الأمم المتحدة

C RPD/C/18/D/22/2014

اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

Distr.: General

5 October 2017

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥ من البروتوكول الاختياري، بشأن البلا غ رقم 22/2014 * **

بلاغ مقدم من: سين. (يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: جمهورية تنزانيا المتحدة

تاريخ تقديم البلاغ: ٢٣ حزيران/ يونيه ٢٠١٤ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملا ً بالمادة ٧٠ من نظام اللجنة الداخلي، المحال إلى الدولة الطرف في ٩ تموز/يوليه ٢٠١٤ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: ١٨ آب/أغسطس ٢٠١٧

الموضوع: التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ التمييز ضد الأشخاص المصابين بالمهق

المسائل الإجرائية: المقبولية - استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: المهق؛ التمييز على أساس الإعاقة؛ التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ انتهاك الحق في احترام السلامة العقلية والفكرية

مواد الاتفاقية: 1 و5 و15 و17

مادة البروتوكول الاختياري: ٢

١- صاحب البلاغ، سين، تنزاني الجنسية ومصاب بالمهق. وهو من مواليد ١٢ كانون الثاني/يناير ١٩٦٩. ق ُ طعت ذراعه اليسرى على يد رجلين عندما كان يبلغ من العمر ٤١ عاما ً بسبب إصابته بالمهق. ولم يعد في وسعه أن يلبي احتياجاته. يدَّعي أنه ضحية انتهاك ات الدولة الطرف للمواد ٥ و15 و١٧ من الاتفاقية. ويُذكر أن جمهورية تنزانيا المتحدة قامت بالتوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري في 29 أيلول/سبتمبر ٢٠٠٨ و١٠ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٠٩، على التوالي. ويمثل صاحب البلاغ محام ( ) .

ألف- موجز المعلومات والحجج التي قدمها الطرفان

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ صاحب البلاغ من قرية ميردا في مقاطعة مفوميرو بمنطقة موروغورو ، جمهورية تنزانيا المتحدة. وهو مصاب بالمهق. كان مزارعا ً قادرا ً على تلبية احتياجاته بنفسه إلى أن قُطعت ذراعه اليسرى وكان يبلغ من العمر 41 سنة.

٢-٢ ففي ١٠ نيسان/أبريل ٢٠١٠، بين الساعة الثانية والثالثة من بعد الظهر، كان صاحب البلاغ يجمع الحطب في الأدغال في منطقة ميليلا كيباوني ، بمقاطعة مفوميرو ، عندما اقترب منه شابان من جماعة الماساي (يتراوح عمرهم بين ١٤ و٣٠ عاما ً ) وطلبا منه بعض التبغ. وعندما انحنى ليأخذ تبغا ً من كيس من البلاستيك، ضربه الرجلان على رأسه بالهراوات. وفقد صاحب البلاغ الوعي وقطع الرجلان نصف ذراعه اليسرى، من تحت المرفق، وتركاه بمفرده. وعندما استعاد وعيه، كان يشعر بألم شديد وبدأ يصرخ طلبا ً للنجدة. واقتاده قرويون إلى مستشفى موروغورو البلدي حيث تلقى العلاج. ولم يجر العثور على ذراع صاحب البلاغ. ويُفترض أن الرجلان أخذاها معهما. وأُبلغت الشرطة بهذه القضية ( ) ، ولكنها لم تُجر أية ملاحقة قضائية ( ) .

٢-٣ ويؤكد صاحب البلاغ أن الأحداث وقعت في سياق من العنف الشديد الموجه ضد الأشخاص المصابين بالمهق في جمهورية تنزانيا المتحدة. وفي عام ٢٠١٢، كان العدد الإجمالي للأشخاص المصابين بالمهق في البلد يقدَّر بأكثر من ٠٠٠ ٢٠٠ شخص ( ) . وهم يعانون أشكالا ً مختلفة من الاضطهاد والتمييز، يستند الكثير منها إلى الخرافات. ويُعتقد، على سبيل المثال، أن الأشخاص المصابين بالمهق هم "لعنة من الله" أو حتى "أشباح أبديون"، وأن إقامة علاقات جنسية مع المرأة المصابة بالمهق يمكن أن تعالج فيروس نقص المناعة البشرية، وأن أعضاء جسم المصابين بالمهق لها قوى سحرية، من قبيل توفير الثروة والازدهار. وفي هذا السياق، ظهرت أشكال جديدة من الاضطهاد ضد الأشخاص المصابين بالمهق في الدولة الطرف، كأعمال القتل والتشويه التي ازدادت في أعقاب إنشاء سوق سوداء مربحة لبيع الأعضاء البشرية. وتُقطع الأعضاء البشرية عادة بوحشية باستخدام السواطير، وهو ما يترك الضحايا، في حال نجاتهم، في وضع من الألم والمعاناة الشديدين. وفي بعض الحالات، يجري نبش الجثث المدفونة لأشخاص مصابين بالمهق وتُقطع أوصالها.

٢-٤ ويدعي صاحب البلاغ أنه رغم الشكوى التي قدمها إلى الشرطة، لم تفتح السلطات المختصة في الدولة الطرف أي تحقيق. ويؤكد صاحب البلاغ أن رفع دعوى بصفة المدعي بالحق المدني غير ممكن في جمهورية تنزانيا المتحدة، وأنه لا توجد أي سبل انتصاف أخرى بموجب القانون الجنائي المحلي.

٢- ٥ وفيما يتعلق بالدعاوى بالحق المدني، يذكر صاحب البلاغ أنه كي يتسنى الشروع في الإجراءات القانونية، يتعين على الضحايا أن يقدموا طلباتهم أمام المحكمة العليا في أماكن إقامتهم. ونظرا ً لعدم وجود محكمة عليا في منطقة موروغورو التي يقطنها، كان يتعين على صاحب البلاغ السفر إلى العاصمة، دار السلام، لتقديم قضيته. وقال إنه لم يملك الموارد الاقتصادية اللازمة للسفر إلى العاصمة بنفسه واجتياز مسافة ٣٠٠ كيلومتر.

٢-٦ ويؤكد صاحب البلاغ أن أشخاصا ً آخرين مصابين بالمهق ممن تعرضوا لهجمات مماثلة قد رفعوا التماسا ً دستوريا ً ضد الدولة أمام المحكمة العليا في 20 آذار/مارس ٢٠٠٩، بمساعدة من مركز الحقوق القانونية وحقوق الإنسان، وجمعية المصابين بالمهق في تنزانيا، واتحاد تنزانيا لمنظمات المعوقين. وحتى تاريخ تقديم شكوى صاحب البلاغ إلى اللجنة، لم تكن المحكمة العليا قد نظرت بعد في تلك القضية، وذلك نتيجةً للتغيرات المتكررة في تشكيلة هيئة القضاة، التي أدت إلى إطالة بل وتأخير النظر في القضية دون أي مبرر.

٢-٧ وفي هذا الصدد، يلاحظ صاحب البلاغ أنه وفقاً لقانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية الذي يحدد الإجراءات الواجب أن يتخذها الشخص المتضرر لرفع دعوى أمام المحاكم، فإنه يتعين على هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة أن تبت في الأسس الموضوعية لكل طلب. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا الإجراء يؤدي عادة إلى حدوث تأخيرات لا مبرر لها لأنه، نظرا ً لمحدودية عدد القضاة، يصعب تشكيل هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة في العديد من الفروع الإقليمية للمحكمة العليا. ولذلك، فهو يؤكد أن وسيلة الانتصاف هذه غير متاحة.

الشكوى

٣-١ يدعي صاحب البلاغ أنه وقع ضحية انتهاك لحقوقه بموجب المواد ٥ و١٥ و١٧ من الاتفاقية. وهو يؤكد أيضاً أنه تعرض للتمييز على أساس إصابته بالمهق، التي يعتبرها حالة من حالات الإعاقة نظرا ً لأوجه الضعف وشتى الظروف التي تنطوي عليها. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى أن المهق حالة نادرة الحدوث، تنجم عن خلل وراثي لدى كلا الجنسين بصرف النظر عن العرق، وهي منتشرة في جميع بلدان العالم. وتنتج هذه الحالة عن عدم وجود صبغة الميلانين في الشعر والجلد والعينين، مما يجعل المصاب شديد التأثر بالتعرض للشمس والضوء الساطع. كما يؤدي المهق إلى ضعف البصر في الأغلبية العظمى من الحالات. ويؤكد صاحب البلاغ أن العنف الذي تعرض له وعدم توافر إمكانية الاحتكام إلى القضاء هما من الممارسات الواسعة الانتشار ضد الأشخاص المصابين بالمهق في الدولة الطرف. ويشير صاحب البلاغ إلى أن السلطات الحكومية لم تتخذ أي تدابير لغرض الوقاية أو الحماية في هذا الصدد لأنها تعتبر أن أعمال العنف المرتكبة ضد الأشخاص المصابين بالمهق ترتبط بالسحر الذي يشكل ممارسة ثقافية سائدة في المجتمع ولا يزال يُنظر إليه بقدر كبير من التحيز. ولذلك يرى صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف للمادة ٥ من الاتفاقية.

٣-٢ ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن الدولة الطرف لم تتخذ تدابير فعالة لحمايته بوصفه شخصا ً مصابا ً بالمهق، سواء من الإيذاء البدني أو النفسي أو العقلي المتعمد على يد الجهات من غير الدول. ويضيف أن قطع ذراعه كان شكلا ً من أشد أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية ، وهو ما أدى به إلى فقدان استقلاليته، في انتهاك لأحكام المادة ١٥ من الاتفاقية.

٣-٣ ويدعي صاحب البلاغ كذلك أنه ضحية انتهاك حقوقه المكفولة بموجب المادة ١٧ من الاتفاقية، موضحا أنه كان عرضة للمعاناة نتيجةً لممارسات همجية طالت كرامته وسلامته البدنية، ولأن الدولة الطرف لم تتخذ أي خطوات فعالة ضد الجناة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

٤-١ وردت ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ، ال مؤرخة ٢٣ أيلول/ سبتمبر ٢٠١٤، في 9 آذار/مارس ٢٠١٥. وترى الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتدعي أن الشرطة فتحت تحقيقا ً في القضية، بناء على شكوى صاحب البلاغ، في اليوم نفسه الذي تعرَّض فيه للاعتداء، أي في ١٠ نيسان/أبريل ٢٠١٠. وفي ٢١ نيسان/أبريل ٢٠١٠، ألقي القبض على أحد المشتبه فيهم واستُدعي إلى محكمة موروغورو المحلية بتهمة الاعتداء مع إلحاق ضرر جسيم والتسبب في إصابة جسدية (القضية الجنائية رقم ٢٥٧ لعام ٢٠١٠). وبدأت المحاكمة بإدلاء ثلاثة شهود بشهاداتهم، بمن فيهم صاحب البلاغ. غير أن صاحب البلاغ أفاد إلى المحكمة خلال الإد ل اء بشهادته بأن المتهم لم يكن من المعتدين عليه. وقال إنه يعرف المعتديين اللذين كانا من جيرانه، وكلاهما من جماعة الماساي . ونتيجةً لذلك، سحبت جهة الادعاء القضية المرفوعة ضد المتهم بموجب المادة ٩٨ من قانون الإجراءات الجنائية.

٤-٢ ولا يزال التحقيق في الاعتداء الذي تعرَّض له مقدم الطلب جاريا ً ، وتُبذل الجهود من أجل تحديد مكان المعتديين وإلقاء القبض عليهما وتقديمهما إلى العدالة. وتضيف الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يتوجه إلى السلطات المحلية فيما يتعلق بادعائه بأن السلطات لم تفتح أي ملف للتحقيقات الجنائية أو بتأخر سير تلك التحقيقات قبل أن يعرض المسألة على اللجنة. وترى الدولة الطرف أيضاً أن البلاغ يستند إلى الاعتقاد الخاطئ بأنها لم تتخذ أي إجراءات في هذا الصدد.

٤-٣ وفيما يخص ادعاء صاحب البلاغ بأنه لم يكن قادرا ً على رفع أو متابعة دعوى بصفة المدعي بالحق المدني باعتبار أن القانون الجنائي التنزاني لا ينص على ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن هذه الإمكانية متاحة بالفعل بموجب المادة 99 من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه لا يوجد دليل على أن صاحب البلاغ حاول اتخاذ هذا الإجراء ولم يفلح في ذلك.

٤-٤ وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية ينص على إجراءات إنفاذ الحقوق الدستورية الأساسية . وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يقول إنه لم يستطع رفع دعوى مدنية بسبب موارده الاقتصادية المحدودة. وترى الدولة الطرف أن هذه الحجة لا أساس لها لأن هناك عددا ً من مراكز المساعدة القانونية والمنظمات غير الحكومية لمساعدة المعوزين على تقديم قضاياهم أمام المحاكم. ولم يحاول صاحب البلاغ التماس المساعدة القانونية ولم يؤمّن أيا ً منها. وتعترض الدولة الطرف على حجج صاحب البلاغ المتعلقة بعدم رفع دعوى مدنية بسبب المسافة الفاصلة بين موروغورو (حيث يقيم صاحب البلاغ) ودار السلام (مكان وجود المحكمة العليا)، البالغ قدرها 300 كيلومتر. وترى أن المحامي الذي ساعد صاحب البلاغ على تقديم هذا البلاغ إلى اللجنة، التي يوجد مقرها في قارة مختلفة، كان يستطيع تقديم مساعدته إلى صاحب البلاغ لرفع القضية الدستورية في تنزانيا.

٤-٥ ولذلك ترى الدولة الطرف أن البلاغ ينبغي أن يُ عتبر غير مقبول بموجب المادة ٢ (د) من البروتوكول الاختياري لعدم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة فيما يتعلق بالشكاوى المعروضة على اللجنة.

٥-١ في 11 آذار/مارس ٢٠١٥، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية، قائلا ً إن قاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية ينبغي ألا تُستخدم بوصفها درعا ً واقيا ً من جانب الدول التي لا تعمل على تهيئة بيئة مناسبة من أجل تعزيز حقوق أفرادها وحمايتها وصونها. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في قضية جاوارا ضد غامبيا ، حيث ذكرت اللجنة أن ثلاثة معايير رئيسية يمكن أن تُستنتج ... في تحديد هذه القاعدة، أي أن يكون سبيل الانتصاف متاحاً وفعالاً وكافياً ( ) . وذكرت اللجنة أيضاً أن سبيل الانتصاف يُعتبر متاحا ً إذا تمكن مقدم البلاغ من السعي إليه من دون عائق، ويُعتبر فعالا ً إذا كان يتيح فرصة لتحقيق النجاح، ويُعتبر كافيا ً إذا كان كفيلا ً بمعالجة الشكوى ( ) . ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية سيجدوفيتش ضد إيطاليا ، ومفادها أن مقدمي الطلبات ملزمون فقط باستنفاد سبل الانتصاف المحلية التي تكون متاحة من الناحية النظرية والممارسة العملية في الوقت المعني والتي يمكن لهم اللجوء إليها مباشرة بأنفسهم، مما يعني أن سبل الانتصاف يجب أن تكون متاحة، وكفيلة بتوفير التعويض فيما يخص شكاواهم وبإتاحة فرص معقولة لتحقيق النجاح ( ) . وحيثما تكون سبل الانتصاف المحلية غير متوافرة، أو مطولة على غير وجه حق أو على نحو غير معقول، أو ي ُ حتمل ألا تحقق جبراً فعالاً، يتعين اللجوء إلى التدابير الدولية. ويرى صاحب البلاغ أن هذا هو الحال بالنسبة إلى أعمال القتل والهجمات التي تستهدف المصابين بالمهق، باعتبارها هجمات منهجية ومتواصلة في الدولة الطرف، وقد بلغت حد الانتهاك الجسيم لحقوقهم، وتظل دون عقاب.

٥-٢ أما بالنسبة إلى ملاحظات الدولة الطرف التي تفيد بأن التحقيق في قضية صاحب البلاغ قد بدأ في نفس اليوم الذي تعرض فيه للهجوم، أي في ١٠ نيسان/أبريل ٢٠١٠، وأنه أُلقي القبض على أحد المشتبه فيهم في ٢١ نيسان/أبريل ٢٠١٠، فإن صاحب البلاغ يعترف بأن المدعي العام سحب القضية بعد أن شهد صاحب البلاغ أن الشخص الذي ألقي القبض عليه لم يشارك في الاعتداء. وهو يدعي أنه كان على معرفة بالشخصين اللذين هاجماه، وكانا من جيرانه، مضيفا ً أنه لم يكن أمامه من خيار آخر سوى أن يوضح أن المشتبه فيه لم يشارك في الاعتداء. وقال إنه لم يكن يعتقد أن تلك الشهادة التي أدلى بها ستؤدي إلى عرقلة التحقيق في قضيته. ويعتبر صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تُجر تحقيقات أخرى ولم تحاول الحصول على توضيحات إضافية، ولذا فهي أخلت بواجبها بمقتضى المادة ٩٠ (١) من قانون الإجراءات الجنائية، وبموجب الاتفاقية، بعدم إجراء تحقيق فعال وملاحقة الجناة.

٥-٣ ويشير صاحب البلاغ كذلك إلى السوابق القضائية للجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في قضية غريكو ضد الأرجنتين ، حيث ذكرت اللجنة ما يلي: "إذا كان من مسؤولية مقدم الطلب ... أن يكفل استلام الدولة للإشعار على النحو الواجب بشأن الانتهاك المزعوم للاتفاقية، بحيث تتاح لها فرصة ملائمة لمعالجة الشكوى ضمن النظام القانوني الخاص بها، فإنه يتعين على الدولة نفسها المضي قدما ً في التحقيق في أي جريمة قد تكون موضع ملاحقة قضائية تلقائيا ً . وفي هذه الحالات، لا يمكن مطالبة صاحب الالتماس باستنفاد سبل الانتصاف المحلية إلا عند شروع الدولة المعنية في التحقيق في الوقائع المزعومة مع بذل العناية الواجبة ومعاقبة أي شخص تثبت مسؤوليته وفقاً لواجباتها بموجب كل من القانون المحلي والاتفاقية" ( ) .

٥ -٤ وي قول صاحب البلاغ إنه في حالة جرائم الدعاوى العامة، وحتى في حالة الجرائم التي تجري محاكمة مرتكبيها من جانب جهة خاصة، لا يجوز المطالبة باستنفاد سبل الانتصاف المحلية من الضحية أو أقارب الضحية، إنما تكون الدولة الطرف ملزمة بالحفاظ على النظام العام، ومن ثم تهيئة نظام القانون الجنائي ذي الصلة ومعالجة المسألة حتى النهاية. ويشير صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية الإضافية لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، التي تنص على أن الالتزام بإجراء التحقيق "لا بد أن يبلغ هدفا ً محددا ً ولا بد أن تتولاه الدولة باعتباره من واجباتها القانونية، وليس كخطوة متخذة لخدمة مصالح خاصة تتوقف على مبادرة تتخذها الضحية أو أسرة الضحية أو بناء على عرض الإثبات، أو دون البحث الفعلي عن الحقيقة من جانب الحكومة " . وبعبارة أخرى، فإن الالتزام بإجراء التحقيق ومن ثم المحاكمة ومعاقبة الأشخاص المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان هو واجب من واجبات الدولة غير القابلة للتفويض ( ) . ويدعي صاحب البلاغ أنه، في هذه القضية، لم تضطلع الدولة الطرف بإجراءات التحقيق وبالملاحقة القضائية على نحو فعال. بل إنها أنهت التحقيق قبل تحديد هوية الجناة، على نحو ما يجري عادةً ضمن الاختصاص المحلي في الحالات المماثلة.

٥-٥ وفيما يتعلق بقول الدولة الطرف إن التحقيقات لا تزال جاري ة لتقديم المعتدي ن إلى المحاكمة، يدّعي صاحب البلاغ أنه لا توجد أي إشارة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة في هذا الصدد، ولم تظهر أي نتيجة عن عملية التحقيق المزعومة. ولم يجر الاتصال قط بصاحب البلاغ، كما أنه لم يتلق أي معلومات عن الإجراءات والتحقيقات التي يُزعم أنها جارية.

٥-٦ وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأنه كان ينبغي له أن يقدم التماسا ً بشأن حقوق الإنسان أمام المحاكم المحلية وفقاً لقانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية، يؤكد صاحب البلاغ أن هذا الإجراء يستغرق وقتا ً طويلا ً للغاية. وهو يشير إلى السوابق القضائية لهيئات حقوق الإنسان التي جاء فيها أن لا حاجة إلى استنفاد سبل الانتصاف التي تستغرق وقتا ً طويلا ً دون مبرر، والتي تكون بحكم طبيعتها غير فعالة ( ) . ويدعي أيضاً أنه حتى في حال عدم وجود قاعدة راسخة لتحديد ما إذا كانت سبل الانتصاف تستغرق وقتا ً طويلا ً دون مبرر، فإن هيئات حقوق الإنسان عادة ما تنظر في سلوك الدول ومدى تعقيد القضايا لتحديد ما إذا كانت المدة الزمنية معقولة ( ) . ويفيد صاحب البلاغ كذلك بأن مقدمي الطلبات يمكن أن يعتمدوا على هذه القاعدة عندما تكون التحقيقات، كما هي الحال في قضيته، معلقة منذ سنوات دون أي دليل على إحراز تقدم فيها أو عندما تكون الإجراءات القضائية قد طالت سنوات عدة، أو عندما تكون سبل الانتصاف قد استُخدمت كـ "أدوات لتأخير سير الدعوى" ( ) .

٥-٧ ويشير صاحب البلاغ إلى الالتماس المقدم في ٢٠ آذار/مارس ٢٠٠٩ لدى المحكمة العليا لجمهورية تنزانيا المتحدة من الأشخاص المصابين بالمهق الذين وقعوا ضحايا أعمال عنف، والذي يحمل رقم القضية 15 لعام 2009 ضمن القضايا المدنية المتنوعة، وفقاً لقانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية. ويقول إن المادة ٤ من القانون تنص على أنه يجوز لأي شخص متضرر أن يتقدم بطلب إلى المحكمة العليا للانتصاف؛ وأن هيئة المحكمة المكلفة بتحديد الأسس الموضوعية للطلب يجب أن تتكون من ثلاثة قضاة (المادة 10). وقُدم الالتماس الدستوري بدعم من مركز الحقوق القانونية وحقوق الإنسان، وجمعية المصابين بالمهق في تنزانيا، واتحاد تنزانيا لمنظمات المعوقين. وبعد مرور أكثر من ست سنوات، لم يجر النظر في تلك القضية بعد (انظر الفقرة 2-6 أعلاه). ويدعي صاحب البلاغ أن ذلك الإجراء يفضي عادة إلى تأخير لا مبرر له لأن العدد المحدود من القضاة في الكثير من الفروع الإقليمية للمحكمة العليا يزيد من تعقيد عملية تشكيل هيئة المحكمة. وبالتالي، فقد شهدت تلك القضية تأخيرا ً مطولا ً لا مبرر له ( ) ، وبذلك لم تكن سبل الانتصاف المحلية أمام المحكمة العليا متوفرة.

٥-٨ ويكرر صاحب البلاغ التأكيد أنه منذ عام ٢٠٠٠، سُجلت زيادة في عدد ونطاق الاعتداءات على الأشخاص المصابين بالمهق في الدولة الطرف، ولا يزال الكثير من تلك الاعتداءات غير مبلغ عنه. ويدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تكن قادرة على محاكمة الأشخاص في القضايا المبلغ عنها حتى الآن ( ) ، وأن النظام القضائي في الدولة الطرف غير مجهز للتعامل مع العدد الكبير من القضايا ذات الصلة بالأشخاص المصابين بالمهق ( ) . ويشير صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، التي تنص على أنه بافتراض وقوع انتهاكات "واسعة النطاق" و"خطيرة" في مجال حقوق الإنسان، تكون الدولة على علم بهذه الانتهاكات، ومن المتوقع أن تتخذ الإجراءات المناسبة لمنع وقوعها ثانيةً ( ) . ويقول صاحب البلاغ إنه، في قضيته، تم إخطار الدولة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تعرض لها، غير أن سلطات الدولة الطرف لم تتخذ الخطوات اللازمة للتحقيق في القضية وملاحقة الجناة ومعاقبتهم، ولا لمنع تكرار أعمال العنف المرتكبة ضد الأشخاص المصابين بالمهق في جمهورية تنزانيا المتحدة.

٥-٩ ويدفع صاحب البلاغ بأن سبل الانتصاف لا تُعتبر متوافرة إلا إذا كانت متاحة من الناحيتين النظرية وفي الممارسة العملية ( ) ، وإذ كان يمكن "السعي إليها دون أي عائق" ( ) . ويقول أيضاً إن سبل الانتصاف المحلية لا تكون فعالة إلا عندما تتيح فرصا ً لتحقيق النجاح، من قبيل التعويض عن الانتهاكات موضوع الشكوى. وفي حالات الانتهاكات الخطيرة، كالانتهاكات المزعومة للحق في الحياة وحظر التعذيب، لا يمكن الادعا ء بأن الإجراءات التأديبية أو الإدارية البحتة كافية أو فعالة ( ) . ومن ثم يجب أن تتسم سبل الانتصاف بطابع قضائي، وأن تكون الدول قادرة على تحديد المسؤوليات الجنائية لمرتكبي الانتهاكات. ويشير صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه لا يلزم لمقدمي الطلبات استنفاد سبل الانتصاف المحلية "عندما يتبين وجود ممارسة إدارية قائمة على تكرار الأفع ال ... وعلى تسامح رسمي من جانب سلطات الدولة، وهو ما يجعل الإجراءات المذكورة، بطبيعتها، إجراءات عديمة الجدوى أو غير فعالة ( ) ".

٥-١٠ ولذا يرى صاحب البلاغ أنه، في الظروف الخاصة بقضيته، لم تكن سبل الانتصاف المحلية في الدولة الطرف متاحة، ويؤكد أنه حتى إن وجدت، فسوف تكون غير فعالة وغير كاف ية ( ) . ولذلك فإنه يطلب إلى اللجنة أن تنظر في القضية من حيث الأسس الموضوعية، ويكرر التأكيد أن الأفعال التي كان ضحيتها لم يجر التحقيق فيها. ويرى أن عدم مقاضاة المسؤولين عنها يشكل انتهاكا ً لحقوقه المكفولة بموجب المواد ٥ و١٥ و١٧ من الاتفاقية.

عدم الرد من جانب الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

٦- في 12 أيار/مايو 2015، و27 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، و4 آذار/مارس 2016 ، و9 أيار/مايو 2016، طُلب إلى الدولة الطرف أن تقدم ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ.

باء- نظر اللجنة في مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

النظر في المقبولية

٧-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري والمادة 65 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب أحكام البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وقد تحققت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة (ج) من المادة 2 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة لم يسبق النظر فيها وليست قيد النظر بموجب أي إجراء آخر للتحقيق أو التسوية الدوليين.

٧-٣ و تشير اللجنة إلى الطلب الوارد من الدولة الطرف بأن يُعتبر البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة (د) من المادة 2 من البروتوكول الاختياري، بحجة أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية. ولاحظت الدولة الطرف على وجه الخصوص أن صاحب البلاغ لم يقدم قضيته إلى المحاكم المحلية بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية . ولاحظت أيضاً أن ص احب البلاغ لم يبدأ إجراءات مدنية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار والأذى. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بأن إمكانية إقامة دعوى مدنية واتخاذ إجراءات الملاحقة القضائية الخاصة لا تشكل سبل انتصاف فعالة في حالته. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ قدم شكوى إلى الشرطة يوم تعرضه للاعتداء، أي في ١٠ نيسان/أبريل ٢٠١٠؛ وأنه تم سحب إجراءات الملاحقة القضائية بموجب المادة ٩٨ من قانون الإجراءات الجنائية بعد أن شهد صاحب البلاغ بأن المتهم ليس من المعتدين عليه؛ وأنه منذ ذلك الحين، لم يبلَّغ صاحب البلاغ قط بأي من الخطوات الإضافية الجديدة التي اتخذتها السلطات للتحقيق في القضية وتقديم الجناة إلى العدالة. وتشير اللجنة إلى أنه بموجب الإجراءات الجنائية التنزانية، يجوز للقاضي الذي يحقق أو ينظر في أي قضية السماح بأن يضطلع أي شخص بالملاحقة القضائية، بما يشمل الضحية ( ) . ومع ذلك، ففي حالات الانتهاكات التي تبلغ درجة من الخطورة من قبيل الانتهاكات التي وقع صاحب البلاغ ضحيتها، فإن المسؤولية الرئيسية عن إجراءات الملاحقة القضائية تقع على عاتق السلطات في الدولة الطرف ( ) ، وتُعتبر تلك الإجراءات واجب ا ً من و اجبات الدولة غير القابلة للتفويض لكون الدولة ملزمة بالتحقيق والمحاكمة ومعاقبة مرتكبي الانتهاكات ( ) .

٧-٤ وتلاحظ اللجنة أنه في 20 آذار/مارس ٢٠٠٩، قدم عدد آخر من ضحايا أعمال عنف مماثلة قضاياهم إلى المحكمة الدستورية لجمهورية تنزانيا المتحدة بمقتضى قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية. وفي وقت النظر في الشكوى الحالية، أي بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على تقديم القضايا، لم يجر النظر فيها بعد. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الإجراءات الطويلة التي اتخذها صاحب البلاغ أمام السلطات القضائية لم تؤدِّ إلى أي نتيجة حتى الآن. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة الصعوبات التي تواجهها المحكمة العليا لتشكيل هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة من أجل البت في الأسس الموضوعية لكل طلب مقدم بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية. وفي ظل هذه الظروف، لا ترى اللجنة أن من المعقول اشتراط أن يكون صاحب البلاغ قد توجه إلى المحكمة للشروع في إجراءات إضافية لا يمكن التنبؤ بمدتها، من قبيل الإجراءات المدنية، أو الإجراءات الإضافية المتخذة لدى المحكمة العليا بموجب قانون إنفاذ الحقوق والواجبات الأساسية.

٧-٥ وترى اللجنة، في سياق هذه القضية، أن إقامة دعوى مدنية أو طلب مكافأة تعويضية في حد ذاتهما لن يشكلا سبيل انتصاف فعالا ً . وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن سبل الانتصاف التي أشارت إليها الدولة الطرف لم تكن لتُظهر فعاليتها. ومن ثم، لا يوجد ما يمنع بموجب الفقرة (د) من المادة 2 من البروتوكول الاختيا ري من النظر في شكوى صاحب البلاغ .

٧-٦ وعلاوة على ذلك، تشير اللجنة إلى أن المادة 1 من الاتفاقية تحدد أن عبارة الأشخاص ذوي الإعاقة تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، كل من يعانون من أشكال إعاقة طويلة الأمد سواء كانت بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسية قد تمنعهم لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعَّالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين. وتشير اللجنة أيضاً إلى وصف الخبير المستقل المعني بمسألة تمتع الأشخاص المصابين بالمهق بحقوق الإنسان أن المهق حالة نادرة نسبيا ً ، غير معدية، موروثة جينيا ً ، وتؤثر على الناس في جميع أنحاء العالم بصرف النظر عن العرق أو نوع الجنس.

٧-٧

٨-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي تلقتها، عملاً بالمادة 5 من البروتوكول الاختياري والفقرة 1 من المادة 73 من نظامها الداخلي.

٨-٢ وفيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ بموجب المادة ٥ من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى حجته بأنه قد تعرض للتمييز بسبب إعاقته، وبأن نوع العنف الذي تعرض له هو ممارسة معممة في الدولة الطرف لا يتأثر بها سوى الأشخاص المصابين بالمهق. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أنه كان أيضاً ضحية للتمييز على أساس الإعاقة بسبب إفلات الجناة من العقاب على أعمال العنف التي تعرض لها، وهو وضع لا يزال قائما ً حتى الآن. وفي هذا الصدد، يدفع صاحب البلاغ بأن الإفلات من العقاب يميّز معظم حالات العنف المرتكبة ضد الأشخاص المصابين بالمهق، حيث إن سلطات الدولة الطرف تعتبر أن هذا النوع من العنف مرتبط بالسحر، الذي يشكل بدوره ممارسة ثقافية مقبولة عموما ً يُنظر إليها بالكثير من التحيز حتى الآن في المجتمع. وأخيرا ً ، تلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف لم تتخذ التدابير اللازمة لكفالة إجراء تحقيق فعال وكامل ونزيه ومقاضاة مرتكبي هذه الأفعال، كما تلاحظ عدم اتخاذ أي تدابير لغرض الوقاية أو الحماية فيما يتعلق بالعنف الموجه ضد الأشخاص المصابين بالمهق.

٨-٣ وتشير اللجنة إلى أنه يجب على الدول الأطراف، بموجب المادة 5(1) و(3) من الاتفاقية، الإقرار بأن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون وبمقتضاه ولهم الحق دون أي تمييز وعلى قدم المساواة في الحماية والفائدة اللتين يوفرهما القان ون. كما يجب أن تتخذ الدول الأطراف، سعيا ً لتعزيز المساواة والقضاء على التمييز، جميع الخطوات المناسبة لكفالة توافر الترتيبات التيسيرية المعقولة للأشخاص ذوي الإعاقة. وترى اللجنة أن التمييز قد ينجم عن الأثر التمييزي لقاعدة أو تدبير لا يُقصد منهما التمييز، ولكنهما يؤثران بشكل غير متناسب على الأشخاص ذوي الإعاقة ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ كان ضحية جريمة عنيفة تنطبق عليها خصائص الممارسة التي يتأثر بها حصرا ً الأشخاص المصابون بالمهق: ففي ١٠ نيسان/أبريل ٢٠١٠، هوجم صاحب البلاغ من قبل رجلين بينما كان يجمع الحطب؛ وضربه الرجلان على رأسه باستخدام الهراوات؛ وقطعا نصف ذراعه اليسرى، من تحت المرفق. ومنذ ذلك الحين، كانت فرص احتكام صاحب البلاغ إلى القضاء محدودة على نحو كبير، حيث يبدو أن السلطات المختصة لم تتخذ أي إجراءات للتحقيق إثر سحب الإجراءات الأولى، ولا تزال قضيته تواجه حالة من الإفلات التام من العقاب، بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على الهجوم الإجرامي الذي تعرّض له.

٨-٤ وترى اللجنة أن الدولة الطرف لا يجوز لها التنصل من مسؤولياتها بموجب الاتفاقية بحجة أن بعض السلطات القضائية، من قبيل المحكمة المحلية في موروغورو والمحكمة الدستورية، قد نظرتا بالفعل في المسألة أو لا تزالان تنظران فيها، متى اتضح أن سبل الانتصاف المطروحة في الدولة الطرف طالت على نحو غير ملائم وتبدو غير فعالة. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يحصل على أي دعم من سلطات الدولة الطرف لتمكينه من العيش المستقل مرة أخرى بعد فقدان ذراعه وأن الدولة الطرف، بوجه عام، لم تعتمد أي تدابير لمنع هذا الشكل من أشكال العنف الموجه ضد الأشخاص المصابين بالمهق وحمايتهم منه. وفي غياب أي تفسير من الدولة الطرف بشأن هذه المسائل، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ كان ضحية شكل من أشكال العنف التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق على وجه الحصر. وترى كذلك أن عدم قيام الدولة الطرف بمنع هذه الأفعال والمعاقبة عليها قد أسفر عن وضع صاحب البلاغ وغيره من الأشخاص المصابين بالمهق في حالة ضعف شديد ومنعهم من العيش في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ كان ضحية للتمييز المباشر القائم على أساس إعاقته، وذلك في انتهاك للمادة ٥ من الاتفاقية.

٨-٥ وفيما يخص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ١٥ من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة حجته التي تفيد أن الأفعال التي تعرض لها تبلغ درجة التعذيب وانتهاك السلامة البدنية. وتشير الل جنة إلى أنه بموجب المادة ١٥ (1) و(2) من الاتفاقية، لا يجوز إخضاع أي شخص للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بل ويجب أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع إخضاع الأشخاص ذوي الإعاقة، على قدم المساواة مع الآخرين، للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة . وتشير اللجنة أيضاً إلى أنه

٨-٦ ومع ذلك، تشير اللجنة إلى أن التزام الدول بمنع الانتهاكات التي تندرج في فئة التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة والمعاقبة عليها ينطبق على الأفعال التي ترتكبها الدول والجهات من غير الدول على حد سواء ( ) . و تكتسي ا لمعالجة السري عة والفعالة أهمية خاصة في البت في القضايا المتعلقة ب التعذيب . وترى اللجنة أن المعاناة التي يشهدها صاحب البلاغ، نظ راً لعدم قيام الدولة الطرف باتخاذ إجراءات تتيح الملاحقة القضائية الفعالة للمشتبه في أنهم مرتكبو الجريمة، أصبحت سببا ً لإعادة الإيذاء وتبلغ حد التعذيب النفسي و/أو سوء المعاملة ( ) . ولهذه الأسباب، تخلص اللجنة، في هذه القضية، إلى الاستنتاج بأن الدولة الطرف قد انتهكت المادة ١٥ من الاتفاقية.

٨-٧

جيم- الاستنتاجات والتوصيات

٩- إن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزاماتها بمقتضى المواد 5 و15 و17 مقروءة بالاقتران مع المادة ٤ من الاتفاقية.

(أ) فيما يتعلق بصاحب البلاغ، تلتزم الدولة الطرف بما يلي:

أن توفر له سبيل انتصاف فعالا، بما في ذلك التعويض والجبر عن الإيذاء الذي عانى منه، وأن تقدم إليه الدعم اللازم لتمكينه من العيش المستقل مجددا ً ؛

أن تُجري تحقيقا ً نزيها ً وسريعا ً وفعالا ً في الاعتداء الذي تعرَّض له، وأن تقدم مرتكبيه إلى المحاكمة؛

أن تنشر هذه الآراء وتعمّمها على نطاق واسع في شكل يسهل إطلاع جميع فئات السكان عليها؛

(ب) وبوجه عام، يقع على الدولة الطرف التزام باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى التوصيات الصادرة عن الخبير المستقل ال معني بمسألة التمتع بحقوق الإنسان في حالة الأشخاص المصابين بالمهق وتطلب إلى الدولة الطرف القيام بما يلي ( ) :

استعراض وتكييف الأطر القانونية عند الضرورة للتأكد من أنها تشمل جميع جوانب الاعتداءات التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق، بما في ذلك فيما يتعلق بالاتجار بالأعضاء البشرية؛

كفالة التحقيق السريع في حالات الاعتداء على الأشخاص المصابين بالمهق وكذلك في أعمال الاتجار بالأعضاء البشرية، ومحاكمة المتورطين فيها؛

كفالة أن تكون الممارسة المتمثلة في استخدام الأعضاء البشرية في الممارسات المتصلة بالسحر موضع تجريم كافٍ لا لبس فيه في التشريعات المحلية؛

وضع وتنفيذ حملات طويلة المفعول للتوعية والتدريب على أساس نموذج حقوق الإنسان لذوي الإعاقة، مع الامتثال لالتزامات الدولة الطرف بمقتضى المادة ٨ من الاتفاقية بالتصدي للممارسات الضارة والخرافات المتفشية التي تؤثر على التمتع بحقوق الإنسان في حالة الأشخاص المصابين بالمهق، فضلا ً عن إتاحة التدريب بشأن نطاق الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري.

١٠- و وفقاً للمادة 5 من البروتوكول الاختياري والمادة 75 من النظام الداخلي للجنة، ينبغي للدولة الطرف أن تقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً خطياً يتضمن معلومات عن الإجراءات المتخذة في ضوء آراء اللجنة وتوصياتها هذه.