الأمم المتحدة

CRC/C/79/D/12/2017

ا تفاقي ـ ة حقوق الطفل

Distr.: General

5 November 2018

Arabic

Original: French

لجنة حقوق الطفل

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات، بشأن البلاغ رقم 12/2017 * * *

بلاغ مقدم من: ي. ب. ون. س. (ت مثلهما المحامية سيلفي ساروليا)

الشخص المدعى أنه ضحية: ش. أ.

الدولة الطرف: بلجيكا

تاريخ تقديم البلاغ: ٢٢ آذار/مارس ٢٠١٧

تاريخ اعتماد الآراء: ٢٧ أيلول/سبتمبر ٢٠١٨

الموضوع: رفض منح تأشيرة إنسانية لطفلة يكفلها زوجان من بلجيكا والمغرب

المسائل الإجرائية: ‬ استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وتدعيم الطلب بالأدلة

المسائل الموضوعية: مصالح الطفل الفضلى؛ والتمييز على أساس الانتماء الإثني؛ وحرية الرأي؛ ونمو الطفل؛ وحماية الطفل من جميع أشكال العنف أو التخلي أو الإهمال؛ وحماية الطفل المحروم من بيئته الأسرية

مواد الاتفاقية: 2 و3 و10 و12 و20

مواد البروتوكول الاختياري: 7(ه) و(و)

١- صاحبا البلاغ هما ي. ب.، وهو مواطن بلجيكي مولود في عام 1953، ون. س.، وهي مواطنة مغربية وبلجيكية مولودة في عام 1963. وهما يقدمان البلاغ نيابة عن ش. أ.، وهي مواطنة مغربية مولودة في عام ٢٠١١. ويدعيان أن ش. أ. ضحية انتهاك للمواد 2 و3 و10 و12 و20 من الاتفاقية. وتمثل صاحبي البلاغ محامية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في ٣٠ آب/أغسطس ٢٠١٤.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

٢-١ صاحبا البلاغ زوجان ينتميان إلى جماعة "لابودريير" التعاضدية ( ) في بيروفيلز (بلجيكا). وقد احتضنا في إطار الكفالة ( ) ش. أ.، وهي مغربية مولودة في 21 نيسان/ أبريل 2011 في مراكش. وش. أ. مجهولة الوالد وقد تخلت عنها والدتها عند الولادة. وقد أصدرت المحكمة الابتدائية لمراكش، في ١٩ آب/أغسطس ٢٠١١، حكم اً أقرت فيه بالتخلي.

إجراءات الكفالة في المغرب

٢-٢ في ٢٢ أيلول/سبتمبر ٢٠١١، عينت المحكمة الابتدائية لمراكش صاحبي البلاغ كافلين للطفلة القاصر المتخلى عنها ش. أ. ووصيين عليها. وفي أعقاب تحقيق اضطلعت به السلطات المغربية المختصة وفق اً لتعليمات مكتب المدعي العام، تبين أن صاحبي البلاغ مؤهلان مادي اً واجتماعي اً لكفالة ش. أ.. وفي ١٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، منحت المحكمة ذاتها صاحبي البلاغ إذن اً بالسفر إلى الخارج بصحبة ش. أ..

٢-٣ وينظم الكفالة في القانون المغربي الظهير الشريف رقم 1-02-172 المؤرخ 13 حزيران/ يونيه 2002، بتنفيذ القانون رقم 15-01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين. وتنص المادة 2 من القانون على أن الكفالة هي "الالتزام برعاية طفل مهمل وتربيتـه وحمايتـه والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده. ولا يترتب على الكفالة حق في النسب ولا في الإرث". ويوضع الطفل المتخلى عنه، بصفة مؤقتة، في مركز أو مؤسسة عامة للحماية الاجتماعية للأطفال. وبعد إجراء تحقيقات، يصدر حكم بإعلان التخلي. ويتولى القاضي المكلف بشؤون القاصرين ممارسة الوصاية على الأطفال المتخلى عنهم. ويمكن بعد ذلك أن يوضع هؤلاء الأطفال في كفالة زوجين مسلمين أو امرأة مسلمة.

طلبات الحصول على تأشيرة الإقامة الطويلة في بلجيكا

٢-٤ يشير صاحبا البلاغ إلى أن الكفالة لا تنشئ علاقة بنوة، بحيث تعذر عليهما تقديم طلب تأشيرة في إطار جمع شمل الأسرة. ولهذا السبب، قدم ا في ٢١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١ طلب اً للحصول على تأشيرة إقامة طويلة لأسباب إنسانية على أساس المادة ٩ من القانون البلجيكي المؤرخ ١٥ كانون الأول/ديسمبر ١٩٨٠ والمتعلق بدخول الأجانب الإقليم وإقامتهم فيه بصورة مؤقتة أو دائمة وإبعادهم منه. واعتدا في هذا السياق بكون ش. أ. طفلة متخلى عنها وقد عُهد بها إليهما. وقدما شهادة حسن سير وسلوك تؤكد أن حالتهما تسمح لهما بتحمل المسؤولية عن الطفلة وتوفير بيئة معيشية آمنة لها من الناحيتين الشخصية والمالية.

٢-٥ وفي ٢٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، رفض مكتب الأجانب طلب التأشيرة المقدم من صاحبي البلاغ معتبر اً أن قرار إسناد الكفالة لا يشكل تبني اً ولا يمنح أي حق في الإقامة؛ وأن صاحبي البلاغ لم يطلبا اعتراف الدائرة العامة الاتحادية لشؤون العدالة (وزارة العدل سابقا ً ) بالكفالة؛ وأن طلب الحصول على تصريح إقامة لأسباب إنسانية لا يمكن أن يحل محل طلب للتبني؛ وأنه لا يوجد أي دليل على أن الطفلة مكفولة فعلي اً من مقدمي الطلب وأن لديهما من سبل العيش ما يكفي لتلبية احتياجاتها.

٢ -٦ واستؤنف قرار رفض التأشيرة أمام مجلس منازعات الأجانب. وفي ٢٩ أيلول/ سبتمبر ٢٠١٥، ألغى المجلس قرار الرفض باعتبار أن السلطة الإدارية أخلت بشرط التعليل الرسمي المفروض عليها؛ وأن الإشارة إلى كون صاحبي البلاغ لم يتخذا إجراءات أمام الدائرة العامة الاتحادية للعدالة في إطار التبني إشارة مغلوطة لأن الكفالة لا تشكل تبنيا ً ؛ وأن قرار الكفالة لا يمكن رفضه لمجرد أنه لا يمنح أي حق في الإقامة والحال أن صحة هذا القرار لم تكن موضع تشكيك وأنه ينص بوضوح على أن صاحبي البلاغ يستوفيان الشروط المادية وأنهما مسؤولان عن الطفلة.

٢-٧ وعلى إثر قرار الإلغاء هذا، التمس صاحبا البلاغ مرار اً إلى مكتب الأجانب إصدار قرار جديد، لكنهما لم يتلقيا أي رد. وفي ١٩ تموز/يوليه ٢٠١٦، اعتمد مكتب الأجانب قرار اً جديد اً برفض التأشيرة للأسباب التالية: (أ) أن صاحبي البلاغ قد حاولا الشروع في إجراءات تبنّ في عام ٢٠١٢ قبل أن يتراجعا عنها لطلب تأشيرة إنسانية، وهو إجراء لا يمكن التحايل به على إجراء التبني؛ و(ب) أن الكفالة مُنحت في المغرب على أساس عنوان رسمي لصاحبي البلاغ في المغرب في حين أن مقر إقامتهما الرئيسي في بلجيكا؛ و(ج) أن الكفالة لا يترتب عليها حق الإقامة في بلجيكا لأن القرار لا ينشئ روابط أسرية مع المكفول؛ و(د) أن العناصر الإنسانية لم تُثبت بما فيه الكفاية - فالوالدة وإن تخلت عن الطفلة لا تزال على قيد الحياة، كما أن صاحبي البلاغ لم يقدما الدليل على أنه لا يوجد غيرها من الأقارب حتى الدرجة الثالثة من القرابة الذين يمكنهم التكفل برعاية الطفلة؛ و(ه) أن باستطاعة صاحبي البلاغ أن يسهرا على تربية الطفلة مع تركها في بلدها وثقافتها وأسرتها؛ و(و) أن صاحبي البلاغ لم يقدما الدليل على الملاءة المالية المطلوبة لتلبية احتياجات المكفولة في بلجيكا؛ و(ز) أن صاحبي البلاغ لم يقدما أدلة على أن الطفلة مسموح لها بمغادرة المغرب لأن السلطات المغربية تعتبرهما مقيمين في المغرب.

٢-٨ وفي ٢٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦، استأنف صاحبا البلاغ مرة أخرى قرار الرفض الثاني هذا أمام مجلس منازعات الأجانب، وهو استئناف لم يكن قد فُصل عندما قدم صاحبا البلاغ بلاغهما هذا إلى اللجنة ( ) . ويدفع صاحبا البلاغ بأن للمجلس صلاحية محدودة في إلغاء القرارات ولا يمكنه فرض قرار يحل محل القرار الملغى.

طلبات تأشيرة الإقامة القصيرة في بلجيكا

٢-٩ في عامي ٢٠١٤ و٢٠١٥، قدم صاحبا البلاغ طلبين للحصول على إقامة قصيرة الأجل. ورفض مكتب الأجانب الطلبين بقرارين صادرين على التوالي في ٢٩ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤ و٢ نيسان/أبريل ٢٠١٥، استناد اً إلى المادة ٣٢ من لائحة البرلمان الأوروبي رقم ٨١٠/٢٠٠٩ ولائحة المجلس الصادرة في ١٣ تموز/يوليه ٢٠٠٩، بشأن اعتماد قانون مشترك للتأشيرات. وفي سياق طلب التأشيرة الإنسانية، أشارت القرارات إلى وجود شكوك حقيقية حول الغرض الحقيقي من الإقامة وعدم وجود ضمانات للعودة.

الشكوى ‬

٣-١ يدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق ش. أ. بموجب المواد 2 و3 و10 و 12 و 20 من الاتفاقية.

٣- 2 ويؤكد صاحبا البلاغ أن المادة ٢ من الاتفاقية تحظر التمييز ضد الأطفال، بما في ذلك التمييز على أساس المولد. ويدفعان بأن انتماء ش. أ. إلى بلد لديه مؤسسة مختلفة عن التبني، وهي الكفالة، يشكل عائق اً أمام جمع شمل الأسرة في بلجيكا. وتعامل ش. أ. معاملة مختلفة من حيث الإقامة عن معاملة الطفل المتبنى إذ تُرعى في إطار كفالة. ولا يمكنها من ثم الاستفادة من الحماية القانونية التي يوفرها القانون البلجيكي. لكن الكفالة معترف بها ضمن تدابير حماية الطفل في اتفاقية لاهاي المعتمدة في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1996 بشأن بالاختصاص والقانون الواجب تطبيقه والاعتراف والإنفاذ والتعاون فيما يتعلق بالمسؤولية الأبوية وإجراءات حماية الطفل . ومن حق ش. أ. الاستفادة من تدابير الإيداع والحماية. كما أن من حقها العيش مع صاحبي البلاغ في بلدهما. أما صاحبا البلاغ فمن حقهم ا العيش مع اً في بلجيكا.

٣-٣ ويدفع صاحبا البلاغ بأن مبدأ مصالح الطفل الفضلى المنصوص عليه في المادة ٣ من الاتفاقية يزداد إلزام اً في حالات التبني بينما يزداد واجب التعليل المعزز إلحاح اً. ويجب أن يوضح القرار كيف أخذت حقوق الطفل في الاعتبار، وأن يبين المعايير المطبقة والاستدلال المتبع وكذلك الموازنة بين مصالح الطفل الفضلى والاعتبارات الأخرى. وينبغي أن تضطلع بهذا التقييم سلطة مختصة، ويفضل أن تكون متعددة التخصصات. ويجب مراعاة آراء الطفل. ويجب أن تتخذ القرارات بسرعة وأن تكون موضوع مراجعات. وفي الحالة قيد النظر، لم يذكر أي من قرارات رفض التأشيرة الأربعة مصالح الطفل الفضلى، ولم تؤخذ هذه المصالح في الاعتبار. ويظهر مفهوم مصالح الطفل الفضلى للمرة الأولى في ملاحظات الدولة الطرف، وهي تدعي أنه، بخلاف إجراء التبني، لا يوجد ما يؤكد أن إجراء إسناد الكفالة استند إلى تقييم دقيق لتلك المصالح. غير أن هذا الموقف موقف نظري لا ينطبق في حالة ش. أ.. ذلك أن الدولة الطرف تستعيض عن معيار المصالح الفضلى بمعيار الحالة الإنسانية الخطيرة والمستعجلة التي يوجد فيها تهديد للحياة أو الصحة أو السلامة، وهو شرط تقييدي للغاية.

٣- 4 ويدعي صاحبا البلاغ أنهما يسعيان إلى جمع الشمل مع ش. أ. منذ عام ٢٠١١ وأن طلبهما رفض مرتين، فبقيت الطفلة وحيدة بوصفها طفلة متخلى عنها وليس لها من حاضن سوى صاحبي البلاغ سواء من منظور القانون المغربي أم القانون البلجيكي. ويُعترف بالكفالة في التشريعات البلجيكية باعتبارها من تدابير الوصاية المدنية، طبق اً للقانون البلجيكي المتعلق بالقانون الدولي الخاص (المادة ٢٠) ولاتفاقية لاهاي المؤرخة ١٩ تشرين الأول/أكتوبر ١٩٩٦. وتعترف هذه النصوص المعيارية بالكفالة بوصفها رابط اً أسري اً. وبالإضافة إلى ذلك، أبرم في قضية الحال اتفاق وصاية غير رسمي وأقرّ في بلجيكا.

٣- 5 اعتبرت المحكمة الأوروبية أيض اً أن وجود أواصر بحكم الواقع يشكل "حياة أسرية" حتى في غياب بنوة طبيعية أو بالتبني. ورأت المحكمة أن من اللازم مراعاة مدة التعايش ونوعية العلاقات وكذلك دور الكبير تجاه الطفل. وحيثما ثبت وجود علاقة أسرية مع الطفل، يجب على الدولة أن تتصرف بطريقة تسمح بنمو هذه العلاقة وبمنح الحماية القانونية التي تتيح إدماج الطفل داخل الأسرة ( ) .

٣-٦ ويشير صاحبا البلاغ إلى أن ش. أ. لم يعد لديها أهل في المغرب؛ لذا فإن رعايتها في كنف أسرتها الطبيعية أمر لا معنى له. أضف إلى ذلك أنها تحمل ثقافة مختلطة، إذ ولدت في المغرب وإذ احتضنها أب بلجيكي وأم بلجيكية من أصل مغربي. والحديث عن "بلدها وثقافتها الأصليين" تنميط مجانب لعناصر الملف الوقائعية.

٣-٧ ويدفع صاحبا ال بلاغ بأن التعليق العام رقم ١٢ (٢٠٠٩) للجنة حقوق الطفل بشأن حق الطفل في الاستماع إليه يفرض على الدول التزام اً بأن يُكفل للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن رأيه بحرية في جميع المسائل التي تمسه، مع مراعاة سنه ومستوى نضجه ( ) . وإن كانت ش. أ. لم تبلغ من النضج ما يستدعي الاستماع إليها، تظل الدولة مع ذلك ملزمة بمراعاة مصلحتها من خلال الحرص على توفير جهة تمثلها.

٣-٨ وأخير اً، يشير صاحبا البلاغ إلى أن المادة ٢٠ من الاتفاقية ينبغي أن تقرأ في ضوء اتفاقية لاهاي المؤرخة ١٩ تشرين الأول/أكتوبر ١٩٩٦، التي تنطبق على نظام الكفالة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ تدفع الدولة الطرف، في ملاحظاتها المقدمة في 26 أيلول/سبتمبر 2017، بأن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتشير إلى تقديم طلب لإلغاء القرار الصادر عن مكتب الأجانب في ٥ أيلول/سبتمبر ٢٠١٦، وهو طلب لا يزال قيد نظر مجلس منازعات الأجانب. ورغم أن المجلس يراقب شرعية القرارات ولا يحل تقييمه محل تقييم السلطة صاحبة القرار، فهو يفحص كيفية استخدام هذه الأخيرة صلاحياتها التقديرية في تقييم الوقائع، ما يجعله سبيل انتصاف فعال اً. وعلاوة على ذلك، لم يستخدم صاحبا البلاغ إجراءات وقف التنفيذ التي كان يمكن أن تساعد على تعجيل صدور قرار من المجلس. ورغم أن هذا الإجراء لا يترتب عليه منح تصريح الإقامة، فإن السلطة صاحبة القرار من واجبها في هذه الحالة إعادة النظر في الملف وتحديد ما إذا كانت ستتخذ قرار اً جديدا ً .

٤-٢ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تشير الدولة الطرف إلى أن الكفالة والتبني مؤسستان مختلفتان. فالكفالة يمكن أن تشبه الوصاية غير الرسمية في القانون البلجيكي، وهي مؤسسة لا تنشأ عنها أواصر نسب بين الوالدين والأبناء، ويمكن إلغاؤها وتنتهي عند بلوغ الطفل سن الرشد. وعلى النقيض من ذلك، يسمح التبني للطفل بأن يكون له أبوان ويوفر له حماية أفضل. ولهذا السبب يخضع التبني لشروط صارمة وتحيطه ضمانات.

٤-٣ وقبل إصلاح قوانين التبني، كان الطفل المحتضن في إطار الكفالة يحصل على تصريح إقامة في بلجيكا في انتظار إجراءات التبني، وهو تصريح يغدو غير محدود المدة حالما يصدر قرار التبني. وقد عُدلت الأحكام الخاصة بالتبني بقانون صادر في 24 نيسان/أبريل 2003 بهدف تنفيذ اتفاقية لاهاي المؤرخة 29 أيار/مايو 1993 بشأن حماية الأطفال والتعاون في مجال التبني على الصعيد الدولي. وقد أدرجت الضمانات الرامية إلى التأكد من مراعاة مصالح الطفل الفضلى واحترام الحقوق الأساسية في عمليات التبني بين البلدان في القانون البلجيكي. وهذا الإصلاح لم يعد يسمح بنقل طفل إلى بلجيكا بغرض تبنيه إن كان بلده الأصلي لا يعترف بالتبني ولا بالإيداع بغرض التبني (كما هو الحال في المغرب).

٤-٤ وعُدل كذلك القانون المدني البلجيكي (المواد من ٣٦١ إلى ٣٦٣) بحيث يجيز التبني في إطار الكفالة شريطة احترام ضمانات التبني، وهي: (أ) أن يكون الوالدان بالتبني قد شاركا في دورات الإعداد للتبني واستصدرا حكم الكفاءة؛ و(ب) أن تكون دولة المنشأ قد أحالت إلى السلطة المركزية الإقليمية المختصة مقترح التبني؛ و(ج) ألا يكون قد حدث أي اتصال مسبق بين القائمين بالتبني والأشخاص الحاضنين للطفل قبل موافقة السلطة المركزية المختصة وسلطات دولة المنشأ على التبني؛ و(د) أن يكون الطفل المطلوب تبنيه يتيم الأب والأم أو حاصل اً على حكم تخل وخاضع اً لوصاية السلطات العامة لدولة المنشأ؛ و ( هـ) أن تكون السلطة المختصة في دولة المنشأ تمارس شكل اً من أشكال الوصاية على الطفل وتكون قد أذنت بنقل الطفل إل الخارج للاستقرار هناك بصفة دائمة. وفي الفترة ما بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٥، سُجلت في بلجيكا 25 حالة تبن لأطفال من المغرب على أساس الكفالة، ما يجعل المغرب في المرتبة الثانية في قائمة بلدان المنشأ في إطار عمليات التبني بين البلدان من خارج الأسرة.

٤-٥ وتشير الدولة الطرف أيض اً إلى المادة ٣٣ من اتفاقية لاهاي المؤرخة ١٩ تشرين الأول/أكتوبر ١٩٩٦، التي تنص على أن من واجب السلطة المركزية التي تزمع إيداع طفل في إطار كفالة في دولة متعاقدة أن تتشاور مع السلطة المركزية للدولة المضيفة وأن تقدم إليها تقرير اً عن الطفل وعن دواعي اقتراح الحضانة. ولا يمكن إعلان الكفالة إلا بعد موافقة السلطة المركزية للدولة المطلوب منها مراعية في ذلك مصالح الطفل الفضلى.

٤-٦ وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحبي البلاغ أخلا، في هذه القضية، بالشروط المعروضة في المادة 365-1 من القانون المدني. ذلك أنه من السهل الحصول على المعلومات اللازمة لتقديم مقترح تبنّ. فللسلطة المركزية الإقليمية موقع شبكي يتضمن معلومات عن مختلف الإجراءات وخط هاتفي دائم. بيد أن صاحبي البلاغ، حسبما ورد في الطلب المقدم إلى مجلس منازعات الأجانب في إطار طلب الإلغاء المقدم في ٢٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢، لم يكونا ينويان تبني ش. أ.. وترى الدولة الطرف أن من المنطقي، في حال كانت الكفالة ستفضي إلى نقل الطفل إلى دولة أخرى، ما يؤدي إلى اجتثاثه من جذوره الجغرافية والثقافية، أن يتساءل الكافل مسبق اً عن إمكانات الحصول على تصريح إقامة لهذا الطفل.

٤-٧ ويشير صاحبا البلاغ إلى أن ش. أ. تخلت عنها والدتها ووضعت في ملجأ للأيتام. ولم يقدَّم مع ذلك أي توضيح بشأن الإجراء المتبع في المغرب لإسناد حضانة ش. أ. إلى صاحبي البلاغ، بما في ذلك توضيح ما إذا كان قد حدث اتصال مباشر بملج إ الأيتام وتحديد المعايير التي قام عليها قرار الإيداع. وبعكس الإجراء المقرر في حالات التبني فيما بين البلدان، لا يوجد يقين من أن قرار إسناد حضانة ش. أ. إلى صاحبي البلاغ اتخذ على أساس فحص دقيق لمصلحتها الفضلى. وبالإضافة إلى ذلك، يشير قرار إسناد الكفالة والإذن بالسفر إلى الخارج إلى أن الكافلين مقيمان في المغرب. ولا يسمح هذا الإذن باستقرار ش. أ. بصفة دائمة في الخارج.

٤-٨ وبخصوص الوصاية غير الرسمية، تدفع الدولة الطرف بأن هذا الإقرار بمثابة تعهد من الوصي غير الرسمي برعاية قاصر غير محرر وتربيته وتأهيله لكسب رزقه. ولا يمارس الوصي الحق في الحضانة إلا إذا كان الطفل مقيم اً معه بصورة اعتيادية. ولا يوفر هذا الإجراء أيض اً ضمانات تتعلق بإجراء تقييم فعلي ودقيق لمصلحة الطفل الفضلى.

٤-٩ ونظر اً إلى أن الإجراء المسبق المقرر للسماح بتبني طفل في إطار الكفالة لم يُتبع، بحيث كانت السلطات البلجيكية ستصدر حكم اً بالكفاءة في أعقاب تحقيق شامل في ظروف استقبال الطفل في بلجيكا، وأن السلطات المغربية لم يتسن لها هي الأخرى التحقق من هذه الشروط، وأن الكفالة لم تُسند بغرض الاستقرار في الخارج، فإن السلطات البلجيكية لم تر أن من مصلحة الطفلة منحها تصريح الإقامة.

٤-١٠ واختيار أصحاب البلاغ عدم تبني ش. أ.، أو جهلهما اللوائح السارية لا يلزم الدولة البلجيكية بمنحها تصريح إقامة على حساب القواعد الموضوعة لمصلحتها ولحمايتها ما لم تكن في حالة إنسانية مستعجلة، وهو ما لم يثبته صاحبا البلاغ.

٤-١١ وترى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه ليس هناك أي تدخل في الحق في الحياة الخاصة والحياة الأسرية في حالة الدخول الأول ( ) . فالطفلة تتلقى تعليم اً مدرسي اً وصاحبة البلاغ لديها دخل من عملها الذي تزاوله في المغرب، بينما لم يثبت صاحبا البلاغ كلاهما أن لديهما دخل اً في بلجيكا. فهما يعيشان في جماعة تعاضدية فقيرة تتقاسم مواردها دون تحديد مصدر هذه الموارد. ولم يُحدّد كذلك الوسط الذي تعيش فيه ش. أ. في المغرب.

٤-١٢ وتشير الدولة الطرف إلى أن قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضايا حروج، وفاغنر، وشبيحي الودودي وآخرين ، التي استشهد بها صاحبا البلاغ، لا يمكن مقارنتها بقضيتهما لما كان الأطفال في هذه الحالات قد دخلوا إقليم الدولة المعنية بصورة قانونية وكونوا فيه بعد ذلك حياة أسرية.

٤ -١٣ وبخصوص المادة ١٢ من الاتفاقية، تشير الدولة الطرف إلى أنه يصعب الدفع بأن ش. أ. كانت قادرة على تكوين آرائها الخاصة بالنظر إلى أنها كانت في السنة الأولى من عمرها عند صدور القرار الأول والسنة الخامسة عند صدور القرار الثاني. وبالإضافة إلى ذلك، تبدو ضرورة الاستماع إلى الطفل المعني بديهية في سياق إجراءات الإيداع أو التبني التي تخصه، لكن الأمر يختلف في سياق تطبيق اللوائح المتعلقة بمنح تصريح الإقامة أو رفضه.

٤ -١٤ وأخيرا ً ، ترى الدولة الطرف أن المادة ٢٠ من الاتفاقية قد احترمت بالنظر إلى أن ش. أ. مشمولة برعاية السلطات المغربية وقد تقرر وضعها في كفالة في المغرب. ولا يشمل نطاق هذه المادة مسألة منح تصاريح الإقامة.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ يشير صاحبا البلاغ في تعليقات مقدمة في ٥ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٧ إلى أن الإجراءات المعروضة حالي اً على هيئة القرار البلجيكية تفتقر إلى الضمانات اللازمة لاعتبارها سبيل انتصاف فعال اً. فكما تقر به الدولة الطرف، ليس لمجلس منازعات الأجانب سوى اختصاص محدود في إلغاء القرارات ولا يمكنه فرض قرار يحل محل القرار الملغى، كما يتبين في هذ ه القضية. وبعد مرور أربع سنوات على قرار رفض التأشيرة الأول، اعتمدت سلطة الهجرة قرار اً ثاني اً يكاد يكون مطابق اً للقرار الأول، الذي كان مع ذلك قد ألغي باعتباره غير قانوني. وبخصوص طلب وقف التنفيذ، فإن وقف تنفيذ قرار بالرفض لا يخول حق دخول الأراضي البلجيكية، على نحو ما أكدته الدولة الطرف، ولا يعدّ من ثم سبيل انتصاف فعال اً.

٥-٢ وبخصوص الوقائع، يوضح صاحبا البلاغ أن صاحبة البلاغ موظفة لدى الدولة المغربية بصفتها أستاذة رياضيات في قطاع التعليم العام وأن صاحب البلاغ يعيش في جماعة لابودريير في بلجيكا منذ عام ٢٠٠٥ حيث يعمل بستاني اً. ولصاحب البلاغ طفلان من زواج أول وثلاثة أحفاد. وقد تزوج صاحبا البلاغ في نيسان/أبريل ٢٠٠٦ في مراكش (المغرب)، حيث أقاما باستمرار حتى أيلول/سبتمبر ٢٠٠٧. وفي أيار/مايو ٢٠٠٩، حصلت صاحبة البلاغ على تصريح إقامة في بلجيكا ( ) واتخذت خطوات من أجل الحصول على التقاعد المبكر من وظيفتها في المغرب لتقيم في بلجيكا في جماعة لابودريير. وقد تحررت أخير اً من وظيفتها، وأصبحت تتقاضى معاش تقاعد مبكر منذ آب/أغسطس ٢٠١٧.

٥-٣ ويشير صاحبا البلاغ إلى أن ش. أ. لم يعد لديها أهل يرعونها في المغرب لأنها يتيمة، وقد أقرت السلطات المغربية رسمي اً وضعها كطفلة متخلى عنها. وتعيش ش. أ.، منذ أن احتضنها صاحبا البلاغ، في منزل صاحبة البلاغ في مراكش بصورة دائمة، وتزاول تعليمها في مدرسة ابتدائية خاصة بالقرب من منزلها. ويُعهد برعايتها أحيان اً إلى والدة صاحبة البلاغ أو أختها. وقد خلف لديها التخلي صدمة نفسية جعلتها شديدة التعلق بصاحبي البلاغ. ويصعب عليها كل مرة تحمل الانفصال، خاصة عند رحيل صاحبة البلاغ. وفي عام ٢٠١٦، وجب إدخالها المستشفى خلال رحلة لصاحبة البلاغ إلى بلجيكا. وتعيش صاحبة البلاغ بالأساس في المغرب وتسافر إلى بلجيكا مرة إلى ثلاث مرات في السنة لمدة أسبوعين. أما صاحب البلاغ فيقيم في بلجيكا ويقضي من شهرين إلى ثلاثة أشهر في السنة مع صاحبة البلاغ وش. أ. في المغرب.

٥-٤ ويشير صاحبا البلاغ إلى أن الإجراءات القضائية المتخذة في المغرب لم تكن موضوع اعتراض. وخلال السنوات الست الماضية، لم تجر الدولة الطرف أي تحقيقات أو حاولت الحصول على معلومات من السلطات المغربية المختصة، رغم أن لديها من الموارد في المغرب ما يمكنها من الحصول على معلومات عن الحالة قيد النظر، لا سيما عن طريق القنصلية والسفارة. ويرى صاحبا البلاغ أن في ذلك دليل اً على سلبية الدولة الطرف وعدم رغبتها في إيجاد حل لمشكلة ش. أ.. وفي المقابل، أبدى صاحبا البلاغ على الدوام استعدادهما وسعيهما النشط على مدى الإجراءات المختلفة.

٥-٥ ويشير صاحبا البلاغ إلى أن المحكمة أصدرت إذن اً قضائي اً بمغادرة الأراضي المغربية وأن القاضي كان يدرك حق الإدراك أن صاحب البلاغ بلجيكي. وحتى وإن كان صاحبا البلاغ مقيمين حصر اً في المغرب، فينبغي أن يكون باستطاعتهما الإقامة في البلد الذي ينتميان إليه.

٥-٦ وبخصوص كفاءة صاحبي البلاغ، اتخذت إجراءات قضائية جدية في المغرب، قُيمت في إطارها كفاءة صاحبي البلاغ وظروف استقبال الطفلة في بلجيكا. وحضانة ش. أ. مكفولة أيض اً بالوصاية غير الرسمية التي أقرها القضاء البلجيكي. أما الاستقلال المالي لصاحبي البلاغ فمكفول بصفتهما متطوعين داخل جماعة لابودريير. زد على ذلك أنهما يملكان شقة في بلجيكا وأخرى في المغرب.

٥-٧ واتخذ صاحبا البلاغ الإجراءات الوحيدة المتاحة في بلجيكا، وهي تقديم طلب التأشيرة الإنسانية وتولي الوصاية غير الرسمية. وقد حالت الاتصالات السابقة بين صاحبي البلاغ والطفلة دون إمكانية تحويل الكفالة إلى تبن بموجب القانون البلجيكي.

٥-٨ ويؤكد صاحبا البلاغ أن قرارات رفض تأشيرة الإقامة الطويلة والقصيرة الأجل الأربعة لم تتضمن أي إشارة إلى مصالح الطفل الفضلى. وعدم اعتراف بلجيكا بمؤسسة الكفالة حرم أسرة مختلطة الجنسيات كأسرة صاحبي البلاغ من الحق في التنقل بين المغرب وبلجيكا، وهما بلدان تحافظ فيهما الأسرة على روابط. ومن حق الأسرة أيض اً أن تطور تركيبتها. وقد أدى موقف الدولة الطرف إلى منع الأسرة من العيش مع اً. وتقيم صاحبة البلاغ في المغرب مع ش. أ. كي لا تتركها وحيدة هناك، متخلية بذلك عن حقها في العيش في البلد التي تنتمي إليه والعيش مع صاحب البلاغ. ويضطر صاحب البلاغ بدوره إلى التخلي عن العيش في بلده وعن عمله وأسرته في بلجيكا. ويحول هذا الموقف أيض اً دون إقامة ش. أ. صلات مع عائلاتها المقيمة في بلجيكا.

معلومات إضافية قدمها صاحبا البلاغ

٦ - في رسالة مؤرخة ٣ أيار/مايو ٢٠١٨، أشار صاحبا البلاغ إلى أن مجلس منازعات الأجانب أصدر في ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠١٨ قرار اً ألغى به قرار رفض التأشيرة الصادر في ١٩ تموز/يوليه ٢٠١٦. ورأى المجلس أن القرار المستأنف لا يشير إلى قرار محكمة الأحداث في تورني، الذي أقرّ بموجبه حكم الوصاية غير الرسمية.

المسائل والاجراءات المعروضة على اللجنة ‬

النظر في المقبولية

٧-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 20 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات.

٧-٢ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء الدولة الطرف عدم مقبولية البلاغ بحجة عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بالنظر إلى وجود طلب لإلغاء قرار الرفض الثاني الصادر عن مكتب الأجانب في ١٩ تموز/يوليه ٢٠١٦، وهو طلب كان قيد نظر مجلس منازعات الأجانب، في وقت تقديم هذا البلاغ، من جهة، وإلى أن صاحبي البلاغ لم يطلبا وقف تنفيذ القرار المستأنف، من جهة أخرى. لكن اللجنة تلاحظ مع ذلك تأكيد صاحبي البلاغ أن مجلس منازعات الأجانب ألغى في ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠١٨ قرار رفض التأشيرة، كما تلاحظ أن هذا المجلس لا يمارس سوى رقابة محدودة على شرعية القرارات، ولا يمكنه فرض قرار يحل محل القرار الملغى. لذا يُفترض أن يعتمد مكتب الأجانب قرار اً جديد اً. بيد أن هذه المؤسسة سبق وأن رفضت طلب صاحبي البلاغ مرتين، في ٢٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ و١٩ تموز/يوليه 2016 ، على أساس تعليلين متشابهين. لذا ستكون فرص نجاح القرار الثالث المحتمل ضئيلة. وبخصوص وقف تنفيذ القرار المستأنف، تلاحظ اللجنة تأكيد الطرفين أن قرار وقف التنفيذ لن يترتب عليه منح تصريح الإقامة، ومن ثم لا يعدّ سبيل انتصاف فعال اً. وفي ضوء ما تقدم، لا سيما مضي سبع سنوات على تقديم صاحبي البلاغ طلبهما الأول، واضطلاع السلطة نفسها بإعادة النظر في طلب سبق أن رفضته في مناسبتين، ترى اللجنة أن صاحبي البلاغ قد استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة. وبناء عليه، ترى اللجنة أنه لا مانع من اعتبار البلاغ مقبول اً بموجب الفقرة 7(ه) من البروتوكول الاختياري.

٧-٣ وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ يعتدان بالمادة ٢٠ من الاتفاقية دون بيان أسباب ادعاءاتهما. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن هذه الادعاءات لا أساس لها بصورة واضحة وتعلن عدم مقبوليتها بموجب المادة 7(و) من البروتوكول الاختياري.

٧-٤ بيد أن اللجنة ترى أن صاحبي البلاغ أثبتا بما يكفي من الأدلة ادعاءاتهما المتعلقة بالتمييز ضد ش. أ. على أساس الجنسية (المادة ٢ من الاتفاقية)، وبعدم مراعاة المصالح الفضلى للطفلة وعدم الاستماع إليها في سياق الإجراءات التي اضطلعت بها سلطات الهجرة في بلجيكا (المادتان ٣ و١٢ من الاتفاقية)، وبجمع شمل الأسرة (المادة ١٠ من الاتفاقية)، وتعلن هذه الادعاءات مقبولة وتشرع في بحث أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية ‬

٨-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 10(1) من البروتوكول الاختياري.

٨-٢ وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات أصحاب البلاغ أن المصالح الفضلى للطفلة لم تؤخذ في الحسبان في القرارات الأربعة المتعلقة برفض التأشيرة والصادرة عن سلطات الهجرة في بلجيكا. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بادعاءات الدولة الطرف أن هذه القرارات تطبق التشريعات الداخلية السارية بصيغتها المعدلة بهدف تنفيذ اتفاقية لاهاي لعام ١٩٩٣ وضمان مراعاة مصالح الطفل الفضلى في حالات التبني بين البلدان.

٨-٣ وتشير اللجنة إلى أن مصالح الطفل الفضلى يجب أن تكون اعتبار اً رئيسي اً في جميع القرارات التي تمسه وبأن مفهوم مصالح الطفل الفضلى ينبغي "تعديله وتحديده على أساس فردي وفقاً للحالة الخاصة للطفل أو للأطفال المعنيين، بمراعاة أوضاعهم الشخصية وظروفهم واحتياجاتهم. وفيما يخص القرارات الفردية، يجب تقييم مصالح الطفل الفضلى وتحديدها في ضوء الظروف الخاصة بطفل معين" ( ) .

٨-٤ وتذكّر اللجنة أيض اً بأن الهيئات الوطنية هي المختصة بصفة عامة في تقييم الوقائع والأدلة، وكذلك في تفسير القانون الوطني وتطبيقه، ما لم يثبت أن التقييم كان واضح التعسف أو كان فيه إنكار للعدالة ( ) . لذا فليس للجنة أن تحل محل السلطات الوطنية في تفسير القانون الوطني وتقييم الوقائع والأدلة، لكن لها أن تتحقق من خلو تقييم الهيئات الوطنية من التعسف أو إنكار العدالة، وأن تتأكد من أن مصالح الطفل الفضلى كانت اعتبار اً أساسي اً في هذا التقييم.

٨-٥ وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن سلطات الهجرة البلجيكية بنت قراراتها المتعلقة برفض التأشيرة بالأساس على أن الكفالة لا تخول حق اً في الإقامة، وعلى أن صاحبي البلاغ لم يثبتا: (أ) أن ش. أ. لا يمكن أن تتكفل بها أسرتها الطبيعية في المغرب ؛ و(ب) أنهما لا يستطيعان السهر على تربيتها وهي في المغرب ؛ و(ج) أنهما يستوفيان الشروط المالية المطلوبة لتلبية احتياجات ش. أ.. غير أن اللجنة تلاحظ أن هذه الحجج ذات طابع عام وتنم عن عدم مراعاة الحالة الفعلية للطفلة، لا سيما كونها ولدت مجهولة الأب وتخلت عنها والدتها الطبيعية عند الولادة، بحيث يبدو احتمال تكفل أسرتها الطبيعية برعايتها احتمال اً غير واقعي، وهو على أي حال غير مدعوم بالأدلة الكافية. أما حجة الافتقار إلى الإمكانات المالية اللازمة فيبدو أنها لا تأخذ في الاعتبار أن إسناد السلطات المغربية الكفالةَ استند إلى فحص للحالة الاجتماعية والمالية لصاحبي البلاغ. وقد سلّمت السلطات المغربية باستيفاء هذه الشروط، إذ عهدت إلى صاحبي البلاغ بكفالة ش. أ.، وكذلك السلطات البلجيكية، إذ أقرت حكم الوصاية غير الرسمية. وتشكك الدولة الطرف عموم اً في الإجراءات المتبعة في المغرب والمفضية إلى منح الكفالة، دون أن تحدد الأسباب التي جعلت هذه الإجراءات منقوصة من الضمانات اللازمة في الحالة قيد النظر. وأخير اً فإن إمكانية إبقاء ش. أ. في المغرب يبدو أنها لا تأخذ بعين الاعتبار الفرق بين السهر على احتياجات الطفل التعليمية مع تركه في ملجأ للأيتام، والسهر على احتياجاته العاطفية والاجتماعية والمالية والعيش معه كما يفعل الوالدون. وهذه الحجة تعني أن سلطات الهجرة لم تول اعتبار اً للصلة العاطفية التي نشأت بين أصحاب البلاغ وش. أ. منذ عام ٢٠١١. وعلى وجه الخصوص، يبدو أن سلطات الهجرة لم تول اهتمام اً لا لكون صاحبة البلاغ تعيش مع ش. أ. منذ ولادتها ولا للروابط الأسرية التي نشأت بصورة طبيعية وبحكم الواقع ( ) من هذا التعايش على مر السنين.

٨-٦ وبخصوص ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب المادة ١٢ من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة إفادة الدولة الطرف بأن ش. أ. كانت في السنة الأولى من عمرها عند اعتماد القرار الأول، وفي الخامسة عند صدور القرار الثاني، ولم تكن قادرة على تكوين آرائها الخاصة، وأن ضرورة الاستماع إلى الطفل لا مبرر لها في سياق تنفيذ اللوائح المتعلقة بمنح تصاريح الإقامة من عدمه.

٨-٧ ومع ذلك، تشير اللجنة إلى أن "المادة ١٢ لا تفرض أي حد في السن لحق الطفل في التعبير عن آرائه، وتنهى اللجنة الدول الأطراف عن وضع حدود للسن إما في القانون أو الممارسة مما قد يقيد حق الطفل في الاستماع إليه في جميع المسائل التي تمسه [...] وليس من اللازم أن يكون للطفل إلمام شامل بجميع جوانب المسألة التي تمـسه، وإنما ينبغي أن يكون فهمه كافياً ليكون قادراً على تكوين آرائه بالشكل الـصحيح بشأن هذه المسألة [...]" ( ) . وتذكر اللجنة أيض اً بأن "أي قرار لا يراعي آراء الطفل أو لا يقيم لآرائه ما تستحقه من وزن وفقاً لسنه ونضجه، لا تحترم إمكانية أن يؤثر الطفل أو الأطفال في تحديد مصالحهم الفضلى [...]. وكون الطفل صغيراً جداً أو مستضعفاً (كأن يكون مصاباً بعجز أو ينتمي إلى أقلية أو مهاجراً أو غير ذلك) لا يحرمه حقه في التعبير عن آرائه، ولا يقلل من شأن آرائه في تحديد مصالحه الفضلى. ثم إن اعتماد تدابير محددة لضمان تساوي الأطفال في الحقوق في تلك الحالات يجب أن يخضع لتقييم فردي يؤمّن دوراً للأطفال أنفسهم في عملية اتخاذ القرار" ( ) .

٨-٨ وفي الحالة قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن ش. أ. كانت تبلغ من العمر خمس سنوات عند صدور القرار المتعلق بالإجراء الثاني لبحث طلب التأشيرة الإنسانية الذي قدمه صاحبا البلاغ، وأنه كان باستطاعتها تكوين رأي بشأن إمكانية العيش بصفة دائمة مع صاحبي البلاغ في بلجيكا. ولا تشاطر اللجنة الدولة الطرف رأيها القائل إن من غير الضروري مراعاة آراء الطفل في الإجراءات المتعلقة بإقامتهم، بل على العكس تمام اً. وفي الحالة قيد النظر، تكتسي الآثار المترتبة على هذا الإجراء أهمية بالغة لحياة ش. أ. ومستقبلها، إذ ترتبط هذه الآثار ارتباط اً مباشر اً بإمكانية العيش مع صاحبي البلاغ وتكوين أسرة.

٨-٩ وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تراع بصورة فعلية مصالح الطفل الفضلى عند النظر في طلب التأشيرة المقدم لفائدة ش. أ.، ولم تحترم حقها في الاستماع إليها، ما يشكل انتهاك اً للمادتين ٣ و١٢ من الاتفاقية.

٨-١٠ وبخصوص ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب المادة ١٠ من الاتفاقية، تلاحظ اللجنة إفادة الدولة الطرف بعدم وجود تدخل في الحق في الحياة الخاصة والحياة الأسرية في حالة الدخول الأول، بحيث لا يمكن تأكيد أن وجود صلات بحكم الواقع يشكل، حتى في غياب بنوة طبيعية أو بالتبني، "حياة أسرية" تخول حق اً في "جمع شمل الأسرة".

٨-١١ وترى اللجنة أن المادة ١٠ من الاتفاقية لا تلزم الدول الأطراف بالاعتراف عموم اً بالحق في جمع شمل الأسرة للأطفال المتكفل بهم في إطار نظام الكفالة. وعلى الرغم من ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف ملزمة، عند تقييم مصالح الطفل الفضلى وتحديدها لأغراض قبول طلب التأشيرة أو رفضه، بأن تأخذ في الحسبان الصلات القائمة بحكم الواقع بين الطفلة وصاحبي البلاغ (لا سيما صاحبة البلاغ)، وهي صلات تطورت في إطار الكفالة. وتذكّر اللجنة بأنه يجب، في سياق تقييم الحفاظ على البيئة الأسرية والعلاقات باعتبار ذلك عنصر اً يتعين أخذه في الحسبان عند تقييم مصالح الطفل الفضلى، "التوسع في تفسير مصطلح "الأسرة" بحيث يشمل الوالدَين البيولوجيين أو المتبنيين أو الكفيلين أو (عند الاقتضاء) أفراد الأسرة الموسعة أو الجماعة بناء على الأعراف المحلية (المادة ٥)" ( ) .

٨-١٢ واللجنة إذ تضع في اعتبارها أن الروابط الأسرية التي نشأت بحكم الواقع في الحالة قيد النظر لم تؤخذ في الحسبان، وأن الفترة الزمنية المنقضية منذ تقديم صاحبي البلاغ طلب التأشيرة جاوزت سبع سنوات، تخلص إلى أن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بمعالجة طلب صاحبي البلاغ، الذي يعادل طلب اً لجمع شمل الأسرة، معالجة إنسانية وسريعة بروح إيجابية، وضمان ألا تترتب على تقديم هذا الطلب أي نتائج ضارة بصاحبي البلاغ وأفراد أسرتها، ما يشكل انتهاك اً للمادة ١٠ من الاتفاقية.

٨-١٣ واللجنة إذ خلصت إلى حدوث انتهاك للمواد ٣ و١٠ و١٢ من الاتفاقية، لا ترى ضرورة لبحث ما إذا كانت الوقائع نفسها تنطوي على انتهاك للمادة ٢.

٨-١٤ واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 5 من المادة 10 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمواد 3 و10 و12 من الاتفاقية.

٩- والدولة الطرف ملزمة بأن تعيد النظر على وجه السرعة وبروح إيجابية في طلب التأشيرة المقدم لفائدة ش. أ.، وبأن تكفل مراعاة مصالح الطفل الفضلى في المقام الأول والاستماع إلى ش. أ. في سياق الإجراءات. وعند النظر في مصالح الطفل الفضلى، ينبغي للدولة الطرف أن تأخذ في الحسبان الروابط الأسرية التي نشأت بحكم الواقع بين ش. أ. وصاحبي البلاغ. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات الضرورية لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

١٠ - وتذكر اللجنة بأن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري للاتفاقية المتعلق بإجراء تقديم البلاغات، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام الاتفاقية.

١١ - وعمل اً بالمادة ١١ من البروتوكول الاختياري المتعلق بإجراء تقديم البلاغات، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوم اً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آرائها موضع التنفيذ. كما يطلب إلى الدولة الطرف تضمين التقارير التي تقدمها إلى اللجنة بموجب المادة ٤٤ من الاتفاقية معلومات عن التدابير المتخذة. وأخيراً، يُطلب إلى الدولة الطرف أن تعمم هذه الآراء وتنشرها على نطاق واسع بلغتها الرسمية.