الأمم المتحدة

CAT/C/72/D/793/2017

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

18 February 2022

Arabic

Original: French

‎لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية ، بشأن البلاغ رقم 793/2017 * **

المقدم من: ر. م. (يمثله محام من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى: 27 كانون الأول/ديسمبر 2016 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادتين 114 و115 من نظام اللجنة الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 5 كانون الثاني/يناير 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2021

الموضوع: التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وعدم إجراء تحقيق فعال وعدم جبر الأضرار

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف الداخلية

المسائل الموضوعية: التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وتدابير منع أفعال التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والرصد المنتظم لحراسة المحتجزين ومعاملتهم؛ والتزام الدولة بأن تحرص على شروع السلطات المختصة في إجراء تحقيق عاجل ونزيه؛ والحق في رفع شكوى؛ والحق في الجبر

مواد الاتفاقية: 2(1) و11 و12 و13 و14 ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و16 ، والمادة 16

1- صاحب الشكوى هو ر. م. ، وهو مواطن بوروندي من مواليد عام 1979 ، ويدعي أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف حقوقَه التي تكفلها المواد 2(1) و11 و12 و13 و14 ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 ، وعلى سبيل التحوط مع المادة 16 ، من الاتفاقية ، وكذلك المادة 16 من الاتفاقية منفردة. وأصدرت الدولة الطرف الإعلان المطلوب بمقتضى المادة 22(1) من الاتفاقية في 10 حزيران/ يونيه 2003. وتتولى الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب تمثيل صاحب الشكوى.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 في 9 آذار/مارس 2014 ، اعتقل صاحب الشكوى في مكان غير بعيد عن مكتب الحركة من أجل التضامن والديمقراطية ( ) في بوجومبورا. وفي اليوم السابق ، اقتحمت عناصر شرطة مدججة بالسلاح مقر الحزب لتفريق الناشطين الذين كانوا في اجتماع داخل المبنى. وجرّد الناشطون عنصرين من عناصر الشرطة تمكّنا من التسلل إلى هذه الأماكن دون أمر قضائي من أسلحتهما وحيّدوهما. وحاصرت الشرطة مكان الحادث قبل الدخول عنوةً إلى المبنى باستخدام الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية. فخلال هذا الاعتداء أصيب صاحب الشكوى بجروح خطيرة في ذراعه اليمنى برصاصة أطلقتها الشرطة. وجُرح أيضاً أعضاء آخرون في الحزب خلال العملية. ومنعت الشرطة موظفي الصليب الأحمر البوروندي الذين أرادوا إنقاذ الضحايا من النفاذ إلى مكان الحادث.

2-2 وضرب أفراد الشرطة صاحب الشكوى ضربا ً مبرّحا ً بأعقاب بنادقهم وأحذيتهم وهراواتهم مدة ربع ساعة تقريبا ً أثناء اعتقاله رغم حالته الصحية الحرجة الملحوظة. وضربوه على جميع أجزاء جسمه ، بما فيها ساقاه ورأسه وظهره. وبينما كان عاجزا ً عن الوقوف ، ألقي به في مقعد خلفي من شاحنة صغيرة للشرطة. وشتمه أفراد الشرطة وهددوه بالقتل ، وكذلك عناصر جهاز الاستخبارات الوطني.

2-3 ورغم حالة صاحب الشكوى الصحية التي تعزى ، في جملة أمور ، إلى إصابته النارية في اليوم السابق ، لم ي ُ نقل على الفور إلى المستشفى. وأمضى نحو أربع ساعات في مقعد خلفي من مركبة الشرطة قبل نقله إلى عيادة برينس - لوي - رواغاسور لتلقّي الإسعافات الأولية. وبُعيد دقائق من وصوله إلى المستشفى ، اقتحم ت عناصر جهاز الاستخبارات الوطني المكان الذي كان يتلقى فيه علاجه وسع ت إلى اختطافه. وفي 14 آذار/مارس 2014 ، رفع شكوى إلى المدعي العام للجمهورية بشأن الانتهاكات التي ارتك بت في حقه. ولم يُردّ على هذه الشكوى حتى الآن.

2-4 وفي 27 أيار/مايو 2014 ، رغم المشورة الطبية التي أوصت بتقديم مزيد من العلاج لصاحب الشكوى ، اعتُقل عنوةً بناء على أمر بإلقاء القبض صادر عن مكتب المدعي العام في بوجومبورا واقتيد إلى سجن مبيمبا المركزي حيث تسود ظروف لاإنسانية ومهينة. وفي اليوم التالي ، أي في 28 أيار/مايو 2014 ، بفضل ضغوط من منظمات عدة من المجتمع المدني ، نقل إلى مستشفى برينس - ريجونت - تشارلز حيث أمضى عشرة أيام قبل اقتياده مجدداً إلى سجن مبيمبا المركزي. ولم يتمكن من الخضوع للفحوصات مرة أخرى في مستشفى برينس - ريجونت - تشارلز إلا في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2014. وبالنظر إلى تدهور صحته ، بما في ذلك ذراعه اليمنى التي كانت شبه مشلولة بسبب أخماج ناجمة عن الضمادات التي لم تجدّد ، وصف له الطبيب المعالج ثلاث جلسات علاج طبيعي في الأسبوع ، غير أن إدارة السجن لم تسمح له بتلقي جلسات العلاج.

2-5 وبعد سجنه في 27 أيار/مايو 2014 ، مثل صاحب الشكوى للمرة الأولى أمام قاض في 25 حزيران/ يونيه 2014 ( ) . وخلال هذه الجلسة ، طلب صاحب الشكوى دليلا ً طبيا ً دون جدوى ، وفقا ً للمادتين 103 و104 من قانون الإجراءات الجنائية مكرِّراً شكواه المرفوعة في 14 آذار/مارس 2014 إلى مكتب المدعي العام للجمهورية بشأن أ فعال التعذيب التي تعر ّ ض لها.

2-6 وفي أعقاب جلسة 25 حزيران/ يونيه 2014 ، لم يراجع أي قاض احتجاز صاحب الشكوى إلا في 30 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، أي بعد أكثر من ستة أشهر من صدور الأمر الأول الذي يأذن في حبسه الاحتياطي ، وهو ما يشكل انتهاكا ً للمادة 115 من قانون الإجراءات الجنائية.

2-7 وفي 30 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، دُعي إلى جلسة علنية ، لكنها أجّلت إلى 15 كانون الثاني/يناير ثم إلى 20 شباط/فبراير 2015. وفي 26 شباط/فبراير 2015 ، أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً يأمر بإنشاء لجنة طبية من ثلاثة أطباء حكوميين للتحقق مما إذا كانت حالة صاحب الشكوى الصحية تستوجب رعاية طبية في الخارج ، مع وقف البت في طلبه الإفراج المؤقت. ولم يتخذ أي إجراء بشأن هذا الحكم.

2-8 ويجادل صاحب الشكوى بأن قضيته لم تعرض على أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي.

2-9 ويذكّر صاحب الشكوى بأن المادة 22(5)(ب) من الاتفاقية لا تطلب من الشخص استنفاد سبل الانتصاف الداخلية التي قد تكون عديمة الجدوى وأن اللجنة لا تشترط لأغراض مقبولية البلاغات الفردية سوى استنفاد سبل الانتصاف الفعالة والمجدية والمتاحة ( ) . ويجادل بالقول إنه على الرغم من شكواه المقدمة إلى النائب العام للجمهورية بشأن سوء المعاملة التي تعرض لها ، فإن السلطات القضائية لم تردّ مع أنه كان ينبغي لها أن تفتح ، استناداً إلى أقواله ، تحقيقاً جنائياً بموجب المادة 64 من قانون الإجراءات الجنائية. ولم تثمر إجراءات أخرى لدى أمين المظالم واللجنة الوطنية المستقلة المعنية بحقوق الإنسان في بوروندي. ولم يُردّ على الإفادتين الموجهتين إلى مسؤولي عيادة برينس - لويس - رواغاسور في 30 آذار/مارس 2015 للحصول على شهادة دخوله المستشفى وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 2015 لطلب عناصر من ملفه الطبي. وتشكل أعمال التخويف والتهديد التي أعقبها نفي اثنين من محاميه دليلاً بليغاً على استحالة رفع ملف صاحب الشكوى إلى سلطات مستقلة ونزيهة الذي لا يمكن أن يتكلل بالنجاح عملياً أمام المحاكم الوطنية.

2-10 ويضاف إلى ذلك أن وجود "مناخ عام يتسم بالإفلات من العقاب" في بوروندي ، كما وصفته اللجنة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة ، بما فيها التعذيب ( ) ، يعني أنه من غير المرجح أن يحصل صاحب الشكوى على مبتغاه أمام المحاكم الوطنية.

2-11 وبناء على ذلك ، يدفع صاحب البلاغ بما يلي: (أ) أن سبل الانتصاف الداخلية المتاحة لم تنل رضاه لأن السلطات لم ترد ّ على تظلّماته مع أنه كان ينبغي لها أن تفتح تحقيقاً جنائياً استنادا ً إلى ادعاءاته؛ (ب) وأن سبل الانتصاف هذه تأخرت إلى حد غير معقول ، إذ إنه لم يُفتح بعد أي تحقيق في التظلّم الذي رفعه في 14 آذار/مارس 2014 والذي يدعي فيه تعرضه للتعذيب رغم مرور ثلاث سنوات وأربعة أشهر؛ (ج) وكان خطراً عليه أن يتخذ إجراءات أخرى لأن المسؤولين عن تعذيبه عناصر من الشرطة وأشخاص ٌ قريب و ن من الحكومة الحالية . ويرى صاحب الشكوى أنه يستحيل عليه استنفاد سبل الانتصاف الداخلية لأنها غير فعالة وعديمة الجدوى.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب الشكوى أنه ضحية انتهاك بوروندي حقوقه التي تكفلها المواد 2(1) و11 و12 و13 و14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 ، وعلى سبيل التحوط مع المادة 16 ، من الاتفاقية ، وكذلك المادة 16 من الاتفاقية منفردة.

3-2 وقال صاحب الشكوى إن الاعتداء البدني الذي تعرض له سبب له ألماً ومعاناة شديدين ما زالا يؤثران على صحته البدنية والنفسية حتى اليوم. فقد أصيب إصابة خطيرة بعد تعرضه ل إطلاق نار متعمد في 8 آذار/مارس 2014. والحال أن موظفين حكوميين منعوا موظفي الصليب الأحمر البوروندي من إنقاذه. ثم ضربه أفراد الشرطة في اليوم التالي ، أي في 9 آذار/مارس 2014 ، أثناء اعتقاله ، رغم إصابته النارية وحالته الصحية الحرجة الملحوظة ، ضربا ً مبرّحا ً بأعقاب بنادقهم وأحذيتهم وهراواتهم مع شتم ه وتهديده بالقتل. وسُجن وحُرم الرعايةَ التي تستلزمها حالته رغم النصائح الطبية التي ق ُ دمت له في هذا الصدد. ولم تسمح له إدارة السجن بتلقي العلاج الطبيعي الذي يقتضيه وضعه. ويجادل بأن الهدف من تعذيب أفراد الشرطة الوطنية إياه تخويفه ومعاقبته والضغط عليه بسبب انتمائه السياسي. لذا ، يؤكد أن هذا الاعتداء البدني تعذيب بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية.

3-3 وبموجب المادة 2(1) من الاتفاقية ، يدفع صاحب الشكوى بأن الدولة الطرف لم تتخذ تدابير فعالة لمنع التعذيب في إطار ولايتها. أولاً ، يجادل قائلاً إنه لم يتمكن من الوصول إلى سبل انتصاف قضائية لأن السلطات البوروندية لم تف بالتزامها بالتحقيق في التعذيب الذي تعرض له. وثانياً ، لم تحترم الضمانات الإجرائية التي يجب أن تحكم أي سلب للحرية ، سِيّما إمكانية طعن صاحب الشكوى في مشروعية احتجازه. ويستدل على ذلك برفض السلطات ، في جلسة 25 حزيران/ يونيه 2014 ، الموافقة على طلب دليل طبي عن حالته ورفض الإفراج المؤقت عنه في جلسة 20 شباط/فبراير 2015 رغم ما شابَ الإجراء من مخالفات وتدهور حالته الصحية. وثالثاً ، يجادل بأنه على الرغم من حالته الصحية وعدم تلقيه الرعاية الطبية ، خاصة إصابته النارية الخطيرة في اليوم السابق ، فإنه لم يتلق الإسعافات الأولية إلا بعد أربع ساعات من اعتقاله. ونظراً إلى عدم السماح له بالحصول على الرعاية التي يحتاجها ، تعرضت حالته الصحية لخطر لا يمكن تداركه. ويضاف إلى ذلك أنه رغم تظلّماته وشكوى رسمية رفعها ، لم تف الدولة الطرف بالتزاماتها بالتحقيق في التعذيب الذي تعرض له ولا بتقديم الجناة إلى العدالة. وأخيراً ، يشدد على أن القانون البوروندي ينص على سقوط أفعال التعذيب بالتقادم بعد مرور عشرين أو ثلاثين سنة على ارتكابها حسب الملابسات ما لم تُرتكب في سياق جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم إبادة جماعية ( ) .

3-4 واستنادا ً إلى المادة 11 من الاتفاقية وممارسة اللجنة ( ) ، يدفع صاحب الشكوى بأن الدولة الطرف لم تف بالتزامها برصد القواعد والتعليمات والأساليب والممارسات والترتيبات المتعلقة بمعاملته أثناء اعتقاله واحتجازه رصداً منتظماً. ويتجلى ذلك في رفض السلطات السماح له بالحصول على الرعاية المناسبة أثناء احتجازه وفي التعذيب الذي كان ضحية له أثناء اعتقاله ، وكذلك في العقبات التي تحول دون تمتعه ب ال ضمانات القضائية.

3-5 وإضافة إلى ذلك ، يدفع صاحب الشكوى بأن السلطات البوروندية لم تجر تحقيقاً سريعاً وفعالاً في ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب رغم علمها بها من خلال الشكوى المؤرخة 14 آذار/مارس 2014 والتظلّمات التي ساقها أثناء جلسة 25 حزيران/ يونيه 2014 ، الأمر الذي ينتهك الالتزام المنصوص عليه في المادة 12 من الاتفاقية. ويدعي أيضاً أن الدولة الطرف لم تحترم حقه في رفع شكوى بغرض النظر فورا ً وبنزاهة في الوقائع المزعومة ، منتهكةً بذلك المادة 13 من الاتفاقية.

3-6 وبحرمان الدولة صاحب الشكوى من إجراءات جنائية ، حرمته أيضاً من أي سبيل انتصاف للحصول على تعويض عما تعرض له من جرائم خطيرة من قبيل التعذيب. وإضافة إلى ذلك ، لم يستفد من أي تدابير إعادة تأهيل في أعقاب التعذيب الذي تعرض له ، وذلك بهدف إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن بدنياً ونفسياً واجتماعياً ومالياً. وفي ضوء عدم مبالاة السلطات القضائية ، لا يوجد أي احتمال موضوعي أن تتكلل بالنجاح سبل انتصاف أخرى ، لا سيما للحصول على جبر بواسطة رفع دعوى تعويض مدنية عن الأضرار . فقلّما اتخذت السلطات البوروندية تدابير لتعويض ضحايا التعذيب ، وهي مسألة أشارت إليها اللجنة من قبل في عام 2006 في ملاحظاتها الختامية بشأن تقرير بوروندي الأولي ( ) . وفي عام 2014 ، أعربت اللجنة ، في معرض إحاطتها علماً بأن قانون الإجراءات الجنائية البوروندي الجديد ينص على تعويض ضحايا التعذيب ، عن قلقها من عدم تنفيذ هذا الحكم ، الأمر الذي ينتهك المادة 14 من الاتفاقية ( ) . وأخيرا ً ، كررت اللجنة في عام 2016 أن الدولة الطرف ملزمة بضمان حصول ضحايا التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على تعويضات كافية ( ) . وهكذا فإن السلطات البوروندية لم تحترم التزاماتها بموجب المادة 14 من الاتفاقية لأن الانتهاكات الم قترف ة في حق صاحب الشكوى ظلت بلا عقاب بسبب عدم مبالاة الدولة ، من جهة ، ولأن صاحب الشكوى لم يتلق أي تعويض ولم يستفد من أي تدابير إعادة تأهيل ، من جهة أخرى.

3-7 ويكرر صاحب الشكوى أن أعمال العنف التي سُلّطت عليه تعذيبٌ وفقاً للتعريف الوارد في المادة 1 من الاتفاقية. فإن لم تأخذ اللجنة بهذا التوصيف ، فإنه يؤكد أن الاعتداء البدني عليه يشكل معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة وأن الدولة الطرف ملزمة أيضاً في هذا الصدد ، بمقتضى المادة 16 من الاتفاقية ، بمنع الموظفين الحكوميين من ارتكابها أو التحريض عليها أو السكوت عنها ومعاقبتهم. وإضافة إلى ذلك ، يذكّر بظروف احتجازه في زنزانات جهاز الاستخبارات الوطني وفي سجن مبيمبا المركزي. ويحيل مرة أخرى إلى ملاحظات اللجنة الختامية بشأن تقرير بوروندي الأولي التي رأت فيها أن ظروف الاحتجاز في بوروندي بمثابة معاملة لاإنسانية ومهينة ( ) . وأخيراً يذكّر بأنه لم يتلق أي علاج طبي خلال احتجازه رغم حالته الحرجة ، ويستنتج من ذلك أن ظروف احتجازه تشكل انتهاكاً للمادة 16 من الاتفاقية.

عدم تعاون الدولة الطرف

4- في 5 كانون الثاني/يناير 2017 و4 تموز/يوليه 2019 و 28 نيسان/أبريل 2020 ، دُعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتلاحظ اللجنة أنها لم تتلق أي رد ّ ، وتعرب عن أسفها لعدم تعاون الدولة الطرف بخصوص مشاركة ملاحظاتها على الشكوى محل النظر ( ) . وتذكّر بأن الدولة الطرف المعنية ملزمة بمقتضى الاتفاقية بموافاة اللجنة بتوضيحات أو بيانات كتابية لجلاء المسألة ، مع الإشارة ، عند الاقتضاء ، إلى أي تدابير اتُّخذت لتدارك الوضع. فإن لم ترد الدولة الطرف ، وَجَب تقدير ادعاءات صاحب الشكوى ، المدعومة بما يكفي من الأدلة ، حقّ التقدير.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما ، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد استيقنت اللجنة ، وفقاً لما تنص عليه المادة 22(5)(أ) من الاتفاقية ، من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5-2 وبالنظر إلى عدم وجود أي عوائق أخرى تحول دون مقبولية البلاغ ، تباشر اللجنة النظر في الأسس الموضوعية لادعاءات صاحب الشكوى بمقتضى المواد 1 و2 (1) ومن 11 إلى 14 و16 من الاتفاقية. ‬

النظر في الأسس الموضوعية

6-1 عملاً بالمادة 22(4) من الاتفاقية ، نظرت اللجنة في هذه الشكوى في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان. ولما كانت الدولة الطرف لم تقدم أي ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية ، ينبغي تقدير ادعاءات صاحب الشكوى حق التقدير.

6-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب الشكوى أنه أصيب بجروح خطيرة برصاصة في ذراعه اليمنى أثناء عملية للشرطة في مكتب الحركة من أجل التضامن والديمقراطية ، وأن أفراد الشرطة ، رغم حالته ، عمدوا إلى ضربه بأعقاب البنادق والهراوات ، وكذلك رَكْله على جميع أجزاء جسمه لمدة ربع ساعة تقريباً. وتلاحظ أيضاً ما يلي: (أ) أن أفراد الشرطة أبقوا على صاحب الشكوى في المقعد الخلفي لمركبتهم أكثر من أربع ساعات قبل نقله إلى المستشفى؛ (ب) وأنهم لم يسمحوا لموظفي الصليب الأحمر البوروندي بتقديم الرعاية له؛ (ج) وأنه شُتم وخُوّف؛ (د) وأنه لم يُنقل إلى المستشفى إلا بعد ضغوط من إحدى منظمات المجتمع المدني. وتلاحظ اللجنة إضافة إلى ذلك أن المستشفى لم يلبّ طلبات محامي صاحب الشكوى إمداده بملفه الطبي كي يتسنى موافاة السلطات بأدلة على ما تعرّض له من اعتداء بدني. وتحيط علماً أيضاً بادعاءات صاحب الشكوى أن الضرب الذي تعرض له سبب له ألماً ومعاناة حادّين ، بما في ذلك معاناة معنوية ونفسية؛ وكان ذلك عمداً على يد موظفين حكوميين قصد معاقبته وتخويفه. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تطعن في هذه الوقائع في أي لحظة من اللحظات. وبناءً على ذلك ، تخلص إلى أن الوقائع ، كما عرضها صاحب الشكوى ، تشكل تعذيباً بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

6-3 ويحتج صاحب الشكوى أيضاً بالمادة 2(1) من الاتفاقية التي كان على الدولة الطرف أن تتخذ بمقتضاها إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية اجراءات أخرى لمنع أفعال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي. وتُذكّر اللجنة في هذا الصدد باستنتاجاتها وتوصياتها بشأن تقرير بوروندي الأولي حيث حثت الدولةَ الطرف على اتخاذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية فعالة لمنع أي فعل من أفعال التعذيب وسوء المعاملة وتدابير أخرى عاجلة كي تخضع جميع أماكن الاحتجاز للسلطة القضائية من أجل منع موظفيها الحكوميين من اللجوء إلى الاحتجاز التعسفي وممارسة التعذيب ( ) . وفي القضية موضع النظر ، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب الشكوى أنه تعرّض للضرب على أيدي أفراد من الشرطة ثم احتجز في حالة حرجة دون أن يتلقى الرعاية المناسبة وأن الجهود التي بذلها مع السلطات للطعن في مشروعية احتجازه باءت بالفشل. وتلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف لم تتخذ أي تدابير لحمايته إلى أن تدخلت منظمات غير حكومية لدعمه. وأخيراً ، لم تتخذ سلطات الدولة أي تدابير للتحقيق في أفعال التعذيب التي تعرّض لها وفرض العقوبات اللازمة رغم الشكاوى التي رفعها مراراً في هذا الصدد. وفي ضوء ما سلف ، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 2(1) ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

6-4 وت لاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب الشكوى انتهاك المادة 11 لأن الدولة الطرف لم تراقب كما يجب طريقة معاملته أثناء احتجازه. ويزعم على وجه الخصوص ما يلي: (أ) أنه لم يتلق العلاج الكافي رغم حالته الحرجة وقت اعتقاله؛ (ب) ولم يتمكن من توكيل محام إلا بعد مرور شهر ونصف على اعتقاله دون حضور من يدافع عنه أثناء استجوابه في مكتب المدعي العام في 14 آذار/مارس 2014؛ (ج) وأنه اعتقل دون إبلاغه التّهمَ الموجهة إليه؛ (د) ولم تتح له سبل انتصاف فعالة للطعن في أ فعال التعذيب؛ (ه) واحتجز في "ظروف يرثى لها" في سجن مبيمبا رغم حالته الصحية الحرجة. وتذكّر اللجنة بملاحظاتها الختامية بشأن تقرير بوروندي الدوري الثاني التي أعربت فيها عن قلقها من فرط طول فترة الاحتجاز لدى الشرطة ، وكثرة تجاوز فترة الاحتجاز من هذا النوع ، وعدم الاحتفاظ بسجلات السجن وعدم اكتمالها ، وعدم احترام الضمانات القانونية الأساسية لمسلوبي الحرية ، وعدم وجود أحكام تنص على توفير سبل مراجعة الأطباء والحصول على المعونة القضائية للأشخاص المعوزين ، والتعسف في اللجوء إلى الحبس الاحتياطي في ظل عدم وجود رصد منتظم لمدى قانونيته وحدود فترته الإجمالية ( ) . ويبدو أن صاحب الشكوى في القضية قيد النظر حُرم أي مراجعة قضائية. ولما لم تقدم الدولة الطرف أي معلومات وجيهة من شأنها أن تثبت أن احتجاز صاحب الشكوى كان بالفعل خاضعاً لمراقبتها ، فإن اللجنة تخلص إلى أن المادة 11 من الاتفاقية انتهكت ( ) .

6-5 و عن المادتين 12 و13 من الاتفاقية ، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب الشكوى التي تفيد بأنه تعر ّ ض ، في 8 آذار/مارس 2014 ، للإصابة بطلقات نارية و للضرب على يد أفراد من الشرطة أثناء اقتحامهم مكتبا ً للحركة من أجل التضامن والديمقراطية. ورغم التظلّم الذي رفعه في 14 آذار/مارس 2014 إلى المدعي العام للجمهورية في بوجومبورا وتنديده بالتعذيب الذي تعر ّ ض له أمام القاضي خلال جلستَي 25 حزيران/ يونيه 2014 و20 شباط/فبراير 2015 ، فإنه لم يُجر أي تحقيق منذ مرور نحو 6 سنوات تقريباً على الوقائع. وترى اللجنة أن الانتظار طيلة هذه الفترة قبل بدء التحقيق في ادعاءات التعذيب واضح التعسف. وتذكّر في هذا الصدد بالتزام الدولة الطرف ، بموجب المادة 12 من الاتفاقية بأن تبادر إلى إجراء تحقيق فوري ونزيه كلما وُجدت أسباب وجيهة تحمل على اعتقاد أن فعلاً من أفعال التعذيب قد ارتكب ( ) . وتلاحظ من ثم أن المادة 12 قد انتُهكت في القضية محل النظر.

6-6 ولما كانت الدولة الطرف لم تف بالتزامها المتعلق بالتحقيق ، فقد أخلّت أيضاً بالمسؤولية الواقعة على عاتقها بمقتضى المادة 13 من الاتفاقية والمتمثلة في ضمان حق صاحب الشكوى في رفع شكوى ، وهو ما يتطلب ضمناً أن ترد ّ السلطات ردا ً مناسبا ً من خلال إجراء تحقيق سريع ونزيه ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن المادة 13 من الاتفاقية قد انتُهِكت أيضاً.

6-7 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب الشكوى في إطار المادة 14 من الاتفاقية ، تذكّر اللجنة بأن أحكام هذه المادة لا تكتفي بالاعتراف بالحق في تعويض عادل ومناسب ، بل تُجاوزه إلى إلزام الدول الأطراف بجبر ما يلحق ضحية أي فعل من أفعال التعذيب من أضرار. وتذكّر بأن الجبر يجب أن يغطي مجموع الأضرار التي لحقت الضحية وأن يشمل ، في جملة تدابير أخرى ، رد الحق والتعويض ، إضافة إلى تدابير من شأنها أن تضمن عدم تكرار الانتهاكات ، مع الحرص دوماً على مراعاة ملابسات كل قضية ( ) . وفي هذه القضية ، نظرا ً إلى عدم إجراء تحقيق سريع ونزيه ، رغم وجود أدلة مادية واضحة تشير إلى أن صاحب الشكوى تعرض لأفعال تعذيب - ظلت بلا عقاب - تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلّت أيضاً بالتزاماتها بمقتضى المادة 14 من الاتفاقية ( ) .

6-8 وفيما ي خص التظلّم الذي سيق في إطار المادة 16 من الاتفاقية ، أحاطت اللجنة علما ً بادعاءات صاحب الشكوى أنه احتجز في سجن مبيمبا المركزي ، حيث كانت ظروف الاحتجاز مهينة ولاإنسانية بوجه خاص ، دون أن يحصل على الرعاية الطبية المناسبة. وفي ضوء عدم ورود أي معلومات وجيهة من الدولة الطرف في هذا المضمار ، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع في القضية موضع النظر تكشف عن انتهاك الدولة الطرف التزاماتها بمقتضى المادة 16 من الاتفاقية ( ) .

7- واللجنة ، إذ تتصرف بموجب المادة 22(7) من الاتفاقية ، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف وقوع انتهاك للمواد 2(1) و11 و12 و13 و14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 ، وللمادة 16 من الاتفاقية. وتحيط علماً بعدم تعاون الدولة الطرف ، الأمر الذي يؤدي أيضاً إلى انتهاك المادة 22 من الاتفاقية.

8- وتحث اللجنة الدولة الطرف على فتح تحقيق نزيه في الأحداث المعنية بغية مقاضاة الأشخاص الذين قد يكونون مسؤولين عن المعاملة التي تعرض لها صاحب الشكوى.

9- وتدعو اللجنة ، وفقاً للمادة 118(5) من نظامها الداخلي ، الدولة الطرف إلى إبلاغها في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار إليها ، بما اتخذته من تدابير استجابة للملاحظات الواردة آنفا ً ، لا سيما تقديم تعويض مناسب وعادل يتضمن الوسائل اللازمة لإعادة تأهيل الضحية على أكمل وجه ممكن.