الأمم المتحدة

CCPR/C/SR.2496

Distr.: General

9 December 2009

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الدورة الحادية والتسعون

محضر موجز مؤقت للجلسة 2496

المعقودة في قصر ويلسون، جنيف يوم الأربعاء، 24 تشرين الأول/أكتوبر 2007، الساعة 00/10

الرئيس : السيد ريفاس بوسادا

المحتويات

النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

تقرير الجزائر الدوري الثالث (تابع)

افتتحت الجلسة الساعة 05/11

النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد (البند 6 من جدول الأعمال) ( تابع)

تقرير الجزائر الدوري الثالث ( CCPR/C/DZA/3; CCPR/C/DZA/Q/3; CCPR/C/DZA/Q/3/Add.1 ) (تابع)

1- بناء على دعوة الرئيس، اتخذ وفد الجزائر أماكنه من جديد حول مائدة اللجنة.

2- الرئيس دعا أعضاء اللجنة إلى طرح أسئلة إضافية.

3- السيدة ودجوود تساءلت عما إذا كانت حالة الطوارئ التي أعلنت في 13 شباط/فبراير 1992 ما زالت سارية. وقالت فيما يخص حرية التعبير إن من الصحيح أنه يجوز للجزائريين حالياً أن يتكلموا بحرية أكبر، إلا أن رئيس اللجنة الجزائرية لحقوق الإنسان صرح مع ذلك في 11 شباط/فبراير 2007 أن المادة 46 من ميثاق السلام والمصالحة الوطنية تحظر ذكر مسألة المفقودين علناً. وعلاوة على ذلك، فإن القذف الذي يتعرض لعقوبات جنائية يشتمل أيضاً على السب، مما قد يقنع بالعدول عن قول الحق. وأضافت المتحدثة أنه قد يكون من المستحسن أن تتلقى اللجنة معلومات عن الصحفيين العديدين الذين أزعجوا بسبب آرائهم، وبخاصة عن محمد بن شيكو، مدير جريدة (Le Matin) اليومي ــ ة، الذي سجن رسمياً بسبب "مخالفة التشريع الخاص بحركة رؤوس الأموال"، والذي كان كما هو معروف محل عشر شكاوى بالقذف من قبل السلطات. وهناك أيضاً رئيس تحرير جريدة أخرى أمضى أحد عشر شهراً في الحبس الاحتياطي قبل الاعتراف ببراءته من التهرب من الضرائب، أو كذلك الصحفي الذي اتهم بالقذف لأنه قدم تقريراً عن الأعمال الوحشية التي ارتكبتها الشرطة في مدينة (Jaffa). ومن المؤسف أن لا تتمتع الصحافة بالحرية الكاملة، حيث إنها تمثل عاملاً مهماً للتقدم.

4- السيد شيرير استفسر عما إذا كان من الممكن الحصول خلال الأيام القليلة التالية على نص المرسوم رقم 06-03 الصادر في 28 شباط/فبراير 2006 والوارد ذكره في الفقرة 312 من التقرير الدوري، والذي يحدد شروط وقواعد ممارسة الشعائر الدينية خلاف الديانة الإسلامية. وأضاف أن المقرر الخاص المكلف بحرية الديانة أو المعتقد أكد في تقريره المؤرخ في آذار/مارس 2007 أن ذلك المرسوم نص على الشروط المتعلقة بالأماكن التي يجب أن تمارس فيها التقاليد والتظاهرات الدينية، وأن المادة 11 من المرسوم تعتبر أن محاولة هداية مسلم إلى ديانة أخرى جريمة تستحق السجن لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، بل حتى نشر معلومات تتعلق بديانة أخرى. وأضاف المتحدث أنه قد يكون من المفيد معرفة ما إذا كان ذلك يشير فقط إلى "التبشير العدواني" الذي ورد ذكره خلال المناقشات، أو إذا كان من الممكن أن يشمل ذلك مثلاً مجرد وجود راهبات في مستشفى أو مدرسة. وأياً كان الحال، فإنه يبدو أن المرسوم رقم 06-03 يتمشى بصعوبة مع حرية الديانة المنصوص عليها في المادة 18 من العهد.

5- و تساءلت كيف تعتبر العلاقات الجنسية المثلية في القانون والواقع؟

6- السيدة ماجودينا لاحظت أن تدابير التشييع إلى الحدود لا تخص اللاجئين أو عديمي الجنسية الذين يحميهم الدستور، وذلك وفقاً للفقرة 298 من التقرير الدوري. غير أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أعلنت أن جميع ملتمسي اللجوء الذين لا يحملون أوراق إثبات الشخصية، والذين ينتسبون إلى بلدان أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، يعتبرون مهاجرين غير شرعيين ويتعرضون بالتالي للتوقيف والحبس والإبعاد. وذكرت المتحدثة أن ما يزيد على 60 لاجئاً هم حسبما يشاع في الحبس حالياً، وأن 28 رجلاً من أهالي الكونغو الذين اعترفت لهم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بمركز اللاجئ قد شيعوا إلى الحدود مع مالي وتركوا هناك بلا ماء وبلا غذاء وبلا مساعدة طبية. وقالت المتحدثة في الختام إنه قد يكون من المفيد بالتالي معرفة ما إذا كانت هناك نصوص تشريعية تتعلق باللجوء ومنح مركز اللاجئ، والحصول على معلومات بشأن التعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.

7- الرئيس دعا أعضاء الوفد الجزائري إلى الإجابة عن الأسئلة الإضافية للجنة.

8- السيد جزايري (الجزائر) شكر أعضاء اللجنة على أسئلتهم، وقال إن من المشروع تماماً أن يعترضوا على بعض ممارسات السلطات الجزائرية، إذ ترى الدولة الطرف أن ذلك يتيح لها الفرصة لشرح سياستها على وجه أفضل، ولا يشعر الوفد البتة بأي إساءة. وإذا تكلم الوفد عن "بعض" الأسر المرحلة مثلاً، فإن ذلك يرجع إلى أن التقرير الدوري الثالث للجزائر يشمل فترة السنوات 1999-2006، التي استتب فيها الأمن تدريجياً (كانت تحركات السكان تحركات العودة إلى ديارهم بالأحرى). والحق يقال إن أكثر من مليون شخص انتقلوا في التسعينات من القرن الماضي من المناطق الريفية إلى المدن الكبرى، غير أن الأمر تعلق بتحركات، إن لم تكن طوعية تماماً، إلا أنها كانت تلقائية على الأقل ولم تشجعها الحكومة على الإطلاق. وفر هؤلاء الأشخاص من المناطق الريفية بدافع الخوف فقط، وخدموا للأسف أهداف الإرهابيين. واعتباراً من سنة 1999، توقفت التحركات السكانية الضخمة.

9- وفيما يخص المهاجرين، فإن الأوضاع الاقتصادية أو السياسية التي سادت خلال السنين الأخيرة في بعض البلدان الواقعة جنوب الحدود الجزائرية دفعت عدداً كبيراً من الأشخاص على المرور بالجزائر للاتجاه إلى المغرب، ومن ثم إلى أوروبا. وعندما شددت المغرب المراقبة على الحدود، ظل أكثر من ألفي مهاجر غير شرعي منحصرين داخل الحدود الجزائرية في ظروف صعبة للغاية وملائمة للأعمال الإجرامية. وشرعت السلطات الجزائرية التي كانت تريد قبل كل شيء كفالة حماية وأمن هذه المنطقة الحدودية في ترحيلهم إلى جنوب غربي البلاد، وأقامت اتصالات بسفارات البلدان المعنية للتعرف على هويتهم. وقد ّ رت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين السياسيين لا يزيد على 66 لاجئاً. وكان الأشخاص الآخرون مهاجرين غير شرعيين لم يتم إبعادهم، وإنما جرى ترحيلهم إلى أوطانهم على نفقة الجزائر، بالاتفاق مع سلطات البلدان المعنية. وتبين أن الأجانب الذين حصلوا على مركز اللاجئين وعددهم 66 شخصاً لم يكونوا جميعاً لاجئين سياسيين، الأمر الذي كان محل جدل مع مفوضية الأمم السامية لشؤون اللاجئين التي وجدت صعوبة كبيرة في إيجاد بلدان يمكن لهم الاستقرار فيها. وأضاف المتحدث أن مركز استقبال اللاجئين كان يوفر ظروفاً معيشية جيدة مقارنة بظروف حياة السكان المحليين، واجتذب إليه بالتالي لاجئين آخرين. وكانت السلطات الجزائرية عازمة على إغلاقه في أقرب وقت ممكن. وينبغي الإشارة في هذا الصدد أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أرسلت إليها مؤخراً رسالة لشكرها على تعاونها في هذه المسألة.

10- وتندرج حرية الديانة المقررة في العهد في مجموعة النصوص القانونية الجزائرية الأساسية، التي لا تنص على أي حظر بشأن هداية المسلمين إلى ديانة أخرى. بيد أنها تدرك أحياناً كمشكلة اجتماعية نظراً إلى أنها تتعلق بهوية الجماعة الوطنية. ولا تتعلق الحركات التبشيرية الاستفزازية التي كانت محل النقاش بالإنجيليين وحدهم، وإنما أيضاً بالإرهابيين المنحدرين من الأصولية الإسلامية. أما الإنجيليون، فإن السكان المحليين أحسوا بعدوانية عملهم، وتدخلت السلطات بناء على طلبهم. وتعلق الأمر بالتالي بمشكلة تخص النظام العام. ومفهوم الإسلام السائد اليوم في الجزائر هو مفهوم الأمير عبد القادر، مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الذي أنقذ 000 12 مسيحي ويهودي من موت محقق في دمشق، والذي انتقد سنة 1870 أولئك الذين كانوا يستغلون الديانة كأداة لتحقيق أغراضهم.

11- ومن بين الصحفيين الذين تم العفو عنهم وبلغ عددهم 200 صحفي، حكم على 26 صحفياً فقط بعقوبة الحبس (لمدة ستة أشهر كحد أقصى) وسجن صحفيان أو ثلاثة صحفيين بالفعل. وتتعلق الإحصاءات المقدمة في هذا الشأن بعدة سنوات (2001-2007).

12- ورداً على طلب معلومات بشأن قضايا محددة، سلم السيد جزايري إلى رئيس اللجنة نص بيانات عدة أرسلتها السلطات الجزائرية إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سنة 2007، ونص مذكرة شفهية عن المظاهرة التي شهدتها ق سنطينة في 22 أيلول/ سبتمبر 2007.

13- وفيما يخص المادتين 45 و46 من ميثاق السلام والمصالحة الوطنية، أضاف السيد جزايري أنه لم يزعج أي شخص منذ اعتماد الميثاق بسبب التعبير عن رأيه أمام اللجنة، وأنه ينبغي التأكيد أن الميثاق نص للعدالة لفترة انتقالية لا يتعين بأي حال من الأحوال أن يستخدم كنموذج لوضع صكوك في المستقبل، بل صوت عليه 19 مليون جزائري وطالبوا بتنفيذه.

14- وشدد السيد جزايري على ضرورة عدم الخلط بين الأعمال التي باشرتها الدولة في أثناء نظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا أو في بعض الأنظمة العسكرية الاستبدادية في أمريكا اللاتينية من جهة، والأعمال التي مارستها الدولة الجزائرية أثناء فترة العقد الأسود من جهة أخرى. ففي الحالتين الأوليين، باشرت الدولة سياسة قمعية عنيفة ومنتظمة بهدف القضاء على كل معارضة للحكم القائم، وارتكبت جرائم من المشروع مطالبتها بالتكفير عنها. أما الدولة الجزائرية، فإنها وجدت نفسها تجابه جماعات إرهابية فاقدة الضمير كانت تغتال جميع من كانوا يتصدرون لها. ولم تتمكن قوات الأمن الجزائرية من الثبات أول الأمر أمام ذلك العدو الذي لم يسمح تأهيلها بمواجهته. غير أنه لا يمكن تشبيه الأعمال التي قامت بها قوات الدولة الجزائرية لمكافحة الإرهابيين بالجرائم التي اقترفتها أنظمة تعسفية أو استبدادية. فقد أدى أفراد قوات الأمن الجزائرية واجبهم بمحاربة أعداء الدولة والشعب الجزائري. وقد يكون من الظلم بالتالي معاملتهم كمجرمين والمطالبة بمثولهم أمام لجنة معنية بتقصي الحقائق وإقامة العدالة. وفي الوقت الراهن، تعتبر مكافحة الإرهاب تحدياً يجب أن تجابهه جميع بلدان العالم معاً. وقد تتمثل أفضل وسيلة لتحقيق ذلك مع كفالة احترام حقوق الإنسان في إعداد اتفاقية عالمية لمكافحة الإرهاب تحدد فيها شروط هذا الكفاح وتسمح بإقامة تعاون دولي حقيقي.

15- السيد عبد الوهاب (الجزائر) ذكر أن كل شخص تحتجزه الشرطة يُعلم بحقوقه وبحقه في معرفة مدة احتجازه وحقه في الاتصال بأسرته وفي أن يفحصه طبيب من اختياره. وعلاوة على ذلك، تنص تعليمات وزارية على وجوب وضع إعلان يشمل القائمة الكاملة للحقوق في كل مركز للشرطة من المحتمل أن يستقبل أشخاصاً محتجزين، ووجوب إعلام هؤلاء الأشخاص بهذه الحقوق بلغة يفهمونها. وقد طرح سؤال لمعرفة ما إذا كان حق معرفة وجه الاتهام وحق الالتزام بالصمت مكفولين. والجواب هو أن قانون الإجراءات الجنائية لا يحدد هذين الحقين صراحة، غير أن ضابط الشرطة القضائية يُعلم بالضرورة الشخص الموقوف بأسباب توقيفه كي يتمكن من ثم من سماع شهادته. وحق المشتبه فيه في التزام الصمت ينجم ضمناً عن غياب الالتزام بالكلام. وفضلاً عن ذلك، تنص المادة 52 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز للشخص المحتجز أن يعترض على المحضر الذي يحرره موظف الشرطة استناداً إلى شهادته برفض التوقيع عليه.

16- وأضاف السيد عبد الوهاب أن مسألة اللجوء إلى محام خلال مدة الاحتجاز هي حالياً موضع نقاش اللجنة المكلفة بتنقيح قانون الإجراءات الجنائية. فالآراء متضاربة بين من يرى أنه يجب تعزيز الضمانات الممنوحة للشخص المحتجز من جهة، ومن يفضل ضرورة عدم إعاقة تحريات الشرطة القضائية من جهة أخرى. فقد أفشيت أحياناً بعض المعلومات من قبل محامين أثناء التحقيق التمهيدي. وإذا نظرنا إلى العواقب المأساوية التي قد تترتب على حوادث من هذا النوع في سياق تحقيق بشأن قضية إرهابية، فإننا يمكن أن نفهم أن مسألة اللجوء إلى محام تثير الجدل.

17- وقد طرحت أسئلة عدة بشأن مطابقة إدانة بعض الصحفيين لاحترام حرية التعبير. ولا نزاع في أن الصحفيين يمثلون سلطة مضادة لا غنى عنها للديمقراطية، غير أنهم ملزمون باحترام القانون، وعلى الأخص الأحكام التي تلزم باحترام شرف الغير. وللأسف، لا يفي بهذا الالتزام بعض الصحفيين بسبب قلة خبرتهم أو عدم معرفتهم لآداب المهنة أحياناً. ويجب أن نعرف أن 87 في المائة من شكاوى القذف ضد الصحفيين قدمها أفراد في الفترة ما بين سنة 2001 وسنة 2007. ولا يمكن أن نترقب أن يرفض القضاة هذه الشكاوى، وأن يعلنوا عدم جواز قبولها أو يقرروا بانتظام بألا وجه لإقامة الدعوى على الصحفي المتهم بحجة حماية حرية التعبير. فالقضاة ملزمون بالإجابة إلى أي عريضة والتحقيق فيها وتتبعها كما ينبغي تطبيقاً للقانون، وإلا اعتبر أنهم امتنعوا عن الحكم. ولا ينص قانون العقوبات أو تطبيقه من قبل المحاكم على أنه يجوز تفسير أحكامه على أنها تهدف إلى تقييد حرية التعبير والحق في الاستعلام بدون مسوغ شرعي، إذ إن هذين الحقين يكفلهما الدستور الذي ينص مع ذلك على أن جميع حريات الفرد يجب أن تمارس مع احترام الحق المعترف به للغير، وبخاصة مع احترام الحق في الشرف وفي الخصوصية (المادة 63). ولا تنص المادة 19 من العهد على خلاف ذلك، إذ إنها تنص على أن ممارسة حرية التعبير تستتبع واجبات ومسؤوليات خاصة، ويجوز بالتالي إخضاعها لبعض القيود التي تكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم. وينبغي بالتالي أن يجد الصحفي التوازن الصحيح بين ممارسة حقه في حرية التعبير والتزامه باحترام حقوق الغير وسمعته.

18- السيد لخضري (الجزائر) ذكر أنه كان هناك فراغ قانوني بشأن جنح الصحافة قبل تعديل قانون العقوبات سنة 2001. ففي الواقع، لم يحتفظ قانون العقوبات المعتمد سنة 1966 بوصف الإهانة المعرف في القانون الفرنسي لسنة 1881 بشأن حرية الصحافة سوى بمعنى إهانة الموظفين العامين. وأوضح قضاء المحاكم الجزائرية مغزى هذا المفهوم، ومده إلى رئيس الجمهورية وإلى جميع الهيئات الشرعية للدولة (البرلمان والهيئة القضائية إلخ.). وقننت التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات سنة 2001 هذا القضاء في المادة 144 وما يليها، كما أنها أثبتت المسؤولية الجنائية للشخص الاعتباري، بحيث تتخذ الإجراءات القضائية ليس فقط ضد الصحفي الذي يرتكب الجنحة والمسؤولين عن النشر والتحرير، وإنما أيضاً ضد النشر في حد ذاته. وربما يفسر ذلك العدد المرتفع نسبياً للصحفيين الملاحقين أمام القضاء. بيد أنه ينبغي الإشارة إلى أن عدد الأحكام التي صدرت ضد الصحفيين بسبب القذف لم يتزايد منذ تعديل قانون العقوبات سنة 2001.

19- السيد تلماتين (الجزائر) ذكر أنه غالباً ما تلحق ضجة لا مبرر لها بالأحكام الصادرة على بعض الصحفيين، علماً بأنه في كثير من الأحوال يحكم على هؤلاء الصحفيين بسبب جنح لا تخص أنشطتهم الصحفية على الإطلاق. ويجب ألا ننسى أن حرية التعبير حق، غير أنها ليست مطلقة، بل يجب ممارستها في الحدود المنصوص عليها في القانون. وعلاوة على ذلك، فإن تطبيق القانون، بل كذلك التعاون بين مجالس الصحافة والمجالس المعنية بأخلاق وآداب المهنة والنقابات واللجنة الوطنية المكلفة بإصدار بطاقة للصحفي المهني، يسمحان بحفظ توازن صحيح بين ممارسة حرية التعبير واحترام القيود القانونية، التي يتمثل أفضل دليل لها في حرية الأسلوب التي تميز الصحف الجزائرية.

20- السيد جزايري (الجزائر) د حض فكرة أن يكون الصحفيون موضع مراقبة خاصة في الجزائر، وقال إنهم يخضعون على العكس للحقوق والواجبات ذاتها التي يخضع لها المواطنون الآخرون. وبناء عليه، فإن الصحفي الذي تثبت إدانته بسبب التهرب من الضرائب لا يجوز أن يتمتع بالحصانة على أساس أنه صحفي، ويحكم عليه بالتالي. ومن المؤكد أن الأحكام الصادرة ضد الصحفيين تحظى في وسائط الإعلام بأهمية أكبر مما تحظى به الأحكام الصادرة ضد المواطنين العاديين بسبب جنح مماثلة. وينطبق ذلك أيضاً على جميع الأشخاص الذين يتمتعون بشهرة نسبية.

21- السيد عبد الوهاب (الجزائر) رجوعاً إلى الأحكام الصادرة ضد السادة بن شيكو وبن حمو وغول، ذكر بأنه حكم على الأولين في قضيتين من قضايا القانون العام لم تكن لهما أي صلة بأنشطتهما كصحفيين. وقد حكم بالفعل على السيد غول بتهمة القذف بعدما نشر في صحف مختلفة اتهامات خطيرة للغاية ولا أساس لها من الصحة ضد السلطات المحلية لولاية الجلفة.

22- السيد سوالم (الجزائر) ذكر أن مسألة المثلية الجنسية لا تثير اهتماماً في الجزائر بسبب الخصائص الثقافية والاجتماعية والدينية للبلد. وأضاف أن الجزائر، إذ تعترف بالأهمية العالمية والمترابطة لحقوق الإنسان، ترى أنه يجب تطبيق هذه الحقوق مع مراعاة هذه الخصائص حسب الأصول.

23- الرئيس شكر الوفد الجزائري على هذه المعلومات التكميلية وأعطى الكلمة لأعضاء اللجنة.

24- ال سير نايجل رودلي تساءل عما إذا كانت التعليمات التي نشرتها وزارة العدل لصالح الشرطة القضائية تنطبق أيضاً على إدارة المخابرات والأمن، لا سيما فيما يتعلق بالالتزام بإعلام المشتبه فيهم بحقوقهم. وأضاف أنه في العديد من القضايا التي قدمت إلى اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري، كان موضوع النقاش الأحكام التي تنص على اختصاص المحاكم العسكرية بالنظر في الجنح السياسية التي تمس بأمن الدولة، والتي يعاقب عليها بالسجن لمدة تزيد على خمس سنوات. وتساءل المتحدث عما إذا كانت هذه الأحكام لا تزال سارية، وفي حالة الإيجاب عما إذا كان يعني ذلك أن المدنيين المشتبه في ارتكابهم إحدى الجنح التي تشير إليها هذه الأحكام يجوز محاكمتهم أمام محكمة عسكرية. وفي هذه الحالة، قد يكون من المفيد معرفة ما إذا كان هؤلاء المدنيون يتمتعون بنفس الضمانات التي تتاح للموقوفين قبل محاكمتهم في إطار إجراءات مدنية.

25- وأضاف المتحدث أن الوفد أكد للجنة أن حق الموقوفين في إعلام أسرهم بتوقيفهم مكفول لهم. بيد أن اللجنة تلقت ادعاءات عدة تفيد أن الأسر غالباً ما تجد صعوبة في معرفة اعتقال قريبهم وظروف اعتقاله ومكان اعتقاله. ولذلك، قد يكون من المفيد معرفة أسباب هذه الصعوبات.

26- السيدة شانيه ذكرت فيما يخص تفسير المادة 19 من العهد بأنه إذا كانت حرية التعبير تخضع في الواقع لبعض القيود التي يرجع سببها إلى احترام حقوق الغير وسمعته بناء على هذه المادة، إلا أن هذه القيود يجب أن تراعي معيار النسبية. وينص على هذا المبدأ بوضوح قضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبناء عليه، فإن التعدي على حقوق الغير أو على سمعته عن طريق الصحافة ينبغي أن يعاقب بعقوبات مدنية أو عند الضرورة بعقوبات جنائية، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يؤدي إلى عقوبة السجن.

27- السيدة ودجوود استرعت الانتباه إلى أن الصحفيين ينساقون عادة إلى فرض افتراضات بسبب عدم وجود قانون يتيح لهم الحصول على معلومات حكومية دقيقة. وعلاوة على ذلك، من المدهش أن يكون للحكومة حق الرقابة على القواعد الأخلاقية للصحفيين، في حين أنها الهدف الرئيسي لانتقاداتهم.

28- السيدة موتوك أكدت أنه حتى وإن كان من الواجب البحث في مسألة حماية حقوق الإنسان مع مراعاة الخصائص الذاتية لكل بلد، والبرهنة خاصة على معرفة شعور الضحايا الذين غالباً ما تهمل احتياجاتهم، فإنه لا يسعنا مع ذلك أن ننكر أن بعض القواعد والمعايير تتسم بطابع عالمي، وأن هناك مجموعة من الحقوق الأساسية التي لا يجوز مسها، ومن بينها حق الحماية من أي تمييز، بما في ذلك التمييز على أساس التفضيل الجنسي.

29- السيد لالاه ذكر بأن اللجنة أعربت مراراً عن قلقها بشأن حالة الطوارئ السارية المفعول منذ سنة 1992. وأضاف أن الدولة التي تتعرض للإرهاب تمر بأحوال صعبة للغاية، وأن من المشروع بالتالي أن تتخذ تدابير عاجلة. بيد أنه لا بد في هذا السياق الاستناد إلى المادة 4 من العهد، وكذلك إلى التعليق العام رقم 29 للجنة بشأن هذه المادة، لمعرفة المخالفات المسموح بها. ويجب ألا تفضي التدابير العاجلة في آخر الأمر إلى فرض الأحكام العرفية على جميع السكان، وإلى تحويل ممارسة الحقوق العادية إلى حالة استثنائية. وعلاوة على ذلك، غالباً ما تتذرع الدولة الجزائرية بحالة الطوارئ في إطار البلاغات التي يقدمها بعض الأفراد إلى اللجنة. غير أنه لا يكفي التذرع بهذه الحالة، وإنما يجب تبريرها أيضاً.

30- وأضاف المتحدث أن الحق في حرية التعبير المقرر في المادة 19 من العهد هو حق ضروري في مجتمع ديمقراطي، وأن قمع الصحافة جنائياً يعني العودة إلى زمن كان من المألوف فيه سجن الصحفيين. أما اليوم، فإنه لا ينبغي اعتبار القذف جنحة جنائية، لأنه تتوفر لضحاياه الآن الوسائل الكفيلة بالدفاع عن حقوقهم عن طريق الإجراءات المدنية.

31- السيد باغواتي أعرب عن دهشته من أن يرأس رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للقضاء، ومن أن يضطلع وزير العدل بنيابة الرئاسة، في حين أن رئيس المحكمة العليا مجرد عضو عادي. وأضاف أن هذه الهيئة المكلفة بتعيين القضاة ونقلهم وكذلك بالإجراءات التأديبية التي تخصها، من الصعب أن تكون مستقلة إذا لم يكن أغلب أعضائها ممثلين للسلطة القضائية.

32- الرئيس دعا الوفد الجزائري إلى الإجابة عن الأسئلة الأخيرة للجنة، وذكر أنه يمكن للوفد أيضاً أن يجيب عنها كتابياً.

33- السيد سوالم (الجزائر) ذكر أن حالة الطوارئ أعلنت مع مراعاة القواعد التي نصت عليها اللجنة (نسبتها بالمقارنة بالتهديد القائم والإشهار عنها إلخ.)، وأنه يرد وصف تاريخها بالتفصيل في الفقرات من 227 إلى 256 من التقرير. وباستثناء العمليات البوليسية التي عهد بها إلى الجيش، فإن جميع التدابير التي اتخذت سنة 1992، مثل منع التجول أو المحاكم الخاصة أو الاعتقال الإداري، قد رفعت أو أصبح ينظمها الآن القانون العام. وعلاوة على ذلك، فإن الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية التي نظمت مراراً وتكراراً تشهد على أن حالة الطوارئ لا تعرقل على الإطلاق العملية الديمقراطية.

34- السيد عبد الوهاب (الجزائر) ذكر أن التعليمات الوزارية التي تلزم بالإعلان عن قائمة الحقوق يوقعها ثلاثة وزراء، من بينهم وزير الدفاع، وأنها تنطبق على جميع ضباط الشرطة القضائية سواء المدنيين أو العسكريين. كما تنطبق أحكام قانون الإجراءات الجنائية على جميع الأشخاص الذين يمارسون مهمتهم في إدارة المخابرات والأمن.

35- وفيما يخص المجلس الأعلى للقضاء، ينبغي التوضيح أن القانون المؤرخ في 6 أيلول/سبتمبر 2004 كان يهدف بالضبط إلى تعزيز استقلال هذه الهيئة. فبالإضافة إلى رئيس الجمهورية ووزير العدل، يتكون المجلس من الرئيس الأول والنائب العام للمحكمة العليا وعشرة قضاة منتخبين من نظرائهم وست شخصيات مختارة من رئيس الجمهورية بسبب كفاءاتها، خارج هيئة القضاء. وأغلب الأعضاء قضاة بالتالي، على عكس ما ادعاه البعض. أما الإجراءات التأديبية، فإنها من اختصاص الرئيس الأول للمحكمة العليا.

36- السيد شعباني (الجزائر) شرح أن بعض مواد قانون سنة 1990 الخاص بالإعلام تنظم مسألة حصول الصحفيين على المعلومات، غير أن هذه المسألة صعبة عملياً لأنها تتوقف على الأشخاص المكلفين بالاتصال بالإدارات الحكومية. ويجري الآن إعداد دورة تدريبية لهم، ومن المنتظر أن تسمح بحل هذه المشكلة.

37- وأضاف المتحدث أن الوفد لم يقصد أن يقول إن الدولة مسؤولة عن آداب المهنة الصحفية، إذ إن مجلساً لأخلاق وآداب المهنة أنشئ سنة 2000 بمبادرة من الصحفيين أنفسهم، الذين لم يجددوا ولايته سنة 2004. وتعتزم الدولة تشجيع إنشاء هيئات تمثيلية من هذا النوع.

38- السيد جزايري (الجزائر) أضاف أن من المؤكد أن الحكومة لا يمكن أن تحل محل الصحفيين للاضطلاع بمهمتهم، وإنما تشجع إنشاء هيئات من هذا النوع، لا غنى عنها لتنظيم الصحافة ذاتياً وإتاحة محتوى لحرية التعبير في إطار مسؤول. وفيما يتعلق بتحويل بعض أنشطة الصحفيين إلى جناية، من الصحيح أن من الضروري إدخال بعض التغييرات في هذا الشأن، بل من الملاحظ أنها نفذت عملياً. ولا يمكن أن ننكر أن الجزائر ورثت قوانينها وقواعدها من فرنسا، وربما يعود خطأها الوحيد إلى أنها لم تعدلها عندما فعلت ذلك فرنسا.

39- السيدة موتوك أكدت بحق أنه كان من الواجب الاسترشاد باحتياجات الضحايا، وهم الثلاثون مليون جزائري الذين عاشوا حياة الجحيم طوال عشر سنوات. فهم الذين طالبوا بالحماية من الإرهاب. ومما لا شك فيه أنه كان من الواجب الالتزام بصورة أكبر بالمادة 4 من العهد، وشرح الظروف التي اتخذت فيها التدابير العاجلة، كما أوضح ذلك السيد لالاه. ولكن الحالة لم تكن بسيطة، وأخذت السلطات على حين غفلة. ويجب أن نعلم أن الدولة وجميع السكان في الجزائر وقعوا رهينة في يد الإرهابيين، وأن الأحوال التي شهدها البلد لا مثيل لها في أي بلد آخر.

40- وأضافت المتحدثة أن اللجنة والجزائر تشاطران نفس القيم التي هي عالمية في الواقع. غير أن الظروف التي ازدهرت فيها ليست هي نفسها بالضرورة في كل مكان. ولم تكن البلدان الغربية أول من اعتمد هذه القيم، ولو أنه يجب الاعتراف بأنها دعمتها إلى حد كبير. وفي مجلس حقوق الإنسان، تتحول مسألة حقوق الإنسان إلى مجابهة بين الشمال والجنوب، في حين أنه لا ينبغي أن يكون الحال كذلك. وإذا سعينا إلى إيجاد توازن صحيح بين عالمية القيم والخصائص الذاتية لكل مجتمع، فإن جميع الدول ستتمكن معاً من جعل العالم أفضل.

41- الرئيس شكر الوفد الجزائري على ردوده، وأضاف أن اللجنة ما زالت مشغولة البال ببعض المسائل التي ستدرجها في تعليقاتها الختامية. فاللجنة تأسف مثلاً على أنها لم تحصل على معلومات تفيد الاستناد إلى أحكام العهد أمام المحاكم، على الرغم من أن الدولة الطرف أكدت أن العديد من الأحكام صدرت على أساس المادة 11 من العهد. ومن جهة أخرى، فإن وضع المرأة ما زال يتميز بقيود مهمة تتعارض مع أحكام العهد، حتى وإن كانت ترتبط بممارسات تقليدية وبقيم دينية أو ثقافية. كما أن حرية التعبير وتكوين الجمعيات يثيران الشواغل. ويتحتم على الدولة الطرف أن تبحث عن وسائل أخرى خلاف القمع الجنائي للعقاب على أعمال العنف غير المسؤولة في ممارسة هذه الحقوق. وتحظر المادة 26 من المرسوم 01-06 الأنشطة السياسية بعبارات عامة للغاية تترتب عليها قيود غير مقبولة على ممارسة بعض الحقوق الأساسية مثل حرية الرأي. وتثبت اللجنة مع ذلك التحسينات التي أدخلت في بعض مجالات أخرى، لا سيما فيما يخص عقوبة الإعدام.

42- السيد جزايري (الجزائر) شكر اللجنة على تعليقاتها والروح التي جرى بها الحوار. وأضاف أن الدولة الجزائرية عازمة بحزم على مواصلة تعاونها مع جميع هيئات الأمم المتحدة واللجنة المعنية بحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان، في إطار الاستعراض الدوري الشامل، وكذلك مع أصحاب التفويضات، بغية التقدم دائماً بصورة أكبر في سبيل الاحترام المطلق للحقوق الأساسية.

43- انسحب الوفد الجزائري .

رفعت الجلسة الساعة 15/13