الأمم المتحدة

CCPR/C/125/D/2489/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

7 June 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2489/2014 * ** ***

بلاغ مقدم من: جامشيد هاشمي ومريم هاشمي (يمثلهما المحامي ف. ج. فيشر)

الشخصان المدعى أنهما ضحيتان : صاحبا البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ تقديم البلاغ : 19 تموز/يوليه 2013 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ٤ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٤ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٢٦ آذار/مارس ٢٠١٩

الموضوع : حرمان طفل الإعانة لعدم الحصول على تصريح الإقامة؛ حقوق الطفل؛ حقوق الأسرة

المسألة الإجرائية : لا يوجد

المسائل الموضوعية : التمييز على أساس وضع آخر (استحقاقات الضمان الاجتماعي)؛ حقوق الأسرة والأطفال في الضمان الاجتماعي

مواد العهد : 23 و24(1) و26

مادة البروتوكول الاختياري : ٢

١-١ صاحبا البلاغ هما جامشيد هاشمي، المولود في 13 أيار/مايو 1977، ومريم هاشمي، المولودة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1980، من مواطني أفغانستان. وهما يقدمان البلاغ باسمهما وباسم طفليهما المولودين في هولندا، وهما "ر" المولودة في ٢٣ أيار/مايو ٢٠٠٢ و"ق " المولود في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٨. ويدعي صاحبا البلاغ أن رفض مصرف الضمان الاجتماعي لطلبهما الحصول على إعانة الطفل العامة يشكل انتهاكاً من جانب هولندا للمواد ٢٣ و٢٤(١) و٢٦ من العهد.

الوقائع المعروضة ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

٢-١ يقول صاحبا البلاغ إنهما فرا من أفغانستان بسبب حركة الطالبان ووصلا إلى هولندا في ١٤ آب/أغسطس ٢٠٠١. وتقدما بطلب أولي للحصول على اللجوء في ١٥ آب/ أغسطس ٢٠٠١، ورُفِض في ٢٤ شباط/فبراير ٢٠٠٣. وفي ٢١ آذار/مارس ٢٠٠٣، طعن صاحبا البلاغ في ذلك القرار لدى محكمة لاهاي الإقليمية، التي رفضت الطعن. وفي 8 شباط/ فبراير 2005، أيدت شعبة القضاء الإداري في مجلس الدولة قرار المحكمة الإقليمية.

٢-٢ ويذكر صاحبا البلاغ أنهما تقدما في ٢١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٥ بطلب للحصول على تصريح إقامة باسم "ر" بسبب حالتها الطبية (انظر الفقرة 2-7). وعندما لم يتلقيا أي رد، قدما اعتراضاً في ١٧ آب/أغسطس ٢٠٠٦. واعتُبِر الاعتراض مستنداً إلى أسباب وجيهة في ٧ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٧، ولكن دون أي نتائج قانونية، بالنظر إلى أن صاحبي البلاغ تقدَّما بطلب ثانٍ للحصول على تصريح إقامة باسم "ر" في ١٩ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٦. ورُفض الطلب الثاني في ٢٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٦، وهو قرار أكدته شعبة القضاء الإداري في مجلس الدولة في ٩ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٨.

٢-٣ وفي ١٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٨، قدم صاحبا البلاغ طلباً بتأجيل تنفيذ الأمر القاضي بأن يغادرا هولندا، نظراً لأن السيدة هاشمي كانت حاملاً بالطفل الثاني لصاحبي البلاغ "ق"، الذي ولد في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٨. وفي ٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٨، وافق وزير العدل بمصلحة الهجرة والتجنيس على التأجيل، مما سمح لصاحبي البلاغ بالبقاء في هولندا من 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 حتى ستة أسابيع بعد ولادة الطفل.

٢-٤ ويشير صاحبا البلاغ إلى أنهما تقدما بطلب ثان للجوء في ٢٢ كانون الثاني/ يناير ٢٠٠٩. ورفض وزير العدل الطلب في 29 أيار/مايو 2009، وقدم صاحبا البلاغ طعناً في 17 تموز/يوليه 2009. وفي ١٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٩، قضت المحكمة المحلية في لاهاي بإلغاء قرار وزير العدل، وألزمته باتخاذ قرار جديد. وفي ٧ كانون الثاني/يناير ٢٠١٠، منح وزير العدل صاحبي البلاغ تصريح إقامة مؤقت لأسباب اللجوء، وكان بأثر رجعي من ٢٢ كانون الثاني/ يناير ٢٠٠٩ إلى ٢٢ كانون الثاني/يناير ٢٠١٤، أخذاً في الاعتبار حقيقة أنهما لا يستطيعان العودة إلى أفغانستان. وقدم صاحبا البلاغ طلباً ليصبحا مواطنين هولنديين عن طريق التجنس في ٥ حزيران/يونيه ٢٠١٤، ومُنِحا الجنسية الهولندية في ٢٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤.

٢-٥ وأقام صاحبا البلاغ منذ وصولهما إلى هولندا في ١٤ آب/أغسطس ٢٠٠١ في مركز لطالبي اللجوء تديره الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء، لكنهما أُلزِما بمغادرة المركز في 17 آذار/مارس 2005، عقب قرار مجلس الدولة المؤرخ 8 شباط/فبراير 2005 برفض طلبهما الحصول على اللجوء. وفي ٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٥ ( ) ، انتقلا إلى مأوى للحالات الطارئة تابع لمؤسسة خيرية تُدعى "صوت في المدينة" (Voice in the City) بمدينة هارلم ( ) ، وتلقيا ٦٢ يورو أسبوعياً من المؤسسة الخيرية. ومنذ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٧، أقاما في مبنى تابع لمؤسسة صوت في المدينة، وتولت المؤسسة دفع فواتير الكهرباء والمياه ( ) ، وقدمت لهما إعانة أسبوعية قدرها ٨٠ يورو.

٢-٦ وفي مراحل مختلفة، تلقى صاحبا البلاغ مساعدات مالية من وكالات حكومية. وفي الفترة بين ١ كانون الثاني/يناير و4 أيلول/سبتمبر 2007 ومن ١١ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٨ (انظر الفقرة 6-2)، أمكنهما الاستفادة من مرافق الاستقبال، وتلقيا مبلغاً من المساعدة الشهرية قدره حوالي 213.72 يورو من الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء، موجهاً إلى "ر"، وفقاً لنظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب ( ) . ويشير صاحبا البلاغ إلى أن المبالغ المدفوعة في إطار النظام تُصرَف للأشخاص الذين لم يُبَت بعد في طلباتهم للحصول على تصاريح الإقامة، وأن طلباً للحصول على هذه المبالغ يجب أن يُقدَّم كل شهر. وعلاوة على ذلك، فإنهما يذكران أن طلباتهما للحصول على أشكال أخرى من المساعدة الحكومية قوبلت بالرفض. ويذكر صاحبا البلاغ أيضاً أنهما تلقيا الدعم من مختلف المنظمات الخيرية ( ) . وفي شباط/فبراير ٢٠١٠، انتقل صاحبا البلاغ إلى ”مساكن عادية“ في بلدية هارلم .

٢-٧ وتعاني ابنة صاحبي البلاغ من مشاكل صحية. وقدمت ممثلة من مركز رعاية الأطفال الذي ارتادته الابنة خطاباً عن حالتها، بتاريخ 1 شباط/فبراير 2008، يشير إلى أنها تعاني من ”اضطراب الإجهاد المزمن“ نتيجة ”التجارب المؤلمة“ في ماضيها وأن الترحيل ستكون له ”عواقب وخيمة“ على تطورها. وأعد أيضاً مكتب خدمات الأطفال تقريراً عن حالة "ر"، بتاريخ ١ آب/أغسطس ٢٠٠٨، أكد فيه أنها تعاني من ”اضطراب الإجهاد المزمن“. وعلاوة على ذلك، أشار إلى أنها تعاني من ”ركود في تطور النطق“ و”ركود في التطور الاجتماعي والعاطفي“، ومن الانفصال عن والديها و”انتكاس بسبب الحالة المؤلمة“ للأسرة. ويشير صاحبا البلاغ إلى أن خمس منظمات للرعاية الصحية، في ٢٣ تموز/يوليه ٢٠٠٧، كانت تقدم المساعدة بخصوص المشاكل الصحية للطفلة "ر".

٢-٨ ويشير صاحبا البلاغ إلى أنهما قدما إلى مصرف الضمان الاجتماعي ثلاثة طلبات للحصول على إعانة الطفل العامة، التي تُمنح لجميع الآباء والأمهات ذوي الأطفال الصغار للمساعدة في تغطية تكاليف التنشئة، في ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٧ و٢٧ شباط/ فبراير ٢٠٠٩ ( ) و٨ آذار/مارس ٢٠١٠ ( ) . ولا يتعلق البلاغ إلا برفض الدولة الطرف للطلب الأول الذي قدمه صاحبا البلاغ باسم "ر" للحصول على إعانة الطفل العامة في ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٧، والذي يشمل الفترة من الربع الأخير من عام ٢٠٠٦ إلى الربع الأول من عام ٢٠٠٨. وأحد شروط الحصول على إعانة الطفل العامة هو وجوب أن يكون الشخص مؤمَّناً عليه. وتحدد المادة 6(1) من قانون إعانة الطفل العامة مَنْ يمكن اعتباره شخصاً مؤمناً عليه، وتنص المادة 6(2)، التي أدخلت بموجب قانون الربط ( ) ، على أن أي أجنبي لا يقيم بشكل قانوني في هولندا، بالمعنى المقصود في المادة 8(أ) - (ه) و(ل) من قانون الأجانب، لا يعتبر شخصاً مؤمناً عليه ( ) .

٢-٩ وفي ٢٢ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٨، رفض مصرف الضمان الاجتماعي أول طلب تقدم به صاحبا البلاغ، لعدم حيازتهما تصريح إقامة ساري المفعول. وفي 29 كانون الثاني/ يناير 2008، قدم صاحبا البلاغ اعتراضاً على هذا القرار. وفي ٣٠ أيار/مايو ٢٠٠٨، رفض المصرف اعتراض صاحبي البلاغ، على أساس أن صاحبي البلاغ لم يمتلكا تصريح إقامة ساري المفعول ( ) . وفي ٣١ أيار/مايو ٢٠٠٨، طعن صاحبا البلاغ في هذا القرار، بدعوى أن حقهما في إعانة الطفل العامة مكفول بموجب اتفاقيات دولية مختلفة. وفي ٢٥ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٠٨، رفضت محكمة أمستردام الإقليمية طعن صاحبَي البلاغ، معتبرة أن الدولة الطرف يجوز لها، عند الموازنة بين أهداف قانون الربط وبين مصلحة مقدم الطلب في تقرير منح إعانة الطفل العامة من عدمه، أن تقصر إعانة الطفل العامة، بشكل معقول، على الذين يحملون تصريح إقامة ساري المفعول. وطعن صاحبا البلاغ في القرار لدى المحكمة الإدارية المركزية ( ) .

٢-١٠ وفي ١١ آذار/مارس ٢٠١١، نُظِر في طعن صاحبي البلاغ في قرار محكمة أمستردام الإقليمية المؤرخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 أمام المحكمة الإدارية المركزية، إلى جانب 10 طعون أخرى مماثلة. وفي ١٥ تموز/يوليه ٢٠١١، قضت المحكمة بإلغاء قرار مصرف الضمان الاجتماعي، وألزمته باتخاذ قرار جديد بشأن طلب صاحبي البلاغ للحصول على إعانة الطفل العامة. ورأت المحكمة أن التمييز بين السكان المقيمين الشرعيين والمقيمين غير الشرعيين لأغراض منح إعانة الطفل العامة له ما يبرره، إذا كان يسعى لتحقيق هدف مشروع وإذا كانت الوسائل المستخدمة لتحقيق ذلك الهدف متناسبة إلى حد معقول (انظر الفقرة 4-9). وعلاوة على ذلك، رأت المحكمة، مشيرة إلى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، أن أي تمييز قائم أساساً على الجنسية يجب أن تبرره ”أسباب قوية جداً“. ورأت أن المادة 6(2) من قانون إعانة الطفل العامة معقولة من حيث المبدأ، ولكن ليس في حالة صاحبي البلاغ، بالنظر إلى أنهما عاشا في هولندا لفترة طويلة، من ضمنها فترة قانونية، وارتبطا بهولندا إلى حد يمكن معه اعتبارهما ”جزءاً من المجتمع الهولندي“. وأخذت المحكمة أيضاً في الاعتبار حقيقة أن السلطات كانت على علم بأن صاحبي البلاغ كانا يعيشان في الدولة الطرف خلال تلك الفترة الممتدة من الزمن. وطعن مصرف الضمان الاجتماعي في القرار لدى المحكمة العليا، وفي ١٦ أيار/مايو ٢٠١٢، أشار المدعي العام على المحكمة العليا بأن تصرح بالنظر في الطعن.

٢-١١ وفي ٢٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، نقضت المحكمة العليا قرار المحكمة الإدارية المركزية. ورأت المحكمة العليا أن استثناء صاحبي البلاغ من الحصول على إعانة الطفل العامة لا يستند في المقام الأول إلى الجنسية، ولكن إلى الجنسية ووضع الإقامة كليهما؛ ولذلك، لا يلزم تطبيق شرط وجود ”أسباب قوية جداً“ ( ) . وعلاوة على ذلك، بالإشارة إلى المادة ١٤ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة ٢٦ من العهد، ذكرت المحكمة أن التمييز يقع حين لا يخدم النزاع في الإجراءات هدفاً مشروعاً أو حين تكون الوسائل المستخدمة لتحقيق ذلك الهدف غير متناسبة وغير معقولة. ورأت المحكمة أن هناك مبرراً موضوعياً ومعقولاً للتمييز الوارد في قانون الربط بشأن الجنسية ووضع الإقامة. ورأت أيضاً أن التمييز في الحالات المماثلة لحالة صاحبي البلاغ يخدم هدفاً مشروعاً. ورأت المحكمة كذلك أن الاستثناء من إعانة الطفل العامة في حالة صاحبي البلاغ معقول ومتناسب، مع مراعاة الهدف المنشود، لأن الدول يجوز لها التمييز على أساس الجنسية، عند اتخاذ التدابير في مجال الهجرة ( ) . وإضافة إلى ذلك، رأت أن الدول يمكنها أن تتخذ تدابير تهدف إلى حماية مصالحها الاقتصادية ( ) وأن لها الحق في هامش واسع من السلطة التقديرية عند تنظيم الضمان الاجتماعي. وذكرت المحكمة أن عوامل من قبيل إقامة صاحبي البلاغ الطويلة الأمد في هولندا وارتباطهما بالبلد لا تغير هذا الاستنتاج، مشيرة إلى أن إقامة صاحبي البلاغ الطويلة الأمد في هولندا بدون تصريح إقامة ساري المفعول ليست ”خاصية متأصلة أو غير قابلة للتغيير في الشخص، ولكنها تتضمن عنصر اختيار“ ( ) .

٢-١٢ ويؤكد صاحبا البلاغ أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية وأن المسألة ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

الشكوى

٣-١ يدعي صاحبا البلاغ أن رفض مصرف الضمان الاجتماعي لطلبهما الحصول على إعانة الطفل العامة على أساس وضع إقامتهما أمر تمييزي ويشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للمواد 23 و24(1) و26 من العهد.

٣-٢ ويؤكد صاحبا البلاغ أن إعانة الطفل العامة، بالنظر إلى أنها تُدفع للوالدين لصالح الطفل، تشكل وسيلة للوفاء بالتزام الدولة الطرف بموجب المادتين 23 و24 من العهد. وفي هذا الصدد، يذكران أن بالنظر إلى أن هولندا أبدت تحفظاً على المادة 26 من اتفاقية حقوق الطفل التي تُستَبعَد بها إمكانية تمتع الطفل بحقه الشخصي في استحقاقات الضمان الاجتماعي، فإن إعانة الطفل العامة تُدفَع للوالدين لصالح الطفل. ولذلك فإنهما يؤكدان أن دفع إعانة الطفل العامة ينبغي أن يُعتَبَر أحد تدابير حماية الأسرة الرامية إلى الامتثال للمادة 23(1) من العهد. وهما يشيران إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية نيدزفيكي ضد ألمانيا ( ) ، الذي قضت فيه المحكمة بأن الدول تستطيع، بمنح الإعانات المالية للأطفال، أن تبرهن على احترامها للحياة الأسرية بموجب المادة ٨ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وإضافة إلى ذلك، يشير صاحبا البلاغ إلى أن إعانة الطفل العامة يمكن اعتبارها أحد تدابير الحماية المطلوبة بسبب وضع الطفل كقاصر، التي تتخذها أسرة الطفل والمجتمع والدولة، حسبما هو منصوص عليه بموجب المادة ٢٤ من العهد.

٣-٣ ويؤكد صاحبا البلاغ أن بالنظر إلى أن الحق في المساواة في التمتع بحماية القانون بموجب المادة ٢٦ من العهد لا يقتصر على التمييز فيما يتعلق بالحقوق المنصوص عليها في العهد ( ) ، فإن هذا الحكم ينبغي أن يطبَّق على قضيتهما، ولا سيما فيما يتعلق بالتمييز الذي عانياه فيما يتعلق بحقهما في الضمان الاجتماعي وفي الحماية والمساعدة وفي مستوى معيشي لائق، حسبما هو مكرس في المواد 9 و10(1) و11(1) من ‎‎ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية‏‏.

٣-٤ ويدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف كان ينبغي أن تراعي الظروف الخاصة لصاحبي البلاغ، مثل أسباب طلبهما اللجوء ومشاكلهما الصحية، وارتباطهما بهولندا وجذورهما فيها، وإقامتهما الطويلة الأمد بها، بالنظر إلى أن السلطات أنفقت سنوات في بحث طلبهما للحصول على اللجوء لتقرر ما إذا كانا ”سيُقبَلان“. وهما يؤكدان أن ادعاءهما تؤيده الآراء التي اعتمدتها اللجنة في قضية ويناتا وآخرين ضد أستراليا ( Winata et al v. Australia )، التي قررت فيها أن الدولة الطرف يحق لها أن تنفذ سياسة تقييدية في مجال هجرة، لكن لا يجوز لها أن تطبق هذه السياسة تعسفياً ودون اعتبار للظروف الخاصة بكل فرد ( ) . ويؤكد صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف لا يمكنها، تبعاً لذلك، أن تطبق قانون الربط بلا أي مرونة لتحجب جميع الإعانات عن جميع المقيمين بصورة غير قانونية ( ) ، ولا سيما الذين لم يُبَت بعد في طلباتهم للحصول على تصريح الإقامة ( ) . وهما يزعمان أن الاستثناء المتشدد لصاحبي البلاغ من الحصول على إعانة الطفل العامة لعدم حيازتهما تصريح إقامة ساري المفعول يتعارض مع المبدأ المنصوص عليه في قضية ويناتا وآخرين ضد أستراليا . وعلاوة على ذلك، يحتج صاحبا البلاغ بأنهما ليسا أشخاصاً ”غير شرعيين“ حسبما هو متوخى في قانون الربط؛ بل إنهما قدما نفسيهما إلى السلطات فور وصولهما، وتقدما بطلب للجوء، وحملا تصريح إقامة أغلب وقتهما في هولندا. وهما يضيفان أن الاستثناء من الاستحقاقات الاجتماعية لا يسري، عملاً بأهداف قانون الربط ( ) ، إلا إذا وُجِد احتمال أن يغادر الأشخاص المعنيون الدولة الطرف، وأن هذا الاستثناء لم يكن واجب التطبيق عليهما، بالنظر إلى أنهما لم يتمكنا من العودة إلى أفغانستان.

٣-٥ ويدعي صاحبا البلاغ أيضاً أن رفض طلبهما للحصول على إعانة الطفل العامة اضطرهما إلى العيش ”دون مستوي الكفاف“، بما يتعارض مع المواد 23 و24 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وهما يؤكدان أنهما عاشا في فقر مدقع ( ) ، وأن إعانة الطفل العامة، رغم أنها لا تُعتبر عادةً إعانة إعاشة، اكتسبت هذا الطابع في حالة صاحبي البلاغ نظراً لأنها كانت ضرورية للحيلولة دون عيشهم تحت خط الفقر. ويذكر صاحبا البلاغ، بعد أن طُلِب منهما مغادرة المأوى التابع للوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء في عام 2005، أنهما تلقيا مساعدة أسبوعية لا تتجاوز 62 يورو قدمتها مؤسسة صوت في المدينة (VoiceintheCity)، وأنهما انتقلا في نهاية عام 2007 إلى شقة تكفلت بها نفس المؤسسة الخيرية وتلقيا مبلغاً من المساعدة الأسبوعية قدره 80 يورو، من المؤسسة الخيرية أيضاً. وهما يؤكدان أن درجة فقرهما يمكن إثباتها بمقارنة المساعدة التي تلقياها خلال تلك الفترات بالمبلغ الشهري لاستحقاقات الضمان الاجتماعي المقدمة للأزواج الذين لديهم أطفال من قِبل المعهد الوطني لاستشارات الميزانية، وقدره 256 1 يورو. ويشير صاحبا البلاغ إلى أن الحالة الصحية التي تعاني منها "ر" نجمت في المقام الأول عن حالة ”الفقر المدقع“ التي عاشتها الأسرة، والتي كانت مرهقة للغاية.

٣-٦ ويشير صاحبا البلاغ إلى قرار المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية لعام 2012، الذي قضت فيه المحكمة بأن عجز الدولة عن المراعاة الواقعية للاحتياجات الفعلية لطالبي اللجوء عند منحها الإعانات، يرقى إلى مستوى انتهاك مبدأ الإنسانية الوارد في القانون الأساسي الألماني. ولاحظت المحكمة أن المادة ١(١) من القانون الأساسي تضمن الحق في حد أدنى أساسي من الكفاف مستمد، حسبما يؤكده صاحبا البلاغ، من المادتين 23 و26 من العهد. ويطلب صاحبا البلاغ إلى اللجنة أن تفسر العهد بحيث تعترف بوجود حق مماثل لذلك الموجود في القانون الأساسي الألماني. وهما يدفعان بأن هذا الحق ينبغي، استناداً إلى المادة 26 من العهد، أن يلزم الدولة الطرف بأن توفر حداً أدنى من مستوى الكفاف للأشخاص المقيمين بصورة قانونية في البلد ولكن دون تصريح إقامة ساري المفعول.

٣-٧ ويدعي صاحبا البلاغ أن عجز الدولة الطرف عن مراعاة مصالح الأطفال يشكل انتهاكاً للمادة ٢٤ من العهد ( ) . وهما يؤكدان أن مصالح الأطفال في تلقي إعانة الطفل العامة ينبغي أن يُنظر فيها بمعزل عن مصالح آبائهم ( ) . وهما لذلك يرفضان منطق المحكمة العليا بأن وضع إقامة صاحبي البلاغ يتضمن ”عنصر اختيار“، مشيرين إلى أن "ر"، كما يتضح بجلاء، ليست في وضع يمكنها من اتخاذ قرار بشأن وضع إقامتها. ويرفض صاحبا البلاغ أيضاً قرارات مصرف الضمان الاجتماعي والأسس المنطقية التي استندت إليها المحاكم، والتي تكون حقوق الأطفال وفقاً لها، بما في ذلك الحقوق المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل، غير ذات صلة بقضية صاحبي البلاغ ( ) . وهما يوجهان الانتباه أيضاً إلى أوجه للتضارب في قرارات المحكمة العليا، فيشيران إلى أن المحكمة رأت، في حُكم صدر في 21 أيلول/سبتمبر 2012 ( ) ، أن الدولة الطرف ملزمة بموجب القانون الدولي بتوفير الاحتياجات المعيشية للأطفال الذين يكون أبواهم غير قادرين على إعالتهم ( ) .

٣-٨ ويشير صاحبا البلاغ إلى تقرير مفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان بشأن الزيارة التي قام بها إلى هولندا في الفترة من ٢٠ إلى ٢٢ أيار/مايو ٢٠١٤ ( ) ، فأكدا أن الاعتبار الأول للدولة الطرف ينبغي، عند تقرير منح تصريح إقامة لأطفال المهاجرين غير الشرعيين، أن يكون المصلحة الفضلى للأطفال. وهما يؤكدان أيضاً أن الدولة الطرف ينبغي أن تعتبر الإقامة الطويلة الأجل للأطفال عاملاً في صالح منح تصريح الإقامة. وعلى الرغم من أن التقرير المذكور يتعلق بمسألة منح تصريح الإقامة، فإن صاحبا البلاغ يدفعان بأن المبادئ تنطبق بنفس القدر على مسألة منح إعانة الطفل العامة. ويشير صاحبا البلاغ إلى قرار اتخذته اللجنة الأوروبية للحقوق الاجتماعية في عام ٢٠١٤، قررت فيه أن هولندا انتهكت التزاماتها الدولية بتوفير الغذاء والملبس والمسكن لسكانها، بمن فيهم الذين لا يحملون تصريح إقامة ساري المفعول ( ) . ويستنتج صاحبا البلاغ، من واقع ذلك القرار، أن لهما الحق في حد أدنى من مستوى الكفاف وفقاً للقانون الأوروبي والدولي.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ في ١٠ تموز/يوليه ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

٤-٢ وتوضح الدولة الطرف القوانين والسياسات ذات الصلة، بما في ذلك قانون إعانة الطفل العامة وقانون الأجانب وقانون الربط. وفيما يتعلق بقانون إعانة الطفل العامة، تشير الدولة الطرف إلى أن إعانة الطفل العامة وُضِعَت لمساعدة الآباء والأمهات الذين ينشؤون أطفالاً، ومن ثم فهي إعانة تُمنح للوالدين، وليس للأطفال. وإضافة إلى ذلك، فهي تؤكد أن الإعانة لا يقصد بها أن تكون ”نظاماً لدعم الدخل“. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن أحد المبادئ الأساسية بموجب ذلك القانون أن كل شخص يقيم في هولندا مؤمَّن عليه. إلا أن الأجانب الذين لم ”يُقبَلوا“ في البلد غير مؤمَّن عليهم. وينبع الاستثناء من مبدأ ربط الاستحقاقات الاجتماعية بوضع الإقامة، حسبما هو منصوص عليه في قانون الربط، الذي يهدف إلى وضع حد للحالة التي استطاع بها كثيرون من الأجانب المقيمين في هولندا بشكل غير قانوني أن يطيلوا أمد إقامتهم بحكم الأمر الواقع، وذلك جزئياً لتمكنهم من الحصول على إعانات اجتماعية. وقد أرسى مبدأ أساسياً لا يستطيع بموجبه أي أجنبي لا يحمل ”تصريح إقامة غير مشروط“ أن يطالب بأحقيته في الإعانات العامة. ولذلك، فإن أي أجنبي يُقبَل بغرض الإقامة المؤقتة في الدولة الطرف لا يمكنه المطالبة بإعانات عامة.

٤-٣ وتشير الدولة الطرف إلى أن النظام المنصوص عليه في قانون الربط ليس جامداً ولا يحجب الإعانات إلا عن الأجانب الذين لم يقبَلوا في البلد ، بغض النظر عن ظروفهم، وأن هناك استثناءات من مبدأ ربط الاستحقاقات الاجتماعية بوضع الإقامة. وهي تشير، أولاً، إلى الاستثناءات العامة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والمساعدة القانونية. فإن كل شخص دون سن 18 عاماً يُقبَل في نظام التعليم، بصرف النظر عن وضع إقامته، وتوفَّر الرعاية الصحية للجميع في الحالات التي تشكل خطورة على الحياة وفي حالات الخطر على الغير، وأثناء الحمل والولادة، ولكل شخص الحق في الحصول على المساعدة القانونية. وثانياً، فهي تشير إلى الاستثناءات المحددة التالية: (أ) يحق لفئات معينة من الأجانب الحصول على المساعدة الاجتماعية، بما في ذلك ضحايا الاتجار والأجانب المشمولون بجهود لم شمل الأسر؛ (ب) يمكن للأجانب الذين ينتظرون البت في طلب حصولهم على الإقامة، رغم عدم أحقيتهم في الحصول على أي مساعدة اجتماعية بموجب نظام الضمان الاجتماعي العادي، أن يحصلوا على إعانات معينة بموجب أحكام محددة، مثل الأمر المتعلق بطالبي اللجوء وفئات أخرى من الأجانب والأمر المتعلق بفئات معينة من الأجانب. وينص الأمر الأول على تهيئة مرافق للاستقبال وصرف بدل مالي أسبوعي ومخصصات مالية أخرى، أما الأمر الثاني فيوفر للأجانب من غير طالبي اللجوء الوسائل اللازمة للإعاشة، بما يشمل صرف بدل مالي وتغطية النفقات الطبية. وتشير الدولة الطرف إلى أن طالبي اللجوء الذين يعيشون بصورة قانونية في هولندا وينتظرون نتائج إجراءات اللجوء يحصلون على سكن، وبدل مالي أسبوعي للمأكل والملبس والنفقات الشخصية الأخرى، وتذاكر للمواصلات العامة لحضور إجراءات اللجوء، وأنشطة ترفيهية، وتغطية للنفقات الطبية، وتأمين عن المسؤولية قبل الغير، وتغطية للنفقات الاستثنائية.

٤-٤ وتشير الدولة الطرف إلى الوقائع الرئيسية الواردة في بلاغ صاحبي البلاغ. وهي تذكر أن صاحبي البلاغ تمكنا، أثناء فترة البت في طلب اللجوء الأول (انظر الفقرة 2-5)، من الحصول على أماكن للإقامة وأنشطة تعليمية وبدل أسبوعي وبرنامج للاستحقاقات الطبية وتأمين للمسؤولية قبل الغير. وهي تشير أيضاً إلى طلباتهما للحصول على تصاريح الإقامة وإعانة الطفل العامة.

٤-٥ وتؤكد الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ عجزا عن إثبات أن رفض طلبهما للحصول على إعانة الطفل العامة يشكل انتهاكا لأحكام المواد ٢٣ و٢٤(١) و٢٦ من العهد. وفيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ بموجب المادة ٢٣، ترى الدولة الطرف أن هذا الحكم لا ينشئ التزاماً إيجابياً بتقديم أي مساعدة مالية للأسر، مثل إعانات الأطفال ( ) ، وترى من ثم أن مشكلة تدخل الحكومة أو تقصيرها فيما يتعلق بالحياة الأسرية لصاحبي البلاغ لا تنشأ. وتكرر الدولة الطرف تأكيد أن إعانة الطفل ليست نظاماً عاماً لدعم الدخل ولا تُدفع كوسيلة لتزويد الأسر ذات الأطفال بحد أدنى من الإعاشة. وعلاوة على ذلك، فهي تؤكد، من جهة احتمال أن تنشئ المادة ٢٣ التزامات إيجابية، أن هذه الالتزامات تتعلق بالتدابير الرامية إلى حماية الوحدة الأسرية ولم شمل الأسرة ( ) . وهي تشير إلى أن القياس الذي أورده صاحبا البلاغ على قضية ويناتا ضد أستراليا ( Winata et al v. Australia ) باطل ( ) تبعاً لذلك، وهي ترفض حجتهما بوجود التزام إيجابي بتقديم مساعدة مالية للأسر مستمد من ذلك القرار.

٤-٦ وفيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ بموجب المادة ٢٤ من العهد، تلاحظ الدولة الطرف أن المادة ٢٤(١) تهدف، وفقاً لتعليق اللجنة العام رقم ١٧، إلى حماية الأطفال من الأذى الذي يلحق بسلامتهم البدنية والنفسية، وهي تنشئ التزاماً بتوفير حماية أكبر للأطفال من البالغين. وفي التعليق العام رقم ١٧، تشير اللجنة إلى أن المسؤولية الأساسية عن حماية الأطفال تقع على عاتق الوالدين، وأن الدولة ملزمة بالتدخل حين يعجز الوالدان عن القيام بذلك. وهي تكرر التأكيد على أن إعانة الطفل العامة لا تهدف إلى تزويد الأسر بحد أدنى من الكفاف، وأن هناك إعانات أساسية متاحة لجميع المقيمين غير الشرعيين في هولندا. وهي تضيف أن الالتزام المقرر بموجب المادة ٢٤ من العهد لا يشمل توفير إعانة الأطفال، حتى مع أخذ احتياجات ومصالح الطفل في الاعتبار. ولا تتفق الدولة الطرف مع تأكيد صاحبي البلاغ بأن القضايا المشار إليها تقدم أي أساس لمفهوم أن العواقب غير المباشرة لقرارات الحكومة المتعلقة بالوالدين تنشئ حقوقاً محددة للأطفال بموجب المادة 24 من العهد. وهي تكرر التأكيد على أن إعانة الطفل عبارة عن مساهمة مالية في التكاليف التي يتكبدها الوالدان، وليست للأطفال أحقية فيها. وتؤكد الدولة الطرف أنها أبدت تحفظاً على المادة ٢٦ من اتفاقية حقوق الطفل، لأنها ترى أن هذا الحكم لا يعني ضمناً أن الطفل يتمتع بأحقية مستقلة في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمين الاجتماعي من قبيل إعانة الطفل.

٤-٧ وفيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ بموجب المادة ٢٦ من العهد، تلاحظ الدولة الطرف أنه ليس غريباً على معاهدات حقوق الإنسان أن تميِّز على أساس وضع الإقامة ( ) . وهي تشير إلى أن هذا التمييز موجود في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) وأن نطاق المادة ٢٦ من العهد ومضمونها يماثلان الأحكام ذات الصلة من الاتفاقية ( ) . وتؤكد الدولة الطرف أن هذه المعاهدات لا تحظر جميع أشكال المعاملة غير المتساوية، ولكن التمييزي منها فقط ( ) . وهي تلاحظ أنه، وفقاً للاجتهاد القضائي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، يجب أن تكون هناك ”أسباب قوية جداً“ لتبرير تمييز قائم على أساس الجنسية فقط ( ) . وتؤكد الدولة الطرف أن التمييز في قضية صاحبي البلاغ يستند أساساً إلى وضع الإقامة، وأن هناك مبرراً كافياً لعمل مثل هذا التمييز ( ) . وهي تشير إلى عدد من العناصر في تقييم هذا التبرير ( ) . أولاً، تشير الدولة الطرف إلى أن قانون الربط يربط منح الاستحقاقات الاجتماعية بوضع الإقامة لمنع الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية، أو المقيمين بصفة قانونية لا لسبب إلا لأنهم ينتظرون البت في طلباتهم للحصول على الإقامة ( ) ، من اكتساب مظهر حمل إقامة قانونية أو من إثبات موقف قانوني قوي يستحيل معه طردهم، عند الانتهاء من الإجراءات. وثانياً، فإنها تلاحظ أن الأجانب المقيمين بصورة مشروعة بموجب قانون الأجانب لهم أحقية في الحصول على مخصصات وإعانات ومدفوعات معينة، وأن صاحبي البلاغ استفادا من هذه الاستحقاقات. وثالثاً، تفيد الدولة الطرف بأن الهيئة التشريعية الوطنية عموماً تمارس، فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي، سلطة تقديرية في تحديد مسألة وجود أو عدم وجود مبرر موضوعي ومعقول للتمييز.

٤-٨ وتؤكد الدولة الطرف أن أي التزام غير مشروط بمعاملة الأجانب غير المقيمين إقامة شرعية معاملة مساوية لمواطني البلد وللذين قُبِلوا في البلد من شأنه أن يحرم الدولة من القدرة على اتباع سياسات للهجرة تحمي الرفاه الاقتصادي للبلد ( ) . وهي تلاحظ، تمشياً مع الاجتهاد القضائي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أن الدول لها الحق بموجب القانون الدولي في مراقبة دخول الأجانب وإقامتهم وطردهم ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أن أياً من معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لا يحمي أحقية في الحصول على إعانة طفل ( ) . وهي تشير إلى أن استثناء صاحبي البلاغ من الحصول على إعانة الطفل العامة معقول ومتناسب بالنسبة إلى هدفه المشروع، وهو مبرر تبعاً لذلك بما فيه الكفاية، وأن حقيقة إقامة صاحبي البلاغ في هولندا لفترة طويلة بعلم السلطات لا تغير هذا الاستنتاج. وإضافة إلى ذلك، ترفض الدولة الطرف حجة صاحبي البلاغ بأن المحكمة العليا طبقت الشرط الخاطئ بعدم تقييم ما إذا كان معاملتهم معاملة تفضيلية تبررها ”أسباب قوية للغاية“ ( ) وتحتج بأن مصالح صاحبي البلاغ جرت موازنتها بشكل كافٍ مقابل المصلحة العامة ( ) . وهي تشير إلى أن إقامة أي أجنبي في هولندا لفترة طويلة دون الحصول على تصريح إقامة ساري المفعول ليست سمة شخصية متأصلة وغير قابلة للتغيير، ولكنها تحتوي على عنصر اختيار. وبالنظر إلى عنصر الاختيار المذكور، تدعي الدولة الطرف أن المبرر المطلوب لا يلزم أن يكون بنفس الثقل كما هو الحال في حالة التمييز على أساس الجنسية ( ) . وفي هذا السياق، ترفض الدولة الطرف القياس الذي أورده صاحبا البلاغ بآراء اللجنة في قضية ديركسن ضد هولندا ( Derksen v. Netherlands )، لأن قضية صاحبي البلاغ تشير إلى تمييز قائم على أساس وضع الإقامة لا غير.

٤-٩ وتشير الدولة الطرف إلى أن إشارة صاحبي البلاغ إلى قرار اللجنة الأوروبية للحقوق الاجتماعية في قضية مؤتمر الكنائس الأوروبية ضد هولندا ( Conference of European Churches v. Netherlands ) لا صلة لها بقضية صاحبي البلاغ، لأن لا علاقة له بمنح إعانات الضمان الاجتماعي.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٥-١ في ١٨ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥، قدم صاحبا البلاغ تعليقاتهما على ملاحظات الدولة الطرف. ويدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف، برفضها طلبهما للحصول على إعانة الطفل العامة لسبب وحيد هو وضع إقامتهما، تجاهلت حقيقة أن "ر" كانت، وقت تقديم الطلب، طفلة ضعيفة ذات احتياجات خاصة تبلغ من العمر 4 سنوات تعيش في ظروف من الفقر المدقع والعوز الشديد، وهو أمر لم تعترض عليه الدولة الطرف. وهما يؤكدان أن ظروف "ر" كانت تستدعي قدراً أكبر من المرونة في تطبيق قانون الربط والسياسة الحكومية ويلاحظان أن ملاحظات الدولة الطرف لم تراع تلك الظروف، ولا سيما مصالحها كطفلة.

٥-٢ ورداً على حجة الدولة الطرف بأن الأجانب الذين لا يحملون تصريح إقامة يمكنهم الحصول على التعليم للقُصَّر وعلى الرعاية الصحية في حالات الخطورة على الحياة وعلى خدمات المساعدة القانونية، يؤكد صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف عجزت عن بيان كيف يفي توفير هذه المزايا بالتزامات الدولة الطرف بحماية مصالح الأطفال. وهما يؤكدان من جديد أن حالة "ر" الطبية نجمت عن وضع الأسرة التي عاشت على دخل أقل بكثير من ”العتبة الدنيا“، وأن طلب إعانة الطفل العامة كان يهدف إلى بلوغ هذه العتبة. ورداً على حجة الدولة الطرف بأن وضع الهجرة الخاص بالطفلة "ر" ينطوي على عنصر اختيار، يشير صاحبا البلاغ إلى أن "ر" لم يكن لديها خيار في تحديد وضع الهجرة الخاص بها وأنها ولدت في هولندا.

٥-٣ ويشير صاحبا البلاغ إلى أن المفوضية الأوروبية تعترف بأهمية التزام الدولة بحماية مصالح الأطفال ( ) . ولذلك، فإنهما يؤكدان أن تعليل الدولة الطرف لا يمكن تأييده، بالنظر إلى أن إهمال المصالح المستقلة للأطفال لا يتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي.

ملاحظات إضافية مقدمة من الدولة الطرف

٦-١ في ١٢ كانون الثاني/يناير و٢٤ آذار/مارس ٢٠١٦، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية إلى اللجنة. وهي تشير إلى أن تعليقات صاحبي البلاغ على ما يبدو مقدمة من منظور "ر"، وهي ليست واحدة من صاحبي البلاغ. وتشير الدولة الطرف إلى أنها تدرك أهمية مصالح "ر" في الإجراءات الحالية، إلا أنها تؤكد أن مصالح الطفلة لا يمكن أن تعتبر المرجعية الوحيدة أو الرئيسية بموجب العهد. وإضافة إلى ذلك، فهي تسلط الضوء على أن صاحبي البلاغ كانا ملزمين بمغادرة هولندا بعد أن رُفض طلبهما للجوء.

٦-٢ وفيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ أن "ر" أرغمت على العيش والنشأة في حالة من العوز، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحبي البلاغ تلقيا المساعدة اللازمة في الفترة المعنية بين ١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٦ و٣١ آذار/مارس ٢٠٠٨. وهي تشير إلى أنهما تلقيا، في الفترة بين كانون الثاني/يناير وأيلول/سبتمبر ٢٠٠٧، بدلاً شهرياً في شكل مبلغ مدفوع في إطار نظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب (انظر الفقرة 2-6 أعلاه)، أثناء انتظارهما البت في طلبهما الثاني للحصول على تصريح إقامة. وهي تشير إلى أن "ر" تلقت خدمات الرعاية المقررة للأحداث؛ وارتادت داراً للرعاية الطبية أربعة أيام في الأسبوع، وكان صاحبا البلاغ يعيشان في منزل استأجرته مؤسسة "صوت في المدينة" التي تدعمها مالياً بلدية هارلم .

٦-٣ وتذكر الدولة الطرف أن في الفترة المعنية، كانت "ر" وأسرتها بانتظار البت في طلبهما للحصول على تصريح إقامة. وهي تؤكد أن الحالة لا يمكن اعتبارها حالة من العوز الشديد، ولا يمكن أن يؤدي حجب إعانة الطفل إلى مثل هذه الحالة.

٦-٤ وتتفق الدولة الطرف مع صاحبي البلاغ أن البلاغ يتعلق بإعانة الطفل العامة. إلا أنها تكرر تأكيد أن إعانة الطفل ليس المقصود منها أن تكون بمثابة نظام عام لدعم الدخل ولا تُدفع إلى الأسر ذات الأطفال كوسيلة لتزويدها بحد أدنى من الكفاف. وهي تكرر التأكيد أيضاً على أن الغرض من إعانة الطفل العامة هو المساهمة في تكاليف رعاية وتنشئة الأطفال، وأن العوز ليست أحد المعايير المقررة لمنحها.

٦-٥ وفيما يتعلق بتعليقات صاحبي البلاغ بشأن مؤسسة صوت في المدينة (انظر الفقرة 7-1 )، تؤكد الدولة الطرف أن غرضها من ذكر أن مؤسسة صوت في مدينة تتلقى دعماً من الحكومة، هو مجرد الإشارة إلى أن صاحبي البلاغ توفر لهما المأوى وتكاليف السكن ونفقات المعيشة خلال الفترة المعنية بين ١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٦ و٣١ آذار/مارس ٢٠٠٨.

تعليقات صاحبي البلاغ على الملاحظات الإضافية للدولة الطرف ‬ ‬ ‬ ‬

٧-١ في 15 شباط/فبراير 2016، قدم صاحبا البلاغ تعليقات على الملاحظات الإضافية للدولة الطرف. وهما يرحبان باعتراف الدولة الطرف بحاجتهما إلى حد أدنى من مستوى الكفاف. إلا أنهما يؤكدان أن الأسر، ولا سيما تلك التي لديها أطفال ضعفاء، لا يمكن أن تُترك في حالة من العوز، كما كان الحال فيما يتعلق بالطفلة "ر". وذكرا أن حالة العوز التي عانيها أوجدتها الدولة الطرف وأن مؤسسة صوت في المدينة تدخلت لتوفير مأوى للأسرة باستئجار "مسكن فقير مدرج في قائمة المباني المقرر هدمها". ويؤكد صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف تصور زوراً مؤسسة صوت في مدينة على أنها مدعومة من الحكومة؛ وهما يشيران إلى أن المؤسسة الخيرية لم تتلق توجيهاً من بلدية هارلم لمساعدة الأسرة، وهي تموَّل في المقام الأول بواسطة الكنائس المحلية والتبرعات الفردية ( ) .

٧-٢ وفيما يتعلق بتأكيد الدولة الطرف أن الأسرة زودت بما يكفي من المال لتغطية احتياجاتها الأساسية لأنها تلقت مدفوعات في إطار نظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب من 1 كانون الثاني/يناير 2007 إلى 4 أيلول/سبتمبر 2007، فإنهما يشيران إلى أن هناك فترات، مثل الفترة من وصولهم إلى الدولة الطرف في عام 2005 إلى 1 كانون الثاني/ يناير 2007 وفترة ما بعد 4 أيلول/سبتمبر 2007، لا يشملها تأكيد الدولة الطرف. ويرفض صاحبا البلاغ حجة الدولة الطرف بأن الأسرة كانت ”في الوضع المعتاد لطالبي اللجوء“ في الفترة ذات الصلة، بالنظر إلى أنهما لم يتلقيا أية مدفوعات معظم الوقت المنقضي بين ”وضعهما في الشارع“ في 17 آذار/مارس 2005، وبين استلام تصريح إقامة في 22 كانون الثاني/ يناير 2009. وهما يشيران إلى أن هذا الحق يؤهلهما لتلقي بدل شهري قدره حوالي ٢١٥ يورو لفائدة "ر"، وهو ما يمثل ”جزءاً بسيطاً“ من الحد الأدنى لمستويات المعيشة لأي أسرة في هولندا.

٧-٣ ويذكر صاحبا البلاغ أن بلاغهما لا يتعلق سوى بإعانات الطفل. وهما يؤكدان أن هذه الإعانات هامة لبلوغ الحد الأدنى من مستوى الكفاف، الذي حرمت منه الأسرة. وهما يريان أن مبلغ البدل الربع سنوي وقدره 186 يورو كان سيشكل خطوة ذات شأن نحو بلوغ العتبة الدنيا.

٧-٤ ويكرر صاحبا البلاغ تأكيد أن إعانة الطفل لا يمكن أن يطلبها إلا الوالد، وتُدفع للوالد، ولا يتقاضى بشأنها إلا الوالد. وبناءً عليه، فعلى الرغم من أن "ر" ليست صاحبة البلاغ، فإن وضعها وحقوق الإنسان التي لها كانت دائماً محور ارتكاز إجراءات المحكمة. ويؤكد صاحبا البلاغ أنهما، بصفتهما والديها، ملزمان بحكم القانون بإعالة "ر"؛ إلا أن الأسرة ككيان واحد تضررت من جراء الافتقار إلى الحد الأدنى. وهما يؤكدان أن حقيقة عدم قدرة "ر" على التقدم بطلب بنفسها للحصول على إعانات لا يغير هذا الاستنتاج.

٧-٥ ورداً على تعليقات الدولة الطرف على ادعاءاتهما بموجب المادتين 23 و24 من العهد، يؤكد صاحبا البلاغ أن هذه الادعاءات لا يمكن تقييمها دون أخذ منظور "ر" في الاعتبار. وهما يشيران إلى أن أفعال الدولة الطرف انتهكت حقوق "ر" كطفلة. وهم ا يؤكدان أن التزامات الدولة الطرف بموجب العهد لا تتأثر بالتزامهما بمغادرة هولندا، وأن الدولة الطرف لا يمكنها، في إطار تطبيق سياساتها المتعلقة بالهجرة، أن تتجاهل التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان بموجب المادتين ٢٣ و٢٤ من العهد.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٨-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب أن تتخذ اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، قراراً بشأن مقبولية البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

٨-٢ وقد استيقنت اللجنة، وفق ما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن القضية نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. ‬

٨-٣ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبي البلاغ أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية الفعلية المتاحة لهما. وفي غياب أي اعتراض من الدولة الطرف في هذا الصدد، ترى اللجنة أن مقتضيات المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

٨-٤ وترى اللجنة أن صاحبي البلاغ قدما أدلة كافية لدعم ادعاءاتهما بموجب المواد 23 و24(1) و26 من العهد لأغراض المقبولية. ومن ثم، تُعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية. ‬ ‬

النظر في الأسس الموضوعية

٩-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

٩-٢ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبي البلاغ بأن إعانة الطفل يمكن اعتبارها أحد تدابير الحماية المطلوبة بسبب وضع الطفلة كقاصر، المتخذة من جانب أسرة الطفلة والمجتمع والدولة، حسبما هو منصوص عليه بموجب المادة ٢٤ من العهد، وأن الدولة الطرف قصرت، برفضها طلبهما للحصول على إعانة الطفل العامة، في توفير تدابير الحماية المطلوبة للطفلة "ر"، بالنظر إلى وضعها كقاصر، بموجب المادة ٢٤(١) من العهد. وتلاحظ اللجنة تأكيد صاحبي البلاغ أن الاعتبار الأول للدولة الطرف، عند تحديد منح إعانة الطفل من عدمه، ينبغي أن يكون المصلحة الفضلى للطفل. وفي سياق المسألة المطروحة، فإن اللجنة ليست مطالبة بأن تبت عموماً في التزامات الدول الأطراف في العهد بتوفير إعانات للطفل، كما أنها لا تقرر مدى وجاهة أسبابها لقصر الأحقية في هذه الإعانات على أساس وضع الإقامة. وبدلاً من ذلك، تقصر اللجنة دورها على مسألة ما إذا كان رفض طلب صاحبي البلاغ للحصول على إعانة الطفل العامة، في الظروف الخاصة لهذه القضية، ينتهك حقوق "ر" بموجب المادة ٢٤(١) من العهد.

٩-٣ وتشير اللجنة إلى أن لكل طفل الحق، بموجب المادة ٢٤، في تدابير خاصة للحماية نظراً لوضعه كقاصر ( ) . وهي تشير أيضاً إلى أن المبدأ الذي يقضي بإيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع القرارات التي تمسه، يشكل جزءاً لا يتجزأ من حق كل طفل في تدابير الحماية المطلوبة بموجب المادة ٢٤(١) من العهد ( ) . والدول الأطراف في العهد عليها التزام إيجابي بحماية الأطفال من الأذى الجسدي والنفسي، وقد يشمل ضمان الحد الأدنى من عيش الكفاف، من أجل الامتثال لمقتضيات المادة 24(1) من العهد.

٩-٤ وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ قدما طلباً أولياً للحصول على اللجوء في 15 آب/ أغسطس 2001، ورُفض في 24 شباط/فبراير 2003، وأن هذا القرار أصبح نهائياً بقرار مجلس الدولة المؤرخ 8 شباط/فبراير 2005. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبي البلاغ عاشا في ملجأ تديره الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء من وقت وصولهم في عام ٢٠٠١ حتى ١٧ آذار/ مارس ٢٠٠٥، عندما طلب منهم المغادرة بعد رفض طلب اللجوء. وتلاحظ اللجنة كذلك أن خلال تلك الفترة، كان يحق لصاحبي البلاغ الحصول على بدل مالي أسبوعي للمأكل والملبس والنفقات الشخصية الأخرى والأنشطة الترفيهية وتغطية النفقات الطبية، بموجب الأمر المتعلق بطالبي اللجوء وفئات أخرى من الأجانب. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ قدما طلبين للحصول على تصريح إقامة، في 21 كانون الأول/ديسمبر 2005 و19 أيلول/ سبتمبر 2006، وأنهما قدما طلباً في 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2008 بتأجيل تنفيذ أمر الترحيل لأن السيدة هاشمي كانت حاملاً في طفلهما الثاني. وتحيط اللجنة علماً بالتأجيل الذي منحه وزير العدل في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، مما سمح لصاحبي البلاغ بالبقاء من 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 حتى نهاية كانون الثاني/يناير 2009 واستحقاقهما الحصول على إقامة قانونية خلال تلك الفترة.

٩-٥ وترى اللجنة أن بموجب المادة ٢٤(١) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام إيجابي بضمان حماية الرفاه البدني والنفسي للأطفال، بما في ذلك من خلال ضمان الإعاشة في ظل الظروف التي لا يتوافر فيها دخل آخر أو مساعدة أخرى لوالديهم. وتحيط اللجنة علماً بتأكيد الدولة الطرف، الذي لم يطعن فيه صاحبا البلاغ، أن في الفترة بين كانون الثاني/يناير وأيلول/ سبتمبر 2007، تلقى صاحبا البلاغ بدلاً شهرياً بموجب نظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب، وأن "ر" تلقت الرعاية الطبية أربعة أيام في الأسبوع. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ استفادا من تلقي البدل الشهري مرة أخرى، اعتباراً من 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، وأن "ر" حصلت على الرعاية الطبية في الحالات التي شكلت خطورة على الحياة، وعلى التعليم، بغض النظر عن وضع إقامتها.

٩-٦ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبي البلاغ بأن الدولة الطرف كان ينبغي أن تأخذ في الاعتبار ظروفهما الخاصة، ولا سيما حالة "ر" كطفلة ضعيفة ذات احتياجات خاصة، وفقرهما المدقع وعوزهما الشديد، اللذين يعتبرانهما السبب الرئيسي للحالة الصحية التي تعاني منها "ر". إلا أن اللجنة ترى، في الظروف المحددة للقضية، أن صاحبي البلاغ لم يثبتا وجود صلة بين الحالة الطبية للطفلة "ر" وبين استثناء صاحبي البلاغ من تلقي إعانة الطفل العامة، بالنظر إلى أنهما لم يثبتا أن المساعدة المالية البديلة المتاحة لهما عرضت "ر" لأضرار مادية فيما يتعلق بصحتها، عند مقارنتها بالمساعدة المتاحة في إطار نظام إعانة الطفل العامة.

٩-٧ وفي ضوء مجمل الظروف المذكورة آنفاً، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها لا تشكل انتهاكاً لحقوق ابنة صاحبي البلاغ بموجب المادة ٢٤(١) من العهد.

٩-٨ وفي ضوء ما سبق، فإن اللجنة لا ترى ضرورة لمواصلة النظر في ادعاءات صاحبي البلاغ بشأن المسألة نفسها، بموجب المادتين ٢٣ و٢٦ من العهد.

١٠- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحبي البلاغ أو ابنتهما بموجب المواد 23 و24 و26 من العهد.

المرفق

رأي فردي لعضو اللجنة خوسيه سانتوس بايس (رأي مخالف)

١- يؤسفني أنني لا يمكنني تأييد ما انتهت إليه اللجنة من استنتاج مؤداه أن الدولة الطرف لم تنتهك حقوق صاحبي البلاغ بموجب المادة 24(1) من العهد.

٢- وصاحبا البلاغ هما جامشيد هاشمي ومريم هاشمي، من مواطني أفغانستان، وهما يقدمان البلاغ باسمهما وباسم طفليهما المولودين في هولندا، وهما "ر" من مواليد عام 2002، و"ق " من مواليد عام 2008.

٣- وقد وصل صاحبا البلاغ إلى هولندا عام ٢٠٠١، هرباً من الطالبان. وتقدما بطلب أولي للحصول على اللجوء في عام ٢٠٠١، ورُفِض في عام ٢٠٠٣. وطعنا في القرار لدى محكمة لاهاي الإقليمية، طعناً قوبل بالرفض أيضاً. وفي عام 2005، أكد مجلس الدولة قرار المحكمة الإقليمية (انظر الفقرة 2-1).

٤- وفي أعقاب ذلك القرار، أُلزِم صاحبا البلاغ بمغادرة مركز طالبي اللجوء الذي كانا يعيشان فيه في آذار/مارس ٢٠٠٥. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٥، انتقلا إلى مأوى للحالات الطارئة تابع لمؤسسة خيرية تُدعى "صوت في المدينة" بمدينة هارلم ، نظراً لعدم وجود دخل لهما، وتلقيا ٦٢ يورو أسبوعياً من المؤسسة الخيرية.

٥- وفي كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٥، تقدم صاحبا البلاغ، باسم ابنته م ا، بسبب حالتها الطبية، بطلب للحصول على تصريح إقامة، ولم يُقبَل هذا الطلب ورفضه مجلس الدولة في نهاية المطاف في عام ٢٠٠٨ (انظر الفقرة 2-2). وعانت "ر" من ”اضطراب الإجهاد المزمن“ نتيجة ”التجارب المؤلمة“ في ماضيها، ومن ”ركود في تطور النطق“ و”ركود في التطور الاجتماعي والعاطفي“، والانفصال عن والديها، و”انتكاس بسبب الحالة المؤلمة“ للأسرة. ومنذ تموز/يوليه ٢٠٠٧، عكفت عدة منظمات للرعاية الصحية على تقديم المساعدة بخصوص مشاكل "ر" الصحية (انظر الفقرة 2-7).

٦- وفي الفترة بين كانون الثاني/يناير وأيلول/سبتمبر 2007، استفاد صاحبا البلاغ من مرافق الاستقبال، وتلقيا مبلغاً من المساعدة الشهرية من الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء قدره حوالي 213.72 يورو، موجهاً إلى "ر"، وفقاً لنظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب (انظر الفقرة 2-6). ومنذ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٧، عاش صاحبا البلاغ في مبنى تابع لمؤسسة صوت في المدينة، التي تولت دفع فواتير الكهرباء والمياه، وقدمت لهما إعانة أسبوعية قدرها ٨٠ يورو (انظر الفقرة 2-5).

٧- ويتعلق هذا البلاغ برفض الدولة الطرف الطلب الذي قدمه صاحبا البلاغ في تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٧، باسم "ر"، إلى مصرف الضمان الاجتماعي للحصول على إعانة الطفل العامة، التي تُمنَح لجميع الآباء والأمهات ذوي الأطفال الصغار للمساعدة في تغطية تكاليف التنشئة، والذي يشمل الفترة من الربع الأخير من عام ٢٠٠٦ حتى الربع الأول من عام ٢٠٠٨. ويُشتَرَط لتلقي إعانة الطفل العامة أن يكون الشخص مؤمَّناً عليه؛ ولا يمكن اعتبار أي أجنبي غير مقيم بصورة شرعية في هولندا شخصاً مؤمناً عليه (انظر الفقرة 2-8). ووفقاً لذلك، رفض مصرف الضمان الاجتماعي طلب صاحبي البلاغ، لعدم حيازتهما تصريح إقامة ساري المفعول (انظر الفقرة 2-9). وطعن صاحبا البلاغ في القرار، لكن مجلس الدولة أكده (انظر الفقرتين 2-10 و2-11).

٨- والمسألة الأولى هي، بالنظر إلى رفض طلب صاحبي البلاغ للحصول على إعانة الطفل العامة، ما إذا اضطر صاحبا البلاغ وطفلاهما إلى العيش ”دون مستوى الكفاف“، مما أجبرهما على العيش في فقر مدقع. فعلى الرغم من أن إعانة الطفل العامة لا تُعتبر عادةً إعانة للإعاشة، فإنها اكتسبت في قضية صاحبي البلاغ هذه السمة، لأنها كانت ضرورية للحيلولة دون عيشهما تحت خط الفقر وضمان توافر حد أدنى من الكفاف لطفليهما. وخلال الفترة المعنية، تلقى صاحبا البلاغ دفعة مساعدة شهرية من الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء لا تتجاوز 213.72 يورو تقريباً، موجهة إلى "ر" (لمدة 9 أشهر فقط)، ومبلغ مساعدة أسبوعية قدره 62 يورو مقدم من مؤسسة صوت في المدينة، وهي مؤسسة خيرية تمولها في المقام الأول الكنائس المحلية والتبرعات الفردية، ولا تسهم الدولة الطرف إلا بنسبة تتراوح بين 9 إلى 13 في المائة من ميزانية المؤسسة الخيرية (انظر الفقرة 7-1). وفي وقت لاحق، تلقت الأسرة مبلغ مساعدة أسبوعية قدره ٨٠ يورو، مقدم أيضاً من مؤسسة صوت في المدينة (انظر الفقرة 3-5). وهذه الظروف المالية لا تكاد تستوفي الحد الأدنى لعتبة الكفاف للأطفال، ناهيك عن أسرة بأكملها. وفي ظل هذا العوز، كان الحصول على بدل ربع سنوي قدره 186 يورو سيمثل بالفعل خطوة ذات شأن لبلوغ الحد الأدنى للعتبة (انظر الفقرة 7-3).

٩- وثمة مسألة أخرى هي ما إذا كانت الحالة الطبية للطفلة "ر" قد ساءت بسبب حالة ”الفقر المدقع“ التي تعاني منها الأسرة، والتي كانت مرهقة للغاية (انظر الفقرة 3-5). وفي هذا الصدد، أثر الوضع القانوني والمالي المتدني للأسرة تأثيراً كبيراً على الحالة الصحية للطفلة (انظر الفقرتين 5-1 و5-2)، وإن أمكنها أن تحصل على بعض الرعاية الطبية (انظر الفقرة 6-2).

١٠- والدولة الطرف، في حجبها لإعانة الطفل العامة، التي يُقصَد بها أن تكون نظاماً لإعانات الأطفال وأن تسهم في تكاليف رعاية الأطفال وتنشئتهم (الفقرة 6-4)، لم تأخذ في الاعتبار على النحو الواجب حماية المصالح الفضلى للطفل. وفي هذا الصدد، ينبغي أن تكون الدولة الطرف ملزمة بتوفير الحد الأدنى من احتياجات الإعاشة للأطفال الذين لا يستطيع آباؤهم إعالتهم (الفقرة 3-7) ، ومساعدتهم على بلوغ حد أدنى من عتبة الكفاف. وهذا يتسم بأهمية خاصة في حالة صاحبي البلاغ اللذين كانا يقيمان في هولندا منذ عام 2001 واللذين لم يمكنهما العودة إلى أفغانستان.

١١- وخلافاً لما خلصت إليه اللجنة، كنت سأخلص تبعاً لذلك إلى أن الدولة الطرف، برفضها طلب صاحبي البلاغ للحصول على إعانة الطفل العامة، انتهكت حقوق "ر" بموجب المادة 24(1) من العهد، التي يُكفل بموجبها لكل ط فل الحق في تدابير حماية خاصة بسبب وضعه كقاصر. وبالفعل، لم تحترم الدولة الطرف، في هذه القضية، المبدأ الذي يقضي بإيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع القرارات التي تمسه. ‬ وحسبما أشارت اللجنة عن حق (انظر الفقرتين 9-3 و9 -5)، يقع على عاتق الدول الأطراف في العهد التزام إيجابي بحماية الأطفال من الأذى الجسدي والنفسي، بما في ذلك عن طريق ضمان الحد الأدنى من الكفاف، في ظل الظروف لا يتوافر فيها دخل آخر أو مساعدة أخرى لوالديهم. وفي رأيي أن هذا الالتزام الإيجابي، في هذه القضية، لم يستوف ( ) .