الأمم المتحدة

CCPR/C/128/D/3133/2018

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

27 November 2020

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

قرار اعتمدته اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 3133 / 2018 * **

بلاغ مقدم من:

ه. ف. (يمثله المحامي ديبالدي كاسيموف )

الشخص المدعى أنه ضحية:

صاحب البلاغ

الدولة الطرف:

فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ:

11 آب/أغسطس 2015 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية:

القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 9 آذار/مارس 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ القرار:

13 آذار/مارس 2020

الموضوع:

الوصول إلى سبل الانتصاف الداخلية

المسائل الإجرائية:

عدم استنفاد سبل الانتصاف الداخلية؛ عدم إثبات الادعاءات بأدلة كافية؛ التنافي مع العهد

المسائل الموضوعية:

الحق في سبيل انتصاف مفيد؛ الحق في محاكمة عادلة

مواد العهد:

2 ( 3 ) و 14 ( 1 )

مواد البروتوكول الاختياري:

2 و 5 ( 2 )(ب)

1- صاحب البلاغ هو ه. ف.، مواطن فرنسي من مواليد عام 1984. ويدَّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 14 ( 1 ) من العهد. ويمثله، لأغراض هذا البلاغ، المحامي ديلبادي غاسيموف . وقد انضمت فرنسا إلى البروتوكول الاختياري المتعلق بالعهد في 17 شباط/فبراير 1984 .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يقول صاحب البلاغ إنه، في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2000 ، عندما كان عمره 16 عاماً، حوصر ثم تعرض لاعتداء جنسي على يد اثنين من رفاقه أثناء مغادرته المدرسة، وفي حضور عدد من التلاميذ الآخرين. وبينما كان أحد رفاقه يمسك به، أدخل آخر إصبعه الأوسط في فتحة شرجه من خلال ملابسه الداخلية.

2-2 وفي 4 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، قدم صاحب البلاغ شكوى اغتصاب إلى فرقة حماية القاصرين. وفي 1 حزيران/ يونيه 2011 ، حُفظت شكوى صاحب البلاغ لعدم كفاية الأدلة. ورد اً على هذه الانتكاسة، تقدم صاحب البلاغ بشكوى أخرى على رفيقيه مدّعي اً بالحق المدني، في 17 كانون الثاني/يناير 2012 ، إلى عميد قضاة التحقيق بشأن الوقائع نفسها.

2-3 وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2012 ، أمر قاضي التحقيق بعقد مواجهة بين صاحب البلاغ والشخصين المعنيين. غير أنه تعذّر على صاحب البلاغ الحضور بسبب المرض. كما لم يتمكن من حضور المواجهتين الأخريين اللتين كانتا مقررتين في 11 كانون الأول/ديسمبر 2012 و 9 كانون الثاني/ يناير 2013 لأسباب طبية. وأبلغ صاحب البلاغ قاضي التحقيق بأسباب غيابه وطلب تأجيل المواجهتين حتى يتمكن من الحضور فيهما. وكان الغرض من هذا التأجيل أيضاً هو إتاحة الفرصة لقاضي التحقيق لكي يستمع إلى شهود آخرين كان قد عيّنهم صاحب البلاغ ولم يسبق أن استُمع إليهم.

2-4 وبأمر صادر في 20 آذار/مارس 2013 ، رفض قاضي التحقيق تمديد التحقيق، مبرِّراً قراره بتخلُّف صاحب البلاغ عن حضور الجلسات وبعدم كفاية المعلومات التي جُمعت من أقوال الشخصين المدعى عليهما والشهود. ورأى قاضي التحقيق أن الأدلة المعروضة عليه لا تبرر التخطيط لمواجهة جديدة، ناهيك عن عدم وجود أدلة تدعم التهم. وفي الأمر نفسه، أجاب قاضي التحقيق على طلب صاحب البلاغ الاستماع إلى شهود آخرين، مبيِّن اً أسباب عدم استدعائهم. وبالنسبة لبعض هؤلاء الشهود، أوضح قاضي التحقيق أن شهاداتهم قد قدمها بالفعل المدعي بالحق المدني وأُدرجت في السجل، وأنهم لم يقدموا أي معلومات مفيدة بشأن الاغتصاب الذي يُدّعى أن صاحب البلاغ قد تعرض له. أما بالنسبة لشهود آخرين، فقد أشار قاضي التحقيق إلى أنه استُمع إليهم بالفعل، ولكنهم لم يدلوا بأي معلومات مفيدة. وأخيراً، لم يتسن تحديد مكان وجود أحد الشهود. واستأنف صاحب البلاغ الحكم أمام محكمة الاستئناف في باريس، التي رفضت الأمر في 25 نيسان/أبريل 2013 .

2-5 وبموجب أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى صدر في 20 حزيران/ يوني ه 2013 ، أغلق قاضي التحقيق في المحكمة العليا في باريس التحقيق، معتبراً أنه تبيَّن من جميع هذه التحقيقات، التي استُند إلى حد كبير في إجرائها إلى المعلومات والأسماء التي قدمها ه. ف.، أنه لا يوجد دليل يدعم بلاغه، وأنه لم يتبين من أي من التحقيقات التي أجريت حتى حدوث التدافع والعراك. وأمر قاضي التحقيق أيض اً بإيداع الملف لدى قلم المحكمة، على أن يُستأنف النظر فيه في حال وُجّهت تهم جديدة.

2-6 وفي 27 حزيران/ يونيه 2013 ، استأنف صاحب البلاغ هذا الأمر أمام محكمة الاستئناف في باريس، التي رفضت استئنافه في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 . وطعن صاحب البلاغ بالنقض في هذا الأمر الصادر عن محكمة الاستئناف. ورفضت محكمة النقض طعنه بالنقض بمقتضى أمر صدر في 4 آذار/مارس 2015 ، على أساس أن التحقيق كان قد اكتمل وأنه لم يتوفر ما يكفي من العناصر التي تبيّن أن أي شخص قد ارتكب الجريمة المدعاة أو أي جريمة أخرى.

مضمون الشكوى

3-1 يبلّغ صاحب البلاغ عن انتهاك فرنسا الفقرةَ 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 من العهد، بسبب عدم الإنصاف الذي شاب الإجراءات أمام قاضي التحقيق. واعتبر أنه لم يُستمع سوى إلى شاهد واحد من الشهود الذين ذكر أسماءهم في شكواه، دون أن يبرر قاضي التحقيق هذا الاختيار بأي شكل من الأشكال. ويؤكد صاحب البلاغ أن المدة التي مرت على اغتصابه، الذي تعرض له وهو قاصر، يفرض على القضاء التزاماً بالاستفادة من جميع العناصر المقدمة إليه، بما فيها أقواله التي لم تُمحَّص بدقة، حسب قوله.

3-2 ويرى صاحب البلاغ أن قرار رفض تمديد التحقيق، رغم تخلفه عن حضور مواجهتين لأسباب صحية، يشكل انتهاكاً لحقه في أن يُستمع إليه بإنصاف.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 4 أيار/مايو 2018 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ. ورأت أن من واجب اللجنة أن تعلن عدم مقبولية البلاغ لسببين رئيسيين: فمن جهة، لا تنطبق الفقرة 1 من المادة 14 من العهد التي أثارها صاحب البلاغ في هذه القضية؛ ومن جهة أخرى، لم يستنفد صاحب البلاغ جميع سبل الانتصاف الداخلية المتاحة لأنه لم يستند إلى أحكام المادة L141 -1 من قانون التنظيم القضائي.

4-2 وفيما يخص عدم مقبولية البلاغ من حيث الموضوع فيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة 14 من العهد، أكدت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يكلف نفسه عناء إظهار الصلة بين هذه المادة والإجراء الذي اتخذه قاضي التحقيق في سياق رفع دعوى بصفة المدعي بالحق المدني، ولم يحدد ما هو الضمان الإجرائي الذي يقول إنه لم يكن معروف اً. بيد أن الدولة الطرف أقرت بأن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد ، وهي المادة المقابِلة للفقرة 1 من المادة 6 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، تنطبق، في عنصرها المدني، على قيام قاضي التحقيق بتحري المعلومات في سياق دعوى مرفوعة بصفة المدعي بالحق المدني، وهو ما سبق أن اعترفت به المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . كما اعترفت الدولة الطرف بأن بعض الضمانات الإجرائية المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، المقابلة للفقرة 1 من المادة 14 من العهد - والمتصلة على وجه الخصوص بمتطلبات الحق في محاكمة عادلة، تنطبق في مرحلة التحقيق الذي أجراه قاضي التحقيق حيث إن القاضي يقوم بالتحقيق لإثبات التهم ولنفيها ( ) .

4-3 ومع ذلك، رأت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يعتد، في معظم ادعاءاته، بالضمانات المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 14 من العهد، بدلاً من عرض حججه فيما يتعلق بالفقرة 1 من تلك المادة. وقالت الدولة الطرف إن صاحب البلاغ ينتقد في بلاغه عدم إجراء مواجهة مع الشخصين المتهمين ويؤكد أن هذا الوضع لا يتفق مع المبدأ الذي وضعته محكمة النقض بشأن حق أي متهم في استجواب شهود النفي وشهود الإثبات أو طلب استجوابهم في نفس الظروف. وحسب الدولة الطرف، يتفق هذا مع الفقرة 3 (ه) من المادة 14 من العهد، التي يود صاحب البلاغ أن يرى اللجنة تطبقها في قضيته. وفي هذا الصدد، أشارت الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يُحِل المسألة إلى اللجنة بصفته متهماً وأن الفقرة 3 من المادة 14 من العهد لا تسري إلا على المتهمين. وعلاوة على ذلك، رأت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يوضح كيف يمكن أن يشكل عدم المواجهة مع المتهمين، وعدم استجواب بعض الشهود على الاغتصاب المدعى، وعدم إجراء تحقيق في محيطه انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وبناء عليه، طلبت الدولة الطرف إلى اللجنة اعتبار البلاغ غير مقبول. ‬

4-4 وفيما يتعلق بعدم مقبولية البلاغ بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف الداخلية، دفعت الدولة الطرف بالقول إن صاحب البلاغ لم يعتد بسبيل الانتصاف المنصوص عليه في المادة L141 -1 من قانون التنظيم القضائي، التي تتيح تحميل الدولة المسؤولية عن الخلل في أداء القضاء، بسبب خطأ جسيم أو إنكار العدالة، باعتبار القضاء من الخدمات العامة ( ) . وأكدت الدولة الطرف أن أي خطأ يرتكبه قاضي التحقيق أثناء التحقيق يمكن أن يوصف بأنه خطأ جسيم بالمعنى المقصود في المادة L141 -1 من قانون التنظيم القضائي، وهو من ثم يؤدي إلى تحميل الدولة المسؤولية عنه. وحاجت الدولة الطرف بالقول إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعتبر الطعن المتاح بموجب المادة L141 -1 من قانون التنظيم القضائي من بين سبل الانتصاف الفعالة ( ) . واعتدت الدولة الطرف بأن اللجنة نفسها قد اعترفت فعلاً، في إطار النظر في بلاغ وردت فيه مظالم مشابهة، بأن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف لأن صاحب البلاغ لم يستند إلى أحكام المادة L781 -1 ، التي أصبحت فيما بعد المادة L141 -1 ، من قانون التنظيم القضائي ( ) . وطلبت الدولة الطرف إلى اللجنة أن تخلص إلى أن سبيل الانتصاف الذي توفره المادة L141 -1 من قانون التنظيم القضائي هو سبيل انتصاف داخلي متاح وفعال بالمعنى المقصود في المادة 2 والفقرة 2( ب ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، وأن تعلن، من ثم، أن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف الداخلية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 25 تموز/يوليه 2018 ، قدم صاحب البلاغ إلى اللجنة تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. فقال، فيما يتعلق بعدم مقبولية البلاغ من حيث الموضوع، إن المقصود من البلاغ هو أن تخلص اللجنة إلى انتهاك حقه في محاكمة عادلة. وقد حاج بالقول إن الدولة الطرف لا تعترض على كون شروط المحاكمة العادلة تنطبق على إجراء التحقيق المتَّبع في فرنسا. وأضاف أنه، رغم عدم المقاضاة أمام محكمة جنائية، فإن النتائج التي توصل إليها قاضي التحقيق تمس بحقوقه في جانبها المدني، مساساً مباشراً وحقيقياً. وأوضح صاحب البلاغ أنه، على عكس ما تدعيه الدولة الطرف، لم يعتد قط بالفقرة 3 من المادة 14 من العهد. وحاج بالقول إن اللجنة، في تعليقها العام رقم 13 ( 1984 تلاحظ أن المراد من الأحكام العامة المضمَّنة في هذه المادة هو ضمان حسن إقامة العدل وأنها تنطبق على جميع المحاكم والهيئات القضائية العادية أو الاستثنائية الأخرى التي تدخل في نطاق تطبيقها. وذكّر صاحب البلاغ بأن عدم إجراء مواجهة بينه وبين المدعى عليهم وعدم استجواب شهود آخرين أمران يتعارضان مع مبدأ المحاكمة العادلة برمّته. وأكد كذلك أن قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي ذكرتها الدولة الطرف، وهي قضية بيريز ضد فرنسا وقضية فيرا فرنانديز - هويدوبرو ضد إسبانيا ، لا تتناول الفقرة 3 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بإجراءات التحقيق.

5-2 وفيما يتعلق بالحجة القائمة على عدم استنفاد سبل الانتصاف الداخلية، أشار صاحب البلاغ إلى أن الإحالة إلى القاضي الوطني بموجب المادة L141 -1 من قانون التنظيم القضائي، خلافاً لما تدعيه الدولة الطرف، لا تكون سبيل انتصاف داخلي يجب استنفاده، حسب القرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إلا عندما تتناول القضية مسألة الآجال المعقولة ومدة الإجراءات أمام القاضي الوطني، ولا سيما منذ صدور القرار بشأن قضية ميفسود ضد فرنسا ، من منظور المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . ورأى صاحب البلاغ أن قاعدة الإحالة المسبقة إلى القاضي الوطني بموجب المادة L141-1 من قانون التنظيم القضائي قبل أي إحالة إلى جهة دولية، ليست قاعدة تلقائية ولا تنطبق في جميع الحالات. ومع الاعتراف بأنه يتم الاعتداد بالمادة L141 -1 من قانون التنظيم القضائي في حال ارتكاب الدولة خطأ جسيماً، فإن صاحب البلاغ دفع بالقول إنه، وقت الإحالة إلى اللجنة في عام 2015 ، لم يكن قد تحدد بعد مفهوم الخطأ الجسيم كما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 781-1 من قانون التنظيم القضائي في ذلك الوقت - الذي أوضحته منذ ذلك الحين السوابق القضائية. واعتبر صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف الداخلية بعرض قضيته على محكمتي الاستئناف والنقض.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

6-1 في 13 أيلول/سبتمبر 2018 ، قدمت الدولة الطرف تعليقاتها الإضافية إلى اللجنة بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. فوكّدت أن مختلف الأشخاص الذين استُجوبوا، بمن فيهم رفاق صاحب البلاغ وأساتذته، قالوا إنهم لا يتذكرون على الإطلاق أفعال الاغتصاب التي ادعى صاحب البلاغ وقوعها. وأكدت الدولة الطرف أن المدعي العام للجمهورية قد قرر، في 1 حزيران/ يونيه 2011 ، حفظ ملف الدعوى نظر اً إلى عدم توفُّر أدلة جدية على أفعال الاغتصاب التي يدعي صاحب البلاغ وقوعها. وأضافت أنه تم، في 2 نيسان/أبريل 2012 ، فتح تحقيق قضائي وأن جميع الأدلة التي جُمعت أثناء التحقيق التمهيدي قد سُلمت إلى قاضي التحقيق.

6-2 ورأت الدولة الطرف أن المحققين لم يقتصروا على استجواب الأشخاص الذين كانوا لا يزالون مقيمين في البلد، وإنما استجوَبوا أيضاً أولئك المقيمين في الخارج، الذين أجابوا على أسئلتهم بواسطة البريد الإلكتروني أو الهاتف. ولم يرغب الطبيب النفسي الذي يعالج صاحب البلاغ في الإجابة على أسئلة المحققين حيث احتج بالسرية الطبية. وتقول الدولة الطرف إن قاضي التحقيق قد عين لهذا الغرض، في 16 نيسان/أبريل 2012 ، خبيراً بهدف إجراء خبرة طبية -نفسية لصاحب البلاغ.

6-3 وقالت الدولة الطرف إن صاحب البلاغ لم يستجب لاثنين من استدعاءات قاضي التحقيق كما لم يستجب لمواجهتين، متذرعاً بمشاكل صحية، وقدّم شهادات طبية لدعم أقواله. ونتيجة تخلف صاحب البلاغ المتكرر عن الحضور ونظراً إلى أن المعلومات التي جُمعت بالفعل لم تكن كافية لمواصلة التحقيق، أخطر قاضي التحقيق الأطراف في الدعوى بإنهاء التحقيق، في 10 كانون الثاني / يناير 2013 . ودفعت الدولة الطرف بالقول إن صاحب البلاغ قد تقدم، على هذا الأساس، بطلب رسمي في 28 كانون الثاني/يناير 2013 ، لإجراء جلسات استماع أخرى لمن كان قد عيّنهم شهوداً. وحاج بالقول أيضاً إن قاضي التحقيق لم يوافق، في 20 آذار/مارس 2013 ، على طلبات صاحب البلاغ الجديدة، بسبب أن التحقيقات التي أجراها بناءً على المعلومات والأسماء التي قدمها صاحب البلاغ لم تكشف عن شيء. وذكّرت الدولة الطرف بأن قانون الإجراءات الجنائية لم يضع قائمة بأعمال التحقيق التي يلزم القيام بها في قضايا الجرائم الجنسية، وتحديد اً منها الاغتصاب، وأن الأمر يعود إلى قاضي التحقيق أن يقرر القيام بأعمال التحقيق التي يعتبرها ضرورية لكي تظهر الحقيقة.

6-4 وفيما يتعلق بعدم مقبولية البلاغ من حيث الموضوع بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، أكدت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يسعى، بواسطة بلاغه، أن يطلب إلى اللجنة تقييم الوقائع والأدلة علماً بأنه لم يستطع البرهنة على وجود تعسف واضح في تقييم المحاكم الوطنية أو على حدوث إنكار للعدالة. وكررت الدولة الطرف القول إن ادعاءات صاحب البلاغ تتعلق أكثر بالحقوق التي تكفلها الفقرة 3 (ه) من المادة 14 من العهد، التي لا تنطبق إلا على المتهمين.

6-5 أما فيما يتعلق بجوهر البلاغ، فقد بيّنت الدولة الطرف أن أعمال العنف التي بلغ صاحب البلاغ اللجنة عنها كانت قد سقطت بالتقادم وقت تقديم البلاغ، وأن الاغتصاب الجماعي هو التهمة التي بُلغ عنها مكتب التحقيق نتيجة تقديم صاحب البلاغ شكوى مدَّعياً بالحق المدني. وبيّنت الدولة الطرف أن قاضي التحقيق، حرصاً منه على إظهار الحقيقة، قد استجوب أكثر من الأشخاص الستة الذين كانوا في قائمة صاحب البلاغ، حيث استجوب أيضاً الأشخاص الذين ربّما شاهدوا حدوث الوقائع المذكورة في الشكوى. وكررت الدولة الطرف قولها إن الأشخاص الذين استُجوبوا في جميع مراحل التحريات التمهيدية أو التحقيق، وهم 14 شخص اً، قد أنكروا وقائع الاغتصاب التي عرضها صاحب البلاغ في شكواه. وبيّنت أيضاً أن الشخصين المعنيين يعترفان بأنهما مَن بدأ السخرية من الجاني، غير أنهما رفضا في الوقت نفسه وقائع الاغتصاب أو إمكانية أن يكون لهذه السخرية طابع يتيح وصفها بأنها تحرش جنسي. وكررت الدولة الطرف القول إن المعلومات التي قدمها قاضي التحقيق كانت شاملة وأخذت بعين الاعتبار قِدم الوقائع التي حدثت قبل عشر سنوات من تاريخ تقديم صاحب البلاغ الشكوى الأولى. وتضيف أن عدم إسرار صاحب البلاغ لأي شخص بما حدث وقت حدوث الوقائع المدعاة وعدم استصداره شهادة طبية لإثبات ما حدث عاملان يزيدان التحقيق تعقيداً، وأنه تمت، نتيجة لذلك، تعبئة المصلحة المتخصصة التابعة لفرقة حماية القاصرين لأجل إجراء التحقيقات التمهيدية الملائمة لطبيعة الوقائع المدعى حدوثها ( ) . وحاجّت الدولة الطرف بالقول إن أياً من هيئات المراجعة القضائية التي عُرضت عليها القضية لم تجد شذوذاً في قرار قاضي التحقيق، ومن ثمّ طلبت إلى اللجنة، أساسياً، أن تعلن عدم مقبولية البلاغ، واحتياطياً، أن ترفض البلاغ باعتبار أن لا أساس له من الصحة.

تعليقات إضافية من صاحب البلاغ على الملاحظات التكميلية من الدولة الطرف

7-1 في 13 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، قدم صاحب البلاغ تعليقاته الإضافية إلى اللجنة. وق ا ل فيها إن الألقاب التي أطلقها عليه رفاقه تدل على تحيز جنسي وتكشف عن جو من التحرش الأخلاقي وحتى الجنسي. وشدد صاحب البلاغ على أنه، بعكس ما تدعيه الدولة الطرف، لم يعتد قط بالفقرة 3( ه ) من المادة 14 من العهد. وكرر صاحب البلاغ القول إن ادعاءاته تستند إلى انتهاك الدولة الطرف الفقرة 1 من المادة 14 ، ولا سيما فيما يتعلق بجانب الحقوق والالتزامات المدنية. ومع ذلك، أشار صاحب البلاغ إلى أن الفقرة 3 (هـ) من المادة 14 من العهد تعترف بحق من حقوق المتهم، غير أنها لا تحدد ما إذا كان هذا الحق مقصوراً عليهم، ويُستثنى منه المدَّعون. وأضاف صاحب البلاغ أن اللجنة قد اعترفت فعلاً بأنها تملك اختصاص التصرف عندما يتعارض تقييم السلطات الوطنية مع مبادئ العهد. وبهذا المعنى، رأى صاحب البلاغ أن سير الإجراءات كان يفتقر إلى الإنصاف، خاصة بسبب استجواب بعض الشهود عن بعد، حيث لم يكونوا بنفس العفوية ولم يتصرفوا كما لو كانوا يتحدثون مع المحققين وجها لوجه.

7-2 وأكد صاحب البلاغ أن هناك، بعكس ما تدعيه الدولة الطرف، تناقضات عديدة في بيانات التلاميذ الذين استُجوبوا، مما يدل على القسوة عليه والسخرية منه؛ وفي الواقع، أكد أحد المدعى عليهم أنه تفوه بشتائم معادية للمثليين وجّهها إليه. وأضاف صاحب البلاغ أن شهادة بعض الأشخاص الذين جرى استجوابهم تكشف عن تواطؤٍ وتشاور فيما بينهم، لأجل تقديم نفس الإجابات للمحققين. وقد أصر على أن من شأن تكرار ما تعرض له من سخرية وتحرش ذوَيْ طابع الجنسي أن يلحق الضرر بشرفه وسمعته، وأن تقييم الأدلة يدخل في نطاق اختصاص اللجنة بموجب المادة 17 والفقرة 3 من المادة 19 والمادة 26 من العهد. وأضاف صاحب البلاغ أن محكمة الاستئناف في باريس قد قالت، في حكمها الصادر في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ، إن بعض الشهادات أكدت أنه أُطلقت عليه ألقاب ساخرة ذات طابع جنسي. لذلك، رأى صاحب البلاغ أنه كان ينبغي لقاضي التحقيق أن يأمر بعقد مواجهة جديدة.

7-3 ودفع صاحب البلاغ بالقول أيضاً إنه كان ينبغي للدولة الطرف أن تتخذ موقفاً أكثر رفقاً حياله، بعدما أشارت في رسالتها إلى أن الخبرة الطبية - النفسية أوردت احتمال وجود صلة بين الاضطرابات النفسية التي يعاني منها صاحب البلاغ، والتي لاحظها الخبير، وبين الوقائع المدعى حدوثها. واعتبر أن رفض طلبه عقدَ المواجهة يتعارض مع حقه في محاكمة عادلة، رغم سوء حالته الصحية وقت تلقِّيه الاستدعاءات السابقة من القاضي، وهو ما لا يجوز أن يحرمه من حقه في مواجهة الشخصين اللذين اتهمهما.

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري المتعلق بالعهد.

8-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-3 فإنها تحيط علماً بشكوى صاحب البلاغ من أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 من العهد، لأن قاضي التحقيق في الدولة الطرف قرر عدم الدعوة إلى عقد مزيد من المواجهات والاستجوابات فيما يتصل بشكوى الاغتصاب التي تقدم بها.

8-4 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف ومؤداها أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف الداخلية لأنه لم يعتد بأحكام المادة L141 -1 من قانون التنظيم القضائي ( ) . وتحيط اللجنة علم اً بحجة صاحب البلاغ أن هذا الإجراء لا يكون صحيحاً إلا في قضية تنطوي على مسألة الأجَل المعقول ومدة الإجراءات. وفي ضوء الغموض الذي يكتنف الاعتداد بالمادة L141 -1 من قانون التنظيم القضائي، ترى اللجنة، في هذه القضية تحديداً، أنه لا حاجة إلى استنفاد صاحب البلاغ سبيلَ الانتصاف الذي تنص عليه هذه المادة، وأن سبل الانتصاف الداخلية قد استُنفدت نتيجة لذلك.

8-5 وتحيط اللجنة علماً بتعليقات الدولة الطرف التي تفيد بأن البلاغ غير مقبول من حيث الموضوع فيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة 14 من العهد، حيث لم يبرهن صاحب البلاغ على أن عدم استجواب شهود إضافيين أو عدم عقد مواجهة يشكل انتهاكاً لحقه في محاكمة عادلة. كما تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي مفادها أن البلاغ يتعلق أكثر بالفقرة 3 من المادة 14 من العهد، في حين أن صاحب البلاغ يتوجه إلى اللجنة بصفته ضحية، لا متهماً. وتحيط اللجنة علم اً، إضافة إلى ذلك، بحجة الدولة الطرف ومؤداها أن صاحب البلاغ يطلب إلى اللجنة أن تستعيض بتقييمه هو للوقائع والأدلة عن تقييم القاضي الداخلي الذي يتمتع بالسيادة في تقييم إجراءات التحقيق التي يأمر باتخاذها كما في النتائج التي تتمخض من تلك الإجراءات.

8-6 وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ التي مؤداها أن البلاغ يرمي إلى الإبلاغ عن عدم الإنصاف في إجراءات التحقيق، ولا سيما في الجانب المدني منه. كما تحيط اللجنة علماً بأن صاحب البلاغ يعتد بالقول إن السلطات الوطنية لم تكن منصفة في تقييم الأدلة، وإن الأدلة المضمَّنة في أقوال المدعى عليهما تكشف عن سخرية معادية للمثليين كان ينبغي أن تُلزم قاضي التحقيق بالاستفاضة أكثر في التحريات، ولا سيما بإتاحة عقد مواجهة جديدة.

8-7 وتشير اللجنة إلى أن أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، تهدف عموماً إلى إقامة العدل على نحو سليم، حتى فيما يتعلق بالالتزامات المدنية ( ) . ومع ذلك، ترى اللجنة، في هذه القضية، أنه لا يحق لها أن تحل محل قاضي التحقيق في تقييم وقائع القضية، وأنه لا يجوز التوجه إليها ببلاغ إلا بشرط أن يثبت صاحب البلاغ أن موقف القاضي يبين عن سلوك تعسفي أو إنكار للعدالة، أو أنه أخل بواجبه أن يتحلى بالاستقلال والنزاهة ( ) . وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت بشكل صحيح، في هذه القضية، كيف أن تقييم جميع المعلومات التي جُمعت أثناء التحقيق كان تعسفياً أو يشكل إنكاراً للعدالة. وفيما يتعلق بالمظالم المرتبطة بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد، تشير اللجنة إلى أنه لا يمكن الاحتجاج بأحكام تلك المادة، التي تنص على التزامات عامة تهم الدول الأطراف، بمعزل عن غيرها وفي حد ذاتها، في بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت كيف أن الدولة الطرف لم توفر له سبيل انتصاف مفيداً. وتلاحظ اللجنة أن تظلمَا صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 من العهد، المقروءتين معاً، غير مدعّمين بما يكفي من الأدلة لاعتبارهما مقبولين.

9- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي: ‬

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُبلَّغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ.