الأمم المتحدة

CCPR/C/125/D/2657/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

8 August 2019

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2657/2015 * ** ***

بلاغ مقدم من: غوركا - خ وسيبا لوبيانيز منتيغي (تمثله المحامية لوريا بلباو)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ: 23 حزيران/يوني ه 2015 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 21 آذار/مارس 2019

الموضوع: تعذيب عضو في منظمة مسلحة خلال فترة احتجازه مع منع الاتصال

المسألة الإجرائية: المسألة قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التسوية الدولية

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال

مواد العهد: 2 ( 3 ) و 7 و 10 ( 1 )

مواد البروتوكول الاختياري: 5 ( 2 )(أ)

1- صاحب البلاغ هو غوركا - خ وسيبا لوبيانيز منتيغي ، وهو مواطن إسباني من مواليد 19 آذار/مارس 1980 ، وعضو في المنظمة المسلحة يوزكادي تا أسكاتاسونا ( إيتا ) (ETA). ويدَّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 7 و 10 ( 1 ) من العهد. و بالإضافة إلى ذلك، يشير البلاغ إلى وقوع انتهاك للمادة 2 ( 3 ) من العهد. وتُمثّل صاحب البلاغ محامية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف في 25 نيسان/أبريل 1985 .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

اعتقال صاحب البلاغ وتعذيبه

2 - 1 في 6 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، وفي حوالي الساعة 6.30 مساءً، قام ضباط في الحرس المدني بتوقيف صاحب البلاغ بينما كان يسير في محيط بلدية بيريز الواقعة في مقاطعة بيسكايا في إقليم الباسك. وطلب منه الضباط أن يبرز أوراقه. ولدى تفتيش حقيبته المعلقة على حزامه، لاحظ الضباط أنه يحمل مسدساً. طرحوه أرضاً، وأنزلوا سرواله، وكبّلوا يديه، وبدأوا ركله. ثم اقتيد في مركبة دورية إلى مركز الحرس المدني في دائرة لا سالفي في بلباو. وطوال الرحلة، ظل الضباط يضغطون وجهه على النافذة ووضعوا سلاحاً على صدغه ومنعوه من فتح عينيه.

2 - 2 وبمجرد وصوله إلى مركز الحرس المدني في قضاء لا سالفي، قام أربعة أشخاص بتغطية رأسه واستجوابه في محاولة منهم لحمله على "البوح بأسماء". وتعرَّض صاحب البلاغ للضرب، في خصيتيه على وجه ال خصوص ، واحتُجز تحت تهديد السلاح. واقتيد بعد ذلك إلى غرفة أخرى حيث أخبره الضباط بأنه سيبقى قيد الاحتجاز مع منع الاتصال.

2 - 3 وبعد ثلاث ساعات، اقتيد صاحب البلاغ إلى المديرية العامة للحرس المدني في مدريد. وطوال الرحلة التي استمرت قرابة أربع ساعات، كان يتعرض للضرب من قبل أحد الضباط في حين أن ضابطاً آخر ألبسه كيساً بلاستيكياً في رأسه وأغلقه بإحكام بيديه حول عنقه، مما أدى إلى شعوره بالاختناق. وفي مرحلة ما، توقفت المركبة بطلب من أحد الضباط الذي قال إنه كان يحتفل بعيد الدستور، وقد أفرط في الشرب وهو بحاجة إلى التبوّل. وأضاف الضابط أن أحداً لا يعرف أن صاحب البلاغ رهن الاعتقال، وأن بإمكانه أن يطلق النار عليه، وأن "كل ما يقومون به هو تعذيب الأشخاص واستجوابهم".

2 - 4 وأمضى صاحب البلاغ خمسة أيام في المديرية العامة للحرس المدني في مدريد (من 6 إلى 11 كانون الأول/ديسمبر) قبل مثوله أمام المحكمة الوطنية العليا. وخلال الأيام الخمسة تلك، ظل عارياً ومعصوب العينين. وواصل ضباط الحرس المدني استجوابه - دون حضور محام - وتناوبوا على استجوابه في مجموعات من أربعة أشخاص. وقد تعرض للحرمان من النوم، وأُرغم على تنفيذ آلاف تمارين الضغط يومياً، وتعرض للخنق عدة مرات بإلباسه كيساً بلاستيكياً في رأسه وقد ملأه الضباط بدخان التبغ. ووُخز أيضاً ثلاث مرات في الجزء العلوي من عموده الفقري، مما تسبب له في ألم شديد على طول العمود الفقري. وغُطي جسمه ببطانية قبل ضربه وغمر رأسه بالماء المثلج. وقُيّد بينما كان الضباط يسكبون الماء في فمه وأنفه. كما بللوا جسده بالماء المثلج. وأُولج عصا في شرجه، ووُجهت إليه وإلى أقاربه تهديدات بالقتل.

2 - 5 وخلال الأيام الخمسة التي كان فيها قيد الاحتجاز لدى الشرطة في المديرية العامة، كانت تزوره يومياً طبيبة شرعية ( ) . ولم يكن الضباط يتيحون له ارتداء الملابس ويزيلون العصابة عن عينيه إلا لغرض هذه الزيارات. ولم يحدِّث صاحب البلاغ الطبيبة عن المعاملة التي يتعرض لها خشية تعرضه لأعمال انتقامية.

2 - 6 وفضلاً عن ذلك، أُرغم صاحب البلاغ، على مدار الأيام الخمسة التي كان فيها قيد الاحتجاز لدى الشرطة، على الإدلاء بثلاث إفادات كان الحرس المدني قد أعدها له سلفاً. وكلما كان ينسى أي جزء من الإفادة، كان الشخص الذي يأخذ أقواله يذكره بها. وأبلغ الضباطُ صاحبَ البلاغ بأنه سيحظى بمساعدة محام يُعيَّن له ولكن لن يكون بوسعه التحدث إليه. ولا يعلم صاحب البلاغ ما إذا كان المحامي قد حضر حين أدلى بالإفادات الثلاث أمام الحرس المدني.

2 - 7 وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، في اليوم الأخير لاحتجازه في المديرية العامة، قام شخص لم يسبق له أن شارك في جلسات الاستجواب بإثخانه ضرباً في وجهه، فجُرح في فمه. وقام الشخص نفسه بربط قضيب صاحب البلاغ وخصيتيه بحبل، وظل يسحبه حتى بدأ قضيبه ينزف.

2 - 8 وفي اليوم نفسه، مَثَلَ صاحب البلاغ أمام المحكمة الوطنية العليا بعد أن أعطاه الضباط أدوية لعلاج فقدان الصوت وأوعزوا إليه بأن يدلي مجدداً إلى القاضي بالإفادات نفسها التي أدلى بها إلى الحرس المدني. ونظراً إلى كونه بعيداً عن قبضة الحرس المدني، وبمجرد أن أصبح في الزنزانة التابعة للمحكمة الوطنية العليا، أقدم صاحب البلاغ على إبلاغ القاضي والطبيبة الشرعية بالتعذيب الذي تعرض له خلال الأيام الخمسة لاحتجازه مع منع الاتصال لدى الشرطة في المديرية العامة للحرس المدني. وسجلت الطبيبة الشرعية إفاداته في تقريرها الذي أشارت فيه إلى وجود كدمة بحجم 3 ملم في الجزء العلوي من القضيب، وتقرحات طفيفة في شفته العليا من الداخل، وفقدان صوته.

2 - 9 واقتيد صاحب البلاغ في اليوم نفسه إلى سجن سوتو ديل ريال في مدريد. ولم يشر تقرير دخوله إلى الجروح التي لاحظتها الطبيبة الشرعية قبل ساعات قليلة. وظل صاحب البلاغ قيد الاحتجاز مع منع الاتصال حتى 14 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، أي ما مجموعه ثمانية أيام ابتداءً من تاريخ اعتقاله (خمسة أيام قيد الاحتجاز في مركز الحرس المدني وثلاثة أيام في السجن).

الدعاوى الجنائية التي رفعها صاحب البلاغ فيما يتعلق بتعذيبه

2 - 10 في 21 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، قدم والد صاحب البلاغ، بعد زيارة ابنه في السجن، شكوى أمام محكمة التحقيق رقم 2 في بلباو بشأن التعذيب الذي تعرض له صاحب البلاغ في المديرية العامة للحرس المدني في الفترة الممتدة من 6 إلى 11 كانون الأول/ ديسمبر 2007 . غير أنه لم يتلقَ أي رد من المحكمة.

2 - 11 وفي 17 آذار/مارس 2008 ، تقدم محامو صاحب البلاغ الذين وكلهم على نفقته الخاصة بشكوى أخرى أمام محكمة بلباو المختصة استناداً إلى بيان خطي صادر عن صاحب البلاغ مؤرخ 14 كانون الثاني/يناير 2008 أبلغ فيه بأعمال التعذيب التي تعرض لها خلال فترة احتجازه. وطلب صاحب البلاغ، في شكواه، أن تُتبع الخطوات التالية: الأخذ بإفادته بوصفه مدَّعياً؛ وتضمين جميع التقارير الطبية في الملف وأخذ إفادات الشهود من الأطباء الذين أجروا له الفحوصات؛ وتحديد هوية الضباط في الحرس المدني الذين كانوا على اتصال مع صاحب البلاغ واستجوابهم؛ وإدراج الإفادة التي أدلى بها أمام المحكمة الوطنية العليا في الملف؛ وإجراء تقييم بدني ونفسي. وفي 29 آذار/مارس 2008 ، نقلت محكمة التحقيق رقم 2 في بلباو الولاية القضائية إلى محاكم دورانغو (وهي مدينة في مقاطعة بيزكايا ). وفي 15 نيسان/أبريل 2008 ، شرعت محكمة التحقيق رقم 2 في دورانغو في اتخاذ الإجراءات القضائية الأولية فيما يتعلق بجريمة التهديد، وطلبت ترجمة شكوى صاحب البلاغ المكتوبة بلغة الباسك. وفي 29 أيار/ مايو 2008 ، قدمت دوائر الترجمة التحريرية ترجمة الشكوى. وفي 10 حزيران/ يونيه 2008 ، رفضت محكمة التحقيق رقم 2 في دورانغو طلب محكمة بلباو وأعادت القضية إلى محكمة التحقيق رقم 2 في بلباو، التي وافقت على عقد جلسة الاستماع إلى القضية في 20 آ ب/ أغسطس 2008 .

2 - 12 وفي 12 أيلول/سبتمبر 2008 ، تلقت محكمة التحقيق رقم 2 في بلباو نسخاً من ستة تقارير طبية ( ) . وفي 25 أيلول/سبتمبر، طلبت محكمة التحقيق من سلطات السجن تزويدها بمعلومات تتعلق بمكان وجود صاحب البلاغ حتى يتسنى لها أن تأخذ أقواله. وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 2008 ، أكد صاحب البلاغ صحة الشكوى التي تقدم بها في 14 كانون الثاني/يناير 2008 ؛ وقام بذلك دون مساعدة محاميته التي لم يجرِ إخطارها بالإجراءات التي أمرت بها المحكمة على الرغم من أن صاحب البلاغ لم يعد محتجزاً مع منع الاتصال.

  2 - 13 وفي 19 كانون الثاني/يناير 2009 ، أصدرت محكمة التحقيق رقم 2 في بلباو قراراً بوقف الإجراءات لأن تقرير الفحص الطبي الذي أُعد عند دخول صاحب البلاغ السجن لم يُشر سوى إلى الجروح التي أشار إليها صاحب البلاغ، دون التنويه إلى أي آثار جسدية من شأنها أن تثبت صحة ادعاءاته. وفي غياب هذه المعلومات الأساسية، رأت المحكمة أن الشكوى التي تقدم بها صاحب البلاغ ليست مدعمة بالأدلة.

2 - 14 وفي 9 شباط/فبراير 2009 ، قدم صاحب البلاغ طلباً بإعادة النظر في هذا القرار مع طعن فرعي في وقف الإجراءات، مشيراً إلى أن القرار المطعون فيه يتعارض مع التقييم الوارد في تقرير الطب الشرعي الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، الذي أشار بالفعل إلى وجود أدلة على الجروح. وادعى صاحب البلاغ أن المحكمة العليا أقرت، فيما يتعلق بجرائم معينة وفي ظل ظروف معينة، بأن شهادة الضحية تكتسب قيمة خاصة بحكم كونها المصدر المحتمل الوحيد للشهادة. وذلك يعني، على حد قوله، أن التحقيق يجب أن يكتمل، وتحقيقاً لهذا الغرض، ينبغي اتخاذ جميع الخطوات التي يمكن أن تساعد في إثبات وقائع الدعوى. ويرى صاحب البلاغ أن رفض المحكمة اعتماد التدابير المطلوبة في شكواه يشكل انتهاكاً خطيراً للحق في محاكمة يتعيَّن أن تُطبَّق فيها جميع الضمانات وتُقدَّم فيها جميع الأدلة ذات الصلة.

2 - 15 وفي 17 شباط/فبراير 2009 ، رفضت المحكمة طلب إعادة النظر ولكنها قبلت طلب الطعن. وفي 20 آذار/مارس 2009 ، قبلت المحكمة العليا في بيزكايا الطعن بدعوى أن وقف الإجراءات كان غير مبرر بسبب عدم اتخاذ الخطوات الأساسية اللازمة للتوصل إلى قرار مسبب. وفضلاً عن ذلك، أشارت المحكمة العليا إلى أن التعذيب يمكن أن يحدث دون أن يترك بالضرورة أي أثر جسدي، وأنه عندما يتعلق الأمر ببعض الجرائم، نظراً إلى سياق العزل والاحتجاز مع منع الاتصال الذي غالباً ما تُرتكب فيه، يستحيل الحصول على أكثر مما ترويه الضحية، ومن ثم فمن الصعوبة بمكان تحديد ما حدث بالفعل. وتبعاً لذلك، أمرت المحكمة العليا بالشروع في إجراء تحقيق شامل.

2 - 16 وفي 11 أيار/مايو 2009 ، أمرت محكمة التحقيق رقم 2 في بلباو بالكشف عن هوية الأطباء الشرعيين الذين عاينوا صاحب البلاغ والمحامي المعيَّن الذي ساعده عند الإدلاء بإفاداته في المديرية العامة للحرس المدني وأمام المحكمة الوطنية العليا. وفي 19 أيار/مايو 2009 ، طلبت محامية صاحب البلاغ السماح لها بحضور جلسات الاستماع. غير أنه في 2 كانون الأول/ ديسمبر 2009 و 16 حزيران/ يونيه 2010 ، قام المحامي المعيَّن ( ) والطبيبة الشرعية التي عاينت صاحب البلاغ في مركز الحرس المدني ( ) بالإدلاء بإفادات في غياب محامية صاحب البلاغ، التي لم يجرِ إخطارها. وضُمت لاحقاً إلى الملف الإفادات التي أدلى بها صاحب البلاغ أمام المحكمة الوطنية العليا في 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 . وفي 22 كانون الأول/ ديسمبر 2010 ، أُخذت إفادات من خمسة ضباط من الحرس المدني وُجهت إليهم تهم، بحضور محامية صاحب البلاغ ( ) . وفي 31 كانون الثاني/يناير 2011 ، أُخذت مرة أخرى إفادة المحامي المعيَّن، دون إخطار محامية صاحب البلاغ ( ) . وفي 18 نيسان/أبريل 2011 ، وبناءً على طلب القاضي، أصدر طبيب في معهد الطب الشرعي في إقليم الباسك تقريراً ورد فيه مجدداً ما سبق أن ورد في التقرير المؤرخ 31 آذار/مارس 2010 . ويشير هذان التقريران إلى أن الجروح على جسم صاحب البلاغ كانت متسقة مع روايته ( ) .

2 - 17 وفي 10 حزيران/ يونيه 2011 ، قررت محكمة التحقيق رقم 2 في بلباو مجدداً وقف الإجراءات بدعوى أن التحقيق لم يكشف عن أي دليل على ارتكاب الأفعال المزعومة الواردة في الشكوى.

2 - 18 وفي 6 تموز/ يوليه 2011 ، قدم صاحب البلاغ طلباً آخر بإعادة النظر في هذا القرار مع طعن فرعي في وقف الإجراءات، مدعياً أن المادة 173 وما بعدها من قانون العقوبات، والمادة 3 (حظر التعذيب وسوء المعاملة) من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، والمادة 15 من الدستور (الحق في السلامة البدنية والنفسية) قد انتُهكت، وكذلك الحق في الانتصاف القضائي الفعال، والحق في محاكمة عادلة. (أُشيرَ إلى غياب محاميته في أثناء الاستماع إلى الشهود، والتناقضات الواردة في إفادات الأطراف المتهمة) ( ) .

2 - 19 وفي 4 تشرين الأول/أكتوبر 2011 ، رفضت المحكمة طلب إعادة النظر في هذا القرار ولكنها قبلت الطعن. وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2011 ، رفضت المحكمة العليا في بيزكايا الطعن، مشيرة إلى أن صاحب البلاغ لم يثر أي اعتراض إجرائي فيما يتعلق بجمع الأدلة في أثناء مرحلة التحقيق وأن عدم كفاية الأدلة لا تسمح بمواصلة التحقيق ( ) .

2 - 20 وفي 13 آذار/مارس 2012 ، قدم صاحب البلاغ طلباً أمام المحكمة الدستورية بالحصول على الحماية الدستورية وذلك لانتهاك حقوقه في السلامة البدنية والنفسية وفي سبيل انتصاف قضائي فعال. وفي 11 أيلول/سبتمبر 2013 ، رفضت المحكمة الدستورية طلب الحماية الدستورية بدعوى عدم ثبوت "الأهمية الدستورية الخاصة" لهذا الطلب.

2 - 21 وفي 10 آذار/مارس 2014 ، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ادعى فيه أن المادة 3 (حظر التعذيب) والمادة 6 ( 1 ) (الحق في محاكمة عادلة) والمادة 13 (الحق في الانتصاف الفعال) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان قد انتُهكت بسبب عدم نظر المحكمة الدستورية في الأسس الموضوعية لقضيته.

2 - 22 وفي رسالة مؤرخة 18 أيلول/سبتمبر 2014 ، أُبلغ صاحب البلاغ بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، المنعقدة في هيئة مؤلفة من قاضٍ واحد، رفضت طلبه بدعوى عدم استيفاء شروط المقبولية ( ) .

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة وأنه لم يُنظر في قضيته في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، لأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تنظر في الأسس الموضوعية لطلبه.

3 - 2 ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه التي تكفلها المادتان 7 و 10 ( 1 ) من العهد لأنه تعرض للتعذيب بدءاً من لحظة اعتقاله وطوال الأيام الخمسة الأولى من احتجازه مع منع الاتصال من قبل الحرس المدني.

3 - 3 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن حقه في الحصول على سبيل انتصاف فعال قد انتُهك بسبب عدم تقديم إخطار لمحاميته، الأمر الذي منعها من حضور عدد من الإجراءات المتعلقة بالتحقيق في أعمال التعذيب التي تعرض لها ( ) ؛ وعدم وجود تحليل سليم في التقارير الطبية (فضلاً عن كون التقارير الطبية لا تفي بأبسط المعايير الواردة في دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول ا سطنبول))؛ والتناقضات الواردة في إفادات الأطراف المتهمة.

3 - 4 ويطلب صاحب البلاغ إلى الدولة الطرف أن تمنحه تعويضاً يتناسب مع التعذيب الذي تعرض له خلال الأيام الخمسة التي احتجز فيها مع منع الاتصال لدى الشرطة وأن يُعلَن نظام الاحتجاز مع منع الاتصال هذا المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية غير متوافق مع المادة 10(1) من العهد لأنه يشكل عقبة أمام اجتثاث التعذيب.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 قدّمت الدولة الطرف، في 21 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ، وطلبت إلى اللجنة أن تعتبر القضية غير مقبولة بدعوى أنه سبق أن نُظر فيها في إطار إجراء دولي آخر من جانب قاضٍ بمساعدة مقرر وتقرَّر أنها غير مقبولة.

4 - 2 وتشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تحدد السبب الفعلي لحكمها بعدم المقبولية، ولكنها تؤكد أن قراءة المادة 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تُبيّن أن المحكمة قد نظرت بالفعل في الأسس الموضوعية للقضية. وتستبعد الدولة الطرف احتمال أن يرجع عدم قبول القضية إلى كونها مجهولة المصدر أو مماثلة لغيرها في جوهرها، قبل أن تخلص إلى أنه لا يمكن رفضها إلا بموجب المادة 35 ( 3 ) (أ) من الاتفاقية الأوروبية، التي تنص على أن الشكوى لا تُعد مقبولة إذا تعارضت مع أحكام الاتفاقية أو البروتوكولات الملحقة بها، أو قامت على أسس غير سليمة بوضوح، أو انتهكت الحق في إقامة دعاوى فردية. وتؤكد الدولة الطرف أن قرار عدم المقبولية شمل النظر في الأسس الموضوعية للقضية، وتطلب إلى اللجنة الاتصال بالمحكمة الأوروبية للحصول على مزيد من المعلومات في هذا الصدد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 في 25 كانون الثاني/يناير 2016 ، أبدى صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ. ويشير صاحب البلاغ إلى الاجتهاد القضائي للجنة ( ) الذي يفيد بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا تعتبر أن القضية قد نُظر فيها إذا تقرر أنها غير مقبولة لأسباب تتعلق بالشكل. ويشير صاحب البلاغ كذلك إلى أنه، في مثل هذه الحالات، ترى اللجنة أن الاستدلال المحدود الوارد في رسالة المحكمة لا يتيح للّجنة الافتراض بأن النظر في البلاغ يشمل استعراضاً كافياً للأسس الموضوعية، وبناءً عليه، ليس هناك أي عائق من شأنه أن يحول دون نظر اللجنة في البلاغ بموجب المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري.

5 - 2 ويُحاجّ صاحب البلاغ بقوله بما أن المحكمة الأوروبية خلصت إلى أن طلبه غير مقبول لعدم استيفائه شروط المقبولية، التي تشير إلى المسائل الشكلية لا إلى الأسس الموضوعية، فإن طلبه لا يكون قد نظرت فيه أي هيئة دولية أخرى وينبغي أن تقرر اللجنة قبوله.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6 - 1 في 22 نيسان/أبريل 2016 ، أبدت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية الخاصة بالبلاغ، وأشارت فيها إلى أن صاحب البلاغ قد اعتُقل بتهمة الانتماء إلى منظمة إيتا (ETA) الإرهابية وأنه كان محتجزاً لدى الحرس المدني - تحت إشراف دائرة التحقيق المركزية رقم 2 التابعة للمحكمة الوطنية العليا - حتى مثوله أمام القاضي في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2007 . ووفقاً لما ذكرته الدولة الطرف، فإن صاحب البلاغ احتُجز مع منع الاتصال بأمر من القاضي، الذي كان يعتقد أن هذا التدبير متناسب وضروري وملائم نظراً إلى الدلائل التي تشير إلى ضلوع صاحب البلاغ في جرائم متصلة بالإرهاب. وأدين صاحب البلاغ في وقت لاحق بموجب القرار رقم 35/2009 الصادر عن الشعبة الأولى للدائرة الجنائية التابعة للمحكمة الوطنية العليا ( ) .

6 - 2 وفيما يتعلق بالظروف العامة لاحتجاز صاحب البلاغ، تؤكد الدولة الطرف أنه عومل معاملة ملائمة في أثناء وجوده في مركز الحرس المدني، واتُبعت الإجراءات القانونية ذات الصلة عند أخذ أقواله، بما في ذلك ما يتعلق منها بتسجيل بداية أوقات المقابلات ونهايتها، وأسماء الضباط المعنيين، وأسماء المحققين والكتاب الحاضرين في كل خطوة من خطوات تحقيقات الشرطة، ومن ثم الوفاء بالمتطلبات ومراعاة القواعد التي تحكم سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون في حالات الاحتجاز.

6 - 3 وفيما يتعلق بسوء المعاملة المزعوم، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، بينما كان قيد الاحتجاز لدى الشرطة، كان يحظى يومياً بزيارة طبيبة شرعية منتدبة لدائرة التحقيق التابعة للمحكمة الوطنية العليا ( ) ، والوثائق المقابلة مدرجة في ملف الشرطة رقم G9481912111-07-00021بالصيغة التي قُدمت بها إلى دائرة التحقيق المركزية رقم 2 التابعة للمحكمة الوطنية العليا. وتذكر الدولة الطرف تحديداً أن الفحوصات الطبية لم تكشف عن أي علامات جديرة بالملاحظة (باستثناء خدش طفيف في الجانب الأيمن من البطن) وأن صاحب البلاغ لم يُبلّغ الطبيبة الشرعية بأي إساءة معاملة تعرض لها، قبل مثوله أمام القاضي في 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 .

6 - 4 وتعترف الدولة الطرف بأن الطبيبة الشرعية لاحظت، في الفحص الذي أجرته لصاحب البلاغ في 11 كانون الأول/ديسمبر، وجود كدمة بحجم 3 ملم على الجزء العلوي من قضيبه، وكذلك تقرحات طفيفة في شفته العليا من الداخل، ولكن لم يكن لديه أي علامات تدل على ضربه على الرأس أو الصدر أو البطن أو الساقين. وتؤكد الدولة الطرف أن شرج صاحب البلاغ كان طبيعياً وكذلك خصيتيه ولا تظهر عليها أي آثار للعنف، ولا توجد لديه أي علامات تدل على الاختناق. وتضيف الدولة الطرف أنه، وفقاً للتقرير الطبي الذي أُعد في السجن في 13 كانون الأول/ديسمبر، لم تلاحَظ لدى وصوله أي جروح أو علامات اضطرابات نفسية أو جسدية حادة جديرة بالإشارة وأن حالته العامة كانت جيدة ولم تكن تتطلب أي علاج خاص.

6 - 5 وتشير الدولة الطرف إلى أن الطبيبة التي اختارها صاحب البلاغ لاحظت أن القروح الطفيفة على شفته العليا من الداخل قد تكون ناجمة، في جملة أمور، عن قضم شفته عن طريق الخطأ أو إصابتها بفرشاة أسنان أو تناول طعام ساخن، وأن الكدمة بحجم 3 ملم على قضيبه يمكن أن تكون ناتجة عن حبل رُبط حوله.

6 - 6 أما بالنسبة إلى سبل الانتصاف المحلية التي التمسها صاحب البلاغ فيما يتعلق بإساءة المعاملة المزعومة، فإن الدولة الطرف تشير إلى أن الدعاوى القضائية رُفعت بغية إلقاء الضوء على وقائع القضية وأنه، رداً على شطب الدعوى من السجل في المرة الأولى من قبل محكمة التحقيق، أمرت المحكمة العليا بمواصلة التحقيقات. ثم أجري تحقيق شامل. وشمل هذا التحقيق تأكيد صاحب الشكوى لروايته الأصلية وتسجيل البيانات المقدمة من الطبيبة الشرعية، والمحامي المعيَّن الذي كان حاضراً مع صاحب البلاغ خلال فترة احتجازه مع منع الاتصال، وضباط الحرس المدني الذين شاركوا في اعتقاله واستجوابه خلال فترة احتجازه مع منع الاتصال، والطبيبة التي اختارها صاحب البلاغ والتي أعدت تقريراً بالاستناد إلى التقارير والإفادات المتاحة. ولدى استعراض الأدلة الوارد وصفها أعلاه، تشير الدولة الطرف إلى حقيقة أن المحامي المعيَّن لم يلحظ أي علامات تدل على سوء المعاملة، ولهذا السبب وبمجرد أن استُكمل تجميع الأدلة كافة، شطبت محكمة التحقيق الدعوى من السجل لعدم دعم الإفادة بالأدلة، وهو قرار حظي فيما بعدُ بتأييد المحكمة العليا.

6 - 7 وتخلص الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ يورد وصفاً لممارسات عنيفة لا تتمتع، في أقل تقدير، بالمصداقية، نظراً إلى أن العلامات التي أوردت وصفها الطبيبة الشرعية لا تشير بأي شكل من الأشكال إلى جلسات سوء المعاملة المتكررة التي يدعي صاحب الشكوى أنه تعرض لها. وترى الدولة الطرف أنه من المعروف جيداً أن جماعة إيتا (ETA) الإرهابية اعتمدت استراتيجية تقضي بأن يدعي أعضاء الجماعة الذين يحتجزون، بصورة منهجية، أنهم تعرضوا لسوء المعاملة في مرافق الشرطة. وتستشهد الدولة الطرف بالقرار رقم 1136/2011 الصادر عن الدائرة الجنائية التابعة للمحكمة العليا في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 لتؤكد وجود استراتيجية يُجبر على تطبيقها جميع ناشطي جماعة إيتا (ETA) ، حيث يزعم أعضاؤها بصورة منهجية أنهم تعرضوا للتعذيب، وهي استراتيجية سياسية وعسكرية وإجرائية، على أمل إنكار أدلة معينة.

6 - 8 وفيما يتعلق بظروف الاحتجاز وسوء المعاملة المزعوم وسبل الانتصاف المحلية التي التمسها صاحب البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة خلصت إلى أن المسألة تندرج ضمن نطاق المادة 7 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) ، وليس المادة 10 ( 1 ) ، وأنه للإقرار بانتهاك المادة 7 يلزم أن تتسم رواية صاحب البلاغ بالمصداقية والاتساق. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أنه، وفقا ً لما ذكرته اللجنة، عندما يصدر تقرير طبي دون أن يكون الطبيب المعني قد عاين صاحب البلاغ، فإن التقرير "[لا يكون] كافياً لدحض التقارير الطبية التي تقوم على أساس المعرفة المباشرة [ لصاحب ] البلاغ [ومعالجته]" ( ) .

6 - 9 وتخلص الدولة الطرف إلى أن الأحداث المزعومة قد تشكل انتهاكاً للمادة 7 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد. وتشير إلى أن تحقيقاً فورياً وشاملاً ونزيهاً قد فُتح في الأحداث (مشيرة إلى أنه في اليوم نفسه، أي 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، أمر القاضي على الفور بإعداد تقرير جديد للطب الشرعي) وأن وصف الأحداث الذي أورده صاحب البلاغ ليس متسقاً على الإطلاق وهو أقرب ما يكون إلى قائمة بجميع أعمال التعذيب المحتملة التي يمكن أن يتعرض لها شخص محتجز مع منع الاتصال. وترى الدولة الطرف أن البلاغ مفرط في بيان التفاصيل (نمطي) ومتناقض، إذ إنه ينص على أن صاحب البلاغ كان مغطى الرأس أو معصوب العينين في معظم الأوقات، ومع ذلك فهو يورد وصفاً شاملاً للأساليب والأدوات التي يزعم أنها استخدمت، مما يبدو مستحيلاً لو لم يكن قادراً على الرؤية. وتضيف الدولة الطرف أن التقرير الطبي الخاص الذي قدمه صاحب البلاغ لا يرقى للمعيار الذي فرضته اللجنة لدحض التقارير الطبية الشرعية المستندة إلى خضوع صاحب البلاغ لفحص فعلي ( ) .

6 - 10 والدولة الطرف، إذ تأخذ في الاعتبار أن الاحتجاز مع منع الاتصال يُنفذ دائماً تحت رقابة قضائية، وأن المحتجزين مع منع الاتصال يحظون يومياً بزيارة طبيب، وأن شكوى صاحب البلاغ هي ممارسة معتادة لأعضاء جماعة إيتا (ETA) الإرهابية، تحتج بأنه ليس ثمة ما يشير إلى أي انتهاك للعهد.

6 - 11 وفيما يتعلق بالاحتجاز مع منع الاتصال، تشير الدولة الطرف إلى أن قانون الإجراءات الجنائية ينص على احتجاز الأشخاص لدى الشرطة إلى أن يمثلوا أمام القاضي. ومع ذلك، فقد ثبت أن أخطر عصابات الجريمة المنظمة والمنظمات الإرهابية دأبت على أن تأمر أعضاءها الذين اعتُقلوا في الآونة الأخيرة بالاستفادة من أي اتصال مباشر مع أشخاص آخرين (أقارب أو غيرهم من الأشخاص الموثوق بهم، أو أطباء أو محامين من اختيارهم) في أثناء وجودهم في الاحتجاز، لإيصال المعلومات وتلقي الأوامر. وهكذا، جاء الرد على إساءة استخدام الحقوق الإجرائية بالنص على الاحتجاز مع منع الاتصال بموجب المواد 509 و 510 و 520 مكرراً و 527 من قانون الإجراءات الجنائية، رهناً بستة شروط رئيسية. أولاً، يتطلب تطبيق الاحتجاز مع منع الاتصال الحصول على إذن قضائي مسبق. وثانياً، لا يمكن تطبيقه إلا في حالة التعرض لاحتمال تغيير الأدلة على ارتكاب أفعال غير مشروعة أو احتمال ارتكاب المزيد من الأعمال غير المشروعة أو التحريض عليها. وثالثاً، لا يطبق إلا على الأشخاص الذين يعتقلون للاشتباه في ارتكابهم جرائم ترتكبها عصابات الجريمة المنظمة أو المنظمات الإرهابية أو المتمردة. ورابعاً، يخضع لفترة أقصاها 72 ساعة، يمكن تمديدها إلى 48 ساعة إضافية (أي ما مجموعه 5 أيام). ويجب أن يُطلب من القاضي إعطاء إذن بالتمديد في غضون الساعات ال ‍ 48 الأولى، وإن مُنح الإذن، فيجب أن يكون مدعماً بقرار مسبب في غضون الساعات ال ‍ 24 التالية. وخامساً، بما أن الاحتجاز مع منع الاتصال يشكل استثناء من القاعدة العامة، فيجب أن يكون متناسباً مع "الغايات المنشودة" في كل حالة. وأخيراً، تختلف الضمانات الإجرائية التي تنطبق على الأشخاص المحتجزين مع منع الاتصال عن نظام الاحتجاز العادي: فالمحامي تُعيّنه نقابة المحامين بدلاً من أن يختاره المحتجز؛ والمحامي المعيَّن لا يمكنه مقابلة المحتجز على انفراد ( ) ؛ وليس للمحتجز الحق في إبلاغ أحد أقربائه أو أي شخص من اختياره باعتقاله وبمكان احتجازه. وفي هذا الصدد، تؤكد الدولة الطرف أن الاحتجاز لا يكون مع منع الاتصال إلا بالنسبة إلى أقارب المحتجز أو أصدقائه، لأن هذا النوع من الاحتجاز يخضع لرقابة قضائية متواصلة.

6 - 12 وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أنه توجد ضمانات إضافية نافذة فيما يتعلق بالفحص الطبي تتمثل في أن للمحتجزين الحق في الخضوع لفحص من قبل طبيب شرعي ثان، يكون، على النحو الذي تعترف به المحاكم، طبيباً أهلاً لثقتهم، شريطة أن يجري الفحص بالتزامن مع الفحص الذي يجريه الطبيب الأول.

6 - 13 وأخيراً، تؤكد الدولة الطرف أنه، عقب هذه القضية، عُدلت الأحكام المتعلقة بالاحتجاز مع منع الاتصال بموجب القانون الأساسي رقم 13/2015 الصادر في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2015 ( ) . وهكذا، لا يمكن تطبيق الاحتجاز مع منع الاتصال على القُصر دون سن 16 سنة. ويجب أن تأذن به السلطة القضائية بناءً على قرار مسبب. ولا يمكن إعطاء الإذن بذلك إلا في ظرفين استثنائيين (بدلاً من الظروف الأربعة الواردة آنفاً: الحاجة الطارئة لمنع العواقب الوخيمة التي قد تُعرض حياة شخص أو حريته أو سلامته الجسدية للخطر، والحاجة الطارئة إلى تصرف قضاة التحقيق على الفور لتفادي التهديد الخطير للعملية الجنائية). والحصول على إذن قضائي بالاحتجاز مع منع الاتصال لا يؤدي تلقائياً إلى تقييد حقوق المحتجز في الاتصال؛ بل إن المادة 527 بصيغتها المعدلة تنص على أنه يجوز للقاضي، بصفة استثنائية، أن يحرم المحتجز من بعض هذه الحقوق إذا ما اقتضت ظروف القضية ذلك. وأخيراً، فإن التقييدات المحتملة لحقوق شخص ما طفيفة بطبيعتها، إذ إنها تؤثر فقط على الحق في تعيين محام من اختيار الشخص، والحق في الاتصال بالأشخاص الذين يحق للمحتجز أن يتكلم معهم في الظروف العادية (باستثناء السلطات القضائية، ودائرة النيابة العامة، والطبيب الشرعي)، والحق في التحدث مع محام على انفراد، والحق في الاطلاع على الوثائق المتعلقة بالقضية (باستثناء الوثائق المطلوبة من أجل الطعن في شرعية الاحتجاز).

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن البت في الأسس الموضوعية

7 - 1 في 23 أب/أغسطس 2016 ، أبدى صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية.

7 - 2 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ عومل معاملة ملائمة في فترة احتجازه لدى الشرطة وأنه أدلى بجميع الإفادات وفقاً للشروط القانونية، يؤكد صاحب البلاغ أنه لم يتوفر له الاطلاع على سجل الإفادات أو سجل الاحتجاز (الذي ينبغي أن تسجل فيه جميع التحركات داخل الزنزانات وخارجها وجميع التدابير والإجراءات المتخذة). ويكرر صاحب البلاغ أن الاستجوابات التي يشير إليها هي تلك التي أجريت بصورة غير قانونية دون حضور محام، لا المقابلات التي أشارت إليها الدولة الطرف والتي أُدلي فيها بإفادات واستُدعي لها بالفعل محام معيَّن.

7 - 3 وبالإضافة إلى ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أن واقع توجيه التهم إليه واحتجازه وإدانته لاحقاً لا يمثل عذراً لحقيقة تعرضه للتعذيب على نحو متواصل. ويُذكّر بأن حظر التعذيب هو أمر مطلق وأنه، على النحو المنصوص عليه في ‎‎اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت، سواء كانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب (المادة 2 ( 2 ) ).

7 - 4 وفيما يتعلق بالإجراءات المرتبطة بشكوى التعذيب، يؤكد صاحب البلاغ مجدداً أنها كانت إجمالاً غير كافية وغير مكتملة وسطحية للغاية، وأنه، من ثم، من غير المؤكد ما إذا كانت وقائع القضية قد جرى التحقيق فيها على وجه السرعة وعلى نحو شامل أم لا. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه على الرغم من قيام الدولة الطرف بسرد تواريخ ومواعيد الفحوصات التي أجرتها له الطبيبة الشرعية، فليس هناك من تقرير يشير إلى توقيت بدء الفحوصات والانتهاء منها، في انتهاك لأحكام الأمر الوزاري المؤرخ 16 أيلول/سبتمبر 1997 ( ) . وهكذا، فإن التقارير الطبية التي أعدتها الدكتورة سيرا أماليا بينيا لوبيز لا تفي بالحد الأدنى من المعايير المطلوبة للاحتجاز مع منع الاتصال وهي غير كافية وغير مكتملة تماماً، مما يدل على تجاهل مدى الصعوبة في إثبات ارتكاب أعمال ال تعذيب في أثناء الاحتجاز مع منع الاتصال.

7 - 5 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يخبر الطبيبة الشرعية بأي من ضروب إساءة المعاملة التي تعرض لها وأنه لم يكن يرغب في الخضوع للفحص الطبي قبل مثوله أمام القاضي، يؤكد صاحب البلاغ مجدداً أن ذلك يرجع بالتحديد إلى كونه موجوداً في مرافق الشرطة، وهو على بيّنة تامة من أنه، بعد الفحص الطبي، سيبقي هناك بين أيدي الضباط أنفسهم الذين كانوا يخضعونه للتعذيب. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه، بمجرد مثوله أمام القاضي، قام بسرد ما حدث له.

7 - 6 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأنه كان يُفتقر إلى الأدلة المادية التي من شأنها أن تدعم روايته، يشير صاحب البلاغ إلى أنه لم يُقدَّم أي تبرير لأثر الكدمة الموجودة على قضيبه، أو القروح في شفته العليا من الداخل، أو فقدان صوته. ويشير إلى تقريري الخبراء المؤرخَين 31 آذار/ مارس 2010 و 18 نيسان/أبريل 2011 ، اللذين أعدتهما الدكتورة إيريني لاندا تابويو ، ويشدد على أنهما أُعدا بناءً على طلب قاضي التحقيق، وأنهما من ثم ليسا تقريرين "خاصين" من إعداد طبيب من اختيار المدعي، على النحو الذي أكده ممثل الدولة الطرف ( ) . ويُذكّر صاحب البلاغ بأن التقريرين يُبيّنان أن الأدلة متوافقة مع روايته. ويفيد التقريران بأن الاختناق - الذي يمكن للمرء أن يتعافى منه على وجه السرعة - لا يترك على الجسم عموماً أي علامات خارجية؛ وأن التمرينات التي تتطلب جهداً جسدياً لا تترك أي علامات خارجية مرئية؛ وأن حالات التهديد والإذلال والصراخ لا تترك أي آثار خارجية؛ أما فيما يتعلق بالعنف الجنسي الذي رواه صاحب البلاغ، فإن الجروح قد تكون طفيفة سريرياً أو حتى غائبة؛ وأن ربط القضيب بحبل يمكن أن يتسبب بجرشه. وبالنسبة إلى حقيقة عدم ملاحظة الطبيب أي علامات على جلده عندما أُدخل إلى السجن، فيحتج صاحب البلاغ بأن ذلك يعني إما أن العلامات الجسدية الخارجية يمكن أن تختفي بسرعة أو أن طبيب السجن لم يتوخ العناية الكفاية في إجراء الفحص.

7 - 7 وينفي صاحب البلاغ أن تكون عملية جمع الأدلة شاملة، لأن ممثلته لم تُبلَّغ بها مما لم يُمكّنها من حضور تسجيل إفادات الطبيبة الشرعية أو المحامي المعيَّن أو صاحب البلاغ نفسه، فإن هذه العملية لم تمثل أكثر من تأكيد الشكوى من جانب قاضٍ لا علاقة له بالقضية. وفضلاً عن ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أن ضباط الحرس المدني استدُعوا للإدلاء بشهادتهم بصفتهم مشتبهاً بهم، ولم يكن عليهم، من ثم، التزام بقول الحقيقة. أما لو كانوا قد استدعوا بصفتهم شهوداً، لكان من الممكن الحصول على مزيد من المعلومات والاستماع إلى شهادات جميع المعنيين، وليس فقط المشتبه بهم الخمسة.

7 - 8 وعلاوة على ذلك، يؤكد صاحب البلاغ أن قاضي المحكمة الوطنية العليا، على الرغم من أن عليه التزاماً بالحصول على شهادة - بمجرد إخطاره بوقوع جريمة - وإحالتها إلى المحكمة المختصة لفتح تحقيق فيها، لم يفعل ذلك. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه لم يُعرف ما آلت إليه التحليلات التي أمر بها القاضي أو الشكوى التي قدمها والده.

7 - 9 ويدعي صاحب البلاغ أنه لو كان قد خضع لمعاينة جسدية ونفسية طبقت فيها المبادئ التوجيهية لبروتوكول اسطنبول ، لكان من الممكن إثبات صحة روايته. وعلى حد قوله، "تحجم المحاكم الإسبانية عن الحصول على مثل هذا الدليل".

7 - 10 وفيما يتعلق بوجود الدليل المزعوم الصادر عن جماعة إيتا (ETA) الذي يوعز إلى المناضلين بتقديم شكاوى التعذيب بصورة منتظمة، يفيد صاحب البلاغ بأن هذا الأمر ليس أكثر من مجرد كذبة جافية تهدف إلى رفض تصديق شكاوى التعذيب التي لا تحصى والتستر على الممارسات المعتادة في حالات الاحتجاز مع منع الاتصال. ويؤكد صاحب البلاغ أن العديد من التحقيقات قد أُجريت، على العكس من ذلك، في تعذيب سكان إقليم الباسك المحتجزين مع منع الاتصال، وأن اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة قد أعربت، في مناسبات عديدة، عن قلقها في هذا الصدد. ويستشهد صاحب البلاغ بالمنشور الصادر عن حكومة الباسك في آذار/مارس 2009 بعنوان: Documentación de la Tortura en detenidos incomunicados en el País Vasco desde el año 2000 al 2008 : Abordaje científico(توثيق التعذيب الممارس ضد المحتجزين مع منع الاتصال في إقليم الباسك بين عامي 2000 و 2008 : نهج علمي) (ص 7 ) ( ) ، الذي يفيد بأن انتشار ممارسة تعذيب الأفراد الخاضعين للدراسة ونطاق هذه الممارسة يشكلان، على أقل تقدير، أمراً مثيراً للقلق وينبغي أن تعتبرهما السلطات المختصة في حد ذاتهما مشكلة حقيقية. وتمضي هذه الدراسة في القول ب أن الأدلة لا تؤكد الفرضية التي تفيد بأن جميع الشكاوى أو معظمها خاطئة وأنها مقدمة تبعاً لتعليمات عامة لهذا الغرض وأن نتائجها تتسق مع نتائج المؤسسات الدولية، أي أن الشكاوى ليست ذات طبيعة نمطية ولا يمكن اعتبارها محض افتراءات. ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى “Proyecto de investigación de la tortura en el País Vasco (1960–2013)” (مشروع بشأن التحقيقات في التعذيب في إقليم الباسك (1960-2013) )، ويمثل هذا المشروع دراسة بشأن 000 4 حالة تعذيب كلفت حكومة الباسك معهد علم الجريمة في إقليم الباسك بإجرائها. وتمثلت النتائج الأولية التي تم التوصل إليها في 27 حزيران/ يونيه 2016 في أن بروتوكول إسطنبول كان منطبقاً على 200 شخص من هؤلاء الأشخاص، وقد اعتبروا جميعاً ذوي مصداقية تامة.

7 - 11 ويشير صاحب البلاغ، فيما يتعلق باحتجازه مع منع الاتصال، إلى أنه احتُجز في مرافق الحرس المدني في مدريد مع منع الاتصال لمدة خمسة أيام (وهي الفترة القصوى المسموح بها بموجب القانون)، ولكنه أمضى في وقت لاحق ثلاثة أيام إضافية مع منع الاتصال في السجن، أي ما مجموعه ثمانية أيام من الاحتجاز مع منع الاتصال. ومن ثم، فإنه يؤكد أن احتجازه مع منع الاتصال قد مُدد، بما أنه كان مسجوناً بالفعل، بغية إزالة أو إخفاء أي علامة تدل على التعذيب.

7 - 12 وأخيراً، وفيما يتعلق بنظام الاحتجاز مع منع الاتصال في الدولة الطرف، الذي غالباً ما يُطبق على وجه الحصر في قضايا الإرهاب، يُذكّر صاحب البلاغ بأن النظام قد تلقى انتقادات مراراً وتكراراً من مختلف الهيئات الدولية، ويدعي أن هذا النظام، على الرغم من أحدث الإصلاحات التي خضع لها، لا يحمي المحتجزين بقدر ما يقيّد حقوقهم تقييداً شديداً وي تيح انعدام ا لشفافية انعداماً تاماً يجعل من الصعب للغاية الحصول على أدلة على ما يحدث في أثناء هذا الشكل من الاحتجاز، ويتيح بذلك الإفلات التام من العقاب. ويؤكد صاحب البلاغ مجدداً أنه ينبغي إلغاء هذا النظام على الفور.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8 - 2 وتشير اللجنة إلى أن صاحب البلاغ قدم طلباً أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يستند إلى الوقائع نفسها (الطلب رقم 20764/14 ) وتُذكّر بأن إسبانيا، عند تصديقها على البروتوكول الاختياري، أبدت تحفظاً يستبعد اختصاص اللجنة فيما يتعلق بالقضايا التي نُظر فيها أو يجري النظر فيها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8 - 3 وتشير اللجنة إلى أنه، في رسالة مؤرخة 18 أيلول/سبتمبر 2014 ، أُبلغ صاحب البلاغ بأن طلبه قد رفض بموجب قرار صادر عن محكمة منعقدة في هيئة مؤلفة من قاضٍ واحد. وذكرت المحكمة في رسالتها أنها خلصت، استناداً إلى الأدلة التي في حوزتها، ومن واقع اختصاصها في البت في الشكاوى المقدمة إليها، إلى أن طلبه لا يفي بمعايير المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

8 - 4 وتذكّر اللجنة باجتهادها المتعلق بالمادة 5 ( 2 ) (أ) من البروتوكول الاختياري، التي تشير إلى أنه عندما تعلن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عدم مقبولية طلب ما، ولا تستند في ذلك إلى أسس إجرائية فقط، بل أيضاً إلى أسس تنشأ من النظر في موضوع القضية إلى حد ما، يُعتبر أنه جرى النظر في القضية بالمعنى المقصود في التحفظات على المادة 5 . ومع ذلك، تشير اللجنة أيضاً إلى أنه ، حتى في الحالات التي يُعلن فيها عدم مقبولية الطلبات لعدم وجود ما يدل على حدوث انتهاك، فإن التعليل المحدود الوارد في بعض القرارات من هذا النوع لا يُمكِّن اللجنة من افتراض أن المحكمة الأوروبية قد نظرت في القضية من حيث أسسها الموضوعية ( ) . وفي هذه القضية، تشير اللجنة إلى أن قرار المحكمة الأوروبية لا ينص على عدم ملاحظة ما يدل على حدوث انتهاك وإنما يشير ببساطة إلى أن الطلب لا يستوفي شروط المقبولية، دون مزيد من التوضيح. وعليه، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في هذا البلاغ بموجب المادة 5 ( 2 ) (أ) من البروتوكول الاختياري.

8 - 5 وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تثر مسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وعليه، ترى اللجنة أن أحكام المادة 5 ( 2 ) (ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

8 - 6 واللجنة، إذ تلاحظ أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 2 ( 3 ) و 7 و 10 ( 1 ) من العهد مشفوعة بأدلة كافية لأغراض المقبولية، تعلن أنها مقبولة وتشرع في النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

9 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بأنه تعرض للتعذيب مراراً وتكراراً على أيدي موظفي الحرس المدني على مدار الأيام الخمسة التي احتُجز فيها مع منع الاتصال في مرافق الحرس المدني، و حرم فيها من الحق في طلب المساعدة من محام من اختياره والحق في الاتصال بأسرته. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ عومل معاملة لائقة خلال فترة احتجازه لدى الشرطة وأنه كان يحظى يومياً بزيارة طبيبة شرعية لم يكشف لها عن سوء المعاملة المزعوم. وتشير الدولة الطرف إلى أن إفادات صاحب البلاغ قد سجلت على النحو المنصوص عليه في القانون، بما في ذلك ا لتوقيت والمدة والصياغة، وأن تحقيقاً شاملاً قد أجري في هذا الصدد. وتفيد كذلك بأنه، نتيجة لهذا التحقيق، أُلغيت الشكوى لعدم كفاية الأدلة والاتساق في الرواية.

9 - 3 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 20 ( 1992 ) بشأن حظر التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي جاء فيه أن "نص المادة 7 لا يسمح بأي تقييد ... وأنه لا يجوز التذرع بأي مبررات أو ظروف مخففة كتبرير لانتهاك المادة 7 لأي أسباب كانت" ( ) . ويشمل هذا الحظر المطلق أيضاً التهديدات المرتبطة بالإرهاب، التي لا يمكن التذرع بها لتبرير استخدام التعذيب لانتزاع معلومات من الإرهابيين المشتبه بهم ( ) .

9 - 4 وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بالوصف التفصيلي والمتسق الذي أورده صاحب البلاغ للأحداث التي جرت خلال فترة احتجازه في المديرية العامة للحرس المدني في مدريد، ولأعمال التعذيب التي تعرض لها، ولعدم تقديم الدولة الطرف سجل الاحتجاز. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بالتقارير الطبية، ولا سيما التقرير الصادر في 7 كانون الأول/ديسمبر 2007 الذي أشار إلى أن صاحب البلاغ يعاني من وجود علامات على جلده وأن القلق بادٍ عليه، وتقرير الطبيبة الشرعية المنتدبة إلى المحكمة الوطنية العليا، الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، الذي أشار إلى وجود كدمة بحجم 3 ملم في الجزء العلوي من قضيبه وقروح طفيفة في شفته العليا من الداخل وفقدان صوته، وتقريري الخبراء اللذين أعدهما معهد الطب الشرعي في إقليم الباسك بناءً على طلب قاضي التحقيق، واللذين نصا على أن العلامات التي كشف عنها في الفحص متسقة مع رواية صاحب البلاغ فيما يتعلق بسوء المعاملة التي تعرض لها. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح في هذا الصدد. وتحتج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يُبلّغ عن سوء المعاملة التي تعرض لها حتى مثوله أمام القاضي. ومع ذلك، تشير اللجنة إلى أن صاحب البلاغ، وفقاً لما جاء في تصريحاته، لم يُبلّغ عن سوء المعاملة التي تعرض لها خلال فترة احتجازه لدى الشرطة خشية الانتقام منه.

9 - 5 وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن المعاملة التي تعرض لها صاحب البلاغ خلال الأيام الخمسة التي احتُجز فيها مع منع الاتصال في المديرية العامة للحرس المدني تشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

9 - 6 واللجنة، إذ خلصت إلى وجود انتهاك للمادة 7 من العهد، لا ترى ضرورة للنظر في الادعاء بأن الأفعال نفسها تشكل أيضاً انتهاكاً للمادة 10 ( 1 ) من العهد.

9 - 7 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ المتعلق بعدم توفير سبيل انتصاف فعال لضمان التحقيق مع مرتكبي أفعال التعذيب ومقاضاتهم، تشير اللجنة إلى أن صاحب البلاغ أبلغ عن أعمال التعذيب في أول جلسة استماع له أمام المحكمة الوطنية العليا في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2007 ولكن لم يتم الشروع تلقائياً في أي تحقيق آنذاك. وعلاوة على ذلك، يبدو أن الشكوى المرتبطة بالتعذيب التي قدمها والد صاحب البلاغ أمام محكمة التحقيق لم تلقَ أي رد. وبالإضافة إلى ذلك، تم وقف الإجراءات التي شُرع باتخاذها في النهاية عقب الشكوى التي قدمها لاحقاً صاحب البلاغ أمام محكمة التحقيق رقم 2 في بلباو في مناسبتين. وأخيراً، ووفقاً لإفادة صاحب البلاغ - التي لم تدحضها الدولة الطرف - لم تُخطر محاميته بحضور ثلاث جلسات استماع أدلى فيها لإفادات كل من موظفي الحرس المدني الخمسة، والأطباء الشرعيين الذين عاينوا صاحب البلاغ، ومحاميه المعيَّن.

9 - 8 وتُذكّر اللجنة بتعليقَيها العامَين رقم 20 ورقم 31 ( 2004 ) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، وكذلك باجتهاداتها القضائية الثابتة، التي تفيد بوجوب إجراء السلطات المختصة تحقيقاً فورياً وشاملاً ومحايداً في شكاوى سوء المعاملة واتخاذها التدابير المناسبة ضد من تثبت إدانته ( ) . وترى اللجنة أنه ، نظراً إلى الصعوبة في إثبات حالات التعذيب وسوء المعاملة، عندما لا تُخلّف آثاراً جسدية، كما هي الحال في قضية صاحب البلاغ، ينبغي أن تكون التحقيقات في هذه الأفعال شاملة. إذ إن أي أذى جسدي أو نفسي يلحق بشخص قيد الاحتجاز - وبخاصة في ظل نظام الاحتجاز مع منع الاتصال - يؤدي إلى إثارة قرينة واقعية مهمة، لأن عبء الإثبات لا يجب أن يقع على صاحب البلاغ وحده ( ) . وبناء على ذلك، وفي ضوء الظروف المحيطة بهذه القضية، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يتمتع بسبل انتصاف فعالة لضمان إجراء تحقيق في المعاملة التي تعرض لها خلال فترة احتجازه من 6 إلى 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، في انتهاك للمادة ( 3 ) 2 مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد.

10- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للمادة 7 وانتهاك للمادة 2 ( 3 ) من العهد مقروءةً بالاقتران مع المادة 7 من العهد.

11- ووفقاً لأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يجب على الدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. ويقتضي ذلك جبراً كاملاً للضرر الذي لحق بالأفراد الذين انتُهِكت حقوقهم. ولذا، ينبغي للدولة الطرف: (أ) إجراء تحقيق نزيه وفعال وكامل في وقائع هذه القضية ومقاضاة المسؤولين عنها ومعاقبتهم؛ و(ب) تقديم تعويض وافٍ. ويقع أيضاً على الدولة الطرف التزام بالحيلولة دون حدوث انتهاكات مماثلة مستقبلاً. وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى أنه ينبغي للدولة الطرف أن تتخذ التدابير اللازمة، بما فيها التدابير ذات الطابع التشريعي، لوضع حد لنظام الاحتجاز مع منع الاتصال ( ) .

12- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة ثبوت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى معلومات من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، بشأن التدابير المتخذة لوضع هذه الآراء موضع التنفيذ. ويُطلب أيضاً إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة هذه وتُعمّمها على نطاق واسع.

المرفق

[الأصل: بالإنكليزية]

رأي فردي لخوسيه مانويل سانتو س بيس (مخالف)

1- إذا تعيَّن علينا أن نعتمد حصراً على الوقائع التي قدمها صاحب البلاغ، جاز لنا أن نخلص إلى أن حقوقه قد انتُهكت بموجب المادة 7 من العهد. بيد أن هناك عناصر كافية في الملف لإثارة الشكوك المشروعة فيما يتعلق بمصداقيته على وجه العموم.

2- أوقف ضباطٌ في الحرس المدني صاحب البلاغ في إقليم الباسك في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2007 ، وكان يحمل مسدساً (الفقرة 2 - 1 )، واعتُقل بتهمة الانتماء إلى منظمة إيتا (ETA) الإرهابية. واحتجزه الحرس المدني - تحت إشراف دائرة التحقيق المركزية رقم 2 التابعة للمحكمة الوطنية العليا - حتى مثوله أمام القاضي في 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 . وأمر القاضي باحتجاز صاحب البلاغ مع منع الاتصال، باعتبار ذلك تدبيراً متناسباً وضرورياً وملائماً من حيث التقييم، بالنظر إلى وجود أدلة على مشاركته في جرائم متصلة بالإرهاب. وحكم عليه فيما بعد بالسجن لمدة 12 عاماً بموجب القرار رقم 35/2009 الصادر عن الدائرة الجنائية التابعة للمحكمة الوطنية العليا (الفقرة 6 - 1 ).

3- وأفاد صاحب البلاغ بأنه، خلال الأيام الخمسة التي قضاها في المديرية العامة للحرس المدني في مدريد قبل مثوله أمام المحكمة الوطنية العليا، تعرض للحرمان من النوم، وأُرغم على إجراء آلاف عمليات الضغط يومياً، وتعرض للاختناق عدة مرات من جراء إلباسه كيساً بلاستيكياً في رأسه، ووُخز ثلاث مرات في الجزء العلوي من عموده الفقري، وصُب الماء المثلّج على رأسه وجسمه، وأُولج عصا في شرجه (الفقرة 2 - 4 ).

4- غير أن الطبيبة الشرعية التي كانت تزوره يومياً لم تشر إلا إلى علامات التقييد الخفيفة وإلى خدش صغير في الجانب الأيمن من البطن، ولاحظت أن ه كان ينتابه القلق ولكنه لم يرغب في التحدث عن المعاملة التي كان يتعرض لها (الفقرة 2 - 5 والحاشية 1 ).

5- وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 2007 ، في اليوم الأخير من احتجازه مع منع الاتصال، صرَّح صاحب البلاغ بأنه تعرض للضرب المتكرر في وجهه، مما تسبب في إصابته بجروح في فمه، ورُبط قضيبه وخصيتاه بحبل وجرى سحبه حتى بدأ قضيبه ينزف (الفقرة 2 - 7 ). وأشارت الطبيبة الشرعية، التي سجلت شكوى صاحب البلاغ أمام المحكمة الوطنية العلي ا والتي تتعلق بخمسة أيام من سوء المعاملة، إلى وجود كدمة في الجزء العلوي من القضيب، وإن كانت لا تتجاوز 3 ملم، وتقرحات طفيفة في الشفة العليا من الداخل، وفقدان للصوت (الفقرة 2 - 8 ).

6- غير أن الدولة الطرف تزعم أن صاحب البلاغ لم تظهر عليه أي علامات تدل على إصابته بالضرب على رأسه أو صدره أو بطنه أو ساقيه، وأن شرجه وخصيتيه كانت طبيعية ولم تظهر عليها أي آثار للعنف ولم تكن لديه علامات على الاختناق. ووفقاً للتقرير الطبي الذي أُعد في السجن في 13 كانون الأول/ديسمبر، لم تلاحَظ لدى وصوله أي جروح أو اضطرابات نفسية أو جسدية حادة جديرة بالذكر وحالته العامة كانت جيدة (الفقرة 6-4).

7- وعلاوة على ذلك، لاحظت الطبيبة التي فحصته أن القروح الطفيفة داخل شفته العليا يمكن أن يرجع سببها، في جملة أمور، إلى قضم الشفة عرضاً، أو فرشاة أسنان، أو تناول طعام ساخن؛ وقد يرجع سبب الكدمة بحجم 3 ملم على قضيبه إلى ربط حبل حول القضيب (الفقرة 6 - 5 )، ولكن المجال مفتوح أيضاً للنظر في أسباب أخرى.

8- ولم يورد تقرير الدخول في سجن سوتو ديل ريال في مدريد أي إشارة إلى الجروح التي وجدتها الطبيبة الشرعية قبل سويعات، ولم يشر سوى إلى الجروح التي نوَّه إليها صاحب البلاغ، دون الإشارة إلى أي آثار جسدية من شأنها أن تدعم ادعاءاته. ولم تلاحَظ عليه أي جروح في ذلك الوقت (الفقرات 2 - 9 و 2 - 13 و 6 - 4 ).

9- وأمرت المحكمة العليا، التي أشارت إلى أن التعذيب لا يترك بالضرورة آثاراً جسدية وأنه في بعض الجرائم لا يمكن الاعتماد إلا على رواية الضحية، بالشروع في إجراء تحقيق شامل (الفقرة 2 - 15 ). غير أن هذا التعليل يستتبع بالنسبة إلى الدول الأطراف إثبات المستحيل، فقد يكون من المستحيل تقريباً على الدول استبعاد جميع الفرضيات المحتملة للانتهاكات المزعومة.

10- وفي نيسان/أبريل 2011 ، وبناءً على طلب قضائي، أصدر طبيب شرعي من معهد الطب الشرعي في إقليم الباسك تقريراً يشير فيه إلى أن الجروح المصاب بها صاحب البلاغ تتسق مع روايته، وتشكل رضّة سطحية مؤقتة، وفي ظل عدم وجود مضاعفات، نادراً ما تترك ندوباً دائمة (الفقرة 2 - 16 ). وعلى الرغم من أن هذه الجروح قد تتسق مع رواية صاحب البلاغ، فإنها تتسق أيضاً مع أسباب أخرى معقولة. وهذا صحيح بصورة خاصة، إذ إن الطبيبة الشرعية التي عاينت صاحب البلاغ في مركز الحرس المدني أكدت أمام محكمة التحقيق رقم 2 أن الجروح التي لاحظتها لا تتطابق مع رواية صاحب البلاغ (الفقرة 2 - 16 ). ولذلك، نحن أمام تقريرين طبيين متضاربين.

11- وفي كانون الأول/ديسمبر 2011 ، رفضت المحكمة العليا في بيزكايا طلب الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ، مشيرة إلى أنه لم يثر أي اعتراض إجرائي فيما يتعلق بجمع الأدلة في أثناء مرحلة التحقيق وأنه لا يوجد من الأدلة ما يكفي لمواصلة التحقيق.

12- أما بالنسبة إلى سبل الانتصاف المحلية المطلوبة فيما يتعلق بادعاءات سوء المعاملة، فقد أمرت المحكمة العليا، رداً على حفظ محكمة التحقيق للدعوى، بمواصلة التحقيقات، مما أدى إلى إجراء تحقيق شامل. واستناداً إلى الأدلة المجمعة، لم يلاحظ المحامي المعيَّن أي علامات تدل على سوء المعاملة، ولهذا السبب، وبمجرد الانتهاء من جمع الأدلة الشامل، أمرت محكمة التحقيق بحفظ الدعوى لعدم الاتساق في الإفادات، وهو قرار حظي بتأييد المحكمة العليا (الفقرة 6 - 6 ).

13- ونُفذ الاحتجاز مع منع الاتصال في هذه القضية تحت إشراف قضائي، وكان صاحب البلاغ يخضع يومياً لفحص طبي (الفقرتان 6-10 و 6-12 ).

14- ولا يبدو أن تقريرَي الطب الشرعي المتناقضَين يشيران إلى جلسات سوء المعاملة المتكررة التي يدعي صاحب البلاغ أنه تعرض لها، مما يجعلني أخلص إلى أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من الأدلة لدعم ادعاءاته بانتهاك إسبانيا المادة 7 من العهد.

15- وعلاوة على ذلك، فإنني أرى أن السلطات القضائية في إسبانيا قد أجرت تحقيقاً شاملاً وفي مناسبات مختلفة في ادعاءات صاحب البلاغ، وخصلت إلى أنها لا أساس لها من الصحة لعدم دعم أقواله بالأدلة. ولذلك أخلص أيضاً إلى أنه لم يحدث انتهاك للمادة ( 3 ) 2 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 منه.