الدورة السابعة والخمسون

10-28 شباط/فبراير 2014

البلاغ رقم 34/201 1

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها السابعة والخمسين، 10-28 شباط / فبراير 2014

المقدم من : ر. ب. ب. ( ت مثلها المحاميتان إ ي فلين ج. أورسوا وماريا كارلا ل. إسبينوسا)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: الفلبين

تاريخ تقديم البلاغ : 23 أيار/مايو 2011 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : أحيلت إلى الدولة الطرف في 26 آب/ أغسطس 2011 (لم تصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار : 21 شباط/فبراير 2014

المرفق

آراء اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بموجب البروتوكول الاختياري ل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (الدورة  السابعة والخمسون)

* شاركت عضوات اللجنة التالية أسماؤهن في دراسة هذا البلاغ: أيسيه فريدي آكار، نيكولاين آميلاين، بربارا بايلي، أوليندا باريرو - بوباديلا، نيكلاس برون، نائله جابر، هيلاري غبيدما، نهلة حيدر، يوكو هياشي، عصمت جهان، داليا لينارتيه، فيوليتا نيوبوير، ثيودورا نوانكو ، باميلا باتين، ماريا هيلينا بايرس، بيانكاماريا بوميرانزي، باتريشيا شولتس، دوبرفكا سيمونوفيتش، زياوكيا زو.

البلاغ رقم 34/201 1 ، ر. ب. ب. ضد الفلبين *

المقدم من: ر. ب. ب. (تمثلها المحاميتان إ ي فلين ج. أورسوا وماريا كارلا ل. إسبينوسا)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: الفلبين

تاريخ تقديم البلاغ: 23 أيار/مايو 2011 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: أحيلت إلى الدولة الطرف في 26 آب/ أغسطس 2011 (لم تصدر في شكل وثيقة)

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وقد اجتمعت في 21 شباط/فبراير 2014،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 3 من المادة 7 من البروتوكول الاختياري

1 - صاحبة البلاغ هي ر. ب. ب. ، وهي مواطنة فلبينية وُلدت عام 1989. وتدَّعي أنها ضحية انتهاك الدولة الطرف للمادة 1 والفقرات (ج) و(د) و(و) من المادة 2 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وتمثلها المحاميتان إ ي فلين ج. أورسوا وماريا كارلا ل. إسبينوسا. وقد دخلت الاتفاقية حيز النفاذ بالنسبة للفلبين في 4 أيلول/ سبتمبر 1981، وبروتوكولها الاختياري في 12 شباط/فبراير 2004.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تنتمي صاحبة البلاغ إلى أسرة فقيرة لديها سبعة أبناء وتعيش في إحدى الضواحي الحضرية ل مانيلا. وصاحبة البلاغ مصابة بالبكم والصمم مثلها في ذلك مثل اثنين من أشقائها. وفي يوم 21 حزيران/يونيه 2006، حوالي الساعة الرابعة صباحاً، تعرضت صاحبة البلاغ، التي كان عمرها حينئذ 17 عاماً، للاغتصاب في مسكنها على يد جار يدعى ج.، كان حينئذ في التاسعة عشرة من عمره. وفي اليوم ذاته، في الساعة العاشرة صباحاً، أبلغت صاحبة البلاغ الشرطة بالواقعة. وقد ساعدتها على ذلك أختها ر.، التي تولت ترجمة ما قالته بلغة الإشارة. وأجرى ضابط شرطة مقابلة مع صاحبة البلاغ، في انتهاك للقانون الجمهوري رقم 8505 الذي يستلزم أن تتولى سيدة من أفراد الشرطة إجراء تلك المقابلة. وأعد رجل الشرطة إقراراً باللغة الفلبينية وطلب إلى صاحبة البلاغ وأختها التوقيع عليه. وتدَّ عي صاحبة البلاغ أنها لم تفهم ما جاء في الإقرار لأن التعليم الذي يتلقاه الصم يُقدم في مجمله تقريب اً باللغة الإنكليزية المكتوبة. ومع ذلك لم تُزود بمترجم شفوي كي يتولى ترجمة الإقرار من الفلبينية إلى الإنكليزية. وفي اليوم ذاته، حوالي الساعة 30/11 صباحاً، ألقت الشرطة القبض على المدعو ج. وقادته إلى قسم الشرطة. وفي ذلك اليوم أيضاً، أُجري فحص طبي لصاحبة البلاغ في مختبر الجرائم التابع للشرطة الوطنية الفلبينية في منطقة كامب كرام بمدينة كويزون، حيث تولت أختها ترجمة ما قالته. وأشار تقرير الطب الشرعي الصادر بعد الفحص إلى حدوث الاعتداء الجنسي المزعوم، وكذلك توقيته وتاريخ ومكان ارتكابه. وأشار أيضاً إلى أن ” هناك قرينة واضحة على حدوث جرح حديث العهد ناشئ عن إيلاج عنيف داخل الشفرين الصغيرين والغشاء المخاطي الواقع خلفهما “ .

2-2 وفي 4 تموز/يوليه 2006، رُفعت دعوى صاحبة البلاغ أمام المحكمة الابتدائية الإقليمية في باسيغ سيتي، بمنطقة مانيلا الحضرية. ووُجهت إلى المتهم تهمة الاغتصاب المحددة قانوناً و ” المشددة بملابسات الغدر وإساءة استعمال القوة الجسدية، وحلول الظلام، والجوار في السكن ” ، بمقتضى المادتين 266 - ألف، الفقرة 1 (أ)، و 226 - باء، الفقرة 6 (10)، من قانون العقوبات المنقح لعام 1930، والمعدل بالقانون الجمهوري رقم 8353 لعام 1997، والمادة 5 (أ) من القانون الجمهوري رقم 8369. وذُكر أن الاغتصاب ارتُكب ” باستعمال القوة والتهديد والترويع “ ضد صاحبة البلاغ، وهي قاصر، وكانت ” إعاقتها الجسدية “ و ” عدم استطاعتها السمع أو الكلام “ أمران معلومان لدى المتهم وقت ارتكاب الجريمة. وقد أنكر المتهم الجريمة.

2-3 وتقول صاحبة البلاغ إن جلسات الاستماع التي كان مقرراً عقدها عام 2006 ( ) لم تُعقد بسبب عدم استطاعة شهود الإثبات الحضور وتعين الانتظار حتى 15 كانون الثاني/يناير 2007 لكي تدلي أول شاهدة من شهود الإثبات، وهي أم صاحبة البلاغ، بشهادتها أمام المحكمة. وتقرر عقد جلسات الاستماع الأخرى في 13 شباط/فبراير و 22 آب/أغسطس و6 تشرين الثاني/نوفمبر 2007. وبالنظر إلى عدم توافر مترجمين شفويين عن المتقاضين الصم، جرت الترجمة اعتماداً بشكل حصري على جهود مركز الفلبين لموارد ا لصم، وهو منظمة غير حكومية ( ) . وفي 27 أيلول/سبتمبر 2007، قررت المحكمة عقد جلسة استماع يوم 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 ” على أساس [...] أن يستدعي الادعاء مترجماً شفوياً ذا صلة بمركز الفلبين لموارد ا لصم كي يتولى الترجمة اللازمة لصاحبة الشكوى التي تعاني الصمم والبكم “ . وذكرت صاحبة البلاغ أن طول أمد مراسلات المركز مع المحكمة أسهم أيضاً في تأخر المحاكمة.

2-4 وفي 19 آب/أغسطس 2008، أدلت صاحبة البلاغ بشهادتها أمام المحكمة ( ) . وتولى مساعدة صاحبة البلاغ وكيل نيابة، بينما تولت وكيلة نيابة مساعدة أمها في 15 كانون الثاني/يناير 2007. ولم يقدم الادعاء شهوداً سوى صاحبة البلاغ وأمها، بينما قدم الدفاع المتهم فقط بلا وثائق إثبات. واتفق الادعاء والدفاع ” على الإقرار بالحقائق وقبولها فيما يتعلق بالشهادات المقترح الإدلاء بها “ التي سيقدمها دون المثول أمام المحكمة شاهدا الإثبات الآخران وهما الطبيب الشرعي الذي فحص صاحبة البلاغ بعد الواقعة، وضابط الشرطة الذي استمع إلى شكواها وألقى القبض على المدعو ج. .

2-5 وفي 31 كانون الثاني/يناير 2011، برأت المحكمة الابتدائية الإقليمية في باسيغ سيتي المدعو ج. واسترشدت المحكمة بالمبادئ الثلاثة التالية المستقاة من الاجتهادات القضائية السابقة ل لمحكمة العليا: (أ) من السهل توجيه اتهام بالتعرض للاغتصاب؛ ورغم أنه أمر يصعب إثباته، فإن دحضه يكون أكثر صعوبة على المتهم إن كان بريئاً؛ (ب) بالنظر إلى السمة المتأصلة في جريمة الاغتصاب، التي تنحصر عادة في شخصين فحسب، يتعين التدقيق بعناية بالغة في الشهادة التي يدلي بها صاحب الشكوى؛ (ج) يتعين أن يستند الدليل المقدم من الادعاء إلى حيثياته الذاتية وأن ينصب على تلك الحيثيات، ولا يجوز لهذا الدليل أن يتقوى بضعف الدليل المقدم من الدفاع. وقد طعنت المحكمة الابتدائية في صدق الشهادة التي أدلت بها صاحبة البلاغ ( ) ، وارتأت أنها عجزت عن إثبات أن الاتصال الجنسي لم يكن برضاها. ولاحظت المحكمة خصوصاً أن صاحبة البلاغ ” أبدت عموماً خلال محنتها سلوكاً من الصعب فهمه ولا يتسق مع المستوى المعقول للسلوك البشري لدى مواجهة حالة مماثلة “ . وارتأت كذلك أن ” المتهم لم يلجأ إلى استعمال القوة أو الترويع. ولم تُستعمل قوة جسدية لوقف ما زعمت ر. إبداءه من مقاومة. فلم تتعرض لتكميم فمها أو حشر أي شيء فيه. وعجز الادعاء عن إثبات أن صاحبة البلاغ قد قُيدت حركتها، فيما عدا ما زعمت أنه قد جرها من ذراعها، وأنها حاولت الإفلات منه وأبدت غضبها بالفعل إزاء ما حدث. ولم يُستعمل أي ترويع نحو ها. وحتى عندما جرها من ذراعها، فإنها لم تتعرض للتهديد بالإيذاء جسدياً أو فعلياً [...] بأي شيء أو أداة كان بوسع المتهم استعمالهما لبث رهبة حقيقية من إمكان حدوث عواقب وخيمة تتمثل في ضرر جسدي بالغ. والقاعدة الراسخة هي أنه لدى تعرض الضحية للتهديد بإيقاع إيذاء جسدي بها، كما هو الحال عندما يكون مرتكب عملية الاغتصاب مسلحاً بسلاح قاتل [...]، يكون ذلك شكلاً من أشكال الترويع “ . ولاحظت المحكمة كذلك ” أن سلوك صاحبة البلاغ لا يتوافق مع سلوك الفتاة الفلبينية العادية التي تملي عليها غريزتها اللجوء إلى استعمال كل ذرة من قوتها وشجاعتها لدفع أي محاولة تفضي إلى تلطيخ شرفها والنيل من طهارتها. [...] وأنه من غير الطبيعي ألا يصدر عن أي ضحية تتعرض للاغتصاب ولو محاولة طفيفة للانفكاك رغم تنوع الفرص المتاحة لعمل ذلك “ . لقد كان بوسعها على وجه الخصوص أن تحاول الفرار أو الصياح طلباً للمساعدة، وإن ” كونها صماء بكماء لا يحول دون قدرتها على إحداث ضوضاء “ ؛ لقد كان بوسعها ” أن تصفع المتهم أو تكيل إليه اللكمات أو ترفسه أو تدفعه “ لدى محاولته تعريتها، حيث إن حالتها الجسدية كانت تمكنها من إبداء المقاومة؛ علاوة على أن ثيابها كانت سليمة، مما يدل على عدم إبدائها مقاومة.

2-6 وفيما يختص باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تشير صاحبة البلاغ إلى أن قرار البراءة قضى على هذه العملية بالنسبة للضحية . إذ إنه بمقتضى القانون الفلبيني ستُمنع من الطعن في حكم البراءة لأن الدستور يكفل حق عدم المقاضاة مرتين على ذات الجرم، الذي يحظر تعرض المتهم للمحاكمة مرتين على نفس الجريمة. وفيما يتعلق بمدى وجود الانتصاف الاستثنائي عن طريق مراجعة إجراءات القضية بمقتضى المادة 65 من اللائحة المنقحة للمحكمة، التي يمكن اللجوء إليها في القضايا التي يصدر فيها الحكم بالبراءة في ظل ظروف معينة، تحتج صاحبة البلاغ بأن الشروط غير مستوفاة في القضية الحالية. فأولاً، يتعين إثبات أن قرار المحكمة لاغ وباطل بسبب وقوع خطأ في الحكم أو وجود سبب يدعو لعدم الاختصاص. و ثانياً، لا يُتاح الانتصاف إلا للمواطنين الفلبينيين الذين يمثلهم مكتب الوكيل العام، وليس للضحية ذاتها. و ثالثاً، كان ينبغي لمكتب الوكيل العام الاستفادة من الانتصاف في غضون 60 يوماً من تاريخ حكم البراءة ولكنه لم يغتنم هذه الفرصة.

2-7 و ختاماً، أوضحت صاحبة البلاغ أن المسألة لم ينظر فيها ولا يجري النظر فيها حالياً في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

الشكوى

3-1 تؤكد صاحبة البلاغ أن قرار المحكمة الابتدائية الإقليمية في باسيغ سيتي قرار يشوبه التمييز، في حدود فحوى المادة 1 من الاتفاقية فيما يتعلق بالتوصيتين العامتين رقم 18 و19 الصادرتين عن اللجنة ( ) ، لأ نه حال دون حصولها على الإنصاف. فأولاً، لم تقم المحكمة الابتدائية بتقييم الدليل وتطبيق القانون على النحو السليم وإبداء الحرص الواجب؛ وثانياً، اعتمدت المحكمة على الأفكار الوهمية والقوالب النمطية الجنسانية؛ وثالثاً، لم تنظر المحكمة في عملية الاغتصاب في سياق حالة ضعف الضحية بوصفها فتاة صماء. وتزعم صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تمنحها فرصة اللجوء إلى هيئة قضائية مختصة على الصعيد الوطني يكون حرياً بها حمايتها من التمييز حماية فعلية، ومن ثم انتهكت الدولة الطرف التزاماتها الإيجابية بمقتضى الفقرات (ج) و (د) و (و) من المادة 2 من الاتفاقية.

3-2 وفيما يختص بتقييم الدليل وتطبيق القانون، تقول صاحبة البلاغ إن المحكمة الابتدائية قد تجاهلت تجاهلاً صارخاً قولها مراراً إنها حاولت الإفلات والصياح وأثارت ضوضاء عندما اعتدى عليها المتهم. ولم تأخذ المحكمة على سبيل الدليل أن حركتها الجسدية كانت مقيدة وتجاهلت إيضاحها أن المتهم كان قوياً جداً وأنه لم يكن على الطاولة شيء يمكنها ضربه به. وتغاضت المحكمة عن الشهادة التي أدلت بها أمها وقالت فيها إنها استيقظت على ضوضاء آتية من المكان الذي اغتُصبت فيه ابنتها. واعتمدت المحكمة على اجتهاد قضائي قديم، و خاصة القرار الذي أصدرته المحكمة العليا عام 1972 بصدد اشتراط حدوث اللجوء إلى القوة أو الترويع في قضايا الاغتصاب، والذي يقضي بأنه ” يتعين أن يحدث لجوء إلى القوة أو الترويع بشكل يفضي إلى إحداث رهبة حقيقية من إمكان حدوث عواقب وخيمة أو ضرر جسدي بالغ بشكل يطغى على تفكير الضحية ويحول دون إبدائها مقاومة “ . وعلى النقيض من ذلك، تقضي القاعدة السائدة في المادة 266 دال من قانون العقوبات المنقح (انظر القانون الجمهوري رقم 8353) بأنه ” يمكن القبول على سبيل الدليل أي فعل جسماني صريح يشي بوجود أي درجة من درجات مقاومة عملية الاغتصاب من الطرف المعتدى عليه، أو حيثما يكون ذلك الطرف في موقع يجعله عاجزاً عن إبداء رضا صحيح “ . ولذلك كان ينبغي للمحكمة أن تنظر في حالة صاحبة البلاغ القاصر البكماء كنظير للحالات التي تكون فيها الضحية عاجزة عن إبداء رضا صحيح ، كما كان ينبغي لها إعطاء مصداقية للشهادة التي أدلت بها وذكرت فيها أنها لم تبد رضاها وقاومت محاولات المتهم التودد إليها.

3-3 وفيما يختص بالأفكار الوهمية والقوالب النمطية الجنسانية، ذكرت صاحبة البلاغ أن قضيتها تبين التمييز المنهجي الذي يتعرض له ضحايا العنف الجنسي والقائم في النظام القضائي الفلبيني. وتحتج بأن تلك الأفكار الوهمية والقوالب النمطية تشكل تمييزاً جنسانياً، حيث إنها تمثل أعباء غريبة مفروضة على المرأة بتقديم الأدلة في المحاكمات المتعلقة بالاغتصاب. و ت ستند مصداقية صاحبة الشكوى في قضايا الاغتصاب إلى حد كبير إلى معيار سلوكي ترى المحاكم أنه ينبغي لضحية الاغتصاب أن تبديه. وأولئك الذي يستوفون تلك القوالب النمطية جديرون بالتصديق، أما الآخرون الذي لا يستوفونه فهم يُعاملون بالريبة والتكذيب، مما يفضي إلى براءة المتهم. وتقول صاحبة البلاغ إن المحكمة لجأت إلى قوالب نمطية وأفكار وهمية جنسانية مثيلة لتلك المستعملة في قضية فيرتيدو ضد الفلبين رغم أن البت في قضيتها أُعلن بعد عدة شهور من اعتماد آراء اللجنة بصدد قضية فيرتيدو ( ) .

3 -4 وتزعم صاحبة البلاغ أن الأفكار الوهمية والقوالب النمطية الجنسانية التالية استندت إليها المحكمة في قضيتها. أول تلك الأفكار الوهمية والقوالب النمطية أن الضحية كان يتعين عليها استعمال كل ما يخطر على البال من وسائل لتجنب أ و مقاومة محاولات التودد التي قام بها الجاني، وأن تكون هناك أدلة على محاولتها الفكاك منه من قبيل تمزق ملابسها. وتحتج صاحبة البلاغ بأن قرار المحكمة ينطوي على تمييز، لأ نه يتطلب أن تبدي الضحية ” مستوى معقولاً من السلوك البشري “ في قضايا الاغتصاب، ويتغاضى عن المجموعة الواسعة من وسائل التصدي السلوكية التي تبديها الضحايا اللاتي يتعرضن للاغتصاب، خصوصاً من امرأة تعاني من الإعاقة. وعلاوة على ذلك، فإن التطلع إلى وجود دليل على المقاومة من قبيل تمزق الملابس يحول دون توفير الحماية للضحايا اللاتي يتعرضن لظروف قهرية غير جسدية يستغلها الجناة في إخضاعهن.

3-5 و النوع الثاني من الأفكار الوهمية والقوالب النمطية هو أن القوة الجسدية وحدها أو استعمال سلاح قاتل هما فحسب الأمران اللذان يمكن بهما نفي رضا الضحية محاولات التودد من الجاني. وتؤكد صاحبة البلاغ أن المحكمة لم تقدر وجود دليل آخر على انعدام الرضا . إن ما خلصت إليه المحكمة ينطوي على تمييز ضد الضحايا اللاتي يتعرضن لوسائل القوة أو التهديد أو الترويع غير الجسدية، أو اللاتي يكن، كما هو حال صاحبة البلاغ، في حالات ترقى إلى تعرضهن لتلك الوسائل.

3-6 و النوع الثالث من الأفكار الوهمية والقوالب النمطية هو أن على الفتاة الفلبينية التي تتعرض للاغتصاب أن ” تستعمل كل ذرة من قوتها وشجاعتها لدفع أي محاولة تفضي إلى تلطيخ شرفها والنيل من طهارتها “ . وتحتج صاحبة البلاغ بأنه بذلك يُتوقع من الضحية أن تُصارع لإبداء عدم رضاها ، على سبيل المثال بصفع المعتدي أو لكمه أو رفسه أو دفعه. وخلصت المحكمة إلى أن صاحبة البلاغ لم تفعل ذلك، ومن ثم لا يمكن تصديق زعمها التعرض للاغتصاب. وحسب ما قالته صاحبة البلاغ، فإن مثل ذلك المنطق يحول دون توفير الحماية القانونية للضحايا اللاتي لا يتوافقن مع تلك القوالب النمطية، ويلقي باللائمة على الضحية لعدم استعمال الوسائل الكافية أ و الملائمة الكفيلة بتجنب الاغتصاب.

3-7 وعلاوة على ذلك، تزعم صاحبة البلاغ أنه بعد مضي قرابة 30 عاماً على تصديق الفلبين على المعاهدة ، وبعد الآراء التي أبدتها اللج نة وخلصت فيها إلى وجود انتهاكات للاتفاقية وقدمت توصيات لمعالجة تلك الانتهاكات، ما زال التمييز القائم والمتمثل في الافتراضات والأفكار الوهمية والقوالب النمطية الموجود ة في الاجتهاد القانوني ي ضعف الوضع القانوني لضحايا الاغتصاب و ي قلل إلى حد بعيد، بل قد ينه ي، فرص حصولهن على الإنصاف اللازم تعويضاً عما لحق بهن من ضرر. وبالنظر إلى ما سلف وبالإحالة إلى قضية فيرتيدو ، تدفع صاحبة البلاغ بأن لجوء المحكمة إلى استعمال الأفكار الوهمية والقوالب النمطية الجنسانية قد حرمها من الحق في أن تنظر في قضيتها هيئة قضائية مختصة، الأمر الذي يشكل تمييزاً في إطار فحوى المادة 1 من الاتفاقية فيما يختص بالتوصيتين العامتين رقم ي 18 و 19.

3-8 وتؤكد صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تغاضت عن حقوقها الواجبة لها بصفتها معوقة وأنثى، ومن ثم انتهكت التزاماتها القانونية بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على السواء ( ) . فأولاً، قامت المحكمة ليس فقط بإصدار حكم ضد صاحبة البلاغ باستعمال القوالب النمطية والأفكار الوهمية الجنسانية، ولكنها أيضاً عللت ذلك الحكم بتحيز واضح ضدها متجاهلة صفتها كضحية صماء قاصر. وارتأت المحكمة أن صاحبة البلاغ شاهدة لا يمكن تصديقها ومن ثم برأت المتهم، رغم خلو الدليل من أي شيء يستدعي عدم إقرار روايتها سوى إنكار المتهم فحسب، وأفكار التحيز الجنسي التي تبنتها المحكمة التي تصف الكيفية التي ينبغي أن تتصرف بها في الظروف قيد النظر الفتاة الفلبينية العادية، متغاضية عن كون صاحبة البلاغ قاصراً صماء. وحسبما ذكرته صاحبة البلاغ، يكشف ما سلف عن جهل فاضح بحالة النساء والفتيات الصماوات، ويبرهن على إخفاق الفلبين، بوصفها دولة عضواً في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في الوفاء بالتزامها بتوفير التدريب الملائم للعاملين في مجال إقامة العدل لتضمن إتاحة إمكانية اللجوء الفعلي إلى القضاء أمام الأشخاص ذوي الإعاقة ( ) . وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أن النساء الصماوات، لا سيما الفتيات، يواجهن وضعاً صعباً في المجتمع الفلبيني لأنهن لا يلقين نفس المعاملة التي يُعامل بها الرجال (المصابون بإعاقة أو غير المصابين بها، بما في ذلك الص م م)، والنساء (المصابات بإعاقة أو غير المصابات بها، باستثناء الصماوات). إضافة إلى ذلك، تعاني عادة النساء والفتيات الصماوات، اللاتي يتعرضن للعنف الجنسي، من الفقر وانعدام فرص حصولهن على التعليم الرسمي. و قد تجاهلت المحكمة الحقائق التي أقرت بها الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بأن ” النساء والفتيات ذوات الإعاقة غالباً ما يواجهن خطراً أكبر في التعرض داخل المنـزل وخارجه للعنف أو الإصابة أو الاعتداء والإهمال أو المعاملة غير اللائقة و سوء المعاملة أو الاستغلال “ ( ) . إضافة إلى أن النساء والفتيات ذوات الإعاقة ” يتعرضن لأشكال متعددة من التمييز “ ( ) . وبصفة خاصة، فإن المحكمة بقولها إن كون صاحبة البلاغ ” صماء بكماء لا يعني عجزها عن إثارة الضوضاء [أو ..] مقاومة الاعتداء “ ، لا تكون قد تجاهلت فحسب الدليل الذي قدمته صاحبة البلاغ بأنها أثارت ضوضاء وأبدت معارضتها لمحاولات التودد الجنسية، ولكنها برهنت أيضاً على التمييز بتوقعها صدور استجابة معتادة من فتاة صماء قاصر. وتؤكد صاحبة البلاغ أن البيان الصادر عن المحكمة يقلل من شأن حالتها التي تنطوي على صعوبة خاصة ويحرمها من الترتيبات التيسيرية المعقولة ( ) التي لا تخضعها لذات المعايير المطبقة على المتمتعين بأسماعهم . وتمثل تلك المعايير، المطبقة في حالات العنف الجنسي، قوالب نمطية جنسانية وتنطوي على تمييز ضد المرأة.

3-9 وتدعي صاحبة البلاغ أن هناك أوجه قصور ومخالفات هامة أخرى شابت التحقيق الذي أجرته الشرطة وتنطوي على تمييز. فأولاً، لم تُوفر لها ترجمة بلغة الإشارة أثناء التحقيق الذي أجرته الشرطة وخلال عدد من جلسات الاستماع التي عقدتها المحكمة، بما في ذلك خلال النطق بالحكم، في انتهاك للبند 1 من المادة الثالثة من دستور الفلبين لعام 1987 ( ) ، والفقرة (ب) من المادة 21 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ( ) ، فلم يحضر مترجم بلغة الإشارة و/أو مترجم ترجمة سمعية إلا خلال جلستي الاستماع يومي 19 آب/ أغسطس 2008 و1 نيسان/أبريل 2009. وتزعم صاحبة البلاغ أن المحكمة لم تتدخل رسمياً في استقدام مترجمين شفويين كي يتولوا ترجمة إجراءات الدعوى، أو تولت استدعاءهم. و أن المترجم الشفوي لم يكن يحضر جلسة الاستماع إلا إذا اتصلت به أسرة صاحبة البلاغ أو تصادف إبلاغه في المحكمة بموعد الجلسة المقبلة. ولم تحضر المترجمة الشفوية الجلسة التي شهدت النطق بالبراءة، حيث لم تبلغها أسرة صاحبة البلاغ بالموعد إلا في غضون فترة وجيزة. وتحتج صاحبة البلاغ كذلك بأنه لدى إدلائها بالشهادة، لم تُدرج عملية التخاطب بينها وبين المترجمين الشفويين بكاملها في محضر الجلسة، ولم تتخذ المحكمة التدابير الضرورية التي تكفل دقة ذلك التخاطب . وإضافة إلى ذلك، صدق على محضر الجلسة الم ُ ختز ِ ل التابع للمحكمة فحسب ولم يصدق عليه مترجم شفوي رسمي بلغة الإشارة.

3-10 و ثانياً، أخفقت سلطات الدولة الطرف في توفير الخدمات النفسية - الاجتماعية، من قبيل المشورة أو العلاج، وتدابير ال حماية ل صاحبة البلاغ بوصفها ضحية، وهي أمور بالغة الأهمية في شفائها وتعافيها، في انتهاك للمادة 16 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ( ) ، والقانون الوطني ( ) .

3-11 و ثالثاً، تؤكد صاحبة البلاغ أن المحكمة لم تراع مطلقاً كونها صماء. ومن ثم، كانت تُدرج قضيتها باعتبارها القضية الأخيرة التي تنظر فيها ضمن القضايا التي كانت تقرر نظرها خلال اليوم، مما اضطرها إلى الانتظار ساعات طوال في حضور المتهم. وفي ظروف من هذا القبيل، يكون الوقت المتاح لجلسات الاستماع قصيراً جداً، ومن ثم تُرجأ تلك الجلسات في أغلب الأحيان. وقد أسهم ذلك إلى حد كبير في تأخر الإجراءات التي استغرقت ما يزيد على خمس سنوات، رغم أن من قدم إفادات في المحكمة هم صاحبة البلاغ وأمها والمتهم فقط ( ) .

3-12 وتزعم صاحبة البلاغ كذلك أن الانتهاكات المذكورة آنفاً لحقوقها أثرت عليها سلباً. فلم تتلق، على وجه الخصوص، أي خدمات مشورة أو دعم من السلطات بعد الاغتصاب وخلال فترة السنوات الخمس التي استغرقتها إجراءات المحكمة، رغم أن السلطات تزعم أن تلك الخدمات متاحة بموجب قانون مساعدة وحماية ضحايا الاغتصاب لعام 1998. وتسبب عدم تقديم الدعم النفسي لها في صعوبة تعايشها مع تجربة تعرضها للإيذاء، بالنظر إلى شبابها وحالتها الاجتماعية - الاقتصادية. وبعد تعرضها للاغتصاب توقفت على وجه الخصوص عن الدراسة وحُولت بمساعدة من أختها إلى مدرسة كورينو الثانوية الواقعة بعيداً عن سكن والديها. وارتكبت صاحبة البلاغ في المدرسة أخطاء سلوكية وتعرضت للعقاب عدة مرات. ووصفت إحدى معلمات المدرسة سلوك صاحبة البلاغ ب أنه سلوك شخص يعاني ” الاضطراب “ وعزت ذلك إلى الاعتداء الجنسي؛ وارتأت أن ما أبدته صاحبة البلاغ من تمرد وصعوبات في الانضباط وتحول بعد أن كانت طالبة هادئة وعلى خُلُق، آلية ل لتكيف مع صدمة الاغتصاب. وتزعم صاحبة البلاغ أن المشورة التوجيهية التي قُدمت إليها في المدرسة بعد الاغتصاب كانت غير كافية، لأنها معدة للأغلبية من الطالبات المتمتعات ب السمع. وعلاوة على ذلك، تواجه صاحبة البلاغ الإهانة اليومية المتمثلة في رؤية الجاني في الحي الذي تقطنه؛ فقد تعرضت للإيذاء وأصبحت محل الأقاويل والسخرية. وقد تأثرت أسرتها كثيراً و خاصة أمها بحكم البراءة.

3-13 وتؤكد صاحبة البلاغ أن قضيتها ليست قضية منعزلة وأنها تعبير عن تمييز منهجي. فقد جاء في التقديرات غير المنشورة عن عام 2011 التي أعدها مركز الفلبين لموارد ا لصم أن واحدة من بين كل ثلاث نساء صماوات تتعرض للاغتصاب، في حين يتعرض ما بين 65 و70 في المائة من الأطفال الصم للتحرش. ويستمر النظر في كثير من القضايا سنوات طوال ثم تُرفض أو تنتهي بتسوية مالية. وتقول صاحبة البلاغ إنه ليست هناك سياسة شاملة في الفلبين ترمي إلى تعزيز مساواة الأشخاص الصم، خصوصاً النساء والفتيات، بغيرهم وتوفير إمكانية لجوئهم إلى القضاء. وعلاوة على ذلك، ليست هناك معايير أو إجراءات كفيلة بتوفير الترجمة الشفوية، خاصة في قاعات المحاكم للمتقاضين الصم. وتحتج صاحبة البلاغ بأن غياب تلك المعايير والإجراءات يشكل تمييزاً وخطورة، لأن الصم مستعملي لغة الإشارة و ذوي السمع من غير مستعمليها لا يعلمون مدى دقة وحياد الترجمة إلى لغة الإشارة والترجمة المسموعة. وتقول إنه ليس هناك سوى سياستين عن القضايا الضالع فيها أطراف أو شهود صم، وهما مذكرة الأمر رقم 59-2004 الصادر عن المحكمة العليا في 10 أيلول/سبتمبر 2004 والتعميم رقم 104-2007 الصادر عن مكتب مدير شؤون المحكمة العليا في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2007، ويتناولان أساساً تعيين مترجمين بلغة الإشارة ولا يعالجان الصعوبات في الترجمة بين اللغات المنطوقة ولغة الإشارة. وتحتج صاحبة البلاغ بأن هاتين السياستين تنطويان على تمييز أيضاً لأنهما تستلزمان الترجمة فقط عندما يلزم فهم الشخص الأصم ” بشكل كامل “ ، مما ينتهك الحق في الحصول على المعلومات، بما في ذلك حق المرء في أن يَفهَم وأن يُفهَم ( ) .

3-14 وتؤكد صاحبة البلاغ أنه في ظل غياب أي سياسة رسمية بشأن هذه المسألة، فإن عبء معالجة احتياجات الضحايا الصم يقع على عاتق مركز الفلبين لموارد ا لصم، وهو منظمة غير حكومية تتولى جمع البيانات عن قضايا الصم، لا سيما عن العنف الجنساني الذي تتعرض له النساء الصماوات. وفي الفترة 2006-2010، وثَّق المركز أكثر من 70 قضية يدخل فيها إما طرف أو شاهد أصم، و في الفترة بين عامي 2006 و 2011 رصد وجود 80 قضية من تلك القضايا الموثقة، لم يُوفَّر مترجمين شفويين إلا في 28 قضية منها. وفي القضايا التي يكون المشتكي فيها أصم، تكون نسبة 85 في المائة منها قضايا اغتصاب وحوالي 25 في المائة تتعلق بفتيات صماوات. وبعد ملاحظة وجود عدد من المشاكل في سير إجراءات المحاكمة التي تكون متضمنة شخصا أصم، استهل المركز مشروعاً لأنشطة الدعوة يستهدف اعتماد سياسة عن الترجمة بلغة الإشارة في المحاكم. وبوجه خاص، لاحظ المركز المشاكل التالية، ولا سيما فيما يتعلق بقضايا الاعتداء الجنسي على القصّر الصم في عمر 4 سنوات إلى 16 سنة، بما في ذلك قضية صاحبة البلاغ، في شتى أرجاء البلد: يوجد كثير من المحاكم الابتدائية على غير علم بمذكرة الأمر رقم 59-2004 الصادر عن المحكمة العليا وبالتعميم رقم 104-2007؛ وهناك بعض المحاكم والوكالات لا ي سمح بتوفير ترجمة بلغة الإشارة للطرف الأصم في القضايا معتبراً الترجمة بلغة الإشارة ” غير دقيقة “ ؛ ويعتبر كثير من المحاكم أن توفير الترجمة بلغة الإشارة خدمة تُقدم إلى المتقاضين الصم الذين يتعين عليهم إيجاد مترجم ودفع تكاليف تلك الخدمة؛ ولا يعترف بعض المحاكم بالحاجة إلى مترجم بلغة الإشارة أو مترجم ترجمة سمعية ، ولا توجد قواعد للترجمة بلغة الإشارة في المراحل الأخرى من الدعاوى، من قبيل التحقيقات؛ وفي ظل عدم توفير تدريب قانوني رسمي للمترجمين اللازمين للصم، فإن بعض المترجمين لا يحوزون ما يكفي من المهارات.

3-15 وتؤكد صاحبة البلاغ افتقار المهنيين الضالعين في إقامة العدل للمعارف والقدرات التي تتيح تناول قضايا النساء والأطفال ذوي الإعاقة، من قبيل ضحايا الاعتداء الجنسي الصم. وتزعم أن ه يتعين على السلطات الوطنية معالجة هذه المشكلة الخطيرة. وتشير إلى أنه رغم أن الأكاديمية القضائية الفلبينية نظمت حلقات عمل عن الاتفاقية وقامت بتوفير التدريب على مراعاة الجانب الجنساني، لم يتناول أي من ذلك الاحتياجات والشواغل الخاصة للنساء والفتيات ذوات الإعاقة .

3-16 وتطلب صاحبة البلاغ من اللجنة أن تقرر أنها ضحية ل لتمييز بوصفها فتاة صماء ضحية ل عملية اغتصاب، بسبب إخفاق الدولة الطرف في الوفاء بالالتزامات التي تقع عليها بمقتضى الاتفاقية وغيرها من صكوك حقوق الإنسان. وتدعو اللجنة إلى أن توصي بأن تقدم الدولة الطرف إليها تعويضاً يتناسب مع الضرر البدن ي والنفسي والاجتماعي الذي تعرضت له ومع جسامة الانتهاك الذي تعرضت له حقوقها. وتطلب أيضاً أن توفر الدولة الطرف لها المشورة والعلاج مجاناً، بما يشمل الترجمة بلغة الإشارة؛ و ال تعليم غير المعاق بالحواجز المقرون بالترجمة؛ وفرص العمل بعد الانتهاء من الدراسة. وتطلب كذلك إسداء المشورة النفسية مجاناً لأسرتها، عملاً بالبند 3( ) من القانون الجمهوري رقم 8505، حتى مع عدم وجود مركز حكومي معني بمحنة الاغتصاب في منطقة مانيلا الحضرية.

3-17 وتطلب صاحبة البلاغ أيضاً من اللجنة أن توصي بأن تتخذ الدولة الطرف تدابير في فروعها القضائية والتشريعية والتنفيذية، تتوافق مع التدابير المطلوبة في قضية فيرتيدو ضد الفلبين ( ) ، مع التركيز خصوصاً على التداخل القائم بين الجانب الجنساني والإعاقة و السن . وتطلب كذلك سن قانون يلزم الاستعانة بالترجمة الشفوية في جميع الإجراءات القضائية وشبه القضائية والتحقيقات وجلسات الاستماع العلنية، التي ت تضمن أفراد اً من الصم ؛ ومعالجة المسائل الناشئة عن التداخل بين الجانب الجنساني والإعاقة و السن في البرامج والخدمات التي تقدمها الوكالات المعنية في الدولة الطرف؛ وإنشاء خط هاتفي مباشر لمساعدة ضحايا العنف الجنساني من الصم ب الرسائل النصيّة التي تُرسل عبر الهاتف المحمول وتوفير استعماله في شتى أرجاء البلد؛ وإصدار التكليف اللازم بإنشاء نظام مهني للترجمة الشفوية، مع إيلاء الأولوية لتوفير الترجمة الشفوية في عمليات إسداء المشورة في مجالي القانون والصحة النفسية؛ والاعتراف بلغة الإشارة الفلبينية باعتبارها لغة الإشارة على الصعيد الوطني؛ وإدراج دراسات عن العنف الجنسي في مناهج التعليم بالكليات والجامعات؛ وإلزام المدارس التي تقدم برامج تعليمية خاصة للفتيات والنساء الصماوات بأن تتيح إمكانية تامة لتلقي التوجيه والمشورة، بما في ذلك است خ دام أخصائيين في تقديم المشورة إلى الصم، فضلا عن توفير إمكانية تامة للحصول على التثقيف المناسب للسن في مجال الجنس والقيم الجنسانية؛ وتكليف جامعة الفلبين بإنشاء برنامج أكاديمي وطني عن الترجمة بلغة الإشارة، بما في ذلك الترجمة الشفوية في مجالي القانون والصحة النفسية؛ وإدراج الاجتهادات القضائية عن مسائل الصم في جميع مناهج كليات الحقوق.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 18 حزيران/يونيه 2012، حاججت الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول بمقتضى الفقرة 1 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري للاتفاقية لأن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية برفع التماس تطلب فيه مراجعة إجراءات القضية . وتطعن الدولة الطرف في الحجة التي ساقتها صاحبة البلاغ بأن وسيلة الانتصاف المذكورة لم تكن فعالة ولم تتح لها مؤكدة أن الالتماس بطلب مراجعة إجراءات القضية وسيلة كافية من وسائل الانتصاف. وتقول الدولة الطرف إنه بموجب المادة 65 من لائحة المحكمة، يمكن أن يُنحى جانباً الحكم بالبراءة إذا ما أظهر مقدم الالتماس المذكور أن المحكمة الأدنى درجة لم ترتكب فقط لدى الحكم ببراءة المتهم أخطاءً قابلة للرد في الحكم، بل أبدت أيضاً إساءة تقدير جسيمة ترقى إلى عدم الاختصاص أو تجاوز الاختصاص أو عدم مراعاة الأصول القانونية، ومن ثم يُعتبر الحكم باطلاً. وعليه، لا يمكن اعتبار أن المتهم معرض للمحاكمة على نفس الجرم مرتين. وقد قضت المحكمة العليا في قضية شعب الفلبين ضد دي غرانو وآخرين ، بأن التصرف القضائي يعتبر إساءة تقدير جسيمة إذا جاء نتيجة اتباع نزوة أو هوى في إصدار الحكم بحيث يرقى إلى عدم الاختصاص. ويتعين أن يكون سوء التقدير جلياً وبالغاً بحيث يرقى إلى الإخلال بواجب مباشر أو إلى رفض فعلي لأداء واجب منصوص عليه في القانون، كما هو الحال لدى ممارسة السلطة بصورة تعسفية أو استبدادية اتباعاً للهوى أو بسبب العداء ( ) .

4-2 وتقول الدولة الطرف إنه في حالة ارتكاب المحكمة الابتدائية تمييزاً جنسانياً في قضية صاحبة البلاغ يرقى إلى حرمانها من اتباع الأصول القانونية الواجبة إزاءها، يجوز حينئذ تنحية حكم المحكمة الابتدائية باعتباره باطلاً لعدم الاختصاص. وكان ينبغي لصاحبة البلاغ إحالة الحكم إلى مكتب الوكيل العام للتأكد مما إذا كانت هناك أسباب كافية تسوغ رفع التماس بمراجعة إجراءات القضية .

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2012، طعنت صاحبة البلاغ في ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. وأشارت إلى أن الدولة الطرف قدمت ذات الحجج المقدمة في قضية فيرتيدو ضد الفلبين . وتشير صاحبة البلاغ من ثم إلى الحجج المتعلقة بعدم إتاحة وعدم فعالية وسيلة الانتصاف التي تقضي بمراجعة إجراءات القضية التي ساقتها صاحبة البلاغ في قضية فيرتيدو ( ) ، كما تحتج بأن نفس الشيء ينطبق على قضيتها.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 دُعيت الدولة الطرف، بمذكرتين شفويتين مؤرختين 5 كانون الأول/ديسمبر 2012 و17 أيلول/سبتمبر 2013، إلى أن تقدم إلى اللجنة ملاحظات على الأسس الموضوعية للبلاغ. وكررت الدولة الطرف، بمذكرة شفوية مؤرخة 10 تشرين الأول/أكتوبر 2013، ملاحظاتها السابقة بأن صاحبة البلاغ لم تلجأ إلى الاستفادة من وسيلة الانتصاف التي تقضي بمراجعة إجراءات القضية . وتحتج بأنه سبق وأن طلب عدد من أصحاب الشكاوي الخاصة في قضايا جنائية من مكتب الوكيل العام رفع التماس بمراجعة إجراءات قضايا حُكم فيها بالبراءة، أو أن مكتب الوكيل العام انضم بالفعل إلى الالتماسات التي رفعها أصحاب الشكاوي الخاصة واعتمد تلك الالتماسات ( ) .

6-2 وتقول الدولة الطرف إن صاحبة البلاغ يتسنى لها أيضاً أن ترفع دعوى مدنية، مستقلة عن القضية الجنائية. وتحتج بأن حكم البراءة الصادر لصالح المتهم لا يحول تلقائياً دون صدور حكم مدني ضده بالنظر إلى أن الأدلة المطلوبة تكون أقل في القضايا المدنية (رجحان الأدلة) مقارنة بالقضايا الجنائية (دليل يتجاوز أي شك معقول).

6-3 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأنه لا أساس لادعاء صاحبة البلاغ بحدوث خطأ قضائي على أساس عدم تقدير المحكمة الابتدائية للدليل الذي قدمته و استنادها إلى الأفكار الوهمية والقوالب النمطية الجنسانية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة فيما يتعلق بالمقبولية

7-1 وفقاً للمادة 64 من نظام اللجنة الداخلي، يتعين عليها أن تقرر مدى مقبولية البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري. وعملاً بالفقرة 4 من المادة 72 من النظام الداخلي، يتعين أن تقوم اللجنة بذلك قبل النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

7-2 وفيما يختص بالفقرة 1 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري التي تستلزم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تشير اللجنة إلى أن مقدمي البلاغات يتعين عليهم الاستفادة من سبل الانتصاف المتاحة لهم في النظام القانوني الوطني والتي تمكنهم من الحصول على الإنصاف إزاء الانتهاكات المزعومة ( ) . وتعتبر اللجنة أن جوهر شكاوي صاحبة البلاغ يتصل بالأفكار الوهمية والقوالب النمطية الجنسانية المزعومة عن الاغتصاب وضحاياه، و خصوصاً ذوات الإعاقة ، التي استند إليها حكم المحكمة الابتدائية وأفضى إلى تبرئة المتهم. وتلاحظ الإيضاحات المقدمة من صاحبة البلاغ والدولة الطرف على السواء، التي تفيد بأن حكم البراءة نهائي وغير قابل للطعن. وتلاحظ أيضاً الحجة التي ساقتها الدولة الطرف بأنه يتعين إعلان عدم مقبولية البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري استناداً إلى عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية نظراً إلى أن صاحبة البلاغ لم تلجأ إلى الاستفادة من وسيلة الانتصاف الخاصة التي تقضي بمراجعة إجراءات القضية والمنصوص عليها في البند 1 من المادة 65 من لائحة المحكمة.

7-3 وتشير اللجنة إلى اجتهادها القضائي، خاصة في قضية فيرتيدو ضد الفلبين ، حيث قررت أن وسيلة الانتصاف التي تقضي بمراجعة إجراءات القضية لم تكن متاحة أمام صاحبة البلاغ، خصوصاً لأنها متاحة فحسب أمام شعب الفلبين الذي يمثله مكتب الوكيل العام؛ وأن المقصود منها تصحيح ما يقع من أخطاء في الاختصاص وليس ما يقع من أخطاء في الحكم، في حين أن التمييز الجنساني يرجح اعتباره خطأ في الحكم؛ وأن مراجعة إجراءات القضية هي وسيلة انتصاف مدنية ( ) . وتلاحظ اللجنة أن وجود تماثل بين خلفيات الوقائع والإجراءات في القضيتين، وانعدام وجود معلومات جديدة وثيقة الصلة من الدولة الطرف بصدد المسألة لا يسوغان الخروج باستنتاج آخر في هذه القضية. وفي ظل هذه الظروف، تعتبر اللجنة أن الفقرة 1 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري لا تحول دون نظرها في ه ذا  البلاغ.

7-4 وقد اطمأنت اللجنة، وفقاً للفقرة 2(أ) من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، إلى أن المسألة ذاتها لم يُنظر فيها ولا يجري النظر فيها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-5 وتشير اللجنة إلى أنها لا تحل محل السلطات الوطنية في تقييم الحقائق، ولا تبت بشأن المسؤولية الجنائية للجاني المزعوم ( ) .

7-6 وتعتبر اللجنة أن المزاعم التي أوردتها صاحبة البلاغ في إطار المادة 1 والفقرات (ج) و(د) و(و) من المادة 2 من الاتفاقية مدع و مة ببراهين كافية لأغراض المقبولية. وعليه، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتمضي قدماً في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف، وفقاً للفقرة 1 من المادة 7 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتلاحظ اللجنة المزاعم التي أوردتها صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف لم توفر الحماية لها من التمييز الجنساني، خصوصاً بعدم تقديم تسهيلات لها في المحكمة كامرأة صماء بكماء، على قدم المساواة مع غيرها من الضحايا. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن الادعاءات المحددة التي ساقتها صاحبة البلاغ في هذا الصدد تتصل بوجه خاص باستعمال المحكمة الابتدائية أفكاراً وهمية وقوالب نمطية جنسانية عن الاغتصاب وضحاياه، مما أفضى إلى تبرئة الجاني المفترض؛ وإخفاق المحكمة في النظر في وضعها الضعيف كفتاة صماء وعدم تزويدها بالترتيبات التيسيرية المعقولة على ذلك الأساس، من قبيل الترجمة بلغة الإشارة؛ وكذلك إخفاق المحكمة في تسيير الإجراءات دون تأخير غير مبرر. وسوف تقرر اللجنة ما إذا كان ما سلف ذكره يرقى إلى انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ وإخلال بالالتزامات المقابلة الواقعة على كاهل الدولة الطرف بأن تعمل على إنهاء التمييز في العملية القانونية بمقتضى المادة 1 والفقرات (ج) و(د) و(و) من المادة 2 من الاتفاقية.

8-3 وفيما يختص بادعاء صاحبة البلاغ المتصل بالمادة 2 (ج) من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى أن الحق في الحماية الفعالة، الذي يشمل أيضاً الحق في وسيلة انتصاف فعالة، مكرس في الاتفاقية ( ) . ويندرج ذلك الحق ضمن نطاق المادة 2 (ج)، التي تستلزم بأن تعمل الدول الأطراف على ” إقرار الحماية القانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم الوطنية ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى، من أي عمل تمييزي “ ، بالاقتران مع الفقرتين 24 (ب) و (ط) من التوصية العامة رقم 19، اللتين ينبغي بموجبهما للدول الأطراف ضمان ” أن تتيح القوانين التي تناهض العنف وإساءة المعاملة في الأسرة والاغتصاب والاعتداء الجنسي وغير ذلك من العنف القائم على أساس الجنس، حماية كافية لجميع النساء، واحترام سلامتهن وكرامتهن “ وكفالة ” إجراءات التظلم وسبل الانتصاف الفعالة، بما في ذلك التعويض “ ، للتغلب على جميع أشكال العنف الجنساني. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن فعالية سبل الانتصاف تستدعي النزاهة والحياد والسرعة وحسن التوقيت عند البت في قضية تتضمن مزاعم بحدوث اغتصاب وجرائم جنسية ( ) . وتشير كذلك إلى توصيتها العامة رقم 18، التي لاحظت فيها أن ” المعاقات ت عتبرن من الفئات الضعيفة، و أنه ن ت عانين من تمييز مضاعف يتصل بظروفهن المعيشية الخاصة “ . وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة على أن ه من المهم للغاية كفالة تمتع النساء ذوات الإعاقة بحماية فعالة من التمييز الجنسي والجنساني توفرها الدول الأطراف، وإتاحة إمكانية حصولهن على سبل الانتصاف الفعالة.

8-4 وبالنظر إلى ما سلف، تلاحظ اللجنة الحقيقة التي لا مراء فيها بأن قضية صاحبة البلاغ، التي استُمع فيها إلى إفادة صاحبة البلاغ وأمها والمتهم فحسب، ظلت قيد نظر المحكمة الابتدائية من عام 2006 حتى عام 2011. وتلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف لم تفند ادعاء صاحبة البلاغ بأن عدم قيام المحكمة الابتدائية بالتخطيط الكافي إضافة إلى مراسلات المحكمة على مدار فترة طويلة من الزمن مع مركز الفلبين لموارد الصم لكي يوفر لصاحبة البلاغ الترجمة الشفوية اللازمة، قد أسهما إلى حد بعيد في تأخر إجراءات القضية بلا مسوغ.

8-5 وتلاحظ اللجنة أن توفير المساعدة المجانية من مترجم شفوي في القضايا التي لا يكون بوسع أطرافها، من قبيل المتهمين أو الشهود، فهم اللغة المستعملة في المحكمة أو التكلم بها، هو ضمانة أساسية من ضمانات المحاكمة العادلة المكرسة في معاهدات حقوق الإنسان ( ) ، والتي تطورت بقدر أكبر في الاجتهادات القضائية لهيئات المعاهدات ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ في هذه القضية، وهي شابة صماء، كانت عاجزة عن السمع ولكنها تفهم اللغة الإنكليزية المكتوبة، في الوقت الذي سارت فيه إجراءات القضية ، بما فيها جلسات الاستماع التي عقدتها المحكمة، باللغتين الفلبينية والإنكليزية شفاهةً وكتابةً.

8-6 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحبة البلاغ بأنه لم تتح لها ترجمة شفوية بلغة الإشارة في سياق التحقيق وخلال جانب من جلسات الاستماع التي عقدتها المحكمة، بما في ذلك في أثناء النطق ببراءة المتهم، رغم أنها حضرت جميع جلسات الاستماع؛ وبأن عبء إيجاد مترجمين بلغة الإشارة وكفالة حضورهم إلى المحكمة أُلقي على كاهلها على الأقل جزئياً ( ) . كما تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في ادعاء صاحبة البلاغ. ولم تبين الدولة الطرف كذلك الكيفية التي طُبقت بها عملياً على القضية الراهنة الأحكام المتعلقة بالمترجمين بلغة الإشارة، الواردة في مذكرة الأمر رقم 59-2004 الصادر عن المحكمة العليا، والتعميم رقم 104-2007 الصادر عن مكتب مدير شؤون المحكمة العليا. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه حسبما أشارت إليه صاحبة البلاغ ولم تعارضه الدولة الطرف، أوردت دراسة أجراها مركز الفلبين لموارد الصم أن الغالبية العظمى من القضايا التي رفعها أصحاب الشكاوى الصم في الفلبين في الفترة 2006-2010 كانت تتعلق بالاغتصاب، وأن أقل من واحدة من كل ثلاث ضحايا أتيحت لها ترجمة بلغة الإشارة ( ) . وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ بعدم وجود سياسة شاملة في الفلبين لتعزيز مساواة الصم، لا سيما النساء والفتيات، بغيرهم وتوفير إمكانية لجوئهم إلى النظام القضا ئي ، وكذلك غياب المعايير والإجراءات المتعلقة بتوفير الترجمة الشفوية لأولئك المتقاضين. وتلاحظ كذلك أن السياسة المتبعة في الدولة الطرف لا تقتضي توفير ترجمة شفوية إلا عندما يلزم فهم الشخص الأصم ” بشكل كامل “ . وتلاحظ أيضاً، فيما ي تصل بالدراسة التي أجراها المركز ، أن بعض المحاكم غير مدركة لهذا الشرط ولا تأذن بتوفير ترجمة بلغة الإشارة للطرف الأصم، حيث تعتبر تلك الترجمة ” غير دقيقة “ أو خدمة إضافية يتعين على المتقاضين الصم تحمل عبئها.

8-7 وتلاحظ اللجنة أن المعلومات والادعاءات المذكورة آنفاً لم تطعن فيها الدولة الطرف. وفي ضوء ما سلف، تعتبر اللجنة أنه في ظل ظروف القضية الراهنة، كان من الضروري توفير ترجمة بلغة الإشارة ل ضمان مشاركة صاحبة البلاغ بشكل تام ومتكافئ في إجراءات القضية ، امتثالاً لمبدأ تكافؤ وسائل الدفاع، ومن ثم ضمان تمتعها بالحماية الفعالة من التمييز في إطار فحوى الفقرتين 2 (ج) و (د) من المادة 2 من الاتفاقية ، بالاقتران مع نص التوصية العامة رقم 19 الصادرة عن اللجنة ( ) .

8-8 وفيما يختص بادعاء صاحبة البلاغ المطروح في إطار المادة 2(و) من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى أن الاتفاقية ترسي التزامات على كاهل جميع سلطات الدولة، وأن الدول الأطراف مسؤولة عن القرارات القضائية التي تشكل انتهاكاً لأحكام الاتفاقية. و تنوّه إلى أنه بمقتضى ذلك البند من الاتفاقية، يكون على الدولة الطرف اتخاذ التدابير الملائمة الكفيلة بتعديل أو إلغاء ليس فقط القوانين والأنظمة القائمة، ولكن أيضاً الأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة. وفي هذا الصدد، تشدد اللجنة على أن القوالب النمطية تؤثر في حق المرأة في المحاكمة النزيهة والعادلة، وأن السلطة القضائية يتعين عليها تجنب وضع معايير جامدة لما ينبغي للنساء أو الفتيات أن يكنّ عليه أو ما  كان ينبغي عليهن عمله في مواجهة حالة الاغتصاب بمجرد الاستناد إلى أفكار مسبقة عن كيفية تعريف ضحية الاغتصاب ( ) . وفي القضية قيد البحث، ثمة حاجة إلى تقييم مدى امتثال الدولة الطرف للالتزام بالقضاء على القوالب النمطية الجنسانية، استناداً إلى المادة 2 (و)، وذلك في ضوء مدى مراعاة الجانب الجنساني والسن وحالة الإعاقة في المعالجة القضائية لقضية صاحبة البلاغ.

8-9 وتلاحظ اللجنة أن المحكمة، بمقتضى مبدأ مراعاة السوابق القضائية ، أحالت إلى المبادئ التوجيهية المستقاة من السوابق القضائية في تطبيق الأحكام المتعلقة بالاغتصاب والمنصوص عليها في قانون العقوبات المنقح لعام 1930، وفي البت في قضايا الاغتصاب ذات الأنماط المماثلة. وفي بداية منطوق الحكم، تلاحظ اللجنة أن ثمة إحالة إلى ثلاثة مبادئ توجيهية عامة يُسترشد بها في استعراض قضايا الاغتصاب. وفيما يختص بالأفكار الوهمية والقوالب النمطية الجنسانية المزعومة المنتشرة في شتى أجزاء الحكم ( ) ، فإن اللجنة، وبعد العناية في فحص النقاط الأساسية المستند إليها في الحكم، تلاحظ أولاً، أن المحكمة الابتدائية توقعت من صاحبة البلاغ أن تسلك سلوكاً معيناً يتعين على الأنثى الفلبينية العادية التي تقع ضحية للاغتصاب أن تسلكه في مثل تلك الظروف، أي ” استعمال كل ذرة من قوتها وشجاعتها لدفع أي محاولة تفضي إلى تلطيخ شرفها والنيل من طهارتها “ . وثانياً، قيّمت المحكمة سلوك صاحبة البلاغ قياساً على ذلك المعيار وخلصت إلى أن سلوكها لم يكن متوافقاً ” مع سلوك الفتاة الفلبينية العادية “ ومع ” المستوى المعقول للسلوك البشري “ لأ نها لم تحاول الفرار من المعتدي أو مقاومته، لا سيما بإثارة الضوضاء أو استعمال القوة. وذكرت المحكمة أن ” عدم قيامها حتى بمحاولة الفرار [...] أو الصياح على الأقل طلباً للمساعدة، رغم الفرص المتاحة أمامها لفعل ذلك يلقي بظلال الشك على مدي صدقها ويجعل من الصعب تصديق زعمها بعدم رغبتها فيما حدث أو عدم رضاها ب ه “ . وتخلص اللجنة إلى أن تلك الاستنتاجات تكشف في حد ذاتها عن وجود قولبة نمطية جنسانية قوية نجم عنها تحيز جنسي وتمييز جنساني وتغاض عن الظروف الفردية في القضية، من قبيل معاناة صاحبة البلاغ من الإعاقة أو بالنظر إلى سنِّه ا.

8-10 وتلاحظ اللجنة كذلك أن القوالب النمطية الجنسانية والتصورات المغلوطة التي استعانت بها المحكمة الابتدائية تضمنت، بوجه خاص، عدم إبداء ضحية الاغتصاب المقاومة ورضاها به ومدى استعمال الجاني القوة والترويع. وتشير إلى اجتهادها القانوني بأن التوقع من صاحبة البلاغ أن تكون قد أبدت مقاومة في الحالة قيد البحث يعزز بوجه خاص الفكرة الوهمية بأن المرأة يتعين عليها أن تقاوم جسدياً الاعتداء الجنسي. وتكرر اللجنة أنه لا ينبغي الافتراض في القانون أو في الواقع العملي أن المرأة تكون قد أبدت رضاها لمجرد أنها لم تقاوم بدنيا سلوكاً جنسياً غير مرغوب فيه، بغض النظر عن ما إذا كان الجاني قد هدد باستعمال العنف الجسدي أو استعمله فعلاً ً ( ) . وتكرر اللجنة أيضاً أن عدم الرضا هو عنصر ضروري من عناصر جريمة الاغتصاب، التي تشكل انتهاكاً لحق المرأة في الأمن الشخصي والسلامة البدنية ( ) . وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه رغم التوصية المحددة الصادرة إلى الدولة الطرف بإدراج عنصر ” عدم الرضا “ في تعريف الاغتصاب بقانون العقوبات المنقح لعام 1930 ( ) ، لم تقم الدولة الطرف بمراجعة تشريعاتها.

8-11 وتقر اللجنة كذلك بأن صاحبة البلاغ عانت من ضرر مادي ومعنوي ومن أوجه تحيُّز، خصوصاً بسبب الطول المفرط في سير إجراءات المحاكمة، وبإخفاق المحكمة في توفير الترجمة الشفوية بلغة الإشارة مجاناً، وباستعمال القوالب النمطية والأفكار الوهمية الجنسانية، والتغاضي لدى إصدار الحكم عن حالتها الخاصة المتمثلة في كونها فتاة بكماء صماء.

9 - وإعمالاً للفقرة 3 من المادة 7 من البروتوكول الاختياري ل لاتفاقية ، وفي ضوء كافة الاعتبارات المذكورة آنفاً، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تمتثل لالتزاماتها، ومن ثم انتهكت الحقوق المكفولة لصاحبة البلاغ بمقتضى الفقرات (ج) و (د) و (و) من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية والتوصيتين العامتين رقمي 18 و 19 الصادرتين عن اللجنة. وتطرح اللجنة على الدولة الطرف التوصيات التالية:

(أ) فيما يتعلق بصاحبة البلاغ :

‘1’ تقديم تعويض، بما يشمل التعويض النقدي، يتناسب مع جسامة الانتهاكات التي تعرضت لها حقوق صاحبة البلاغ؛

‘2’ توفير المشورة والعلاج النفسي ين مجاناً لصاحبة البلاغ وأسرتها؛

‘3’ توفير تعليم لصاحبة البلاغ غير معاق بالحواجز ومقرون بترجمة شفوية؛

(ب) توصيات عامة :

‘1’ مر اجعة التشريع المتعلق بالاغتصاب ل حذف أي اشتراط بأن يكون الاعتداء الجنسي قد ارتُكب باستعمال القوة أو العنف، وأي اشتراط بوجود دليل على الإيلاج، ل كي يكون انعدام الرضا هو محور التركيز فيه؛

‘2’ استعراض التشريعات والممارسات ذات الصلة من أجل ضمان توفير المساعدة المجانية الملائمة من المترجمين الشفويين، بما يشمل لغة الإشارة، في جميع مراحل سير الدعاوى، عند الا قتضاء؛

‘3’ كفالة سير جميع الدعاوى الجنائية التي يدخل فيها الاغتصاب وغيره من الجرائم الجنسية بحياد ونزاهة دون تحيزات أو أفكار نمطية عن جنس الضحية أو سنِّها أو  ما  تعانيه من إعاقة؛

‘4’ توفير التدريب الملائم والمنتظم عن ال اتفاقية وبروتوكولها الاختياري و ال توصيات ال عامة للجنة ، و لا سيما التوصيتان 18 و19، للعاملين في السلك القضائي والاختصاصيي ن في المجال القانوني لضمان ألاّ تؤثر التصورات النمطية وأوجه التحيُّز الجنساني في سير الدعاوى واتخاذ القرارات في المحاكم.

10 - ويتعين على الدولة الطرف، بمقتضى الفقرة 4 من المادة 7 من البروتوكول الاختياري، أن تولي الاعتبار الواجب لما أعربت عنه اللجنة من آراء وكذلك ما قدمته من توصيات، و أن تقدم إلى اللجنة في غضون ستة أشهر رداً خطياً يتضمن معلومات عن أي إجراء تتخذه في ضوء آراء اللجنة وتوصياتها. ويطلب أيضاً إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء وتوصيات اللجنة وأن تترجمها إلى الفلبينية واللغات الإقليمية الأخرى المعترف بها، حسب الاقتضاء، وتوزعها على نطاق واسع بغية وصولها إلى جميع القطاعات المعنية في المجتمع.

[اعتُمِدت باللغات الإسبانية والإنكليزية والروسية والصينية والعربية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي.]