الأمم المتحدة

CCPR/C/123/D/2537/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

18 December 2018

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2537/2015 * ** ***

بلاغ مقدم من: أندريس فيليبي أرياس ليفا (يمثله محام، هو السيد فيكتور خافيير موسكيرا مارين)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كولومبيا

تاريخ تقديم البلاغ: ١١ آب/أغسطس ٢٠١٤

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ٢١ كانون الثاني/يناير ٢٠١٥ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٢٧ تموز/يوليه ٢٠١٨

الموضوع: إدانة وزير سابق إدانةً ابتدائية ونهائية أمام أعلى هيئة قضائية

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ إساءة استخدام الحق في تقديم البلاغات؛ عدم استناد الشكوى إلى أدلة كافية

المسائل الموضوعية: الحق في محاكمة وفق الأصول؛ الحق في محاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة؛ الحق في افتراض البراءة؛ الحق في أن تراجع محكمة أعلى درجة حكم الإدانة والعقوبة؛ المساواة أمام القانون؛ حق المواطن في المشاركة في إدارة الشؤون العامة وحقه في أن يُنتخب

مواد العهد: المادة 7، والفقرات من 1 إلى 4 من المادة ٩؛ والفقرة 1 من المادة 10؛ والمادة 11؛ والفقرات 1 و2 و3(أ) و(ب) و(ج) و5 و6 و7 من المادة 14؛ والمواد 15 و16 و١٧ و18 و19 و25 و26

مواد البروتوكول الاختياري: المادتان 2 و3 والفقرة 2(ب) من المادة 5

١-١ صاحب البلاغ هو السيد أندريس فيليبي أرياس ليفا، وهو مواطن كولومبي من مواليد عام 1973. وهو يدعي أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 7؛ والفقرات من 1 إلى 4 من المادة 9؛ والفقرة 1 من المادة 10؛ والمادة 11؛ والفقرات 1 و2 و3(أ) و(ب) و(ج) و5 و6 و7 من المادة 14؛ والمواد 15 و16 و١٧ و18 و19 و25 و26 من العهد. ويمثّل صاحبَ البلاغ محام. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف في ٢٣ آذار/مارس ١٩٧٦.

١-٢ وفي ٢١ كانون الثاني/يناير ٢٠١٥، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، ألاّ تصدر طل باً باتخاذ تدابير مؤقتة لحماية صاحب البلاغ بموجب المادة 92 من نظامها الداخلي. ‬

١-٣ وفي ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وطلبت إلى اللجنة أن تنظر في مقبوليته بمعزل عن أسسه الموضوعية. وفي ٢٤ حزيران/يونيه ٢٠١٥، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، أن ترفض طلب الدولة الطرف النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية. ‬ ‬

١-٤ وفي ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠١٦، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، وعملا ً بالمادة ٩٢ من نظامها الداخلي، أن تطلب إلى الدولة الطرف النظر في اتخاذ تدابير حماية للحيلولة دون تعرض محامي صاحب البلاغ لأي فعل من أفعال المضايقة أو تعرض حياته أو سلامته الجسدية للخطر بسبب ارتباطه بهذا البلاغ أثناء نظر اللجنة فيه.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢ - ١ في الفترة من عام ٢٠٠٥ إلى عام ٢٠٠٩، شغل صاحب البلاغ منصب وزير الزراعة وكان مسؤولة عن برنامج إعانات زراعية يعرف باسم ( Agro Ingreso Seguro ). وفي إطار إدارة البرنامج والإشراف عليه، أبرم صاحب البلاغ مباشرة عددا ً من اتفاقات التعاون التقني والعلمي مع معهد البلدان الأمريكية للتعاون في ميدان الزراعة. وفي وقت ما، ظهرت بعض المخالفات في إدارة البرنامج.

٢-٢ ويدعي صاحب البلاغ أن وحدة التحقيق التقني التابعة لمكتب النائبة العامة خلصت، في ٩ آذار/مارس ٢٠١٠، إلى أن صاحب البلاغ لم يرتكب أي فعل إجرامي. وفي ١٩ آب/ أغسطس ٢٠١٠، خلص مكتب المراقب المالي العام إلى النتيجة نفسها فيما يتصل بهذه الوقائع نفسها.

٢-٣ وفي ١٢ نيسان/أبريل ٢٠١٠، فتح مكتب المراقب المالي العام تحقي قاً أوليا ً في المخالفات التي حدثت في إدارة البرنامج والتي تنطوي على ادعاءات اختلاس أموال وإعانات حكومية. ويبدو أنه كان لتلك المخالفات تبعات ضريبية. غير أن مكتب المراقب المالي العام قرر، في ١٠ آب/أغسطس ٢٠١٠، وقف ذلك التحقيق الأولي.

٢ - ٤ وأفاد صاحب البلاغ بأن السيدة ف. م.، التي كانت تعمل صحفية في إحدى القنوات الإذاعية آنذاك، أبدت، في ١٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٠، تعليقات سلبية بشأن قضية صاحب البلاغ وبشأن مسؤوليته الجنائية المحتملة عن سوء الإدارة المزعوم للبرنامج. وعُينت السيدة ف. م. فيما بعد مدعيةً عامة للدولة. وقد اضطلعت النائبة العامة، قبل توليها مهامها رسم ياً، بدور مؤثر في الدعوى الجزائية التي رُفعت ضد صاحب البلاغ. غير أن النائبة العامة لم تتنح عن النظر في القضية رغم أنه سبق لها إبداء رأي في قضية صاحب البلاغ.

٢-٥ وفي تموز/يوليه ٢٠١١، فرض مكتب المستشار العام جزاءات تأديبية إدارية على صاحب البلاغ فيما يتصل بالمخالفات التي حدثت عندما كان مسؤولا ً عن برنامج الإعانات الزراعية.

٢ - ٦ وفي ٢١ تموز/يوليه ٢٠١١، في إطار التحقيق الذي فُتح على إثر الشكوى المقدمة في عام ٢٠٠٩، رفع مكتب النائبة العامة دعوى ضد صاحب البلاغ، بصفته وزي راً ساب قاً، أمام محكمة دائرة بوغوتا. وفي ١٦ أيلول/سبتمبر ٢٠١١، سلمت النائبة العامة المحكمة العليا لائحة اتهام خطية ضد صاحب البلاغ بتهمتي إبرام اتفاق غير مستوف للشروط القانونية واختلاس أموال بالتملك، وفقا ً للمادتين 410 و297 من القانون الجنائي (القانون رقم ٥٩٩ لعام ٢٠٠٠). وفي ١٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، اتهمت النائبة العامة صاحب البلاغ رسميا ً بارتكاب هاتين الجريمتين وطلبت وضعه رهن الحبس الاحتياطي. ويدعي صاحب البلاغ أن الجلسة العامة لسماع الدعوى عُقدت في مسرح وليس في محكمة؛ وأن الحاضرين قابلوا إعلان أمر حبسه الاحتياطي بالتصفيق؛ وأن النائبة العامة كشفت عن معلومات من بينها أرقام هواتفه وعنوان منزله. ونتيجة لذلك، بدأت زوجته وأطفاله يتلقون تهديدات عبر الهاتف، وبعد يومين من جلسة سماع الدعوى، سرق مجرمون ادعوا أنهم يعلمون لحساب مكتب النائبة العامة ممتلكات من منزله.

٢-٧ ووضِع صاحب البلاغ رهن الحبس الاحتياطي بأمر من محكمة دائرة بوغوتا. وقدم صاحب البلاغ ثلاثة طلبات إلى المحكمة للإفراج عنه، غير أن المحكمة لم تستجب لأي من طلباته وحكمت بإبقائه رهن الاحتجاز لأنه ربما يحاول التأثير على الشهود الذين يدلون بشهاداتهم في القضية. ويدعي صاحب البلاغ أن مكتب النائبة العامة استخدم أساليب مماطلة لضمان استمرار احتجازه، وأنه زور وزيف الأدلة التي استخدمت ضده.

٢-٨ ويدعي صاحب البلاغ أن قاضي المحكمة العليا الذي ترأس محاكمته حاول تعسفا ً التعجيل ببدء المحاكمة، دون إمهال الطرفين وقتا ً كافيا ً لتقييم الأدلة وإعداد دفاعهم. ويؤكد صاحب البلاغ أنه طلب إلى المحكمة العليا أن تحترم المهلة المسموح له بها بموجب القانون لإعداد دفاعه.

٢-٩ وفي ١٤ حزيران/يونيه ٢٠١٣، أمرت محكمة دائرة بوغوتا بإنهاء حبسه الاحتياطي وبالإفراج عنه.

٢-١٠ وفي تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣، قيمت وزارة الداخلية المخاطر المحدقة بصاحب البلاغ وأسرته واعتبرتها ”مخاطر غير عادية“. ويدعي صاحب البلاغ أنه قرر مغادرة البلد على هذا الأساس خو فاً على حياته وحياة أفراد أسرته. وسافر صاحب البلاغ إلى الولايات المتحدة في 14 حزيران/يونيه 2014.

٢-١١ وفي ١٣ حزيران/يونيه ٢٠١٤، أي قبل ٤٨ ساعة من إجراء الانتخابات الرئاسية، أعلنت المحكمة العليا إدانة صاحب البلاغ بارتكاب مخالفات في إدارة برنامج الإعانات الزراعية. ويدعي صاحب البلاغ أن تفاصيل إدانته سُربت إلى وسائل الإعلام.

٢ -١٢ وفي ١٧ تموز/يوليه ٢٠١٤، حكمت المحكمة العليا على صاحب البلاغ بالسجن ٢٠٩ أشهر (أي ١٧ عاما ً و٥ أشهر) وبغرامة قدرها ٠٠٠ ٠٠٠ ٨٠٠ ٣٠ دولار كولومبي بتهمة الاختلاس بالتملك وإبرام عقود غير مستوفية للشروط القانونية. وبالإضافة إلى ذلك، أمرت المحكمة بتقييد الحقوق المدنية لصاحب البلاغ طوال فترة قضاء العقوبة الرئيسية، وبمنعه من تولي أي منصب عام، على النحو المنصوص عليه في المادة ١٢٢ من الدستور، بصيغته المعدلة بموجب المرسوم التشريعي رقم ٠١ لعام ٢٠٠٤ ( ) . وذكرت المحكمة في حكمها أنه حكمٌ غير قابل للطعن فيه. ويدعي صاحب البلاغ أن خمسة قضاة فقط من أصل ثمانية من قضاة المحكمة العليا كانوا حاضرين طوال إجراءات الدعوى الجنائية.

٢-١٣ وفي آب/أغسطس ٢٠١٤، طلب صاحب البلاغ وأسرته اللجوء السياسي في الولايات المتحدة.

الشكوى

٣-١ يدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 7؛ والفقرات من 1 إلى 4 من المادة 9؛ والفقرة 1 من المادة 10؛ والمادة 11؛ والفقرات 1 و2 و3(أ) و(ب) و(ج) و5 و6 و7 من المادة 14؛ والمواد 15 و16 و١٧ و18 و19 و25 و26 من العهد ( ) .

٣-٢ ويدعي صاحب البلاغ أن حبسه الاحتياطي المطول وغير المبرر والظروف التي عقدت فيها جلسة توجيه لائحة الاتهام إليه (الفقرة 2-6) يشكلان معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة، وهو ما ينافي أحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 17 العهد.

٣-٣ وفيما يتعلق بالفقرات من 1 إلى 4 من المادة ٩ من العهد، يدعي صاحب البلاغ أن الأفعال المذكورة في الفقرة السابقة تشكل انتها كاً لحقه في الحرية والأمن، ولا سيما عند صدور أمر حبسه احتيا طياً في حين أنه لم يكن هناك أي مبرر لهذا الإجراء. ويدفع صاحب البلاغ بأن حبسه الاحتياطي لم يكن مُبرَّ راً ولا ضروريا ً في حالته. ويدفع صاحب البلاغ أيضا بأنه اتهم بارتكاب جرائم ضد الدولة، وأن هذه الجرائم لا تعتبر خطيرة بموجب أي نظام قانوني. ويضيف صاحب البلاغ أن السلطات القضائية رفضت تعس فاً طلباته إلغاء أمر حبسه الاحتياطي.

٣-٤ ويدعي صاحب البلاغ انتهاك حقه في المساواة أمام القضاء وحقه في محاكمة عادلة، المكفولين بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. ويدعي أيضا أنه لم يُعامَل كغيره من المدعى عليهم في الدعوى، لأنه كان الوحيد الذي وضع رهن الحبس الاحتياطي ”لعدة أشهر“. كما أن العقوبة التي صدرت بحقه لم تكن متناسبة مع جسامة الجريمة، وقد صدرت بحق المدعى عليهم المتهمين بارتكاب الجرائم نفسها عقوبات أقل صرامة بكثير. ولم يكن هناك تكافؤ في وسائل الدفاع أثناء إجراءات الدعوى الجنائية، لأن الفرصة التي أُتيحت للادعاء لكي يعد أدلة الإثبات ويقدمها كانت أكبر عموما ً من الفرصة التي أتيحت لفريق الدفاع عن المتهم. ولم يتسن له، كمدعى عليه، ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه. ويدعي صاحب البلاغ أيضا ً أن النائبة العامة لم تكن محايدة؛ فقد كان هناك تضارب في المصالح ناجم عن مسائل شخصية سابقة مع محامي صاحب البلاغ، كما أنه سبق لها إبداء رأي في قضية صاحب البلاغ عندما كانت تعمل صحفية في إحدى القنوات الإذاعية. وعلاوة على ذلك، حاولت، رئيسة قضاة المحكمة العليا، التي أشرفت على محاكمة صاحب البلاغ وعلى صياغة الحكم الذي صدر في حقه، تنحية نفسها في بداية المحاكمة، مشيرة إلى وجود تضارب في المصالح لكونها إحدى الأطراف المدعية في محاكمة جزائية أخرى جارية ضد أعضاء آخرين في حكومة الرئيس السابق أوريبي بدعوى مراقبة قضاة المحكمة العليا. وبما أن المحكمة العليا رفضت طلبها، فإنها ظلت تترأس المحاكمة حتى مرحلة صياغة الحكم.

٣-٥ ويؤكد صاحب البلاغ أن حقه في افتراض براءته بموجب الفقرة 2 من المادة ١٤ قد انتهك أيضا ً ، لأن النائبة العامة، كانت قد أعربت عن رأي في قضيته عندما كانت تعمل صحفية قبل توليها منصبها. وهو يرى أن إدراج قضيته في التقرير الذي أعدته إدارة مكتب النائبة العامة في عام ٢٠١١ بعنوان ”القضايا الشهيرة“ يعد ّ أيضا ً بمثابة انتهاك لحقه في افتراض براءته. وبالإضافة إلى ذلك، لم تقيّم المحكمة العليا على النحو الواجب الأدلة التي قدمت أثناء المحاكمة؛ بل أدانت صاحب البلاغ رغم أن سلوكه لم يكن مطاب قاً لتعريف الاختلاس ورغم أنه لم يبرم أي عقد مخالف للشروط القانونية.

٣-٦ ويدعي صاحب البلاغ أيضا ً أنه لم يتح له ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه، مما يعد انتها كاً للفقرة 3(ب) من المادة 14 من العهد. ‬ ذلك أن المحكمة العلي ا لم تقبل كدليل تقري راً صدر عن شرطة التحقيقات الجنائية في ٩ آذار/مارس ٢٠١٠، وجاء فيه أن وحدة التحقيق التقني التابعة لمكتب النائبة العامة خلصت إلى أن صاحب البلاغ لم يتورط في أي نشاط مخالف للقانون. كما رفضت المحكمة العليا طلب صاحب البلاغ إجراء تحليل لخط اليد طعناً في مستند قبلته المحكمة دليلاً. ورفضت رئيسة القضاة أيضا ً تزويد صاحب البلاغ بنسخة من محاضر اجتماعات مجلس الوزراء التي نوقش فيها برنامج الإعانات الزراعية.

٣-٧ ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يحاكم دون أي تأخير لا مبرر له، مما يشكل انتها كاً للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

٣-٨ ويدعي صاحب البلاغ أن الدعوى الجنائية التي رُفعت ضد مسؤولين كبار والتي أدانت المحكمة العليا المتهمين فيها إدانةً ابتدائية ونهائية، على نحو ما تنص عليه المادة 235 من الدستور، تشكل انتها كاً للفقرة 5 من المادة 14 من العهد. ويضيف صاحب البلاغ أنه لم تتح له أي فرصة للطعن في حكم الإدانة والعقوبة الذي قضت به المحكمة العليا في حكمها المؤرخ 17 تموز/يوليه 2014.

٣-٩ ويدعي صاحب البلاغ أيضا ً أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 6 من المادة 14، نظرا ً إلى أي عدم قابلية الحكم للطعن فيه أمام أي قاض آخر أو أي محكمة أخرى، ومن ثم، عدم وجود أي سلطة أخرى يجوز لها رد قرار إدانته في مرحلة لاحقة.

٣-١٠ ويدعي صاحب البلاغ أنه حوكم مرتين على الأفعال ذاتها، مما يشكل انتها كاً للفقرة 7 من المادة 14 من العهد. ففي تموز/يوليه ٢٠١١، فرض مكتب المستشار العام جزاءات إدارية على صاحب البلاغ فيما يتصل بالمخالفات التي حدثت في برنامج الإعانات الزراعية عندما كان وزي راً. ورغم أن المسؤولية عن تلك المخالفات نُسبت إليه، فإنه لم يتم إثبات نيته الإجرامية. ثُم رُفعت دعوى جزائية ضده فيما يتصل بهذه الأفعال نفسها أمام المحكمة العليا، وهي دعوى انتهت بإدانته. ويضيف صاحب البلاغ أن هيئات عامة أخرى خلصت إلى أنه ليس ثمة أي دليل لإثبات مسؤوليته الجنائية المزعومة. فعلى سبيل المثال، رفض مكتب المدعي العام في البداية اتهام صاحب البلاغ بالمسؤولية الجنائية عن المخالفات التي كُشفت في دفع الإعانات في إطار برنامج الإعانات الزراعية، وحفظ مكتب المراقب المالي العام ملف التحقيق الأولي، وخلصت محكمة كونديناماركا الإدارية، في الدعوى التي رُفعت ضد المستشار القانوني للوزارة، والتي لم يكن صاحب البلاغ طر فاً فيها، إلى أن اتفاقات التعاون العلمي والتكنولوجي المبرمة لم تكن مخالفة للقانون.

٣-١١ وفيما يتصل بالمادة ١٥ من العهد، يدعي صاحب البلاغ أنه أُدين بسبب أفعال أو امتناع عن أفعال لم تكن تشكل جرائم وقت وقوعها، وهي أفعال لم تثبت مسؤوليته الجنائية عنها بموجب أحكام الفقرة الفرعية 1 من الفقرة 10 من المادة 32 من القانون الجنائي. فقد أُبرمت اتفاقات التعاون العلمي والتكنولوجي على أساس الممارسة المتبعة في وزارة الزراعة ولدى الخبراء القانونيين والتقنيين المعنيين. وبناء على ذلك، تسقط المسؤولية الجنائية لصاحب البلاغ عن أي خطأ من جانبه. وحتى إذا كان قد ارتكب خطأ، فإن تصرفه يشكل إهمالا ً ، نظ راً إلى انتفاء أي نية إجرامية، ولا يعرضه لأي عقوبة جنائية. ومن ثم، فقد أدين صاحب البلاغ بسبب أفعال أو امتناع عن أفعال لم تكن تُعد جرائم وقت ارتكابها.

٣-١٢ ويؤكد صاحب البلاغ أيضا ً أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف حقوقه التي تكفلها الفقرة 1 من المادة ١٩ والمادة ٢٦ من العهد، لأن الدعاوى الجنائية التي رُفعت ضده تندرج في إطار حملة اضطهاد تقودها الحكومة الحالية في كولومبيا بسبب آرائه السياسية ومعارضته لعملية السلام بين الحكومة والقوات المسلحة الثورية الكولومبية. ويدعي صاحب البلاغ أن السلطات اضطهدت الأفراد الذين كان يُحتمل أن يترشحوا للانتخابات الرئاسية التي جرت في ١٥ حزيران/يونيه ٢٠١٤. ويدعي أنه استُهدف للأسباب نفسها، وأنه منع من ممارسة حقوقه المدنية والسياسية، بما فيها الحق في الطعن في حكم الإدانة والعقوبة الصادر عن المحكمة العليا في حقه.

٣-١٣ وأخي راً، يدعي صاحب البلاغ أن كل هذه الوقائع تشكل انتهاكاً لحقه في الكرامة الإنسانية المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

٤-١ في مذكرة شفوية مؤرخة ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وطلبت إلى اللجنة أن تعتبره غير مقبول. ‬ ‬ ‬ ‬

٤-٢ وتؤكد الدولة الطرف أن البلاغ يعرض سردا ً مشوها ً ومنحازا ً وغير دقيق للوقائع، كما أنه يُطلق أحكاما ً على الوقائع ويفسر الأسس القانونية تفسي راً غير موضوعي. وفيما يتعلق بوقائع القضية، تشير الدولة الطرف إلى أن مكتب المدعي العام قام، في 21 تموز/يوليه 2011، استجابة إلى شكوى قُدمت في عام 2009 ووفقاً للمادة 251 من الدستور، بتوجيه تهم إلى صاحب البلاغ، بصفته وزي راً ساب قاً للزراعة والتنمية الريفية، أمام محكمة دائرة بوغوتا. وفي ١٢ تشرين الأول/أكتوبر، وجه مكتب المدعي العام لائحة اتهام رسمية إلى صاحب البلاغ أمام دائرة النقض الجنائي في المحكمة العليا، التي كُلفت بسماع الدعوى في قضية صاحب البلاغ.

٤-٣ وطلب مكتب المدعي العام وضع صاحب البلاغ رهن الحبس الاحتياطي، نظ راً إلى وجود أدلة توحي بأنه قد يحاول عرقلة سير العدالة. وفي ٢١ تموز/يوليه ٢٠١١، إثر جلسة استماع علنية حضرها صاحب البلاغ والمستشار العام، أمرت محكمة دائرة بوغوتا، باعتبارها المحكمة المسؤولة عن ضمان سير المحاكمات وفق الأصول القانونية، بحبس صاحب البلاغ حب ساً احتياط ياً. وفي ١٤ حزيران/يونيه ٢٠١٣، ألغت السلطات القضائية هذا الأمر لانتهاء الادعاء من إعداد دفاعه، ومن ثم، انتفاء احتمال عرقلة سير العدالة. وظل صاحب البلاغ يمثل أمام المحكمة، ولكنه لم يحضر الجلسة التي نطقت فيها المحكمة العليا بالحكم، رغم استدعائه لحضورها. ولم يمثل صاحب البلاغ أيضا أمام المحكمة العليا في الجلسات التالية، وهو لم يسل ّ م نفسه بعد لقضاء عقوبته في تاريخ تقديم الدولة الطرف ملاحظاتها إلى اللجنة.

٤-٤ وتقدم الدولة الطرف وصفا ً مفصلا ً لمواد الدستور والأحكام القانونية ذات الصلة، والسوابق القضائية المتصلة بالولاية القضائية المنطبقة على وزراء الحكومة، والتحقيقات الجنائية والمحاكمات التي أجرتها الدائرة الجنائية بالمحكمة العليا. وتشير السوابق القضائية للمحاكم الوطنية إلى أن محاكمات المسؤولين العموميين أمام المحكمة العليا لا تتجاهل الحق في محاكمة وفق الأصول القانونية، وأن الحق في مراجعة الحكم من قبل محكمة ثانية ليس ح قاً مطل قاً، لأنه ليس عنص راً أسا سياً من عناصر الحق في محاكمة وفق الأصول القانونية. ويجوز قبول استثناءات من هذا المبدأ، شريطة أن تكون معقولة ومتناسبة وتحترم الحق في المساواة وفي محاكمة وفق الأصول من الناحية الموضوعية ( ) .

٤-٥ فلا العهد، ولا أي معاهدة أخرى من معاهدات حقوق الإنسان، يشترط مراجعة الحكم من قبل محكمة ثانية في الدعاوى الجنائية المتعلقة بكبار المسؤولين المتمتعين بالحصانة البرلمانية. وتتمتع الدول الأطراف بسلطة تقديرية واسعة في تحديد الإجراءات وفي وضع آليات فعالة لحماية الحقوق، ولا يوجد شرط مطلق يقضي بعرض القضية على محكمة أعلى درجة في محاكمات كبار المسؤولين. فمحاكمة هؤلاء المسؤولين أمام أعلى هيئة مختصة في المسائل الجنائية تشكل في حد ذاتها ضمانة كاملة للحق في محاكمة وفق الأصول القانونية. وتؤكد الدولة الطرف أن صيغة الفقرة 5 من المادة 14 من العهد لا يمكن أن يُستنبط منها أنها تشترط اشتراطا ً لا لبس فيه اللجوء إلى ”محكمة من الدرجة الثانية“، لأن الصيغة الفعلية المستخدمة في نص تلك الفقرة هي ”محكمة أعلى“. ويمكن تفسير الإشارة إلى ”محكمة أعلى“ على أنها تعني وجوب أن تنظر في القضية محكمة يتمتع قضاتها بمؤهلات أكاديمية ومهنية أعلى لكفالة إجراء تقييم صحيح للمسائل المعروضة عليها.

٤-٦ وفي هذه القضية، أدانت الدائرة الجنائية، في ١٧ تموز/يوليه ٢٠١٤، صاحب البلاغ إدانةً ابتدائية ونهائية بجرائم اختلاس لحساب أطراف ثالثة وإبرام عقود غير مستوفية للشروط القانونية. ولم تكن الدعوى الجزائية ذات دوافع سياسية. فقد أكد مكتب المدعي العام، في لائحة الاتهام التي وجهها، أن صاحب البلاغ، بصفته وزي راً للزراعة، لم يلتزم بالمبادئ والمعايير التي تنظم الاتفاقات التعاقدية التي تبرمها الدولة عندما أعد وأبرم رس مياً ثلاثة اتفاقات مع معهد البلدان الأمريكية للتعاون في ميدان الزراعة، وهي اتفاقات دُفعت في إطارها أموال بطريقة غير مشروعة إلى أفراد، مما أدى إلى استنفاد أصول الدولة. وقد اكتفت المحكمة العليا في حكمها بإثبات ما إذا كان صاحب البلاغ يتحمل المسؤولية الجنائية أم لا؛ ولم تنظر في غرض برنامج الإعانات الزراعية ولا في أهميته.

٤-٧ وقد احترمت المحكمة العليا، خلال محاكمته صاحب البلاغ، جميع الضمانات الأساسية التي يتمتع بها كمدعى عليه. فعلى سبيل المثال، وضما ناً لحقه في الدفاع، ألغت الدائرة الجنائية، في ١٦ أيار/مايو ٢٠١٢، الأمر الذي نُفذ فور انتهاء الجلسة التمهيدية وحددت موعد المرافعات الشفوية في ١٤ حزيران/يونيه ٢٠١٢. وفي جلسة سماع قرار الاتهام، المعقودة في ١٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، سعى قاضيان من قضاة المحكمة العليا، من بينهما رئيسة المحكمة، إلى تنحية نفسيهما عن البت في قرار تحديد مرحلة المحاكمة التي ينبغي اعتبا راً منها تقييد عدد ممثلي المجني عليهم بحيث يكون عدد أعضاء فريق الادعاء مساوياً لعدد أعضاء فريق الدفاع. وقد استند طلب التنحية إلى أمر بحماية الحقوق الدستورية قدمه القاضيان المذكوران طع ناً في قرار صدر عن الدائرة الجنائية في محاكمة اثنين من الموظفين العموميين العاملين في مكتب الرئيس بتهمة مراقبة عدة أشخاص، من بينهم قضاة المحكمة العليا، مراقبة غير قانونية والتنصت على مكالماتهم الهاتفية، وهو قرار اعتبرت فيه الدائرة الجنائية القاضيان مجنيا عليهما. غير أن الدائرة الجنائية رفضت طلب التنحية لعدم وجود أي صلة مباشرة أو غير مباشرة بين ذلك القرار والقضية التي رُفعت ضد صاحب البلاغ، والتي كُلف القاضيان المذكوران، إلى جانب قضاة آخرين، بالبت فيها. وعلاوة على ذلك، لم يُشر صاحب البلاغ، أثناء سير الدعوى، إلى إمكانية وجود أي سبب لتنحية القاضيين المذكورين.

٤-٨ ولا يشكل حكم الإدانة والعقوبة الصادر في حق صاحب البلاغ انتها كاً لمبدأ عدم جواز المحاكمة مرتين على الجرم نفسه. ورغم أن صاحب البلاغ خضع لتحقيقات ضريبية وتأديبية وجنائية تتصل بسلوكه عندما كان يتولى إدارة برنامج الإعانات الزراعية، فإن تلك التحقيقات مختلفة، من حيث الغرض والهدف والنطاق، عن الدعوى الجزائية. وبالإضافة إلى ذلك، لم تتناول تلك التحقيقات الوقائع نفسها بالضبط.

٤-٩ أما الحكم الذي قضت به المحكمة العليا في حق صاحب البلاغ فهو حكم متناسب، وهو لا يستند إلى تطبيق معايير تقديرية بل إلى تطبيق مبادئ توجيهية ينص عليها القانون في تحديد المسؤولية الجنائية الفردية، على نحو ما فصلته المحكمة العليا في حكمها. أما العقوبات المخففة التي صدرت في حق الأشخاص الآخرين الذين وجهت إليهم تهم جنائية في القضية، فكانت بمثابة مكافأة لهم على تعاونهم مع السلطات القضائية وموافقتهم على التعجيل بمحاكماتهم، وهما أمران يسهمان إلى حد كبير في تخفيف العقوبة.

٤-١٠ وتنص المادة ٣٣٩ من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز للأطراف أن تثير، خلال جلسة سماع قرار الاتهام، أي مسألة يمكن أن تحول دون مشاركة مسؤولين معينين. غير أن طرفي الدعوى التي رُفعت ضد صاحب البلاغ لم يشيرا إلى احتمال وجود تضارب في المصالح من جانب النائبة العامة. وعلاوة على ذلك، فوضت النائبة العامة للدولة مهامها إلى المدعي العام رقم 10 بالمحكمة العليا، الذي مثلها في الجلسة التمهيدية وفي المحاكمة.

٤-١١ وقد أتيحت لصاحب البلاغ حرية مطلقة في تقديم الأدلة في الدعوى الجنائية. غير أن المادة ٣٥٩ من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لجميع أطراف الدعوى والمشاركين فيها أن يطلبوا من القاضي استبعاد أي دليل إثبات يعتبر غير قانوني، أو رفضه أو إعلان عدم قبوله، على سبل المثال، إذا كان هذا الدليل جزافياً أو متكر راً أو كان الغرض منه إثبات وقائع معروفة أو غير ضروري لأي سبب آخر. وقد أتيح لصاحب البلاغ أيضا الوقت اللازم لإعداد دفاعه. فقد تألفت الجلسات التمهيدية من 12 جلسة عُقدت في الفترة ما بين ١٤ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١١ و١٤ أيار/مايو ٢٠١٢. وخلال تلك الفترة، طلب صاحب البلاغ حفظ الدعوى إلى حين أن يتلقى ردو داً على ما قدمه من طلبات عديدة للحصول على معلومات ووثائق، وهو طلب لبّته المحكمة. وقد شارك فريق الدفاع عن صاحب البلاغ مشاركة فعالة في سماع الدعوى، وتسنى له، من ثم، التحقق من احترام حقوق جميع أطراف الدعوى والمشاركين فيها. أما الوثائق التي عُرضت كأدلة أثناء المحاكمة، والتي كان معظمها متاحا لعامة الجمهور، فتم الحصول عليها وتقديمها وفقا للإجراءات القانونية الواجبة وتم الطعن فيها. وقيِّمت المحكمة العليا على النحو الواجب كل الأدلة التي جُمعت، على نحو ما يتجلى من مراعاتها مراعاة شاملة ودقيقة في الحكم الذي صدر.

٤-١٢ وقدم صاحب البلاغ طلبات تزويده بمحاضر اجتماعات مجلس الوزراء وإجراء اختبار لخط يد أحد الشهود خلال جلسة سماع الدعوى وفق الأصول القانونية، ونظرت السلطات القضائية على النحو الواجب في أسباب تقديم تلك الطلبات ومبرراتها وعلاقتها بموضوع الدعوى.

٤-١٣ ولم تأمر المحكمة العليا قط بحبس صاحب البلاغ حب ساً احتياطيا ً ، لأن محكمة دائرة بوغوتا، التي عقدت أمامها جلسة سماع الدعوى وفق الأصول القانونية، هي التي تتحمل المسؤولية الحصرية عن هذه القرارات وعن تعليقها أو إلغائها.

٤-١٤ وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ يسعى إلى جعل اللجنة تتصرف بمثابة محكمة استئناف في مسائل، لا سيما منها مسؤوليته الجنائية، بتت فيها المحكمة العليا سل فاً على النحو الواجب، لعدم قبوله بنتيجة المحاكمة وبالعقوبة الصادرة في حقه. وبناء على ذلك، ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ‬ ‬ ‬ ‬

٤-١٥ وترى الدولة الطرف أن البلاغ يشكل إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات، ومن ثم، أنه غير مقبول بموجب المادة ٩٦ من النظام الداخلي للجنة. وتشير الدولة الطرف بالتفصيل إلى مقاطع معينة من البلاغ، وتدفع بأنه يتضمن معلومات زائفة ومشوهة وناقصة وغير واضحة، على النحو المبين أعلاه (الفقرات من 4-2 إلى 4-13).

٤-١٦ وترى الدولة الطرف أن البلاغ لا يستوفي شرط المقبولية الذي تنص عليه الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. ‬ فقد أتيحت لصاحب البلاغ عدة وسائل للطعن في العقوبة التي قضت بها المحكمة العليا، مثل طلب إجراء مراجعة قضائية لأحكام المحكمة العليا الواجبة التنفيذ، بموجب المادة ١٩٢ من قانون الإجراءات الجنائية، وطلب حماية حقوقه الدستورية على نحو ما ينص عليه الدستور ، أو طلب إعلان بطلان الإجراءات القانونية لعدم قانونية الأدلة أو لعدم اختصاص القاضي أو لانتهاك الضمانات الأساسية، بموجب المواد من ٤٥٥ إلى ٤٥٨ من قانون الإجراءات الجنائية.

٤-١٧ وتشير الدولة الطرف إلى الملاحظات الواردة في الفقرات السابقة، مؤكدة أن ادعاءات صاحب البلاغ انتهاك حقوقه المكفولة بموجب العهد تستند بوضوح إلى أسس واهية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

٥-١ في 19 نيسان/أبريل و16 و17 تموز/يوليه 2015، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. ويشير صاحب البلاغ إلى أن بلاغه يستوفي معايير المقبولية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري، ويكرر الادعاءات الواردة في رسالته الأولى.

٥-٢ ويكرر صاحب البلاغ ادعاءه أن الدعوى الجنائية التي رُفعت ضده تشكل انتها كاً للفقرة 5 من المادة ١٤ من العهد. فسبل الانتصاف التي ذكرتها الدولة الطرف (الفقرة 4-16) لا تتيح إمكانية إجراء مراجعة موضوعية لأي حكم إدانة وعقوبة. ولا يجوز طلب مراجعة حكم صادر عن المحكمة العليا على غرار الحكم الصادر في حقه ( ) . ولا يعد طلب حماية الحقوق الدستورية سبيل انتصاف فعالا ً ، لأن الأحكام التي تنص على وجوب محاكمة الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة البرلمانية أمام المحكمة العليا، محاكمة ابتدائية ونهائية، هي أحكام ذات صفة دستورية، ولا يمكن تقديم طلب إلى قاض بحماية حق لا يعترف به الدستور أص لاً. وعلاوة على ذلك، تنص المادة ١٨١ من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يجوز تقديم طعن بالنقض إلا في ”الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الثانية“. وبما أن مراجعة الاحكام القضائية سبيل انتصاف استثنائي، فإنها لا تتيح إمكانية الطعن في القرارات أثناء المحاكمة، ولا يجوز طلب المراجعة ما لم تنته القضية ويتم العثور على أدلة جديدة أو يحدث تغيير نتيجة لسابقة قضائية أو تطرأ مستجدات أخرى تبرر مراجعة المداولات ولكنها لا تشكل طع ناً في حكم نهائي صدر مسبقاً.

٥-٣ أما القواعد التي تنظم الدعاوى الجنائية التي رُفعت ضد المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى المتمتعين بالحصانة البرلمانية أمام المحكمة العليا، والتي تجعل قرارات الإدانة والأحكام الصادرة عن المحكمة العليا غير قابلة للمراجعة من قبل محكمة أعلى درجة، فهي تنتهك أحكام المادة ٢٦ من العهد لأنها تحرم بعض المسؤولين الحكوميين من هذا الحق.

٥-٤ ويدعي صاحب البلاغ أن الدعاوى القضائية التي رُفعت ضده، وبخاصة الإجراءات التي اتخذها مكتب النائب العام، وراءها دوافع سياسية.

٥-٥ ولم يطلب صاحب البلاغ تنحية رئيس قضا المحكمة العليا بسبب وجود تضارب في المصالح. غير هذا لا يعني أنه لم يكن هناك تضارب في المصالح. وعلاوة على ذلك، فقد رفضت المحكمة العليا نفسها طلب القاضي تنحية نفسه. وكان ينبغي لعدد من قضاة المحكمة العليا الآخرين الذين شاركوا في مختلف مراحل الدعوى أن يفصحوا عن وجود تضارب في المصالح، لأنهم كانوا في وضع مماثل لوضع رئيس المحكمة.

٥-٦ ويرى صاحب البلاغ أن كون الجلسة التي تُلي خلالها قرار اتهامه وطُلب حبسه احتيا طياً عُقدت في مسرح يشكل معاملة لا إنسانية ومهينة في حقه.

٥-٧ ويدعي صاحب البلاغ أن حبسه الاحتياطي، الذي دام سنتين ، ”يتجاوز بكثير الحد الزمني الأقصى لهذا النوع من الاحتجاز“.

٥-٨ ويدعي صاحب البلاغ أن الأدلة التي طلب إلى المحكمة العليا أن تنظر فيها أثناء محاكمته والتي لم تقبلها المحكمة، كانت وثيقة الصلة بالقضية وهامة ومفيدة.

٥-٩ وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، يشير صاحب البلاغ إلى أن المحكمة العليا تذكر في حكمها نفسه إلى أنه ”حكم غير قابل للاستئناف“. وبناء على ذلك، لا يوجد أي سبيل انتصاف كاف وفعال يسمح بمراجعة حكم الإدانة والعقوبة الصادر عن المحكمة العليا، باعتبارها محكمة ابتدائية ونهائية. أما سبل الانتصاف الأخرى التي تشير إليها الدولة الطرف، فهي ليست كافية ولا فعالة أيضا (الفقرة 5-2).

ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية

٦-١ في ٢١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على الأسس الموضوعية للبلاغ، مؤكدة من جديد أنه لا يستوفي معايير المقبولية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري. وعلى وجه الخصوص، كررت الدولة الطرف الحجج التي ساقتها فيما يتعلق بإخفاق صاحب البلاغ في إثبات ادعاءاته.

٦-٢ وتؤكد الدولة الطرف مجد داً أنها ترى أن الدعاوى الجنائية التي رُفعت ضد صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا لا تشكل انتها كاً للفقرة 5 من المادة ١٤ من العهد.

٦-٣ وبالمثل، لا تشكل المحاكمة الجزائية ولا حكم الإدانة والعقوبة الصادر في حق صاحب البلاغ انتها كاً للحق في المساواة أمام القضاء والقانون، المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 14 وفي المادة ٢٦ من العهد.

٦-٤ وقد أمرت السلطات القضائية باحتجاز صاحب البلاغ في سياق الدعوى الجزائية المرفوعة ضده، وف قاً للقانون. وبناء على ذلك، فإن هذا الإجراء لا ينتهك المادة ٩ من العهد. ولا تشكل الدعوى الجزائية التي رُفعت ضد صاحب البلاغ أيضا انتهاكاً للمادة 7 من العهد. ولا تشكل العقوبة التي فرضتها المحكمة العليا على صاحب البلاغ انتها كاً لحقوقه التي تكفلها المادة ١٥ من العهد.

تعليقات صاحب البلاغ على الأسس الموضوعية

٧-١ في ٣ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٥، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على الأسس الموضوعية للبلاغ، وكرر ادعاءاته السابقة حدوث انتهاكات لأحكام العهد.

٧-٢ وفيما يخص الفقرة 2 من المادة ١٤ من العهد، يضيف صاحب البلاغ أن فترة حبس احتياطي مطولة يمكن أيضاً أن تؤثر تأثي راً غير مباشر في افتراض براءته.

٧-٣ وثمة أوجه التناقض بين الوقائع التي استندت إليها التهم التي وجِهت إليه، وبين الوقائع التي أُدين على أساسها في نهاية المطاف، وهو ما يشكل انتها كاً للفقرة 3 (أ) من المادة ١٤ من العهد.

٧-٤ أما الدعوى الجزائية التي رُفعت ضده، فتشكل انتهاكاً للمادة 11 من العهد.

٧-٥ ويدعي صاحب البلاغ أن حقوقه التي تكفلها المادة ١٦ من العهد انتُهكت، لأنه أُجبر على مغادرة الدولة الطرف بصحبة أسرته لأسباب أمنية وعلى الإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام ٢٠١٤، قدم صاحب البلاغ طل باً إلى قنصلية الدولة الطرف في ميامي، حيث عامله موظفو القنصلية معاملة مهينة واحتفظوا بجواز سفره تعس فاً لمنعه من استكمال الإجراءات اللازمة، وحرموه بذلك من حقه في الاعتراف بشخصيته القانونية.

٧-٦ ويشكل قرار إدانته والعقوبة المفروضة عليه انتها كاً لحقوقه التي تكفلها المادة ٢٥ من العهد، لأنهما يمنعانه مدى الحياة من الترشح لأي منصب عام ومن شغل أي وظيفة حكومية. وبناء على ذلك، لن يسمح له بالترشح للانتخابات ولا بالمشاركة بشكل مباشر في إدارة الشؤون العامة.

معلومات إضافية

٨-١ وفي رسائل مؤرخة ١٥ تموز/يوليه و٢٦ آب/أغسطس ٢٠١٦، و١٠ شباط/فبراير و12 حزيران/ يونيه ٢٠١٧، و٢١ آذار/مارس ٢٠١٨، أبلغ صاحب البلاغ اللجنة بأن المحكمة الدستورية أعلنت، في ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠١٥، عدم دستورية بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية التي لا تجيز الطعن في أي حكم إدانة أمام سلطة أعلى درجة من الناحية الوظيفية أو التراتبية، وحثت الكونغرس على القيام، في غضون عام واحد، بسن قانون شامل ينص على الحق في الطعن في أي حكم إدانة. وإلى حين اعتماد قانون من هذا القبيل، ينبغي أن تعتبر جميع أحكام الإدانة قابلة للطعن فيها.

٨-٢ ونظرا ً إلى أن الكونغرس لم يعتمد أي قانون من هذا القبيل، أبلغ صاحب البلاغ المحكمة العليا، في ٢٢ نيسان/أبريل ٢٠١٦، بأنه سيطعن في الحكم الذي صدر في حقه في ١٧ تموز/يوليه ٢٠١٤.

٨-٣ وفي ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠١٦، أصدرت المحكمة العليا حكماً ينص على أن أمر المحكمة الدستورية لا ينطبق إلى على الأحكام الواجبة التنفيذ الصادرة بعد ٢٤ نيسان/ أبريل ٢٠١٦. وفي 25 أيار/مايو 2016، رفضت المحكمة التماس صاحب البلاغ.

٨-٤ وفي ١٨ كانون الثاني/يناير ٢٠١٨، عدَّلت السلطة التشريعية الكولومبية الدستور، بموجب المرسوم التشريعي رقم 01 لعام ٢٠١٨، بما يضمن لوزراء الحكومة الحق في محاكمة ثانية في القضايا الجزائية.

٨-٥ وفي ضوء هذا التعديل لأحكام الدستور، رفع صاحب البلاغ، في ٢٢ شباط/ فبراير ٢٠١٨، دعوى استئناف أمام المحكمة العليا. وفي ٧ آذار/مارس ٢٠١٨، أعلن أحد قضاة المحكمة العليا عدم قبول دعوى الاستئناف تلك.

٩-١ وفي ١٢ حزيران/يونيه ٢٠١٨، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية أكدت فيها مجد داً موقفها المتمثل في عدم حدوث أي انتهاك للفقرة 5 من المادة ١٤ من العهد.

٩-٢ وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ٢٥ من العهد، تؤكد الدولة الطرف أن المحكمة العليا خلصت إلى أن صاحب البلاغ مسؤول جنائيا عن جرائم إبرام عقود غير مستوفية للشروط القانونية واختلاس أموال بالتملك، وحكمت بأنه ينبغي”منعه من شغل أي منصب عام“ وف قاً للمادة ١٢٢ من الدستور. ويجوز فرض قيود على الحق في المشاركة في إدارة الشأن العام وفي الترشح لمنصب انتخابي، شريطة أن تكون قيودا ً منصوصا ً عليها في القانون ومعقولة ومتناسبة، كما هو الحال في هذه القضية.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

١٠-١ قبل النظر في أي ادعاء يرِد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري. ‬

١٠-٢ وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة (2)(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

١٠-٣ وتحيط اللجنة علماً بما ساقته الدولة الطرف من حجج مفادها أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، لوجود عدة وسائل في متناوله للطعن في حكم الإدانة الصادر عن المحكمة العليا في ١٧ تموز/يوليه ٢٠١٤ (الفقرة 4-16). وتحيط اللجنة علماً أيضا بما ساقه صاحب البلاغ من ادعاءات مفادها أن سبل الانتصاف هذه ليست مناسبة ولا فعالة (الفقرة 5-2) وتلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا ذكرت في قرارها أنه حكمها ”غير قابل للطعن فيه“ (الفقرة 2-12)؛ وأن الدولة الطرف لم توضح كيف يمكن أن تكون سبل الانتصاف التي أشارت إليها في ملاحظاتها فعالة في قضية صاحب البلاغ؛ وأن سبل الانتصاف هذه لا تتيح إمكانية إجراء مراجعة موضوعية لحكم الإدانة والعقوبة. وبما أن الدولة الطرف لم تثر أي اعتراضات على استنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتصل بالادعاءات الأخرى المحددة التي ساقها صاحب البلاغ، فإن اللجنة ترى أن شروط الفقرة ٢(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

١٠-٤ وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بسبب إساءة استخدام الحق في تقديم البلاغات (الفقرة 4-15). غير أن اللجنة تنوه بأن اختلاف الدولة الطرف وصاحب البلاغ حول الوقائع وتطبيق القانون ومدى وجاهة الاجتهاد القضائي للمحاكم المحلية واللجنة، لا يشكل، في حد ذاته، إساءة لاستخدام الحق في تقديم البلاغات ( ) . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذا البلاغ لا يشكل إساءة لاستخدام الحق في تقديم البلاغات بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري. ‬

١٠-٥ وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 9 من العهد أن الدولة الطرف انتهكت حقه في الحرية وفي الأمان على شخصه. فصاحب البلاغ يؤكد أن أمر حبسه الاحتياطي لم يكن مبرراً؛ وأن محكمة دائرة بوغوتا رفضت طلباته إلغاء ذلك الأمر؛ وأن فترة حبسه تجاوزت الحد الأقصى الذي ينص عليه القانون (الفقرتان 3-3 و5-7). كما تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي مفادها أن أمر حبس صاحب البلاغ حب ساً احتيا طياً صدر عن محكمة مختصة وأن حبسه دام قرابة سنة وسبعة أشهر، وفق ما يجيزه القانون. وتلاحظ اللجنة أن محكمة دائرة بوغوتا أمرت، في ٢١ تموز/يوليه ٢٠٠١، بحبس صاحب البلاغ حب ساً احتياط ياً. وترى الدولة الطرف أن هذا الإجراء اتُخذ بناء على طلب الادعاء خو فاً من عرقلة سير العدالة. بيد أن المحكمة نفسها ألغت ذلك الأمر في ١٤ حزيران/يونيه ٢٠١٣، لانتهاء مكتب المدعي العام من عمله المتعلق بجمع الأدلة ولانتفاء احتمال عرقلة سير العدالة (الفقرات 4-3 و4-13 و6-4). وبما أن صاحب البلاغ لم يدحض هذه الحجج، فإن اللجنة ترى أن الادعاءات المقدمة بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد لم تُشفع بأدلة كافية لأغراض المقبولية، وتخلص إلى أنها غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ‬

١٠-٦ وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في المساواة أمام القضاء والقانون وحقه في محاكمة عادلة، المنصوص عليهما في الفقرة 1 من المادة 14 وفي المادة ٢٦، لأنه لم يعامَل كغيره من المدعى عليهم في المحاكمة؛ وأن العقوبة التي فرضتها المحكمة العليا عليه غير متناسبة؛ وأن الدفاع والادعاء لم يكونا متكافئين في وسائل الدفاع أثناء المحاكمة؛ وأنه سبق للنائبة العامة أن أعربت عن رأي في قضيته؛ وأن رئيس قضاة المحكمة العليا كان في وضع ينم عن تضارب في المصالح (الفقرة 3-4). كما تحيط اللجنة علماً بحجج الدولة الطرف التي مفادها أن الدعوى الجنائية التي رفعت على صاحب البلاغ اتبعت الإجراءات المعمول بها في محاكمات المواطنين الذين يتمتعون بالحصانة البرلمانية بسبب المهام التي يؤدونها باعتبارهم من كبار المسؤولين الحكوميين؛ وأن رئيسة المحكمة سعت إلى تنحية نفسها عن البت في قرار تحديد مرحلة المحاكمة التي ينبغي اعتباراً منها تقييد عدد ممثلي المجني عليهم؛ وأن الدائرة الجنائية بالمحكمة العليا رفضت قبول طلب رئيسة المحكمة لعدم وجود أي صلة مباشرة أو غير مباشرة بين القضية التي اعتبرت فيها القاضية مجنيا ً عليها وقضية صاحب البلاغ؛ وأن النائبة العامة فوضت مهامها إلى مدع عام آخر شارك في الجلسة التمهيدية وفي المرافعات الشفوية (الفقرات 4-4، و4-5، و4-7، و4-10، و6-3). وتؤكد الدولة الطرف أيضا ً أن العقوبة المفروضة ليست عقوبة غير متناسبة، وأنها متسقة مع المبادئ التوجيهية لإصدار العقوبات، مع مراعاة صفة صاحب البلاغ كمسؤول كبير سابق وكأعلى سُلطة في هيئة تابعة للدولة، وأن المحكمة حكمت على المدعى عليهم الآخرين بعقوبات أكثر تساهلا ً مكافأة لهم على تعاونهم مع القضاء وموافقتهم على التعجيل بمحاكماتهم (الفقرة 4-9). وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يشفع ادعاءاته بأدلة كافية لأغراض المقبولية، ومن ثم، تعتبر هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ‬

١٠-٧ وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 2 والفقرة 3(أ) و(ب) و(ج) من المادة 14 من العهد أن الدولة الطرف انتهكت حقه في افتراض براءته (الفقرة 3-5) ؛ وأنه لم يتح له ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه، لأن السلطات منعته من الاطلاع على الأدلة، وأن المحكمة العليا لم تقبل أدلة لا غنى عنها لكي يدافع عن نفسه؛ وأنه لم يحاكم دون أي تأخير لا مبرر له (الفقرات 3-6، و3-7، و5-8، و7-2، و7-3). كما تحيط اللجنة علماً بملاحظات الدولة الطرف أنه أُتيحت لصاحب البلاغ إمكانية الوصول إلى جميع المرافق اللازمة لإعداد دفاعه وتقديم الأدلة في الدعوى الجزائية، وأن السلطات القضائية قيَّمت جميع الأدلة على النحو الواجب (الفقرات 4-6، و4-11، و4-12). وتلاحظ اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالطابع الأساسي للأدلة التي لم تُقبل والإخفاق المزعوم في محاكمته بدون أي تأخير لا مبرر له، لا تستند إلى أدلة كافية. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الادعاءات تتصل في المقام الأول بتقييم محاكم الدولة الطرف للوقائع والأدلة. وتشير اللجنة إلى اجتهادها الذي يَؤول بموجبه إلى محاكم الدول الأطراف تقييم الوقائع والأدلة في كل قضية على حدة، أو تطبيق القانون الوطني، ما لم يتبين أن هذا التقييم أو التطبيق يتسم بالتعسف الواضح أو يمثل خطأ جلياً أو حرما ناً من العدالة ( ) . ‬ وقد نظرت اللجنة في المواد المقدمة من الطرفين، بما في ذلك الحكم الصادر عن المحكمة العليا، وهي ترى أن هذه المواد لا تبين أن عيو باً من هذا القبيل شابت الدعوى الجنائية التي رفعت ضد صا حب البلاغ. وبناء على ذلك، ترى أن صاحب البلاغ لم يثبت بشكل كاف ادّعاءه حدوث انتهاك لحقه في الدفاع عن نفسه، المكفول بموجب الفقرة 2 والفقرة 3(أ) و(ب) و(ج) من المادة 14 من العهد، ومن ثم، أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ‬‬‬

١٠-٨ وتحيط اللجنة علماً بادّعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 7 من المادة 14 من العهد أنه حوكم مرتين على الأفعال نفسها (الفقرة 3-10). غير أنها تشير إلى أن المعلومات المقدمة من الطرفين (الفقرة 4-8) لا يمكن أن يُستنبط منها أن الجزاءات التي فرضها مكتب النائبة العامة على صاحب البلاغ، في إطار الإجراءات الإدارية التأديبية، تعد بمثابة عقوبة جنائية الطابع. وتذكِّر اللجنة بأن الضمان الذي تكفله أحكام هذه المادة من العهد ينطبق على الجرائم الجنائية وحدها، لا على التدابير التأديبية التي لا تعد عقوبة على جريمة بالمعنى الوارد في المادة 14 من العهد ( ) . وعليه، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات لم تُدعم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية وتعتبرها غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ‬

١٠-٩ وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 15 من العهد أنه أدين بسبب أفعال وامتناع عن أفعال لم تكن تشكل جرائم وقت ارتكابها. ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يثبُت خلال الدعوى الجزائية أن سلوكه كان مطاب قاً لأركان الجرائم التي اتُهم بارتكابها؛ وأنه ارتكب خطأً من النوع الذي يُسقط عنه المسؤولية الجنائية؛ وأنه لم يتعمد الإقدام على سلوك غير مشروع (الفقرة 3-11). بيد أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ لا يحتج بأن الجرائم التي أدانته المحكمة العليا بارتكابها (الاختلاس بالتملّك وإبرام عقود غير مستوفية لشروط القانون) لم تكن تشكل جرائم وقت حدوث الوقائع. وعليه، ترى اللجنة أن الادعاءات المقدمة بموجب الفقرة 1 من المادة 15 من العهد لم تُشفع بأدلة كافية لأغراض المقبولية، وتخلص إلى أنها غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ‬

١٠-١٠ وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادة ٧ والفقرة 1 من المادة ١٠ والفقرة 1 من المادة 17 والفقرات 18 و19 و26 من العهد، وذلك من حيث الطريقة التي نُظمت بها بعض جلسات سماع الدعوى، والدوافع السياسية المزعومة الكامنة وراء الدعوى الجزائية، وأمر حبسه الاحتياطي، والعواقب التي أسفرت عنها الدعوى (الفقرات 3-2، و3-12، و3-13، و5-3، و5-4، و5-6). وترى اللجنة أن هذه الادعاءات لم تُشفع بأدلة كافية لأغراض المقبولية وتعلن عدم مقبوليتها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

١٠-١١ وتحيط اللجنة علماً بما قدمه صاحب البلاغ من ادعاءات عامة مفادها أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه التي تكفلها المادة 11 والفقرة 6 من المادة 14 والمادة 16 من العهد (الفقرات 3-1، و3-9، و7-4، و7-5). بيد أن اللجنة تشير، في ضوء المعلومات المعروضة عليها، ولا سيما المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ، إلى أنه لا يمكن الاستدلال من ملابسات القضية على انتهاك هذه الحقوق وأن هذه الشكاوى تقوم بوضوح على أسس واهية. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

١٠-١٢ وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 5 من المادة 14 والمادة 25 من العهد (الفقرات 3-8، و5-2، و7-6). كما تحيط علماً بحجة الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار الشكوى غير مقبولة لعدم استنادها إلى أدلة كافية (الفقرات 4-17، و6-1، و9-2). غير أن اللجنة ترى أن ادعاءات صاحب البلاغ مشفوعة بأدلة كافية لأغراض المقبولية. وبناء على ذلك، تعتبر اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 5 من المادة 14 والمادة 25 مقبولة، وتمضي إلى النظر في أسسها الموضوعية. ‬

النظر في الأسس الموضوعية

١١-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

١١-٢ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن الدعوى الجزائية التي رفعت ضده تشكل انتهاكاً لأحكام الفقرة 5 من المادة ١4 من العهد بالنظر إلى عدم وجود آلية تمكنه من الطعن في الحكم ومن طلب مراجعة حكم الإدانة والعقوبة الصادر عن المحكمة العليا في 17 تموز/ يوليه 2014 من جانب هيئة قضائية أعلى درجة (الفقرتان 3-8 و6-4). ونظراً إلى أن المحكمة الدستورية قد أعلنت عدم دستورية عدد من مواد قانون الإجراءات الجنائية التي لا تجيز الطعن في أي حكم إدانة أمام سلطة أعلى درجة من الناحية الوظيفية أو التراتبية، بالإضافة إلى تعديلٍ للدستور، رفع صاحب البلاغ دعويي استئناف أمام المحكمة العليا في قرار إدانته. وأعلنت المحكمة عدم قبولهما في ٢٥ أيار/مايو ٢٠١٦ و٧ آذار/مارس ٢٠١٨، على التوالي (الفقرات 8-1، و8-3، و8-5).

١١-٣ وتحيط اللجنة علماً أيضا ً بحجة الدولة الطرف أن صيغة الفقرة 5 من المادة 14 من العهد لا يمكن أن يُستنبط منها أنها تنص على شرط مطلب يقضي باللجوء إلى ”محكمة من الدرجة الثانية“، لأن الصيغة الفعلية المستخدمة في نص تلك الفقرة هي ”محكمة أعلى“؛ وأنه يمكن تفسير هذه الصيغة على أن الإشارة إلى ”محكمة أعلى“ تعني وجوب أن تنظر في القضية محكمة يتمتع قضاتها بأعلى مؤهلات أكاديمية ومهنية، بما يمكنها من ضمان تقييم المسائل المعروضة عليها تقييما ً صحيحاً؛ وأن الدول الأطراف تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في تحديد الإجراءات ووضع آليات فعالة لحماية الحقوق دون اشتراط إجراء محاكمة ثانية في القضايا الجنائية المتعلقة بكبار المسؤولين الذين يتمتعون بامتيازات برلمانية؛ وأن محاكمة هؤلاء الأشخاص، باعتبارهم مسؤولين رفيعي المستوى يتمتعون بحصانة برلمانية، أمام محكمة أعلى درجة في القضايا الجنائية يعد في حد ذاته ضمانا ً شاملا ً لمبدأ المحاكمة وفق الأصول القانونية (الفقرات 4-4، و4-5، و6-2).

١١-٤ وتذكِّر اللجنة بأن الفقرة 5 من المادة 14 من العهد تنصّ على أن لكل شخص أُدين بجريمة الحق في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حُكم به عليه، وفقاً للقانون. وتذكِّر اللجنة بأن عبارة ” وف قاً للقانون “ لا يُقصد بها أن يترك وجود حق المراجعة في حد ذاته لتقدير الدول الأطراف. ‬ ورغم أن تشريعات الدولة الطرف قد تنصّ في بعض الحالات على محاكمة أحد الأفراد، بسبب منصبه، أمام محكمة أعلى درجة من العادة، فإنّ هذا الظرف وحده لا يمكن أن يقف عائقاً أمام حقّ المدّعى عليه في اللجوء إلى محكمة كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي الحكم الصادر في حقه ( ) . ‬ وفي هذه القضية، لم تقدم الدولة الطرف أي دليل على وجود أي سبيل انتصاف يجوز لصاحب البلاغ أن يستخدمه لطلب مراجعة قرار إدانته والعقوبة التي حكم بها عليه من قِبل محكمة أخرى ( ) . وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها الفقرة 5 من المادة 14 من العهد. ‬

١١-٥ وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن حكم المحكمة العليا الصادر في ١٧ تموز/يوليه ٢٠١٤ يشكل انتها كاً لحقوقه التي تكفلها المادة ٢٥ من العهد، لأنه يمنعه مدى الحياة من الترشح لأي منصب عام ومن شغل أي وظيفة حكومية (الفقرة 7-6).

١١-٦ وتذكِّر اللجنة بأن المادة 25 من العهد تُقر وتحمي حق كل مواطن في أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، وحقه في أن يَنتخب ويُنتخب، وحقه في أن تتاح له فرصة تقلد الوظائف العامة. ولا يجوز تعليق أو إبطال ممارسة المواطنين لتلك الحقوق إلا لأسباب موضوعية ومعقولة ينص عليها القانون، بغض النظر عن ماهية الدستور أو نوع الحكم القائم ( ) . وتذكر اللجنة أيضاً بأنه إذا كانت الإدانة على ارتكاب جريمة هي سبب تعليق الحق في الانتخاب أو الترشح لمنصب، فيجب أن يكون هذا التقييد متناس باً مع جسامة الجريمة وشدة العقوبة ( ) . وتذكر اللجنة كذلك بأنه عندما تكون هذه الإدانة تعسفية بشكل واضح أو تبلغ حد الخطأ البيّن أو الحرمان من العدالة، أو تكون الإجراءات القضائية التي أسفرت عن الإدانة قد انتهكت بأي طريقة أخرى الحق في محاكمة عادلة، يجوز اعتبار تقييد الحقوق المنصوص عليها في المادة ٢٥ تعسفياً ( ) . ‬ ‬

١١-٧ وتلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا أدانت صاحب البلاغ، في ١٧ تموز/يوليه ٢٠١٤، بجريمتي الاختلاس بالتملك وإبرام عقود غير مستوفية لشروط القانون. وبما أن صاحب البلاغ أدين بارتكاب جرائم تنطوي على استغلال أصول مملوكة للدولة، فإن المحكمة العليا أمرت أيضا ً بمنعه من شغل أي منصب عام. ولا تدحض الدولة الطرف في ملاحظاتها استمرار هذا الحظر مدى الحياة. فبدلا من ذلك، تؤكد ملاحظات الدولة الطرف أن المحكمة العليا فرضت هذه القيود في سياق إجراءات قضائية عادلة وأن هذا التدبير قانوني وموضوعي ومعقول ومتناسب (الفقرة 9-2). وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن المحكمة العليا أمرت بفرض قيود على الحقوق المدنية لصاحب البلاغ طوال فترة العقوبة الرئيسية (أي ١٧ عاما ً و٥ أشهر)، وأن صاحب البلاغ لم يعترض على هذا التدبير. وفي ضوء ما تقدم، يجب على اللجنة أن تبت في ما إذا كانت القيود التي فرضت مدى الحياة على حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 25، والتي يستمر سريانها بعد قضاء العقوبة الرئيسية، متماشية مع أحكام العهد أم لا. وترى اللجنة أن الدول الأطراف تسعى إلى تحقيق هدف مشروع في يتمثل في مكافحة أفعال الفساد وفي حماية الأموال العامة، ومن ثم المصلحة العامة، صو ناً للنظام الديمقراطي. ولذلك، قد يكون للدول الأطراف مصلحة مشروعة في فرض قيود وصول الأشخاص المدانين بارتكاب جرائم فساد إلى المناصب العامة. وتحقي قاً لهذه الغاية، لا يجوز للدول الأطراف أن تعلق مدى الحياة الحقوق التي تكفلها المادة 25 من العهد إلا في الحالات الاستثنائية للغاية وما لم تبرره جسامة الجرم وظروف الشخص المدان. ويجب أن يستند أي حظر من هذا القبيل إلى أسباب موضوعية وأن يكون قابلاً للتنبؤ به ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أدين بارتكاب جرائم جسيمة في سياق اضطلاعه بمهامه كوزير للزراعة، أي بصفته أعلى موظف حكومي في الوزارة المعنية، وأن أصول الدولة تضررت بشدة من جراء هذه الجرائم. وبعد إثبات المسؤولية الجنائية لصاحب البلاغ، فرضت المحكمة العليا على صاحب البلاغ تلقائيا ً قيودا ً مدى الحياة على حقوقه المكفولة بموجب المادة 25 من العهد، وذلك وف قاً للمادة ١٢٢ من الدستور، بصيغته المعدلة بموجب المرسوم التشريعي رقم ٠١ لعام ٢٠٠٤، الذي كان ساريا ً وقت وقوع الأحداث موضوع البلاغ (انظر الحاشية ١ أعلاه). ومدة هذا الحظر تتجاوز بكثير مدة العقوبة الرئيسية المفروضة على صاحب البلاغ. وتلاحظ اللجنة أن الحظر الذي تنص عليه المادة 122 من الدستور هو حظر يتسم وصفه بعبارات مبهمة ولا يخضع لأي حدود زمنية، وأن شروط فرضه ترد بعبارات مبهمة أيضا ً ، مما يحد من إمكانية التنبؤ بها. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة، في ضوء المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، أن المحكمة العليا لم تجر تقييما ً فرديا ً فعليا ً لمدى تناسب القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة ٢٥ من العهد. ولم تنظر المحكمة صراحة، في منطوق حكمها، الذي فرضت بموجبه الحظر المذكور، في الملابسات المحددة التي ارتكبت فيها الجرائم الجسيمة التي أدين بها صاحب البلاغ. كما لم تقدم المحكمة تفسي راً كافيا ً يبرر تعليق تلك الحقوق مدى الحياة بناءً على الملابسات المحددة للقضية. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن المعلومات المتاحة لا تتيح لها أن تخلص إلى أن القيود التي فرضتها المحكمة العليا مدى الحياة على حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 25 من العهد، هي قيود متناسبة. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 25 من العهد.

١٢- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الفقرة 5 من المادة 14 والمادة 25 من العهد.

١٣- ووف قاً لأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يجب على الدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. ويقتضي ذلك جبراً كاملاً للضرر الذي لحق بالأفراد الذين انتُهِكت حقوقهم. وترى اللجنة أن آراءها بشأن الأسس الموضوعية للشكوى، في هذه القضية، تشكل جب راً كافيا ً للضرر الناجم عن الانتهاك الذي تبين حدوثه. والدولة الطرف ملزمة أيضا ً باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، بما في ذلك استعراض قوانينها لكفالة أن تكون أي قيود تفرض على حق المواطن في المشاركة في إدارة الشؤون العامة وحقه في أن يُنتخب معقولةً ومتناسبة ومستندة إلى تقييم فردي لكل حالة على حدة.

١٤- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد أقرت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتُعمِّمها على نطاق واسع.

المرفق

[ الأصل : بالإنكليزية ]

رأي فردي لعضو اللجنة سارة كليفلاند (رأي مؤيد) ‬

١- إنني أؤيد استنتاج اللجنة أن حق صاحب البلاغ في مراجعة قرار إدانته من قبل محكمة استئناف بموجب الفقرة 5 من المادة 14 من العهد قد انتُهك، كما أؤيد خلوصها إلى أن آراءها بشأن الأسس الموضوعية لادعاءات صاحب البلاغ تشكل سبيل انتصاف كافيا ً من الانتهاك الذي تبين حدوثه. غير أنني أكتب رأي بشكل منفصل لكي أعبر عن فهمي لاستنتاج اللجنة أن حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 25 من العهد قد انتُهكت أيضا ً .

٢- واتسا قاً مع أحكام المادة ٢٥، تلاحظ اللجنة أنه قد تكون للدول مصلحة مشروعة في منع الأفراد من تولي وظائف عامة بسبب إقدامهم على سلوك إجرامي خطير. والواقع أن هذه القيود، شأنها في ذلك شأن الحد الزمني لتولي الوظائف العامة، يمكن أن تخدم المصلحة العامة من خلال تعزيز الحكم الديمقراطي الفعال وضمان مشاركة عامة الجمهور مشاركة فعالة في الحياة السياسية. غير أن أي قيود من هذا القبيل على تولي الوظائف العامة، يجب أن تكون منصو صاً عليها في القانون، كما يجب أن تكون موضوعية ومعقولة. ويجب أن تكون هذه القيود متناسبة مع جسامة الجرم المرتكب، وأن تُطبق وف قاً للإجراءات القانونية الواجبة ( ) .

٣- ويمكن أن يستوفي فرض حظر دائم هذه المعايير في ظروف معينة، على نحو ما أشارت إليه اللجنة. وينسحب هذا بصفة خاصة على الجرائم الجسيمة التي يرتكبها مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى، بما فيها جريمة الفساد الواسع النطاق التي تنطوي على استخدام أصول الدولة.

٤- ويمكن استيفاء شرط تناسب الحظر المفروض مدى الحياة على شغل وظيفة عامة مع ملابسات كل حالة على حدة بطريقتين. أولا، لا يمكن أن ينطبق حظر تلقائي مدى الحياة إلا على مجموعة محددة من الحالات: أي على طائفة محددة بوضوح من الجرائم الجسيمة، عندما ترتكب هذه الجرائم مجموعة محددة من الموظفين الحكوميين رفيعي المستوى. وعلى نحو ما لاحظه عضو اللجنة السابق جيرالد نويمان، ينص عدد من الدول صراحة في دساتيره على عدم الأهلية لشغل الوظائف العامة كنتيجة تسمح بها أو تحتمها إجراءات العزل ( ) . وبدلا من ذلك، يمكن أن ينص القانون على أحكام عامة تجيز حظر تولي الوظائف العامة، ولكن لا يمكن تطبيق هذا القانون ما لم ينص على إجراء تقييم قضائي مستقل لمدى تناسب الحظر مع ملابسات كل قضية على حدة.

٥- وفي هذه القضية، كانت أحكام الدستور الكولومبي آنذاك تفرض حظ راً تلقائيا ً مدى الحياة على شغل الوظائف العامة على أي شخص يدان بارتكاب جرائم تمس بأصول الدولة ( ) . ولم تحدد تلك الأحكام نوع الجرائم التي تندرج ضمن تلك الفئة. كما لم تحدد جسامة تلك الجرائم ولا طبيعة تأثيرها على أصول الدولة، ولم يكن تطبيق الحظر التلقائي مقتص راً على الموظفين الحكوميين رفيعي المستوى. وأخي راً، لم تشر الدولة الطرف إلى أن التفسير القضائي أدى إلى تضييق نطاق هذه الأحكام أو إلى توضيحها. ومن ثم، فإن هذه الأح ك ام تندرج ضمن الفئة الثانية أعلاه، التي يُشترط فيها تقييم مدى التناسب في كل حالة على حدة.

٦- وبناء على ذلك، يخلص زملائي إلى أن هذه الأحكام الدستورية غامضة إلى حد يتعذر معه التنبؤ بالعقوبة. وقد يكون ذلك صحيحا ً فيما يتعلق بطائفة كاملة من الجرائم التي قد تندرج في نطاق هذه الأحكام. غير أن فرض حظر تلقائي مدى الحياة على شغل الوظائف العامة على الأشخاص المدانين بارتكاب جرائم ”تمس بأصول الدولة“ كان قابلاً للتنبؤ به تماما ً . فاللجنة تشدد على أن صاحب البلاغ أدين بتهمة اختلاس ما يكفي من الأموال العامة للحكم عليه بالسجن 17 عاما ً ونصف وبغرامة تناهز 765 187 12 يورو.

٧- وتخلص اللجنة أيضا ً إلى أن التطبيق التلقائي للحظر الدستوري يمكن أن يسفر عن نتائج غير متناسبة، وإلى أن المحكمة العليا لم تقيّم مدى تناسب فرض حظر مدى الحياة مع الظروف الفردية لصاحب البلاغ. ومع ذلك، فليس في رأي اللجنة ما يشير إلى أن منع صاحب البلاغ مدى الحياة من تولي أي وظيفة عامة كان سيكون غير متناسب في هذه القضية، لو كانت المحكمة العليا قد أجرت تقييما ً من هذا القبيل. فقد كان صاحب البلاغ يتولى منصب وزير الزراعة، أي أنه كان مسؤولا ً حكوميا ً رفيع المستوى. وأدين صاحب البلاغ بارتكاب جريمة الفساد الواسع النطاق لاختلاسه أموالا ً عامة يصل مجموعها إلى ملايين الدولارات، وهي جريمة استندت إلى الإجراءات التي اتخذها أثناء شغله منصبه. وبناء ً على ذلك، أدين صاحب البلاغ بتهمة الخيانة السافرة للأمانة العامة وبسرقة أموال عامة في وقت كان يتمتع فيه بسلطات عامة كبيرة.

٨- ومن الواضح أن المحكمة العليا كانت على علم بهذه الوقائع آنذاك وأنها طبقت هذه الحظر على هذه الحالة بالتحديد. وثمة احتمال وارد تماما ً هو أن المحكمة قيمت تناسب الحظر مع ظروف صاحب البلاغ، وخلصت إلى تناسب الحظر مع ظروفه، ولكنها لم تبين هذا الأساس المنطقي في ضوء سريان تلك الأحكام الدستورية القاطعة. غير أن الدولة الطرف لم تؤكد في واقع الأمر ما إذا كان قد أجري تحليل من هذا القبيل لمدى تناسب الحظر، أم ما إذا كان ينبغي تأييد قرار المحكمة العليا على ذلك الأساس.

٩- ولهذا السبب، تخلص اللجنة في نهاية المطاف إلى حدوث انتهاك لأن المحكمة العليا لم تبين رس مياً أن منع صاحب البلاغ مدى الحياة من تولي أي وظيفة عامة هو إجراء متناسب في هذا القضية. ويتفق هذا التفسير أيضا مع استنتاج اللجنة أن آراءها تشكل سبيل انتصاف كافيا ً من الانتهاك الذي تبين حدوثه. واستناداً إلى هذا الفهم، فإنني أؤيد قرار اللجنة في هذه القضية.