الأمم المتحدة

CERD/C/105/D/65/2018

ا لا تفاقي ـ ة الدوليـة ل لقض ــ اء عل ـ ى جميع أشكال التمييز العنصري

Distr.: General

18 February 2022

Arabic

Original: French

لجنة القضاء على التمييز العنصري‏

رأي اعتمدته اللجنة بموجب المادة 14 من الاتفاقية ، بشأن البلاغ رقم 65/2018 * **

المقدم من: دانيال كوتور (يمثله المحامي جان كلود دوريميل )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ: 22 أيار/مايو 2017 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد الآراء: 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2021

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 91 من نظام اللجنة الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

الموضوع: التمييز في الحصول على العمل؛ والحق في المساواة في المعاملة أمام المحاكم والسلطات القضائية الأخرى؛ والحماية وسبل الانتصاف الفعالة من أي فعل من أفعال التمييز العنصري

المسائل الإجرائية: مدى إثبات الادعاءات بالأدلة

المسائل الموضوعية: التمييز على أساس الأصل القومي أو الإثني ‬ ؛ والحق في إعادة الوضع إلى نصابه في حالات التمييز

مواد الاتفاقية: 2 و3 و4 و5 و6

1- صاحب البلاغ المؤرخ 22 أيار/مايو 2017 ( ) هو دانيال كوتور ، وهو مواطن فرنسي من مواليد توغو في 24 شباط/فبراير 1947 يزعم أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف المواد 2 و3 و4 و5 و6 من الاتفاقية. وقد انضمت فرنسا إلى الاتفاقية في 28 تموز/يوليه 1971 وأصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة 14 في 16 آب/أغسطس 1982. ويمثل صاحبَ البلاغ المحامي جان كلود دوريميل .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 وظفت شركة رينو صاحب البلاغ في 17 أيار/مايو 1971 عاملاً متخصصاً وقد تقاعد في شباط/فبراير 2004 ( ) وكان كبير أمناء المخازن ، الـمُعامِل 220 ، منذ نيسان/أبريل 1990. وأُممت شركة رينو في عام 1945 فأصبحت المؤسسة الوطنية لمصانع رينو قبل أن تتخذ شكل شركة مساهمة عامة محدودة في عام 1990. وكانت الدولة الطرف تملك 80 في المائة من رأسمال الشركة حتى عام 1996.

2-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه تعرض طوال فترة عمله في رينو للتمييز فيما يخص تطور حياته المهنية مقارنة بموظفين آخرين ذوي خصائص مهنية مماثلة لخصائصه. وكانت النتيجة ركودا ً مهنيا ً في حالته ، في حين تطورت الحياة المهنية لزملائه الأوروبيين الأصليين تدريج ياً رغم أن نوعية عمله ، في رأي رؤسائه أنفسهم ، لا غبار عليها ، ورغم أنه ضاعف جهود التدريب كي يتطور مهنيا ً .

2-3 وفي 20 آذار/مارس 2003 ، رفع صاحب البلاغ شكوى إلى محكمة العمل في بولون - بيلانكورت لإثبات التمييز المهني الذي تعرض له طوال حياته المهنية داخل الشركة بسبب أصوله وللحصول على تعويضات عن الأضرار التي لحقت به وإعادة وضعه إلى نصابه ضمن المعامِلات التي كان ينبغي أن يَبلغها.

2-4 وفي 12 كانون الأول/ديسمبر 2005 ، رفضت محكمة العمل طلبات صاحب البلاغ مبرّرةً قرارها بأنه لم يشر قط إلى ركود حياته المهنية وإلى التمييز الذي تعرض له عندما كان يعمل في رينو. وذكّرت المحكمة بأن المقابلات الفردية التي أجريت في الفترة بين عامي 1996 و2003 لم تكشف عن أي شكاوى من ركود صاحب البلاغ المهني. وذكَرت المحكمة أنه يتعين تقييم الوقائع في السياق الذي حدثت فيه آنئذ ، في ظل قيود ناجمة عن عمليات إعادة التنظيم والدمج وعن عواقبها الاقتصادية. وبالمثل ، وجدت المحكمة أنه ، مع مراعاة تقرير الخبير ( ) ورغم الاختلافات في المرتبات والمعامِلات والتطوير الوظيفي ، لم يكن من الممكن العثور على "أدنى فعل يرمي إلى استبعاد موظف بسبب أصوله أو آرائه أو معتقداته". وذكّرت المحكمة أيضاً بأن صاحب البلاغ سبق أن قدم طل باً للنظر في قضيته في إطار التمييز النقابي لم يتكلل بالنجاح وبأن تصرفاته "تظهر [على ما يبد و] رغبته في الحصول على تعويض عن ضرر مزعوم وقع من خلال فعل من أفعال التمييز".

2-5 واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار ، وحكمت الدائرة الاجتماعية بمحكمة استئناف فرساي على شركة رينو ، بمقتضى أمر بإلغاء القرار جزئيا ً في 2 نيسان/أبريل 2008 ، بدفع مبلغ 000 60 يورو تعويضا ً عن الضرر المادي والوظيفي الذي لحق بصاحب البلاغ ، إضافة إلى مبلغ 000 8 يورو تعويضا ً عن الضرر المعنوي الذي لحق به. وأمرت المحكمة أيضاً بتغيير درجة صاحب البلاغ إلى المعامِل 260 من عام 1985 إلى عام 1989 ، ثم 285 من عام 1990 إلى عام 1999 ، وأخي راً 305 من عام 2000 حتى تقاعده. وتلاحظ المحكمة في حكمها أن شركة رينو لم تُقم الدليل على أن الاختلاف في المعاملة بخصوص التطوير الوظيفي بين صاحب البلاغ والموظفين الذين هم في وضع مشابه "تبرره عوامل موضوعية لا علاقة لها بأي تمييز على أساس الانتماء أو عدم الانتماء ، الحقيقي أو المتصوّر ، إلى إثنية أو أمة أو عرق" ، ومن ثم "يجب اعتبار هذا الأمر قد أُثبت".

2-6 ولم تستأنف شركة رينو الحكم ونفذت القرار جزئ ياً بدفع المبالغ المحددة فيه ، لكنها رفضت تغيير الدرجة الذي أمرت به محكمة الاستئناف بإصدار شهادة عمل تشير إلى تغيير الدرجة محل النظر. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا الرفض أضر به عند حساب حقوقه في المعاش التقاعدي.

2-7 وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 ، رفع صاحب البلاغ شكوى إلى قاضي التنفيذ لدى محكمة نانتير المحلية كي تأمر رينو بتسليمه شهادة عمل تنص على تغيير الدرجة الذي قضت به محكمة استئناف فرساي.

2-8 وفي 17 آذار/مارس 2009 ، أعلن قاضي التنفيذ لدى محكمة نانتير المحلية أنه ليس مخت صاً بحجة أن الالتزامات بإصدار الشهادات وكشوف المرتبات قد فُرضت على ربّ العمل وهي تقع ضمن الاختصاص الحصري لمحكمة العمل. واعتبر القاضي أيضاً أنه نظ راً لعدم تقديم أي طلب إلى المحكمة ، لا يمكن للمحكمةَ أن تأمر بحكم وظيفتها شركة رينو بمنح موظفيها السابقين شهادة عمل وإلا فستحكم بأكثر مما طُلب منها. واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار.

2-9 وفي 6 أيار/مايو 2010 ، أيدت محكمة استئناف فرساي الحكم الذي أصدره قاضي التنفيذ لدى محكمة نانتير المحلية في 17 آذار/مارس 2009.

2-10 وبسبب الضرر الحقيقي الذي لحق بحساب حقوق صاحب البلاغ في المعاش التقاعدي نتيجة عدم وفاء شركة رينو بالتزامها بتغيير الدرجة ، استأنف صاحب البلاغ مرة أخرى القرار أمام قاضي التنفيذ طال باً إصدار أمر بأن يكون الالتزام بتغيير درجته مشفوعا بدفع غرامة قدرها 000 1 يورو عن كل يوم من التأخير.

2-11 وفي 3 تموز/يوليه 2012 ، رفض قاضي التنفيذ لدى محكمة نانتير المحلية طلبات صاحب البلاغ بحجة أنها اصطدمت بقاعدة عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين ، وذلك بالحكم الذي أصدرته محكمة استئناف فرساي في 2 نيسان/أبريل 2008. واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار بعدئذ.

2-12 وفي 5 أيلول/سبتمبر 2013 ، أيدت محكمة فرساي الحكم المطعون فيه على أساس أن صاحب البلاغ ربما لم يطلب إلى المحكمة التي بتّت في استئناف قرار محكمة العمل أن تحكم على شركة رينو بإصدار شهادة عمل مصححة له ولم يطلب أن يكون هذا الإصدار مشفوعا ً بغرامة. وأكدت المحكمة أيضاً أن قاضي التنفيذ لا يملك اختصاص الأمر بإصدار شهادات عمل وأن صاحب البلاغ ربما امتنع عن تحديد الطرائق الملموسة للوفاء بالالتزام بتغيير الدرجة بحيث لم يكن ممكنا ً شفع التزام غير محدد بغرامة.

2-13 ورفع صاحب البلاغ قضيته إلى محكمة النقض على أساس أن عدم وفاء شركة رينو بالالتزام بتغيير الدرجة سبب له ضررا ً حقيق ياً في حساب حقه في التقاعد وأن المبالغ التي دفعتها الشركة على سبيل التعويض لم تأخذها صناديق المعاشات التقاعدية في الاعتبار لحساب مبلغ معاشه التقاعدي. وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، ألغت محكمة النقض حكم محكمة الاستئناف على أساس أنه كان في إمكان قاضي التنفيذ أن يشفع قرار قاض آخر بغرامة لو أبانت الظروف عن ضرورة ذلك. ورأت محكمة النقض أيضاً أن محكمة الاستئناف هي التي كان يجب عليها أن تبت في مسألة تعذّر التنفيذ المعروضة عليها وأن تفسر القرار إن لزم الأمر.

2-14 وبعد الإحالة من النقض ، ألغت محكمة استئناف فرساي ، بحكم أصدرته في 24 أيلول/ سبتمبر 2015 ، حكم قاضي التنفيذ الصادر في 3 تموز/يوليه 2012. وأعلنت المحكمة في قرارها في أول الأمر قبول طلب صاحب البلاغ أن يُشفَع بغرامة الالتزامُ بتغيير الدرجة الذي أمر به الحكم الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008. غير أن المحكمة رفضت طلبه من حيث الموضوع على أساس جملة أمور منها أن المحكمة عوضت كامل الضرر الذي لحق بالموظف بمنحه تعويضات تغطي "عواقب تغيير درجة" صاحب البلاغ. وطعن هذا الأخير في هذا القرار عن طريق النقض.

2-15 وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 2016 ، رفضت الدائرة المدنية الثانية بمحكمة النقض الاستئناف ، دون تعليل قرارها ، على أساس المادة 1014 من قانون الإجراءات المدنية ، معتبرةً أن من الواضح أن أسباب النقض التي أثيرت لتأييد الاستئناف لن تؤدي بطبيعتها إلى النقض.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف المواد 2 و3 و4 و5 و6 من الاتفاقية. ويرى أن التمييز في حقه يستند إلى أصله الإثني ، بالمعنى المقصود في المواد المذكورة آنفا ً . ويذكّر بأنه اعتُرف بالتمييز في حكم محكمة استئناف فرساي الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 ، الذي اعتبر أن صاحبَ البلاغ قد تعرض للتمييز العنصري منذ عام 1976 حتى تقاعده في عام 2003.

3-2 ويزعم صاحب البلاغ أنه يجب من ثم مساءلة الدولة الطرف عن التمييز العنصري الذي كان ضحية له لأنها لم تكفل امتثال شركة رينو الاتفاقيةَ رغم أن من المسلّم به أن هناك ممارسات تمييزية داخل الشركة في حق فئات معينة من الموظفين. ويشير إلى أنه أُعلن عن وثائق داخلية تشهد على أن هذه الممارسات التمييزية ممنهجة ، لاسيما نظام " إيسكادر "(ESCADRE)الذي يطبق ما يكاد يكون "ترميزا ً إثنيا ً " للاستعمال الداخلي على أساس لون البشرة والأصول الإثنية. ويفيد صاحب البلاغ بأنه جاء في مذكرة داخلية لشركة رينو أن "الأشخاص الأسوأ ، فيما يتعلق بنموذج نوعية التكيف مع العمل في الشركة ، هم بلا شك الأفارقة السود والجزائريون والمغاربة والتونسيون ، يليهم عن كثب عمال [مقاطعات ما وراء البحار الفرنسية]" وأن "السود هم أكثر من يصعب استيعابهم في المجتمع الفرنسي [...]".

3-3 ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 2 من الاتفاقية لأنه يرى أن الدولة الطرف سمحت بممارسة التمييز في حق أفراد أو مجموعات من الأفراد بسبب أصلهم الإثني أو الجغرافي.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية لأن الدولة الطرف لم تنفذ تدابير للقضاء على الفصل العنصري داخل شركة رينو.

3-5 وفيما يخص المادة 4 من الاتفاقية ، يزعم صاحب البلاغ أن الدولة الطرف شجعت الكراهية والتمييز من خلال موقفها السلبي علما ً بأنها كانت صانعة القرار في شركة رينو. ويزعم أيضاً أن الدولة الطرف انتهكت المادة 5 من الاتفاقية بعدم ضمان حماية حقوقه الأساسية ، سِيّما المساواة في المعاملة بصرف النظر عن العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني.

3-6 وفيما يخص المادة 6 من الاتفاقية ، يزعم صاحب البلاغ أنه لم يتمكن من الحصول إلا على تنفيذ جزئي لحكم محكمة استئناف فرساي الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 الذي يقر بالتمييز العنصري الذي تعرض له ويمنحه تعويضات ويأمر بتغيير درجته الذي يقتضي تنفيذه إصدار شهادة عمل. ويوضح صاحب البلاغ أنه حُرم من سبيل انتصاف فعال أمام محكمة وطنية ، بسبب رفض استئنافه دون النظر في أسسه الموضوعية ، بخصوص الممارسات التي تشكل تمييزا ً عنصر ياً كان ضحية له. وأخيرا ً ، يزعم أنه لم يتمكن من الحصول على تعويض عادل ومناسب عن جميع الأضرار التي لحقت به بسبب التمييز العنصري الذي مورس عليه.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

4-1 في 13 آذار/مارس 2019 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن أسس البلاغ الموضوعية وأشارت في الوقت نفسه إلى أنها لا تعتزم إبداء أي ملاحظات بخصوص مقبوليته.

4-2 وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ مُنح فرصة تقديم حججه من أجل إثبات ممارسة شركة رينو ما يَرى أنه تمييز في حقه ، وأنه تمكن من التمتع بالحق في اللجوء إلى محكمة نزيهة وبجميع الضمانات المرتبطة بممارسة هذا الحق في ظروف مرضية. وتعتبر الضرر الذي لحق به قد ثبت وعُوض عنه تعويضا ً كاملا ً عقب إدانة محكمة استئناف فرساي شركة رينو في 2 نيسان/أبريل 2008.

4-3 وتدحض الدولة الطرف حجج صاحب البلاغ التي تدعي حدوث انتهاك للمواد 2 و3 و4 و5 من الاتفاقية. أوّلا ، ترى الدولة الطرف أن التقاعس الذي اتُّهمت به والذي يتعلق بالسياسات التمييزية التي يُزعم أن شركة رينو مارستها لا أساس له من الصحة ، لا سيما أن صاحب البلاغ لم يقدم "الوثائق الداخلية التي أُعلن عنها" المزعومة دعما ً لهذا الادعاء.

4-4 ثانيا ً ، تذكّر الدولة الطرف بأن لديها إطارا ً قانون ياً شاملا ً لمكافحة التمييز في العمل يغطي ميدان التمييز العنصري. وتلاحظ أن مبدأي المساواة وعدم التمييز مكرسان على رأس مجموعة القوانين الفرنسية وفقاً للإطار الدستوري ( ) . وتلاحظ أيضاً أن قانون العمل يحدد هذين المبدأين في سياق ترتيبات العمل ( ) وأن حماية الموظفين تمتد أيضاً لتشمل العواقب الضارة للإبلاغ عن الأفعال التمييزية ( ) . وفي حالة اعتراف القاضي بالطابع التمييزي لحكم أو فعل يتخذه ربّ العمل في حق موظف ، يكون هذا الحكم أو هذا الفعل ملغيا ً وباطلا ً ( ) .

4-5 وتوضح الدولة الطرف أن نظامها القانوني يسهّل على الموظفين ضحايا التمييز إمكانية الوصول إلى العدالة. وتلاحظ أن الموظفين ضحايا أعمال التمييز يستفيدون من تكييف لعبء الإثبات أمام المحاكم المدنية ، تكفله المادةL1134-1من قانون العمل. وبهذا المعنى ، يعفى الموظفون من إثبات التمييز الذي يقعون ضحايا له. وعند الاقتضاء ، يقع على عاتق رب العمل عبء إثبات أن الاختلاف في المعاملة لا يتصل بأي سبب تمييزي. وتوضح الدولة الطرف في هذا الصدد أن رأي اللجنة في قضية غاباروم ضد فرنسا( ) التي استشهد بها صاحب البلاغ في ملاحظاته لا ينطبق على القضية محل النظر لأن محكمة استئناف فرساي طبقت تطبي قاً بنّاء مبدأ تحويل عبء الإثبات الذي تنص عليه المادةL122-45 ( ) من قانون العمل وأصدرت حكم الإدانة على شركة رينو ( ) .

4-6 وتفيد الدولة الطرف بأن مكافحة التمييز العنصري في ميدان العمل مكرسة في قانونها الجنائي. وعلى هذا فإن التمييز العنصري يعتبر جريمة عندما يتمثل في رفض رب العمل توظيف شخص ، أو معاقبته أو فصله أو وضع شروط للحصول على عمل أو طلب دورة تدريبية أو فترة تدريبية في منشأة. ويعاقَب أرباب العمل المدانون بهذا التمييز بالسجن ثلاث سنوات وغرامة قدرها 000 45 يورو ( ) .

4-7 وتشدد الدولة الطرف على أن المحاكم الوطنية اعترفت بالتمييز الذي ادعاه صاحب البلاغ وأمرت شركةَ رينو بتعويض صاحب البلاغ عن الأضرار التي لحقت به في هذا الصدد. وتذكّر في هذا الصدد بأن محكمة استئناف فرساي اعتبرت من ثم ، في حكمها الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 ، أن شركة رينو لم تُقم الدليل على أن الاختلاف في المعاملة بين صاحب البلاغ والموظفين الذين هم في وضع مشابه "تبرره عوامل موضوعية لا علاقة لها بأي تمييز على أساس الانتماء أو عدم الانتماء ، الحقيقي أو المتصوّر ، إلى إثنية أو أمة أو عرق" ، ومن ثم "يجب اعتبار هذا الأمر قد أُثبت بالنسبة إلى الفترة الممتدة من عام 1984 إلى عام 2004". ورأت محكمة استئناف فرساي أيضاً أنه "يجب على شركة رينو أن تعوض صاحب البلاغ عن الضرر الذي لحق به نتيجة عرقلة حياته المهنية وإبقاء أجره عند مستوى أدنى مما كان ينبغي أن يكون عليه" وأمرت الشركة بدفع تعويضات ( ) وسداد التكاليف ( ) .

4-8 وتذكّر الدولة الطرف بأن محكمة استئناف فرساي أمرت أيضاً بتغيير درجة صاحب البلاغ في مختلِف معامِلات التصنيف على النحو الذي كان ينبغي أن تكون عليه خلال حياته المهنية. وقد جُبر الضرر الذي لحق به والذي قدرته المحكمة التي رُفعت إليها القضية بـ 000 68 يورو ، باستثناء التكاليف ، جبرا ً تاما ً بعد أن دفعت شركة رينو المبلغ الناجم عن حكم إدانتها ، بيد أن الدولة الطرف تدعي أن تغيير درجته كان مستحيلا ً ماديا ً لأنه كان قد تقاعد منذ سنوات عدة وقت إدانة رب عمله السابق. وتشدد الدولة الطرف في هذا الصدد على أن محكمة استئناف فرساي رأت في حكمها الصادر في 24 أيلول/سبتمبر 2015 بشأن طلب صاحب البلاغ التفسيري أنه ينبغي تفسير الحكم الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 بمعنى تغيير درجة صاحب البلاغ ، الأمر الذي يبرر إدانة شركة رينو بدفع تعويضات عن الأضرار المادية والمهنية التي لحقت به. وتشدد الدولة الطرف على أن صاحب البلاغ لم يعترض على أن الإدانات المالية التي أصدرتها المحكمة قد دفعت له. وتَذكر أن المحكمة أوضحت أيضاً أنه "لما كان الحكم الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 لم يأمر بدفع أجور ، فإنه لا يمكن أن يترتب على ذلك القرار وجوب إصدار رب العمل لكشوف أجور أو شهادة عمل مناسبة . وقد رفض هذا الطلب الأخير أيضاً بقرارات لا رجعة فيها". وأخيرا ، ترى الدولة الطرف أنه يستنتج مما سبق ذكره أن صاحب البلاغ - الذي تمكّن من الحصول على حكم يقضي بأن تدفع شركة رينو ، بسبب التمييز الذي زعم أنه تعرض له ، تعويضا ً كاملا ً عن الضرر الذي لحق به - يدعي أمام اللجنة دون أي أساس أن الدولة الطرف لم تحرّك ساكناً. وبناء على ذلك ، تؤكد الدولة الطرف أنه لا يمكن اتهامها في القضية موضع النظر بأي عدم امتثال الموادَّ 2 و3 و4 و5 من الاتفاقية.

4-9 وفيما يتعلق بانتهاك المادة 6 من الاتفاقية ، تشير الدولة الطرف في المقام الأول إلى أن صاحب البلاغ لا يستطيع أن يدعي على نحو سليم أنه لم يحصل إلا على تنفيذ جزئي لحكم محكمة استئناف فرساي المؤرخ 2 نيسان/أبريل 2008 ، لأن طلب التفسير الذي قدمه أكد بدلا ً من ذلك أن القرار قد نفذ تنفيذا ً تاما ً . وتؤكد الدولة الطرف أن محكمة استئناف فرساي رأت ، في قرار تفسيرها الحكمَ الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 ، أنها اختارت التعويض عن الضرر الناجم عن التمييز بمنح تعويضات تشمل عواقب تغيير درجة صاحب البلاغ. وتذكّر الدولة الطرف في هذا الصدد بأنه ليس من اختصاص اللجنة أن تنظر في الطريقة التي فسرت بها المحاكم الوطنية القانون الوطني ما لم تكن القرارات واضحة التعسف أو بلغت حد إنكار العدالة ( ) . وترى الدولة الطرف أنه يجب على اللجنة أن تخلَص ببساطة في القضية قيد النظر إلى أن الحكم الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 قد نفذ تنفيذا ً كاملا ً وأن الأضرار التي لحقت بصاحب الشكوى قد جبرت جبرا ً تاما ً . ولهذا فإن القضايا التي رفعها صاحب البلاغ إلى المحاكم مكنته ليس من الاعتراف بالتمييز الذي تعرض له فحسب بل من الحصول على جبر ما نجم عنه من ضرر جبرا ً تاما ً . ولذلك فإن حق صاحب البلاغ في اللجوء إلى المحكمة قد كُفل.

4-10 ثانيا ً ، فيما يخص رفض طعن صاحب البلاغ بالنقض في الحكم الذي أصدرته محكمة استئناف فرساي في 24 أيلول/سبتمبر 2015 ، تشدد الدولة الطرف على أنه عملا ً بالمادة 1014 من قانون الإجراءات المدنية وبعد مرافعات أطراف النزاع ، يمكن هيئةَ قضاة محكمة النقض ، المختصة في البت في الطلب ، أن تقرر قانوناً رفض الطعن بقرار غير معلل على وجه التحديد إن كان من الواضح أنه ليس من شأنه أن يؤدي إلى نقض الحكم المستأنَف. وتؤكد الدولة الطرف أن الأخذ بإجراء لاختيار الطعون بالنقض يتوخّى تحقيق الهدف المشروع المتمثل في حسن إقامة العدل ، الأمر الذي يستوجب فرز القضايا المعروضة كيلا تتراكم القضايا على مكتب المحكمة ويمنع ذلك رفع عدد كثير من الطعون ( ) .

4-11 وبينما تشدد الدولة الطرف على أن الالتزام بتعليل قرارات المحاكم عنصر أصيل في مفهوم المحاكمة العادلة ( ) ، فإنها ترى أنه لا يوجد أي التزام بتعليل "مفصل لقرار ترفض بموجبه هيئة استئناف ، استنا داً إلى حكم قانوني محدد ، استئنا فاً لأنه لا يمكن أن يتكلل بالنجاح" ( ) . وتؤكد الدولة الطرف أنه يمكن الأطرافَ أن تطلع على التقرير الذي أعده القاضي الذي حقق في القضية والذي اقترح على محكمة النقض رفض الطعن وفقاً للشروط التي تنص عليها المادة 1014 من قانون الإجراءات المدنية. ويتضمن ذلك التقرير الأسباب الموضوعية التي تجعل الطعن ، في رأيه ، لا يقدم أي أساس جدي للاستئناف من شأنه أن يفضي إلى نقض الحكم المستأنَف. وعليه يجوز للأطراف ، بواسطة المحامين ، إبداء أي ملاحظات على النقيض من ذلك قبل جلسة الاستماع بحيث يتسنى لهيئة المحكمة أن تبتّ في الأمر بالطريقة العادية. وأخيرا ً ، ترى الدولة الطرف أن أحكام المادة 1014 من قانون الإجراءات المدنية ليس لها أي أثر في حرمان المتقاضي الاتصالَ بالقاضي للنظر في قضيته. ولهذا ترى الدولة الطرف أنها لم تنتهك المادة 6 من الاتفاقية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 17 تموز/يوليه 2019 ، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن أسس البلاغ الموضوعية. ويكرر أن التمييز العنصري الذي يدعيه قد اعتُرف به قضائ ياً بموجب الحكم الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 عن الدائرة الاجتماعية بمحكمة استئناف فرساي ، وهو ما لا تعترض عليه الدولة الطرف ، غير أنه يشدد على أن الضرر الذي لحق به لم يعوض عنه تعويضا ً كاملا ً لأنه لم يتمكن من الحصول على تغيير الدرجة الذي أمر به حكم محكمة الاستئناف ، لا سيما دفع المرتبات والعلاوات ذات الصلة.

5-2 ويكرر صاحب البلاغ أن معاملة العمال التفاضلية على أساس أصلهم الإثني ( ) داخل شركة رينو ظلت ثابتا ً من الثوابت منذ فترة طويلة رغم أنها كانت لا تزال مؤسسة وطنية ، واستمرت بعد أن أصبحت رينو شركة مساهمة عامة محدودة كانت الدولة الفرنسية المساهم الأكبر فيها. ويدعي أن الممارسات التمييزية على أساس الجنسية أو الأصل الإثني مثبتة وموثقة داخل شركة رينو.

5-3 ويجادل صاحب البلاغ بأن منطوق الحكم الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 يتألف من جزأين: من ناحية ، عنصر تعويض يتصل بتعويضات دفعتها شركة رينو؛ ومن ناحية أخرى ، التزام بتغيير الدرجة لم يوفَ به. ولا تعترض الدولة الطرف على عدم الوفاء بالتزام تغيير الدرجة ، وتبرر ذلك بأنه كان من المستحيل ماد ياً بسبب تقاعد الشخص المعني منذ سنوات عدة. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا الاستدلال غير فعال لأن تقاعده لم يَحُل دون إعادة تصنيف حالته المهنية بأثر رجعي. ويرى أن هذا الاستدلال متناقض أيضاً من حيث إن الدولة الطرف تعترف من ناحية بأن أمر تغيير الدرجة لم ينفذ وتدعي في الوقت نفسه أن جبر الضرر كان كاملا ً .

5-4 ويشير صاحب البلاغ إلى أن اجتهادات محكمة النقض ثابتة من حيث الطابع الكامل لجبر الضرر ، الذي يفترض مسب قاً استعادة "دقيقة قدر الإمكان للتوازن الذي أخلّ به الضرر ، ووضع الضحية في الحالة التي كان سيكون عليها لو لم يحدث الفعل الضار" ( ) . وفيما يخص تغيير درجة موظف ما ، يشدد صاحب البلاغ على أن الدائرة الاجتماعية بمحكمة النقض ذكّرت مرارا ً وتكرارا ً بأن تغيير الدرجة هذا جزء أصيل من إعادة الوضع إلى نصابه وأن تقاعد الموظف لا يحول دون ذلك ( ) .

5-5 ويدعي صاحب البلاغ أنه كان لعدم تغيير درجته في القضية محل النظر أثر في إنقاص مبلغ معاشه التقاعدي لأن الحساب استند إلى أجور منقوصة بسبب التمييز الذي لم يسمح له ببلوغ المعامِلات التي كان يحق له الحصول عليها كما رأت محكمة استئناف فرساي. وكان لهذا التمييز أيضاً أثر في علاوات الأداء والمشاركة في الأرباح لأنها تستند إلى مرتب منقوص ظُلماً. ويدعي أيضاً أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف الموادَ 2 و3 و4 و5 من الاتفاقية.

5-6 وعن انتهاك المادة 6 من الاتفاقية ، يدعي صاحب البلاغ أنه رغم طعنه المنتظم المعلّل تعليلاً تاماً لدى محكمة النقض للإبلاغ بالضرر الذي لحق به ، فقد رفضت دعواه دون النظر في أسسها الموضوعية ، الأمر الذي حرمه من سبيل انتصاف فعال. وقال إنه يرى أن هذا الإخلال يشكل إنكارا للعدالة ، ومن ثم فهو ينتهك المادة 6 من الاتفاقية ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما ، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب المادة 14(7)(أ) من الاتفاقية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ.

6-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ: (أ) أنه تعرض للتمييز بسبب انتمائه الإثني أثناء عمله في شركة رينو من عام 1976 حتى تقاعده في عام 2003؛ (ب) وأن الشركة ظلت تمارس التمييز في حق فئات معينة من الموظفين الذين لم يتطوروا تطورا ً وظيفيا ً عادلا ً بسبب أصلهم الإثني؛ (ج) وأن المحاكم الوطنية اعترفت بالتمييز ، سِيّما في الحكم الذي أصدرته محكمة استئناف فرساي في 2 نيسان/أبريل 2008. وتحيط اللجنة علما ً أيضاً بادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف سمحت بممارسة هذا التمييز (المادة 2 من الاتفاقية) ولم تتخذ تدابير لكبح جماحه داخل المؤسسة (المادة 3) وشجعت هذه الممارسات من خلال تقاعسها (المادة 4) ولم تضمن المساواة الضرورية في المعاملة بصرف النظر عن العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني (المادة 5).

6-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن نظامها القانوني يمكّن من حماية الموظفين ضحايا التمييز العنصري عن طريق إدراج مبادئ عدم التمييز في مجموعة قوانينها ، لاسيما في الإطار الدستوري وقانون العمل والقانون الجنائي. وتحيط علما ً أيضاً بأن الدولة الطرف تقر في ملاحظاتها بأن المحاكم الوطنية اعترفت بالتمييز العنصري الذي يدعيه صاحب البلاغ. وتلاحظ أنه أتيحت لصاحب البلاغ فرصة رفع منازعة قضائية للمطالبة بحقه في المساواة أمام محاكم الدولة الطرف وأن محكمة استئناف فرساي اعترفت ، في هذا الصدد ، بالتمييز في حقه وحكمت على شركة رينو بدفع تعويضات وسداد التكاليف ، إضافة إلى تغيير درجته خلال الفترة الممتدة من عام 1984 حتى عام 2004. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن محاكم الدولة الطرف ، في سياق إدانة شركة رينو ، أخذت في الاعتبار في قراراتها مبدأ تحويل عبء الإثبات في قضايا التمييز العنصري ، وفقاً للمادة L1134-1(المادة L122-45 سابقا ً ) من قانون العمل ورأي اللجنة في قضية غاباروم ضد فرنسا. وتلاحظ إضافة إلى ذلك أن محكمة استئناف فرساي اعتبرت في حكمها الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 أن شركة رينو لم تُقم الدليل على أن الاختلاف في المعاملة بين صاحب البلاغ والموظفين الذين هم في وضع مشابه "تبرره عوامل موضوعية لا علاقة لها بأي تمييز على أساس الانتماء أو عدم الانتماء ، الحقيقي أو المتصوّر ، إلى إثنية أو أمة أو عرق" ، ومن ثم "يجب اعتبار هذا الأمر قد أُثبت بالنسبة إلى الفترة الممتدة من عام 1984 إلى عام 2004".

6-4 وفي القضية موضع النظر ، ترى اللجنة أن إفادات صاحب البلاغ لا تبين أن الدولة الطرف سمحت بممارسة التمييز المزعوم (المادة 2 من الاتفاقية) أو لم تتخذ أي إجراء لوضع حد له (المادة 3) أو شجعته بتقاعسها (المادة 4) أو لم تكفل لصاحب البلاغ المساواة في المعاملة (المادة 5). وترى اللجنة أن الأدلة المقدمة دعما لادعاءات صاحب البلاغ لا تمكنها من استنتاج مقبولية البلاغ بمقتضى المواد 2 و3 و4 و5 من الاتفاقية.

6-5 وبعد أن تحققت اللجنة من استيفاء جميع شروط المقبولية الواردة في المادة 14 من الاتفاقية ، تقرر أن البلاغ مقبول من حيث الادعاءات المقدمة بموجب المادة 6 من الاتفاقية وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 عملاً بالمادة 14(7)(أ) من الاتفاقية ، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

7-2 ففيما يخص التظلم المستند إلى انتهاك المادة 6 من الاتفاقية ، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن الحكم الصادر عن محكمة استئناف فرساي في 2 نيسان/أبريل 2008 لم ينفذ إلا جزئ ياً لأن تغيير الدرجة لم يطبق. وتلاحظ أن الدولة الطرف لم تعترض على عدم تنفيذ قرار تغيير الدرجة لصالح صاحب البلاغ. وتحيط علماً بحجج الدولة الطرف التي تذهب إلى أن تغيير الدرجة هذا قد ثبت أنه مستحيل ماد ياً لأن صاحب البلاغ كان قد تقاعد قبل سنوات عدة وقت إدانة شركة رينو. وتحيط علماً أيضاً ب السوابق القضائية للغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض التي تنص على أن تغيير الدرجة جزء أصيل من إعادة الوضع الى نصابه وأن تقاعد الموظف لا يحول دون ذلك. وتلاحظ اللجنة أن محكمة استئناف فرساي اعتبرت ، في قرارها الذي فسرت فيه الحكم الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 ، أنها اختارت جبر الضرر الناجم عن التمييز بمنح تعويضات تغطي عواقب تغيير درجة صاحب البلاغ ، ومن ثم فقد أعيد وضع صاحب البلاغ إلى نصابه وجُبر ما أصابه من ضرر. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن عدم تغيير درجة صاحب البلاغ قد يكون له نتيجة مباشرة في تحديد حساب مرتباته للفترات التي تعرض خلالها للتمييز على أساس أصوله الإثنية. وتلاحظ إضافة إلى ذلك أن الدولة الطرف تعارض حجة صاحب البلاغ القائلة إن عدم تغيير درجته أدى إلى إنقاص معاشه التقاعدي ، المستند إلى مرتبات منقوصة ، غير أنها تلاحظ أن المعلومات المعروضة عليها لا تسمح لها بأن تؤكد ما إذا كان أثر تغيير درجة صاحب البلاغ في تقاعده قد أُخذ في الحسبان في سياق التعويضات المحكوم بها لصالحه ، وأن فحص المحكمة الأعلى كان من شأنه أن يساعد على تبديد سوء الفهم هذا.

7-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ التي تقول إنه نتيجة رفض طعنه بالنقض دون النظر في أسسه الموضوعية حُرم من سبيل انتصاف فعال يتعلق بالممارسات التي عرضته للتمييز العنصري وإن الجبر الذي أُمر به لصالحه لم يكن كاملا ً نتيجة ذلك. وتحيط علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف التي تذهب إلى أن رفض استئناف صاحب البلاغ يلبي الحاجة إلى إقامة العدل بطريقة سليمة ، الأمر الذي يستلزم اختيار القضايا المقدمة كيلا تتراكم القضايا على مكتب المحكمة بعدد كبير من الطعون ، ولا سيما في الحالات التي تكون فيها فرص نجاح الطعون ضئيلة جدا ً .

7-4 وتذكّر اللجنة بأنه وفقاً لاجتهاداتها يتعين النظر في جميع طلبات الجبر ، حتى عندما لا يكون الشخص المعني قد تعرض لأي ضرر بدني لكنه تعرض للإهانة أو التشهير أو أفعال أخرى تمس سمعته واعتداده بنفسه ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأن المادة 6 من الاتفاقية تنص على أن توفر الدول الأطراف لكل شخص يخضع لولايتها حماية وسبيل انتصاف فعالا أمام المحاكم الوطنية وغيرها من أجهزة الدولة المختصة من جميع أفعال التمييز العنصري التي تنتهك حقوقه الفردية وحرياته الأساسية والتي تتنافى مع الاتفاقية ، وكذلك حق مطالبة المحاكم المذكورة بترضية أو جبر عادل ومناسب لأي ضرر قد يلحق به نتيجة هذا التمييز. وتذكّر أيضاً بأن المادة 6 من الاتفاقية تكفل الجبر التام والفعال وبأن رد الحق يهدف إلى إعادة الضحية إلى وضعها الذي سبق وقوع الانتهاك؛ ويجب منح التعويض ، في جملة أمور ، عن أي ضرر ناجم عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان يمكن تقييمه اقتصادياً ( ) .

7-5 وتذكّر اللجنة بأنه ليس من دورها النظر في الطريقة التي تفسر بها السلطات الوطنية الوقائع والتشريعات الوطنية ما لم تكن القرارات واضحة التعسف أو تشكل إنكارا للعدالة ( ) ، بيد أنه يجب عليها أن تنظر فيما إذا كانت قرارات المحاكم الوطنية قد حرمت صاحب البلاغ حقَّه في الحماية الفعالة وفي سبيل انتصاف فعال من التمييز العنصري ( ) . وتلاحظ اللجنة أن محكمة استئناف فرساي أمرت بتغيير درجة صاحب البلاغ في حكمها الصادر في 2 نيسان/أبريل 2008 رغم أنه كان متقاعداً منذ عام 2003.

7-6 وترى اللجنة ، في القضية قيد النظر ، أن الضرر الذي ادعاه صاحب البلاغ والذي يتصل بعدم تنفيذ حكم محكمة استئناف فرساي بخصوص تغيير درجته من شأنه أن يعوق الجبر الكامل عن تعرضه للتمييز العنصري ، لأن صاحب البلاغ لم يُعَد إلى الوضع الذي كان سيكون عليه قبل ارتكاب الانتهاك والذي كان سيمكّن من إعادة حساب معاشه التقاعدي. وترى اللجنة أيضاً أن رفض الهيئة القضائية العليا في الدولة الطرف توفير سبيل انتصاف لصاحب البلاغ لطلب الترضية العادلة وإعادة الوضع إلى نصابه نتيجة التمييز الذي وقع ضحية له يشكل انتهاكا للمادة 6 من الاتفاقية.

8- وفي ضوء ملابسات القضية محل النظر ، ترى اللجنة ، وهي تتصرف بموجب المادة 14(7)(أ) من الاتفاقية ، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف المادة 6 من الاتفاقية.

9- وتوصي اللجنة الدولة الطرف بأن تكفل إعادة أوضاع ضحايا التمييز العنصري إلى نصابها ، لاسيما بواسطة ما يلي: (أ) الوصول إلى سبل الانتصاف المحلية المتاحة؛ (ب) والنظر في جميع التظلمات المتعلقة بتحديد أنواع الجبر التي يحق لهم الحصول عليها. وتوصي أيضاً بأن يؤخذ تغيير درجات الموظفين ضحايا التمييز العنصري في الحسبان صراحةً عند تقدير قيمة التعويضات التي تُمنح لهم. ويرجى من الدولة الطرف أيضاً أن تعمم رأي اللجنة هذا على نطاق واسع ، سِيّما على الهيئات القضائية.

10- وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف ، في غضون 90 يوماً ، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ رأي اللجنة هذا.