الأمم المتحدة

CAT/C/66/D/846/2017

لجنة مناهضة التعذيب

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

26 June 2019

Arabic

Original: French

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 846/2017 * **

بلاغ مقدم من: ألماس أيدن (يمثله المحامي الكبير لمسكّم)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: المغرب

تاريخ تقديم الشكوى: 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017 ( تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادتين 114 و 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2017 ( لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد هذا القرار: 10 أيار/مايو 2019

الموضوع: التسليم إلى تركيا

المسألة الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسألة الموضوعية: خطر الخضوع للتعذيب لدواع سياسية في حال التسليم (عدم الردّ)

مادة الاتفاقية: 3

1 -1 صاحب الشكوى هو ألماس أيدن وهو مواطن تركي مولود في 14 نيسان/أبريل 1958. وهو محتجز حالي اً في المغرب في انتظار تسليمه بناء على طلب تسليم مقدم من تركيا. ويدفع صاحب الشكوى بأن تسليمه إلى تركيا، حيث يزعم أنه معرض لخطر الخضوع للتعذيب، سيشكل انتهاكاً من المغرب لالتزاماته بموجب المادة 3 من الاتفاقية. وقد صدَّق المغرب على الاتفاقية في 21 حزيران/ يونيه 1993 ، وأصدر إعلاناً يعترف فيه باختصاص اللجنة بموجب المادتين 21 و 22 من الاتفاقية في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2006. ويمثل صاحبَ الشكوى المحامي الكبير لمسكّم.

1-2 والتمس صاحب الشكوى من اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة. وفي 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، تطبيقاً للفقرة 1 من المادة 114 من نظامها الداخلي، ألا تسلّم صاحب الشكوى إلى تركيا ريثما تنظر في شكواه.

1-3 وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 ، تلقت اللجنة معلومات تفيد بأن صاحب الشكوى يعاني مشاكل صحية خطيرة، و لا يتلقى الرعاية اللازمة، ولا يحصل على خدمات مترجم شفوي أثناء زيارات الطاقم الصحي والحال أنه لا يتكلم العربية ولا الفرنسية، ما يحول دون إفصاحه عن الأعراض والمشاكل الطبية التي يعانيها. وعمل اً بالفقرة 1 من المادة 114 من النظام الداخلي، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف أن تعتمد على وجه السرعة تدابير الحماية اللازمة لضمان حصول صاحب الشكوى على الرعاية الطبية اللازمة وعلى مساعدة مترجم شفوي خلال مقابلاته مع أفراد الطاقم الطبي. كما طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف أن تحيل التقرير الطبي لصاحب الشكوى إلى محاميه بأسرع ما يمكن، لتمكين أسرته من الاطلاع عليه. وفي 1 شباط/فبراير 2019 ، أبلغت الدولة الطرف اللجنة باستمرار احتجاز صاحب الشكوى، وأكدت أنها تكفل له التمتع بجميع الضمانات اللازمة لممارسة حقوقه، بما فيها مراعاة حالته الصحية.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2 - 1 صاحب الشكوى تاجر متزوج استقر في عام 2016 في تطوان بالمغرب، حيث أنشأ شركة تجارية لبيع المثلجات.

2-2 وفي 26 تموز/يوليه 2017 ، كان يتوجه إلى متجره عندما، ألقت علي ه القبضَ الشرطة المغربية بناء على أمر توقيف صادر عن السلطات التركية (الأمر رقم 2754/2016) بتهمة الانتماء إلى حركة حزمت. وبعد التثبت من هويته، أعلمه مكتب المدعي العام في تطوان بأسباب توقيفه وأحاله إلى محكمة النقض، وهي المسؤولة عن فصل طلبات التسليم، وأصدر في حقه أمر اً بالحبس في سجن سلا 2. وفي 13 أيلول/سبتمبر 2017 ، مثُل صاحب الشكوى أمام محكمة النقض المغربية مستعيناً بمحاميه السيد الكبير المسكّم. واحتج الدفاع أساس اً بالطابع السياسي لطلب تسليم صاحب الشكوى بالاستناد إلى نقص الأدلة الفادح في الملف القضائي التركي، فيما يتعلق بانتماء صاحب الشكوى إلى حركة حزمت التي تصفها الدولة التركية بالمنظمة الإرهابية.

2- 3 وتقدم السلطات التركية أدلة لا أساس لها من الناحيتين القانونية والوقائعية . وهي تتهم صاحب الشكوى بأنه عضو نشط في حركة حزمت وعضو في مؤسسة مقيد، التي تضم رجال أعمال من ملطية، وفي مؤسسة بطل غازي للتعليم. وتفيد السلطات التركية بأنه كان مشترك اً في صحيفة زمان وتضيف أنها حجزت في منزله في تركيا كتب اً لفتح الله غولن . كما تتهمه بإيداع مبالغ في مصرف ” آسيا “ وباللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية عقب محاولة الانقلاب التي وقعت في عام 2016. ويفيد صاحب الشكوى بأن انخراطه في مؤسستي مقيد وبطل غازي، وهما من المؤسسات المرموقة في ملطية، كان متماشي اً مع القانون التركي وبأنه يجهل ما إذا كانت المؤسستان تعملان لحساب حركة حزمت.

2-4 وقد كانت سفرات صاحب الشكوى خارج تركيا سفرات تجارية أو سياحية. وهو ينفى أن يكون عضو اً ناشط اً في حركة حزمت، ويوضح أن كتب فتح الله غولن المحجوزة في بيته كتب تباع للعموم. وكما يتضح من جواز سفره، فإنه لم يفر قطّ من تركيا إلى الولايات المتحدة. واشتراكه في صحيفة زمان أمر قانوني تمام اً، على غرار اشتراك أي مواطن في صحيفة تصدر وفق اً للقانون التركي. وإيداع مدخراته في مصرف ” آسيا “ قانوني أيض اً، شأنه في ذلك شأن آلاف المواطنين في شتى أنحاء العالم الذين لهم حسابات في هذا المصرف (1.6 مليون عميل ) .

2-5 واستنتج الدفاع أن خلو الأدلة المزعومة على انتماء صاحب الشكوى إلى حركة حزمت من أي طابع خطير وجدّي يشير إلى الصبغة السياسية لطلب تسليمه إلى تركيا. وقد احتج الدفاع أيض اً بالمادة 721 من قانون المسطرة الجنائية المغربي ( ) .

2-6 واعتد الدفاع أيض اً بالحالة العامة لحقوق الإنسان في تركيا، لا سيما بعد محاولة الانقلاب التي وقعت في تموز/يوليه 2016 ، والتي أعقبتها موجة كبيرة من الاعتقالات والمحاكمات والإدانات لا تزال تثير استياء المجتمع الدولي. والسياق السياسي الراهن في تركيا منذ محاولة الانقلاب لا يسمح بضمان احترام القواعد الإجرائية لدولة يسودها القانون ويمنع بذلك التسليم وفقاً للمعايير الدولية. ويتسم هذا السياق بحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان لاحظتها المؤسسات والمنظمات الدولية. وقد قدم الدفاع إلى المحكمة شهادة طلب لجوء باسم صاحب الشكوى صدرت عن مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في الرباط.

2-7 وفي 19 أيلول/سبتمبر 2017 ، أصدرت محكمة النقض حكماً يقضي بتسليم صاحب الشكوى إلى تركيا.

2-8 وفي الختام يؤكد صاحب الشكوى عدم تقديم شكوى إلى أي آلية أخرى من آليات التسوية أو التحقيق، طبقاً للفقرة 5( أ) من المادة 22 من الاتفاقية.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب الشكوى أنه سيتعرض، في حال تسليمه إلى تركيا، لخطر الخضوع للتعذيب على أيدي السلطات التركية، ما يشكل انتهاك اً لحقوقه بموجب المادة 3 من الاتفاقية.

3-2 وبعد محاولة الانقلاب أعلنت تركيا في 20 تموز/يوليه 2016 حالة الطوارئ في إقليمها، ما يجعل صاحب الشكوى معرض اً لخطر حالي ومتوقع وحقيقي وشخصي لأن يخضع للتعذيب في حال تسليمه إلى بلد منشئه.

3-3 ونفى صاحب الشكوى بشدة أمام محكمة النقض، بوصفها محكمة التسليم، انتماءه إلى حركة حزمت. وضعف الأدلة التي قدمتها السلطات التركية، والتي لم تكن لا قطعية ولا مباشرة، فيما يتعلق بجريمة انتماء صاحب الشكوى إلى منظمة إرهابية يجب أن يحمل محكمة النقض المغربية على التشكيك بصورة جدية في الأساس الحقيقي لطلب التسليم والتيقن من أن هذا الطلب ذو طابع سياسي. وعلاوة على ذلك، فإن الانتماء إلى منظمة مسؤولة من محاولة انقلاب - بوصفه فعل اً ذا دوافع سياسية - ينبغي أن يعتبر جنحة أو جريمة سياسية ويشكل من ثم عائق اً أمام تسليم المشتكي. وعلاوة على ذلك، يضيف صاحب الشكوى أن الأدلة التي يستند إليها أمر التوقيف مستقاة من إفادات منتزعة بالإكراه.

3-4 ويضيف صاحب الشكوى أن أحكام المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية يجيز لمحكمة النقض رفض طلبات التسليم حيثما وجدت شكوك تتعلق بطبيعة الطلب، لا سيما عندما يكون الطلب غير مستند إلا إلى أدلة فضفاضة ومبهمة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

4-1 في المذكرتين الشفويتين المؤرختين 19 كانون الأول/ديسمبر 2017 و 30 نيسان / أبريل 2018 ، قدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن سياق احتجاز صاحب الشكوى وطلب تسليمه.

4-2 وهي تفيد بأن صاحب الشكوى هو ألماس أيدن، وهو مواطن تركي مولود في 14 نيسان/أبريل 1958. وهو يعمل مدير اً لشركة ” فافا “ في تطوان، وهي شركة تدير مجموعة محلات تجارية (متجر اً لبيع المثلجات ومخبزة ومطعم اً وسلسلة من ال م طاعم السريعة) ويمارس أنشطة أخرى في مجال الاستيراد والتصدير.

4-3 وقد ألقي القبض على صاحب الشكوى في 26 تموز/يوليه 2017 في الأراضي المغربية، تطبيق اً لأمر التوقيف الدولي رقم 2754/2016 المؤرخ 6 آب/أغسطس 2016 والصادر عن المحكمة الابتدائية في ملطية بتهمة الانتماء المزعوم إلى مجموعة إرهابية مسلحة، هي حركة حزمت. ومثل صاحب الشكوى أمام وكيل الملك في المحكمة الابتدائية في تطوان، الذي أمر بحبسه رهن التسليم في سجن سلا 2 المحلي.

4-4 وقدمت السلطات التركية طلب تسليم كتابي اً مترجم اً إلى العربية، وفق اً للمادة 29 من اتفاقية المملكة المغربية وجمهورية تركيا بشأن التعاون القضائي في المادة الجنائية وتسليم المجرمين، الموقعة في الرباط في 15 أيار/مايو 1989. وتضمن مرفق طلب التسليم الوثائق التالية: أمر التوقيف الصادر عن السلطات القضائية التركية، وموجز الجرائم التي يطلب لأجلها التسليم، ووصف الشخص موضوع طلب التسليم، وجميع المعلومات عن هويته، والأحكام القانونية المنطبقة في القضية.

4-5 واعتمدت الدائرة الجنائية لمحكمة النقض في 19 أيلول/سبتمبر 2017 القرار رقم 1429/3 ، الذي قبلت بموجبه طلب تسليم صاحب الشكوى. ورأت المحكمة أن طلب التسليم يفي بجميع المتطلبات الشكلية والموضوعية المنصوص عليها في اتفاقية التعاون القضائي.

4-6 وفيما يتعلق بالادعاءات التي تفيد بأن ترحيل صاحب الشكوى سيجعله عرضة للتعذيب، ما سيشكل انتهاك اً للمادة 3 من الاتفاقية، تدفع الدولة الطرف بأن محكمة النقض اعتبرت في قرارها أن الجرائم موضوع طلب التسليم جرائم قانون عام في تركيا، بما في ذلك ارتكاب الأعمال الإرهابية وتمويل الإرهاب. ولا يشمل ذلك الجرائم السياسية أو المخالفات المتصلة بالجرائم السياسية. لذا فإن التهم الموجهة إلى صاحب الشكوى لن تفضي إلى المقاضاة أو إلى تسليط عقوبات على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الرأي السياسي، ولا يُحتمل أن تعكّر حالته لأي من هذه الأسباب.

4-7 وفي هذا السياق، يجدر بالإشارة أن القانون المغربي يتضمن أحكام اً بشأن التعذيب تكفي لتنفيذ الاتفاقية. وعلاوة على ذلك، تنص المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية على ألا يقبل أي طلب تسليم تشك السلطات المغربية لأسباب جدية في ارتباطه بجريمة قانون عام. وبناء ً عليه، لا يسلم المتهمون للمحاكمات أو الجزاءات القائمة على أساس العرق أو الدين أو الرأي السياسي أو الحالة الشخصية.

4-8 وحتى وإن لم يعتد صاحب الشكوى أمام محكمة النقض بخطر الخضوع للتعذيب، فإن تركيا قدمت الضمانات الإجرائية اللازمة ذات الصلة بحقوق صاحب الشكوى، لا سيما الحق في الدفاع المشروع، على النحو المنصوص عليه في الصكوك الدولية التي صدقت عليها وفي تشريعاتها الوطنية. وإضافة إلى ذلك، فإن قبول تركيا إجراء الشكاوى الفردية بموجب المادة 34 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) يتيح لصاحب الشكوى فرصة رفع دعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إذا ما واجه انتهاكاً لحقوقه.

4-9 وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يدعم بما يكفي من المؤيدات ادعاءاته أن الأدلة التي قدمتها السلطات التركية غير مقنعة. وفي الواقع ليس من اختصاص محكمة النقض الحكم ببراءة صاحب الشكوى أو إدانته. فالسلطات القضائية المختصة للدولة الطالبة للتسليم هي التي تفصل هذا الأمر، باحترام تام لقواعد المحاكمة العادلة.

4-10 ونظرت محكمة النقض أيضاً في ادعاء صاحب الشكوى أنه ليس على أي صلة بحركة حزمت وأن هذه الحركة لا يمكن اعتبارها منظمة إرهابية. وذكّرت المحكمة بأن تركيا دولة ذات سيادة، وأن هذه الحركة تعتبر، وفقاً لقانونها، منظمة إرهابية متهمة بتنظيم محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 تموز/يوليه 2016. وتذكّر الدولة الطرف كذلك بأن محكمة النقض ليست مختصة في بحث مشروعية هذا القانون، لما كان دورها الرقابي ينحصر في رصد احترام شرعية إجراء التسليم. ويتعين عليها من ثم التأكد من أن الوقائع موضوع طلب التسليم تشكل جرائم بموجب القانون الجنائي المغربي، أي في قضية الحال الفقرة 1 من المادة 218-1 .

4-11 واعتبرت محكمة النقض أن الادعاءات التي تفيد بأن متط ل بات المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية لن تستوفى وأن طلب التسليم يتوخى في الواقع هدف اً سياسي اً ادعاءات لا أساس لها من الصحة. إذ تنص الفقرة 1 من المادة 27 من اتفاقية التعاون القضائي على أن التسليم لا يمنح إذا كانت الجريمة التي طلب من أجلها تعتبر جريمة سياسية أو مرتبطة باعتبارات سياسية. وفي هذه القضية، يهدف طلب التسليم إلى ملاحقة صاحب الشكوى بسبب انتمائه إلى مجموعة إرهابية مسلحة، وليست هذه جريمة سياسية وإنما جريمة قانون عام. ولم يثبت صاحب الشكوى لمحكمة النقض أن السبب الأساسي لطلب التسليم يكمن في اعتبارات تتصل بالعرق أو الدين أو الجنسية أو الآراء السياسية.

4-12 وتذكّر الدولة الطرف بأن إجراءات تسليم المجرمين تختلف اختلاف اً جذري اً عن إجراءات طرد الأجانب الموجودين بصورة غير قانونية في إقليم الدولة الطرف، كما أشارت إليه محكمة النقض ( ) . ولا تتخلى الدولة التي ترفض مبدأ تسليم المجرمين عن حقها في طرد الأجانب بصورة عامة. وتباشر الطرد الدولة التي يوجد فيها الشخص الأجنبي، دون أن تخضع لأي قرارات قضائية صادرة عن الدولة التي سيطرد إليها هذا الشخص.

4-13 وبخصوص ادعاءات صاحب الشكوى أن الأدلة التي يستند إليها أمر التوقيف مستمدة من شهادات مأخوذة بالإكراه، توجه الدولة الطرف الانتباه إلى أنه يمنع على محكمة النقض الحكم ببراءة أو إدانة الشخص موضوع طلب التسليم، وإلى أن السلطات القضائية التركية المختصة تحترم بشدة قواعد المحاكمة العادلة وكذلك الصكوك الدولية. وبناء على ذلك، اعتبرت محكمة النقض هذا الادعاء غير مقبول.

4-14 وفي الختام، تعلم السلطات المغربية اللجنة بأنه على الرغم من موافقة محكمة النقض على تسليم صاحب الشكوى، فإن إجراء التسليم عُلّق إلى حين إصدار اللجنة قرارها في القضية.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 26 أيار/مايو 2018 ، أرسل صاحب الشكوى إلى اللجنة تعليقاته رد اً على ملاحظات الدولة الطرف المؤرخة 19 كانون الأول/ديسمبر 2017 و 30 نيسان/أبريل 2018.

5-2 ويؤكد صاحب الشكوى أن شكواه لا تتعلق لا بإجراء توقيفه في إقليم الدولة الطرف ولا بأحكام اتفاقية التعاون القضائي التي تلزم الدولة الطرف وتركيا في المادة 29 منها. بل إنها تتعلق بالفتوى الصادرة عن محكمة النقض في الدولة الطرف وبإجراءات التسليم التي ستستتبعها. ويرى صاحب الشكوى في هذا السياق أن الدولة الطرف أخلّت بالتزاماتها بموجب المادة 3 من الاتفاقية.

5-3 وتفيد الدولة الطرف بأن قرار محكمة النقض اعتبر أن الوقائع التي يُطلب على أساسها تسليم صاحب الشكوى إلى السلطات القضائية في بلده الأصلي جرائم قانون عام (جرائم إرهاب)، وهي جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي للدولة الطرف أيضاً، وأن هذه الجرائم لا يمكن اعتبارها ذات طابع سياسي أو مرتبطة بجريمة سياسية. وتضيف الدولة الطرف أنها دأبت على رفض طلبات التسليم عندما تكون الشروط المنصوص عليها في المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية مستوفاة. وتدعي الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يذكر قط أمام محكمة النقض خوفه من التعرض للاضطهاد أو التعذيب في حال تسليمه إلى بلد منشئه. ويضيف صاحب الشكوى أن محكمة النقض في الدولة الطرف لم تنفذ المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية، إذ لم تتحقق من الطبيعة السياسية لطلب تسليم صاحب الشكوى، والحال أن الملف التركي المتعلق بالتسليم ينطوي على تباين واضح بين الأدلة الواهية المقدمة من تركيا ( ) والتهم الخطيرة المتصلة بالإرهاب. لذا يرى صاحب الشكوى أن هذا التباين الأكيد والكبير يفترض أن يكفي، لوحده، ليدفع الدولة الطرف إلى أن تستقصي ادعاءات صاحب الشكوى بصورة أفضل وأن تتشكك بجدية في الطابع الخفي الذي ينطوي عليه طلب التسليم. وتقييم هذا التباين يشكل روح المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية والمادة 3 من الاتفاقية. وعلاوة على ذلك، عبر صاحب الشكوى بوضوح لمحكمة النقض عن خوفه من التعرض للاضطهاد في حال تسليمه إلى بلده. فقد أوضح صاحب الشكوى، في لائحة دفاعه المعروضة على المحكمة في 13 أيلول/سبتمبر 2017 ، أنه قدم طلب لجوء إلى مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في المغرب، لأنه يعتقد أن خوفه من التعرض للاضطهاد إذا أعيد إلى بلده له ما يبرره.

5-4 وبخصوص رد الدولة الطرف بأن تشريعاتها الوطنية تتضمن أحكام اً كافية لتنفيذ مبادئ الاتفاقية، يدعي صاحب الشكوى أنه لا يدعي أنه خضع للتعذيب أو أنه معرض لخطر التعذيب على أيدي سلطات الدولة الطرف. ويكرر أن سلطات الدولة الطرف أخلت بالتزاماتها بموجب المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية والمادة 3 من الاتفاقية، مسهمة بذلك في تسليمه ومن ثم في تعذيبه المحتمل في هذه الحالة.

5-5 ورد اً على الحجة القائلة إن محكمة النقض، بصفتها محكمة التسليم، تبقى غير مختصة في تقييم نطاق الأدلة الواردة في ملف طلب التسليم من حيث جوهرها القانوني، يدفع صاحب الشكوى بأن المحكمة تملك مع ذلك كل الأهلية والاختصاص القانونيين اللازمين لتقييم هذه الأدلة بإزاء عناصر الملف الأخرى، وفق اً لأحكام المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية والمادة 3 من الاتفاقية. ومن حق محكمة النقض أن تستقصي الأسباب الكامنة وراء طلب تسليم صاحب الشكوى وأن تتخذ إجراءات ملموسة ل لفصل المسألة عن دراية وعلم.

5-6 وتدفع الدولة الطرف بأن محكمة النقض اعتبرت ادعاء صاحب الشكوى أن حركة حزمت ليست منظمة إرهابية ادعاء خالي اً من أي أساس قانوني في ضوء القانون الصادر عن تركيا، بصفتها دولة ذات سيادة، في 21 تموز/يوليه 2016 ، إعلان اً لحالة الطوارئ. زد على ذلك أن محكمة النقض، بصفتها محكمة التسليم، غير مختصة في تقييم شرعية القانون التركي. ويرى صاحب الشكوى أن محكمة النقض، المؤلفة من قضاة ومحامين ومتخصصين في القانون، مخولة لتقييم ما إذا كان هذا القانون عادل اً ومتفق اً مع قواعد المحاكمة العادلة، بما في ذلك احترام الحق في الدفاع.

5-7 ولقد زاد مرسوم القانون رقم 667 المعلن لحالة الطوارئ المدة القصوى للاحتجاز لدى الشرطة من أربعة أيام إلى ثلاثين يوم اً. ويفاقم هذا التدبير تلقائي اً خطر الخضوع للتعذيب وإساءة المعاملة. وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 3 من مرسوم القانون رقم 668 المؤرخ 27 تموز/يوليه 2016 ، المتعلقة بإجراءات التحقيق والملاحقة القضائية، على أن حق المشتبه فيه في التشاور مع محاميه يمكن أن يُقيّد لمدة خمسة أيام بقرار من المدعي العام. وكان على الدولة الطرف إجراء تقييم جدي للآثار المترتبة على حالة الطوارئ هذه، فتستنتج من ثم أن صاحب الشكوى، إذ يُزعم انتماؤه إلى حركة حزمت، التي تسميها تركيا أيض اً ” منظمة فتح الله الإرهابية “ ، لا أمل له في أن يحاكم محاكمة عادلة في تركيا. وقد أبرزت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في تقريرها عن أثر حالة الطوارئ على حقوق الإنسان في تركيا أن أكثر من 200 4 قاض عُزلوا بموجب مرسوم المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، بينما ألقي القبض على قرابة 570 محامي اً. كما أغلقت نحو 34 رابطة من رابطات المحامين بدعوى الانتماء إلى حركة حزمت. ولاحظت المفوضية السامية لحقوق الإنسان كذلك اتجاه السلطة نحو اضطهاد المحامين الذين يمثلون أشخاص اً متهمين بارتكاب أعمال إرهابية، لا سيما أعضاء حركة حزمت وأنصارها. وبعبارة أخرى، فإن صاحب الشكوى لن يحاكم محاكمة عادلة في حال تسليمه، لأن القضاة المكلفين بقضيته لن يجرؤوا بالتأكيد على تبرئة أو تسريح أي شخص متهم بالانتماء إلى حركة حزمت، مخافة أن يجري عزلهم أيض اً. والأمر ذاته ينطبق أيض اً على دفاع صاحب الشكوى في تركيا.

5-8 وبخصوص ادعاء الدولة الطرف أن طلب التسليم خال من أي طابع سياسي، ما دام صاحب الشكوى ضالع اً في محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 تموز/يوليه 2016 في تركيا، وفق اً للوقائع المبينة في الطلب، وكونه لم يقدم إلى محكمة النقض أي وثائق تثبت الطابع السياسي لطلب تسليمه، لا توضح الدولة الطرف كيف استطاعت أن تستنتج أن صاحب الشكوى كان ضالع اً في محاولة الانقلاب، والحال أنها تؤكد أن محكمة النقض لا يسعها أن تقيم جوهر الملف المتعلق بطلب التسليم. ودفع الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى كان ضالع اً في محاولة الانقلاب دفع بلا أساس، لا سيما وأن هذا الأخير لم يغادر المغرب منذ آذار/مارس 2016 وكان في مدينة تطوان وقت حدوث محاولة الانقلاب. كما أن الدولة الطرف لا توضح كيفية مساهمة صاحب الشكوى من بعدٍ، عن طريق أنشطته السابقة في تركيا ( ) ، بأي أسلوب كان، في محاولة الانقلاب. ويقدم صاحب الشكوى شهادة معرّفة الإمضاء من شخص يعرفه، يصفه فيها هذا الشخص بالمتدين المعتدل، بعيد اً كل البعد عن التوصيف الذي تضعه له حكومة بلده.

5-9 وفيما يتعلق بادعاء أن التسليم والرد يشكلان، في جوهرهما، إجراءين قانونيين مختلفين تمام الاختلاف ( ) ، يرد صاحب الشكوى بالقول إن هذا التصنيف مغلوط من منظور القانون الدولي. فالمادة 3 من الاتفاقية تساوي بين التسليم والردّ، وتسند إليهما الأثر القانوني ذاته. ووفق اً لروح هذه المادة، فإن وصف الإجراء ليس هو المهم وإنما تبعاته الحقيقية على حياة الشخص وسلامته البدنية وحريته. ويحظر مبدأ عدم الرد التسليم والطرد والترحيل. وعلى غرار حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لا يمكن تقييد مبدأ عدم الرّد.

5-10 وبخصوص ادعاء أن محكمة النقض لا يسعها أن تقيم تدهور حالة حقوق الإنسان في تركيا، وهي حجة يسوقها صاحب الشكوى لتدعيم دفاعه، يرى صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لا يمكنها تجنب هذا التقييم في إجراء تسليم، حتى وإن كان هذا الالتزام غير منصوص عليه في تشريعاتها المحلية. وتفسر اللجنة المادة 3 من الاتفاقية على أنها حكم يلزم الدولة الطرف واللجنة بتقدير ما إذا كانت هناك أسباب جوهرية تحمل على اعتقاد أن صاحب الشكوى سيكون في خطر الخضوع للتعذيب في حال رده أو ترحيله أو تسليمه. وفي هذا الصدد، وجب حتم اً بحث جميع السبل القانونية التي تتيح تقييم خطر التعذيب، بما في ذلك تقييم الحالة العامة لحقوق الإنسان في الدولة الطالبة. وبالفعل فإن تمديد حالة الطوارئ في تركيا في أعقاب محاولة الانقلاب التي وقعت في تموز/يوليه 2016 أدى إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان لمئات الآلاف من الأشخاص، الذين خضع بعضهم للتعذيب، وفق اً لتنديدات المفوضية السامية لحقوق الإنسان في تقريرها المؤرخ 20 آذار/مارس 2018. وتشمل هذه الانتهاكات التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة، والاحتجاز التعسفي، والحرمان التعسفي من الحق في العمل وفي حرية التنقل، وانتهاكات حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير.

5-11 وحتى بعد الوفاة، لا يُعفى الانقلابيون من هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. إذ يؤكد صاحب الشكوى أن السلطات أنشأت بالقرب من اسطنبول ” مقبرة الخونة “ لدفنهم فيها بعد إعدامهم. ويضيف أن المادتين 2 و 3 من القانون الأساسي للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) تقتضيان من المنظمة والمكاتب المركزية الوطنية للإنتربول في الدول الأعضاء العمل وفق اً لروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتحظران بصرامة أي تدخل أو نشاط يمكن أن يقيد حرية التعبير أو قمع المعارضين في الخارج. وفي 20 آب/أغسطس 2017 ، انتقدت المستشارة الألمانية علن اً إساءة استغلال تركيا خدمات الإنتربول بعد محاولة الانقلاب التي وقعت في عام 2016. وبالفعل يعتقد صاحب الشكوى أن المكتب المركزي الوطني للإنتربول في الدولة الطرف لو كان على علم بإساءة تركيا استغلال نظام الإنتربول على نطاق واسع، لكان قد فحص عن كثب الإشعار المتعلق بصاحب الشكوى وتصرف وفق اً للمادتين 2 و 3 من القانون الأساسي للإنتربول، وعلى غرار الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى، بتجاهل الإشعار الوارد من السلطات التركية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية وتعليقات صاحب الشكوى

6-1 في مذكرة شفوية مؤرخة 1 شباط/فبراير 2019 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظات بشأن ظروف احتجاز صاحب الشكوى، بما في ذلك حالته الصحية والمتابعة الطبية التي يخضع لها.

6-2 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى محتجز رهن التسليم في سجن سلا 2 المحلي منذ 27 تموز/يوليه 2017 ، بعد أن صدر في حقه طلب تسليم من السلطات القضائية التركية. وإذ يخضع صاحب الشكوى لأحكام القانون رقم 23-98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، فهو محتجز في ظروف عادية تتماشى تمام اً مع الصكوك الدولية ذات الصلة.

6-3 وتضيف الدولة الطرف أن صاحب الشكوى يتمتع بجميع الحقوق، بما في ذلك الحق في الاتصال بأسرته ومحاميه. وهو يتصل بأسرته من الهاتف الثابت، ويتلقى زيارات منتظمة من أخيه وأبنائه الثلاثة، الذين يحضرون إليه كتب اً باللغة التركية. كما يتمتع بحقه في الاتصال بمحاميه كلما حضر، مصحوب اً بمترجم تركي يدعى بركة الله.

6-4 وعلاوة على ذلك، يخضع صاحب الشكوى لنظام الاحتجاز الجماعي وهو مودع مع أربعة محتجزين آخرين في زنزانة تلبي معايير النظافة الصحية والتهوية والإضاءة بنور الشمس. ويتمتع كذلك بحقه في النزهة اليومية لمدة ثلاث ساعات على الأقل وفي ممارسة الأنشطة الرياضية في السجن.

6-5 وفيما يتعلق بالحالة الصحية، يخضع صاحب الشكوى لمتابعة منتظمة من أطباء مختلفين داخل السجن وخارجه. وقد استفاد منذ سجنه بما يعادل 84 استشارة داخلية ( 75 في الطب العام و 9 في طب الأسنان ) و 16 استشارة خارجية في المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط (في طب الغدد الصماء وطب القلب وطب العيون وطب المسالك البولية) وفي كلية طب الأسنان بالرباط حيث تلقى علاج اً للأسنان. وقد خضع أيض اً لتصوير الكبد بتخطيط الصدى ولفحص بيولوجي عام، ولم يظهر أي منهما أي إصابة. ويتلقى صاحب الشكوى حالي اً العلاج المناسب.

6-6 وبخصوص ادعاء أن صاحب الشكوى لا يحصل على مساعدة مترجم شفوي أثناء زيارات أفراد الطاقم الصحي، ما يمنعه من الإفصاح عن الأعراض والمشاكل الطبية التي يواجهها، تشدد السلطات المغربية على أن الأطباء الذين فحصوا صاحب الشكوى مهنيون لديهم من الكفاءة ما سمح حتى الآن بإجراء كل التشخيصات اللازمة انطلاق اً من الأعراض البدنية والسريرية الموجودة عنده. وعلاوة على ذلك، أظهرت التقييمات العامة ونتائج الفحوصات التي أجريت أن الحالة الصحية لصاحب الشكوى طبيعية. كما تشدد السلطات المغربية على أن الحصول على خدمات مترجم شفوي حق مكفول لجميع السجناء في أثناء الفحوص الطبية، ويجب تقديم طلب كتابي لهذا الغرض.

6-7 وبخصوص إحالة التقرير الطبي إلى المحامي، يجدر بالإشارة أن هذا التقرير يظل تحت تصرف المحامي داخل سجن سلا 2 المحلي. وأخير اً، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى يخضع أيض اً لمراقبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإلى أنه تلقى في 6 حزيران/ يونيه 2018 زيارة ممثلين للمجلس أتيحت لهم فرصة رصد ظروف احتجازه وحالته الصحية الطبيعية تماما ً .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي شكوى مقدَّمة في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفق مقتضيات الفقرة 5( أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها حالياً في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-2 وتشير اللجنة إلى أنها، وفقاً للفقرة 5( ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ فردي دون أن تكون قد تأكدت من أن صاحبه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، علماً بأن هذه القاعدة لا تنطبق إذا كان إعمال سبل الانتصاف قد طال أمده طولاً غير معقول ( ) أو كان من غير المرجح أن يرضي الشخص المدعى أنه ضحية. وتلاحظ اللجنة ادعاء الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يذكر قط أمام محكمة النقض خوفه من التعرض للاضطهاد أو التعذيب في حال تسليمه إلى تركيا. ومع ذلك، تلاحظ أيضاً أن صاحب الشكوى مثُل أمام محكمة النقض، حيث اعترض على تسليمه مدعياً، في جملة أمور، أنه سيكون في خطر في حال تسليمه، وأنه يتعرض للاضطهاد السياسي بدعوى انتمائه المزعوم إلى حركة حزمت - المصنفة منظمة إرهابية - وأنه التمس الحصول على صفة اللاجئ لتلك الأسباب. وترى اللجنة أن تقديم صاحب الشكوى هذه الحجج أمام محكمة النقض يكفي لاعتبار أنه أثار بالفعل المخاطر المذكورة ( ) . وتلاحظ أن الدولة الطرف لم تدّع وجود سبيل انتصاف محلي آخر متاح لصاحب الشكوى. وبناءً عليه، ترى اللجنة أن صاحب الشكوى استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ‬

7-3 وإذ لا ترى اللجنة أي موانع أخرى للمقبولية، فإنها تعلن قبول البلاغ المقدم بموجب المادة 22 فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 3 من الاتفاقية، وتمضي إلى دراسة أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

8-2 وفي الحالة قيد النظر، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان تسليم صاحب الشكوى إلى تركيا يشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بمقتضى الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية بعدم تسليم أي شخص إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أنه سيواجه خطر الخضوع للتعذيب. وتذكّر اللجنة قبل كل شيء بأن حظر التعذيب حظر مطلق لا يخضع للتقييد، وأنه لا يمكن لدولة طرف أن تتذرع بأي ظرف استثنائي لتبرير أعمال التعذيب ( ) . ومبدأ عدم رد الأشخاص إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أنهم سيواجهون خطر التعذيب، المنصوصُ عليه في المادة 3 من الاتفاقية، مبدأ مطلق هو الآخر ( ) .

8-3 ولتحديد ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أن الشخص المدعى أنه ضحية قد يتعرض للتعذيب، تذكّر اللجنة بأن الدول الأطراف مطالبة، بمقتضى الفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، بأن تراعي جميع العناصر، بما فيها وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد العودة. وفي هذه القضية، يتعين على اللجنة تحديد ما إذا كان صاحب الشكوى قد يتعرض شخصياً للتعذيب، في حال تسليمه إلى تركيا. فوجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد لا يعد في حد ذاته سبباً كافياً لإثبات أنه سيتعرض للتعذيب عند تسليمه إلى ذلك البلد؛ فلا بد من توافر أسباب إضافية تحمل على اعتقاد أن الشخص المعني سيواجه شخصياً هذا الخطر ( ) . وفي المقابل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا يعني أنه لا يمكن اعتبار الشخص معرضاً للتعذيب في الظروف المحددة الخاصة به ( ) .

8-4 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 4 (2017) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22 ، الذي ينص على الالتزام بعدم الرد ينطبق كلما وُجدت ” أسباب حقيقية “ تدعو إلى اعتقاد أن الشخص المعني سيكون في خطر التعرض للتعذيب في دولة يجب إبعاده إليها، سواءٌ كفرد أم كعضو في مجموعة قد تكون في خطر الخضوع للتعذيب في دولة المقصد. ودرجت اللجنة في مثل هذه الظروف على اعتبار ” الأسباب الجدية “ موجودة كلما كان خطر التعذيب ” متوقعاً وشخصياً وحقيقياً “ ( ) . ويمكن أن تشمل عوامل الخطر الشخصي مثلاً: (أ) الأصل الإثني لصاحب الشكوى؛ و(ب) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية لصاحب الشكوى و/أو لأفراد أسرته؛ و(ج) الخضوع للتعذيب في السابق؛ و(د) الاحتجاز السري أو الخضوع لأي شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي؛ و(ه) الهروب سراً من بلد المنشأ عقب تلقي تهديدات بالتعذيب ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأنها تقيم وزناً كبيراً للاستنتاجات الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية؛ بيد أنها غير ملزمة بتلك الاستنتاجات وهي تقيّم بحرية المعلومات المقدمة إليها، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، في ضوء جميع ملابسات كل قضية ( ) .

8-5 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب الشكوى أن تسليمه سيجعله في خطر حقيقي بالخضوع للاضطهاد والتعذيب أثناء احتجازه في تركيا، بسبب انتمائه المعتقد إلى حركة حزمت إضافة إلى ما يُنسب إليه من أعمال إرهاب وتمويل إرهاب مزعومة. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى صدر في حقه أمر توقيف بسبب انتمائه إلى هذه الحركة، في حين أنه ينفي هذا الانتماء، وأن استخدام التعذيب وإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز دارج في حالة أمثاله من الأشخاص وفقاً للتقارير الواردة في الملف. وعلاوة على ذلك، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب الشكوى أن محكمة النقض لم تنفذ المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية ولم تتحقق من الطابع السياسي الذي يكتسيه طلب تسليم صاحب الشكوى. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف أفادت بأن القانون الجنائي المغربي متفق وأحكام الاتفاقية، إذ ينص على عدم جواز تسليم أي شخص إذا كان يواجه خطر الاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو آرائه السياسية أو حالته الشخصية، وكذلك إذا كان معرضاً للخطر لأحد هذه الأسباب.

8-6 ويجب على اللجنة أن تأخذ في الاعتبار الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في تركيا، بما في ذلك حالة الطوارئ (التي رُفعت في تموز/يوليه 2018 ، لكن إجراءاتها التقييدية مددت باعتماد سلسلة من التدابير التشريعية). وتلاحظ أن تمديد حالة الطوارئ المتكرر في تركيا أدى إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لمئات الآلاف من الأشخاص، لا سيما الحرمان التعسفي من الحق في العمل وحرية التنقل وممارسة التعذيب وإساءة المعاملة والاحتجاز التعسفي وانتهاكات الحق في حرية تشكيل الجمعيات وحرية التعبير ( ) .

8-7 وتشير اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية المتعلقة بالتقرير الدوري الرابع لتركيا (CAT/C/TUR/CO/4) والصادرة في عام 2016 ، التي لاحظت فيها بقلق في الفقرة 9، أن الدولة الطرف على الرغم من تعديل قانونها وجعلها أعمال التعذيب غير خاضعة للتقادم، فإنها لم تواف اللجنة بمعلومات كافية عن المحاكمات المتعلقة بالتعذيب، بما في ذلك المحاكمات في سياق القضايا المنطوية على ادعاءات تعذيب، التي فصلتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. كما لاحظت اللجنة بقلق وجود تباين كبير بين العدد المرتفع من ادعاءات التعذيب التي أبلغت عنها المنظمات غير الحكومية والبيانات التي قدّمتها الدولة الطرف في تقريرها الدوري الرابع (انظر الوثيقة CAT/C/TUR/4، الفقرات من 273 إلى 276 والمرفقين 1 و 2) ، ما يوحي بأنها لم تجر تحقيقات في جميع ادعاءات التعذيب خلال الفترة المشمولة بالتقرير. وفي الملاحظات الختامية نفسها، أكّدت اللجنة في الفقرة 19 قلقها بسبب التعديلات الأخيرة المدخلة على قانون المسطرة الجنائية، التي خوّلت الشرطة مزيداً من السلطة لاحتجاز الأشخاص دون رقابة قضائية أثناء حبسهم على ذمة التحقيق. وفي الفقرة 33 ، أعربت اللجنة عن أسفها لعدم تلقيها معلومات كاملة عن حالات الانتحار وغيرها من حالات الوفاة المفاجئة التي حدثت في أماكن الاحتجاز أثناء الفترة المشمولة بالتقرير. وتقر اللجنة بأن الملاحظات الختامية المشار إليها سابقة لتاريخ إعلان حالة الطوارئ. غير أنها تلاحظ أن التقارير الصادرة منذ فرض حالة الطوارئ فيما يتعلق بحالة حقوق الإنسان ومنع التعذيب في تركيا تبين أن الشواغل التي أثارتها اللجنة لا تزال قائمة( ).

8-8 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى زعم تعرضه للاضطهاد بسبب أنشطته السياسية، لاعتباره عضواً في حركة حزمت، التي تعد مسؤولة عن محاولة الانقلاب التي وقعت في تموز/يوليه 2016. وتلاحظ اللجنة أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان حصلت، وفقاً لتقريرها الصادر في عام 2018 ، على معلومات موثوق بها تشير إلى استخدام التعذيب وإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز السابق للمحاكمة، في سياق رد السلطات التركية على محاولة الانقلاب ( ) . وفي التقرير نفسه، أكّدت المفوضية السامية أنها وثّقت استخدام عدة أشكال من التعذيب وإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز، لا سيما حالات الضرب المبرح، والتهديد بالاعتداء الجنسي، والاعتداء الجنسي، والصعق الكهربائي، والإيهام بالغرق. وتهدف أعمال التعذيب هذه عموماً إلى انتزاع اعترافات والإكراه على الوشاية بأشخاص آخرين في إطار التحقيقات المتعلقة بالأحداث ذات صلة بمحاولة الانقلاب ( ) . ولاحظ المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، في تقريره عن بعثته إلى تركيا، أن اللجوء إلى التعذيب درج على نطاق واسع في أعقاب محاولة الانقلاب ( ) . وندد المقرر الخاص أيضاً بعدد التحقيقات والملاحقات التي بوشرت على إثر ادعاءات تتعلق بالتعذيب أو إساءة المعاملة، وهو عدد يبدو زهيد اً بالمقارنة بتواتر هذه الادعاءات المزعوم، ما يشير إلى عدم استعداد السلطات التركية بما يكفي للتحقيق في البلاغات المقدمة ( ) .

8-9 وفيما يتعلق بالأثر المباشر لحالة الطوارئ المعلنة في 20 تموز/يوليه 2016 على الحماية من التعذيب وإساءة المعاملة، تلاحظ اللجنة أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان تشير إلى قيود قد تفرض على المحادثات بين المحتجزين ومحاميهم، وإلى تمديد الفترة القصوى للحبس على ذمة التحقيق، وإلى إغلاق بعض الآليات المستقلة لمنع التعذيب، وإلى سوء استخدام الاحتجاز السابق للمحاكمة ( ) . وبعد تمديد السلطات التركية حالة الطوارئ مرات متكررة، انتهت حالة الطوارئ رسمياً في 19 تموز/يوليه 2018. غير أن سلسلة من التدابير التشريعية اتخذت وأفضت إلى تمديد تطبيق الإجراءات التقييدية المتخذة أثناء حالة الطوارئ، مثل إمكانية تمديد الحبس على ذمة التحقيق إلى غاية اثنى عشر يوماً ( ) .

8-10 وفي قضية صاحب الشكوى، تلاحظ اللجنة أن محكمة النقض بالرباط، إذ أذنت بالتسليم، لم تجر أي تقييم لخطر التعذيب الذي يتعرض له صاحب الشكوى، بالنظر إلى الوضع في تركيا منذ محاولة الانقلاب التي وقعت في تموز/يوليه 2016 ، ولا سيما في حالة الأشخاص، أمثال صاحب الشكوى، الذين لهم انتماء - مفترض أو حقيق - إلى حركة حزمت. وتلاحظ اللجنة أن تركيا قدمت، حسبما أفادت به الدولة الطرف، ضمانات لاحترام حقوق صاحب الشكوى، وفقاً للصكوك الدولية التي صدقت عليها. بيد أنه لم يُقدَّم أي تفسير لكيفية تقييم الدولة الطرف خطر التعذيب الذي قد يتعرض له صاحب الشكوى، بغية التأكد من أن هذا الأخير لن يتعرض لمعاملة تنتهك المادة 3 من الاتفاقية، لدى عودته إلى تركيا. وتذكّر اللجنة بأن هدف الاتفاقية الرئيسي هو منع التعذيب وليس تصحيح هذا الضرر بعد وقوعه ( ) .

8-11 وبناءً على ما تقدم، وبالنظر إلى شخص صاحب الشكوى بوصفه عضواً، مفترضاً أو حقيقياً، في حركة حزمت، ترى اللجنة أن الدولة الطرف مطالبة بإجراء تقييم خاص بشخص صاحب الشكوى للخطر الشخصي والحقيقي الذي يتعرض له في تركيا، لا سيما بالنظر إلى المعاملة الموثّقة التي تخص بها السلطات التركية من لهم صلة بهذه الحركة، بدل اً من الدفع بأن طلب التسليم قُدّم طبق اً لاتفاقية مبرمة بين البلدين وأن الجرائم التي اتهم بها صاحب الشكوى جرائم قانون عام منصوص عليها أيضاً في القانون الجنائي المغربي. وترى اللجنة أيضاً أن المادة 721 من قانون المسطرة الجنائية المغربي لا تذكر بصورة محددة خطر التعذيب وإساءة المعاملة في حال التسليم، بل تكتفي بالإشارة إلى خطر تعكير الوضع الشخصي للفرد المطلوب لسبب أو آخر من الأسباب المتصلة بعرقه أو دينه أو جنسيته أو آرائه السياسية، عندما تعتبر الدولة الطرف الجريمة التي طُلب على أساسها التسليم جريمة سياسية أو لسبب ذي صلة بهذه الجريمة ( ) . وتخلص اللجنة في هذه القضية إلى أن تقييمات محكمة النقض ليست كافية لاستبعاد الادعاءات المتعلقة بوجود خطر حالي ومتوقع وحقيقي وشخصي لخضوع صاحب الشكوى للتعذيب عند تسليمه إلى تركيا، وهو ما سيشكل عند ذلك انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية ( ) .

9- واللجنة، إذ تتصرف وفق اً للفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إلى أن تسليم صاحب الشكوى إلى تركيا سيشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

10- وترى اللجنة، وفقاً لأحكام المادة 3 من الاتفاقية، أن الدولة الطرف مطالبة بما يلي:

(أ) ضمان عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل وذلك بإجراء تقييم فردي لخطر التعذيب وإساءة المعاملة الحقيقي - بسبل منها مراعاة الحالة العامة لحقوق الإنسان في بلد العودة - في كل مرة تفحص فيها طلب تسليم، في إطار اتفاق تسليم أو إجراءات تسليم؛

(ب) التراجع عن ترحيل صاحب الشكوى إلى تركيا، والنظر في طلب تسليمه إلى ذلك البلد من زاوية التزاماتها بموجب الاتفاقية - وهو ما يشمل تقييم خطر وقوع تعذيب وإساءة معاملة في حال التسليم - وبمقتضى هذا القرار. وبالنظر إلى أن صاحب الشكوى محتجز رهن التسليم منذ قرابة العامين، فإن الدولة الطرف ملزمة بالإفراج عنه.

11- وعملاً بالفقرة 5 من المادة 118 من النظام الداخلي، تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى أن تبلغها، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالتدابير التي اتخذتها استجابة إليه. ‬ ‬ ‬