رسالة مقدمة من:

ف. ب. (تمثلها لجنة هلسنكي البيلاروسية)

الشخص المدعى أنه ضحية:

صاحبة الرسالة

الدولة الطرف:

بيلاروس

تاريخ تقديم الرسالة:

20 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية:

أُحيلت إلى الدولة الطرف في 24 أيلول/سبتمبر 2018 (لم تصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

28 حزيران/يونيه 2021

الموضوع:

التمييز ضد المرأة، حقوق الضمان الاجتماعي

المسألة الإجرائية:

استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية:

التمييز الجنساني الذي يؤثر على إمكانية حصول المرأة على معاش تقاعدي

مواد الاتفاقية:

1 و 2 (ب)-(د) و(و)، و 11 (1) (ه)

معلومات أساسية

1 - صاحبة الرسالة هي ف. ب. وهي مواطنة بيلاروسية من مواليد عام 1961. وهي تدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 2 (ب)-(د) و(و) والمادة 11 (1) (ه)، عند قراءتهما بالاقتران مع المادة 1 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وقد بدأ نفاذ الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري بالنسبة للدولة الطرف في 3 أيلول/سبتمبر 1981 و 3 أيار/مايو 2004 على التوالي. وتمثل صاحبةَ الرسالة رابطةُ ” لجنة هلسنكي البيلاروسية “ .

الوقائع كما عرضتها صاحبة ا الرسالة

2-1 في شباط/فبراير 2016، قدمت صاحبة الرسالة، عند بلوغها سن التقاعد وهو 55 عاما، طلبا إلى لجنة المعاشات التقاعدية المحلية لكي تحصل على معاش الشيخوخة. وفي ذلك الحين، احتوى سجلها الوظيفي على 24 سنة وشهرين و 19 يوما من خبرة العمل العامة (ويشمل ذلك جميع فترات العمل المدفوع الأجر، وكذلك الدراسات، وإجازة الأمومة، والخدمة العسكرية الإلزامية، وما إلى ذلك). ومن ضمن تلك الفترة، بلغت مدة خدمتها الداخلة في حساب المعاش التقاعدي (فترات العمل التي دفعت فيها اشتراكات في صندوق تأمين المعاشات التقاعدية) 12 سنة و 10 أشهر و 24 يوما.

2-2 وفي 26 شباط/فبراير 2016، رفضت اللجنة طلب الحصول على معاش شيخوخة على أساس أن صاحبة الرسالة لم تُكمِل المدة الكافية من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي. ولاحظت اللجنة أنه وفقا للأمر رقم 534 الصادر عن رئيس بيلاروس بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 2015 (الساري منذ 1 كانون الثاني/يناير 2016)، لكي يكون للأفراد الحق في الحصول على معاش الشيخوخة، يجب أن يكونوا قد دفعوا اشتراكات في صندوق تأمين المعاشات التقاعدية لمدة 15 سنة و 6 أشهر على الأقل. وكان الأمر رقم 534 في وقت وقوع الأحداث يتعارض مع قانون بيلاروس المتعلق بنظام المعاشات التقاعدية (قانون المعاشات التقاعدية). فالمادة 15 من القانون تنص على أنه يلزم إتمام 10 سنوات من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي لاستحقاق معاش تقاعدي قائم على اشتراكات. واستحدثت المادة 11 من القانون نفسه شروطا مسبقة إضافية تتمثل في إتمام 20 سنة من خبرة العمل العامة (بصرف النظر عن دفع اشتراكات في صندوق تأمين المعاشات التقاعدية) وبلوغ سن 55 عاما بالنسبة للمرأة.

2-3 وفي 31 أيار/مايو 2016، أودعت صاحبة الرسالة طعنا إداريا في القرار الصادر في 26 شباط/فبراير 2016 لدى لجنة العمل والعمالة والحماية الاجتماعية التابعة للجنة مينسك التنفيذية الإقليمية. واُعتُرِف بقرار لجنة المعاشات التقاعدية بوصفه قرارا قائما على أسس متينة، ورُفِض طعنها.

2-4 وفي تموز/يوليه 2016، طعنت صاحبة الرسالة في القرار أمام محكمة بوريسوفسكي المحلية. وذكرت، في جملة أمور، أنها كانت ترعى أطفالها في الفترة من عام 1998 إلى عام 2009، إلى أن بلغ ابنها الأصغر سن الرابعة عشرة. وبعد ذلك، رعت شخصا ذا إعاقة في الفترة من 6 نيسان/أبريل 2009 إلى 1 أيار/مايو 2010، ومن 23 أيلول/سبتمبر 2011 إلى 1 شباط/فبراير 2016 (أي ما يزيد مجموعه عن 5,5 سنوات). واُحتُسِبَت تلك الفترات الواقعة بين عامي 2009 و 2016، وكذلك إجازة الأمومة، ضمن خبرتها العامة في العمل، ولكنها لم تُحتسَب ضمن مدة خدمتها الداخلة في حساب المعاش التقاعدي. وجاءت زيادة حادة في المدة المطلوبة من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي لتحرمها فعليا من أي فرصة حقيقية لاستيفاء شروط الحصول على معاش الشيخوخة. وفي الوقت نفسه، فهي ليست مستحقة حتى الآن للمعاش الاجتماعي غير القائم على اشتراكات، لأنه لا يُدفَع للنساء إلا عند بلوغهن سن الستين.

2-5 وفي 23 آب/أغسطس 2016، رفضت محكمة بوريسوفسكي المحلية طعن صاحبة الرسالة وأيدت قرار رفض الطلب الذي قدمته لتحصل على معاش الشيخوخة. وأعادت التأكيد على أن صاحبة الرسالة لم تُكمِل سوى 12 سنة و 10 أشهر و 24 يوما من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي، وهو ما يقل عن المدة المطلوبة بموجب الأمر رقم 534. ولم تؤخذ في الحسبان الفترات التي ذكرتها صاحبة الرسالة (رعايتها لأطفالها ولفرد من ذوي الإعاقة) لغرض حساب الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي، لأن صاحبة الرسالة لم تدفع فيها أي اشتراكات لصندوق تأمين المعاشات التقاعدية. وشددت المحكمة كذلك على أن الأمر له الأسبقية على أحكام قانون المعاشات التقاعدية.

2-6 وقدمت صاحبة الرسالة طعنا إلى محكمة مينسك الإقليمية. وكررت حججها وشددت على أن القانون المحلي يُوجِد حالة من التمييز غير المباشر ضد النساء، لأن النساء يضطلعن في معظم الأحيان بأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر في بيلاروس. واستندت صاحبة الرسالة، في جملة أمور، إلى أحكام التعليق العام رقم 19 (2007) بشأن الحق في الضمان الاجتماعي الصادر عن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي دعت فيه اللجنة إلى اتخاذ تدابير لتمكين المرأة من الاستفادة من صناديق الاستحقاقات الاجتماعية على قدم المساواة مع الرجل، بالنظر إلى الفجوات التي تحدث في فترات عملها بسبب حاجتها إلى أداء واجبات الأسرة. وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016، رفضت محكمة مينسك الإقليمية طعن صاحبة الرسالة وأيدت تماما تعليل المحكمة الابتدائية.

2-7 وأودعت صاحبة الرسالة طعنا لدى رئيس محكمة مينسك الإقليمية طالبة إجراء مراجعة قضائية رقابية. وكررت حججها التي أُثيرت أمام المحكمتين الأدنى درجة. وفي 16 شباط/فبراير 2017، رُفِض طعنها .

2-8 وفي 17 تموز/يوليه 2017، رفض نائب رئيس محكمة بيلاروس العليا طلب المراجعة القضائية الذي قدمته صاحبة الرسالة وأيد قراري المحكمتين الأدنى درجة.

الشكوى

3-1 تدفع صاحبة الرسالة بأن رفض الطلب الذي قدمته للحصول على معاش الشيخوخة ينتهك المادة 11 (1) (ه) من الاتفاقية، لأنه ينطوي على تمييز غير مباشر ضد المرأة إذ تتعرض المرأة لفجوات في فترات عملها بصورة أكثر تواترا، نظرا لكونها الراعي الرئيسي للأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة، ولا تستطيع بالتالي تجميع المدة المطلوبة قانونا من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي. وتذكر صاحبة الرسالة أنه، وفقا للمعلومات الواردة من ممثلي وزارة العمل والحماية الاجتماعية في بيلاروس، شكلت النساء في عام 2015 نسبة 99 في المائة من القائمين برعاية الأطفال دون سن الثالثة. وهي تحتج بأنه ولئن كانت الأحكام القانونية المحلية تنص على متطلبات متساوية للرجل والمرأة، فإن المرأة تُوضع في ظروف أقل مواتاة. فالمرأة يصعب عليها تجميع المدة المطلوبة من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي، لا سيما عندما لا تُحتسَب من ضمنها أنشطة الرعاية، على الرغم من الاعتراف بها على مستوى الدولة باعتبارها أنشطة مهمة اجتماعيا.

3-2 وفي عام 2010، كانت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة‏‏ طلبت من الدولة الطرف اعتماد تشريع بشأن المساواة بين الجنسين يتضمن تعريفا للتمييز المباشر وغير المباشر ضد المرأة. ولم يُعتمَد هذا التشريع، الأمر الذي يشكل انتهاكا لحقوق صاحبة الرسالة المكفولة بموجب المادة 2 (ب) من الاتفاقية.

3-3 ووفقا للمادة 2 (ج) من الاتفاقية، يجب على الدولة الطرف أن تُرسي دعائم الحماية القانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وأن تكفل من خلال المحاكم الوطنية المختصة الحماية الفعالة للمرأة من أي عمل من أعمال التمييز. وفي ملابسات هذه القضية، تحتج صاحبة الرسالة بأن الدولة الطرف لم توفر لها سبل الانتصاف تلك. فقد وقع على عاتق صاحبة الرسالة عبء إثبات المعاملة التمييزية. ولم تأخذ المحاكم الوطنية في الاعتبار أحكام الصكوك القانونية الدولية.

3-4 ووفقا لصاحبة الرسالة، فإن الدولة الطرف، باعتمادها الأمر رقم 534 وغيره من القوانين التشريعية التي رفعت الحد الأدنى لمتطلبات الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي، انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 2 (د) من الاتفاقية، لأن هذه التشريعات تؤثر على المرأة بشكل غير متناسب مع تأثيرها على الرجل.

3-5 وفي الختام، تدفع صاحبة الرسالة بأن الدولة الطرف انتهكت أيضا حقوقها المكفولة بموجب المادة 2 (و) من الاتفاقية، لأنها لم تلغ هذه القوانين واللوائح التي تشكل تمييزا. وتلاحظ صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف اعتمدت الأمر رقم 233 الصادر عن رئيس بيلاروس المؤرخ 29 حزيران/يونيه 2017، الذي ينص، في جملة أمور، على أن الأفراد الذين يرعون الأشخاص ذوي الإعاقة لا يحتاجون إلا إلى 10 سنوات من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي حتى يستوفوا شروط الحصول على معاش الشيخوخة. غير أن الأمر نفسه يقتضي من هؤلاء الأفراد أن يُجمِّعوا مدة أطول من خبرة العمل العامة (35 سنة للنساء و 40 سنة للرجال). ولذلك، فالأمر الجديد لا يلغي الممارسة التمييزية وإنما يستحدث فرقا جديدا في المعاملة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها في مذكرة شفوية مؤرخة 26 كانون الأول/ديسمبر 2018.

4-2 وفيما يتعلق بالمقبولية، تدفع الدولة الطرف بأن قرارات المحاكم الوطنية التي دخلت حيز النفاذ يجوز أن يطعن فيها في إطار إجراء المراجعة الرقابية. وقد أودعت صاحبة الرسالة طعنين في هذا الإطار ضد قرار محكمة بوريسوفسكي المحلية الصادر في 23 آب/أغسطس 2016 لدى رئيس محكمة مينسك الإقليمية ونائب رئيس محكمة بيلاروس العليا. ولم تستخدم صاحبة الرسالة الحق في تقديم طعن إلى رئيس المحكمة العليا بغرض إجراء مراجعة رقابية. وعلاوة على ذلك، فهي لم تُودِع شكوى ضد قراري المحكمتين لدى مكتب المدعي العام. ولذلك، فالرسالة غير مقبولة عملا بالمادة 4 من البروتوكول الاختياري، لأن صاحبتها لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

4-3 وبالانتقال إلى الأسس الموضوعية للشكوى، تشير الدولة الطرف إلى دستور بيلاروس، وتدفع بأن كل المواطنين يتمتعون بفرص متساوية. فقانون العمل في بيلاروس يكفل للرجل والمرأة حقا متساويا في العمل. ويُحظَر صراحةً أي تمييز على أساس السن أو نوع الجنس. وتضطلع الدولة الطرف بجهود من أجل تخفيف القوالب النمطية التاريخية والثقافية التي تؤثر على توزيع الواجبات الأسرية بين الرجل والمرأة. وتُوَفَّر للمرأة، التي هي أكثر عرضة من الرجل لحدوث فجوات في فترات عملها، ضمانات خاصة لتيسير عودتها إلى سوق العمل. وعلى وجه التحديد، هناك برامج تعليمية واستشارات مهنية محددة للنساء اللائي يقتربن من سن التقاعد، من بين فئات أخرى. ونتيجةً لذلك، فمعدلات البطالة بين النساء أقل منها بين الرجال (3,6 في المائة بين النساء مقابل 5,7 في المائة بين الرجال في عام 2018، و 4,2 في المائة بين النساء مقابل 7,5 في المائة بين الرجال في عام 2016).

4-4 وتدفع الدولة الطرف بأن التشريع المحلي ينص على طائفة واسعة من نظم المعاشات التقاعدية، من بينها معاش الشيخوخة القائم على اشتراكات والمعاش الاجتماعي غير القائم على اشتراكات. وفي الفترة المعنية، كان معاش الشيخوخة مضمونا للنساء عند بلوغهن سن 56 عاما وللرجال عند بلوغهم سن 61 عاما (يخضع سن المعاش التقاعدي لزيادة تدريجية بمعدل ستة أشهر كل سنة حتى يصل إلى 58 سنة للنساء ويصل إلى 63 سنة للرجال في عام 2022). ويُدفَع المعاش الاجتماعي للنساء عند بلوغ سن 60 سنة وللرجال عند بلوغ سن 65 سنة ( ) . وقد اُستُحدِث الفرق في السن لتحقيق المساواة في الواقع ومراعاة آثار القوالب النمطية الثقافية التي تؤثر على توزيع الأدوار الأسرية بين الجنسين. وفي الوقت نفسه، فإن المرأة، عند بلوغها سن التقاعد، تكون حرة في مواصلة العمل دون أي قيود تشريعية.

4-5 ويُدفَع معاش الشيخوخة بشرط أن يكون الفرد قد ساهم في صندوق تأمين المعاشات التقاعدية لمدة 10 سنوات (الشرط الساري اعتبارا من 1 كانون الثاني/يناير 2014)، أو 15 سنة (الشرط الساري اعتبارا من 1 كانون الثاني/يناير 2015) أو 15,5 سنة (الشرط الساري اعتبارا من 1 كانون الثاني/يناير 2016). وستزيد هذه المدة المطلوبة بمعدل ستة أشهر كل سنة حتى تصل إلى 20 سنة في عام 2025. وينطبق على الرجل والمرأة كليهما نفس الشرط المتعلق بالخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي. وفي الوقت نفسه، هناك أنظمة خاصة لفئات معينة من النساء. فعلى سبيل المثال، يُطلَب من الأم التي لديها خمسة أطفال أو أكثر أو لديها أطفال من ذوي الإعاقة أن تُكمِل خمس سنوات فقط من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي كي تصبح مستحقة لمعاش الشيخوخة. ولا يحتسب القانون المحلي رعاية الأطفال والأفراد ذوي الإعاقة وفترات التعليم والخدمة العسكرية في الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي. وهذا النهج لا يستثني من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي الأنشطة التي تمارسها النساء في المعتاد فحسب، إنما يستثني أيضا الأنشطة التي يقوم بها الرجال أساسا (مثل الخدمة العسكرية). وفي الفترة 2012-2017، كاد متوسط المدة التي تستغرقها هذه الأنشطة أن يكون متساويا بين الرجال والنساء (4,3 و 4,5 سنوات على التوالي).

4-6 واتُّخِذ قرار زيادة المتطلبات المتعلقة بالسن والخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي من أجل التكيف مع شيخوخة السكان في بيلاروس، وهو اتجاه شائع في العديد من البلدان. ومدة الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي التي زيدت مؤخرا تعتبر ملائمة ويمكن أن يستوفيها الرجال والنساء على حد سواء. ووفقا للمعلومات الواردة من وزارة العمل والحماية الاجتماعية، فإن متوسط مدة الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي في الفترة 2012-2017 بلغ 29 عاما للنساء و 32,2 عاما للرجال. وتظهر الإحصاءات الوطنية أن 96,7 في المائة من جميع النساء اللائي بلغن سن التقاعد حصلن، في عام 2017، على استحقاقات معاش الشيخوخة (مقابل 89,4 في المائة من الرجال). وفي الفترة بين عامي 2014 و 2016، لم يرفض منح معاش الشيخوخة سوى لـ 0,8 في المائة من جميع النساء اللائي بلغن سن التقاعد بسبب عدم كفاية مدة الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي (0,6 في المائة بالنسبة للرجال). ولذلك، فالأوضاع غير المؤاتية فيما يتعلق باستحقاق النساء لمعاش الشيخوخة لم تنجم عن ممارسات وأنظمة التمييز المباشر أو غير المباشر في بيلاروس، إنما نجمت عن خيارات الحياة الشخصية للأفراد.

4-7 وتقل مدة الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي التي أتمتها صاحبة الرسالة عن 13 سنة. فهي قد اضطلعت بأنشطة رعاية ليس فقط لأشخاص ذوي إعاقة ولكن أيضا لأطفالها حتى بلغ أصغرهم 14 عاما، وهو ما يزيد كثيرا عن فترة السنوات الثلاث المحددة لإجازة الأمومة. ويشكل عدم إتمام المدة المطلوبة من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي أساسا قانونيا لرفض معاش الشيخوخة. كما أنها لم تتراكم لديها خبرة العمل العامة التي تبلغ 35 عاما اللازمة لاستيفاء شروط الاستفادة من النظام الخاص الذي أُنشئ في إطار الأمر رقم 233، والذي بموجبه يحق للأفراد الذين يرعون أشخاصا من ذوي الإعاقة أن يحصلوا على معاش الشيخوخة بعد إتمام 10 سنوات فقط من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي.

4-8 وفي الوقت نفسه، لم تطلب صاحبة الرسالة المساعدة في إيجاد فرصة عمل إلا في عام 2016. وفي الفترة من 22 حزيران/يونيه إلى 25 تشرين الأول/أكتوبر 2016، سُجِّلَت في سجل العاطلين عن العمل. ووفرت لها جهات الخدمات الاجتماعية خدمة التنسيب في عدة وظائف؛ غير أنها رفضت التعيين في هذه الوظائف أو أن أرباب العمل لم يُعيِّنوها. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة الرسالة لم تحاول أن تطعن في قرارات عدم تعيينها في الوظائف، في حين أن أي رفض تمييزي كان يمكن أن يُطعَن فيه أمام محكمة. وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر 2016، طلبت صاحبة الرسالة شطبها من سجل العاطلين عن العمل. ولم تطلب بعد ذلك الحصول على أي مساعدة في إيجاد فرصة عمل. وعلى أية حال، يحق لصاحبة الرسالة الحصول على معاش اجتماعي غير قائم على اشتراكات بمجرد بلوغها سن الستين.

4-9 وتؤكد الدولة الطرف أيضا أن أوامر الرئيس اُعتُمِدَت في امتثال تام للقانون المحلي. ولها الأسبقية القانونية على أحكام قانون المعاشات التقاعدية في بيلاروس. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة الرسالة تطعن في مشروعية الأوامر غير المؤاتية لها، ولكنها لا تطعن في الأوامر التي تستحدث نظما تفضيلية لفئات معينة. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى الأمر رقم 233 الذي اُستُحدِث بموجبه نظام خاص للأفراد غير القادرين على إتمام المدة المطلوبة من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي بسبب أداء مهام أخرى بالغة الأهمية من الناحية الاجتماعية. ويتعين على الأفراد المستوفين للشروط أن يدفعوا الاشتراكات في صندوق تأمين المعاشات التقاعدية لمدة 10 سنوات فقط. وزيادة مدة خبرة العمل العامة (35 سنة للمرأة و 40 سنة للرجل) ليست تمييزية ولكنها بمثابة دليل على عدم القدرة على الانخراط في عمل منتظم .

4-10 وأخيرا، فإن الدولة الطرف تعتبر أن مبدأ المساواة بين جميع الأفراد أمام القانون مبدأ شامل للجميع في بيلاروس، وأنه لذلك لا لزوم لسن أي تشريع خاص لمكافحة التمييز. وقدمت الدولة الطرف وصفا عاما للأحكام القانونية المحلية ذات الصلة. وتلاحظ اللجنة على وجه التحديد أن دستور بيلاروس ينص على أن جميع الرجال والنساء يتمتعون بحقوق وفرص متساوية. وبموجب المادة 42 من الدستور، يحق للرجال والنساء الحصول على تعويضٍ متساوٍ عن عملهما. والحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال دون أي تمييز منصوص عليه في القانون المدني وقانون الإجراءات المدنية وقانون الجرائم الإدارية وغير ذلك من القوانين التشريعية. فالمادة 190 من القانون الجنائي تستحدث مسؤولية جنائية عن تقييد الحقوق أو استحداث أشكال تمييز على أساس أمور منها نوع الجنس والجنسية والسن. وعلاوة على ذلك، تتضمن المادة 14 من قانون العمل تعريفا للتمييز وتسمح للأفراد بتقديم طلب إلى المحكمة للحماية من الممارسات التمييزية .

تعليقات صاحبة الرسالة على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 قدمت صاحبة الرسالة تعليقاتها في 9 نيسان/أبريل و 10 أيار/مايو 2019.

5-2 وردا على اعتراض الدولة الطرف على المقبولية، تلاحظ صاحبة الرسالة، استنادا إلى الاجتهاد القانوني الطويل الأمد للجنة المعنية بحقوق الإنسان ( ) ، أن تقديم طعن إلى رئيس المحكمة العليا أو تقديم طعن إلى مكتب المدعي العام بغرض إجراء مراجعة رقابية ليسا سبل الانتصاف التي ينبغي استنفادها، لأنهما سبيلان استثنائيان يعتمدان على تقدير المدعي العام أو القاضي.

5-3 وبالانتقال إلى الأسس الموضوعية للقضية، تعيد صاحبة الرسالة التأكيد على أن القانون المحلي في بيلاروس لا يتضمن تعريفا شاملا للتمييز. فالتعريف الوارد في المادة 14 من قانون العمل لا ينطبق إلا على علاقات العمل. وقد أشارت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ( ) ولجنة القضاء على التمييز العنصري ( ) واللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ( ) ‏‏ إلى غياب الإطار القانوني اللازم الذي من شأنه أن يوفر آلية فعالة للحماية من التمييز.

5-4 وتلاحظ صاحبة الرسالة أن البيانات الإحصائية التي قدمتها الدولة الطرف عديمة الصلة بالموضوع، لأنها لا تظهر إلا الحالة العامة ولا تسمح برصد الحالات الشخصية للأفراد الذين يقومون بأنشطة الرعاية.

5-5 وتؤكد صاحبة الرسالة أنه في حين أن الاحتياجات المتعلقة بطول مدة خبرة العمل العامة تختلف بين الرجل والمرأة، فإن الدولة الطرف لا تفسر سبب عدم وجود فرق في طول المدة المطلوبة من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي. وهذا وضع تمييزي، لأن النساء يضطلعن على نحو أكثر تواتراً بأنشطة لا تُحتسَب من ضمن الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي.

5-6 وتحتج صاحبة الرسالة أيضا بأن اختيارها القيام بأنشطة الرعاية لم يكن يمكن أن يُنظَر إليه على أنه رفض متعمد لاستحقاقات المعاش التقاعدي في المستقبل، لأنه لم يكن بوسعها أن تتوقع حدوث زيادة مفاجئة في المدة المطلوبة من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي.

5-7 وتدعي صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف لم تقدم أي مبررات معقولة للزيادة الكبيرة التي طرأت على المدة المطلوبة من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي في غضون فترة زمنية قصيرة. وعلاوة على ذلك، لم تكن هناك أي فترة انتقالية أو تدابير انتقالية. وقد أثر ذلك بشكل خاص على النساء في حالات مماثلة لحالة صاحبة الرسالة. وهكذا وجدت نفسها دون أي دعم، لأنها لن تكون مستوفية لشروط الحصول على المعاش الاجتماعي إلا عندما تبلغ الستين من عمرها ( ) . وعدم أخذ هذه العوامل في الاعتبار يتعارض مع التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 2 (د) من الاتفاقية.

5-8 وتلاحظ صاحبة الرسالة أيضا أن الأمر رقم 233 لم يصحح وضعها، إذ إنه، إلى جانب تخفيض المدة المطلوبة للخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي، زاد طول المدة المطلوبة من خبرة العمل العامة إلى 35 سنة بالنسبة للمرأة. وتحتج صاحبة الرسالة بأنه كان ينبغي للدولة الطرف أن تسمح باحتساب الفترة التي قضتها في رعاية الأطفال حتى سن 14 عاما من ضمن خبرة العمل العامة. فقد كان ذلك سيتيح لصاحبة الرسالة أن تستوفي المتطلبات الخاصة التي استحدثها الأمر رقم 233.

5-9 وتقدم صاحبة الرسالة جدولا يبين فترات عملها وأنشطتها الأخرى من عام 1975 إلى عام 2016، وتلاحظ أنها لم تتمكن من العثور على أي وظيفة مدفوعة الأجر منذ أيار/مايو 2010.

5-10 وفي ضوء هذه الاعتبارات، تدعو صاحبة الرسالة اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة‏‏ إلى أن تخلص إلى أنه قد وقع انتهاك لحقوقها المكفولة بموجب المادة 2 والمادة 11 (1) (ه) من الاتفاقية.

5-11 وفي 4 نيسان/أبريل 2020، أخبرت صاحبة الرسالة اللجنة في مذكراتها الإضافية بأنها لا تزال عاجزة عن العثور على وظيفة وطلبت تسريع الإجراءات.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، ما إذا كانت الرسالة مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري. وعملاً بالمادة 72 (4)، يتعين عليها أن تفعل ذلك قبل النظر في الأسس الموضوعية للرسالة.

6-2 ووفقاً للمادة 4 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري، فإن اللجنة مقتنعة بأن المسألة نفسها لم تُبحَث ولا يجري بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علما بحجة الدولة الطرف بأنه ينبغي إعلان عدم مقبولية الرسالة بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لأن صاحبة الرسالة لم تقدم طعنا إلى رئيس محكمة بيلاروس العليا بغرض إجراء مراجعة رقابية ولم تودع شكوى ضد قراري المحكمتين لدى مكتب المدعي العام. وتذكِّر اللجنة بأنه يُمنَع عليها، بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، أن تنظر في أي رسالة ما لم تكن قد تأكدت من أن جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة قد استُنفدت إلا إذا استغرق تطبيق وسائل الانتصاف هذه أمدا طويلا بدرجة غير معقولة، أو كان من غير المحتمل أن يحقق انتصافاً فعالاً. وفي هذا الصدد، تُذكِّر اللجنة بأن طلبات المراجعة الرقابية التي تُقدَّم إلى رئيس محكمة بغرض الطعن في قرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ تعتمد على السلطة التقديرية للقاضي وتشكل سبيل انتصاف استثنائيا. ويجب على الدولة الطرف أن تبين أن هناك احتمالا معقولا بأن توفر هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالا في ملابسات القضية. غير أن الدولة الطرف لم تبين في هذه القضية ما إذا كانت الالتماسات المقدمة إلى رئيس المحكمة العليا بشأن إجراءات المراجعة الرقابية قد طُبِّقَت بنجاح في قضايا شبيهة بالقضية قيد النظر وعدد هذه القضايا. وتلاحظ اللجنة أيضا أن تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام يُطلَب فيه مراجعة قرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ لا يشكل سبيل انتصاف يتعين استنفاده لأغراض المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري ( ) . ولذلك ترى اللجنة أن مقتضيات المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذه الرسالة.

6-4 وإذ لم تجد اللجنة أي مانع يمنعها من قبول الرسالة، تعلن أن الرسالة مقبولة وتتنقل إلى النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في هذه الرسالة في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها صاحبة الرسالة والدولة الطرف، على النحو المنصوص عليه في المادة 7 (1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتؤكد صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 11 (1) (ه)، عند قراءتها بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية، برفض الطلب الذي قدمته من أجل الحصول على معاش الشيخوخة. وتحتج، على وجه الخصوص، بأن ذلك يشكل تمييزا غير مباشر على أساس نوع الجنس، لأن المرأة تتعرض لفجوات في فترات عملها بصورة أكثر تواترا، نظرا لكونها الراعي الرئيسي للأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة، ولا تستطيع بالتالي تجميع المدة الإجمالية المطلوبة قانونا من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي. وتدعي صاحبة الرسالة أيضا أن الدولة الطرف لم تمتثل لالتزاماتها بموجب المادة 2 (ب)-(د) و(و) من الاتفاقية، لأنها لم تلغ القوانين واللوائح التمييزية ولم تنشئ إطارا قانونيا محليا قادرا على توفير الحماية القانونية الكافية من التمييز القائم على نوع الجنس.

7-3 ولذلك، فإن المسألة المعروضة على اللجنة هي ما إذا كانت الدولة، بإدخال تغييرات على الإطار القانوني ومتطلبات معاش الشيخوخة، أثرت شخصيا على صاحبة الرسالة وأضرت بها، لم تمتثل لالتزاماتها بموجب المادة 2 (ب)-(د) و(و)، وكذلك المادة 11 (1) (ه)، عند قراءتهما بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية.

7-4 وتُذكِّر اللجنة بأنه يُحظَر، بموجب الاتفاقية، أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل. ويشير التمييز غير المباشر إلى القوانين أو السياسات أو الممارسات التي تبدو محايدة في ظاهرها، لكنَّ لها أثراً غير متناسب على ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية حين تتسم بأسباب التمييز المحظورة.

7-5 وتلاحظ اللجنة أن الحق في الضمان الاجتماعي له أهمية مركزية في ضمان كرامة الإنسان. وتترتب على الحق في الضمان الاجتماعي آثار مالية كبيرة بالنسبة للدول، ولكن ينبغي للدول أن تكفل، على أقل تقدير، الوفاء بالمستويات الأساسية الدنيا لهذا الحق. ويتعين عليها، في جملة أمور، أن تكفل إمكانية الاستفادة من نظام للضمان الاجتماعي يوفر الحد الأدنى الأساسي من الاستحقاقات، دون تمييز من أي نوع. وينبغي للدول أن توفر استحقاقات الشيخوخة غير القائمة على الاشتراكات والخدمات الاجتماعية وغيرها من أشكال المساعدة لجميع كبار السن الذين لم يكملوا، عند بلوغهم سن التقاعد المنصوص عليها في التشريعات الوطنية، مدة الاشتراك اللازمة التي تؤهلهم للاستفادة منها أو لا يحق لهم لأسباب أخرى الحصول على معاش الشيخوخة القائم على التأمين أو أي استحقاقات أو أشكال مساعدة أخرى من الضمان الاجتماعي وليس لديهم أي مصدر آخر للدخل. كما يجب أن تأخذ نظم الضمان الاجتماعي غير القائمة على الاشتراكات في الحسبان أن النساء أكثر عرضة من الرجال للعيش في فقر وأنهن يتحملن وحدهن في كثير من الأحيان مسؤولية رعاية الأطفال وأنهن اللائي ليس لديهن، في كثير من الأحيان، معاشات تقاعدية قائمة على اشتراكات ( ) .

7-6 وتلاحظ اللجنة أن الدول الأطراف تتمتع بهامش تقديري كبير في اعتماد التدابير التي تراها ضرورية لضمان تمتع كل فرد بالحق في الضمان الاجتماعي، بغية تحقيق جملة أمور منها ضمان أن تتسم نظم المعاشات التقاعدية بالكفاءة والاستدامة وأن تكون متاحة للجميع. ولذلك يجوز للدول أن تضع المتطلبات أو الشروط التي يجب أن يستوفيها المطالبون لكي يكونوا مؤهلين للاستفادة من نظم الضمان الاجتماعي أو للحصول على معاش تقاعدي أو أي استحقاقات أخرى، على أن تكون الشروط معقولة ومتناسبة وشفافة. وبوجه عام، ينبغي إبلاغ الجمهور بهذه الشروط في الوقت المناسب وعلى نحو يكفي لضمان إمكانية التنبؤ بالحصول على المعاشات التقاعدية، ولا سيما حين تكون التدابير التي تعتمدها الدول الأطراف ذات طابع تنازلي وحين لا توجد ترتيبات انتقالية للتخفيف من العواقب السلبية المترتبة عليها ( ) .

7-7 وترى اللجنة أنه يجب على الدول أن تعيد النظر في القيود المفروضة على الاستفادة من نظم الضمان الاجتماعي للتأكد من أنها لا تنطوي على تمييز ضد المرأة في القانون أو في الممارسة العملية. وعلى وجه الخصوص، يجب على الدول أن تضع في اعتبارها أن استمرار القوالب النمطية وغيرها من الأسباب الهيكلية يفرض على المرأة قضاء وقت أطول بكثير من الوقت الذي يقضيه الرجل في العمل غير المدفوع الأجر، بما في ذلك توفير الرعاية للأطفال من ذوي الإعاقة ومن غير ذوي الإعاقة على حد سواء. وينبغي للدول أن تتخذ خطوات للقضاء على العوامل التي تمنع المرأة من تسديد اشتراكات متساوية في نظم الضمان الاجتماعي التي تربط الاستحقاقات بالاشتراكات أو تكفل مراعاة هذه النظم لتلك العوامل عند تصميم صيغ الاستحقاقات وذلك، على سبيل المثال بالنظر في الفترات التي يقضيها المستفيدون، ولا سيما النساء، في رعاية أطفالهم من ذوي الإعاقة أو أطفالهم من غير ذوي الإعاقة، ومعاليهم البالغين.

7-8 وبالانتقال إلى الحالة قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن صاحبة الرسالة بلغت سن التقاعد ولكنها لم تكن مؤهلة للحصول على معاش الشيخوخة بموجب المتطلبات الجديدة، لأنها لم تُكمِل المدة المطلوبة من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي.

7-9 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد أدخلت نظما للمعاشات التقاعدية القائمة على الاشتراكات وغير القائمة على الاشتراكات. وفي حين أن النوع الثاني من النظم مشروط بالسن فقط، فإن النوع الأول يتطلب أيضا فترة اشتراكات في صندوق تأمين المعاشات التقاعدية. وتلاحظ اللجنة أن هذه الفترة متساوية في طولها بين الرجل والمرأة. وبموجب القانون المحلي، لا تُحتسَب رعاية الأطفال والأفراد ذوي الإعاقة وفترات التعليم والخدمة العسكرية من ضمن فترة الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي. وفي هذا الصدد، تُذكِّر اللجنة بحجة صاحبة الرسالة بأن استثناء الرعاية من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي يشكل تمييزا ضد المرأة، لأنها تشارك في هذه الأنشطة ب صورة أكثر تواترا، بسبب آثار القوالب النمطية الثقافية التي تؤثر على توزيع الأدوار الأسرية بين الجنسين.

7-10 وترى اللجنة أنه عندما تُقدَّم في رسالة ما معلومات ذات صلة تشير، بصورة أولية، إلى وجود نص قانوني مكتوب بصيغة محايدة ولكنه يمكن في الواقع أن يؤثر في النساء بنسبة تفوق بكثير تأثيره في الرجال، فإن الدولة الطرف هي التي تتحمل عبء إثبات أن مثل هذا الوضع لا يشكل تمييزاً غير مباشر قائماً على نوع الجنس.

7-11 وتأخذ اللجنة في الاعتبار المعلومات الإحصائية التي قدمتها الدولة الطرف. وتبين تلك المعلومات أن متوسط مدة الأنشطة المستثناة من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي تكاد تكون متساوية بين الرجال والنساء (4,3 و 4,5 سنوات على التوالي، في الفترة 2012-2017). وعلاوة على ذلك، ففي عام 2017، حصلت أغلبية النساء في سن التقاعد على معاش الشيخوخة (96,7 في المائة، مقابل 89,4 في المائة من الرجال). وكانت نسبة النساء في سن التقاعد التي رفض منحهن استحقاقات معاش الشيخوخة منخفضة جدا بشكل عام وأعلى من نسبة الرجال بمقدار طفيف. ولم تطعن صاحبة الرسالة في صحة البيانات الإحصائية التي قدمتها الدولة الطرف. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أدخلت عددا من نظم المعاشات التقاعدية الخاصة التي تفرض شروطا أقل صرامة على الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي، من أجل فئات من بينها الأمهات اللاتي لديهن عدة أطفال أو أطفال ذوي إعاقة. وتعترف اللجنة بهذه المحاولة لمعالجة آثار الزيادة في متطلبات الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي على أضعف الفئات. وبالنظر إلى ما تقدم، لا يمكن القول إن الإطار القانوني في حد ذاته يخلق بيئة تمييزية تثقل المرأة بأعباء أثقل. ويبقى أمام اللجنة أن تدرس ما إذا كان تطبيق قواعد المعاشات التقاعدية في حالة صاحبة الرسالة يمتثل لمقتضيات الاتفاقية.

7-12 وتلاحظ اللجنة منذ البداية أن صاحبة الرسالة لم تكن قد أكملت سوى 12 سنة و 10 أشهر و 24 يوما من الخدمة الداخلة في حساب المعاش التقاعدي عند بلوغها سن التقاعد. فقد تولت صاحبة الرسالة رعاية أطفالها من عام 1998 إلى عام 2009، حتى بلغ ابنها الأصغر سن الرابعة عشرة. وتلاحظ اللجنة حجة صاحبة الرسالة بأنها اضطرت إلى تمديد إجازة الأمومة إلى ما بعد الثلاث سنوات المنصوص عليها قانونا بسبب مرض ابنها بصورة متكررة. غير أن صاحبة الرسالة لم تحدد بوضوح طبيعة أمراض ابنها التي اضطرتها إلى الامتناع عن البحث عن وظيفة مدفوعة الأجر لفترة طويلة من الزمن. وعلاوة على ذلك، وفي حين لاحظت صاحبة الرسالة أنها لم تتمكن من إيجاد وظيفة بعد عام 2009، فإنها لم توضح لماذا لم تقدم طلبا للحصول على مساعدة في إيجاد وظيفة إلا في عام 2016 وحصلت عليها في حزيران/يونيه 2016 ثم انسحبت بعدها ببضعة أشهر، في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2016. وهي أيضا لم تذكر ما إذا كانت قد حاولت أن تطعن لدى المحكمة في أي حالة من الحالات التي رفض فيها أرباب العمل في القطاع الخاص توظيفها.

7-13 وبالنظر إلى ما سبق، تلاحظ اللجنة أنه في حين أن التغييرات التي أُدخِلَت على قانون المعاشات التقاعدية أثرت بوضوح على الحالة الشخصية لصاحبة الرسالة، فإنه لا يمكن استنتاج أن عدم وفائها بمتطلبات أي من نظم المعاشات الحالية القائمة على الاشتراكات يمكن أن يُعزى بالكامل إلى الدولة الطرف. فصاحبة الرسالة لم تبرهن بدرجة كافية على أن رفض منحها معاش الشيخوخة يعود على الإطار القانوني المحلي وإلى كون الممارسات غير مؤاتية للمرأة على نحو غير متناسب.

7-14 وإذ تتصرف اللجنة بموجب المادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري، تخلص إلى أن التغييرات التي أُدخِلَت على الإطار القانوني المحلي ومتطلبات معاش الشيخوخة، وكذلك آثارها على صاحبة الرسالة، لا تشكل انتهاكا للمادة 2 (ب)-(د) و(و) أو المادة 11 (1) (ه)، عند قراءتهما بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية.