المقدم من:

م. س. (يمثلها المحامي هيلغ نيرونغ)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا:

مقدمة البلاغ، وزوجها وطفلاه م ا القاصران

الدولة الطرف:

الدانمرك

تاريخ تقديم البلاغ:

15 آذار /مارس 2012 (ال بلاغ الأول)

المر ا جع:

قرار الفريق العامل بموجب المادتين 5 و 6 من البروتوكول الاختياري، والمادتين 63 و 69 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 19 آذار /مارس 2012 (لم ي صدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار:

22 تموز /يوليه 2013

المرفق

قرار اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، (الدورة الخامسة والخمسون)

* اشترك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في بحث هذا البلاغ: السيدة آيسي فريدي أكار، والسيدة نور الجيهاني، والسيدة باربرا بيلي، والسيدة أوليندا بارييلو - جوبادلا، والسيد نيكلاس برون، والسيدة نائلة جبر، والسيدة هيلاري غيبدمه، والسيدة نهله حيدر، والسيدة روس ألبرييم - كداري، والسيدة يوكو آياشي، والسيدة عصمت جاهان، والسيدة داليا لاينارتي، والسيدة فيولاتا نيوبور، والسيدة تيودور نوانكو، والسيدة براميلا باتن، والسيدة سيلفيا بيمنتل، والسيدة ماريا هيلانا بيريس، والسيدة بيانكاماريا بومينرزي، والسيدة باترشيا شولز، والسيدة دوبرانكا سومينوفيتش والسيدة زياو كوا.

البلاغ رقم 40/2012، م . س . ضد الدانمرك *

المقدم من:

م . س . (يمثلها المحامي هيلغ نيرونغ)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا:

مقدمة البلاغ، وزوجها، وطفلاه م ا القاصران

الدولة الطرف:

الدانمرك

تاريخ تقديم البلاغ:

15 آذار /مارس 2012 (ال بلاغ الأول)

المر ا جع:

قرار الفريق العامل بموجب المادتين 5 و 6 من البروتوكول الاختياري، والمادتين 6 3 و 69 من النظام الداخلي للجنة، الم ح ا ل إلى الدولة الطرف في 19 آذار /مارس 2012 (لم ي صدر في شكل وثيقة)

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وقد اجتمعت في 22 تموز /يوليه 2013 ،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن المقبولية

1-1 مقدمة البلاغ هي م. س.، مواطنة باكستانية ولدت في عام 1982. وهي تقدم البلاغ بصفتها الشخصية، وباسم زوجها وطفليها القاصرين، وجميعهم من رعايا باكستان . وقد التمست مقدمة البلاغ وأسرتها اللجوء إلى الدانمرك؛ ورُفض طلبهم، وفي وقت تقديم البلاغ، كانت الأسرة تنتظر ترحيلها من الدانمرك إلى باكستان. وتدعي مقدمة البلاغ أن ترحيلها هي وأسرتها إلى باكستان سيشكّل انتهاكا من جانب الدانمرك لحقوقهم بموجب المواد 1 و 2 و 3 و 5 و 12 و 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لدى قراءتها بالاقتران مع التوصية العامة للجنة رقم 19. ويمثل مقدمة البلاغ المحامي هيلغ ن يرو نغ . وقد دخل البروتوكول الاختياري للاتفاقية حيِّز النفاذ في الدانمرك في 22  كانون الأول/ديسمبر 2000.

1-2 وبناء على طلب مقدمة البلاغ، وبعد استعراض حالتها، قرر الفريق العامل المعني بالبلاغات، باسم اللجنة، وعملا بالمادة 5 (1) من البروتوكول الاختياري والمادة 63 من النظام الداخلي للجنة، منح تدابير مؤقتة وطلب من الدولة الطرف الامتناع عن طرد مقدمة البلاغ وطفليها القاصرين إلى باكستان في الوقت الذي كان فيه بلاغها قيد نظر اللجنة. وقد وافقت الدولة الطرف على ذلك الطلب.

1-3 وفي 6 تموز /يوليه 2012، قررت اللجنة، عن طريق فريقها العامل المعني بالبلاغات، وعملا بالمادة 66 من النظام الداخلي للجنة النظر في مقبولية البلاغ بشكل مستقل عن أُسسه الموضوعية.

خلفية وقائعية

2-1 مقدمة البلاغ وأسرتها من روالبندي في باكستان، وهم ينتمون إلى أقلية مسيحية من الإثنية الأنغلو -هندي ة ، التي ت تكلم الإنكليزية بوصفها لغته ا الأم. وتدعي مقدمة البلاغ أنها تعرضت دائما للتمييز كمسيحية، وعندما أصبحت شابة، تحول هذا التمييز إلى تحرُّش جنسي. وهي تشير إلى أحداث متكررة لاعتداءات لفظية علنية، فضلا عن لمس أجزاء حساسة من قِبَل أفراد لم تحددهم. وتدعي بأنها عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، طلب منها شخص مسلم يُدعى أ.غ. مواعدته. وقال لها إنه سيجعلها ” في منزلة موازية “ ، أي ليس من أجل علاقة جادة. فحسب رأيه، لكونها امرأة مسيحية، مسموح لها بعلاقات جنسية قبل الزواج. وعندما رفضت، هددها بأعمال انتقامية، بيد أنها لم تأخذ تهديداته على محمل الجد. ومع ذلك، في آذار /مارس 2002، جاءت الشرطة إلى منزل مقدمة البلاغ وألقت القبض على أحد أخويها دون أي مبررات. واتصل أ.غ. في اليوم التالي وقال لها أن أخاها أُلقي القبض عليه بناء على طلبه، حيث أن أخاه مسؤول رفيع المرتبة في الشرطة. وأُطلق سراح أخيها بعد أن قامت أسرتها بدفع رشوة.

2-2 وعقب هذه الأحداث، قررت أسرة مقدمة البلاغ الانتقال إلى مكان آخر. وفي عام 2003، حصلت مقدمة البلاغ على وظيفة في مستشفى. وعلم أ.غ. بهذا وجاء إلى المستشفى صائحا وموجها لها إهانات، مدعيا إنهما كانا على علاقة بيد أنها خانته. ونتيجة لذلك أُرغمت مقدمة البلاغ على الاستقالة. وتركت وظيفتها الثانية لأنها تعرضت لتحرش جنسي من رئيسها، الذي كان يعتبر أن النساء المسيحيات خليع ات. وفي وظيفتها الجديدة في أحد المصارف، تعرضت مرة أخرى للتحرُّش الجنسي من جانب رؤسائها. وبالإضافة إلى ذلك، جاء أ.غ. إلى مكتبها في أحد الأيام وقال لرئيسها إنها كانت على علاقة معه وأن أسرتها منغمسة في البغاء. ونتيجة لهذه الإهانة تركت وظيفتها.

2-3 وحصلت مقدمة البلاغ على تأشيرة إقامة مؤقتة كجليسة للأ طفال والمساعدة في الأعمال المنزلية مقابل المأكل والمسكن في الدانمرك بمساعدة شقيقتها التي كانت تعيش هناك. ووصلت إلى الدانمرك في كانون الثاني/يناير 2007. وكرر أ.غ. تهديداته بأن اتصل على رقم هاتف شقيقتها في الدانمرك. وظلت مقدمة البلاغ تتلقى تهديدات يوميا ( ) . وفي أحد الأيام طلب منها أ.غ. أن تتصل بأسرتها في باكستان. وعندما فعلت ذلك علمت أن شقيقها الأكبر أُلقي القبض عليه بواسطة الشرطة دون أي مبررات وضُرب ضربا مبرحا وهو قيد الاحتجاز. وتمكنت الأسرة من إطلاق سراح أخيها بعد دفع رشوة.

2-4 وفي آذار /مارس 2008، تعرضت أمها لمشاكل صحية، وفي أيار /مايو 2008 عادت مقدمة البلاغ إلى باكستان لرعاية أمها. وهناك التقت مقدمة البلاغ بزوج المستقبل. وتزوجا في حزيران /يونيه 2008 بالرغم من تهديدات أ.غ. ولبضع شهور لم تتلق مكالمات من أ.غ. غير أنه في إحدى المرات عندما كانت مقدمة البلاغ وحدها أثناء الليل، جاء أ.غ. مع بضعة أصدقاء واقتحموا المنزل. وتعرضت مقدمة البلاغ وزوجة أخيها إلى إهانات لفظية وإلى البصق على وجهيهما. كما جرى تهديد مقدمة البلاغ بالسجن بسبب إقامتها في الدانمرك.

2-5 وفي تشرين الأول/أكتوبر 2008، ودون أي سبب ألقت الشرطة القبض على زوج مقدمة البلاغ وعلى شقيقها الأصغر بناء على ادعاءات كاذبة من أ.غ. وأمضيا أسبوعا في السجن حيث أُسيئت معاملتهما. ولم يُطلق سراحهما إلا بعد قيام أقاربهما بدفع رشوة.

2-6 وظلَّت مقدمة البلاغ تتلقى تهديدات هاتفية من أ.غ. أثناء عملها في شركة أجنبية في باكستان. وكانت حاملا في ذلك الوقت، وبسبب هذا الضغط، وضعت مولودتها مبكرا في 14 آذار /مارس 2009، قبل شهرين من موعد الولادة. وهدد أ.غ. ب اختطاف مولودة مقدمة البلاغ من المستشفى.

2-7 ومُنحت مقدمة البلاغ وأسرتها تأشيرة سياحية للدانمرك بناء على دعوة من شقيقة مقدمة البلاغ. وغادرت الأسرة باكستان في 5 أيلول /سبتمبر 2009. والتمست الأسرة اللجوء في الدانمرك، بدعوى الخوف من التعرض للاضطهاد في باكستان على يد أ.غ، ومن اعتداءات جنسية تهدد حياتهم وأن زوج مقدمة البلاغ سيتعرض للقتل بناء على اتهامات زائفة وجهتها السلطات ضده. وادعت الأسرة أن أ.غ. ينتمي إلى أسرة رفيعة المكانة وأن أخاه مسؤول في الشرطة برتبة رفيعة يمكنه تحديد مكانهم في أي موضع في باكستان، مما يجعلهم دون أي حماية.

2-8 ورفضت دائرة الهجرة الطلب الذي قدمته مقدمة البلاغ وأسرتها لالتماس اللجوء. كما رفض مجلس طعون اللاجئين الطعن المقدم منهم في 9 آذار /مارس 2012؛ ويُعد هذا القرار باتا ولا يخضع لأي طعن آخر. وخلص المجلس إلى أن من المعقول بالنسبة لمقدمة البلاغ وأسرتها أن تتخذ لها مقاما في مكان آخر في باكستان. ولم تجد أن التحرُّش الذي تعرضت له مقدمة البلاغ وأسرتها باعتبارهم مسيحيين يرقى إلى حد الاضطهاد أو أن حالة المسيحيين في باكستان تدل على أنه سيكون من غير المعقول لتلك الأسرة أن تُقيم في مكان آخر في باكستان.

الشكوى

3 - تدعي مقدمة البلاغ أنها وأسرتها ضحايا لانتهاكات المواد 1 و 2 و 3 و 5 و 12 و 16 من الاتفاقية، والتوصية العامة للجنة رقم 19. وتزعم أنها تعرضت لتحرُّش جنسي في باكستان، وأن ثلاثة من أشقائها وزوجها أُلقي القبض عليهم واحتجزوا بواسطة الشرطة وضربوا ضربا مبرحا وأهينوا. كما تدعي أن أحد أشقائها تُوفي في 12 كانون الثاني/يناير 2010، نتيجة لجروح بليغة أصابته أثناء الاحتجاز. وتدعي أنه بترحيلها هي وأسرتها إلى باكستان، تكون الدانمرك قد انتهكت الاتفاقية لأن السلطات الباكستانية لن تكون قادرة على توفير الحماية لهم في بلدهم الأصلي.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 طعنت الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 21 أيار /مايو 2012، في مقبولية البلاغ. وتشير إلى أن مقدمة البلاغ وأسرتها وصلوا إلى الدانمرك في 5 أيلول /سبتمبر 2009، وتقدموا بطلب للحصول على حق اللجوء في 8 أيلول /سبتمبر 2009. وقد أوضحوا لسلطات اللجوء أنهم من إثنية أنغلو هندية وأن عقيدتهم مسيحية وأنهم من روالبندي في باكستان. وأنهم ليسوا أعضاء في أي رابطات أو منظمات سياسية أو دينية أو يمارسون أي نشاط سياسي على نحو آخر. وأكدوا أنهم يخشون من الاضطهاد من جانب فرد اضطهدهم من قبل. ولإثبات ذلك ادعوا أن مقدمة البلاغ قد تعرضت للتحرُّش عدة سنوات من جانب الشخص المعني، الذي أراد إقامة علاقة معها. وادعوا كذلك أن هذا الشخص ينتمي إلى أسرة رفيعة وأن أخاه مسؤول رفيع المستوى في الشرطة يمكنه العثور عليهم في أي مكان في باكستان. وادعوا أنه بسبب ذلك لن يمكنهم التمتع بالحماية من جانب السلطات الباكستانية. وأشاروا أيضا إلى اضطهاد المسيحيين في باكستان.

4-2 وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، رفضت دائرة الهجرة الطلب المقدم من مقدمة البلاغ وأسرتها للحصول على اللجوء. وقدمت مقدمة البلاغ وأسرتها طعنا إلى مجلس طعون اللاجئين. وفي 9 آذار /مارس 2012، أيَّد المجلس قرار دائرة الهجرة. وخلص المجلس إلى أن مقدمة البلاغ وأسرتها تعرضوا لتحرُّش وانتهاكات من أحد الأشخاص ومن أخيه ومن الشرطة المحلية عدة سنين. بيد أن المجلس لم يعتبر أن شقيق مقدمة البلاغ قُتل على يد الشرطة. وخلص المجلس، في جملة أمور، إلى أنه يجب أن يعتبر من المعقول بالنسبة لمقدمة البلاغ وأسرتها الإقامة في مكان آخر في باكستان حيث لا يمكن لمضطهدهم أن يتحرش بهم. وعلاوة على ذلك خلص المجلس إلى أنه لم يثبت أن مقدمة البلاغ وأسرتها تعرضوا لتحرُّش عام باعتبارهم مسيحيين في باكستان إلى الدرجة التي يمكن اعتبارها ترقى إلى مرتبة الاضطهاد في إطار المعنى الوارد في المادة 7 (1) من قانون الأجانب، وأن الأوضاع بالنسبة للمسيحيين في باكستان ليست بالتي تجعل من المستحيل لمقدمة البلاغ وأسرتها تغيير مكان إقامتهم في البلد. وخلص المجلس إلى أن مقدمة البلاغ وأسرتها لم يفوا بشروط الإقامة بموجب المادة 7 من قانون الأجانب ورفض طلبهم للحصول على اللجوء.

4-3 وتقدم الدولة الطرف تفصيلات تتعلق بصلاحيات وتكوين مجلس طعون اللاجئين والأساس القانوني لقراراته ( ) . وتشير كذلك إلى أنه عملا بالمادة 7 (1) من قانون الأجانب يصدر تصريح الإقامة للأجنبي إذا كان يندرج في إطار أحكام الاتفاقية المتعلقة بمركز اللاجئين (اتفاقية مركز اللاجئين) (اتفاقية المركز). عملا بالمادة 7 (2) من قانون الأجانب وصيغتها مماثلة لصيغة المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان)، كما يصدر تصريح الإقامة إلى الأجنبي إذا كان سيتعرض لخطر عقوبة الإعدام أو لخطر التعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في حال عودته إلى بلده الأصلي (مركز الحماية). وتُعد شروط منح تصريح الإقامة بموجب المادة 7 (2) من قانون الأجانب مستوفاة عندما تبين عوامل إفرادية محددة احتمال تعرض ملتمس اللجوء لخطر حقيقي للتعذيب في حال عودته لبلده الأصلي. وينبني على المادة 31 (2) من قانون الأجانب أنه لا يمكن إعادة أي أجنبي إلى بلد يتعرض فيه لخطر الاضطهاد للأسباب المبينة في المادة 1 (ألف) من اتفاقية اللاجئين، أو في حال عدم تمتعه بالحماية لدى إرساله إلى ذلك البلد.

4-4 وطبقا للدولة الطرف، ينبغي اعتبار هذا البلاغ غير مقبول من حيث المكان ومن حيث الموضوع بموجب المادتين 2 و 4 (2) (ب) من البروتوكول الاختياري نظرا لأن الدانمرك لا يمكن أن تعتبر مسؤولة بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عن الأفعال المشار إليها في البلاغ. وتلتمس مقدمة البلاغ تطبيق أحكام الاتفاقية بطريقة تتجاوز الحدود الإقليمية، لكن الادعاءات الواردة في البلاغ، في حين يمكن أن تُنسب إلى باكستان، لا يمكن أن تُنسب إلى الدانمرك. لذا فإن اللجنة غير مختصة بالنظر في الانتهاكات المزعومة فيما يتعلق بالدانمرك، كما لا يتماشى البلاغ مع أحكام الاتفاقية.

4-5 وتلاحظ الدولة الطرف أنه وإن خلت الاتفاقية ذاتها من شرط اختصاص واضح يحد من نطاق تطبيقها، فإن المادة 2 من البروتوكول الاختياري تنص بوضوح على أنه ” يجوز أن تقدَّم ال بلاغات من قِِبَل أو نيابة عن أفراد ومجموعات أفراد خاضعين لولاية دولة طرف يدعون أنهم ضحايا انتهاك تلك الدولة الطرف لأي من الحقوق الواردة في الاتفاقية “ . وبالتالي فإن الحق في تقديم التماس فردي يحد منه بوضوح شرط الاختصاص. ويترتب على ذلك أن مقدمة البلاغ يجوز لها فقط أن تقدم بلاغا يتعلق بالدانمرك إذا كانت مزاعم الانتهاكات للاتفاقية الواردة فيه قد ارتُكبت ضمن اختصاص الدانمرك (انظر المادة 2 من البروتوكول الاختياري). وفي الحالة الراهنة، لم يرتكب أي مسؤول دانمركي أو شخص عادي أو منظمة أو مؤسسة خاصة في إطار الولاية القضائية للدانمرك أي فعل عنيف، قائم على نوع الجنس أو غير ذلك، ضد مقدمة البلاغ أو أسرتها. كما لم تتقدم مقدمة البلاغ أو أسرتها بأي ادعاءات ضد الدانمرك لهذا الغرض. ومع أن مقدمة البلاغ وأسرتها يقيمون مؤقتا بالفعل في الدانمرك ومن ثم يخضعون لولاية الدانمرك، لا ترتكز ادعاءاتهم على أي معاملة سوف يعانون منها في الدانمرك، أو في أي منطقة سيكون للسلطات الدانمركية سلطة فعلية عليها أو نتيجة لسلوك السلطات الدانمركية، وإنما لعواقب قد يعانون منها إذا رجعوا إلى باكستان. وتشتكي مقدمة البلاغ من أنها وأسرتها سيعودون إلى مكان يزعمون أنهم سيتعرضون فيه لمعاملة تمييزية تخالف الاتفاقية. بيد أن قرار إعادتها هي وأسرتها إلى باكستان لا يمكن أن يرتب مسؤولية على الدولة الطرف بموجب المواد 1 و 2 و 3 و 5 أو 16 من الاتفاقية.

4-6 وبحسب الدولة الطرف، فإن مفهوم الاختصاص لأغراض المادة 2 من البروتوكول الاختياري يجب اعتباره مرادفا لمعنى المصطلح الوارد في القانون الدولي العام. ومن ثم فإن عبارة ” ضمن اختصاص الدولة الطرف “ يجب فهمها على أنها تعني أن الاختصاص القضائي للدولة إقليمي بالدرجة الأولى وأن من المفترض أن يمارس الاختصاص القضائي للدولة بصورة طبيعية في شتى أنحاء إقليمها. وفي ظروف استثنائية فقط يمكن لتصرفات معينة تقوم بها الدولة الطرف أن تُنتج آثارا خارج إقليمها، مما يُرتب مسؤولية عليها (ويُعرف بأنه ” الأثر الخارج عن نطاق ا لإختصاص الإقليمي “ ). ولا تتوفر مثل تلك الظروف الاستثنائية في الحالة الراهنة ولا يمكن اعتبار الدانمرك مسؤولة عن انتهاكات الاتفاقية التي يتوقع أن ترتكبها دولة طرف أخرى خارج إقليم الدانمرك واختصاصها القضائي. وتشير الدولة الطرف أيضا إلى أن مسألة الأثر الخارج عن نطاق الاختصاص الإقليمي لم يجر تناوله مباشرة في الأحكام الفقهية للجنة وليست هناك أي مؤشرات على أن أحكام الاتفاقية المعنية تنطبق خارج الاختصاص الإقليمي ( ) .

4-7 وأوضحت الدولة الطرف كذلك أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان شددت بوضوح في سوابقها القضائية، على الطابع الاستثنائي لتوفير الحماية خارج الولاية الإقليمية فيما يتعلق بالحقوق الواردة في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وبالفعل في قضية سويرينغ ضد المملكة المتحدة (الطلب رقم 14038/88، الحكم المؤرخ 7 تموز /يوليه 1989)، طبقت المحكمة مبدأ تجاوز الاختصاص الإقليمي على المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب ) ، التي تحظر بوضوح على الدول طرد، أو إعادة أو تسليم شخص إلى دولة أخرى عندما تتوافر مبررات جوهرية للاعتقاد بأن هذا الشخص سيكون في خطر من التعرض للتعذيب.

4-8 ومنذ ذلك الوقت، أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذا الحكم في عدد من المناسبات. ففي قضية ف.هـ. ضد المملكة المتحدة (الطلب رقم 17341/03، القرار المؤرخ 22  حزيران /يونيه 2004)، كان مقدم الطلب مواطنا إيرانيا التمس حق اللجوء في المملكة المتحدة، مدعيا تعرضه للاضطهاد بسبب مثليته الجنسية ودفع بأن ذلك سيكون انتهاكا للمادة 8 (الحق في الحياة الخاصة والأسرية) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان إذا طرد إلى إيران، نظرا لأن النشاط الجنسي بين المثليين بالتراضي محظور هناك. ولاحظت المحكمة أن سوابقها القضائية خلصت إلى وجود مسؤولية تتعلق بالدول المتعاقدة فيما يت صل بطرد أشخاص يتعرضون لخطر معاملة تتعارض مع المادة 2 (الحق في الحياة) والمادة 3 (حظر التعذيب) من الاتفاقية. ومضت المحكمة لتنص على ما يلي:

لا تسري تلقائيا تلك الاعتبارات القاهرة في إطار الأحكام الأخرى للاتفاقية. ولأسباب عملية بحتة، لا يمكن أن يُطلب من دولة متعاقدة طردت شخصا أجنبيا ألا تعيد ذلك الشخص الأجنبي إلى بلد يقوم بالإنفاذ الكامل والفعال لجميع الحقوق والحريات الواردة في الاتفاقية.

4-9 وفي قضية ز. و ت. ضد المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية (الطلب رقم 27034/05، القرار المؤرخ 28 شباط /فبراير 2006) ذكرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن مبدأ تجاوز الاختصاص الإقليمي ينبغي أن يطبق في الأغلب على انتهاكات المادة 2 (الحق في الحياة) والمادة 3 (حظر التعذيب) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة 5 (الحق في الحرية والأمن) والمادة 6 (الحق في محاكمة عادلة) من الاتفاقية، إذا كان الشخص المطرود سيتعرض لخطر انتهاك صارخ للحقوق في الدولة المستقبِلة له. وكانت هذه القضية بشأن انتهاك مزعوم للمادة 9 (حرية الفكر، والضمير والدين) من الاتفاقية، في حال إعادة مقدمي الطلبات إلى باكستان، حيث زعموا أنهم لن يتمكنوا من العيش كمسيحيين دون المخاطرة بإثارة اهتمام سلبيٍ أو اتخاذ خطوات لإخفاء دينهم. ولاحظت المحكمة ما يلي:

حيثما ادعى أحد الأفراد مع ذلك أنه عند عودته إلى بلده سيجد عوائق تتعلق بعبادته بطريقة لا ترقى إلى تلك المستويات المحظورة، ترى المحكمة أنه لا يمكن الحصول إلا على القليل جدا من المساعدة المحدودة، إن كان ثمة مساعدة، من المادة 9 في حد ذاتها. وخلافا لذلك يكون الأمر بمثابة فرض التزام على الدول المتعاقدة بأن تعمل بالفعل كضامن غير مباشر لحرية العبادة في بقية العالم.

4-10 وتشير الدولة الطرف إلى أنه، بالمثل، تنص المادة 1 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مثل المادة 2 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، على أنه يجوز للجنة المعنية بحقوق الإنسان تلقي بلاغات من أفراد يخضعون لاختصاص دولة طرف ويدعون أنهم ضحايا انتهاك لأي من الحقوق المبينة في العهد على يد تلك الدولة الطرف. وتبين للجنة المعنية بحقوق الإنسان مثلما تبين للجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في عدد من المناسبات أن ترحيل أشخاص بواسطة دول أطراف إلى دول أخرى، بما قد يسبب انتهاكا متوقعا لحقهم في الحياة وعدم التعرض للتعذيب على النحو المبين في المادتين 6 و 7 من العهد، سوف يؤدي إلى انتهاك حقوقهم الواردة في الاتفاقية. بيد أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لم تنظر قط في بلاغ يتعلق بترحيل شخص يخشى انتهاكا لحقوق الإنسان بشكل ” أقل “ في الدولة المستقبِلة (أي انتهاك لحق قابل للتقييد) من حيث أسسه الموضوعية.

4-11 وترد بشكل واضح الالتزامات القانونية ضد الطرد الذي قد يعرض الشخص لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في اتفاقية مناهضة التعذيب وفي المادتين 6 و 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولئن فسرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الأحكام الأخيرة بأنها توفر حماية ضمنية ضد الطرد الذي قد يعرض شخصا لعقوبة الإعدام وللتعذيب أو لتهديدات خطيرة لحياته وأمنه، فإن اتفاقية القضاء على جمبع أشكال التمييز ضد المرأة لم تتناول بصورة مباشرة (أو غير مباشرة) الطرد الذي يؤدي للتعذيب أو إلى تهديدات خطيرة أخرى لحياة الشخص وأمنه.

4-12 وتدفع الدولة الطرف بأنها تدرك موقف اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة على النحو الوارد في توصيتها العامة رقم 19 من أن العنف الجنساني شكل من أشكال التمييز من شأنه أن يضر أو يلغي تمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، مثل الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحق الشخص في الأمن. بيد أن هذا لا يغير من حقيقة أن الدولة الطرف تكون مسؤولة فقط عن الانتهاكات التي تُرتكب تحت ولايتها ولا يمكن أن تعد مسؤولة بموجب الاتفاقية عن التمييز الذي يحدث تحت ولاية دولة أخرى. ويصدق هذا حتى لو تمكنت مقدمة البلاغ من أن تدلل على أنها ستتعرض للتمييز بموجب أحكام الاتفاقية نتيجة للعنف الجنساني في باكستان.

4-13 وبحسب الدولة الطرف، لا تشكل إعادة النساء اللاتي يصلن إلى الدانمرك لمجرد الهرب من المعاملة التمييزية في بلدهن مهما كان الاعتراض على تلك المعاملة، انتهاكا للاتفاقية. ولو قُبِل الرأي المعارض، فلن يمكن للدول الأطراف إعادة الأجانب إلا إلى البلدان التي تتماشى فيها الأوضاع تماما مع كل من الضمانات والحقوق والحريات المبينة في الاتفاقية. ولا يمكن إلزام الدول الأطراف بإعادة الأجانب بموجب الاتفاقية إلا للبلدان التي تتماشى نُظمها القانونية مع مبدأ عدم التمييز الوارد في الاتفاقية. وفي ضوء ما سبق ذكره، تدعي الدولة الطرف أن البلاغ الحالي لا يتماشى مع أحكام الاتفاقية وينبغي اعتباره غير مقبول من حيث المكان ومن حيث الموضوع بموجب المادة 4 (2) - (ب) لدى قراءتها مقترنة بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-14 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن البلاغ غير مقبول فيما يتعلق بزوج مقدمة البلاغ و الإبن المولود في عام 2011، حيث لا يمكنهما الادعاء بأنهما كانا ضحي تين بموجب الاتفاقية. وتنص المادة 2 من البروتوكول الاختياري ع لى أن ه ي جوز أن تقدم البلاغ ات من ق ِ ب َ ل، أو نيابة عن أفراد أو جماعات من ال أفراد يدخلو ن ضمن ولاية دولة طرف ويدعون أنهم ضحايا لانتهاك من جانب تلك الدولة الطرف لأي حق من الحقوق ال وارد ة في الاتفاقية . وتتعلق الاتفاقية بالتمييز ضد المرأة. ولئن كان مصطلح ” المرأة “ غير محدد بوضوح في الاتفاقية، ف من الجلي أنه لا يمكن اعتبار الذكور البالغين وال أولاد نساء، ونتيجة لذلك لا يمكن اعتبارهم ضحايا انتهاك للاتفاقية.

4-15 وتدعي الدولة الطرف أيضا أن البلاغ غير مقبول على أساس أنه غير مدعوم بأسانيد كافية (انظر المادة 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري). ولم تحدد مقدمة البلاغ، أو تفسر بوضوح الحقوق الواردة في الاتفاقية التي تستند إليها فعلا وعوضا عن ذلك تشير ببساطة إلى المواد 1 و 2 و 3 و 5 و 16 من الاتفاقية. وليس جليا ما هي الانتهاكات التي تدعي مقدمة البلاغ أنها ستحدث لها بالفعل إذا عادت هي وأسرتها إلى باكستان كما أنها لا تدعم ادعاءها بأسانيد.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في الرسالة التي قدمتها صاحبة البلاغ في 20 حزيران /يونيه 2012 تشرح أنها استندت في رسالتها الخطية إلى مجلس طعون اللاجئين، المؤرخة 5 آذار /مارس 2012 إلى المواد 1 و 2 و 5 من الاتفاقية، إلى جانب التوصية العامة رقم 19 للجنة. وقد استندت إلى المادتين 3 و 16 من الاتفاقية في بلاغها الأول إلى اللجنة المؤرخ 15 آذار /مارس 2012. وتوضح مقدمة البلاغ أنها ترغب أيضا في الاستناد إلى المادة 12 من الاتفاقية ( ) . ونظرا لأن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ من حيث عدم استنفاد سُبُل الانتصاف المحلية، تعتبر مقدمة البلاغ أنه لم يعد هناك سُبُل انتصاف أخرى يتعين استنفادها في الدانمرك.

5-2 وتدعي مقدمة البلاغ أن اللجنة مختصة بالنظر في أشكال مختلفة من العنف الجنساني. وتشير على وجه التحديد إلى عدد من الحالات المتعلقة بالجرائم الجنسانية بما في ذلك الاغتصاب ( ) . وتدعي أن قضيتها تدور حول الخطر المحتمل للاغتصاب/الاعتداء الجنسي في باكستان وتشير إلى أن مدى تعرضها لتلك المخاطر يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ وليس بمقبوليته.

5-3 وتدعي كذلك أن أحكام الاتفاقية التي تتناول العنف ضد المرأة ينبغي أن يكون لها أثر يتجاوز الحدود الإقليمية، مثل المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولا سيما في الحالات التي قد يتمخض الترحيل فيها عن تعذيب أو معاملة لاإنسانية عند العودة. وتشير إلى عدم وجود أي سوابق قضائية في هذا الصدد، بيد أنها تدعي أنه يمكن للجنة أن توفر الحماية في حالات العنف ضد المرأة. وتشير مقدمة البلاغ إلى أنه في حالتها منحت اللجنة تدابير مؤقتة طالبة من الدولة الطرف الامتناع عن ترحيلها هي وطفليها القاصرين إلى باكستان. وتشير إلى حالات أخرى ( ) ، وهي بحسب قولها ” ي بدو أنها تشير “ إلى أن اللجنة تعتبر حالتها ” استثنائية “ و ” تؤكد “ أن أحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لها أثر يتجاوز الحدود الإقليمية.

5-4 وترفض مقدمة البلاغ زعم الدولة الطرف بأنه لا يمكن اعتبار زوجها وولدها ضحيتين بموجب الاتفاقية، وادعت أن زوجها كان عليه أن يهرب من باكستان بسبب مشاكلها وأن عائلتها بأكملها عانت من التمييز في باكستان ولذلك فإنها تخشى العودة إلى هناك. وإضافة إلى ذلك، فإن الذكور البالغين والأولاد قد يصبحوا أيضا ضحايا عدم المساواة والتمييز الجنسانيين.

5 -5 وأخيرا ، ادعت مقدمة البلاغ بأنه على نقيض ما تؤكده الدولة الطرف، فإن البلاغ تدعمه أسانيد كاف ية ، وينبغي النظر فيه من حيث أسسه الموضوع ية . وتدعي أن مجلس طعون اللاجئين لم ينظر في ادعائها بالتعرض لل تحرُّش الجنسي و التسليم بالتزامات الدولة الطرف بموجب الاتفاقية. ف على سبيل المثال، لما طُلب إلى المجلس تقييم خطر التعرض للاغتصاب والزواج الق س ري إذا عادت إلى باكستان، اقتصر على التوصية بأن تنتقل إلى مكان آخر في البلد.

ملاحظات إضافية للدولة الطرف

6-1 توضح الدولة الطرف، في رسال تها المقدمة في 27 آب /أغسطس 2012، أنها لا تطعن في كون العنف ضد المرأة قد يرقى إلى سوء المعاملة خلافا للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب والمادتين 6 و 7 من العهد الدولي الخاص الحقوق المدنية والسياسية. بيد أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لا تتناول مسألة الطرد الذي يعرِّض صاحبه للتعذيب أو لتهديدات خطيرة أخرى لحياة الشخص وأمنه، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ولذا لا يمكن لمقدمة البلاغ تقديم بلاغ يتعلق بالدانمرك إلا إذا كانت الانتهاكات المزعومة للاتفاقية والواردة في البلاغ قد ارتُكبت تحت ولاية الدانمرك.

6-2 وتؤكد الدولة الطرف من جديد أنها على علم بموقف اللجنة على النحو الوارد في التوصية رقم 19 ومفاده أن العنف الجنساني شكل من أشكال التمييز يخل بتمتع المرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو يحول دون ذلك. بيد أن هذا لا يغير شيئا من حقيقة أن الدولة الطرف مسؤولة فقط عن الانتهاكات التي تُرتكب في نطاق ولايتها ولا يمكن أن تُعد مسؤولة بموجب الاتفاقية عن التمييز الذي يحدث ضمن ولاية دولة أخرى.

6-3 ومشيرة إلى قرارين حديثين للجنة ( ) ، تلاحظ الدولة الطرف أن كلا البلاغين اعتُبرا غير مقبولين لأسباب أخرى، وأنه لم يُنظر في مسألة تطبيق الاتفاقية بما يتجاوز النطاق الإقليمي. ولذا تدعو الدولة الطرف اللجنة إلى التعبير عن رأيها في هذه المسألة.

6-4 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أنه لا يمكن تفسير تطبيق اللجنة للتدابير المؤقتة عملا بالمادة 5 (1) من البروتوكول الاختياري في كل من هذه القضية وقضايا أخرى من قبيل قضية غوادالوبي هيريرا ريفييرا ضد كندا (البلاغ رقم 26/2010)، بأنه يقرر أن الاتفاقية لها أثر يتجاوز النطاق الإقليمي، على نحو ما تدعيه مقدمة البلاغ. ويؤيد هذا الرأي الصياغة ذاتها للمادة 5 (2) من البروتوكول الاختياري، والتي نصها كما يلي: ” عندما تمارس اللجنة سلطتها التقديرية وفقا للفقرة 1 من هذه المادة، فإن ذلك لا يعني اتخاذ قرار بشأن مقبولية البلاغ أو بشأن أُسسه الموضوعية “ .

6-5 وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن مقدمة البلاغ تدعي أيضا حدوث انتهاك للمادة 12 من الاتفاقية، التي يجب، وفقا للفقرة 2 منها، أن تتخذ الدولة الطرف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في مجال الرعاية الصحية. بيد أن الدولة الطرف تدفع بأن هذه المادة، مثلها في ذلك مثل المواد الأخرى في الاتفاقية، لا يمكن أن تُعتبر ذات أثر يتجاوز النطاق الإقليمي. ففي كثير من المناسبات، نظرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فيما إذا كانت اعتبارات الرعاية الصحية تستوجب التوصل إلى نتيجة بشأن انتهاك المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في حالة إعادة شخص للبلد الذي نشأ فيه. فعلى سبيل المثال، في قضية ن. ضد المملكة المتحدة (الطلب رقم 26565/05، الحكم الصادر في 27  أيار /مايو 2008)، خلصت المحكمة إلى ما يلي:

يترتب على نواحي التقدم في علم الطب، مقترنة بالفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين البلدان ، جواز أن يكون مستوى المعاملة المتاح في الدولة المتعاقدة ودو لة الم ن شأ مت فاوتا بد رجة كبيرة. ومع أنه من الضروري، في ضوء الأهمية الأساسية للمادة 3 في نظام الاتفاقية ، أن تحتفظ المحكمة بدرجة من المرونة لمنع الطرد في حالات استثنائية جدا ، فإن المادة 3 لا تضع التزاما على الدولة المتعاقدة ل لتخفيف من تلك الفوارق عن طريق توفير رعاية صحية مجانية وغير محدودة ل جميع الأجانب الذين ليس لهم حق البقاء تحت ولايتها. وأي استنتاج مخالف س ي ضع عبئا كبيرا للغاية على الدول المتعاقدة.

6-6 وبحسب الدولة الطرف ، فإن خطر التمييز في مجال الرعاية الصحية لا يمكن أن يلزم الدول الأطراف بإعادة الأجانب إلى البلدان التي تكون فيها الظروف متماشية تماما مع كل من الضمانات والحقوق والحريات المبينة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة فقط. وتلك هي الحالة مع المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. بل إن الحالة أكثر من ذلك بالنسبة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لأن هذه الاتفاقية لا تتناول، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، موضوع الطرد الذي يؤدي إلى التعذيب أو إلى تهديدات خطيرة أخرى لحياة الشخص وأمنه.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة بشأن المقبولية

7-1 ي جب على اللجنة وفقا للمادة 64 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولا بموجب البروتوكول الاختياري. ويجوز للجنة، عملا بالمادة 66، أن تقرر النظر في مسألة مقبولية البلاغ بشكل مستقل عن أسسه الموضوعية.

7-2 ووفقا للمادة 4 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري، تشعر اللجنة بالاقتناع بأن تلك المسألة ذاتها لم ينظر أو يجر النظر فيها وفقا لإجراء آخر من إجراءات التحقيقات أو التسويات الدولية.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ على أساس عدم استنفاد سُبُل الانتصاف المحلية. وبالتالي، ترى أن مقتضيات المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

7-4 وتشير اللجنة إلى ادعاء مقدمة البلاغ بأن ترحيلها هي وأسرتها إلى باكستان سيشكل انتهاكا من جانب الدانمرك لحقوقهم بموجب الاتفاقية بسبب التحرُّش الجنسي الذي تعرضت له هناك من قبل وعدم قدرة السلطات الباكستانية على توفير حماية فعالة لهم من المعاملة التي تزعم أنهم سيتعرضون لها مرة أخرى عند عودتهم. وتحيط اللجنة علما أيضا بدفوع الدولة الطرف بضرورة اعتبار البلاغ غير مقبول من حيث المكان ومن حيث الموضوع بموجب المادتين 2 و 4 (2) (ب) من البروتوكول الاختياري، حيث تسعى مقدمة البلاغ إلى توسيع نطاق الحماية التي توفرها الاتفاقية بطريقة تتجاوز النطاق الإقليمي، وأن الدولة الطرف لا يمكن اعتبارها مسؤولة بموجب الاتفاقية عن التمييز الجنساني الذي حدث أو الذي سيحدث ضمن ولاية دولة أخرى (باكستان)؛ وأن اللجنة ليس لديها اختصاص يشمل الانتهاكات المزعومة فيما يتعلق بالدولة الطرف؛ وأن البلاغ لا يتماشى مع أحكام الاتفاقية.

7-5 وتعيد اللجنة إلى الأذهان أن المادة 1 من الاتفاقية تعرف التمييز ضد المرأة بأنه ” أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاع تراف للمرأة .... بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو أي ميدان آخر، أو إبطال الإعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها أو ممارستها “ . وتعيد اللجنة أيضا إلى الأذهان توصيتها العامة رقم 19، التي وضعت بوضوح العنف ضد المرأة في نطاق التمييز ضد المرأة بالنص على أن العنف الجنساني شكل من أشكال التمييز ضد المرأة ويشمل الأفعال التي تُلحق الأذى البدني، أو العقلي أو الجنسي أو معاناتها، والتهديدات بارتكاب تلك الأفعال، والإكراه وأشكال الحرمان الأخرى من الحرية.

7-6 وتشير اللجنة إلى أنه، في هذه القضية، تزعم مقدمة البلاغ أنها تعرضت لتحرُّش جنسي منذ كانت في السادسة عشرة من عمرها (أي منذ عام 1998) من فرد ينتمي إلى أسرة رفيعة المستوى ذات صلات قوية داخل الشرطة، وأن هذا التحرُّش استمر إلى أن غادرت هي وأسرتها باكستان إلى الدانمرك في عام 2009. وتشير اللجنة أيضا إلى ادعاء مقدمة البلاغ بأنها هي وأسرتها قد تعرضوا لاضطهاد بسبب دينهم المسيحي.

7-7 وتشير اللجنة كذلك إلى أن مجلس طعون اللاجئين خلص إلى أن مقدمة البلاغ هي وأسرتها قد تعرضوا لاعتداءات من شخص معيَّن وأخيه، ومن الشرطة المحلية لعدة سنوات؛ على أن المجلس خلص إلى أنه يجب أن يُعد من المعقول بالنسبة لمقدمة البلاغ وأسرتها أن تقيم في مكان آخر في باكستان حيث لا يمكن لمضطهدهم التحرُّش بهم.

7-8 وتلاحظ اللجنة أن التحرُّش الجنسي الذي تدعيه مقدمة البلاغ من جانب أ.غ. بدأ في عام 1998 حينما كانت في السادسة عشرة من عمرها . وفي حين تشير مقدمة البلاغ إلى حوادث عديدة من التعقُب والتهديدات الشفوية والإساءات اللفظية والتحرُّش من جانب الشخص الذي حددته فيما بين عامي 1998 و 2009 وتدعي أن أقاربها أُلقي القبض عليهم في مناسبات عديدة بناء على طلبه، تلاحظ اللجنة أن الحقائق كما عرضتها مقدمة البلاغ لا تقيم صلة سببية بين كل من حالات الاعتقال وبين التحرُّش الذي تعرضت له. كما أنها لم تستطع أن تبيِّن إن كان أقاربها قد استدعوا من جانب الشرطة، أو أُلقي القبض عليهم ووُجهت إليهم تهمة ارتكاب جريمة. وعلاوة على ذلك، لا تقدم مقدمة البلاغ أي معلومات واضحة أو محددة بشأن قرار أسرتها الانتقال إلى مكان آخر في باكستان في محاولة لتجنُّب التحرُّش من جانب أ.غ. كما لم تبين كيف تمكن أ.غ. من الحصول على رقم هاتف أختها في الدانمرك ومن ثم استمر في التحرُّش بها وتهديدها بواسطة الهاتف بينما كانت في الدانمرك بين كانون الثاني/يناير 2007 و أيار /مايو 2008. وتشير اللجنة أيضا إلى أن الحوادث المتعلقة بالتحرُّش المزعوم كانت متقطعة من حيث طابعها ومن ثم لا يمكن اعتبارها تشكّل تحرشا منهجيا يرقى إلى العنف الجنساني. وأخير ا ترى اللجنة أن مقدمة البلاغ لم تستشهد بمعلومات كافية لدعم ادعائها فيما يتعلق بالاضطهاد المزعوم بسبب الدين. وفي هذه الظروف، تعتبر اللجنة أن مقدمة البلاغ لم تتمكن لأغراض المقبولية، من إثبات ادعاءها بشكل كافٍ، بأن طردها إلى باكستان سيعرضها لخطر حقيقي وشخصي ومنظور لأشكال خطيرة من العنف الجنساني، ولذا فإنها تعتبر البلاغ غير مقبول بموجب المادة 4 (2) (ج) من البرتوكول الاختياري.

7-9 وفي ضوء هذه النتيجة، تقرر اللجنة عدم البت في الأسس المتبقية للمقبولية التي استندت إليها الدولة الطرف، بما في ذلك ما يتعلق بالمكان وما يتعلق بالموضوع . وفيما يتعلق بدفع الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ تسعى إلى تطبيق أحكام الاتفاقية على نحو يتجاوز الحدود الإقليمية، تشير اللجنة إلى موقفها المبين في قرارها في البلاغ رقم 33/2011، م. ن. ضد الدانمرك، المعتمد في 15 تموز/يولية 2013 ( ) .

8 - لذا تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن تُخط َ ر الدولة الطرف ومقدمة البلاغ بهذا القرار.

[اعتُمد بال عربية و الصينية و الإنكليزية و الفرنسية و الروسية و الاسبانية ، ويُعد النص الإنكليزي الصيغة الأصلي ة ].