الأمم المتحدة

CAT/C/53/D/514/2012

Distr.: General

13 January 2015

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

البلاغ رقم 514/2012

القرار الذي اتخذته اللجنة في دورتها الثالثة والخمسين (3-28 تشرين الثاني / نوفمبر 2014)

المقدم من : ديوغراتياس نيونزيما ( تمثله الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب )

الشخص المدعى أنه ضحية : باسمه الخاص

الدولة الطرف : بوروندي

تاريخ تقديم البلاغ : 23 تموز / يوليه 2012 ( تاريخ تقديم الرسالة الأولى )

تاريخ صدور هذا القرار : 21 تشرين الثاني / نوفمبر 2014

الموضوع : التعذيب الذي مارسه موظفو الشرطة وغياب التحقيق والجبر

المسائل الإجرائية : النظر في المسألة نفسها أمام هيئة دولية للتحقيق أو  التسوية؛ استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : التعذيب وضروب المعاملة أو  العقوبة القاسية أو  اللاإنسانية أو  المهينة؛ التدابير الرامية إلى منع ارتكاب أعمال التعذيب؛ المراقبة المنهجية لطريقة حراسة المحتجزين ومعاملتهم؛ التزام الدولة الطرف بالسهر على قيام السلطات المختصة فوراً بتحقيق نزيه؛ الحق في التظلم؛ الحق في الحصول على الجبر؛ حظر استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب في دعوى قضائية

مواد الاتفاقية: الفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و 12 و 13 و 14 و 15 ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و 16 من الاتفاقية؛ والفقرة 5 ( أ ) و ( ب ) من المادة 22 من الاتفاقية

المرفق

قرار لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة ‫ التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو  العقوبة القاسية أو  اللاإنسانية أو  المهينة ( الدورة الثالثة والخمسون )

بشأن

البلاغ رقم 514/2012

المقدم من : ديوغراتياس نيونزيما ( تمثله الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب )

الشخص المدعى أنه ضحية : باسمه الخاص

الدولة الطرف : بوروندي

تاريخ تقديم البلاغ : 23 تموز / يوليه 2012 ( تاريخ تقديم الرسالة الأولى )

إن لجنة مناهضة التعذيب، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة ‫ التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو  العقوبة القاسية أو  اللاإنسانية أو  المهينة،

وقد اجتمعت في 21 تموز / يوليه 2014 ،

وقد فرغت من النظر في البلاغ 514/2012 المقدم باسم ديوغرا ت ياس نيونزيما بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة ‫ التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو  العقوبة القاسية أو  اللاإنسانية أو  المهينة،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاح ها لها صاحب البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،

تعتمد ما  يلي :

قرار بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب

1-1 صاحب البلاغ هو ديوغراتياس نيونزيما، وهو مواطن بوروندي من مواليد 3 آذار / مارس 1956. ويدعي أنه كان ضحية انتهاك للفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و 12 و 13 و 14 و 15 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 وبصورة ثانوية مع المادة 16 من الاتفاقية . ويمثل صاحب البلاغ محام .

1-2 و طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف في 30 تموز / يوليه 2012 ، وفقاً للفقرة 1 من المادة 114 ( المادة 108 سابقاً ) من نظامها الداخلي (CAT/C/3/Rev.5) ، أن تعمل بفعالية، ما  دامت القضية قيد النظر، على منع كل تهديد أو  عمل من أعمال العنف يمكن أن يتعرض له صاحب البلاغ وأسرته، خاصة بسبب تقديمه هذا البلاغ .

الوقائع كما  عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ أميناً عاماً لحزب المصالحة بين الش عوب . وفي  1 آب / أغسطس 2006 ، في حدود الساعة السابعة صباحاً، بينما كان يغادر محل إقامته الواقع في حي كابوندو في بوجومبورا لاصطحاب زوجته إلى العمل، وجد أمام بوابة منزله مجموعة قوامها 20 شرطياً مسلحين بالبنادق ومستعدين لإطلاق النار؛ وكانوا متمركزين أمام شاحنتي شرطة أُطلِق ت مصابيحهما الوامضة . وأوقفته الشرطة آنذاك دون تحديد الأسباب . وطلب صاحب البلاغ أن يقدَّم له أمر ال توقيف الصادر بحقه ، لكن لم  يُقدم له سوى أمر بالتفتيش صادر عن سلطة غير مختصة ومذكرة بحث .

2-2 وبعد ذلك ، اقتيد صاحب البلاغ إلى المقر العام لجهاز المخابرات الوطنية حيث وجد نائب رئيس بوروندي السابق ( ألفونس - ماري كاديغي ). ومكث في مبنى جهاز المخابرات الوطنية حتى حوالي الساعة الحادية عشرة صباح اً ، ثم اقتيد إلى بيته لإجراء عملية تفتيش . وأجرى عملية التفتيش موظفان من جهاز المخابرات دون تقديم مذكرة صالحة . وصادر أفراد الشرطة كتباً ووثائق استخدمها صاحب البلاغ أثناء مفاوضات السلام في أروشا، فضلاً عن ممتلكات أخرى لم  تُرد إليه فيما بعد . وحتى ذلك الحين، كان صاحب البلاغ يجهل سبب إيقافه وتفتيش محل إقامته .

2-3 وبعد هذا التفتيش، اقتيد صاحب البلاغ مرة ثانية في حوالي الساعة 30 / 14 من اليوم نفسه إلى مبنى جهاز المخابرات . واقتيد مباشرة إلى مكتب المدير العام المساعد للجهاز، العقيد ليونيداس كيزيبا، الذي استجوبه بشأن التحضير ل انقلاب يُد َّ عى أنه شارك فيه، وكذلك بشأن خطة تهدف إلى اغتيال رئيس الجمهورية بيير نكورونزيزا . وهدد العقيد صاحب البلاغ واشترط منه أن " يقول له كل شيء أو  يتعرض للضرب المبرح ". ولما  أنكر صاحب البلاغ تورطه، أمر العقيد موظفين في جهاز المخابرات في زي مدني بالذهاب به إلى غرفة أخرى ليتعرض للضرب .

2-4 واقتيد صاحب البلاغ إلى غرفة صغيرة وأخبره المدير العام لجهاز المخابرات ، اللواء أدولف نشيميريمانا، بأن عليه أن يكشف كل شيء إن كان لا  يريد التعرض لآلام شديدة . وعلى إثر هذه الكلمات، غادر هذا الأخير الغرفة دون أن ينتظر جواباً ، وبعد ذلك دخل العقيد ليونيداس كيزيبا مصحوباً بموظف في جهاز المخابرات مهمته الرئيسية تسجيل حصص التعذيب بالفيديو والصورة . إذاك أمر العقيد موظفين في جهاز المخابرات ببدء الاستجواب . وطُلِب من صاحب البلاغ أن يعترف بمشاركته في اجتماع عُقِد في روييغي بهدف تنظيم انقلاب ضد رئيس الجمهورية وأن يدلي بأسماء شركائه . ولما  أنكر صاحب البلاغ كل مشاركة، أمر المدير المساعد للجهاز بدخول ستة موظفين من جهاز المخابرات . وكان بعض هم يرتدون زياً رسمياً وبعضهم في زي مدني . وكانوا جميعاً يحملون أدوات تعذيب مختلفة : سلاسل فولاذية وقضبان حديدية وحبال غليظة وسلاسل صغيرة جداً ذات أطراف حادة وهراوات وأدوات أخرى . وعندئذ أمر المدير العام للجهاز رجاله بتعذيب صاحب البلاغ . فضربه الرائد جون بوسكو نسابيمانا، الملقب " ماريغاريغاري " ، على لوح كتف ه بلوحة خشبية . وانهالوا عليه بعد ذلك ضرب اً خلال عشر دقائق وهو ملقى على الأرض مستعملين مختلف أدوات التعذيب الموجودة في حوزتهم ، خاصة على مستوى أصابع القدمين والساقين والساعدين . وحاول صاحب البلاغ حماية أعضائ ه التناسلية التي حاول موظفو جهاز المخابرات استهدافها عدة مرات خلال عملية الضرب . وتلقى أيضاً ضربات عنيفة في الظهر .

2-5 وكلما بلغ الضرب درجة من العنف وأصبح يهدد حياة صاحب البلاغ، صدر أمر بالتوقف برهة قصيرة قبل استئناف الاستجواب والتعذيب بأشد مما  كان عليه . وسأل المدير العام المساعد صاحب البلاغ، دون تحديد أي تاريخ، عن مشاركته في اجتماع يُزعم أنه عُقد في محل إقامة رئيس الجمهورية الأسبق، دوميسيان نداييزيي . وبعد أن أنكر صاحب البلاغ مجدداً مشاركته، أمر المدير العام بإدخال شخص يُدعى ألان موغارا بونا أفاد بأنه رأى صاحب البلاغ في الاجتماع المذكور . وعقب هذه الشهادة، ضرب رجال جهاز المخابرات مجدداً صاحب البلاغ فسددوا له ضربات قاسية بخرطوم مطاطي في أسفل الظهر تهيأ له جراءها أن ظهره ا نشطر نصفين . وتحت عنف الضربات، بدأ الدم يسيل من أصابع قدميه وساقيه وساعديه وظهره . إذاك تلقى الجلادون تشجيعات من موظفين آخرين في جهاز المخابرات كانوا يضحكون من المشهد . وعندما كان على وشك الإغماء، صدر الأمر باستراحة جديدة .

2-6 واستُؤنِف الاستجواب بعد ذلك بشأن طبيعة " نادي كامبالا " ، الذي يقول صاحب البلاغ إ نه يجهله، مما  تسبب له في ا لتعرض ل لضرب مجدداً . وكان يصيح من الألم وينفث دماً . إذاك أمر المدير العام المساعد لجهاز المخابرات الموظف ماريغاريغاري بإعطاء " الخبز " لصاحب البلاغ، وكان يعني حجرة وسخة أُ قحم ت في فم الضحية لإخماد صيحاته . وعندئذ أرغم الموظفون صاحب البلاغ على فتح فمه وثبَّتوا رأسه لإقحام الحجرة . ووجهوا له في الوقت نفسه ضربات بخرطوم مطاطي في العمود الفقري . وبصق صاحب البلاغ الحجرة من فمه . ثم أتى الموظف ماريغاريغاري بكيس بلاستيكي مليء بالبراز ليغمس فيه الحجرة . وأرغم ذلك صاحب البلاغ على الاعتراف ب كل الوقائع التي اتُّهم بها . وهكذا، طُرحت عليه مجموعة من الأسئلة الرامية إلى دفعه بالاعتراف بمشاركته في الانقلاب، وأجاب عليها جميعاً بالإيجاب دون تمييز . وهكذا انتهت ح صة التعذيب ووقع صاحب البلاغ محضراً يقر فيه بتورطه في محاولة الانقلاب المزعوم ة . وسجل حصة التعذيب على شريط فيديو موظف في جهاز المخابرات خلال ثلاث ساعات من التنكيل بصاحب البلاغ، مما  زاد ا لآلام البدنية من طابعها المذل والمهين .

2-7 وبعد أن أصبح صاحب البلاغ لا  يقوى على الوقوف وشبه غائب عن الوجود ومتضرجاً بدمائه، أودع إحدى زنزانات جهاز المخابرات المحاذية لقاعات التعذيب مساحتها أربعة أمتار على ستة مع 16 محتجزاً آخر خضعوا كذلك للتعذيب . وكان المحتجزون يفترشون الأرض وينام بعضهم فوق بعض . وفي  الأيام الأولى، قُدِّم إليهم طعام مقزز مؤلف من لوبياء وأرز مليء بالحشرات . وبمجرد إعلان احتجاز صاحب البلاغ و شخصيات سياسية أخرى والتنديد به ( ) ، تمكن صاحب البلاغ من تلقي الطعام من زوجته . ولم  تكن الزنزانة مجهزة بمرافق الصرف الصحي . وكان على جميع المحتجزين أن يتقاسموا استعمال مرحاض يوجد في حالة يُرثى لها، وكان ذلك يسبب عدة مشاكل صحية . وكان على المحتجزين أن يستمدوا مياه الشرب من صنبور خارجي وحيد . وكانت البيئة العامة كثيرة الرطوبة ومؤاتية للناموس الناقل للملاريا . ولم  يتلق صاحب البلاغ أي علاج خلال هذه الفترة ولم  يستطع مقابلة محامٍ . ودام احتجازه في هذه الظروف ثمانية أيام .

2-8 واستطاع صاحب البلاغ، في ليلة توقيفه (1 آب / أغسطس 2006) ، أن يتلقى زيارة زوجته ومحاميه، الأستاذ إيزيدور روفييكيري، على إثر خطأ ارتكبه الحارس الذي لم  يكن يعلم أن الزيارات ممنوعة منعاً باتاً . ومن ثم، ذهب رئيس الحرس إلى زنزانة صاحب البلاغ وأتى به إلى بوابة موقع جهاز المخابرات . وهكذا استطاعت زوجة صاحب البلاغ معاينة علامات التعذيب على جسم هذا الأخير واستطاعت بعد ذلك إنذار وسائط الإعلام وجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان .

2-9 وفي 2 آب / أغسطس 2006 ، وجه الأستاذ إيزيدور روفييكيري، الذي يشغل حالياً منصب نقيب المحامين، رسالة إلى المدير العام لجهاز المخابرات يخبره فيها عن قلقه إزاء الحالة الصحية لموكل له أوقف في نفس الوقت الذي أوقف فيه صاحب البلاغ وتعرض هو أيضاً لأعمال ال تعذيب . وعلى إثر هذا الإجراء، أُلقي القبض على الأستاذ روفييكيري نفسه واحتُجز في إحدى زنزانات جهاز المخابرات . وهكذا استطاع أن يعاين بنفسه حالة صاحب البلاغ الباعثة على القلق . ويقدم الأستاذ روفييكيري عن ذلك الشهادة التالية :

" أُلقي القبض عليه [ ديوغرات ياس نيونزيما، صاحب البلاغ ] في 1 آب / أغسطس 2006 والتحقت به في 3 آب / أغسطس 2006 في هذه الزنزانات حيث استطعت أن أراه عن قرب عبر النوافذ وهو يتنقل بمشقة بسبب أعمال التعذيب التي تعرض لها ؛ ولم  يكن يقوى على الوقوف وحده، فك ان كل مرة يتكئ على جسم سجين آخر أحسن حالاً (...) وكان جسمه هزيلاً بسبب الضرب بالقضبان الحديدية، و ساقاه ورجلاه وأصابع قدميه منتفخة انتفاخاً شديداً، و على بعض الأجزاء من جسمه جروح كثيرة دامية ( ) ".

2-10 وفي اليوم التالي لتوقيفه، أي في 2 آب / أغسطس 2006 ، خضع صاحب البلاغ من جديد لاستجواب بشأن اجتماعات التحضير للانقلاب الذ ي يدعى أنه كان متورطاً فيه . وقد أنكر مشاركته واستُدعِي شاهد لحثه على الاعتراف . ولكن هذا الشاهد، الذي كان في اليوم السابق قد أفحم صاحب البلاغ، تراجع عن أقواله ليعلن أن صاحب البلاغ لم  يشارك في أي اجتماع لتحضير الانقلاب . وأُعيد صاحب البلاغ إلى زنزانته .

2-11 وتلقى صاحب البلاغ، في اليوم الثالث من احتجازه في زنزانات جهاز المخابرات، زيارة أعضاء رابطة إتيكا، وهي جمعية بوروندية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذين استطاعوا معاينة أن هذا الأخير تعرض للتعذيب . وبعد وشايات عديدة نبهت وزيرة التضامن الوطني وحقوق الإنسان والقضايا الجنسانية، فرانسواز نغيداهايو، أجرت هذه الأخيرة في 3 آب / أغسطس 2006 زيارة شخصية لمقر جهاز المخابرات . وصرحت لوسائط الإعلام بما  يلي :

" ذهبت لأرى الأشخاص الموقوفين (...) وقد سمعت منهم ورأيت أنهم تعرضوا للضرب . وطلبت من رئيس جهاز التوثيق الوطني أن يضع حداً لذلك " ( ) .

2-12 ولكن هذه التصريحات كانت صيحة في واد . وعقب زيارة رابطة إتيكا، وُجه إلى السلطات البوروندية في 4 آب / أغسطس 2006 إعلان عام  موقّع من عشر منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان تدين فيه اعتقال جهاز المخابرات لشخصيات سياسية . وأشار هذا الإعلان إلى أن الزيارات التي أجرتها رابطة إتيكا وأفراد أسر المحتجزين ووزيرة التضامن الوطني وحقوق الإنسان والقضايا الجنسانية أثبتت أن ثلاثة أشخاص، من بينهم صاحب البلاغ، تعرضوا لأعمال التعذيب . وأضاف الإعلان أن " المتهمين لا  يُؤذن لهم بتلقي زيارة المحامين أو  الأطباء ".

2-13 وفي 9 آب / أغسطس 2006 ، بعد ثمانية أيام من الاحتجاز في زنزانات جهاز المخابرات، عُرِض صاحب البلاغ على المدعي العام في بلدية بوجومبورا وأُخبِر رسمياً بأنه متهم بالمشاركة في محاولة انقلاب . وعندئذ، نُقِل إلى السجن المركزي في مبيمبا . ورغم طلباته المتكررة، لم  يُعرض على طبيب . ولم  يُنقل إلى المستشفى العسكري في كامينغي ليفحصه طبيب حكومي ويتلقى الرعاية اللازمة لحالته إلا  في 1 أيلول / سبتمبر 2006 على أساس طلب خدمات خبير قدمه محاميه . وتسنى وضع شهادة طبية مصادق عليها بشأن أعمال التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ ؛ و تقر هذه الشهادة بوجود عدة جروح لم  تندمل بعد على الساقين والقدمين والمنطقة القطنية والظهرية والورك الأيسر والساعدين وتخلص إلى أن " المعني بالأمر تعرض لضرب وجروح متعمدة حديثة بواسطة أداة أو  أدوات مستقيمة . ويوحي تعدد الجرو ح المتشابهة الموجودة على جل أجزاء الجسم بأن الضحية خضع لأعمال تعذيب " ( ) . ولكن قاضي التحقيق، الذي وافق على إجراء طلب خدمات الخبير، لم  يعر اهتماماً للاستنتاجات الواردة في التقرير الطبي ولم  يبدأ أي تحقيق في الوقائع .

2-14 وقد احتُجِز صاحب البلاغ خلال أكثر من خمسة أشهر في سجن مبيمبا في ظروف احتجاز يُرثى لها اتسمت باكتظاظ له آثار خطيرة على الوضع الصحي والأمني للمحتجزين . وكان صاحب البلاغ مع رئيس الجمهورية السابق دوميسيان نداييزييي ومحتجز آخر في زنزانة مساحتها 3 أمتار على 5 ولا  توجد فيها نافذة ولا  تهوية رغم الحرارة المضنية . وكان عليه أن ينام على سرير خشبي صغير مرتجل صنعه محتجزون آخرون حتى لا  يفترشوا الأرض في نومهم . وكانت الزنزانة تضم ما  يشبه مرحاضاً - حماماً ولكنها لم  تكن تزود بالماء إلا  بين الثالثة والرابعة صباحاً . وتسبب الغبار المنتشر في الهواء في إصابة صاحب البلاغ بتعفن في الجيوب اقتضى فيما بعد إجراء عمليتين جراحيتين على الأنف . وعانى كذلك من الملاريا . ووفرت أسرته كل ما  تلقاه من ماء وطعام وأدوية وفراش طوال مدة احتجازه .

2-15 وعلى الرغم من أن غرفة المشورة اتخذت قرار إطلاق سراحه مؤقتاً في 6 تشرين الأول / أكتوبر 2006 فإن هذا القرار لم  يُنفَّذ وظل صاحب البلاغ رهن الاحتجاز دون سند قانوني إلى أن أُفرج عن ه في 16 كانون الثاني / يناير 2007 عقب تبرئته في اليوم السابق لانعدام الأدلة، في إطار مح ا كمة مفتوحة ضده وضد عدة أشخاص آخرين بتهمة محاولة الانقلاب .

2-16 وبدأ صاحب البلاغ وأسرته، منذ اليوم التالي لإطلاق سراحه، يتلقى تهديدات بالقتل ويعيش تحت مراقبة مشددة . وكان يلاحقهم دائماً بالسيارة أشخاص حُدِّدت هويتهم على أنهم موظفون في جهاز المخابرات . وكانوا يتلقون أيضاً مكالمات هاتفية من مجهولين يهددونهم . وعلى إثر تبرئة جميع الشخصيات السياسية المتهمة في هذه القضية، أعلن رئيس جمهورية بوروندي على الملأ عن ضرورة محاسبة جميع موظفي جهاز المخابرات الذين عذبوا السجناء على أفعالهم أمام القضاء . ووفقاً لصاحب البلاغ، أثار ذلك مخاوف جلاديه السابقين، مما  قد يفسر التهديدات التي تلقاها . ويضيف صاحب البلاغ أن هؤلاء الجلادين لم  يُحاسبوا قط على أعمالهم أمام القضاء .

2-17 وأمام شدة التهديدات، فر صاحب البلاغ إلى كينيا في 1 شباط / فبراير 2007. وغادرت أسرته بوروندي بعد ذلك ببضعة أيام . وبدأت الأسرة إجراءات لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين للحصول على مركز اللاجئين، وحصلت عليه في عام  2007. واتخذت المفوضية إجراءات لإعادة توطين الأسرة في بلد استقبال في تشرين الثاني / نوفمبر 2008 ، واستطاع صاحب البلاغ وأسرته الالتحاق بالولايات المتحدة الأمريكية كلاجئين . وهم يعيشون حالياً في وضع اقتصادي هش يتسم بعدم اليقين إزاء المستقبل .

2-18 وكان للإيذاء البدني الذي تعرض له صاحب البلاغ آثار دائمة على صحته . وما  زال يعاني من المنطقة القطنية من ظهره، مما  يرغمه على تناول الأدوية على الدوام . ومن جانب آخر، فقد حاسة الشم تماماً، مما  يشكل له صدمة تعيقه بشدة، وعلى الرغم من إجرائه عمليتين جراحيتين على مستوى الأنف، يرى الأطباء أن الآثار أصبحت نهائية .

2-19 وقد أُدينت الوقائع التي تعرض لها صاحب البلاغ رسمياً في غير ما  مرة . وفي  اليوم التالي لتوقيفه، بعث محاميه رسالة إلى المدير العام لجهاز المخابرات وبعث نسخة منها إلى رئيس الجمهورية ليعبر له عن مخاوفه بشأن أعمال التعذيب الممارسة على موكله، وعلى محتجز آخر أُلقي القبض عليه وعلى صاحب البلاغ في الوقت نفسه . وقُدِّمت أيضاً إ ل ى ا لمدعي العام للجمهورية ، في 17 آب / أغسطس 2006 ، شكوى مرف قة بشهادة طبية مصادق عليها مؤرخة 1 أيلول / سبتمبر 2006 تقر بأعمال التعذيب التي تعرض لها المعني بالأمر ( انظر الفقرة 2-13 أعلاه ).  ومن جانب آخر، أجرت وزيرة التضامن الوطني وحقوق الإنسان والقضايا الجنسانية، بعد أن نبهتها أسر الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم وعلى صاحب البلاغ في الوقت نفسه ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ، زيارة لمقر جهاز المخابرات في 3 آب/أغسطس 2006 لمعاينة الوقائع مباشرة .

2-20 ومن جهة أخرى، أُحال عدد من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الوطنية والدولية الوقائع إلى علم السلطات الحكومية والإدارية بمجرد توقيف صاحب البلاغ، بوسائل منها نداء عام  عاجل صادر عن منظمة العفو الدولية في 3 و 4 آب / أغسطس 2006 والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب في 7 آب / أغسطس 2006. وفي  4 آب / أغسطس 2006 ، اعتمد تحالف مؤلف من عشر منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان مقرها في بوروندي، ومنها مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إعلاناً يندد فيه علانية بعمليات توقيف واحتجاز عدة أشخاص، من بينهم صاحب البلاغ الذي ذكره الإعلان باسمه . وعلاوة على ذلك، قام الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، في 10 آب / أغسطس 2006 ، بتدخل مشترك من خلال نداء عاجل لفائدة صاحب البلاغ . ويحيل صاحب البلاغ أيضاً إلى الاستنتاجات والتوصيات التي اعتمدتها اللجنة بعد النظر في التقرير الأولي للدولة الطرف في عام  2007 ، التي دعت فيها اللجنة السلطات إلى " أن تُجري تحقيقاً فورياً ونزيهاً إثر ما  أُفيد عن تعرض العديد من المحتجزين بتهمة محاولة تنفيذ انقلاب للتعذيب " ( ) .

2-21 ويشدد صاحب البلاغ أيضاً على أن محاميه طعن ، في كل مرحلة من مراحل الدعوى القضائية ، في قوة الإثبات التي تكتسيها الاعترافات الموقعة تحت التعذيب، وطعن ، في 30 آب / أغسطس 2006 ، في أمر تأكيد الاحتجاز الاحتياطي الصادر عن المحكمة العليا لبوروندي في 24 آب / أغسطس 2006. ولم  يكن لهذا الطعن أي أثر، في حين أن طلب تمديد فترة الاحتجاز التي قدمها المدعي العام للجمهورية إلى المحكمة حظيت بالاهتمام الواجب . وفي  كانون الأول / ديسمبر 2006 ، وصف محامي صاحب البلاغ مجدداً أعمال التعذيب التي تعرض لها موكله وطلب تطبيق البند 3 من المادة 27 من قانون الإجراءات الجنائية ليقع البطلان على اعترافات صاحب البلاغ المنتزعة تحت الإكراه . وتحدث محامي صاحب البلاغ أيضاً في مرافعته أمام المحكمة العليا عن الإيذاء البدني الذي تعرض له المعني بالأمر، وطالب بتبرئته . لذلك ، أُخبِرت السلطات البوروندية مرات كثيرة، رسمياً وبشكل غير رسمي، بأعمال التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ، ومن ثم لم  يكن من الممكن أن تجهلها . ولكن، بعد مضي ستة أعوام على هذه الوقائع ( ) ، لم  تُتخذ أي إجراءات بشأن الشكوى . ويشير صاحب البلاغ إلى أن شكاوى التعذيب التي قدمها الضحايا الآخرون الذين أُلقي عليهم القبض في نفس الظروف لم  تسفر عن أي تحقيق . ويضيف أن اختلالات النظام القضائي والمخاطر التي هددت سلامته البدنية وأرغمته على المنفى منعته من اتخاذ خطوات أخرى لاستصدار حكم لصالحه .

2-22 إذن فصاحب البلاغ يبين ‘ 1‘ أن سبل الانتصاف الداخلية المتاحة لم  تلب أياً من مطالبه إذ لم  تستجب السلطات لشكاواه التي قدمها في 17 آب / أغسطس 2006 ( الفقرة 2-19) ، عندما كان يجب عليها أن تفتح تحقيقاً جنائياً على أساس هذه الادعاءات؛ ‘ 2‘ أن سبل الانتصاف هذه جاوزت الآجال المعقولة إذ لم  يُستمع إليه بعد مضي ستة أعوام على الوقائع؛ ويضيف أن اختلالات النظام القضائي وافتقار السلطات القضائية الواضح إلى الاستقلالية والنزاهة يعزز استحالة اللجوء إلى سبل الانتصاف ( ) ؛ ‘ 3‘ أنه كان من الخطر، إن لم  نقل من المستحيل عليه، بسبب منفاه، أن يتخذ خطوات أخرى . ويذكر بالتهديدات التي تعرض لها منذ مغادرته السجن في كانون الثاني / يناير 2007 ( الفقرة 2-16).  وبعد أن أُرغم على الفرار من بلده بسبب أجهزة الأمن الوطنية، وإذ  يعيش حالياً في منفى إجباري، يستحيل عليه اتخاذ إجراءات أخرى في بوروندي .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه كان ضحية انتهاك الدولة الطرف للفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و 12 و 13 و 14 و 15 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 وبصورة ثانوية مع المادة 16 من الاتفاقية .

3-2 ويرى صاحب البلاغ أن الإيذاء البدني الذي تعرض له سبب له آلاماً ومعاناة حادة ويشكل عملاً من أعمال التعذيب ( ) بالمعنى المعرف في المادة الأولى من الاتفاقية . وقد استعمل موظفو جهاز المخابرات، وهم موظفون حكوميون، أدوات التعذيب وضربوه ضرباً مبرحاً في مناسبات متعددة، حتى أوشك على الإغماء، من أجل الحصول على اعترافات منه . وليس هناك أدنى شك في أن هذه المعاناة كانت متعمدة كما  تدل على ذلك الحجارة المدنسة التي أُقحمت عنوة في فمه لإخماد صيحاته وكما  يدل على ذلك أيضاً تسجيل مشهد التعذيب بالفيديو .

3-3 ويضيف صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم  تتخذ التدابير التشريعية أو  غير التشريعية اللازمة لمنع ممارسة التعذيب في بوروندي، عكس التزاماتها المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية . ولم  يُعاقب مرتكبو أعمال التعذيب التي تعرض لها هو وغيره من الأشخاص الذين أوقفوا في الوقت نفسه . ولم  يتلق أي رعاية طبية رغم أنه طلب ذلك صراحة ورغم أن حالته الصحية كانت دون شك تتطلب عناية طبية . وعلاوة على ذلك فإن صاحب البلاغ لم  يستطع تلقي أي زيارة ، ولو تلقى خطأ زيارة زوجته ومحاميه مساء توقيفه، ومن ثم حُرِم من حقه في الاتصال بأسرته وبتلقي مساعدة قانونية فور اً . ومن جانب آخر، لا  تزال هناك حواجز قانونية تحول دون فعالية الوقاية من ممارسة التعذيب ومنع حدوثه . وعلى الخصوص، لا  يرفض أي حكم قانوني رفضاً صريحاً صلاحية الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب؛ فكل ما  تنص عليه المادة 27 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن " البطلان يقع على الاعترافات بالذنب عندما يثبت أنها انتُزعت تحت التعذيب ". وعلاوة على ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أن أعمال التعذيب في القانون البوروندي، تخضع لمدة تقادم تتراوح بين 20 و 30 سنة ، حسب الظروف، إن ارتُكبت خارج السياقات الخاصة المتعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية و جرائم الإبادة ( ) .

3-4 ويشدد صاحب البلاغ إضافة إلى ذلك على أن السلطات البوروندية لم  تمارس المراقبة اللازمة على المعاملة التي تلقاها خلال احتجازه في سجون جهاز المخابرات، وهو احتجاز وقع خارج إطار القانون . ولم  يستند احتجازه إلى مذكرة صالحة، ولم  تخبره الجهة التي أوقفته بالتهمة الموجهة إليه إلا  وقت نقله إلى سجن مبيمبا في 9 آب / أغسطس 2006 ، وهو التاريخ الذي أصدر فيه المدعي العام أمر اً ب توقيف ه ؛ واحتُجِز في ظروف يُرثى لها؛ ولم  يستفد من حضور محام أثناء احتجازه في مقر جهاز المخابرات؛ وأصبح احتجازه تعسفياً بعد استمرار احتجازه رغم القرار الصادر عن المحكمة العليا في 6 تشرين الأول / أكتوبر 2006 بشأن إطلاق سراحه مؤقتاً . وعلاوة على ذلك، لا  يوجد نظام فعال لمراقبة أماكن الاحتجاز مراقبة منهجية . والحاصل أن ممارسات السلطات البوروندية، ولا  سيما جهاز المخابرات، تجاه الأشخاص مسلوبي الحرية ليست مطابقة لما  تنص عليه المادة 11 من الاتفاقية .

3-5 وقد أُخبرت السلطات البوروندية بهذه الوقائع حسب الأصول ، بطرق مختلفة وفي  مناسبات متعددة ، ولكنها لم  تجر تحقيقاً سريعاً وفعالً بشأن ادعاءات التعذيب، وذلك في انتهاك لالتزامها بموجب المادة 12 . ويشير صاحب البلاغ علاوة على ذلك إلى أن التشريعات الجنائية البوروندية لا  تلزم المدعي العام للجمهورية بمتابعة مرتكبي أعمال التعذيب ولا  حتى بالأمر بإجراء تحقيق ( ) . ولم  تُتخذ أي إجراءات بشأن الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ رغم أنها كانت مدعومة بعنصر إثبات قوي أُقيم في إطار طلب خدمات خبير .

3-6 ويحتج صاحب البلاغ كذلك ب المادة 13 من الاتفاقية بدعوى عدم فتح أي تحقيق في ادعاءاته رغم تقديمه في 17 آب / أغسطس 2006 شكوى رسمية بشأن أعمال التعذيب، مدعومة بتقرير طبي؛ وإذن لم  يُجرَ تحقيق فوري ونزيه في السبب . وعلاوة على ذلك، أودع محامي صاحب البلاغ نفسه السجن بعد تنديده بالتعذيب الذي تعرض له موكل له أُلقي عليه القبض في نفس الظروف التي أُلقي فيها القبض على صاحب البلاغ . وحسب هذا الأخير، يشكل هذا التصرف إجراءً القصد منه تخويف الضحايا في هذه القضية ومحاميهم الذي أثار مخاوف مشروعة على أمنهم . ومن جانب آخر، تضاعفت التهديدات الموجهة لصاحب البلاغ وأسرته بعد إطلاق سراحه في 16 كانون الثاني / يناير 2007 بهدف منعه من تقديم أي شكوى بشأن أعمال التعذيب التي تعرض لها . وفي  الختام، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم  تضمن حقه في تقديم شكوى من أجل إجراء تحقيق فوري ونزيه في الوقائع المزعومة، منتهكة بذلك المادة 13 من الاتفاقية .

3-7 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن السلطات البوروندية لم  تف بالتزاماتها بموجب المادة 14 من الاتفاقية . فالأمر لا  يقتصر على إفلات المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد ه من العقاب، بل يتجاوز ذلك إلى كونه لم  يتلق أي تعويض عن أعمال التعذيب التي تعرض لها . وبما  أنه كان ضحية احتجاز تعسفي و أعمال تعذيب على يد موظفين حكوميين، فإن هناك قرينة تفيد بأنه تعرض لضرر غير مادي يجب أن يتلقى تعويضاً عنه زيادة على التعويض عن الأضرار المادية التي سُببت له ( ) . ولما  حرمت الدولة صاحب البلاغ من اتخاذ إجراءات جنائية فإنها حرمته من أفضل السبل القانونية للحصول على تعويض . وبالنظر إلى الموقف السلبي للسلطات القضائية، يبدو موضوعياً أن سبل الطعن الأخرى، ولا  سيما للحصول على الجبر من خلال دعوى تعويض مدني، ليس لها أدنى حظ في النجاح . وكما  أشارت اللجنة في استنتاجاتها وتوصياتها بعد النظر في تقرير الدولة الطرف في عام  2007 ( ) ، لم  تتخذ السلطات البوروندية إلا  تدابير قليلة لتعويض ضحايا التعذيب . ويشير صاحب البلاغ إلى أن واجب الجبر الذي يقع على عاتق الدولة الطرف يشمل تعويضاً عن الضرر المتكبد، دون أن ينحصر فيه، إذ  يجب أن يشمل أيضاً اتخاذ تدابير ترمي إلى عدم تكرار الوقائع، لا  سيما من خلال تطبيق عقوبات على المسؤولين متناسبة مع خطورة الوقائع، مما  يعني في المقام الأول إجراء تحقيق وملاحقة المسؤولين ( ) . أما  فيما يخص صاحب البلاغ فإن الجريمة التي ارتُكبت ضده لا  يزال مرتكبوها دون عقاب، إذ لم  يُدَن جلادوه ولم  يُلاحقوا ولم  يخضعوا لتحقيق، بل لم  يقلق بالهم أحد، مما  يكشف انتهاكاً لحقه في الجبر بموجب المادة 14 من الاتفاقية .

3-8 وفي إطار المادة 15 ، يشير صاحب البلاغ إلى أن الهدف من حصص التعذيب الذي تعرض له هو انتزاع اعترافات بمشارك ته في التحضير لانقلاب مزعوم . وقد توقف الإيذاء البدني بمجرد توقيع هذا الأخير للمحضر الذي ا عترف فيه بذنبه المزعوم . وهذه الاعترافات هي تحديداً الأساس الذي قامت عليه الدعوى القضائية ضده . وفي  الواقع، لولاها لما  كان يمكن الاحتفاظ بأي عنصر من عناصر الجريمة التي اتُّهم بها ( تحضير انقلاب ). وعلى الرغم من أن السلطات كانت على علم بأن هذه التصريحات انتُزعت تحت التعذيب فإنها لم  تُعتبر باطلة . بل على العكس، استُخدمت للاحتفاظ بصاحب البلاغ رهن الاحتجاز لمدة خمسة أشهر، خلافاً لما  تنص عليه الما د ة 15 من الاتفاقية .

3-9 ويؤكد صاحب البلاغ مجدداً أن أعمال العنف التي تعرض لها هي أعمال تعذيب وفقاً للتعريف الوارد في المادة الأولى من الاتفاقية . ولكن اللجنة، إن لم  تحتفظ بنعت التعذيب، تصر بشكل ثانوي على أن الإيذاء البدني الذي تعرض له الضحية يشكل في جميع الحالات معاملة قاسية أو  مهينة وأن الدولة الطرف كان عليها أيضاً، في هذا الصدد، أن تمنع وتقمع، بموجب المادة 16 من الاتفاقية، ارتكاب موظفين حكوميين لهذه الأعمال أو  تحريضهم عليها أو  سكوتهم عليها . وعلاوة على ذلك، يذكر صاحب البلاغ بظروف الاحتجاز التي فُرضت عليها لمدة خمسة أشهر ونصف شهر وباحتجازه في البداية في زنزانات جهاز المخابرات ثم داخل سجن مبيمبا . ويتسم مكانا الاحتجاز المذكوران بالاكتظاظ ( ) وببيئة غير صحية ( انظر الفقرتين 2-7 و 2-14 أعلاه ).  ويحيل صاحب البلاغ مرة أخرى إلى استنتاجات وتوصيات اللجنة، التي كانت اعتبرت ظروف الاحتجاز في بوروندي " بمثابة معاملة لا  إنسانية ومهينة " ( ) . وأخيراً، يذكّر بأنه لم  يتلق أي رعاية طبية خلال احتجازه داخل سجن جهاز المخابرات رغم حالته السيئة ويستنتج من ذلك أن ظروف الاحتجاز التي تعرض لها تشكل انتهاكاً للمادة 16 من الاتفاقية .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 2 كانون الأول / ديسمبر 2013 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظات بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية . وتناولت في المقام الأول مسألة المقبولية فأكدت أن صاحب البلاغ لم  يستنفد سبل الانتصاف المحلية وأن ثمة شكوى معلقة بشأن التعذيب افتُتِحت في 22 آب / أغسطس 2006 لدى النيابة العامة للجمهورية . وعُيِّن قاض ٍ مكلف با لتحقيق في هذا الملف . ولمعرفة درجة العجز البدني لصاحب البلاغ، قرر القاضي المعيَّن أن يطلب، مع تأدية اليمين، خبرة طبيب معتمد لدى الحكومة البوروندية، وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية البوروندي، وكذلك المادة 12 من الاتفاقية ( ) .

4-2 وترى الدولة الطرف أن البلاغ شائن . ورغم أن المعلومات المقدمة إلى اللجنة صحيحة، يبدو أن صاحب البلاغ له دوافع سياسية . فالسلطات القضائية لم  تحرمه من دعوى عادلة ولم  تكن سلبية قط . وقد أُغلق ملفه بحكم براءة أصدرته بحقه المحكمة العليا .

4-3 وفيما يخص جبر الضرر وإعادة التأهيل، تعرب الدولة الطرف عن موافقتها على اللجوء إلى السبل المتاحة لتفعيل هذا الالتزام . وتضيف أن الأشخاص المتهمين مع صاحب البلاغ الذي مكثوا في بوروندي يشغلون حالياً وظائف عليا في مجلس الشيوخ وفي  الجمعية الوطنية . ومن ثم، ترى الدولة الطرف ضرورة رفض طلبات صاحب البلاغ المتعلقة بالانتصاف وإعادة التأهيل .

4-4 وفيما يتعلق بتبرير احتجازه، تذكر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ خضع لتحقيق جنائي في عام  2006 بعد أن ألقي عليه القبض في هذا الإطار بشبهة ارتكاب أو  المشاركة في ارتكاب جريمتين شديدتي الخطورة : محاولة المساس بالأمن الداخلي للدولة ومحاول إنشاء جمعية بهدف المساس بالأشخاص والممتلكات . وحكمت المحكمة العليا في بوروندي ببراءته في نهاية الأمر . وتؤكد الدولة الطرف أن إطلاق سراح شخص أُلقي عليه القبض بغير وجه حق يشكل حماية للحقوق الفردية . ويشكل حكم البراءة دليلاً على التزام بوروندي الثابت بعدم انتهاك حقوق المواطنين بسجنهم بصورة غير قانونية وغير نظامية . وختاماً، ترفض الدولة الطرف ادعاءات صاحب البلاغ وتد ع و اللجنة إلى اعتبارها دون أسس موضوعية .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأ ن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 قدم صاحب البلاغ ، في 6 شباط / فبراير 2014 ، تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف . وهو يرفض الادعاء القائل بأنه لم  يستنفد سبل الانتصاف المحلية مؤكد اً من جديد عدم فتح أي تحقيق في الوقائع بعد مضي أكثر من سبع سنوات على حدوثها، بعكس ما  تدعيه الدولة الطرف دون تقديم أي إثبات على ذلك . ومن جانب آخر، حتى وإن فُتح هذا التحقيق ، فإنه لا  يشكل حاجزاً لمقبولية البلاغ نظراً للمهلة غير المعقولة التي انقضت ( ) . ويذكر صاحب البلاغ بجميع الخطوات القضائية التي اتخذها، بما  فيها الشكوى الرسمية بشأن التعذيب التي قدمها في 17 آب / أغسطس 2006 لدى المدعي العام للجمهورية والتي لم  تُتخذ بشأنها أي إجراءات . وفي  الختام، يؤكد صاحب البلاغ أن من غير المعقول أن يُتوقع منه أن ينتظر سبع سنوات وخمسة أشهر نتائج تحقيق مزعوم لم  يثبت وجوده .

5-2 وفيما يخص الأسس الموضوعية، يؤكد صاحب البلاغ مجدداً ملاحظاته التي أعرب عنها من قبل ويضيف أن الدولة الطرف لم  تقدم أي حجة بشأن العلاقة بين الحكم ببراءته وعدم لزوم ية البلاغ . ويؤكد علاوة على ذلك أن نتيجة الدعوى الجنائية المرفوعة ضده لا  تزيل شيئاً من الطابع الإجرامي لأعمال التعذيب التي تعرض لها . ولا  يبرر الحكم ببراءته أيضاً عدم إجراء السلطات تحقيق اً فوري اً ونزيه اً لتسليط الضوء على ادعاءات التعذيب التي أُخطِرت بها .

5-3 وفيما يخص الجبر وإعادة التأهيل، يرى صاحب البلاغ أنه لا  يمكن ادعاء أن الحكم ببراءته في دعوى لا  صلة لها بوقائع التعذيب التي نحن بصددها يمكن أن يبرر عدم الجبر، كما  تفعل ذلك الدولة الطرف . وعلاوة على ذلك، يلاحظ صاحب البلاغ أنه يجد صعوبة في إدراك كيف أن المراكز المهنية التي يشغلها الأشخاص الآخرون الذين أُلقي عليهم القبض في الوقت نفسه، والتي وصلوا إليها عن طريق الانتخابات، يمكن أن تُعتبَر تدبيراً من تدابير إعادة تأهيله ( ) .

تعليقات إضافية قدمتها الدولة الطرف

6-1 في 16 حزيران / يونيه 2014 ، قدمت الدولة الطرف تعليقات إضافية . وهي تؤكد من جديد أن النيابة العامة تلقت شكوى من محامي صاحب البلاغ وأن شكوى سُجِّل ت ضد موظفين من موظفي الشرطة البوروندية داخل جهاز المخابرات وأن دعوى جنائية رُفعت ضد هذين الأخيرين . وترى الدولة الطرف أن النيابة العامة لا  يمكن أن تكون على معرفة كافية بمدى جسامة الوقائع أو  بطبيعة الانتهاكات المبلغ عنها بما  أن الضحية ومحاميه لا  يتعاونان مع التحقيق بسبب غيابهما وتعذر الاتصال بهما . وفي  هذه الحالة، غادر صاحب البلاغ البلد قبل البت في شكواه المتعلقة بأعمال التعذيب . وتضيف الدولة الطرف أن الإجراءات لا  تزال جارية وأن الهيئات القضائية البوروندية لا  تزال مختصة . وهكذا، لم  يكن بإمكان القاضي الذي رُفعت إليه القضية أن يتحادث مع الضحية والمشتبه فيهم لوضع محضر ولم  يتأت إجراء أي مقابلة بين الجانبين . ومن ثم، لم  يستطع قاضي النيابة العامة أن ينهي تحقيقه ولم  يُنقل الملف إلى القاضي الجنائي للتصرف والاختصاص . وبالتالي، لم  يتأت إصدار أي إدانة أو  إقرار أي تعويض . وتستنتج الدولة الطرف أن الوقائع المبلغ عنها لا  يمكن أن تكون لها قوة إلزامية ضد الدولة الطرف إلا  بعد أن تبت فيها الأجهزة القضائية المختصة، وتؤكد من جديد أن صاحب البلاغ يتحمل شخصياً مسؤولية امتداد المهل امتداداً مفرطاً .

6-2 وفيما يخص الأسس الموضوعية، وأعمال التعذيب التي ادعاها صاحب البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى أن القرار الطبي كشف أن المعني كان ضحية ضرب وجروح توحي بأنه تعرض لأعمال تعذيب، في حين أن الجروح الظاهرة على الصور بالأشعة قد تكون نتيجة سقوط على الأرض ولا  يمكن تفسيرها بضرب مباشر . وتضيف الدولة الطرف أن من الممكن أن يكون صاحب البلاغ قد سُببت له آلام، ولكن القاضي المختص هو الذي يحق له أن يحدد، على أساس تق رير الخبير ، ما  إذا كانت هذه الآلام حادة أم  لا . وسيتعين أيضاً تحديد ما  إذا كانت هذه الأعمال متعمدة . ومن جانب آخر، لم  تُحدد بعد رسمياً هوية المسؤولين عن أعمال التعذيب المعنية . وبما  أن الضحية لم  يعد يقيم في بوروندي فإن من الصعب حالياً، إن لم  نقل من المستحيل، تحديد ما  إذا كانت هذه الصدمات نفسها التي تؤثر اليوم في صحته .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 تحقّقت اللجنة، كما  يتعين عليها أن تفعله بموجب الفقرة 5( أ ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم  يجر بحثها، ولا  يجري بحثها حالياً ، في إطار أي هيئة من هيئات البحث والتسوية الدولية الأخرى . وتلاحظ اللجنة أن قضية ديوغرات ياس نيونزيما وُجِّهت إلى انتباه الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسف ي والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب في عام  2006. غير أن اللجنة تلاحظ في المقام الأول أن ولاية الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي تتعلق، بحسب الموضوع ، بمسألة السلب التعسفي للحرية وليس ب مسألة التعذيب . وفيما يخص نظر المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب في المسألة، تشير اللجنة إلى أن الإجراءات أو  الآليات الخارجة عن نطاق الاتفاقية التي أنشأتها لجنة حقوق الإنسان أو  مجلس حقوق الإنسان، والتي تتمثل ولاياتها في النظر في حالة حقوق الإنسان في هذا البلد أو  الإقليم أو  ذاك أو  في ظواهر واسعة الانتشار تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان في العالم وإعداد تق ا رير علني ة بشأنها، لا  تُعتبر إجراءات دولية للتحقيق أو  التسوية بالمعنى المنصوص عليه في الفقرة 5( أ ) من المادة 22 من الاتفاقية ( ) . وبالتالي، ترى اللجنة أن نظر هذه الإجراءات في قضية ديوغرات ياس نيونزيما لا  يبطل مقبولية البلاغ بموجب هذا الحكم .

7-2 وتلاحظ اللجنة في المقام الثاني أن الدولة الطرف عارضت مقبولية البلاغ بدعوى أن صاحب البلاغ لم  يستنفد سبل الانتصاف المحلية، وأن ملفاً جنائياً فُتح في 17 آب / أغسطس 2006 لا  يزال عالقاً بعد أن رفع هذا الأخير دعوى إلى النيابة العام ة للجمهورية . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أكدت تعيين قاضٍ مكلف بالتحقيق في الملف، دون تقد ي م أي معلومات أخرى أو  أي عنصر من شأنه أن يسمح للجنة بقياس التقدم المحرز في التحقيق والحكم على فعاليته المحتملة، مع أنها فُتحت منذ أكثر من ثمان سنوات . وتستنتج اللجنة، في هذه الظروف، أن خمول السلطات المختصة جعل من غير المحتمل فتح سبل انتصاف من شأنها تحقيق جبر ذي فائدة وأن الإجراءات الداخلية تجاوزت المهل المعقولة على أي حال . ونتيجة لذلك، ترى اللجنة أن لا  شيء يمنع من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 5( ب ) من المادة 22 من الاتفاقية .

7-3 وفي غياب عائق يحول دون مقبولية البلاغ، تباشر اللجنة النظر فيه من حيث الأسس الموضوعية لأوجه التظلم التي قدمها صاحب البلاغ بموجب المادة 1 والفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و 12 و 13 و 14 و 15 و 16 من الاتفاقية .

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في الطلب مع إيلاء الاعتبار الواجب لجميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية .

8-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بأن حوالي 20 شرطياً مسلحاً أوقفوه في 1 آب / أغسطس 2006 ، دون تقديم أمر بال توقيف، واقتادوه إلى مب ن ى جهاز المخابرات الوطنية حيث استجوب و ه وهدو د ه بتعريضه لآلام حادة . ولاحظت اللجنة أيضاً ادعاءات صاحب البلاغ الذي يؤكد أنه، بعد أن أنكر تورطه في انقلاب مزعوم، ضربه موظفون في جهاز المخابرات يحملون مختلف أنواع أدوات التعذيب ضرباً مبرحاً حتى نزف دمه بغزارة وأشرف على الإغماء؛ وأقحموا حجرة في فمه لإخماد صيحاته؛ وفي  مساء اليوم الذي أوقف فيه، تمكنت زوجته ومحاميه من زيارته وملاحظة علامات تعذيب بادية عليه؛ وأكدت وزيرة من وزراء حكومة الدولة الطرف نفسها أنها لاحظت داخل مقر جهاز المخابرات أن المحتجزين كانت تبدو عليهم علامات التعذيب أثناء زيارتها في 3 آب / أغسطس 2006 ؛ ولم  يتلق أي رعاية طبية أثناء احتجازه داخل مقر جهاز المخابرات الذي دام ثمانية أيام، رغم طلباته المتكررة؛ وتسبب له الضرب الذي تعرض له في آلام ومعاناة حادة وأن ذلك كان متعمداً بهدف انتزاع اعترافاته . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم  تعارض الوقائع كما  قدمها صاحب البلاغ . وفي  هذه الظروف، تستنتج اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ يجب أن تُؤخذ كلية في الاعتبار وأن الوقائع، كما  قدمها، تشكل تعذيباً بالمعنى الوارد في المادة الأولى من الاتفاقية .

8-3 ويحتج صاحب البلاغ أيضاً بالفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية، التي تقتضي من الدولة الطرف أن تتخذ كل ما  يمكن من " إجراءات تشريعية أو  إدارية أو  قضائية فعالة أو  أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي ". وتلاحظ اللجنة، في هذه الحالة، أن صاحب البلاغ ضُرِب ثم احتُجز خلال ثمانية أيام داخل زنزانات جهاز المخابرات دون أساس قانوني ودون أن يحق له الاتصال بمحام أو  طبيب . وتذكر اللجنة باستنتاجاتها وتوصياتها التي حثت فيها الدولة الطرف على اتخاذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية فعالة لمنع أي فعل من أفعال التعذيب وأي سوء معاملة، وعلى اتخاذ تدابير عاجلة لكي تكون جميع أماكن الاحتجاز خاضعة للسلطة القضائية لمنع موظفيها من ممارسة الاحتجاز التعسفي والتعذيب ( ) . وبالنظر إلى ما  سبق، تستنتج اللجنة أن هناك انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 2 ، مقروءة بالاقتران مع المادة الأولى من الاتفاقية ( ) .

8-4 وفيما يتعلق بالمادتين 12 و 13 من الاتفاقية، أحاطت اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأنه احتُجِز دون أساس قانوني من 1 إلى 9 آب / أغسطس 2006 ، وهو التاريخ الذي عُرض فيه على المدعي العام ووُجهت إليه رسمياً تهمة المشاركة في الانقلاب . ورغم أنه قدم في 17 آب / أغسطس 2006 شكوى لدى المدعي العام للجمهورية، وأن شكواه كانت مشفوعة بتقرير طبي صادر عن طبيب حكومي يستنتج أن من المرجح أنه تعرض للتعذيب ( الفقرة 2-13) ، وأن الوقائع معروفة وأبلغت عنها مختلف الجهات الفاعلة، بما  في ذلك وزيرة في حكومة الدولة الطرف ( الفقرتان 2-19 و 2-20) ، لم  يُجرَ أي تحقيق بعد مضي أكثر من ثمان سنوات على الوقائع . ومن الواضح في رأي اللجنة أن مرور كل هذه المدة قبل فتح تحقيق في ادعاءات التعذيب أمر تعسفي . وترفض اللجنة علاوة على ذلك حجة الدولة الطرف بأن عدم إحراز تقدم في التحقيق يُعزى إلى عدم تعاون صاحب البلاغ، الذي يوجد خارج البلد . وتذكر اللجنة بالالتزام الذي يقع على عاتق الدولة الطرف ، بموجب المادة 12 من الاتفاقية ، بالشروع فوراً في تحقيق نزيه بحكم المنصب كلما و ُ ج ِ دت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب . وفي  هذه الحالة، تلاحظ اللجنة انتهاكاً للمادة 12 من الاتفاقية .

8-5 وبالإضافة إلى عدم وفاء الدولة الطرف بهذا الالتزام، فإنها أخلت بمسؤوليتها بموجب المادة 13 من الاتفاقية في ضمان حق صاحب البلاغ في رفع شكوى وفي  أن تستجيب السلطات لهذه الشكوى بطريقة ملائمة بفتح تحقيق سريع ونزيه ( ) . وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ و أفراد أسرته تعرض و ا لتهديدات وأن محاميه أوقف واحتُجِز في 3 آب / أغسطس 2006 بعد أن ندد بأعمال التعذيب التي تعرض لها موكله . ولم  تقدم الدولة الطرف معلومات من شأنها أن تد ح ض هذا الجانب من البلاغ . وتستنتج اللجنة أن المادة 13 من الاتفاقية قد انتُهِكت أيضاً .

8-6 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 من الاتفاقية، تذكر اللجنة بأن هذا الحكم لا  يعترف بالحق في تلقي تعويض عادل ومناسب فحسب، بل يفرض أيضاً على الدول الأطراف التزام السهر على حصول من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب على الجبر . وتذكر اللجنة بأن الجبر يجب أن يشمل مجموع الأضرار التي تكبدها الضحية ويشمل، في جملة تدابير أخرى، رد الحق والتعويض وتداب ي ر من شأنها أن تضمن عدم تكرار الانتهاكات، وأن يراعي دائماً ظروف كل قضية ( ) . وفي  هذه الحالة، لاحظت اللجنة ادعاء صاحب البلاغ، الذ ي يؤكد أنه يعاني آلاماً مستمرة في المنطقة القطنية من ظهره بسبب الإيذاء البدني الذي تعرض له، وأنه اضطر إلى إجراء عمليتين جراحيتين على الأنف،، وأكد أيضاً أنه يعاني من آثار دائمة، ولا  سيما فقدان حاسة الشم نهائياً . ومع ذلك، لم  يتمتع بأي تدبير لإعادة تأهيله . وترحب اللجنة بما  أعربت عنه الدولة الطرف من نوايا إيجابية تعتزم بموجبها الوفاء بالتزام إعادة التأهيل والجبر الذي يقع على عاتقها، بيد أنها ترى أن عدم إجراء تحقيق سريع ونزيه ي حرم صاحب البلاغ من إمكانية المطالبة بحقه في الجبر ، كما  تنص على ذلك المادة 14 من الاتفاقية .

8-7 وفيما يتعلق بالمادة 15 ، أحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ، الذي يفيد بأن الدعوى القضائية التي رُفعت ضده بتهمة محاولة الانقلاب أُقيمت على أساس اعترافات انتُزِعت منه تحت التعذيب، كما  يؤكد ذلك تقرير طبي . ولم  تقدم الدولة الطرف حجة ذات صلة من شأنها دحض هذا الادعاء . وتذكر اللجنة بأن الصيغة العامة لنص المادة 15 من الاتفاقية تنبع من الطبيعة المطلقة لحظر التعذيب وتلزم بالتالي كل دولة طرف بالتحقق مما  إذا كانت التصريحات المستخدمة في دعوى تدخل ضمن اختصاصها لم  تُنتزع تحت التعذيب ( ) . وفي  هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أعلن أن التصريحات التي وقعها تحت التعذيب هي الأساس الذي قام عليه اتهامه وتبرير إبقائه رهن الاحتجاز خلال أكثر من خمسة أشهر ( من 1 آب / أغسطس 2006 إلى 16 كانون الثاني / يناير 2007) ؛ وأن هذا الإيذاء البدني أكده تقرير طبيب حكومي فوضه قاضي التحقيق؛ وأن صاحب البلاغ حُكم عليه بالبراءة في 15 كانون الثاني / يناير 2007 لعدم وجود إثباتات مادية ( الفقرة 2-15) ؛ وأنه طعن بواسطة محاميه في قوة الإثبات التي تكتسيها الاعترافات الموقعة تحت التعذيب في كل مرحلة من مراحل الدعوى التي رُفعت ضده، دون جدوى .  وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا  تفنّد أياً من هذه الادعاءات ولم  تقدم في ملاحظاتها إلى اللجنة أي معلومات بهذا الشأن . وترى اللجنة أن الدولة الطرف كانت ملزمة بالتحقق من فحوى ادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأن اعترافاته انتُزعت منه تحت التعذيب، وأنها إذ لم  تجر هذه التحقيقات وإذ  استخدمت هذه التصريحات في الدعوى القضائية ضده التي أسفرت عن الحكم ببراءته لاحقاً، انتهكت التزاماتها بموجب المادة 15 من الاتفاقية .

8-8 وفيما يتعلق بالتظلم المستند إلى المادة 16 ، أحاطت اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأنه احتُجز من 1 إلى 9 آب / أغسطس 2006 في زنزانة ضيقة في مقر جهاز المخابرات مع 16 محتجزاً آخرين في ظروف صحية يُرثى لها، وبأنه حُرم من رؤية طبيب رغم طلبه ذلك ورغم حالته الصحية الباعثة على القلق . وادعى علاوة على ذلك أن نُقِل اعتباراً من 9 أيلول / سبتمبر 2006 إلى سجن مبيمبا الذي يتميز بظروف غير صحية وبالاكتظاظ . ومما لا  شك فيه أ ن الغياب الواضح لأي آلية لمراقبة زنزانة جهاز المخابرات وسجن مبيمبا، حيث احتُجِز صاحب البلاغ، زاد من خطر تعرض هذا الأخير لأعمال التعذيب . وفي  غياب أي معلومات مجدية من جانب الدولة الطرف بشأن هذا الموضوع، تستنتج اللجنة أن الوقائع تكشف انتهاكاً من الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب المادة 16 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 11 من الاتفاقية ( ) .

9- واستناداً إلى الفقرة 7 من المادة 22 ، ترى اللجنة أن الوقائع التي عُرضت عليها تظهر انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 2 ، مقروءة بالاقتران مع المواد 1 و 12 و 13 و 14 و 15 و 16 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 11 من الاتفاقية .

10- وتستند اللجنة إلى الفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي وتدعو الدولة الطرف بإلحاح إلى فتح تحقيق نزيه في الأحداث المعنية ، بهدف مقاضاة الأشخاص الذين قد تثبت مسؤوليتهم في المعاملة التي تعرض لها الضحي ة، وإخطارها، في غضون 90 يوماً اعتباراً من تاريخ تقديم هذا القرار، بالتدابير التي تكون قد اتخذتها وفقاً للملاحظات الواردة أعلاه، بما  في ذلك تعويض مناسب وعادل يشمل الوسائل اللازمة لإعادة تأهيله بأكمل وجه ممكن .