الأمم المتحدة

CAT/C/62/D/496/2012

Distr.:

Arabic

Original:

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

18 January 2018

English

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 496/2012 * **

بلاغ مقدم من : جان نداغيجيمانا ، تمثله الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى: ٩ آذار / مارس ٢٠١٢ ( تاريخ الرسالة الأولى )

تاريخ اعتماد هذا القرار: ٣٠ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧

الموضوع: التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ عدم إجراء تحقيق فعال وعدم جبر الضرر

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وتدابير منع أفعال التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والتزام الدولة الطرف بأن تضمن قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه؛ والحق في تقديم شكاوى؛ والحق في الحصول على جبر

مواد الاتفاقية: الفقرة 1 من المادة 2 والمواد 12 و13 و14، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و16 من الاتفاقية

١-١ صاحب الشكوى هو جان نداغيجيمانا ، وهو مواطن بوروندي ولد في مانيجي في 4 أيار/مايو 1958. ويدعي صاحب الشكوى أنه ضحية انتهاكات بوروندي لحقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة ٢ والمواد ١٢ و١٣ و١٤، مقروءة بالاقتران مع المادة ١ أو المادة ١٦ من الاتفاقية. وتمثل صاحب الشكوى الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب .

١-٢ وقد أعلنت بوروندي، في 10 حزيران/ يونيه 2003، اعترافها باختصاص اللجنة بتسلم ودراسة البلاغات الواردة من الأفراد بموجب المادة 22 من الاتفاقية.

١-٣ وفي21 آذار/مارس 2012، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عملاً بالفقرة 1 من المادة 114 من نظامها الداخلي، أن تتخذ تدابير فعالة تكفل، طيلة نظر اللجنة في هذه الشكوى، عدم تعرض صاحبها وأسرته لأي تهديد أو عمل من أعمال العنف، ولا سيما بسبب تقديم هذه الشكوى، وأن تبلغ اللجنة بما اتخذته من تدابير في هذا الصدد.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

٢-١ كان صاحب الشكوى يعمل سائق حافلة في مدينة سيبيتوكي عند وقوع الأحداث موضوع الشكوى. ففي حوالي الساعة العاشرة من صباح يوم 15 شباط/فبراير 2008، كان صاحب الشكوى أمام منزله يتحدث مع ابن عمه عما تعرض له هذا الأخير من معاملة سيئة قبل دقائق قليلة. وكان ابن عم صاحب الشكوى يحكي له أن حاكم مقاطعة سيبيتوكي ، السيد زيفيرين باروتوانايو ، استوقفه قبل نصف ساعة على الطريق بين بوغاندا وموري وصادر منه وثائق تسجيل السيارة التي كان يقودها. وبينما كان صاحب الشكوى وابن عمه يتحدثان عن تلك الواقعة، داهمهما حاكم المقاطعة الذي جاء على متن شاحنة صغيرة بصحبة أربعة ضباط شرطة نظاميين وأمر ابن عم صاحب الشكوى مجدداً بإعطائه أوراق تسجيل سيارته، رغم أنه كان قد صادرها منه قبل وقت قصير. ثم أمر حاكم المقاطعة أحد ضباط الشرطة الأربعة بأن يأخذ مفاتيح سيارة ابن عم صاحب الشكوى وأن يجعله يصعد على ظهر الشاحنة الصغيرة دون أن يفسر له السبب. فتدخل صاحب الشكوى دفاعاً عن ابن عمه وطلب من حاكم المقاطعة أن يترك ابن عمه يقود سيارته بنفسه إلى أي مكان يحدده بدلاً من تسليمها لضباط الشرطة. فاستشاط حاكم المقاطعة غضباً لاعتراض صاحب الشكوى على أوامره، فأمره بالصعود هو أيضاً على ظهر الشاحنة الصغيرة.

٢-٢ و رفض صاحب الشكوى الانصياع إلى أوامره، وعبر إلى الناحية الأخرى من الطريق. فأمر الحاكم ثلاثة من ضباط الشرطة بإرغامه على الصعود على ظهر الشاحنة. فأمسك ضباط الشرطة به من ذراعيه وألقوا به على أرضية الشاحنة. وسقط صاحب الشكوى على وجهه وارتطم رأسه بأرضية الشاحنة. وتهشمت نظارته من شدة الارتطام. غير أن صاحب الشكوى تمكن من إخراج نفسه من الشاحنة، ولكن الحاكم رآه، فأمر ضباط الشرطة الثلاثة بتقييد حركته وضربه وجعله يصعد على ظهر الشاحنة مجدداً.

٢-٣ وسدد أحد ضباط الشرطة حوالي عشر ضربات بعقب بندقيته على ساقي صاحب الشكوى وقدميه، في محاولة لإرغامه على الصعود على ظهر الشاحنة. فسقط صاحب الشكوى أرضاً من شدة الألم. وبينما كان صاحب الشكوى ملقى على الأرض خلف الشاحنة ومحاطاً بضباط الشرطة، أمر حاكم المقاطعة الضباط بضربه. ويدعي صاحب الشكوى أنه تعرض للضرب على مدى نصف ساعة بهراوات ضباط الشرطة وأعقاب بنادقهم. كما يدعي أن أحدهم ضربه بعقب بندقيته على كاحله الأيمن وهدده بمسدسه لإرغامه على العودة إلى ظهر الشاحنة ( ) .

٢-٤ وكان صاحب الشكوى في حالة حرجة وكان ملطخ اً بالدماء، فبدأ المارة يتجمعون حوله. وتوقف ضباط الشرطة عن ضرب صاحب الشكوى عندما تزايد ضغط المارة عليهم، وغادروا المكان بشاحنتهم الصغيرة وسيارة ابن عم صاحب الشكوى. وتركوا صاحب الشكوى مم د داً على الأرض وملطخاً بالدماء وعاجزاً عن النهوض.

٢-٥ وبادر المارة الذين كانوا قد توقفوا في مكان وقوع أعمال العنف هذه بوضع صاحب الشكوى في سيارة وبنقله إلى مستشفى ولي العهد شارل دو بوج و مبورا. وتطلبت الجروح التي كانت ت غ طي جميع أنحاء جسد صاحب الشكوى وضعه تحت عناية فورية ومتابعة طبية عن كثب لعدة أسابيع. وأجرى الأطباء سلسلة من الفحوص الطبية لصاحب الشكوى، وبعد استخدام مختلف الوسائل الخارجية لعلاج كاحله، بلا جدوى، طلب الطبيب المعالج إجراء فحص له بالأشعة السينية ( ) واضطر صاحب الشكوى إلى مغادرة المستشفى بعد ثلاثة أسابيع لأن وضعه المالي لم يعد يسمح له بتحمل تكاليف العلاج في المستشفى، رغم أن الأطباء رأوا أن حالته الصحية تتطلب بقاءه في المستشفى شهراً كاملاً حتى يستعيد عافيته تماماً. واضطر صاحب الشكوى أيضاً إلى دفع تكاليف استبدال نظارته التي تهشمت من شدة ارتطام وجهه بأرضية الشاحنة ( ) .

٢-٦ وغادر صاحب الشكوى المستشفى في 5 آذار/مارس 2008. ويؤكد صاحب الشكوى أن بعد يومين من مغادرته المستشفى، جاء خمسة ضباط شرطة إلى منزله في غيابه وسألوا أطفاله عن مكان وجوده. وفي ١٠ آذار/مارس ٢٠٠٨، أبلغه مدير الإدارة المحلية، وهو أحد أقاربه، بأن حاكم المقاطعة يبحث عنه وبأنه أمره ، في صباح ذلك اليوم نفسه، بأن يلقي القبض على صاحب الشكوى وأن يخطره حالما يتم ذلك. ولذلك، قرر صاحب الشكوى مغادرة المقاطعة والبقاء في بوجومبورا لمدة شهر.

٢-٧ وتوجه صاحب الشكوى، بعد وصوله إلى بوجومبورا ، إلى محطة الإذاعة العامة الأفريقية، وهي إحدى أكثر المحطات الإذاعية شعبية في بوروندي، التي أعدت تقرير اً إذاعياً عن الاعتداء الذي تعرض له بأمر من حاكم مقاطعة سيبيتوكي وعن بحث حاكم المقاطعة عنه ومحاولته العثور عليه. ولقي هذا التقرير الإذاعي صدى كبيراً. وبعد مجاهرته بما تعرض له، نمت وقائع الحادثة إلى علم سلطات الدولة الطرف، التي لم تبد أي رد فعل عليها. وأثناء مقابلة أجراءها صحفيو القناة الإذاعية مع حاكم مقاطعة سيبيتوكي ، طلب الحاكم علن اً من صاحب الشكوى أن يحضر إلى مكتبه لمناقشة قضيته. غير أن صاحب الشكوى لم يستجب لذلك الطلب خوفاً من التعرض لنفس المعاملة التي تعرض لها من قبل أو للاحتجاز بلا سبب. وبعد بضعة أشهر، حاول حاكم المقاطعة مجدد اً الاتصال بصاحب الشكوى، عن طريق أحد جيرانه، لكي يقترح عليه تسوية " خلافهما " ودياً ولكن صاحب الشكوى رفض هذا الاقتراح مرة أخرى رفضاً تاماً.

٢-٨ وفضل صاحب الشكوى متابعة الإجراءات القانونية التي بدأها في ٦ آذار/مارس ٢٠٠٨، بعد مغادرته المستشفى، برفع دعوى ضد حاكم مقاطعة سيبيتوكي والادعاء فيها بحق مدني أمام المدعي العام لدى المحكمة العليا ( ) ، محتجاً فيها بأنه " ضحية أعمال تعذيب " ( ) . وعلى إثر تقديم تلك الشكوى، استدعى قاضي التحقيق صاحب الشكوى وحاكم المقاطعة عدة مرات لسماع أقولهما. وبما أن حاكم المقاطعة لم يحضر إلى مكتب المدعي العام إلا بعد توجيه خمسة أو ا مر مثول إليه، لم تعقد إلا جلسة واحدة لسماع القضية أمام قاضي التحقيق. وخلال تلك الجلسة، نفى حاكم المقاطعة أي مسؤولية عن الضرب الذي تعرض له صاحب الشكوى. غير أنه أقر بأن ضباط الشرطة ضربوا صاحب الشكوى. وقرر القاضي عقد جلسة استماع أخرى، ولكن الحاكم لم يحضر. ولم يُتخذ أي إجراء بشأن رفض حاكم المقاطعة المثول أمام المدعي العام ( ) . ومنذ ذلك الحين، لم يتخذ أي إجراء آخر للتحقيق في القضية.

٢-٩ وفي 3 شباط/فبراير ٢٠١١، أعاد صاحب الشكوى تقديم شكواه إلى المدعي العام في المحكمة العليا عندما لاحظ عدم إحراز أي تقدم في سير الدعوى رغم مرور ثلاث سنوات على وقوع الحادثة ( ) . ولم تؤد الشكوى الجديدة إلى أي تحقيق في وقائع الحادثة ولا إلى مقاضاة الجناة.

٢-١٠ وبالإضافة إلى هذه الإجراءات الرسمية، يذك ِّ ر صاحب الشكوى بأنه أبلغ وسائل الإعلام، ولا سيما الإذاعة العامة الأفريقية، بالجرائم التي ارتكبت في حقه. ومن ثم، فلا شك في أن السلطات البوروندية أُبلغت بها وأنها على علم بها. غير أنها لم تتخذ أي إجراء لكفالة التحقيق في هذه الجرائم الجسيمة ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم وحصول صاحب الشكوى على جبر لما لحق به من ضرر. ذلك أن المدعي العام لم يقابل صاحب الشكوى إلا مرة واحدة للنظر في شكواه التي لم يُتخذ أي إجراء لمتابعتها على الرغم من معرفة هوية مرتكبي الجرائم التي ارتكبت بحق صاحب الشكوى.

٢-١١ ويؤكد صاحب الشكوى أن المادة ٣٩٢ من القانون الجنائي لبوروندي تنص على أن أي قاض يرفض إقامة العدل عندما يُلتمس منه ذلك يعاقب بالسجن ثمانية أيام و/أو بدفع غرامة تتراوح بين 000 50 فرنك و000 100 فرنك. غير أنه يشير إلى أن فرص نجاح أي قضية تُرفع استناداً إلى أحكام هذه المادة تكاد تكون معدومة لأن المدعي العام يتمتع على الأرجح بنفس الحماية التي يتمتع بها مرتكبو هذه الجرائم. ويضيف صاحب الشكوى، في ضوء الإجراءات القضائية التي حاول اتخاذها والتي باءت جميعها بالفشل، أن من الواضح أن السلطات القضائية والإدارية كانت ولا تزال غير راغبة في مقاضاة المسؤولين عن تلك الجرائم ولا في معاقبتهم. ويشير صاحب الشكوى إلى أن حاكم مقاطعة سيبيتوكي حصل على ترقية من رئيس الجمهورية، في ٣٠ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢، إلى منصب مدير عام الوكالة البوروندية للمياه في المناطق الريفية التابعة لوزارة الطاقة والتعدين. ويرى صاحب الشكوى أن هذه الترقية دليل دامغ على أن السلطات البوروندية لم تكن تنوي قط معاقبة حاكم المقاطعة على انتهاك حقوقه. وعلاوة على ذلك، يدل سلوك حاكم مقاطعة سيبيتوكي على أنه لم يكن قلقاً إطلاقاً من احتمال مقاضاته لأن صاحب الشكوى صادفه عدة مرات منذ عودته إلى سيبيتوكي . ولم يكتف حاكم المقاطعة بالنظر إليه شزر اً، بل إنه دعاه إلى شراب " كأس " معه، وهي دعوة رفضها صاحب الشكوى رفضاً قاطعاً.

٢-١٢ وإلى جانب رفض السلطات رفضاً واضحاً تحديد المسؤولية في هذه القضية، يوجه صاحب الشكوى الانتباه إلى حالة الإفلات من العقاب السائدة في بوروندي، ولا سيما فيما يتعلق بأفعال التعذيب، وهي حالة تناولتها تقارير عديدة صادرة عن هيئات دولية ( ) . ويذك ّ ر صاحب الشكوى على وجه الخصوص بأن اللجنة أعربت عن قلقها إزاء عدم فعالية النظام القضائي في الدولة الطرف وطلبت إلى الدولة الطرف أن تتخذ تدابير حازمة للقضاء على ظاهرة إفلات مرتكبي أفعال التعذيب وسوء المعاملة من العقاب سواء كانوا تابعين للدولة أم لا، وأن تجري تحقيقات سريعة ونزيهة وشاملة في تلك الأفعال، وأن تقاضيَ الأشخاص المشتبه في ارتكابهم أفعال تعذيب أو سوء معاملة، وأن تعاقبهم، في حال إدانتهم، بعقوبات تتناسب وجسامة الفعل المرتكب، وأن توفر تعويضاً مناسباً للضحايا ( ) . ويرى صاحب الشكوى أن أوجه القصور التي تشوب النظام القضائي في الدولة الطرف تديم حالة الإفلات من العقاب، وأن تبعية السلطة القضائية للسلطة التنفيذية، وهي مسألة أثارتها اللجنة من قبل ( ) ، تشكل عقبة كبرى أمام إجراء تحقيقات فورية ونزيه ة متى ما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد أن فعل اً من أفعال التعذيب قد ارتكب. وفي الختام، يؤكد صاحب الشكوى أنه لا يمكن أن يُتوقع منه أن يلجأ إلى القضاء ضد السلطات القضائية لتقاعسها لأن أي محاولة من جانبه ستبوء بالفشل.

٢-١٣ وبناء على ذلك، يدفع صاحب الشكوى بما يلي: (أ) أن سبل الانتصاف المحلية المتاحة لم توفر له أي ترضية لأن السلطات لم تفتح تحقيق اً جنائي اً كما كان ينبغي لها أن تفعل ولم ترد على شكواه؛ (ب) أن سبيل الانتصاف الذي أتيح له تأخر إلى حد غير معقول، إذ لم يُفتح تحقيق في ادعاءاته رغم مرور أربع سنوات على الحادثة؛ (ج) أنه سيعرض نفسه إلى مخاطر إذا اتخذ خطوات أخرى لأن الأشخاص المسؤولين عما تعرض له من أفعال تعذيب هم حاكم المقاطعة وضباط شرطة.

٢-١٤ ويدعي صاحب الشكوى أنه لا يزال يعاني من آثار ما تعرض له من ضرب، ولا سيما في ظهره. وهو يعاني من ضعف بدني وغير قادر على رفع أشياء ثقيلة أو العمل في الحقل، مما يجعله في حالة عجز شديد. وحالته الاجتماعية والمالية مقلقة أيضاً، فهو لم يجد عملاً منذ وقوع الحادثة وهو مثقل بالديون بسبب تكاليف العلاج في المستشفى.

الشكوى

٣-١ يدّعي صاحب الشكوى أن بوروندي انتهكت حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 2 والمواد ١٢ و١٣و١4، مقروءة بالاقتران مع المادة ١، أو بالاقتران مع المادة 16 من الاتفاقية.

٣-٢ ووفقاً لما ذكره صاحب الشكوى، فإن التجاوزات التي تعرض لها سببت له ألم اً ومعاناة شديدين، وهي تجاوزات تصل إلى حد التعذيب بالمعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية، فقد ألقى به ضباط الشرطة على أرضية الشاحنة حتى ارتطم رأسه بها وتهشمت نظارته، وعندما سقط صاحب الشكوى على الأرض، انهال عليه ضباط الشرطة بالضرب في جميع أنحاء جسده بأعقاب بنادقهم وهراواتهم لمدة نصف ساعة. وتعرض صاحب الشكوى للضرب المبرح بعقب بندقية على ساقيه وقدميه، ولا سيما على كاحله الأيمن، مما جعله عاجزاً عن الحركة لعدة أسابيع. وتعرض أيضاً للتهديد من جانب أحد ضباط الشرطة الذي صوب إليه مسدسه، مما سبب له كرباً شديداً. ثم تركه حاكم المقاطعة وضباط الشرطة مُلقى على الأرض وفي حالة خطرة دون أن يحاولوا إسعافه. وما من شك في أن هؤلاء الموظفين الحكوميين ارتكبوا هذه الأفعال الجسيمة، التي سببت له جروح اً تطلبت متابعة طبية لعدة أسابيع، عن عمد بغرض معاقبته الاعتراض على أوامر حاكم مقاطعة سيبيتوكي وتخويفه لحمله على التوقف عن الدفاع عن ابن عمه من تجاوزات الحاكم المزعومة.

٣-٣ وعلاوة على ذلك، يشير صاحب الشكوى إلى أن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير التشريعية والتدابير الأخرى اللازمة لمنع ممارسة التعذيب في بوروندي، وهو ما يتنافى مع التزاماتها بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية. ويرى صاحب الشكوى أن الدولة الطرف أخلّت أيضاً بالتزامها بالتحقيق في أفعال التعذيب التي تعرض لها، ومن ثم، في تقديم مرتكبيها إلى العدالة. ويضيف صاحب الشكوى أن حالته ليس ت حالة معزولة وأن ظاهرة إفلات ضباط الشرطة من العقاب على ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لا تزال ظاهرة متفشية على نطاق واسع في بوروندي. ويرى صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية لأنها لم تتخذ التدابير ا لتشريعية أو التدابير الأخرى اللازمة لمنع ممارسة التعذيب.

٣-٤ ويؤكد صاحب الشكوى أيضاً أن الدولة الطرف قد انتهكت أحكام المادة 12 في حقه، لأن أحكام هذه المادة تقضي بإجراء تحقيق فوري ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن فعلاً من أفعال التعذيب قد ارتكب ( ) . ويذكر بأنه ليس من الضروري، لأغراض المادة 12 ، تقديم شكوى رسمية حسب الأصول . وفي هذه القضية، يشير صاحب الشكوى إلى أنه رفع دعوى جنائية أمام المحكمة العليا في 6 آذار / مارس 2008 ، بعد خروجه من المستشفى، وأنه اضطر إلى رفع دعوى جديدة، في 2 شباط / فبراير 2011 نظراً لعدم إحراز أي تقدم في القضية. وبالإضافة إلى ذلك، بُث تقرير إذاعي عن حالته، ونظراً إلى تمتع المحطة الإذاعية التي بثت التقرير بقاعدة جماهيرية واسعة، فلا شك في أن السلطات كانت على علم تام بأفعال التعذيب التي تعرض لها. ومن ثم، كان يتوجب على السلطات أن تشرع فوراً في التحقيق في هذه الأفعال. غير أنها لم تجر قط أي تحقيق فعال وشامل ونزيه فيها. وباستثناء عقد جلسة واحدة لسماع طرفي القضية، وهي جلسة لم تفض إلى أي متابعة، لم يتخذ أي إجراء آخر للتحقيق في ادعاءاته . ويؤكد صاحب الشكوى أيضاً أن القانون الجنائي البوروندي لا يلزم المدعي العام بمقاضاة مرتكبي أفعال التعذيب ولا حتى بالأمر بإجراء تحقيق في أي أفعال من هذا القبيل ( ) . وبناء على ذلك، يخلص صاحب الشكوى إلى أن الدولة الطرف تصرفت على نحو ينتهك التزاماتها بموجب المادة 12 من الاتفاقية لأنها لم تجر تحقيقاً ف علياً وسريعاً وفعالاً في ادعاءات تعرضه للتعذيب.

٣-٥ ويستشهد صاحب الشكوى أيضاً بالمادة ١٣ من الاتفاقية، ويؤكد مجدداً أن قضيته لم يُنظر فيها بصورة سريعة ونزيهة.

٣-٦ ويرى صاحب الشكوى أيضاً أن الدولة الطرف قد انتهكت التزامها بموجب المادة 14، لأن الجرائم التي ارتكبت بحقه لا تزال بلا عقاب ولأنه لم يحصل على أي تعويض، بما في ذلك عما تكبده من نفقات طبية، ولم يستفد من أي تدبير يكفل إعادة تأهيله على إثر ما تعرض له من تعذيب. وفي ضوء عدم مبالاة السلطات القضائية، لا يوجد أي احتمال موضوعي أن تتكلل سبل الانتصاف الأخرى، مثل رفع دعوى مدنية للحصول على تعويض، بالنجاح. فقلما تتخذ السلطات البوروندية تدابير لتعويض ضحايا التعويض، وهي مسألة أشارت إليها اللجنة في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الأولي للدولة الطرف (انظر CAT/C/BDI/CO/1، الفقرة 23). ويضيف صاحب الشكوى أنه لا يزال يعاني من آثار بدنية نتيجة الضرب الذي تعرض له، فهو عاجز عن رفع الأشياء الثقيلة وعن العمل في الحقل، وأنه لم يستفد أبد اً من أي تدبير يرمي إلى إعادة تأهيله بما يكفل استعادته عافيته على أكمل وجه ممكن جسدياً ونفسياً واجتماعياً ومالياً. ويشير صاحب الشكوى إلى أن اللجنة أعربت أيض اً، في ملاحظاتها الختامية، عن قلقها إزاء إخفاق الدولة في توفير السبل التي تكفل لضحايا التعذيب حقهم في إعادة التأهيل. وعلاوة على ذلك، يذكّر صاحب الشكوى بأن التزام الدولة الطرف بجبر الضرر يشمل توفير التعويض واتخاذ ما يلزم من تدابير لمنع تكرار الأفعال المرتكبة، وهو ما يستوجب، في المقام الأول، التحقيق في تلك الأفعال ومقاضاة مرتكبيها ( ) . فالجريمة التي ارتكبت بحقه لا تزال بلا عقاب، مما يشكل انتهاك اً لحقه في الجبر، الذي تكفله المادة 14 من الاتفاقية.

٣-٧ ويؤكد صاحب الشكوى مجدد اً أن أعمال العنف التي تعرض لها تعد بمثابة أفعال تعذيب وفقاً للتعريف الوارد في المادة 1 من الاتفاقية. أما إذ ا اعتبرت اللجنة أن هذا العنف لا يعد بمثابة تعذيب، فإنه يؤكد أن التجاوزات التي تعرض لها تعد بمثابة معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة وأن الدولة الطرف ملزمة أيضاً، بموجب ال مادة 16 من الاتفاقية، بمنع الموظفين الحكوميين من ارتكاب أفعال من هذا القبيل أو التحريض عليها أو السكوت عنها، وبتعويض ضحاياها عما لحق بهم من ضرر.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ في 21 آذار/مارس 2012، دُعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وقد وجِهت إلى الدولة الطرف رسائل تذكير في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، و5 آذار/مارس 2013، و12 آب/أغسطس 2013، و7 شباط/فبراير 2014، و10 شباط/فبراير 2015. وفي ٤ حزيران/ يونيه ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية على نحو ما تقضي به الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية. وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى سارع إلى تقديم بلاغه إلى اللجنة بدل اً من انتظار رد المحاكم البوروندية على شكواه. وتدفع الدولة الطرف بأن الإجراءات التي شُرع فيها لم تتجاوز بعد الحدود الزمنية المعقولة. وعلاوة على ذلك، فإن قول صاحب الشكوى أنه كان سيعرض نفسه للخطر إذا حاول رفع دعوى أخرى هو قول لا أساس له من الصحة.

٤-٢ وتعترض الدولة الطرف أيضاً على تأكيد صاحب الشكوى أن سبل الانتصاف الأخرى هي سبل غير فعالة أو غير مجدية أو غير متاحة، مذكّرة بأن إجراءات التحقيق في قضيته كانت تسير على ما يرام وأن المدعي العام عقد جلسة لسماع أقوال الطرفين، وهي جلسة كانت ستليها على الأرجح جلسات أخرى عديدة قبل رد القضية أو إحالة ملفها إلى المحكمة المختصة. وترى الدولة الطرف أن مساعي المدعي العام أحبطها تقاعس صاحب الشكوى، الذي توقف، في مرحلة ما، عن بذل العناية الواجبة لمتابعة التقدم المحرز في قضيته. ومن ثم، فإن صاحب الشكوى مخطئ في ادعائه أن تقاعس السلطات القضائية ثناه عن متابعة قضيته، لأن السلطات القضائية تنتظر بكل بساطة حضور صاحب الشكوى لإحراز تقدم في قضيته. فصاحب الشكوى هو من عطل التحقيقات بتشويه سمعة السلطات القضائية البوروندية التي تواصل بذل جهودها النبيلة الرامية إلى كفالة إقامة العدل على أكمل وجه. وعلاوة على ذلك، ما كان صاحب الشكوى سيتعرض لأي خطر إذا حاول التماس سبل انتصاف أ خر ى لأن كل طرف من طرفي للقضية يقابل الآخر يومياً ولأن صاحب الشكوى لم يتعرض لأي تهديد، وهو أمر يمكن ان يؤكده شهود كثيرون.

٤-٣ وترى الدولة الطرف أنها ليست في وضع يمكنها من تقديم ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ، ناهيك عن التعليق على قضية معروضة على المحاكم. وتدفع الدولة الطرف بأن السيد باروتوانايو ، حاكم مقاطعة سيبيتوكي السابق، هو مجرد مواطن عادي لم يعد يشغل أي منصب حكومي ولا يتمتع بأي حصانة من المقاضاة، ومن ثم، فهو تحت تصرف السلطات القضائية الوطنية . وفيما يخص مثول السيد باروتوانايو أمام قاضي التحقيق ( ) ، تضيف الدولة الطرف أن الشكوى التي قدمها السيد نداغيجيمانا أدت إلى اتخاذ إجراءات للتحقيق في الحادثة. وبناء على ذلك، ليس هناك ما يدعو إلى القول إنه لا يمكن رفع دعوى قضائية إذا ثبتت مسؤولية شخص أو أكثر من الأشخاص المدعى عليهم في هذه القضية. وبناء على ذلك، تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعلن عدم مقبولية هذا البلاغ.

٤-٤ أما فيما يخص تدابير الحماية التي طلبها صاحب الشكوى لمنع تعرضه لأية أعمال انتقامية، فإن الدولة الطرف تطلب رفض استفادته من هذه التدابير لأنه لم يتعرض للاضطهاد قط وليس هناك ما يدعو إلى اعتقاد أنه يواجه خطر التعرض لضرر لا يمكن جبره.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ قدم صاحب الشكوى تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف في 23 تموز/يوليه 2015. ويرفض صاحب الشكوى الحجة التي مفادها أنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، مشير اً إلى أن اللجنة تطلب استنفاد سبل الانتصاف الفعالة والمجدية والمتاحة فقط . وفي هذا الصدد، يؤكد صاحب الشكوى مجدد اً أن الدعوى التي رفعها بصفة مدع بحق مدني في 6 آذار / مارس ٢٠٠٨ لم ت فض إلا إلى عقد جلسة واحدة لسماع أقوال الطرفين، خلاف اً لما أكدته الدولة الطرف ( ) . ويرى صاحب الشكوى أن عقد جلسة واحدة لسماع أقوال الطرفين لا يعد إجراءً كافي اً ويدل على أن الدولة الطرف لم تجر تحقيق اً فوري اً وفعال اً ونزيه اً. ويدفع صاحب الشكوى بأن حاكم مقاطعة سيبيتوكي السابق لم يعترف، أثناء تلك الجلسة، بأن صاحب الشكوى تعرض للضرب من قبل ضباط الشرطة. ويوضح أن السيد باروتوانايو ، الذي لم يُتخذ ضده أي إجراء محدد، هو من عرقل سير إجراءات التحقيق وإقامة العدل بعدم الرد على أوامر المثول التي أرسلها إليه مكتب المدعي العام ( ) . بل إن صاحب الشكوى هو من رد على تقاعس السلطات القضائية بتوجيه رسالة إلى المدعي العام في المحكمة العليا، في ٣ شباط/فبراير ٢٠١١، يطلب فيها الشروع في التحقيق في دعواه، ولكنه لم يتلق أي رد منه. فقد مرت أربع سنوات على وقوع الحادثة، ولم يُجر حتى الآن أي تحقيق فعال في انتهاكات حقوق صاحب الشكوى.

٥-٢ ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى أن سبل الانتصاف المحلية تأخرت إلى حد غير معقول في البت في قضيته. واستناد اً إلى الأحكام السابقة الصادرة عن اللجنة ( ) ، يرى صاحب الشكوى أن الأجل الزمني الذي استغرقه فتح تحقيق في ادعاءات تعرضه للتعذيب، وهو أربع سنوات، هو أجل طويل إلى حد مفرط. وعلاوة على ذلك، فإنه كان سيعرض نفسه إلى مخاطر إذا حاول اتخاذ إجراءات أخرى، بالنظر إلى الضغوط التي تعرض لها والتي أجبرته على مغادرة مقاطعة سيبيتوكي لمدة شهر بعد خروجه من المستشفى حمايةً لنفسه. ويذكر صاحب الشكوى أيضاً بأن الشرطة ذهبت إلى منزله بحث اً عنه وأن حاكم المقاطعة أمر مدير الإدارة المحلية بإلقاء القبض عليه.

٥-٣ وعلاوة على ذلك، يوضح صاحب الشكوى أنه لم يتوقف قط عن متابعة الدعوى التي رفعها أمام السلطات القضائية المحلية، ولكن الأفعال التي ارتكبت بحقه ظلت بلا عقاب لفترة طويلة، وهو ما أجبره على رفع قضيته أمام محكمة دولية. ويضيف أن هذين الإجراءين لا يجُبّ أحدهما الآخر، فعلى الرغم من تقديم هذه الشكوى إلى اللجنة، يستحسن أن تشرع السلطات البوروندية في النظر في الدعوى وفي مقاضاة الجناة. وفي الختام، يؤكد صاحب الشكوى أن تدابير الحماية التي تكفلها اللجنة هي تدابير مناسبة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

٦-١ تأكدت اللجنة، حسبما هو مطلوب منها بموجب الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجرى بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٦-٢ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد اعترضت على مقبولية البلاغ على أساس أن صاحبه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لأن المدعي العام لدى المحكمة العليا شرع في النظر في الدعوى. وتلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف ذكرت أن جلسة الاستماع الأولى تلتها جلسات أخرى، دون أن تقدم أي معلومات أو أدلة أخرى تمكن اللجنة من تحديد مدى التقدم المحرز في القضية أو مدى فعالية الإجراءات. وتلاحظ اللجنة أيضاً مرور تسع سنوات على رفع صاحب الشكوى دعواه الجنائية في 6 آذا ر /مارس 2008. وتخلص ا للجنة إلى أن تقاعس السلطات المختصة، في هذه الظروف، يجعل احتمال توفير سبل انتصاف من شأنها أن تكفل حصول صاحب الشكوى على جبر فعال احتمالاً مستبعداً وأن أمد الإجراءات الداخلية طال إلى حد غير معقول على أية حال. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أنه ليس هناك ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية.

٦-٣ ونظر اً إلى عدم وجود أي أسباب أخرى تحول دون قبول البلاغ، تشرع اللجنة في النظر في الأسس الموضوعية للتظلمات التي قدمها صاحب الشكوى بموجب المادة 1 والفقرة 1 من المادة 2 والمواد 12 و13 و14 و16 من الاتفاقية.

عدم تعاون الدولة الطرف

٧- دعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ في 26 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥، و25 نيسان/أبريل ٢٠١٦، و٢٩ حزيران/يونيه ٢٠١٦، و٢٤ تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠١٦. وتحيط اللجنة علم اً بشرح الدولة الطرف، في ملاحظاتها المقدمة في 4 حزيران/ يونيه 2015، للأسباب التي جعلتها لا تقدم أي ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ، ولكنها تعرب عن أسفها لعدم تقديم الدولة الطرف ملاحظات من هذا القبيل، رغم رسائل التذكير المتكررة التي وجهت إليها. وتذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف م لزمة، بموجب الاتفاقية، بأن تقدم إلى اللجنة توضيحات أو تصريحات مكتوبة لتوضيح المسألة، مع الإشارة، عند الاقتضاء، إلى أي تدابير تكون قد اتخذتها لمعالجة الوضع. ونظراً لعدم ورود أي رد من الدولة الطرف، يجب إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب الشكوى، التي جاءت مدعومة بأدلة كافية.

النظر في الأسس الموضوعية

٨-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لأحكام الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية. وبما أن الدولة الطرف لم تبد أي ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية، فيجب إيلاء الاعتبار الواج ب لادعاءات صاحب الشكوى.

٨-٢ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب الشكوى أنه تعرض للضرب المبرح لمدة نصف ساعة من قبل ضباط الشرطة، الذين ضربوه في جميع أنحاء جسده ، ولا سيما في كاحله الأيمن، بأعقاب بنادقهم وهراواتهم وتركوه ملطخ اً بالدماء وفي حالة حرجة، ثم أخذه المارة إلى المستشفى. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى أصيب فعل اً بعدة رضوض في أنسجة الكاحل الأيمن، وفق اً لما جاء في شهادة طبية مؤرخة ٢٧ شباط/فبراير ٢٠٠٨ أ رفقها صاحب الشكوى بملف قضيته. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن حاكم مقاطعة سيبيتوكي اعترف أثناء جلسة الاستماع التي عقدت في مكتب المدعي العام بأن ضباط الشرطة ضربوا صاحب الشكوى. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن ابن عم صاحب الشكوى يشير على وجه الخصوص، في تصريحاته التي أدلى بها إلى اللجنة، أن صاحب الشكوى تلقى ضربات عنيفة في ساقيه وقدميه بأعقاب بنادق ضباط الشرطة. وتحيط اللجنة علم اً أيضاً بادعاءات صاحب الشكوى أن الضرب الذي تعرض له سبب له ألم اً ومعاناة شديدين ومعاناة نفسية وأن موظفين حكوميين ضربوه عنوة عقاب اً وتخويف اً له. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تطعن في هذه الادعاءات. وفي ظل هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى أنه يجب أخذ ادعاءات صاحب الشكوى كاملة بعين الاعتبار وأن الوقائع، بالصيغة التي قدمها بها صاحب الشكوى، تعد بمثابة تعذيب المعنى المقصود في المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

٨-٣ واللجنة، إذ تخلص إلى هذه النتيجة، لا ترى داعياً إلى النظر في الادعاءات في إطار المادة ١٦ من الاتفاقية، التي استشهد بها صاحب الشكوى من باب التحوط.

٨-٤ ويعتد صاحب الشكوى أيضاً بالفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية التي كان ينبغي للدولة الطرف أن تتخذ بموجبها تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع وقوع أفعال تعذيب في أي إقليم خاضع لولايتها. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى تعرض للضرب على يد ضباط الشرطة الذين تركوه في حالة حرجة. وأبلغ صاحب الشكوى مرات عدة عن هذه الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها على يد موظفين حكوميين، ولكن مرتكبي هذه الأفعال لم يعاقبوا بعد. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

٨-٥ وفيما يخص المادتين ١٢ و١٣ من الاتفاقية، أحاطت اللجنة علم اً بادعاءات صاحب الشكوى أنه تعرض، في ١٥ شباط/فبراير ٢٠٠٨، للضر ب على يد ضباط الشرطة المرافقين لحاكم مقاطعة سيبيتوكي . وقدم صاحب الشكوى بلاغ إلى المدعي العام في المحكمة العليا 6 في آذار/مارس ٢٠٠٨، وعُقدت جلسة لسماع طرفي القضية، وأعاد صاحب الشكوى تقديم شكواه في ٣ شباط/فبراير ٢٠١١، ورغم مرور أكثر من تسع سنوات على وقوع الحادثة، لم يُجر أي تحقيق فيها بعد. وترى اللجنة أن ما من سبب جلي يبرر هذا التأخير في فت ح تحقيق في ادعاءات التعذيب هذه. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف التي مفادها أن عدم إحراز تقدم في التحقيق يُعزى إلى عدم تعاون صاحب الشكوى . وفي هذا الصدد، توجه اللجنة الانتباه إلى التزام الدولة الطرف، بموجب المادة 12 من الاتفاقية، بضمان الشروع فوراً في تحقيق نزيه كلما كانت هناك أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بوقوع فعل من أفعال التعذيب ( ) . وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن أحكام المادة 12 قد انتهكت .

٨-٦ وبما أن الدولة الطرف لم تف بهذا الالتزام، فإنها تكون قد أخلّت أيضاً بالمسؤولية الواقعة على عاتقها بموجب المادة 13 من الاتفاقية والمتمثلة في ضمان حق صاحب الشكوى في رفع دعوى، وهو ما يقتضي ضمناً أن تستجيب السلطات لهذه الدعوى استجابة مناسبة من خلال إجراء تحقيق سريع ونزيه فيها ( ) . وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن أحكام المادة 13 قد انتهكت أيضاً .

٨-٧ وتذكر اللجنة بأن المادة 14 من الاتفاقية لا تعترف بالحق في منح تعويض منصف وكاف فحسب، بل تلزم الدول الأطراف أيضاً بضمان جبر ضحية أي فعل من أفعال التعذيب عما لحق بها من ضرر. ويجب أن يشمل الجبر أي ضرر لحق بالضحية. ومن بين التدابير التي يشملها جبر الضرر، رد الاعتبار والتعويض وضمان عدم التكرار، مع مراعاة ملابسات كل قضية ( ) . وفي هذه القضية، لاحظت اللجنة ادعاء صاحب الشكوى أنه يعاني من آثار جسدية، ولا سيما من ألم في ظهره وفقدان لقدراته الجسدية، من جراء المعاملة التي تعرض لها. ومع ذلك، لم يستفد صاحب الشكوى من أي تدبير من تدابير العلاج وإعادة التأهيل. وترى اللجنة أن عدم إجراء تحقيق فوري ونزيه حرم صاحب الشكوى من إمكانية التمتع بحقه في جبر الضرر، ويشكل، من ثم، انتهاكاً لأحكام المادة 14 من الاتفاقية .

٩- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك أحكام المادة 1، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 2 والمواد 12 و13 و14 من الاتفاقية.

١٠- وتحث اللجنة الدولة الطرف على القيام بما يلي: (أ) إكمال التحقيق الذي بدأ في الأحداث المذكورة، بهدف محاكمة جميع المسؤولين عما تعرض له صاحب الشكوى من سوء معاملة؛ (ب) منح صاحب الشكوى جبر اً مناسب اً لما تعرض لحق به من ضرر، بما يشمل تدابير لتعويضه عما لحق به من ضرر مادي ومعنوي وتدابير لرد اعتباره وإعادة تأهيله وترضيته وضمان عدم تكرار هذه الأفعال؛ (ج) اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع تعرض صاحب الشكوى وأسرته لأي تهديدات أو أعمال عنف، ولا سيما بسبب تقديم هذه الشكوى. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف، وفقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، أن تبلغها في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار بما اتخذته من تدابير استجابةً للملاحظات الواردة أعلاه.