الأمم المتحدة

CCPR/C/125/D/3041/2017

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

6 June 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 (4) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 3041/2017 * ** ***

بلاغ مقدم من: ب. د. ك. (تمثلها ال محامية ميلان باريير )

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبة البلاغ وطفلاها الأكبران

الدولة الطرف: كندا

تاريخ تقديم البلاغ: ٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ٨ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ١٩ آذار/مارس ٢٠١٩

الموضوع: إبعاد شخص بالغ وطفلين قاصرين إلى أنغولا

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ عدم استناد الادعاءات إلى أساس واضح؛ إعادة تقييم الوقائع والأدلة

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والحقوق الأسرية؛ وفصل الأولاد عن والديهم؛ وحقوق الطفل؛ والاعتقال التعسفي؛ والاحتجاز

مواد العهد: ٦، و٧، و٩، و١٧، و٢٣، و٢٤

مواد البروتوكول الاختياري: 2، و5(2)(ب)

١-١ تقدّم صاحبة البلاغ هذا البلاغ باسمها واسم طفليها، وهما مواطنان من جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث ولدا عامي 2004 و2005. وهي تدّعي أن إبعادها بمعية طفليها إلى أنغولا سيشكل انتهاكا ً لحقوقهم بموجب المواد ٦(١)، و 7 ، و 9 ، و١٣، و١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في ١٩ آب/أغسطس ١٩٧٦. وتمثل صاحبة البلاغ المحامية ميلان باريير من منظمة "مونتريال سيتي ميشن".

1-2 وفي 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 ، طلبت اللجنة، عملاً بالمادة 92 من نظامها الداخلي، ومن خلال مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم إبعاد صاحبة البلاغ وطفليها ريثما تنظر اللجنة في قضيتهم. وفي ٤ آذار/مارس ٢٠١٨، طلبت الدولة الطرف رفع التدابير المؤقتة لأن إبعاد صاحبة البلاغ إلى أنغولا لن يسفر عن ضرر لا يمكن جبره، بما أن صاحبة البلاغ لم تقدم دعوى ظاهرة الوجاهة أو تثبت الادعاء الذي يفيد أن إبعادها إلى أنغولا سيسفر عن ضرر لا يمكن جبره. ورفضت اللجنة هذا الطلب في ١٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٨. وأرجأت الدولة الطرف تنفيذ قرار طرد صاحبة البلاغ وطفليها، وهم يقيمون حاليا ً في كندا.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

٢-١ صاحبة البلاغ وطفلاها ينتمون إلى أسرة واسعة تضم أيضا ً زوجها وأب أطفالها، ل. م.، وطفلين أصغرين ووالدتها.

2-2 وفي الفترة من عام ١٩٩٨ إلى عام 2001 ، كان ل. م. يعمل طباخا ً لدى رئيس وكالة الاستخبارات الوطنية في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبغرض اختياره لشغل هذه الوظيفة، غيّر اسمه إلى ج. م. كي يظهر من نفس الأصل الاثني لرب عمله ( نغواكا ).

2-3 وفي ١٦ كانون الثاني/يناير ٢٠٠١، تعرّض رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، لوران ديزيريه كابيلا، للاغتيال وقد شهدت البلاد إثر ذلك عملية تطهير ممن يزعم تورطهم في ذلك. وفي ١٧ شباط/فبراير ٢٠٠١، استُجوب زوج صاحبة البلاغ من قبل الشرطة في مكان عمله بمعية جميع زملائه، لأن رب العمل كان من بين المشتبه فيهم. وخلال الاستجواب، اتّهمته الشرطة بالتواطئ في القتل العمد؛ وقد هرب من المنزل عن طريق الباب الخلفي وفرّ على الفور إلى أنغولا.

2-4 وفي أعقاب ذلك، لجأت صاحبة البلاغ إلى منزل أحد الأصدقاء، ثم إلى بيت أبويها الذي كان يوجد في مقاطعة أخرى من كينشاسا بعد ما بلغها أن الشرطة اقتحمت منزلهم السابق.

٢-٥ وفي ١٠ آذار/مارس ٢٠٠١، غادرت صاحبة البلاغ جمهورية الكونغو الديمقراطية في اتجاه أنغولا رفقة والدتها وشقيقها بعدما زارت الشرطة منزل والديها في مناسبتين للبحث عنها. وبُعيد ذلك، التحق بهم والدها وأقارب آخرون.

٢-٦ وفي أنغولا، التقى زوج صاحبة البلاغ بأشخاص آخرين ينتمون في الأصل إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية لكنهم يحملون جنسية أنغولية. ولكي يستطيع أصحاب البلاغ الحصول على وثائق هوية أنغولية، أدلى هؤلاء الأشخاص بشهادات تفيد بأنهم ينتمون جميعا ً إلى نفس الأسرة. غير أن الأسرة تعرضت للتمييز من قبل الجيران كونهم من مواطني جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن قبل أشخاص آخرين كانوا يحسدون زوج صاحبة البلاغ على وظيفته في إحدى شركات النفط.

٢-٧ وفي عام ٢٠٠٨، قرّرت صاحبة البلاغ وزوجها، بسبب الصعوبات التي واجهتهما في أنغولا كمواطنين كونغوليين ، العودة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. واعتقد الزوجان أنهما لن يتعرضا للاضطهاد بعد مرور سبع سنوات على الأحداث. غير أنه ألقي القبض على زوج صاحبة البلاغ وبات معرضا ً لإعدام وشيك. غير أن ل. م. استطاع حينها، بمساعدة الموظف المكلف باحتجازه، وهو صديق طفولة لأخيه، الهروب من السجن. وذهب الموظف إلى منزل صاحبة البلاغ، وطلب إليها تزويد ل. م. بجواز سفر أنغولي، ثم وضع هذا الأخير في طائرة نحو أنغولا حيث التحقت به.

٢-٨ وفي ٩ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٩، فرّت الأسرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بجوازات سفر أنغولية أصلية حصلت عليها عن طريق بيانات كاذبة، بعدما اكتشفت أن الشرطة السرية الأنغولية تسعى إلى تسليم زوج صاحبة البلاغ إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

٢-٩ وفي ٥ آذار/مارس ٢٠٠٩، سعت صاحبة البلاغ وطفلاها اللذان قدمت البلاغ باسمهما إلى دخول كندا عبر الولايات المتحدة مستخدمةً أسماء مزورة ومدعية وفاة زوجها وأب طفليها. وقد أعيدوا إلى الولايات المتحدة عملا ً بشروط اتفاق البلد الثالث الآمن المبرم بين كندا والولايات المتحدة.

٢-١٠

٢-١١ وبعد عام ٢٠١٤، جرى تعقّب والدي وأقارب صاحبة البلاغ، الذين ما زالوا يعيشون في أنغولا، وتعرضوا للمضايقة ربما من جانب شرطة أنغولا بمساعدة شرطة جمهورية الكونغو الديمقراطية، وغالبا ً ما كان ذلك بالهاتف. وفي أيار/مايو ٢٠١٥، اقتحم ضباط من الشرطة السرية الأنغولية إقامتهم واستجوبوهم عن زوج صاحبة البلاغ، مع التهديد بالقتل. ولقد تعرض الأخ الأصغر لصاحبة البلاغ لإطلاق نار تسبب في قتله، وكذلك تعرضت والدتها لإطلاق نار على مستوى ساقيها اللتين بُترتا لاحقا ً . ولـمّا كانت والدة صاحبة البلاغ في المستشفى فقدت الأسرة أثر والدها وباقي الأقارب؛ وما زالت الأسرة تجهل مكان وجودهم حتى اليوم. وفي آب/ أغسطس ٢٠١٥، التحقت بهم والدة صاحبة البلاغ في الولايات المتحدة.

٢-١٢ وفي ١٠ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥، أصدرت وكالة الاستخبارات الوطنية لجمهورية الكونغو الديمقراطية أمر ا ً بالقبض على صاحبة البلاغ وزوجها.

٢-١٣ وفي ٤ حزيران/يونيه ٢٠١٦، عبرت صاحبة البلاغ وأسرتها الحدود بصورة غير نظامية من الولايات المتحدة إلى كندا، لكن شرطة الخيالة الملكية الكندية أوقفتهم. ولقد تقرر أن صاحبة البلاغ وطفليها الأكبرين (اللذان قدمت البلاغ باسمهما) غير مؤهلين لطلب اللجوء على أساس قانون الهجرة وحماية اللاجئين بسبب رفض مطالبتهم السابقة (عندما حاولوا دخول كندا في ٥ آذار/مارس ٢٠٠٩). وأعيد توجيه مطالباتهم إلى آلية تقييم المخاطر قبل الطرد. غير أن طلب الالتماس المقدم من ل. م. وطفليه الأصغرين وحماته أحيل على مجلس الهجرة للاجئين.

٢-١٤ وفي ٢٣ شباط/فبراير ٢٠١٧، رُفض طلب صاحبة البلاغ تقييم المخاطر قبل الطرد بسبب الشكوك التي تعتور هويتها ولأن الأسرة استطاعت العيش في أنغولا لعدد من السنوات دون وقوع أي حادث. وفي ١١ أيار/مايو، طلبت صاحبة البلاغ الإذن بإجراء مراجعة قضائية من قبل المحكمة الاتحادية لقرار رفض طلبها تقييم المخاطر قبل الطرد. وفي ١٢ أيار/مايو، طلبت صاحبة البلاغ تأجيل طردهم على أساس أن الفصل بين أفراد الأسرة قد يتسبب لهم في مشاكل وفي حالة توتر وقلق. وفي ١٧ أيار/مايو، رُفض طلب التأجيل على أساس أن التقرير النفسي الذي قدّمته صاحبة البلاغ تضمن تناقضات شتى وأن الأسرة انفصلت طوعا ً في السابق وستجتمع مجددا ً عندما يبت في طلب الحماية المقدم من زوج صاحبة البلاغ. وطلبت صاحبة البلاغ إلى المحكمة الاتحادية تعليق قرار الطرد بموجب أمر قضائي؛ غير أن طلبها رُفض في ٢٦ أيار/مايو. وفي ١٣ تموز/يوليه، رفضت المحكمة الاتحادية طلب الإذن بإجراء مراجعة قضائية لقرار رفض تقييم المخاطر قبل الطرد.

٢-١٥ وفي ٢٣ أيار/مايو ٢٠١٧، وبعد فرار عدد كبير من نزلاء مرفق احتجاز ماكالا بكينشاسا ذلك الشهر، صدر أمر آخر بالقبض على ل. م.، المعروف باسم ج. م.، من قبل وكالة الاستخبارات الوطنية.

الشكوى

٣-١ تدفع صاحبة البلاغ بأن إبعادها بمعية طفليها إلى أنغولا سيشكل انتهاكا ً للمواد ٦(١)، و 7 ، و 9 ، و١٣، و١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١) من العهد.

٣-٢ وتدّعي صاحبة البلاغ أنهم سيواجهون، في حال إعادتهم إلى أنغولا، خطر إرسالهم إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث ستضطهدهم قوات الأمن، كما يتضح من الاضطهاد الذي تعرضت له هي وزوجها في السابق. وهذا من شأنه أن يشكّل انتهاكا ً للمواد ٦(١)، و٧، و٩. وهي تثبت هذا الخطر من خلال تسليط الضوء على أن جوازات سفرهم الأنغولية تحصلوا عليها عن طريق بيانات كاذبة، وعلى أنهم لا يحملون في الحقيقة الجنسية الأنغولية.

٣-٣ وتدعي صاحبة البلاغ أن تطبيق اتفاق البلد الثالث الآمن المبرم بين كندا - الولايات المتحدة حرمها وطفليها من فرصة طلب الحصول على صفة لاجئ في كندا، ولم يُستمع إليها في إطار جلسة شفوية. ولم يكن بإمكانهم سوى الاستفادة من إجراء تقييم المخاطر قبل الطرد الذي لا يكفل جميع الضمانات الإجرائية الواجبة.

٣-٤ وتدعي صاحبة البلاغ أن لها وطفليها روابط أسرية قوية وأن إبعاد جزء من الأسرة يتعارض مع الحقوق الأسرية. وتدّعي أيضا ً أن طفليها اللذين قدمت البلاغ باسمهما يذهبان إلى المدرسة في كندا منذ دخولهما البلد وأنهم اندمجا في المجتمع الكندي؛ وأن إبعادهما سيكون له بالتالي تأثير كبير عليهما ولن يخدم مصلحتهما الفضلى. ولهذه الأسباب، تدعي صاحبة البلاغ أن إبعادها بمعية طفليها الأكبرين سيشكل انتهاكا ً للمادة ١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١) من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٤-١ بموجب مذكرة شفوية مؤرخة 4 أيار/مايو 2018 ، قدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. ‬ وتدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية وعدم توفر الأدلة، ولأن البلاغ يشكل، في الجوهر، طعنا ً في قرار صادر عن السلطات المحلية.

٤-٢ وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تقدّم أي أدلة جديدة تفيد بأنها تواجه خطرا ً شخصيا ً . وبدلا ً من ذلك، يستند جزء كبير من بلاغها إلى شكاوى تتعلق بقرارات الأجهزة الوطنية التي نظرت في قضيتها. ومضمون البلاغ المقدم هو طعن في القرارات المحلية التي خلصت إلى عدم مواجهتها خطر الاضطهاد في حال عودتها إلى أنغولا. وفي هذا الصدد، تشير كندا إلى السوابق الثابتة للجنة التي مفادها أنه ليس من اختصاص اللجنة النظر في قرارات السلطات المحلية بشأن تقييم الوقائع والأدلة في قضية ما، إلا إذا انطوى التقييم على تعسف واضح أو بلغ حد إنكار العدالة. وينبغي اعتبار المطالبات التي تشمل إعادة تقييم الوقائع والأدلّة غير مقبولة بموجب المادة ٢ من البروتوكول الاختياري ( ) . وترى الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تثبت أن تقييم قضيتها من قبل السلطات المحلية كان تعسفيا ً على نحو واضح أو بلغ حد إنكار العدالة.

٤-٣ وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن صاحبة البلاغ لم تقدم أدلة كافية لإثبات ادعاءاتها بانتهاك المواد ٦(١)، و٧، و٩ كونها تفتقر إلى المصداقية كليا ً ، بل إ نها لم تثبت حتى عناصر أساسية مثل هويتها أو كونها مواطنة من جمهورية الكونغو الديمقراطية. وفي البداية، أكد البلاغ أن صاحبته تسافر بوثائق سفر أنغولية مزورة، بينما جوازُ سفرها أصلي. وأدلت صاحبة البلاغ أيضا ً بتصريحات متناقضة بشأن جنسيتها، وتضمنت الوثائق المقدمة عدة تضاربات؛ فعلى سبيل المثال، تضمنت شهادة الميلاد المقدمة عند دخول صاحبة البلاغ لأول مرة إلى كندا اسمها بعد الزواج. وخلصت السلطات المحلية أيضا ً إلى أن صاحبة البلاغ ليست لديها معرفة بما هو معمول به في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مثل ما معناه "اسم قبلي"، مستنتجة أنها ليست مواطنة من جمهورية الكونغو الديمقراطية ( ) . وقد استخدمت صاحبة البلاغ مرارا ً وثائق مزورة وهويات زائفة. وقدمت مرارا ً وعن علم معلومات كاذبة. فقد ادعت أن زوجها متوفى وأعطت تواريخ ميلاد مختلفة، واستخدمت ما لا يقل عن أربعة أسماء (ك. د.، ود. ك. م.، ون . ب. م. وب. ن. م. ك.). وتضيف الدولة الطرف أن البلاغ المقدم إلى اللجنة يستند إلى بيانات زائفة وترفق بذلك الوثائق التي تدعم دفوعاتها - مثل التقرير النفسي الملحق بالبلاغ - والتي تشوبها أخطاء وبيانات غير صحيحة عديدة. وفيما يتعلق بالأدلة المتصلة باضطهاد صاحبة البلاغ بعد اغتيال رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، لاحظ الموظف المكلف بتقييم المخاطر قبل الطرد أن معظم الأشخاص المتهمين بالتآمر ضباط عسكريون، ولا يوجد أي دليل على أن فردا ً بمثل السيرة الشخصية لزوج صاحبة البلاغ معرّض للخطر شخصيا ً . وتعترف الدولة الطرف بأن ملتمسي اللجوء يضطرون أحيانا ً إلى استخدام هويات زائفة أو وثائق مزورة للفرار من بلدهم حيث يتعرضون للاضطهاد. غير أنه يتوقع من ملتمسي اللجوء، بمجرد وصولهم إلى بلد آمن والتماس حمايته، أن يتحلوا بالصدق. ووثيقة الهوية الوحيدة الأصلية التي قدّمتها صاحبة البلاغ إلى سلطات الدولة الطرف هي جواز سفر أنغولي صالح، وبالتالي فهي عرضة للإبعاد إلى أنغولا وليس إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. أما باقي وثائق هويتها فهي كما تعترف بنفسها مزوّرة أو مدلّسة أو مشكوك في صحتها. وبناء عليه، تبرر الدولة الطرف اعتمادها على وثيقة هويتها الأصلية الوحيدة - وهي جواز سفر أنغولي - واعتبارها مواطنة من أنغولا.

٤-٤ ولم تقدم صاحبة البلاغ أي دليل يدعم الاستنتاج الذي يفيد بأنها ستتعرض لانتهاكات حقوق الإنسان في أنغولا. والمقتطفات المأخوذة من عدة تقارير عن حقوق الإنسان في أنغولا والمرفقة بشكواها هي مقتطفات عامة ولا شيء فيها يتعلق بحالتها الشخصية. وإذا كانت الحالة العامة لحقوق الإنسان في أنغولا تعتورها مشاكل في بعض الجوانب فإنها لا تدل على أن فردا ً بمثل السيرة الشخصية لصاحبة البلاغ معرض للخطر شخصيا ً في حال إعادته إلى هناك. وعلاوة على ذلك، لم تقدم صاحبة البلاغ أي دليل يفيد بأنها ستواجه في حال إبعادها إلى أنغولا إبعادا ً آخر إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. ولذلك، ترى الدولة الطرف ادعاءات صاحبة البلاغ فيما يتعلق بالمواد ٦(١)، و٧، و٩، غير مقبولة لعدم كفاية الأدلة.

٤-٥ وتؤكد الدولة الطرف أن ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة ١٣ من العهد بشأن تطبيق اتفاق البلد الثالث الآمن المبرم بين كندا والولايات المتحدة غير مقبولة لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وأصحاب طلبات اللجوء الذين يعودون إلى كندا من بين المراكز الحدودية لتفادي تطبيق الاتفاق ، بعدما تبين أنهم غير مؤهلين بموجبه، غير مؤهل ي ن لذلك بموجب المادة ١٠١(١)(ج) من قانون الهجرة وحماية اللاجئين. وفي هذه الحالة، لا يعادون إلى الولايات المتحدة بل يخضعون لإجراء تقييم المخاطر قبل الطرد لتقرير ما إذا هم في حاجة إلى الحماية، وهو الإجراء الذي اتُّبع عندما دخلت صاحبة البلاغ وطفلاها الأكبران كندا في عام ٢٠١٦. وكان بإمكان صاحبة البلاغ، عند تقديمها طلب اللجوء في عام 2009 ، لما دخلت كندا لأول مرة، الطعن في عدم أهليتها وإمكانية إعادتها إلى الولايات المتحدة من خلال طلب الإذن بإجراء مراجعة قضائية إلى المحكمة الاتحادية، بالإضافة إلى استصدار أمر قضائي لوقف تنفيذ الطرد. وعلى عكس تأكيدات صاحبة البلاغ أنه لم تتح لها سبل انتصاف، يتاح لطالب لجوء في حالتها إمكانية اللجوء الفعلي إلى المحكمة الاتحادية. ولم تطعن صاحبة البلاغ في قرار إعادتها إلى الولايات المتحدة.

٤-٦ وتعتبر ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة 13 أيضا ً غير مقبولة بسبب نقص الأدلة. وفي هذا الصدد، تستند شكوى صاحبة البلاغ على ما يبدو إلى أنها لم تستفد من جلسة استماع أثناء تقييم المخاطر قبل الطرد. وتدفع كندا بأن سلطات الهجرة الكندية استجوبت صاحبة البلاغ عدة مرات قبل طلبها الاستفادة من تقييم المخاطر قبل الطرد، وقد وُجّهت لها خلال استجوابها أسئلة محدّدة عن جنسيتها وهويتها ومدى صحة وثائقها. واستندت الموظفة المكلّفة بالتقييم في استنتاجاتها أن صاحبة البلاغ مواطنة من أنغولا إلى بيانات صاحبة البلاغ نفسها وجواز سفرها الأنغولي الأصلي. وبناء عليه، لم يكن ثمة ما يدعو الموظفة المكلفة بالنظر في طلبها إلى أن تستجوبها مرة أخرى بخصوص القضايا ذاتها. وعلاوة على ذلك، كان بإمكان صاحبة البلاغ طلب الإذن بإجراء مراجعة قضائية لقرار تقييم المخاطر قبل طردها، فضلا ً عن طلب وقف تنفيذ الطرد بموجب أمر قضائي. وكان بإمكان صاحبة البلاغ البقاء في كندا لغرض النظر في طلبها. ولأنه تبين أن صاحبة البلاغ ليست عرضة للخطر في أنغولا، أي البلد الذي تحمل جنسيته والذي ستطرد إليه، ولأنها تخضع لقرار طرد قانوني، فإنها لا توجد "بصفة قانونية في أراضي" كندا.

٤-٧ وفي المقابل، تدفع الدولة الطرف بأن الإجراءات المطعون فيها تكفل الضمانات المنصوص عليها في المادة ١٣. وكما يتضح من الإجراءات المحلية المشار إليها أعلاه، نُظر في طلب لجوء صاحبة البلاغ ورُفض، ورُفض طعنها ذي الصلة في الولايات المتحدة. وفي كندا، كان بإمكانها الاستفادة من إجراءات تقييم المخاطر قبل الطرد. وقد كانت ممثلة بمحام، وكان بإمكانها المشاركة عن طريق إرسال مذكرات خطية مستفيضة. وكان بإمكانها الاستفادة من مراجعة قضائية للقرار السلبي المتعلق بتقييم المخاطر قبل طردها. وكان بوسعها تقديم طلب لتأجيل طردها وإجراء مراجعة قضائية للقرار السلبي الصادر في حقها. وكان بإمكانها استصدار أمر قضائي لوقف تنفيذ طردها.

٤-٨ وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأنه ينبغي اعتبار الادعاءات في إطار المواد 17(1) و23(1) و24(1) من العهد غير مقبولة بسبب عدم دعمها بالأدلة. وتدّعي صاحبة البلاغ أن احتمال إبعادها بمعية طفليها الأكبرين، مع بقاء زوجها بمعية طفليها الأصغرين ووالدتها في كندا للبت في طلباتهم الحصول على صفة لاجئ، سيشكل انتهاكا ً لحقهم في الحياة الأسرية ولحق الأطفال في الحماية باعتبارهم قصّرا. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ ادّعت، عند دخولها بمعيّة الطفلين الأكبرين كندا في عام ٢٠٠٩، أن زوجها متوفى. وعندما قدّمت شهادات ميلاد الأطفال إلى السلطات، كان يرد فيها اسم شخص يُدعى أ. ل. كأب لهؤلاء الأطفال. ورغم هذه التناقضات، تبدي الدولة الطرف استعدادها لمنح صاحبة البلاغ قرينة الشك لغرض هذه الملاحظات، وتعتبر أن صاحبة البلاغ وزوجها وأطفالها يشكلون أسرة.

٤-٩ وتدّعي الدولة الطرف أن قرارات وإجراءات صاحبة البلاغ وزوجها هي التي أدت إلى البت في طلباتهم الحصول على الحماية في كندا في أوقات مختلفة وفي عمليات مختلفة. وإمكانية انفصال أفراد الأسرة مؤقتا ً في حال إبعاد صاحبة البلاغ إلى أنغولا لا تجعل الإبعاد في حد ذاته غير قانوني أو تعسفيا ً أو غير معقول أو غير متناسب. وفي حال قبول طلب زوج صاحبة البلاغ الحصول على الحماية، سيكون بإمكانه طلب إقامة دائمة في كندا، وإدراج صاحبة البلاغ وطفليها الأكبرين في طلبه. وفي حال رفض طلب زوج صاحبة البلاغ الحصول على الحماية، سيكون بإمكانه الالتحاق بصاحبة البلاغ في أنغولا، وهي بلد يحملان جنسيته وعاشا فيه، بحسب إفادتهما، عددا ً من السنوات. وتؤكّد الدولة الطرف أن عيش الأسرة في كندا لم يكن قد تجاوز سنة واحدة عند التاريخ المقرّر لإبعاد صاحبة البلاغ والذي حُدّد بداية في أيار/ مايو ٢٠١٧. وأفراد الأسرة لا يقيمون في البلد منذ عهد بعيد وليست لهم فيه حياة أسرية راسخة. ولم يولد الطفلان الأكبران لصاحبة البلاغ في كندا ولا يمكن اعتبارهما مندمجين في مدرستهما وفي المجتمع الكندي إلى حد تبرير عدم امتثال أمر إبعاد قانوني. وعلاوة على ذلك، روعيت الصعوبات الناجمة عن انفصال أفراد الأسرة وكذا مصالح الطفل الفضلى في سياق تأجيل الطلب؛ ولاحظ موظف الوكالة الكندية لخدمات الحدود المكلف بالبت في الطلب أن الأدلة الواردة في التقرير النفسي تستند حصريا ً إلى بيانات صاحبة البلاغ وزوجها، وتتضمن تناقضات عديدة. ولاحظ الموظف أن الأسرة انفصلت طوعا ً في الماضي، وأن البالغين دخلا كندا بصورة غير قانونية واضعين أطفالهما عن وعي في حالة صعبة وغير مستقرة. ونتيجة لذلك، خلص الموظف إلى عدم وجود سبب كاف لتأجيل الإبعاد. ورفضت المحكمة الاتحادية إعادة النظر في القرار قضائيا ً . وفيما يتعلق بهذه المسألة أيضا ً ، ترى الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تبين أن تقييم حالتها من قبل السلطات المحلية كان تعسفيا ً بشكل واضح أو بلغ حد إنكار العدالة، وبالتالي تخلص إلى أنه ينبغي اعتبار ادعاءاتها بموجب المادة ١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١) من العهد، غير مقبولة.

٤-١٠ ولذلك تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة اعتبار البلاغ غير مقبول لأنه لا يستند إلى أدلة كافية، وإعلان عدم مقبولية ادعاءات صاحبة البلاغ. وفي حال اعتبرت اللجنة أيا ً من ادعاءات صاحبة البلاغ مقبولا ً ، فإن الدولة الطرف تدفع بأن الوقائع لا تكشف عن حدوث انتهاك لأحكام العهد للأسباب نفسها.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ تؤكّد صاحبة البلاغ أنها اكتشفت، منذ تقديم بلاغها، أنها حامل وأن التاريخ المتوقع لولادة طفلها هو ٩ أيلول/سبتمبر ٢٠١٨. وعلاوة على ذلك، تدهورت الصحة العقلية لابنتها تدهورا ً شديدا ً بسبب خطر الإبعاد وفصل الأسرة. ووفقا ً لما جاء في التقرير الطبي الذي أُرفق بالبلاغ، تفكر ابنتها بصورة متكررة في الانتحار وثمة احتمال كبير أن تُقدِم على ذلك في حال إبعادها. وتدفع صاحبة البلاغ بأن تقديم الرعاية والعلاج المناسبين للمصابين بأمراض عقلية ما زال محدودا ً للغاية في أنغولا وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأن القدر المتاح منهما غير كاف لتلبية الاحتياجات المحددة لابنتها.

٥-٢ وتدفع صاحبة البلاغ أيضا ً بأدلة إضافية تتعلق بهويتها وبالمخاطر التي ستواجههم عند الإبعاد. وأوّلها أن وكالة الاستخبارات الوطنية أصدرت أمرا ً آخر بالقبض على صاحبة البلاغ وزوجها ل. م. في أيار/مايو ٢٠١٧، بعد فرار عدد كبير من نزلاء سجن ماكالا وما استتبع ذلك من إعادة إصدار أوامر إلقاء قبض قديمة. وثانيها أن صاحبة البلاغ وزوجها ووالدتها تمكّنوا من الحصول على جوازات سفر وشهادات زواج وقرابة من سفارة جمهورية الكونغو الديمقراطية بأوتاوا ( ) . ويدفع أصحاب البلاغ بأن ملاحظات الدولة الطرف لا تتناول المخاطر المزعومة التي تواجه الضحايا المزعومين عند إبعادهم، بل تقتصر على تناول عدم مصداقية صاحبة البلاغ. ولا يساهم هذا الافتراض سوى في تعزيز جوهر هذا البلاغ، وهو أنه لم ينظر قط في العناصر الأساسية لطلب لجوء صاحبة البلاغ بطريقة عادلة.

٥-٣ وفيما يتعلق بمسألة المصداقية، ترفض صاحبة البلاغ تماما ً تأكيد الدولة الطرف أنها اعترفت في مرحلة ما بحملها الجنسية الأنغولية، وتدفع بأنها اكتفت بالإشارة إلى امتلاكها جواز سفر أنغوليا ً (حصلت عليه بطريقة غير قانونية). كما توضّح صاحبة البلاغ أنها كانت دائما ً صادقة مع السلطات الكندية بخصوص مختلف الهويات التي استخدمتها، وأسباب استخدامها: فقد استخدمت واحدة مزورة للحصول على جواز السفر الأنغولي؛ واستخدمت الثانية عندما كان زوجها يعمل لدى رئيس وكالة الاستخبارات الوطنية، وذلك لأسباب ثقافية. وتختم صاحبة البلاغ بالقول إنها كانت دائما ً صادقة مع سلطات الدولة الطرف وإن شكوك السلطات المحلية فيما يتعلق بمصداقية بياناتها كانت ستتبدد لو أنها بحثت طلبها على الوجه الصحيح. وتحيط صاحبة البلاغ علما ً بادّعاء الدولة الطرف أنها لا تعتبر صاحبة البلاغ مواطنة من جمهورية الكونغو الديمقراطية وبالتالي لن تتعرض للاضطهاد في أنغولا. ومع ذلك، ادّعت صاحبة البلاغ أنها تعرّضت للاضطهاد لا في جمهورية الكونغو الديمقراطية فحسب بل أيضا ً في أنغولا، حيث جرى تعقب أفراد أسرتها واستجوابهم، بما أسفر عن مقتل شقيقها، وبتر ساق والدتها واختفاء والدها وأقارب آخرين. وقد تمسكت صاحبة البلاغ وزوجها ووالدتها بذلك في جميع اتصالاتها مع سلطات الدولة الطرف.

٥-٤ وتدفع صاحبة البلاغ بأن صلاحية جوازات السفر الأنغولية المحصل عليها عن طريق بيانات كاذبة تنتهي في آب/أغسطس ٢٠١٨، ومن ثم سيصبحون مهاجرين غير مسجلين في أنغولا. واستنادا ً إلى تقارير مختلفة، لا يحصل ملتمسو اللجوء واللاجئون على أي حماية من حكومة أنغولا، وكثيرا ً ما يتعرضون للمضايقة والتخويف على أيدي أفراد الشرطة. وتذكّر صاحبة البلاغ أيضا ً بأنها تعرّضت بالفعل للتمييز في أنغولا بوصفها مواطنة من جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبالإضافة إلى ذلك، يشكل الاعتقال والاحتجاز التعسفيان في أنغولا مصدر قلق خاصا ً للمهاجرين الكونغوليين ، بل إنه يتفاقم هذا القلق في حالة صاحبة البلاغ التي هي شخص مطلوب في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتشير صاحبة البلاغ أيضا ً إلى أن الفساد وعدم الكفاءة ينخران النظام القضائي وقوات الأمن في أنغولا، وإلى أن عمليات القتل خارج نطاق القضاء تعد من بواعث القلق الشديد لحقوق الإنسان.

٥-٥ وتشير صاحبة البلاغ إلى أنها تخشى تسليمها أو إبعادها إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية من قبل السلطات الأنغولية. وأوضح تقرير لحكومة أنغولا أن ما لا يقل عن ١٧٠ مواطنا ً من جمهورية الكونغو الديمقراطية أعيدوا إلى وطنهم في نيسان/أبريل ٢٠١٨ ( ) . وتشير إلى تردي حالة حقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث ترتفع معدلات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين وغالبا ً ما يعتقل أفراد الأسرة مكان المشتبه فيه، وهو ما يعرضها لخطر اعتقالها مكان زوجها. وتفيد التقارير بأن قوات الأمن في جمهورية الكونغو الديمقراطية ارتكبت أفعال تعذيب وسوء معاملة، وبأن ظروف الاحتجاز في هذا البلد تشكل تهديدا ً للحياة وتبلغ حد المعاملة اللاإنسانية والمهينة. وتلاحظ صاحبة البلاغ أن كندا اعترفت بمدى خطورة وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بل إ نها فرضت وقفا ً لعمليات الإبعاد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهو ما زال قائما ً .

٥-٦ وتدفع صاحبة البلاغ بأنها لم تستفد من فرصة استماع عادلة لأنه لم يستمع إليها سوى ضباط الوكالة الكندية لخدمات الحدود خلال مقابلات ما قبل الدخول حيث لا يستفيد أصحاب الطلبات من استشارة محام وغالبا ً ما يتعرضون للتضليل. ولا تتضمن محاضر هذه المقابلات معلومات شافية، على نحو ما أشار إليه تقرير مقدم من الصندوق الكندي للاجئين ( ) . وتبرز صاحبة البلاغ أنها لم تكن مؤهلة للاستفادة من النظام شبه القضائي للبت في طلبات اللجوء في إطار تطبيق اتفاق البلد الثالث الآمن المبرم بين كندا والولايات المتحدة، وأنه لم يكن بإمكانها سوى الاستفادة من برنامج تقييم المخاطر قبل الطرد الذي لا يتيح ضمانات إجرائية متكافئة في عملية البت في منح مركز اللاجئ. وبرنامج تقييم المخاطر قبل الطرد هو إجراء إداري بحت؛ وتعالج الطلبات من قبل موظفي الهجرة (موظفون عموميون تابعون لإدارة شؤون الهجرة واللجوء والجنسية في كندا) وليس من قبل أشخاص مستقلين. والمبدأ الرئيسي هو أن طلب تقييم المخاطر قبل الطرد إجراءٌ خطّي، وأن جلسات الاستماع تعقد بصورة استثنائية، حسب تقدير الموظف المكلف بمعالجة الطلب. ووفقا ً للمادة ١٦٩ من قانون الهجرة وحماية اللاجئين، يمكن الهدف من عقد جلسات استماع في توضيح شهادة مقدم الطلب عند الشك في مصداقيته أو في القيمة القطعية للأدلة المقدّمة. ولم يُقبل أي من طلبات الاستماع المتكرّرة لصاحبة البلاغ، ولم يستمع إليها قط أثناء معالجة طلبها تقييم المخاطر قبل الطرد. وتؤكد أيضا ً عدم نظر الموظف المكلف بالطلب في ادعاءاتها بشأن ما قد تواجهه من مخاطر شخصية في حال إبعادها. وتقر المحكمة الاتحادية، في أمرها المؤرخ ٢٦ أيار/مايو ٢٠١٧، بأنه كان ينبغي عقد جلسة استماع وبأن صاحبة البلاغ هي مواطنة من جمهورية الكونغو الديمقراطية، على الرغم من أنها خلصت على نحو غير منطقي إلى أنها لن تتعرض لأي ضرر لا يمكن جبره في أنغولا لأنها استطاعت العيش هناك لسنوات عديدة. وعلاوة على ذلك، اعتُقلت صاحبة البلاغ في ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧، وأُبلغت في اليوم التالي أنها ستُبعد بمعية طفليها في ٨ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧. وهذا الإنفاذ السريع لأمر طردهم لم يتح لصاحبة البلاغ توضيح أسباب اعتراضها على هذا الإبعاد لكي يعاد النظر في قضيتها. والإجحاف الذي اتّسم به تقييم المخاطر قبل الطرد وإنفاذ أمر الطرد في قضية صاحبة البلاغ يرقى إلى حد انتهاك المادة ١٣ من العهد مقترنة بالمادة ٧.

٥-٧ وفيما يتعلق بدفوعات صاحبة البلاغ بموجب المادة ١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١)، تدفع الدولة الطرف بأن الفصل بين أفراد الأسرة يعزى فقط إلى قرار الوالدين، لأن صاحبة البلاغ حاولت سابقا ً دخول كندا مع طفليها وقدمت طلب لجوء تؤكد فيه وفاة زوجها. وتوضّح صاحبة البلاغ أن تصريحها هذا نابع من اعتقادها أنه يخدم مصالح طفليها الفضلى. وتمثلت الخطة الأصلية للأسرة في التماس اللجوء في كندا (بسبب تصوّر وجود روابط لغوية وثقافية أوثق مع كندا منها مع الولايات المتحدة)، لكن زوج صاحبة البلاغ خشي أن يكون عبور الحدود بصورة غير قانونية أمرا ً شديد الخطورة. وقرّرت صاحبة البلاغ بعد ذلك أن تحاول عبور الحدود سيرا ً مع طفليها، وحصلت، من باب حرصها على وجود اتساق مع هوية زوجها المعروفة لدى وكالة الاستخبارات الوطنية ونتيجة تلقيها مشورة غير سليمة في الولايات المتحدة، على وثائق هوية باستخدام هذا الاسم العائلي. وفي طلبها وقف تنفيذ القرار بموجب أمر إداري، دفعت صاحبة البلاغ بأن إبعادها بمعية طفليها الأكبرين سيتسبب لهم في ضرر لا يمكن جبره، لأن أفراد الأسرة سيفصلون عن بعضهم البعض. غير أن موظف الوكالة الكندية لخدمات الحدود رفض طلب وقف التنفيذ لأنه لا يمكن الاستناد إلى التقرير النفسي بسبب احتوائه على تناقضات عديدة. وتوضح صاحبة البلاغ أن هذه التناقضات تعزى إلى سوء فهم من جانب موظف الوكالة الكندية لخدمات الحدود. وعلاوة على ذلك، دفع الموظف بأن تقرير الطبيب النفساني يستند أساسا ً إلى أقوال صاحبة البلاغ؛ غير أن هذا الأمر ليس دقيقا ً نظرا ً لأن الطبيب النفساني يقدم قائمة بالمنهجيات المستخدمة لفحصها. وفي حال الإبعاد، قد يستمر انفصال الأسرة لسنوات عديدة، لأن معالجة طلب لجوء زوج صاحبة البلاغ ثم طلب الإقامة الدائمة يمكن أن تستغرق مدة تصل إلى 32 شهرا ً . وبناء على ذلك، سيشكّل إبعاد صاحبة البلاغ بمعية طفليها الأكبرين انتهاكا ً لحقوقهم بموجب المادة ١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١) من العهد.

٥-٨ وتشير صاحبة البلاغ إلى أنها احتُجزت بمعية طفليها تحضيرا ً لإبعادهم، وأفرج عنها في وقت لاحق عندما أصدرت اللجنة تدابير مؤقتة تطلب فيها إلى الدولة الطرف تعليق قرار الإبعاد ريثما ينظر في البلاغ. وترى صاحبة البلاغ أن احتجاز أطفال قصّر، ولو لفترة وجيزة، إجراء غير متناسب وتعسفي ويشكل انتهاكا ً لحقوقهم بموجب المادة ١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١)، و٩(١) من العهد.

‌ القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٦-٢ وقد تأكّدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٦-٣ وتذكِّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي قضت فيها بأن من واجب أصحاب البلاغات استنفاد جميع سُبل الانتصاف المحلية لاستيفاء الشرط المنصوص عليه في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، بشرط أن تبدو تلك السبل فعالة في القضية المعنية وتكون متاحة في الواقع لصاحب البلاغ ( ) . وتحيط اللجنة علما ً بحجج صاحبة البلاغ أن احتجاز طفليها القاصرين معها تحضيرا ً لإبعادهم يعتبر إجراء غير متناسب وتعسفيا ً ويشكل انتهاكا ً لحقوقهم بموجب المواد ١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١)، و٩(١) من العهد. وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تعرض هذا الادّعاء على اللجنة عند تقديم بلاغها الأولي، بل أحالت إليه فقط في تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف، وأن الدولة الطرف لم تتح لها فرصة التعليق على هذه الادعاءات. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تحاول استخدام أي سبيل انتصاف محلي للاعتراض على احتجاز طفليها، ولم تحتج على عدم وجود سبل انتصاف فعالة. وبناء عليه، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات غير مقبولة وفقا ً للمادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

٦-٤ وتلاحظ اللجنة أيضا ً أنه ينبغي، وفقا ً للدولة الطرف، اعتبار ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة ١٣ غير مقبولة لأنه كان بإمكانها لما دخلت الأراضي الكندية لأول مرة أن تطعن في عدم أهليتها واحتمال إعادتها إلى الولايات المتحدة من خلال طلب إذن إجراء مراجعة قضائية إلى المحكمة الاتحادية، بالإضافة إلى طلب وقف تنفيذ القرار بموجب أمر قضائي. وتلاحظ اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ لا تتعلق بتطبيق اتفاق البلد الثالث الآمن المبرم بين كندا والولايات المتحدة فقط، وإنما أيضا ً بالضمانات الإجرائية لتقييم المخاطر قبل الطرد، وبعدم عقد جلسة شفوية في قضيتها. وتلاحظ اللجنة أن سبيل الانتصاف الذي اقترحته الدولة الطرف لا يهدف سوى إلى الطعن في تطبيق اتفاق البلد الثالث الآمن المبرم بين كندا والولايات المتحدة، ولا يغطي جميع جوانب ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة ١٣. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مسألة استنفاد صاحبة البلاغ سبل الانتصاف المحلية من أي ادعاءات أخرى أثيرت في البلاغ. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في باقي الادعاءات المثارة في هذا البلاغ.

٦-٥ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ أنه في حال إعادتها إلى أنغولا ستنتهك حقوقها بموجب المادة ٩ من العهد لأنها ستتعرض للاضطهاد هناك وستسلم إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث ستحتجز في ظروف تهدد حياتها. كما تحيط اللجنة علماً بطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ على أساس أن ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة 9 من العهد غير مدعومة بأدلة كافية. وتشير اللجنة إلى أن المادة ٢ من العهد تقتضي من الدول الأطراف أن تحترم وتضمن الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد داخل إقليمها وجميع الأشخاص الخاضعين لولايتها القضائية. ويترتب على هذا، ضمن أشياء أخرى، أن الدول الأطراف ملزمة بعدم تسليم أي شخص أو إبعاده أو طرده بأية طريقة أخرى من إقليمها، وذلك حيثما تكون هناك أسس وافية تبرر الاعتقاد بأن ثمة خطراً حقيقياً في أن يتعرض هذا الشخص لأذى لا يمكن جبره، مثل ذلك المتصوَّر في المادتين 6 و 7 من العهد، سواء في البلد الذي سيطرد إليه الشخص المعني أو في أي بلد آخر قد يُطرد إليه في وقت لاحق. وتلاحظ اللجنة في ذلك الصدد، أن صاحبة البلاغ لم تقدم معلومات كافية بشأن ادعائها بموجب المادة ٩ من العهد تسمح للجنة بأن تخلص إلى أن ادعاءاتها بشأن الحرمان من الحرية قد تصل إلى ضرر لا يمكن جبره، على غرار ما هو منصوص عليه في المادتين ٦ و٧. ولذلك ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تستطع، لأغراض المقبولية، تقديم أدلة تدعم ادّعاءاتها بأن الدولة الطرف ستنتهك المادة 9 بطردها إلى أنغولا، وتعلن عدم مقبولية ذلك الجزء من البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري ( ) .

٦-٦ وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ بموجب المادة ١٣، تشير اللجنة إلى حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن ادعاءات صاحبة البلاغ لا تستند إلى أدلة كافية لأن صاحبة البلاغ استُجوبت عدة مرات قبل تقديم طلبها الاستفادة من إجراء تقييم المخاطر قبل الطرد. وتلاحظ اللجنة أنه أجري تقييم لحالة صاحبة البلاغ وخلصت الموظفة المكلفة بذلك إلى أن طردها لن يعرضها للخطر وبالتالي لا حاجة إلى الاستماع إليها في إطار جلسة شفوية. وتلاحظ أيضا ً أنه أعيد النظر في القرار من قبل المحكمة الاتحادية التي رفضت طلب صاحبة البلاغ المقدم في ١ آب/أغسطس ٢٠١٧ للإذن بإجراء مراجعة قضائية. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تقدم أدلة كافية لأغراض المقبولية لكي تثبت أن الإجراءات المذكورة أعلاه تبلغ حدَّ إنكار العدالة في قضيتها، بما يشكل انتهاكا ً للمادة ١٣ من العهد. ولذلك تخلص اللجنة إلى عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة ٢ من البروتوكول الاختياري.

٦-٧ وتحيط اللجنة علماً كذلك بحجة الدولة الطرف أن ادعاءات صاحبة البلاغ الأخرى غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري نظراً لعدم كفاية الأدلة المقدّمة. وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادتين ٦(١) و٧ من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ أوضحت أنها تخشى العودة إلى أنغولا لأنها تخشى التعرض للاضطهاد هناك وتسليمها إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث ستتعرض هي وزوجها للاضطهاد مجددا ً من جانب قوات الأمن، كما حدث في الماضي. وفيما يتعلق بالمواد ١٧(١)، و٢٣، و٢٤(١) من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ أوضحت أن إبعاد جزء من الأسرة هو بمثابة تدخل في حياتهم الأسرية لأنه توجد روابط قوية جدا ً بين جميع أفراد الأسرة. وترى اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ دعمت ادعاءاتها بما يكفي من الأدلة المطلوبة لأغراض المقبولية ( ) . وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ من حيث إنه يطرح مسائل تتعلق بالمواد 6(1) ، و 7 ، و 17(1) ، و 23 ، و 24(1) من العهد، وتنتقل من ثم إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٧-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحبة البلاغ أن طردها إلى أنغولا سيعرضها لخطر اضطهادها وتسليمها إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث يمكن أن تتعرض لسوء المعاملة. وتدعي أيضاً أن الدولة الطرف لم تقيّم المخاطر المرتبطة بإبعادها تقييماً معقولاً.

٧-٣ وتذكّر اللجنة بالفقرة 12 من تعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، التي أشارت فيها إلى التزام الدول الأطراف بعدم تسليم أي شخص أو إبعاده أو طرده بأية طريقة أخرى من إقليمها وذلك حيثما تكون هناك أسس وافية تبرر الاعتقاد بأن ثمة خطراً حقيقياً في أن يتعرض هذا الشخص لأذى لا يمكن جبره، مثل ذلك المتصوَّر في المادتين 6 و 7 من العهد. وأشارت اللجنة أيضاً إلى أن الخطر يجب أن يكون شخصياً وإلى أن تقديم أسباب وجيهة لإثبات وجود خطر حقيقي بالتعرض لضرر لا يمكن جبره مقيدٌ باشتراطات صارمة ( ) . وبناءً على ذلك، يجب أن تُؤخذ في الاعتبار جميع الوقائع والظروف ذات الصلة، بما في ذلك الوضع العام لحقوق الإنسان في البلد الأصلي لصاحبة البلاغ ( ) . وتذكِّر اللجنة بأنه يقع عموماً على عاتق أجهزة الدول الأطراف دراسة الوقائع والأدلة المتصلة بالقضية لتحديد ما إذا كان هذا الخطر قائماً، إلا إذا ثبت أن التقييم كان تعسفياً أو انطوى على خطأ واضح أو بلغ حد إنكار العدالة ( ) .

٧-٤ وتحيط اللجنة علما ً بأقوال صاحبة البلاغ فيما يتعلق بأوامر القبض عليها في جمهورية الكونغو الديمقراطية وبما تعرضت له هي وأسرتها من اضطهاد في أنغولا. بيد أن اللجنة تلاحظ أن سلطات الدولة الطرف درست طلب صاحبة البلاغ تقييم المخاطر قبل الطرد وما تضمّنه من حجج دراسة دقيقة في سياق النظر في طلبها إجراء تقييم للمخاطر قبل الطرد ثم في طلبها الإذن بإجراء مراجعة قضائية. وتلاحظ اللجنة أنه وفقا ً لما جاء في الوثائق المقدمة من الأطراف، استمتعت الوكالة الكندية لخدمات الحدود إلى صاحبة البلاغ في مناسبات مختلفة، وعرضت وثائق الهوية المقدمة منها على نظر الخبراء لإثبات صحتها. وكشفت كل السلطات وجود تناقضات وأوجه قصور في بيانات صاحبة البلاغ. وعلى وجه الخصوص، تحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تثبت، أو تفسر بشكل مقنع، لماذا تتعرض هي وزوجها للاضطهاد في جمهورية الكونغو الديمقراطية على الرغم من أن سيرتهما الشخصية لا تتوافق مع سيرة الأشخاص الذين اضطهدوا في أعقاب اغتيال الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية (انظر الفقرة 4-3)، وكذا بشكوكها حول ما إذا كان أصحاب البلاغ فعلا ً مواطنين من جمهورية الكونغو الديمقراطية أم لا. وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن صاحبة البلاغ لم تثبت بشكل مقنع أنها تعرضت للاضطهاد في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأن شقيقها قُتل في أنغولا لأنها كانت مضطهدة وأن أمها بُترت ساقها للأسباب نفسها، وذلك كما تدّعي. وفي أعقاب تحليل ملف القضية، خلصت المحكمة الاتحادية في قرارها المؤرخ ٢٦ أيار/مايو ٢٠١٧، إلى أن صاحبة البلاغ ليست معرّضة لضرر لا يمكن جبره في حال إبعادها إلى أنغولا حيث عاشت لعدة سنوات.

٧-٥ وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تعترض على تقييم واستنتاج السلطات الكندية بشأن ما تواجهه من خطر التعرض للأذى في أنغولا والتسليم إلى جمهورية كونغو الديمقراطية، لكنها لم تقدم أدلة كافية لدعم ادعاءاتها بموجب المادتين ٦ و٧ من العهد. وترى اللجنة أن المعلومات المتاحة لها تبيّن أن الدولة الطرف راعت جميع العناصر التي قدّمتها صاحبة البلاغ عند تقييم المخاطر التي تواجهها، وأن صاحبة البلاغ لم تحدد أي مخالفة في عملية اتخاذ القرار. ‬ وترى اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ تعترض على استنتاجات سلطات الدولة الطرف بشأن الوقائع لكنها لم تثبت أنها كانت استنتاجات تعسفية أو منطوية على أخطاء واضحة، أو أنها بلغت حد إنكار العدالة. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن الأدلة والظروف التي تحتج بها صاحبة البلاغ لا تثبت أنها ستواجه خطراً حقيقياً وشخصياً بأن تعامَل معاملة تتنافى مع المادتين 6 أو 7 من العهد. وفي ضوء ما سلف، لا يمكن للجنة أن تخلص إلى أن المعلومات المعروضة عليها تبيّن أن حقوق صاحبة البلاغ وفقاً للمادتين 6(1) و7 من العهد سوف تنتهك في حال طردها إلى أنغولا.

٧-٦ وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المواد ١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١) من العهد، تحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحبة البلاغ أن إبعادها بمعية طفليها الأكبرين يشكل تدخلا ً في حقهم في الحياة الأسرية لأنه توجد روابط قوية جدا ً بين جميع أفراد الأسرة، وأن الفصل بينهم لن يخدم المصالح الفضلى للأطفال. وتحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف أن قرار صاحبة البلاغ دخول كندا بدون زوجها هو ما أدّى اليوم إلى النظر في طلباتهم من خلال إجراءات مختلفة ثم إبعادهم قبل أن يُبتّ في طلبات باقي أفراد الأسرة. وتشير اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة التي تفيد بإمكانية وجود حالات يُمَثِّل فيها رفض الدولة الطرف السماح لأحد أفراد أسرةٍ معينة بالبقاء على أراضيها تدخلاً في حياته الأسرية. ‬ بيد أن مجرد منح بعض أفراد الأسرة حق البقاء على أراضي دولة طرف لا يعني بالضرورة أن مطالبة أفراد آخرين بالمغادرة يمثل تدخلاً من هذا القبيل ( ) . ‬

٧-٧ وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن إصدار أمر بإبعاد صاحبة البلاغ وطفليها الأكبرين دون طفليها القاصرين وزوجها، أب الأطفال، يشكّل تدخلاً في شؤون الأسرة، بالمعنى المقصود في المادة 17 من العهد ( ) . ‬

٧-٨ وتذكِّر اللجنة بأن مفهوم التعسف يشمل عناصر عدم الملاءمة، والإجحاف، وعدم إمكانية التنبؤ، وعدم مراعاة الأصول القانونية، وكذا عناصر المعقولية والضرورة والتناسب ( ) .

٨- وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن طرد صاحبة البلاغ جاء لتحقيق هدف مشروع، وهو إنفاذ قانون الدولة الطرف في مجال الهجرة. ‬ وأوضحت الدولة الطرف أن سبب طرد صاحبة البلاغ يتمثل في رفض طلبها إجراء تقييم للمخاطر قبل الطرد. وتحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف أنها نظرت بدقة في ادعاءات صاحبة البلاغ المتعلقة بالمشقة التي يمكن أن يتسبب فيها انفصال الأسرة في سياق طلب التأجيل المقدم من صاحبة البلاغ، وأن موظف الوكالة الكندية لخدمات الحدود أبرز أن الانفصال سيكون مؤقتا ً فقط إلى حين البت في طلب زوج صاحبة البلاغ الحصول على حماية. وتدفع الدولة الطرف بأنه سيمكنهم في أعقاب اتخاذ هذا القرار الاجتماع من جديد سواء في كندا أو في أنغولا حيث عاش أصحاب البلاغ لعدة سنوات. وفي هذه الظروف الخاصة، ترى اللجنة أن السلطات المختصة نظرت بإمعان في الحالة الأسرية الشخصية لصاحبة البلاغ، وأنها خلصت إلى أن درجة المشقة التي ستواجهها الأسرة وأفرادها تتناسب مع الهدف المشروع المنشود. ولذلك ترى اللجنة أن التدخل الذي حدث في الحياة الأسرية لصاحبة البلاغ ليس تعسفيا ً بالمعنى المقصود في المادة ١٧ من العهد. وبالمثل، ترى اللجنة أن درجة المشقة التي قد تنجم عن تنفيذ أمر الإبعاد تتناسب مع الهدف المشروع المتمثل في إنفاذ قانون الدولة الطرف في مجال الهجرة وليست تعسفية بالمعنى المقصود في المادة ١٧ من العهد.

٩- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تسمح لها بأن تستنتج أن طرد صاحبة البلاغ إلى أنغولا سيشكل، في حال تنفيذه، انتهاكاً لحقوقها المكفولة بموجب المواد 6(1)، و 7 ، و 17 ، و 23 ، و24(1) من العهد، وكذا لحقوق أطفالها.

المرفق

رأي فردي لخوسيه مانويل سانتو باييس (رأي مخالف جزئيا ً )

١- يؤسفني أنه ليس بإمكاني تأييد ما انتهت إليه اللجنة من استنتاج مؤداه أن طرد صاحبة البلاغ إلى أنغولا لن يشكل، في حال تنفيذه، انتهاكا ً لحقوق صاحبة البلاغ أو حقوق طفليها بموجب المواد ١٧، و٢٣، و٢٤ (١) من العهد.

٢- فصاحبة البلاغ وطفلاها الأكبران ينتمون إلى أسرة واسعة تتألف منهم، ومن زوجها وأب أطفالها، الذي يُدعى ل. م.، ومن طفليها الأصغرين ووالدتها (الفقرة 2-1)، التي تعرضت ساقها لإطلاق نار لما كانت في أنغولا، بما تسبب في بترها لاحقا ً (الفقرتان 2-11، و5-3)، والتحقت بابنتها في الولايات المتحدة الأمريكية.

٣- وباتت صاحبة البلاغ وطفلاها الأكبران بعد عبور الحدود الكندية في عام ٢٠١٦، غير مؤهلين لطلب اللجوء في ظل قانون الهجرة وحماية اللاجئين. وأعيد إخضاع مطالباتهم لإجراء تقييم المخاطر قبل الطرد (الفقرة 2-13) ثم رُفضت. وطلبت صاحبة البلاغ تأجيل طردهم، لكن طلبها رُفض على أساس أن أفراد الأسرة انفصلوا عن بعضهم طوعا ً في الماضي وسوف يجتمعون مجددا ً حالما يُبتّ في طلب زوج صاحبة البلاغ الحصول على الحماية (الفقرة 2-14).

٤- وفي أثناء ذلك، أحيل طلب اللجوء المقدم من ل. م. وطفليه الأصغرين وحماته على مجلس الهجرة للاجئين. ولا تزال القضية قيد النظر.

٥- وتدّعي صاحبة البلاغ أن لها روابط أسرية قوية، وأن إبعاد جزء من الأسرة سيشكل تدخلا ً في حقوقها الأسرية، وأن طفليها اللذين قدمت البلاغ باسمهما ظلا يذهبان إلى المدرسة في كندا منذ دخولهما البلد (في عام ٢٠١٦، أي لمدة ثلاث سنوات)، واندمجا في المجتمع الكندي. وهكذا فإن طرد الأطفال سيكون له تأثير كبير عليهم ولن يخدم مصلحتهم الفضلى (الفقرة 3-4).

٦- وتعترف الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ وزوجها وجميع أطفالهم يشكّلون أسرة (الفقرة 4-8). وترى الدولة الطرف أيضا ً أن قرارات وإجراءات صاحبة البلاغ وزوجها هي التي أدت إلى البت في طلباتهم الحصول على الحماية في كندا في أوقات مختلفة وفي إطار عمليات مختلفة (الفقرة 4-9). بيد أن الدولة الطرف تُسلّم بأن هذه العمليات المختلفة تتعلق بنفس الأسرة وبالتالي سيكون لنتائجها تأثير كبير على أي من أفرادها. وفي الواقع، لا يحمّل الأطفال مسؤولية الخطوات الإجرائية لوالديهم، لكنهم باتوا معرضين للخطر بشكل خاص لأن أمر الإبعاد يمكن أن يؤدي إلى تمزق الأسرة نفسها.

٧ - وترى الدولة الطرف أن الأسرة قد تُفصل مؤقتا ً في حال إبعاد أصحاب البلاغ إلى أنغولا لكن هذا لا يجعل الطرد في حد ذاته غير قانوني أو تعسفيا ً أو غير معقول أو غير متناسب. وفي حال قبول طلب زوج صاحبة البلاغ الحصول على الحماية، سيكون بإمكانه طلب إقامة دائمة في كندا، وإدراج صاحبة البلاغ وطفليها الأكبرين في طلبه (الفقرة 4-9). ومع ذلك، كيف يمكننا التأكد من أن الفصل لن يكون إلا مؤقتا ً ؟ فقد تستغرق عملية معالجة طلبي الأب مدة تصل إلى ٣٢ شهرا ً (الفقرة 5-7). ومن ناحية أخرى، وعلى فرض أن الفصل لن يكون إلا مؤقتا ً ، لماذا لا يعلق قرار الطرد في انتظار ما سيؤول إليه طلب الحماية المقدم من الزوج؟

٨- وتشير الدولة الطرف أيضا ً إلى أنه نُظر في المشقة الناجمة عن فصل الأسرة وفي مصالح الطفل الفضلى في سياق طلب التأجيل (الفقرة 4-9)، لكنها لا توضح كيف جرى التوصل إلى هذا الاستنتاج. ثم أي من مصالح الطفل الفضلى روعيت في هذا السياق: هل هي مصالح الطفلين الأكبرين اللذين سيطردان إلى أنغولا مع أمهما، أو الطفلين الأصغرين اللذين سيظلان مع أبيهما وأم والدتهما في كندا؟ وعلاوة على ذلك، لم يرد ذكر للمولود الجديد الذي تنتظره صاحبة البلاغ في أيلول/سبتمبر ٢٠١٨ (الفقرة 5-1). فهل هذا الطفل سيطرد بدوره إلى أنغولا في هذه السن المبكرة؟ ويبدو أيضا ً أن الدولة الطرف لم تراع الحالة السريرية لابنة صاحبة البلاغ، التي يزعم أنها تعاني من تدهور خطير في صحتها العقلية بسبب خطر الإبعاد والفصل الأسري والتي تراودها أفكار انتحارية متكرّرة.

٩- وأنا أتفق مع اللجنة (الفقرة 7-7) في أن إصدار أمر بإبعاد صاحبة البلاغ وطفليها الأكبرين دون طفليها القاصرين وزوجها، يشكّل تدخلاً في شؤون الأسرة، بالمعنى المقصود في المادة 17 من العهد. ‬ غير أنني، خلافا ً للجنة، أرى أن هذا التدخل قانوني لكنه تعسفي بمفهوم أن التعسف يشمل عناصر عدم الملاءمة، والإجحاف، وعدم إمكانية التنبؤ، وعدم مراعاة الأصول القانونية، وكذا عناصر المعقولية والضرورة والتناسب (الفقرة 7-8).

١٠- وفي هذه القضية، لا أعتقد أن التدخل في شؤون الأسرة مناسب أو معقول أو ضروري أو مبرر بصورة موضوعية على ضوء وجاهة الأسباب التي دفعت الدولة الطرف إلى إبعاد الشخص المعني، من جهة، ومدى ما قد تواجهه الأسرة وأفرادها من مشقة نتيجة هذا الطرد، من جهةٍ أخرى. بل إني أقل اقتناعا ً بأنه متناسب مع الهدف المشروع المنشود. وفي الواقع، ولأن الدولة الطرف نفسها تعترف بأن الإجراء ات العالقة فيما يتصل بزوج صاحبة البلاغ قد تسمح مستقبلا ً بتقديم طلب الحصول على إقامة دائمة في كندا باسم صاحبة البلاغ وطفليها الأكبرين، لماذا لا ينتظر ما ستؤول إليه هذه الإجراءات؟ وهكذا، ستُضمن وحدة الأسرة في أثناء ذلك وسيولى الاحترام الواجب للمصالح الفضلى لجميع الأطفال.

١١- وبناء على ذلك، أعتبر أمر الإبعاد، في حال تنفيذه، بينما لم يبتّ بعدُ في إجراءات زوج صاحبة البلاغ، غير متناسب، وبالتالي تعسفيا ً ، بما يشكل انتهاكا ً لحقوق صاحبة البلاغ وطفليها الأكبرين المكفولة بموجب المادة ١٧(١)، و٢٣(١)، و٢٤(١) من العهد.