الأمم المتحدة

CAT/C/61/D/747/2016

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

7 September 2017

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 747/2016 * **

المقدم من: ه. ي.

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى: 4 أيار/مايو 2016 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد القرار: 9 آب/أغسطس 2017

الموضوع: تسليمه إلى تركيا

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ عدم الإعادة القسرية

المسائل الإجرائية: لا  يوجد

مواد الاتفاقية: 3

1-1 صاحب الشكوى هو ه. ي.، مواطن تركي من إثنية الأكراد ، ذو أصول أرمينية أرثوذكسية، وُلِد في عام 1967 . وهو محتجزٌ حالياً في بور غ دو ر ف ، بيرن، سويسرا، في انتظار تسليمه إلى تركيا. وكان قد حاز مركز مقيم في سويسرا عندما طلب ت تركيا تسليمه ا إيا ه في عام 2011. وفي عام 2015، أمرت السلطات السويسرية بتسليمه مقابل ضمانات دبلوماسية قد ّ متها تركيا. وفي 3 أيار/مايو 2016، قد ّ م صاحب الشكوى طعناً في أمر التسليم رفضته المحكمة العليا الاتحادية .

1-2 وطبقاً للمادة 22(3) من الاتفاقية، وجهت اللجنة عناية الدولة الطرف إلى الشكوى في 6 أيار/مايو 2016. وفي الوقت نفسه، وتطبيقاً للمادة 114(1) من نظام ا للجنة الأساسي، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف ألا تسل ّ م صاحب الشكوى إلى تركيا ريثما تنظر في شكواه.

1-3 وفي 9 أيار/مايو 2016، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها اتخذت الإجراءات الضرورية لتأجيل تسليم صاحب الشكوى إلى أن تصد ِ ر اللجنة قراراً بشأن الأسس الموضوعية للقضية أو بشأن رفع التدابير المؤقتة.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 على مدى جيل كامل، انخرطت عائلة صاحب الشكوى في القضية الكردية في تركيا. فوالده كان من أوائل المقاتلين في حزب العمال الكردستاني و قد قُتِل في معركة بين حزب العمال الكردستاني وحراس إحدى القرى. وصاحب الشكوى من داعمي حزب العمال الكردستاني وقد احتُجز وعُذِّب عدة مرات لهذا السبب.

2-2 وفي تاريخ غير محدد، اتُّهم صاحب البلاغ وشقيق ُ ه التوأم س. ي.، بقتل أحد حراس القرية في عام 1988 ثأراً لوالدهم. وأنكر صاحب الشكوى اشتراكه في عملية القتل، مدعياً أن التهم الموجهة إليه قد لُفقت له لأسباب سياسية وبسبب تاريخ أسرته. وعندما كان رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة، مارس عليه أفراد الشرطة التعذيب لمدة ثمانية أيام، ولا سيما الفلقة ( أ ي جلده على أخمص قدم يه )، والحرق بالسجائر، والضرب المتكرر، والتعريض للصدمات الكهربائية. ولم يكن يقدر على الاضطجاع أو المشي طوال تلك الأيام الثمانية، وظل يتبول دماً لعدة أيام بعد ذلك ولا  ت زال ندوب ذلك التعذيب بادية على معصميه. وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر 1989، حكمت عليه محكمة المحلفين الثانية في غازي ع ي نتاب بالإعدام ب تهمة القتل، خُففت لاحقاً إلى عقوبة الحبس مدى الحياة. وتمّ الاستناد أساس اً في إصدار الحكم عليه إلى شهادة أخيه م. ي.، التي انتُزعت منه تحت التعذيب. وفي وقت لاحق، س حب م. ي. وشاهدان آخران أقوالهم المناوئة لصاحب الشكوى. ولم يطعن صاحب الشكوى في الحكم الصادر عليه لأنه لم يتوفق في إيجاد محامٍ كفء. وفي تاريخ غير محدد، استطاع الهرب من السجن بمساعدة س. ي.، الذي حل محله في السجن.

2-3 وفي عام 1992، طلب صاحب الشكوى اللجوء إلى سويسرا بسبب تعرضه ل لتعذيب وما يتصل به من اضطراب ناتج عن الكرب ال تال ي للرضح والذي جرى تشخيص ُ ه أول مرة في عام 1994 ( ) . وفي 26 آب/أغسطس 1994، رفض المكتب الاتحادي السويسري لشؤون اللاجئين طلبه اللجوء. وفي 5 كانون الثاني/يناير 1995، رفض مجلس مراجعة الطعون في سويسرا طعنه. وبعد طلبه إعادة النظر، وهو الطلب المؤرخ 10 أيار/مايو 1995، منحه المكتب حمايةً احتياطيةً و إذن اً بالدخول المؤقت إلى سويسرا في 17 أيلول/سبتمبر 1996. فقد وجد المكتب أن صاحب الشكوى كان يواجه خطراً حقيقياً من انتهاك المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) إ ذا ما أُعيد إلى تركيا. ويد ّ عي صاحب الشكوى أيضاً أن المكتب أثبت أنه كانت لديه " صحيف ة بيانات سياسية" في تركيا وصفته بأنه "شخص مزعج أو عنيد" وأن السلطات التركية كانت ترصد أنشطته السياسية. وفي 19 أيلول/سبتمبر 2002، أيّد المجلس القرار استئنافياً.

2-4 وفي تلك الأثناء، في عام 1995، أُطلق سراح أخ صاحب الشكوى، س. ي.، من السجن ف ف ر ّ من تركيا. وفي 16 آب/أغسطس 1996، مُنِح س. ي. مركز لاجئ في سويسرا. وكان قد ادعى في طلبه اللجوء أنه تعرض للتعذيب في أيلول/سبتمبر - تشرين الأول/أكتوبر 1994 بعد أن قبضت عليه الشرطة. ويدعي صاحب الشكوى أن طلب اللجوء الذي قدمه أخاه يتضمن وثائق تتعلق بإجراء كان قد اتُّخذ في حقه بموجب قوانين مكافحة الإرهاب التركية ورد فيها اسم صاحب الشكوى باعتباره عضواً في حزب العمال الكردستاني. ويؤكد هذا الأمر أن صاحب الشكوى لديه صحيف ة معلومات سياسية في تركيا، وذلك باعتراف السلطات السويسرية.

2-5 وفي عام 2010، م ُ نح صاحب الشكوى مركز إقامة من فئة "باء" في سويسرا. ولأنه لم يكن بإمكانه العمل بدوام كامل منذ عام 1999 بسبب إصابته في العمل وما نتج عنها لاحقاً من إعاقة جزئية، جد ّ د اهتمامه بحركة حزب العمال الكردستاني فعمل سائقاً لقادة حزب العمال الكردستاني، حيث أخذهم بسيارته في سفر يات طويلة في كافة أنحاء أوروبا، واستضاف أعضاء في حزب العمال الكردستاني أثناء زيارة سويسرا، وشارك في عدد من المناسبات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وأجري َ ت معه مقابلات وجمع أموالاً للمؤسسات الخيرية الكردية. وزار أحد َ مديري حزب العمال الكردستاني الذي كان تحت الإقامة الجبرية في ألمانيا وتحت مراقبة كل من السلطات الألمانية والتركية. واستضاف أحد َ زعماء حزب العمال الكردستاني من الجمهورية العربية السورية وأحد أبناء عمومة زعيم حزب العمال الكردستاني التركي عبد الله أوجلان في سويسرا. ولم تم ا نع السلطات السويسرية أبداً أنشطة صاحب الشكوى السياسية في سويسرا.

2-6 وفي 15 آب/أغسطس 2011، أصدر مدعي عام مدينة غا زي ع ي ن ت ا ب طلب تسليم في حق صاحب البلاغ لكي يقضي عقوبة بالحبس المؤبد على إدانته بحريمة قتل. وفي 5 تشرين الأول/أكتوبر، سلمت السفارة التركية في بيرن طلب التسليم إلى مكتب العدالة الاتحادي. وبعد أن قدمت السلطات التركية ثلاثة طلبات لم تتلق علي ها جواباً، قدمت طلبات دبلوماسية إلى المكتب في 22 آذار/مارس 2012. وفي تلك الأثناء، حسب ق و ل صاحب الشكوى، استبدلت السلطات التركية صحيف ة البيانات السياسية المتعلقة بصاحب الشكوى ب صحيف ة بيانات عادية ( ) .

2-7 وفي 7 حزيران/ يونيه 2012، أصدر مكتب العدالة ال اتحاد ي مذكرة توقيف تم بموجبها اعتقال صاحب الشكوى في 21 حزيران/يونيه. وأ ُ طلق َ سراحه بكفالة لاحقاً بسبب حالته النفسية السيئة.

2-8 وفي 6 تموز/يوليه 2012، طعن صاحب الشكوى في طلب التسليم أمام المحكمة الجنائية الاتحادية بحجة أن السلطات التركية كانت تسعى في تسليم ها إياه بسبب جريمة سياسية، وهو الأمر الذي ينبغي أن ي ُ لغي طلب التسليم.

2-9 وفي 6 آب/أغسطس 2012، طلب صاحب الشكوى اللجوء. وفي 29 كانون الثاني/يناير 2014، منحه المكتب الاتحادي لشؤون اللاجئين حق الدخول المؤقت. فقد وجد أنه يستوفي معايير حماية اللاجئين بموجب المادة 1 ألف من الاتفاقية ال خاص ة بوضع اللاجئين ولكن الاستثناء بموجب المادة 1 ف اء (ب) ي نطبق عليه بسبب ارتكابه جريمة قتل. وقال المكتب أيضاً إن صاحب الشكوى يواجه خطر اً حقيقياً بالتعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة إذ ا ما أعيد إلى تركيا، وعليه أم َ ر بمنح ه حق الدخول المؤقت. وفي 19 شباط/فبراير 2014، غي ّ ر المكتب قراره كي يأخذ في الاعتبار أن صاحب الشكوى يتمتع بمركز ِ مقيم في سويسرا.

2-10 وفي 18 تموز/يوليه 2014، أذن مكتب العدالة الاتحادي بتسليم صاحب الشكوى ولم  يكن قد صدر قرار بعد عن المحكمة الجنائية الاتحادية بشأن ما إذا كان للتسليم أسباب سياسية. وفي 6 آب/أغسطس، طعن صاحب الشكوى في قرار التسليم أمام المحكمة.

2-11 وفي 7 أيار/مايو 2015، رفضت المحكمة الجنائية الاتحادية ادعاءات صاحب الشكوى المقدمة في 6 تموز/يوليه 2012 وفي 6 آب/أغسطس 2014. وشددت المحكمة على أن صاحب الشكوى لم ي ُ عترف له ب وضع لاجئ سياسي. واعتبرت ادعاء صاحب الشكوى أنه أدين بالاستناد إلى أدلة ٍ حُ صل عليها بالتعذيب غير ذي مصداقية. وإذا ما أعيد صاحب الشكوى إلى تركيا سيكون ع ل ي ه قضاء عقوبته، ومن ثم "يستحيل التكهن بتعرضه للاضطهاد بعد إطلاق سراحه نهائياً". ولاحظت المحكمة أيضاً أن الأسباب التي أدت إلى تصنيف ه ك‍  "شخص مزعج" غير واضح ة، لذلك فإن خوف صاحب الشكوى من الاضطهاد ليس له ما يثبته. وفي حالة صاحب الشكوى، حتى لو و ُ جد العامل السياسي، فإن المحكمة تمسكت برأيها أن ليس هناك ما يمنع طلب التسليم مبدئياً. وأضاف صاحب الشكوى أن ْ لا  جدال في أن التعذيب كان يمارَس على نطاق واسع في تركيا وقت توقيفه في عام 1988. وفي 15 أيار/مايو، و ُ ضع رهن الاحتجاز في انتظار تسليمه. وفي 22 أيار/مايو، استأنف قرار تسليمه. وفي 12 آب/أغسطس، صر ّ حت المحكمة العليا الاتحادية ب أنه ينبغي أن تكون ثمة أسباب وجيهة تبر ِّ ر التسليم بعد أن أثبتت سلطات اللجوء أن خطر التعرض للتعذيب قائم وأن ه لم  يقد َّ م ما يثبت تلك الأسباب. وعليه، ألغت المحكمة جزئياً القرار الصادر في 7 أيار/مايو 2015 وأحالت القضية إلى مكتب العدالة الاتحادي لينظر فيها من جديد و ل ي ُ جري تحقيقات إضافية فيها.

2-12 وبعد صدور قرار المحكمة الجنائية الاتحادية المؤرخ 7 أيار/مايو 2015، دخل صاحب الشكوى مصحة للأمراض النفسية في زيوريخ لأن حالته الصحية تدهورت. وأثناء وجوده في المصحة، حاول الانتحار. وتلقى علاجاً مخصصاً للأشخاص رهن الاحتجاز المعرضين لخطر الانتحار إلى غاية 6 تموز/يوليه عندما ن ُ قل إلى سجن مختص في بور غ دورف يوفر مرافق للأشخاص المعرضين لخطر الانتحار. وفي مراتٍ عدة بعد ذلك، دخل مصحة للأمراض النفسية في ب ي رن باعتباره معرضاً بشدة لخطر الانتحار. وقال الأطباء للمحامي إن ه قد أجريت لصاحب الشكوى فحوصٌ في المصحة بموجب بروتوكول اسطنبول للتأكد مما إذا كان ضحية للتعذيب؛ إلا أن ه لم ي ُكشف قط عن نتائج الفحص الطبي لصاحب الشكوى ولا لمحاميه.

2-13 وفي 17 أيلول/سبتمبر 2015، قدم مكتب العدالة الاتحادي نتائج تحقيقه الإضافي. و شرحت السلطات التركية بوجهٍ خاص أنه لا توجد " صحيف ة بيانات سياسية" ل صاحب الشكوى، وأحالت القرار بإبقاء طلب التسليم إلى هيئة المحلفين الثانية في محكمة غ ازي ع ي نت ا ب بتاريخ 22 حزيران/ يونيه 2015. وقالت السفارة السويسرية في أنقرة إن صاحب الشكوى غير معر ّ ضٍ لخطر التعذيب في تركيا رغم أن مشاكل أمنية تتعلق بسلامة السجناء لا تزال قائمة في السجون التركية وتتعلق بالحرب على متمردي حزب العمال الكردستاني التي شُن ّ ت عليه في تموز/يوليه 2015؛ إلا أن صاحب الشكوى ليس على علاقة بالنزاع ، لذلك ف إنه لن يكون معرض اً لخطر التعذيب شخصياً. وفي 5 تشرين الأول/أكتوبر، عقَّب صاحب الشكوى على استنتاجات المكتب. فجادل بالقول إن السفارة السويسرية ليست على علمٍ تامٍّ بقضيته وإنها قد أغفلت البعد السياسي لقضيته ولا سيما انخراطه في حزب العمال الكردستاني.

2-14 وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2015، أذن مكتب العدالة الاتحادي بتسليم صاحب الشكوى إلى تركيا. و طعن صاحب الشكوى في ذلك القرار في 13 تشرين الثاني/نوفمبر. وفي 16 آذار/مارس 2016، رفضت المحكمة الجنائية الاتحادية طعن ه. ففيما يتعلق بخطر التعرض للتعذيب، تمسكت المحكمة بالقول إنه لما كان من الممكن في إطار أي عملية تسليم طلب ضمانات وآليات مراقبة، فإنه من الممكن أن تخلص سلطات التسليم إلى استنتاج ٍ يختلف عن الاستنتاج الذي تخلص إليه سلطات اللجوء. ودف َ ع رفض ُ الطعن صاحب الشكوى إلى ارتكاب محاولة انتحار أخرى في 5 نيسان/أبريل. ورُفضت طلبات قُدمت لاحقاً ل إطلاق سراحه من الاحتجاز ريثما يتم تسليم ه بسبب ارتفاع احتمال فرار ه.

2-15 وفي 29 آذار/مارس 2016، استأنف صاحب الشكوى قرار مكتب العدالة الاتحادي الصادر في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2015 لدى المحكمة العليا الاتحادية. وقال تحديداً إن ابن عمه إ . ي.، قد اتُهم في آذار/مارس 2016، بتأسيس وقيادة مجموعة غير مشروعة وبدعم القوات المسلحة لحزب العمال الكردستاني. وتم العثور في منزله وعلى صفحته في الفيسبوك على مواد للدعاية السياسية إلى جانب بندقية، واشتملت على صورٍ لأعضاء بارزين في حزب العمال الكردستاني. وقدم صاحب الشكوى المواد المتعلقة بالتحقيق إلى المحكمة.

2-16 وفي 28 نيسان/أبريل 2016، رفضت المحكمة العليا الاتحادية استئنافه. وخلصت المحكمة إلى أنه ، في ضوء تحقيق إضافي أجرته السلطات، ليس ثمة ما يدل على أن صاحب الشكوى سيكون عرضة للتعذيب، لأنه سيُسجن لقضاء عقوبته على جريمة غير سياسية ولأن ضمانات قد قُدِّمت فيما يتعلق بمعاملته. وعليه، فإن القضية لم تعد تشكل قضية "ذات أهمية فوق ا لعادة" و هي بذلك أصبحت خارج نطاق اختصاصها.

الشكوى

3-1 يد ّ عي صاحب الشكوى أن تسليمه إلى تركيا ينتهك حقوقه بموجب المادة 3 من الاتفاقية لأنه سيتعرض لخطر التعذيب على أيدي السلطات التركية.

3-2 وفيما يتعلق بالقرارات التي صدرت سابقاً عن اللجنة وبالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان إلى جانب تقارير دولية، يد ّ عي صاحب الشكوى أن قوات الأمن والشرطة التركية تستخدم التعذيب وسوء المعاملة أكثر فأكثر، وتستهدف بهما ب الخصوص من يُشتبه في أنهم إرهابيون و الأقليت ي ن الكردية والأليفية والناشط ي ن إلى جانب السجناء، وذلك بهدف انتزاع اعترافات أو معلومات بشأن الأنشطة السياسية ( ) . وفضلاً ع لى ذلك، سيكون صاحب الشكوى معرضاً بشكل شخصي للتعذيب إذا ما سُلِّم إلى تركيا بناءً على الأسباب التالية.

3-3 أولاً، تعر ّ ض صاحب الشكوى للتعذيب في الماضي حيث سُجن بالاستناد إلى محاكمة غير عادلة وإدانة مدفوعة بأسباب سياسية. وعلى الرغم من أن السلطات السويسرية قد رفضت، في أثناء إجراءات التسليم، قبول ادعائه بشأن استخدام التعذيب باعتباره يفتقر إلى المصداقية، فإن تقارير دورية تبيّن أن تركيا كانت تدأب على استخدام التعذيب، ولا سيما الفلقة والصدمات الكهربائية، ما بين عامي 1988 و1990، وهي الفترة التي كان يوجد فيها رهن الاعتقال ( ) . وهذا استنتاج تدعمه أيضاً قرارات أصدرتها اللجنة في السابق ( ) ولم  تجادل فيه السلطات السويسرية أثناء إجراءات التسليم. وتشير التقارير عن الحالة النفسية لصاحب الشكوى إلى أن ما يعانيه من اضطراب ناتج عن الكرب التالي للرضح يرتبط مباشرة بالتعذيب الذي تعرَّض له أثناء وجوده رهن الاعتقال. ويدّعي صاحب الشكوى أن أخاه س. ي. مُنح اللجوء في سويسرا بناءً على تعرضه للتعذيب عندما كان محتجزاً بنفس تهمة القتل الموجهة لصاحب الشكوى. ووصف س. ي. لسلطات اللجوء السويسرية كيف أنه وصاحب الشكوى م. ي. تعرّضا للتعذيب أثناء الاحتجاز. ولأن صاحب الشكوى قدم وصفاً مطابقاً في طلبه اللجوء فإن السلطات السويسرية كان ينبغي أن تعتبر وصفه للتعذيب الذي تعرّض له موثوقاً. وفضلاً على ذلك، وفيما يتعلق ب‍ س. ي.، أقرت السلطات السويسرية ضمنياً بأن م. ي. أُجبر على أن يشهد على صاحب الشكوى تحت التعذيب. وعليه، فإن الدعوى الجنائية التي أُقيمت على صاحب الشكوى كانت معيبة وغير عادلة.

3-4 ثانياً، يجد صاحب الشكوى نفسه في وضع ضعيف للغاية بسبب حالته الصحية السيئة جداً، فهو يعاني من اضطراب ناتج عن الكرب التالي للرضح، بالإضافة إلى إقدامه على عدة محاولات انتحار أثناء إجراءات تسليمه وتعرُّضه لإعاقة جزئية. فحسب تقرير الخبير النفسي المؤرخ 30 تموز/يوليه 2014، كان لا بد له أن يواصل علاجه في سويسرا. وحسب تقرير الخبير النفسي المؤرخ 10 حزيران/ يونيه 2015، فإن إبعاده سيعرّضه حتماً لنفس الصدمة مرة أخرى؛ فخوفُه الواضح وتشنُّجه الجسدي فيما يتعلق بالاحتجاز وباحتمال تعرضه لسوء المعاملة في تركيا لا يخفيان ويستحيل إغفالهما.

3-5 ثالثاً، يشير صاحب الشكوى إلى التناقضات التي شابت استنتاجات سلطات اللجوء وسلطات التسليم السويسرية. فقد تجاهلت المحاكم المحلية تقييم مجلس شؤون اللاجئين الاتحادي الذي أفاد بأن صاحب الشكوى سيواجه خطراً حقيقياً بالتعرض للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة إذا ما أُعيد إلى تركيا لمجرد أنه معرَّض للتسليم، وليس الطرد. وتمسكت المحكمة الجنائية الاتحادية بالقول إن سلطات التسليم غير ملزمة باتباع تحليل سلطات اللجوء. وعلاوة على ذلك، لم تولِ المحاكم المحلية المراعاة الواجبة لرفع دعوى جنائية مؤخراً على اثنين من أقارب صاحب الشكوى بخصوص انخراطهما في حزب العمال الكردستاني.

3-6 رابعاً، صاحب الشكوى، وهو من إثنية الأكراد، من عائلة أفرادها يساندون حزب العمال الكردستاني. فوالده توفي بسبب انتمائه السياسي لحزب العمال الكردستاني وشقيقه س. ي. حُكم عليه بسبب دعمه لذات الحزب. وتشير ملفات هذه الدعاوى إلى صاحب الشكوى باعتباره من مساندي حزب العمال الكردستاني. وفضلاً على ذلك، تم استجواب أفراد عائلة صاحب الشكوى ( ) في المطار عندما زاروا تركيا.

3-7 خامساً، كان صاحب الشكوى مطلوباً لدى السلطات التركية لأسباب سياسية. وطلب السلطات التركية تسليمَه في عام 2011، رغم علمها أنه يعيش في سويسرا منذ عام 1992، دليل على أن السلطات مهتمة بعلاقته مع قياديين في حزب العمال الكردستاني في سويسرا وفي أماكن أخرى من أوروبا. كما أن استبدال صحيفة البيانات السياسية المتعلقة به بصحيفة بيانات عادية أثناء إجراءات التسليم فعلٌ يدل أيضاً على هذا الأمر. وتشير المستندات في ملف الدعوى الجنائية المرفوعة على س. ي. إلى صاحب الشكوى باعتباره من أعضاء حزب العمال الكردستاني، وهو السبب الذي تم تصنيف صاحب الشكوى لأجله باعتباره "شخصاً مزعجاً".

3-8 وأخيراً، لصاحب الشكوى أهمية خاصة لدى السلطات التركية بسبب انتمائه السياسي إلى حزب العمال الكردستاني في سويسرا وفي باقي أوروبا، وبسبب صلاته الوثيقة بقادة بارزين في حزب العمال الكردستاني بسبب عمله كسائق سيارات. فقد ورد ذكر الأنشطة السياسية التي يقوم بها صاحب الشكوى في سويسرا في قرار المحكمة الجنائية الاتحادية المؤرخ 7 أيار/ مايو 2015، وهو قرار متاحٌ الاطلاع عليه للعموم ونُشر في الصحافة السويسرية. وترصد السلطات التركية أنشطة حزب العمال الكردستاني في الخارج. فالحزب يُعتبر منظمة إرهابية في تركيا وفي الاتحاد الأوروبي. وبموجب قوانين مكافحة الإرهاب التركية، يُعتبر الانخراط في حزب العمال الكردستاني ظرفاً مشدِّداً تضاعَف بسببه العقوبات في الدعاوى الجنائية.

3-9 ويحتج صاحب الشكوى أيضاً بأن الضمانات الدبلوماسية التي قدمتها تركيا غير كافية ولا موثوقاً بها في إزالة خطر تعرضه للتعذيب عند إعادته، وذلك بالإحالة إلى قرارات اللجنة السابقة ( ) . وعلاوة على ذلك، شدد المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على أنه، في حالات التسليم، ينبغي للدولة المسلّمة ألا تعوّل على الضمانات الدبلوماسية المقدمة من بلدان لها نمط متسق في انتهاكات حقوق الإنسان أو في ممارسة التعذيب بصورة منهجية وفي حال عدم وجود مثل ذلك النمط، ينبغي ألا يُسمح باستخدام الضمانات إلا في حال ثبت أنها ضمانات قاطعة، وعندما يكون هناك نظام رصد فعال ( ) . بيد أن آلية الرصد بعد الإعادة تكاد لا تفعل شيئاً للتخفيف من خطر التعرض للتعذيب وقد أبانت عن عدم فعاليتها في صون الأشخاص من التعذيب وفي دورها كآلية محاسبة ( ) . وفي قضية صاحب الشكوى، تبرهن العوامل التالية على عدم فعالية الضمانات الدبلوماسية: فهذه الضمانات لم تُقدَّم إلا بعد تقديم ثلاثة طلبات من السلطات السويسرية لم تجد أذناً صاغية، الأمر الذي يبين عدم رغبة تركيا في الامتثال لها؛ وعدمُ نكران السلطات السويسرية وجود خطر الاضطهاد بعد إطلاق سراح صاحب الشكوى؛ واستنتاج سلطات اللجوء السويسرية أن هناك خطراً حقيقياً من التعرض للتعذيب في تركيا؛ وسجل تركيا الرديء في ميدان حقوق الإنسان، ولا سيما استخدام التعذيب في الاعتقال والتحقيق غير الفعال في ذلك ( ) ؛ والصعوبات المرتبطة برصد تنفيذ الضمانات. ويدعي صاحب الشكوى أنه، وبسبب انتسابه لأعضاءٍ رفيعي المستوى في حزب العمال الكردستاني، ثمة خطر بأن يتم إلقاء القبض عليه وتعذيبه على يد أفراد المخابرات السرية قبل تسليمه إلى سلطات السجن. وفضلاً عن ذلك، سيزيد كونه قد هرب من السجن في تركيا من خطر تعرضه للتعذيب. وتحظر المادة 3 من الاتفاقية حظراً تاماً عمليات التسليم، بما في ذلك تسليم الأشخاص الذين تربطهم صلات بأحزاب سياسية تُعتبر منظمات إرهابية كحزب العمال الكردستاني، إذا ما توفرت أسباب تدعو للاعتقاد أن التسليم سيؤدي إلى التعذيب، كما هي الحال هنا ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

4-1 في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية وكررت سرد وقائع القضية.

4-2 وتذكر الدولة الطرف بأنه يُحظر على الدول الأطراف، بموجب المادة 3 من الاتفاقية، أن تطرد أن تعيد أو تسلّم شخصاً إلى دولة أخرى عندما تكون ثمة أسباب موضوعية تدعو للاعتقاد أنه سيتعرض لخطر التعذيب. وبالإحالة إلى المعايير التي حددتها اللجنة في تعليقها العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3، والتي تستلزم برهنة صاحب الشكوى على أنه معرض بصورة شخصية وحقيقية لخطر التعذيب إذا ما رُحّل إلى موطنه الأصلي، تذكر الدولة الطرف بأنه يجب تقييم خطر التعرض للتعذيب على أسس تتجاوز مجرد النظرية أو الاشتباه وأنه يجب تقديم وقائع تدل على أن ذلك الخطر كبير.

4-3 وتقر الدولة الطرف بأن حالة حقوق الإنسان في تركيا تثير القلق، لا سيما في جنوب شرق البلد، وذلك بسبب المواجهة بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني. إلا أن هذه الحالة ليست أسباباً كافية للقول إن صاحب البلاغ معرض لخطر التعذيب لدى إعادته ( ) . وتقول الدولة الطرف إن صاحب الشكوى أخفق في البرهنة على أنه مُعرض بصورة شخصية ووشيكة وموضوعية لخطر التعذيب إذا ما سُلّم إلى تركيا. وتضيف بأن سلطات الدولة الطرف قد حصلت على ضمانات دبلوماسية من تركيا في هذا الشأن .

4-4 أولاً، لم يُثبت صاحب الشكوى أنه تعرض للتعذيب في الماضي. وحتى لو أن التعذيب مشكلة منتشرة في تركيا، فإنها لا تُمارس بصورة منهجية وفي جميع الجرائم. وتحيل الدولة الطرف إلى التقييم الذي وضعته المحكمة الجنائية الاتحادية في 7 أيار/مايو 2015. وعلى الخصوص، لم تشر التقارير الطبية، حسب القاضي الذي أدان صاحب الشكوى، إلى وجود آثار تعذيب على صاحب الشكوى أو على الشخصين اللذين كانا متهمين معه. ونظراً لأن صاحب الشكوى كان يمثله عدة محامين من اختياره، فإنه من غير المرجح أن يكون قد أُغفل تسجيلُ وجود آثار تعذيب في ملف طبي. وفضلاً عن ذلك، لم يدّع قط أنه تعرض للتعذيب عندما كان يقضي عقوبته بالسجن. وبدا من غير المرجح أن يكون س. ي. قد وافق على البقاء في السجن محلّ صاحب الشكوى لو أنه تعرض للتعذيب بعد اعتقاله، مثلما يدعي صاحب الشكوى. وتعتمد تقارير الطب النفسي السويسرية التي تبين علاقة سببية بين ما تعرض له صاحب الشكوى في الماضي من تعذيب وحالته الصحية الحالية على ما يقوله هو ومن ثم لا تُعتبر تلك التقارير ذات مصداقية من السلطات السويسرية.

4-5 ثانياً، تقول الدولة الطرف إن صاحب الشكوى أخفق في إثبات خطر التعرض للتعذيب بسبب أنشطته السياسية في تركيا وسويسرا وبلدان أوروبية أخرى. فقد وجدت سلطات اللجوء السويسرية تناقضات في روايته لأنشطته السياسية في تركيا. ففي إجراءات التسليم أو اللجوء الأولى، ادعى أنه وأسرته كانوا يقدمون المؤونة والمساعدة المالية للمقاتلين. وادعى أيضاً أنه اعتُقل عدة مرات بسبب مساندته لحزب العمال الكردستاني في 1976 و1978 و1985 و1986. ووجدت سلطات اللجوء أن روايته افتقرت إلى التفصيل؛ لا سيما أنه لم يتمكن من تحديد متى تم اعتقاله وكم مرة. كما وجدت سلطات اللجوء أنه لم يلق أي صعوبات مع السلطات التركية. ففي طلبه إعادة النظر المؤرخ 10 أيار/مايو 1995، ادعى صاحب الشكوى أن محكمة أمن مالاتيا قد أقامت عليه دعوى جنائية بسبب حيازته مواد دعائية لحزب العمال الكردستاني وقد أكد أخاه أنه تلقى تلك المواد من صاحب الشكوى. ورغم التحقيقات التي أجرتها السفارة السويسرية في تركيا وبينت أن س. ي. كان قد اتُّهم بالفعل بمساندة مقاتلي حزب العمال الكردستاني من قبل محكمة الأمن وبُرّئ في 19 كانون الثاني/يناير 1995، لم تُقَم أي دعوى على صاحب الشكوى. وسُجن س. ي. لأنه قدم المساعدة لصاحب البلاغ كي يهرب من السجن وأُطلق سراحه في عام 1991. ولم يدّع صاحب الشكوى أمام سلطات اللجوء أنه كان قد قدم مواد دعائية لأخيه ما بين عام 1990 ووقت مغادرته إلى سويسرا في عام 1992، عندما كان مختبئاً في تركيا. وقد بينت تحقيقات إضافية أجرتها السفارة السويسرية في تركيا أنه لا توجد دعوى قضائية جديدة عليه قيد البت. وفضلاً عن ذلك، ومع التشديد على أن مجرد وجود صحيفة بيانات سياسية بسبب الدعم المزعوم لفرقة أو مجموعة معارضة يشكل سبباً كافياً للخوف من التعذيب عند الإعادة إلى تركيا، فإن التحقيقات التي أجرتها السفارة السويسرية في هذه القضية في تركيا في عامي 2012 و2015 بينت أنه لا توجد صحيفة بيانات سياسية تستند إلى صلة صاحب الشكوى المدعاة بحزب العمال الكردستاني في تركيا، ولا توجد بيانات ذات صلة وليس هناك ما يبرهن على أن مثل تلك الصحيفة قد أُنشئت ثم دُمرت في وقت لاحق. بيد أنه توجد صحيفة بيانات عادية تظهر فيها إدانة صاحب الشكوى بجريمة قتل. وفي 2 أيلول/سبتمبر 2015، وجد مكتب اللجوء أن تسليم صاحب الشكوى إلى تركيا لن يعرضه لخطر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، حتى في ضوء التطورات الأخيرة التي شهدها البلد.

4-6 وفيما يتعلق بالأنشطة السياسية لصاحب الشكوى في سويسرا، ترى الدولة الطرف أنها لا ترقى إلى مستوى المشاركة السياسية الخطيرة ومن غير المحتمل أن تكون قد لفتت انتباه الدوائر الأمنية التركية. ويؤكد ذلك أنه لم تُنشأ أي صحيفة بيانات سياسية بشأن صاحب الشكوى. وعلاوة على ذلك، فقد عادت زوجته إلى تركيا عدة مرات، ولم تُتَّخذ أي تدابير قمعية ضدها و إ ن جرى استجوابها عن مكان وجود صاحب الشكوى. وأوضحت السلطات التركية أنها، و إ ن كان صاحب الشكوى يقيم في سويسرا منذ عام 1992، قدَّمت طلب التسليم في عام 2 0 11 لأن عنوانه الدقيق لم يكن معروفاً حتى ذلك الحين رغم صدور أمر توقيف بضع ة أيام بعد فراره من السجن. وترى الدولة الطرف أن هذا التوضيح مقنع وترفض ادعاءات صاحب الشكوى باعتبارها عديمة الأسس.

4-7 وثالثا ً ، تدفع الدولة الطرف بأن إجراءات إدانة صاحب الشكوى بسبب قتل أ. ي. بدافع الثأر و ليست ذات دوافع سياسية أو معيبة بشكل واضح. وتدفع بأن ابن أ. ي. أُدين بسبب قتل والد صاحب الشكوى في عام 1986. وخلصت السلطات السويسرية إلى أن صاحب الشكوى، بالنظر إلى عدم إثباته نشاط َ ه السياسي بأدلة، لم يُستهدَف بوصفه معارضاً سياسياً ولوحِق بموجب القانون العام. والمحكمة الابتدائية مختصة في النظر فقط في الجرائم المدرجة في إطار القانون العام. واتُّهِم س. ي. أيضاً بارتكاب جريمة القتل، ولكنه برِّئ لاحقاً؛ ولو كانت إجراءات الدعوى ذات دوافع سياسية، ل أ دين س. ي. كذلك. وأُدين صاحب الشكوى بموجب المادة 45 0 -1 0 من القانون الجنائي التركي، التي تنص على أن جريمة القتل بدافع الثأر يعاقَب عليها بالإعدام، ولكنه حُكِم عليه بعقوبة الحبس مدى الحياة. ولو كان مضطهداً، لتلقّى العقوبة القصوى. وكان صاحب الشكوى مُمثَّلاً بعدة محامين من اختياره، وأيدت محكمة النقض والمحكمة العليا قرار إدانته. وإبداء المحكمة العليا شكوكاً بشأن إدانة صاحب الشكوى، كما ادعى، دليل على أنه جرى النظر في قضيته بحيادية. ويفتقر إلى الأدلة ادعاء ُ صاحب الشكوى أن إدانته استندت إلى شهادة م. ضده، التي انتُزِعت تحت التعذيب وسُحِبت لاحقاً. واستناداً إلى قرار المحكمة الابتدائية، اعترف م. ي. في البداية بأنه ارتكب الجريمة، ثم ادعى لاحقاً أن صاحب الشكوى ارتكبها وسحب اتهامه بعد ذلك. ورأت المحكمة الابتدائية أن م. ي. سحب شهادته خشيةَ التعرض لانتقام الأسرة. وأشارت المحكمة إلى الشهادة الطبية المؤرخة 2 0 تشرين الثاني/نوفمبر 1988 المدلى بها للسيد م. ي.، والتي مفادها أنه لا توجد أي آثار تعذيب على جسده. ولذلك، ترى السلطات السويسرية المعنية باللجوء أن ادعاءات صاحب الشكوى بأنه وم . ي. وس . ي. تعرضوا للتعذيب عديمة المصداقية. وأكدت المحكمة الابتدائية، في قرارها الصادر في 22 حزيران/ يونيه 2 0 15، أن العقوبة التي حُكِم بها على صاحب الشكوى لا تخضع لقانون التقادم. وعلاوة على ذلك، اعتبرت السلطات السويسرية المعنية باللجوء إفادة صاحب الشكوى بأنه كان يعمل في حقل القطن في قرية سوروتس عندما قُتِل أ. ن. عديمة المصداقية، حيث قدم روايات متناقضة خلال مقابلاته في إطار إجراءات اللجوء. وتدفع الدولة الطرف كذلك بأنه لا توجد أي حالة طلبت فيها تركيا، لغرض الاضطهاد السياسي، تسليم أشخاص وُجِّهت لهم تهم بموجب القانون العام.

4-8 وتلاحظ الدولة الطرف أن تسليم المطلوبين بين سويسرا وتركيا يخضع لأحكام الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بتسليم المجرمين لعام 1957، والدولتان طرفان فيها . وبموجب هذه الاتفاقية، ورهنا ً بالأحكام والشروط التي تنص عليها، تتعهد الدول الأطراف بأن تسلم لبعضها البعض جميع الأشخاص الذين تباشر السلطات المختصة في الدولة الطرف المقد ِّ مة لطلب التسليم إجراءات ضدهم بسبب ارتكاب جريمة أو تطلب تلك السلطات تسليمهم لقضاء عقوبة أو لت ن فيذ أمر اعتقال (المادة 1) . ولا  يجوز الموافقة عل ى طلب التسليم في الحالات التي ت َ عتبر فيها الدولة التي يقدَّم إليها الطلب الجريمة َ التي يتعلق بها الأمر جريمة سياسية أو لها صلة بنشاط سياسي، أو تكون فيها لدى تلك الدولة دواع وجيهة للاعتقاد بأن طلب التسليم بدعوى ارتكاب جريمة جنائية عادية قُدم بغرض ملاحقة شخص أو معاقب ته بسبب عرقه أو دينه أو أصله القومي أو رأيه السياسي أو بأن ّ وضع ذلك الشخص قد يت ضرر لأي من هذه الأسباب (المادة 3) . وتنظر سويسرا في التزاماتها بموجب الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بتسليم المجرمين في ضوء التزاماتها في مجال حقوق الإنسان . وبموجب المادة 2 من القانون الاتحادي بشأن التعاون الدولي في مسائل تسليم المطلوبين المؤرخ 20 آذار/مارس 1981، سترفض سويسرا طلب تسليم مطلوب إذا كانت لديها أسباب للاعتقاد بأن الإجراءات في الدولة الطرف التي ستتسلم الشخص المطلوب تخل بمقتضيات الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أو العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ؛ أو  تهدف إلى ملاحقة الأشخاص بسبب آرائهم السياسية، أو على أسس تمييزية أخرى، أو تنطوي على خطر تفاقم وضعهم ؛ أو  تعتريها عيوب خطيرة أخرى . وفي  حالة وجود أسباب وجيهة تدعو للاعتقاد بأن الشخص سيواجه خطر المعاملة السيئة إن جرى تسليمه، فإن الضمانات الدبلوماسية تتيح إمكانية إزالة هذا الخطر أو الحد منه من خلال السماح بالتسليم وفق شروط معينة، مثل تعهد الدولة المقدمة للطلب بكفالة أن يقوم ممثلو السفارة السويسرية بزيارات فجائية للمحتجزين؛ وبتمكينهم من الاتصال دون قيود بالمحامين ومن الحصول على الرعاية الطبية ؛ وبضمان حقهم في زيارة ذويهم لهم . وفيما يتعلق بطلبات تسليم المطلوبين إلى تركيا، لا تطلب الدولة الطرف، من حيث المبدأ، ضمانات دبلوماسية، ولكنها قد تفعل ذلك في حالات سياسية أكثر حساسية . ولديها ممارسة عريقة في مجال التعاون مع تركيا في مسائل تسليم المطلوبين، وليس لدى مكتب العد ا ل ة الاتحادي أي سجل لحالات انت َ هكت فيها تركيا قاعدة الخصوص أو حقوق الإنسان . ولم  يطعن صاحب الشكوى في هذه المسألة .

4-9 وتشير الدولة الطرف على وجه التحديد إلى أن الضمانات الدبلوماسية التي قدمتها تركيا تتمثل فيما يلي :

لن تكون ظروف احتجاز الشخص المدعى عليه لا إنسانية أو مهينة وستمتثل لمقتضيات المادة 3 من [الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان] . وستراعى سلامته البدنية والنفسية . ولن  تشدَّد ظروف احتجازه بسبب انتمائه إلى فئة اجتماعية أو على أساس العرق أو الدين أو الأصل الإثني . وسوف تولى حالته الصحية العناية الواجب ة ، بطرق منها المتابعة الطبية المناسبة . وسيتمتع الشخص بحقه في التواصل بدون قيود وبسرية مع محاميه، المختار أو المعي َّ ن . وسيتمتع بحقه في تلقي الزيارات خلال فترة الاحتجاز . ولن  تلاحقه السلطات التركية لأسباب سياسية لها صلة بإدانته ولن ت ُ نز ِ ل به عقوبة لهذا السبب . ولا  يجوز زيادة أو تشديد العقوبة المفروضة على هذا الشخص في الأصل بسبب ارتكابه جريمة تستوجب تسليم مرتكبها . ويحق للسفارة السويسرية في أنقرة أن تعين ممثلين لزيارة الشخص في أي وقت، و دون مراقبة، بعد تسليمه، وللشخص الحق في التواصل دون قيود مع هؤلاء الممثلين .

4-10 وتطعن الدولة الطرف في ادعاء صاحب الشكوى أن السلطات السويسرية المعنية بتسليم المطلوبين لم  ت أخذ في الاعتبار خطر تعرضه للتعذيب الذي حددته السلطات المعنية باللجوء . أولا ً ، لم يراع المكتب الاتحادي للهجرة، في قراريه الصادرين في 29 كانون الثاني/يناير و19 شباط/فبراير 2014، الضمانات الدبلوماسية التي قدمتها تركيا . وبعد تحقيق مكتب العدل الاتحادي في احتمال أن يعامَل صاحب الشكوى معاملة تتعارض مع أحكام المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ردت أمانة الدولة للهجرة بأن صاحب الشكوى سيجري حبسه لقضاء عقوبته وبأن من المستبعد أن يتعرض لأي معاملة سيئة بالنظر إلى عدم وجود ظروف مشددة أو صحيفة بيانات سياسية تتعلق به وإلى أن الجريمة المعنية ليست سياسية في جوهرها وارتُكبت منذ عدة عقود وأن السلطات التركية قد ّ مت ضمانات دبلوماسية . وبإمكان السلطات السويسرية أن ترصد في أي وقت مدى الامتثال لهذه الضمانات . ولا  يمكن للسلطات المعنية باللجوء أن تستند إلى الضمانات الدبلوماسية، وقد يختلف بالتالي تقييمها لخطر التعذيب عن تقييم السلطات المعنية بتسليم المطلوبي ن. وسيكون تسليم صاحب الشكوى متوافقاً مع المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، رغم التطورات السياسية والاجتماعية الحاصلة في تركيا منذ تموز/يوليه 2015، التي ليست لها أي صلة بالوضع الشخصي لصاحب الشكوى . وفي  ضوء هذه العناصر، استبعدت السلطات المعنية بتسليم المطلوبين تقييم خطر التعذيب الذي أنجزته السلطات المعنية باللجوء .

4-11 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأنه لا ينبغي اعتبار المشاكل الصحية ا ل تي يعانيها صاحب الشكوى لوحدها أساسا ً لاحتمال أن يتعرض للتعذيب إن جرى تسليمه . ولم  يدَّع صاحب الشكوى أن حالته الصحية تحول دون تسليمه . وبحسب شهادة طبية مؤرخة 3 أيار/مايو 2016، أصدرها مركز خدمات الطب النفسي بجامعة برن، فإن حالته البدنية والنفسية تسمح بسفره . ولا  ينبغي أخذ حالته الصحية في الاعتبار لدى وضع ترتيبات تسليمه .

4-12 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يدعم بالأدلة ما اد ّ عاه أمام السلطات المعنية بتسليم المطلوبين من أنه ي ُ خشى استجوابه وتعرضه للتعذيب فيما يتصل باعتقال قريبه في آذار/مارس 2016 بتهمة إنشاء وقيادة جماعة مسلحة غير مشروعة . ولذلك، قررت المحكمة الجنائية الاتحادية عدم إجراء تحقيقات إضافية .

4-13 وبناء على ما تقدم، تؤكد الدولة الطرف عدم وجود أي أسباب وجيهة للاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه شخصيا ً وفعلياً خطر التعذيب إن جرى تسليمه ل تركيا . ولذلك، فإن تسليمه لن يشكل انتهاكا ً من جانب سويسرا لالتزاماتها الدولية بموجب المادة 3 من الاتفاقية .

4-14 وفي 2 أيار/مايو 2017، أكدت الدولة الطرف ملاحظاتها السابقة . وتضيف أن التطورات الأخيرة في تركيا لا صلة لها بقضية صاحب الشكوى، الذي يواجه احتمال تسليمه بسبب ارتكابه جريمة تندرج في إطار القانون العام وليس لها أي سياق سياسي . لذلك، فإن التطورات الأخيرة ليس لها أي تأثير على حالته هو.

4-15 وتذكر الدولة الطرف بأن الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بتسليم المجرمين لا تزال سارية المفعول بالنسبة لسويسرا وتركيا معا ً. لذلك، فإن تركيا ملزمة بحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة . ولم  تنتهك تركيا قط الضمانات الدبلوماسية المقدمة في إطار إجراءات التسليم . وتشير الدولة الطرف إلى حالة ٍ وافقت فيها على طلب التسليم بعد محاولة الانقلاب التي وقعت في تركيا في تموز/يوليه 2016 يتعلق بشخص مدان ادعى أنه تعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز لأنه يؤيد القضية الكردية . وقد اقتنعت السلطات المعنية بتسليم ال م طلوبين بالضمانات الدبلوماسية التي قدمتها تركيا . وطلب الشخص المعني أن يجري تسليمه، نظرا ً لوجود إمكانية الإفراج عنه في تركيا . وتؤكد الدولة الطرف أن المحكمة الجنائية الاتحادية اعترضت مرتين على التسليم، وطلبت إلى مكتب العد ا ل ة الاتحادي أن يحقق في ادعاءات الشخص المعني المتعلقة بالتعذيب، وأن يقي ّ م حالة حقوق الإنسان في تركيا . وفي  كانون الأول/ديسمبر 2016، أذنت المحكمة بتسليمه . وفي  شباط/فبراير 2017، أفادت السفارة السويسرية في تركيا بأن الشخص المعني قد و ُ ض ِ ع رهن الإقامة الجبرية .

4-16 وتؤكد الدولة الطرف أنه يجري تقييم كل حالة على حدة، رغم تعاونها طويل الأمد مع تركيا . وقد نظرت السلطات المعنية باللجوء و السلطات المعنية بتسليم المطلوبين في حالة صاحب الشكوى بعناية. وتشدد الدولة الطرف على أن طلب تسليم صاحب الشكوى قُدم استناداً إلى قرار إدانته بموجب القانون العام بعد رحيله من تركيا إلى سويسرا وقبل أنشطته المتصلة بحزب العمال الكردي . وقد قيمت السلطات السويسرية على النحو الواجب خشية صاحب الشكوى أن يتعرض لمعاملة تتنافى مع الاتفاقية إن جرى تسليمه من خلال طلب ضمانات دبلوماسية إلى تركيا لضمان سلامته ووضع نظام ٍ للرصد.

تعليقات صاحب ال شكوى على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 4 نيسان/أبريل 2017، طعن صاحب الشكوى في ملاحظات الدولة الطرف مكررا ً دواعي اعتراضه على تسليمه إلى تركيا . ويحث اللجنة على أن تأخذ في الاعتبار التطورات السياسية والدستورية في تركيا منذ محاولة الانقلاب التي وقعت في تموز/يوليه 2016 وما تلاها من حالة الطوارئ التي أدت إلى ممارسة التعذيب على نطاق واسع وإلى عمليات الاعتقال والاحتجاز الجماعي للمشتبه في تعاونهم مع حركة غولن أو دعم حزب العمال الكردي، مع ما يترتب على ذلك من آثار على استقلال السلطة القضائية . وعلاوة على ذلك، كانت تركيا تعتزم تعليق العمل بجزء من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في تموز/يوليه 2016 . وبعد إعلان حالة الطوارئ، جرى تمديد مدة الاحتجاز قبل مثول المحتجز أمام قاض إلى فترة أقصاها 30 يوما ً وقُيدت إمكانية اتصال المحتجزين بالمحامين، وهو ما  ألغى وسيلة فعالة لمنع حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة في الفترة السابقة ل لاستجوابات . وفي  ظل حالة الطوارئ، سيجري تقليص ضمانات المحاكمة العادلة ومعايير حقوق الإنسان بصفة دائمة وستعي ِّ ن الحكومة جميع المحامين ( ) . وفي  ظل هذه الظروف، يوجد احتمال بألا تتاح لصاحب الشكوى إمكانية الاتصال بمحام مستقل .

5-2 ويؤكد صاحب الشكوى أن الوضع قد تغير منذ أن قدمت السلطات التركية ضمانات دبلوماسية في عام 2012، وهو ما يقتضي إعادة تقييم مدى سيادة القانون في تركيا وقيمة الضمانات الدبلوماسية وموثوقيتها . وقد اعترفت الدولة الطرف نفسها بأن حالة حقوق الإنسان في تركيا مفزع ة. وفي  ضوء هذه التطورات، أوقفت بلدان أوروبية مثل ألمانيا وإيطاليا واليونان عمليات تسليم المطلوبين إلى تركيا، بغض النظر عن الضمانات الدبلوماسية المقدمة، في حين التمس دبلوماسيون أتراك اللجوء في سويسرا . وفي  كانون الأول/ديسمبر 2016، طلبت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تجميد المحادثات بشأن عضوية تركيا بسبب ما وقع فيها من اعتداء على سيادة القانون.

5-3 ويقدم صاحب الشكوى عدة مقالات صحفية وتقارير دولية تصف التجسس على المواطنين الأتراك في سويسرا وغيرها من البلدان الأوروبية . ويؤكد صاحب الشكوى أن ذلك يدل على أن السلطات التركية تعلم بأنشطته السياسية في الخارج وصِلاته بحزب العمال الكردي ويوضح أسباب طلب تسليمه بعد مرور سنوات عديدة على إدانته. ويذك ّ ر بأن الصحافة السويسرية تحدثت بتفصيل عن قضيته وقرار المحكمة الجنائية الاتحادية، وبخاصة عن مسألة اتصالاته بوصفه سائقا ً مع أعضاء رفيعي المستوى في حزب العمال الكردي . ولا  بد أن يكون الرئيس التركي قد أُبلغ بمشاركة صاحب الشكوى في مظاهرات ضد الحكومة التركية .

5-4 ويضيف صاحب الشكوى أنه لا يزال رهن الاحتجاز و ي عاني من مشاكل نفسية حادة . وبعد محاولة انتحار أخرى، أُدخل المستشفى، ثم غادره في نيسان/أبريل 2017 . ويسبب له خوفه من تسليمه شعورا ً ب ا لألم ي شكل في حد ذاته نوعاً من التعذيب .

5-5 وفي  2 أيار/مايو 2017، أفاد محامي صاحب الشكوى بأن موكله أُدخل وحدة العلاج النفسي في مركز إيتوين في ب ي رن بعد محاولته الانتحار . ولاحظ محاميه خلال زيارته له وجود وشمين على جسده: وشم صليب أرثوذكسي طوله 15 سنتيمتراً على ظهره، ووشم على ذراعه الأيسر طوله 10 سنتيمترات لعبارة " تبّاً ل أردوغان " . ويوض ّ ح صاحب الشكوى أنه وشم جسده في عام 2013 وأن الصليب الأرثوذكسي يعكس جذور ه الأرمينية والمسيحية . ويؤكد أن قضية لجوئه ليست لها صلة بالدين وأنه لم يكشف أبدا ً وشميه لأسرته، وهو ما يدل على أنه لم يستخدمهما كحجة ضد تسليمه . ولكن الموظفين الطبيين لا بد أن يكونوا قد لاحظوا وجود الوشمين ووثقوهما في التقييم الذي أجري بموجب بروتوكول إسطنبول. ولذلك، ينبغي للدولة الطرف أن تضع في الاعتبار هذين الوشمين، اللذين يقويان خطر تعرضه ل لتعذيب . ويؤكد المحامي أنه لم يحصل قط على نسخة من التقييم، رغم تقديم عدة طلبات .

5-6 ويضيف المحامي أن الوضع في تركيا قد تدهور منذ استفتاء 16 نيسان/أبريل 2017 الذي وافق على التعديلات الدستورية، التي، حسب ادعائه، تركز السلطة في مكتب رئيس الجمهورية ولها آثار خطيرة على آليات الضبط الإداري وعلى استقلال السلطة القضائية . وأعلن رئيس الجمهورية أنه سيعاد العمل بعقوبة الإعدام وأمر، في إطار حملة قمع جديدة، باعتقال أكثر من ألف فرد من أفراد الشرطة في جميع أنحاء البلد . ووفقاً لمحامي صاحب الشكوى، فإن الرئيس ينوي أن يشكل قوات الشرطة حصرا ً من مؤيديه . ويعزز هذا الوضع، بالإضافة إلى الوشمين الموجودين على جسد صاحب الشكوى وص ِ لته بحزب العمال الكردي، خطر تعرضه للتعذيب إن سُلم إلى تركيا، على سبيل المثال من جانب الشرطة حتى قبل تسليمه إلى سلطات نظام السج و ن . وفي  ظل هذه الظروف، ستكون الضمانات الدبلوماسية غير فعالة .

معلومات إضافية مقدمة من الطرفين

من صاحب الشكوى

6- في 19 حزيران/ يونيه 2017، طلب محامي صاحب الشكوى إلى اللجنة أن تعتمد تدابير مؤقتة من شأنها أن تتيح إمكانية الإفراج عن موكله، إن لزم الأمر ، وفق شروط تمك ّ ن السلطات من التحقق من مكان وجوده.

7- وفي 29 حزيران/ يونيه 2017، أفادت الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى غادر عيادة العلاج النفسي التي أُدخل إليها في 10 أيار/مايو، وبأنه محتجز حاليا ً في سجن بورغدورف . وطلبت الدولة الطرف إلى اللجنة أن تتخذ قرارا ً بشأن القضية في أقرب وقت ممكن .

8-1 وفي 2 آب/أغسطس 2017، قدمت الدولة الطرف إلى اللجنة معلومات بشأن ظروف احتجاز صاحب الشكوى . فعقب تسريحه من عيادة العلاج النفسي، أ ُ ودع عدة أيام في زنزانة داخل سجن بو ر غدورف تُستخدم في حالات وجود خطر الانتحار . ويوجد الآن في جناح في السجن يتيح المتا ب عة والرصد المكثفين ويخضع لنظام تنفيذ العقوبات الأقل صرامة من نظام الحبس ال احتياط ي الذي كان يخ ض ع له سابقاً . وتعارض الدولة الطرف طلب المحامي ا عتماد تدابير مؤقتة في شكل الإفراج عن موكله، وذلك بالنظر إلى أن احتمال فراره قوي.

8-2 كما تشير الدولة الطرف إلى مذكرة وردت من السفارة التركية في سويسرا، مفادها أن عقوبة صاحب الشكوى ستسقط بالتقادم في أجل أقصاه 6 تموز/يوليه 2020 . وفي  هذه المذكرة، تفيد تركيا أيضاً بأنه ستُقتطع المدة التي قضاها صاحب الشكوى في السجن في سويسرا من مدة عقوبة حبسه في تركيا . وتشير أيضاً إلى أن صاحب الشكوى سي ُ نق َ ل إلى مستشفى جامعي أو مستشفى عام آخر، إن اقتضى وضعه الصحي ذلك .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

9-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب أن تقرر ال لجنة ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفقما تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم ت ُ بحث ولا يجرى بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

9-2 وتذكّر اللجنة بأنها، وفقاً للمادة 22(5)(ب) من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ يرد من فرد ما لم  ت تأكد من أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وفي  هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد اعترفت بأن صاحب الشكوى استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ولأن اللجنة لا ترى أي عقبات أخرى تمنع مقبولية البلاغ، فإنها تعلن أن ه مقبول وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية .

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان المعنيان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

10-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى المدرج في إطار المادة 3 من الاتفاقية، يتعين على اللجنة أن تحدد ما إذا كانت ثمة أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب إن سُلم إلى تركيا . ولدى تقييم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3(2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان . غير أن اللجنة تذكّر بأن الهدف المتوخى يتمثل في تحديد ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً متمثلاً في التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه ( ) . وي عني ذلك أن وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً للجزم بأن شخصاً بعينه سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد ؛ فلا  بد من إيراد أسس إضافية تبي ّ ن أن الشخص المعني سيواجه شخصياً هذا الخطر . وفي  المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن شخصاً ما قد لا يتعرض للتعذيب بحكم ظروفه المحددة .

10-3 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 1 الذي ينص على وجوب تقييم خطر التعرّض للتعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك . وفي  حين لا  يُشترَط إثبات أن هذا الخطر مرجّح للغاية، فمن الواجب إثبات أنه شخصي ووشيك. وتشير اللجنة إلى أن عبء الإثبات يقع عموما ً على صاحب الشكوى، الذي يجب عليه أن يقدم حجة مقنعة بأنه يواجه خطراً "متوقعاً وحقيقياً وشخصياً" ( ) . وتذكر اللجنة كذلك بأنها، وفقاً لأحكام تعليقها العام رقم 1، تولي أهمية كبيرة لاستنتاجات أجهزة الدولة الطرف المعنية بشأن الوقائع ( ) ، و لكنها في الوقت ذاته ليست ملزمة بالتقيد بهذه الاستنتاجات بل تتمتع، وفقما تنص عليه المادة 22(4) من الاتفاقية، بسلطة تقييم الوقائع بحرية استناداً إلى جميع ملابسات كل قضية .

10-4 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب الشكوى أنه يوجد خطر متوقع وحقيقي وشخصي متمثل في تعرض ه للتعذيب إن سُلم إلى تركيا لأنه تعرض للتعذيب في الماضي أثناء احتجاز ه بتهمة القتل وأن قرار إدانته الصادر في عام 1989 استند إلى شهادات منتزعة بالإكراه ؛ وأن طلب تسليمه ذو دوافع سياسية بالنظر إلى أصله الإثني الكردي وإلى دعمه ودعم ذ ويه بنشاط ٍ لحزب العمال الكرد ستان ي ؛ وأن انتماءه السياسي معروف لدى السلطات التركية ؛ وأن السلطات التركية لم تطلب تسليمه إلا بعد مرور أكثر من 20 سنة على إدانته رغم أنها كانت تعلم بمكان وجوده في عام 1992 ؛ وأن ثلاثة من أقاربه في تركيا لوحقوا بسبب دعمهم لحزب العمال الكرد ستان ي ؛ وأن أفراد أسرته استُجوبوا عن مكان وجوده أثناء زيارتهم لتركيا . كما  تحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب الشكوى أن خطر تعرضه للتعذيب سيزيد بالنظر إلى فراره من السجن في تركيا و وشم الصليب المسيحي وعبارة "تباً ل أردوغان " على جسده . وتلاحظ اللجنة كذلك أنه جرى تشخيص اضطراب الكرب التالي للرضح لدى صاحب الشكوى وأنه حاول الانتحار أثناء احتجازه في انتظار تسليمه . وتلاحظ اللجنة أن تسليمه، وفقاً لتقرير الطبيب النفسي ع ن حالته ، وهو تقرير وضع في عام 2015 ، سيؤدي بشكل مؤكد تقريبا ً إلى تعرضه للصدمة مرة أخرى .

10-5 وتحيط اللجنة علما ً بملاحظة الدولة الطرف أن سلطاتها المعنية بتسليم المطلوبين خلصت إلى أن صاحب الشكوى عديم المصداقية . وفي  هذا السياق، تجادل الدولة الطرف بأن التقارير الطبية التي تعود إلى وقت صدور قرار إدانته لا تشير إلى وجود آثار تعذيب عليه؛ وبأن تقارير الطبيب النفسي التي تبين العلاقة السببية بين تعذيب صاحب الشكوى وإصابته باضطراب الكرب التالي للرضح تستند بالأساس إلى أقواله؛ وبأن صاحب الشكوى لم يد ّ ع أنه تعرض للتعذيب بعد إدانته ؛ وبأنه يبدو من غير المحتمل، لو تعرض للتعذيب كما يد ّ عي، أن يكون أخوه س. ي. قد وافق على البقاء في السجن عوضه ؛ وبأن ه توجد تناقضات في رواية صاحب الشكوى ل أنشطته السياسية في تركيا وسويسرا.

10-6 وتحي ل اللجنة إلى نظرها في التقرير الدوري الرابع لتركيا، حيث أعربت عن قلقها البالغ إزاء تقارير عديدة عن قيام ال موظفي ن المكلفين ب إنفاذ القوانين، أثناء تصديهم للتهديدات الأمنية المتصورة والمزعومة في سياق تمرد حزب العمال الكرد ستان ي منذ عام 2015، بتعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم وإزاء ما أُبلغ عنه من حالات إفلات مرتكبي هذه الأفعال من العقاب ( ) ، ولا سيما في ظل عدم وجود هيئة حكومية مستقلة للتحقيق في شكاوى التعذيب وسوء المعاملة المقدمة على موظفين مكلفين بإنفاذ القوانين ( ) . وفي  سياق ملابسات هذه القضية، أحاطت اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف بأن تركيا قدمت ضمانات دبلوماسية دعماً لطلب التسليم، وبأن السلطات السويسرية في تركيا سيتسنى لها رصد مدى تنفيذ هذه الضمانات، وبأن تركيا، بوصفها طرفا ً في الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بتسليم المجرمين، لم تخ ِ ل قط بالضمانات الدبلوماسية التي تقدمها . كما  أحاطت اللجنة علما ً بادعاءات صاحب الشكوى المتمثلة في أن الضمانات الدبلوماسية لا تكفي أو لا يمكن الوثوق بها لإزالة خطر التعرض للتعذيب في حالته بسبب الدوافع السياسية وراء طلب تسليمه ؛ وأن استخدام التعذيب في أماكن الاحتجاز لا يزال شائعا ً في تركيا ؛ وأنه من الصعب رصد تنفيذ الضمانات الدبلوماسية باعتبار أن صاحب الشكوى لم يتمتع، حسب زعمه، بالحق في استشارة محام خلال الفترة السابقة لإدانته ؛ وأن السلطات السويسرية لم تنف أن صاحب الشكوى يواجه خطر التعرض للاضطهاد بعد الإفراج عنه؛ وأنه يوجد احتمال قوي بأن يعتقله ويعذ ّ به أفراد جهاز المخابرات قبل تسليمه إلى سلطات نظام السجون بسبب ارتباطه بأعضاء رفيعي المستوى في حزب العمال الكرد ستان ي في سويسرا . وأحاطت علماً بالادعاء الذي لم تطعن فيه الدولة الطرف والمتمثل في أن تركيا لم تقدم الضمانات الدبلوماسية إلا بعد ثلاث محاولات فاشلة، وهو ما يدل على عدم استعدادها للوفاء بهذه الضمانات ؛ وأن حالة حقوق الإنسان في تركيا تدهورت كثيرا ً منذ تقديم هذه الضمانات في عام 2012، ولا سيما في أعقاب انتخابات عام 2015 وتمرد حزب العمال الكرد ستان ي، ومحاولة الانقلاب وحالة الطوارئ في عام 2016 وما ترتب عليها من عمليات واسعة النطاق لاعتقال المشتبه في قيامهم بأنشطة تخريبية واحتجاز هم وطرد هم ، والتعديلات الدستورية لعام 2017 .

10-7 وتلاحظ اللجنة أنه لم يُطعن في تقييم سلطات الدولة الطرف المعنية باللجوء لاحتمال أن يواجه صاحب الشكوى، في حالة إعادته قسرا ً ، خطر التعرض للتعذيب . غير أن الدولة الطرف تجادل بأن الضمانات الدبلوماسية التي قدمتها تركيا تزيل أي خطر من هذا القبيل . وتلاحظ اللجنة كذلك أن التقارير الطبية تشير إلى أن صاحب الشكوى يعاني من اضطراب الكرب التالي للرضح بسبب أفعال التعذيب التي تعرض لها، وأنه حاول الانتحار منذ أن وافقت الدولة الطرف على تسليمه . وتخلص اللجنة، استنادا ً إلى المعلومات المع روضة عليها، إلى أن الضمانات الدبلوماسية، في سياق ملابسات هذه القضية، لا يمكن أن تبدد الأسس الوجيهة السائدة التي تدعو للاعتقاد بأن تسليم صاحب الشكوى إلى تركيا سيعرضه لخطر التعذيب، على نحو يشكل انتهاكا ً للمادة 3 من الاتفاقية .

11- وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة، وهي تتصرف بمقتضى المادة 22(7) من الاتفاقية، أن الدولة الطرف ملزمة، وفقاً للمادة 3 من الاتفاقية، بالامتناع عن تسليم صاحب الشكوى لتركيا أو أي بلد آخر قد يواجه فيه خطراً حقيقياً يتمثل في إعادته إلى تركيا .

12- وتدعو اللجنة الدولة الطرف ، وفقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، إلى إبلاغها ، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار ، بما اتخذته من خطوات استجابةً للملاحظات الواردة أعلاه .