الأمم المتحدة

CCPR/C/125/D/2308/2013

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

24 May 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥(٤) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم ٢308/٢٠١3 * **

بلاغ مقدم من : رسلان دجومانباييف (تمثله المحامية بخيتجان توريغوجينا)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: ١٣ حزيران/يونيه ٢٠١٣ (الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 97 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في ٤ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٣ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٢٩ آذار/مارس ٢٠١٩

الموضوع: فرض عقوبة على المشاركة في تجمع سلمي

المسألة الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: حرية التعبير؛ حرية التجمع

مواد العهد : المادتان 19(2) و21

مواد البروتوكول الاختياري: المادتان 2 و5(2)(ب)

١- يُدعى صاحب البلاغ رسلان دجومانباييف، وهو من مواطني كازاخستان، ومن مواليد عام 1974. يدّعي أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه بمقتضى المادتين 19(2) و21 من العهد. وبدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة لكازاخستان في ٣٠ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٩. وتمثّل صاحب البلاغ محامية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في ٢ حزيران/يونيه ٢٠١٢، التقى صاحب البلاغ صدفةً ببعض الأصدقاء في وسط مدينة ألماتي، بالقرب من نصب الشاعر أباي كونانباييف، أحد أسلاف صاحب البلاغ المباشرين. وناقش الحاضرون قصائد السيد كونانباييف والأحداث المأساوية التي وقعت في 16 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١ في جاناوزين. ولم يكن في حوزتهم أي ميكروفونات أو لافتات، وكان اجتماعهم ذا طابع غير رسمي.

2-2 وفي وقت لاحق، اقترب من المجموعة ممثل عن مكتب المدعي العام، وأبلغ الحاضرين بأنهم يرتكبون انتهاكاً للقانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية. وبناءً على مشورة الممثل المذكور ، قرر صاحب البلاغ وأصدقاؤه الابتعاد عن النصب بحيث لا يتسببون في مخالفة القانون.

2-3 وفي اليوم نفسه، اعتقلت الشرطة صاحب البلاغ الذي خضع لمحاكمة أمام محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات. وأدلى صاحب البلاغ بشهادة تفيد بأن لقاءه مع أصدقائه اقتصر على مناقشة قصائد شعرية والأحداث التي وقعت في جاناوزين ، ومن ثم فقد كان يمارس حرية الرأي والتعبير. وخلصت المحكمة إلى أن صاحب البلاغ مذنب بانتهاك التشريعات المشار إليها أعلاه المتعلقة بتنظيم وعقد التجمعات السلمية، وحكمت عليه بدفع غرامة قدرها 360 32 تنغي ( ) .

2-4 وعلم صاحب البلاغ من محضر المحاكمة أن الحكومة المحلية ( ) لألماتي رفضت في وقت سابق طلباً لعقد اجتماع مفتوح قدمه ب. م. أبيلوف، أحد قادة حزب سياسي يُدعى "أزات" ، وكان من المزمع عقده في اليوم نفسه والوقت نفسه والمكان نفسه. ويؤكد صاحب البلاغ أنه ليس عضوا ً في حزب "أزات" وأن لا صلة له على الإطلاق بالنشاط الذي كان مقرراً تنظيمه.

2-5 وفي ١١ حزيران/يونيه ٢٠١٢، قدم صاحب البلاغ طعناً إلى محكمة الاستئناف في ألماتي. وذكر أن المحكمة الإدارية لم تأخذ في الاعتبار الطابع السلمي للاجتماع الذي شارك فيه، وأن ذلك الاجتماع لم يشكل انتهاكاً لحقوق الآخرين ولا علاقة له بالاجتماع الذي كان السيد أبيلوف يعتزم عقده. وفي ١٩ حزيران/يونيه ٢٠١٢، أكدت محكمة الاستئناف قرار المحكمة الابتدائية ورفضت الطعن. ورأت محكمة الاستئناف أن المحكمة الإدارية قد تصرفت وفقاً للقانون، وأصابت في تقييم الوقائع والأدلة، وفرضت العقوبة المناسبة.

2-6 وفي ٥ تموز/يوليه ٢٠١٢، قدم صاحب البلاغ التماساً إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقرار المحكمة الإدارية. وفي ١٧ تموز/يوليه ٢٠١٢، رفض نائب المدعي العام التماسه للمراجعة القضائية.

الشكوى

٣- يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت حقه في حرية التعبير بمقتضى المادة ١٩(٢) من العهد، وحقه في التجمع السلمي بمقتضى المادة ٢١ من العهد، حيث أن الشرطة والمحاكم لم توفر مبرراً وجيهاً لتقييد هذه الحقوق.

‬ ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 وجّهت الدولة الطرف مذكرة شفوية إلى اللجنة، مؤرخة 28 كانون الثاني/يناير 2014 . وطلبت الدولة الطرف في المذكرة إلى اللجنة اعتبار البلاغ غير مقبول لانعدام الإثباتات وعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ شارك مع نحو 25 شخصاً آخرين، في ٢ حزيران/يونيه ٢٠١٢، مشاركةً نشطة في تجمع دون إذن لمناقشة الأحداث التي وقعت في جاناوزين . وتكلم صاحب البلاغ في خطابه العام عن فقر السكان في الأرياف، والفساد وغير ذلك من المواضيع. ونال الحدث تغطية من عدة وسائط إعلامية. وتلاحظ الدولة الطرف أن أفعال صاحب البلاغ تشكل انتهاكاً للمادة ٩ من القانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية. وفي اليوم نفسه، أدانت محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات صاحب البلاغ على ارتكاب مخالفة إدارية بمقتضى المادة 373، الفقرة ١ (انتهاك التشريعات المتعلقة بتنظيم وعقد التجمعات السلمية)، من قانون المخالفات الإدارية لكازاخستان، وفرضت عليه دفع غرامة قدرها 360 32 تنغي.

4-2 وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن صاحب البلاغ لا ينكر مشاركته في تجمع غير مأذون به في ٢ حزيران/يونيه ٢٠١٢، ولكنه يزعم أن أفعاله لم تشكل انتهاكاً للقانون. وتُجيز المادة 19(3) من العهد فرض قيود معينة على الحق في حرية التعبير إذا كان القانون ينص على تلك القيود وإذا كانت ضرورية من أجل احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، أو من أجل حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وفي الوقت نفسه، تنص المادة 21 على الحق في التجمع السلمي، ولا يجوز أن توضع قيود على ممارسة هذا الحق إلا القيود التي تُفرض طبقاً للقانون وتكون ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لتأمين مصلحة الأمن القومي أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ‬ وتلاحظ الدولة الطرف أن القانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية يحدد في كازاخستان الإجراءات من أجل التعبير عن الرأي في الأماكن العامة والقيود المفروضة على ممارسة هذا الحق. ووفقا ً للقانون، يجب تقديم طلب إلى المجالس البلدية المحلية لعقد مناسبة عامة. أما الذين ينتهكون هذا الشرط، فيمكن محاسبتهم بمقتضى التشريعات القائمة. وتؤكد الدولة الطرف أنه لم يصدر أي إذن عن الهيئة البلدية المحلية بتنظيم التجمع الذي حضره صاحب البلاغ.‬‬

4-3 وتعترف الدولة الطرف بأن حرية التجمع هي سمة ديمقراطية من سمات النشاط السياسي، وبأن دستور كازاخستان يضمن إعمال هذا الحق غير القابل للتصرف، وحمايته. بيد أنها تلاحظ أن إعمال الحقوق من جانب البعض يجب ألا يؤدي إلى انتهاك حقوق الآخرين. وهي تشير إلى التوجيهات الصادرة عن مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الذي يقرّ بضرورة القيود والاستثناءات المطبقة على ممارسة الحق في التجمع السلمي. وتلاحظ الدولة الطرف أن جميع البلدان الديمقراطية المتقدمة النمو تفرض قيوداً على الحق في التجمع السلمي عن طريق القوانين التي تنص على شروط محددة لإعمال هذا الحق. وترى الدولة الطرف أن البلدان الأوروبية تكبدت في السنوات الأخيرة خسائر قدرها بلايين الدولارات نتيجةً لقيام أجزاء من المجتمع بممارسة الحق في التجمعات السلمية، وهي خسائر ناجمة، في جملة أمور، عن وقوع العديد من أعمال الشغب، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، وتوقف المصانع عن العمل. ومن ثم، فمن أجل كفالة حقوق وحريات الآخرين والسلامة العامة والعمل العادي لوسائل النقل، والحفاظ على الهياكل الأساسية، حددت الحكومات المحلية في كازاخستان مناطق بعينها لإقامة مناسبات عامة غير حكومية.

4-4 وتلاحظ الدولة الطرف أنه لم تُفرض عقوبة على صاحب البلاغ بسبب التعبير عن رأيه، إنما على انتهاكه إجراءات عقد التجمعات العامة. أما ادعاؤه بعدم ارتكاب عمل غير مشروع، فقد نظرت فيه المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف وخلصتا إلى أنه غير مدعم بأدلة مثبتة.

4-5 وتعترف الدولة الطرف أيضاً بأنه لا توجد صلة بين التجمع غير المأذون به الذي شارك فيه صاحب البلاغ والطلب المقدم من السيد أبيلوف لعقد اجتماع مفتوح في نفس الوقت ونفس المكان.

4-6 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تؤكد الدولة الطرف أن قانون المخالفات الإدارية ينص على اتخاذ إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، وهو ما يسمح لصاحب البلاغ بتقديم التماس إلى مكتب المدعي العام طلباً لإعادة النظر في قضيته. وقدم صاحب البلاغ هذا الالتماس إلى نائب المدعي العام، الذي رفض طلبه في ٦ حزيران/يونيه ٢٠١٣. بيد أن صاحب البلاغ لم يقدم التماسا ً إلى المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية. ولذا ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف القانونية المحلية المتاحة وأن بلاغه ينبغي أن يُعتبر غير مقبول عملاً بالمادة ٥(٢)(ب) من البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 ردَّ صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف في رسالة مؤرخة ٢٠ شباط/ فبراير ٢٠١٤. وأشار صاحب البلاغ إلى المبادئ التوجيهية المتعلقة بحرية التجمع السلمي لعام ٢٠٠٧، الصادرة عن مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي قبلتها كازاخستان إلى جانب أعضاء آخرين في المنظمة، والتي تحدد ستة مبادئ توجيهية لتنظيم التجمعات السلمية. ويؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت جميع هذه المبادئ. ويدفع أيضا بأن المادة ١٠ من القانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية لئن كانت تسمح للسلطات المحلية بتنظيم إجراءات التجمع السلمي، فإنها لا تمنحها سلطة تحديد الأماكن التي تقام فيها التجمعات، ولا تجيز، على وجه الخصوص، الحد من عدد تلك الأماكن لكي تقتصر على موقع واحد فحسب. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن المجلس المحلي لمدينة ألماتي أوصى في قراره رقم 167، المؤرخ ٢٩ تموز/يوليه ٢٠٠٥، بأن يستخدم رئيس بلدية المدينة الساحة الرئيسية للمدينة لإقامة المناسبات الرسمية الممولة من الدولة، والساحة الواقعة خلف قاعة السينما المحلية للمناسبات التي تنظمها المنظمات غير الحكومية، وجميع الساحات الأخرى للمناسبات الرسمية وأنشطة الترفيه. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا القرار لا يستند إلى القانون بصفة رسمية، بل ويتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان لأنه يؤدي فعلياً إلى تقييد حرية التجمع السلمي. كما يدعي أن القرار ينطوي على تمييز على أساس الآراء السياسية للناس.

5-2 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يدفع صاحب البلاغ بأنه قدم التماساً إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية. ولذا فهو يعتبر أن سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت. ‬‬‬

الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف بشأن المقبولية

٦- كررت الدولة الطرف، عن طريق مذكرة شفوية مؤرخة 30 نيسان/أبريل 2014، تأكيد موقفها القائل بأنه ينبغي للَّجنة اعتبار البلاغ غير مقبول نتيجةً لانعدام الإثباتات وعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف الإضافية

٧- في رسالة مؤرخة ٣٠ أيار/مايو ٢٠١٤، يحيط صاحب البلاغ علماً بأن الدولة الطرف أقرَّت في ملاحظاتها بتوجيه تهمة إليه بارتكاب مخالفة إدارية لمشاركته في تجمع سلمي. ويدعي صاحب البلاغ أن حقوقه قُيّدت على أساس نظام أقره المجلس المحلي ويكتسي طابع التوصية، ويشكل انتهاكاً لدستور كازاخستان وال معايير الدولية. ويشير صاحب ا لبلاغ إلى أنه وفقا ً للفقرة ٣٥ من تعليق اللجنة العام رقم ٣٤(٢٠١١) بشأن حرية الرأي والتعبير، يتعين على الدولة الطرف، لدى الاحتجاج بسبب مشروعٍ لفرض قيود على حرية التعبير، أن تثبت بطريقة محددة وخاصة بكل حالة على حدة الطابع المحدد للتهديد، وضرورة الإجراءات المتخذة بعينها ومدى تناسبها. بيد أن التجمع الذي كان قائماً في ٢ حزيران/يونيه ٢٠١٢ لا يمكن اعتباره تهديداً لأنه كان ذا طابع سلمي ولم يشكل انتهاكاً للنظام العام أو لحقوق الآخرين. ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف، بادعائها أن القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ كانت ضرورية، لم تبين الأساس المشار إليه في المادة ١٩(٣) الذي تعتمد عليه في ادعائها.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 -1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، عملاً بالمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5(2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف القائلة بأن صاحب البلاغ لم يقدم التماساً إلى المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية. وتشير اللجنة إلى اجتهادها القضائي بأن تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة لقرارات المحكمة التي دخلت حيز النفاذ لا يشكل سبيل انتصاف يتعين استنفاده لأغراض المادة 5 (2 )( ب ) من البروتوكول الاختياري ( ) . وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأنه قدم في ٥ تموز/يوليه ٢٠١٢ التماساً إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقضيته الإدارية. بيد أن نائب المدعي العام رفض هذا الطلب في ١٧ تموز/يوليه ٢٠١٢. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن تقديم التماس آخر إلى المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية كان سيشكل سبيل انتصاف فعالا في هذه الحالة. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن ليس هناك في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ما يمنعها من النظر في هذا البلاغ. ‬

8-4 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم أدلة كافية لدعم ادعاءاته بمقتضى المادتين 19 و21 من العهد لأغراض المقبولية. وعليه، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية. ‬‬‬

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف قد انتهكت حقه في حرية التعبير وحقه في التجمع السلمي، لأنها حكمت عليه بدفع غرامة لمشاركته في تجمع عام سلمي في ألماتي في 2 حزيران/يونيه 2012. وترى اللجنة أن الدولة الطرف فرضت قيوداً على حقوق صاحب البلاغ، ولا سيما على حقه في نقل المعلومات والأفكار بجميع أنواعها، على النحو المنصوص عليه في المادة 19(2) من العهد. ومن ثم، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان يمكن تبرير القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ بمقتضى المادة 19(3).

9-3 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34 الذي ذكرت فيه أن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد، وهما عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع، ويشكلان حجز الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية (الفقرة 2). كما تشير اللجنة إلى أن المادة 19(3) من العهد تجيز فرض قيود معينة شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية فحسب، وذلك من أجل: (أ) احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ و(ب) حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأي تقييد لممارسة هذا النوع من الحريات يجب أن يتوافق مع معيارَيْ الضرورة والتناسب الصارمين. ويجب عدم تطبيق هذه القيود إلا للأغراض التي وُضعت من أجلها كما يجب أن تتعلق القيود مباشرة بالضرورة عينها التي تأسست عليها ( ) . وتشير اللجنة كذلك إلى أنه يجب على الدولة الطرف أن تثبت أن القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ بمقتضى المادة 19 من العهد ضرورية ومتناسبة ( )‬‬.

9-4 وتحيط اللجنة علماً بفرض عقوبة على صاحب البلاغ على مشاركته في مناسبة عامة في 2 حزيران/يونيه 2012 بناءً على قرارات صادرة عن محاكم محلية تفيد بتنظيم هذه المناسبات دون الحصول على إذن مسبق، مما يشكل انتهاكاً للقانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية. وتلاحظ اللجنة وجود اختلافات في سرد وقائع تلك المناسبة. إذ يفيد صاحب البلاغ بأن المناسبة كانت غير رسمية في طابعها، وبأن المناقشات كانت تقتصر على القصائد الشعرية والأحداث الأخيرة التي وقعت في جاناوزين. وقد شارك صاحب البلاغ في هذه المناسبة إلى جانب مجموعة من الأصدقاء، وغادرت المجموعة هذا المكان على الفور بعد أن أبلغ أحد موظفي إنفاذ القانون صاحب البلاغ بأن أفعاله تشكل انتهاكاً للقانون. كما تحيط اللجنة علماً برواية الدولة الطرف بأن المناسبة التي شارك فيها صاحب البلاغ نالت تغطية عدد من وسائط الإعلام وشملت مشاركة نشطة لنحو 25 شخصاً. وتدعي الدولة الطرف أن المناقشة العامة التي شارك فيها صاحب البلاغ بشأن الأحداث الأخيرة التي وقعت في جاناوزين تناولت ف قر السكان في الأريا ف، والفساد وغير ذلك من المواضيع، وهو ما لم يدحضه صاحب البلاغ.

9-5 وتلاحظ اللجنة أن في هذه القضية، ادعت الدولة الطرف أن المادة 19(3) تسمح بفرض قيود معينة على ممارسة الحق في حرية التعبير إذا كان منصوصاً على تلك القيود في القانون وإذا كانت ضرورية من أجل احترام حقوق الآخرين، وحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. كما تلاحظ اللجنة أنه بصرف النظر عن طبيعة أو مضمون المناقشات التي أجراها صاحب البلاغ خلال المناسبة المشار إليها في ٢ حزيران/ يونيه ٢٠١٢، لم تحتج الدولة الطرف بأي أسس محددة بوضوح لدعم ضرورة القيود المفروضة على صاحب البلاغ على النحو المطلوب بمقتضى المادة ١٩(٣) من العهد ( ) . وعلاوة على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف في ملاحظاتها أي معلومات تبرر تقييد حق صاحب البلاغ في حرية التعبير. وترى اللجنة، بالنظر إلى ملابسات القضية، أن القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ، رغم استنادها إلى القوانين المحلية، لم تكن مبررة ومتناسبة عملاً بالشروط المبينة في المادة 19(3) من العهد. ‬ وتخلص بالتالي إلى أن حقوق صاحب البلاغ بمقتضى المادة 19(2) من العهد قد انتُهكت( ) .

9-6 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بمقتضى المادة 21 من العهد، تشير اللجنة إلى أن الحق في التجمع السلمي، على نحو ما تكفله المادة 21 من العهد، هو من حقوق الإنسان الأساسية لتعبير الفرد علناً عن وجهات نظره وآرائه، ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. ويحق بوجه عام لمنظمي تجمع ما اختيار مكان يتيح للجمهور المستهدف رؤية وسماع ما يدور فيه. ولا يجوز فرض قيود على الحق في التجمع السلمي، إلا إذا كانت تلك القيود (أ) تُفرض وفقا ً للقانون؛ و(ب) ضرورية في مجتمع ديمقراطي لخدمة مصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح المذكورة أعلاه التي تثير شواغل عامة، ينبغي لها أن تسترشد بالهدف المتمثل في تيسير الحق، لا فرض قيود غير ضرورية وغير متناسبة إزاء هذا الحق. ولذا يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتبرير تقييدها للحق المشمول بحماية المادة 21 من العهد ( ) .

9-7 وتحيط اللجنة علماً بالمعلومات المقدمة من الدولة الطرف بأن دستور كازاخستان يضمن حماية الحق في التجمع السلمي، وبأن إعمال هذا الحق يمكن أن يخضع لقيود حرصاً على كفالة حقوق وحريات الآخرين، أو السلامة العامة، أو العمل العادي لوسائل النقل، أو الحفاظ على الهياكل الأساسية. بيد أن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف في هذه القضية لم تقدم أي تبرير أو توضيح بشأن الكيفية التي يمكن بها لاجتماع صاحب البلاغ أن يشكل، في الممارسة العملية، انتهاكاً لمصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق وحريات الآخرين، على النحو المنصوص عليه في المادة 21 من العهد. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تشكل أيضاً انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ بمقتضى المادة 21 من العهد‬.

١٠ - وترى اللجنة، وهي تتصرف بمقتضى المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف انتهاكات الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بمقتضى المادتين 19(2) و 21 من العهد.

١١- وعملاً بأحكام المادة 2(3)(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويعني ذلك أن عليها أن تمنح الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد تعويضاً كاملاً عما أصابهم من ضرر. وبناءً على ذلك، تُلزَم الدولة الطرف، في جملة أمور، بأن تقدم لصاحب البلاغ تعويضاً كافياً، بما في ذلك ردّ الغرامة التي دفعها بقيمتها الحالية وأي تكاليف قانونية أو رسوم أخرى تكبدها. ويقع أيضاً على عاتق الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، ينبغي للدولة الطرف أن تستعرض تشريعاتها ذات الصلة بحرية التعبير والتجمع السلمي، بما في ذلك القانون المتعلق بتنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية، على النحو المطبق في الحالة الراهنة، من أجل كفالة التمتع الكامل في الدولة الطرف بالحقوق التي تكفلها المادتان 19 و 21 من العهد.

١٢- ومع الوضع في الاعتبار أن الدولة الطرف اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت في وقوع انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بكفالة تمتع جميع الأفراد الموجودين على أراضيها أو الخاضعين لولايتها القضائية بالحقوق المعترف بها في العهد وبإتاحة سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حال ثبوت وقوع انتهاك للعهد، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لإنفاذ آراء اللجنة. ‬ ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بجميع اللغات الرسمية للدولة الطرف.