الدورة الثامنة والخمسون

20 حزيران/يونيه - 18 تموز/يوليه 2014

البلاغ رقم 47/2012

قرار اتخذته اللجنة في دورتها الثامنة والخمسين

المقدم من : أنخيلا غونزاليس كارّينيو (تمثلها وصلة المرأة على نطاق العالم)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : صاحبة البلاغ وابنتها المتوفاة أندريا راسكون غونزاليس

الدول ــ ة الط ـــ رف : إسبانيا

تاري ـــ خ الب ــــ لاغ : 19 أيلول/سبتمبر 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائ ـ ق المرجعي ـ ة : أحيلت إلى الدولة الطرف في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 (لم تصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اتخاذ القرار : 16 تموز/يوليه 2014

المرفق

قرار اتخذته اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (الدورة الثامنة والخمسون)

* شارك في فحص هذا البلاغ عضوات اللجنة التالية أسماؤهن: نيكول أميلين، باربارا بايلي، أوليندا باريرو - بوباديّا، نيكلاس برون، نائلة جبر، هيلاري غبديمه، نهلة حيدر، روث هالبرين - كدَّاري، يوكو هياشي، عصمت جيهان، داليا لينارت، ثيودورا نوانكوو، براميلا باتن، سيلفيا بيمنتل، ماريا هيلينا بيريس، بيانكاماريا بومرانزي، باتريشيا شولتز، دوبرافكا سيمونوفيتش، شياوكياو زو.

البلاغ رقم 47/2012 *

البلاغ مقدم من : أنخيلا غونزاليس كارّينيو (تمثلها وصلة المرأة على نطاق العالم)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : صاحبة البلاغ وابنتها المتوفاة أندريا راسكون غونزاليس

الدول ــ ة الط ـــ رف : إسبانيا

تاري ـــ خ الب ــــ لاغ : 19 أيلول/سبتمبر 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائ ـ ق المرجعي ـ ة : أحيلت إلى الدولة الطرف في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 (لم تصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اتخاذ القرار : 16 تموز/يوليه 2014

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وقد اجتمعت في 16 تموز/يوليه 2014،

تعتمد ما يلي:

قرار بموجب المادة 7 من البروتوكول الاختياري

1 - صاحبة البلاغ هي أنخيلا غونزاليس كارّينيو، وهي مواطنة إسبانية من مواليد 22 نيسان/أبريل 1960. وهي تدعي أنها ضحية انتهاك الدولة الطرف للمواد 2 (أ) و (ب) و (ج) و (د) و ( ﻫ ) و (و) و 5 (أ) و 16، مقروءة منفردة ومقترنة بالمادتين 2 و 5 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التم ييز ضد المرأة. ويمثّل صاحبة البلاغ محام. وقد دخلت الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لإسبانيا في 4 شباط/ فبراير 1984 و 6 تشرين الأول/أكتوبر 2001، على التوالي.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تزوجت صاحبة البلاغ ف. ر. س. في عام 1996. وولدت ابنتهما أندريا في 17 شباط/فبراير من ذلك العام. وخلال معيشتها مع ف. ر. س.، قبل الزواج وبعده، كانت تتعرض صاحبة البلاغ لعنف بدني ونفسي من جانبه. ولذلك السبب، هجرت صاحبة البلاغ منزل الأسرة عدة مرات خلال عام 1999 .

2-2 وفي 3 أيلول/سبتمبر 1999، وعقب واقعة هدد فيها ف. ر. س. بقتلها بسكين في حضور أندريا، هجرت صاحبة البلاغ منزل الأسرة إلى الأبد. وفي 3 و 7 أيلول/سبتمبر 1999، رفعت صاحبة البلاغ مظلمة ضد تلك الأفعال أمام الدرك المدني، والمحكمة الابتدائية ومحكمة التحقيقات في أ رغاندا ديل راي (مدريد). ولجأت صاحبة البلاغ أيضاً إلى المحكمة الابتدائية ومحكمة التحقيقات رقم 2 في نافالكارنيرو (مدريد) في 10 أيلول/سبتمبر 1999 للإبلاغ عمّا عانته من أذى وعن المشاكل النفسية التي يُعاني منها زوجها. وطلبت آنذاك أيضاً الانفصال عنه مؤقتاً، والا ستمرار في رعاية ابنتها وحضانتها لها، وترتيب زيارات مقيّدة بين الأب وا لإ بنة تحت إشراف موظفي مركز الخدمات الاجتماعية. وتخلت صاحبة البلاغ عن حق استخدام منزل الأسرة.

2-3 وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، أمر القاضي بالانفصال المؤقت لمدة 30 يوماً إلى حين تقديم طلب الانفصال رسمياً، ومنَح صاحبة البلاغ رعاية أندريا وحضانتها، ووضَع جدولاً زمنياً مقيَّداً لزيارات الأب لابنته تقتصر فيه الزيارات على أيام الجمعة من الساعة الخامس ة مساء إلى الساعة الثامنة مساء، وأيام الأحد من الساعة العاشرة صباحاً إلى الساعة الثانية مساء؛ وحدد نفقة قدرها 360 يورو يجب على ف. ر. س. أن يدفعها للمساهمة في إعالة أندريا؛ إلى جانب منحه حق استخدام منزل الأسرة.

2-4 وبعد الانفصال المؤقت، ظلت صاحبة البلاغ تتعرض للتحرش والترهيب من جانب ف. ر. س، بما في ذلك سبها وتهديدها بالقتل في الشارع وعبر الهاتف. وخلال لقاءاته مع أندريا، كان ف. ر. س. يسأل الطفلة عن علاقات صاحبة البلاغ ويقدح في سمعتها ويُشير إليها مراراً بأنها ” عاه رة“ ويتهمها بأن لها علاقات مع رجال آخرين. وكانت هذه الحالة تسبب توتراً وضيقاً لأندريا، التي صارت تخاف من أبيها وبدأت ترفض قضاء وقت معه. عندئذ، اتهم صاحبة البلاغ بالتأثير في الطفلة وتحريضها على هذا الرفض. وفي إحدى المرات، في عام 2000، كان ف. ر. س. في انتظار صاحبة البلاغ عند مدخل المبنى الذي تسكن فيه مع ابنتها، وبدأ يسبها وحاول انتزاع الطفلة منها. وتمكنت صاحبة البلاغ من دخول سيارتها مع الطفلة والتوجه إلى الشرطة، فتبعهما ف. ر. س. وعندما وصل إلى قسم الشرطة، استمر في سبها أمام أحد ضباط الشرطة وهدد باختطاف الطفلة. وجذب صاحبة البلاغ من شعرها وحاول طرحها على الأرض بينما كانت تحتضن طفلتها بين ذراعيها. وفي مرة أخرى، في 30 آب/أغسطس 2000، عندما كانت صاحبة البلاغ في سيارتها مع الطفلة، تبعها ف. ر. س. بسيارته فعرضهما للخطر. عندها، أوقفت صاحبة البلاغ السيارة فاقترب منهما ف. ر. س. صائحاً مطالباً بأن تعطيه الطفلة وهو يدق بيديه على السيارة. وقد أزعج ذلك أندريا للغاية وبدأت تصرخ لكي ينصرف أبوها. وبالمثل، عندما كانت الزيارات تُجرى دون إشراف، تسبب ف. ر. س. أيضاً في عدد من حوادث العنف في مركز الخدمات الاجتماعية الذي كان يأتي ليأخذ الطفلة منه ويعيدها إليه.

2-5 وفي الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر 1999 وتشرين الثاني/نوفمبر 2001، قدمت صاحبة البلاغ أكثر من 30 شكوى إلى الدرك المدني والمحكمة المدنية والمحكمة الجنائية وطلبت مراراً إصدار أوامر ضد ف. ر. س. بالابتعاد عنها وعن ابنتها. وطلبت في التماساتها أيضاً وضع الت رتيبات لزيارات خاضعة للإشراف ودفع النفقة. وكان عدم انصياع ف. ر. س. المتكرر للأمر بدفع النفقة يجعل صاحبة البلاغ في وضع مالي صعب، حيث كانت تجد صعوبة في العثور على عمل بسبب قلة تعليمها وخبرتها المهنية وسنها ومسؤولياتها الأسرية. ولهذه الأسباب، اضطرت، في نيسان/ أبريل 2000، إلى أن تطلب من القاضي، في إطار إجراءات الانفصال الجارية، منحها حق استخدام منزل الأسرة الذي كانت قد تخلت عنه من قبل. وتنص المادة 96 من القانون المدني على منح حق استخدام منزل الأسرة والتمتع به خلال إجراءات الطلاق لمن يتولى من الزوجين رعاية قاصر و حضانته .

2-6 وعلى الرغم من الشكاوى الكثيرة، لم تصدر إلا إدانة واحدة بالتحرش في حق ف. ر. س. في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2000. وأثبتت محكمة التحقيقات رقم 1 في كوسلادا أن ف. ر. س. كان يتعقب صاحبة البلاغ ويتحرش بها ويؤذيها دائماً. ومع ذلك، اقتصرت عقوبته على دفع غرامة قدره ا 45 يورو.

2-7 وأصدرت المحاكم أوامر بالابتعاد عن صاحبة البلاغ. غير أن واحداً فقط من هذه الأوامر شمل أندريا أيضاً، وهو الأمر الذي أصدرته في 1 أيلول/سبتمبر 2000 محكمة التحقيقات رقم 5 في كوسلادا وكان سارياً لمدة شهرين. وطعن ف. ر. س. في هذا الأمر فأبطلته المحكمة فيما يتع لق بأندريا، حيث وجدت أن الأمر يعوق ترتيبات الزيارة ويمكن أن يلحق ضرراً بالغاً بالعلاقة بين الأب وابنته. وخالف ف. ر. س. أوامر أخرى بالابتعاد عن صاحبة البلاغ دون أن يترتب على ذلك أي عواقب قانونية بالنسبة له.

2-8 وخلال سير الإجراءات المتعلقة برعاية أندريا وحضانتها، أفادت صاحبة البلاغ بأن زيارات الأب كان لها أثر سلبي في صحة الطفلة النفسية، فطلبت إجراء فحص نفسي لها. ولهذا السبب، أمر القاضي بأن تَمثُل الطفلة أمام المحكمة في 11 كانون الأول/ديسمبر 2000، وخلال جلسة ا لاستماع، أفادت الطفلة بأنها لا تُحب أن تكون مع أبيها ” لأنه ليس لطيفاً معها “ ولأنه ” يمزق رسومها “ .

2-9 وفي 31 كانون الثاني/يناير 2001، وضعت محكمة نافالكارنيرو الابتدائية رقم 1 ترتيباً مؤقتاً للزيارات ينفَّذ تحت إشراف مركز الخدمات الاجتماعية ابتداءً من 8 شباط/ فبراير 2001، يقتصر على أيام الخميس من الساعة السادسة إلى السابعة مساء في مركز الخدمات الاجتماعية في ميخورادا فيليا.

2-10 وفي 30 أيار/مايو 2001، أرسلت الأخصائية الاجتماعية المشرفة على الزيارات تقريراً إلى المحكمة أفادت فيه بأن من المستصوب أن تتم المقابلة بين الأب وابنته في مكان آخر كي يستطيعا التفاعل بصورة طبيعية أكثر. وأكدت أيضاً أن ف. ر. س. يبعث عن طريق ابنته برسائل غي ر مباشرة إلى صاحبة البلاغ، وأن الطفلة لا تعرف كيف تتصرف إزاء هذه الرسائل. ووجهت صاحبة البلاغ رسالة إلى المحكمة تعرب فيها عن عدم موافقتها على ما جاء في التقرير وتطلب استمرار ترتيبات الزيارات الخاضعة للإشراف.

2-11 وفي أيلول/سبتمبر 2001، أمرت المحكمة، بناء على طلبٍ من صاحبة البلاغ، بإجراء تقييم نفسي لها ولأندريا وف. ر. س. واقترح التقرير الصادر في هذا الصدد، المؤرخ 24 أيلول/ سبتمبر 2001، تطبيع الزيارات بحيث يمكن للقاصر بعد ستة أشهر أن تقضي يوماً كاملاً تقريباً م ع أبيها دون حضور أخصائية اجتماعية وبدون مبيت وبحيث يمكن للطفلة قضاء عطلة نهاية الأسبوع كاملة مع أبيها، على أن تبيت في منزل أمها. وإذا ما أصبحت العلاقة طبيعية تماماً بعد مرور سنة، يمكن النظر في إمكانية أن تبدأ أندريا المبيت في منزل أبيها ( ) .

2-12 وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، أصدرت المحكمة حكما بانفصال الزوجين لم يأخذ في الاعتبار شكاوى الإيذاء العديدة المقدمة من صاحبة البلاغ، ولم يذكر إساءة المعاملة المعتادة كسبب للانفصال. وفيما يتعلق بترتيبات الزيارات، أمرت المحكمة باستمرار الزيارات المقيد ة الخاضعة للإشراف لمدة ثلاثة أشهر على أن تزيد تدريجياً إذا تحسن سلوك ف. ر. س. ونص الحكم على أن يدخل برنامج الزيارات، رهناً بتقديم تقرير إيجابي من المركز المشرِف، مرحلة ثانية مدتها ستة أشهر، تستمر فيها زيارات أيام الخميس من نهاية اليوم الدراسي حتى الساعة ال ثامنة مساء بدون إشراف. وفي نهاية ستة أشهر، ورهناً بتقديم تقرير إيجابي من مركز الخدمات الاجتماعية، تتم الزيارات كل عطلتي نهاية أسبوع، وتستمر من الساعة الثانية عشرة حتى الساعة السابعة مساء أيام السبت والأحد، دون مبيت. وبعد مض ي ستة أشهر أخرى، ورهناً بتقديم تق رير إيجابي من مركز الخدمات الاجتماعية، تُمدَّد الزيارات التي تتم كل عطلتي نهاية أسبوع بحيث تشمل المبيت، مع إمكانية تمضية نصف الإجازات أيضاً. وفي الوقت ذاته، مُنح ف. ر. س. الحق في استخدام منزل الأسرة والتمتع به. ولم يذكر أمر المحكمة استمرار امتناع ف. ر. س. عن دفع النفقة.

2-13 وتفيد صاحبة البلاغ بأنه على الرغم من حوادث العنف التي استمر ف. ر. س. في التسبب فيها خلال فترة العام ونصف العام من الزيارات التي يُشرف عليها مركز الخدمات الاجتماعية، أصدرت محكمة نافالكارنيرو رقم 1 في 6 أيار/مايو 2002 أمراً يأذن بأن تتم الزيارات بدون إش راف . واستندت المحكمة إلى تقرير من مركز الخدمات الاجتماعية لا يتضمن توصية صريحة بعدم تغيير نظام الزيارات الخاضعة للإشراف. وفي التقرير ذاته، أشار مركز الخدمات الاجتماعية إلى أن ف. ر. س. ” عطوف على ابنته القاصر ويغدق عليها باستمرار حنانه وعطفه. (...) وتبين مما يجري بينهما أنه لم يتكيف مع مرحلة التطور التي بلغتها القاصر، فيسألها ثم يجيب بطريقة ومحتوى غير ملائمين وهو ما ينشئ أوضاعاً لا تفيد الابنة القاصر بتاتاً. ويبدو أحياناً أنه لا يستطيع إدراك مشاعر الآخرين ويلاحَظ عليه قصور في المشاركة الوجدانية. ويظهر هذا من خلال عدم تكيفه مع صغر سن الابنة القاصر وفي عدم فهمه لأوضاع طبيعية تحدث في هذا السياق “ .

2-14 وطعنت صاحبة البلاغ في هذا القرار ولكن دون أن يحالفها التوفيق. وفي 17 حزيران/ يونيه 2002، قررت المحكمة أنه على الرغم من أنه ” لا يمكن لمركز الخدمات الاجتماعية التنبؤ بما ستتكشف عنه الزيارات في غير حضوره، وعلى الرغم من أن تقريره يُبيّن إتيان الأب بعض السل وكات غير اللائقة (...) فهو يُوضح أيضاً أن العلاقة بينه وبين ابنته القاصر في سبيلها إلى التطبيع “ . وفي الوقت ذاته، حددت المحكمة مقر مركز الخدمات الاجتماعية بوصفه المكان الذي يتم التقاط القاصر منه وتسليمها فيه. وجاء في القرار أنه غير قابل للطعن.

2-15 وخلال الأشهر التي استمرت فيها الزيارات غير الخاضعة للإشراف، أصدر مركز الخدمات الاجتماعية عدة تقارير تفيد بأن أندريا لا ترغب في الوقت الراهن في أن تقضي مع أبيها وقتاً أطول مما هو مقرر في الوقت الحالي؛ وأن من المحتمل حدوث المواقف غير اللائقة التي يواصل فيها الأب سؤال ابنته القاصر مراراً عن حياة أمها الخاصة والعاطفية وإبداء ملاحظات مرتبكة، وأن هناك حاجة قوية للاستمرار في رصد ترتيبات الزيارات. وفي تقرير مؤرخ 5 شباط/فبراير 2003، أبلغ مركز الخدمات الاجتماعية المحكمة بأن ف. ر. س. دأب خلال الزيارة التي تمت في 30 كانون الثاني/يناير 2003، وفقاً لما قالته الطفلة لأمها، على سؤال الطفلة عن شريك صاحبة البلاغ الحالي وأطلق شتائم في حقها، وأن تصرفات مشابهة قد صدرت في مناسبات أخرى.

2-16 وفي 24 نيسان/أبريل 2003، أي بعد مضي ثلاث سنوات على طلب صاحبة البلاغ استخدام منزل الأسرة، عقدت المحكمة جلسة استماع بشأن هذه المسألة. وبعد جلسة الاستماع، وبينما كانت صاحبة البلاغ تُغادر المبنى، اقترب منها ف. ر. س. وقال لها إنه سيحرمها من أعز ش يء لديها.

2-17 وبعد ظهر اليوم نفسه، أحضرت صاحبة البلاغ أندريا إلى مركز الخدمات الاجتماعية من أجل الزيارة المقررة مع أبيها. وعندما عادت لاستلامها في الموعد المقرر لم يكونا هناك. وبعد انتظار دام ساعة، وبالنظر إلى أن ف. ر. س. لم يكن يرد على مكالماتها، ذهبت صاحبة البلاغ إلى مركز الشرطة للإبلاغ عما حدث وطلبت أن يتوجه رجال الشرطة إلى مسكن ف. ر. س. وعندما دخل أفراد الشرطة المسكن، وجدوا أندريا و ف. ر. س. جثتين هامدتين وكان الأب بيده سلاح ناري. وخلص تحقيق الشرطة إلى أن ف. ر. س. أطلق الرصاص على الطفلة ثم قتل نفسه. وفي 12 حزيران/يونيه 2003، قضت محكمة التحقيقات رقم 3 في نافالكارنيرو بأن ف. ر. س. غير مسؤول جنائياً عن مقتل أندريا بسبب انتحاره.

2-18 وفي 23 نيسان/أبريل 2004، قدمت صاحبة البلاغ مطالبة إلى وزارة العدل بشأن المسؤولية المالية للدولة الناجمة عن سوء أداء الإدارة والقضاء، مستندة في ذلك إلى الإهمال من جانب السلطات الإدارية والقضائية. ودفعت صاحبة البلاغ بأن القضاء ومركز الخدمات الاجتماعية ع لى السواء لم يقوما بواجبهما في حماية حياة ابنتها على الرغم من أنها أبلغت المحاكم والشرطة مراراً بتعرض ابنتها للخطر عندما تكون مع أبيها. وطالبت صاحبة البلاغ بالتعويض باعتباره شكل الانتصاف الوحيد الممكن.

2-19 وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، رفضت وزارة العدل مطالبة صاحبة البلاغ على أساس أن الهيئة القضائية قد تصرفت على النحو السليم فيما يتعلق بترتيبات الزيارات؛ وأن المطالبة تستند إلى ادعاء وقوع خطأ قضائي تجب متابعته وفقاً للإجراء المنصوص عليه في هذا الصدد. و بناءً على ذلك، لن تتم متابعة المطالبة بالتعويض ما لم تثبت المحكمة العليا وقوع الخطأ القضائي. ولاتخاذ هذا القرار، أجرت الوزارة مشاورات مع المجلس العام للسلطة القضائية ومع مجلس الدولة واستُدعيت صاحبة البلاغ للاستماع إلى أقوالها. وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 2005، قدمت صاحبة البلاغ طعناً إدارياً إلى وزير العدل رُفض في 22 كانون الثاني/يناير 2007 للسبب ذاته.

2-20 وفي 14 حزيران/يونيه 2007، رفعت صاحبة البلاغ دعوى استئناف إداري نقضا للحكم أمام المحكمة العليا الوطنية تطلب فيها الإقرار بسوء أداء النظام القضائي، ليس فحسب لأن المحاكم أخطأت لما سمحت بأن تتم الزيارات بدون إشراف، وإنما لأن مركز الخدمات الاجتماعية ومكتب المدعي العام ارتكبا خطأً بإنهاء ترتيبات الزيارة الخاضعة للإشراف. ورُفضت دعوى الاستئناف في 10 كانون الأول/ديسمبر 2008. وفي 27 شباط/فبراير 2009، قدّمت صاحبة البلاغ دعوى استئناف بالنقض لدى المحكمة العليا التي قضت برفض الدعوى في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2010 .

2-21 وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، قدمت صاحبة البلاغ طلب حماية إلى المحكمة الدستورية، تدعي فيه انتهاك حقوقها الدستورية في الحصول على انتصاف فعال، وفي الأمن، وفي الحياة والسلامة البدنية والمعنوية، وفي عدم التعرض للتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو ال مهينة، وفي المساواة أمام القانون. وفي 13 نيسان/أبريل 2011، رفضت المحكمة طلبها على أساس أنه غير ذي صلة بالدستور.

الشكوى

3-1 تدّعي صاحبة البلاغ أن الأحداث السالف سردها تُشكل انتهاكاً للمواد 2 و 5 و 16 من الاتفاقية.

3-2 وتشكل إجراءات الشرطة والسلطات الإدارية والقضائية انتهاكاً لحقها في عدم التعرض للتمييز، وذلك وفقاً للحماية التي توفرها الفقرات (أ) إلى (و) من المادة 2. وهذا الانتهاك وقع على مستويين. الأول، أن الدولة لم تبذل العناية الواجبة ولم تستخدم جميع ما تملكه من و سائل دون إبطاء لمنع العنف الذي كان يمارسه ف. ر. س. ضد صاحبة البلاغ وابنتها والذي انتهى بقتل ابنتها القاصر وللتحقيق فيه والمحاكمة والمعاقبة عليه. والثاني، أن الدولة الطرف لم تستجب، بعد مقتل الطفلة، الاستجابة القضائية الفعالة أو تقدم التعويض الملائم لصاحبة ا لبلاغ عن الأضرار التي لحقتها نتيجةً لإهمال الدولة.

3-3 وقد انتهكت الدولة الطرف المادة 2 ( ﻫ ) من الاتفاقية لأنها لم توفر لها ولا لابنتها الحماية بصفتهما ضحيتين للعنف الأسري. وقد أخطرت صاحبة البلاغ السلطات مراراً بالعنف الذي كانتا تتعرضان له وكيف أنهما كانتا تخشيان على حياتهما وسلامتهما البدنية والعقلية. وعلى الرغم من أنها قدمت أكثر من 30 طلباً للحماية وشكاوى إلى السلطات وأمام المحاكم، ظلت هي وابنتها تتعرضان للاعتداءات اللفظية والبدنية والنفسية. وفي مناسبات عديدة، طلبت صاحبة البلاغ من مركز الخدمات الاجتماعية التوسط خشية أن يُلحق المعتدي الضرر بالابنة القاصر كوس يلة للنيل منها هي. ومع ذلك، لم تُنفذ السلطات أي تدابير توفيرا للحماية الفعالة.

3-4 وخلال السنوات التي قضتها صاحبة البلاغ ضحية للعنف الأسري، تقاعس في الدولة الطرف كل من السلطات والقضاء عن توفير الحماية فيما يتعلق بظاهرة العنف الأسري والتحقيق فيها. وفي تقرير صادر عن المجلس العام للقضاء عام 2001 انتقد المجلس هذا الوضع وأبرز معاناة ضحاي ا هذه الممارسة من التخلي عنهن وإفلات مرتكبيه من العقاب. وعلى الرغم من اتخاذ مجموعة من التدابير ما بين عامي 1996 و 2003، استمر الضحايا في التعرض لعدم المساواة والتمييز. وأفضى عجز الدولة عن وضع أدوات فعالة لمكافحة العنف الأسري إلى ظهور حالات كتلك الحالة قيد ا لنظر، مما يُشكل انتهاكاً للفقرات الفرعية (أ) و (ب) و (و) من المادة 2 .

3-5 إن تقاعس الحكومة والمحاكم عن التصدي للعنف الذي كانت تتعرض له صاحبة البلاغ لدليل على استمرار وجود الأفكار المسبقة والقوالب النمطية السلبية، المتمثل في عدم تقييم خطورة الحالة التي كانت تعيشها صاحبة البلاغ تقييماً سليماً. وقد نشأت هذه الحالة في وضع اجتماع ي يرتفع فيه معدل حدوث العنف الأسري. ولم يكن سليما الموقف الذي اتخذه موظفو الدولة إزاء صاحبة البلاغ بصفتها امرأة ضحية للعنف وأما لطفلة قُتلت على يد أبيها، وإزاء ابنتها بصفتها طفلة ضحية للعنف بين أفراد أسرتها. وعليه، شكل تصرف الحكومة والمحاكم انتهاكاً للمادة 2 (د).

3-6 ولم تقم المحاكم قط بأي تحقيق فعال لتحديد المسؤول عن العواقب التي حدثت نتيجة الإهمال الإداري والقضائي الذي أفضى في نهاية المطاف إلى قتل أندريا. كما أن صاحبة البلاغ لم تحصل على أي جبر، مما يُشكل انتهاكاً للفقرتين (ب) و (ج) من المادة 2 .

3-7 ولم تف الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب الفقرات (أ) و (ب) و (و) من المادة 2، حيث إنها لم تضع إطاراً قانونياً لحماية النساء من العنف الأسري وقت وقوع الأحداث. وعلاوة على ذلك، فعلى الرغم من الإصلاحات التشريعية التي أدخلت منذ عام 2004، لم يُنشأ حتى الآن داخل ا لإطار القانوني نظام للجبر في حالات الإهمال من جانب مؤسسات الدولة، وتوفير حماية ملائمة للقصَّر الذين يعيشون في بيئة يطغى عليها العنف، فيصبحوا من ضحاياه أيضاً نتيجة ذلك. ويقتضي إيلاء العناية الواجبة من جانب الدولة اعتماد التدابير القانونية والتدابير الضرورية الأخرى اللازمة لتوفير حماية فعالة للضحايا.

3-8 وفيما يتعلق بالمادة 5 من الاتفاقية، تذكر صاحبة البلاغ أن انطلاق السلطات من أفكار مسبقة كان جلياً في عجزها عن التقدير السليم لخطورة الحالة التي كانت تواجهها هي وابنتها أو مقدار معاناتها بسبب حالة ابنتها. إضافة إلى ذلك، لم يُجر أي تحقيق في العواقب التي ق د تترتب على عيش الطفلة في بيئة من العنف وكونها ضحية مباشرة وغير مباشرة لذلك العنف. وبدلا من ذلك، حرصت السلطات المكلفة بتوفير الحماية أشد الحرص على القالب النمطي المتمثل في أن يتمتع أي أب، حتى أشد الآباء إيذاء، بحقوق الزيارة، وأن من الأفضل دائماً للطفل أن ي نشأ في كنف الأب والأم معاً، ومن ثم لم تؤخذ في الاعتبار حقوق الابنة القاصر وتم تجاهل تعبيرها عن خوفها من أبيها ورفضها التواصل معه. وسلّمت المحاكم بأن الاتصال بأب عنيف أفضل من عدم الاتصال به بتاتاً. غير أن ظروف القضية كانت تقتضي من السلطات والمحاكم تقييم ما إذا كانت الزيارات تحترم حق الابنة القاصر في الحياة وحقها في العيش بدون عنف، وما إذا كانت تتصرف وفق مبدأ مراعاة مصالح القاصر العليا.

3-9 وإن من واجب الدول حماية حق القاصر في أن يُسمع صوته. وفي هذه القضية، لم تحترم قرارات المحاكم هذا الحق. وأشارت عدة تقارير وضعها مركز الخدمات الاجتماعية إلى عجز ف. ر. س. عن التكيف مع سن ابنته القاصر، حيث إنه كان يتعامل معها بصورة غير ملائمة، ولكن المحاكم لم تأخذ ذلك في الاعتبار. وكان يُنظر إلى حق الزيارة، انطلاقاً من القوالب النمطية، على أنه مجرد حق من حقوق الأب، لا من حقوق الطفل أيضاً. وكانت مصلحة الطفلة العليا تقتضي أن تُقصَر الزيارات بـأقل تقدير على زيارات قصيرة خاضعة للإشراف، إن لم توقف بتاتاً.

3-10 ولم يُعاقب ف. ر. س. على اعتداءاته المتعددة على صاحبة البلاغ أو على عدم دفعه النفقة. وعلى الرغم من توسلات صاحبة البلاغ، لم يُلزم ف. ر. س. بحضور جلسات علاج بهدف تطبيع علاقته بابنته. إن تقييمَ السلطات للخطر الذي كانت تواجهه صاحبة البلاغ وابنتها طغت عليه، فيما يبدو، الأفكار المسبقة والقوالب النمطية التي تشكك في صدق النساء ضحايا العنف الأسري.

3-11 وعلى ضوء ما سلف، تصر صاحبة البلاغ على أن الدولة الطرف فشلت في القيام بواجبها في إيلاء الرعاية فانتهكت الفقرة (أ) من المادة 5 من الاتفاقية، مقترنة بالمادة 2 منها.

3-12 وفيما يتعلق بالمادة 16، تدعي صاحبة البلاغ أنها تعرضت للتمييز في القرارات المتعلقة بانفصالها عن زوجها وطلاقها منه. لقد أذعنت السلطات للأفكار المسبقة فأخفقت، في قراراتها بشأن شروط الانفصال وترتيبات الزيارات، في مراعاة حالة العنف التي كانت تعيش فيها صاحب ة البلاغ وابنتها. وقد أخفقت أيضاً في اتخاذ التدابير اللازمة لكفالة وفاء ف. ر. س. بالتزامه بالمساهمة في نفقات الطفلة، على الرغم من الشكاوى المتكررة التي قدمتها صاحبة البلاغ في هذا الخصوص. وكل ذلك أضعف موقف صاحبة البلاغ للغاية. ولم تقم دائرة الادعاء العام بأ ي إجراءات ضد الأب حتى 21 نيسان/أبريل 2003، أي قبل مقتل الطفلة بثلاثة أيام وبعد مرور ثلاث سنوات على تقديم صاحبة البلاغ شكواها الأولى ضد ف. ر. س. لعدم دفعه النفقة. وكان المبلغ المدين به لصاحبة البلاغ قد بلغ آنذاك 659 6 يورو. وهذه التصرفات، وبخاصة ما يخص عدم احترام مبدأ مصالح الطفل العليا، تُشكل انتهاكاً للمادة 16 من الاتفاقية، منفردة أو مقترنة بالمادتين 2 و 5 منها.

3-13 وقد استخدم ف. ر. س. ابنته كوسيلة للإضرار بكل من صاحبة البلاغ وابنته، واستغل حقوقه في الزيارة للقيام بذلك. وكان هناك إصرار مستمر من مركز الخدمات الاجتماعية والمحاكم مرة على ” تطبيع “ علاقة الطفلة بالمعتدي عليها، دون اعتبار لمصالح الطفلة أو آرائها. ولم تُ قيِّم السلطات بصورة فعالة ما إذا كان المعتدي شخصاً يستحق الزيارات، سواء تحت الإشراف أو بدونه، لطفلة دأب على إساءة معاملتها. وعلى النقيض من ذلك، قبلت السلطات حق الأب في أن يظل على اتصال بابنته بغض النظر عن تصرفاته في المحيط الأسري. وتغاضت السلطات الإدارية و القضائية عن عدم وفاء‍ ف. ر. س. بالتزاماته بموجب الفقرات 1 (ج) و (د) و (و) من المادة 16. وحدث ذلك في ظل خلفية من التمييز تأثرت فيها قرارات تلك السلطات بأفكار مسبقة وقوالب نمطية، مما يشكل انتهاكاً للمواد 2 و 5 و 16 من الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 14 كانون الثاني/يناير 2013، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية. وارتأت الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول واستندت في ذلك إلى أن سُبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد على النحو السليم. واحتجت، احتياطياً، بأن البلاغ يفتقر إلى الأدلة.

4-2 وفي جميع ردود الحكومة والمحاكم على المطالبة بالإقرار بمسؤولية الدولة ماليا، أبلغت الحكومة والمحاكم صاحبة البلاغ أن السبيل الملائم إلى طلبها التعويض عن سوء أداء نظام القضاء والحصول عليه، في حالتها، ليس بتقديم مطالبة على أساس الإقرار بالمسؤولية المالية ع ن سوء أداء ذلك النظام، ولكن على أساس خطأ قضائي، على النحو المنصوص عليه في المادة 292-1 ( ) وما بعدها من القانون الأساسي للقضاء. وفي الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2010، ذكّرت المحكمة العليا بالأحكام التي أصدرتها سابقاً والتي بموجب ها ينشأ الخطأ القضائي من ” تجاهل قاض لحقائق لا تُدحض في علاقة من شأنها أن تُخل بتجانس النظام القانوني، أو من قرار يفسر النظام القانوني تفسيرا خاطئا بحيث لا يمكن دعمه بأي وسيلة تفسيرية مطبقة في الممارسة القضائية “ . ويشمل سوء الأداء، من ناحيته، أي عيب في أداء المحاكم بمختلف درجاتها، التي يُفهم أنها كيان عضوي يشمل مختلف الأشخاص والخدمات والآليات والأنشطة. ويختلف الإجراء الواجب اتباعه من قضية إلى أخرى. وفي حين أن التعويض المقدم بسبب خطأ يجب أن يسبقه قرار قضائي يعترف صراحة بذلك الخطأ، فإن الدعوى التي تُقدم بشأن س وء أداء النظام القضائي لا تتطلب أن يسبقها إعلان قضائي وتُقدم مباشرة إلى وزارة العدل بموجب المادة 292 من القانون الأساسي للسلطة القضائية.

4-3 ويستند دفع صاحبة البلاغ إلى أن تصرف المحاكم ومركز الخدمات الاجتماعية كان خاطئا وأنه كان يمكن تفادي وقوع المأساة نظرا إلى أن قرارات المحكمة بشأن برنامج الزيارات والتقارير التي استندت إليها تلك القرارات يتضح منها أنهما لم يتصرفا على نحو سليم، لا سيما وأن ه قد قُدمت 47 شكوى ضد طليق صاحبة البلاغ لم تلق جواباً. وهذه الدعوى تنطوي على خطأ قضائي واضح، يجب الحصول على اعتراف به بتقديم طلب لإعادة النظر إلى المحكمة العليا ( ) . وحيث إن صاحبة البلاغ لم تفعل ذلك فإنها لم تستنفد سُبل الانتصاف المحلية.

4-4 واحتياطياً، ترى الدولة الطرف أنه لم يحدث أي انتهاك للاتفاقية، ولا للمادتين 2 و 5 على وجه الخصوص، لأن السلطات الأسبانية لم تهمل في تصرفها. ولا يمكن أن يُنسب ما حدث إلاّ إلى ف. ر. س. ولا يمكن اتهام الدولة بالإهمال في حماية سلامة صاحبة البلاغ على أساس أفعا ل ارتكبت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري في أسبانيا، حيث إن هذه الأفعال لم تكن مستمرة، وبالتالي لا يمكن أن تؤخذ في الاعتبار.

4-5 وتؤيد الدولة التقييم الذي قامت به المحكمة العليا الوطنية ومفاده أن الهيئة القضائية التي حكمت في الانفصال قد وزنت ظروف القضية والتقارير عن الحالة النفسية، وأنها أصدرت قراراتها بشأن رعاية الابنة القاصر وحضانتها وترتيبات الزيارات فاختارت نظاماً تدريجياً ي ُبيِّن بالتفصيل المراحل المتعاقبة التي يمكن أن يتم خلالها اتصال الأب بابنته، وعدد ساعات الزيارات والإشراف الذي ينبغي أن تخضع له علاقة الأب بابنته. وخلال الشهور التي نُفذ فيها نظام الزيارات غير الخاضعة للإشراف، كانت التقارير عن الزيارات إيجابية لدرجة أنه تم التفكير في إمكانية التدرج إلى مدد زيارات أطول دون سماع أي تحذيرات من أن الابنة القاصر قد تكون في خطر.

4-6 وخلصت المحكمة العليا الوطنية إلى عدم وجود دلالة على سوء أداء نظام القضاء، ولكن بالأحرى مجموعة من قرارات اتخذتها السلطات القضائية التي قررت، بعد أن وزنت الظروف الحقيقية، وعلى ضوء الرصد الدائم لنظام الزيارات والتقارير عن الحالة النفسية بشأن الوالدين والا بنة القاصر بمشاركة مكتب المدعي العام عبر كافة الإجراءات، وعلى أساس الدفوع الخطية المستمرة من جانب الوالدين وتقارير المتابعة المنتظمة الصادرة عن مركز الخدمات الاجتماعية، ما اعتبرته ملائماً فيما يتعلق بالطريقة التي ينبغي أن يتم بها اتصال أب منفصل عن زوجته با بنته . ومن ثم فإن حادث القتل اللاحق لا صلة له، فيما يبدو، بسوء أداء محكمة أو وكالات تعمل معها.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في 11 آذار/مارس 2013، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وتقول إنها أقامت دعوى في الداخل بهدف إثبات وجود سوء الأداء وليس مجرد خطأ قضائي. وقالت إن استراتيجيتها للتقاضي تتفق مع مفهوم سوء الأداء بالمعنى المقصود في القانون الأساسي للسلطة القضائية، وهو ” أي عيب في أداء المحاكم بمختلف درجاتها، التي يُفهم أنها كيان عضوي يشمل مختلف الأشخاص والخدمات والآليات والأنشطة ( ) “ . ولقد تصرفت السلطات المختلفة، بما فيها الأخصائيون النفسيون والأخصائيون الاجتماعيون الملحقون بالمحاكم ومركز الخدمات الاجتماعي ة، بطريقة تنم عن الإهمال وعدم التنسيق. وذلك كان السبب في أنها قررت أن ترفع الدعوى لإثبات سوء أداء إدارة الدولة.

5-2 وتدعي الدولة الطرف أنه كان ينبغي لصاحبة البلاغ أن تلجأ إلى الإجراء المطبق على المسؤولية المالية الناجمة عن خطأ قضائي. ومع ذلك، لا تقدم الدولة الطرف أي معلومات عن مدى فعالية هذا الإجراء وذلك، على سبيل المثال، من خلال تقديم إحصاءات أو أمثلة عن قضايا مشاب هة حصل فيها الضحايا على تعويض بهذه الوسيلة. ومن المؤكد أن الدولة الطرف لم تثبت أن وسيلة الانتصاف هذه كانت ستكون أكثر فعالية من الوسيلة التي التمستها صاحبة البلاغ.

5-3 وفيما يتعلق بالحجة التي دفعت بها الدولة الطرف ومفادها أن قضية صاحبة البلاغ لم تُدعم بالأدلة، تدفع صاحبة البلاغ ب أ نه ينبغي رفضها لدى النظر في المقبولية حيث إن الاعتبارات التي توردها الدولة تُشير إلى الأسس الموضوعية للقضية. وتُعرب صاحبة البلاغ أيضاً عن ع دم اتفاقها مع تلك الاعتبارات وترى أن رواية الدولة الطرف للأحداث محرفة.

5-4 وفيما يتعلق بما دفعت به الدولة الطرف بشأن الطابع غير المستمر للأفعال، ترد صاحبة البلاغ بأن العنف الذي عانت منه هي وابنتها كان مستمراً وانتهى في نهاية المطاف بمقتل ابنتها، بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري. وقالت إن ذلك العنف لا يزال مستمراً حيث إنها لم تحصل حتى الآن على أي تعويض من أي نوع.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6-1 في 14 أيار/مايو 2013، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ قدمت دعوى مالية ضد الدولة لدى المحاكم الوطنية تطلب فيها تعويضاً مالياً قدره مليون يورو على أساس المسؤولية المالية للدولة عن سوء أداء القضا ء فيما يتعلق بترتيبات الزيارات المأذون بها. ولم تدّع صاحبة البلاغ آنذاك أن الاتفاقية انتهكت. ولم تتضمن مطالبتها تساؤلات تتعلق بسوء أداء نظام القضاء حيالها. وبالتالي، كان رد السلطات الإدارية على تلك المطالبة وحدها، وينبغي أن تقتصر الشكوى المعروضة على اللجنة على هذه الدعوى وحدها أيضاً، وإلا لن تكون سُبل الانتصاف المحلية قد استنفدت.

6-2 وفيما يتعلق بترتيبات الزيارات، كانت السلطات ترصد علاقات الأب بطفلته بصفة مستمرة وأخضعت الطفلة والوالدين لتقييم نفسي شامل في 24 أيلول/سبتمبر 2001. وأشار التقرير الصادر في هذا الصدد إلى ” ملاحظة أن الأب كان يُعاني من اضطراب وسواسي قهري مصحوب بغيرة شديدة و ميل نحو تشويه الواقع “ ، مما أثر في علاقته بزوجته. غير أن الأخصائي النفسي لم يقف في استنتاجاته على أي ” آثار أو أخطار بالنسبة للطفلة في هذا التفاعل “ مع والدها. وأوصى التقرير بالتقريب التدريجي بين الطفلة وأبيها.

6-3 وبعد أخذ ظروف القضية في الاعتبار، منح أمر الانفصال الصادر في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 رعاية الطفلة وحضانتها للأم ونص على حقوق الوالدية المشتركة بين الوالدين. وفي الأشهر التي تلت ذلك، وبعد رصد العلاقات بين الأب وابنته، طُلب من مركز الخدمات الاجتماعية تقديم تقرير عن سير الزيارات في الشهور السابقة وما إذا كان من الملائم الانتقال إلى المرحلة الثانية المنصوص عليها في أمر الانفصال (الزيارات غير الخاضعة للإشراف). وأكد التقرير المشار إليه أنه على الرغم من أن الأب كان يكثر من الإلحاح ويميل إلى السيطرة في علاق ته بابنته ولم يُبد المراعاة الملائمة إزاء صغر سنها، لم يلاحَظ وجود أي أمر مثير للانتباه على نحو خاص في علاقة الأب بابنته. وعلى ضوء التقرير المذكور، حكمت المحكمة في 6 أيار/مايو 2002 بأنه لم يكن هناك ما يدعو إلى عدم بدء المرحلة الثانية من برنامج الزيارات. وط عنت صاحبة البلاغ في هذا القرار، ولكن المحكمة أبقت عليه. وعلى الرغم من ذلك، حكمت المحكمة بأن ذلك القرار لم يكن قراراً لا رجعة فيه، وأنه سيعاد النظر فيه إذا ثبت أنه يضر بمصلحة القاصر. وبناء على طلب المحكمة، قدم مركز الخدمات الاجتماعية تقريراً جديداً في 3 كان ون الأول/ديسمبر 2002. وخلص التقرير إلى أنه ’’لوحظ أن الابنة القاصر تنمو بشكل مُرض نفسياً واجتماعياً‘‘؛ وأن ’’من المهم أن تؤخذ في الاعتبار رغبة الابنة القاصر في ألا تقضي مع أبيها، في الوقت الحاضر، مدة أطول مما نُص عليه في ترتيبات الزيارة الحالية‘‘، وأنه ’’م ن الضروري الاستمرار في رصد ترتيبات الزيارات بصفة دائمة‘‘. وعلى ضوء ذلك التقرير، اعتبر المدعي العام أن من غير الملائم الانتقال إلى المرحلة التالية وهي زيارات المبيت. وقدم مركز الخدمات الاجتماعية تقريراً جديداً، مؤرخا 8 كانون الثاني/يناير 2003، اعتبر أن من ا لمستصوب الاستمرار في ترتيبات الزيارات ذاتها. وفي 13 شباط/فبراير 2003، قررت المحكمة تأييد ترتيبات الزيارات الحالية واتخذت تدابير للحجز على أجر الأب.

6-4 ولم تتصرف السلطات بإهمال في هذه القضية، ولا يمكن أن تُنسب الأفعال المرتكبة إلاّ إلى ف. ر. س. ويُعبّر حكم المحكمة العليا الوطنية عن المبدأ الذي تسير عليه الحكومة ويثبت بشكل قاطع، بالإضافة إلى عدم ملاءمة الإجراء القانوني الذي اتخذته صاحبة البلاغ، أن الهي ئة القضائية التي حكمت في الانفصال وزنت ظروف القضية، واستندت فضلاً عن ذلك إلى التقارير عن الحالة النفسية وأنها، في قراراتها بشأن رعاية الابنة القاصر وحضانتها وترتيبات الزيارات، اختارت نظاماً تدريجياً بيَّن بتفصيل كبير المراحل المتعاقبة التي يمكن أن يمر بها اتصال الأب بابنته. واستُعيض عن الزيارات الخاضعة للإشراف بأمر من المحكمة حولها إلى زيارات غير خاضعة للإشراف في أيار/مايو 2002. واستمرت هذه الزيارات لعدة أشهر، كانت خلالها تُرصد بشكل دائم وكانت تصدر تقارير إيجابية عن سير هذه الزيارات. بل إنه جرى النظر في إمك انية الانتقال إلى برنامج زيارات أطول، دون سماع أي تحذيرات بأنها تُعرِّض الطفلة للخطر، إلى حين قتل أبيها لها بعد ظهر يوم 24 نيسان/أبريل 2003 .

6-5 وعلى الرغم من وضع الأسرة المعقد والنهاية المفجعة، ليس هناك أدنى دليل في أي من التقارير الشاملة عن الحالة النفسية أو التقارير المتعلقة بأي زيارة من الزيارات الخاضعة للإشراف يُفيد بأن حياة الطفلة أو سلامتها البدنية أو النفسية كانت معرضة للخطر. ومن المستح يل تحديد أي لحظة لم تكن فيها حالة الابنة القاصر خاضعة للمراقبة أو للإشراف من جانب الدوائر الملحقة بالمحكمة، وكان ذلك كله دائماً بهدف تحقيق مصلحة الطفلة. ولم يكن هناك في البيئة المباشرة للطفلة ما يُنبئ برد الفعل المأساوي الذي أقدم عليه ف. ر. س. والسلاح الذي كان معه كان سلاحاً غير قانوني، حيث إنه لم يكن لديه رخصة سلاح، ولم يكن يُعرف عنه أن لديه اهتماماً بالأسلحة.

6-6 أما فيما يتعلق عموما بالشكاوى المقدمة من صاحبة البلاغ بموجب المواد 2 و 5 و 16 من الاتفاقية والمتعلقة بالمسائل الهيكلية ذات الصلة بالتمييز ضد المرأة في إسبانيا، ترفض الدولة الطرف مقولة صاحبة البلاغ بأنه في وقت وقوع الأحداث، كان هناك في إسبانيا تقاعس عن ال حماية من العنف الجنساني، وأن الممارسات وأشكال السلوك والقوالب النمطية التمييزية كانت شائعة في المؤسسات وبين السلطات القضائية. وفي هذا الصدد، تُقدم الدولة الطرف قائمة بالإجراءات المتخذة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة منذ عام 1987، بما في ذلك خطتا ا لعمل الشاملتان الأولى والثانية لمكافحة العنف الأسري؛ والتعديلات المدخلة على قانون العقوبات وقانون الأحكام الجنائية بهدف تصنيف الجرائم المرتكبة ضد الحرية الجنسية بمزيد من الدقة، وللنص على تعويضات بشأنها، والتدابير المتخذة لحماية ضحايا سوء المعاملة. وينص قان ون تدابير الحماية الشاملة من العنف الجنساني لعام 2004 على تدابير إجرائية تتيح إجراءات سريعة وموجزة لاتخاذ تدابير لحماية النساء وأطفالهن، في المحاكم المدنية والجنائية في الوقت ذاته، فضلاً عن اتخاذ تدابير احترازية في حالات الطوارئ. وبالإضافة إلى ذلك، أنشئت د وائر ادعاء عام ومحاكم متخصصة في قضايا العنف ضد المرأة. وصدر قانون جديد، هو القانون رقم 35/199 5 المؤرخ 11 كانون الأول/ديسمبر بشأن تقديم المعونة والمساعدة لضحايا جرائم العنف والجرائم المرتكبة ضد الحرية الجنسية.

6-7 وفيما يتعلق بالمادتين 5 و 16 من الاتفاقية، تُشير الدولة الطرف إلى الإجراءات المتخذة لتدريب الموظفين في نظام القضاء، وإعداد دليل عملي بشأن تنفيذ قانون عام 2004، وإنشاء مرصد صورة المرأة في عام 1994، وإنشاء مراكز اللقاء الأسري. وتنفيذا لقانون عام 2004، تشم ل التدابير المتخذة، على وجه الخصوص، أنشطة التوعية والوقاية والكشف؛ وإنشاء هيئات إدارية تتولى مكافحة العنف القائم الجنساني؛ وإدخال تغييرات على تصنيفات جرائم معينة.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 في 9 آب/أغسطس 2013، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف.

7-2 وترفض صاحبة البلاغ ما احتجت به الدولة الطرف من أن الشكوى المعروضة على اللجنة تستند إلى دعوى المطالبة بتعويضات التي قُدمت في 27 نيسان/أبريل 2004، وتلاحظ أن الدولة تتعمد عدم الرد على الشكاوى الكثيرة التي قدمتها إزاء ما تعرضت له من اضطهاد وتحرش وعنف، والت ي وردت الإشارة إليها في دعواها المتعلقة بالمطالبة بالتعويض. وهذه الشكاوى لم تؤخذ في الاعتبار عندما قررت السلطات الإذن بزيارات غير خاضعة للإشراف. وقالت إن الدولة لم ترد أيضاً على ما قدمته من شكاوى بشأن العنف المستمر الذي تعرضت له ابنتها، والتي كانت أيضاً ضح ية للعنف الأسري ولكنها لم تحصل على أي حماية في هذا الشأن من جانب السلطات.

7-3 وعلى عكس البيانات التي صدرت عن الدولة الطرف، يشمل البلاغ الأول جميع الشكاوى الجنائية والمدنية المقدمة من صاحبة البلاغ خلال الفترة 1999-2003، أي قبل مقتل أندريا، بالإضافة إلى الدعاوى المقدمة بعد الوفاة. وقدمت صاحبة البلاغ دعوى مدنية بشأن كل نفقة لم تُدف ع، بدءاً من آذار/مارس 2000، ولكن المدعي العام لم يبدأ في توجيه التهم إلى ف. ر. س. إلا في 21 نيسان/أبريل 2003، أي قبل مقتل أندريا بثلاثة أيام. وكذلك تجاهلت المحاكم طلب صاحبة البلاغ استخدام منزل الأسرة نظراً إلى عدم دفع النفقة. وأول دعوى في هذا الصدد قُدمت ف ي 24 نيسان/أبريل 2000، ولكن جلسة الاستماع الخاصة بها لم تُعقد حتى 24 نيسان/أبريل 2003، وهو يوم مقتل أندريا. أما فيما يتعلق بالدعاوى الجنائية، فقد قدمت صاحبة البلاغ أكثر من 30 شكوى، أسفرت واحدة منها فقط عن إدانة، إذ حُكم فيها بغرامة قدرها 45 يورو كعقوبة. أم ّا الدعوى الإدارية المقدمة بعد مقتل أندريا فإنها تخص سوء أداء النظام القضائي بالمعنى الواسع، في الدعاوى التي شملت الأم والابنة، بما في ذلك إجراءات الانفصال والحضانة وترتيبات الزيارة، واستخدام منزل الأسرة، وعدم دفع النفقة، والشكاوى المتعلقة بالتهديدات والإي ذاء والعنف.

7-4 ولا تتفق صاحبة البلاغ مع تأكيد الدولة الطرف بأن سُبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد فيما يتعلق بالأفعال التي كانت هي ضحية لها. فقد كانت هي وابنتها ضحيتين لعنف واحد، وبالتالي لا يجوز التفريق بين إحداهما والأخرى.

7-5 وقد كانت المعلومات التي أدرجتها صاحبة البلاغ في بلاغها الأول بشأن السياق الذي حدثت فيه هذه الوقائع مهمة لإثبات أن عدم إيلاء العناية الواجبة في قضيتها مثال على عدم إيلاء العناية الواجبة الجاري به العمل في قضايا العنف الأسري. وعندما يكون هناك دليل على وج ود أنماط منهجية في ممارسة العنف ضد المرأة، أو لدى تسجيل معدلات عالية بشكل مفرط في ممارسة العنف ضد المرأة، وهو ما ينعكس في ارتفاع معدل حدوث العنف الأسري، فإن من الواضح أن الدولة تعرف، أو ينبغي لها أن تعرف، الخطر الذي تتعرض له النساء اللاتي يقدمن شكاوى عن تع رضهن للعنف على يد شُركائهن الحاليين أو السابقين. ولا يمكن قبول احتجاج الدولة الطرف بأن الخطر الذي تعرّضت له هي وابنتها لم يكن متوقعاً. إذ إن الدولة كانت على علم ليس فحسب بحالة العنف الأسري في إسبانيا، بل كانت على علم أيضاً بحالة صاحبة البلاغ وابنتها.

7-6 ولا يكفي، كي تقوم الدولة بواجبها في إيلاء العناية، سن تشريعات بشأن هذه المسألة، بل يجب إنفاذ تلك التشريعات. وفي إسبانيا، وعلى الرغم من اعتماد تدابير تشريعية، فإن سياق الإهمال الحكومي ما زال دائبا حاليا فيما يتعلق بحماية النساء والقُصَّر من العنف الأسري. وعلاوة على ذلك، لا يوجد تشريع يضع نظاماً لجبر الضحايا في حالة الإهمال. ويفتقر القانون أيضاً إلى أحكام بشأن حماية القُصَّر الذين يعيشون في بيئة يسودها العنف ومن ثم يكونون من ضحاياه أيضاً.

7-7 ولم تُعلق الدولة الطرف على عدم إجراء تقييم ملائم لما فيه المصلحة العليا للابنة القاصر أو بشأن انتهاك حقها في الاستماع إليها في الدعوى القضائية. وأفادت أندريا مرات عديدة أنها كانت خائفة من أبيها بسبب مناخ العنف الذي تعرضت له، وأنها كانت ترفض دائماً التل امس البدني والتواصل العاطفي معه. كان ذلك يستلزم أن تنظر السلطات والمحاكم فيما إذا كانت زيارات والدها تحترم حقها في الحياة وفي أن تعيش آمنة من العنف، وكذلك مبدأ إيلاء الأولوية لما فيه مصلحتها.

7-8 وطلبت صاحبة البلاغ إلى اللجنة توجيه التوصيات التالية إلى الدولة الطرف: (أ) الجبر الكامل أو دفع تعويض مناسب أو كلاهما، بوسائل منها رد قيمة النفقة غير المسددة إضافة إلى الفائدة المستحقة عليها؛ ورد قيمة الإيجار الذي تعين على صاحبة البلاغ أن تدفعه خلال الس نوات الثلاث التي حُرمت فيها من السكن في منزل الأسرة إضافة إلى الفائدة المترتبة عليه؛ والنفقات النقدية وغير النقدية؛ والجبر الرمزي بوسائل منها إنشاء صندوق يخلد ذكرى أندريا لفائدة الأطفال ضحايا العنف الأسري خاص بالمنظمات التي تنشط في هذا المجال؛ (ب) تعويض صا حبة البلاغ على ما لحقها من أضرار جسدية ونفسية؛ (ج) إجراء تحقيق مستفيض ونزيه في الأخطاء التي اعترت تنفيذ أوامر الحماية وتحديد مسؤوليات الموظفين العموميين؛ (د) الاعتذار علناً لصاحبة البلاغ عن أوجه القصور التي شابت حمايتها وحماية ابنتها؛ ( ﻫ ) إجراء تحقيق مستفي ض ونزيه في الأخطاء المتعلقة بحق أندريا في الاستماع إليها؛ (و) إجراء تحقيق مستفيض ونزيه في الأخطاء المتعلقة بالسماح بالزيارات بدون إشراف. وتطلب صاحبة البلاغ أيضاً أن يوصى بأن تراجع الدولة الطرف تشريعها المتعلق بالعنف الأسري بما فيه الجوانب الخاصة بتطبيق تدا بير الحماية، والرد على البلاغات عن التعرض للعنف المنزلي، وحقوق الوالد المعتدي في الزيارة والحضانة.

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول وفقاً للبروتوكول الاختياري. وتقرر اللجنة ذلك، عملاً بالفقرة 4 من المادة 72 من نظامها الداخلي، قبل النظر في أسس البلاغ الموضوعية.

8-2 ووفقاً للفقرة 2 (أ) من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، تُلاحظ اللجنة أن الموضوع ذاته لم يُنظر فيه في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

8-3 وتشتكي صاحبة البلاغ إلى اللجنة تعرضها هي وابنتها للعنف على يد زوجها السابق ووالد ابنتها طيلة سنوات، وأن هذا العنف انتهى بقتل ابنتها في 24 نيسان/أبريل 2003 خلال واحدة من الزيارات غير الخاضعة للإشراف التي تقررت بقرار من المحكمة قبل الحادث بعدة شهور. وهي تؤكد أنها أبلغت السلطات الإدارية والقضائية، قبل مقتل ابنتها، بالإيذاء الذي كانت تُعاني منه على يد زوجها السابق وطلبت الحماية.

8-4 وتلاحظ اللجنة أن بعض هذه الإيذاءات، والشكاوى التي ذكرت صاحبة البلاغ أنها قدمتها إلى السلطات، قد وقعت قبل 6 تشرين الأول/أكتوبر 2001، وهو تاريخ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري في إسبانيا. ولا تملك اللجنة من حيث الزمان اختصاص النظر في تلك الوقائع بشكل فردي، طبقاً للفقرة 2 ( ﻫ ) من المادة 4 من البروتوكول الاختياري. ولهذا السبب، سيقتصر نظر اللجنة في تلك الوقائع على مدى إيضاحها سياق الأحداث التي وقعت بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لإسبانيا.

8-5 وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه بعد دخول البروتوكول حيز النفاذ اتُخذ قراران قضائيان مفيدان بوجه خاص بشأن الأفعال التي أفضت إلى مقتل الابنة القاصر، وهما الأمر الصادر في 6 أيار/مايو 2002 عن محكمة نافالكارنيرو رقم 1 الذي أذن بترتيبات زيارات غير خاضعة للإشراف؛ وال قرار الصادر في 17 حزيران/يونيه 2002 القاضي برفض طلب الاستئناف الذي اعترضت فيه صاحبة البلاغ على تلك الترتيبات، وهو قرار لم يكن قابلا للاستئناف. وبالنظر إلى أن القرارين قد اتخذا بعد بدء نفاذ البروتوكول، فليس هناك ما يمنع اللجنة من النظر، بموجب الفقرة 2 ( ﻫ ) من المادة 4 من البروتوكول، في الوقائع الناشئة عنهما.

8-6 وفيما يتعلق بمدى استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تحيط اللجنة علما بما أبدته الدولة الطرف من ملاحظات مفادها أن صاحبة البلاغ لم تستنفد وسائل الانتصاف المذكورة، حيث إنه كان يتعين عليها الاستناد أمام المحاكم إلى وقوع خطأ قضائي واضح وليس إلى سوء أداء نظام الق ضاء . وفيما يتعلق بذلك الاعتراض ستقرر اللجنة، في ضوء الاتفاقية، ما إذا كانت صاحبة البلاغ قد بذلت جهودا معقولة كي تطرح أمام السلطات الوطنية شكاواها المتعلقة بانتهاك الحقوق النابعة من الاتفاقية. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علما بأن صاحبة البلاغ رفعت، بعد مقتل ابنتها، دعاوى استئناف إدارية وقضائية تطلب فيها الإقرار بمسؤولية الدولة عن سوء أداء نظام القضاء. ولقد رفعت بوجه خاص دعوتيْ استئناف أمام مكتب المدعي العام، ودعوى استئناف أمام المحكمة العليا الوطنية، ودعوى استئناف بالنقض أمام المحكمة العليا. وفي تلك الدعاوى ا ستندت صاحبة البلاغ إلى سوء أداء النظام القضائي نظرا إلى عدم وفاء المحاكم ومركز الخدمات الاجتماعية ومكتب المدعي العام بواجب إبداء العناية الواجبة، والخطأ بالسماح بترتيبات زيارة دون إشراف بين الأب وابنته. وقد رُفضت جميع تلك الدعاوى. إضافة إلى ذلك، رفعت صاحبة البلاغ دعوى لطلب الحماية أمام المحكمة الدستورية استندت فيها إلى وقوع انتهاك لحقوقها الأساسية فيما يتعلق بالظروف التي أفضت إلى مقتل ابنتها وعدم توفير الدولة الجبر اللازم لها. وقد رفضت المحكمة هذه الدعوى أيضا استنادا إلى أنها غير صلة بالدستور. وفي ضوء ما قد مته صاحبة البلاغ من إيضاحات بصدد الغرض من دعاوى الاستئناف المقدمة منها، الذي لا يقتصر على وجود خطأ قضائي، ونظرا إلى أن الدولة الطرف لم تشر إلى إمكانية وجود سبل قانونية أخرى كان يمكن من خلالها الاستجابة بفعالية للدعاوى القضائية المحددة والشاملة التي رفعتها صاحبة البلاغ، ترى اللجنة أنه قد تم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية في الشكوى إزاء إقرار السلطات ترتيبات زيارة غير خاضعة للإشراف وعدم توفير الجبر اللازم مقابل ما أسفرت عنه تلك الترتيبات من عواقب سلبية.

8-7 وفيما يتعلق بالاعتراض على المقبولية الذي قدمته الدولة الطرف بموجب الفقرة 2 (ج) من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، ترى اللجنة أن شكاوى صاحبة البلاغ فيما يتعلق بوضع ترتيبات زيارات غير خاضعة للإشراف ودفع تعويضات عن مقتل أندريا كانت مدعمة بالأدلة الكافية اللازمة لأغراض المقبولية. وعليه، ونظراً إلى عدم وجود أسباب أخرى تحول دون ذلك، فإن اللجنة ترى أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 7 من البروتوكول الاختياري.

9-2 والمسألة المعروضة على اللجنة هي مسألة تتعلق بمسؤولية الدولة عن عدم القيام بواجبها في إيلاء العناية الواجبة للأحداث التي أفضت إلى مقتل ابنة صاحبة البلاغ. وترى اللجنة أن من الثابت أن القتل وقع في سياق عنف أسري استمر لعدة سنوات وأن الدولة الطرف لا تدحض ذل ك . ويدخل في ذلك السياق أيضا رفض ف. ر. س. دفع النفقة والنزاع الذي ثار بصدد استعمال منزل الأسرة. وتشير اللجنة إلى أن مهمتها تتلخص في أن تبحث، في ضوء الاتفاقية، القرارات التي اتخذتها السلطات الوطنية في مجال اختصاصها وأن تحدد ما إذا كانت هذه السلطات باتخاذها ت لك القرارات قد أخذت في الاعتبار الالتزامات المنبثقة عن الاتفاقية. وفي القضية قيد النظر، يجب أن يكون العامل الحاسم هو ما إذا كانت تلك السلطات قد طبقت مبادئ العناية الواجبة واتخذت تدابير معقولة لحماية صاحبة البلاغ وابنتها من الأخطار التي يمكن أن تتعرضا لها ف ي سياق عنف أسري متواصل.

9-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف ومفادها أنها ما كان يمكن لها أن تتنبأ بسلوك ف. ر. س. وأنه لم يرد في التقارير عن الحالة النفسية وتقارير مركز الخدمات الاجتماعية ما يُنبئ بأن هناك خطراً يحدق بحياة الابنة القاصر أو سلامتها البدنية أو النفسية. ولا يمكن للجنة، في ضوء المعلومات الواردة في ملف القضية، أن تتفق مع هذه المقولة للأسباب التالية: أولاً، تُلاحظ اللجنة أن حكم الانفصال النهائي بين الزوجين، الذي صدر في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، سبقته حوادث عنف كثيرة تعرضت لها صاحبة البلاغ، وشهدت عليها الابنة القا صر في كثير من الأحيان. وأصدرت المحاكم أوامر إبعاد تجاهلها ف. ر. س. دون أن تنجم عن ذلك أي عواقب قانونية بالنسبة له. والمرة الوحيدة التي أدين فيها بسبب المضايقات كانت في عام في 2000، واقتصرت العقوبة على غرامة مالية قدرها 45 يورو. ثانياً، أنه على الرغم من طلب ات صاحبة البلاغ، لم تشمل أوامر الإبعاد التي أصدرتها السلطات الابتعاد عن الابنة القاصر، وتم إبطال مفعول أمر إبعاد صدر في عام 2000 بشأن الابنة نتيجة الطعن المقدم من ف. ر. س. بغية عدم الإضرار بالعلاقة بين الأب وابنته. ثالثاً، أن تقارير مركز الخدمات الاجتماعية كانت تؤكد باستمرار أن ف. ر. س. كان يستخدم ابنته لإرسال رسائل عدائية إلى صاحبة البلاغ. وكانت تشير أيضاً إلى الصعوبات التي كان يجدها ف. ر. س. في تكييف سلوكه كي يتلاءم مع صغر سن القاصر. رابعاً، أنه جاء في تقرير عن الحالة النفسية صدر في 24 أيلول/سبتمبر 2001 أ ن ف. ر. س. كان يُعاني من ’’اضطراب وسواسي قهري وسمات غيرة وميل نحو تشويه الواقع يمكن أن يتطور إلى اضطراب شبيه بالهذيان‘‘. خامساً، صدرت تقارير شتى عن مركز الخدمات الاجتماعية في الأشهر التي استمرت خلالها الزيارات غير الخاضعة للإشراف أشارت إلى احتمال حدوث ظروف غير لائقة كان الأب يسأل فيها الطفلة مراراً عن حياة أمها الخاصة، وكذلك إلى ضرورة الاستمرار في رصد ترتيبات الزيارات. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن ف. ر. س. دأب منذ بداية الانفصال وبدون مبرر على عدم الوفاء بالتزام دفع النفقة. وعلى الرغم من أن صاحبة البلاغ أبلغت عن هذه الحالة مراراً وتكراراً مبينةً صعوبة وضعها المالي، فإن السلطات القضائية لم تتخذ أي إجراء إلا في 13 شباط/فبراير 2003 وذلك بالحجز على أجور ف. ر. س. وبالمثل، اضطرت صاحبة البلاغ إلى الانتظار ثلاث سنوات حتى تعقد المحكمة جلسة استماع للنظر في طلبها استخدام منز ل الأسرة.

9-4 وتلاحظ اللجنة أنه خلال الفترة التي طُبقت فيها ترتيبات الزيارة التي حددها القضاء، كان هدف السلطات القضائية ومركز الخدمات الاجتماعية والخبراء النفسيين الأساسي هو استعادة العلاقات الطبيعية بين الأب وابنته، على الرغم من التحفظات التي أبدتها هاتان الهيئتان بشأن سلوك ف. ر. س. ولا يتبين من القرارات الصادرة في هذا الصدد أي اهتمام من جانب تلك السلطات بتقييم المزايا أو الأضرار المحتملة بالنسبة للابنة القاصر من جراء جميع جوانب الترتيبات المفروضة. ويلاحَظ أيضا أن قرار الانتقال إلى ترتيبات الزيارات غير الخاضعة للإشر اف قد اتُّخذ دون الاستماع المسبق إلى صاحبة البلاغ وابنتها، ولم يُراع في هذا الصدد امتناع ف. ر. س. باستمرار عن دفع النفقة. وتعكس كل هذه العناصر نمطاً سلوكياً ينطوي على إذعان لفهم نمطي عن الحق في الزيارة يستند إلى المساواة الرسمية وأتاح، في القضية قيد النظر، مزايا واضحة للأب على الرغم من سلوكه المؤذي، وقلل إلى أدنى حد من مراعاة وضع الأم والابنة بصفتهما ضحيتان من ضحايا العنف، ووضعهما في موقع ضعف. وفي هذا الشأن، تذكّر اللجنة بأن مصلحة الطفل العليا يجب أن تكون من الاعتبارات الأساسية عند الحسم في مسائل حضانة الأب ناء وحقوق الزيارة، ومن ثم يجب على السلطات الوطنية أن تراعي وجود سياق من العنف الأسري عندما تتخذ قرارات في هذا الصدد.

9-5 وترى اللجنة بدايةً أن سلطات الدولة الطرف اتخذت إجراءات بقصد حماية الابنة القاصر في حالة عنف أسري. ومع ذلك، اتُّخذ قرار السماح بزيارات غير خاضعة للإشراف دون توفير الضمانات الضرورية ودون أن يؤخذ في الاعتبار أن نمط العنف الأسري الذي اتسمت به العلاقات الأس رية لعدة سنوات، والذي لم تطعن فيه الدولة الطرف، كان لا يزال موجوداً. ويكفي التذكير في هذا الصدد بأن القرار القضائي الصادر في 17 حزيران/يونيه 2002 أشار إلى سلوكيات بعينها غير لائقة صدرت عن ف. ر. س. إزاء ابنته؛ وأن الأب في تلك الفترة استمر في تجاهل التزامه ا لقانوني بدفع النفقة دون عقاب؛ وأنه استمر في التمتع باستخدام منزل الأسرة على الرغم من مطالبات صاحبة البلاغ في هذا الشأن.

9-6 وتُذكِّر اللجنة بتوصيتها العامة رقم 19 (1992)، التي جاء فيها أن العنف ضد المرأة الذي يعوق أو يمنع تمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية بموجب القانون الدولي أو بموجب شتى اتفاقيات حقوق الإنسان يعد تمييزاً بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية ( ) . وهذا التمييز لا يقتصر على الإجراءات التي تقوم بها الحكومات أو تُتخذ باسمها. ولذلك، يجب على الدول الأطراف، على سبيل المثال، بموجب المادة 2 ( ﻫ ) من الاتفاقية أن تتخذ جميع الإجراءات المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة المرتكب من أي شخص أو منظمة أو مؤسسة. وع لى هذا الأساس، ترى اللجنة أن الدول قد تكون مسؤولة أيضاً عن الأفعال الصادرة عن الأشخاص العاديين إن لم تتصرف بالعناية الواجبة لمنع انتهاكات الحقوق أو للتحقيق في أعمال العنف والمعاقبة عليها، ودفع تعويض للضحايا ( ) .

9-7 وتذكّر اللجنة كذلك بأن من واجب الدول الطرف، بموجب المادة 2 (أ) من الاتفاقية، ضمان تحقيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الواقع العملي عن طريق إصدار قانون أو بوسائل أخرى ملائمة، وأنه بموجب المادتين 2 (و) و 5 (أ) من الاتفاقية، يقع على الدول الأطراف واجب ا تخاذ التدابير المناسبة لتعديل أو إلغاء ما يشكل تمييزا ضد المرأة، ليس فحسب من القوانين والأنظمة القائمة، وإنما أيضا من الأعراف والممارسات. ويقع على الدول الأطراف أيضاً بموجب الفقرة 1 من المادة 16 واجب اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأ ة في جميع المسائل المتصلة بالزواج والعلاقات الأسرية. وفي هذا الصدد، تُشدد اللجنة على أن القوالب النمطية تؤثر في حق المرأة في محاكمة نزيهة، وأنه يجب على الهيئة القضائية ألاّ تُطبق معايير جامدة استناداً إلى أفكار مسبقة عما يشكل عنفاً أسريا ( ) . وفي القضية قيد النظر، ترى اللجنة أن سلطات الدولة، بقرارها وضع ترتيبات لزيارات غير خاضعة للإشراف، قد طبقت مفاهيم نمطية ومن ثم تمييزية في سياق عنف أسري، فلم تف بالتزاماتها بتوخي العناية الواجبة، وبالتالي لم تف بالتزاماتها بموجب المواد 2 (أ) و (د) و ( ﻫ ) و (و)؛ و 5 (أ) و 16 (1) (د) من الاتفاقية.

9-8 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قد عانت من ضرر جسيم وتحيز لا يمكن إصلاحه على إثر فقدان ابنتها والانتهاكات المبيّنة. وعلاوة على ذلك، باءت بالفشل الجهود التي بذلتها للحصول على تعويض. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن عدم اتخاذ الدولة الطرف تدابير للجبر يُشكل انتها كاً لالتزاماتها بموجب الفقرتين (ب) و (ج) من المادة 2 من الاتفاقية.

9-9 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد اتبعت نموذجاً شاملاً يستهدف التصدي للعنف الأسري ويشمل إصدار تشريعات والتوعية والتثقيف والتدريب. ومع ذلك، فلكي تتمتع المرأة ضحية العنف الأسري بالتطبيق العملي لمبدأ عدم التمييز والمساواة الحقيقية وبحقوق الإنسان والحريات ا لأساسية، يجب أن تُدعَّم الإرادة السياسية المُعبَّر عنها في النموذج السالف الذكر بتقيد موظفي الدولة بالالتزامات من خلال إيلاء العناية الواجبة الواقعة على عاتق الدولة الطرف ( ) . وتشمل تلك الالتزامات، واجب التحقيق في ما قد ترتكبه السلطات العامة من أخطاء أو إهم ال أو تقاعس من شأنه أن يؤدي إلى حرمان الضحايا من الحماية. وترى اللجنة أنه لم يتم الوفاء بهذا الالتزام في القضية قيد النظر.

10 - وعملاً بالفقرة 3 من المادة 7 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ومع مراعاة جميع الاعتبارات السابقة، ترى اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحبة البلاغ وابنتها المتوفاة، وذلك بموجب المواد 2 (أ) و (ب) و (ج) و (د) و ( ﻫ ) و (و)؛ و 5 (أ)؛ و 16 (1) (د) من الاتفاقية، مقترنة بالمادة 1 من الاتفاقية، والتوصية العامة رقم 19 الصادرة عن اللجنة.

11 - وتقدم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف:

(أ) بخصوص صاحبة البلاغ:

’ 1 ‘ منح صاحبة البلاغ جبراً ملائماً وتعويضاً كاملاً يتناسب مع جسامة انتهاكات حقوقها؛

’ 2 ‘ إجراء تحقيق مستفيض ونزيه بغرض تحديد الأخطاء التي طالت هياكل الدولة وممارساتها وأدت إلى عدم حماية صاحبة البلاغ وابنتها ؛

(ب) توصيات عامة:

’ 1 ‘ اتخاذ التدابير الملائمة والفعالة من أجل مراعاة السوابق في العنف الأسري لدى البت في حقوق الحضانة أو الزيارة فيما يتعلق بالأبناء، ومن أجل كفالة ألا تُعرِّض ممارسة حقوق الزيارة أو الحضانة للخطر سلامةَ ضحايا العنف، بمن فيهم الأبناء. ويجب تغليب المصلحة العل يا للطفل وحقه في الاستماع إليه في جميع القرارات التي تُتخذ في هذا الصدد ؛

’ 2 ‘ تعزيز تنفيذ الإطار القانوني بغية كفالة توخي السلطات المختصة العناية الواجبة في تناول حالات العنف الأسري بالشكل الملائم ؛

’ 3 ‘ توفير التدريب الإلزامي للقضاة والموظفين الإداريين المختصين بشأن تطبيق الإطار القانوني في مجال مكافحة العنف الأسري، بما يشمل تعريف العنف الأسري والقوالب النمطية الجنسانية، وكذلك توفير التدريب الملائم بشأن الاتفاقية، وبروتوكولها الاختياري والتوصيات العام ة الصادرة عن اللجنة، وبخاصة التوصية العامة رقم 19 (1992).

12 - ووفقاً للفقرة 4 من المادة 7 من البروتوكول الاختياري، ينبغي أن تولي الدولة الطرف الاعتبار الواجب لآراء اللجنة، إلى جانب توصياتها، وأن تقدم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، رداً كتابياً يتضمن معلومات عن أي إجراءات تكون قد اتخذتها في ضوء آراء اللجنة وتوصياته ا . ويتعين أن تقوم الدولة الطرف أيضاً بنشر آراء اللجنة وتوصياتها وتعميمها على نط اق واسع كي تصل إلى جميع قطاعات المجتمع المعنية.