوبته قبل أن يفرَج عنه في 6 أيلول/سبتمبر 2007.

٢-١٠ وعلى هذا، كان طلب التسليم الثاني الذي قدمته السلطات السعودية بسبب نفس الوقائع غير مبرر على الإطلاق، وكان ينبغي لمحكمة النقض المغربية أن ترفضه، بالطبع، عملاً بمبدأ عدم جواز المحاكمة مرتين على نفس الجرم.

سجل الاضطهاد والتعذيب في سوريا

٢-١١ إبان الانتفاضات الشعبية في سوريا في عام 2011، شارك السيد الحاج علي، الذي كان يقيم في ريف دمشق آنَئذ ، مشاركة فاعلة في المظاهرات السلمية التي اندلعت في البلاد؛ لذا، كانت دوائر الأمن السورية تَجِدّ في البحث عنه.

٢-١٢ وفي 15 نيسان/أبريل 2013، اختطفت مخابرات سلاح الجو السيد الحاج علي دون أمر قضائي واقتادته إلى مكان احتجاز سري حيث احتُجز، دون إجراءات قضائية، مدة ثلاثة أشهر تعرض خلالها للتعذيب الشديد. ويقول إنه استُجوب وعُذّب ساعات طويلة، فتعرّض خاصة للضرب، وعُلّق من رجليه ورأسه إلى أسفل، وذلك لساعات عدة، كما أُخضِع للصعق الكهربائي. ولا يزال الضحية، بعد أن أُفرج عنه أخيراً في 17 تموز/يوليه 2013 وهو يعاني عقابيل جسدية ونفسية حتى الآن، يتعرض للاضطهاد والتهديد اللذين طالا أسرته أيضاً، الأمر الذي أرغمه، شأنه شأن ملايين المواطنين السوريين، إلى الفرار من البلاد للاستقرار في المغرب حيث طلب اللجوء بمعية زوجته وأطفاله.

استنفاد سبل الانتصاف المحلية

٢-١٣ تؤكد صاحبة الشكوى أن السيد الحاج علي سلك جميع سبل الانتصاف الفعالة الممكنة. وقضت محكمة النقض بالرباط، التي تصدر أحكاماً نهائية، في 31 كانون الأول/ديسمبر 2014، لصالح طلب التسليم الذي قدمته السلطات السعودية. ولما كان قرارها لا يقبل الطعن العادي، فهو إذن نهائي وواجب التنفيذ بعد تأكيده بمرسوم من رئيس الحكومة؛ وقُدمت نسخة من الحكم إلى محامي السيد الحاج علي.

الشكوى

٣-١ تحتج صاحبة الشكوى بانتهاك الدولة الطرف المادة 3 من الاتفاقية إن سُلم زوجها، السيد الحاج علي، إلى المملكة العربية السعودية ( ) .

٣-٢ وتذكّر صاحبة الشكوى بأن السيد الحاج علي سبق أن حوكم وصدر في حقه قرار قضائي في سوريا، وقضى عقوبته من جرائه.

٣-٣ وتشدد على أن أوضاع حقوق الإنسان تثير قلقاً بالغاً في الدولة الطالبة حيث تُنتهك دون أدنى اعتبار لالتزاماتها الدولية في ميدان حقوق الإنسان. وسبق أن أدانت هيئات دولية معنية بحقوق الإنسان المملكة العربية السعودية مرات عدة بسبب انتهاكاتها الممنهجة للحقوق الأساسية. وأدان الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي مراراً السلطات السعودية بسبب استشراء ممارسة ( ) الاحتجاز التعسفي وانتهاك ضمانات الحق في محاكمة عادلة.

٣-٤ وإذا كانت انتهاكات الحقوق الأساسية ممنهجة في حق المواطنين، فإنها أخطر في حق الأجانب الذين يتعرضون للتمييز في كل الأحوال، لا سيما بسبب نظام الكفالة. فهذا النظام يُـمأسِس شكلاً من أشكال استعباد العمال الأجانب من قِبل الكفيل السعودي المخوَّل منعهم من مغادرة المملكة أو طردهم من البلاد أو ملاحقتهم أمام السلطات القضائية.

التعذيب في المملكة العربية السعودية

٣-٥ مع أن المملكة العربية السعودية طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فإن التعذيب وأنواعاً أخرى من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة مستمرة فيها. فقد تلقت المملكة العربية السعودية خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير المتعلق بها توصيات بتجريم التعذيب وإلغاء العقوبة البدنية، وهي توصيات أحاطت بها علماً دون أن تقبلها. وحتى الآن، لا يزال البلد يفتقر إلى تشريعات تجرم التعذيب. بل على العكس من ذلك، أُضفي طابع مؤسسي على التعذيب من خلال العقوبة البدنية التي تقضي بها المحاكم الجنائية، بما في ذلك للمعاقبة على ممارسة حرية التعبير ( ) .

في المملكة العربية السعودية، يعاقَب على المخالفة المعنية بعقوبة بدنية

٣-٦ لا يوجد لدى المملكة العربية السعودية قانون جنائي ولا قانون مكتوب يعادله. والقانون الجنائي، الذي يستند أساساً إلى قراءة للشريعة مفرطة في الصرامة، يظل قانوناً غير مكتوب، وتعتمد العقوبات أساساً على سلطة القاضي التقديرية. فجرائم من قبيل خيانة الأمانة لا ينص عليها القانون أو الاجتهادات القضائية تنصيصاً محدداً وصريحاً. لذا، فإن الحكم والعقوبة يتوقفان على تقدير القاضي، الذي يمكنه أن يقضي بعقوبة البتر أو القتل أو الجَلد إن رأى أن الأمر مناسب في القضية محل نظره.

٣-٧ وعادةً ما يعاقَب على السرقة ببتر عضو أو أكثر. ففي مطلع عام 2015، حُكم على شاب مغربي بالبتر لأنه ببساطة لم يسلّم محفظة نقود وجدها أثناء زيارته المملكة العربية السعودية. أما السرقة الموصوفة، مثل السطو المسلح، فيعاقَب عليه بالإعدام بقطع الرأس. وقد كان ذلك مصير سبعة شبان حُكم عليهم بالإعدام بسبب السطو المسلح، ونُفذ فيهم الحكم عقب إجراءات غير منصفة وموجَزة للغاية ( ) . وتخلص صاحبة الشكوى إلى أن احتمال تعرض السيد الحاج علي، الذي يتهمه كفيله السعودي بخيانة الأمانة، لعقوبات بدنية أو للتعذيب مرتفعٌ للغاية.

مخاطر تسليم السيد الحاج علي إلى سوريا حيث سبق أن تعرض للتعذيب

٣-٨ أعرب السيد الحاج علي أيضاً، بواسطة محاميه، عن مخاوفه من أن يعذَّب أو يعامَل معاملة قاسية أو لا إ نسانية أو مهينة أو أن يسلَّم إلى سوريا إن سُلم إلى السلطات السعودية التي من عادتها طرد المواطنين الأجانب إلى بلدانهم عندما يقضون عقوباتهم، رغم الخطر الذي يتهدد حياتهم أو سلامتهم البدنية.

٣-٩ وكان هذا حال زكريا محمد علي، وهو مواطن صومالي اعتُقل في المملكة العربية السعودية في نيسان/أبريل 2013 دون تهمة، واحتُجز لمدة سنة تقريباً دون محاكمة ودون إعلامه بالتهم الموجهة إليه. وعند الإفراج عنه في 17 آذار/مارس 2014، دون أي إجراء قانوني حتى حينه، طُرد فوراً إلى الصومال، الذي من المعروف أن أوضاع حقوق الإنسان فيه تثير قلقاً بالغاً، وذلك دون قرار قضائي، بل دون إمكانية الطعن في هذا الإجراء.

٣-١٠ وتطلب صاحبة الشكوى إطلاق سراح السيد الحاج علي حالاً، عملاً بالمادة 26 من الاتفاقية العربية للتعاون القضائي بين المغرب و20 دولة عربية أخرى (22 آذار/مارس 1983) التي تنص على أنه "لا يجوز بأية حال أن تـتجاوز مدة التوقيف المؤقت 60 يوماً من تاريخ بدئه" ما لم يكن ملاحَقاً لأسباب أخرى تبرر احتجازه، وذلك حتى تبت اللجنة في الأسس الموضوعية لهذا البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

٤-١ في 27 تموز/يوليه 2015، أبدت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية الشكوى وأسسها الموضوعية. وتذكّر الدولة الطرف بأن السيد الحاج علي استُجوب في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2014 في القنيطرة، تنفيذاً لأمر توقيف دولي بالبحث والتوقيف صادر عن مكتب الأنتربول في الرياض بناء على طلب السلطات القضائية السعودية بسبب وقائع تتعلق بخيانة الأمانة بخصوص مبلغ قدره 544192 ريالاً سعودياً.

٤-٢ وتضيف الدولة الطرف أن السيد الحاج علي احتُجز لدى الشرطة، بعد أن أُعلمت زوجته بتوقيفه، في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2014، الساعة 23/30 في محافظة القنيطرة. واستُمع إلى أقواله وقُدم إلى النيابة العامة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2014، الساعة 00/ 10 صباحاً؛ حيث استمع إليه نائب وكيل الملك في محكمة القنيطرة الابتدائية التي اتخذت التدابير الإجرائية التالية: التحقق من هويته؛ والإخطار بأسباب مثوله أمام النيابة؛ وتلاوة أمر الاعتقال الدولي بالبحث والتوقيف الصادر عن مكتب الأنتربول في الرياض؛ وتسجيل جواب المطلوب بشأن تسليمه، وهو لم يعترض عليه.

٤-٣ وفي نهاية جلسة الاستماع هذه، أمر نائب المدعي العام باحتجازه ريثما يسلَّم وبإيداعه سجن سلا المدني إلى حين بدء الإجراءات القضائية المتعلقة بالتسليم أمام الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض وهي الهيئة المختصة في المجال.

٤-٤ وبعد مرافعة المدعي العام لدى محكمة النقض، الذي طلب إلى المحكمة أن تصدر حكماً بالتسليم، وبعد استنفاد جميع الإجراءات المنصوص عليها في القضايا من هذا القبيل، قُيّد الملف في جلسة 17 كانون الأول/ديسمبر 2014. وأثناء الجلسة، قُدم السيد الحاج علي وهو في حالة توقيف، يؤازره محاميه. وبعد مرافعة المدعي العام، الذي أيد إصدار حكم بالتسليم، أعلن المطلوب أنه يرفض تسليمه إلى السلطات السعودية التي طلبت التسليم. ثم عرضت المحكمة الملف للمداولة في جلسة 31 كانون الأول/ديسمبر 2014.

٤-٥ وأصدرت محكمة النقض في تلك الجلسة قرارها رقم 1699/3 الذي يؤيد تسليم السيد الحاج علي إلى السلطات القضائية السعودية على أساس أن طلب التسليم يتوافق مع المتطلبات الإجرائية؛ وأن الوقائع محل النظر، أي جُنحة خيانة الأمانة، يعاقِب عليها قانون الدولة الطالبة ولا تسقط بالتقادم، عملاً بالشريعة الإسلامية المطبقة في المملكة العربية السعودية؛ وأن الجنحة نفسها يعاقَب عليها في القانون المغربي بمقتضى المادتين 547 و549 من القانون الجنائي الذي ينص على عقوبة تتراوح بين عام وخمسة أعوام سجناً؛ وأن المطلوب ليس لاجئاً سياسياً؛ وأن الحكم الصادر عن دائرة الجنح 12 بمحكمة البداية بدمشق (31 آذار/ مارس 2009) لا يذكر وقائع الدعوى ولا يتضمن عناصر قد يُستنتج منها أن جنحة خيانة الأمانة، موضوع الحكم، مطابقة للجنحة موضوع طلب التسليم الذي نظرت فيه المحكمة؛ وأن المطلوب ليس مواطناً مغربياً؛ وأن الجنحة ليست ذات صبغة سياسية.

٤-٦ وبناء على ذلك، اعتُبر طلب التسليم الذي قدمته السلطات السعودية صحيحاً شكلاً وموضوعاً.

٤-٧ وتلاحظ الدولة الطرف أن السيد الحاج علي لم يُثِر قط أمام السلطات المغربية أن من شأن تسليمه إلى السلطات السعودية أن يعرضه للتعذيب أو لغيره من أشكال العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

٤-٨ وتضيف الدولة الطرف أن السيد الحاج علي استفاد خلال إجراءات التسليم من جميع الضمانات القانونية التي ينص عليها القانون المغربي في هذا الشأن. وفي هذا الصدد، يفنّد محضر جلسة الاستماع الخاص بالشخص المعني أمام نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ادعاءاته أمام اللجنة، إذ إنه بعد أن أُبلغ بأمر التوقيف الدولي المتعلق به، أجاب بأنه لا يعترض على هذا التسليم. وكان هذا الإعلان عفوياً ودون إكراه. وكان الأمر كذلك أيضاً أثناء مثوله أمام الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض خلال جلسة 17 كانون الأول/ديسمبر 2014. ولم يبد صاحب الشكوى مخاوف من التسليم بسبب التعذيب، وكان محاميه حاضراً، لكنه اكتفى بإثارة مسألة تقادم الوقائع وأنه سبق أن حوكم في سوريا على الوقائع ذاتها.

٤-٩ وتضيف الدولة الطرف أن القانون المغربي يتضمن أحكاماً تحمي من يسلَّمون من احتمالات التعرض للتعذيب. فالمادة 721 من قانون المسطرة الجنائية تنص على أن طلبات التسليم تُرفض كلما اعتقدت السلطات المختصة، لأسباب جدية، أن هذه الطلبات، التي تقدم في أول الأمر بسبب جريمة عادية، تكتسي طابعاً عنصرياً أو دينياً أو سياسياً.

٤-١٠ وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن اللجنة أعربت عن ارتياحها، أثناء نظرها في التقرير الدوري للم م لكة العربية السعودية، للحكم الوارد في قانون الإجراءات الجنائية السعودي الذي يكفل حق المتهم في توكيل محام في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة. وتضيف الدولة الطرف أن اللجنة أعربت عن ارتياحها أيضاً للسلطة الممنوحة إلى "ديوان المظالم" السعودي للنظر في كل ادعاء يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، ولوجود دوائر طبية تملك صلاحيات في الطب الشرعي لفحص الأشخاص الذين يقولون إنهم تعرضوا للتعذيب، وكذلك لوجود لجنة دائمة مكلفة بالتحقيق في الاتهامات باللجوء إلى التعذيب.

٤-١١ وعلى هذا، قضت السلطات المغربية المختصة بتسليمه، بعد أن اقتنعت بأن المطلوب لن يتعرض لأي مخاطر شخصية إن سُلم إلى السلطات القضائية الطالبة، وذلك وفقاً للاتفاقية وللاتفاقية العربية للتعاون القضائي وللنصوص السارية المفعول فيما يتعلق بالتسليم.

٤-١٢ وتلاحظ الدولة الطرف، مشي رة إلى تعليق اللجنة العام رقم 1 (1997) بشأن تطبيق المادة 3 في إطار المادة 22 من الاتفاقية، وكذلك بشأن قراراتها السابقة في قضايا مماثلة ( ) ، أن عبء تقديم حجج يمكن الدفاع عنها لإثبات احتمال مواجهة السيد الحاج علي خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً بأن يتعرض للتعذيب يقع على عاتق صاحبة الشكوى. وترى الدولة الطرف أن صاحبة الشكوى، في القضية موضع النظر، لم تقدم حججاً يمكن الدفاع عنها بشأن خطر من هذا القبيل، ولا أدلة كافية تمكّن اللجنة من أن تستنتج أن من شأن تسليم الشخص المعني أن يعرّضه لذلك الخطر، حسبما تقتضيه المادة 3 من الاتفاقية.

٤-١٣ وفيما يخص ادعاءات صاحبة الشكوى بموجب الاتفاقية العربية للتعاون القضائي، تؤكد الدولة الطرف أن المادة 42 هي المادة المناسبة في القضية محل النظر، وليس المادة 26 التي احتجت بها صاحبة الشكوى (الفقرة 3-10 أعلاه). وتنص المادة 44 على أنه يجب الإفراج عن المطلوب إذا لم تتلق الدولة الموجه إليها الطلب الوثائق التي تستلزمها المادة 42 من الاتفاقية في غضون ثلاثين يوماً من توقيفه أو إذا لم تقدم الدولة الطالبة طلباً بتمديد الاعتقال المؤقت الذي يجب ألاّ يتجاوز 60 يوماً في كل الأحوال. وفي القضية قيد النظر، اعتُقل السيد الحاج علي في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2014، وتلقت السلطات المختصة طلب التسليم، إضافة إلى الوثائق المتعلقة به، في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، أي في غضون المهلة القانونية التي تنص عليها الاتفاقية المذكورة.

٤-١٤ وعن ادعاء صاحبة الشكوى بموجب مبدأ الدفع بقوة الشيء المقضي به، تؤكد الدولة الطرف أن هذه الحجة كانت السبب الرئيس للدفاع أمام محكمة النقض، التي رفضت دفاعها، لأن الحكم الصادر عن دائرة الجنح 12 بمحكمة البداية بدمشق في 31 آذار/مارس 2009 لا يذكر وقائع الدعوى ولا يتضمن عناصر قد يُستنتج منها أن جنحة خيانة الأمانة مطابقة للجنحة موضوع طلب التسليم الذي نظرت فيه محكمة النقض.

تعليقات صاحبة الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2015، قدمت صاحبة الشكوى تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. وتلاحظ فيها بدايةً أن الدولة الطرف لا تطعن في مقبولية البلاغ من حيث الشكل، لكنها تخلص إلى أن البلاغ قد يكون دون أسس موضوعية.

٥-٢ وقالت صاحبة الشكوى إن الدولة الطرف اكتفت بعرض ملخص موجز لروايتها للوقائع دون أن ترُد بالخصوص على الاستنتاجات المفصلة التي قدمتها عن الانتهاكات التي قد يتعرض لها زوجها، السيد الحاج علي، إن سُلم إلى المملكة العربية السعودية، ثم طرده إلى سوريا بالتأكيد بعد قضاء مدة عقوبته. وتدعي الدولة الطرف أن الشخص المعني لن يتعرض لأي تعذيب ولا لغيره من ضروب سوء المعاملة لأن السعودية أجرت إصلاحات لتعديل قانون الإجراءات الجنائية. وتعتمد الدولة الطرف، لدعم حججها، على الاستعراض الدوري الأولي المتعلق بالسعودية الذي أجرته اللجنة عام 2002، علماً بأنه لم يُجر أي إصلاح ذي بال في البلد منذئذ. لكن التعذيب وسوء المعاملة، في الواقع العملي، لا يزالان ممارستين شائعتين في السعودية. فقد وُثق عدد كبير من حالات التعذيب في البلد، على ما تذكر تقارير شتى للمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب في السنوات الأخيرة (انظر خاصة الفقرات من 78 إلى 81 من التقرير A/HRC/28/68/Add.1). والحال أنه لا يوجد في السعودية حتى الآن تشريع ملزم يجرّم التعذيب.

٥-٣ وترفض صاحبة الشكوى ادعاء الدولة الطرف أنها لم تقدم حججاً يمكن الدفاع عنها بشأن خطر التعذيب الذي قد يتعرض له زوجها في إطار تسليمه إلى السلطات القضائية السعودية. وتلاحظ أن زوجها، الحاج علي، بوصفه مواطناً أجنبياً متهماً بخيانة الأمانة، يواجه خطراً كبيراً بأن يتعرض لعقوبات بدنية. فالقانون الجنائي السعودي قانون غير مكتوب يمنح القاضي سلطة تقديرية كبيرة. ولا ينص القانون الجنائي السعودي بدقة على أي عقوبة في جرائم خيانة الأمانة. ويمكن للقاضي أن يستدل بالقياس الذي تجيزه له الشريعة الإسلامية في حالات من هذا القبيل لإدانة المتهم بعقوبة يُنص عليها في جرم مشابه، مثل السرقة. ومن المحتمل أن يدان الضحية في القضية موضع النظر بعقوبة البتر، علماً بأن القضاء السعودي غير نزّاع إلى الرحمة عندما يتعلق الأمر بإدانة الأجانب، كما يتبين من سوابق البلد القضائية.

٥-٤ وعليه، تؤكد صاحبة الشكوى أن السيد الحاج علي معرض لخطر متوقع وحقيقي وشخصي بأن يعذَّب و/أو تساء معاملته في السعودية، وهو خطر يتجاوز مجرد "الافتراض".

مخاطر التسليم إلى سوريا

٥-٥ تضيف صاحبة الشكوى أن الردود التي قدمتها الحكومة المغربية لا تتحدث عن مخاطر الردّ من السعودية إلى سوريا بعد قضاء مدة العقوبة رغم أوضاع حقوق الإنسان المثيرة لقلق بالغ في وطن السيد الحاج علي الذي يقع حالياً في براثن حرب أهلية. وتذكّر صاحبة الشكوى بأن السعودية لم تصدق بعد على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.

٥-٦ ورداً على حجة الدولة الطرف التي جاء فيها أن السيد الحاج علي ليس لاجئاً سياسياً وأن ملفه لا يتضمن أي دليل على كونه كذلك، تؤكد صاحبة الشكوى أن السيد الحاج علي طلب اللجوء في 21 كانون الثاني/يناير 2015 إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، في مدينة الرباط ( ) ، بعد أن فر من الاضطهاد في وطنه. إذن، فالسلطات المغربية ليست مختصة في إصدار أي حكم على مصداقية طلب اللجوء الذي قدمه الشخص المعني ما دامت المفوضية لم تتخذ أي قرار في هذا الشأن. وتحتج صاحبة الشكوى بسجلّ اضطهاد السيد الحاج علي وتعذيبه على يد جهاز استخبارات القوات الجوية السورية بسبب مشاركته الفاعلة في مظاهرات عام 2011 السلمية. فبموجب المادة 1(ألف)(2) من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين، لا شك في أن الشخص المعني لا يمكنه أن يعود إلى وطنه نظراً لوجود مخاوف واقعية من التعرض للاضطهاد بسبب آرائه السياسية.

٥-٧ وفيما يتعلق بادعاء موافقة المعني على تسليمه إلى المملكة العربية السعودية، تدعي صاحبة الشكوى أن السيد الحاج علي، على العكس من ذلك، كان دائماً يعارض تسليمه، وهو ما يؤكده الإجراء الذي اتخذته النيابة باللجوء إلى الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض بالرباط. فلو كان الشخص المعني وافق فعلاً على أن يُسلم إلى السلطات السعودية، ما مَثُل قط أمام الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض. فقانون المسطرة الجنائية المغربي ينص، في حال قبول التسليم، على إحالة نسخة من بيان هذا القبول إلى الوكيل العام لدى المحكمة العليا وإلى وزير العدل ( ) . ويُثبت رفع القضية إلى محكمة النقض بما لا يدع مجالاً للشك أن السيد الحاج علي لم يوافق رسمياً على تسليمه إلى سلطات البلد الطالب بسبب مخاوفه من أن يُعرَّض للتعذيب أو لمعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة في السعودية.

مبدأ عدم جواز المحاكمة مرتين على نفس الجرم

٥-٨ خلافاً لما ذكر في ردود حكومة المغرب، سبق أن أصدرت محكمة البداية بدمشق حكماً في حق السيد الحاج علي في 31 آذار/مارس 2009. واستندت الإجراءات في سوريا وما ترتب عليها من عقوبة إلى طلب التسليم الذي كانت قدمته المملكة العربية السعودية ( ) والذي تأسس على نفس الوقائع التي لا تزال مزعومة حتى اليوم في إطار هذه الإجراءات المغربية. وتزعم صاحبة الشكوى أنه لا يجوز والحالة هذه أن يحاكَم السيد الحاج علي بسبب نفس الوقائع التي حوكم لأجلها وأدين بها، دون أن يشكّل ذلك انتهاكاً لمبدأ عدم جواز المحاكمة مرتين على نفس الجرم.

تقادُم الوقائع في التشريعات المحلية لكلتا الدولتين (المطلوبة/الطالبة)

٥-٩ احتياطياً، تؤكد صاحبة الشكوى أن مسألة تقادم الوقائع في التشريعات المحلية للدولتين تجعل أيضاً التسليم غير مشروع. وكما تقول الدولة الطرف نفسها، لا يسقط جرم خيانة الأمانة بالتقادم في المملكة العربية السعودية، في حين أن قانون المسطرة الجنائية المغربي ينص على أن العقوبات الجنحية تتقادم بعد خمس سنوات من النطق بالحكم. إذن، فالوقائع المزعومة سقطت بالتقادم بموجب القانون المغربي؛ وعليه، لا يمكن للحكومة والحالة هذه أن تلبي طلب التسليم. فالظهير المتعلق بتسليم الأجانب ينص صراحة على أن التسليم إلى الدولة الطالبة لا يُقبل، حسب قوانين الدولة الطالبة أو الدولة المطلوب منها، إذا سقطت الدعوى بالتقادم قبل تاريخ طلب التسليم أو تقادمت العقوبة قبل القبض على الشخص المطلوب، وبصفة عامة كلما سقطت الدعوى العمومية المقامة من الدولة الطالبة.

الطبيعة القانونية لاحتجاز لسيد الحاج علي حالياً بمقتضى الاتفاقية العربية للتعاون القضائي

٥-١٠ وفقاً للمادة 26 من الاتفاقية العربية للتعاون القضائي بين المغرب و20 دولة عربية أخرى المؤرخة 22 آذار/مارس 1983، التي تنص على أنه "لا يجوز بأية حال [أ]ن [تـ]تجاوز مدة التوقيف المؤقت 60 يوماً من تاريخ بدئه"، لا يمكن تبرير استمرار احتجاز السيد الحاج علي حتى الآن. وفي هذه القضية، تجاوزت مدة احتجازه الفترة المنصوص عليها بكثير. لذلك، يمكن اعتبار احتجاز السيد الحاج علي المطوّل ريثما يسلّم تعسفياً. ويجدر بالإشارة أن الدولة الطرف أقرت بأن احتجاز السيد الحاج علي دون محاكمة، المستمر منذ سنة تقريباً، "يمس بحقوقه".

٥-١١ وفي الختام، تطلب صاحبة الشكوى إلى اللجنة أن تتكرم بما يلي: تذكّر الدولة الطرف بأن الوقائع المعروضة على اللجنة تكشف عن أن من شأن تسليمها السيد الحاج علي إلى الدولة الطالبة أن ينتهك المادة 3 من الاتفاقية؛ وتقضي بأن احتجاز السيد الحاج علي المطول ريثما يسلّم لا أساس قانوني له؛ وتطلب من ثم إلى الدولة الطرف أن تطلق سراحه فوراً.

تعليقات إضافية من صاحبة الشكوى

٦-١ قدمت صاحبة الشكوى في 14 حزيران/يونيه 2016 ملاحظات إضافية بشأن مقبولية البلاغ. وتلاحظ أن الدولة الطرف ذكرت أن السيد الحاج علي لم يحتج قط أمام السلطات المغربية المختصة بأن من شأن تسليمه إلى السلطات السعودية أن يعرضه للتعذيب أو لسواه من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (الفقرة 4-7 أعلاه)؛ وأنه لم يصرح بأي شيء في هذا الصدد أثناء مثوله أمام الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض بالرباط في جلسة 17 كانون الأول/ديسمبر 2014؛ وأنه لن يقدم حججاً يمكن الدفاع عنها عن مخاطر التعذيب التي يتعرض لها إن سُلّم إلى السلطات الطالبة.

٦-٢ وتلاحظ صاحبة الشكوى أولاً أن مذكرة المحامي بُنيت أساساً على الاتفاقية العربية للتعاون القضائي من أجل الطعن في مشروعية التسليم. بيد أن هذه الاتفاقية لا تتضمن أي حكم ينص على أن خطر التعرض للتعذيب في الدولة الطالبة يشكل استثناءً من قانون التسليم - الأمر الذي يجعل نص هذه الاتفاقية يخالف التزامات الدولتين الطرفين بمقتضى المادة 3 من الاتفاقية؛ لذا، أقام الشخص المعني دفاعه أساساً على مبدأ عدم جواز المحاكمة مرتين على نفس الجرم. لكن صاحبة الشكوى تلاحظ أن محامي الضحية أبلغ القضاة، أثناء جلسة 17 كانون الأول/ديسمبر 201 4 أمام محكمة النقض، احتياطياً وشفاهةً خلال المرافعة، بمخاطر المعاملة القاسية والعقوبات "الشديدة" التي قد يتعرض لها موكّله في حال تسليمه. غير أن القضاة لم يذكروا في قرارهم جميع الحجج التي قُدمت أثناء المرافعة الشفوية.

٦-٣ وتضيف صاحبة الشكوى أن محامي السيد الحاج علي احتج مجدداً، وللمرة الأولى كتابياً، بهذه الحجة في طعن مؤرخ 3 شباط/فبراير 2015 ( ) لدى وزير العدل حيث أخبره بمخاوفه من أن يتعرض الشخص المعني لمعاملة قاسية أو ماسّة بكرامته أو لعقوبات لا إنسانية. لكن وزير العدل رفض هذا الطعن.

٦-٤ وتذكّر صاحبة الشكوى بأن السيد الحاج علي اقتيد، عند توقيفه، إلى المديرية العامة للأمن الوطني في القنيطرة، وبأنه قال إن كفيله السعودي هدده بالقتل وبـ "أسوأ العذاب" لدى عودته إلى السعودية، وذلك بحضور عناصر من الشرطة.

٦-٥ ثانياً، تلاحظ صاحبة الشكوى أن وقائع خيانة الأمانة التي يلاحَق الضحية بسببها في السعودية قد يقيسها القضاة السعوديون بجريمة السرقة، وهي جريمة يعاقب عليها بعقوبة بدنية قد تصل إلى حد البتر. وترى صاحبة الشكوى أنه لم يكن ليغيب عن سلطات الدولة الطرف الخطر الكبير المحدق بالشخص المعني، بصفته مواطناً أجنبياً متهماً بخيانة الأمانة، بأن يتعرض لأشكال العذاب تلك. فالواقع أن القانون الجنائي السعودي لا يزال قانوناً غير مكتوب يمنح القاضي سلطة تقديرية كبيرة. وبخصوص خيانة الأمانة، كما تَقدّم، تذكّر صاحبة الشكوى بأن القاضي السعودي يستخدم القياس، الذي تجيزه الشريعة الإسلامية في قضايا من هذا القبيل، للحكم على المتهم بعقوبة حُكم بها على جرم مشابه مثل السرقة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالعمال الأجانب.

٦-٦ وتضيف صاحبة الشكوى أنه جاء صراحة في قرار محكمة النقض الصادر في 31 كانون الأول/ديسمبر 2014 أن الأفعال التي يلاحَق لأجلها المدعو عبد الرحمن الحاج علي في السعودية هي خيانة الأمانة، وأن القوانين المنطبقة على هذه الجريمة هي الشريعة الإسلامية، وأن هذه الأفعال لا تسقط بالتقادم في هذه الشريعة. وترى صاحبة الشكوى أن هذا القرار، وإن كان يشير ضمناً إلى العقوبة المطبقة بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية بصفتها القانون الساري، فإن القاضي لم يصف العقوبة البدنية باعتبارها شكلاً من أشكال التعذيب، رغم معرفته بالعقوبة المطبقة وبالتزامات الدولة الطرف في إطار الاتفاقية. وتضيف صاحبة الشكوى أن اللجنة أثبتت، مع ذلك، بما لا يدع مجالاً للشك، أثناء استعراضها الأخير المتعلق بالسعودية، أن العقوبات البدنية، مثل الجلد وبتر الأعضاء - المطبقة في مثل القضية محل النظر - تعد شكلاً من أشكال التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة.

٦-٧ وتخلص صاحبة الشكوى من ثم إلى أنه كان على القاضي المغربي، وقد أقر بأن العقوبات المطبقة في المملكة العربية السعودية على جرم خيانة الأمانة هي العقوبات التي تنص عليها الشريعة الإسلامية، أن يثير رأساً مخاطر التعذيب المحدقة بالمدّعي، ويرفض طلب التسليم إلى السعودية. وعليه، تطلب صاحبة الشكوى إلى اللجنة أن تعتبر أنّ جميع سبل الانتصاف المتاحة قد استُنفدت، وأن تلبي طلباتها الواردة في شكواها الأولية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٧-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تتأكد مما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفقاً للفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة ذاتها لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين.

٧-٢ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أكدت أن السيد الحاج علي لم يثر قط أمام السلطات المغربية أن تسليمه إلى السلطات السعودية يعرضه لخطر التعذيب أو لغيره من أشكال العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الأمر الذي يطرح قضايا في إطار المادة 22(5)(ب) من الاتفاقية.

٧-٣ وتحيط علماً بحجج صاحبة الشكوى التي دفعت بأن محامي الضحية احتج شفوياً، في 17 كانون الأول/ديسمبر 2014، أمام محكمة النقض، بمخاطر المعاملة القاسية والعقوبات "الشديدة" التي قد يتعرض لها السيد الحاج علي في حال تسلميه، وأن الشخص المعني قد احتجّ في الطعن الذي قدمه ، في 3 شباط/فبراير 2015، إلى وزارة العدل بخطر تعرضه لمعاملات قاسية أو ماسة بكرامته أو لعقوبات لا إ نسانية. وتخلص اللجنة من ذلك إلى أنه لم يكن ليغيب عن سلطات الدولة الطرف الخطر الحقيقي المحدق بالسيد الحاج علي. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة صاحبة الشكوى ومفادها أنه كان ينبغي للقاضي أن يحتج رأساً بخطر التعذيب، الذي كان على علم به باعترافه بتطبيق الشريعة الإسلامية على الجريمة موضع النظر في السعودية؛ وكان ينبغي له أيضاً أن يأخذه في الحسبان في قراره، ليرفض التسليم.

٧-٤ وترى اللجنة والحالة هذه أن المادة 22(5)(ب) من الاتفاقية لا تقف عائقاً أمام مقبولية البلاغ. وهي، إذ تعتبر البلاغ مقبولاً، تشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٨-١ نظرت اللجنة في هذه الشكوى في ضوء جميع المعلومات التي أتاح ها لها الطرفان، وفقاً للمادة 22 (4) من الاتفاقية.

٨-٢ وعلى اللجنة أن تحدد ما إذا كانت الدولة الطرف، بتسليمها السيد الحاج علي إلى السعودية، تخل بالتزامها بمقتضى المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد شخص أو ردّه إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب حقيقية تحمل على الاعتقاد بأنه يواجه خطر التعذيب.

٨-٣ ولكي تحدد اللجنة ما إذا كانت توجد أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى يواجه خطر التعذيب، تذكّر بأن عليها أن تأخذ بعين الاعتبار جميع العناصر، بما فيها مدى وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد الذي سيطرد إليه. بيد أن المسألة التي يتعين تحديدها هي ما إذا كان السيد الحاج علي سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب في السعودية. فوجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد لا يعد في حد ذاته سبباً كافياً لتحديد ما إذا كان سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند تسليمه إلى ذلك البلد؛ إذ لا بد من توافر أسباب إضافية تبين أن الشخص المعني معرَّض شخصياً للخطر.

٨-٤ وتذّكر اللجنة بتعليقها العام رقم 1 الذي جاء فيه أن عليها التزاماً بتقييم ما إذا كانت هناك أسباب قوية تدعو للاعتقاد أن صاحب البلاغ معرّض لخطر التعذيب إن طُرد أو أعيد أو سُلِّم، وفق أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. غير أنه ليس ضرورياً في جميع الأحوال البرهنة على أن احتمال التعرض لهذا الخطر كبير جداً. لكن يجب أن يكون هذا الخطر شخصياً ومحدقاً. وقضت اللجنة في قرارات سابقة أن خطر التعذيب يجب أن يكون متوقعاً وحقيقياً وشخصياً.

٨-٥ ويجب أن تضع اللجنة في الاعتبار الوضع الحقيقي لحقوق الإنسان في السعودية، وتذكّر بملاحظاتها الختامية التي اعتمد ت ها بشأن التقرير الدوري الثاني للسعودية في دورتها السابعة والخمسين (CAT/C/SAU/CO/2) حيث أعربت عن قلقها إزاء عدد وخطورة الادعاءات المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة اللذين يتعرض لهما المحتجزون على يد قوات حفظ النظام. وقالت اللجنة إن قلقاً بالغاً يخالجها إزاء العقوبات البدنية التي تطبَّق عملاً بالقانون السعودي والتي تشمل الجلد والبتر، الأمر الذي ينتهك الاتفاقية انتهاكاً خطيراً وجلياً. وأعربت عن قلقها أيضاً من العقوبات التي ينص عليها القانون، ومن ضمنها العقوبتان المذكورتان، التي تعتبرها اللجنة من أشكال التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولاحظت كذلك أن العمال المهاجرين أكثر عرضةً للتعذيب وسوء المعاملة، لا سيما بسبب تطبيق نظام الكفالة. وتذكّر بأنه لا يوجد في السعودية قانون يرمي إلى تنظيم إجراءات الطرد وتأطيرها، ويحرص بالخصوص على تطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية، وبأن هذا البلد لم يصدق على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين. وفي الختام، تذكّر اللجنة بقلقها البالغ بشأن تطبيق عقوبة الإعدام في السعودية، وتلاحظ في هذا الصدد أن عدد العمال الأجانب ضحايا الإعدام في السعودية كبير وأن الإعدام يطبَّق فيهم أكثر من غيرهم ( ) .

٨-٦ وإذ تحيط اللجنة علماً بالحالة الراهنة لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، الموصوفة أعلاه، فإنها تلاحظ مع ذلك أنه يجب تقديم أسباب إضافية تبين أن الشخص المعني سيتعرض لهذا الخطر شخصياً. ففي القضية محل النظر، تحيط علماً بحجج صاحبة الشكوى، التي تقول إن زوجها، السيد الحاج علي، محتجز دون محاكمة في المغرب منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2014، ومعرض للتسليم إلى السعودية قريباً بسبب وقائع تتصل بخيانة الأمانة سبق أن حوكم بشأنها وأدين في سوريا بالسجن ثلاثة أشهر قضاها في عام 2007. وتلاحظ في هذا الصدد أن اتخاذها قراراً بخصوص وجود خطر متوقع وحقيقي وشخصي بموجب المادة 3 من الاتفاقية، لا يمثل بأي حال من الأحوال حكماً مسبقاً يتعلق بصحة التُّهم الجنائية الموجهة إلى الشخص المعني أو التي قد توجه إليه.

٨-٧ وتؤكد اللجنة مجدداً أن محاكم الدول الأطراف في الاتفاقية هي التي تقع عليها مسؤولية تقييم الوقائع والأدلة في قضية معينة. وتتحمل محاكم الاستئناف في الدول الأطراف في الاتفاقية مسؤولية النظر في سير المحاكمة، إلا إذا أمكن إثبات أن الطريقة التي قُيّمت بها الأدلة واضحة التعسف أو تصل إلى حد إنكار العدالة ( ) .

٨-٨ وتلاحظ اللجنة أن محكمة النقض بالرباط، بترخيصها التسليم لم تجر أي تقييم لخطر التعذيب الذي ينطوي عليه قرار من هذا القبيل على السيد الحاج علي، بالنظر إلى الوضع السائد في السعودية، خاصة بالنسبة إلى العمال الأجانب، وكذلك الخطر المحدد المحدق بالشخص المعني، علم اً بأن جريمة خيانة الأمانة يعاقَب عليها بعقوبات بدنية في السعودية. ورغم تأكيد الدولة الطرف بصورة عامة أن السلطات المغربية "مقتنعة بأن الشخص المطلوب لن يتعرض لأي مخاطر شخصية إذا ما سُلم إلى السلطات القضائية الطالبة (الفقرة 4-11)، لم توضَّح الكيفية التي جرى بها ذلك التقييم للتأكد من أن الشخص المطلوب لا يواجه، بتسليمه، خطر التعرض لمعاملة تتنافى مع المادة 3 من الاتفاقية.

٨-٩ وتذكّر اللجنة بأن حظر التعذيب مطلق وغير قابل للتقييد، وبأنه لا يجوز لأي دولة طرف أن تعتد بظروف استثنائية أياً كانت لتبرير أفعال التعذيب [انظر تعليق اللجنة العام رقم 2(2007) بشأن تطبيق الدول الأطراف المادة 2]. وبالنظر إلى ما سلف وإلى طبيعة العقوبات التي قد يتعرض لها صاحب الشكوى في حال تسليمه إلى السعودية، تخلص اللجنة إلى أنه أثبت بما يكفي أنه يواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً بأن يتعرض للتعذيب إنْ سُلم إلى السعودية، وفي ذلك انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية.

٩- ولجنة مناهضة التعذيب، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إلى أن من شأن تسليم السيد الحاج علي إلى السعودية أن ينتهك المادة 3 من الاتفاقية. وإذ تلاحظ أنه محتجز دون محاكمة منذ سنتين تقريباً، يجب على الدولة الطرف الإفراج عنه أو محاكمته إن وُجهت إليه تُهم في المغرب.

١٠- وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف، عملاً بأحكام الفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، أن تبلغها في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار بما تكون قد اتخذ ت ه من تدابير استجابة لهذا القرار.