الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2302/2013

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

5 November 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2302/2013 * ** ***

بلاغ مقدم من: جوما نازاروف وآخرون (يمثلهم المحاميان شين ه. برادي وفيليب بروملي )

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: تركمانستان

تاريخ تقديم البلاغ: 28 آب/أغسطس 2013 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة (المادة 92 حالياً)، والمحال إلى الدولة الطرف في ٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٢٥ تموز/يوليه ٢٠١٩

الموضوع: الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية الإلزامية

المسألة الإجرائية: عدم تعاون الدولة الطرف

المسألتان الموضوعيتان: حرية الضمير؛ المعاملة اللاإنسانية والمهينة

مادتا العهد: المادة 7 والفقرة 1 من المادة 18

مادة البروتوكول الاختياري: المادة ٢

١- أصحاب البلاغ هم جوما نازاروف (صاحب البلاغ الأول)، وهو من مواليد عام ١٩٩٢، ويادغاربك شاريبوف (صاحب البلاغ الثاني)، وهو من مواليد عام ١٩٩٢، وأتمراد سوفهانوف (صاحب البلاغ الثالث)، وهو من مواليد عام ١٩٨٦، وثلاثتهم من مواطني تركمانستان ( ) . ويدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب المادة 7 والفقرة 1 من المادة 18 من العهد . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف في ١ آب / أغسطس ١٩٩٧ . ويمثل أصحاب البلاغ محاميان .

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

٢-١ أصحاب البلاغ هم من شهود يهوه. وفي ربيع عام 2012 ، استدعت المفوضية العسكرية صاحب البلاغ الأول لأداء الخدمة العسكرية . وأوضح صاحب البلاغ الأول شفوياً وكتابياً لممثلي المفوضية العسكرية أن معتقداته الدينية، بصفته من شهود يهوه، لا تبيح له أداء الخدمة العسكرية. وقدَّم، علاوة على ذلك، أدلةً طبية على إصابته بأمراض تعفيه من أداء الخدمة العسكرية . غير أن ادعاءاته قوبِلت بالتجاهل ووجِّهت إليه تهمة ” التهرب “من أداء الخدمة العسكرية، الذي يُعتبر جريمة بموجب المادة الفقرة 1 من المادة ٢١٩ من قانون العقوبات لتركما نستان.

٢-٢ وجرت محاكمة صاحب البلاغ الأول في محكمة أزاتليكسكيي المحلية في عشق أباد. وأدلى صاحب البلاغ الأول في شهادته بأن ” دين شهود يهوه الذي يدين به، وتلاوته الكتاب المقدس، ومبادئَه الشخصية التي تتفق ورسالة الكتاب المقدس، لا تبيح له أداء الخدمة العسكرية“. غير أن المحكمة تجاهلت ما أدلى به في أقواله وما قدمه من أدلة طبية على إصابته بأمراض. وفي ٢٣ تموز/يوليه ٢٠١٢، أدانته محكمة أزاتليكسكيي المحلية بموجب الفقرة 1 من المادة ٢١٩ من قانون العقوبات، وحكمت عليه بالسجن سنةً وستة أشهر. وبعد إدانته مباشرةً، حاولت والدته الحصول من القاضي ومن إدارة السجن على نسخة من حكم الإدانة الصادر في حقه بغرض استئنافه. غير أن طلبها الحصول على هذه الوثيقة قوبل بالرفض، مما جعل صاحب البلاغ غير قادر على ممارسة حقه في الاستئناف.

٢-٣ وفي تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢، استُدعي صاحب البلاغ الثاني لأداء الخدمة العسكرية. وأوضح صاحب البلاغ الأول شفوياً وكتابياً لممثلي المفوضية العسكرية أن معتقداته الدينية، بصفته من شهود يهوه، لا تبيح له أداء الخدمة العسكرية . وفي 25 كانون الأول / ديسمبر ٢٠١٢، أدانت محكمة داشوغوز المحلية صاحب البلاغ الثاني بموجب الفقرة 1 من المادة ٢١٩ من قانون العقوبات، وحكمت عليه بالسجن سنةً واحدة. واستلم صاحب البلاغ الثاني نسخة من حكم الإدانة ثم أودع فوراً رهن الاحتجاز المؤقت، حيث تعرض للضرب والإذلال يومياً على مدى عشرة أيام بسبب معتقداته الدينية قبل نقله إلى السجن. غير أن صاحب البلاغ لم يقدم أي شكوى ضد إدارة السجن أو ضد أي جهاز آخر من أجهزة الدولة بشأن ما تعرض له من ضرب خوفاً من الانتقام ومن التعرض لأي اعتداء جسماني آخر على يد سلطات السجن. وفي ١٧ كانون الثاني/يناير ٢٠١٣، ردّت محكمة داشوغوز المحلية دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ الثاني في حكم السجن الصادر في حقه.

٢-٤ وفي ١٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٤، أدين صاحب البلاغ الثالث، بموجب الفقرة 1 من المادة 219 من قانون العقوبات، بتهمة رفض أداء الخدمة العسكرية، وحُكم عليه بالسجن سنةً وستة أشهر. وأُفرج عنه بعد أربعة أشهر بموجب مرسوم عفو رئاسي، ولكنه سُرعان ما استدعي مرة أخرى لأداء الخدمة العسكرية في ١٣ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢. وأوضح صاحب البلاغ الثالث شفوياً وكتابياً لممثلي المفوضية العسكرية أن معتقداته الدينية، بصفته من شهود يهوه، لا تبيح له أداء الخدمة العسكرية. وفي 13 آذار / مارس 2013 ، أدانته محكمة مدينة داشوغوز بموجب الفقرة 1 من المادة ٢١٩ من قانون العقوبات، وحكمت عليه بالسجن سنةً واحدة . وقد ألقي القبض عليه فور استلامه نسخة من حكم إدانته . ثم تعرض، وهو رهن الاحتجاز، للضرب والإذلال بسبب معتقداته الدينية. غير أنه لم يقدم أي شكوى ضد إدارة السجن أو ضد أي جهاز آخر بشأن ما تعرض له من ضرب خوفاً من الانتقام ومن التعرض لأي اعتداء جسماني آخر على يد سلطات السجن. ورفع صاحب البلاغ الثالث، في ذات اليوم الذي أدين فيه، دعوى استئناف أمام محكمة داشوغوز الإقليمية، التي أحالت دعواه إلى محكمة مدينة داشوغوز لكي تنظر فيها. غير أنه لم يستلم أي نسخة من القرار الصادر في دعوى الاستئناف، وهو يفترض أن دعواه رُدَّت لأنه لا يزال في السجن.

الشكوى

٣-١ يدعي أصحاب البلاغ الثلاثة جميعهم أنهم سَجنَهم عرضهم للمعاملة اللاإنسانية والمهينة على النحو المبين أدناه، وهي معاملة منافية لأحكام المادة ٧ من العهد.

٣-٢ ويدعي أصحاب البلاغ أن سَجنَهم بسبب اعتراضهم على أداء الخدمة العسكرية يجب أن يُعتَبَر في حد ذاته معاملةً لاإنسانية ومهينة. ويُحيل أصحاب البلاغ إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية باياتيان ضد أرمينيا (Bayatyan v. Armenia (application No. 23459/03))، وإلى قرارات أخرى مماثلة أشارت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن حرمان الدولة الطرف الأفراد الذين ينتمون إلى أقليات دينية من فرصة خدمة المجتمع على قدم المساواة مع غيرهم من المواطنين ينم عن ازدرائها الشديد لهم.

٣-٣ ويدعي صاحبا البلاغ الأول والثاني كذلك أنه لا جدال في أن ظروف سجنهما في سجنLBK-12الكائن في سييدي ، بتركمانستان، عرضتهما أيضاً للمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية والمهينة. ويرد وصف مفصل لظروف الاحتجاز هذه في بلاغات أخرى عرضت على اللجنة، من قبيل البلاغ المقدم من ناصر لاييف ضد تركمانستان (CCPR/C/117/D/2219/2012). وقد أعربت لجنة مناهضة التعذيب، في ملاحظاتها الختامية لعام 2011، عن قلقها البالغ من الادعاءات العديدة والمستمرة التي تفيد بانتشار ممارسة التعذيب وسوء معاملة المحتجزين في تركمانستان (CAT/C/TKM/CO/1، الفقرة 6). ووصفت نقابة المحامين الوطنية المستقلة، في تقرير صدر في عام ٢٠١٠، ما تتسم به ظروف الاحتجاز في سجنLBK-12من اكتظاظ وشح في الإمدادات الغذائية والدوائية ولوازم النظافة الشخصية. وأشار التقرير أيضاً إلى ممارسة الاعتداء الجسماني على السجناء المعرضين لخطر الإصابة بالسل. وقد أقرت بهذا الخطر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي وصفت السجون التركمانية بأنها ”مرتع للسل“ ( ) .

٣-٤ ويضيف صاحب البلاغ الثاني أنه قضى كل يوم من الأيام العشرة التي أعقبت محاكمته في ” الحجر الصحي المؤقت“ الذي تعرض لضروب من المعاملة السيئة، منها الضرب والإذلال بسبب معتقداته.

٣-٥ ويدعي صاحب البلاغ الثالث أن ظروف احتجازه في مركز احتجاز DZ/D7 تصل إلى حد العقوبة أو المعاملة اللاإنسانية والمهينة. ويدعي شقيق صاحب البلاغ الثالث، في إفادة مؤرخة ٢١ آذار/مارس ٢٠١٣ (أُعدت في إطار البلاغ المقدم إلى اللجنة)، أنه عندما رأى شقيقه في ١٩ آذار/مارس ٢٠١٣، تبين له أنه عومل معاملة ” بشعة “ وتعرض للضرب والإذلال بسبب معتقداته“. ويعلم صاحب البلاغ الثالث أيضاً أنه جرى التصنت عليه في حديثه مع شقيقه. وأخبر صاحب البلاغ الثالث شقيقه بأنه يعلم أنه لن ينقل إلى السجن قريباً لأن السلطات تريد ”تحطيمه “.

٣-٦ ويدعي صاحب البلاغ الثالث أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه التي تكفلها الفقرة 7 من المادة ١٤ باتهامه بنفس الجريمة التي سبق له أن أدين بها. فقد أدين صاحب البلاغ ا لثالث مرتين لرفضه أداء الخدمة العسكرية ” بسبب إمعانه في تعنته في رفض أدائها لأسباب يمليها عليه ضميره “.

٣-٧ ويدعي أصحاب البلاغ الثلاثة جميعاً أن في محاكمتهم وإدانتهم وسجنهم لرفضهم أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بسبب معتقداتهم الدينية واستنكافهم الضميري انتهاكاً لحقوقهم التي تكفلها الفقرة 1 من المادة 18 من العهد. ويشير أصحاب البلاغ إلى أنهم أبلغوا السلطات التركمانية باستعدادهم للوفاء بواجبهم المدني من خلال أداء خدمة بديلة حقيقية، غير أن قوانين الدولة الطرف لا تنص على أي خدمة بديلة.

٣-٨ ويطلب أصحاب البلاغ إلى اللجنة أن توعز إلى الدولة الطرف بما يلي: (أ) تبرئتهم من التهم الموجهة إليهم بموجب الفقرة 1 من المادة 219 من قانون العقوبات؛ (ب) تعويضهم تعويضاً مناسباً عما أصابهم من أضرار معنوية جراء اضطهادهم وإدانتهم، وعما تكبدوه من نفقات قانونية.

٣-٩ وفيما يتعلق بشرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يدعي صاحب البلاغ الأول أنه لم يتمكن من رفع دعوى استئناف في حكم إدانته لأن السلطات رفضت منحه نسخة من حكم الإدانة والعقوبة. وما كانت المحكمة ستقبل دعوى استئنافه بدون تلك الوثيقة. ويدعى صاحب البلاغ أن رفع دعوى استئناف كان سيكون بلا طائل وعديم الجدوى تماماً على أية حال من الأحوال. أما صاحب البلاغ الثاني وصاحب البلاغ الثالث، فتمكنا من رفع دعوى استئناف أمام محكمة داشوغوز الإقليمية ومن الطعن، بموجب المادة 18 من العهد، في حكمي الإدانة الصادرين في حقهما بسبب معتقداتهم ا الدينية، ومن ثم، فهما يريان أنهما وفيا بذلك بالتزامهما باستنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتصل بهذا الادعاء. ولم يقدم أي منهما شكوى بشأن ما تعرضا له من معاملة منافية لأحكام المادة ٧ من العهد خشيةً من أن يعرضهما ذلك لانتقام قاس ولمزيد من الأذى الجسماني على يد سلطات السجن. وبناء على ذلك، يدفع أصحاب البلاغ بأنهم استنفدوا سبل الانتصاف المحلية فيما يخص جميع الادعاءات التي ساقوها.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤- أكدت الدولة الطرف، في مذكرتين شفويتين مؤرختين ٢ كانون الثاني/يناير ٢٠١٤ و٢٣ شباط/فبراير ٢٠١٥ ( ) ، أن أصحاب البلاغ الثلاثة اتهموا وأدينوا بموجب الفقرة 1 من المادة ٢١٩ من القانون الجنائي، وأنهم قضوا عقوباتهم في سجن LBK-12.

عدم تعاون الدولة الطرف

٥- طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، في 15 أيار/مايو و24 تشرين الثاني/نوفمبر و30 تشرين الأول/أكتوبر 2014، أن تقدم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. غير أن اللجنة تلاحظ أنها لم تتلق أي ملاحظات من هذا القبيل حتى الآن فيما عدا تأكيد الدولة الطرف سالف الذكر أن أصحاب البلاغ اتهموا وأدينوا بالفعل لتهربهم من أداء الخدمة العسكرية. وتعرب اللجنة عن أسفها لعدم تقديم الدولة الطرف أي معلومات فيما يخص مقبولية ادعاءات أصحاب البلاغ أو أسسها الموضوعية. وتذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة، بمقتضى الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، بموافاة اللجنة بما يلزم من تفسيرات أو بيانات كتابية لجلاء المسألة، مع الإشارة إلى أي تدابير اتخذتها، إن وجدت، لرفع المظلمة. وفي حالة عدم ورود أي رد من الدولة الطرف، يُولى الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ ما دامت مدعَّمة بأدلة كافية ( ) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تُقرر ما إذا كانت القضية مقبولة أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٦-٢ وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٦-٣ وتحيط اللجنة علماً بادعاء أصحاب البلاغ أنهم استنفدوا جميع سُبُل الانتصاف المحلية المتاحة لهم. ولـمّا لم يصدر عن الدولة الطرف أي اعتراض في هذا الصدد، فإن اللجنة ترى أن مقتضيات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

٦-٤ وفيما يخص الانتهاكات المزعومة لأحكام المادة ٧ من العهد والمتمثلة في إساءة معاملة أصحاب البلاغ أثناء سلبهم حريتهم، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يقدموا ما يكفي من المعلومات أو الأدلة التي تثبت أنهم تعرضوا شخصياً لمعاملة سيئة أو لظروف سَجن قاسية. كما لم يقدموا إلى السلطات أي شكوى بشأن هذه الانتهاكات المزعومة. ومع أن الدولة الطرف لم تدحض ادعاءات أصحاب البلاغ، فإن اللجنة ترى أن المعلومات القليلة التي يتضمنها ملف القضية وعدم تقديم أصحاب البلاغ أو محامييهم شروحاً مفصلة يعنيان ضمناً أن ادعاءات أصحاب البلاغ لم تدعّم بأدلة كافية لأغراض المقبولية. وترى اللجنة أيضاً أن أصحاب البلاغ لم يقدموا أدلة تثبت ادعاءاتهم فيما يتعلق بما إذا كان احتجازهم قد تسبب في حد ذاته في انتهاك حقوقهم التي تكفلها المادة 7 من العهد. وفي ضوء ملابسات القضية كما عرضها أصحاب البلاغ، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات لم تدعم بأدلة كافية لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري .

٦-٥ ويدعي صاحب البلاغ الثالث أنه اتُهم وأُدين بالجريمة نفسها مرتين، الأولى في كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٤ والثانية في آذار/مارس ٢٠١٣، مما يشكل انتهاكاً لحقوقه التي تكفلها الفقرة 7 من المادة ١٤ من العهد. غير أن اللجنة تلاحظ أنه لم يقدم أي وثائق تؤكد إدانته في عام 2004 وتثبت أنه أدين بالجريمة نفسها مرة أخرى، مثل نسخ مذكرتي التوقيف وقرارات المحكمة أو سجلات السَجن. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ لم يُدعّم بما يكفي من الأدلة وتُعلن أنه غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

٦-٦ وترى اللجنة أن أصحاب البلاغ دعموا بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية ما ساقوه من ادعاءات في إطار الفقرة 1 من المادة 18 من العهد. ونظراً لعدم وجود أي موانع أخرى من المقبولية، فإن اللجنة تعلن أن البلاغ مقبول من حيث ما ساقه أصحاب البلاغ من ادعاءات في إطار الفقرة 1 من المادة 18 من العهد، وتشرع من ثم في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٧ -١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وتحيط اللجنة علماً بادعاء أصحاب البلاغ أن حقوقهم المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد قد انتُهكت لعدم وجود بديل عن الخدمة العسكرية الإلزامية في الدولة الطرف، وهو ما جعل رفضهم أداء الخدمة العسكرية بسبب معتقداهم الدينية يؤدي إلى مقاضاتهم ثم إلى حبسهم.

٧-٣ وتُذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 22(1993) بشأن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، الذي ترى فيه أن الطابع الأساسي للحريات المكرسة في الفقرة 1 من المادة 18 يتجلى في عدم جواز تعليق العمل بأحكام تلك الفقرة حتى عند وجود خطر يهدد الأمن العام، على النحو المذكور في الفقرة 2 من المادة 4 من العهد. وتُذكِّر أيضاً باجتهادها السابق الذي أشارت فيه إلى أن الحق في الاستنكاف الضميري ، وإن كان العهد لا يشير إليه صراحةً، يستمد مشروعيته من المادة 18 ما دام الالتزام بالمشاركة في استخدام القوة الفتاكة قد يتعارض بشدة مع حرية الفكر والوجدان والدين ( ) . فالحق في الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية جزء أصيل من الحق في حرية الفكر والوجدان والدين. ومن حق أي شخص أن يُعفَى من الخدمة العسكرية الإلزامية إذا كان أداؤها لا يتوافق مع دينه أو معتقداته ومع حقه في التعبير عنهما. ويجب ألا يعرَّض أحد لإكراه يخل بهذا الحق. ويجوز للدولة، إن شاءت، أن تلزم المستنكف بأداء خدمة مدنية بديلة عن الخدمة العسكرية، خارج المجال العسكري وتحت قيادة غير عسكرية. ويجب ألا تكون الخدمة البديلة ذات صبغة عقابية . كما يجب أن تكون هذه الخدمة خدمةً حقيقية للمجتمع وأن تراعي احترام حقوق الإنسان ( ) .

٧-٤ وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أنه لا خلاف على أن رفض أصحاب البلاغ أداء الخدمة العسكرية الإلزامية نابع من معتقداتهم الدينية. وتُذكِّر في هذا السياق بأن قمع مَن يرفضون أن يجنَّدوا لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية لأن ضميرهم أو دينهم يحرِّم عليهم استخدام السلاح أمرٌ ينافي أحكام الفقرة 1 من المادة 18 من العهد ( ) . وتذكّر أيضاً بأنها أعربت، في سياق نظرها في التقرير الدوري الثاني للدولة الطرف في آذار/مارس 2017، عن قلقها إزاء تقاعس الدولة الطرف المستمر عن عدم الاعتراف بالحق في الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية الإلزامية، وإزاء تكرار محاكمة شهود يهوه الذين يرفضون أداء الخدمة العسكرية الإلزامية وسجنَهم ( ) . وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت، في هذه القضية، الحقوق المكفولة لأصحاب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد.

٨- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف أحكام الفقرة 1 من المادة 18 من العهد.

٩- والدولة الطرف مُلزمة، بموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لأصحاب البلاغ. ويقتضي منها ذلك توفير الجبر الكامل للأفراد الذين انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الإجراءات المناسبة لشطب سجلهم الجنائي وبتقديم تعويض كاف لهم. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ كل ما يلزم من تدابير لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل. وتؤكد اللجنة من جديد في هذا الصدد أنه ينبغي للدولة الطرف، بموجب الفقرة 2 من المادة 2 من العهد، أن تراجع تشريعاتها بما يكفل ضمان الحق في الاستنكاف الضميري فعلياً بمقتضى الفقرة 1 من المادة 18 من العهد، بسبل منها إتاحة إمكانية أداء خدمة بديلة ذات طابع مدني.

١٠- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع بلغتها الرسمية.

المرفق

[الأصل: بالفرنسية]

رأي فردي (مخالف جزئياً) أبدته عضو اللجنة السيدة إيلين تيغرودجا

١- إنني أتفق مع اللجنة فيما خلصت إليه في قرارها من وقوع انتهاك لأحكام المادة 18 من العهد، غير أنه لا يسعني أن أؤيد قرارها إعلان عدم مقبولية جميع الادعاءات المتعلقة بالمادة 7 من العهد، أي حظر المعاملة السيئة، لأنني أرى أنه يتعارض مع ما خلصت إليه اللجنة في اجتهاداتها الراسخة التي صدرت في ادعاءات مماثلة وفي السياق ذاته وبشأن الدولة الطرف ذاتها.

٢- ففيما يخص المادة 7 من العهد، تتصل ادعاءات أصحاب البلاغ في هذه القضية بثلاثة جوانب، أولها أن أصحاب البلاغ يدعون أنهم تعرضوا لمعاملة سيئة أثناء اعتقالهم أو احتجازهم؛ وثانيها، أن أصحاب البلاغ يثيرون مسألة الطابع اللاإنساني لاحتجازهم بما أن معتقداتهم الدينية هي التي تمنعهم من الوفاء بالالتزامات الواقعة على عاتقهم والمتمثلة في أداء الخدمة العسكرية؛ وثالثها، أن أصحاب البلاغ يشتكون من ظروف الاحتجاز في ذلك السجن (الفقرات 3-3 و3-4 و3-5).

٣- ومع أنني أؤيد رأي اللجنة في الادعائين الأولين من حيث أنه كان يجدر بأصحاب البلاغ تقديم مزيد من الأدلة التي تثبت ادعاءاتهم إثباتاً كاملاً ( ) ، فإنني أرى أنه كان ينبغي النظر في مسألة ظروف الاحتجاز بعناية أكبر، عملاً بما خلصت إليه اللجنة في اجتهاداتها السابقة ( ) .

٤- والواقع أن اللجنة قبِلت، في عدد كبير من آرائها ( ) ، أدلةً لا تختلف كثيراً عما قدم في هذه القضية وتثبت أن السجن الذي احتجز فيه أصحاب البلاغات التي صدرت فيها تلك الآراء يوجد في صحراء تسود فيها أحوال جوية قاسية صيفاً وشتاءً؛ وأنه يتسم بسوء مستوى النظافة الصحية وظروف العيش فيه؛ وأن إمكانية زيارته من قبل منظمات كاللجنة الدولية للصليب الأحمر متعذِّرة؛ وعلى وجه الخصوص، أن المحتجزين فيه عاجزون تماماً عن تقديم أي شكاوى بشأن إساءة معاملتهم خشية من الانتقام.

٥- ففي هذه القضايا، تبرز أربعة عناصر رئيسية، أولها أنه سبق للجنة أن قبلت، لإثبات ظروف الاحتجاز، معلومات عامة من قبيل تقرير قدمته نقابة محامين مستقلة في عام 2010. وثانيها، أن اللجنة أيدت الملاحظات الختامية الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب بشأن التقرير الأولي لتركمانستان، الذي يصف بالتفصيل ظروف الاحتجاز اللاإنسانية في ذلك السجن. وثالثها، أن اللجنة أشارت إلى أنه لا يتعين على أصحاب تلك البلاغات استنفاد سبل الانتصاف المحلية في ضوء خطر تعرضهم للانتقام وعدم توفر سبل فعالة من هذا القبيل. ورابعها أن اللجنة اختارت من تلقاء نفسها، مرات عدة، إثارة مسألة انتهاك أحكام المادة 10 من العهد، في حين أن أصحاب البلاغ لم يحتجوا بها ( ) .

٦- وبناء على ذلك، فمن المنطقي أن يُستَنبط مما خلصت إليه اللجنة في اجتهاداتها السابقة أن ظروف الاحتجاز الموضوعية في ذلك السجن منافية لأحكام العهد. ومع ذلك، تقدم اللجنة، في هذه القضية، شرحاً مقتضباً للأسباب التي جعلتها تتخذ قرار عدم المقبولية، مكتفية بالإشارة إلى أن أصحاب البلاغ لم يقدموا ما يكفي من المعلومات أو الأدلة التي تثبت أنهم تعرضوا شخصياً لمعاملة سيئة أو لظروف سَجن قاسية وأنهم لم يقدموا إلى السلطات أي شكوى بشأن الانتهاكات المزعومة. وترى اللجنة أن المعلومات القليلة التي يتضمنها ملف القضية وعدم تقديم أصحاب البلاغ أو محامييهم شروحاً مفصلة يعنيان ضمناً أن ادعاءات أصحاب البلاغ لم تدعّم بأدلة كافية لأغراض المقبولية رغم أن الدولة الطرف لم تعترض على الادعاءات التي ساقها صاحب البلاغ (الفقرة 6-4).

٧- والمقتطف أعلاه مقتطفٌ عصي على الفهم. فمن جهة، تقر اللجنة بنفسها بأن القانون المحلي لا يوفر أي سبيل انتصاف. وبناءً على ذلك، فمن غير المنطقي أن تولي اللجنة اعتباراً لعدم تقديم أصحاب البلاغ أي شكوى إلى السلطات الوطنية كدليل على عدم إثبات الادعاءات. ولم تدحض الدولة الطرف هذه الادعاءات ولم تقدم أي معلومات عن أي تحسن في سبل الانتصاف المحلية فيها. ومن جهة أخرى، لما كانت اللجنة قد أقرت في القضايا المشار إليها أعلاه أن السجن المذكور يوجد في منطقة تسود فيها أحوال جوية قاسية ويتسم بسوء مستوى النظافة الصحية فيه، وهو ما لم تدحضه الدولة الطرف، فإن من الغريب أن تطلب اللجنة من أصحاب البلاغ إثبات أنهم وقعوا ”شخصياً “ ضحية لتلك الأحوال الجوية القاسية والظروف القذرة المفروضة على جميع الأشخاص المحتجزين في ذلك السجن. فكون أصحاب البلاغ، في هذه القضية، لم يصابوا بالسل هو أمر لا صلة له بالموضوع من حيث أن اللجنة أولت الأهمية، في قرارتها السابقة، للأحوال الجوية القاسية الناجمة عن الحر القائظ صيفاً والبرد القارس شتاءً، فضلاً عن عدم الفصل بين المحتجزين الأصحاء والمحتجزين المصابين بأمراض ( ) .

٨- ولهذه الأسباب مجتمعة، كان ينبغي للجنة ألا تكتفي بإعلان الادعاء الذي ساقه أصحاب البلاغ في إطار المادة 7 من العهد مقبولاً، بل أن تخلص أيضاً إلى أن ظروف احتجازهم تشكل انتهاكاً لأحكام العهد.