الأمم المتحدة

CERD/C/MAR/17-18

Distr: General

9 November 2009

Original: Arabic

لجنة القضاء على التمييز العنصري

التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 9 من الاتفاقية

التقريران الدوريان السابع عشر والثامن عشر اللذان كان من المقرر أن تقدمهما الدول الأطراف في عام 2006 *

المغرب **

[30 تشرين الأول/ أكتوبر 2009]

المحتويات

الفقرات الصفحة

أولاً - مقدمة 1-9 3

ثانياً - تطبيق المواد 2 إلى 7 من الاتفاقية 10-270 5

المادة 2 10-92 5

المادة 3 93-104 22

المادة 4 105-117 25

المادة 5 118-244 28

المادة 6 245-262 58

المادة 7 263-270 62

أولاً - مقدمة

1- تطبيقاً للمادة 9 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ومراعاة لملاحظات لجنة القضاء على التمييز العنصري بشأن التقارير الرابع عشر، والخامس عشر، والسادس عشر، تقدم المملكة المغربية إلى اللجنة تقريريها السابع عشر والثامن عشر في وثيقة واحدة تستعرض الجهود التي بذلها المغرب منذ تاريخ تقديم آخر تقرير في الموضوع والمنجزات والخطوات التي تم تحقيقها لترسيخ ثقافة نبذ جميع أشكال التمييز العنصري، وتعتبر المملكة المغربية عرض هذا التقرير على أنظار اللجنة فرصة للتأكيد على تشبتها بقيم حقوق الإنسان وتمسكها بالعمل المشترك مع الهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.

2- ويبرز التقرير الذي تضعه المملكة المغربية بين أيدي أعضاء اللجنة عملها المتواصل في سبيل تفعيل وإعمال مقتضيات الاتفاقية، وهو التقرير الذي تم إعداده وفق منهجية تشاركية بين مجموعة من الهيئات الحكومية تمثل مختلف القطاعات الحكومية، وهيئات مدنية تمثل مختلف أطياف جمعيات المجتمع المدني، بالإضافة إلى المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان خاصة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

3- وقد شكلت مشاركة كل هذه القطاعات لمدة فاقت السنة من العمل المستمر واللقاءات المتواصلة فرصة لتعميق العمل المشترك وأثمرت هذا التقرير الذي تضعه المملكة المغربية أمام الهيئة الأممية المختصة، مع الالتزام بالمبادئ التوجيهية والملاحظات التي سبق للجنة أن تقدمت بها بمناسبة تقديم التقارير الأخيرة للمغرب، وإبراز أهم المنجزات المحققة على صعيد مكافحة ونبذ كل أشكال التمييز العنصري وفق تصور واقعي يراعي ما هو محقق ويستحضر ما ينبغي استكمال المجهودات بشأنه.

4- إن المملكة المغربية المؤمنة بمبادئ حقوق الإنسان الملتزمة بها دستورياً كما هي مكرسة عالمياً، لم تفتأ تبادر إلى اتخاذ جميع التدابير القانونية والمؤسساتية الرامية إلى ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان ونبذ التمييز العنصري بجميع أشكاله، ولعل أبرز ما ميز الفترة الموالية لتقديم التقرير السادس عشر، هو مبادرة المغرب إلى وضع منهجية تدقيقية لتشخيص حالة ممارسة الحقوق المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وتحليل هذه الوضعية والوقوف على النواقص وتحديد السياسات الواجب اتباعها لتجاوزها.

5- وفي هذا الصدد بادرت المملكة المغربية إلى وضع تشخيص لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فأنشأت لهذه الغاية هيئة الإنصاف والمصالحة التي قامت على مدى حوالي سنتين باستقبال شكاوى الضحايا والبحث فيها وتنظيم جلسات استماع عمومية أتاحت من خلالها لهؤلاء فرصة عرض الانتهاكات التي تعرضوا لها في السابق، باعتبارها أخطاء يتعين تجاوزها في المستقبل. وقد تمكنت الهيئة عبر مختلف الوسائل التي اعتمدتها من الوقوف على ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتحديد ضحاياها وتقدير تعويضهم، وأعدت بذلك تقريراً تضمن عدداً من التوصيات والاقتراحات الرامية إلى وضع الآليات التشريعية والعملية الكفيلة بعدم تكرار تلك الانتهاكات في المستقبل مع جبر الضرر المادي والمعنوي، الفردي والجماعي.

6- وعلى الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، كانت مبادرة المغرب إلى إعداد تقرير حول التنمية البشرية خلال الخمسين سنة الموالية للاستقلال، فرصة لتقييم السياسات العمومية التي تم نهجها طيلة هذه المدة على الأصعدة السياسية والإدارية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقد شكل هذا التقرير الذي أنجزه نخبة من الخبراء المغاربة المختصين وثيقة مرجعية تضمنت نقداً ذاتياً صريحاً وصادقاً مكن من تشريح الوضع ودراسة أسبابه ومظاهره، وتحديد تصورات عشرين سنة المقبلة، وقد تلا هذا التشخيص انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعلن عنها جلالة الملك في 18 أيار/مايو 2005 وقد توجت هذه المجهودات التي ما زا ل المغرب يواصل بذلها بالنظر للفترة الانتقالية التي يمر بها من أجل تأسيس مجتع ديمقراطي بمنح الاتحاد الأوروبي للمغرب وضعاً متقدماً في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2008.

7- ومواكبة لهذه المقاربة الإصلاحية، عرفت الساحة التشريعية حركة مهمة تجلت في إصدار عدة نصوص قانونية من بينها مدونة الأسرة سنة 2004 التي تعد حدثاً تشريعياً واجتماعياً مهما، فقد جاءت مدونة الأسرة في صيغة جديدة تقطع مع كل تمييز بين الرجل والمرأة وترسم حقوقاً والتزامات متقابلة بين الجنسين تمكن من صيانة كرامة كل واحد منهما وحفظ حقوقه ومراعاة حقوق الطفل وتحقيق التوازن اللازم بين مصالح كافة الأطراف، بما يضمن صيانة الأسرة والحفاظ على المصلحة الفضلى للطفل.

8- وقد خول المشرع اختصاصات واسعة للقضاء ليسهر على حسن تطبيق المدونة، اختصاصات قضائية واكبتها عدة تدابير لتوفير الموارد البشرية القضائية اللازمة ومد الجهاز القضائي بما يتطلبه تصريف قضايا الأسرة من وسائل مادية ومن آليات تنظيمية. وبناء على مستجدات مدونة الأسرة تمت دراسة التحفظات المقدمة بشأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل، كما تم تقديم مقترحات لضمان تفعيل أمثل لهاتين الاتفاقيتين من خلال رفع بعض التحفظات السابقة أو إعادة النظر فيما سبق تقديمه من بيانات تفسيرية.

9- وستقدم الفقرات التالية من هذا التقرير تفاصيل جهود المملكة المغربية في سبيل تحقيق أهم منجزاتها في مجال مناهضة التمييز العنصري، كما سيتم خلال استعراض مقتضيات الاتفاقية تقديم معطيات وافية عن هذه الجهود التي من شأنها الاجابة عن انشغالات اللجنة وتوصياتها.

ثانياً - تطبيق المواد 2 إلى 7 من الاتفاقية

المادة 2

10- تؤكد المملكة المغربية تشبتها الدائم بمبادىء الكرامة والمساواة بين جميع البشر كما تجدد تمسكها بمبادىء حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالمياً، وتدين بشدة أي شكل من أشكال التمييز وتمنع أي نوع من أنواع اللامساواة داخل أراضيها.

11- واعتباراً لأحكام الدستور لا  سيما الفصل الخامس منه، فإن المغاربة جميعاً سواسية في الحقوق والواجبات، سواسية أمام القانون دون تمييز، سواء كان هذا التمييز مستنداً إلى اعتبارات تتعلق باللغة أو الجنس أو الدين أو الثقافة أو الانتماء السياسي أو الثقافي أو الجهوي، ذلك أن تنوع أصول الساكنة بالمغرب بين عرب وأمازيغ، مسلمين ومسيحيين ويهود، بيض وسود، كان وما زال يشكل مصدراً للتنوع والغنى الداعمين للوحدة حيث عاشوا جنباً إلى جنب منذ قرون وتلك إحدى مزايا وخصائص الشعب المغربي.

12- ولتأكيد توجه المملكة المغربية الرامي إلى منع ومحاربة كافة مظاهر التمييز والتهميش، تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الهادفة إلى تكريس المساواة بين مختلف مكونات المملكة وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، إضافة إلى دعم مؤسسات حماية حقوق الإنسان وتوفير الإطار التشريعي المناسب لإلغاء كل مظاهر التمييز في إطار منظور شمولي يستهدف بناء مشروع مجتمعي حداثي تشاركي.

13- على المستوى التشريعي وانسجاماً مع تقرير المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز المنعقد بد ي ربان سنة 2001، وتماشياً مع الملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري بشأن التقارير الدورية الرابع عشر، والخامس عشر والسادس عشر (CERD/C/62/CO/5)، الفقرة 12، بادر المشرع الوطني إلى تجريم التمييز بشكل صريح وواضح ووضع له تعريفاً يتلاءم مع المواثيق الدولية خاصة مع مقتضيات المادة 1 من الاتفاقية. وفي هذا الإطار جرم القانون المتمم لمجموعة القانون الجنائي الصادر بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2003 التمييز في الفصل 1-431 مكرر وعرفه "بكونه كل تفرقة بين الأشخاص الطبيعيين بسبب الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي أو اللون أو الجنس أو الوظيفة العائلية أو الحالة الصحية أو الإعاقة أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو بسبب الانتماء أو عدم الانتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو لأمة أو لسلالة أو لدين معين" ويعاقب على جريمة التمييز في القانون المغربي بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة مالية من ألف ومائتين إلى خمسين ألف درهم (الأورو الواحد يساوي حوالي 10 دراهم).

14- ولا يقتصر تجريم الأفعال التمييزية على تلك التي تطال الأشخاص الطبيعيين فحسب، وإنما يمتد إلى كل أشكال التمييز والتفرقة التي قد يتعرض لها الأشخاص المعنويون، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 1-431 مكرر على أنه يكون أيضاً تمييزاً كل تفرقة بين الأشخاص الاعتباريين بسبب أصل أعضائها أو بعض أعضائها أو جنسهم أو وضعيتهم العائلية أو حالتهم الصحية أو إعاقتهم أو آرائهم السياسية أو أنشطتهم النقابية أو بسبب انتمائهم أو عدم انتمائهم الحقيقي أو المفترض لعرق أو لأمة أو لسلالة أو لدين معين.

15- وتطبق العقوبة المقررة لجريمة التمييز في القانون المغربي على كل فعل من أفعال التمييز يترتب عنه الامتناع عن تقديم منفعة أو أداء خدمة أو رفض تشغيل شخص أو معاقبته أو فصله من العمل، بل إن هذا التجريم يلحق المجال الاقتصادي أيضاً حيث عاقب القانون الجنائي المغربي (الفصل 2-431) أفعال التمييز التي من شأنها أن تعرقل الممارسة العادية لأي نشاط اقتصادي.

16- ولا تنحصر العقوبة التي قررها القانون الجنائي لجريمة التمييز في تلك التي قررها الفصل السابق، بل تتجاوزها إلى عقوبات إضافية تطبق في حالة ارتكاب أحد المسؤوليين من الأشخاص الاعتباريين لهذا النوع من الجرائم، حيث تتم معاقبته بغرامة مالية تتراوح ما بين ألف ومائتين إلى خمسين ألف درهم.

17- ولقد أصبح التمييز مجرماً كذلك بمقتضى نصوص صريحة في مجال التشغيل ترمي إلى حماية الطبقة العاملة حيث حظر الفصل 9 من مدونة الشغل كل تمييز بين الأفراد من حيث السلالة أو اللون أو الجنسية أو الإعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة لا  سيما فيما يتعلق بالاستخدام وإدارة العمل وتوزيعه والتدريب المهني والأجرة والترقية والاستفادة من الامتيازات الاجتماعية والتدابير التأديبية والفصل عن العمل.

18- ويمتد حظر وتجريم التمييز إلى مجال الحريات العامة والممارسة السياسية وهو ما يتجلى من خلال التعديلات التي أدخلت على قوانين الصحافة والجمعيات وكذا قانون الأحزاب بحيث أضحى التمييز معاقباً عليه بمقتضى نصوص صريحة سنوضحها فيما سيأتي في إطار المعطيات المتعلقة بالمادة 4 من الاتفاقية.

19- ولتأكيد التزام المملكة المغربية بمنع التمييز فوق ترابها ومساواة الجميع أمام القانون، أدخل المشرع مقتضيات خاصة بنزلاء المؤسسات السجنية تهدف إلى إيداعهم في ظروف حسنة تراعى فيها الشروط الإنسانية والمعايير الدولية لمعاملة السجناء دون تمييز، وهكذا نصت المادة 51 من القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية على عدم جواز إجراء أي تمييز في المعاملة بين المعتقلين بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الجنسية أو اللغة أو الدين أو الرأي أو المركز الاجتماعي.

20- وتجدر الإشارة هنا إلى الوضعية التي تحظى بها السجينة، حيث يخصص للنساء السجينات جناح خاص كما يخول لهن حق الخلوة الشرعية مع أزواجهن، بل إن المؤسسات السجنية أصبحت ترخص وتتحمل نفقات إقامة زفاف السجينة التي ترتبط بسجين. ورغم هذه المكتسبات فإن الحكومة المغربية واعية بضرورة العمل على تحسين ظروف أماكن الاعتقال وتوسيع الفضاءات الايوائية عبر بناء سجون جديدة تراعي المعايير الدولية لأنسنة المؤسسات السجنية وهو ما يتطلب بذل جه د أكبر ومتواصل لتحقيق هذا الهدف.

21- وبالنسبة لوضعية المرأة بصورة عامة، واصل المغرب مجهوداته لمناهضة التمييز من خلال جملة التعديلات التشريعية التي سنها حديثاً، والتي أكد فيها تشبثه بمبدأ المساواة بين الجميع وإلغاء كل مظهر من مظاهر التمييز بين الجنسين، ومن جملة هذه التشريعات:

مدونة الأسرة

22- وهي إحدى الإصلاحات التشريعية العميقة لتدعيم مبدأ المساواة والعدل وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات الأسرية، ويمكن الوقوف على مظاهر هذا التوازن في عدة مجالات من بينها:

المساواة في الأهلية القانونية لإبرام عقد الزواج (18 سنة) ؛

جعل الأسرة تحت الرعاية المشتركة للزوجين (المادة 4) ؛

المساواة في الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين (المادة 51) ؛

تخويل النيابة العامة سلطة إرجاع الزوجة المطرودة من بيت الزوجية في الحال، مع اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان أمنها وسلامتها ؛

إعطاء الأحفاد من جهة البنت الحق في الإرث من جدهم الذي توفيت ابنته قبله شأنهم في ذلك شأن الأحفاد من جهة الإبن ؛

تدعيم المساواة والتوازن بين الرجل والمرأة في مجال إنهاء العلاقة الزوجية مع إضافة مسطرتين جديدتين هما: الطلاق الاتفاقي والتطليق للشقاق، وهو ما انعكس إيجاباً على مستوى سرعة البت في قضايا الأسرة.

قانون الجنسية

23- تم تعديل هذا القانون بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2007 حيث ساوى بين الرجل والمرأة بشأن منح الجنسية المغربية للطفل المولود من أم مغربية.

مدونة التجارة

24- من جملة التعديلات التشريعية التي جاءت بها هذه المدونة إلغاء إذن الزوج لزوجته من أجل ممارسة التجارة وإبرام العقود التجارية، كما تم الغاء المادة 726 من قانون الالتزامات التي كانت تشترط حصول المرأة على إذن زوجها لإبرام عقد الشغل، وبهذا فإن التشريع المغربي أضحى حالياً يخلو من أي مقتضيات تمييزية ضد المرأة في مجال التعاقد.

قانون الحالة المدنية

25- تأكيداً لمبدأ المساواة بين الجنسين خول قانون الحالة المدنية الجديد الصادر في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2002 للأب وللأم على حد سواء حق التصريح بالولادة دون تمييز (المادة 16) كما منح الزوجة المطلقة حق الحصول على الدفتر العائلي.

26- وإلى جانب ذلك ألغى قانون المسطرة الجنائية الجديد الصادر في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2003 المقتضيات المتعلقة بوجوب حصول المرأة على تصريح من المحكمة إن هي أرادت أن تنتصب كمطالبة بالحق المدني في مواجهة زوجها.

مدونة الأوقاف

27- يجري الإعداد حالياً لإصدار مدونة جديدة للأوقاف هي الآن في صيغة مشروع تنتظر الإجراءات القانونية لتصبح سارية التنفيذ، وهي تنص على إلغاء الامتياز الذي كان مقرراً لصالح الذكور دون الإناث في الأحباس المعقبة، حيث تم التنصيص في هذا المشروع الجديد على أن الاستفادة من الحبس المعقب يشمل المرأة والرجل على حد سواء.

28- كما تعززت الترسانة التشريعية بالمغرب بصدور قانون جديد لمكافحة الإرهاب سنة 2003 روعي في فلسفة وضعه التوفيق بين مكافحة الإرهاب وتحصين ضمانات حقوق الإنسان، هذه الضمانات التي تفترض محاكمة عادلة تراعي مبدأ المساواة بين جميع الأشخاص دون تمييز أياً كانت جنسيتهم وتياراتهم الإيديولوجية في الخضوع لنفس أحكام القانون. وفي هذا الإطار تمت متابعة عدة أشخاص في قضايا الإرهاب بعضهم مغاربة والبعض الآخر أجانب، وهذا ما يجيب على توصيات اللجنة لدى مناقشتها للتقارير 14، 15، 16 التي قدمتها المملكة المغربية (CERD/C/62/CO/5)، الفقرة 19.

29- وإذا كان قد مر على صدور هذا القانون ما يقارب 5 سنوات، فإن التطبيق العملي له أفضى إلى بروز نقاش مجتمعي وحقوقي يدعو إلى ضرورة مراجعته بشكل يتجه أكثر نحو احترام حقوق الإنسان، ويكرس المبدأ القانوني الذي ينص على أن الأصل في الإنسان هو البراءة، والتخفيف ما أمكن من شدة الاجراءات التي نص عليها هذا القانون لا  سيما تلك التي تمس بحرية الأشخاص.

مدونة الشغل

30- شكل صدور مدونة الشغل حلقة أساسية في تفعيل المغرب لبنود اتفاقية مناهضة التمييز العنصري، حيث تم تجريم التمييز في مجال العمل (المادة 9). كما نصت المادة 36 من نفس المدونة على عدم اعتبار العرق أو اللون أو العقيدة أو الأصل الوطني أو الاجتماعي من المبررات المقبولة لاتخاذ العقوبات التأديبية أو الفصل من العمل، والتالي فإن كل فصل للعامل من عمله بناء على تلك الأسباب يعتبر طرداً تعسفياً، بل إن المشرع حرص على ضمان المساواة بين الأجراء في العمل. وفي هذا الإطار حظرت مدونة الشغل (المادة 478) على وكالات التشغيل الخصوصية إجراء أي تمييز بين الأجراء يقوم على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي يكون من شأنه المس بمبدأ تكافؤ الفرص في ميدان التشغيل.

31- وفي إطار تكريس مبدأ مساواة الجميع أمام القانون، تم إلغاء محكمة العدل الخاصة بمقتضى القانون الصادر في 15 أيلول/سبتمبر 2004 حيث تم إسناد اختصاصاتها إلى محاكم الاستئناف. كما تبنى المشرع المغربي قانونين جديدين تم عرضهما على أنظار المجلس الدستوري، يتعلق الأول برفع الحصانة البرلمانية والثاني بإحداث المحكمة العليا المختصة بمحاكمة أعضاء الحكومة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء ممارستهم لمهامهم، مما يعزز مبدأ خضوع الجميع لأحكام القانون دون تمييز.

32- وفيما يتعلق بالمهاجرين والأجانب المقيمين في المغرب، صدر استناداً إلى الملاحظات الختامية للجنة بخصوص استكمال المعلومات المتعلقة بقانون الهجرة ودخول الأجانب (A/57/18، الفصل الثالث، الفرع جيم ) قانون جديد ينظم إقامة الأجانب بالمملكة المغربية والهجرة غير المشروعة بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، وهو يكرس مبدأ المساواة بين جميع الأجانب في شروط الإقامة وولوج التراب المغربي دون تمييز، ويتيح لهم إمكانية الحصول على الجنسية المغربية والإقامة فوق التراب الوطني والتعايش جنباً إلى جنب مع المغاربة بعد سلوك الإجراءات القانونية المطلوبة لذلك.

33- غير أن الوضعية غير القانونية لبعض المهاجرين السريين تجعلهم يعيشون أحياناً أوضاعاً صعبة جراء التنقل من بلد إلى آخر بحثاً عن منفذ سري يوصلهم إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، بل إن الكثير من المهاجرين ينتهي بهم المطاف إلى الإيقاف نتيجة الوضعية غير القانونية التي يوجدون فيها حيث يتم ترحيلهم بعد ذلك إلى بلدانهم في ظروف تحفظ الكرامة الإنسانية لهم. هذا وإن الوضع غير القانوني لبعض المهاجرين تجعلهم يغامرون أحياناً بحثاً عن منفذ حدودي من أجل العبور نحو أ و ربا، وهي مغامرات قد تنتهي في بعض الأحيان بأحداث أليمة.

34- وفي هذا الإطار عرفت المنطقة الشمالية للمملكة على مستوى مدينتي تطوان والناظور أحداثاً توفي خلالها بعض المهاجرين الأفارقة، وقد تم فتح تحقيق رسمي من طرف الأجهزة القضائية المغربية ولازال البحث جارياً في هذه الأحداث. كما أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أعد تقريراً مفصلاً عن الموضوع أحال نتائجه على الهيئات المختصة وعمم مضمونه. هذا وإن المغرب يؤكد تمسكه بحفظ الكرامة الإنسانية للمهاجرين على أراضيه وإن أية مخالفة ترتكب في حقهم يخضع مرتكبوها لسلطة القانون، كما أن جمعيات الدفاع عن المهاجرين الأفارقة تتواصل باستمرار مع المسؤولين بخصوص تحسين أوضاعهم.

35- وعلى مستوى الانخراط في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، يتجسد انخراط المغرب في هذه المنظومة من خلال ما يلي:

التوقيع والمصادقة على مجموعة من الاتفاقيات في مجال حقوق الإنسان وكذا القيام برفع عدة تحفظات عن هذه الاتفاقيات ؛

تقديم التقارير الأولية والدورية أمام لجان المراقبة الأممية وأخذ ملاحظات هذه اللجان بعين الاعتبار ؛

الإجابة على التقارير الواردة من بعض الدول والمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان ؛

بلورة الالتزامات المتعهد بها أمام مجلس حقوق الإنسان عند تقديم التقرير الوطني في إطار الاستعراض الدوري الشامل الذي يعتبر خطوة هامة على مستوى وفاء المغرب بالتزاماته الدولية، فقد كان هذا التقرير مناسبة أبرز فيها المغرب سياسته العامة في مجال حقوق الإنسان وكذا التعهدات والمبادرات التي قام بها لتعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي المرتبط بهذا المجال كما حدد أوراش العمل التي ما زا لت تنتظر استكمال الجهود بشأنها وتفعيل التدابير التي التزم بها على أرض الواقع.

36- وعلى مستوى تعزيز الآليات الوطنية لحماية حقوق الإنسان، بادر المغرب إلى تفعيل انخراطه في السياق الوطني والدولي الرامي إلى تعزيز مبادئ حقوق الإنسان وإيجاد آليات كفيلة بحمايتها وصيانتها، إضافة إلى القطاعات الحكومية المكلفة بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، فإنه انسجاماً مع مبادئ باريس أسس هيئة وطنية أخذت على عاتقها مهمة صيانة مبادئ حقوق الإنسان والدفاع عنها والنهوض بها، وضمان تمتيع جميع الأفراد بالحقوق والحريات الأساسية دون تمييز، وهي مهام أعاد التأكيد عليها وتفصيلها حين إعادة هيكلة المجلس سنة 2001.

37- وقد قام المجلس بتقديم عدة آراء استشارية تتعلق بمجال حقوق الإنسان كإدماج التربية على حقوق الإنسان في المؤسسات المعنية ، خاصة المؤسسات التعليمية والتربوية والمؤسسات التي لها علاقة بنفاذ القوانين، بالإضافة إلى مساهمته في دراسة وإبداء الاقتراحات حول مجموعة من النصوص القانونية كمشروع قانون الصحافة ومشروع القانون الجنائي، ودراسة مسألة إلغاء عقوبة الإعدام التي ما زا لت تشهد نقاشاً في أوساط المهتمين بهدف الوصول إلى وضع تصور متفق عليه تجاه هذا الموضوع، كما أنه يسهر في ما يرجع إليه على إعمال توصيات لجنة الإنصاف والمصالحة، إضافة إلى إعداد ميثاق وطني لحقوق المواطن وواجباته وإطلاق مسلسل الخطة الوطنية للنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان .

38- كما نظم المجلس عدة تظاهرات ثقافية حول حقوق الطفل والمرأة والسجين، يضاف إلى ذلك اهتمام المجلس الاستشاري بصيانة حقوق المهاجرين حيث يقوم بمخاطبة المؤسسات الوطنية والدولية العاملة في هذا الميدان صيانة لكرامة المهاجرين ضد كل المخاطر التي قد تخرق حقوقهم الأساسية، وساهم في إعداد ترتيبات إنشاء المجلس الأعلى للجالية المغربية المقيمة بالخارج الذي نصب أعضاءه جلالة الملك في مت م م سنة 2007، وذلك تماشياً مع توجه المغرب الرامي إلى حماية مواطنيه وتمتيعهم بنفس الحقوق داخل التراب الوطني أو خارجه.

39- ولطي ملف ماضي انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب كما سبق إيضاحه أعلاه في الفقرة 5، أصدر المجلس الاستشاري في وقت سابق توصية تقضي بإحداث هيئة للإنصاف والمصالحة تضطلع باختصاصات غير قضائية في مجال تسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

40- واستهدف مجال عمل هيئة الإنصاف والمصالحة تعزيز مبادئ حقوق الإنسان وصيانة الكرامة الإنسانية. وتحقيقاً لأهدافها خُولت الهيئة عدة صلاحيات في مقدمتها الكشف عن حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان وإجراء التحريات بشأنها وتلقي الإفادات و الاطلا ع على الأرشيفات الرسمية واستيفاء المعلومات والمعطيات التي توفرها أية جهة في سبيل الكشف عن الحقيقة.

41- وسلكت الهيئة في عملها لتقصي الحقيقة مجموعة من الطرق من بينها البحث القانوني عبر دراسة التقارير، والتحري الميداني من خلال تنظيم جلسات الاستماع للضحايا والشهود والمسؤولين المكلفين بإنفاذ القوانين، والتقصي ميدانياً عن الحالات والأمكنة التي عرفت انتهاكات لحقوق الإنسان. وقد توصلت الهيئة إلى استخراج حوالي 000 17 ملفاً استفاد من التعويض فيها 000 10 شخص، كما عقدت خلالها 500 3 جلسة لتلقي الشهادات وتدقيق البيانات الخاصة بالانتهاكات التي طالت الضحايا.

42- وبالإضافة إلى التعويض المادي لهؤلاء الضحايا أو لذوي حقوقهم، قامت الهيئة بتقديم مقترحات وتوصيات لحل قضايا التأهيل النفسي والصحي والإدماج الاجتماعي للضحايا الذين يستحقون ذلك وحل المشاكل ذات الصبغة القانونية والإدارية والمهنية لهؤلاء الضحايا. وهكذا فقد بلغ العدد الإجمالي للمستفدين 455 16 شخصاً بتكلفة وصلت لأى حدود شهر أيلول/سبتمبر 2008 ما مجموعه (495.00 658 624) درهم.

43- وبالنظر إلى اعتبارات تتعلق بكون بعض الجهات والجماعات قد عانت بشكل جماعي من تبعات أزمات العنف السياسي وما استتبعه ذلك من خروقات، فقد أولت الهيئة مكانة خاصة للنوع الاجتماعي في تلقي الشكايات ومعالجة ملفات الضحايا، كما أولت أهمية خاصة لجبر الضرر الجماعي حيث أوصت باعتماد برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لصالح عدد من المدن والقرى والجهات، وأوصت بالتحويل الإيجابي لمراكز الاعتقال القديمة وغير القانونية. كما تم تخويل ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الاستفادة من نظام التغطية الصحية التي من شأنها تمكينهم من تغطية نظام التأمين ال إ جباري عن الأمراض بتدبير من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، على أن تتكفل الدولة بتسديد نفقات الانخراط في هذه التغطية عن الضحايا إلى المؤسسة التي كلفت بتدبير وتنفيذ هذه التغطية. وقد بلغ العدد الإجمالي للمستفيدين من هذه التغطية الصحية 000 12 شخصاً.

44- ومن المؤسسات الوطنية التي يرتبط مجال عملها بالنهوض بأوضاع حقوق الإنسان ديوان المظالم الذي تم تأسيسه بمبادرة ملكية بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 2001 كمؤسسة دستورية تتوخى المساهمة في تكريس ممارسة حقوقية متميزة في المغرب تعمل على حماية وصيانة حقوق وحريات الأفراد دون تمييز، وهو ما يتجلى من ديباجة النص المنظم له الذي أشار إلى أن من بين الأسباب الموجبة لتأسيسه إحقاق الحقوق ورفع المظالم وتدعيم أعمال المؤسسات ذات الصلة بحقوق المواطنين، فضلاً عن إيجاد محاور متد ا خل لدى مختلف المصالح الحكومية. كما تلعب الوكالات الوطنية الإقليمية الثلاث أدوار هامة في مجال تدعيم الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية.

دور المؤسسة التشريعية

45- يمارس البرلمان سلطته التشريعية بمقتضى ما خوله الدستور من صلاحيات يمكنه بمقتضاها لعب دور أساسي في حماية حقوق الإنسان من خلال مجالات تدخله، وكذا من خلال آليات عمله التي تتيح له الاضطلاع بدور أساسي في صيانة حقوق الإنسان، حيث يباشر البرلمان هذه الأدوار انطلاقاً من صفته كسلطة ذات تدخلات متعددة يمكنه من خلالها مساءلة الحكومة عن سياستها في مجال حقوق الإنسان وإصدار تشريعات تتعلق بهذا المجال، بل إن البرلمان وانطلاقاً من موقعه الدستوري يمكنه التدخل مباشرة للبحث والتقصي عن الأحداث التي قد ترتكب بشأنها خروقات وانتهاكات حقوق الإنسان.

46- إن البرلمان ومن خلال ما يتوفر عليه من آليات داخلية وتنظيمية يمكنه المساهمة في تعزيز ميدان الحقوق في المغرب حيث يتوفر حسب نظامه الداخلي على لجان داخلية تجعل من قضايا حقوق الإنسان إحدى اهتماماتها، في مقدمتها لجنتي العدل والتشريع وحقوق الإنسان بكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين اللتين يندرج ضمن مجال انشغالاتهما المواضيع المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، وفي هذا الإطار ناقشت اللجنة في مستهل سنة 2008 جملة من القضايا المتعلقة بوضعية حقوق الإنسان بحضور السيد وزير العدل قدم إيضاحات إ ضافية تتعلق بهذه القضايا في سياق حوار جاد وهادف، إلى جانب ذلك يلعب البرلمان دوراً أساسياً في تيسير ملاءمة النصوص القانونية الداخلية مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

47- على مستوى السياسات والاستراتيجيات: وعياً من المملكة المغربية بضرورة بذل مزيد من الجهود لمكافحة جميع أشكال التمييز، فقد اعتمدت عدة سياسات واستراتيجيات مصاحبة لمرافقة الإصلاحات التشريعية من شأنها أن تعزز الدور الذي يقوم به النسيج المؤسساتي في تكريس حماية حقوق الإنسان وصيانة الكرامة لجميع الأفراد دون تمييز.

48- ولقد شكلت استراتيجية محاربة الفقر منذ التسعينيات أولوية وطنية تجلت في انخراط المغرب في تحقيق أهداف الألفية للتنمية، وهو انخراط أكده اعتماد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كإجراء مصاحب وداعم لباقي الاستراتيجيات التي اعتمدها المغرب في مجال التنمية.

49- وتعمل الحكومة المغربية على بلورة خطة عمل لهذه المبادرة بتعاون مع مختلف الشركاء من جماعات محلية وقطاع خاص ومجتمع مدني، وهي تستهدف كل الشرائح الاجتماعية في شمال المملكة وجنوبها مع اعتماد معايير موضوعية تراعي مستوى الاستعجال، والحاجة الملحة للم س تهدفين بالتأهيل الاجتماعي عبر إعطاء الأسبقية ل‍ 360 من الجماعات القروية و250 من الأحياء الحضرية الأشد فقراً وتهميشاً، فضلاً عن الفئات التي تعاني من الإقصاء والإعاقة.

50- ويتواصل تنفيذ هذه المبادرة ومختلف المشاريع الاجتماعية رغم إكراهات الظروف الاقتصادية الصعبة التي تميز بها المغرب خلال السنوات القليلة الأخيرة، وهو ما يتضح من خلال الزيادة في الحصص المرصدة من ميزانية الدولة للقطاع الاجتماعي حيث ارتفعت الحصص من 47.4 في المائة سنة 2002 إلى 55.5 في المائة سنة 2005، و67 . 2 في المائة سنة 2007.

51- وعلى المستوى االمؤسسي، تمت مرافقة الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفقر والهشاشة والتهميش بإنشاء ثلاث وكالات للتنمية الاجتماعية لأقاليم وعمالات الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية للمملكة من أجل مزيد من الاهتمام بسكان هذه المناطق والحفاظ على اقتصادها وثقافتها.

52- وتضطلع هذه الوكالات بدور أساسي للنهوض بعملية التنمية كما نص على ذلك إعلان الحق في التنمية المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 41/28 المؤرخ 4كانون الأول/ديسمبر 1986. وفي هذا الإطار تتدخل هذه الوكالات لوضع برامج اقتصادية واجتماعية مندمجة تهدف إلى تحقيق توازن أفضل بين مختلف مناطق المملكة، حيث يشمل مجال عمل وكالة تنمية الأقاليم الشمالية المناطق الشمالية للمملكة بما فيها المناطق الأمازيغية ومنها مدينة الحسيمة مثلاً التي عرفت زلزالاً خلال سنة 2005 أودى بحياة العديد من المدنيين، حيث تجندت مختلف مكونات المجتمع للتخفيف من حدة آثار هذه الكارثة. كما قامت وكالة تنمية الأقاليم الشمالية بوضع برنامج استعجالي للوقاية من الكوارث الطبيعية والمساعدة على إعادة الإعمار حيث تم تخصيص 520 مسكناً وتقديم مبالغ مالية نقدية وعينية للأسر المنكوبة فضلاً عن إصلاح وترميم البنايات والطرق العمومية بميزانية تقدر ب‍ 57 مليون درهم، في حين تضطلع وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية بالاهتمام بالأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لساكنة هذه الأقاليم.

53- والملاحظ أن المجهودات المبذولة في مجال محاربة الفقر رغم إكراهات الظروف التي تشهد اتساع رقعة الفقر نتيجة الأزمة الاقتصادية الي يعرفها العالم، فإنها أخدت تعطي نتائج إيجابية تمثلت في التقليص من نسبة الأشخاص الذين يعانون من هذه الآفة، وهكذا فحسب المعطيات المتعلقة بتحقيق الهدف الأول من أهداف الألفية للتنمية الخاص بتقليص دائرة الفقر، تم تسجيل ما يلي بالنسبة للفترة الممتدة بين 1985 و2004:

تقليص نسبة الفقر المطلق من 12.5 في المائة إلى 7.7 في المائة أي ما يناهز نسبة 38.5 في المائة ؛

تقليص نسبة الفقر النسبي من 21 في المائة إلى 14.2 في الماائة أي ما يناهز نسبة 32.4 في المائة ؛

تقليص نسبة الهشاشة من 24.1 في المائة إلى 17.3 في المائة ؛

54- وهذا الانخفاض في نسب الفقر لا  يمس بطريقة متساوية الوسطين الحضري والقروي ولا مختلف الجهات، ففي الوسط الحضري انخفضت نسبة الفقر النسبي من 13.3 في المائة سنة 1985 إلى 10.4 في المائة سنة 1994 لتصل إلى 7.4 في المائة سنة 2004، في حين ظلت نسبة الانخفاض ضعيفة في الوسط القروي، حيت تراوحت تباعاً بين 26.8 في المائة و23 في المائة و22 في المائة. أما فيما يخص الفقر المطلق فقد انخفض من 6.8 في المائة سنة 1985 إلى 3.5 في الم ا ئة سنة 2004 في الوسط الحضري، ومن 18.8 في المائة إلى 12.8 في المائة في الوسط القروي.

55- إن هذا التفاوت في انخفاض نسبة الفقر ما زالت تعاني منه بعض المناطق القروية بسبب ضعف الموارد المحلية والوضع الجغرافي الصعب، وهي كلها عوامل تضاف إلى التهميش الذي قد يطال هذه المناطق نتيجة ضعف الاهتمام بها مركزياً أو جراء التدبير السيء للموارد المحلية لهذه المناطق، كلها عوامل تجعل بعض القرى المغربية تعيش أوضاعاً صعبة، مما يتطلب جهوداً أكبر لإخراج هذه المناطق من عزلتها وجعلها على قدم المساواة مع باقي المناطق التي تتمتع بأوضاع اقتصادية واجتماعية أفضل.

56- وفي مجال التنمية القروية وتحسين الشروط الاجتماعية والاقتصادية لسكان العالم القروي ودعم حقوقها تم إعداد برنامج عمل يهدف إلى إدماج مقاربة النوع في السياسات والبرامج ومشاريع التنمية الفلاحية والقروية وذلك عبر تحسين دخل الساكنة القروية الفقيرة وتحسين الشروط الاقتصادية للنساء وضمان الخدمات الصحية للنساء والرجال والأطفال القرويين، إضافة إلى تحسين ظروف التغذية بالنسبة للساكنة القروية الفقيرة وضمان الالتحاق بالمدارس للأطفال القرويين إلى المستوى الإعدادي على الأقل بحلول 2015. كما تم التقليص من أمية الرجال والنساء لتبلغ نسبة 20 في المائة في أفق 2010، في انتظار القضاء عليها نهائياً في 2015 بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 و25 سنة.

57- هذا وقد استفادت مجموعة من المناطق القروية من مشاريع التنمية الاجتماعية لضمان الولوج إلى الخدمات الصحية والتربوية لا  سيما مشاريع التنمية وفك العزلة عن العالم القروي، من خلال برنامج التزويد بالماء الصالح للشرب والكهرباء والبرنامج الوطني للطرق القروية.

58- وقد أسفر برنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب الذي انطلق منذ سنة 1995 عن نتائج مهمة، حيث ارتفعت نسبة التزويد من 40 في المائة سنة 2000 إلى 52 في المائة سنة 2002 و70 في المائة في 2005 لتصل إلى 77 في المائة سنة 2006.

59- كما أن تزويد العالم القروي بالطاقة الكهربائية ارتفع من نسبة 45 في المائة سنة 2000 إلى 62 في المائة سنة 2003 لتصل على التوالي في 2006 إلى 88 في المائة وفي 2007 إلى ما يزيد عن 90 في المائة من مجموع المناطق القروية.

60- وعلى مستوى آخر حقق البرنامج الوطني للطرق القروية نتائج مهمة خلال الفترة الممتدة بين 1995 و2005 إذ تم إنشاء 561 5 كيلومتراً، وإصلاح 613 4 كيلومتراً أي ما مجموعه 174 10 كيلومتراً من الطرق القروية، بينما يهدف الشطر الثاني من هذا البرنامج الممتد بين 2005 و2015 إلى إنشاء وإصلاح 500 15 كيلومتر بمعدل 500 1 كيلومتر سنوياً.

61- إن هذه المنجزات رغم إيجابيتها تظل دون الطموحات، لذا فإن المملكة المغربية ستواصل جهودها في هذا المجال لفك العزلة عن المناطق القروية النائية التي لا  زالت يفتقر بعضها إلى الطرق التي تربطها بالمراكز الحضرية، الشيء الذي ينعكس سلبا ً على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لهذه المناطق التي تتميز بطبيعة تضاريسية صعبة، وهو ما يتطلب موارد مالية كبيرة وبالتالي الزيادة في ميزانية الدولة المخصصة للتجهيز وكذا إشراك القطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني لتحقيق التنمية المحلية.

62- ومن الضروري الإشارة في هذا الإطار إلى أن الاستراتيجية الوطنية من أجل تعميم التعليم الأساسي قد أعدت في إطار برامجها المستقبلية نهجاً خاص اً لتطوير الدراسة في العالم القروي وإعطاء أهمية كبرى للأشخاص القرويين ولبيئتهم. ويقوم هذا النهج على ما يلي:

الولوج إلى المدرسة ومحاربة الانقطاع عن الدراسة؛

تحمل جزء من النفقات المدرسية لصالح الأسر الفقيرة؛ وقد تميز الدخول المدرسي لسنة 2008-2009 بالمبادرة الملكية الخاصة بتوزيع 1 مليون محفظة مدرسية على الأطفال المعوزين ؛

تحسين الظروف المعيشية والمهنية للمعلمين؛

تطوير وتحسين المطاعم المدرسية .

63- وفي مجال محاربة الأمية أعدت وزارة الفلاحة بشراكة مع وزارة التشغيل ووزارة التنمية الاجتماعية والتضامن برنامجاً لمحاربة الأمية الوظيفية يقوم على الأنشطة الفلاحية كوسيلة تربوية للتدريب، ويتم تمويله بواسطة البرنامج الوطني لمحاربة الأمية. وقد بلغ عدد الأطفال المستفيدين من برنامج الحد من الانقطاع عن الدراسة خلال العام الدراسي 2006-2007 بالوسط القروي 011 69 طفل وطفلة مقارنة بالعام 2005-2006 الذي سجل 393 17 طفل وطفلة. كما استفاد من هذا البرنامج خلال العام الدراسي 2006 - 2007، 648 7 إمراة وفتاة. وانعكست هذه المجهو د ات المبذولة إيجاباً على مستوى التقليص من معدلات الأمية بالمغرب حيث انخفضت نسبة الأمية من 43 في المائة سنة 2004 إلى 38.5 في المائة سنة 2006 لتصل إلى 34 في المائة سنة 2008 بالنسبة للبالغين 10 سنوات فما فوق.

64- ورغم المجهودات التي يبذلها المغرب على مستوى محاربة الأمية، فإنها مع ذلك تظل دون الطموحات المرجوة فما زالت السياسة الحكومية بعيدة عن تحقيق الأهداف التي سطرتها في هذا المجال وهو أمر يعود لأكثر من سبب، في مقدمتها ضعف الميزانية المخصصة لمحاربة الأمية، وغياب التنسيق المتواصل بين الأجهزة الحكومية المكلفة بمحاربة الأمية وصعوبة تحقيق محاربة الأمية في بعض المناطق القروية النائية بسبب النقص الحاصل في عدد الأطر التربوية من جهة وضعف نسبة تجاوب المستفيدين من جهة ثانية، وهو ما ستعمل المملكة المغربية على استكمال الإجراءات والجهود بشأنه من أجل التقليص من نسبة الأمية لا  سيما في القرى والمناطق النائية.

وضعية المرأة بخصوص منع التمييز

65- تكريس المساواة: بادرت الحكومة المغربية في 19 أيار/مايو 2006 إلى وضع وتنفيذ استراتيجية وطنية من أجل الإنصاف والمساواة بين الجنسين، وذلك بمبادرة من كتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين وبتعاون مع القطاعات المعنية الحكومية وغير الحكومية، وبشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان. وهي استراتيجية تقوم على إدماج العنصر الاجتماعي في مختلف السياسات والبرامج التنموية، وتقليص الفوارق القائمة بين الجنسين على صعيد الأوضاع الاقتصادية والمشاركة السياسية للمرأة اعتماداً على نهج شامل ومندمج يضمن التنسيق والتكامل بين تدخلات كافة الفاعلين.

66- وفي هذا الإطار ولأول مرة تم إدماج تقرير خاص حول العنصر الاجتماعي داخل التقرير الاقتصادي والمالي المرافق لقانون المالية وهو مسلسل يندرج في إطار إصلاحات الميزانية الهادفة إلى تدبير مرتكز على النتائج يعتمد مقاربة النوع الاجتماعي.

67- وهذا المشروع يأتي ضمن برنامج أوسع سهر على تنفيذه صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، في عشرين بلداً بعنوان "دعم الحكامة الاقتصادية: تطبيق التحليل بمقاربة النوع في الميزانية الحكومية"، بهدف دعم القدرات الوطنية من أجل إدماج مقاربة النوع في الميزانيات القطاعية. وقد أنجز المغرب لأول مرة تقريراً وفق مقاربة النوع تم إلحاقه بالتقرير الاقتصادي والمالي الذي رافق مشروع القانون المالي لسنة 2006.

68- ولحماية المرأة من كافة مظاهر العنف والإقصاء تم اعتماد استراتيجية لمحاربة العنف ضد النساء بشراكة بين القطاعات الحكومية ومراكز الاستماع والإرشاد القانوني للنساء وفعاليات المجتمع المدني الفاعلة في هذا المجال. ومن آليات هذه الاستراتيجية وضع رقم أخضر وطني مجاني لفائدة النساء والفتيات ضحايا العنف، مهمته استقبال مكالمات المشتكيات بمختلف اللغات العربية والأمازيغية وغيرهما، ويمكن هذا الرقم من استقبال المكالمات المستعجلة وفق نظام زمني يعمل بالمياومة حتى منتصف الليل وطيلة أيام الأسبوع، ويعمل على تسجيل الشكايات وتوجيهها إلى الهي ئ آت المؤسساتية المتعاونة بما فيها الصحة، والعدل، والأمن الوطني والدرك الملكي بالنسبة للحالات المستعجلة وإلى مراكز الاستماع والتوجيه والإرشاد للنساء ضحايا العنف.

69- كما تم في نفس الاتجاه إحداث المرصد الوطني لمحاربة العنف ضد النساء، وهو بنية تنسيقية أحدثت تفعيلاً للاستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف ضد النساء هدفه الرصد وتجميع المعطيات والبيانات الكمية والنوعية حول تفشي ظاهرة العنف ضد النساء ودراستها واقتراح الحلول المناسبة حسب الحالات.

70- ومن التدابير التطبيقية للوقاية من العنف الأسري:

( أ ) إحداث أقسام الأسرة بالمحاكم الابتدائية والتي يصل عددها حالياً إلى ما يناهز 67 قسما ً ؛

( ب ) تطويق العنف الأسري على مستوى النيابات العامة، وفي هذا الصدد أصدرت وزارة العدل دورية تتضمن توصيات للنيابات العامة تمخضت عن النتائج التالية:

تعميم تكوين خلايا استقبال النساء المعنفات على مستوى المحاكم؛

التنسيق بين النيابات العامة والجمعيات الحقوقية في مجال محاربة العنف ضد النساء؛

ضمان مساعدة النساء في المجال القضائي ومساندتهن معنويا؛

رصد الظاهرة من خلال استمارات لضبط الاحصائيات في هذا المجال؛

الاستفادة من التجارب الدولية الرائدة في مجال مكافحة العنف ضد النساء، ومنها التجربة الإسبانية التي استفاد منها عدد من قضاة وأطر وزارة العدل، إضافة إلى عدد من أطر القطاعات الحكومية المعنية بمكافحة العنف ضد النساء.

71- ومن المشاريع القائمة الآن في مجال محاربة العنف ضد النساء:

إحداث مراكز مختصة لإيواء النساء ضحايا العنف مع بحث سبل التكفل تشاركياً بالطرف الجاني نفسياً إذا اقتضى الأمر ذلك ؛

الاستعانة بالمساعدات الاجتماعيات على مستوى المحاكم ؛

تكثيف حملات التوعية بخطورة الظاهرة ووسائل التصدي لها. غير أنه ورغم هذه المجهودات التي تم بذلها على مستوى تطويق العنف الأسري بالمحاكم، فإنها ما زالت تواجه تحديات ترتبط بعدم توفر العدد الكافي من القضاة والأطر البشرية المؤهلة والإمكانيات الكافية.

الحماية الصحية للمرأة

72- لتوفير حماية صحية فعالة للمرأة تم إحداث مجالات إقليمية للنساء، تعمل على تنسيق ودعم الجهود المحلية في مجالات حيوية بالنسبة لأوضاع المرأة، كالصحة الإنجابية ومحاربة الأمية والتدريب المهني والأنشطة المدرة للدخل. ولقد تم الشروع الفعلي في إعمال هذا النهج عبر إنشاء المجال الإقليمي لنساء مدينة ورزازات ومنطقتها، وذلك في إطار مخطط يتوخى تعميم هذه الفضاءات تدريجياً على مختلف جهات المملكة.

مشاركة المرأة في تدبير الشأن العام

73- تضطلع المرأة المغربية بعدة أدوار في سائر مناحي الحياة واقتحمت في المدة الأخيرة عدة مراكز اجتماعية كانت حكراً على الرجل، حيث أضحى مبدأ المساواة هو الأساس في تقلد المناصب.

التوعية بحقوق المرأة

74- في إطار النهوض والتوعية بحقوق المرأة، تم خلق مركز مغربي للإعلام والتوثيق والدراسات حول المرأة (CMIDEF) وذلك بمبادرة من كتابة الدولة المكلفة بالأسرة، تتمثل أهدافه في دعم السياسات الوطنية الخاصة بحقوق المرأة، وذلك من خلال إنشاء مصالح تقنية متعددة الاختصاصات، تقوم بمركزة وتقييم كل الأنشطة التي تتعلق بالمرأة خاصة في ميادين الدعم القانوني والشغل والإدماج الاقتصادي والصحة والتربية.

75- ولتحسين صورة المرأة في الإعلام تم وضع ميثاق وطني يشكل قاعدة أخلاقية يتم اعتمادها من أجل إنصاف المرأة والرجوع إليها لتحديد الشكل الذي يمكن أن يكون بموجبه الإعلام الوطني بكافة أطيافه إعلاماً عادلاً ومنصفاً في حق المرأة ومحترماً لكيانها ورمزيتها. وقد توجت مختلف المجهودات المبذولة في مجال النهوض بحقوق المرأة ب اختيار المغرب من طرف الأمم المتحدة ضمن لائحة الدول الست عشر التي استفادت من الدعم الأمريكي في إطار "منحة التحدي للألفية" خلال السنة المالية 2006.

وضعية حقوق الطفل

76- حرصاً على بذل المزيد من الجهود للنهوض بأوضاع الفئات الهشة، أولى المغرب عناية خاصة لوضعية الأطفال عبر اتخاذه مجموعة من التدابير الرامية إلى حماية هذه الفئة من المجتمع، في مقدمتها تفعيل الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل والانضمام إلى البروتوكولين ال اختيار يين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل. كما تمت المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138(1973) بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام والاتفاقية رقم 182(1999) بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها والتوصية رقم 190(1999) بشأن حظر أسوأ أشكال عمل ا لأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها. وقد حدد مرسوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2004 لائحة للأعمال الممنوعة على الأحداث دون 18 سنة والنساء والأجراء المعاقين بشكل يتلاءم مع المواثيق الدولية.

77- ووعياً من المغرب بوضعية الأطفال غير المرافقين، انكبت لجنة وطنية تضم عدة قطاعات وزارية عهد إليها بإعداد آليات عملية لإنقاذ وحماية الأطفال المغاربة غير المرافقين والموجودين في وضعية غير قانونية في بعض الدول الأوروبية كإسبانيا وإيطاليا، حيث تم في هذا الاطار القيام بدراسة وتشخيص لهذه الظاهرة. كما تم أيضاً تطبيق مذكرة تفاهم بتاريخ 23 كانون الأول/ديسمبر 2003 بين المغرب وإسبانيا تقضي بقيام كلا الدولتين بترحيل الأطفال غير المرافقين نحو بلدانهم الأصلية، هذا ويواصل المغرب جهوده للنهوض بأوضاع هذه الفئة من الأطفال ضماناً لحياة كريمة لهذه الشريحة الهامة من المجتمع.

78- ولضمان الحماية والكرامة الإنسانية لأطفال الشوارع، فإن المملكة تبذل جهوداً هامة في هذا المجال بتعاون مع جمعيات المجتمع المدني المهتمة بتحسين وضعية هذه الفئة من الأطفال الذين يتعاطون بعض الممارسات السلبية كالمخدرات ويعيشون أوضاعاً صعبة، وهو ما يطرح إشكالية أساسية في هذا الباب تتعلق بالتعامل مع الأطفال الذين تساهم مجموعة من العوامل في الدفع بهم إلى الشارع بدءاً من الأسرة، ويتطلب استحضار هذا البعد في معالجة هذه الظاهرة في اطار الاستراتيجيات المستقبلية وبذل مجهود أكبر لصالح هذه الفئة من الأطفال.

79- وعلى صعيد الاستراتيجيات والسياسات في مجال حقوق الطفل: وضع المغرب خطة عمل وطنية للطفولة 2006-2015 تحت عنوان "مغرب جدير بأطفاله" ترمي إلى النهوض بحقوق الطفل في مجالات الصحة والتربية والتعليم.

80- وعلى مستوى التشريع، عززت المملكة المغربية في الآونة الأخيرة ترسانتها القانونية بعدد من المستجدات التشريعية تنسجم مع المعايير الدولية المتعلقة بحقوق الطفل منها:

خلق قضاء خاص بالأحداث الجانحين؛

منع قيام الأطفال في المجال الفني بالألعاب الخطيرة التى تؤثر على الصحة والأخلاق (المواد 14 إلى 17 من قانون الفنان)؛

رفع سن الرشد الجنائي إلى 18 سنة؛

رفع ال سن الأدنى لتشغيل الأطفال إلى 15 سنة؛

إحداث أجهزة متخصصة في معاملة الأحداث على مستوى الشرطة القضائية والنيابة العامة وقضاء الأحداث؛

إجبارية التصريح بالولادات؛

إسناد أسماء الأب والأم للأطفال المزدادين خارج إطار الزواج ؛

تبني قانون حول كفالة الأطفال المهملين يسهل مساطر الكفالة ويضمن الرعاية لهؤلاء الأطفال دون تمييز ؛

كفالة الحق في الجنسية المغربية للطفل من أب مغربي أو أم مغربية.

81- ولضمان حماية أفضل للأشخاص المعوقين والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بذل المغرب جهوداً هامة في سبيل تدعيم ترسانته القانونية لحماية مصالح هذه الفئة فسن قوانين منها:

القانون الخاص بالحماية الاجتماعية للمكفوفين وضعاف البصر؛

القانون المتعلق بحماية الأشخاص المعاقين؛

القانون المتعلق بالولوجيات .

82- كما تم إحداث قطاع حكومي وزاري مكلف بالأشخاص المعاقين منذ 1994 أعد مجموعة من البرامج لفائدة هذه الشريحة من المجتمع من بينها:

برنامج التأهيل المجتمعي؛

برنامج الإدماج المدرسي للأطفال في وضعية الإعاقة؛

برنامج المساعدات بالمعينات التقنية للأطفال المعاقين المنحدرين من أسر فقيرة؛

البرنامج الخاص بدعم الجمعيات العاملة في ميدان الإعاقة والتكفل بالأطفال.

83- ولتمتيع الأطفال ذوي الإعاقة في حقهم في التعليم، مكنت الاستراتيجية المتبعة من طرف وزارة التربية الوطنية مند سنة 2004 بشراكة مع القطاع المعني بوضعية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من زيادة نسبة التحاق هؤلاء الأطفال بالمدارس، حيث تطور عدد تلاميذ الأقسام المدمجة من 611 مستفيداً سنة 2000 إلى 093 2 مستفيد سنة 2006،كما تطور عدد الأقسام المدمجة من 47 قسم سنة 2000 إلى 432 سنة 2006 ، كما يمتد هذا البرنامج إلى السجناء ذوي الإعاقات من أجل ضمان حقهم في التعليم.

بخصوص المكون الأمازيغي

84- وانسجاماً مع الملاحظات الختامية للجنة (CERD/C/62/CO/5)، الفقرة 18، بخصوص تقوية اندماج المكون الأمازيغي مع باقي مكونات المجتمع، فإن المملكة المغربية تؤكد بأن شعبها شعب واحد بهوية واحدة غنية بروافدها ومكوناتها الثقافية والحضارية: العربية والأمازيغية والأندلسية وال أ فريقية، الإسلامية والمسيحية واليهودية، فهو بلد يعيش الوحدة في إطار التعدد الذي يغني الخصوصية تمتزج في دماء المغاربة منذ قرون الأصول العربية والأمازيغية، فهم شعب واحد تتداخل وتترابط أواصره.

85- فالسياسة التي ينهجها المغرب تجاه المسألة الأمازيغية لا  تدمج هذه المسألة في إطار مناهضة التمييز العنصري بل في إطار مشروع مجتمع ديمقراطي يقوم على بناء الدولة العصرية القائمة على المساواة والتكافل الاجتماعي والوفاء للروافد الأساسية للهوية الوطنية، هذه السياسة التي تعتز بالأمازيغية كمكون أساسي في الشخصية الوطنية وفي الهوية الثقافية للشعب المغربي، وبالتالي فإن المحافظة والنهوض بها هي مسؤولية وطنية تقع على الجميع وليس مجرد شأن محلي أو جهوي.

86- وسيكون من الخطأ النظر إلى الأمازيغية على أنها قضية إثنية أو عرقية تخص شعباً أصلياً في بلادنا، بل تعتبر كما قال جلالة الملك في خطاب أ غا دير "ملك لجميع المغاربة بدون استثناء"، فالمغاربة بمختلف أصولهم شعب واحد يتمتعون بنفس الحقوق ويتحملون نفس الواجبات ويسجل المغرب بكل اعتزاز أن العديد من أبنائه من أصل أمازيغي يساهمون بحنكة ومهنية مشهود لها ووطنية صادقة في تسيير شؤون البلاد من خلال مناصبهم السامية كوزراء وكتاب عامين وأمناء أحزاب وبرلمانيين وضباط سامين في الجيش وسفراء، أو من خلال تسييرهم للنسيج المقاولاتي والنسيج الاقتصادي الوطني.

87- ومن هذا المنظور ولتعزيز الأمازيغية كمكون وطني وثقافي واجتماعي تم ا تخاذ جملة من التدابير أبرزها إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بتاريخ 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2001 الذي يعتبر إحداثه خطوة كبرى تكرس الحقوق الثقافية بالمغرب وتدعم التنوع. ويتولى المعهد تعميق البحث في الثقافة الأمازيغية والعمل على إغنائها كمكون أساسي للثقافة الوطنية والثراث الثقافي، ومن مهام هذه المؤسسة:

الإسهام في إعداد برامج للتكوين الأساسي والمستمر لفائدة الأطر التربوية المكلفة بتدريس الأمازيغية والموظفين والمستخدمين الذين تقتضي مهنتهم استعمالها وبوجه عام كل من يرغب في تعلمها ؛

مساعدة الجامعات على تنظيم المراكز التي تعنى بالبحث والتطوير اللغوي والثقافي الأمازيغي وعلى تكوين المكونين ؛

دراسة التعابير الخطية الكفيلة بتسهيل تعليم الأمازيغية عن طريق:

إنتاج المواد التعليمية اللازمة لتحقيق هذه الغاية وإعداد معاجم وقواميس متخصصة ؛

إعداد خطط عمل بيداغوجية في التعليم العام بانسجام مع السياسة العامة التي تنهجها الدولة في ميدان التربية الوطنية.

88- ومباشرة بعد تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تم تبني حرف تيفيناغ الذي قام المعهد بتقعيده وتنميطه ليصبح اسمه بعد ذلك مقروناً بهذه المؤسسة "تيفيناغ ايركام"، وبهذا العمل يكون المغرب قد حسم بكيفية عملية في مسألة كتابة الأمازيغية بحرفها الطبيعي الذي دخل اليوم المجال المعلوماتي من بابه الواسع حيث وافقت المنظمة الدولية للتنميط Unicode-ISO بالإجماع على تبني رموز تيفيناغ ضمن النظام الدولي للأبجديات المقننة.

89- هذا وبهدف إدماج اللغة والثقافة الأمازيغيتين في البرامج والمناهج التعليمية، وقع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر اتفاقية شراكة نصت على إحداث لجنة مشتركة للتنسيق والتتبع والتقويم، حيث تم الشروع في تدريس الأمازيغية بموجب هذه الاتفاقية مع بداية العام الدراسي 2003/2004 في حدود 5 في المائة من المؤسسات التعليمية، على أساس أن يسير الإدماج وفق وتيرة متدرجة تتوخى التعميم بصيغتيه الأفقية والعمودية، لتصل خلال العام الدراسي 2006/2007 السنة الرابعة من التعليم الابتدائي بخريطة مدرسية تغطي 30 في المائة من المؤسسات التعليمية.

90- كما تم الشروع منذ منتصف خريف سنة 2003 في إنجاز الأدوات البيداغوجية الخاصة بتدريس اللغة الأمازيغية في السنة الأولى من التعليم الابتدائي بإعداد كراسة "أوال إينو"، وهي عبارة عن جذاذات تربوية معززة بشريط صوتي يحتوي على جميع النصوص المدرجة في الكراسة المذكورة.، وفي منتصف شهر نيسان/أبريل أبريل من السنة الدراسية 2003/2004 صدر أول كتاب مدرسي للأمازيغية بالمؤسسات العمومية، وبذلك تم تدشين أول مجموعة تربوية رسمية تحت اسم "تيفاوين أتامازيغت" تتضمن كتاب التلميذ والدليل التربوي للأستاذ صدر منها لحد الآن أربع مستويات ، وبالموازاة مع الكتاب المدرسي أصدر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مجموعة مهمة من المعينات والمواد التعليمية الضرورية لضمان استغلال ناجع لهذه المجموعة التربوية. وبالنسبة للتعليم العالي فقد تم الشروع في إدراج الدراسات الأمازيغية في إطار الماستر بكلية الآداب ب أغادير خلال العام الدراسي 2006/2007.

91- ولإدماج الأمازيغية في الفضاء الإعلامي قام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بشراكة مع وزارة الاتصال ببلورة استراتيجية تضمن مواكبة إدماج الأمازيغية في النسيج الإعلامي وخاصة في الفضاء السمعي البصري بشراكة مع وزارة الاتصال.

92- ولضمان الحفاظ على الهوية الأمازيغية، ومراعاة لملاحظات لجنة مناهضة التمييز بخصوص المسألة المتعلقة بتدوين الأسماء الشخصية الأمازيغية في سجلات الحالة المدنية، فإن أقسام الحالة المدنية بالجماعات والمقاطعات أصبحت تستجيب لطلبات تسمية الأسماء الأمازيغية، وفي حالة وجود أي خلاف يرفع الأمر إلى اللجنة العليا للحالة المدنية التي تتولى الفصل في الموضوع وقد تلقت هذه اللجنة عدة طلبات ترمي إلى إدراج بعض الأسماء ذات الأصل الأمازيغي لتنظر فيها على ضوء النصوص القانونية المنظمة للحالة المدنية واستناداً إلى مبدأ أساسي هو مبدأ مغربية الإسم في إطار الاعتراف بالهوية المتنوعة للمجتمع المغربي وبالطابع متعدد الروافد للثقافة المغربية قبلت اللجنة العديد من الأسماء ذات الطابع الأمازيغي نذكر منها: أمازيغ، أملال، أوس، إدير، تسنيم، تودلى، تيفاوت، ماسينيسا، ونوميديا.

المادة 3

93- ما فتئت المملكة المغربية، وكما سبق لها أن أكدت في تقاريرها الوطنية السابقة، تشجب بشدة وتحارب كل أشكال التمييز العنصري، فتشريعاتها تمنع كل الممارسات التي تسعى إلى التفرقة العنصرية بين أقاليمها أو مكوناتها البشرية أو الثقافية.

94- ووعياً منها بضرورة توفير تنمية فعلية ومتوازنة لمختلف أقاليم وربوع المملكة فقد تم إيلاء الأقاليم الصحراوية المغربية عناية خاصة منذ سنة 1976 تمثلت في برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على صعيد العمران والصحة والتعليم والبنيات الأساسية والإدارة والاقتصاد والخدمات والرياضة والثقافة.

95- وتتكامل أهداف هذه المبادرة مع الاستراتجية التي ينهجها المغرب بخصوص ضمان تمتع جميع المناطق بالبنيات والتجهيزات الأساسية، وهو ما جسده عبر اعتماده لسياسة الإقليمية منذ سنة 1990 حيث تم تقسيم المملكة إدارياً إلى 16 إقليماً لها مجالس إقليمية تسهر على تنفيذ البرامج التنموية للجهة، حيث ترصد لكل جهة ميزانية تمكنها من تنفيذ برامجها، وهو ما انعكس ايجاباً على مستوى تدبير الموارد المحلية على صعيد كل جهة وذلك بهدف خلق توازن وتكامل بين مختلف جهات المملكة.

96- إن التجربة التي عرفها المغرب على المستوى الإقليمي جعلته يتبنى منظوراً جديداً للجهوية يتجاوز فيه البعد الترابي إلى بعد سياسي يمكن من ممارسة ديمقراطية محلية، وهو الإطار الذي قدم المغرب من خلاله مقترحه الخاص بالحكم الذاتي كحل سلمي لتمكين سكان الصحراء المغربية من المساهمة في تحقيق تنمية محلية مستدامة تكون في خدمة المواطنين الصحراويين.

97- وتواصل الحكومة المغربية، بالتعاون مع مختلف الشركاء، العمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تمكين سكان الأقاليم الصحراوية من ممارسة كافة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتمتع بها، كما أن هذه الأقاليم تحظى بعناية خاصة ضمن برامج المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية، كما تحظى بوكالة خاصة تسهر على النهوض بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

98- في هذا السياق عملت وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليم الجنوب منذ إحداثها بتاريخ 6 آذار/مارس 2002 على إعداد مخطط للتنمية المندمجة يتضمن سلسلة برامج طموحة من شأنها أن تجعل من هذه المناطق قطباً اقتصادياً يتميز بخصوصيته الجهوية التي تتكامل مع باقي الجهات لما فيه صالح المواطن المغربي حيثما كان في الشمال أو الجنوب بدون ميز ولا فرق كما يؤكد على ذلك الدستور.

99- ويشتمل برنامج الوكالة لفترة 2004-2008 على حوالي 226 مشروعاً بقيمة تقارب 8 مليار درهم موزعة على 6 محاور:

1- السكن غير اللائق وبناء السكن الاقتصادي في حدود 824 9 مسكناً موزعة على جهتي وادي الذهب لكويرة ولعيون بوجدور الساقية الحمراء مع تجهيز بعض الأحياء بكلميم السمارة وبناء 500 مسكن اقتصادي بأسا الزاك وأوسرد وطانطان؛

2- قرى الصيد التقليدي والساحلي؛

3- الماء والبيئة، وتهم هذه العملية تزويد الساكنة بالماء الشروب من خلال بناء قنوات الربط وحفر الآبار والثقوب المائية وتحلية مياه البحر؛

4- شق الطرق وبناء الموانئ وتعميم الكهرباء؛

5- الاهتمام بالسياحة المحلية والصناعة التقليدية الجهوية؛

وقد بلغت قيمة الجزء المبرمج إنجازه خلال (2006 -2007) 3 . 06 مليار درهم تتحمل منها الوكالة 26 . 1 مليار درهم أي حوالي 40 في المائة.

100- ويمكن تجميع نتائج مختلف المبادرات في هذه المناطق في المحاور التالية:

1- محور البنيات التحتية: تتوفر هذه المناطق على هذا المستوى على المرافق والخدمات التالية:

( أ ) مطاران رئيسيان ؛

( ب ) ثلاثة موانئ رئيسية ؛

( ج ) شبكة من الطرق الوطنية تصل إلى 883 5 كيلو متر منها 203 2 كيلو متر مرصفة ؛

( د ) الربط بالماء الشروب تصل خدماته إلى 90 في المائة ؛

( ) الربط بالكهرباء تصل خدماته إلى 80 في المائة.

2- محور التجهيزات السوسيو تعليمية والثقافية: تتوفر هذه المناطق على هذا المستوى على خدمات هامة إذ:

( أ ) تبلغ نسبة تمدرس الأطفال حالياً 82 في المائة موزعة على 78 مؤسسة تعليمية إضافة إلى مركز لتكوين المعلمين والمعلمات وعدة مراكز للتكوين والتأهيل المهني.

( ب ) تضم هذه المناطق في مجال الخدمات الثقافية والرياضية والشبابية والنسوية، أربعة مراكز ثقافية وثلاثة مركبات رياضية و13 دار للشباب و15 نادياً نسائياً، وهي منجزات تحتاج إلى م جهودات أكبر سيعمل المغرب مستقبل اً على استكمالها في هذا المجال.

3- محور التجهيزات الصحية: تتوفر الجهة على ثمانية مستشفيات و21 مركزاً صحياً و15 مؤسسة علاجية، وتصل نسبة التأطير الطبي إلى طبيب واحد لكل 253 2 نسمة.

4- محور السكن: عرف المجال العمراني بأقاليم الصحراء المغربية تطوراً كبيراً ومتصاعداً ظهرت بموجبه مدن جديدة في أقل من 30 سنة، كما تحسنت نوعية السكن، وتواصل الحكومة جهودها في هذا المجال من خلال برامج لمحاربة السكن غير اللائق وبناء السكن الاقتصادي وتجهيز الأحياء والمدن. وفي هذا الإطار تم القضاء على دور الصفيح بمخيم الوحدة بالعيون كما تم وضع برنامج يهدف إلى القضاء على السكن العشوائي وتأهيل النسيج العمراني بالأقاليم الصحراوية وقد حددت التكلفة ال إ جمالية لهذا البرنامج بما يناهز 414 1 مليار درهم ممولة من طرف الدولة كما سيستفيد من هذا البرنامج خلال سنة 2009 ما يقارب 750 44 أسرة موزعة على مختلف الأقاليم والمدن الجنوبية.

5- محور الخدمات: تواصل الحكومة تقديم الخدمات لساكنة هذه المناطق وتوسيعها وتنويعها من خلال إجراء الدراسات لمواجهة ظاهرة التصحر وزحف الرمال وتقديم القروض لدعم المشاريع الصغرى والمتوسطة ودعم المجتمع المدني مادياً ومعنوياً، ودعم المواد الطاقية ومواد الاستهلاك، والمساهمة في إيجاد حلول عملية لتشغيل الشباب العاطل ودعم الإعلام الجهوي المكتوب من خلال منابر إعلامية سمعية (إذاعتي الداخلة والعيون) والمرئية من خلال القناة التلفزية الجهوية بالعيون التي تتم إدارتها بواسطة الشباب حملة الشواهد من أبناء المنطقة.

101- إن تنوع الثقافات المحلية وتفرعها بين عادات وتقاليد الشمال والجنوب والوسط والأطلس والصحراء، بين عرب وأمازيغ لم تكن يوماً عامل تفرقة بل عوامل وحدة، وهي القاعدة العامة التي يخضع لها الجميع وينعم بها الجميع بما في ذلك المواطنون سكان أقاليم الصحراء الذين يتقاسمون مع إخوانهم هذا المبدأ فيحظون بنفس العناية من حيث التعامل أو توجيه الاستثمار أو فرص الشغل حرصاً على تساوي ظروف العيش واستثمار الطاقات وتقاسم الثروات.

102- وحيث إ ن التنمية المستدامة تقتضي إشراك الفاعلين المحليين في اتخاذ المشاريع ورسم البرامج التي ترمي تحقيق هذه التنمية، فإن المغرب وبمبادرة من جلالة الملك قام بإحداث المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية سنة 2006 يتألف من ممثلين عن أكثر من 40 قبيلة في الصحراء المغربية إلى جانب ناشطين بارزين في حقوق الإنسان وممثلين لمنظمات المجتمع المدني.

103- ويضطلع المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية بعدة مهام يتداخل فيها البعد الوطني السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فعلاوة على الدور الاستشاري لهذا المجلس بخصوص القضايا التي تهم الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، يمكنه إبداء آ راء استشارية تخص التنمية البشرية وتقديم اقتراحات بخصوص المبادرات والمشاريع المتعلقة بضمان التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية بتنسيق مع جميع الهيئات الوطنية والمحلية، وهو ما يوضح البعد الوطني للقضية الصحراوية التي لا  تخص فئة معينة بذاتها، بل هي تنصهر في بعدها الوطني كمكون من مكونات المجتمع وكمجال ترابي ضمن الوحدة الترابية للمملكة وكرافد ثقافي ضمن المشهد الثقافي المغربي.

104- وتشكل الأقاليم الصحراوية بالنسبة للمملكة جزءاً لا  يتجزأ من أقاليمها يحظى سكانها، باعتبارهم مواطنين مغاربة كباقي اخوانهم في باقي ال أ قاليم بنفس المعاملة ويخضعون لنفس القوانين، لهم نفس الحقوق والواجبات، لا  سيما على مستوى ضمانات المحاكمة العادلة والسلامة الشخصية وحرية التنقل والتعبير والمبادرة، فلا يعتقل أحد ولا يحاكم إلا طبقاً للقانون. ولما كانت دولة القانون تفرض خضوع الجميع لسلطة هذا الأخير، فإن إيقاف ومحاكمة بعض سكان هذه الأقاليم بسبب التجمهر دون رخصة تم في نطاق القانون، ومن ثم فإن المحاكمات التي كان أطرافها مغاربة صحراويون هي محاكمات عادلة تمتع أصحابها بكافة الضمانات القانونية طالما أن الأفعال التي ارتكبوها تخضع لمساءلة القانون الذي يخضع له الجميع دون تمييز أو استثناء.

المادة 4

105- إيماناً بقيم حقوق الإنسان السامية، ودفاعاً عن مبدأ المساواة الذي يفترض نبذ كل فكر تمييزي يستهدف التهميش والإقصاء، يتصدى المغرب بكافة الطرق والوسائل لكل الدعايات والأفكار القائمة على أساس عنصري.

106- وإن التزام المغرب دستورياً بمبادئ حقوق الإنسان تجعله يحرص على السهر باستمرار على ضمان المبادئ المتعارف عليها عالمياً وصيانتها قانونياً من خلال تأطير هذه الحقوق، وفرض الاحترام اللازم لها أساساً عبر فرض عقوبات جزائية عن كل خرق لها.

107- ويندرج في هذا الإطار ما نص عليه الفصل 39 مكرر من قانون الصحافة المعدل بتاريخ 3 تشرين الأول /أكتوبر 2002 الذي شجب ومنع كل تحريض على التمييز العنصري يتم بإحدى الوسائل العلنية أو الخطب أو أثناء التجمعات العمومية أو في الأماكن العمومية، وعاقب هذه الأفعال بعقوبة حبسية تتراوح مدتها مابين شهر وسنة وبغرامة مالية تتراوح ما بين 000 3 درهم و 000.30 30 درهم.

108- ويسري هذا المنع في مواجهة أفعال التحريض على ممارسة التمييز العنصري كما نصت على ذلك المادة 4 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري على الفاعلين الرئيسين الذين ارتكبوا هذه الأفعال، وكذا تجاه المشاركين الذين قد تقتصر تدخلاتهم على مستوى تقديم المساعدة للأنشطة العنصرية بما في ذلك تمويل هذه الأنشطة، حيث يخضع المشارك لنفس العقوبة المقررة لهذه الجريمة، وهي المقتضيات التي حافظ عليها وزاد من تقوية ضماناتها القانونية مشروع قانون الصحافة الذي ينتظر استكمال الإجراءات المسطرية لإحالته على البرلمان حتى تتم المصادقة عليه ويصير قانوناً ساري التنفيذ.

109- ولقد تعامل القضاء المغربي من جهته بحزم وصرامة مع هذه الدعوات التحريضية على التمييز، وهو ما يتضح من خلال الأحكام الصادرة في الموضوع ونسوق كمثال عليها الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بورزازات بتار ي خ 12 كانون الثاني/يناير 2007 حيث تمت متابعة أحد الأشخاص بجنحة التحريض على التمييز طبقاً للفصل 39 مكرر من قانون الصحافة.

110- ويؤكد هذا الحكم انخراط القضاء المغربي في النسق العالمي الرامي إلى تعزيز حقوق الإنسان بمفهومها العالمي وحرصه على تطبيق أحكام الاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها اتفاقية مناهضة التمييز، حيث أصبح القضاء يثير موضوع التمييز العنصري كلما بلغ إلى علم النيابات العامة على صعيد المحاكم وجود ممارسة عنصرية.

111- وفي هذا الإطار قامت النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بطنجة باستدعاء مدير ورئيس تحرير جريدة "الشمال" على إثر نشر هذه الأخيرة في عددها 283 لسنة 2005 مقالاً يسيئ إلى الأفارقة. ولقد تم الاستماع إلى رئيس تحرير الجريدة من طرف النيابة العامة حيث أكد بأن الأمر لا  يعدو أن يكون مجرد خطأ مهني في اختيار العنوان، ونشرت الجريدة اعتذاراً عن ذلك في ثلاث من صفحاتها،كما تقدمت النيابة العامة بمقال إلى رئيس المحكمة بصفته قاضياً للأمور المستعجلة تطلب منه فيه إصدار أمر بسحب العدد المشار إليه من السوق حيث قامت عناصر من الضابطة القضائية بسحب العدد المذكور من الأكشاك والمكتبات.

112- وعلى مستوى آخر يعمل المشرع المغربي على توسيع تطبيق هذا المنع على أكثر من مستوى لا  سيما من خلال قانون الجمعيات الذي أدخلت عليه تعديلات مهمة بتاريخ 23 تموز/يوليه 2002 حيث منع هذا القانون تأسيس الجمعيات على أساس تمييزي وهو ما نص عليه أيضاً قانون الأحزاب السياسية المصادق عليه مؤخراً.

113- وفي هذا الإطار فإنه ووفقاً لما دعت إليه اتفاقية مناهضة التمييز نص الفصل 3 من قانون الجمعيات على بطلان كل جمعية يتم تأسيسها لأغراض عنصرية أو تدعو إلى شكل من أشكال التمييز، كما يؤكد الفصل 17 من هذا القانون على نفس القاعدة بخصوص الجمعيات ذات الصبغة السياسية حيث يشترط فيها عدم مخالفتها لمقتضيات الفصل الثالث السالف الذكر، مما يعني عدم جواز تأسيس الجمعيات السياسية التي تدعو إلى التمييز.

114- هذا وقد رتب القانون المؤسس للجمعيات على مخالفة هذه القواعد القانونية التي تحمي في جوهرها مبدأ المساواة وتمنع كل أشكال التمييز عقوبات جزائية تضمن فرض الالتزام بأحكامها، فبالإضافة إلى الجزاء المدني المتمثل أساساً في بطلان الجمعية، هناك جزاء زجري تعرضت له مقتضيات الفصل 20 الذي يعاقب كل شخص يرتكب هذه الجرائم بعقوبات مالية تصل إلى عشرة آلاف درهم.

115- ولا ينحصر شجب المغرب للتمييز على مستوى الدعايات العنصرية فحسب، بل يمتد إلى كل مظاهر التمييز بما فيها إقامة وتأسيس التنظيمات السياسية القائمة أو الداعية إلى التمييز أو التفوق العنصري، حيث أصبح شجب التمييز يلقي بظلاله على الحياة السياسية أيضاً وذلك من خلال منع تأسيس أحزاب سياسية على أساس تمييزي. وفي هذا الإطار نصت المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية الصادر في سنة 2007 على بطلان أي حزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي أو يقوم بكيفية عامة على أساس تمييزي أو مخالف لحقوق الإنسان. ويعتبر القانون المغربي المؤسسات التي تنبني على التمييز أو تدعو له باطلة ويعاقب على إنشائها، كما يعتبر المشاركة فيها عملاً مخالفاً للقانون.

116- وضماناً لتطبيق هذه المقتضيات من طرف الأحزاب السياسية نص المشرع على ضمانات قانونية كفل بمقتضاها فرض الاحترام اللازم لها، وهو ما يتضح من خلال الجزاء القانوني المترتب على مخالفة مقتضيات المادة الرابعة السالفة الذكر والمتمثل في إبطال الأحزاب المخالفة، حيث يحق للنيابة العامة وكذا لكل شخص يعنيه الأمر تقديم طلب لدى المحكمة الإدارية يرمي إلى إبطال الحزب الذي يقوم على أساس تمييزي، ويمكن للمحكمة أن تأمر احتياطاً إلى حين الفصل في موضوع الدعوى بإغلاق مقار الحزب، وهو المقتضى الذي نصت عليه المادة 53 من قانون الأحزاب.

117- وفي الواقع فإن المغرب ليس فيه أحزاب سياسية قائمة على التمييز، ذلك أن الأحزاب السياسية المغربية هي أحزاب تجمع في مكوناتها مختلف المغاربة أمازيغ وعرباً مسلمين ومسيحيين ويهود. وعلى هذا الأساس قامت السلطات المغربية بمنع تأسيس أحد الأحزاب السياسية ويتعلق الأمر بالحزب الديمقراطي الأمازيغي الذي أصدر القضاء المغربي بشأنه حكماً قضائياً قضى ببطلان تأسيسه لكونه ينبني على أصل عرقي وهو ما لا  يسمح به لا  قانون الأحزاب السياسية ولا المواثيق الدولية. وفي مقابل منع تأسيس هذا الحزب منحت السلطات الإدارية المغربية عدة قرارات بالموافقة على تأسيس أحزاب سياسية جديدة.

المادة 5

المعاملة المتساوية أمام المحاكم والهيئات المكلفة بإقامة العدل

118- يخضع المتعاملون مع المحاكم لمبدأ أساسي هو المساواة، وقد كرس القضاء المغربي دوره في تحقيق هذا المبدأ بين المتقاضين من خلال تمتيع الجميع بالحق في الدفاع والمحاكمة العادلة دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو اللغة أو العرق أو غير ذلك. ففي المجال الجنائي كرس قانون المسطرة الجنائية هذا الحق من خلال تنصيصه على إجراءات مسطرية، توافق المعايير المتعارف عليها دولياً، وتحقق مساواة الجميع في التمتع به، ذلك أن القوانين الجنائية، الموضوعية منها والإجرائية، لا  تنظر إلى المتهم إلا بهذه الصفة، دون مراعاة انتمائه إلى جنس أو عرق أو عقيدة معينة، وهكذا مثلاً بالنسبة للمتهمين (مغاربة أو أجانب ) ممن لا  يتحدثون اللغة العربية، لغة التقاضي الرسمية، يكون القاضي ملزماً بالاستعانة بمترجم أو بشخص يجيد التخاطب معهم، سواء كان ذلك أثناء التقديم أمام النيابة العامة (المادة 47 من قانون المسطرة الجنائية) أو أثناء المحاكمة (المادة 318 من قانون المسطرة الجنائية).

119- واحتراماً ل تلك القواعد، يخضع القانون أعمال ضباط الشرطة القضائية لمراقبة مباشرة من طرف القضاء، سواء من طرف قضاة النيابة العامة أثناء مرحلة البحث التمهيدي، أو أثناء مرحلة المحاكمة من طرف قضاة الحكم الذين يمكنهم إبطال محاضر الضابطة القضائية في حالة خرقها للضمانات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية. فالقضاء بوصفه ضامناً للحقوق والحريات قد يثير من تلقاء نفسه عدم صحة وسلامة الإجراءات في حالة خرق قواعد الحراسة النظرية، بالنظر إلى الحرمان من الحرية، وذلك تماشياً مع الروح والفلسفة ذاتها لقانون المسطرة الجنائية المغربي.

120- وإلى جانب ذلك، ولتقريب القضاء من المتقاضين، وتسهيل ولوجه دون تمييز، عمل المغرب على توفير تغطية شاملة للتراب الوطني بالمحاكم معتمداً في ذلك على معايير موضوعية مجردة يتم تحديدها بالنظر إلى حجم القضايا الرائجة وعدد السكان. وفي هذا الإطار، تم منذ 2002 إحداث أربعة محاكم ابتدائية جديدة، ودعماً للقضاء المتخصص، تم إحداث محكمتي استئناف إداريتين بكل من الرباط ومراكش، وذلك في انتظار التعميم التدريجي لهذه التجربة على مناطق أخرى من المملكة.

121- ولتأهيل وتحديث المنظومة القضائية، تم الشروع منذ سنة 2004 في تنفيذ برامج أولية ترمي إلى تسهيل ولوج الخدمات القضائية حيث تم اطلاق خدمات البوابة الالكترونية الجديدة لوزارة العدل من أجل المساهمة في تقديم خدمات إلكترونية تسهل تتبع الملفات وإنجاز الإجراءات بقصد تعميم المعلومة القانونية والقضائية وتعريف العموم بالحقوق التي تضمنها القوانين المعمول بها والمؤسسات التي تسهر على حمايتها.

الحق في الأمن الشخصي وفي الحماية من العنف أو الأذى البدني الذي قد يصدر عن أي موظف أو جماعة أو مؤسسة

122- يبذل المغرب جهوداً كبيرة لتحقيق الأمن وحماية الأشخاص من كل اعتداء قد يلحق سلامتهم البدنية أوسلامة أموالهم وبصورة عامة محاربة الجريمة بكل أنواعها، وذلك في إطار سياسة أمنية تحكمها مبادئ حقوق الإنسان والالتزام بالنصوص القانونية التي تحدد اختصاصات مختلف المصالح الأمنية وتؤطر طريقة ممارستها لتلك الاختصاصات. وتسهر السلطة القضائية على ضمان احترام المصالح الأمنية وتنفيذ لتلك المبادئ وفقاً للقانون أثناء تأديتها لعملها بخصوص ضبط الجرائم وملاحقة مرتكبيها وتقديمهم إلى العدالة.

123- ومع تنامي ظاهرة الإرهاب الدولي، لم يسلم المغرب بدوره من الامتدادات السلبية لهذه الظاهرة، حيث تعرض لاعتداءات إرهابية تمت مواجهتها بما يلزم من حزم في إطار دولة القانون والمؤسسات التي تكرسها عدد من النصوص القانونية الإجرائية منها والموضوعية.

124- وحرصاً على صيانة أمن المواطنين وسلامتهم الشخصية، بذلت أجهزة الأمن جهوداً كبرى لإفشال المحاولات التخريبية التي أقدمت عليها بعض الجماعات الإرهابية، وألقت القبض على العناصر المتورطة، حيث تمت متابعتها وعرضها على القضاء الذي أصدر في حقها أحكاماً مختلفة. ولا يزال مجهود الحفاظ على الأمن والوقاية من الأعمال التي تهدد أمن وسلامة المواطنين مستمراً بسلسلة من الأبحاث والتحريات، أسفرت عن تفكيك شبكات إرهابية عرضت ملفاتها على المحاكم المختصة التي أصدرت أحكامها على المتورطين فيها، كما تقوم المصالح الأمنية بتعزيز حملاتها لتفكيك الخلايا الارهابية.

125- أما على مستوى الحق في الحماية من الاستعمال المفرط للقوة، خاصة من لدن القوة العمومية، فإن القوانين المعمول بها تتضمن مقتضيات كافية لتوفير تلك الحماية. كما أن القضاء يظل الضمانة ضد كل انحراف في استعمال القوة من طرف القوة العمومية، سيما وأن هذه القوة وجدت أساساً لتوفير الحماية وضبط الأمن والنظام العام وتوفير الحماية للممتلكات الخاصة والعامة، وللحريات الأساسية للمواطنين ومكافحة كل زعزعة للأمن والاستقرار واحتلال الشارع العام وعرقلة حركة السير والجولان وتعطيل مصالح المارة والتجار، في غير إساءة لاستعمال القوة المأذون باستعمالها. وفي مقابل تنظيم استعمال القوة العمومية تجب الإشارة إلى أن تنامي ظاهرة الاحتجاج التي قد تستعمل في مواجهتها هذه القوة تبقى في بعدها ظاهرة صحية تعكس نضج الفكر المجتمعي في الدفاع والمطالبة بحقوقه، لكنها بالمقابل يجب أن تلتزم باحترام القانون وأن تمارس حريتها في التعبير في إطار الظوابط القانونية التي يتعين في ظلها ملء الفراغ القانوني الذي يجب أن يؤطر الحق في الاحتجاج بشكل يضمن للأشخاص ممارسة هذا الحق من جهة وضمان الأمن العام من جهة ثانية.

126- وفيما يخص الحق في الحماية من التعرض للتعذيب والاعتقال التعسفي، فإن المملكة المغربية، في سعيها الحثيث إلى ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، وضعت الآليات اللازمة لضمان التمتع بهذا الحق سواء على مستوى التشريع والمقتضيات التنظيمية أو على مستوى التطبيق العملي، حيث يخضع عمل الشرطة القضائية لإشراف ومراقبة النيابة العامة التي تعمل على تنفيذ سياسة جنائية تكرس هذه الخيارات والمبادئ التي تؤكد عليها المناشير التي توجهها وزارة العدل. وفي هذا الإطار يقوم قضاة النيابة العامة بزيارة أماكن الحراسة النظرية و الاطلا ع على أحوال المودعين بها، والتأكد من شرعية وظروف الاعتقال، ومدى احترام المدة القانونية للوضع رهن الحراسة النظرية، والقيام بزيارات إلى مؤسسات السجون للوقوف على مدى احترام المقتضيات القانونية المنظمة للسجون وتمتيع السجناء بسائر حقوقهم. كما ألزم قانون المسطرة الجنائية كلا ً من الوكيل العام للملك ووكيل الملك وقاضي التحقيق أن يأمروا بإجراء فحص طبي على الشخص المقدم أمامهم إذا طلب منهم ذلك أو عاينوا عليه آثار العنف أو التعذيب، وبديهي أن هذه الآليات تبقى خاضعة للتحديث والتحسين بناء ً على المتابعة والتقييم المستمرين وما قد يظهر عليهما من مظاهر الخلل وسوء الاستعمال.

127- وفي نفس الإطار، تقوم وزارة العدل، منذ دخول قانون منع وتجريم التعذيب حيز التنفيذ بتاريخ 14 شباط/فبراير 2006، بتنظيم أيام دراسية وموائد مستديرة لفائدة المسؤوليين القضائيين وبعض مديري المؤسسات السجنية للتأكيد على أهمية الموضوع، وضمان إضفاء الطابع الأخلاقي على الممارسة القضائية والعمل السجني انسجاماً مع التوجه الهادف إلى زيادة ترسيخ حقوق الإنسان مع ما يقتضيه الأمر من توجيه المذكرات اللازمة والقيام ببرامج نشر ثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها.

128- كما تحرص في هذا الإطار على البحث في كل مخالفة من هذا النوع ولا تتوانى في التصدي بكل حزم وصرامة لجميع الممارسات المخلة بالقانون متى توفرت وسائل الاثبات حول الخروقات المنسوبة للموظفين والسجناء على حد سواء، ولا تتردد في ا تخاد ال إ جراءات التأديبية اللازمة في حق الموظفين المخلين بواجبهم وإن اقتضى الأمر إحالتهم على القضاء. وفي هذا الاطار تمت متابعة 8 أشخاص من رجال الشرطة سنة 2006، فيما شهدت سنة 2007 تسجيل 28 متابعة، ومثال على ذلك الحكم الذي أصدرته محكمة الإستئناف بمراكش تحت عدد 139/05 بتاريخ 11 أيار/مايو 2006 قضى بالحكم على ضابط شرطة قضائية بعشر سنوات سجناً نافذاً من أجل العنف المفضي إلى الموت دون نية إحداثه.

129- وقد جرم القانون الجنائي أفعال العنف والاعتداء والمس بالسلامة الجسدية المرتكبة من طرف المسؤولين عن إنفاذ القانون من قضاة وموظفين وأعوان القوة العمومية أثناء قيامهم بعملهم، وأفرد لذلك نصوصاً تميزت بعقوبات مشددة، فقد نص الفصل 225 من القانون الجنائي على عقوبة التجريد من الحقوق الوطنية في حق كل قاض أو موظف عمومي أو فرد من القوة العمومية يأمر أو يباشر بنفسه عملاً تحكمياً ماساً بالحريات الشخصية أو الحقوق الوطنية. كما شدد الفصل 231 من القانون الجنائي العقوبة بالنسبة للقضاة والموظفين العموميين ورجال القوة العمومية الذين يستعملون العنف أثناء قيامهم بوظيفتهم أو بسبب القيام بها والتي قد تصل إلى حد السجن المؤبد. وهي مقتضيات تعزز مبدأ عدم الإفلات من العقاب الذي يتيح في ظله القانون المغربي إمكانية مقاضاة المتضررين لهؤلاء الأشخاص كلما تسببوا في إلحاق ضرر بالغير.

الحقوق السياسية

الاشتراك في الانتخابات كناخب ومنتخب

130- تعد الانتخابات حقا من الحقوق السياسية التي تخول للفرد إمكانية المساهمة في تدبير الشؤون العامة وممارسة الحقوق التي خولها له الدستور في هذا المجال، باعتبار أن السيادة للأمة تمارسها بواسطة الاستفتاء وعن طريق المؤسسات المنتخبة. ولضمان ممارسة هذا الحق الدستوري دون تمييز، تم خفض سن التصويت إلى 18 سنة لفتح المجال أمام الشباب للانخراط في العملية الانتخابية كما أعلن صاحب الجلالة يوم 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2008 بمناسبة ا فتتاح السنة التشريعية عن خفض سن الترشح من 23 إلى 21 سنة. وحرصاً على شفافية العمليات الانتخابية، تم وضع موقع إلكتروني للانتخابات يمكن العموم من الاطلا ع على اللوائح ليتسنى لمن يعنيه الأمر تقديم الطعون الإدارية والقضائية ولتتبع عمليات الاقتراع وإحصاء الأصوات. وينص القانون على عدد من الآليات كتمثيل المرشحين في مكاتب الاقتراع وحضور ممثليهم عند فرز النتائج. هذا وقد حظيت الانتخابات الأخيرة لمجلس النواب بملاحظة وتتبع مجموعة من الهيئات المدنية والوطنية، على رأسها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي خول له القيام بانتداب موفدين عنه لتتبع العملية الانتخابية، وهي العملية التي شارك فيها مراقبون دوليون ونسيج إقليمي من التنظيمات المدنية.

131- ولضمان ممارسة حق الانتخاب يلعب القضاء، سواء منه الدستوري أو الإداري أو العادي، دوراً هاماً في تكريس هذا الحق، وضمان السير السليم للعملية الانتخابية، انطلاقاً من التسجيل في اللوائح مروراً بالحملة الانتخابية وانتهاء باعلان النتائج النهائية. وفي هذا السياق عملت الحكومة المغربية بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة لمجلس النواب على اتخاذ كافة التدابير الفعالة لتطويق كل الممارسات التي قد تمس بنزاهة العمليات الانتخابية، سواء من طرف الناخبين أو المنتخبين أو الإدارة، حيث تم إعداد منشور مشترك بين وزارة العدل ووزارة الداخلية تضمن مقتضيات تحث على سلامة الممارسة الانتخابية من جميع التصرفات التي قد تؤثر على إرادة الناخبين عن طريق استعمال وسائل غير مشروعة. كما تم تفعيل المقتضيات القانونية الزجرية وتحريك المتابعات في حق المخالفين للقوانين الانتخابية، وتبعاً لذلك وجهت مناشير إلى النيابات العامة تحثها على التصدي الحازم لكل الأفعال الماسة بسلامة الممارسة الانتخابية وإعطاء التعليمات اللازمة للضابطة القضائية قصد إجراء الأبحاث في أحسن الظروف، وتقديم الملتمسات الضرورية أمام هيئة المحكمة لتحقيق الردع الكافي ضماناً لنزاهة الانتخابات.

132- وهكذا فتحت إجراءات في حق بعض الأشخاص، من مناطق وشرائح مختلفة، من أجل جرائم الحصول على أصوات الناخبين بفضل هدايا أو تبرعات قصد التأثيربها على تصويتهم والوساطة في تقديم تبرعات نقدية بهدف محاولة الحصول على أصوات الناخبين. وقد بلغ عدد هؤلاء 12 شخصاً فازوا في انتخابات تجديد ثلث أعضاء مجلس المستشارين، و55 شخصاً من بين الموظفين ومستخدمي القطاع الخاص والمنتخبين الجماعيين وأعضاء في غرف التجارة والصناعة حيث صدرت في حق المخالفين أحكام ابتدائية واستئنافية بالحبس النافذ أو الموقوف وبحرمان بعضهم من الترشيح لعضوية البرلمان لمدة معينة.

133- وإلى جانب ذلك، اتخدت الحكومة المغربية جملة من التدابير، شملت سن قانون ينظم الدعاية الانتخابية ويضع قواعد لاستفادة الأحزاب السياسية من وسائل الإعلام دون تمييز، حيث يحدد الحصص الإعلامية المخصصة لكل حزب منخرط في العملية الانتخابية في وسائل الإعلام السمعي - البصري خلال الفترة الانتخابية وذلك بناء على قواعد مضبوطة تنطلق من منظومة عامة تحددها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.

134- وتفعيلاً للقرار الملكي الذي أعلنه جلالة الملك بتاريخ 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2005 بشأن إحداث المجلس الأعلى للمغاربة المقيمين بالخارج، فإن مشاركة المغاربة القاطنين بالخارج ستصبح أكثر فاعلية حيث سيتم تخويل هؤلاء حق المشاركة في العملية الانتخابية بصفتهم ناخبين ومنتخبين في البلدان التي يقطنون بها.

135- ولتوسيع مشاركة المرأة في المؤسسات المنتخبة، تم اعتماد بعض التقنيات الانتخابية المؤسسة لهذه المشاركة، حيث تم تخصيص نسبة 10 في المائة من مقاعد مجلس النواب، بحيث أضحى المجلس يضم حالياً 34 نائبة. كما حظيت المرأة بثقة ناخبيها على الصعيد المحلي في عدد من الدوائر الانتخابية، وهي تؤدي مهامها في العديد من المؤسسات المحلية المنتخبة، إضافة إلى الغرفة الثانية بالبرلمان. ولاشك أن هذه المشاركة ستعرف توسعاً ملحوظاً، اعتباراً لما عبر عنه المجتمع المغربي من حرص شديد على ذلك، عندما اعتمد البرلمان قانون الأحزاب السياسية الذي ألزم في مادته الثانية والعشرين الأحزاب السياسية بأن تنص في أنظمتها الأساسية على نسبة النساء والشباب الواجب إشراكهم في أجهزة تسيير الحزب، كما أن حركات المجتمع المدني تدفع إلى اعتماد حصة 1/3 المقاعد المنتخبة في أفق الاستحقاقات البلدية والقروية لشهر تموز/يوليه 2009.

136- ومساهمة من المجلس الاستشاري في الحرص على نزاهة الانتخابات، وبالنظر إلى أن عملية الملاحظة غير منصوص عليها في المنظومة الانتخابية، قام هذا الأخير بإحداث لجنة لتتبع ا لانتخابات وذلك من خلال:

اعتماد ملاحظين تابعين له خضعوا لتكوين ملائم؛

اعتماد ملاحظين من المجتمع المدني؛

إشراك ملاحظين دوليين في عملية الملاحظة.

المساهمة في الحكم وفي إدارة الشؤون العامة على جميع المستويات

المساواة في تولي الوظائف العامة

137- استناداً إلى أحكام الدستور (الفصلان 8 و12)، فإن مجال المشاركة في صناعة القرارات ذات الأثر الكبير في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالمغرب، مفتوح للمواطنين من الجنسين، ولا تحد من هذه المشاركة إلا الشروط الموضوعية المرتبطة بالتدريب والكفاءة البدنية التي تكون ضرورية لممارسة هذا الحق، وعليه فإن المهام الانتخابية والمناصب الإدارية مفتوحة أمام جميع فئات المواطنين من الجنسين كيفما كانت أصولهم العرقية وانتماءاتهم الدينية دون أي تمييز.

138- ولتدارك الضعف الذي كانت تعرفه المشاركة النسوية تم اتخاذ تدابير لتشجيع ولوج المرأة إلى الحياة العامة، وشغل مهام ومواقع مسؤولية في حظيرة السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، فالمرأة أصبحت حاضرة حالياً بصفة مستشارة لجلالة الملك، كما شاركت في عدد من التشكيلات الحكومية وتضم الحكومة المغربية الحالية سبع وزيرات.

139- إن الوضعية الايجابية التي أصبحت تعرفها المرأة المغربية جعلت العديد من النساء يتقلدن مناصب قيادية في الأجهزة الإدارية في الداخل والخارج، فقد أصبحت المرأة سفيرة ورئيسة مؤسسة جامعية ومديرة ورئيسة قسم بالقطاعات الوزارية ومسؤولة أمنية. وقد تعززت مشاركة المرأة كمسؤولة إدارية في إطار المشروع المجتمعي الرامي إلى توطيد دعائم المجتمع الديمقراطي، وتحديث المؤسسات، حيث أصبحت المسطرة المعتمدة في الترشيح لمناصب المسؤولية تقضي بإدراج اسم امرأة ضمن قائمة المرشحين للتعيين بتلك المناصب.

140- وفي نفس السياق قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتدريب 100 مرشدة يباشرن عملهن داخل المساجد والأندية الثقافية والمراكز الاجتماعية والمؤسسات السجنية، كما أصبحت المرأة ولأول مرة تتحمل المسؤولية داخل المجالس العلمية المحلية وكذا داخل المجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه جلالة الملك. كما تم لأول مرة في المغرب تخويل المرأة حق الانخراط في سلك رجال السلطة الذي كان فيما سبق حكراً على الرجال حيث تم تدريب 19 امرأة لحد الآن بهذا السلك وهن يمارسن مهامهن حالياً.

141- وفي المجال القضائي، كانت المرأة حاضرة منذ مطلع الستينات من القرن الماضي، حيث عينت أول قاضية مغربية سنة 1961. ومنذ تلك السنة ارتفع عدد القاضيات بصفة ملحوظة، فأصبحن حالياً يشكلن حوالي 20 في المائة من عدد القضاة بالمغرب، البالغ عددهم 153 3 قاضية وقاض (592 قاضية). وتشغلن حالياً درجات سامية ومناصب قيادية في السلك القضائي، كرئيسة غرفة بالمجلس الأعلى (محكمة النقض) أو كمسؤولة بعدد من المحاكم وكعضو بالمجلس الدستوري.

الحقوق المدنية الأخرى

الحق في حرية الحركة والإقامة داخل حدود الدولة

142- تعد حرية الإقامة والتنقل والسفر والعودة من الحقوق المكفولة بمقتضى الدستور، وهي مكرسة أيضاً على مستوى التشريع، ويعمل القضاء على حماية تطبيقها لتلافي تعرض أي شخص للتضييق في ممارسة إحدى هذه الحريات. وفي هذا الصدد يمكن التذكير بالأحكام القضائية المتميزة التي صدرت عن القضاء الإداري، حيث قضت المحكمة الإدارية بالرباط في حكم لها بتاريخ 7 كانون الأول / ديسمبر 2000 في الملف رقم 40/00، بأن لكل مواطن الحق في أن يقيم هو وعائلته في أي مكان من تراب المملكة، وأن على السلطات المعنية أن تسلم له شهادة الإقامة بعد الإدلاء بالوثائق اللازمة، وفي موضوع رفض منح جواز السفر، ألغت المحاكم الإدارية القرارات الإدارية القاضية بمنع بعض المواطنين من تمكينهم من جواز السفر معتبرة أن ذلك يشكل خرقاً لحرية التنقل والسفر.

143- كما كرس القضاء المغربي حرية التجول والتجمع المنصوص عليها في الفصل 9 من الدستور معتبراً في هذا الصدد تدخل الإدارة لمنع ممارسة هذين الحقين دون مبرر يشكل مساساً بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الحق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده الأصلي، والعودة إليه

144- لا يوجد في القانون المغربي ما يقيد حرية المواطن في التنقل بين التراب الوطني والخارج، باستثناء القيود التي قد توضع بمقتضى أمر صادر عن السلطات القضائية المختصة كقرار إغلاق الحدود أمام بعض الأشخاص المتابع ين في قضايا جرائم الأموال أو ال إ رهاب، وهو قرار يمكن وضع حد لمفعوله في أي لحظة بناء على قرار تصدره السلطة القضائية بعد أن تتوفر لديها العناصر الكافية التي تقتضي إ يقاف قرار إ غلاق الحدود كما يبقى للمواجهين به حق الطعن فيه أمام الجهة القضائية المختصة.

145- ولضمان تمتع الجميع بهذا الحق الدستوري عمل القضاء على ضمان حماية ممارسة هذا الحق حيث صدرت في هذا الإطار عن المحاكم الادارية عدة أحكام تؤكد على الحق في مغادرة أرض الوطن والعودة إليها بكل حرية، مستندة في ذلك إلى مقتضيات الدستور والمواثيق الدولية المصادق عليها والمتعلقة بحقوق الإنسان. فالمبدأ هو حرية الأشخاص في التنقل، وهذه الحرية لا  تقتصر على مستوى تراب المملكة فحسب بل تتعداها إلى خارج التراب الوطني، فإذا كان الدستور قد كفل للجميع دون ا ستثناء أو تمييز الحق في حرية ال إ قامة والتنقل فوق تراب المملكة، فإن هذا الحق يسري على تنقلات الأشخاص خارجه أيضاً، وبالتالي فلهم حق السفر والعودة ولا يخضعون في ذلك لأي قيد إلا لما تفرضه النظم القانونية من شروط لمغادرة التراب الوطني، وهو ما كرسه القضاء الوطني من خلال الأحكام التي صدرت عنه كمثال على ذلك قرار المجلس الأعلى عدد 373 المؤرخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1991 الذي جاء في حيثياته ما يلي "لما كانت حرية التجول مكفولة بمقتضى الدستور، فلا يمكن الحد منها إلا بمقتضى القانون".

الحق في الجنسية

146- تميزت سنة 2007 بصدور القانون رقم 06-62 المعدل لقانون الجنسية المغربية الصادر سنة 1958، الذي ألغى التمييز الذي كان موجوداً بين الرجل والمرأة في نقل الجنسية إلى أبنائهما. وقد جسدت هذه المبادرة إصرار المملكة المغربية على الوفاء بالتزماتها من خلال ملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، لا  سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل.

147- وقد تمت مراجعة قانون الجنسية المغربية وفق نهج يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، حيث تم تعديل الفصل 6 من قانون الجنسية بشكل يتيح للأم المغربية نقل جنسيتها المغربية كجنسية أصلية إلى أبنائها على قدم المساواة مع الأب في إطار مرجعية المساواة في المواطنة وصيانة الروابط العائلية. وموازاة مع ذلك، تم سحب التحفظ الذي سبق إبداؤه بشأن الفقرة 2 من المادة 9 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تنص على منح المرأة حقاً مساوياً للرجل فيما يتعلق بنقلهما لجنسيتهما المغربية إلى أطفالهما ليش كل هذا ال إ جراء بذلك لبنة جديدة في مسار القضاء على التمييز بين الجنسين والنهوض بالمرأة.

حق التزوج و اختيار الزوج

148- شكل الإصلاح الأخير لمدونة الأسرة سنة 2004 مبادرة تشريعية هامة حرصت على تجسيد قيم العدل والإنصاف والمساواة باعتبارها قيماً عالمية، وإطاراً لتحقيق الحماية اللازمة للأسرة والطفولة، حيث تم رفع سن أهلية الزواج إلى 18 سنة بالنسبة للجنسين.

149- فبالنسبة للحق في الزواج، كرس قانون الأسرة مبدأ مساواة المرأة مع الرجل في هذا الموضوع، وذلك ابتداء من الخطبة التي أصبحت حسب المادة 5 من المدونة "تواعد رجل وامرأة على الزواج"، ولم تبق مجرد وعد من الرجل كما كان سابقاً، حيث أصبح لكل من المرأة والرجل على قدم المساو ا ة حق المبادرة إلى طلب الزواج من الطرف الآخر. كما أن لكل واحد منهما العدول عن الخطبة على وجه الندية والمساواة، فالزواج يستهدف بناء أسرة مستقرة برعاية الزوجين معاً، بنفس الأركان والشروط المتطلبة في كل منهما بما في ذلك المساواة في سن الأهلية، كما أصبحت ولاية الزواج حقاً للمرأة تمارسه المرأة الرشيدة حسب مصلحتها و اختيار ها (المادة 24).

150- وفضلاً عن ذلك، فإن قانون الأسرة يحرص في ترتيبه للحقوق والواجبات بين الزوجين على أن يكون ذلك بطريقة متوازنة ومتبادلة، وعلى أن تكون معاشرة كل واحد من الزوجين للآخر بالمعروف والاحترام المتبادل والمودة والرحمة، والتزامهما بالحفاظ على مصلحة الأسرة، وبالمسؤولية المشتركة لتسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال، وغيرها من الآثار المجسدة لمساواة قانونية وفعلية بين الزوجين، حتى في حالة التعدد الذي تمت معالجته في إطار قانوني منضبط، يقوم على أساس أن المبدأ في الزواج هو الاقتصار على زوجة واحدة، والتعدد إنما هو استثناء أو رخصة بشرط العدل بين الزوجات في كل أمور الزوجية المقدور عليها وهو شرط يصعب تحقيقه.

151- وإذا كان قانون الأسرة قد أباح التعدد استثناء، فإنه فرض على القاضي ألا يأذن به إلا إذا ثبت لديه المبرر الموضوعي الاستثنائي، والذي لا  يتحقق إلا بتوافر شروط وقيود تجعل اللجوء إلى التعدد عملياً من قبيل المستحيل، حيث أبانت الإحصائيات أن نسبة التعدد في تناقص مستمر بحيث لم تتجاوز سنة 2006 نسبة 30.0 في المائة، أما في سنة 2007 فإنها لم تتعد نسبة 29 . 0 في المائة من مجموع رسوم الزواج المسجلة خلال تلك السنة.

152- كما حرصت المدونة على المساواة بين الزوجين فيما يخص تدبير الأموال المشتركة من خلال تنصيصها على مبدأ انفصال ذمة كل منهما عن الآخر، أي أن المبدأ هو فصل الأموال، علماً بأن نفس المدونة أضافت جديداً يتجلى في المقتضيات التي نصت عليها لتدبير الأموال المكتسبة من لدن الزوجين خلال فترة الزواج، وخاصة اعتباراً لما تقوم به الزوجة من أعمال وخدمات تساهم في تنمية الأموال التي تكتسب أثناء قيام العلاقة الزوجية، وهكذا فقد سجلت سنة 2007 تسجيل 900 وثيقة تدبير مشترك للأموال مقابل 400 وثيقة سنة 2006.

153- وبالنسبة ل اختيار الزوج، يمكن القول إ ن مدونة الأسرة تؤكد على الحق في التزوج وتأسيس أسرة على أسس منسجمة مع أحكام الاتفاقيات الدولية دون أي قيد بسبب العرق أو اللغة أو الجنسية أو الجهة أو الوسط الاجتماعي أو الثروة. والعناصر المتطلبة في الزواج واحدة والقواعد القانونية في هذا المجال تتوجه إلى الأشخاص بصفتهم لا  بجنسهم. هذا ومن أجل تحسين التطبيق العملي لنصوص المدونة فإن وزارة العدل تتواصل باستمرار مع مختلف الفاعلين (قضاة، محامون، جمعيات نسائية وحقوقية) لمواكبة تطبيق أحكام المدونة والعمل على تصحيح تطبيقها على المستوى القضائي.

حق التملك بصفة فردية أو بالاشتراك مع آخرين

154- يعتبر التملك حقاً دستورياً طبقاً للفصل 15 من الدستور المغربي، ولهذه الغاية وضع القانون آليات لصيانة الملكية العقارية من خلال نظام التحفيظ العقاري. كما خص حق الملكية والحيازة بحماية جنائية، إذ نص على عقوبات زجرية في حال انتهاك حق الملكية وانتزاع حق الحيازة. كما وضع القانون مسطرة خاصة لنزع الملكية بقصد المصلحة العامة، وأخضع ممارسة أشخاص القانون العام لهذا الحق لرقابة القضاء، وذلك تطبيقاً للمبدأ الدستوري، الذي يكرسه الفصل 15 من الدستور عندما نص في فقرته الأخيرة على أنه لا  يمكن نزع الملكية إلا في بعض الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون، وهو المبدأ الذي أكد عليه القضاء المغربي، كم ثال على ذلك الحكم الصادر عن الم ح كمة الادارية بمكناس بتاريخ 2 نيسان /أبريل 1998 والذي جاء فيه "حيث إ ن الفصل 15 من دستور المملكة ينص صراحة على أن حق الملكية مضمون لا  ي مكن نزعه إلا في الأحوال وحسب ال إ جراءات المنصوص عليها في القانون".

155- ولتدعيم حرية المبادرة في المغرب تعزز حق التملك بشقيه الفردي والمشترك بصدور عدة نصوص قانونية كرست هذين الحقين، ويتعلق الأمر بقانون ال إ يجار المفضي إلى تملك العقار وقانون الملكية المشتركة، وهو ما انعكس إيجاباً على مستوى مؤشر تملك العقارات حيث ارتفعت نسبة التملك لا  سيما في إطار الملكية المشتركة.

حق الإرث

156- ترتبط أحكام التوارث في التشريع المغربي بالخصوصيات الدينية للفئات المكونة للسكان في المغرب والمنبثقة فيما يتعلق بالمغاربة المسلمين من القيم الحضارية للشريعة الإسلامية، واليهودية بالنسبة للمغاربة اليهود، مع اعتبار أن الأجنبي يخضع في كل ذلك لقانونه الوطني، طبقاً لظهير 12 آب/أغسطس 1913 المتعلق بالوضعية المدنية للأجانب بالمغرب. وتبعاً لذلك فإن ما قد يلاحظ بخصوص المغاربة المسلمين من مفاضلة بين المرأة والرجل الذي له الحق في إرث ضعف ما للمرأة، هو حالة من بين حالات متعددة، فهناك صور لتوزيع التركة يتساوى فيها نصيب المرأة بنصيب الرجل، كحالة الأب والأم في الإرث من ولدهما عند وجود ابن حيث يرث كل منهما السدس، كما أن هناك صورة ترث فيها المرأة أكثر من الذكر كحالة تواجد البنت مع الزوج، حيث ترث البنت النصف بينما يرث الزوج الربع.

157- وقد تمنع المرأة الرجل من الميراث كما في حالة وجود الأخت الشقيقة مع بنت أو بنت ابن، وأخ للأب، وبناء ً على ذلك فإن النصيب في التركة يختلف من حالة إلى أخرى لاعتبارات موضوعية ترتبط بتوزيع الأدوار بين الجنسين وتحقيق التوازن في الحقوق والواجبات المترتبة عليها، علماً بأن مدونة الأسرة قد تضمنت مقتضيات جديدة في هذا المجال، إذ ساوت أبناء وبنات البنت مع نظرائهم لجهة الابن في الحق في تركة جدهم وقد تم تخويل هذا الحق في إطار أحكام الوصية الواجبة المنصوص عليها في المادة 369 من المدونة.

158- وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن المملكة المغربية بصدد استكمال الإجراءات الخاصة بإعادة النظر في موقفها من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ومراجعة التحفظات والإعلانات التفسيرية التي سبق وأن أبدتها وقدمتها حول بعض مقتضيات الاتفاقية المذكورة، وذلك تبعاً للتطور الكبير الذي عرفه التشريع الوطني خاصة مع صدور مدونة الأسرة ومراجعة قانون الجنسية المغربي.

الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين

159- وفقاً لدستور المملكة المغربية فإن الإسلام يشكل الدين الرسمي للدولة، غير أن ذلك لا  يعفي هذه الأخيرة من ضمان حرية الممارسة الدينية لمعتنقي باقي الديانات، وهو نفس النهج الذي يرتكز عليه قانون الجنسية المغربي الذي لا  يأخ ذ بالبعد الديني في منح الجنسية أو التخلي عنها، حيث يتميز بالتعدد في بعده الخاص بالأحوال الشخصية للأفراد ويشير إلى قانون الأحوال الشخصية للمغاربة المسلمين وقانون الأحوال الشخصية للمغاربة العبريين وقانون الأحوال الشخصية للمغاربة غير المسلمين وغير العبريين.

160- ولتعزيز هذه الحرية تعمل الدولة على نبذ كل أشكال التعصب الديني، وإشاعة ثقافة التسامح والتعايش والحوار كمصدر غنى وقوة للبلاد انسجاما ً مع المبادئ التي تنظم المجتمع المغربي، خاصة تعاليم الدين الإسلامي السمحة التي جعلت المغرب يكرس التسامح الديني كقاعدة أساسية للتعامل مع الجانب العقائدي، حيث يحترم مختلف الأديان السماوية ويضمن الممارسة الحرة للشعائر الدينية لكل المنتمين إلى الديانات اليهودية والمسيحية، المواطنون منهم أو الأجانب، الذين يقيمون طقوسهم الدينية ويبنون دور عبادتهم بكل حرية ويقيمون احتفالات وتظاهرات دينية بكل حرية.

161- ويدخل في إطار ضمان حرية المعتقد صيانة حقوق الفرد واحترام ديانته ومكافحة كل فعل يستهدف استغلال جهل بعض الفئات وفقرها من أجل استمالتها إلى ديانات أو طوائف معينة، فالقانون لا  يجيز استغلال مبدأ الحرية الدينية لاستفزاز الشعور الديني بإتيان أفعال من شأنها زعزعة العقيدة. وفي هذا الصدد، نص القانون الجنائي على عقوبات لزجر استعمال العنف أو التهديد لإكراه شخص على مباشرة عبادة ما، أو حضورها، أو المنع من حضورها، وكذا استعمال وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم، أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة، أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم.

162- وفقاً للمادة 120 من القانون المنظم للسجون يمارس السجناء شعائرهم الدينية في ظروف ملائمة، وقد أوجب القانون على مؤسسات السجون السماح لهم بالاتصال بممثليهم الدينيين. كما نصت المواد 106 إلى 109 على حقهم في إقامة الشعائر الدينية الخاصة بهم والاستفادة من زيارة لممثلين عن دياناتهم، والتوصل بالكتب الدينية والاحتفاظ بها، وكذا بالأشياء المتعلقة بأداء شعائرهم الدينية والاحتفاظ بها لملء حياتهم الروحية. كما أن السجناء المنتمين لديانات أخرى غير الإسلام يتلقون زيارات من طرف ممثلي تلك الديانات، وفي هذا الصدد وعلى سبيل المثال فقد تم خلال سنة 2005 تنظيم زيارات من طرف ثلاثة ممثلين للديانة اليهودية و7 ممثلين للديانة المسيحية بسجون سلا، الدار البيضاء، مراكش والقنيطرة، كما تم تنظيم حفل ديني بمناسبة رأس السنة لفائدة 15 سجيناً مسيحياً بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء.

الحق في حرية الرأي والتعبير

163- لا بد من الإشارة في هذا المجال إلى التقدم الملموس الذي شهده المغرب في مجال حرية التعبير والرأي، والذي يجسده تعدد المنابر الإعلامية وتنوع صيغ التعبير التي يمكن الوقوف عليها سواء في إطار المنابر الاعلامية أو على مستوى التظاهرات التي أصبحت تنظم بكل حرية، ما دامت تلتزم بالمقتضيات القانونية المعمول بها. وعلى غرار باقي التشريعات في القانون المقارن نظم المشرع المغربي مجال الصحافة بمقتضى الظهير الصادر في 15 تشرين الثاني / نوفمبر 1958 المعدل في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2002، الذي نص على ضمان حرية إصدار الصحف والطباعة والنشر وترويج الكتب، وعلى حق المواطن في الإعلام والمعلومة وحق مختلف وسائل الإعلام في الوصول إلى مصادر الخبر.

164- ولما كانت هذه الحرية، كغيرها من الحريات، تخضع لمجموعة من الضوابط الدستورية والقانونية والأخلاقية، فقد نص القانون السالف الذكر على مجموعة من ال جرائم التي ترتكب بإحدى وسائل ال إ علام، وأفرد لها عقوبات زجرية. ومن بين تلك الجرائم التحريض والقذف والسب والمس بالدين الإسلامي أو بالمؤسسة الملكية أو بالوحدة الترابية والإخلال بالنظام العام وانتهاك حرمة الآداب العامة ونشر وثائق الاتهام وغيرها من الوثائق المتعلقة بالمسطرة الجنائية أو الجنحية قبل مناقشتها في جلسة عمومية، والمس بشخص رؤساء الدول والممثلين الدبلوماسيين الأجانب.

165- وتجدر الإشارة إلى أنه يجري حالياً الإعداد لمشروع مراجعة قانون الصحافة بتنسيق مع الفاعلين والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والذي ينتظر أن يساهم في دعم حرية التعبير والرأي ويستجيب لتوقعات العاملين في الحقل الإعلامي. ويعد مشروع هذا القانون من بين ثمرات النقاش الذي لا زال مستمراً حول حرية الصحافة وحدود هذه الحرية في ضوء بعض المحاكمات التي جرت في الآونة الأخيرة لبعض الصحف الوطنية، وهي محاكمات تبقى من حيث المبادئ القانونية التي طبقت عليها محاكمات قانونية تم فيها احترام الضمانات القانونية والقضائية التي يكفلها القانون، طالما أنها مخالفات قانونية يجب أن يخضع مرتكبوها لمساءلة القانون.

166- ومن أهم مستجدات المشروع إلغاء عدد كبير من العقوبات السالبة للحرية، ومنح القضاء السلطة التقديرية للخيار بين العقوبة الحبسية أو الغرامة المالية، مع إمكانية إعمال ظروف التخفيف. كما ينص المشروع على إحداث "مجلس وطني للصحافة" ك ي يحدد التمثيل فيه بالتساوي بين الصحفيين والناشرين وممثلي المجتمع المدني، كما ينص المشروع على مقتضيات جديدة تهم الصحافة الموجهة نحو الأطفال والمراهقين وذوي الاحتياجات الخاصة. وفي هذا الصدد نصت المادة 87 من المشروع على أنه "يجب على المطبوعات الدورية والأفلام والصور الموجهة إلى الأطفال، ألا تتضمن أي صور أو رسوم أو مواضيع تشيد بأعمال اللصوصية أو الكذب أو السرقة أو الكراهية أو الفجور، والتي من شأنها التأثير على معنويات الأطفال والمراهقين أو أن تشجع على التمييز العنصري". وسيساهم هذا المشروع بعد اعتماده في الدفع قدماً نحو تعزيز منجزات المغرب في مجال تحرير الحقل الإعلامي ودمقرطة مشهده وتنويع مظاهر حرية التعبير فيه.

الحق في حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات والانتماء إليها

167- يكفل دستور المملكة المغربية حق التجمع وفق الضوابط القانونية المعمول بها. وفي هذا الإطار صدرت عن القضاء الإداري عدة أحكام قضت فيها بأحقية الجمعيات في تسلم وصل إيداع ملفها التأسيسي، من ذلك الحكم الصادر عن المحكمة الادارية ب أغادير بتاريخ 26 أيلول/سبتمبر 2001 جاء فيه "حق الاجتماع ليس منحة من الادارة تمنعها أو تمنحها كما تشاء، بل هو حق أصيل للمواطنين مستمد من القانون". هذا ولا زال المغرب يشهد نقاشاً حول ممارسة بعض القيود والمضايقات في حق بعض الجمعيات سواء على مستوى تأسيسها أو على مستوى منع أنشطتها، وهي ممارسات لئن كانت غير مبررة قانوناً، تبقى ممارسات غير شرعية تتطلب من المتضرر منها اللجوء إلى القضاء لتطبيق القانون وإنصاف المتضرر وتمكينه من حقوقه وضمان الحرية له في ممارسة حق التجمع وتكوين الجمعيات بعيداً عن كل تعسف قد يمس حريته في ذلك مهما كان مصدره سلطات عمومية أو أشخاصاً طبيعيين.

168- وترسيخاً لمبدأ التعددية، واقتناعاً بأنه لا  ديمقراطية فعلية بدون أحزاب قوية، قام المغرب بمقتضى القانون المنظم للأحزاب السياسية بتحديث الإطار القانوني لتشكيل الأحزاب السياسية بشكل يكفل الديمقراطية في التأسيس والتنظيم والتسيير بما يؤهلها للقيام بدورها الدستوري على الوجه المطلوب باعتبارها منظومة قانونية مفتوحة في وجه كل المغاربة إناثاً وذكوراً دون تمييز أو إقصاء أو تعصب أو انحياز مع مراعاة المرتكزات والثوابت التي تقوم عليها الهوية الوطنية والوحدة الترابية واحترام حقوق الإنسان.

169- كما تم تعديل قانون الجمعيات مؤخراً (المادة 2) بتاريخ 24 تموز/يوليه 2006، حيث أصبحت كل جمعية تتأسس على مبدأ تمييزي لاغية، هذا مع وجود العديد من الجمعيات ومنها جمعيات أمازيغية على المستويين المحلي والوطني، تمارس عملها في مختلف مجالات العمل الاجتماعي والثقافي، على المستوى الوطني في إطار النهوض بالثقافة الأمازيغية كمكون للثقافة الوطنية المغربية دون نزعة تمييزية أو اقصائية. وقد أكد القضاء على الحق في تأسيس الجمعيات بكل حرية دون تمييز في إطار الضوابط المنصوص عليها قانوناً، معتبراً أن رفض الإدارة قبول إيداع الملف التأسيسي للجمعية هو قرار يتسم بالتجاوز في استعمال السلطة ويمكن أن يكون موضوع طلب طعن بالإلغاء، وفي هذا الاطار ألغت المحكمة الادارية بمدينة أغادير قراراً صادراً عن السلطة المحلية لمدينة العيون امتنعت فيه هذه الأخيرة عن تسليم وصل إيداع الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

الحق في العمل ( اختيار نوع العمل وشروط عمل عادلة ومرضية)

170- تعززت حقوق العمال في المغرب بصدور مدونة جديدة للشغل تتلاءم والمعايير الدولية المعتمدة في مجال العمل، حيث يبقى الحق في العمل في مقدمة الحقوق التي يضمنها النظام القانوني المغربي، على أساس أن ممارسة هذا الحق لا  يمكن الحد منها إلا في حدود الشروط الموضوعية العامة المستندة إلى طبيعة العمل أو نوع التأهيل المطلوب لممارسته. وتمتد الحماية القانونية للحق في العمل إلى صيانة هذا الحق عندما يكون مهدداً بممارسة الحق في الإضراب، حيث أكد المجلس الأعلى في قراره 575 الصادر بتاريخ 21 حزيران/يونيه2000 أن "الإضراب وإن كان حقاً مشروعاً يضمنه الدستور، فإنه لا  ينبغي أن يكون سبباً في عرقلة السير العادي للمؤسسة المشغلة بل إن الغاية منه هو الدفاع عن حقوق مكتسبة ومشروعة للعمال ...".

171- وقد نصت مدونة الشغل في مادتها 9، لأول مرة في تاريخ تشريع العمل في المغرب، صراحة على منع كل تمييز بين الأجراء يقوم على السلالة أو اللون أو الجنس أو الإعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرص أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل أو تعاطي مهنة، لا  سيما فيما يتعلق بالاستخدام، وإجارة الشغل وتوزيعه والتدريب المهني والأجر والترقية والاستفادة من الامتيازات الاجتماعية والتدابير التأديبية والفصل من الشغل. ويترتب على ذلك إقرار حق المرأة في إبرام عقد الشغل وحقها، سواء كانت متزوجة أم لا، في الانضمام إلى النقابات المهنية، والمشاركة في إدارتها وتسييرها، ومنع كل إجراء تمييزي يقوم على الانتماء أو النشاط النقابي للأجراء ويضاف إلى هذا المجهود الذي يبذله المغرب على مستوى ملاءمة قانونه الداخلي مع بنود الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، مشاركته في صياغة مشروع البرتوكول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى تجريمه للتحرش الجنسي بالمرأة العاملة واعتباره خطأ جسيماً من طرف المشغل يستوجب التعويض عن الضرر الذي قد يلحق بالمرأة الأجيرة.

172- وحرصاً على عدم استغلال العاملات بالبيوت، نصت مدونة العمل على أنه في حالة مغادرة العاملة بالمنزل للتراب الوطني صحبة مشغلها لمدة أقصاها ستة أشهر، يجب على المشغل أن يلتزم بإعادة العاملة إلى المغرب على حسابه الخاص، وأن يتحمل عند الاقتضاء مصاريف العلاج في حالة المرض أو وقوع حوادث. ويبرم هذا الالتزام وفقاً لنموذج محدد بصفة رسمية يحفظ لدى السلطة المغربية المكلفة بالشغل ويجري حالياً إعداد قانون خاص بخدم البيوت يحدد شروط تشغيلهم كما يجري أيضاً الاعداد لقانون خاص بحرفيي الصناعة التقليدية.

الحماية من البطالة

173- طبقاً لمقتضيات مدونة الشغل يلتزم المشغل في المقاولات التي تشغل عشرة أجراء أو أكثر، عندما يعتزم فصل الأجراء كلا ً أو بعضاً، لأسباب هيكلية أو اقتصادية، أن يبلغ ذلك إلى مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة قبل شهر واحد على الأقل من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل، وأن يتم تزويدهم في نفس الوقت بالمعلومات الضرورية التي لها علاقة بالموضوع، بما فيها أسباب الفصل وعدد وفئات الأجراء المعنيين، كما يجب عليه استشارتهم والتفاوض معهم من أجل تدارس الإجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل، أو تخفف من آثاره السلبية، بما فيها إمكانية إعادة الإدماج في مناصب شغل أخرى.

174- ولا يسمح بإغلاق المقاولة كلياً أو جزئياً، إذا كان سيؤدي ذلك إلى فصل الأجراء، إلا في الحالات التي يستحيل معها مواصلة نشاطها، وبناء ً على إذن يسلمه عامل العمالة أو الإقليم طبقاً لنفس المسطرة المحددة في المادتين 66 و67 من مدونة العمل، وهو الأمر الذي حرص القضاء المغربي على توفره في مسطرة إعفاء العمال، كمثال على ذلك الحكم الصادر عن المجلس الأعلى تحت رقم 1257/95 والذي جاء في حيثياته "إن القرار المطعون فيه حين اعتبر أن عدم جواب ال عامل داخل ثلاثة أشهر على طلب ال إ عفاء هو بمثابة إذن ضمني قياساً على طلب الإغلاق رغم اختلاف الحالتين يكون قد اعتمد تعليلاً فاسداً يقوم مقام عدم التعليل المبرر للنقض".

175- ويستفيد الأجراء عند فصلهم، في حالة حصول المشغل على الإذن، من تعويض عن أجل الإخطار وعن الفصل المنصوص عليهما على التوالي في المادتين 51 و52 من نفس القانون. ويتمتع هؤلاء الأجراء بالأولوية في إعادة تشغيلهم، وفق الشروط المنصوص عليها في المادة (508) من المدونة.

176- وبالنسبة للبطالة، فقد بلغ عدد العاطلين 000 062  1 في سنة 2006 مقابل  000 414 1 في سنة 1999 أي بتراجع بنسبة 24.5 في المائة، وهذا التراجع يتفاوت ما بين 24.3 في المائة في الوسط الحضري و27.1 في المائة في الوسط القروي، وبذلك فقد انخفضت نسبة البطالة على المستوى الوطني من 13.8 في المائة إلى 9.7 في المائة خلال هذه الفترة، كما انتقلت من 14.1 في المائة إلى 9.7 في المائة بالنسبة للرجال ومن 13.2 في المائة إلى 9.7 في المائة بالنسبة للنساء. وقد سجل معدل البطالة خلال الفصل الثاني من سنة 2008 نسبة 9.6 في المائة، وحسب سن فئات السكان فقد تراجع مستوى البطالة خصوصاً بالنسبة للبالغين ما بين 25 و34 سنة من 20.7 في المائة إلى 14 في المائة. كما تراجع كذلك مستوى البطالة بالنسبة لحاملي الشهادات ذات المستوى المتوسط إلى 18.7 في المائة بعدما كان يتجاوز 26.9 في المائة. وعلى مستوى حاملي الشواهد العليا بلغت النسبة 19.5 في المائة أي بانخفاض تجاوز 8.1 نقطة. ورغم ذلك فإن هذه المجهودات تظل دون الطموحات وتنتظر بذل مزيد من التدابير للتقليص من نسبة البطالة كآفة عالمية.

177- وعلى مستوى البرامج الحكومية الرامية إلى القضاء على البطالة تم خلال سنة 2006 إطلاق البرنامج الوطني لإنشاء المقاولات "مقاولتي"، الذي يهدف إلى دعم العمل الذاتي من خلال إنشاء 000 30 مقاولة صغيرة، ستمكن من خلق ما يناهز 000 90 فرصة عمل خلال سنة 2008 وهكذا تم دمج 926 108 شخص في أسواق العمل ما بين سنة 2006 إلى غاية نهاية أيلول/سبتمبر 2008 وذلك بهدف إدماج 000 46 شخص في نهاية هذه السنة. كما يهدف إلى التقليص التدريجي من نسبة البطالة من خلال دعم ومصاحبة المقاولات الصغرى، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجهوية وضمان استمرارية النسيج الاقتصادي عبر آليات تتبع المقاولات الحديثة الإنشاء خصوصاً في مراحلها الأولى. ويستهدف هذا البرنامج أصحاب المشاريع التي تتراوح قيمتها الاستثمارية ما بين 000 50 و 000 250 درهم، مع إمكانية الاشتراك في المشروع الواحد لتصل القيمة الاستثمارية إلى 500 ألف درهم، على أن تتحمل الدولة مساهمة في حدود 000 10 درهم للمشروع، مع ضمان القروض البنكية في حدود 85 بالمائة. وقد انعقدت خلال شهر أيلول/سبتمبر 2005 مناظرة وطنية حول العمل جمعت كل الفرقاء وكان من نتائجها المصادقة على عدة توصيات ومبادرات من شأنها التخفيف من البطالة وفتح المجال أمام الشباب لخلق مقاولات صغيرة.

178- أما الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات فقد قامت خلال سنة 2005 بتسجيل ما يفوق 316 69 باحثاً عن الشغل، وبالمقابل قامت بإدماج ما يفوق 000 24 باحث عن عمل خلال نفس السنة، أي بزيادة وصلت إلى 20 في المائة مقارنة مع سنة 2004. كما تم إدماج أكثر من 030 12 باحث عن عمل في إطار عقود عمل بالخارج سنة 2008 لا  سيما في إسبانيا، أي بزيادة 50 في المائة بالمقارنة مع سنة 2004، ويرجع ذلك إلى تكثيف الزيارات الميدانية للبحث عن عروض الشغل بالإضافة إلى توفير الإمكانيات اللازمة لذلك. وقد قامت الدولة ممثلة بوزارة التشغيل ووزارة المالية بإبرام عقد مع الوكالة على هامش أيام مبادرات العمل، تحدد بموجبه التزامات الطرفين من أجل تحديث وتطوير نشاط هذه الوكالة حتى تلعب دوراً محورياً في مجال إنعاش التشغيل وتتمكن من مواكبة الهدف الحكومي الرامي إلى إدماج 000 200 باحث عن عمل في أفق سنة 2008.

179- إن المجهودات التي يبذلها المغرب على مستوى الحماية من البطالة تواجهها عدة تحديات في مقدمتها عطالة الكفاءات من حاملي الشهادات العليا التي تبقى مرهونة بمدى قابلية سوق الشغل لاستيعاب الأفواج المتخرجة سنوياً من الجامعات والمعاهد العليا رغم كل ج هود ال إ دماج. كما ترتبط مشكلة البطالة بظروف بنيوية أخرى مرتبطة بتطور معدلات النمو حيث أضحت مشكلة البطالة ظاهرة عالمية لا  تستثني أحداً وإن كانت مستوياتها تختلف من دولة إلى أخرى. ولهذا فان المملكة المغربية واعية بأهمية متابعة الجهود في هذا المجال من خلال توسيع سوق العمل وملاءمة التدريب لحاجيات السوق، وقد وضعت الحكومة الحالية موضوع العمالة أولوية كبرى ضمن أولويات اهتمامها، وهو ما عكسه التصريح الحكومي وعدة مبادرات في هذا المجال. ومن ضمن الآفاق المستقبلية في مجال العمالة لسنة 2009 إدماج حوالي 000 46 باحث عن عمل ود عم إنشاء 000 2 مقاولة صغيرة في إطار برنامج مقاولتي وتطوير وتنمية عروض التشغيل في الخارج بمعالجة حوالي 000 15 عرض عمل.

الحق في المساواة في الأجر عن العمل المتساوي

الحق في نيل مكافأة مرضية

180- نصت مدونة الشغل على منع كل تمييز في الأجر بين الجنسين إذا تساوت قيمة العمل الذي يؤديانه، وذلك انسجاماً مع أحكام اتفاقية العمل ا لدولية رقم 100(1951) بشأن مساو اة ا لعمال والعاملات في الأجر عن عمل ذي قيمة متساوية التي صادق عليها المغرب سنة 1979. وفي هذا ال إ طار نصت المادة 346 من مدونة العمل على منع كل تمييز في الأجر بين الجنسين إذا تساوت قيمة العمل الذي يؤديانه ، كما يسهر مفتشو الشغل أثناء زيارات التفتيش التي يقومون بها إلى المؤسسات الصناعية والتجارية والخدماتية والفلاحية على مراقبة المقتضيات التشريعية التي تضمن المساواة الفعلية في الأجر.

181- كما أكدت مدونة الشغل على أن الأجر لا  يمكن أن يقل عن الحد الأدنى للأجر انسجاماً مع اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 26(1928) بشأن طرائق تحديد المستويات الدنيا للأجور الموقع عليها فى 14 آذار/مارس 1958، وتفعيلاً من القضاء لهذا الشرط، صدر عن المجلس الأعلى المغربي قرار رقم 45 بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير 2005 يؤكد أن الأجر يعتبر من النظام العام ولا يمكن النزول فيه عن الحد الأدنى المقرر قانوناً.

182- إن الوضعية الحمائية التي أقرتها نصوص القانون للمرأة العاملة لا  تعني بالضرورة أن وضع ه ذ ه الأخيرة قد وصل إلى المستوى المرضي في مجال العمل أو أنها حققت كل ما كانت تطمح اليه، فلا زالت المرأة العاملة تعيش أوضاعاً صعبة جراء التفاوت في الأجور مقارنة بالرجال، أو حتى على مستوى ساعات العمل وذلك راجع إلى بعض التصرفات والسلوكات الصادرة عن بعض المشغلين التي تبقى ممارساتهم معزولة خارج نطاق القانون، وهو ما يستوجب تدخل الإدارة الوصية على قطاع العمل للحد من هذه التصرفات سواء عبر الزجر العقابي أو عن طريق التدريب أو التوعية والتوعية بضرورة احترام حقوق المرأة العاملة.

الحق في تكوين النقابات والانتماء إليها

183- تعد الحرية النقابية من الحقوق الدستورية بمقتضى الفصل الثالث من الدستور المغربي . وتقوية لهذه الضمانات الدستورية انخرط المغرب في المنظومة الحقوقية الدولية المتعلقة بهذا المجال، حيث صادق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 ( 1949) بشأن تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية، ورغم أنه لم يصادق بعد على اتفاقية من ظ مة العمل الدولية رقم 87 ( 1948) بشأن الحرية النقابية وحماية حق في التنظيم، فإنه يعمل على تفعيل محتواها عند إصدار مدونة الشغل وذلك من خلال المادة 396 التى تؤكد على أن النقابات المهنية تساهم فى التحضير للسياسة الوطنية فى الميدان الاقتصادي والاجتماعي، وأنها تستشار فى جميع الخلافات والقضايا التى لها ارتباط بمجال تخصصها. ومن جهته أعلن السيد وزير العمل في تصريح له بتاريخ 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2008 عن عزم وزارته على اتخاد إجراءات تشريعية وتدابير حمائية للحق في العمل وتعزيز الحرية النقابية.

184- وقد أوضحت ديباجة مدونة العمل أن "الحرية النقابية حق من الحقوق الأساسية في العمل، تندرج ممارستها فى إطار الوسائل المعترف بها للعمال والمشغلين للدفاع عن حقوقهم المادية والمعنوية ومصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والمهنية". كما تنص المادة 398 من مدونة العمل على أنه يمكن للمشغلين والأجراء أن ينخرط وا بحرية فى النقابة المهنية التي وقع عليها اختيار هم،. وتتمتع هذه النقابات بالشخصية الاعتبار ية والأهلية المدنية ولها الحق ف ي التقاضي وجميع الحقوق التي يتمتع بها المطالب بالحق المدني لدى المحاكم. وتعطي المادة 400 من مدونة الشغل للنقابات المهنية حق الانخراط في المنظمات النقابية الدولية للأجراء والمشغلين.

185- ويعد المغرب من الدول الت ي تتميز بالتعددية النقابية، حيث يبلغ عدد المنظمات النقابية 21 مركزية نقابية، مما يؤكد على مرونة المسطرة المتعلقة بتأسيسها وسهولة الانضمام إليها، بل إن الدولة تقدم مساعدات عينية وأحياناً مادية لاتحادات النقابات المهنية وذلك لتغطية كل أو جزء من مصاريف استئجار مقراتها، أو مصاريف الأنشطة المتعلقة بالثقافة العمالية طبقاً لمقتضيات المادة 424 من مدونة العمل. ووعياً بأهمية الحوار الاجتماعي بادرت وزارة التشغيل إلى إضفاء الطابع المؤسسي على الحوار الاجتماعي حيث تم بمناسبة إجراء جولة أيلول/سبتمبر 2008 إحداث لجنتين للحوار ، الأولى تعنى بالقطاع العام والثانية بالقطاع الخاص. وستتوج هذه الأشغال بإصدار وثيقة تجسد المواضيع المتفق عليها وتأخ ذ شكل اتفاق احتماعي.

الحق في السكن

186- بداية يجب التأكيد على أن قواعد سير قطاع السكن، كنطاق لممارسة الحق في السكن، تخضع لمنطق اقتصادي يقوم على تفاعل معادلة العرض والطلب، وهو ما لا  يدع مجالاً لأي شكل من أشكال التمييز في ممارسة هذا الحق، سواء على أساس الجنس أو الدين أو الانتماء العرقي أو الثقافي. فممارسة الحق في السكن سواء عن طريق التملك أو عن طريق ال ا ستئجار لا  تقتضي إلا التوفر على الإمكانيات المادية اللازمة لممارسته، وبالتالي فإن الإشكالية الأساسية التي كانت مطروحة في هذا المجال، هي كيفية جعل عرض السكن يتلاءم مع طبيعة الطلب، الذي من خلاله يمارس هذا الحق.

187- ووعيا ً بهذا الواقع عملت الدولة، في تدبيرها لقطاع السكن، على جعل إعادة النظر في شروط إنتاج السكن والتركيز على توفير السكن الاقتصادي ومكافحة السكن غير اللائق في مقدمة أولويات السياسة الحكومية في هذا المجال. وهكذا أعطيت انطلاقة العمل بمنتوج سكني اج ت ماعي جديد ( 000 140 درهم) يستفيد من إعفاء ضريبي كامل.

188- وقد تمت معالجة الحالات المستعجلة في القطاع، من خلال إعطاء الأولوية للقضاء على مدن الصفيح بالوسط الحضري، وإنجاز تدخلات على مستوى المساكن المهددة بالانهيار والأحياء السكنية العشوائية التي لوحظ أنها لا  تراعي الشروط القانونية. وفي هذا الإطار، تم وضع أربعة برامج تهدف على التوالي إلى معالجة المساكن المهددة بالانهيار وإعادة هيكلة الأحياء السكنية ناقصة التجهيز وإنجاز السكن الاجتماعي بالأقاليم الجنوبية، والقضاء على مدن الصفيح.

189- وفيما يخص معالجة المساكن المهددة بالانهيار، خلصت التقديرات التي قامت بها السلطات العمومية إلى أن هذا الوضع يهم ما يناهز 000 120 أسرة، تسكن ببنايات توجد في المدن العتيقة وأحياء السكن غير القانوني والمساكن القديمة. ولإيجاد حل لهذه المسألة، تم وضع برنامج للتدخل، يقوم على نهج محلي يسعى إلى تحديد البنايات المهددة بالانهيار والتشخيص التقني لحالتها وإحداث آلية محلية للرصد والمراقبة المستمرة للوقاية من الكوارث التي تنجم عن الانهيارات المفاجئة. وسيستمر تنفيذ البرنامج، بإعادة إسكان الأسر التي قد تستدعي حالة مساكنها الهدم، وكذا بإنجاز عمليات تدعيم وتقوية بالنسبة للمساكن التي أبان التشخيص التقني عن عدم وجود أي خطر في الاحتفاظ بها.

190- ولغاية شهر أيلول/سبتمبر 2008، أنجزت عمليات تدخل لفائدة 800 110 أسرة، استفادت من دعم مالي يقدر ب‍ 911.48 مليون درهم، وتوجد في طور التنفيذ عمليات مماثلة من بينها تلك التي شملتها الاتفاقيات الأربع الموقعة في شهر كانون الأول/ديسمبر 2004، تحت رئاسة جلالة الملك، وتدخل هذه الاتفاقيات ضمن البرنامج الاستعجالي الخاص بمدينة فاس، وتهم إعادة إسكان 167 1 أسرة، وتدعيم 600 3 مسكن على مدى خمس سنوات، بغلاف مالي يقدر ب‍ 228.14 مليون درهم يساهم فيه صندوق التضامن للسكن ب‍ 190.14 مليون درهم.

191- وفيما يتعلق بإعادة هيكلة الأحياء السكنية ناقصة التجهيز، تم سنة 2002 تقدير عدد الأسر القاطنة بهذه الأحياء بحوالي 000 540 أسرة، 74 . 5 في المائة منها تقطن أحياء حضرية وشبه حضرية بينما الباقي يقطن مراكز قروية خاضعة للترخيص. وفي ضوء هذا التشخيص، وضع برنامج خاص للتدخل يمتد إلى نهاية سنة 2005، ويشمل 191 حياً يضم حوالي 000 291 أسرة. وتبلغ كلفته الإجمالية 3 . 8 مليار درهم، ساهمت فيها الدولة ب‍ 47 . 37 في المائ ة. وقد همت الأشغال التي تم إنجازها في إطار البرنامج في نهاية سنة 2005 ما مجموعه 62 حيا ً يأوي 000 63 أسرة، لتصل في حدود شهر أيار/مايو 2007 إلى 168 عملية تؤوي بما يقدر ب‍ 989 338 أسرة بكلفة إ جمالية تصل إلى 3.8 مليار درهم منها 1.9 مليار درهم كمساهمة من الدول. ويشمل البرنامج المتعاقد بشأنه إلى حدود شهر أيلول/سبتمبر 2008، 313 عملية تأوي ما يقدر ب‍ 254 533 أسرة بكلفة إجمالية تصل إلى 6.5 مليار درهم، منها 3.3 مليار كمساهمة من الدولة.

192- أما فيما يخص القضاء على مدن الصفيح، فقد تم وضع البرنامج الوطني "مدن بدون صفيح" الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك في تموز/يوليه 2004. ويتم تنفيذ هذا البرنامج، الذي سيعبأ في إطاره استثمار إجمالي يقدر ب‍ 25 مليار درهم، بمساهمة من صندوق التضامن للسكن قدرها 10 مليار درهم، على مدى الفترة ما بين 2004 و2012، ويشمل ما يقدر ب‍ 000 298 أسرة تقطن حوالي 000 1 حي صفيحي. وقد مك ّ ن ذلك إلى حدود شهر أيلول/سبتمبر 2008 من هدم وإعادة هيكلة 000 112 وحدة من المساكن الصفيحية، وتوجد حالياً أكثرمن 000 20 وحدة سكنية جاهزة تم ترحيل الأسر المستفيدة إليها، إضافة إلى 000 70 وحدة لا زالت في طور الانجاز. هذا وقد تم التعاقد إلى حدود نهاية شهر تشرين الأول /أكتوبر 2008 حوالي 000 269 أسرة.

193- والتزاماً من الدولة بتأهيل بعض المناطق السكنية المهمشة التي عرفت أحداثاً أليمة إثر ارتكاب عمليات إرهابية سنة 2003، أخدت الدولة المغربية على عاتقها مهمة تأهيل هذه المناطق لإخراجها من العزلة التي تعرفها، وذلك من خلال إعادة تأهيل دوار سكويلا وطوما ومد هذه المناطق بالتجهيزات الأساسية من إنارة وماء شروب ومجاري المياه العادمة والصرف الصحي.

194- وقد واكبت هذه الإجراءات تدابير مصاحبة لتبسيط المساطر وتسهيل ولوج خدمات التعمير عن طريق إحداث 85 شباكاً وحيداً تغطي 66.3 في المائة من الجماعات الحضرية و45.7 في المائة من الجماعات القروية، وذلك حتى نهاية شهر حزيران / يونيه من السنة الجارية.

الحق في التمتع بخدمات الصحة العامة

195- يشكل الحق في الخدمات الصحية شأنه شأن الحق في التعليم والسكن والتغذية والمحيط السليم جانباً أساسياً في صون كرامة الإنسان، وهكذا فإن ولوج خدمات هذا المرفق يبقى حقاً للجميع دون تمييز. وبناء على ذلك شكل توفير الخدمات الصحية للجميع هدفا استراتيجياً تسعى المملكة إلى تحقيقه من خلال تسهيل ولوج الخدمات الطبية عن طريق تعزيز البنيات الأساسية الطبية، وإحداث التأمين الأساسي ضد المرض، ومواصلة برامج الوقاية ومكافحة الأمراض وتقوية السلامة الصحي ة . وقد قام المغرب بتفعيل سياسته في مجال الصحة ضمن استراتيجية تقوم على ثلاثة محاور أساسية هي مواصلة البرامج الصحية الهادفة إلى الوقاية ومكافحة الأمراض، وتحسين عرض الخدمات الطبية وتسهيل ولوجها، وتعزيز الأمن والسلامة الصحيين.

196- ففي مجال مواصلة برامج الوقاية من الأمراض ومكافحتها، كانت الأهداف المسطرة هي تقليص بعض المخاطر كمخاطر وفيات الأمهات والأطفال دون سن الخامسة ومكافحة الأمراض المنقولة.

197- وعلى مستوى مكافحة الأمراض، تم سلوك سياسة لا  مركزية في مجال مراقبة الأمراض المعدية، وتمت مواصلة برنامج تعميم المراكز الإقليمية لتتبع وملاحظة الأمراض (16 مركزاً سنة 2003)، وذلك بإحداث خلايا إقليمية لتتبع الأمراض المعدية (69 خلية سنة 2003)، وفي نفس الإطار، تم تلقيح 120 ألف شخص ضد التهاب خلايا المخ. وقد شكل المجهود المبذول في إطار برنامج مكافحة الأمراض الصدرية موضوع تنويه منظمة الصحة العالمية التي منحت للبرنامج ميدالية ذهبية سنة 2004.

198- وفضلاً عن ذلك، كانت مكافحة أسباب فقدان البصر من بين أولويات وزارة الصحة، حيث نظمت هذه الأخيرة ب ال تعاون مع بعض المنظمات غير الحكومية والجمعيات والسلطات المحلية حملات لمكافحة أمراض العيون بالمناطق التي لا  تتوفر على تجهيزات متخصصة في هذا المجال، فخلال سنة 2004 وعلى صعيد القطاع العمومي، تمت إعادة البصر لأكثر من 000 24 شخص كانوا يعانون من تكثف في عدسة العين.

199- وفيما يخص مكافحة داء فقدان المناعة المكتسبة عمل المغرب على تعميم ولوج ومجانية العلاج، حيث شهد في سنة 2004 إطلاق أول حملة وطنية في العالم العربي والإسلامي للتواصل والوقاية من هذا الداء، وقد ساهمت الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني بشكل كبير في تنمية الوعي بخطورة هذا الداء وتحسيس العموم وتوعيته بوسائل الوقاية منه ومكافحته.

200- وبالنسبة للأمراض غير المنقولة، تم بذل مجهودات كبرى في مجال التكفل بمرضى السكري بشكل يمك ّ ن المغرب من تحقيق الملاءمة مع المعايير الدولية، كما انخرط المغرب في الحملة الدولية للحد من أخطار التدخين، ووقع على الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة التبغ.

201- وقد قامت جمعية للا سلمى ب ال تعاون مع وزارة الصحة سنة 2007 بحملة كبرى للتوعية بالآثار السلبية للتدخين داخل المؤسسات التربوية، كما بذلت وزارة الصحة مجهودات كبيرة لتوسيع نشر ثقافة الصحة الإنجابية، والخدمات الضرورية للمعالجة الصحية وللتخطيط العائلي. وهكذا، تم تبني برامج متعددة من أهمها البرنامج الوطني للتخطيط العائلي والبرنامج الوطني للأمومة بدون مخاطر، كما انخرط المغرب، وبفعالية من أجل تحقيق أهداف الألفية الثالثة للتنمية، خاصة الهدفين 5 و6 اللذين يعتبران من صميم مقتضيات اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة باعتبارهما يتعلقان بحق المرأة في الصحة. وقد سمح تبني دفتر صحي للمرأة أقرته وزارة الصحة من أجل متابعة أفضل لصحة المرأة، نظراً لما يتضمنه من معلومات ضرورية تمكن من مواكبة المجهود المبذول في إطار استراتيجية الولادة بدون مخاطر.

202- ومن أجل تخفيض نسبة وفيات الأطفال والرفع من مستوى حماية الطفولة، وضعت وزارة الصحة استراتيجية تهدف إلى تدعيم البرامج الحالية و توسيع البرنامج الوطني للتلقيح بإدخال لقاحات جديدة، وتعميم استراتيجية العلاجات المندمجة المقدمة للطفل وتكريس منجزات برنامج الأمومة بدون مخاطر.

203- وعلى مستوى تعزيز البنيات الأساسية الصحية، واصلت الحكومة المغربية إنشاء وحدات العلاج الأساسية ببعض المناطق القروية النائية، وهكذا تم استكمال بناء وتجهيز 138 مؤسسة للعلاج الطبي الأساسي، وإنجاز مشاريع للصيانة والتهيئة ب‍ 65 مؤسسة مماثلة، وتجهيز 206 مؤسسة للعلاجات الأساسية و19 مركزاً لمرضى السكري و400 وحدة لاستقبال المرضى.

204- وبموازاة مع دعم البنيات الأساسية، تم اتخاد عدة تدابير لتأهيل المراكز الاستشفائية بتحسين تجهيزات مصالح المستعجلات والأشعة والمختبرات، وذلك على مستوى أربعين مستشفى موزعة على عدد من أقاليم وعمالات المملكة. وفي نفس السياق اتخذت تدابير مماثلة لتحسين تجهيزات الوحدات الاستشفائية المتطورة كمصلحة جراحة القلب والشرايين ومصلحة الأشعة ومصلحة أمراض القلب بمستشفى ابن سينا بالرباط، وتم اقتناء 4 أجهزة سكانير وتشغيلها بمستشفيات تازة وبني ملال والقنيطرة والعيون. كما عملت وزارة الصحة على تنمية قد ر ات المعهد الوطني للصحة في مجال البحث والتعاون، وتم تجديد معهد باستور بطنجة وتزويده بتجهيزات متطورة مولت في إطار التعاون مع إيطاليا.

205- وعلى مستوى تحسين ظروف التكفل بحالات القصور الكلوي، تم إحداث 32 مركزاً لتصفية الدم وتوفير المستلزمات الطبية بعدد من المناطق النائية. وقد واكب هذه العملية احداث عمليات الصيانة والتدريب اللازمين، وهو مجهود يندرج ضمن برنامج تعاقدي على مدى خمس سنوات يروم توفير 250 جهازاً.

206- وفي سياق التدابير الرامية إلى تسهيل ولوج الخدمات الطبية، وفي إطار سياسة الدواء، أعدت الحكومة المغربية مشروع مدونة جديدة للأدوية والصيدلة، تهدف إلى إعادة هيكلة القطاع الصيدلي في ضوء المعايير الدولية، كما تم إعفاء بعض الأدوية المستعملة في علاج بعض الأمراض المزمنة من الضرائب والرسوم، وإنجاز دراسة حول أسعار الأدوية في المغرب.

207- ومن أهم التدابير المتخذة لتسهيل ولوج الخدمات الطبية، المشروع الخاص بالتغطية الصحية الأساسية، الذي أحدث بموجب القانون الصادر في 3 تشرين الأول /أكتوبر 2002. ويشكل هذا القانون أحد المكونات الأساسية للسياسة الاجتماعية للحكومة الهادفة إلى تعميم ولوج الخدمات الصحية، وتحسين تمويل النظام الصحي عن طريق الإدخال التدريجي للتغطية الصحية الأساسية التي تتكون من نظامين أساسيين: الأول هو التأمين الصحي الإجباري الأساسي الذي يهم الأشخاص العاملين وذوي المعاشات من الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص، أما النظام الثاني فهو نظام المساعدة الطبية المخصص للأشخاص الذين لا  تتوفر فيهم شروط الانخراط في النظام الأول.

208- وقد تم بذل مجهوذ كبير لإعداد جميع النصوص التطبيقية الخاصة بنظام التغطية الصحية الإجبارية كما اتخذت عدة إجراءات لوضع النظامين موضع التطبيق، حيث تم وضع مخطط لتمويل التغطية بالنسبة للقطاع العمومي، وشملت التغطية 3 ملايين و200 ألف مستفيد من بينهم 700 ألف مستفيد جديد. ويبلغ معدل التغطية 100 بالمائة بالنسبة لمصاريف العلاجات المتعلقة بالأمراض المزمنة والمكلفة ومصاريف الاستشفاء بالمستشفيات العمومية، و90 في المائة من مصاريف الاستشفاء بالمؤسسات الطبية الخاصة، و80 في المائة بالنسبة لمصاريف العلاجات المتنقلة، و70 في المائة بالنسبة لمصاريف الأدوية بناء على أسعار الدواء في المغرب.

209- ومراعاة لخصائص ومميزات العمل بالقطاع الخاص، سواء على مستوى الأجور أو نظام المعاشات، تم الاتفاق على إعمال نظام التأمين الصحي الأساسي الإجباري بطريقة تدريجية، حيث انطلق النظام على أساس أن يشمل في البداية الأشخاص الخاضعين للضمان الاجتماعي وذويهم وكذا المتقاعدين الذين يمثل معاشهم على الأقل 70 في المائة من الحد الأدنى للأجور، وبذلك سيستفيد من هذا النظام 000 600 4 مستفيد، منهم 000 300 1 مؤمن في الضمان الاجتماعي، و000 900 2 يمثلون ذويهم، و000 10 8 متقاعد يتقاضون معاشاً لا  يقل عن 70 في المائة من الحد الأدنى للأجر، والبالغ عددهم 000 240 مستفيد.

210- أما المتقاعدون الذين لا  تتوفر فيهم تلك الشروط، فيمكنهم أن يستفيدوا من نظام المساعدة الطبية. وقد تم تحديد المخطط المالي لهذا النظام، وتحديد الجوانب المشمولة بالتأمين، والتي تشمل الاستشفاء والأمراض المزمنة أو التي تؤدي إلى عجز، والتتبع الطبي للأطفال إلى سن 12 سنة، وكذا الخدمات المتعلقة بالولادة وتبعاتها. ويتم استرجاع مصاريف العلاج في حدود 70 في المائة بناء على الأسعار الوطنية المرجعية، ويمكن أن تصل هذه النسبة المئوية إلى 90 في المائة بالنسبة للاستشفاء في المستشفيات العمومية. وتجدر الإشارة إلى أن استمرارية تمويل نظام التغطية الصحية الأساسية الإجبارية في القطاع الخاص تبقى مرهونة بشموله التدريجي للأجراء ذوي الأجر المرتفع الذين يستفيدون حالياً من تغطية اختيار ية، فهذه الفئة تمثل 20 في المائة من الأجراء و60 في المائة من كتلة الأجور، وهو ما يقتضي خفض المدة الانتقالية التي حددتها المادة 114 من مدونة التغطية الصحية في 5 سنوات قابلة للتجديد.

211- ولتعزيز الأمن والسلامة الصحيّين، عملت السلطات المعنية على تحديث القرار الوزاري المؤرخ في 26 تموز/يوليه 1967 الملزم بالتصريح ببعض الأمراض المعدية واتخاذ التدابير للحماية ضد انتشارها.

212- كما تم نهج استراتيجية للوقاية تقوم على ضمان جودة الأدوية وتأمين توفير الدم ومشتقاته والوقاية من الإشعاعات ومن التعفنات. وفي هذا الصدد تم تعزيز المراقبة على الصيدليات بالقطاعين العام والخاص، وبذلت مجهودات كبيرة لتجهيز المختبر الوطني لمراقبة الأدوية ليصبح معتمداً كمختبر مرجعي. ويسهر هذا المختبر على مراقبة جودة الأدوية والمواد الصيدلية، وذلك في إطار تحليلات فيزيائية وكيميائية وفحوص بيولوجية. كما يعتبر مختبراً مرجعياً لدى جامعة الدول العربية، وعضواً في شبكة المختبرات الأوروبية المرجعية.

213- وبخصوص إشكالية التسمم، تم القيام بحملة توعية حول أخطار لسع العقارب، فضلاً عن وضع خط هاتفي مفتوح على مدى 24 ساعة، لتلقي مكالمات المواطنين وتزويدهم بالإرشادات الضرورية حول ما قد يتعرضون له من تسمم.

214- إن المجهودات التي يبذلها المغرب لتطوير وتحسين الخدمات الصحية ما زالت تواجهها تحديات تتعلق بارتفاع نسبة الساكنة مقارنة مع البنيات والتجهيزات الطبية الموجودة، ونقص الموارد البشرية المؤهلة، إضافة إلى إ شكالية تقريب الخدمات الصحية من المرضى لا  سيما في المناطق القروية النائية، وهي عملية ترتبط أيضاً بضرورة الرفع من جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى.

الحق في الضمان الاجتماعي والخدمات الاجتماعية

215- يستفيد العاملون بالمغرب من نظام للتغطية الاجتماعية يسهر على تسييره الصندوق المهني المغربي للتقاعد بالنسبة للعاملين في القطاع العام والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنسبة لأجراء القطاع الخاص، فضلاً عن الصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد. وتتم مراقبة تطبيق تشريع الضمان الاجتماعي في القطاع الخاص بواسطة آليتين أساسيتين هما: مفتشية الشغل ومفتشية الضمان الاجتماعي. وطبقاً للفصل 146 من الظهير المنظم للضمان الاجتماعي كما تم تعديله وتغييره، فإن مندوبي ومفتشي ومراقبي الضمان الاجتماعي والأعوان المكلفين بتفتيش العمل يسهرون على مراقبة الضمان الاجتماعي. ويمكن لمختلف الأعوان مراقبة عدد المستخدمين و الاطلا ع على وثائق التصريحات للضمان الاجتماعي وسجلات الأداء، وقد مكنهم المشروع من عدة آليات قانونية لضمان التطبيق الفعلي لقانون الضمان الاجتماعي أهمها تحرير المحاضر، وتوجيه الإنذارات والحجز.

216- كما يقوم أعوان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المكلفون بمهام المراقبة بتتبع ومراقبة مطابقة التصريحات بالأجور المنجزة من قبل المشغلين مع وكلاء الاشتراك بالصندوق، ومراقبة مسألة انخراط المقاولات وتسجيل الأجراء والتصريح بأجورهم. وقد تم رفع قيمة الغرامات ومدة العقوبات في حق المشغلين الذين لا  يطبقون قانون الضمان الاجتماعي لجعلها أكثر ردعاً، واتخذ الصندوق في السنوات الأخيرة عدة إجراءات تهدف إلى تحسين جودة الخدمات المرتبطة بالمنخرطين والكفيلة بالتحكم في احترافية عمليات المراقبة والتفتيش وذلك بوضع نظام للبرمجة يتوخى الشفافية والوضوح وحماية المقاولات من أي شطط كيفما كان نوعه، وبإحداث مسطرة لتدبير الطعون المتعلقة بنتائج المراقبة والتفتيش. وفي نفس الاتجاه بادر الصندوق، بهدف تحديث وتطوير هذا النظام، إلى إخضاع عائداته إلى التحصيل المباشر، وهي إجراءات كان لها انعكاس إيجابي واضح بحيث إن التحصيل أصبح يمارس بكيفية دقيقة وسريعة.

الحق في التعليم والتدريب

217- انتهج المغرب منذ الاستقلال سياسة تعليمية تنبني على ضمان الحق في التعليم للجميع ومحو الأمية والخدمات المجانية، وهي اختيار ات عززها بإجراءات إلزامية التعليم، واعتباراً لإكراهات ارتفاع عدد الملتحقين بالمدارس الذي يبلغ في التعليم الأساسي والثانوي وحده ما يربو عن 6 ملايين تلميذ، ولشساعة وامتداد الأراضي وتنوع خصائصها يتطلب بنية تحتية قوية وملائمة لكل منطقة. ونظراً للحاجة إلى قفزة نوعية في هذا المجال تضمن تطوير المناهج والبرامج والكتب المدرسية، وتعتمد نهج الجودة وتطبيق خصوصيات التربية الحديثة. فقد قام المغرب بعدة دراسات على مستوى الشكل والمضمون لتحديد الحاجيات وأولويات التدخل، توافق الجميع على إثرها على وضع واعتماد "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" كمرجع أساسي يعتمد من أجل الإصلاح الهيكلي والتربوي و ت دريب العنصر البشري، اعتباراً لأهمية المدرسة كنواة لكل إصلاح وكصمام أمان لربح كل رهان، ولتحقيق مشروع المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي يسعى إليه المغرب. كما تم تخصيص عشرية كاملة 2000-2009 لإصلاح هذا القطاع والنهوض به باعتباره من أولى أولويات البلاد.

218- وقد شملت الإصلاحات المؤسسية والقانونية والتنظيمية والتربوية التي تم إنجازها في بداية العشرية جميع جوانب المنظومة التعليمية، فشملت الجانب المؤسسي بإدخال إصلاحات هيكلية شملت تنظيم التعليم الأولي، وإقرار النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي، وإحداث الأكاديميات الجهوية للتعليم والتدريب، وإعادة هيكلة بنيات الإدارة المركزية لملاءمتها مع التنظيمات المحدثة، وتفعيل النصوص الخاصة بتدبير نظام التربية والتدريب مركزياً وإقليمياً وإقليمياً ومحلياً.

219- وإلى جانب ذلك تمت مراجعة الكتب المدرسية من منظور ثقافة حقوق الإنسان، وإصلاح البرامج والمناهج في اتجاه توسيع استعمال التكنولوجيا الحديثة للإعلام والتواصل، وتنمية مهارات التلميذ وكفاءاته، وإعادة النظر في الامتحانات، كما شملت الإصلاحات القائمين على العملية التعليمية من خلال إخضاع نساء ورجال التعليم للتدريب المستمر، والنهوض بوضعهم بإصدار القانون الأساسي لموظفي التربية الوطنية، وإحداث مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لرجال التعليم وتفعيلها. وقد ركزت الإصلاحات على التلميذ كغاية نهائية للتدابير المتخذة، حيث تم التنصيص على إلزامية التعليم وفتح الفرص أمام التلاميذ دون تمييز والحرص على جعل تلك التدابير وسيلة ليس لشحن التلميذ بالمعلومات والمعطيات، وإنما لتطوير مهاراته وتمكينه من التفكير المنطقي والقدرة على تطبيق تلك المعلومات واستخدامها.

220- وقد كانت سنة 2004 التي تزامنت مع مضي نصف العشرية فرصة للتأمل في وضعية السياسة التعليمية وتقدير نتائج الميثاق الوطني للتريبة والتكوين حيث تم عقد منتديات للتقييم ارتكزت على كيفية الرفع من جودة النظام التعليمي، وتسريع وتيرة التدريب وتعميم المعلوميات، حيث اعتمدت الحكومة برنامجاً يمتد على ثلاث سنوات، ستستفيد خلاله 600 8 مؤسسة و5.5 مليون تلميذ من هذه العملية بقيمة مليار درهم، خصصت لشراء 100 ألف حاسوب، وإنجاز التدريب اللازم في هذا المجال لفائدة 000 223 استاذاً.

221- كما تم اعتماد مرتكزات سياسة جديدة من خلال إقرار فعلي لنهج اللامركزية واللاتمركزية، وقد ركزت التدابير المتخذة في السنوات الأخيرة على الرفع من نسبة الالتحاق بالمدارس، ليبلغ عدد التلاميذ بالمدارس أكثر من 6 ملايين، مع التركيز على التعليم بالوسط القروي، خاصة في صفوف الفتيات القرويات ( 82.2 في المائة مقابل أقل من 25 في المائة في منتصف السبعينات) والعمل على محاربة ظاهرة الرسوب وعلى تعليم من فاتتهم السن القانونية (6 سنوات) في إطار التربية غير النظامية، وتدشين مسيرة النور لمحو الأمية، ورفع أعداد المدارس، وتسوية الوضعية الإدارية والمادية للأطر التربوية والإدارية.

222- وتجدر الإشارة إلى أن عدد المستفيدين من برامج محاربة الأمية خلال الفترة ما بين 2007 و2008 بلغ ما يناهز 651263 مستفيد ومستفيدة، كما أن الإصلاحات المتخذة مك ّ نت من تخفيض معدل الرسوب من 70 في المائة قبل 1996 إلى 20 في المائة حاليا؛ وتجاوزت نسبة مشاركة النساء في دروس محاربة الأمية 80 في المائة من المجموع العام للمستفيدين. ولتسريع وتيرة الانخراط في برامج محاربة الأمية، قامت الحكومة في أيار/مايو 2003 بتنظيم حملة وطنية أطلقت عليها إسم "مسيرة النور" استهدفت محاربة أمية مليون شخص في السنة في أفق القضاء النهائي عليها.

223- كما تم إعداد برنامج وطني للتربية غير النظامية يروم إدماج الشباب من 16 إلى 18 سنة مع الالتزام بتنفيذ هذا البرنامج قبل نهاية العشرية الوطنية للتربية والتدريب (2000-2009)، وتمكين مختلف المستفيدين من هذا البرنامج من الدخول أو العودة إلى التعليم والتدريب عبر وضع مسالك مناسبة لمستواهم العلمي.

224- وتبعاً لذلك، شهد العام الدراسي 2008-2009 تسجيل 124 937 3 تلميذ جديد بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي مقابل 640 878 3 تلميذ خلال السنة الدراسية المنصرمة 2008-200 9 ، أي بزيادة تقدر ب‍ 1.5 في المائة، واستقبال 627 491 1 تلميذ جديد بالسنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي خلال العام الدراسي 2008-2009 (أي بزيادة 3.7 في المائة مقارنة بالسنة الدراسية السابقة)، وتسجيل 703 794 تلميذ موجه إلى الجذوع المشتركة للتعليم الثانوي التأهيلي خلال العام الدراسي الحالي مقابل 663 713 في العام الدراسي المنصرم (أي بزيادة تقدر ب‍ 11.4في المائة ) .

225- وهكذا فإن الأعداد الإجمالية للممدرسين بالتعليم الابتدائي والثانوي تقارب 3 . 6 مليون تلميذ من بينهم 400 162 4 تلميذ في التعليم الابتدائي (بزيادة 3.4 في المائة مقارنة مع العام الدراسي السابق) و 600 383 1 تلميذ بالتعليم الثانوي الإعدادي (بزيادة 12.3 في المائة) و000 673 تلميذ بالتعليم الثانوي التأهيلي (بزيادة 6.3 في المائة) وبلغت هذه الأرقام بالوسط القروي خلال نفس العام الدراسي 600 045 2 تلميذ بالتعليم الابتدائي (بزيادة 5.2 في المائة، تمثل الإناث 46 في المائة منهم) و 100 296 بالتعليم الثانوي الإعدادي (بزيادة 16.3 في المائة)، و 300 49 بالتعليم الثانوي التأهيلي (بزيادة 4.5 في المائة).

226- وعلى مستوى التجهيزات الأساسية بلغت الطاقة الاستيعابية الإجمالية للمراحل التعليمية الثلاث، حوالي 045 137 حجرة دراسية بزيادة حوالي 380 5 حجرة دراسية عن العام الدراسي السابق.

227- كما ارتفع عدد التلاميذ بالتعليم القروي سنة 2006 إلى ( 617 279 2 ) تلميذ مقابل 969 871 1 سنة 2000، وهو رقم يبين نسبة التقدم الحاصل على مستوى الالتحاق بالمدارس في العالم القروي حيث ازدادت نسبة تعليم أطفال الفئة العمرية 4-5 سنوات إلى 55 في المائة مقابل 51 . 3 في المائة في السنة الفائتة، في حين تم تسجيل 000 275 طفل بالوسط القروي، أي بزيادة 14 في المائة مقارنة بالعام الدراسي المنصرم. أما في السنة الأولى ابتدائي فقد انتقل عدد المسجلين الجدد البالغين 6 سنوات بالتعليمين العمومي والخاص من 415 إلى 454 تلميذاً سنة 2001 إلى 356 515 تلميذاً سنة 2005 و 000 530 سنة 2006.

228- وقد اتخذت الوزارة الوصية عدداً من الإجراءات لمحاربة الانقطاع عن التعليم في المرحلتين الابتدائية والإعدادية والتخفيف من ظاهرة الرسوب المدرسي. ولمعالجة هذه الظاهرة تم فتح باب التسجيل في المدرسة للفتيان والفتيات في سن 6 سنوات بعدما كان محدداً في السابق في 7 سنوات، كما تم إحداث لجان محلية مشتركة لضبط حالات الرسوب والهدر المدرسي وأسبابها ومعالجتها، ونظمت حملات توعية لفائدة الآباء والتلاميذ، وزودت المعوزين منهم بالكتب والأدوات المدرسية، وعملت على توسيع الداخليات بالثانويات، وإنشاء دور للطلبة والطالبات، وتقديم وجبات غذائية للتلاميذ القاطنين على مسافات بعيدة في إطار "المطعم المدرسي".

229- وهكذا بلغ عدد التلاميذ المستفيدين من الإطعام المدرسي بالتعليم الابتدائي خلال العام الدراسي 2008-2009 ما يقارب 876 021 1 مستفيداً مقابل 027 920 مس تفيداً خلال العام الدراسي 2007- 2008. ويمثل عدد المستفيدين بالوسط القروي نسبة 90 في المائة من مجموع المستفيدين، كما تبلغ نسبة التغطية بخدمات الإطعام المدرسي بالوسط القروي 47 في المائة من الممدرسين بهذا الوسط، نصفهم من الإناث. كما استفاد من خدمات الإطعام المدرسي بالتعليم الثانوي الإعدادي 300 29 تلميذ مقابل 915 20 خلال العام الدراسي المنصرم.

230- وفضلاً عن ذلك، انتقل عدد التلاميذ المستفيدين من المنح الدراسية خلال العام الدراسي 2005-2006 إلى ما يفوق 000 46 بالتعليم الثانوي الإعدادي مقابل 211 40 مستفيداً خلال العام المنصرم، أما بالتعليم الثانوي التأهيلي فقد بلغ عدد المستفيدين 700 56 مقابل 500 45 خلال السنة الدراسية 200 4 -200 5 . وقد تعززت شبكة الأقسام الداخلية بفتح أو إعادة فتح 13 داخلية بالتعليم الثانوي الإعدادي و7 داخليات بالتعليم الثانوي التأهيلي، بحيث انتقل عدد الداخليات بهاتين المرحلتين من التعليم على التوالي، إلى 198 و211. وقد تم دعم هذه الجهود بمبادرات قامت من خلالها بعض جمعيات المجتمع المدني بتوزيع عدد من المنح وتوفير مآوي للتلاميذ، خصوصاً لفائدة التلميذات القرويات الممدرسات خارج جماعاتهن. كما ساهمت مبادرة توزيع مليون حقيبة مدرسية للسنة الدراسية 2008-2009 على أبناء الأسر المحتاجة في دعم نسبة الالتحاق بالمدرسة وتشجيع الإقبال على المدرسة.

231- ولتقريب المدرسة من المتعلمين، شهدت بعض نيابات الوزارة في الأعوام الدراسية الأخيرة تجارب رائدة في مجال النقل المدرسي في الوسط القروي، مكنت من تشجيع التعليم بصفة عامة، والتحاق الفتاة القروية بالمدرسة بصفة خاصة. وقد دعت الوزارة كافة مديري الأكاديميات الإقليمية للتربية والتدريب ونواب الوزارة، إلى القيام بالإجراءات اللازمة لدعم وتوسيع خدمات النقل المدرسي في الوسط القروي بتنسيق مع كافة الشركاء، وخاصة مع جمعيات آباء وأولياء التلاميذ والسلطات والجماعات المحلية والقطاعات المنتجة والمنظمات غير الحكومية المهتمة بالتربية في الوسط القروي. وحرصاً على إنجاح تجربة تعميم النقل المدرسي بالوسط القروي وتعزيز أسطوله في إطار العمليات المنظمة تحت شعار "النقل المدرسي دعامة لتعليم جيد"، قامت الوزارة باقتناء دفعة ثانية من 20 حافلة لفائدة 10 نيابات إقليمية أخرى خاصة الأكثر احتياجاً.

232- وفي نفس السياق الرامي إلى تقريب المدرسة من المتمدرسين تم إحداث خيم مدرسية لتشجيع تمدرس أبناء الرحل في المناطق الجبلية والنائية، حيث عرفت السنة الدراسية 2005-2006 تجهيز 12 مدرسة خيمة بنيابة مدينة فكيك بمختلف المعدات التربوية والمواد التعليمية في إطار برنامج ميدا.

233- واعتباراً للدور الذي أصبح يلعبه التعليم المدرسي الخصوصي لتحقيق هدف تعميم التعليم، فإنه ينتظر منه أن يكفل تمدرس 20 في المائة من التلاميذ في نهاية العشرية الحالية. وفي هذا السياق شهدت أعداد المتمدرسين بهذا القطاع تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، فخلال العام الدراسي 200 8 -200 9 ، وصل عدد التلاميذ في التعليم المدرسي الخصوصي بمختلف مراحل التعليم 880 476 تلميذ أي بزيادة 6 . 6 في المائة عن السنة الدراسية 200 7- 200 8 التي شهدت تسجيل 550 447 تلميذ وتلميذة.

234- وفيما يخص التعليم العالي، تواصل خلال السنوات الخمس الأولى للإصلاح تزايد عدد الطلبة المسجلين بالجامعات، كما شرع العمل في سنة 2003 بتطبيق الهندسة التربوية التي تنبني على نظام الإجازة والماجستير والدكتوراه، واعتماد تنظيم تربوي يقوم على الوحدات والمسالك.كما عمل على تعزيز البحث العلمي، وتدريب الأطر وإحداث ثمان كليات متعددة التخصصات في مدن وأقاليم لم تكن تتوفر فيها مؤسسات جامعية. ويشمل هذا الإصلاح تحسين الوضع المادية للعاملين في الحقل الجامعي، مع تركيز الاهتمام فيما يتعلق بتدريب الأطر على إعادة تنظيم أجهزته وتوحيد أساليب تدبير مؤسساته في انسجام مع المؤسسات الجامعي، انطلاقاً من القانون الخاص بتنظيم التعليم العالي. وقد شهد عدد حاملي البكالوريا ارتفاعاً بنسبة 8 . 4 في المائة، حيث ارتفع من 581 369 سنة 2006-2007، إلى 849 396 طالباً فخلال العام الدراسي 200 7 -200 8 مسجلاً بذلك زيادة قدرها 7.38 في المائة.

235- ورغم المنجزات التي حققها المغرب على مستوى سياسته التعليمية ما زالت تنتظر منه بذل المزيد من الجهوذ لتحقيق نتائج أفضل وهي وضعية تبقى مرهونة بتحقيق مجموعة من التحديات، أهمها تعميم الدراسة بحلول عام 2015 والحد من الهدر المدرسي خاصة في الوسط القروي وضمان جودة التعليم، تهيىء البرنامج الاستعجالي 20 09 -20 12 ، وهو ما لا يمكن أن يتأتى إلا باعتماد مناهج تعليمية وتربوية متطورة وحديثة ترتكز على معيار الجودة، توفير الدعم الاجتماعي للفئات المتمدرسة المنتمية إلى الطبقات الفقيرة والمحدودة الدخل وتوفير بنيات تحتية في البوادي والمناطق النائية لضمان التمدرس للجميع، هذا إلى جانب تعزيز المساواة وتكافؤ الفرص في التعليم والتدريب حيث انتقل تطور مؤشر التكافؤ بين الجنسين في التعليم العمومي في جل فروعه على المستوى الوطني من 0.80 في المائة سنة 2000 إلى 0.86 في المائة سنة 2006.

236- ويضاف إلى ذلك التحديات التي تواجهها السياسة التعليمية في المغرب والتي ترتبط بتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير القانونيين من دول جنوب الصحراء واستقرار نسبة كبيرة منهم بالمغرب مع ما يطرحه ذلك من إشكال على مستوى ضمان حقوقهم الاجتماعية بما فيها حقهم في التربية والتدريب خاصة بالنسبة للأطفال.

حق الإسهام على قدم المساواة في الأنشطة الثقافية

237- شكل الخطاب الملكي ب أغادير في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2001 بمناسبة الإعلان عن إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أكبر التزام بضمان وتكريس الهوية الوطنية المبنية على روافد متنوعة دينية وعرقية وثقافية. وتبعاً لذلك، تم اتخاد جملة من التدابير بهدف تعزيز حضور الأمازيغية كمكون وطني وثقافي واجتماعي، والإهتمام بها وإعادة الاعتبار للكتاب الامازيغي، الذي حظي باهتمام خاص في المعرض الدولي الرابع عشر للنشر والكتاب بالدار البيضاء من 9 إلى 18 شباط/فبراير 2007.

238- وقد شهدت السنوات الأخيرة جملة من المبادرات على درب تقوية البنية التحتية الثقافية والرفع من الاعتمادات المخصصة للمجال الثقافي وإعطاء اللغة الأمازيغية مكانتها اللائقة بها في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية، حيث تم تخصيص عدد من البرامج بالقنوات الإذاعية والتلفزية المغربية تعنى بالثقافة واللغة الأمازيغيتين. وتواصل الإذاعة الأمازيغية عملها باللهجات الثلاث كما يجري التخطيط لإنشاء قناة ناطقة باللغة الأمازيغية وذلك في إطار الانفتاح السمعي - البصري وتكريس التنوع الذي يميز الثقافة المغربية.

239- ولإدماج الأمازيغية في المجال الإعلامي قام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ببلورة استراتيجيته تضمن مواكبة إدماج الأمازيغية في النسيج الإعلامي وخاصة في الفضاء السمعي البصري، وذلك بشراكة مع وزارة الاتصال حيث أسفرت اللقاءات التي تمت مع مختلف الأطراف المعنية بالميدان الإعلامي على تدشين عدد من المشاريع من بينها:

تمديد فترات البث بالنسبة للقناة الإذاعية الأمازيغية خلال موسم 2005 حيث شكل هذا الإجراء قفزة نوعية في المساهمة في توسيع رقعة المستمعين إلى هذه القناة، بحيث انتقل عدد ساعات البث من 12 ساعة في اليوم إلى 16 ساعة ابتداء من 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 ؛

تبني مقاربة جديدة لتكريم رموز الثقافة الأمازيغية والاهتمام بعالم الطفل ؛

انتقال تجربة البث الموحد بالأوجه الأمازيغية الثلاثة من نشرة الأخبار بالقناة التلفزية الأولى إلى العديد من الحصص الإذاعية الصباحية خاصة فيما يتعلق بمواكبة وتغطية المناسبات الوطنية والدولية.

240- أما بالنسبة لباقي القنوات فيمكن تسجيل تحولات مهمة في مجال البرامج المهتمة بالأمازيغية ابتداء من الموسم الإذاعي الفائت، وهكذا قدمت القناة الثانية منذ بداية 2006 مجموعة من البرامج الناطقة بالأمازيغية في مجال الرياضة والطب والثقافة إضافة إلى برنامجي لحظة شعر ونماذج عن الأمازيغية وتغطية مجموعة من الأنشطة الفنية والإشعاعية. وينتظر قريباً إعطاء الانطلاقة لقناة تلفزية أمازيغية تحمل اسم "الأمازيغية" التي ينتظر أن تقدم إضافات نوعية خدمة للمشهد الاعلامي المغربي.

241- وقد أسفرت الجهوذ المبذولة في مجال دعم النشر والإشعاع الثقافي الأمازيغي داخل المعهد عن بروز العديد من الأعمال حيث تجاوز عدد الإصدارات تسعين مؤلفاً شملت مجالات الأدب والتاريخ وعلم الإنسان واللغة والمواد التعليمية، والتعابير الفنية ... إلخ، كما نظم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عدة ندوات علمية ولقاءات في مجالات متعددة تدخل ضمن اختصاصاته تهم نشر هذه اللغة وثقافتها والتعريف برموزها وخصوصياتها.

242- وعموماً فإن حق ممارسة النشاط الثقافي يبقى حقاً من الحقوق المكفولة لكل شخص يتواجد فوق تراب المملكة بغض النظر عن جنسيته أو عرقه أودينه أو انتمائه طالما أن هذا الحق سيتم ممارسته في إطار الضوابط القانونية المنظمة لهذا النشاط، فالمساواة في الاسهام في ممارسة النشاط الثقافي حق يتمتع به المغربي والأجنبي، المرأة والرجل على حد سواء. ويشهد المغرب على مدار السنة عدة أنشطة ثقافية تجمع بين عدة جنسيات وفعاليات مدنية وسياسية وفنية.

243- ولتيسير تحقيق قدر كاف للجميع لل إ سهام في الأنشطة الثقافية، عملت الحكومة المغربية على إنجاز عدة بنيات تحتية تتعلق باحداث دور للشباب و إ حياء عدة معارض ومنتديات ثقافية ومهرجانات بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني والفعاليات الوطنية والدولية، حيث تبقى الثقافة حقاً من الحقوق التي لا  مجال لل ت مي ي ز فيها ، بل إن الحق في الإسهام على قدر المساواة في الأنشطة الثقافية يسري على جميع المواطنين بمن فيهم السجناء الذين لهم أيضاً الحق في ممارسة الأنشطة الثقافية وتنظيم عروض ترفيهية وتربوية وفنية داخل المؤسسات السجنية، بمساهمة أشخاص أو فرق من خارج المؤسسات. وفي هذا الإطار فإن الأشخاص والجمعيات بما فيها الأمازيغية تشارك بفعالية في هذه الأنشطة، كما أن المعتقلين بحسب لهجاتهم ولغاتهم يستفيدون بالإضافة إلى ذلك من البرامج التي تبث عبر وسائل الإعلام الوطنية باللهجات الوطنية المختلفة.

الحق في دخول الأمكنة المفتوحة للجمهور (وسائل النقل والفنادق والمطاعم والمقاهي والمسارح والحدائق العامة )

244- تجب ال إ شارة بهذا الخصوص إلى أن القوانين والأنظمة التي تحكم الأمكنة المفتوحة للعموم تطبق بصفة مجردة وعامة، ولا تتضمن أية مقتضيات من شأنها أن تبعث على التمييز بين مرتادي هذه الأمكنة على أساس الجنس أو اللون أو الدين أو غيره. فخدمات النقل العمومي وباقي الخدمات العامة، تعتبر مرافق عمومية يلتزم من يقوم بتدبيرها مؤسسة عامة أو شركة خاصة في مجالها بالقواعد الأساسية التي تحكم المرفق العمومي، والتي تعتبر المساواة بين المنتفعين أحد مكوناتها الأساسية. أما بالنسبة للفنادق والمطاعم والمسارح والمقاهي فإن الأمر يتعلق بمشاريع خاصة تتعامل مع الجمهور بوصفهم زبناء على أساس منطق اقتصادي هدفه الكسب المادي، وبالتالي فإن ارتياده لا  يرتبط إلا بأد ا ء واجب الاستفادة من خدماته.

المادة 6

1- دولة القانون من المنظور القضائي

245- مما لا  شك فيه أن القضاء يضطلع بدور أساسي في حماية وصيانة حقوق الإنسان تكريساً لدولة القانون والمؤسسات، باعتباره جهازاً يسهر على فرض احترام الضمانات القانونية، ويساهم بشكل مباشر في صيانة مبدأ المساواة بعيداً عن كل معاملة تمييزية تستند إلى عامل الجنسية أو الأصل الاجتماعي أو غيرها من مظاهر وأشكال التمييز.

246- وأول مظاهر المساواة تجد تطبيقاتها في النظام القضائي نفسه، حيث إن ولوج مهنة القضاء مفتوح في وجه جميع المواطنين دون تمييز أو استثناء، وهو حق للأشخاص الخاضعين لسلطة الدولة من مغاربة أو أجانب على حد سواء ووفق نفس الشروط.

247- وتأكيداً منه بتشبث المملكة المغربية بمبادئ حقوق الإنسان وفق ما هو متعارف عليها عالمياً، عمد القضاء المغربي في الكثير من الحالات إلى تطبيق الاتفاقيات الدولية بشكل مباشر وترجيحها على القانون الداخلي في حالة التعارض بينهما، مما يؤكد انخراط القضاء في مسلسل تدعيم حقوق الإنسان ومواكبة أحكامه للمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.

248- واستجابة للملاحظات الختامية للجنة بشأن التقارير الدورية 14 و15 و16 (CERD/C/62/CO/5)، الفقرة 13، بخصوص المسألة المتعلقة بصدور أحكام عن القضاء المغربي في مجال منع التمييز، فقد أبان هذا الأخير من خلال الأحكام التي أصدرها بمناسبة تطبيق قانون منع التمييز عن تفاعل كبير مع الالتزامات الدولية للمغرب في هذا المجال حيث نورد مثالاً لحكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالجديدة كان الضحية فيه مواطناً تونسياً حيث تمت متابعة الفاعل من أجل التحريض على التمييز، وصدر حكم في الموضوع بتاريخ 12 نيسان/أبريل قضى بمؤاخذة الفاعل (مغربي الجنسية) من أجل المنسوب اليه بخصوص جنحة التمييز والحكم عليه بثلاثة أشهر حبساً موقوفة التنفيذ وغرامة نافذة قدرها 000 1 درهم، بالإضافة إلى تعويض مدني لفائدة الطرف المتضرر قدره 000 3 درهم.

249- وفي نفس الإطار أصدرت المحكمة الابتدائية بتزنيت بتاريخ 19 كانون الأول/ديسمبر 2005 حكماً قضى بمتابعة أشخاص متهمين بجنحة التمييز بالنظر إلى العبارات التي استعملوها في حق المتضرر. وقد قضت المحكمة في هذه الدعوى بمؤاخ ذ ة المتهمين من أجل الأفعال المنسوبة إ ليهم بخصوص جنحة التمييز وحكمت عليهم بعقوبة حبسية نافذة حددتها في شهرين اثنين، إ ضافة إلى عقوبة مالية قدرها 500 درهم لكل واحد من المتهمين. كما صدرت أحكام أخرى في نفس الموضوع بالبراءة لعدم توفر عناصر جريمة التمييز أو لانعدام إثبات هذه الأفعال، كما لا  تزال دعاوى وشكايات أخرى رائجة في نفس الموضوع أمام القضاء تنتظر البث فيها.

250- وتدل الأحكام التي أصدرها القضاء المغربي بهذا الخصوص على وجود دينامية وتفاعل إيجابي من طرف القضاء المغربي مع مبادئ حقوق الإنسان وقيمها ليؤكد بذلك تمسكه بدوره في ضمان حماية حقوق الإنسان وصيانتها من كل تمييز.

251- ولتأكيد حق جميع الأفراد في اللجوء إلى القضاء والمطالبة بحقوقهم على وجه المساواة مع خصومهم، فإن الترسانة التشريعية المغربية تتضمن مقتضيات خاصة لمساعدة الأشخاص ذوي الدخل المحدود والعاجزين عن أداء الصوائر القضائية، من خلال تمتيعهم بالمساعدة القضائية التي تشمل بالإضافة إلى إلغاء الصوائر والرسوم، مؤازرة المعنى بالأمر من طرف محام، كما أن هناك تفكيراً يتجه إلى إعداد تصور جديد للمساعدة القضائية يشمل إلى جانب المساعدة المالية، المساعدة على ولوج المعرفة القانونية وتيسير الوصول إلى المعلومة.

252- فإن التزام المغرب بمبادئ حقوق الإنسان ومن خلالها بمبدأ المعاملة بالمثل دون تفرقة بين الأشخاص، جعلته يدرج هذا الحس الحقوقي ضمن القواعد والمبادئ القانونية التي يتم على أساسها تسليم المجرمين في إطار التعاون القضائي الدولي، حيث اعتبر قانون المسطرة الجنائية المغربي من أسباب رفض طلب التسليم المقدم من دولة أخرى ارتكازه على اعتبارات عنصرية،حيث نص الفصل 721 من قانون المسطرة الجنائية على أنه: "لا يوافق على التسليم إذا اعتقدت السلطة المغربية لأسباب جدية أن طلب التسليم المستند إلى جريمة من الجرائم العادية لم يقدم إليها إلا بقصد متابعة أو معاقبة الشخص من أجل اعتبارات عنصرية أو دينية أو يتعلق بالجنسية أو بآراء سياسية".

253- وللحيلولة دون تعسف الإدارة أو تجاوزها لصلاحياتها القانونية في التدابير التي تتخذها، أحدثت محاكم إدارية ومحاكم استئناف إدارية موزعة على الجهات الكبرى للمملكة في إطار مبدأ لا  مركزية مرفق القضاء، تختص بالنظر في إلغاء قرارات السلطة الإدارية بسبب تجاوز السلطة، وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية ودعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام.

254- ولقد برهن القضاء المغربي غير ما مرة في أحكامه عن دوره في الدفاع عن حقوق الإنسان بما يقتضيه ذلك من إعمال لمبدأ المساواة بعيداً عن كل تمييز يمكن أن يطال حقوق الأفراد، وبذلك أكد قاعدة مساواة جميع الموظفين أمام القانون ومنحهم نفس الحق في الترقي وفق نفس الشروط، ومنع قيام الإدارة باتخاذ تدابير في مواجهة بعض الأفراد دون البعض الآخر لمساسه بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون. وكمثال على ذلك القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 13 كانون الثاني/يناير 2001 الذي جاء في حيثياته ما يلي: "إن القاضي الإداري وهو يراقب مدى تقيد الإدارة بمقتضيات الترقية لا  يخلق مناصب مالية أو يلزم الإدارة بتجاوز عدد المناصب المخصصة ولكن يراقب مدى تقيد الإدارة باحترام مبدأ مساواة موظفيها أمام القانون وأمام الفرص المتاحة".

255- كما أكد أيضاً حق الجميع في تأسيس الجمعيات بكل حرية ودون تمييز في إطار الضوابط المنصوص عليها قانوناً، ليقتصر دور السلطة الإدارية عند إنشاء الجمعيات على تسليم وصل الإيداع دون رفض تسليم هذا الوصل، ذلك أن القضاء هو الذي يقرر حل الجمعية أو إعلان بطلانها أو إغلاقها. ونسوق كمثال على ذلك الحكم الصادر عن المحكمة ال إ دارية ب أغادير بتاريخ 21 أيلول/سبتمبر 2006 الذي امتنعت فيه السلطة المحلية عن تسليم وصل إيداع يتعلق بالجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حيث أقرت المحكمة في حكمها قاعدة ق انونية اعتبرت بموجبها أن ال إ دارة ملزمة بتقديم وصل إ يداع التصريح بتأسيس الجمعية الذي يعتبر مجرد إشهاد بإيداع التصريح ولا تملك حق منع الجمعية منه.

256- وتعزيزاً لدور الجهاز القضائي في حماية حقوق وحريات الأفراد، يساهم المجلس الدستوري في مراقبة مدى دستورية القوانين ومدى احترامها للحقوق الدستورية للأفراد في تعزيز الحقوق السياسية للأفراد، كحق الترشيح والمساواة بين جميع المواطنين في إدارة الشؤون العامة وكذا حق التصويت والانتخاب، وقد قضى في العديد من المناسبات بإبطال العمليات الانتخابية التي تم فيها المساس بهذه الحقوق أو شابتها ممارسات تدليسية أو وقع فيها تدخل من قبل الإدارة.

2- دور المؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان

257- بادر المغرب إيماناً منه بقيم حقوق الإنسان ودورها والأهمية التي أضحت تحظى بها في المنتظم الدولي إلى تفعيل التزاماته الدولية من خلال انخراطه في السياق العام الرامي إلى تعزيز مبادئ حقوق الإنسان وإيجاد آليات كفيلة بحمايتها وصيانتها، فعمد طبقاً لما دعت إليه مبادئ باريس التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 1993 إلى تأسيس هيئات وطنية تأخذ على عاتقها مهمة صيانة مبادئ حقوق الإنسان، ومتابعة إعمال المغرب لتعهداته والتزاماته الدولية مع ضمان الحقوق والحريات ل لجميع دون تمييز. ومن بين المؤسس ات الوطنية التي تسهر على ضمان احترام حقوق وحريات الأشخاص، نجد المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي يمكنه بمقتضى الفصل ال ث اني من الظهير المؤسس له أن يفحص بمبادرة تلقائية منه أو بناء ً على عريضة الطرف المتضرر انتهاكات حقوق الإنسان وإصدار توصيات بشأنها إلى السلطات المختصة، كما يقوم ب إ حالة العرائض التي يتطلب الفصل فيها صدور حكم قضائي على القضاء ليتولى البث فيها.

258- وإلى جانب القضاء والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أحدث المغرب سنة 2001 مؤسسة جديدة تسعى إلى رفع الحيف الذي يمكن أن يطال حقوق الأشخاص، هي مؤسسة ديوان المظالم، تتوخى المساهمة في تكريس ممارسة حقوقية في المغرب وتعمل على حماية وصيانة حقوق وحريات الأفراد، وهو ما يتجلى من ديباجة النص المنظم له الذي أشار إلى بيان الأسباب الموجبة لتأسيسه والمتمثلة في إحقاق الحقوق ورفع المظالم وتدعيم أعمال المؤسسات ذات الصلة بحقوق المواطنين فضلاً عن إيجاد محاور متدخل لدى مختلف المصالح الحكومية.

259- ويتجلى دور مؤسسة ديوان المظالم في مكافحة أي تمييز في معاملة الأشخاص الذين يلجأون إلى الإدارات والمؤسسات العمومية على أكثر من مستوى، حيث يختص و ا لي المظالم بالنظر في شكايات وتظلمات المواطنين الذين يعتبرون أنفسهم ضحايا القرارات الإدارية الصادرة عن مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية، حيث يقوم الوالي ومندوبوه في باقي المرافق العمومية بتنسيق مع ممثلي مختلف الإدارات بإيجاد تسوية عاجلة لبعض المشاكل التي تعترض المواطنين، بل إن و ا لي المظالم بإمكانه رفع تقرير إلى السيد الوزير الأول كلما امتنعت إحدى الجهات الإدارية عن تنفيذ حكم نهائي ناجم عن أفعال صادرة عن أحد الموظفين المنتمين إلى الإدارات العمومية.

260- ويمكن للطرف المتضرر توجيه التظلمات والشكايات مباشرة أو بواسطة من ينوب عنه إلى السيد و ا لي المظالم أو إلى مندوبيه الوزاريين والإقليميين، وللتيسير على كل متضرر في اللجوء إلى مسطرة التظلمات أمام ديوان المظالم، أتاح القانون المنظم لهذا الأخير إمكانية سلوك المسطرة الكتابية أو الشفوية حسب اختيار الطرف المتضرر، ويشترط في الطلب الكتابي أن يكون مبرراً وموقعاً من طرف صاحب التظلم شخصياً، وأن يبين في طلبه الإجراءات التي سلكها أمام السلطة المتظلم منها للدفاع عن حقه موضوع التظلم.

261- وعلاوة على ذلك يمكن للمتضرر إذا تعذر عليه تقديم شكاية مكتوبة في الموضوع أن يقوم بتقديم شكاية شفوية مدعومة بالحجج والوثائق المبررة له، غير أن لجوء الطرف المتضرر إلى ممارسة إجراءات التظلم لدى ديوان المظالم لا  يشكل سبباً لقطع أو إيقاف التقادم أو آجال الطعن المكفولة قانوناً للطرف المتضرر أمام القضاء.

262- كما يتجلى دور ديوان المظالم في الحفاظ على حقوق وحريات الأفراد من أي تمييز قد يطالها أثناء لجوئهم إلى المرافق العمومية، من خلال الدور الذي يقوم به و ا لي المظالم على مستوى التحريات اللازمة للتأكد من حقيقة الأفعال والحيف الذي تعرضت له حقوق المتظلم، والتي يتعين بشأنها على الإدارات والمؤسسات المعنية تقديم الدعم لديوان المظالم حتى يتمكن هذا الأخير من الإحاطة بكافة جوانب النزاع، بل إن لوالي المظالم أو مندوبيه إمكانية الحصول على الوثائق المتعلقة بالتظلم موضوع التحقيق كما يمكن لوالي المظالم ورغبة منه في إيجاد حل لموضوع التظلم أن يقوم بالمساعي التوفيقية التي من شأنها أن ترفع الحيف عن الطرف المتضرر.

المادة 7

263- تعتبر التربية على حقوق الإنسان حلقة أساسية ورافعة قوية للنهوض بثقافة حقوق الإنسان وترسيخها، وهو ما أشارت إليه مجموعة من المواثيق والاتفاقيات الدولية ومنها الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وكذا العشرية الأممية للتربية على حقوق الإنسان 1995-2004 والبرنامج العالمي المقترح 2005-2007 للتربية على حقوق الإنسان.

264- والتزاماً من المملكة المغربية بتفعيل بنود الاتفاقية لا  سيما المادة 7 منها التي تلزم الدول باتخاذ تدابير فورية وفعالة في ميدان التربية والتعليم والثقافة بغية مكافحة الثغرات المؤدية إلى التم ييز العنصري وتعزيز قيم التفاهم والتسامح بين الشعوب، بادر المغرب إلى اتخاذ عدة إجراءات وتدابير تروم نشر ثقافة حقوق الإنسان بين الأفراد باعتبارها مبادئ إنسانية كوني ة مشتركة بين جميع البشر. وقد ان خ رط المغرب بشكل فعلي في هذه العملية منذ انطلاقها كما أنه كان سباقاً ب ال تعاون مع ف ي درالية سويسرا إلى دعوة مجلس حقوق الإنسان إلى اعتماد إعلان عالمي للتربية والتدريب في مجال حقوق الإنسان.

265- وعلى المستوى الداخلي ينفذ المغرب برنامجاً وطنياً للتربية على حقوق الإنسان يهدف إلى إدماج مبادئ حقوق الإنسان ضمن البرامج والمناهج الدراسية لمؤسسات التعليم الابتدائي والثانوي، حيث تم تضمين مجموعة من الكتب المدرسية مواضيع مشبعة بقيم حقوق الإنسان وفق مقاربة حقوقية تربوية ترتكز على النصوص والأمثلة والدعامات التربوية التي تساهم في ترسيخ قيم المساواة والكرامة التسامح والتعايش ومراع اة حق الاختلاف واحترام مبادئ ال إ نصاف والمساواة ونبذ العنف بجميع أشكاله. كما تم على مستوى المناهج الدراسية وضع دفتر للتحملات ينص على وجوب تفادي السقوط في النزعة التمييزية على أساس الجنس أو اللون، إ ضافة إلى احترام المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، كما تم إدماج مادة حقوق الإنسان على صعيد الدراسات الجامعية، بل وتخصيص وحدات للتخصص على مستوى الدراسات العليا تجعل من موضوع حقوق الإنسان محوراً للتدريب والبحث.

266- وفضلاً عن ذلك وحرصاً على ضمان نشر ثقافة حقوق الإنسان بين فئات واسعة من المجتمع وخاصة تلك الفئات التي لها ارتباط يومي بتطبيق وتنفيذ القوانين والتي سينعكس إيمانها بثقافة حقوق الإنسان إيجاباً على مستوى التعامل اليومي لهؤلاء في تطبيقهم للقوانين في مجالات العمل التي يشرفون عليها، فقد تم إدماج مادة حقوق الإنسان ضمن برامج التدريب لفائدة رجال الشرطة والدرك ورجال السلطة، كما تمت مراجعة برامجها التدريبية من منظور ثقافة حقوق الإنسان.

267- كما أن إدماج هذه المادة ضمن برامج التدريب بالنسبة للقضاة على مستوى المعهد العالي للقضاء تعزز منذ بداية التسعينات، وهي عملية رافقتها تكوينات في الميدان شملت الموظفين العاملين بالسجون لتعميم ثقافة حقوق الإنسان داخل مجالاتها، حتى تصبح حساً حاضراً في سلوكاتهم ومعاملتهم اليومية اتجاه من هم تحت إشرافهم. وهي عملية واكبتها حملة إعلامية وثقافية تستهدف التوعية بأهمية احترام حقوق الإنسان وترسيخ قيم التسامح، حيث تم إعداد مجموعة من البرامج التلفزية والإذاعية تهتم بالموضوع. كما تم في نفس السياق عقد عدة ندوات ودورات تدريبية لفائدة الأشخاص المكلفين بإنفاذ القوانين وهو برنامج واسع انخرط فيه مختلف مكونات المجتمع حكومة ومؤسسات وطنية وجمعيات مدنية وفاعلين حقوقيين.

268- ودعماً لمجهودات المملكة المغربية في مجال التربية ونشر ثقافة حقوق الإنسان، انطلق في شهر نيسان / أبريل 2006 عمل تشاركي شاركت فيه المؤسسات الوطنية وعدة قطاعات حكومية وجمعيات وهيئات مدنية وشخصيات حقوقية أسفر عن وضع خطة عمل وطنية للنهوض بثقافة حقوق الإنسان تروم تأهيل المجتمع ليلتقي حول قيم مشتركة تشكل فيها مبادئ الكرامة والحرية والمساواة والتضامن والتسامح وقبول الاختلاف والتنوع قواعد لعلاقة الأفراد فيما بينهم في حياتهم الخاصة والعامة من مختلف المواقع التي يوجدون فيها وأيضاً محددات عمل لممارسات الإدارة والمؤسسات مع الأفراد، وهي الخطة المسماة "أرضية مواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان".

269- وتضع خطة العمل هذه على مدى خمس سنوات ثلاثة محاور أساسية كمحددات كبرى لمجال تدخلها، وهي محاور مترابطة ومتفاعلة فيما بين بعضها البعض وهي: التربية، والتوعية وتدريب المهنيين كمداخل أساسية لخلق حركية مجتمعية تمكن من تملك قيم وثقافة حقوق الإنسان من طرف مختلف مكونات المجتمع أفراداً وجماعات ومؤسسات.

270- وعلى خط مواز سينطلق مع بداية سنة 2009 التنفيذ الميداني لخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بعد تنصيب لجنة الإشراف على تنفيذها، وهي عملية كبرى انطلق مسلسلها التشاوري بندوة وطنية في شهر نيسان / أبريل 2008. وسينطلق العمل التشاركي لتنفيذها بتعاون بين الحكومة والمؤسسات الوطنية والبرلمان والنقابات والهي ئا ت المهنية والقضائية والعلمية والجمعيات والمؤسسات الإعلامية وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي بدعم من الإتحاد الأوروبي.