الأمم المتحدة

CCPR/C/122/D/2398/2014*

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

28 June 2018

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( الفقرة 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2 398 /201 4 * * ** *

بلاغ مقدم من: أعراب مليس ( ت مثله المحام ية نصيرة دوتور من تجمّع أسر المفقودين في الجزائر)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ ومحمّد مليس (ابن صاحب البلاغ)

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ: 10 آذار/مارس 2014 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب الماد تين 92 و ٩٧ من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 16 آب/أغسطس 2013 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 6 نيسان/أبريل 2018

الموضوع: اختفاء قسري

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في سبيل انتصاف فعال؛ التعرض للعقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ حق الفرد في الحرية والأمن على نفسه؛ الكرامة الإنسانية؛ الاعتراف بالشخصية القانونية؛ حرية التجمع

مواد العهد: 2 (الفقرتان 2 و3) و6 و7 و9 و10 و14 و16 و21

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و3 و5 ( الفقرة 2 )

١-١ صاحب البلاغ المؤرخ 10 آذار/مارس 2014 هو أعراب مليس، وهو جزائري الجنسية. ويدفع بأن ابنه، محمد مليس، المولود في 7 آذار/مارس 1964، وهو جزائري الجنسية أيضا ً ، وقع ضحية اختفاء قسري يُعزى إلى الدولة الطرف، بما يشكل انتهاكا ً للمواد 2 (الفقرتان 2 و3) و6 و7 و9 و10 و16 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويؤكد صاحب البلاغ أنه وقع، هو أيضاً، ضحية انتهاك المادتين 2 (الفقرة 2) و7 مقروءتين بالاقتران بالمادتين 2 (الفقرة 3) و 21 من العهد. وقد دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز التنفيذ بالنسبة للدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 1989. ويمثل صاحب البلاغ ال محام ية نصيرة دوتور من تجمّع أسر المفقودين في الجزائر .

١-٢ وفي 25 تموز/يوليه 2014، طلبت الدولة الطرف فصل النظر في مسألة مقبولية البلاغ عن النظر في أسسه الموضوعية. وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 2014، أبلغت اللجنة الدولة الطرف وكذلك صاحب البلاغ بقرار المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة بالنظر في مقبولية البلاغ وفي أسسه الموضوعية معا ً .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ كان صاحب البلاغ، أثناء فترة النزاع الذي حدث في تسعينات القرن الماضي في الجزائر، يدير مقهى في وسط بلدية بئر خادم (ولاية الجزائر العاصمة). ويؤكد أن أفراد الشرطة من قسم شرطة البلدية كانوا آنذاك يقتحمون المقهى الذي يمسكه مرتين في الأسبوع، ويأمرون بغلق الأبواب ويفتشون جميع الأشخاص الحاضرين بدعوى البحث عن إرهابيين.

٢-٢ وفي 9 أيلول/سبتمبر 1993، كان صاحب البلاغ، في حدود الساعة الثانية بعد الظهر، برفقة ابنه محمد مليس عندما تقدّم إليهما شرطيان مسلحان يرتديان زيا ً رسميا ً ، هما أ. غ. (متقاعد حاليا ً ) وأ . ب. (متوفى)، وأمرا محمد مليس بتقديم وثائق هويته. وأمراه الشرطيان بعد ذلك بمرافقتهما، دون تقديم أي تبرير ولا أمر قضائي بالقبض عليه. وأركباه في سيارة رسمية واقتاداه إلى قسم شرطة بئر خادم. ووقع هذا الحادث بحضور شاهدين ، هما أ. ك. وس . م.. وبسبب خوف ه ذين الشخصين من الانتقام، لم يجرؤا على الإعلان لدى بلدية بئر خادم عن صفتهما شاهدين إلا في 16 نيسان/أبريل 2000. أما صاحب البلاغ فسار وراء سيارة الشرطة ورأى الشرطيان يمسكان بابنه ويدخلاه إلى قسم الشرطة. وحاول بدوره الدخول إلى قسم الشرطة ليستفسر عن سبب القبض على ابنه. لكن الشرطيان منعاه من ذلك، وهدداه. ونفى الشرطيان فيما بعد علمهما بالقبض على محمد مليس.

٢-٣ وتوجّه شقيق محمد مليس بدوره، برفقة صديق له، إلى قسم الشرطة. وصرحت الشرطة أن محمد مليس غير مذكور في سجلاتها. وتوجّه صاحب البلاغ مرة أخرى إلى قسم الشرطة برفقة الشاهدين، أ. ك. وس . م.، لكنه قوبل بنفس المعاملة، سوى أن أحد أفراد الشرطة طلب منه العودة ومعه دفتره العائلي. ويؤكد أنه لم يتوقف قط عن البحث عن ابنه؛ وقد ذهب مرات عديدة إلى أقسام الشرطة والدرك حيث استجوب مراراً لعدة ساعات. ويؤكد أن ابنه لا يزال على قيد الحياة وأنه محتجز انفراديا ً في مكان سري ومجهول دون أي اتصال بالخارج ودون أي مراقبة قضائية لظروف احتجازه. ويقول إن صحة زوجته تدهورت تدهورا ً شديدا ً نتيجة لهذه الصدمة.

٢-٤ وأودع صاحب البلاغ شكوى أولى لدى قسم الدرك، لكن لم يتخذ بشأنها أي إجراء. وقد ّ م بعد ذلك العديد من الشك ا وى الإدارية والقضائية. وفيما يتعلق بالطعون القضائية، فقد وجّه صاحب البلاغ يوم 28 أيار/مايو 1998 التماساً إلى مدعي الجمهورية لدى محكمة الجزائر العاصمة وإلى مدعي الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس. وفي 18 شباط/ فبراير 2006، وجّه التماساً مرة أخرى إلى مدعي الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس. ولما بقيت التماساته دون رد، أرسل يوم 9 آب/أغسطس 2006 ويوم 27 تموز/يوليه 2007 شكوى جديدة إلى مدعي الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس. وفي 23 تموز/يوليه 2008، رد هذا الأخير بمحضر ألزم فيه صاحب البلاغ باتباع إجراءات التعويض المحددة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لعام 2005، دون تقديم إجابات بشأن اختفاء محمد مليس. ولأن التعويض مشروط بالحصول على شهادة وفاة، لم يكن صاحب البلاغ، الذي يصر على معرفة الحقيقة عن مصير ابنه، يرغب في مباشرة إجراءات التعويض. وفي 6 آب/أغسطس 2008 و20 تشرين الأول/أكتوبر 2011، وجّه شكاوى جديدة إلى مدعي الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس. وبالرغم من هذه الشكاوى، لم يجر أي تحقيق ولم يترتب على الطعون المقدمة أي نتيجة تذكر.

٢-٥ وفيما يتعلق بالطعون غير القضائية، فقد وجّه صاحب البلاغ يوم 28 أيار/ مايو 1998: (أ) شكوى إلى رئيس الجمهورية ووزير العدل؛ (ب) وشكوى إلى رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان؛ (ج) وخطابا ً إلى وسيط الجمهورية الذي رد عليه يوم 22 حزيران/ يونيه 1998. وأعلمته اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان برسالة مؤرخة 31 كانون الأول/ديسمبر 1999 أنه " استنادا ً إلى المعلومات التي قدمتها مصالح الأمن الوطني، فإن الشخص المعني لم يكن مطلوبا ً لديها ولم تقبض عليه، وأن مؤسسة الدرك الوطني هي التي أجرت تحقيقا ً في هذه القضية " . وفي 21 حزيران/ يونيه 2000، وبعد تلقي صاحب البلاغ رسالة من المرصد الوطني لحقوق الإنسان مؤرخة 14 حزيران/يونيه 2000 جاء فيها أن هذه المؤسسة لم تعثر على أي أثر لمحمد مليس في قسم شرطة بئر خادم، قدّم صاحب البلاغ شكوى جديدة إلى المرصد الوطني لحقوق الإنسان ذكَّر فيها بأنه كان شاهدا ً على حادثة توقيف ابنه على يدي شرطيين من قسم شرطة بئر خاد م ، وبيّن هوية الشرطيين. واستُدعي يوم 1 آب/ أغسطس 2004 من قِبل اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان. وفي 31 أيار/مايو 2005، اتصل صاحب البلاغ برئيس الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان وبالأمين العام لحزب العمال. وفي 11 شباط/فبراير 2006، وجّه خطابا ً إلى وزير العدل وإلى رئيس الجمهورية وإلى وزير الداخلية والجماعات المحلية وإلى رئيس الحكومة وإلى رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان. وباستثناء رد مقتضب من المرصد الوطني لحقوق الإنسان، لم يتلق أي رد آخر. وفي 9 آب/أغسطس 2006، أرسل خطابا ً إلى قائد الفرقة الإقليمية للدرك في بئر خادم وكذلك إلى كمال رزاق بارا، المستشار لدى رئاسة الجمهورية لحقوق الإنسان. وفي 27 تموز/يوليه 2007، وجّه خطابا ً جديدا ً إلى وزير العدل ورئيس الحكومة وكمال رزاق بارا وإلى قائد الفرقة الإقليمية للدرك في بئر خادم ورئيس الجمهورية ووزير الداخلية والجماعات المحلية. واستُدعي صاحب البلاغ من قِبل الشرطة القضائية لبئر خادم، برسالتين مؤرختين 27 شباط/فبراير 2008 و6 تموز/يوليه 2008، " لأغراض التحقيق " . ورغم هذه الاستدعاءات، لم يبلّغ صاحب البلاغ قط بأن تحقيقا ً جديا ً ومتعمّقا ً قد فُتح. وفي 6 آب/أغسطس 2008، وجّه صاحب البلاغ من جديد خطابا ً إلى وزير العدل، ووجّه خطابا ً في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2011 إلى رئيس الجمهورية وإلى وزير الداخلية والجماعات المحلية وإلى رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، لكنه لم يتلق أي رد. وكان آخر رد تلقاه من الوالي المنتدب لدائرة بئر مراد رايس في 8 شباط/فبراير 2009 يدعوه فيه إلى التماس الإجراءات المقررة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.

٢-٦ وبالموازاة مع هذه الشكاوى العديدة، فإن صاحب البلاغ عضو مؤسس في جمعية نجدة المفقودين ويشارك بانتظام في لقاءات وفي التجمعات الأسبوعية التي تنظمها الجمعية. ويؤكد أن الشرطة ألقت عليه القبض بعنف، يوم 11 آب/أغسطس 2010، أثناء أحد التجمعات؛ وكان يبلغ من العمر آنذاك 82 عاما ً . وفي 1 حزيران/ يونيه 2013، وأثناء مشاركته في تجمع أقامته الجمعية، يؤكد أنه أُلقي عليه القبض على الساعة التاسعة والنصف (وكان عمره آنذاك 85 عاما ً ) واقتيد بالقوة إلى قسم شرطة المدنية حيث احتجز إلى الساعة الرابعة عصرا ً . ويقول إن زوجته البالغة 77 عاما ً قد ألقي عليها القبض في ذلك اليوم أيضا ً .

الشكوى

٣-١ يدّعي صاحب البلاغ أن ابنه وقع ضحية اختفاء قسري تعزى المسؤولية عنه إلى الدولة الطرف، بما يشكل انتهاكا ً للمواد 2 (الفقرتان 2 و3) و6 و7 و9 و10 و16 من العهد. ويدفع أيضا ً بأن المواد 27 و39 و45 و46 من الأمر رقم 06-01 المؤرخ 27 شباط/ فبراير 2006 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مقروءة معا ً، وفي ضوء مجمل أحكام هذا الميثاق، تشكل إنكارا ً حقيقيا ً للطبيعة القسرية للاختفاء، الأمر الذي تسبب بإزائه في العديد من الانتهاكات لأحكام العهد، لا سيما المواد 2 و7 و14 و19 و21.

٣-٢ ويزعم أن الإجراءات القضائية وغير القضائية التي قام بها من أيار/مايو 1998 إلى تشرين الأول/أكتوبر 2011 تلبي شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وهي السبل التي تبيّن، فضلا ً عن ذلك، أنها غير فعالة وعديمة الجدوى. ويؤكد أيضا ً أنه نتيجة للفصل الرابع من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي اعتمد بالاستفتاء يوم 29 أيلول/سبتمبر 2005، مقترنا ً بالمادة 45 من الأمر رقم 06-01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لم يعد يوجد في الجزائر سبل انتصاف محلية فعالة ومجدية ومتاحة لأسر الأشخاص ضحايا الاختفاء القسري. ويذكّر في هذا الصدد بأن اللجنة قد سبق لها أن استنتجت في 2007، في سياق ملاحظاتها الختامية (2007) بشأن التقرير الثالث للدولة الطرف (CCPR/C/DZA/CO/3)، أن الأمر المذكور أعلاه، بصيغته الحالية، يشجّع فيما يبدو على الإفلات من العقاب وأنه بذلك غير متوافق مع أحكام العهد. ويذكّر أيضا ً بأن هذا الأمر لا يعترف بجريمة الاختفاء القسري وبأن المواد 27 و28 و30 و37 منه تجعل الحصول على أي تعويض بالنسبة " لضحايا المأساة الوطنية " مشروطا ً بالحصول على حكم قضائي يثبت الوفاة. ويرى أن الميثاق ونصوصه التطبيقية تهدف إلى التعمية على مسألة المختفين بمنح التعويض دون البحث عن الحقيقة ودون إحقاق العدالة. ويذكّر بأنه على الرغم من الشكاوى التي قدمها، لم يُفتح أي تحقيق في القضية. ويضيف أن عرض قضية محمد مليس على الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري وغير الطوعي لا يشك ّ ل عائقا ً أمام قبول البلاغ؛ فهذا الإجراء ليس إجراء دوليا ً للتحقيق أو التس وية بالمعنى المقصود من الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. ويرى بالتالي أن بلاغه هذا مقبول.

3-3 ويرى صاحب البلاغ أن الأمر رقم 06-01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يشكل إخلالا ً بالالتزام العام المكرّس في المادة 2 (الفقرة 2) من العهد من حيث أن هذا الحكم يقتضي أيضا ً تحم ّ ل الدول الأطراف التزاما ً سلبيا ً بعدم اتخاذ إجراءات منافية لأحكام العهد. وباعتماد الأمر المذكور، لا سيما المادة 45 منه، تكون الدولة الطرف بذلك قد اتخذت إجراء تشريعيا ً يمنع تلقائيا ً التمتع بالحقوق المكفولة بموجب العهد ( ) ، لا سيما الحق في إمكانية اللجوء إلى سبيل انتصاف فعال من انتهاكات حقوق الإنسان. ويرى صاحب البلاغ أن الإخلال بالالتزام المنصوص عليه في المادة 2 (الفقرة 2) من العهد، فعلا ً أو تقصيرا ً ، قد تترتب عنه تبعات تتحمل الدولة الطرف المسؤولية الدولية عنها ( ) . ويؤكد أنه رغم كل هذه المساعي التي قام بها بعد بدء سريان مفعول الميثاق ونصوصه التطبيقية، ظلت الشكاوى التي قدمها بلا جدوى وذلك رغم المعلومات الدقيقة التي قدمها، ولم يتلق سوى ردا ً واحدا ً من مدعي الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس يدعوه فيه إلى التماس إجراءات التعويض المقررة في الميثاق. ويرى تبعا ً لذلك أنه وقع ضحية هذا الحكم التشريعي الذي يتنافى مع المادة 2 (الفقرة 2) من العهد.

3-4 ويؤك ّ د صاحب البلاغ أيضا ً أنه لم يعد يوجد في الجزائر سبل انتصاف محلية فعالة ومجدية ومتاحة لأسر الأشخاص ضحايا الاختفاء القسري. ويذكّر بأنه منذ اعتماد ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ونصوصه التطبيقية، لا سيما المادتان 45 و46 من الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، أرسال نحو خمسة عشرة شكوى ولم يتلق سوى ردين دُعي فيهما إلى اتباع إجراءات التعويض المقررة في الميثاق. ويذكّر بأن هذه الإجراءات لا تتوخى سوى مجرد التعويض لصالح " الضحايا المتوفين بفعل الإرهاب " وهو مشروط بالحصول على حكم قضائي يثبت وفاة الشخص المختفي دون إجراء أي تحقيق. وهذا التعويض لا يتحدد وفقا ً للضرر الذي لحق بالضحية وبأسرته ولكن وفقا ً لعمر الشخص ووضعه الاجتماعي والمهني. ويذكّر بأن اللجنة أقرت، في ملاحظاتها الختامية (2007) بشأن التقرير الدوري الثالث للدولة الطرف (CCPR/C/DZA/CO/3)، بأن هذا التعويض غير كامل وغير شامل، ويحي ل إلى تعليق اللجنة العام رقم 20 (1992) بشأن منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وإلى تعليق اللجنة العام رقم 31 (2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد لدعم حجته القائلة بأن هذا التعويض لا يلبي مقتضيات المادة 2 (الفقرة 3) من العهد. ويرى أن الحق في سبيل الانتصاف يتضمن بالضرورة الحق في تعويض مناسب والحق في معرفة الحقيقة، ويؤكد، بالاستناد إلى الملاحظات الختامية (2007) للجنة بشأن التقرير الدوري الثالث للدولة الطرف، بأن الأمر رقم 06-01، ولا سيما المادتان 45 و46 منه اللتان تقرران عدم مقبولية الشكاوى التي تستهدف عناصر قوات الدفاع والأمن للجمهورية، يشكل انتهاكا ً لحق الضحايا في تقديم طعن فعلي أمام الهيئات الوطنية والدولية. ويزعم أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ونصوصه التطبيقية من حيث الآثار المترتبة عليها معادلة لإجراءات العفو العام على الأفعال المرتكبة من قبل أعوان الدولة، ويحيل إلى التعليق العام رقم 20 (1992) والتعليق العام رقم 31 (2007) للجنة، وإلى موقف هذه اللجنة بإزاء طابع هذه الإجراءات المخالف للحق في سبيل انتصاف فعال مكفول بمقتضى المادة 2 (الفقرة 3) من العهد. ويرى تبعا ً لذلك أن محمد مليس حُرم من حقه في التماس سبيل انتصاف فعال وأن الدولة الجزائرية أخلت بالتزامها بموجب المادة 2 (الفقرة 3) من العهد.

3-5 ويذكّر صاحب البلاغ بالتطورات على صعيد اجتهادات اللجنة بإزاء مسألة الاختفاء القسري ويرى أن مجرد احتمال أو خطر فقدان الشخص حياته في سياق الاختفاء القسري يشكل سببا ً كافيا ً لاستنتاج أن انتهاكا ً مباشرا ً للمادة 6 من العهد قد وقع. ويذكّر بالوقائع التي اكتنفت اختفاء ابنه محمد مليس ويرى أن فُرَص العثور عليه تتضاءل بمرور الأيام، وهو يعتقد بالفعل أن ابنه فارق الحياة، ذلك أن الاحتجاز الانفرادي في مكان سري يشكل خطرا ً كبيرا ً جدا ً للإخلال بالحق في الحياة لأن الضحية يكون حينئذ تحت رحمة سجانيه الذين لا يخضعون لأي مراقبة قضائية. ويرى تبعا ً لذلك أن الدولة الجزائرية أخلت بالتزامها بحماية حق محمد مليس في الحياة، بما يشكل انتهاكا ً للمادة 6 من العهد.

3-6 ويؤكد صاحب البلاغ أن الملابسات التي أحاطت باختفاء محمد مليس، وبالتحديد السرية المطلقة التي أحاطت بأسباب القبض عليه ومكان احتجازه وحالته الصحية وعدم وقوع أي اتصال بأسرته ولا بالعالم الخارجي، تقتضي إطلاق توصيف الاحتجاز الانفرادي في مكان سري وتمثل ضربا ً من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو المهينة في حقه، بما يشكل انتهاكا ً للمادة 7 من العهد. ويؤكد أيضا ً أنه عانى هو نفسُه وأسرتُه من القلق و الكرب بسبب اختفاء محمد مليس وبسبب عدم إجراء تحقيق متعمق وعدم تقديم أي تأكيد رسمي بشأن مصير ابنهم المختفي؛ فميثاق السلم والمصالحة الوطنية ونصوصه التطبيقية تشكل فعلا ً عائقا ً أمام إحقاق حق أسر المختفين في معرفة الحقيقة. ويذكّر بأن هذا الحق مكفول بموجب المادة 24 (الفقرة 2) من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وأقرته اللجنة في اجتهاداتها. وتبعا ً لذلك، يرى أن ما عاناه وأسرته من قلق وكرب، علاوة على استحالة معرفة الحقيقة، وهي الاستحالة الناجمة عن وجود ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ونصوصه التطبيقية، يشكل ضربا ً من ضروب التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة في حقه وفي حق أسرته، وهو ما يكشف عن وقوع انتهاك للمادة 7 مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3) من العهد.

3-7 وفي معرض التذكير بالحق المكفول لكل شخص في الأمن بموجب المادة 9 من العهد، والقاضي بمنع القبض على الشخص أو احتجازه تعسفا ً ، يرى صاحب البلاغ أن ملابسات القبض على محمد مليس واحتجازه تشكل حرمانا ً تعسفيا ً من الحرية ومن الأمن. وتبعا ً لذلك، يرى أن ابنه حُرم من الضمانات المنصوص عليها في المادة 9 من العهد، وهو ما أدى إلى انتهاك هذه المادة في حقه.

3-8 وفي معرض التذكير بأحكام المادة 10 من العهد، يؤكد صاحب البلاغ أيضا ً أنه في ظل تقاعس السلطات الجزائرية عن إجراء تحقيق في حادث الاختفاء، يكون محمد مليس قد حُرم من حريته ولم يعامل معاملة إنسانية وبما يحفظ كرامته، وهو ما يشكل انتهاكا ً للمادة 10 من العهد في حقه.

3-9 وفي معرض التذكير بأحكام المادة 14 من العهد وكذلك بالتعليق العام رقم 32 ( ) للجنة بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، يؤكد صاحب البلاغ أن المدعين العامين يطبقون، في واقع الأمر ولأسباب سياسية، أحكام المادة 45 من الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية تطبيقا ً واسعا ً ويرفضون البت في أي شكوى يكون موضوعها حالة اختفاء قسري، سواء كانت موجهة ضد أحد أعوان الدولة أو ضد شخص مجهول، أو تضمنت طلبا ً بفتح تحقيق في الحادث رغم معرفة أسماء المسؤولين عن حالة الاختفاء، كما هو الحال في هذه القضية.

3-10 ويذكّر صاحب البلاغ بعد ذلك بأحكام المادة 16 من العهد وباجتهاد اللجنة الراسخ ومؤداه أن تعم ّ د حرمان شخص ما من حماية القانون لفترة مطوّلة يمكن أن يشكل إنكاراً للشخصية القانونية للشخص إذا كان الشخص في عهدة سلطات الدولة عند ظهوره للمرة الأخيرة، وإذا كانت هناك إعاقة منتظمة لجهود أقاربه الرامية إلى اللجوء إلى سبل انتصاف فعالة، بما في ذلك إلى المحاكم. ويحيل أيضا ً إلى الملاحظات الختامية (2007) بشأن التقرير الدوري الثالث الذي قدمته الجزائر في إطار المادة 40 من العهد (CCPR/C/DZA/CO/3). وتبعا ً لذلك، يدفع بأن إبقاء السلطات الجزائرية على محمد مليس محتجزا ً دون الاعتراف بذلك، تكون قد حرمته من حماية القانون وحرمته من الحق في الاعتراف له بشخصيته القانونية، بما يشكل انتهاكا ً للمادة 16 من العهد.

3-11 وفي الأخير، يذكّر صاحب البلاغ، بالإشارة إلى الحق في التجمع السلمي المنصوص عليه في المادة 21 من العهد وكذلك إلى الشروط التي تسمح بتقييد هذا الحق، بأن المادة 46 من الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية (الفقرة 9) ( ) تحظر التعبير الجماعي لأسر المفقودين والمدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك حين يتعلق الأمر بعقد لقاءات أو تجمعات سياسية. ويؤكد أنه كان شخصيا ً وبصورة مباشرة ضحية انتهاكات لحقه في حرية التجمع السلمي، ويذكّر بأنه احتُجز مرتين في عام 2010 وعام 2013 لعدة ساعات في قسم الشرطة وكان يبلغ حينها من العمر 82 و85 عاما ً . ويزعم أنه أُبلغ شفهيا ً بأنه لا يحق ّ له التظاهر لأن النصوص التطبيقية لميثاق السلم والمصالحة الوطنية تمنع أي شكل من أشكال التظاهر، ويذكّر بأن رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان منع بنفسه في عام 2010 مظاهرات عائلات المفقودين أمام مقر هذه المؤسسة. وعليه، يرى أنه وقع ضحية انتهاك المادة 21 من العهد.

3-12 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة ما يلي: (أ) الاستنتاج أن الجزائر انتهكت المواد 2 (الفقر تان 2 و3 )، و6 و7 و9 و10 و16 من العهد في حق محمد مليس والمادة ٢ (الفقرة 2) ، والمادة 7 مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3) ، والمادة 21 من العهد في حق صاحب البلاغ وأسرته؛ (ب) حث الدولة الطرف على احترام التزاماتها الدولية وإعمال الحقوق المكفولة بموجب العهد، وكذلك الحقوق المكفولة بموجب مجمل المعاهدات الدولية لحماية حقوق الإنسان التي صدّقت عليها الجزائر. ويطلب أيضا ً إلى اللجنة أن تحث الدولة الطرف على إصدار الأمر بإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة من أجل: ( أ ) العثور على محمد مليس واحترام تعهدها بموجب المادة 2 (الفقرة 3) من العهد؛ (ب) تقديم المتورطين في هذا الاختفاء القسري إلى السلطات المدنية المختصّة من أجل ملاحقتهم وفقا ً للمادة 2 (الفقرة 3) من العهد ؛ ( ج ) تقديم الجبر المناسب والفعال والسريع لمحمد مليس، إن كان لا يزال على قيد الحياة، ولأسرته عن الضرر الذي لحقهم، وفقا ً للمادة 2 (الفقرة 3) من العهد. ويشدد على أن هذا الجبر ينبغي أن يكون ملائما ً ومتناسبا ً مع خطورة الانتهاك المرتكب، وأن يشمل تعويضا ً كاملا ً وشاملا ً وضمانات بعدم التكرار، لا سيما بإنشاء لجنة مستقلة مكلفة بكشف مصير الأشخاص المختفين وجميع ضحايا النزاع الذي شهدته الجزائر في تسعينات القرن الماضي. وفي الأخير، يطلب إلى اللجنة أن تُلزِم السلطات الجزائرية بإلغاء المواد 27 و39 و45 و46 من الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.

ملاحظات الدولة الطرف

٤-١ في 25 تموز/يوليه 2014 ، طلبت الدولة الطرف فصل النظر في مسألة مقبولية البلاغ عن النظر في أسسه الموضوعية ، وأحالت إلى المذكّرة المتضمنة رد الحكومة الجزائرية وإلى المحرَّر المرفق بها بشأن عدم مقبولية البلاغات المقدمة إلى اللجنة فيما يتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لكن دون إرفاق نسخ منهما. ولما رفضت اللجنة فصل النظر في مقبولية البلاغ عن النظر في أسسه الموضوعية ، دعت الدولة الطرف اللجنة، في 9 آذار/مارس 2015، إلى الاستناد إلى المذكرة المرجعية بشأن عدم مقبولية البلاغات المقدمة إلى اللجنة فيما يتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بوصفها ملاحظات متصلة بموضوع الادعاءات.

٤-٢ وتعتبر الدولة الطرف أن البلاغات التي تحمِّل أعوان الدولة أو أشخاص آخرين تصرفوا تحت إمرة السلطات العمومية المسؤولية عن وقوع حالات الاختفاء القسري أثناء الفترة من 1993 إلى 1998 يجب معالجتها " وفقا ً لنهج شامل " . وتعتبر الدولة الطرف أن مثل هذه البلاغات يجب إدراجها في السياق الأشمل للوضع الاجتماعي السياسي والظروف الأمنية السائدة في البلد في فترة كانت فيها الحكومة منهمكة في مكافحة شكل من الإرهاب كان يسعى إلى إحداث "ا نهيار للدولة الجمهورية " . وفي هذا السياق، ووفقاً للمادتين 87 و91 من الدستور الجزائري، اتخذت الحكومة الجزائرية تدابير احترازية وأبلغت الأمانة العامة للأمم المتحدة بإعلانها حالة الطوارئ، وفقاً للفقرة 3 من المادة 4 من العهد.

4-3 وقدمت الدولة الطرف توضيحات بشأن السياق الذي كان سائدا ً أثناء حدوث الوقائع (1993-1998). وهذه التوضيحات النمطية تكررها الدولة الطرف باستمرار بمناسبة جميع البلاغات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري ( ) .

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

5-1 في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2014، أحالت الدولة الطرف أيضا ً إلى اللجنة محررا ً ملحقا ً بالمذكرة الرئيسية تساءلت فيه عن الغاية وراء سلسلة البلاغات الفردية المقدمة إلى اللجنة منذ مطلع عام 2009، وهو ما يندرج بالأحرى، في نظر الدولة الطرف، في إطار تحويل مسار الإجراء بهدف عرض مسألة تاريخية عامة على اللجنة التي تغيب عنها أسباب تلك المسألة وملابساتها. وتلاحظ الدولة الطرف أن جميع هذه البلاغات " الفردية " تتناول السياق العام الذي حدثت فيه حالات الاختفاء. وتلاحظ الدولة الطرف أن الشكاوى تركّز حصرا ً على تصرفات قوات الأمن، ولا تتطرق البتة لتصرفات مختلف الجماعات المسلحة التي اعتمدت أساليب تمويه إجرامية لإلقاء المسؤولية على القوات المسلحة.

5-2 وتذكّر الدولة الطرف أنها لن تبدي رأيها بشأن الأسس الموضوعية المتعلقة بالبلاغات المذكورة قبل صدور قرار بشأن مقبوليتها. وتضيف أن واجب أي هيئة قضائية أو شبه قضائية يتمثل أولاً في معالجة المسائل الأولية قبل مناقشة الأسس الموضوعية. وتعتبر أن قرار النظر، بصورة متلازمة ومتزامنة، في مسائل المقبولية والمسائل المتعلقة بالأسس الموضوعية في هذه الحالة بالذات، علاوة على كونه قراراً لم يتفق عليه، يضر إضرارا ً كبيرا ً بمعالجة البلاغات المعروضة معالجة مناسبة، سواء من ناحية طبيعتها العامة أو من ناحية خصوصياتها الذاتية. وفي معرض الإشارة إلى النظام الداخلي للجنة، لاحظت الدولة الطرف أن الفروع المتعلقة بنظر اللجنة في مقبولية البلاغ تختلف عن تلك المتعلقة بالنظر في الأسس الموضوعية وأنه يمكن من ثم بحث هاتين المسألتين على نحو منفصل. وفيما يتعلق بوجه خاص بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تؤكد الدولة الطرف أن الشكاوى أو طلبات الحصول على المعلومات المقدمة من صاحب البلاغ لم تُقدَّم عبر القنوات الكفيلة بأن تتيح للسلطات القضائية المحلية النظر فيها.

5-3 وفي معرض التذكير باجتهادات اللجنة بشأن واجب استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تؤكّد الدولة الطرف أن مجرّد الشك في احتمالات النجاح أو الخوف من التأخير لا يعفي صاحب البلاغ من استنفاد سبل الانتصاف هذه. وفيما يتعلق بالقول إن صدور الميثاق يجعل أي طعن في هذا المجال مستحيلاً، ترد الدولة الطرف بأن عدم اتخاذ صاحب البلاغ أي خطوة لتقديم ادعاءاته للنظر فيها هو ما منع السلطات الجزائرية من اتخاذ موقف بشأن نطاق وحدود مدى انطباق أحكام هذا الميثاق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأمر رقم 06-01 المتضمن تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يشترط أن يقتصر عدم القبول على الدعاوى المرفوعة ضد "أفراد قوات الدفاع والأمن للجمهورية" عن الأعمال التي تصرفت فيها وفقا ً لمهامهم الجمهورية، أي حماية الأشخاص والممتلكات ونجدة الأمة والحفاظ على المؤسسات. وبالمقابل، فإن أي ادعاء يتعلق بأعمال يمكن أن تنسب إلى قوات الدفاع والأمن يمكن بشأنها إثبات أن هذه القوات تدخلت خارج هذا الإطار هو ادعاء يمكن أن تنظر فيه الهيئات القضائية المختصة.

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغٍ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد. وتذكّر اللجنة أيضا ً بأن قرار المقرر الخاص بعدم الفصل بين المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ (انظر الفقرة 1-2) لا يستبعد إمكانية الفصل بين هاتين المسألتين عند نظر اللجنة فيهما.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، مثلما هي ملزمة بذلك بمقتضى الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين. وتلاحظ اللجنة أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قد أُبلغ بحالة الاختفاء هذه. على أن اللجنة تذكّر بأن الإجراءات أو الآليات الخارجة عن نطاق المعاهدات التي قررها مجلس حقوق الإنسان والتي تتمثل ولاياتها في النظر في حالة حقوق الإنسان في بلاد أو إقليم ما أو في مظاهر انتهاك واسع النطاق لحقوق الإنسان في العالم وتقديم تقارير علنية في الموضوع ليست بوجه عام إجراءً من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمفهوم المقصود من الفقرة 2(أ) من المادة 5 في البروتوكول الاختياري ( ) . وتبعاً لذلك، ترى اللجنة أن نظر المقرر الخاص المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في قضية محمد مليس لا يجعل البلاغ غير مقبول استناداً إلى هذا الحكم.

6-3 وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ بأنه استنفد سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ أن الدولة الطرف اكتفت، في اعتراضها على مقبولية البلاغ، بإعادة إرسال مذكرتها المرجعية بشأن معالجة مسألة حالات الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وأنها قدمت، يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر 2011، محررا ً مرفقا ً بالمذكرة الرئيسية بشأن مقبولية البلاغات المعروضة على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بخصوص تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة ليس فقط بإجراء تحقيقات متعمقة في الانتهاكات المفترضة لحقوق الإنسان التي أحيطت السلطات علماً بها، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالاختفاء القسري أو انتهاك الحق في الحياة، بل ملزمة أيضاً بملاحقة كل من يشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وتحيط اللجنة علما ً بأن مدعي الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس وجّه يوم 23 تموز/يوليه 2008 محضرا ً ألزم فيه أعراب مليس باتباع إجراءات التعويض المحددة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لعام 2005، وأن الوالي المنتدب لدائرة بئر مراد رايس دعا صاحب البلاغ، في 8 شباط/فبراير 2009، إلى التماس الإجراءات نفسها. على أن اللجنة تلاحظ أن المحضر المذكور لم يقدم أي إجابات بخصوص محمد مليس. وتلاحظ أيضاً أن صاحب البلاغ استُدعي من قِبل الشرطة القضائية لبئر خادم، برسالتين مؤرختين 27 شباط/فبراير 2008 و6 تموز/يوليه 2008، "لأغراض التحقيق" وأنه رغم هذه الاستدعاءات، لم يبلّغ صاحب البلاغ قط بأن تحقيقاً جدياً ومتعمّقاً قد فُتح. وعليه فإنها تمنح المصداقية للوقائع كما عرضها صاحب البلاغ ومؤداها أنه لم يجر أي تحقيق متعمق وجديّ في حادثة اختفاء محمد مليس. وفضلاً عن ذلك، لم تقدم الدولة الطرف في ملاحظاتها أي توضيح محدد بشأن حالة اختفاء محمد مليس من شأنه أن يسمح بالاستنتاج أن سبيل انتصاف فعالاً ومتاحاً قيد البحث في الوقت الحاضر. ويضاف إلى ذلك أن الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لا يزال مطبقاً بالرغم من أن اللجنة أوصت بمواءمته مع أحكام العهد ( ) (انظر الملاحظات الختامية (2007) للجنة بشأن التقرير الدوري الثالث للدولة الطرف). وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تشكل عقبة أمام مقبولية هذا البلاغ.

6-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي وقوع انتهاكات تثير تساؤلات من منظور المواد 2 (الفقرتان 2 و3) و6 و7 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد 2 (الفقرة 3) و9 و10 و16 و21 من العهد.

6-5 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ تحدث عن انتهاك المادة 2 (الفقرتان 2 و3) من العهد فيما يخصه وفيما يخص محمد مليس. وتذكّر اللجنة أن أحكام المادة 2 (الفقرة 2) من العهد تنص على التزام عام للدول الأطراف لا يجوز الاحتجاج به بمفرده في بلاغ ما ( ) . وبناء عليه، تعتبر اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ كرّس فقرة فيما يخص المادة 14 من العهد. على أنها تلاحظ أنه لم يدع صراحة أن هذه المادة قد انتهكت فيما يخصه أو فيما يخص محمد مليس، ومن ثم لن تبحث اللجنة هذه المسألة من حيث الموضوع.

6-7 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أثار أيضا ً انتهاك المادة 21 من العهد. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم حججا ً كافية لدعم ادعاءاته المتعلقة بانتهاك المادة 21 من العهد وتلاحظ أن صاحب البلاغ لا يبدو أنه قام بإجراءات قضائية بخصوص الادعاء بانتهاك حريته في التظاهر. وبناء عليه، تعتبر اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والمادة 5 (الفقرة 2(ب)) من البروتوكول الاختياري.

6-8 على أن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ قدم ما يكفي من الحجج لدعم الادعاءات التي تثير تساؤلات بإزاء المادتين 6 و7 مقروءتين منفردتين وبالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3) و المواد 9 و10 و16 من العهد. وبذلك تنتقل اللجنة إلى النظر في البلاغ من حيث أسسه الموضوعية بخصوص الانتهاكات المزعومة للمواد 6 و7 و9 و10 و16 من العهد.

النظر في الأساس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ آخذة في الاعتبار جميع المعلومات التي قدمها الطرفان، وذلك طبقا ً لأحكام الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

7-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اكتفت بالإشارة إلى ملاحظاتها المشتركة والعامة التي قدّمتها آنفاً إلى ال فريق الع ا مل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي وإلى اللجنة فيما يتعلّق ببلاغات أخرى، من أجل تأكيد موقفها القائل إنه سبق تسوية مثل هذه القضايا في إطار تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة وتذك ّ ر بأنه لا يجوز للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا أو يعتزمون تقديم بلاغات إلى اللجنة. وتقضي أحكام العهد بأن تحرص الدولة الطرف على مصير كل شخص و بأن تعامل كل شخص باحترام كرام ته الإنسانية ( ) . وبالنظر إلى عدم إدخال التعديلات التي أوصت بها اللجنة ، فإن الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يساهم في الإفلات من العقاب في هذه القضية ولا يمكن من ثم اعتباره ، بصيغته الحالية، متفقاً مع أحكام العهد ( ) .

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تردّ على ادعاءات صاحب البلاغ بشأن الأسس الموضوعية وتذكر باجتهاداتها التي تكرّس قاعدة مفادها أن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة لا تملكها في أغلب الأحيان سوى الدولة الطرف ( ) . ووفقاً للفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، فإن الدولة الطرف ملزمة بالتحقيق بحسن نية في جميع الادعاءات بشأن انتهاكات أحكام العهد الموجّهة ضد الدولة الطرف وممثل ي ها، وأن تحيل إلى اللجنة المعلومات التي تكون بحوزتها ( ) . وفي حال عدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الخصوص، فإنه يتعين إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الاعتبار الواجب ما دامت معللة بما فيه الكفاية.

7-4 وت ذكّر اللجنة ب أن ه إذا كانت عبارة "الاختفاء القسري" لا ترد صراحة في أي من مواد العهد، فإ ن الاختفاء القسري يشكّل مجموعة فريدة ومتكاملة من الأعمال التي تمثّل انتهاكاً مستمراً للعديد من الحقوق المكرّسة في هذا الصك ( ) .

7-5 وتلاحظ اللجنة أن محمد مليس شوهد للمرة الأخيرة يوم 9 أيلول/سبتمبر 1993 بعد أن قبض عليه الشُّرطيان أ. غ. وأ . ب . عندما كان هذان الشرطيان يتأهبان للدخول إلى قسم شرطة بئر خادم. وتلاحظ اللجنة أن شخصين إضافة إلى صاحب البلاغ كانوا شهودا ً لحادثة القبض على محمد مليس. وتحيط اللجنة علما ً بأن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات تسمح بمعرفة ما وقع لمحمد مليس، بل إنها لم تؤكد قط احتجازها إياه. وتذكّر بأن سلب الحرية ثم الامتناع عن الاعتراف بذلك أو التستر على مصير الشخص المختفي هو ، في حالات الاختفاء القسري، بمثابة حرمان هذا الشخص من حماية القانون و تعري ض حياته لخطر دائم و جسيم تُعتبر الدولة مسؤولة عنه ( ) . وفي القضية قيد النظر ، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات قد تبين أنها وفت بالتزامها بحماية حياة محمد مليس . وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بحماية حيا ة محمد مليس ، وهو ما يشكّل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

7-6 وتقر ّ اللجنة بدرجة المعاناة التي ينطوي عليها التعرض للاحتجاز دون اتصال بالعالم الخارجي لمدة غير محددة. وتذكّر بتعليقها العام رقم 20(1992) بشأن حظـر التعذيب وغيره من ضروب المعاملـة أو العقوبة القاسيـة أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي أوصت فيه الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاحتجاز الانفرادي في مكان سري . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يحصل قط على أي ة معلومات عن مصير محمد مليس و لا عن مكان احتجازه. وعليه، ترى اللجنة أن محمد مليس ، الذي اختفى في 9 أيلول/سبتمبر 1993، من المحتمل أن يكون لا يزال محتجزا ً انفراديا ً في مكان سري لدى السلطات الجزائرية. وبالنظر إلى عدم تقديم الدولة الطرف توضيحات بهذا الخصوص، ترى اللجنة أن هذا الاختفاء يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد في حق محمد مليس ( ) .

7-7 وبناءً على ما تقدم، لن تنظر اللجنة بصورة منفصلة في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 10 من العهد ( ) .

7-8 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما تسبب فيه اختفاء محمد مليس من قلق و كرب لصاحب البلاغ. و ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاكٍ للمادة 7 مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 ( الفقرة 3 ) من العهد في حق صاحب البلاغ ( ) .

7-9 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 9، تحيط اللجنة علماً بمزاعم صاحب البلاغ التي مفادها أن محمد مليس قُبض عليه تعسفاً وبدون أمر قضائي ولم توجه إليه تهمة ولم يعرض على سلطة قضائية يمكنه الاعتراض أمامها على مشروعية احتجازه. ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي ة معلومات في هذا الصدد، ترى اللجنة أنه يجب إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ اعتبار الواجب ( ) . وعليه، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 9 من العهد في حق محمد مليس ( ) .

7-10 وترى اللجنة أن تعمُّد حرمان الشخص من حماية القانون يشكل إنكارا ً لحق هذا الشخص في ا لاعتراف له بشخصيته القانونية، لا سيما عند العمل بصورة منهجية على عرقلة جهود أقاربه من أجل ممارسة حقهم في سبل انتصاف فعالة ( ) . وفي هذه القضية بعينها، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح مقنع بشأن مصير محمد مليس ولا بشأن مكان وجوده، رغم الخطوات التي قام بها أقاربه ورغم أن محمد مليس كان في قبضة سلطات الدولة عندما شوهد آخر مرة ولم يظهر بعدها. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء محمد مليس قسراً منذ ما يزيد على 2 4 عاماً حرمه من حماية القانون و حرمه من حقه في أن يُعترف له بشخصي ته القانونية، بما يشكّل انتهاكاً للمادة 16 من العهد.

7-11 و ي حتج صاحب البلاغ أيضاً بأحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تقتضي بأن تكفل الدول الأطراف لكل شخص سبل انتصاف ميسرة و فعالة وواجبة ا لإنفاذ تأكيداً للحقوق المكرسة في العهد. وتُذك ّ ر اللجنة بأنها تعلق أهمية على قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى التي تتحدث عن وقوع انتهاكات ل لحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تبيّن فيه على وجه الخصوص أن تخلّف الدولة الطرف عن التحقيق في المزاعم المتعلقة بالانتهاكات يمكن أن يؤدي، في حد ذاته، إلى انتهاك منفصل للعهد. وفي هذه الحالة، وج ّ هت أسرة محمد مليس انتباه السلطات المختصة إلى اختفاء هذا الأخير ولم تبادر الدولة الطرف إلى فتح أي تحقيق مع ت مّق ودقيق في هذا الاختفاء ولم ي تلق صاحب البلاغ ولا أسرته أية معلومات. ثم إن عدم إمكانية اللجوء قانونياً إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لا يزال يحرم محمد مليس وصاحب البلاغ وأسرته من إمكانية الحصول على سبيل انتصاف فعال، ذلك أن الأمر المذكور يمنع من اللجوء إلى العدالة لكشف النقاب عن أكثر الجرائم خطورة، مثل حالات الاختفاء القسري ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك ل لمادة 2 ( الفقرة 3 ) مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و7 و9 و16 من العهد في حق محمد مليس، وانتهاك المادة 2 (الفقرة 3) مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد في حق صاحب البلاغ.

8- وتخلص اللجنة، م تصرف ةً وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكات الدولة الطرف للمواد 6 و7 و9 و16 من العهد، وللمادة 2 (الفقرة 3) مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و7 و9 و16 من العهد، في حق محمد مليس . وت سجّل اللجنة أيضاً انتهاك الدولة الطرف ا لمادة 7 مقروءة منفردة و بالاقتران مع المادة 2 ( الفقرة 3 ) من العهد في حق صاحب البلاغ.

9- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك أن تمنح الدول الأطراف جبراً كاملاً للأشخاص الذين انتهكت حقوقهم المكفولة لهم بموجب العهد. وفي هذه القضية، فإن الدولة الطرف ملزمة بما يلي في جملة أمور أخرى : (أ) إجراء تحقيق م ت عمق ودقيق ونزيه في اختفاء محمد مليس وتزويد صاحب البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ (ب) الإفراج فوراً عن محمد مليس إ ن كان لا يزال محبوساً انفراديا ً في مكان سري ؛ (ج) إعادة جثمان محمد مليس، إن كان قد توفي، إلى أسرته؛ (د) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ (ه) تقديم تعويض مناسب إلى صاحب البلاغ عن الانتهاكات التي تعرض لها وكذلك إلى محمد مليس إن كان لا يزال على قيد الحياة؛ (و) اتخاذ ما يناسب من تدابير الترضية لصاحب البلاغ و ل أسرته. وبصرف النظر عن الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم إعاقة ممارسة الحق في سبيل انتصاف فعال ل ضحايا جرائم من قبيل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري. وهي ملزمة أيضاً باتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف أن تعيد النظر في تشريعاتها وفقاً للالتزام الواقع على عاتقها بموجب الفقرة 2 من المادة 2 من العهد ، وأن تلغي على وجه الخصوص أحكام الأمر المذكور التي تتنافى مع أحكام العهد ، بحيث يتسنى التمتع بالحقوق المكرسة في العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن تكفل سبيل انتصاف فعالاً وواجب الإنفاذ عند ثبوت الانتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع هذه ال آراء موضع التنفيذ. و الدولة الطرف مدعوة فضلا ً عن ذلك إلى تعميم آراء اللجنة هذه ونشرها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.