الأمم المتحدة

CCPR/C/129/D/2404/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

4 March 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2404/2014 * **

المقدم من: فلاديمير مالي (لا يمثله محام) ‬

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 23 كانون الأول/ديسمبر 2012 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة والمحال إلى الدولة الطرف في 28 أيار/مايو 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 23 تموز/يوليه 2020

الموضوع: رفض السلطات الترخيص في تنظيم اعتصامات؛ وحرية التعبير

المسألة الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف ال محل ية

المسألتان الموضوعيتان: حرية التجمع؛ وحرية التعبير

مواد العهد: 19 و 21 ، مقروءتان بالاقتران مع المادة 2 ( 2 ) و( 3 )

مادتا البروتوكول الاختياري: 2 و 5 ( 2 )(ب)

1 - صاحب البلاغ هو فلاديمير مالي، وهو مواطن بيلاروسي من مواليد عام 1951 ، يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه في إطار المادتين 19 و 21 ، مقروءتين بالاقتران مع الفقرتين 2 و 3 من المادة 2 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لبيلاروس في 30 كانون الأول / ديسمبر 1992 . ولا يمثل صاحبَ البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 في 18 آذار/مارس 2012 ، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى اللجنة التنفيذية المحلية لمدينة مالوريتا طلبا لتنظيم اعتصام في 7 حزيران/يونيه 2012 ، من الساعة 00 / 13 إلى 00 / 15 ، بالقرب من المدخل الرئيس للمركز الثقافي ( ) . وكان الغرض المتوخى من الاعتصام لفت انتباه عامة الناس إلى عدم وجود انتخابات حرة وديمقراطية في بيلاروس.

2 - 2 وفي 31 أيار/مايو 2012 ، رفضت اللجنة التنفيذية المحلية طلب صاحب البلاغ استناداً إلى المادة 9 ( 3 ) من قانون الأحداث العامة التي تنص على عدم جواز تنظيم أحداث جماهيرية على مسافة تقل عن 50 متراً من مباني المؤسسات العامة، بما فيها السلطات التنفيذية والإدارية المحلية. ولما كانت بعض إدارات لجنة مالوريتا التنفيذية المحلية تقع في المركز الثقافي المذكور آنف اً، فقد ذكرت اللجنة التنفيذية في قرارها أن الاعتصام محظور. وأكدت أن طلب تنظيم ال اعتصام لا يتضمن أي معلومات عن مصدر تمويل الحدث.

2 - 3 وفي 22 حزيران/يونيه 2012 ، استأنف صاحب البلاغ قرار اللجنة التنفيذية المحلية لدى محكمة مالوريتا المحلية مدعياً انتهاك حقوقه في حرية التعبير والتجمع السلمي المكفولة بدستور بيلاروس وبالمادتين 19 و 21 من العهد. وفي 10 تموز/يوليه 2012 ، اعتبرت المحكمة أن قرار اللجنة التنفيذية المحلية يمتثل ل أحكامَ قانون الأحداث العامة ورفضت استئناف صاحب البلاغ.

2 - 4 وفي 20 آب/أغسطس 2012 ، لم تؤيد محكمة بريست الإقليمية ادعاء صاحب البلاغ ورفضت إعادة النظر في القرار. وبعدئذ طلب صاحب البلاغ إجراء مراجعة قضائية رقابية إلى رئيس محكمة بريست الإقليمية وإلى المحكمة العليا. ورُفض الطلبان في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 و 18 كانون الأول/ ديسمبر 2012 على التوالي. ويدعي صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بمقتضى المادتين 19 و 21 من العهد، مقروءتين بالاقتران مع الفقرتين ( 2 ) و( 3 ) من المادة 2 منه. ويرى أن السبب في رفض تنظيم تجمع سلمي وحرمانه من حقه في حرية التعبير غير قانوني. وأعرب مراراً وتكراراً في بياناته الكتابية إلى لجنة مالوريتا التنفيذية المحلية عن استعداده للتفاوض مع السلطات المحلية والنظر في بديل للاعتصام. بيد أن هذه السلطات حظرت الاعتصام دون أن تقترح بديلا.

3 - 2 ويرى صاحب البلاغ أن السلطات لم توضح لماذا قد يكون فرض قيود على تنظيم اعتصام في هذه القضية بعينها ضروريا في مجتمع ديمقراطي لصون الأمن الوطني أو السلامة العامة لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الغيْر وحرياته م . وإضافة إلى ذلك، لم تستطع السلطات أن تثبت أن استحالة تنظيم تجمع سلمي على مسافة تقل عن 50 متراً من مؤسسات الإدارة العامة، بما فيها السجل المدني، سبب قانوني وعادل لحظر الاعتصامات.

3 - 3 وفيما يتعلق بالفقرتين ( 2 ) و( 3 ) من المادة 2 من العهد، يقول صاحب البلاغ إن المحاكم رفضت مراعاة الأحكام القانونية الدولية، أي أحكام العهد، وهي تؤيد قرار لجنة مالوريتا التنفيذية المحلية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 21 تموز/يوليه 2014 ، ملاحظاتها بشأن المقبولية. وتدفع بأنه ينبغي إعلان عدم مقبولية بلاغ صاحبه وفقاً للمادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لأنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - في 22 أيلول/سبتمبر 2014 ، دفع صاحب البلاغ بأن إجراءات المراجعة القضائية الرقابية في الدولة الطرف ليست سبيل انتصاف محلياً فعالاً. فلكي يعتبر الانتصاف فعالاً، يجب أن تكون فرص نجاحه معقولة. ويضاف إلى ذلك أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أعلنت في اجتهاداتها السابقة أن الإجراءات الرقابية "تقديرية" وأنها من ثم سبل انتصاف غير فعالة ( ) . ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعتبر شكواه مقبولة وتنتقل إلى النظر في أسسها الموضوعية.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وملاحظاتها بشأن أسسه الموضوعية

6 - 1 في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، كررت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية الموجودة.

6 - 2 وفي 28 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية وأبلغت اللجنة بأن اللجنة التنفيذية المحلية لمدينة مالوريتا رفضت في 31 أيار/مايو 2012 طلب صاحب البلاغ تنظيم اعتصام في الساحة التي أمام المركز الثقافي، استناداً إلى المادة 9 من قانون الأحداث العامة الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997 . وفي 10 تموز/يوليه 2012 و 20 آب/أغسطس 2012 على التوالي، رفضت محكمة مالوريتا المحلية ومحكمة بريست الإقليمية استئنافَي صاحب البلاغ.

6 - 3 ورفض رئيس محكمة بريست الإقليمية ورئيس المحكمة العليا استئنافَي صاحب البلاغ الإضافيين بمقتضى إجراء المراجعة القضائية الرقابية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 و 18 كانون الأول/ ديسمبر 2012 على التوالي.

6 - 4 وتلاحظ الدولة الطرف أن تنظيم أحداث جماهيرية في الأماكن العامة لا يتعلق بالمشاركين فحسب ، بل بالمواطنين الآخرين غير المشاركين أيضاً. وأحيلَ في هذا السياق إلى الفقرة 1 من المادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن على كل فرد واجبات تجاه المجتمع الذي يمكن أن يُتاح فيه وحده نمو شخصيته نمواً حراً وتاماً. لذا، تسترسل الدولة الطرف قائلة إن من المهم، عند تنظيم أحداث جماهيرية، اتخاذ التدابير اللازمة لضمان السلامة العامة وإتاحة فرص التمتع بحقوق من ينظمون الأحداث وكذلك من لا يشاركون فيها.

6 - 5 وترفض الدولة الطرف ادعاءات صاحب البلاغ انتهاك حقوقه بموجب المادتين 19 و 21 من العهد، مقروءتين بالاقتران مع الفقرتين ( 2 ) و( 3 ) من المادة 2 منه، معتبرةً إياها بلا أساس.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف الإضافية بشأن مقبولية البلاغ وعلى ملاحظاتها بشأن أسسه الموضوعية

7 - 1 في 17 أيار/مايو 2019 ، كرر صاحب البلاغ أن الاستئناف في إطار إجراء المراجعة القضائية الرقابية لا يشكل سبيل انتصاف فعالاً. وأضاف أن هذا الإجراء يخضع لسلطة المدعي العام أو القاضي التقديرية ولا يستلزم النظر في القضية من حيث أسسها الموضوعية. وخلص إلى أن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة قد استُنفدت في قضيته.

7 - 2 وتعليقاً على حجج الدولة الطرف بأن أحكام قانون الأحداث العامة تتوافق مع المادتين 19 و 21 من العهد، يصر صاحب البلاغ على ضرورة تعديل القانون، ويحيل في هذا السياق إلى التحليل القانوني الذي أجرته منظمات دولية شتى في هذا الصدد ( ) . وإضافة إلى ذلك، يحيل إلى اجتهادات اللجنة، ويشير إلى أنه ينبغي جعل قانون الأحداث العامة متمشياً مع العهد ( ) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يرفع شكوى في إطار إجراء المراجعة القضائية الرقابية إلى مدعي بيلاروس العام. وتحيط علماً في هذا الصدد بتأكيد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتحيط علماً أيضاً بحجة صاحب البلاغ القائلة إنه استأنف قرار اللجنة التنفيذية المحلية لمدينة مالوريتا لدى محكمة مالوريتا المحلية، لكنها رفضته في 10 تموز/يوليه 2012. وإضافة إلى ذلك، قدم طلب استئناف بطريق النقض لدى محكمة بريست الإقليمية، لكنها رفضته في 20 آب/ أغسطس 2012، وقدم أيضا ً التماساً إلى محكمة بريست الإقليمية والمحكمة العليا لبيلاروس في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، لكن استئنافَيه رُفضا في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وفي 18 كانون الأول/ ديسمبر 2012 على التوالي. وتحيط علماً، إضافة إلى ذلك، بتأكيد صاحب البلاغ أنه لم يقدم التماساً في إطار إجراء المراجعة القضائية الرقابية إلى مكتب المدعي العام لأنه لا يرى أنه سبيل انتصاف فعال.

8 - 4 وتذكِّر اللجنة باجتهادها الذي يقضي بأن تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام يطالب بإعادة النظر في القرارات القضائية التي دخلت حيز النفاذ ليس سبيل انتصاف يتعين استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن أحكام الفقرة ( 2 )(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

8 - 5 وتحيط اللجنة علما ً بدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بمقتضى المادة 2 ( 2 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و 21 منه. وتذكّر اللجنة باجتهادها ( ) الذي يفيد بأن أحكام المادة 2 من العهد تحدد التزاماً عاماً يقع على عاتق الدول الأطراف ولا يمكن أن ينشأ عنها، عند الاستشهاد بها منفردةً، ادعاء في إطار بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري. وتكرر أنه لا يمكن الاحتجاج بأحكام المادة 2 في ادعاء يرد في بلاغ ما بمقتضى البروتوكول الاختياري، مقترنة بأحكام أخرى من العهد، إلا إن كان عدم تقيّد الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب القريب لانتهاك منفصل للعهد يؤثر مباشرة في الشخص الذي يدعي أنه ضحية ( ) . ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ سبق أن زعم انتهاك حقوقه بموجب المادتين 19 و21 نتيجة تفسير قوانين الدولة الطرف السارية وتطبيقها، ولا ترى أن النظر فيما إذا كانت الدولة الطرف انتهكت أيضاً التزاماتها العامة بمقتضى المادة 2(2) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21 منه، ينفصل عن النظر في مسألة انتهاك حقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 19 و21 من العهد. وعليه، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ في هذا الصدد تتعارض مع المادة 2 من العهد، وهي من ثم غير مقبولة بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري. ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

8 - 6 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت ادعاءاته بموجب المادتين 19 و 21 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه، وتعلن بناء على ذلك أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول. ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

8 - 7 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ أثبت، بما فيه الكفاية لأغراض المقبولية، ادعاءاته بموجب المادتين 19 و 21 من العهد، وهي أن السلطات قيدت حقوقه، لكنْ لا اللجنة التنفيذية لمدينة مالوريتا ولا المحاكم نظرت فيما إذا كانت القيود المذكورة لها في الواقع ما يبررها من أسباب تتعلق بالأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو ما إذا كانت ضرورية لحماية حقوق الغيْر وحرياته م . و بناء عليه، تعلن أن البلاغ مقبول وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية. ‬

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسب مقتضيات المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

9 - 2 وتحيط اللجنة علما بادعاءات صاحب البلاغ أن حقّيه في حرية التعبير وحرية التجمع قُيّدا، الأمر الذي ينتهك كلا من المادة 19 والمادة 21 من العهد، إذ إنه رُفض الترخيص له في تنظيم تجمع سلمي للفت الانتباه إلى عدم وجود انتخابات حرة وديمقراطية في بيلاروس. وتحيط علما أيضا بادعاءات صاحب البلاغ أن السلطات لم توضح لماذا قد يكون فرض قيود على تنظيم اعتصام في قضيته ضروريا ً لصون الأمن الوطني أو السلامة العامة لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الغيْر وحرياته م . وادعى أيضاً أن السلطات لم تستطع إثبات أن القيود المفروضة على تنظيم تجمع سلمي على مسافة تقل عن 50 متراً من مؤسسات الإدارة العامة كانت سبباً قانونياً وعادلاً لحظر الاعتصامات.

9 - 3 وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بتعليقها العام رقم 34 ( 2011 ) حيث ذكرت جملة أمور منها أن حرية التعبير أساسية لأي مجتمع وتشكل إحدى ركائز كل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية. وتلاحظ أن المادة 19 ( 3 ) من الاتفاقية لا ت بيح فرض قيود معينة على حرية التعبير، بما فيها حرية نقل المعلومات والأفكار، إلا في حدود ما ينص عليه القانون، وإلا إن كانت ضرورية (أ) لاحترام حقوق الغيْر أو سمعته م أو (ب) لحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأخيراً، يجب ألا يكون أي تقييد لحرية التعبير فضفاضاً بطبيعته - أي أن يكون أقل التدابير مساساً بهذا الحق من بين التدابير التي قد تحقِّق الحماية المطلوبة وأن يتناسب مع المصلحة المراد حمايتها. وتُذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف هي التي يجب أن تُثبت وجه الضرورة والتناسب في القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ المكفولة ب المادة 19 من العهد ( ) .

9 - 4 وتلاحظ اللجنة أن رفض الترخيص في الاعتصام يستند إلى المادة 9 من قانون الأحداث العامة التي تنص على أن تنظيم الأحداث الجماهيرية غير جائز على مسافة تقل عن 50 متراً من مباني المؤسسات العامة. غير أنها تلاحظ في الوقت نفسه أن الدولة الطرف والمحاكم الوطنية لم تقدم أي تفسير لكيفية تبرير هذه القيود وفقاً لشرطَي الضرورة والتناسب في هذه القضية، إذ إن الاعتصام كان من المفترض أن يقام بالقرب من المدخل الرئيس لمركز ثقافي، لا سيما بالنظر إلى أن صاحب البلاغ أعرب عن استعداده للنظر في مكان بديل. ولأن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادة 19 ( 2 ) من العهد قد انتُهكت.

9 - 5 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب البلاغ أن حقه في التجمع السلمي بموجب المادة 21 من العهد انتُهك أيضاً برفض السلطات البلدية الترخيص في الاعتصام. وتذكّر في هذا السياق بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان لا بد منه لتعبير الفرد عن آرائه ووجهات نظره، وهو حق لا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. ويستلزم هذا الحق إمكانية تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه، وفي ضمنه تنظيم تجمع ثابت (كالاعتصام) في مكان عام. و عموماً ، يحق لمنظمي التجمعات أن يختاروا موقعاً على مرأى ومسمع من الجمهور المستهدَف، ولا يجوز تقييد هذا الحق ما لم يكن (أ) مفروضاً وفق القانون ؛ (ب) وضرورياً في مجتمع ديمقراطي لصون الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الغير وحرياته م . وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح العامة المشار إليها سابقا ً ، ينبغي أن تستهدي ب ال غرض القاضي ب تيسير إعمال هذا الحق عوضاً عن توخّي تقييده بقيود غير ضرورية أو غير متناسبة. لذا يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتبرير تقييدها الحق المشمول بحماية المادة 21 من العهد ( ) .

9 - 6 وفي هذه القضية، على اللجنة أن تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ في التجمع السلمي مبررة بمقتضى أي معيار من المعايير المبيّنة في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وفي ضوء المعلومات المتاحة في الملف ، تلاحظ اللجنة أن السلطات البلدية والمحاكم المحلية لم تقدم أي تبرير أو تفسير للكيفية العملية التي كانت ستجعل احتجاج صاحب البلاغ ينتهك الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الغير وحرياته م ، وفق ما تنص عليه المادة 21 من العهد. ولم تثبت الدولة الطرف أنها اتخذت أي تدابير بديلة لتيسير ممارسة صاحب البلاغ حقوقه بمقتضى المادة 21 .

9 - 7 وتشير اللجنة إلى أنها نظرت في قضايا مماثلة تتعلق بنفس قوانين الدولة الطرف وممارساتها في عدد من البلاغات السابقة. وانسجاماً مع هذه السوابق، ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي تفسير للمسألة المطروحة، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت في القضية موضع النظر حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد.

10 - وترى اللجنة، وهي تتصرف وفقاً للمادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف حقوق صاحب البلاغ بمقتضى المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد.

11 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر الأضرار التي لحقت بمن انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد جبراً تاماً. وبناءً على ذلك، يتعين على الدولة الطرف، في جملة أمور، تقديم تعويض كاف لصاحب البلاغ. ويتعين عليها أيضا اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. لذا، على الدولة الطرف أن تعيد النظر في إطارها المعياري المتعلق بالأحداث العامة، وفقاً لالتزاماتها بموجب الفقرة 2 من المادة 2 من العهد، لكي تكفل التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و21 من العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

12 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، بأن للجنة اختصاص البت في مدى حدوث انتهاك للعهد، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان تمتع جميع الأفراد الموجودين في أراضيها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبإتاحة سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حال ثبوت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لإنفاذ آراء اللجنة. ‬ وتطلب إليها أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغ ا تها الرسمية.