الأمم المتحدة

CRPD/C/25/D/58/2019

اتفاق ية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

Distr.: General

11 October 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 58/2019 * **

بلاغ مقدم من: ز. ه. (يمثله المحامي رونوف بيساه ، الذي حلت محله لينيا ميتسيان )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: السويد

تاريخ تقديم البلاغ: 15 نيسان/أبريل 2019 (الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادتين 64 و70 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 30 نيسان/أبريل 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 6 أيلول/سبتمبر 2021

الموضوع: الترحيل إلى أفغانستان؛ وعدم إمكانية الحصول على العلاج الطبي الملائم

المسائل الإجرائية: دعم الادعاءات بالأدلة؛ والمقبولية من حيث الاختصاص الموضوعي؛ والمقبولية من حيث الاختصاص المكاني؛ واستنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وبحث المسألة ذاتها في إطار إجراء آخر من إجراءات التسوية الدولية؛

المسائل الموضوعية: الحق في الحياة؛ وعدم التعرّض للتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والتمييز على أساس الإعاقة؛ والاعتراف بالأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع الآخرين أمام القانون؛ وإمكانية اللجوء إلى القضاء

مواد الاتفاقية: 10، و12، و13، و15

مواد البروتوكول الاختياري: 1، و2(ب) و(ج) و(د) و(ه)

1 - 1 صاحب البلاغ هو ز. ه.، وهو م واطن أفغاني، وُلد في عام 1990. ورفضت الدولة الطرف طلب اللجوء الذي قدمه. ويدعي أن ترحيله إلى أفغانستان من شأنه أن يشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف لحقوقه المكفولة بموجب المادتين 10 و15 من الاتفاقية. ويدعي أيضاً أنه لم تتح له إمكانية اللجوء إلى القضاء ولم تعامله السلطات المحلية خلال إجراءات طلب اللجوء على قدم المساواة مع الآخرين أمام القانون، وهو ما يخالف المادتين 12 و13 من الاتفاقية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 14 كانون الثاني/يناير 2009. ويمثل صاحبَ البلاغ محام.

1-2 وفي 30 نيسان/أبريل 2019، أصدر المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، بالنيابة عن اللجنة، طلباً لاتخاذ تدابير مؤقتة بموجب المادة 4 من البروتوكول الاختياري للاتفاقية، التمس فيه من الدولة الطرف عدم ترحيل صاحب البلاغ إلى أفغانستان ريثما تنظر اللجنة في البلاغ.

1-3 وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر 2019، رفض المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، بالنيابة عن اللجنة، طلب الدولة الطرف النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية بموجب المادة 70(8) من نظام اللجنة الداخلي.

ألف- موجز المعلومات والحجج التي قدمها الطرفان

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 باشر صاحب البلاغ إجراءات طلب اللجوء في السويد في 29 كانون الأول/ديسمبر 2008. وفي سياق هذه الإجراءات، أبلغ سلطات اللجوء أنه اعتُبر مسؤولاً عن وفاة ابن رجل ذي نفوذ في قريته. و خ شية َ التعرض للانتقام، فرَّ من أفغانستان في تاريخ غير محدد. وادعى أنه سيواجه، إن أُعيد إلى أفغانستان، خطر التعرض للاضطهاد أو القتل بسبب الأحداث الماضية، وكذلك بسبب انتمائه إلى جماعة الهزارة الإثنية وطائفة المسلمين الشيعة، الذي يُ قوي خطر تعرُّضه ل سوء المعاملة ( ) . ورفضت السلطات الوطنية طلبه في جميع المراحل لاستنتاجها أن روايته عديمة المصداقية. غير أن ه لم ي ُ نف َّ ذ أمر الطرد الصادر في حقه في الوقت المحدد، وسقط بالتقادم بموجب القانون في 13 أيلول/سبتمبر 2015.

2-2 وفي 17 أيلول/سبتمبر 2015، قدم صاحب البلاغ طلبا ً آخر للجوء، ادعى فيه أنه جرى تشخيص إصابته باضْطِراب الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح المقترن بأعراض الذهان. وأُشير في وثائق المحكمة ذات الصلة إلى أنه يعاني، وفقاً للتقارير الطبية، من القلق والتوتر والتململ واضطرابات النوم والأوهام والهلوسة والأفكار الانتحارية. واعتُبرت حال ته خطراً على حياته بسبب خطر انتحاره الذي يُعزى، حسبما ادعاه، إلى التهديدات بالقتل التي تلقاها في أفغانستان. وفي 7 نيسان/أبريل 2017، رأت الوكالة السويدية لشؤون الهجرة أن ملابسات قضية صاحب البلاغ مُؤلمة للغاية، واعترفت بوجود نواقص في النظام الصحي الأفغاني فيما يتعلق بالرعاية المتاحة للمرضى الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية. غير أن الوكالة خلصت، بناءً على المعلومات القطرية المتاحة، إلى أن نوعاً من العلاج النفسي الذي يتلقاه صاحب البلاغ والأدوية الموصوفة له في السويد متاح في كابول، ولن يواجه بالتالي خطر الموت ولا أي شكل من أشكال سوء المعاملة إن أُعيد إلى أفغانستان.

2-3 وخلال إجراءات الاستئناف، قدَّم صاحب البلاغ تقارير طبية جديدة تشير إلى أنه تساوره أفكار انتحارية، أُدخل بسببها ذات مرة عيادة للعلاج النفسي في السويد بموجب قانون الرعاية النفسية الإلزامية. وعلاوةً على ذلك، بقي تحت المراقبة الطبية بسبب ما ظهر عليه من أعراض الفصام ( ) . وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 2017، رفضت محكمة قضايا الهجرة طلب استئناف صاحب البلاغ، بدعوى عدم تقديم الوثائق اللازمة لإثبات تشخيص الفصام المقترن بالبارانويا . وإذ استندت محكمة قضايا الهجرة فقط إلى تشخيص اضْطِراب الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح، ورغم اعترافها بأن ملابسات قضية صاحب البلاغ مؤلمة للغاية، فقد خلصت إلى أنه سيحصل على العلاج الطبي المناسب في كاب و ل إن أُعيد إلى أفغانستان. وفي هذا الصدد، أشارت محكمة قضايا الهجرة أيضاً إلى أنه، استناداً إلى المعلومات الواردة في ملف القضية، لم يتسن إثبات أن صاحب البلاغ سيواجه خطر العنف في كابول خلال توجُّهه للحصول على العلاج اللازم. وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2017، رفضت محكمة استئناف قضايا الهجرة طلب الإذن بالاستئناف الذي قدمه إليها صاحب البلاغ.

2-4 وفي 19 شباط/فبراير 2018، ادعى صاحب البلاغ أن ثمة عقبات تحول دون إنفاذ أمر ترحيله. وقدَّم تقارير طبية جديدة كدليل على أنه لا يعاني من اضطراب الكرب التالي للرَّضح فحسب، بل كذلك من الفُصام المقترن بالبارانويا . وأشار أيضاً إلى تدهور الحالة الأمنية في أفغانستان. وفي 11 حزيران/ يونيه 2018، خلص ت الوكالة السويدية لشؤون الهجرة إلى أن الشواهد الطبية التي قدمها صاحب البلاغ، بما في ذلك تشخيص إصابته بالفصام المقترن بالبارانويا ، ليست ملابسات جديدة تبرر إعادة النظر في قضيته، لأن صحته العقلية شكلت بالفعل الموضوع الذي نظرت فيه خلال مجموعة الإجراءات السابقة. وأشارت الوكالة كذلك إلى أنه ينبغي ربط تدهور صحة صاحب البلاغ العقلية برفض طلب اللجوء الذي قدمه عوض اعتبار هذا التدهور مؤشراً على أنه يعاني من مشكلة خطيرة في صحته العقلية.

2-5 واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار ، وادعى أن السلطات لم تقيم ما إذا كان العلاج الطبي المناسب للفصام المقترن بالبارانويا سيتاح له في أفغانستان. وأشار أيضاً، كما فَعَل أول مرة خلال إجراءات اللجوء، إلى أنه تعرض لاعتداء جنسي قبل مغادرته أفغانستان. وفي 17 تموز/يوليه 2018، رفضت محكمة الاستئناف طلب الاستئناف الذي قدمه إليها . وشددت محكمة قضايا الهجرة على أن الأعراض وليس بالضرورة التشخيص هي العامل المهم في تقييم السلطات المحلية للعلاج الطبي المتاح في أفغانستان. وبالنظر إلى أن أعراض مرض صاحب البلاغ عُرضت على السلطات في سياق تشخيص إصابته باضْطِراب الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح وشكَّلت جزءاً مما نظرت فيه سلطات اللجوء، فلا يمكن أن يفضي تشخيص الإصابة بالفصام المقترن بالبارانويا إلى تقييم مختلف. وعلاوةً على ذلك، ورغم أن محكمة قضايا الهجرة لم تشكك في احتمال تعرض صاحب البلاغ للعنف الجنسي في الماضي، فقد خلصت إلى أنه لا يوجد في ملف القضية ما يدل على استمرار خطر تعرضه لسوء المعاملة على هذا الأساس بعد مرور عشر سنوات على الحادث المزعوم. وفي 5 أيلول/سبتمبر 2018، رفض ت المحكمة طلب الإذن بالاستئناف الذي قدمه إليها صاحب البلاغ .

2-6 وقدَّم صاحب البلاغ دعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي رفضت في 10 كانون الثاني/يناير 2019، في إطار هيئة من قاض واحد، طلبه المتعلق بالتدابير المؤقتة وقررت عدم قبول دعواه ( ) .

2-7 ويرفق صاحب البلاغ رسالته إلى اللجنة بتقارير طبية محدثة لإثبات أن حالته الصحية لم تتحسن. وتشير الوثائق إلى أن صاحب البلاغ لا يستطيع الاعتناء بنفسه ولا ت دب ير شؤون أسرة معيشية بسبب إصابته بالفصام المقترن بالبارانويا . وتشكل حالته خطراً على حياته لأنه يعاني من الهلوسة و تساور ه أفكار انتحارية. وسبق أن حاول الانتحار بالفعل في تاريخ غير محدد. وتزداد حدة هلوسته عندما يشعر بالتهديد وذلك، على سبيل المثال، عندما يرى أفغانيين ويظن أنهم يريدون قتله. كما يعاني من اضطراب النوم. وقد أُحيل بالفعل إلى مركز علاج الأزمات والصدمات في السويد، ولكن لا يمكن للمرضى الذين ليس ت لديهم رخصة إقامة تلقي العلاج هناك.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف ستنتهك، بترحيله إلى أفغانستان، حقوقه المكفولة بموجب المادتين 10 و15 من الاتفاقية، لأن ترحيله سيقوي إلى حد كبير خطر انتحاره وغيره من الأخطار التي تهدد حياته وصحته. ويدعي أن الشواهد الطبية المقدمة إلى السلطات المحلية تثبت ت شخ ي ص إصابته بأمراض عقلية منذ أمد طويل و احتمال أن يؤدي عدم توافر العلاج الطبي الملائم في أفغانستان إلى تدهور خطير وسريع ولا رجعة فيه ل حالته الصحية ي سبب معاناة شديدة أو انخفاض اً كبير اً في متوسط عمره المتوقع ( ) . وفي هذا الصدد، يستند إلى عدة تقارير قطرية ( ) ، تشير إلى تعرُّض المصابين بأمراض الصحة العقلية للوصم في أفغانستان، وعدم تلقي العاملين في المجال الطبي التدريب المناسب، وعدم تخصيص سوى 320 سريراً في المستشفيات لهؤلاء المرضى في بلد يبلغ عدد سكانه 34 مليون نسمة. ويضيف أنه غادر بلده الأصلي ، أفغانستان ، في عام 2008، وليس لديه فيه أي موارد مالية أو دعم اجتماعي. أما في السويد، فيعيش مع عائلة تعتني به وتقدم له الدعم المستمر.

3-2 ويفيد صاحب البلاغ أيضاً بأن السلطات أولت اعتباراً أقل لحالته العقلية السيئة، رغم تشخيصها الدقيق، حيث اعتبرتها مرتبطة برفض طلب اللجوء الذي قدمه. ويرى صاحب البلاغ أن هذه الممارسة تثير مشاكل، إذ لا مناص من أن يتأثر ملتمسو اللجوء برفض طلباتهم ، التي لا ينبغي تقييمها على نحو يضر بهم عندما تتعلق على وجه التحديد بمشاكل صحتهم العقلية. ويحاج صاحب البلاغ كذلك بأن إجراءات اللجوء ركزت خطأً على الأسباب المحتملة لحالته عوض التركيز على مخاطر الأذى المرتبط بإعاقته وعدم وجود العلاج الطبي المناسب في أفغانستان . وأدى هذا النهج إلى تقييم تعسفي لادعاءاته.

3-3 وعلاوة ً على ذلك، يحاج صاحب البلاغ، استناداً إلى المادتين 12 و13 من الاتفاقية، بأنه لم يجر تقييم ادعاءاته إلا على أساس أنه يعاني من اضْطِراب الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح. فرغم أنه قدم فيما بعد إلى السلطات أدلة على تشخيص إصابته بالفصام المقترن بالبارانويا ، فلم تر من الضروري إجراء تقييم جديد لادعاءاته، ومعنى ذلك أن تحدد في ضوء التشخيص الجديد لحالته ما إذا كان العلاج المناسب لها سيتاح له في أفغانستان. ويدعي كذلك أن سلطات الدولة الطرف لم تتخذ الخطوات المناسبة لتكييف إجراءات اللجوء من أجل تلبية احتياجاته الخاصة، المترتبة على حالته. ويدعي أن عدم قيام السلطات بذلك حرمه من التمتع الفعلي بحقه في الاعتراف به على قدم المساواة مع الآخرين أمام القانون.

3-4 أما بخصوص ما إذا جرى بحث قضيته في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، فيشير إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تنظر في دعواه من حيث الأسس الموضوعية. وفي هذا الصدد، يحيل إلى قرار لجنة مناهضة التعذيب في قضية إ. ك. ضد النرويج ( ) ، الذي خلصت فيه اللجنة إلى أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في بلاغ سبق أن أعلنت المحكمة الأوروبية عدم مقبوليته. ويرى صاحب البلاغ أنه يجب على اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن تتبع النهج نفسه في هذه القضية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ.

4-2 وترى الدولة الطرف أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ لأنه يخالف أحكام الاتفاقية من حيث الاختصاص الموضوعي. وتدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي، بموجب الاتفاقية، اعتبار مسؤوليتها عما يقع من أفعال أو أوجه تقصير منافية للاتفاقية في إقليم دولة أخرى استثناءً للقاعدة الرئيسية المتمثلة في أن مسؤولية الدول الأطراف عن الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقية تقتصر على إقليمها، وهو ما يقتضي بالتالي توافر ظروف استثنائية معينة. وتشير إلى أن المعاملة المنافية للمادتين 10 و15 من الاتفاقية في دولة أخرى، على خلاف الأفعال أو أوجه التقصير المنافية لمواد أخرى، قد تؤدي إلى هذه الظروف الاستثنائية.

4-3 وتشكك الدولة الطرف فيما إذا كانت المادتان 10 و15 من الاتفاقية، اللتان يحتج بهما صاحب البلاغ، تشملان مبدأ عدم الإعادة القسرية. وتدعو الدولة الطرف اللجنةَ إلى أن تضع في اعتبارها، لدى النظر في ما إذا كان الأمر كذلك، أنه يمكن بالفعل تقديم الادعاءات المتعلقة بمبدأ عدم الإعادة القسرية إلى عدة هيئات دولية لحقوق الإنسان. وفي حالة استنتاج اللجنة أن المادتين 10 و15 من الاتفاقية تتضمنان التزاماً بعدم الإعادة القسرية، ترى الدولة الطرف أن هذا الالتزام ينبغي أن ينطبق فقط على الادعاءات المتعلقة بخطر التعذيب المزعوم.

4-4 وبالإضافة إلى ذلك، ترى الدولة الطرف أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ، حيث نظرت فيه هيئة دولية أخرى. وإذ تعترف الدولة الطرف بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تحدد صراحة ً أسباب إعلانها عدم مقبولية دعوى صاحب البلاغ، فهي تلاحظ أنه لا يوجد في تلك الدعوى ما يفيد بأنها لم تستوف المعايير المنصوص عليها في المادة 34 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان). وتحاج الدولة الطرف كذلك بأن صاحب البلاغ استوفى على ما يبدو شرط الأجل الذي حددته المحكمة الأوروبية في ستة أشهر. وبالإضافة إلى ذلك، لم يوجد في ملف القضية ما يدل على عدم استيفاء شروط المقبول ي ة المنصوص عليها في الفقرتين الفرعيتين (أ) و(ب) من الفقرة 2 من المادة 35 من الاتفاقية. وتخلص الدولة الطرف بالتالي إلى أن المحكمة الأوروبية ربما أعلنت عدم مقبولية دعوى صاحب البلاغ بسبب عدم توافقها مع أحكام الاتفاقية، أو عدم دعمها بالأدلة، أو عدم استيفاء صاحب البلاغ شرط إثبات التعرض لضرر بالغ. وتفيد الدولة الطرف بأن النظر في أي من هذه المسائل يتطلب النظر في الأسس الموضوعية للدعوى. وبناء ً عليه، ترى الدولة الطرف أنه ينبغي، لأغراض المادة 2(ج) من البروتوكول الاختياري، استنتاج أن المحكمة الأوروبية ن ظ رت في قضية صاحب البلاغ من حيث المضمون، ويجب إعلان عدم مقبوليتها.

4-5 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادتين 12 و13 من الاتفاقية، تشير الدولة الطرف إلى أن وكالة شؤون الهجرة أجرت، في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، مقابلة مع صاحب البلاغ بحضور محاميه. ودعته حينها إلى تقديم ملاحظات خطية بشأن محضر مقابلته. وعلاوة ً على ذلك، تمكن صاحب البلاغ من تقديم شواهد طبية ووثائق أخرى لدعم ادعاءاته. وعليه، فقد أُتيحت له فرص وافرة لتوضيح ملابسات قضيته، شفوياً وكتابياً، لسلطات اللجوء. وبالتالي، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي من الأدلة ادعاءه أن إجراءات اللجوء تشوبها نواقص، على نحو فيه انتهاك للمادتين 12 و13 من الاتفاقية.

4-6 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ، الذي قدمه جزئياً في إطار المادتين 12 و13 وجزئياً في إطار المادتين 10 و15 من الاتفاقية، والذي مفاده أن السلطات الوطنية لم تقيم على النحو الواجب آخر تشخيص لحالته (الفصام المقترن بالبارانويا )، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ قدم أولاً عدة تقارير طبية تفيد بأنه يعاني من اضْطِراب الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح المقترن بأعراض مثل القلق والتوتر واضطرابات النوم والأوهام والهلوسة وال أفكار الانتحارية. وبعد ذلك، قدم صاحب البلاغ، عندما استأنف القرار أمام محكمة قضايا الهجرة، شواهد طبية إضافية تشير إلى وجود أسباب للاعتقاد بأنه يعاني من الفصام المقترن بالبارانويا . وتشدد الدولة الطرف على أن محكمة قضايا الهجرة راعت على النحو الواجب كل هذه المعلومات في قرارها المؤرخ 27 تشرين الأول/أكتوبر 2017، ولكنها رأت أن تشخيص الإصابة بالفصام المقترن بالبارانويا لم يُدعم بما يكفي من الأدلة. وفي وقت لاحق، قدم صاحب البلاغ وثائق طبية أخرى تورد أعراض حالته على النحو التالي: نوبات الاكتئاب، والقلق، والتوتر، واضطرابات النوم، والأوهام، والهلوسة، وال أفكار الانتحارية. وبما أن هذه المشاكل الصحية روعيت بالفعل في إطار الإجراءات الأولية للنظر في طلب اللجوء الذي قدمه صاحب البلاغ، فلم تعتبر السلطات المعلومات المتعلقة بالتشخيص الجديد لحالة صاحب البلاغ عنصراً جديداً. وبالتالي، ترى الدولة الطرف أنه، بصرف النظر عن آخر تشخيص لحالة صاحب البلاغ، أُتيحت لسلطات الهجرة معلومات مستفيضة بشأن حالته الصحية، سمحت لها بإجراء تقييم مستنير وشفاف ومعقول لادعاءاته. واستناداً إلى الملابسات السالفة الذكر، ترى الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب البلاغ لا ترقى إلى الحد الأدنى من الإثبات المطلوب لأغراض المقبولية وينبغي إعلان عدم مقبوليتها بموجب المادة 2(ه) من البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في 16 أيلول/سبتمبر 2019، أفاد صاحب البلاغ بأن قرار اللجنة في قضية و. و. ج. وآخرين ضد السويد ( ) لا يؤيد ملاحظة الدولة الطرف بشأن القاعدة العامة المتمثلة في أن مسؤولية دولة طرف عن الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقية تقتصر على إقليمها. فقد رأت اللجنة في تلك القضية أن ترحيل دولة طرف شخصاً ما إلى إقليم غير خاضع لولايتها القضائية قد يواجه فيه خطر التعرض لانتهاك حقوقه المكفولة بموجب ا لاتفاقية يمكن أن تترتب عليه في حالات معينة مسؤولية على الدولة القائمة بالترحيل، بموجب الاتفاقية التي لا تتضمن بنداً بشأن تقييد انطباقها خارج حدود الإقليم الوطني ( ) .

5-2 ويحاج صاحب البلاغ بأنه ينبغي تفسير المادتين 10 و15 من الاتفاقية على أنهما تشملان حالات الإعادة القسرية، بالنظر إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة يشكلون فئة شديدة الضعف. وفي هذا الصدد، يفيد بأن مبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب الاتفاقية ينبغي تفسيره ليس فقط في ضوء المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بل كذلك في ضوء المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( )  والمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) ، لأن صياغة أحكام هذه المواد، على غرار صياغة المادة 15 من الاتفاقية، لا توفر الحماية من التعذيب فحسب، بل كذلك من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

5-3 وفيما يتعلق بالادعاءات المثارة في إطار المادتين 12 و13 من الاتفاقية، يشير صاحب البلاغ إلى أن الحقوق المتعلقة بالمحاكمة العادلة في حالات الطرد يشكل جزءاً لا يتجزأ من مبدأ عدم الإعادة القسرية. وبالنظر إلى أن اللجنة لم تبت بعد في قضايا مماثلة لهذه القضية، فقد تعتبر هذه الحقوق جزءاً من الحماية المكفولة بموجب المادتين 10 و15 من الاتفاقية. وفي هذه الحالة، ليس لدى صاحب البلاغ أي اعتراض على نظر اللجنة في حججه فقط بموجب المادتين 10 و15 من الاتفاقية.

5-4 وبالإضافة إلى ذلك، يعترض صاحب البلاغ على رأي الدولة الطرف أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نظرت في قضيته من حيث أسسها الموضوعية. ويقول إن هذا الاستنتاج ليس سوى م حض تكهنات.

5-5 ورداً على رأي الدولة الطرف أنه لم يدعم ادعاءاته بما يكفي من الأدلة، يشدد على أنه لم يجر تكييف إجراءات اللجوء مع إعاقته وأن تمك ُّ ن َ ه من عرض قضيته لا يعني أنه استطاع القيام بذلك على أفضل وجه ممكن. كما يعترض على إفادة الدولة الطرف بأن السلطات الوطنية استطاعت اتخاذ قرار مستنير، لأنها استندت فقط إلى أعراض حالته وتجاهلت تشخيص إصابته بالفصام المقترن بالبارانويا . ويقول صاحب البلاغ إن العلاج يتوقف على التشخيص، حتى لو كانت الأعراض متماثلة. ولذلك، كان من الواجب إيلاء تشخيصه الإضافي أهمية رئيسية في تقييم طلب اللجوء الذي قدمه، ويُعتبر عدم أخذ هذا التشخيص في الحسبان انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 13 آذار/مارس 2020، ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. وبالإضافة إلى أسباب عدم المقبولية التي احتجت بها الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ترى أيضاً أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية الشكوى فيما يتعلق بالمادتين 12 و13 من الاتفاقية لعدم استنفاد صاحبها سبل الانتصاف المحلية.

6-2 وتقدم الدولة الطرف معلومات عن التشريعات المحلية ذات الصلة، وتشير إلى أنه يجوز منح شخص رخصة الإقامة بموجب المادة 6 من الفصل 5 من قانون الأجانب عندما يُظهر تقييم شامل لحالته أن ظروفه مؤلمة لدرجة تبرر السماح له بالبقاء في الدولة الطرف. ولدى إجراء هذا التقييم، ينبغي إيلاء اهتمام خاص لحالة الشخص الصحية، ومدى تأقلمه مع الحياة في الدولة الطرف، والحالة السائدة في بلده الأصلي. وأحد أسباب منح رخصة الإقامة في هذه الظروف إصابة الشخص المعني بمرض بدني أو عقلي يهدد حياته أو معاناته من إعاقة خطيرة للغاية. وتشير الدولة الطرف إلى أنه ينبغي، لمنح رخصة الإقامة على أساس اعتلال الصحة العقلية، أن يثبت فحص طبي أن حالة الصحة العقلية للشخص المعني سيئة لدرجة أنه يمكن اعتبارها خطراً على حياته. أما بخصوص ادعاء خطر الانتحار، فالمنطلق هو أن كل شخص هو المسؤول الأول عن حياته وتصرفاته. غير أنه تُمنح رخصة الإقامة في بعض الحالات لحماية شخص مصاب باضطراب عقلي خطير وغير مؤقت يمارس أو يبدي نية ممارسة أفعال التدمير الذاتي الخطيرة. وفي هذه الحالة، تقَيم وكالة شؤون الهجرة مدى ارتباط هذا السلوك بمرض عقلي شديد يثبته فحص طبي - نفسي.

6-3 وتحيل الدولة الطرف إلى قضية ز. ضد أستراليا ( ) ، التي أثبتت فيها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن حالة صاحب البلاغ الصحية ليست ذات طابع استثنائي يقتضي إعمال التزامات الدولة الطرف بعدم الإعادة القسرية بموجب المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتحيل الدولة الطرف أيضاً إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية بابوشفيلي ضد بلجيكا ، الذي خلصت فيه إلى أنه، في حالات مماثلة، لا يجوز، إلا في ظروف استثنائية جداً، إثارة مسألة في إطار المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . وتدعو الدولة الطرف اللجنة إلى اتباع نفس المعيار في سياق نظرها في هذه القضية، وتشدد على أنه لا يجوز أن تُلزم اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الدول الأطراف بتقليص ما قد يوجد من تفاوتات في مستوى العلاج بين دولة المنشأ والدولة المستقبلة، لأن ذلك قد يفرض عبئاً مفرطاً على الدول الأطراف.

6-4 وفي هذه القضية، تحاج الدولة الطرف بأن سلطات الهجرة قيَّمت بالفعل ما إذا كانت الرعاية الطبية والأدوية ستتاح لصاحب الشكوى في أفغانستان. وبالتالي، فقد أخذت السلطات في الاعتبار حالته الصحية، المبينة في التقارير الطبية المقدمة. غير أنها خلصت إلى أن المعلومات المعروضة عليها لا تثبت أن حالة صاحب البلاغ الصحية ذات طابع استثنائي يجعل طردَه منافياً لالتزامات الدولة الطرف في مجال حقوق الإنسان. وتقول الدولة الطرف إنه لا يوجد ما يدعو إلى استنتاج أن قرارات السلطات المحلية غير مناسبة، أو أن ما أفضت إليه الإجراءات كان بأي شكل من الأشكال تعسفياً أو بلغ حد إنكار العدالة. وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ذكرت عدة مرات أنه لا ينبغي أن يمنع تهديد ملتمسي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم بالانتحار الدول من إنفاذ أوامر طردهم، شريطة اتخاذ تدابير لإزالة هذا الخطر. وتقول الدولة الطرف إنها واثقة من إنفاذ أمر الطرد في هذه القضية بطريقة تقلل إلى أدنى حد معاناة صاحب البلاغ، وتراعي حالته العقلية. وعلاوةً على ذلك، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت بما يكفي من الأدلة ادعاءه أنه لن يستطيع الاندماج مرة أخرى في بلده الأصلي والاستفادة من نظام الدعم الاجتماعي في أفغانستان بعدما عاش أكثر من عشر سنوات في الخارج.

6-5 وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أنها لا تهدف إلى التقليل من شأن مشاكل صاحب البلاغ المتصلة بالصحة العقلية وشواغله المشروعة بشأن نواقص الهياكل الأساسية المتاحة للرعاية الصحية في أفغانستان. غير أنها تخلص، في ضوء ما تقدم، إلى أن صاحب البلاغ لم يثبت أن حالته الصحية ذات طابع استثنائي قد ي جعل ترحيله إلى أفغانستان انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المادتين 10 و15 من الاتفاقية.

6-6 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ المدرجة في إطار المادة 12 من الاتفاقية، تشير الدولة الطرف إلى أنه لم يحدد كيف كان ينبغي تكييف إجراءات اللجوء المحلية لمراعاة حالته الصحية. كما لم يوضح كيف تَأثر تقييم السلطات المحلية بعدم إجراء تكييف من هذا القبيل. وتؤكد الدولة الطرف أنه عُيِّن لصاحب البلاغ محام ساعده خلال جميع مراحل الإجراءات. وتمكَّن من تقديم ملاحظات خطية وشارك في مقابلات شفوية. وبالإضافة إلى ذلك، تمكَّن من تقديم تقارير طبية. وترى الدولة الطرف بالتالي أن صاحب البلاغ تمكَّن من عرض قضيته بطريقة مُرضية.

6-7 وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن ادعاء صاحب البلاغ المدرج في إطار المادة 13 من الاتفاقية أن سلطات الهجرة تجاهلت في تقييمها تشخيص إصابته بالفصام المقترن بالبارانويا لا يثير مسألة منفصلة وينبغي النظر فيه، في حالة قبوله، بموجب المادة 15 من الاتفاقية.

تعليقات صاحب البلاغ على مذكرة الدولة الطرف، بما في ذلك ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية

7-1 يشير صاحب البلاغ في مذكرته المؤرخة 7 أيار/مايو 2020 إلى أن حالته لم تتغير، وأنه، بدون رخصة إقامة، لا يزال غير قادر على الحصول على علاج الصدمات النفسية الذي وصفه له طبيبه في السويد.

7-2 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف على مقبولية الشكوى بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يدعي صاحب البلاغ أنه لا يوجد سبيل قانوني لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بادعاءاته المدرجة في إطار المادتين 12 و13 من الاتفاقية سوى ادعاء وجود عوائق أمام إنفاذ أمر طرده وتقديم طعون في قرارات المحكمة الابتدائية. وعليه، يحاج صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

7-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للشكوى، يؤكد صاحب البلاغ أن سلطات الهجرة رفضت تقييم المخاطر المرتبطة بحالته الصحية والناجمة عن تشخيص إصابته بالفصام المقترن بالبارانويا ، واستندت عوض ذلك إلى تقييمها السابق الذي أجرته على أساس تشخيص إصابته باضْطِراب الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح. واستناداً إلى قراريْ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية بابوشفيلي ضد بلجيكا وقضية ف. غ. ضد السويد ( ) ، يدعي صاحب البلاغ أنه قدم أدلة على وجود أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه سيواجه خطراً حقيقياً بالتعرض لسوء المعاملة إن أعيد إلى أفغانستان، وأن على السلطات أن تتحقق من إمكانية حصوله على الرعاية الطبية الملائمة. ورغم نظر السلطات في المعلومات القطرية المتاحة، فإن استنتاجها يبدو تعسفياً إذ لا يوجد في تلك المعلومات القطرية ما يفيد بأن العلاج الطبي سيتاح له، بالنظر إلى حالة الضعف الشديد التي يعاني منها. وعلاوة على ذلك، لم تشر الدولة الطرف إلى أي معلومات قطرية تتعلق بالعلاج الطبي المتاح للمصابين بالفصام المقترن بالبارانويا في أفغانستان. ويرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تُزل عن نفسها عبء إثبات العكس. ويضيف صاحب البلاغ أنه، بالإضافة إلى خطر الانتحار، يواجه ، بسبب إعاقته ، خطر المعاملة اللاإنسانية والمهينة، الذي يزداد تفاقماً بالنظر إلى أنه لا توجد لديه أي شبكة اجتماعية في بلده الأصلي. ويحيل إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية سافران ضد الدانمرك ، الذي خلصت فيه إلى أن ترحيل مقدم الدعوى، الذي كان يعاني من الفصام المقترن بالبارانويا ، إلى تركيا من دون حصول السلطات الدانمركية على ضمانات فردية، يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . و بناءً على ما تقدم، يخلص صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المواد 10 و12 و13 و15 من الاتفاقية.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

8- قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 22 كانون الأول/ديسمبر 2020، ملاحظات إضافية، كررت فيها رأيها أنه لا ينبغي تطبيق الاتفاقية على حالات عدم الإعادة القسرية، لا سيما وأن ثمة آليات أخرى يمكن اللجوء إليها في حالات مماثلة. وعلاوة على ذلك، تعترض الدولة الطرف على رأي صاحب البلاغ أن السلطات لم تراع على النحو الواجب في تقييمها المبادئ َ التي أرستها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية بابوشفيلي ضد بلجيكا . وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أنه، خلافاً لما يدعيه صاحب البلاغ، لا ينبغي اعتبار الحكم الصادر في قضية ف. غ. ضد السويد  ذا صلة بهذه القضية.

باء- المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

9-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري والمادة 65 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

9-2 ويجب على اللجنة أن تتحقق، وفقاً لما تقتضيه المادة 2(ج) من البروتوكول الاختياري، من أنه لم يسبق لها النظر في المسألة ذاتها، ومن أنه لم يُنظَر فيها وليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدّم دعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تستند إلى الوقائع ذاتها المعروضة على اللجنة. ورأت المحكمة الأوروبية، في قرارها المؤرخ 10 كانون الثاني/يناير 2019، أن دعواه لا تستوفي معايير المقبولية المبينة في المادتين 34 و35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وتُذكر اللجنة بأنه، عندما لا تستند المحكمة الأوروبية في قرارها بعدم مقبولية مسألة ما إلى أسس إجرائية فقط، بل كذلك إلى أسباب تشمل النظر إلى حد ما في الأسس الموضوعية للقضية، ينبغي استنتاج أنه جرى النظر في "المسألة ذاتها" بالمعنى المقصود في المادة 2(ج) من البروتوكول الاختياري. غير أنه، بالنظر إلى الطابع المقتضب لقرار المحكمة الأوروبية، ولا سيما عدم وجود أي حجة أو توضيح لتبرير رفض الدعوى من حيث الأسس الموضوعية، ترى اللجنة أنه لا يمكنها أن تخلص بيقين إلى أنه سبق النظر، وإن بشكل محدود، في قضية صاحب البلاغ من حيث الأسس الموضوعية. وتخلص اللجنة بالتالي إلى أنه لا يوجد ما يمنع قبول هذا البلاغ بموجب المادة 2(ج) من البروتوكول الاختياري ( ) .

9-3 وتحيط اللجنة علماً بإفادة الدولة الطرف بأنه ينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ من حيث الاختصاص الموضوعي والاختصاص المكاني بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري، أو اعتباره غير مدعوم بما يكفي من الأدلة بموجب المادة 2(ه) من البروتوكول الاختياري، وبأنه ينبغي أيضاً إعلان عدم مقبولية جزء البلاغ المتعلق بادعاءات صاحب ه المدرجة في إطار المادتين 12 و13 من الاتفاقية لعدم استنفاده سبل الانتصاف المحلية.

9-4 وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها في قضية و. و. ج. ضد السويد ، التي أشارت فيها إلى أن ترحيل دولة طرف شخصاً إلى إقليم غير خاضع لولايتها القضائية قد يواجه فيه خطر التعرض لانتهاك حقوقه المكفولة بموجب الاتفاقية، يمكن أن تترتب عليه، في حالات معينة، مسؤولية الدولة القائمة بالترحيل بموجب الاتفاقية (الفقرة 10-3). وترى اللجنة أن مبدأ عدم الإعادة القسرية يفرض على الدول الأطراف واجب الامتناع عن ترحيل شخص من إقليمها في حالة وجود خطر حقيقي بأن يتعرض لانتهاكات خطيرة لحقوقه الواردة في الاتفاقية تبلغ حد التعرض لأذى لا يمكن جبره، ويشمل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الحقوق المكرسة في المادتين 10 و15 من الاتفاقية ( ) . وترى اللجنة بالتالي أن مبدأ تجاوز الأثر الحدود الإقليمية لن يمنعها من النظر في هذا البلاغ بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن ترحيله إلى أفغانستان سيؤدي إلى خطر جسيم على حياته وصحته، إذ لن يتمكن من الحصول في ذلك البلد على الرعاية الطبية الضرورية المنقذة للحياة. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم، لأغراض المقبولية، ما يكفي من الأدلة لدعم هذه الادعاءات التي أثارها في إطار المادتين 10 و15 من الاتفاقية.

9-5 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ المدرجة في إطار المادتين 12 و13 من الاتفاقية. وترى أن جزء البلاغ الذي يدعي فيه صاحبه أن السلطات لم تراع خلال إجراءات اللجوء احتياجاته الخاصة الناجمة عن حالته الصحية، لم يُدعم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يحدد الترتيبات التي احتاج إليها، ولم يبين، على وجه الخصوص، أنه طلب إلى سلطات الهجرة اعتماد ترتيبات من هذا القبيل. ولم يوضح كذلك بشكل ملموس كيف أعاقت الظروف عرضه قضيته على سلطات الهجرة. وعليه، ترى اللجنة أن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2(ه) من البروتوكول الاختياري. أما بخصوص ادعاء صاحب البلاغ أنه لم يجر تقييم طلب اللجوء الذي قدمه إلا على أساس أنه يعاني من اضْطِراب الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح، فترى اللجنة أن لهذا الادعاء صلة وثيقة بالادعاءات المقدمة في إطار المادتين 10 و15 من الاتفاقية، وستنظر فيه بموجب هاتين المادتين.

9-6 ولعدم ورود أي اعتراضات أخرى على مقبولية البلاغ، تعلن اللجنة أنه مقبول فيما يتعلق بادعاءات صاحبه المدرجة في إطار المادتين 10 و15 من الاتفاقية، وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي تلقتها، عملاً بالمادة 5 من البروتوكول الاختياري والفقرة 1 من المادة 73 من نظامها الداخلي.

10-2 وتذكر اللجنة بنص المادة 10 من الاتفاقية على أن الدول الأطراف تؤكد من جديد أن لكل إنسان الحق الأصيل في الحياة وتتخذ جميع التدابير الضرورية لضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة فعلياً بهذا الحق على قدم المساواة مع الآخرين. وتذكر اللجنة أيضاً بأنه، بموجب المادة 15 من الاتفاقية، تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع تعرض الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع الآخرين، للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

10-3 وتلاحظ اللجنة أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، تشير في تعليقها العام رقم 31(2004) إلى التزام الدول الأطراف بعدم تسليم أو ترحيل أو طرد أو نقل أي شخص بأي طريقة أخرى من إقليمها في حالة وجود أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه سيواجه خطراً حقيقياً بالتعرض لضرر لا يمكن جبره، على النحو الوارد في المادتين 6 و7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الفقرة 12). وتلاحظ أيضاً إشارة اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في اجتهاداتها إلى أنه ينبغي أن يكون الخطر شخصياً ( ) ، وأن تكون ثمة معايير صارمة لتحديد الأسس الوجيهة لإثبات وجود خطر حقيقي بالتعرض لضرر لا يمكن جبره. وبالتالي، يجب مراعاة جميع الوقائع والملابسات ذات الصلة، بما فيها الحالة العامة لحقوق الإنسان في البلد الأصلي لصاحب البلاغ ( ) . وأكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في اجتهاداتها أنه ينبغي إعطاء أهمية كبيرة للتقييم الذي تُجريه الدولة المعنية، وأنه يعود إلى أجهزة الدولة عموماً اختصاص مراجعة أو تقييم الوقائع والأدلة المتعلقة بالقضية لتحديد ما إذا كان هذا الخطر قائماً، ما لم يثبت أن التقييم كان تعسفياً بشكل واضح أو بلغ حد الخطأ البيِّن أو إنكار العدالة ( ) .

10-4 وتذكر اللجنة كذلك بقرارها في قضية ن. ل. ضد السويد ( ) ، الذي خلصت فيه إلى انتهاك الدولة الطرف المادة 15 من الاتفاقية بسبب عدم تقييمها إمكانية حصول صاحبة البلاغ في العراق على الرعاية الطبية الملائمة لتشخيص حالتها، رغم أنها قدمت عدة شواهد طبية إلى السلطات المحلية تبين أن حالتها الصحية خطيرة وقد تودي بحياتها إن لم يتوافر لها العلاج الذي تتلقاه في الدولة الطرف. وتلاحظ اللجنة أنه أُشير في هذا القرار إلى الاجتهادات ذات الصلة للجنة المعنية بحقوق الإنسان ( )  ولجنة مناهضة التعذيب ( )  والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . وتشير اللجنة إلى أن المبادئ العامة المنصوص عليها في هذه القرارات أُعيد تأكيدها في قضية ن. ل. ضد السويد (الفقرات من 7-3 إلى 7-5) ولا تزال تكتسي أهمية في تقييم هذه القضية.

10-5 وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف ستنتهك، بترحيله إلى أفغانستان، حقوقه المكفولة بموجب المادتين 10 و15 من الاتفاقية، لأن ترحيله سيقوي إلى حد كبير خطر انتحاره وغير ذلك من الأخطار التي تهدد حياته وصحته. وتحيط اللجنة علماً بإفادة صاحب البلاغ بأن الفحوص شخصت إصابته باكتئاب شديد مقترن بأعراض الذهان وبأنه أُدخل المستشفى لتلقي العلاج بموجب قانون الرعاية النفسية الإلزامية، بعد معاناته من نوبات الهلوسة وتفكيره في الانتحار ومحاولته الانتحار. وتضع اللجنة في اعتبارها أيضاً حجة صاحب البلاغ أنه، وإن قدَّم عدة شواهد طبية خلال إجراءات اللجوء تؤكد أن الفحوص شخصت إصابته أيضاً بالفصام المقترن بالبارانويا ، لم تر السلطات من الضروري النظر مجدداً في ادعاءه للتحقق مما إذا كان سيتاح له العلاج الملائم لحالته في ضوء التشخيص الجديد. وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ أن السلطات، رغم إشارة الشواهد الطبية إلى أن حالته الصحية تشكل خطراً على حياته إن لم يتلق العلاج المناسب، أولت اعتباراً أقل لتشخيص حالته حيث أعزت سببها إلى رفض طلب اللجوء الذي قدمه.

10-6 وبالإضافة إلى ذلك، تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن سلطاتها المحلية أجرت دراسة مستفيضة لادعاءات صاحب البلاغ وأنه لا يوجد سبب لاستنتاج أن القرارات المحلية لم تكن ملائمة أو أن نتيجة الإجراءات كانت بأي شكل من الأشكال تعسفية أو بلغت حد إنكار العدالة. وتحيط اللجنة علماً بإفادة الدولة الطرف بأنه، بصرف النظر عن آخر تشخيص لحالة صاحب البلاغ، أُتيحت لسلطات الهجرة معلومات مستفيضة بشأن حالته الصحية، سمحت لها بإجراء تقييم مستنير وشفاف ومعقول لادعاءاته.

10-7 وفي هذه القضية، يجب على اللجنة بالتالي أن تحدد، آخذة في الاعتبار العوامل المبينة أعلاه، ما إذا كانت ثمة أسباب وجيهة للاعتقاد بأن صاحب البلاغ سيواجه، إن أُعيد إلى أفغانستان، خطراً حقيقياً بالتعرض لضرر لا يمكن جبره، على النحو المبين في المادتين 10 و15 من الاتفاقية، مثل وقوع تدهور خطير وسريع ولا رجعة فيه في صحته يؤدي إلى معاناة شديدة أو إلى انخفاض كبير في عمره المتوقع ( ) . وتلاحظ اللجنة أنه لا يوجد جدال بين الطرفين في أن الفحوص شخصت إصابة صاحب البلاغ باضطراب الكرب التالي للرَّضح وأنه يعالج من هذه الحالة التي اعتُبرت خطراً على حياته بسبب احتمال انتحاره. وتلاحظ اللجنة كذلك أنه يتبين من قرار محكمة قضايا الهجرة المؤرخ 17 تموز/يوليه 2018 أن السلطات المحلية لم تشكك في تشخيص إصابة صاحب البلاغ بالفصام المقترن بالبارانويا ، ولكنها رأت أن ذلك لا يشكل عنصراً جديداً لإجراء تقييم جديد لطلب اللجوء الذي قدمه.

10-8 وتلاحظ اللجنة أن الطرفين يختلفان فيما إذا كان تقييم السلطات المحلية يستوفي معايير حقوق الإنسان المنطبقة فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه لن يتمكن من الحصول على العلاج الطبي المناسب في أفغانستان. وتضع اللجنة في اعتبارها حجتيْ صاحب البلاغ المتمثلتين في أنه كان على السلطات المحلية أن تطلب إجراء تقييم جديد في ضوء تشخيص إصابته بالفصام المقترن بالبارانويا ، وأن المعلومات القطرية ذات الصلة لا تدعم ب أي حال رأي السلطات أن علاج الصحة العقلية سيكون متاحاً له، حتى فيما يتعلق باضْطِراب الكَرْبِ التَّالي للرَّضْح. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً برأي محكمة قضايا الهجرة أن أعراض حالة صاحب البلاغ وعاهته الوظيفية، التي شكلت جزءاً من التقييم الذي أجرته خلال الإجراءات الأولية، تماثل إلى حد كبير تلك المبينة في الشواهد الطبية التي أكدت تشخيص إصابته بالفصام المقترن بالبارانويا . وتذكِّر اللجنة بأن محاكم الدول الأطراف في الاتفاقية هي المختصة عموماً بتقييم الوقائع والأدلة في قضية معينة، ما لم يثبت أن هذا التقييم كان تعسفياً بشكل واضح أو بلغ حد إنكار العدالة ( ) . وبالنظر إلى أن سلطات اللجوء أجرت تقييماً لمخاطر الضرر المرتبط بحالة صاحب البلاغ الصحية العقلية، فلا يمكن للجنة استنتاج أن رفض سلطات الدولة الطرف إجراء تقييم آخر لهذه المخاطر في إطار مجموعة جديدة من الإجراءات، استناداً إلى التشخيص الجديد لحالة صاحب البلاغ ، جعل رفض طلب اللجوء الذي قدمه صاحب البلاغ إجراء تعسفياً أو بلغ حد الخطأ البيّن أو إنكار العدالة.

10-9 وتذكر اللجنة باجتهادات لجنة مناهضة التعذيب والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي مفادها أن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب البلاغ، الذي يجب عليه تقديم أدلة من شأنها إثبات وجود أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه سيواجه خطراً حقيقياً بالتعرض لسوء المعاملة في حالة ترحيله ( ) . غير أن الأمر لا يتعلق بطلب دليل واضح، لأن التخمين إلى حد ما متأصل في الغرض الوقائي من مبدأ عدم الإعادة القسرية ( ) . وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ أزاح عن كاهل ه عبء الإثبات. غير أن السلطات المحلية لم تبدد أياً من الشكوك المثارة بشأن المخاطر التي سيواجهها بعد عودته إلى أفغانستان. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن السلطات المحلية اعتبرت سوء صحة صاحب البلاغ وأفكاره الانتحارية عاملين مرتبطين في المقام الأول بخيبة أمله إزاء إجراءات اللجوء التي باشرها، ويبدو أن ذلك أضعف بشكل غير معقول ادعاءاته المتعلقة بتشخيص حالته. وتلاحظ اللجنة رأي سلطات الهجرة أن الرعاية الطبية الضرورية لوقاية صاحب البلاغ من التعرض لانتهاكٍ لحقوقه المكفولة بموجب المادة 15 من الاتفاقية ستتاح له بعد عودته إلى أفغانستان. وأساس هذا التقييم هو التقارير المتعلقة ب الحالة العامة لخدمات الرعاية الصحية في أفغانستان، التي كشفت، رغم ذلك، محدودية توافر الرعاية النفسية وإمكانية الحصول على الدواء. وتفيد مصادر إضافية موثوقة للمعلومات عن حالة الرعاية الصحية في أفغانستان، استشارتها اللجنة، بأنه يوجد نقص في المهنيين المدربين (أطباء الأمراض النفسية والأخصائيون الاجتماعيون وعلماء النفس)، وفي الهياكل الأساسية، والوعي بقضايا الصحة العقلية، وتتوافر موارد محدودة جداً لتلبية احتياجات أكثر من 30 مليون نسمة ( ) . وتلاحظ اللجنة اعتراف السلطات المحلية، إلى حد كبير، بهذه النواقص، مما يثير شكوكاً قوية بشأن توافر الرعاية الصحية التي يحتاج إليها صاحب البلاغ لمنع انتهاكات حقوقه المكفولة بموجب المادة 15 من الاتفاقية، على النحو المحدد في الفقرة 10-7 أعلاه. وفي ظل هذه الملابسات، كانت سلطات الدولة الطرف ملزمة بالنظر في مدى إمكانية حصول صاحب البلاغ بالفعل على الرعاية المطلوبة في أفغانستان ( ) ، وبالحصول من هذه الدولة على ضمانات فردية كافية إن استمرت هذه الشكوك القوية ( ) . وترى اللجنة أنه لا يكفي في هذا الصدد تأكيد الدولة الطرف أن طرد صاحب البلاغ سينفذ بطريقة تقلل إلى أدنى حد من معاناته. ولذلك، ترى اللجنة أن الضمانات الفردية كانت ستكتسي أهمية خاصة في ظل ملابسات هذه القضية، بالنظر إلى أن صاحب البلاغ غادر أفغانستان في سن مبكرة جداً منذ 13 سنة، وإلى أن التقارير تشير إلى أن العائدين قد يواجهون تحديات خاصة في الحصول على خدمات الرعاية الصحية ( ) .

10-10 وفي ظل هذه الملابسات، ترى اللجنة أنه لا تزال ثمة شكوك قوية بشأن ما إذا كان صاحب البلاغ سيحصل بالفعل في أفغانستان على العلاج الطبي الملائم لمنع انتهاك حقوقه المكفولة بموجب المادة 15 من الاتفاقية. ولا يمكنها بالتالي استنتاج أن تقييم السلطات المحلية لم يكن تعسفياً فيما يتعلق بوجود خطر حقيقي بأن يتعرض صاحب البلاغ في بلده الأصلي لضرر لا يمكن جبره.

10-11 وفي ضوء الاعتبارات الواردة أعلاه، ترى اللجنة أن من شأن ترحيل صاحب البلاغ إلى أفغانستان، إن نُفذ، أن ينتهك حقوقه المكفولة بموجب المادة 15 من الاتفاقية.

10-12 وفي ضوء هذه الاستنتاجات، ترى اللجنة أنه من غير الضروري النظر بشكل منفصل في ادعاءات صاحب البلاغ المدرجة في إطار المادة 10 من الاتفاقية.

جيم- الاستنتاجات والتوصيات

11- إن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزاماتها بموجب المادة 15 من الاتفاقية. وعليه، تقدم اللجنة إلى الدولة الطرف التوصيات التالية:

(أ) فيما يتعلق بصاحب البلاغ، يجب على الدولة الطرف القيام بما يلي:

أن تتيح له سبيل انتصاف فعالاً، بما في ذلك التعويض عن أي تكاليف قانونية تكبدها في تقديم هذا البلاغ؛

أن تعيد النظر في قضية صاحب البلاغ، مع مراعاة التزاماتها بموجب الاتفاقية وهذه الآراء؛

أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع في أشكال ميسر ة حتى يتسنى الاطلاع عليها لجميع شرائح السكان.

(ب) بصفة عامة، يجب على الدولة الطرف أن تتخذ تدابير لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تكفل على النحو الواجب مراعاة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة مع الآخرين في سياق قرارات اللجوء.

12- ووفقاً للمادة 5 من البروتوكول الاختياري والمادة 75 من النظام الداخلي للجنة، ينبغي للدولة الطرف أن تقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن أي إجراءات اتخذتها في ضوء هذه الآراء والتوصيات .