رسالة مقدمة من:

س. ه. (تمثلها كمحامٍ الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

المجني عليها المزعومة:

صاحبة الرسالة

الدولة الطرف:

البوسنة والهرسك

تاريخ تقديم الرسالة:

27 كانون الثاني/يناير 2017 (الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية:

أُحيلت إلى الدولة الطرف في 10 نيسان/أبريل 2017 (لم تصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

9 تموز/يوليه 2020

الموضوع:

عدم بذل الدولة الطرف العناية الواجبة من أجل التحقيق الآني والفعال في العنف الجنسي؛ والحق في الحصول على تعويض ودعم عادلين وكافيين

المسائل الإجرائية:

استنفاد سبل الانتصاف الداخلية؛ دعوى حِسبة

مواد الاتفاقية:

1 و 2 (أ) - (و) و 3 و 12 و 13 (أ) و (ب) و 15 (1)

مادتا البروتوكول الاختياري:

2 و 4 (2)

معلومات أساسية

1 - صاحبة الرسالة هي س. هـ.، وهي مواطنة بوسنية من الإثنية الكرواتية. وصاحبة الرسالة ناجية من اغتصاب يُدَّعى أن أحد أفراد قوات صرب البوسنة ارتكبه في عام 1995 أثناء النزاع في يوغوسلافيا السابقة. وتدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها بموجب المواد 1 و 2 (أ) - (و) و 3 و 12 و 13 (أ) و (ب) و 15 (1) من الاتفاقية. ودخلت الاتفاقية والبروتوكول الاختياري الملحق بها حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1993 و 4 كانون الأول/ديسمبر 2002 على التوالي. وتمثل صاحبة الرسالة كمحامٍ الرابطةُ السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب، وهي منظمة غير حكومية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة الرسالة

2-1 في عام 1995، كانت صاحبة الرسالة تعيش مع زوجها في بلدية برييدور ( ) ، البوسنة والهرسك، في قرية تحتلها القوات الصربية البوسنية (جيش جمهورية صربسكا) منذ عام 1993 ( ) . وفي 25 آب/ أغسطس 1995، حوالي الساعة الخامسة مساءً، كانت صاحبة الرسالة وحدها في المنزل عندما دخل منزلها أربعة رجال مسلحين يرتدي بعضهم ملابس مدنية والبعض الآخر ملابس مموهة ويحملون بنادق. وتعتقد صاحبة الرسالة أنهم كانوا أعضاء في جيش جمهورية صربسكا ( ) . وخاطبوها بعبارات مهينة تتعلق بإثنيتها وسرقوا ممتلكاتها. وفي حين خرج ثلاثة من الرجال، فإن أحدهم ظل داخل المنزل وأمر صاحبة الرسالة بخلع ملابسها. وعندما رفضت القيام بذلك، دفعها الرجل ليوقعها على أريكة، واغتصبها بالإيلاج المهبلي. وبعد سماع إطلاق نار في الخارج، غادر الرجل المنزل وتمكنت صاحبة الرسالة من الفرار إلى الغابة المجاورة. ولم تخبر أسرتها أو جيرانها بالاغتصاب بسبب العار.

2-2 وفي أيلول/سبتمبر 1995، توجّهت صاحبة الرسالة برفقة شقيقة زوجها إلى مركز الشرطة في ليوبيا، وهي بلدة قرب برييدور، وأبلغت عن الحادث. ولم تتمكن من الحصول على نسخة من الرسالة التي قدمتها إلى الشرطة، ولم يعقب القضية أي تحقيق.

2-3 ولسنوات عديدة، وحتى بعد انتهاء الحرب البوسنية، لم تقم صاحبة الرسالة بمتابعة قضيتها على نحو نشط خوفاً من وصمها، وعلى أمل أن تحقق السلطات أخيراً في قضيتها استنادا إلى شكواها الأولى المقدمة في عام 1995. غير أنها أُبلغت، في عام 2008، عندما استفسرت في مركز الشرطة في ليوبيا عن التقدم المحرز في التحقيق في قضيتها، بأن الملفات قد أحرقت بعد 10 سنوات على ارتكاب الجريمة. وقررت صاحبة الرسالة، بعد أن صدمها هذا الردّ، الاتصال بمركز العمل الاجتماعي في برييدور التماسا للعدالة. وأحالها المركز إلى عدة منظمات غير حكومية. وفي 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، وافت صاحبةُ الرسالة رابطةَ ضحايا الحرب من النساء بتفاصيل الأحداث التي وقعت في عام 1995. وفي 26 كانون الثاني/يناير 2009، رفعت الرابطة، بموافقة صاحبة الرسالة، قضية جنائية إلى مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك.

2-4 ونظراً لعدم إحراز تقدم واضح في التحقيق في قضيتها، قدمت صاحبة الرسالة في الفترة بين عامي 2009 و 2014 ادعاءاتها مراراً وتكراراً إلى مراكز الشرطة في ليوبيا وبرييدور ومكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك ومؤسسة أمين المظالم لحقوق الإنسان في البوسنة والهرسك ومكتب المدعي العام المحلي في بانيا لوكا. ورغم أن معظم المراسلات ظلت بلا جواب، فإنها تلقت عدة ردود، بما في ذلك من مركز الشرطة في ليوبيا في 17 أيلول/سبتمبر 2012، ومركز الشرطة في برييدور في 4 كانون الأول/ ديسمبر 2012 و 16 كانون الثاني/يناير 2013 و17 شباط/فبراير 2014. غير أن الرسالة الواردة من مركز شرطة برييدور في كانون الأول/ديسمبر 2012 أبلغتها فقط بأن الشرطة لم تجر أي تحقيق في شكواها الأولية المقدمة في عام 1995 وأن تقرير صاحبة الرسالة لم يُسجل قط. وفي 1 شباط/فبراير 2013، رد مكتب المدعي العام على استفسار من مؤسسة أمين المظالم لحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن التحقيق جارٍ وأنه سيتم الاستماع إلى الشهود والطرف المتضرر. وفي 19 آذار/مارس 2014، أبلغ مكتب المدعي العام المحلي في بانيا لوكا صاحبة الرسالة بأنه نظراً لتسجيل القضية لدى مكتب المدعي العام، لا يمكن للمدعي العام المحلي اتخاذ أي إجراء ما لم تُنقل القضية بقرار من المحكمة ( ) .

2-5 وفي 4 حزيران/يونيه 2014، قدمت صاحبة الرسالة طعناً إلى المحكمة الدستورية للبوسنة والهرسك، مدعية أنه لم يجر تحقيق فعال في قضيتها ولم تتم ملاحقة مرتكبيها وأنها لم تحصل على تعويض أو جبر مناسب ( ) . وفي 17 شباط/فبراير 2016، رُفض استئنافها باعتباره لا أساس له. ورأت المحكمة الدستورية أنه بالنظر إلى السياق الذي ارتكبت فيه الجرائم والصعوبات الاستثنائية التي تواجهها السلطات الوطنية في التحقيق في العديد من الجرائم المعقدة، لا يمكن الدفع بأن السلطات تخلّ بالتزاماتها الإيجابية. ورغم أن المحكمة أقرت بأن عملية التحقيق كانت بطيئة وغير حاسمة في معظم الأحيان، فقد قررت أن ذلك جاء نتيجة للظروف الاستثنائية وليس بسبب عدم قيام السلطات ببذل العناية الواجبة. ومنذ صدور حكم المحكمة، لم يتصل بصاحبة الرسالة مكتبُ المدعي العام أو أي سلطة أخرى مسؤولة عن التحقيق في شكاواها.

2-6 وفي غضون ذلك، في 9 آب/أغسطس 2012، كتبت صاحبة الرسالة إلى إدارة حماية قدامى المحاربين والأشخاص ذوي الإعاقة في بلدية برييدور تطلب تسجيلها كضحية مدنية للنزاع المسلح، وهو أمر ضروري لتلقي الدعم والمساعدة الاجتماعيين. وقد رُفض الطلب باعتباره سقط بالتقادم، لأنه كان قابلاً للتسجيل فقط حتى 31 كانون الأول/ديسمبر 2007. وفي 3 أيلول/سبتمبر 2012، قدمت صاحبة الرسالة طعناً في هذا القرار إلى وزارة العمل وحماية قدامى المحاربين والأشخاص ذوي الإعاقة في بانيا لوكا. وفي 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، رُفض هذا الطعن أيضاً بسبب التقادم. وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 2015، قدمت صاحبة الرسالة شكوى ضد هذا القرار إلى المحكمة المحلية في بانيا لوكا، ما لبثت أن رُفضت في 24 حزيران/ يونيه 2016 باعتبارها لا أساس لها.

2-7 وفي 25 آب/أغسطس 2016، قدمت صاحبة الرسالة شكوى إلى المحكمة الدستورية للبوسنة والهرسك، ادعت فيها أن التقادم المخالف للمنطق في قانون حماية المدنيين ضحايا الحرب في جمهورية صربسكا حال دون الاعتراف بها كضحية مدنية للنزاع المسلح وتسجيلها كذلك ومن الحصول على استحقاقات اجتماعية كان يحق لها الحصول عليها لولا ذلك.

2-8 وقد تسبب الحادث الذي وقع في عام 1995 في معاناة جسدية ونفسية لصاحبة الرسالة. وسبب الاغتصاب لصاحبة الرسالة مشاكل في الغدة الدرقية وإصابة كبرى في الأعضاء التناسلية، لم تستطع تحمل تكاليف العلاج المناسب لها بسبب القيود المالية. ووفقاً لصاحبة الرسالة، فقد تطورت هذه المشاكل إلى مرض في عنق الرحم في عام 2006 ثم إلى سرطان عنق الرحم في عام 2012، ونتيجة لذلك تم استئصال عنق رحمها. وقد تم تشخيص إصابتها باضطراب اكتئابي وتغير دائم في شخصيتها بسبب تجربتها المؤلمة، مما أثر أيضاً على حياتها الزوجية. وأدى عدم تمكن صاحبة الرسالة من ممارسة الجنس مع زوجها بعد الاغتصاب إلى طلاقهما في عام 2009. وهي تعيش حالياً تحت خط الفقر ولا تملك موارد كافية لتغطية الاحتياجات الأساسية والنفقات الطبية.

الشكوى

3-1 تذكر صاحبة الرسالة أنه ينبغي اعتبار الرسالة مقبولة. ورغم أن الوقائع حصلت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف، فإن الانتهاكات المزعومة هي انتهاكات مستمرة وما زالت آثارها قائمة منذ 4 كانون الأول/ديسمبر 2002 في نطاق الولاية القانونية للدولة الطرف ( ) . وبالتالي، تدعي صاحبة الرسالة أن اللجنة لديها اختصاص زمني ومكاني للنظر في الشكوى الحالية.

3-2 وفيما يتعلق بالمادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، تدعي صاحبة الرسالة أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتشير إلى عدم إجراء تحقيق فعال أو مقاضاة الجناة المزعومين أو توفير سبيل انتصاف كافٍ لصاحبة الرسالة، رغم أنها رفعت القضية إلى المحكمة الدستورية، ورغم طلباتها واستفساراتها المتكررة. وتشير أيضا إلى أن الشكوى التي لم يبت فيها أمام المحكمة الدستورية فيما يتعلق بالاعتراف بوضعها كضحية مدنية للنزاع المسلح لا تحظى بأي فرصة للنجاح، حيث إن المحكمة اعتبرت بشكل منهجي بأن جميع الشكاوى غير مقبولة بسبب التقادم ( ) . وبالتالي، تدعي أنه لا يمكن أن يُتوقع منها بصورة معقولة أن تتخذ أي خطوات أخرى على الصعيد المحلي.

3-3 وتدعي صاحبة الرسالة أنها كانت ضحية لاستمرار تقاعس الدولة الطرف عن إجراء تحقيق فوري وفعال وشامل في شكوى الاغتصاب التي قدمتها، مما أتاح لمرتكبي هذه الجريمة الإفلات من العقاب، الأمر الذي يشكّل انتهاكاً لحقوقها بموجب المادة 1، مقروءة بالاقتران مع المواد 2 (ب) و (ج) و (ه) و (و) و 3 من الاتفاقية. كما أن عدم إتاحة الفرصة لها للاطلاع على المعلومات المتعلقة بالتقدم المحرز في التحقيق أو إتاحة الفرصة لها في الوقت المناسب للمساهمة في التحقيق بمعلومات عن الوقائع يشكل أيضاً انتهاكاً بموجب تلك المواد ( ) .

3-4 وتدعي صاحبة الرسالة كذلك أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقها بموجب المادة 15 (1)، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (ج) و (هـ) من الاتفاقية، بعدم تقديم أي شكل من أشكال التعويض أو الجبر المناسب للضرر الذي لحق بها.

3-5 وبالإضافة إلى ذلك، تدعي صاحبة الرسالة أن حقوقها بموجب المادة 1، مقروءة بالاقتران مع المواد 2 (أ) و (ج) - (و) و 3 و 12 و 13 (أ) و (ب) من الاتفاقية قد انتهكت بسبب ما يتسم به التشريع من طبيعة تمييزية تشوبها العيوب، أدت إلى تقاعس السلطات عن الاعتراف بصاحبة الرسالة كضحية مدنية لنزاع مسلح أو تسجيلها كذلك. وتدعي صاحبة الرسالة أنها حُرمت من الحصول على المساعدة والاستحقاقات الاجتماعية، رغم أنها تعيش في فقر مدقع وفي ظروف بالغة الهشاشة.

3-6 وعملاً بالمادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري، تطلب صاحبة الرسالة جبر الضرر الذي لحق بها جبرا كاملاً، بما في ذلك تغطية الأضرار المادية والمعنوية، كما تطلب تطبيق عدد من تدابير الجبر التي تكفل رد الحقوق وإعادة التأهيل والترضية (بما في ذلك رد الاعتبار لكرامة الشخص وسمعته) وضمانات بعدم التكرار.

3-7 وتلاحظ صاحبة الرسالة أن الأحداث وقعت في سياق انتشار الاغتصاب والعنف الجنسي خلال الحرب، وأن عدم التحقيق في تلك الجرائم الخطيرة أو ملاحقة مرتكبيها أو تقديم التعويض الكافي للضحايا تم بشكل منهجي ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية الرسالة وأسسها الموضوعية.

4-2 وتدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار الرسالة غير مقبولة باعتبارها دعوى حِسبة (دعوى يرفعها طرف ثالث لمصلحة الجمهور ككل)، ولا سيما الأجزاء المتعلقة بالشكاوى العامة المتصلة بالقانون الوطني والممارسات القضائية والإدارية المحلية. وتلاحظ الدولة الطرف أنه يجب على أي صاحب رسالة، عندما يدعي أنه ضحية انتهاكات منهجية، أن يقدم دليلا معقولا ومقنعا على أن هناك انتهاكا فعليا أو محتملا يؤثر عليه شخصيا قد وقع أو سيقع وفقاً للممارسة القضائية الدولية ( ) . وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبة الرسالة لم تثبت أنها تأثرت شخصياً أو أنها ضحية مباشرة لعدم المواءمة بين النظام القانوني الوطني والممارسة الإدارية والقضائية. وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن قضية صاحبة الرسالة لا تزال موضع تحقيق أو بحث جار أمام السلطات الوطنية في الإجراءات الجنائية والإدارية.

4-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للرسالة، تدفع الدولة الطرف بأن السلطات المختصة على جميع المستويات بذلت جهوداً كبيرة لتجهيز جرائم الحرب وتقديم المسؤولين عن ارتكابها إلى العدالة. وتلاحظ الدولة الطرف أنها اعتمدت استراتيجيتها الوطنية لتجهيز جرائم الحرب في عام 2008، التي تنص على أن قضايا جرائم الحرب الأكثر تعقيداً وأولوية ينبغي أن يُحاكم مرتكبوها في غضون سبع سنوات، وأن قضايا جرائم الحرب الأخرى يجب أن يُحاكم مرتكبوها في غضون 15 عاماً ( ) . وتخلص الدولة الطرف إلى أنها، بتنفيذها الاستراتيجية، قد أوفت بالتزامها بتجهيز جرائم الحرب بسرعة معقولة، على نحو ما تؤكده الحالات الأسرية المتعلقة بالعنف الجنسي في زمن الحرب ( ) .

4-4وتسلط الدولة الطرف الضوء على الجهود المبذولة في مجال التحقيق والتزام السلطات المختصة فيما يتعلق بادعاء صاحبة الرسالة بوقوع عنف جنسي، رغم صعوبات الناجمة عن العدد الكبير من القضايا المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة والجماعية للحقوق الأساسية خلال الحرب، وتعقد القضية قيد النظر، والفترة الزمنية التي انقضت منذ وقوع الحادث ( ) . وتلاحظ الدولة الطرف أن قضية صاحبة الرسالة قد سُجلت عندما قُدمت إلى المحكمة في عام 2009. وحقق مكتب المدعي العام في عدد من جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبت في الفترة بين عامي 1992 و 1995 في منطقة برييدور، بما في ذلك قضية صاحبة الرسالة. بيد أنه لم تكن هناك أدلة كافية لتحديد هوية الجناة حتى بعد الاستماع إلى صاحبة الرسالة والشهود. وفي 28 آب/أغسطس 2014، أصدر مكتب المدعي العام أمراً إلى الوكالة الحكومية للتحقيق والحماية باتخاذ جميع التدابير اللازمة لإثبات الوقائع والحصول على الأدلة من أجل تحديد هوية الجاني. وفي رسالة مؤرخة 2 تشرين الأول/أكتوبر 2014، أعربت صاحبة الرسالة عن ارتياحها لهذه الجهود المبذولة في مجال التحقيق. وعليه، تدفع الدولة الطرف بأن ادعاء صاحبة الرسالة بأن مكتب المدعي العام والسلطات الأخرى ذات الصلة لم تقم بدور نشط في التحقيق في الجريمة المرتكبة ضدها هو ادعاء لا أساس له. وقد اعترفت المحكمة الدستورية بجهود التحقيق الجارية، وبالتالي فقد قضت بأن ادعاء صاحبة الرسالة لا أساس له ( ) .

4-5كما تذكر الدولة الطرف أنه على الرغم من الاعتراف في إطار الاجتهاد القضائي الدولي بحق الضحايا وأسرهم وخلفائهم في معرفة حقيقة الظروف التي تنطوي على أحداث تؤدي إلى انتهاكات جسيمة للحقوق الأساسية، فإن ذلك لا يعني أنه يجوز لهم فحص سجلات الشرطة أو نسخ من جميع الوثائق أو ضرورة التشاور معهم بشأن كل تدبير يُتخذ أثناء التحقيق أو إبلاغهم بأسماء المشتبه فيهم المحتملين ( ) . وتدفع الدولة الطرف بأنه لو كان الأمر كذلك، فإن المشتبه فيهم الذين قد يكونون أبرياء يمكن أن يوصموا وأن يُعانوا من عواقب هذه التحقيقات.

4-6وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة الرسالة بشأن الاعتراف بوضعها كضحية مدنية للنزاع المسلح وتلقيها الدعم الاجتماعي والاستحقاقات الاجتماعية ( ) ، تلاحظ الدولة الطرف أن الهيئة الإدارية تعيد النظر في ادعاءات صاحبة الرسالة. وتلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة الدستورية اعتبرت في 17 شباط/ فبراير 2016 أن ادعاء صاحبة الرسالة بأن حقوقها الدستورية قد انتهكت نتيجة لرفض الهيئات المختصة طلبها الحصول على وضع ضحية مدنية للنزاع المسلح، سابق لأوانه، لأن صاحبة الرسالة كانت قد قدمت دعوى إدارية في عام 2015. وتضيف الدولة الطرف أن المساعدة القانونية المجانية تقدم بموجب قانون تقديم المساعدة القانونية المجانية المعتمد في عام 2016، وكذلك من خلال مؤسسات لتقديم المساعدة القانونية المجانية، وبالتالي فإن شرط رفع دعاوى مدنية ليس غير معقول أو تمييزي ولا يشكل عبئاً مفرطاً على صاحبة الرسالة.

4-7وبالنظر إلى أن ضحية العنف الجنسي تعاني من الضعف بشكل خاص وقد تجد صعوبة في تلبية الشروط المطلوبة لكي تعتبر ضحية مدنية للنزاع المسلح، تلاحظ الدولة الطرف أن حكومة جمهورية صربسكا بصدد اعتماد مشروع قانون بشأن حماية ضحايا التعذيب في زمن الحرب، الأمر الذي من شأنه أن يخفف من هذه الشروط ويكرس حقوق ضحايا العنف الجنسي في التعويض المالي، والدعم الصحي والنفسي، والمساعدة في العمل، والمساعدة القانونية، والإعفاء من الرسوم الإدارية ورسوم المحاكم.

4-8وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أنها عدّلت تشريعاتها الجنائية وقانونها المتعلق بحماية الشهود. وتشمل التعديلات التي أُدخلت على القانون الجنائي في عام 2016 تعريفا لجريمة الكراهية وتجريم العنف الجنسي، بما يتماشى مع المعايير الدولية. وينص القانون على أحكام سجن مناسبة لجرائم جنائية مثل الاغتصاب المرتكب كجريمة كراهية أو جريمة حرب. وينطبق القانون على جميع قضايا جرائم الحرب في البوسنة والهرسك، بغض النظر عن الولاية القضائية التي تتم فيها الإجراءات (انظر أيضاً CEDAW/C/BIH/6، الفقرة 32). وبموجب قانون المساعدة القانونية، يحق للضحايا الحصول على المساعدة القانونية مجاناً. ويتلقى القضاة والمدعون العامون تدريباً منهجياً وإلزامياً بشأن تدابير تقديم الحماية والدعم لضحايا العنف الجنسي والشهود عليه بموجب القوانين المحلية والدولية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين.

4-9والدولة الطرف، إذ تشير إلى أنه من الضروري، بموجب القانون الدولي، إثبات وجود علاقة سببية بين الحدث والضرر الذي تسبب في وقوعه، فإنها تدفع بأن صاحبة الرسالة لم تثبت أن الحالة الصحية التي عانت منها في عام 2006 كانت نتيجة مباشرة للحدث المعني.

تعليقات صاحبة الرسالة على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 قدمت صاحبة الرسالة، في 19 آذار/مارس 2018، تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية الرسالة والأسس الموضوعية التي تقوم عليها.

5-2 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار الشكوى غير مقبولة بوصفها دعوى حِسبة، تدعي صاحبة الرسالة أنها لا تعترض على القوانين أو الممارسات من الناحية المجرّدة، بل تؤكد أن قانوناً معيناً أو ممارسات معينة قد أثرت عليها مباشرة وشخصياً. ولذلك، ينبغي إعلان قبول الشكوى ( ) . وتذكر صاحبة الرسالة أنه على الرغم من أنها تشرح الإطار القانوني والممارسة المقابلة للدولة الطرف على أنها معلومات أساسية عامة، فإن هذا الوصف للتشريعات المنطبقة وملخص للثغرات القائمة التي حددتها الهيئات الدولية لا يمكن أن ينظر إليهما بأي شكل من الأشكال على أنهما دعوى حِسبة. وتكرر صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف لم تعترف بها كضحية مدنية للنزاع المسلح ولم تسجّلها كذلك وحرمتها من الحصول على أي شكل من أشكال الدعم الاجتماعي أو الاستحقاقات الاجتماعية بسبب التشريعات التمييزية التي تشوبها العيوب. وهكذا، تدعي صاحبة الرسالة أن تطبيق التشريعات قد أثر عليها مباشرة وشخصياً وأن التحامل المباشر والشخصي الذي عانت منه هو جوهر شكواها.

5-3 وفيما يتعلق بموضوع الرسالة، تدحض صاحبة الرسالة ادعاءات الدولة الطرف من ثلاثة جوانب رئيسية هي: (أ) الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالتقدم المحرز في التحقيق في شكواها؛ (ب) تأخر التحقيق وعدم فعاليته، مما أدى إلى عدم تلقي صاحبة الرسالة تعويضاً؛ (ج) عدم الاعتراف بصاحبة الرسالة كضحية مدنية للنزاع المسلح وعدم ضمان حصولها على الدعم الاجتماعي والاستحقاقات الاجتماعية.

5-4 وفيما يتعلق بالجانب (أ)، تدعي صاحبة الرسالة أنها وجهت، في الفترة بين عامي 2009 و 2017، ما لا يقل عن 18 خطابا إلى سلطات مختلفة في البلد، تلتمس فيها صراحة معلومات عن حالة التحقيق في قضيتها. وظلت معظم هذه الخطابات دون رد. وفي الحالات القليلة التي تلقت فيها ردودا، كانت المعلومات المقدمة غير كافية أو حتى متناقضة وغير دقيقة. وفيما يتعلق بالخطاب الذي وجهته صاحبة الرسالة إلى مكتب المدعي العام في البوسنة والهرسك، والذي ادعت فيه الدولة الطرف أن صاحبة الرسالة أعربت عن ارتياحها للتحقيق، تدفع صاحبة الرسالة بأنها لم تعرب إلا عن ارتياح عام على سبيل المجاملة لاستمرار التحقيق، وهو ما لا ينبغي تفسيره على أنه يعني أنها راضية عن فعالية التحقيق والاتصال بالسلطات. وطلبت أيضا في ذلك الخطاب أن يوضع إطار زمني للتحقيق وأن تشارك في عملية التحقيق قدر الإمكان. وتدفع صاحبة الرسالة بأن بقاء تلك الطلبات دون رد يدل على عدم اكتراث مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك بمعاناة صاحبة الرسالة.

5-5 وفيما يتعلق بالجانب (ب)، تؤكد صاحبة الرسالة من جديد أن الشرطة لم تتخذ أي خطوات للتحقيق في شكواها الأولى المتعلقة بالاغتصاب في أيلول/سبتمبر 1995. وعندما تقدمت بالشكوى، لم تطلب الشرطة تفاصيل منها، بصفتها الطرف المتضرر، أو من أي شهود. ولم يجرِ تحقيق في مسرح الجريمة أو تقييم طبي لصاحبة الرسالة. وعلاوة على ذلك، أبلغتها الدولة الطرف بأن الملفات التي تعود إلى تلك الفترة قد أحرقت وأنه لا يوجد أي سجل لشكواها الأولية في أي مكان. وعليه، كان على صاحبة الرسالة أن تقدم شكواها ”الجديدة“ في كانون الثاني/يناير 2009.

5-6 وتلاحظ صاحبة الرسالة ادعاء الدولة الطرف بأن نظامها القانوني الوطني لم يصبح قادراً على تجهيز قضايا جرائم الحرب إلا مؤخراً، ولا سيما في إطار الاستراتيجية الوطنية لتجهيز جرائم الحرب، التي تهدف إلى ضمان تجهيز العدد الضخم من القضايا المتراكمة التي يُنظر فيها في البلد في إطار زمني محدد. غير أن صاحبة الرسالة تدعي أن تنفيذ الاستراتيجية يشوبه تأخير وتشير إلى القلق الذي أعربت عنه هيئات دولية عديدة إزاء عدم احترام الدولة الطرف للمواعيد النهائية والأهداف الأصلية المحددة في إطارها، وكثرة عدد القضايا المعلقة ( ) .

5-7 وفيما يتعلق بالتحقيق الجاري في قضيتها من جانب مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك، تلاحظ صاحبة الرسالة أنه ليس من المنطقي أن تدعي الدولة الطرف أنها تحقق في الأحداث التي وقعت في برييدور بين عامي 1992 و 1995، في حين أن صاحبة الرسالة قد أوضحت بالفعل أنها اغتُصبت في آب/أغسطس 1995. وتذكر أن الدفوع التي ساقتها الدولة الطرف لا تغير من حقيقة أنها لم تبذل العناية الواجبة من خلال التحقيق في قضيتها وتحديد المسؤولين عن اغتصابها ومقاضاتهم ومعاقبتهم بعد مرور أكثر من 20 عاماً على الوقائع وبعد أكثر من تسع سنوات على تقديمها الشكوى ”الجديدة“. وتكرر صاحبة الرسالة تأكيدها بأن عدد الجرائم المنطوية على عنف جنسي والتي عرضت على المحاكم لا يزال منخفضاً وأن الإفلات من العقاب على الاغتصاب في زمن الحرب لا يزال متفشياً، بما في ذلك في قضيتها، مما يشكل انتهاكاً للمادة 1، مقروءة بالاقتران مع المواد 2 (ب) - د و (و) و 3 من الاتفاقية.

5-8 وتذكر صاحبة الرسالة أيضاً أنها، بصرف النظر عن التعديلات التي أدخلت على القانون الجنائي والتي ذكرتها الدولة الطرف، لا تتوقع أي فرصة فورية أو واقعية للشروع في اتخاذ إجراءات جنائية ضد الشخص المسؤول عن اغتصابها، وأنها لم تُمنح أي فرصة مجدية للحصول على تعويض أو أي تدابير أخرى لجبر الضرر الذي لحق بها. وتدّعي صاحبة الرسالة أن هذه الحالة تشكل انتهاكات إضافية لحقوقها من جانب الدول الطرف بموجب المادة 15 (1)، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (ج) و (هـ) من الاتفاقية ( ) .

5-9 وفيما يتعلق بالفقرة (ج)، تكرر صاحبة الرسالة أن الدعوى الإدارية التي رفعتها للاعتراف بوضعها كضحية مدنية للنزاع المسلّح رفضتها المحكمة المحلية في بانيا لوكا في 24 حزيران/يونيه 2016، وهو ما لم تذكره الدولة الطرف في ملاحظاتها. ولذلك، لم تحصل على استحقاقات اجتماعية أو دعم اجتماعي، فتُركت لتعيش في حالة فقر من دون أن تُتاح لها الموارد اللازمة لتغطية احتياجاتها الأساسية ونفقاتها الطبية، وهذه العوامل كلها تشكل انتهاكا للمادة 1، مقروءة بالاقتران مع المواد 2 (أ) و (ج) إلى (و) و 3 و 12 و 13 (أ) و (ب)، من الاتفاقية.

5-10 وتلاحظ صاحبة الرسالة أيضا أنه من الصعب لضحايا الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى المرتكبة أثناء النزاع، على نحو ما أشارت إليه الدولة الطرف، أن يُعتَرَف بوضعهم أو بحقوقهم بموجب قانون حماية ضحايا الحرب المدنيين، وذلك بسبب الشروط التي يجب استيفاؤها. وتضيف أن مشروع قانون حماية ضحايا التعذيب في جمهورية صربسكا لم يُعتمد ( ) .

5-11 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن القانون ينص على تقديم المعونة القضائية المجانية، تشير صاحبة الرسالة إلى أنها لم تتمكن من الحصول على المساعدة القضائية من أي مؤسسة حكومية، وأنها لم تُعفَ من الرسوم القضائية المتعلقة بقضيتها، رغم أنها تعيش في فقر مدقع.

5-12 وتشير صاحبة الرسالة أيضا إلى أنها أثبتت أن حالتها الصحية الحالية ناجمة عن الحادث الذي تعرضت له في عام 1995 من خلال الشهادة الطبية المؤرخة 13 آذار/مارس 2014 التي جرى التأكيد فيها على أن صاحبة الرسالة تعاني من مشاكل متعددة متصلة بأمراض النساء والتهاب، ولم تكن تعاني من هذه المشاكل قبل الحادث. وإضافة إلى ذلك، تدعي صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف لم تذكر أن تقييم صاحبة الرسالة بيّن أنها تعاني من اضطراب اكتئابي وتغير دائم في الشخصية بسبب التجربة المؤلمة التي تعرضت لها.

5-13 وفي ضوء ما تقدم، ترى صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف لم تقدم حججا قانونية قوية ضد مقبولية الشكوى التي قدمتها أو لم تطعن، كما يجب، في الوقائع والأسس الموضوعية التي بيّنتها ودفعت بها صاحبة الرسالة في رسالتها الأولى. وبناء على ذلك، تؤكد ادعاءها أنه ينبغي إعلان مقبولية الشكوى التي قدمتها وأن الدولة الطرف تنتهك التزاماتها بموجب المواد المذكورة أعلاه من الاتفاقية.

معلومات إضافية مقدمة من صاحبة الرسالة

6-1 في 16 نيسان/أبريل 2019، قدمت صاحبة الرسالة مذكرة إعلامية تتعلق بتطور مستجدّ وقائعي ذي صلة.

6-2 وفي 21 حزيران/يونيه 2018، اعتمدت جمهورية صربسكا قانون حماية ضحايا التعذيب. ودخل القانون حيز النفاذ في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2018، وهو ينص على تقديم معاشات عجز شهرية إلى ضحايا العنف الجنسي المرتبط بالنزاع.

6-3 وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 2018، قدمت صاحبة الرسالة طلبا إلى إدارة حماية المحاربين القدامى والأشخاص ذوي الإعاقة في بلدية برييدور للحصول على اعتراف بوضعها كضحية للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع.

6-4 وفي 8 شباط/فبراير 2019، أصدرت الإدارة قرارا اعترفت فيه بوضعها كضحية للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع وبحقها في الحصول على معاش عجز شهري قدره 130 ماركا (66,47 يورو).

6-5 ولكن صاحبة الرسالة تتمسك بادعاءاتها وحججها القانونية. فعلى الرغم من الاعتراف بوضعها كضحية للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار معاش العجز الشهري متناسبا مع جسامة الجريمة التي تعرضت لها والضرر الذي لحق بها. وتشير صاحبة الرسالة أيضا إلى أن مبلغ المعاش تمييزي، لأن المبلغ الذي يتلقاه الضحايا في اتحاد البوسنة والهرسك لنفس الأسباب يبلغ نحو 580 ماركا (296,94 يورو). وإضافة إلى ذلك، عادة ما يكون معاش العجز المقدّم إلى ضحايا العنف الجنساني في جمهورية صربسكا أدنى من معاش العجز المقدّم إلى ضحايا أشكال التعذيب الأخرى (يتراوح معاش العجز الشهري بموجب قانون حماية ضحايا التعذيب في جمهورية صربسكا بين 130 ماركا و 400 ماركا).

6-6 وفي 30 نيسان/أبريل 2020، قدمت صاحبة الرسالة مذكرة إعلامية أخرى تتعلق بتطور مستجدّ في قضيتها. وتؤكد صاحبة الرسالة مجددا أن حالات تأخير شديدة حصلت في التحقيق في الجرائم المرتكبة أثناء النزاع ومحاكمة مرتكبيها، وأن الهدف المتمثل في استكمال التحقيق والمحاكمة فيما يتعلق بالقضايا الأكثر تعقيدا بحلول نهاية عام 2015، وفقا للاستراتيجية الوطنية للنظر في جرائم الحرب، لم يتحقق. وفي إطار استراتيجية منقحة، اقتُرح تحديد هدف ضمان حصول المحاكمة في قضايا جرائم الحرب الأكثر تعقيدا وأولويةً أمام محكمة البوسنة والهرسك ومكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك بحلول نهاية عام 2023، ولكن هذه الاستراتيجية المنقحة لم تُعتَمد بعد.

6-7 وفي 19 نيسان/أبريل 2017، رفضت المحكمة الدستورية للبوسنة والهرسك الشكوى التي قدمتها صاحبة الرسالة في 25 آب/أغسطس 2016 بشأن طلبها المتعلق بمنحها صفة ضحية مدنية للنزاع المسلح، وأعلنت أن لا أساس لها وأنها بذلك غير مقبولة. ولاحظت المحكمة أن المدعية لم تتقيّد بأحكام التقادم المعمول بها بموجب قانون حماية ضحايا الحرب المدنيين في جمهورية صربسكا، ومن ثم رفضت المحكمة جميع الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات المزعومة.

6-8 وفي 6 آذار/مارس 2020، جرت الموافقة على طلب صاحبة الرسالة المتعلق بالحصول على استحقاقات الرعاية الصحية، عملا بقانون حماية ضحايا التعذيب في جمهورية صربسكا، بموجب قرار صادر عن إدارة حماية المحاربين القدامى والأشخاص ذوي الإعاقة في بلدية برييدور. غير أن صاحبة الرسالة تلاحظ أن ذلك لا يشكل تدبيرا للتعويض عن المعاناة التي عاشتها، لأنه لا يتيح لها الوصول إلا إلى نظام الرعاية الصحية العادي منذ ذلك الحين ولا يضمن حصولها على دعم طبي ونفسي خاص.

6-9 ورغم الاعتراف بأن صاحبة الرسالة ضحية للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع بموجب قانون جمهورية صربسكا في 8 شباط/فبراير 2019 ورغم أنها مُنِحَت الحق في الحصول على استحقاقات الرعاية الصحية في 6 آذار/مارس 2020، فهي ترغب في التمسك بادعاءاتها الأولية لأن مركزها القانوني الحالي لا يتيح لها الحصول بالكامل على تعويض سريع وعادل وكاف أو على دعم طبي ونفسي كاف.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 يجب على اللجنة، وفقا للمادة 64 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كانت الرسالة مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري. وعملا بالمادة 72 (4) من نظامها الداخلي، يتعين عليها أن تقوم بذلك قبل النظر في الأسس الموضوعية للرسالة.

7-2 وتلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأن دعوى صاحبة الرسالة تشكل دعوى حسبة، لأنها تطعن في النظام القانوني ككل وطريقة تطبيقه على دعاوى أخرى، لا في انتهاك فردي، وأنه ينبغي إعلان عدم مقبولية الرسالة على هذا الأساس. وتلاحظ اللجنة أيضا أن صاحبة الرسالة ترى أن تقديم تفسير للإطار القانوني ذي الصلة لا يجعل رسالتها دعوى حسبة، وبالأخص لأنها تشرح كيفية تأثرها على نحو شخصي ومباشر بهذا التشريع. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن المادة 2 من البروتوكول الاختياري تنص على أنه يجوز أن تُقَدَّم الرسائل من قبل أفراد خاضعين لولاية دولة طرف ” ويدَّعون أنهم ضحايا انتهاك تلك الدولة الطرف لأي من الحقوق المحددة في الاتفاقية “ وأن الشخص لا يمكن أن يكون ضحية إلا إذا تضرر فعليا ( ) . ويعني ذلك أنه لا يجوز لأي فرد، من الناحية النظرية، عن طريق إقامة دعوى حسبة، أن يطعن في قانون أو ممارسة يزعم مخالفتهما للاتفاقية ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحبة الرسالة لا تقدم الإطار القانوني إلا كمعلومات أساسية للمساعدة على شرح حالتها الشخصية وأثرها على ادعاءاتها. وبناء عليه، ترى اللجنة أن الرسالة لا تشكل دعوى حِسبة وأن الوقائع المقدمة لا تمنع اللجنة من إعلان مقبولية الرسالة في هذا الصدد.

7-3 وتشير اللجنة إلى أنها، بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، لا تنظر في أي رسالة ما لم تكن قد تأكدت من أن جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة قد استُنفدت أو إذا استغرق تطبيق وسائل الانتصاف هذه أمدا طويلا بدرجة غير معقولة، أو كان من غير المحتمل أن يحقق انتصافا فعالا ( ) . وتلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأن قضية صاحبة الرسالة لا تزال قيد التحقيق أو أن السلطات الوطنية لا تزال تنظر فيها. ولكن تلاحظ اللجنة أيضا أن صاحبة الرسالة ذكرت أنها استنفدت جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة التي كان من المرجح أن تحقق انتصافا كافيا والتي لم يكن تطبيقها ليستغرق أمدا طويلا بدرجة غير معقولة. ووفقا لما أقرت به الدولة الطرف، رفعت صاحبة الرسالة القضية إلى مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك في عام 2009 واستأنفت الحكم في 4 حزيران/يونيه 2014 أمام المحكمة الدستورية التي اعترفت أيضا، في حكمها الصادر في 17 شباط/فبراير 2016، بأن ” عملية التحقيق كانت بطيئة وغير قاطعة في معظمها “ .

7-4 وتلاحظ اللجنة أيضا أن المعلومات الإضافية المقدمة من صاحبة الرسالة في 30 نيسان/ أبريل 2020 التي تشير إلى أن المحكمة الدستورية رفضت الشكوى التي قدمتها صاحبة الرسالة بشأن طلبها المتعلق بمنحها صفة ضحية مدنية للنزاع المسلح بموجب القانون. فعلى الرغم من أنها مُنحت صفة ضحية العنف الجنسي المرتبط بالنزاع في 8 شباط/فبراير 2019 بموجب قانون جمهورية صربسكا، تلاحظ اللجنة أيضا تأكيد صاحبة الرسالة أن مبلغ المعاش لا يتناسب مع جسامة الجريمة التي تعرضت لها والضرر الذي لحق بها، وهو لذلك ليس مجديا تماما.

7-5 ونظرا إلى عدم وجود تفسير من الدولة الطرف بشأن كيفية عدم تمديد فترة التحقيق أو الطريقة التي كان يمكن من خلالها للدعوى المقدمة بموجب تلك القوانين أن تكون فعالة في ضمان حقوق صاحبة الرسالة، تخلص اللجنة إلى أن وسائل الانتصاف المحلية التي أشارت إليها الدولة الطرف قد استغرقت أمدا طويلا بدرجة غير معقولة ومن غير المرجح أن تحقق انتصافا فعالا لصاحبة الرسالة. وبناء على ذلك، لا يوجد ما يمنع اللجنة، بحكم مقتضيات المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، من النظر في هذه الرسالة.

7-6 ووفقا للمادة 4 (2) (ه) من البروتوكول الاختياري، تعلن اللجنة عدم مقبولية الرسالة متى كانت الوقائع موضوع الرسالة قد حدثت قبل بدء نفاذ هذا البروتوكول بالنسبة للدولة الطرف المعنية، إلا إذا استمرت تلك الوقائع بعد تاريخ النفاذ ( ) . وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه على الرغم من أن الجريمة المزعومة المرتكبة بحق صاحب الرسالة قد وقعت في عام 1995، قبل تاريخ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري في الدولة الطرف، فإن قرار مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك بفتح تحقيق جنائي في ادعاءات جرائم الحرب اتُّخِذَ بعد عام 2009، أي بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف. وبناء عليه، إن عدم وفاء الدولة الطرف المزعوم بالتزاماتها بإنصاف صاحبة الشكوى ومنحها حقا قابلا للإعمال في التعويض العادل والمناسب حصل بعد اعتراف الدولة الطرف باختصاص اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لا تطعن في اختصاص اللجنة الزمني. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن الاختصاص الزمني لا يمنعها من النظر في ادعاءات صاحبة الشكوى المتعلقة بانتهاك حقوقها بموجب المادة 4 (2) (ه) من البروتوكول الاختياري.

7-7 ونظرا إلى أن اللجنة لم تجد أي عقبة تحول دون قبول الرسالة، فإنها تشرع في فحص أسسها الموضوعية.

فحص الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في هذه الرسالة في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها صاحبة الرسالة والدولة الطرف، كما تنص عليه المادة 7 (1) من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اتخذت تدابير لتوفير الحماية من العنف الجنساني المرتبط بالنزاع في إطار استراتيجيتها الوطنية للنظر في جرائم الحرب، وكذلك قانون حماية ضحايا التعذيب الذي اعتُمد في الآونة الأخيرة في جمهورية صربسكا. ولكن لكي تتمتع صاحبة الرسالة بالإعمال العملي لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ولحقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بها، يجب أن تلقى الإرادة السياسة المعبر عنها في ذلك التشريع دعما من جميع الموظفين الحكوميين والهيئات الحكومية، إذ يقع على هؤلاء واجب التقيد بالتزامات الدولة الطرف.

8-3 وتشير اللجنة إلى أن العنف القائم على أساس نوع الجنس ضد المرأة والذي ينال من تمتعها بحقوق الإنسان والحريات الأساسية بموجب القانون الدولي العام أو بمقتضى اتفاقيات حقوق الإنسان، أو يبطل تمتعها بتلك الحقوق والحريات، يعتبر تمييزا في إطار معنى المادة 1 من الاتفاقية ( ) . وفي إطار الالتزام ببذل العناية الواجبة، وتحديدا في المجال الخاص، يتعين على الدول الأطراف أن تعتمد وتنفذ تدابير دستورية وتشريعية للتصدي للعنف الجنساني ضد المرأة الذي ترتكبه جهات فاعلة من غير الدول، وفي المجال الخاص أيضا، يتعين وضع قوانين وإنشاء مؤسسات وإرساء نظام للتصدي لهذا العنف والتأكد من أنها تعمل بشكل فعال على صعيد الممارسة العملية وأنها تلقى دعما من جميع الموظفين الحكوميين والهيئات الحكومية الذين يعملون بجد لإنفاذ القوانين. وعدم قيام الدولة الطرف باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أعمال العنف الجنساني ضد المرأة في الحالات التي تكون فيها السلطات على علم بخطر ذلك العنف أو ينبغي لها أن تعلم به، أو عدم إجراء التحقيق ومقاضاة ومعاقبة الجناة وتقديم تعويض إلى الضحايا والناجيات من تلك الأعمال، يوفر الإذن الضمني بارتكاب أعمال العنف الجنساني ضد المرأة أو التشجيع على ارتكابها. وتشكل حالات عدم القيام بتلك التدابير والإجراءات أو التقصير فيها انتهاكات لحقوق الإنسان ( ) . وفي هذا السياق، تكرر اللجنة التأكيد على أن العنف الجنساني ضد المرأة قد يصل إلى مصاف التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في بعض الظروف، بما في ذلك في حالات جرائم الحرب مثل الاغتصاب، التي قد تشكل جرائم دولية أيضا ( ) .

8-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف لم توفر لها إمكانية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالتقدم المحرز في التحقيق، تشير اللجنة إلى أنه يجب على الدول الأطراف اتخاذ التدابير الملائمة لتهيئة بيئات داعمة تشجع المرأة على المطالبة بحقوقها، وعلى الإبلاغ عن الجرائم المرتكبة ضدها، والمشاركة بنشاط في عمليات العدالة الجنائية ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تدفع بأنه لا يمكن السماح للطرف المتضرر بالتدقيق في سجل الشرطة أو في نسخ جميع الوثائق أو التشاور معه أو إطلاعه على كل التدابير المتخذة أثناء التحقيق أو أسماء المشتبه فيهم المحتملين، لأن ذلك قد يؤثر سلبا على المشتبه فيهم المحتملين وأسرهم والأطراف ذات الصلة. وتلاحظ اللجنة أيضا أن صاحبة الرسالة تذكر أنه لم يتم الرد على العديد من رسائلها الموجهة إلى السلطات بين عامي 2009 و 2017 أو أن المعلومات المقدمة كانت غير دقيقة أو نظرية أو متناقضة حتى. واستنادا إلى المعلومات المقدمة، ترى اللجنة أن صاحبة الرسالة لم تطلب الاطلاع على جميع وثائق التحقيق أو أسماء الجناة المحتملين، بل كانت تطلب الاطلاع بوتيرة منتظمة على معلومات عن التقدم المحرز في التحقيق الذي يجريه مكتب المدعي العام ونتائجه، وعمّا إذا كان موعد المحاكمة قريبا، وما يقابل ذلك من إطار زمني، قدر الإمكان. وقد تطلب أيضا الحصول على أي تفسير معقول وواضح لحالات التأخير التي تعيق التحقيق لكي يتسنى لها تقديم أي مساهمة ممكنة للتعجيل بالعملية. وتلاحظ اللجنة أنه كان بإمكان الدولة الطرف، في هذا السياق، أن تطلع صاحبة الرسالة على معلومات عامة عن التقدم المحرز في التحقيق على نحو أدقّ وحسن التوقيت وبصورة فردية، من دون الكشف عن معلومات سرية. ولذلك، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلّت بالتزاماتها بموجب المادة 2 (ب) و (ج) و (ه) و (و) والمادة 3 من الاتفاقية.

8-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة الرسالة أن تأخر التحقيق في قضيتها وعدم فعاليته يشكّلان انتهاكا للمادة 1، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (ب) إلى (د) و (و) والمادة 3، من الاتفاقية، وأن عدم تقديم التعويض إليها يشكل انتهاكا للمادة 15 (1)، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (ج) و (ه)، من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأنها بذلت قصارى جهدها، على الرغم من الكمّ الكبير من القضايا المتعلقة بالعنف في زمن الحرب، وتعقد قضية صاحبة الرسالة، والفترة الزمنية التي انقضت منذ وقوع الحادث. غير أن اللجنة تلاحظ أيضا أن الشكوى الأولى التي قدمتها إلى الشرطة في عام 1995 لم يتم التحقيق فيها أو تسجيلها، وأنه بعد مرور أكثر من 10 سنوات على تقديمها الشكوى في عام 2006، لم يُنظَر في القضية بعد. وفي هذا السياق، تشير اللجنة إلى الفقرة 51 من توصيتها العامة رقم 33 (2015) بشأن لجوء المرأة إلى القضاء (CEDAW/C/GC/33)، التي توصي فيها الدول الأطراف باتخاذ خطوات لضمان عدم تعرّض المرأة لتأخيرات لا مسوّغ لها في طلباتها المقدمة للحصول على أوامر للحماية، والاستماع في الوقت المناسب، وبطريقة محايدة، إلى جميع قضايا التمييز القائم على نوع الجنس، الخاضعة للقانون الجنائي، بما في ذلك القضايا التي تنطوي على استخدام العنف. وتشير اللجنة أيضا إلى الفقرة 19 من توصيتها العامة رقم 33 التي توصي فيها الدول الأطراف بكفالة أن تكون وسائل الانتصاف كافية وفعالة ويمكن إحالتها فورا، وأن تكون شاملة ومتناسبة مع جسامة الضرر الذي حدث. وينبغي أن تتضمن سبل الانتصاف، حسب الاقتضاء، استرداد ممتلكات (إعادة إلى وضع سابق)؛ والتعويض (سواء قُدِّم في شكل نقود أو سلع أو خدمات)؛ وإعادة التأهيل (الرعاية الطبية والنفسية والخدمات الاجتماعية الأخرى). وينبغي ألا تكون سبل الانتصاف عن الأضرار المدنية والعقوبات الجنائية متنافية فيما بينها. وتشير اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري السادس للدولة الطرف (CEDAW/C/BIH/CO/6) الذي أوصت فيه الدولة الطرف بتوعية النساء، ولا سيما اللائي يعشن في أوضاع من الحرمان وضحايا العنف الجنسي في زمن الحرب، بحقوقهن بموجب الاتفاقية وبسبل الانتصاف المتاحة لمطالبتهن بها؛ (الفقرة 14)، ولاحظت مع القلق بطء وتيرة مقاضاة مرتكبي جرائم الحرب، بما فيها الجرائم الجنسية (الفقرة 15)، وحثت الدولة الطرف على التعجيل بمحاكمة المتهمين بجرائم العنف الجنسي المرتكبة أثناء النزاع الذي دار في التسعينات (الفقرة 16).

8-6 وترى اللجنة، في ضوء الوقائع المعروضة عليها، أن التأخّر في إجراء تحقيق فعال في الوقت المحدد، يشكل انتهاكا للمادة 1، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (ب) إلى (د) و (و) والمادة 3، من الاتفاقية. وتلاحظ اللجنة أيضا أن عدم قيام الدولة الطرف بتقديم تعويضات وسبل انتصاف كافية وفعالة ويمكن إحالتها فورا إلى صاحبة الرسالة للضرر الذي لحق بها نتيجة لذلك، يؤدي إلى انتهاك للمادة 15 (1) من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (ج) و (ه)، من الاتفاقية.

8-7 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة الرسالة أن عدم اعتراف الدولة الطرف بوضعها كضحية مدنية للنزاع المسلح وعدم تزويدها بالدعم الاجتماعي والاستحقاقات الاجتماعية يؤديان إلى انتهاك المادة 1، مقروءة بالاقتران مع المواد 2 (أ) و (ج) إلى (و) و 3 و 12 و 13 (أ) و (ب) من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري السادس للدولة الطرف (CEDAW/C/BIH/CO/6) الذي لاحظت فيه مع القلق محدودية الدعم والمساعدة المقدَّمين لضحايا وشهود جرائم الحرب وعدم توفير الجبر للضحايا (الفقرة 15) وأوصت الدولة الطرف بإنشاء صندوق لتقديم التعويضات وغيرها من أشكال الجبر إلى النساء ضحايا جرائم الحرب (الفقرة 16). وفي هذا السياق، تشير اللجنة أيضاً إلى الملاحظات الختامية للجنة مناهضة التعذيب على التقرير الدوري السادس للدولة الطرف (CAT/C/BIH/CO/6) التي تعرب فيها عن قلقها البالغ إزاء التأخر الشديد في وضع تشريعات وسياسات ذات صلة، وعن أسفها لأن عدم وجود آلية تعويض وطنية يجبر ضحايا جرائم الحرب، ولا سيما ضحايا العنف الجنسي المرتكب في زمن الحرب، على المرور بإجراءات معقدة ومطولة على مستوى الكيانين للحصول على مساعدة محدودة تشمل استحقاقات الرعاية الاجتماعية (الفقرة 18). وتشير لجنة مناهضة التعذيب أيضا إلى أن الدول الأطراف ملزمة بتوفير الإنصاف لضحايا التعذيب من الناحيتين الإجرائية والموضوعية ( ) . ولكي تفي الدول الأطراف بالتزاماتها الإجرائية، عليها أن تسن تشريعات وأن تنشئ آليات لتقديم الشكاوى، وأن تضمن فعالية هذه الآليات والهيئات وإمكانية وصول جميع الضحايا إليها ( ) . وتشير لجنة مناهضة التعذيب إلى أنه فيما يتصل بالطابع المستمر لآثار التعذيب، لا ينبغي تطبيق قوانين التقادم حيث إنها تحرم الضحايا مما يستحقونه من إنصاف وتعويض وإعادة تأهيل ( ) . وحثّت لجنة مناهضة التعذيب الدولة الطرف على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتمكين ضحايا التعذيب وسوء المعاملة، بمن فيهم ضحايا العنف الجنسي المرتكب في زمن الحرب، من ممارسة حقهم في الحصول على تعويض (المرجع نفسه، الفقرة 19). وترى اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة أن التعويض، بما في ذلك إعادة الحقوق إلى نصابها والتعويض وإعادة التأهيل، ينبغي أن يغطي جميع الأضرار التي لحقت بالضحية، واتخاذ تدابير لضمان عدم تكرار الانتهاك، مع مراعاة ظروف كل حالة على حدة بشكل دائم.

8-8 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن طلبات صاحبة الرسالة للحصول على الانتصاف قد سقطت بالتقادم. وتلاحظ اللجنة أنه على الرغم من أن صاحبة الرسالة مُنِحَت، في شباط/فبراير 2019، صفة ضحية العنف الجنسي ومعاش عجز شهريا قدره 130 ماركا (66,47 يورو) بموجب القانون الجديد لحماية ضحايا التعذيب في جمهورية صربسكا، لم تمنحها الدولة الطرف اعترافا في الوقت المناسب بوضعها كضحية وأن مبلغ المعاش لا يتناسب مع الضرر الذي لحق بها وشمل أذى جسديا شديدا، بما في ذلك الأثر على صحتها وحقوقها الجنسية والإنجابية، فضلا عن تعرضها للضرر النفسي والضرر المادي والإجحاف. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تدفع بأن التعويض الكافي يمكن أن يُقدم بموجب التعديلات على الإجراءات الجنائية، إلا أن صاحبة الرسالة لا تستطيع الاستفادة من تطبيق هذا الحكم من القانون الجنائي لأن المحكمة لم تنظر بعد في التهمة الجنائية المتعلقة بقضيتها، رغم طلباتها المتكررة. ونظرا إلى خطورة أعمال العنف الجنساني التي تعرضت لها صاحبة الرسالة وحقها في إعادة حقوقها إلى نصابها وفي التعويض وإعادة التأهيل، ونظرا إلى غياب أي إمكانية لإعمال حقها على أكمل وجه ممكن، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف قد أخلّت بالتزاماتها بموجب المادة 1، مقروءة بالاقتران مع المواد 2 (أ) و (ج) إلى (ه) و 3 و 12 و 13 (أ) و (ب)، من الاتفاقية.

9 - وإن اللجنة، التي تتصرف بموجب المادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري، وفي ضوء جميع الاعتبارات المذكورة أعلاه، ترى أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزاماتها وأنها بذلك انتهكت حقوق صاحبة الرسالة المنصوص عليها في المواد 2 (أ) إلى (و) و 3 و 12 و 13 (أ) و (ب) و 15 (1) من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية.

10 - وتقدم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف :

(أ) فيما يتعلق بصاحبة الرسالة :

’ 1‘ اتخاذ تدابير فورية وفعالة لكفالة إجراء تحقيق سريع ونزيه وفعّال في قضية صاحبة الرسالة، ومحاكمة المتهمين ومعاقبتهم، إذا ثبتت إدانتهم، بعقوبات تتناسب مع جسامة أفعالهم؛

’ 2‘ ضمان تزويد صاحبة الرسالة بمعلومات كافية في الوقت المناسب عن التقدم المحرز في التحقيق الذي يجريه مكتب المدعي العام ونتائجه وأي محاكمة مقبلة قدر الإمكان، تماشيا مع التوجيهات الواردة في التوصية العامة رقم 33 الصادرة عن اللجنة؛

’ 3‘ ضمان حصول صاحبة الرسالة على تعويض كامل، بما في ذلك الأضرار المادية والمعنوية، عن الأذى الذي لحق بها وإعادة حقوقها إلى نصابها وتوفير إعادة التأهيل لها وترضيتها، بما في ذلك استعادة كرامتها وسمعتها، بما يشمل المساعدة القانونية المجانية والتعويض المالي بما يتناسب مع الأضرار الجسدية والنفسية والمادية التي لحقت بها ومع جسامة الانتهاكات لحقوقها.

(ب) توصيات عامة :

’ 1‘ إجراء تحقيقات سريعة وشاملة ومحايدة وجادة في جميع الادعاءات المتعلقة بالعنف الجنساني ضد المرأة، ولا سيما جرائم الحرب، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي؛ وضمان إقامة دعاوى جنائية في جميع القضايا من هذا القبيل، وتقديم المتهمين بارتكاب الجرائم للمحاكمة بطريقة عادلة ونزيهة وحسنة التوقيت وسريعة، وكفالة معاقبة هؤلاء المتهمين، إذا ثبتت إدانتهم، بعقوبات تتناسب مع جسامة أفعالهم؛

’ 2‘ إتاحة سبل اللجوء الآمنة والسريعة إلى القضاء لضحايا العنف الجنساني ضد المرأة، ولا سيما جرائم الحرب، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي، بوسائل منها توفير المعونة القضائية المجانية عند الضرورة، وضمان إطلاعهنّ على التقدم المحرز في التحقيق في ادعاءاتهن، تماشيا مع التوجيهات الواردة في التوصية العامة رقم 33 الصادرة عن اللجنة؛

’ 3‘ كفالة اتخاذ تدابير تشريعية للحيلولة دون إعفاء الجناة المدانين بارتكاب جرائم حرب من قضاء العقوبات الصادرة في حقهم، بسبل منها تخفيف العقوبات تخفيفا منتظما والاستعاضة عن عقوبة السجن بغرامات مالية؛

’ 4‘ وضع خطة فعالة للتعويض على الصعيد الوطني لتوفير جميع أشكال الانتصاف لضحايا جرائم الحرب، بما في ذلك العنف الجنسي، مع المساواة في الحصول على الاستحقاقات الاجتماعية وغيرها من تدابير الدعم التي يحق لهم الحصول عليها؛

’ 5‘ كفالة قيام السلطات على مستوى الكيانين بإلغاء الأحكام التقييدية والتمييزية الواردة في التشريعات والسياسات المتعلقة بإنصاف المدنيين من ضحايا الحرب، بمن فيهم ضحايا العنف الجنسي المرتكب في زمن الحرب؛

’ 6‘ القيام، من دون تأخير، باعتماد الاستراتيجية الوطنية المنقحة للنظر في قضايا جرائم الحرب التي يحدَّد فيها جدولٌ زمني لمحاكمة مرتكبي جميع جرائم الحرب بحلول عام 2023، من أجل التعجيل بمحاكمة المتهمين بجرائم العنف الجنسي المرتكبة أثناء النزاع الذي حصل في في تسعينات القرن الماضي؛

’ 7‘ إنشاء صندوق لتقديم التعويض وغيره من أشكال الجبر إلى النساء ضحايا جرائم الحرب؛

8‘ توفير التدريب المراعي للاعتبارات الجنسانية في الوقت المناسب للقضاة والمحامين وموظفي إنفاذ القانون والموظفين الإداريين والأخصائيين الاجتماعيين، رجالا ونساءً، بشأن تطبيق المعايير الدولية فيما يتعلق بمكافحة العنف الجنساني ضد المرأة، وبشأن الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري والسوابق القضائية للجنة وتوصياتها العامة، ولا سيما التوصيات العامة رقم 19 (1992) بشأن العنف ضد المرأة (HRI/GEN/1/Rev.8)، ورقم 30 (2013) المتعلقة بوضع المرأة في سياق منع نشوب النزاعات وفي حالات النزاع وما بعد النزاع (CEDAW/C/GC/30)، ورقم 33، ورقم 35 (2017) بشأن العنف الجنساني ضد المرأة، الصادرة تحديثا للتوصية العامة رقم 19 (CEDAW/C/GC/35

’ 9‘ مواءمة التشريعات المتعلقة بجرائم الحرب في جميع أنحاء الدولة الطرف وكفالة تطبيقها على نحو متّسق وفقا للاتفاقية والمعايير الدولية الأخرى، بما في ذلك اتفاقية مجلس أوروبا للوقاية من العنف ضد النساء والعنف المنزلي ومكافحتهما (اتفاقية اسطنبول)؛

10‘ التعجيل بتنفيذ توصيات اللجنة، ولا سيما التوصيات المتعلقة بمكافحة العنف ضد المرأة، الواردة في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري السادس للبوسنة والهرسك (CEDAW/C/BIH/CO/6).

11 - ووفقا للمادة 7 (4) من البروتوكول الاختياري، تولي الدولة الطرف الاعتبار الواجب لآراء اللجنة، مشفوعة بتوصياتها، وتقدّم إلى اللجنة، خلال ستة أشهر، ردا مكتوبا يتضمن معلومات عن أي إجراء تكون قد اتخذته في ضوء تلك الآراء والتوصيات. ويُطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة وتوصياتها وأن توزعها على نطاق واسع لتصل إلى كافة شرائح المجتمع.