الأمم المتحدة

CCPR/C/124/D/2734/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

14 February 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2734/2016 * ** ***

بلاغ مقدم من : فهمو محمد حسين (يمثلها محام، في بادئ الأمر المجلس الدانمركي للاجئين ثم لاحقاً ماري لويز فريديريكسن )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ وابنها

الدولة الطرف : الدانمرك

تاريخ تقديم البلاغ : 15 شباط/فبراير 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ١٨ شباط/فبراير ٢٠١٦ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : ١٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٨

الموضوع : الإبعاد إلى إيطاليا

المسألة الإجرائية : مدى إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

مواد العهد: ٧

مواد البروتوكول الاختياري: ٢

1-1 صاحبة البلاغ هي فهمو محمد حسين المولودة في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1991. وهي تقدم البلاغ أصالة عن نفسها ونيابة عن ابنها X المولود في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015. وصاحبة البلاغ مواطنة صومالية تلتمس اللجوء في الدانمرك ومعرضة للترحيل إلى إيطاليا بعد رفض السلطات الدانمركية طلب اللجوء الذي قدمته على أساس أن لديها بالفعل تصريح إقامة في إيطاليا. وتدَّعي صاحبة البلاغ أن الدانمرك، إن أبعدتها هي وابنها قسراً إلى إيطاليا، ستنتهك حقوقهما بموجب المادة 7 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لل‍دانمرك في 23 آذار/مارس 1976. ويمثّل صاحبة البلاغ محام.

١-٢ وفي 18 شباط/فبراير 2016، طلبت اللجنة، عملاً بالمادة 92 من نظامها الداخلي، وعن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، إلى الدولة الطرف الامتناع عن إبعاد صاحبة البلاغ و ا بنها إلى إيطاليا أثناء نظر اللجنة في قضيتهما. وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٧، رفض المقرر الخاص طلب الدولة الطرف رفع التدابير المؤقتة.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

٢-١ فرت صاحبة البلاغ من الصومال في عام ٢٠٠٨ وطلبت اللجوء عند وصولها إلى لامبيدوسا ، إيطاليا، في ٢٣ آب/أغسطس ٢٠٠٨. ونُقِلت إلى أحد مراكز اللجوء حيث مكثت لمدة عام تقريباً في الوقت الذي كان يُعالج فيه طلب اللجوء الذي قدمته. وفي عام ٢٠٠٩، منحت السلطات الإيطالية صاحبة البلاغ الحماية الثانوية وأصدرت تصاريح إقامة صالحة لمدة ثلاث سنوات. وانتهت صلاحية تصريح الإقامة في عام ٢٠١٢ ولكن جرى تجديده في ٩ نيسان/أبريل ٢٠١٥.

٢-٢ وعندما حصلت صاحبة البلاغ على تصريح الإقامة، أبلغها الموظف أنها لم يعد بإمكانها البقاء في مركز الاستقبال. وكان عمرها لا يزيد عن 17 عاماً. وقضت لياليها خلال فترة طويلة في مأوى "مركز للمساعدة" حيث كان بإمكانها البقاء إن كان لديهم مكان لها. وإن وصلت في وقت متأخر أو لم تبق أماكن شاغرة، كان عليها أن تنام في الشوارع. وسعت صاحبة البلاغ بنشاط للحصول على المساعدة من السلطات الإيطالية وحاولت الحصول على عمل ولكن دون جدوى ( ) . ومن ثم، كانت تعتمد اعتماداً كلياً على مساعدة المتطوعين في المركز وعلى الوجبة الوحيدة في اليوم التي كانت تحصل عليها هناك.

٢-٣ وتدعي صاحبة البلاغ أنها تعرضت لمضايقة الشبان في الشارع ( ) . وشهدت أيضاً كيف كان غيرها من الشابات يتعرضن للاعتداء إن حاولن الدفاع عن أنفسهن ضد هذه المضايقة وهذا الوصم. وعلى الرغم من أن صاحبة البلاغ عاشت خلال عدة سنوات في إيطاليا، فإن حالتها لم تكن مستدامة بأي حال من الأحوال. وفي غياب حل طويل الأجل، قررت أن تغادر إلى الدانمرك في عام ٢٠١٥ عندما اكتشفت أن لديها أفراد عائلة يعيشون هناك.

٢-٤ ودخلت صاحبة البلاغ الدانمرك في ٧ حزيران/ يونيه ٢٠١٥ وطلبت اللجوء بعد ذلك بثلاثة أيام. وكانت حاملاً بالفعل عندما وصلت الدانمرك، وفي ٢٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥ أنجبت صبياً ( ) . وتحمل أم صاحبة البلاغ وأبوها وأشقاؤها الست جميعهم تصاريح إقامة في الدانمرك. وقدموا لها جميعهم دعماً كبيراً في الدانمرك وساعدوها في رعاية طفلها.

٢-٥ وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، رفضت دائرة الهجرة الدانمركية طلب صاحبة البلاغ لأن لديها تصريح إقامة في إيطاليا. وفي 11 شباط/فبراير 2016، أيّد مجلس طعون اللاجئين الدانماركي هذا القرار.

الشكوى

٣-١ تدعي صاحبة البلاغ أن السلطات الدانمركية، إن أعادتها مع ابنها قسراً إلى إيطاليا، ستنتهك حقوقهما بموجب المادة 7 من العهد. وهي تخشى أن تجد نفسها وحيدة مع ابنها بعد عودتها إلى إيطاليا وهي حالة ستجد صعوبة كبيرة في إدارتها. وقالت إنها لا تعرف كيف ستكون قادرة على إعالة ابنها وهي ليست قادرة حتى على إعالة نفسها. وستواجه تحديات أكثر صعوبة من المرة الأولى لأن لديها الآن طفلاً تعيله. وقد انت ه ت صلاحية تصريح إقامتها وابنها ليس مسجلاً في إيطاليا لأنه وُلِد في الدانمرك. واستناداً إلى تجربتها، سيكون من الأصعب عليها الآن الحصول على الدعم من السلطات الإيطالية.

٣-٢ ومنذ طُلب من صاحبة البلاغ مغادرة مرافق الاستقبال الإيطالية في عام ٢٠٠٩، لم تتمكن من إيجاد سكن أو عمل أو أي حل إنساني دائم في إيطاليا. وقد أشارت اللجنة التنفيذية لبرنامج مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، في استنتاجها رقم ٥٨ (الدورة 40)، إلى أن مبدأ بلد اللجوء الأول لا ينبغي أن يطبق إلا إذا كان يسمح لطالب اللجوء بالبقاء في ذلك البلد لدى عودته إليه وكان يُعامل فيه وفقاً للمعايير الإنسانية الأساسية المعترف بها إلى حين إيجاد حل دائم (A/44/12/Add.1، الفقرة 25). وظروف الاستقبال في إيطاليا والمعايير الإنسانية الخاصة باللاجئين الحاملين تصاريح إقامة سارية أو منتهية الصلاحية لا تتماشى مع التزامات الحماية الدولية ( ) . ويرد في عدد من التقارير أن ملتمسي الحماية الدولية العائدين إلى إيطاليا، بعد أن كانوا قد مُنحوا فيها سابقاً شكلاً من أشكال الحماية واستفادوا من نظام الاستقبال عندما كانوا يعيشون فيها، لا يحق لهم النزول في مرافق الاستقبال فيها ( ) . وهناك أيضاً إجراءات قانونية لتحديد الأشخاص المستضعفين - سواء في نظام الاستقبال الإيطالي أو في نظام اللجوء - ويواجه طالبو اللجوء في إيطاليا صعوبات شديدة في الحصول على الخدمات الصحية ( ) .

٣-٣ وأكدت اللجنة، في تعليقها العام رقم 20(1992) بشأن حظر التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أن من واجب الدولة الطرف أن توفر لكل شخص الحماية من الأفعال التي تحظرها المادة 7 من العهد، وألا تُعرّض الأفراد لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لدى رجوعهم إلى بلد آخر عن طريق التسليم أو الطرد أو الإعادة القسرية. ورأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ولا سيما في الحكم الذي أصدرته في قضية م. س. س. ضد بلجيكا واليونان ( ) ، أن من مسؤولية السلطات البلجيكية ليس مجرد افتراض أن صاحب الطلب سيُعامل وفقاً لمعايير اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) في بلد اللجوء الأول - أي اليونان - بل، على العكس من ذلك، التحقق أولاً من كيفية تطبيق السلطات اليونانية تشريعاتها المتعلقة باللجوء في الممارسة العملية. ولو فعلت ذلك لرأت أن المخاطر التي يواجهها مقدم الطلب حقيقية وتهدد شخصه تهديداً يكفي لإدراجها في نطاق المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية.

٣-٤ وذكرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قرار عدم المقبولية الذي اتخذته في قضية صمصام محمد حسين وآخرون ضد هولندا وإيطاليا ( ) ، أن إعادة مقدمة الطلب، وهي امرأة صومالية وحيدة لديها طفلان، من هولندا إلى إيطاليا لن يشكل انتهاكاً للمادة ٣ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. غير أن المحكمة لاحظت أن السلطات الهولندية ستشعر مسبقاً نظيراتها الإيطالية بنقل مقدمة الطلب وطفليها، مما يتيح للسلطات الإيطالية إمكانية الاستعداد لوصولهم. ولاحظت المحكمة كذلك أن مقدمة الطلب، بوصفها أماً وحيدة لطفلين صغيرين، لا تزال مؤهلة للحصول على اعتبار خاص لكونها شخصاً مستضعفاً فيما يتعلق بالقبول في مرافق الاستقبال الخاصة بملتمسي اللجوء ( ) . وفي تاراخيل ضد سويسرا ( ) ، رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه إذا أُعيدت الأسرة المعنية إلى إيطاليا دون حصول السلطات السويسرية أولاً على ضمانات فردية من السلطات الإيطالية بأن مقدمي الطلب سيُعتنى بهم، ولا سيما الأطفال منهم، فسيكون هناك انتهاك للمادة ٣ من الاتفاقية الأوروبية.

٣-٥ ومن ثم، إذا كان على صاحبة البلاغ وابنها العودة إلى إيطاليا، فإنهما سيواجهان حقاً خطر التعرض لمعاملة لا إنسانية ومهينة تتعارض مع مصالح الطفل الفضلى لأنهما، استناداً إلى تجربتها السابقة والتطورات اللاحقة، سيكونان عرضة للعوز والتشرد، مع عدم وجود أي أمل في التوصل إلى حل إنساني دائم. وتوجه صاحبة البلاغ الانتباه إلى وضعها كأم وحيدة مع طفل حديث الولادة وتذكر بأنها لم تتلق أي مساعدة أو دعم من السلطات الإيطالية في تأمين الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء أو السكن أو العمل أو في تمكينها من الاندماج في المجتمع الإيطالي.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ في ١٨ آب/أغسطس ٢٠١٦، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وهي تؤكد أن البلاغ ليس مدعوماً بأدلة لأن صاحبة البلاغ لم تُقِم الدليل على أي انتهاك محتمل لأحكام العهد في حال ترحيلها إلى إيطاليا.

٤-٢ وتصف الدولة الطرف هيكل مجلس طعون اللاجئين الدانمركي ( ) وتركيبته وطريقة عمله والتشريعات المنطبقة على إجراءات اللجوء في إيطاليا ( ) . وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، لم تثبت صاحبة البلاغ وجود دعوى ظاهرة الوجاهة لأغراض المقبولية بموجب المادة ٧ من العهد، في غياب أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد أنها تواجه خطر التعرض لمعاملة لا إنسانية أو مهينة في حال ترحيلها إلى إيطاليا.

٤-٣ وفيما يخص الأسس الموضوعية للبلاغ، لم تثبت صاحبة البلاغ أن إعادتها إلى إيطاليا ستشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد. ويتضح من الاجتهادات السابقة للجنة أن الدول الأطراف ملزمة بعدم تسليم أي شخص أو ترحيله أو طرده أو إبعاده بأي طريقة أخرى من إقليمها متى كان ذلك سيترتّب بالضرورة وعلى نحو يمكن توقعه على خطر حقيقي يعرضه لضرر لا يمكن جبره، كالخطر الوارد ذكره في المادة 7 من العهد، سواء في البلد الذي سيُبعد إليه أو في أي بلد آخر قد يُبعد إليه في وقت لاحق. وأشارت اللجنة أيضاً إلى أن الخطر يجب أن يكون شخصياً وأن تقديم أسباب وجيهة لإثبات وجود خطر حقيقي بالتعرض لضرر لا سبيل إلى جبره مقيدٌ باشتراطات صارمة ( ) .

٤-٤ وتشير الدولة الطرف إلى أنه لا يمكن أن يُشترط تمتع ملتمسي اللجوء بنفس مستوى المعيشة الاجتماعية الذي يتمتع به مواطنو البلد. فمفهوم الحماية يعني في جوهره وجوب تمتع الفرد بسلامته الشخصية، لدى دخوله إلى بلد اللجوء الأول وأثناء إقامته فيه. وعلاوة على ذلك، يتضح من الاجتهادات السابقة للجنة والسوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الظروف السائدة في إيطاليا ليست عموماً ذات طبيعة تجعل ترحيل الأفراد إلى إيطاليا عملاً بمبدأ بلد اللجوء الأول مخالفاً للمادة ٧ من العهد.

٤-٥ وادعت صاحبة البلاغ أنها، بعد عودتها إلى إيطاليا، لن يمكنها هي وابنها الحصول على سكن وبالتالي سيواجهان التشرد والعوز. ولم تُدعم هذه الإفادة تحديداً بأدلة أو بما يجعلها محتملة كما أنها تتعارض مع المعلومات الأساسية المتاحة عن الأحوال المعيشية للاجئين المعترف بهم في إيطاليا ( ) ، وكذلك مع تجربة صاحبة البلاغ نفسها. وبعد تقييم المواد الأساسية ذات الصلة بشأن إيطاليا، خلص مجلس طعون اللاجئين الدانمرك ي إلى أن الظروف الاجتماعية - الاقتصادية العامة للاجئين الذين مُنِحوا الإقامة لا يمكن أن يُستنتَج منها بصورة مستقلة أن صاحبة البلاغ لا يمكن إعادتها إلى إيطاليا بوصفها بلد اللجوء الأول.

٤-٦ ولا تتضمن المعلومات الأساسية التي احتجت بها صاحبة البلاغ ( ) ، فيما يخص الظروف العامة في إيطاليا للأشخاص الذين مُنحوا فعلاً الإقامة، أي معلومات جديدة لم تكن متاحة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عندما قررت في قضية صمصام محمد حسين وآخرون أن إعادة المدعين إلى إيطاليا في تلك القضية لا ترقى إلى مستوى المعاملة المحظورة بموجب المادة ٣ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، تعتمد صاحبة البلاغ في المقام الأول على التقارير وغيرها من المواد الأساسية المتعلقة بظروف الاستقبال في إيطاليا والمتصلة بملتمسي اللجوء، بما في ذلك العائدون بموجب اللائحة رقم 604/2013 للبرلمان الأوروبي والمجلس المؤرخة ٢٦ حزيران/يونيه ٢٠١٣ التي تضع المعايير والآليات اللازمة لتحديد الدولة العضو المسؤولة عن دراسة أي طلب للحماية الدولية مقدم في إحدى الدول الأعضاء من جانب مواطن بلد ثالث أو شخص عديم الجنسية (لائحة دبلن الثالثة) وليس بأشخاص مثلها كانوا قد حصلوا بالفعل على الحماية الثانوية ( ) .

٤-٧ وفيما يتعلق بالظروف المادية والاجتماعية لصاحبة البلاغ أثناء إقامتها في إيطاليا في الفترة من 2008 إلى 2015، يكشف تقرير مقابلة الفحص الخاص باللجوء التي أجرتها دائرة الهجرة الدانمركية في ٢٣ تموز/يوليه ٢٠١٥ أن صاحبة البلاغ بقيت جزئياً في مراكز الاستقبال وجزئياً في مركز للمساعدة في كارتيغنا . وكان لديها عمل خلال بعض الفترات من إقامتها، وتم تجديد تصريح إقامتها مرة واحدة على الأقل، وتلقت العلاج الطبي. ولم تكن لديها أي مشاكل مع السلطات ولا مع الأفراد أو الجماعات أثناء إقامتها في إيطاليا.

٤-٨ وفيما يتعلق بإشارة صاحبة البلاغ إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية صمصام محمد حسين وآخرون ، ففي هذا الحكم، أكدت المحكمة مجدداً أن مجرد العودة إلى بلد يكون فيه الوضع الاقتصادي للشخص أسوأ مما هو عليه في الدولة الطرف الطاردة لا يكفي لبلوغ عتبة سوء المعاملة المحظورة بموجب المادة ٣ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وذكرت أن المادة 3 لا يمكن أن تُفسَّر بأنها تُلزم الدول الأطراف بتوفير بيت لكل من يخضع لولايتها القضائية وأنها لا تتضمّن أي التزام عام بمنح اللاجئين مساعدة مالية تُمكّنهم من الحفاظ على مستوى معيشي معين ( ) . وعلاوة على ذلك، أشارت المحكمة إلى أن احتمال حدوث تراجع كبير في الظروف المعيشية المادية والاجتماعية لمقدم الطلب إن هو أُبعد من الدولة المتعاقدة ليس كافياً في حد ذاته لنشوء إخلال بأحكام المادة 3 ما لم تكن هناك أسباب إنسانية استثنائية قوية تمنع الإبعاد ( ) . وعلاوة على ذلك، لا يمكن أن يُستنتج من قرار المحكمة في قضية تاراخيل ضد سويسرا ، المتعلقة بأسرة لها وضع ملتمسي اللجوء في إيطاليا، أن الدول مطالبة بالحصول على ضمانات فردية من السلطات الإيطالية قبل ترحيل الأفراد أو الأسر التي هي بحاجة إلى الحماية والتي مُنحت بالفعل الإقامة في إيطاليا.

٤-٩ وشاورت السلطات الدانمركية السلطات الإيطالية في صيف عام ٢٠١٥ بشأن إمكانية دخول ملتمسي اللجوء إلى إيطاليا بوصفها بلد لجوئهم الأول إذا انقضت تصاريح إقامتهم. وأكدت السلطات الإيطالية أن أي أجنبي يحمل تصريح إقامة في إيطاليا واعتُرِف به كلاجئ أو كان مشمولاً بالحماية يمكنه أن يطلب تجديد تصريح الإقامة لدى عودته إلى إيطاليا، حتى بعد انقضاء مدة صلاحية التصريح. ويجوز أيضاً لأي أجنبي انتهت صلاحية رخصة إقامته أن يدخل أيضاً إيطاليا بصورة قانونية لأغراض تجديد رخصته إقامته. غير أن صاحبة البلاغ صرحت، خلال مقابلة الفحص الخاص باللجوء في ٢٣ تموز/يوليه ٢٠١٥، أنها تعتبر أن عملية تجديد تصريح الإقامة عملية مزعجة لأن عليها أن تذهب إلى مكتب الهجرة وتقف في صف انتظار لمدة طويلة. وعندما سُئِلت صاحبة البلاغ عن سبب عدم تجديد آخر تصريح من تصاريح إقامتها في إيطاليا، أجابت أنها كان عليها أن تقدم طلباً للحصول على تصريح إقامة جديد في ٦ تموز/يوليه ٢٠١٥، ولكنها كانت لها شواغل أخرى في ذلك اليوم. وقضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أيضاً في عدة مناسبات بأن إيطاليا يمكن أن تكون بلد اللجوء الأول للأشخاص الذين انتهت صلاحية تصاريح إقامتهم وللأشخاص الذين لديهم أطفال ( ) .

٤-١٠ ورأى مجلس طعون اللاجئين الدانمركي أيضاً أن كون ابن صاحبة البلاغ لم يُسجَّل في إيطاليا لأنه ولد في الدانمرك لا يمكن أن يؤدي إلى تقييم مختلف لقضيتها. ولا يوجد أي أساس لافتراض أن صاحبة البلاغ لن تستطيع تسجيل ابنها في إيطاليا. وقد صرحت صاحبة البلاغ نفسها في مقابلة الفحص الخاص باللجوء أن أخصائي الطب العام أكد حملها في إيطاليا، ولهذا السبب يجب افتراض أن السلطات الإيطالية لم تكن تجهل أن صاحبة البلاغ كانت على وشك الولادة.

٤-١١ واستناداً إلى المعلومات الأساسية عن إيطاليا المتاحة لمجلس طعون اللاجئين الدانمركي والمعلومات التي قدمتها صاحبة البلاغ إلى دائرة الهجرة الدانمركية، تعترض الدولة الطرف على ادعاءات صاحبة البلاغ أنها لم تتلق المساعدة أو الدعم من السلطات الإيطالية لتأمين الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء أو العمل أو السكن عقب تلقي تصريح إقامتها. ويشير تحديث أُجري في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٥ للتقرير القطري لقاعدة بيانات المعلومات الخاصة باللجوء عن إيطاليا، الذي أحالت إليه صاحبة البلاغ في شكواها (الفقرة 3-2)، إلى أن اللاجئين والأجانب الذين مُنِحوا الحماية الثانوية - كما في حالة صاحبة البلاغ - يتمتعون بنفس الحق في العلاج الطبي الذي يتمتع به المواطنون الإيطاليون ( ) . ويبدو أيضاً أن ملتمسي اللجوء والمشمولين بالحماية الدولية يستفيدون من خدمات صحية مجانية على أساس إعلانهم الذاتي عن العوز. ويتبين كذلك أن الحق في المساعدة الطبية يُكتسب فور تسجيل طلب اللجوء وأن هذا الحق يستمر حتى خلال عملية تجديد تصريح الإقامة. وتؤكد هذه المعلومات الأساسية المعلومات التي قدمتها صاحبة البلاغ نفسها عن إقامتها في إيطاليا إذ صرحت في مقابلة الفحص الخاص باللجوء أن مقوماً للأسنان ثُبِّت لها مجاناً أثناء وجودها في إيطاليا، عن طريق الدائرة العامة لصحة الأسنان. وصرحت أيضاً أنها في صحة جيدة، ولا تعاني من أية أمراض مزمنة، ولم تتلق علاجاً لأية أمراض أثناء إقامتها في إيطاليا. غير أنها ذكرت أنها تلقت المساعدة الطبية فيما يتعلق بحملها.

٤-١٢ وفيما يتعلق باندماج صاحبة البلاغ في المجتمع الإيطالي، ذكرت أثناء مقابلة الفحص أنها أنهت المدرسة الابتدائية بعد سنة دراسية واحدة في إيطاليا ودرست في وقت لاحق لمدة سنة واحدة في مدرسة من مدارس إدارة الفنادق هناك. وفيما يتعلق بخشية صاحبة البلاغ من العيش في الشوارع، ذكرت خلال تلك المقابلة أنها مسجلة لدى مركز للمساعدة في كارتيغنا حيث كان من الممكن البقاء من السابعة مساء إلى السابعة من صباح اليوم التالي. وصرحت أيضاً أنها تتصور أنه سيكون من الصعب عليها إيجاد سكن آخر في حال عدم وصولها إلى مركز المساعدة قبل السابعة مساءً. وأشارت صاحبة البلاغ أيضاً، في بلاغها الذي قدمته إلى اللجنة، إلى المضايقة التي تعرضت لها في الشارع، ولكنها خلال مقابلة الفحص ذكرت أنها لم تعش أي نزاعات مع السلطات الإيطالية أو الأفراد أو الجماعات أثناء إقامتها في إيطاليا.

٤-١٣ وفيما يتعلق بافتراض صاحبة البلاغ أنها هي وابنها الحديث الولادة يوجدان في حالة ضعف، تلاحظ الدولة الطرف أن الاستفادة من الحماية الثانوية في إيطاليا يعطي صاحبة البلاغ خيار البحث عن عمل لكسب عيشها وإعالة نفسها وابنها. وعلى الرغم من أن صاحبة البلاغ ذكرت في بلاغها المقدم إلى اللجنة أنها قدمت طلبات للحصول على وظائف في إيطاليا دون جدوى، فإنها صرحت في مقابلة الفحص الخاص باللجوء أنها عملت لصالح سيدة مسنة لمدة أربعة أشهر إلى أن توفيت تلك السيدة. ولا يمكن أيضاً اعتبارها أماً وحيدة لأنها، حسب البيان الذي أدلت به هي نفسها، متزوجة وزوجها، الذي هو أيضاً أب ابنها، لا يزال في إيطاليا. وعلاوة على ذلك، أفادت في بلاغها إلى اللجنة أنها أقامت اتصالات بمنظمات إغاثة محلية وتلقت الدعم منها. وذكرت صاحبة البلاغ أيضاً لدائرة الهجرة الدانمركية أن سبب اختيارها مغادرة إيطاليا بعد أن أقامت عدة سنوات في هذا البلد هو أنها علمت أن لديها أفراد أسرة يعيشون في الدانمرك. وترى الدولة الطرف أن كون بعض أفراد أسرة صاحبة البلاغ يعيشون في الدانمرك لا يمكن أن يؤدي إلى استنتاج أنها تواجه خطر التعرض لسوء المعاملة في إيطاليا، خلافاً للمادة ٧ من العهد.

٤-١٤ وفي الختام، يمكن أن تكون إيطاليا بلد اللجوء الأول لصاحبة البلاغ وطفلها، ومن ثم لن يترتب عن ترحيلهما إلى إيطاليا انتهاك للمادة ٧ من العهد. ولم يسلط البلاغ الضوء على أي معلومات جديدة ومحددة عن حالة صاحبة البلاغ. فادعاءاتها بأنها تعرضت للمضايقة وتخشى التشريد ولا يمكنها تلقي المساعدة من السلطات الإيطالية لا أساس لها من الصحة. ولا يدعم هذا الخوف لا تجربتها السابقة في إيطاليا ولا المعلومات الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك، تنص اجتهادات ( ) اللجنة على ضرورة إيلاء أهمية كبيرة للتقييم الذي أجرته الدولة الطرف ما لم يتبيّن أن هذا التقييم كان ظاهر التعسف أو شكَّل إنكاراً للعدالة.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٥-١ تؤكد صاحبة البلاغ، في تعليقاتها المؤرخة ١٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦، أن عودتها إلى إيطاليا مع ابنها القاصر سيشكل انتهاكا ً للمادة ٧ من العهد وتدفع بأن الدولة الطرف لم تقدم أسباباً كافية للبرهنة على أن البلاغ يقوم بصورة واضحة على أساس غير سليم. ويفيد موقف مفوضية شؤون اللاجئين بشأن معيار الإثبات الذي يقضي بأن على متخذ القرار أن يقرر، استناداً إلى الأدلة المقدمة وصحة أقوال مقدم الطلب، إن كان ثمة "احتمال معقول" لأن يكون الخوف الذي ينتاب مقدم الطلب من الاضطهاد قائماً على حجج سديدة ( ) . واعتمدت هذا الرأي هيئات دولية أخرى في وقت لاحق، آخرها اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة التي أكدت في توصيتها العامة رقم ٣٢(٢٠١٤) بشأن المرتبطة بالمرأة فيما يتعلق بمركز اللاجئ واللجوء والجنسية وانعدام الجنسية (الفقرة 50(ز)) أن الحد الأدنى لقبول طلبات اللجوء ينبغي ألا يُقاس باحتمال كون صاحب الشكوى لديه تخوف مبرَّر من الاضطهاد أو من التعرض للاضطهاد عند عودته بل باحتمال معقول لذلك.

٥-٢ ولم يقيّم مجلس طعون اللاجئين الدانمركي ما إذا كان يمكن تسجيل طفل صاحبة البلاغ في إيطاليا وما إذا كانت السلطات الإيطالية على علم به. ولم تثبت أيضاً بما فيه الكفاية ما إذا كانت صاحبة البلاغ وابنها القاصر يمكنهما الدخول والإقامة بصورة قانونية في إيطاليا. وتشدد صاحبة البلاغ على أن إقامتها في إيطاليا كانت غير آمنة وغير مستقرة. ولم يُوفَّر لها السكن سوى من 2008 إلى 2009 عندما كان عمرها ١٧ عاماً وكانت طالبة لجوء. وبعد منحها تصريح الإقامة، طُلب منها أن تغادر المركز. وكان العمل الذي قامت به في إيطاليا عملاً غير قانوني عرضته عليها شبكة صومالية لم تعد لها أي صلة بها. وأقامت في ملاجئ مفتوحة من الساعة السابعة مساءً إلى الساعة السابعة صباحاً فقط ولم تقدم لها السلطات أي مساعدة. وإن عادت إلى إيطاليا، ستكون أكثر ضعفاً مع ابنها القاصر. فتلك الملاجئ غير مناسبة لطفل صغير والدولة الطرف لم تثبت بما فيه الكفاية أنهما لن يواجها التشرد والعوز عند العودة.

٥-٣ وفي حالة صاحبة البلاغ، لا يتعلق الأمر بتخفيض الظروف المادية والاجتماعية لصاحبة البلاغ ولكن فقط بالوصول إلى حد أدنى من مستوى المعيشة. وشددت اللجنة أيضاً في قضية ياسين ضد الدانمرك أن على الدول الأطراف أن تولي ما يكفي من الأهمية للخطر الحقيقي والشخصي الذي قد يواجهه الشخص في حالة ترحيله بدلاً من الاعتماد على التقارير العامة وعلى افتراض أن صاحبة البلاغ سيحق لها، من حيث المبدأ، العمل والحصول على الاستحقاقات الاجتماعية لأنها استفادت من الحماية الثنائية فيما مضى ( ) . وكان ينبغي للدولة الطرف أيضاً أن تجري دراسة ضرورية وفردية للمخاطر المتعلقة بتسجيل ابن صاحبة البلاغ في إيطاليا.

٥-٤ وتدعي صاحبة البلاغ، فيما يتعلق بكونها لم تجدد تصريح إقامتها، أنها كافحت كل يوم للعثور على فرصة عمل وسكن. وحيثما أمكن، عملت بصورة غير قانونية في مجال التنظيف. ومن ثم، كانت أموال الغذاء أكثر أهمية لها من تجديد تصريح الإقامة الذي لم يساعدها أثناء إقامتها في إيطاليا.

٥-٥ وفيما يتعلق بتجربتها السابقة في إيطاليا، تشير صاحبة البلاغ إلى أنها وُضِع لها مقوّم أسنان عندما كان عمرها ١٧ عاماً وذلك فقط لأن مدرسها ساعدها على ذلك. وهذا لا يشكل ضمانة شخصية وعامة بأنها ستتلقى العلاج الطبي اللازم عند العودة. وعلاوة على ذلك فإن تأكيد الدولة الطرف أنها تلقت العلاج الطبي وأُدمِجت في المجتمع وكانت مؤهلة للإسكان لا يتعلق إلا بسنواتها الأولى في إيطاليا عندما كان عمرها ١٧ عاماً ومن ثم كانت تحظى بالعناية كشخص قاصر. ولا يعني ذلك أنها ستتلقى المساعدة نفسها اليوم حيث أصبح نظام اللجوء الإيطالي مغموراً بسبب التدفق الهائل للاجئين. ومن ثم فإن هذه المعلومات لا صلة لها بالموضوع.

٥-٦ وتحتج صاحبة البلاغ، فيما يتعلق بضعفها، بسابقة ياس ي ن لتدعي أن السلطات الدانمركية كان ينبغي أن تأخذ جميع الظروف في الاعتبار بدلاً من الاستناد في قرارها إلى افتراض أن صاحبة البلاغ قادرة على الاعتناء بنفسها وبابنها لأنها عاشت في إيطاليا لعدة سنوات. ولم تتصل صاحبة البلاغ قط بزوجها الذي لم يظهر أي اهتمام بها أو بابنهما. وعلى الرغم من أنها لم تعد ترغب في الزواج، فإن التقاليد الدينية والثقافية تمنعها من طلب الطلاق.

٥-٧ وأخيراً، فيما يتعلق بنكران الدولة الطرف خوفها من التشرد وعدم قدرتها على تلقي المساعدة من السلطات الإيطالية، تحتج صاحبة البلاغ بموقف مفوضية شؤون اللاجئين بمعنى أن "الخوف يجب أن يكون له ما يبرره، ولكن ذلك لا يعني وجوب وجود اضطهاد فعلي فيما سبق" ( ) .

معلومات إضافية من الدولة الطرف

٦-١ في ١٣ حزيران/ يوني ه ٢٠١٨، قدّمت الدولة الطرف إلى اللجنة ملاحظات إضافية تحيل عموماً إلى ملاحظاتها المؤرخة ١٨ آب/أغسطس ٢٠١٦.

٦-٢ ولما كانت اللجنة خلصت في عدد من القضايا المرفوعة ضد الدانمرك إلى أن قرارات مجلس طعون اللاجئين فيما يتعلق بنقل أصحاب البلاغات المصحوبين بأطفال قصر إلى إيطاليا تعد بمثابة انتهاك للعهد ( ) ، فإن تلك النتائج لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة مختلفة في هذه القضية. والسوابق القضائية للمجلس وتقييمه لظروف أصحاب البلاغات المصحوبين بأطفال قصر الذين تقرر نقلهم إلى إيطاليا تتفق مع السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وهكذا، وفقاً لقرار عدم المقبولية الصادر في قضية إ. ت. و ن. ت. ضد سويسرا وإيطاليا ( ) ، لا تقتضي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضمانات فردية من السلطات الإيطالية. وتلاحظ الدولة الطرف أن المركز التشغيلي الوطني للأجانب في شرطة شمال زيلندا سيخطر السلطات الإيطالية بالترحيل مسبقاً ويتعاون معها على ترحيل صاحبة البلاغ وابنها. وقد سبق للمحكمة الأوروبية أن أقرت هذه الممارسة ( ) .

٦-٣ وتناولت الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة ١٨ آب/أغسطس ٢٠١٦، مسألة تجديد تصريح إقامة انتهت صلاحيته. واعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قرارها الصادر بشأن قضية إ. ت. و ن . ت. ، أن كون المدعي الثاني وُلِد خارج إيطاليا ليس حاجزاً أمام ترحيل ذلك الشخص إلى إيطاليا. وأخذ مجلس طعون اللاجئين الدانمركي أيضاً في الاعتبار التجربة السابقة لصاحبة البلاغ في إيطاليا. وهكذا، لم تحدد صاحبة البلاغ أي عيوب إجرائية في قرار المجلس.

٦-٤ وأخيراً، أشارت الدولة الطرف إلى الحكم الذي أصدرته مؤخراً المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والذي أشار إلى المبدأ العام القائل بأن السلطات المحلية هي التي يجب أن تقيّم الأدلة المعروضة عليها ( ) . وفي هذه القضية، لم تُقدَّم أي معلومات جديدة لم تكن متاحة عندما اتخذ مجلس طعون اللاجئين قراره.

تعليقات صاحبة البلاغ على المعلومات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

٧- في ١٠ أيلول/سبتمبر ٢٠١٨، كررت صاحبة البلاغ ملاحظاتها وأشارت إلى آراء اللجنة التي ذكرتها الدولة الطرف (انظر الفقرة 6-2)، واحتجت بأن تحليل الدولة الطرف لهذه الاجتهادات لم يكن وافياً وأنه ينبغي بالأحرى تفسيره لصالحها.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٨-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري.

٨-٢ وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة (2)(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٨-٣ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة لها وأن الدولة الطرف لم تعترض على هذا الادعاء. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن أحكام الفقرة (2)(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

٨-٤ وتحيط اللجنة علماً بطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ على أساس أن ادعاء صاحبة البلاغ بموجب المادة 7 من العهد غير مدعوم بأدلة. غير أن اللجنة ترى أن صاحبة البلاغ قدمت، لأغراض المقبولية، شرحاً وافياً لأسباب تخوفها من أن تؤدي إعادتها قسراً إلى إيطاليا إلى خطر تعرضها لمعاملة تتنافى مع المادة 7 من العهد. ولما لم يكن هناك عائق آخر يعترض مقبولية البلاغ، فإن اللجنة تعتبره مقبولاً وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٩-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

٩-٢ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أن ترحيلها وطفلها الحديث الولادة إلى إيطاليا، استناداً إلى مبدأ "بلد اللجوء الأول" الوارد في لائحة دبلن الثالثة، سيعرضهما لخطر الإصابة بضرر لا يمكن جبره، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

٩-٣ وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد (الفقرة 12)، حيث أشارت اللجنة إلى التزام الدول الأطراف بعدم تسليم أي شخص أو ترحيله أو طرده أو إبعاده بطريقة أخرى من إقليمها إذا وُجدت أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن ثمة خطراً حقيقياً بأن يتعرض لضرر لا يمكن جبره ( ) ، على النحو المنصوص عليه في المادة 7 من العهد. وأشارت اللجنة أيضاً إلى أن الخطر يجب أن يكون شخصياً وأن تقديم أسباب وجيهة لإثبات وجود خطر حقيقي بالتعرض لضرر لا سبيل إلى جبره مقيدٌ باشتراطات صارمة ( ) . وبناءً على ذلك، يجب أن تُؤخذ في الاعتبار جميع الوقائع والظروف ذات الصلة، بما في ذلك الوضع العام لحقوق الإنسان في البلد الأصلي لصاحب البلاغ ( ) . وتذكر اللجنة بأن من واجب أجهزة الدول الأطراف بصورة عامة دراسة وقائع القضية والأدلة المقدمة فيها بغية تحديد ما إذا كان هذا الخطر قائماً ( ) ، إلاّ إذا كان من الممكن إثبات أن تقييم هذه الوقائع والأدلة كان تعسفياً أو انطوى على خطأ واضح أو على إنكار للعدالة ( ) .

٩-٤ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ أن إيطاليا منحتها الحماية الثانوية في عام ٢٠٠٩، بما في ذلك تصريح إقامة صالح لمدة ثلاث سنوات، وفي أعقاب ذلك، طُلِب منها أن تغادر مركز اللجوء وأنها، على الرغم من التماسها المزعوم للمساعدة من السلطات المحلية، لم تتلق أي دعم اجتماعي أو سكني وتُرِكت بلا مأوى أو سبل عيش. وتشير اللجنة كذلك إلى التجربة السابقة لصاحبة البلاغ مع البيئة غير الآمنة والعنف، الذي يبدو أنه يميز ظروف معيشة طالبي اللجوء المشردين في إيطاليا.

٩-٥ وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ اعتمدت على تقارير مختلفة عن الوضع العام لطالبي اللجوء واللاجئين في إيطاليا؛ وقد سلطت هذه التقارير الضوء على النقص المزمن في الأماكن المتاحة في مرافق استقبال طالبي اللجوء والمستفيدين من الحماية الدولية. وتلاحظ اللجنة على وجه الخصوص إفادة صاحبة البلاغ بأن العائدين مثلها الذين منحوا بالفعل شكلاً من أشكال الحماية وانتفعوا بمرافق الاستقبال عند وصولهم أول مرة إلى إيطاليا يفقدون الحق في السكن في مرافق الاستقبال الحكومية الخاصة بملتمسي اللجوء ويواجهون صعوبات جمة للحصول على الخدمات الصحية عند عودتهم (الفقرة 3-2).

٩-٦ وتلاحظ اللجنة أيضاً ما توصل إليه مجلس طعون اللاجئين الدانمركي من أن إيطاليا ينبغي أن تُعتبَر بلد اللجوء الأول في هذه القضية. وتلاحظ أيضاً موقف الدولة الطرف الذي يفيد بأن بلد اللجوء الأول ملزم بمعاملة ملتمسي اللجوء وفقاً للمعايير الأساسية لحقوق الإنسان، على الرغم من أنه ليس من اللازم أن يتمتع هؤلاء الأشخاص بنفس المستويات الاجتماعية والمعيشية التي يتمتع بها مواطنو ذلك البلد (الفقرة 4-4). وتلاحظ اللجنة كذلك إفادة الدولة الطرف بأن حظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لا يمكن تفسيره على أنه يعني إلزام الدول الأطراف بتوفير السكن لكل إنسان مشمول بولايتها أو أنه ينطوي على أي التزام عام بإعطاء اللاجئين مساعدة مالية لتمكينهم من الحفاظ على مستوى معيشي معين ( ) . وتشير اللجنة في النهاية إلى المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف والتي تفيد بأن اللاجئين الذين مُنِحوا الحماية الثانوية يحصلون على خدمات الرعاية الصحية على قدم المساواة مع المواطنين الإيطاليين ويستفيدون من الخدمات الصحية المجانية على أساس إعلان ذاتي للعوز.

٩-٧ وتذكّر اللجنة بأن على الدول الأطراف، عند استعراض الطعون في قرارات طرد الأفراد من إقليمها، أن تعطي وزناً كافياً للخطر الحقيقي والشخصي الذي قد يواجهه هؤلاء الأفراد في حال ترحيلهم ( ) . وعلى وجه الخصوص، يجب أن يستند أي تحديد لاحتمال تعرض الأفراد لظروف تشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة وتنتهك المادة 7 من العهد ليس إلى تقييم للظروف العامة في البلد المتلقي فحسب، بل أيضاً إلى الظروف الفردية للأشخاص المعنيين. وتشمل تلك الظروف العوامل التي تفاقم ضعف هؤلاء الأشخاص والتي يمكن أن تحول وضعاً مقبولاً لأغلبية الناس إلى وضع لا يطاق لآخرين. وينبغي أن تراعي أيضاً، في الحالات المنصوص عليها في إطار لائحة دبلن الثالثة، التجارب السابقة للأفراد في بلد اللجوء الأول، وهي تجارب يمكن أن تبرز المخاطر الخاصة التي يحتمل أن يواجهوها ويحتمل من ثم أن تجعل من إعادتهم إلى بلد اللجوء الأول تجربة مؤلمة جداً لهم ( ) .

٩-٨ وتحيط اللجنة علماً بالمعلومات التي تلقتها الدولة الطرف من السلطات الإيطالية في عام 2015 والتي تفيد بأنه يجوز للأجنبي الذي مُنِح إقامة في إيطاليا بصفته لاجئاً معترفاً به أو مُنِح شكلاً من أشكال الحماية أن يطلب تجديد تصريح إقامته المنتهي الصلاحية لدى دخوله من جديد إلى إيطاليا. وتحيط اللجنة أيضاً بادعاءات صاحبة البلاغ، بالاستناد إلى ظروفها الشخصية، بأنها تواجه ظروف عيش قاسية هناك رغم حصولها فيما سبق على الإقامة في ذلك البلد. وتلاحظ أيضاً أن صاحبة البلاغ صرحت، في المقابلة الخاصة باللجوء في ٢٣ تموز/ يوليه ٢٠١٥، أنها تريد طلب اللجوء في الدانمرك وليس في إيطاليا لأن والديها، اللذين لم تكن قد رأتهما منذ ست سنوات، كانا في الدانمرك ولأنها لم تتمكن من العثور على وظيفة في إيطاليا.

٩-٩ وتلاحظ اللجنة أن المواد المعروضة عليها، فضلاً عن المعلومات العامة عن حالة اللاجئين وطالبي اللجوء في إيطاليا، تشير إلى احتمال وجود نقص في الأماكن المتاحة في مرافق استقبال ملتمسي اللجوء والعائدين، وإلى سوء الظروف الصحية في هذه المرافق. واستناداً إلى تلك المصادر، قد لا يحق للعائدين مثل صاحبة البلاغ الحصول على سكن في مراكز ملتمسي اللجوء لأنها سبق أن استفادت من مرافق الاستقبال عندما كانت في إيطاليا. وتلاحظ اللجنة أن النظام الاجتماعي في إيطاليا لا يكفي عموماً لمساعدة جميع المحتاجين على الرغم من أن المستفيدين من الحماية يحق لهم عموماً العمل والتمتع بالحقوق الاجتماعية في البلد. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن مجلس طعون اللاجئين الدانمركي أكد أن صاحبة البلاغ تمكنت أثناء زيارة سابقة لإيطاليا من العثور على عمل وسكن لفترات من الزمن والحصول على الخدمات الطبية والتعليمية، وكذلك أنها في صحة جيدة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن زوجها، الذي هو والد الطفل، يعيش في إيطاليا. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم توضح السبب الذي سيمنعها من التماس الحماية من السلطات الإيطالية إن لم تتمكن من العثور على عمل. ولم تثبت صاحبة البلاغ أنها تواجه خطراً حقيقياً وشخصياً عند عودتها إلى إيطاليا، وإن كان بالفعل من الصعب على اللاجئين والمستفيدين من الحماية الثانوية أن يصلوا إلى سوق العمل أو أن يحصلوا على السكن. واحتمال مواجهة صاحبة البلاغ صعوبات لدى عودتها لا يعني بالضرورة، في حد ذاته، أنها ستكون في حالة ضعف خاصة تختلف كثيراً عن حالة العديد من أسر اللاجئين الأخرى وتدفع إلى استنتاج أن إعادتهما إلى إيطاليا ستشكل انتهاكاً لالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة ٧ من العهد ( ) .

٩-١٠ وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أنه، بالرغم من أن صاحبة البلاغ لا توافق على قرار سلطات الدولة الطرف بشأن إعادتها إلى إيطاليا بوصفها بلد لجوئها الأول، فإنها لم توضح لماذا تعتبر هذا القرار غير معقول أو تعسفياً بشكل واضح، كما أنها لم تشر إلى أي مخالفات إجرائية في الإجراءات المعروضة على دائرة الهجرة الدانمركية أو مجلس طعون اللاجئين. وبناءً على ذلك، لا يمكن للجنة أن تستنتج أن إبعاد الدولة الطرف صاحبة البلاغ إلى إيطاليا سيشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

٩-١١ ومن دون الإخلال باستمرار مسؤولية الدولة الطرف عن مراعاة الحالة الراهنة للبلد الذي ستُرحَّل إليه صاحبة البلاغ، وفي ضوء المعلومات المتاحة عن ظروفها الشخصية، ترى اللجنة أن المعلومات المعروضة عليها لا يظهر منها أن صاحبة البلاغ ستواجه خطراً شخصياً وحقيقياً يعرضها لمعاملة تتنافى مع المادة ٧ من العهد في حال إبعادها إلى إيطاليا.

١٠- واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للفقرة (4) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن إبعاد صاحبة البلاغ إلى إيطاليا لن ينتهك حقوقها بموجب المادة 7 من العهد. غير أن اللجنة واثقة من أن الدولة الطرف ستخطر السلطات الإيطالية على النحو الواجب بإبعاد صاحبة البلاغ لكي يتسنى لها ولابنها البقاء معاً ولكي يحظيا برعاية ملائمة لاحتياجاتهما، مع مراعاة خاصة لعمر ابنها.

المرفق الأول

رأي فردي لخوسيه مانويل سانتو باييس (مخالف)

١- يؤسفني أنني لا أستطع مشاطرة اللجنة قرارها الذي جاء فيه أن إبعاد صاحبة البلاغ وابنها إلى إيطاليا لن ينتهك حقوقهما بموجب المادة 7 من العهد. ومن المثير للدهشة أن الظروف في هذه القضية شبيهة جداً بظروف بلاغ نظرت فيه اللجنة مؤخراً بشأن قضية أرايا ضد الدانمرك (CCPR/C/123/D/2575/2015) التي خلصت فيها، خلافاً لهذه القضية، إلى وجود انتهاك للمادة ٧.

٢- فصاحبة البلاغ، التي فرت من الصومال وطلبت اللجوء في إيطاليا في عام ٢٠٠٨، تقدم البلاغ أصالة عن نفسها ونيابة عن ابنها. وبمجرد أن منحتها السلطات الإيطالية الحماية الثانوية وأصدرت لها تصريح إقامة، أبلغتها بأنها لم يعد بإمكانها البقاء في مركز للاستقبال. وكان عمرها لا يتجاوز ١٧ عاماً ومن ثم نامت لفترة طويلة في مأوى أحد "مراكز المساعدة" متى أُتيح لها مكان. ولكنها إن وصلت في وقت متأخر أو لم تبق أماكن شاغرة، فقد كان عليها أن تنام في الشوارع. وسعت صاحبة البلاغ خلال عدة سنوات للحصول على المساعدة من السلطات الإيطالية وحاولت الحصول على سكن وعلى عمل منتظم ولكن دون جدوى. ولذلك، واجهت العوز وكانت تعتمد اعتماداً تاماً على مساعدة المتطوعين وعلى الوجبة الوحيدة التي كانت تحصل عليها في مركز المساعدة. وتعرضت مراراً وتكراراً لمضايقة الشباب في الشارع. وعندما علمت في عام ٢٠١٥ أن أسرتها (الأم والأب والأشقاء الست، وجميعهم يحملون تصاريح إقامة) تقيم في الدانمرك، غادرت إيطاليا متوجهة إلى الدانمرك. وكانت حاملاً عند وصولها. ووُلِد ابنها هناك في عام ٢٠١٥.

٣- وقدمت أسرة صاحبة البلاغ دعماً كبيراً لها منذ ذلك الحين وساعدتها على رعاية رضيعها. وهي بذلك تنعم ببيئة أسرية شاملة وموثوقة في الدانمرك. بيد أنها إن أُعيدت إلى إيطاليا، لن تستفيد من هذه البيئة الأسرية لأن علاقتها بزوجها الذي يعيش في إيطاليا ليست جيدة ولأنه لا يريد أن يضطلع بدور الأب تجاه طفله الحديث الولادة.

٤- وبالتالي فإن صاحبة البلاغ وابنها، إن أُعيدا إلى إيطاليا، سيواجهان صعوبات استثنائية وعوزاً وظروفاً معيشية لا تطاق، شبيهة بالظروف التي عاشتها صاحبة البلاغ سابقاً في إيطاليا، مما يُعد بمثابة خطر حقيقي وشخصي يعرضها لضرر لا يمكن جبره. ويوجد بالفعل خطر حقيقي بأن تنتهي صاحبة البلاغ في الشوارع أو في ظروف هشة وغير آمنة، وغير مناسبة على نحو خاص للأطفال الصغار.

٥- وفي هذه القضية، لم تقيّم الدانمرك تقييماً كافياً لا التجربة الشخصية الماضية لصاحبة البلاغ في إيطاليا، التي واجهت خلالها التشرد والعوز، ولا النتائج المتوقعة لإعادتها قسراً إلى هناك، ولم تولِ الاعتبار الواجب لضعفها الخاص والمتزايد بوصفها أماً وحيدة مع طفل حديث الولادة. ولم تتحقق أيضاً مما إذا كانت صاحبة البلاغ وابنها سيتمكنان من الوصول فعلاً إلى المساعدة المالية والطبية والاجتماعية، فضلاً عن الحماية من المخاطر التي تهدد سلامتهما الشخصية. ولكن سيكون من المهم تحديد ما إذا كانت صاحبة البلاغ ستتمكن فعلاً من إيجاد سكن وإعالة نفسها وابنها دون تلقي مساعدة من السلطات الإيطالية. ومن شأن هذه المعلومات أن تكون ذات أهمية خاصة لأنها والدة وحيدة سيتعين عليها البحث عن عمل وكذلك الاعتناء بطفلها لأن الأب عديم الموارد ولم يبد أي اهتمام بإعالتهما وليس لديه بيت أو وظيفة وغالباً ما يعيش في الشوارع.

٦- وعلى وجه الخصوص، لم تطلب الدانمرك من السلطات الإيطالية ضمانات فعالة لاستقبال صاحبة البلاغ وابنها في ظروف تتفق مع وضعهما كملتمسي لجوء يحق لهما التمتع بالحماية المؤقتة والضمانات المنصوص عليها في المادة 7 من العهد. و لم تطلب أيضاً من إيطاليا القيام بما يلي: (أ) تجديد تصريح إقامة صاحبة البلاغ، كجزء من حمايتها الثانوية، وإصدار ترخيص لطفلها؛ أو (ب) استقبال صاحبة البلاغ وابنها في ظروف ملائمة لسن الطفل ولضعف حالة الأسرة بحيث يتسنى لهما البقاء معاً في حال عودتهما إلى إيطاليا.

٧- والأهم من ذلك هو أن الدولة الطرف لم تأخذ في الاعتبار ضرورة احترام حق ابن صاحبة البلاغ، بموجب المادة ٢٤ من العهد، في تدابير حماية ملائمة لأنه وُلِد في الدانمرك ولديه عدة أقارب مقيمين هناك. وإعادة الطفل إلى إيطاليا، التي لم يعش فيها قط، لن يخدم مصالح الطفل الفضلى، التي ينبغي أن تكون محل اعتبار أساسي في جميع الإجراءات المتعلقة بالأطفال، وفقاً للمادة ٣ من اتفاقية حقوق الطفل، والدانمرك طرف فيها.

٨- وأخيراً، لم تنظر الدانمرك في الوضع العام لحقوق الإنسان والوضع السياسي في إيطاليا، وبخاصة السياسات المناهضة للهجرة التي وُضِعت بعد آخر انتخابات عامة وعلى الخصوص الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها البلد في الاتحاد الأوروبي.

٩- ومن ثم كنت لأستنتج أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة ٧ من العهد لأنها لم تجر تقييماً شاملاً وكافياً لمعرفة ما إذا كانت صاحبة البلاغ وابنها سيتعرضان لظروف تشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة إن أعيدا إلى إيطاليا، مما يجعل هذه العودة تجربة مؤلمة بشكل خاص لهما، ولا سيما بالنسبة للطفل.

المرفق الثاني

[الأصل: الفرنسية]

رأي فردي (مخالف) للسيد أوليفييه دي فروفيل

١- تدخل هذه الملاحظات ضمن اجتهادات راسخة للجنة المعنية بحقوق الإنسان؛ وتتعلق هذه الاجتهادات بإبعاد الأشخاص الذين يطلبون م ر كز اللاجئ أو يستفيدون بالحماية الثانوية بين بلدين من بلدان الاتحاد الأوروبي. وجميع القضايا المعروضة على اللجنة تخص بلداً واحد هو الدانمرك. وفي معظم الحالات، يكون بلد الطرد هو إيطاليا. وقد حددت اللجنة بعض المبادئ المنطبقة على هذه القضايا انطلاقاً من ملاحظاتها بشأن قضية ياسين ضد الدانمرك ، المعتمدة في 22 تموز/يوليه 2015 ( ) . وهذه المبادئ مقبولة لدى معظم أعضاء اللجنة غير أن تطبيقها على بعض القضايا ما زال يسبب انقساماً بين الأعضاء.

٢- ووفقاً للاجتهادات العامة في مجال الإبعاد من الإقليم، تولي اللجنة أهمية كبيرة لتقدي ر السلطات الوطنية لخطر حقيق وشخصي للضرر حسبما تنص عليه المادتان 6 و7 من العهد. وترى اللجنة أن أجهزة الدولة هي المؤهلة عموماً لتقدير الوقائع والأدلة بغية البت في وجود هذا الخطر، إلا إذا كان هذا التقييم تعسفياً على نحو واضح أو كان يشكل إنكاراً للعدالة.

٣- ومن جانب آخر، حددت اللجنة، لهذه القضايا بوجه خاص، أربعة عناصر للتقييم. ويتعلق العنصر الأول بالوضع في بلد الطرد فيما يخص استقبال ورعاية طالب اللجوء أو الأشخاص المستفيدين من الحماية الثانوية. والعنصر الثاني يتعلق بالتجربة الماضية للأشخاص المعنيين في بلد الطرد ومن ثم بالمعاملة التي يمكن أن يتوقعها هؤلاء الأشخاص في حال عودتهم إلى هذا البلد. والعنصر الثالث يتعلق بحالة الضعف التي يوجد فيها صاحب البلاغ عند نظر اللجنة في طلبه، وهي حالة يسهم فيها كون الشخص مسؤولاً عن أطفال قصّر يجب أن تُؤخذ مصالحهم الفضلى في الحسبان على النحو الواجب في عملية اتخاذ القرار. وأخيراً، يتمثل العنصر الرابع والأخير في معرفة ما إذا كانت الدولة الطرف حاولت أم لا أن تحصل من دولة الطرد على ضمانات بأن يُعتنى بالأشخاص المعنيين في ظروف تتفق مع حالتهم، ولكن أيضاً، عندما يكون أصحاب البلاغ مصحوبين بأطفال قصّر، بأن يُستقبَلون في ظروف ملائمة لسن الأطفال ولحالة ضعف الأسرة، دون تعريضهم لخطر الإعادة القسرية غير المباشرة.

٤- وعندما تستنتج اللجنة أن تقدير السلطات الوطنية تعسفي على نحو واضح في القضية المعنية، تقرر أن هناك انتهاكاً إذا أبعدت الدولة أصحاب البلاغات دون طلب ضمانات من قبيل تلك التي حددتها اللجنة في أسباب ملاحظاتها. وبعبارة أخرى، يتعلق الأمر دائماً بانتهاك محتمل يمكن أن تتجنبه الدولة بطلب ضمانات شخصية وفقاً للظروف التي تحددها اللجنة. وجدير بالملاحظة، للأسف، أن الدانمرك لم تقدم أبداً هذا النوع من الطلبات منذ أن بدأت اللجنة تتلقى هذا النوع من القضايا.

٥- وأرى أن اللجنة لم تطبق اجتهاداتها بشكل صحيح على القضايا الخاصة التي نحن بصددها. وفيما يخص الظروف في البلد، تحيط اللجنة علماً بالتقارير المختلفة التي قدمتها صاحبة البلاغ وورد ذكرها في الفقرة 3-2، والتي يُستشف منها أن الأشخاص الذين يعودون إلى إيطاليا بعد أن يكونوا قد حصلوا فيها بالفعل على شكل من أشكال الحماية لا يحق لهم الحصول على سكن في مرافق الاستقبال ولا يوجد إجراء قانوني لتحديد الأشخاص الضعفاء. وتبين تقارير أحدث عهداً عدم حدوث أي تحسن في هذا الصدد بل تبين بالعكس أن المشاكل النظامية ما زالت قائمة ( ) . ومما يدعو للأسف أن التجربة الماضية لصاحبة البلاغ شبيهة بتجارب قضايا أخرى نظرت فيها اللجنة: بعد أن حصلت صاحبة البلاغ على رخصة إقامتها، أُخبِرت بأنها لم يعد بإمكانها البقاء في مركز استقبال اللاجئين رغم أنها كانت لا تزال قاصراً. فإذن، بين عامي 2009 و2015، عاشت في حالة هشاشة قصوى إذ كانت تنام في الشارع أو في مراكز الإيواء وتعمل من وقت لآخر بصورة غير قانونية. وعلى المستوى الشخصي، ستجد صاحبة البلاغ نفسها ضعيفة بشكل خاص إن اضطُرت إلى العودة إلى إيطاليا، بوصفها أمّاً معزولة لطفل في سن مبكرة وُلد في الدانمرك، رغم أن باقي أسرتها مقيمة أيضاً في هذا البلد (الفقرة 2-4). ومن جهة أخرى، أوضحت صاحبة البلاغ بما لا يدع مجالاً للبس أنها فقدت أي اتصال بزوجها الذي بقي في إيطاليا وأن هذا الأخير لم يظهر أي اهتمام بها أو بابنهما وأن التقاليد وحدها تمنعها من طلب الطلاق (الفقرة 5-6).

٦ - وأخيراً، فيما يخص الضمانات، تستحضر الدولة الطرف قرارين صادرين عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: إ. ت. ون . ت. ضد سويسرا وإيطاليا ، وتستنتج منهما أن المحكمة لن تشترط ضمانات فردية من السلطات الإيطالية رغم أن إيطاليا في هذه القضية بعثت رسالة تضمن فيها الاعتناء بصاحب ي البلاغ، وقد أحاطت المحكمة علماً بذلك ( ) ؛ و ف. م. وآخرون، المتعلقة في الواقع بإجراء الطرد بموجب لائحة دبلن الثالثة ولا تنطبق من ثم على هذه القضية ( ) .

٧- وفي نهاية الأمر، لم يراعِ تقدير السلطات الوطنية بطريقة كافية الحالة الشخصية لصاحبة البلاغ وطفلها بالنظر إلى الحالة العامة للأشخاص الذين يستفيدون من حماية ثانوية في إيطاليا والتجربة الماضية لصاحبة البلاغ في هذا البلد. ومن الواضح إذن أن القرار تعسفي ومن المبرر أن تلاحظ اللجنة انتهاكاً محتملاً للمادة 7 في حال العودة دون طلب ضمانات.

المرفق الثالث

[ الأصل : الإسبانية]

رأي فردي (مخالف) لتانيا ماريا عبدو روتشول

١- وصلت صاحبة البلاغ، فهمو محمد حسين، إلى إيطاليا في عام 2008 من بلدها الأصلي الصومال، وبقيت في مركز للاجئين حتى عام 2009 عندما منحتها السلطات الإيطالية الحماية الثانوية وتصريح إقامة حتى عام 2012، ومن ثم كان عليها أن تترك مرافق الاستقبال. ومُدِّد تصريح إقامتها في وقت لاحق إلى عام 2015. وطوال إقامة صاحبة البلاغ في إيطاليا، لم يكن بإمكانها إيجاد ظروف عيش كريم والحصول على عمل قانوني ومستقر، وكانت تعتمد في بقائها على آليات المساعدة، وهي حالة فاقمتها أعمال العنف المتكررة.

٢- ومن المهم عدم إغفال أن صاحبة البلاغ قدمت البلاغ باسمها ولكن أيضاً نيابة عن ابنها. وقد وُلِد الابن في الدانمرك في عام 2015، بعد أن غادرت صاحبة البلاغ إيطاليا بعد أن علمت أن أسرتها - والدها ووالدتها وأشقاؤها الستة - تعيش بصورة قانونية في ذلك البلد. وقد ساندت هذه الأسرة صاحبة البلاغ بفعالية فقدمت إليها الدعم والمساعدة في الاعتناء بالطفل، وشملتها بالحنان في بيئة أسرية، على خلاف تصرف الأب، الذي يقيم في إيطاليا والذي لم يقم قط أي ارتباط بابنه. غير أن السلطات أغفلت تلك الظروف عند تحليلها طلب اللجوء المعروض عليها.

٣- ومن الواضح أن هذه الأفعال أوجدت حالة من عدم اليقين فيما يتعلق بمستقبل صاحبة البلاغ والطفل الذي يبلغ عمره حالياً ثلاثة أعوام ولم يعرف سوى حياته في الدانمرك مع كامل أسرته، ويحتاج إلى تدابير حماية تتوافق مع حالته وفقاً للمادة 24 من العهد ويتمتع علاوة على ذلك باعتراف قانوني معزّز بوصفه صاحب حق بموجب اتفاقية حقوق الطفل. وهو كنتيجة لذلك يستحق حماية تختلف عن الحماية التي يتلقاها البالغون، ويجب السعي إلى تحقيق مصالحه باعتبارها فوق أي مصلحة أخرى مشروعة في اتخاذ القرارات وحل المنازعات.

٤- وللأسف، عومل الطفل وكأنه امتداد لشخصية صاحبة البلاغ وليس كصاحب حق. وفي إجراءات اللجوء، لم تراع القرارات الإدارية المتعلقة بابن صاحبة البلاغ مصالحه الفضلى في المقام الأول، إذ من المحبذ كلما تعين اتخاذ تدابير تؤثر في طفل أن تتضمن هذه التدابير تقييماً للآثار الممكنة سواء الإيجابية أو السلبية.

٥- ولم تف الدولة الطرف بالتزام عدم تسليم الشخص أو ترحيله أو طرده أو إبعاده بطريقة أخرى عن إقليمها عندما توجد أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن هناك خطراً حقيقياً بأن يتعرض لضرر لا يمكن جبره، حسب ما ورد في الملاحظة العامة رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الفقرة 1 2 ، التي تنص على ضرورة أن تراعى، في جملة ظروف أخرى، الحالة العامة لحقوق الإنسان في إيطاليا. وفي الواقع، تجنبت السلطات الحكومية التحقق من حالة الضعف التي ستعيشها صاحبة البلاغ وابنها في حال عودتهما إلى هذا البلد.

٦- ولم تُقيَّم أيضاً كما ينبغي حالة الاغتراب الوشيكة للأم والابن مع فصلهما عن الأسرة الموسعة، وصعوبة إجراءات الدخول والإقامة القانونية لصاحبة البلاغ وابنها في إيطاليا، وحالة عدم اليقين فيما يخص المسائل الاجتماعية - الاقتصادية، والأثر السلبي على نمو شخصية الطفل وهويته. وعلاوة على ذلك، وقبل كل شيء، تُرك جانباً تحليل سياسة الهجرة التي تنتهجها حالياً الحكومة الإيطالية (حماية المهاجرين المستضعفين، وموضوع الحماية الإنسانية، ومعيار الطرد، وشروط البقاء في مراكز استقبال اللاجئين، في جملة أمور أخرى) والتي تخلص إلى عدم وجود حد أدنى من الضمانات لعودة صاحبة البلاغ وابنها إلى إيطاليا.

٧- وتجدر الإشارة إلى أن هذا البلاغ يشبه إلى حد كبير قضايا سابقة حسمتها اللجنة وثبت فيها انتهاك المادة 7 من العهد. ومع ذلك، فعلى الرغم من أن للجنة حصرياً سلطة الابتعاد عن اجتهاداتها، فإن فعل ذلك في هذه القضية يعني في رأيي إنشاء سابقة أقل ما يمكن أن يُقال هو أنها مثيرة للقلق.