الأمم المتحدة

CAT/C/66/D/827/2017

Distr .:

Arabic

Original :

لجنة مناهضة التعذيب

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

19 June 2019

Arabic

Original: French

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 827/2017 * **

بلاغ مقدم من: فرحات أردوغ ان (يمثله المحامي، الكبير لَمْسَغَّم)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: المغرب

تاريخ تقديم الشكوى : 12 حزيران/ يونيه 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادتين 114 و 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 20 حزيران/ يونيه ٢٠١ 7 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد هذا القرار: 10 أيار/مايو 2019

الموضوع: تسليمه إلى تركيا

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ عدم المقبولية لعدم تقديم المبرر اللازم

المسائل الموضوعية: احتمال التعرض للتعذيب لدواع سياسية في حالة التسليم (عدم الإعادة القسرية)

مواد الاتفاقية: 3

1-1 صاحب الشكوى هو فرحات أردوغ ان، وهو مواطن تركي مولود في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1978. وقد صدر بحقه قرار بتسليمه إلى تركيا، وهو يعتبر أن ترحيله على هذا النحو سيشكل انتهاكاً من جانب المغرب للمادة 3 من الاتفاقية. وقد صدّق المغرب على الاتفاقية في 21 حزيران/ يونيه 1993 وقدّم في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2006 إعلان اً يقرّ فيه باختصاص اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية. ويمثل صاحب البلاغ محامٍ.

1-2 وفي 20 حزيران/ يونيه 2017، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف ، بواسطة مقرّرها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة و عملاً بالفقرة 1 من المادة 114 من نظامها الداخلي، عدم تسليم صاحب الشكوى إلى تركيا إلى حين انتهاء اللجنة من النظر في شكواه. وفي ٢٨ شباط/ فبراير ٢٠١٨، قررت اللجنة أن تنظر في مقبولية البلاغ وفي أسسه الموضوعية مع اً.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 صاحب الشكوى، وهو تاجر، يترأس المنظمة التركية لرجال الأعمال في أوشاك بتركيا، وهو عضو أيض اً في حزب العدالة والتنمية التركي. وهو عضو في جمعية USIAD، المنتسبة إلى اتحاد الصناعيين الأتراك المعروف باسم TUSKON. وقد عمدت الإدارة التركية في إطار حالة الطوارئ إلى حل هذه الجمعية. وقد نظّم صاحب البلاغ رحلات دعائية وترويجية داخل تركيا وخارجها، لصالح مؤسسات تعليمية تابعة لحركة حزمت Hizmet. وعمل أيض اً على جمع الأموال لفائدة الأعمال الاجتماعية والخيرية، في إطار أنشطة حركة حزمت، لصالح الطلبة والمحرومين ( ) . وفي تاريخ لم يحدد من عام 2010، استقر هو وزوجته وطفلاه في المغرب، حيث قرر الاستثمار.

2 -2 وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2015، فتحت محكمة أوشاك العليا، المختصة في الجنايات الكبرى، تحقيق اً بشأن صاحب البلاغ. وفي 5 آب/أغسطس 2016، قررت المحكمة ملاحقته قضائي اً بتهمة تشكيل وإدارة منظمة إرهابية مسلحة وتبيض الأموال الناجمة عن أعمال إرهابية وتمويل الإرهاب.

2-3 وفي 30 كانون الثاني/يناير 2017، قدمت السلطات التركية طلب اً إلى السلطات المغربية بتسليم صاحب البلاغ. وفي 12 نيسان/أبريل 2017، أُلقي القبض على صاحب البلاغ في الدار البيضاء. وفي 13 نيسان/أبريل 2017، قُدّم إلى النيابة العامة لمحكمة الدرجة الأولى في الدار البيضاء التي أمرت بح ج زه تحسب اً لتسليمه وإيداعه سجن سلا في انتظار البدء في إجراءات التسليم أمام الدائرة الجنائية بمحكمة النقض.

2- 4 وفي 23 أيار/مايو 2017، قدم صاحب البلاغ طلب اً إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في الرباط للحصول على الحماية الدولية ( ) . ولا يزال ينتظر الرد.

2 -5 وفي جلسة أمام محكمة النقض المغربية عُقدت يوم 24 أيار/مايو 2017، نفى صاحب البلاغ، الذي كان برفقة بمحاميه، الادعاءات الواردة في الملف القضائي التركي، باعتبارها لا أساس لها ولا تستند إلا إلى تصريحات تفصيلية لأشخاص ’’أقسموا اليمين‘‘، دون أي أدلة جنائية موضوعية. ودفع صاحب البلاغ بأن الأدلة الأساسية المقدمة في ملف طلب التسليم تقتصر على مذكرات شخصية وجدت في مفكرة، وفي شريط فيديو يتضمن صور اً للرئيس التركي رجب طيب أردوغ ان وابنه نجم الدين بلال أردوغ ان، وفي ملف إلكتروني بصيغة Word يتضمن رسالة موجهة من قبل صاحب البلاغ إلى زملائه وأصدقائه التجار يشرح فيها القطاعات الاقتصادية الرائجة في المغرب ويدعوهم إلى القدوم للاستثمار.

2-6 ودفع صاحب البلاغ أيض اً بأن طلب التسليم يكتسي طابع اً سياسي اً، مستند اً في ذلك إلى أنه كان ناشط اً في مجال حقوق الإنسان وتبنى آراءً سياسية مخالفة لآراء السلطة القائمة في تركيا، وبأن توصيف حركة حزمت جماعة إرهابية من قبل الحكومة التركية يكتسي هو الآخر طابع اً سياسي اً. واحتج أيض اً بأنه سيكون معرض اً للخطر في تركيا بالنظر إلى الحالة العامة لحقوق الإنسان، ولا سيما بعد محاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليه 2016 التي تلتها موجة واسعة من الاعتقالات والمحاكمات والأحكام بالإدانة. وقدّم صاحب البلاغ أيض اً شهادة تثبت تقديمه طلب لجوء إلى مفوضية اللاجئين.

2 -7 وفي 31 أيار/مايو 2017، أبدت محكمة النقض في المغرب رأي اً مؤيد اً لتسليم صاحب البلاغ إلى تركيا.

الشكوى

3-1 يؤكّد صاحب البلاغ بأنه سيكون، في حال تسليمه إلى تركيا، معرض اً للتعذيب على أيدي السلطات التركية، بما يشكل انتهاك اً للمادة 3 من الاتفاقية.

3-2 ففي أعقاب محاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليه 2016، فرضت تركيا، في 20 تموز / يوليه 2016، حالة الطوارئ على إقليمها. ومنذ ذلك الحين، يتعرض قضاة وصحافيون ومحامون وجامعيون ’’للقمع التعسفي وسحق الحريات الأساسية‘‘ ( ) . فالسياق السياسي الحالي في تركيا، منذ محاولة الانقلاب، لا يسمح بكفالة احترام القواعد الإجرائية لسيادة القانون ويمنع بذلك إتمام عملية تسليم في إطار احترام المعايير الدولية. وأعربت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، في قرار أصدرته يوم 25 نيسان/أبريل 2017، عن قلقها البالغ إزاء حالة حقوق الإنسان في تركيا، ولاحظت أن ’’الوضع ، بعد مرور ثمانية أشهر على محاولة الانقلاب، تدهور وأن الإجراءات المتخذة تتجاوز بكثير إطار ما هو ضروري ومتناسب ‘‘ ( ) . وشددت الجمعية البرلمانية أيض اً على أن عمليات التطهير واسعة النطاق جارية في الإدارة ( ) ، وأن أعداد اً كبيرة من الأشخاص أُلقي عليهم القبض وأودعوا الحبس الاحتياطي ( ) ، وأن العديد من الموظفين فُصِلوا وأن التدابير التي اتخذت في حقهم، مثل إلغاء جوازات سفرهم أو منعهم نهائي اً من شغل منصب في الإدارة العمومية أو إنهاء استفادتهم من نظام الضمان الاجتماعي، هي بمثابة ’’الوفاة المدنية‘‘ للأشخاص المعنيين ( ) . وترى الجمعية البرلمانية أن احترام الحقوق الأساسية غير مكفول في تركيا ( ) . وفي 21 تموز/يوليه 2016، أعلنت تركيا عن نيتها التوقف استثناءً عن التزامها باتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، عمل اً بالمادة 15 من هذه الاتفاقية. وبالنظر إلى مجمل هذه الظروف، فإن صاحب البلاغ يكون معرض اً شخصي اً للتعذيب إذا عاد إلى بلده.

3-3 ومن جهة أخرى، رفضت المحكمة العليا في اليونان تسليم ثمانية ضباط إلى تركيا، وهو البلد الذي رأت المحكمة أنه يتجه للعودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام، وحيث توجد أيض اً أدلة على معاملة المنشقين السياسيين معاملة مهينة ولا إنسانية، وحيث لا محاكمة عادلة بأتم معنى الكلمة.

3-4 وقد اتهمت الحكومة التركية حركة حزمت بالوقوف وراء محاولة الانقلاب بتاريخ 15 تموز/يوليه 2016. وفي تركيا، يواجه كل من ينتمي أو يشتبه أنه ينتمي إلى حركة حزمت - وهو حال صاحب البلاغ - خطر اً حقيقي اً بالتعرض للتعذيب وأصناف المعاملة السيئة. وقد أُحصي أكثر من 50 حالة وفاة مشبوهة لأعضاء في حركة حزمت في السجن، ويضيف صاحب البلاغ أن كل يوم يطالعنا بأخبار عن أعمال التعذيب أو سوء المعاملة المرتكبة في حق أعضاء حركة حزمت، والتي تصل أحياناً إلى القبض على أمهات بعد وضع أحمالهن مباشرة، وهو ما يحظره القانون. والحال أن هذه الانتهاكات تلقى الإدانة من منظمات كبرى مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش .

3-5 لقد جرت شيطَنة حركة حزمت وأعضائها في وسائط الإعلام وفي خطابات المسؤولين الأتراك. ففي 7 حزيران/يونيه 2017، دعا الرئيس رجب طيب أردوغ ان، أثناء عشاء إفطار في رمضان، الشعب التركي إلى ’’إعطاء دروس‘‘ إلى الأشخاص الذين أُفرج عنهم في إطار التحقيقات بشأن حركة حزمت، موضح اً أنه لن يفلتوا بسهولة من العقاب حتى وإن لم يكونوا مجرمين. ويؤكد صاحب البلاغ أن انتماءه إلى حركة حزمت لا يخفى على أحد في مدينته في تركيا وأنه بالتالي معرض لخطر حقيقي بأن يلقى معاملة سيئة من السكان دون أن تتدخل الحكومة لحمايته فعليا ً ( ) . وفضل اً عن ذلك، تثبت منشورات صاحب البلاغ على الشبكة الاجتماعية تويتر أنه يقوم بالدعاية لأفكار المؤسس الروحي لحركة حزمت، فتح الله غولن .

3-6 وتبحث السلطات التركية عن صاحب البلاغ في إطار التحقيقات بشأن حركة حزمت في مدينة أوشاك. وأقرباؤه - زوجة أخيه، وزوج أخته، وعمه وزوجته وأولادهما - كلهم محتجزون لانتمائهم إلى حركة حزمت. ويؤكد قرار لوزارة الداخلية التركية صدر في الجريدة الرسمية يوم 10 أيلول/سبتمبر 2017 ويتضمن أسماء 99 شخص اً منهم اسم صاحب البلاغ، أن الحكومة التركية تعتزم تجريدهم من الجنسية التركية إن لم يعودوا إلى تركيا في غضون ثلاثة أشهر من صدور القرار ( ) . وعليه، فإن صاحب البلاغ يواجه خطر اً فعلي اً ومتوقع اً وحقيقي اً وشخصي اً بالتعرض للتعذيب في حالة تسليمه إلى تركيا.

ملاحظات الدولة الطرف على المقبولية

4-1 في 19 آب/أغسطس 2017، اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ. وتؤكّد أن السلطات المغربية تلقت من السلطات التركية - رسمي اً بالطرق الدبلوماسية - طلب تسليم صاحب البلاغ إلى تركيا، استناد اً إلى أحكام الاتفاقية المبرمة بين المملكة المغربية والجمهورية التركية بشأن التعاون القضائي في المسائل الجنائية وتسليم المجرمين، المؤرخة 15 أيار/مايو 1989. وفي 31 أيار/مايو 2017، اتخذت محكمة النقض قرار اً أيدت فيه طلب التسليم، معتبرةً أن الطلب المقدم من السلطات التركية علاوة على كونه مسنود اً بأمر دولي بالقبض على صاحب البلاغ، فهو متوافق أيض اً شكل اً ومضمون اً مع أحكام قانون الإجراءات الجنائية المغربي والاتفاقية المتعلقة بالتعاون القضائي. وقد استفاد صاحب البلاغ أمام المحكمة من جميع الحقوق المكفولة له بمقتضى مبادئ الحق في محاكمة عادلة وقواعده المعترف بها دولي اً.

4-2 صحيح أن قرار محكمة النقض لا يقبل أي استئناف عادي، إلا أنه يمكن أن يكون محل طعن بإعادة النظر وفق اً للمادتين 563 و564 من قانون الإجراءات الجنائية ( ) . وعليه، فإن صاحب الدعوى لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية.

4-3 ثم إن محكمة النقض خلُصت، فيما يتعلق بالادعاء بأن طلب التسليم يكتسي طابع اً سياسي اً، إلى أن الوقائع موضوع الملاحقات التي شُرع فيها بإزاء صاحب البلاغ في تركيا يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي من حيث إنها تتعلق بتشكيل وقيادة منظمة إرهابية وبتبييض الأموال. وهذه الأفعال لا يمكن اعتبارها على أنها ذات طابع سياسي أو مرتبطة بمخالفة سياسية، ولا تشبيهها بحالات إخلال مقرونة بالواجب العسكري، مثلما أنها لا يمكن ربطها بدوافع أو اعتبارات ذات صلة بالدين أو العرق أو الجنسية أو الرأي السياسي. وفضل اً عن ذلك، تنص الاتفاقية المتعلقة بالتعاون القضائي على ضمانات كافية بخصوص عدم تسليم أي شخص لاعتبارات سياسية.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في 19 كانون الثاني/يناير 2018، دفع صاحب الشكوى بأن الطعن بإعادة النظر الذي تحدثت عنه الدولة الطرف يظل، كما بيّنه قانون الإجراءات الجنائية، استئناف اً استثنائي اً. فهو ليس استئناف اً عادي اً للطعن في قرار صادر عن محكمة من الدرجة الأولى أو محكمة الاستئناف، وإنما للطعن في قرار صادر عن محكمة النقض نفسها. لذا فإن الطعن بإعادة النظر لا يقدم إلى محكمة أعلى، وإنما أمام محكمة النقض هذه نفسها.

5-2 وفضل اً عن ذلك، يبقى الطعن بإعادة النظر بلا فاعلية ولا جدوى في حالة صاحب البلاغ. وذلك ابتداءً لأن صاحب البلاغ لا يملك عناصر جديدة قد تكون حاسمة لدى النظر في استئنافه أمام المحكمة نفسها التي أصدرت قرار اً بتأييد تسليمه. ثم، للملاحظة، لم يكن الطعن بإعادة النظر في الحالات المماثلة ذي فعالية على الإطلاق ( ) . وختام اً، ليس الطعن بإعادة النظر أي مفعول معلّق للإجراءات. وبناء عليه، لا يمكن أن يكون صاحب البلاغ مطالب اً بالتماس استئناف من هذا النوع وانتظار نتائجه بينما هو مهدد بأن يُسلَّم في أي لحظة ومن ثم تعريضه لضرر لا يمكن إصلاحه.

5-3 وفي الأخير، يحتج صاحب البلاغ بالتكلفة الباهظة الطعن بإعادة النظر، أي ما يعادل 100 يورو في حال رُفض الاستئناف. وبالنظر إلى الإمكانات المالي لصاحب البلاغ وهو الموجود في السجن تحسب اً لتسليمه ولا يملك أسرة في المغرب، فإن الكفالة التي طُلب منه دفعها تبقى باهظة ولا طاقة له بها.

ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية

6-1 في 19 كانون الأول/ديسمبر 2017، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على البلاغ من حيث الموضوع. فعرضت في أول الأمر تفاصيل عن إجراءات توقيف صاحب البلاغ على أراضيها بناء على طلب تسليم مقدّم من السلطات التركية. وقد جرى توقيفه عمل اً بالمادة 29 من الاتفاقية المتعلقة بالتعاون القضائي المبرمة بين البلدين.

6-2 ثم تحدّثت الدولة الطرف عن الإجراءات أمام محكمة النقض، التي اعتبرت أن الوقائع التي اتهم صاحب البلاغ على أساسها في بلده الأصلي تُعد من جرائم القانون العام - جرائم الإرهاب - التي يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي أيض اً، وأن هذه الجرائم لا يمكن اعتبارها ذات طابع سياسي ولا أنها مرتبطة بجريمة سياسية. وأثناء الدعوى، استفاد صاحب البلاغ من جميع الضمانات المكفولة في محاكمة عادلة، بما في ذلك الاستعانة بمحام. وترفض الدولة الطرف بصورة منهجية طلبات التسليم إذا كانت الشروط المنصوص عليها في المادة 721 من قانون الإجراءات الجنائية ( ) متوفرة. وتتضمن التشريعات الوطنية ما يكفي من الأحكام لوضع مبادئ الاتفاقية موضع التنفيذ. ولم يتعرض صاحب البلاغ لأي عمل من أعمال التعذيب أو المعاملة السيّئة على إقليم الدولة الطرف.

6-3 ولا تملك محكمة النقض، بوصفها محكمة النظر في مسائل التسليم، الاختصاص للبت في نطاق الأدلة الواردة في طلب التسليم. فقد اعتبرت أن طلب التسليم لا يتسم بأي طابع سياسي على اعتبار أن صاحب البلاغ متورط في أعمال الإرهاب وتمويل الإرهاب. ومن حيث الجوهر، فإن التسليم والإبعاد إجراءين قانونيين مختلفين تمام الاختلاف.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف على البلاغ من حيث الموضوع

7-1 في 26 أيار/مايو 2018، أحال صاحب البلاغ تعليقات. ويوضح المغزى من بلاغه، وهو أنها لا تتعلق بإجراءات القبض عليه على تراب الدولة الطرف، ولا بأحكام اتفاقية التعاون القضائي المبرمة بين المغرب وتركيا، بل تتعلق بالرأي القانوني الذي أصدرته محكمة النقض وبالخطوات الإجرائية للتسليم التي تستتبع ذلك. وقد أخلت الدولة الطرف بالالتزامات التي تقع على عاتقها بموجب المادة 3 من الاتفاقية.

7-2 فمحكمة النقض لم تطبّق المادة 721 من قانون الإجراءات الجنائية. فهي لم تتأكد من الطابع السياسي الذي يكتسيه طلب تسليم صاحب البلاغ، بينما ينطوي ملف التسليم التركي على تباين صارخ بين الأدلة التي لا أساس لها المقدمة من تركيا - تصريحات تفصيلية دون أدلة مادية موضوعية، ومعاملات مالية مشروعة، ومذكرات شخصية، ومراسلة بين صاحب البلاغ وأصدقائه التجار - والاتهامات الخطيرة والجدية المتصلة بالإرهاب وبتمويل الإرهاب. فهذا التباين المؤكد والكبير يفترض أن يكفي، لوحده، ليدفع الدولة الطرف إلى أن تستقصي ادعاءات صاحب البلاغ وأن تكون لها شكوك جدية في الطابع الخفي الذي ينطوي عليه طلب التسليم. إن تقييم هذا التباين يمثل روح المادة 721 من قانون الإجراءات لجنائية والمادة 3 من الاتفاقية.

7-3 وإذا لم تكن محكمة النقض مختصة في تقييم نطاق الأدلة التي تضمنها ملف طلب التسليم من حيث جوهرها القانوني، فهي تملك كل الأهلية والاختصاص القانونيين بما يمكنها من تقييم هذه الأدلة بإزاء عناصر الملف الأخرى عمل اً بأحكام المادة 721 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 3 من الاتفاقية. ومن حق محكمة النقض أن تستقصي الأسباب الكامنة وراء طلب تسليم صاحب البلاغ واتخاذ إجراءات حقيقية وملموسة للبت في المسألة عن علم ودراية.

7-4 والدولة الطرف لا توضح كيف تسنى لها استنتاج أن صاحب البلاغ متورط في الأفعال التي تتهمه بها تركيا في حين أنها تؤكد أن محكمة النقض لا يسعها تقييم موضوع الملف المتعلق بطلب التسليم. ووفق اً لشهادة شخص من معارفه، فإن صاحب البلاغ متديّن تدين اً معتدل اً وبعيد كل البعد عن الصورة التي نسبتها له حكومة بلده.

7-5 وفضل اً عن ذلك، فقد اعتمدت تركيا، في 6 كانون الثاني/يناير 2017، ثلاثة مراسيم تشريعية بناء على حالة الطوارئ المفروضة، ومنها بالأخص المرسوم التشريعي رقم 680 الذي يمنح للسلطات سلطة تجريد أشخاص يخضعون للتحقيق ويقيمون في الخارج من جنسيتهم التركية. وفي إشعار بالعودة نشر يوم 10 أيلول/سبتمبر 2017 في الجريدة الرسمية من قبل وزارة العدل التركية يرِد أيض اً اسم صاحب البلاغ. والهدف من المرسوم التشريعي رقم 680، وهو تجريد صاحب البلاغ من جنسيته التركية بصورة تمييزية وعقاب اً له على معارضته السياسية، يمثل حرمان اً تعسفي اً من الجنسية وهو أمر محظور صراحة بمقتضى دستور تركيا والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وزيادة على ذلك، فإن حرمان صاحب البلاغ من جنسية تعسف اً يمثل دليل اً إضافي اً على أن طلب التسليم ذو طابع سياسي بامتياز.

7-6 وأشار صاحب البلاغ إلى أن مبدأ عدم الإبعاد المنصوص عليه في المادة 3 من الاتفاقية ينطبق في حالتي الطرد والتسليم على حد سواء.

7-7 وختام اً، يحتج صاحب البلاغ بالفقرة 6 من التعليق العام رقم 1(1997) للجنة بشأن تنفيذ المادة 3 في سياق المادة 22 من الاتفاقية ( ) ليؤكد أن اللجنة أوّلت المادة 3 من الاتفاقية على أنها حكم يفرض على الدولة الطرف التزام اً بتقييم مسألة وجود أو عدم وجود أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب البلاغ يواجه خطر التعرض للتعذيب إن طُرد أو أُعيد أو سُلِّم. وجميع السبل القانونية لتقييم هذا الاحتمال للتعرض للتعذيب مشروعة ويجب حتم اً التماسها، بما في ذلك تقييم الحالة العامة لحقوق الإنسان في تركيا. لقد أدى تمديد حالة الطوارئ في هذا البلد إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ومن ذلك ارتكاب أعمال التعذيب، وهو ما ندد به المفوض السامي لحقوق الإنسان في تقريره المؤرخ 20 آذار/مارس 2018 ( ) . وسبق التنديد أيض اً في تقرير عام 2016 باللجوء إلى أعمال التعذيب والاحتجاز التعسفي والحرمان التعسفي من الحق في العمل والحق في حرية التنقل والتعبير وتشكيل جمعيات ( ) . ويلاحظ صاحب البلاغ أيض اً أن السلطات الألمانية انتقدت لجوء تركيا المفرط إلى منظمة الانتربول، منذ محاولة الانقلاب في عام 2016. ويرى أنه كان على المكتب المركزي الوطني للانتربول في الدولة الطرف التدقيق عن كثب في الطلب المقدم ضد صاحب البلاغ وكان عليه تجاهله عمل اً بالمادتين 2 و3 من النظام الأساسي للانتربول ( ) .

7-8 ويطلب صاحب البلاغ الإفراج عنه ومنحه الحماية الدولية في إقليم الدولة الطرف، أو في بلد آمن آخر.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يجب أن تقرر اللجنة ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفق مقتضيات الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها حالياً في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-2 وتذكّر اللجنة بأنه لا يمكنها، وفقاً للفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، أن تنظر في أي بلاغ يرد من فرد ما إلا إذا تأكدت من أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعترض على أن يكون صاحب الشكوى قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، مشيرة إلى إمكانية تقديم استئناف استثنائي، والمتمثل في الطعن بإعادة النظر. وتلاحظ أيض اً حجة صاحب البلاغ، التي لم تعترض عليها الدولة الطرف، المتعلقة بالطابع الاستثنائي لهذا الاستئناف، وأنه ليس له مفعول معلّق للإجراءات ولا يقدّم بالتالي أي ضمانات بإمكانية أن يؤدي إلى ما يحقق الرضا. وبالفعل، تلاحظ اللجنة أن الطابع الاستثنائي للغاية لهذا الاستئناف الذي يتيح على وجه الخصوص، وفق اً لأحكام المادة 563 من قانون الإجراءات الجنائية المغربي، الاعتراض على قرارات محكمة النقض في الحالات التالية: (أ) إذا كان القرار صادر اً استناد اً إلى وثائق أُقر بأنها مزورة؛ (ب) إذا كان الهدف هو تصحيح قرار شابته أخطاء مادية واضحة؛ (ج) في حال عدم تبرير قرار المحكمة؛ (د) إذا كان القرار مستنداً إلى دلائل اعتُبرت صحيحة، لكن تبيّن أنها خاطئة. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بأن تمتع الاستئناف بمفعول معلّق للإجراءات هو من بين الضمانات الأساسية لإجراء التسليم، حيث إ نه يهدف إلى منع وقوع انتهاكات لمبدأ عدم الإبعاد ومن ثم إلى ضمان تطبيق المادة 3 تطبيق اً كاملا ً ( ) .

8-3 وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة وتذكّر بأن صاحب البلاغ، في القضية قيد النظر، ليس مطالب اً، وفق اً لمبدأ استنفاد سبل الانتصاف المحلية، سوى باستنفاد سبل الانتصاف التي لها صلة مباشرة بخطر تعرضه للتعذيب في تركيا ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم توضح ما الذي يمكن أن يحدثه الطعن بإعادة النظر على قرار محكمة النقض المؤرخ 31 أيار/مايو 2017 من تأثير على إجراء تسليم صاحب البلاغ إلى تركيا، حيث لم تذكر إن كان لهذا الطعن مفعول معلّق للإجراءات. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن الدولة الطرف لم تدحض ادعاءات صاحب البلاغ بأن الطعن بإعادة النظر ليس له مفعول معلّق للإجراءات. وتذكّر اللجنة بأنه حدث في العديد من القضايا التي رفعت إليها أن وقّع رئيس الحكومة على مرسوم التسليم قبل حتى أن تبت محكمة النقض في التماس إعادة النظر ( ) . ونظر اً إلى عدم تطرق القانون المغربي لمسألة كون الطعن ذا طبيعة معلقة للإجراءات، ونظر اً أيض اً إلى عدم ذكر الدولة الطرف أي مثال على فتح الإجراءات في إطار الطعن بإعادة النظر وإلى عدم تقدمها أي مثال ملموس على أحكام سابقة بما يوضح طبيعة الطعن بإعادة النظر كونه معلقاً للإجراءات ( ) ، فلا يسع اللجنة أن تستنتج أن عدم تقديم صاحب البلاغ طعناً بإعادة النظر يمنعه من تقديم شكواه إلى اللجنة. وبالنظر إلى ملابسات هذه القضية، تعتبر اللجنة أن الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية لا تمنعها من قبول البلاغ.

8-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية الشكوى لعدم كفاية الأدلة من حيث أن صاحب البلاغ يدعي أن طلب التسليم المقدم من تركيا ذو طابع سياسي. وذكرت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ استفاد من جميع ضمانات المحاكمة العادلة وأن محكمة النقض لم تقتنع بالطابع السياسي لطلب التسليم الذي قدمته السلطات التركية. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد بيّن، من جهته، الخطر الذي يواجهه في حالة تسليمه، بوصفه شخصا ً منتسبا ً إلى حركة حزمت، التي صنّفتها الحكومة التركية مجموعةً إرهابية. وعليه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم ما يكفي من الأدلة لأغراض قبول شكواه.

8-5 وتخلص اللجنة إلى أن الشكوى مقبولة، بموجب المادة 22 من الاتفاقية، فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 3 من الاتفاقية، وتنتقل بالتالي إلى النظر في موضوع الشكوى.

النظر في الشكوى من حيث الموضوع

9-1 نظرت اللجنة في الشكوى آخذة في الاعتبار جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان وفقاً لأحكام الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

9-2 وفي الحالة قيد النظر، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان تسليم صاحب البلاغ إلى تركيا يشكل انتهاك اً للالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف بمقتضى الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية بعدم إبعاد أي شخص أو طرد إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب. وتذكر اللجنة قبل كل شيء أن حظر التعذيب حظر مطلق ولا يخضع للاستثناء، وأنه ليس هناك ظرف استثنائي يمكن أن تتذرع به دولة طرف لتبرير أعمال التعذيب ( ) . ومبدأ عدم طرد أشخاص إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب، المنصوص عليه في المادة 3 من الاتفاقية، مبدأ مطلق هو الآخر ( ) .

9-3 ولتحديد ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص المدعى أنه ضحية قد يتعرض للتعذيب، تذكّر اللجنة بأن الدول الأطراف مطالبة، بمقتضى الفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية ، أن تراعي جميع العناصر، بما فيها وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد العودة.بيد أن المسألة التي يتعين تحديدها في الحالة قيد النظر هي ما إذا كان صاحب البلاغ قد يتعرض شخصياً للتعذيب في حال تسليمه إلى تركيا ومن ثم، ف إن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد لا يعد في حد ذاته سبباً كافياً لتحديد ما إذا كان سيتعرض للتعذيب عند تسليمه إلى ذلك البلد ؛ فلا بد من وجود أسباب إ ضافية تحمل على الاعتقاد أن الشخص المعني سيواجه شخصياً هذا الخطر ( ) . و بالمقابل ، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يمكن اعتبار الشخص معرضاً للتعذيب في الظروف المحددة الخاصة به ( ) .

9-4 وت ذكّر اللجنة ب تعليقها العام رقم 4(2017) بشأن تطبيق المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22، وم ؤدّا ه أن واجب عدم ال ط رد قائم حيثم ا كانت هناك ”أسباب حقيقية“ تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص المعني سيكون في خطر التعرض للتعذيب في دولة يواجه الترحيل إليها، سواء بصفته الشخصية أو بوصفه عضو اً في مجموعة قد ي كون م عرض اً للتعذيب في ال بلد الذي يرحل إليه ، وأن الممارسة التي تتبعها اللجنة تتمثل في اعتبار وجود ”أسباب حقيقية“ كلما تبيّن لها أن ال خطر ”متوقع وشخصي وقائم وحقيق ي‘‘ ( ) . وتذك ّ ر أيضاً بأن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب الشكوى الذي يجب عليه أن يقدّم حجج اً وجيهة، أي أن يقدم حججاً مدعومة بأدلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وشخصي وقائم وحقيقي . لكن عندما يكون صاحب الشكوى في وضعٍ يجعله غير قادر على تقديم تف ا صيل عن قضيته ، فإن عبء الإثبات ينعكس ليقع على عاتق الدولة الطرف المعنية أن تحقق في الادعاءات وتتحقق من صحة المعلومات التي تستند إليها الشكوى ( ) . وتولي اللجنة أهمية كبيرة إلى الاستنتاجات التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية، إلا أنها غير ملزمة بتلك النتائج ؛ ف هي تقي ّ م ا لمعلومات المتاحة لها بحرية، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، مراع ي ة ً في ذلك جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية ( ) .

9-5 وفي الحالة قيد النظر، تحيط اللجنة علم اً بحجة صاحب البلاغ بأنه في حال تسليمه إلى تركيا سيواجه مخاطر حقيقية بسبب انتمائه المفترض إلى حركة حزمت. وفي هذا الشأن، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ صدر في حقه أمر بالقبض عليه لانتمائه إلى هذه الحركة، والحال أن التقارير المقدمة في الملف تفيد بأن تعرض الأشخاص ممن هم في حالته إلى التعذيب والمعاملة السيئة أثناء الاحتجاز أمر شائع. وفضل اً عن ذلك، تحيط اللجنة علم اً بحجة صاحب البلاغ بأن محكمة النقض لم تنفذ المادة 721 من قانون الإجراءات الجنائية ولم تتأكد من الطابع السياسي الذي يكتسيه طلب تسليم صاحب البلاغ. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن الدولة الطرف أفادت أن القانون الجنائي المغربي موافق لأحكام الاتفاقية، لأنه ينص على عدم جواز تسليم أي شخص إذا كان يواجه خطر التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو آرائه السياسية أو حالته الشخصية، وكذلك إذا كان معرض اً للخطر لإحدى هذه الأسباب.

9-6 ويجب على اللجنة أن تأخذ في الاعتبار الحالة الراهنة من حيث حقوق الإنسان في تركيا، بما في ذلك حالة الطوارئ (التي رُفعت في تموز/يوليه 2018، لكن جرى تمديد الإجراءات التقييدية وذلك باعتماد سلسلة من التدابير التشريعية). وتلاحظ أن التمديد المتكرر لحالة الطوارئ في تركيا أدى إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تعرض لها مئات الآلاف من الأشخاص، لا سيما من حيث الحرمان التعسفي من الحق في العمل وحرية التنقل والتعذيب وسوء المعاملة وحالات الاحتجاز التعسفي وانتهاك الحق في حرية تشكيل جمعيات وحرية التعبير ( ) . وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بملاحظاتها الختامية بخصوص التقرير الدوري الرابع لتركيا (CAT/C/TUR/CO/4)، حيث أشارت بقلق، في الفقرة 9، إلى التباين الكبير بين العدد الكبير من الادعاءات التي أطلقتها منظمات غير حكومية بوقوع أعمال تعذيب وبين المعلومات المقدمة من الدولة الطرف في تقريرها الدوري (انظر الفقرات من 273 إلى 276، والمرفقين 1 و2)، وهو ما يوحي بعدم التحقيق في جميع الادعاءات بوقوع أعمال تعذيب أثناء الفترة المشمولة بالتقرير. وفي الملاحظات الختامية نفسها، أكّدت اللجنة في الفقرة 19 قلقها بسبب التعديلات الأخيرة على قانون الإجراءات الجنائية التي خوّلت الشرطة مزيد اً من السلطة لاحتجاز أشخاص دون رقابة قضائية أثناء حبسهم على ذمة التحقيق. وفي الفقرة 33، أعربت اللجنة عن أسفها لعدم تلقيها معلومات كاملة عن حالات الانتحار وغيرها من حالات الوفاة المفاجئة التي حدثت في أماكن الاحتجاز أثناء الفترة المشمولة بالتقرير.

9-7 وتحيط اللجنة علم اً بما أفاد به صاحب البلاغ من أن حالة الطوارئ التي أُعلنت في تركيا في 20 تموز/يوليه 2016 قد زادت من خطر تعرض الأشخاص المتهمين بالانتماء إلى جماعة إرهابية للتعذيب أثناء احتجازهم. وتقر اللجنة بأن الملاحظات الختامية التي جرت الإشارة إليها سابقة لتاريخ إعلان حالة الطوارئ. على أنها تذكّر بأنه على إثر محاولة الانقلاب في تموز/يوليه 2016، أعربت عن بواعث قلقها إزاء الوضع في تركيا في رسالة متابعة موجّهة إلى الدولة الطرف في 31 آب/أغسطس 2016 ( ) وتلاحظ أيض اً أن التقارير المنشورة منذ إعلان حالة الطوارئ بشأن الوضع في تركيا في مجال حقوق الإنسان ومنع التعذيب تشير إلى أن المخاوف التي أثارتها اللجنة لا تزال قائمة ( ) .

9-8 وفي القضية قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ تحدث عن خطر تعرضه للاضطهاد بسبب أنشطته السياسية، لكونه يُعتقَد أنه ينتمي إلى حركة حزمت، التي تعتبر مسؤولة عن محاولة الانقلاب في تموز/يوليه 2016. وتلاحظ اللجنة أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان حصلت، وفق ما جاء في تقريرها لعام 2018، على معلومات موثوق بها تشير إلى اللجوء إلى التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز الاحتياطي، في سياق مواجهة السلطات التركية لمحاولة الانقلاب التي وقعت في تموز/يوليه 2016 ( ) . وفي التقرير نفسه، أكّدت المفوضية السامية أنها وثّقت اللجوء إلى عدة أشكال من التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، لا سيما حالات الضرب المبرح، والتهديد بالاعتداء الجنسي، والاعتداء الجنسي، والصعق الكهربائي، والإيهام بالغرق. وتهدف أعمال التعذيب هذه عموم اً إلى انتزاع اعترافات والإكراه على الوشاية بأشخاص آخرين في إطار التحقيقات المتعلقة بالأحداث ذات صلة بمحاولة الانقلاب ( ) . ولاحظ المقرر الخاص المعني ب مسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، في تقرير ه عن بعثته إلى تركيا، أن اللجوء إلى التعذيب كان على نطاق واسع، عقب محاولة الانقلاب ( ) . وأدان المقرر الخاص أيض اً كون عدد التحقيقات والملاحقات التي بوشر فيها على إثر الادعاء بوقع أعمال تعذيب أو سوء معاملة لا تكاد تذكر على ما يبدو، بالمقارنة بتواتر الادعاءات بخصوص هذه الانتهاكات، وهو ما يشير إلى عدم استعداد السلطات التركية بما فيه الكفاية للتحقيق في الادعاءات التي أثيرت ( ) .

9-9 وفيما يتعلق بالأثر المباشر الذي أحدثته حالة الطوارئ المعلنة في 20 تموز/يوليه 2016، تحيط اللجنة علم اً بإعراب المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء ما أدت إليه الإجراءات الناجمة عن محاولة الانقلاب من آثار ضارة على توفير الحماية من التعذيب وسوء المعاملة. وتشير المفوضية السامية على وجه الخصوص إلى القيود التي يمكن فرضها على تبادل الحديث بين المحتجزين ومحاميهم، وإلى تمديد المهلة القصوى للاحتجاز على ذمة التحقيق، وإلى وقف بعض الآليات المستقلة لمنع التعذيب، وإلى اللجوء المفرط إلى الاحتجاز الاحتياطي ( ) . وبعد تمديد السلطات التركية حالة الطوارئ مرات متكررة، انتهت حالة الطوارئ رسمي اً في 19 تموز/يوليه 2018. وبرسالة مؤرخة 8 آب/أغسطس 2018، أبلغت السلطات التركية مجلس أوروبا بأن حالة الطوارئ قد انتهت يوم 19 تموز/يوليه 2018 على إثر انتهاء المهلة المحددة في القرار رقم 1182 وبأن حكومة جمهورية تركيا قررت تبع اً لذلك سحب إشعارها بالتوقف مؤقت اً عن الالتزام بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . غير أن سلسلة من التدابير التشريعية اتخذت وأفضت إلى تمديد تطبيق الإجراءات التقييدية التي اتخذت أثناء حالة الطوارئ، مثل إمكانية تمديد الحبس على ذمة التحقيق إلى غاية اثنى عشر يوما ً ( ) .

9 -10 وفي قضية صاحب البلاغ، تلاحظ اللجنة أن محكمة النقض، بإجازتها التسليم، لا يبدو أنها أجرت أي تقييم لخطر التعذيب الذي يتعرض له صاحب البلاغ، بالنظر إلى الوضع في تركيا منذ محاولة انقلاب تموز/يوليه 2016، ولا سيما بالنسبة للأشخاص، أمثال صاحب البلاغ، ممن لهم انتماء - مفترض أو حقيق - إلى حركة حزمت. وتلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف اكتفت بملاحظة مطابقة طلب السلطات التركية تسليم صاحب البلاغ، شكل اً ومضمون اً، من منظور اتفاقية التعاون القانوني المبرمة بين البلدين يوم 15 أيار/مايو 1989، وهي سابقة لتصديق الدولة الطرف على الاتفاقية في 21 حزيران/ يونيه 1993، وذلك دون تقييم خطر التعذيب الذي يواجهه صاحب البلاغ في حال تسليمه إلى تركيا، من منظور المادة 3 من الاتفاقية. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن السلطات التركية أدرجت اسم صاحب البلاغ في قائمة بالأشخاص المهددين بتجريدهم من جنسيتهم التركية. وتذكّر اللجنة أن الهدف الرئيسي للاتفاقية هو منع التعذيب وليس تصحيح هذا الضرر بعد وقوعه ( ) .

9-11 وبناءً على ما سبق، وبالنظر إلى شخص صاحب البلاغ بوصفه عضو اً - مفترض اً أو حقيقي اً - في حركة حزمت، ترى اللجنة أن الدولة الطرف مطالبة بتقييم خاص بشخص صاحب البلاغ للخطر الشخصي والحقيقي الذي يتعرض له في تركيا، لا سيما بالنظر إلى المعاملة الموثّقة التي تعامل بها السلطات التركية الذين لهم صلة بهذه الحركة، بدل الاستناد إلى مقولة مفترضة مؤداها أن طلب اً بالتسليم قُدّم وفق اً لاتفاقية مبرمة بين البلدين وأن الجرائم التي اتهم بها صاحب البلاغ هي من جرائم القانون العام، منصوص عليها أيض اً في القانون الجنائي المغربي. وترى اللجنة أيض اً أن المادة 721 من قانون الإجراءات لجنائية المغربي لا تذكر بصورة محددة خطر التعذيب وسوء المعاملة في حال التسليم، فهي لا تذكر سوى خطر مفاقمة الوضع الشخصي للفرد الذي قُدِّم طلب تسليمه لسبب أو آخر من الأسباب المتصلة بعرقه أو دينه أو جنسيته أو آرائه السياسية، أو عندما تعتبر الدولة الطرف الجريمة التي طُلب على أساسها التسليم على أنها سياسية، أو لسبب ذي صلة بهذه الجريمة ( ) . وفي هذه القضية، لا يسع اللجنة أن تستنتج، استناد اً إلى تقديرات محكمة النقض، التي انعقدت بوصفها محكمة للنظر في مسائل التسليم، أن المحكمة بحثت الحجج المتعلقة بوجود خطر فعلي ومتوقع وحقيقي وشخصي أن يتعرض صاحب البلاغ للتعذيب في حال تسليمه إلى تركيا. وعليه، تعتبر اللجنة أن تسليم صاحب البلاغ إلى تركيا يشكّل انتهاك اً للمادة 3 من الاتفاقية.

10- وتبع اً لذلك، تخلص اللجنة، وهي تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 2 من الاتفاقية، إلى أن طرد صاحب الشكوى إلى تركيا سيش كل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

11- وترى اللجنة، وفقاً لأحكام المادة 3 من الاتفاقية، أن الدولة الطرف مطالبة بما يلي:

(أ) ضمان عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل وذلك بإجراء تقييم فردي لمدى وجود خطر حقيقي ب وقوع تعذيب و سوء معاملة، بما في ذلك بمراعاة الحالة العامة لحقوق الإنسان في بلد العودة، في كل مرة ت نظر فيها في طلب ٍ ل لتسليم، في إطار اتفاق أو إجراءات ل لتسليم ؛

(ب) التراجع عن ترحيل صاحب الشكوى إلى تركيا، والنظر في طلب تسليم صاحب البلاغ إلى تركيا من منظور التزاماتها بموجب الاتفاقية - ويدخل في ذلك تقييم خطر وقوع تعذيب و سوء معاملة في حال التسليم - ومن منظور هذا القرار، سيما وأن صاحب البلاغ قدم طلب اً بالحصول على حماية دولية لدى مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الرباط بتاريخ 23 أيار/مايو 2017. وبالنظر إلى أن صاحب البلاغ محتجز احتياطي اً منذ قرابة العامين، فإن الدولة الطرف ملزمة بالإفراج عنه.

12- وعمل اً بالفقرة 5 من المادة 118 من النظام الداخلي للجنة، تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى إبلاغها، في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالخطوات التي اتخذتها في إطار متابعة الملاحظات المذكورة أعلاه.