الأمم المتحدة

CCPR/C/120/D/2435/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

19 September 2017

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2435/2014 * **

المقدم من: فخر الدين عشيروف (يمثله المحامي فاليريان فخيتوف )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: قيرغيزستان

تاريخ تقديم البلاغ: 7 أيار/مايو 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 24 حزيران/ يونيه 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 28 تموز/يوليه 2017

الموضوع: احتجاز صاحب البلاغ تعسفاً وتعذيبه في أعقاب اضطرابات إثنية

المسائل الإجرائية: عدم تدعيم الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ والمحاكمة العادلة؛ والمحاكمة العادلة - المساعدة القانونية؛ والتوقيف/الاحتجاز التعسفي؛ والتمييز على أساس الأصل الإثني

مواد العهد: المادة 7، مقروءة على حدة وبالاقتران مع المواد 2(3)، و9(1) و(3) و(4)، و14(1) و(3)(ه) و(ز) و26

مواد البروتوكول الاختياري: 2

1- صاحب البلاغ هو فخر الدين عشيروف ، وهو مواطن من قيرغيزستان، أوزبكي الأصل الإثني ، ومولود في عام 1989. وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 7، مقروءة على حدة وبالاقتران مع المواد 2(3) و9(1) و(3) و(4)، و14(1) و(3)(ه) و(ز) و26 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى قيرغيزستان في 7 كانون الثاني/يناير 1995. ويمثل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2010، حكمت محكمة إقليم كاراسو على صاحب البلاغ بالسجن المؤبد مع مصادرة ممتلكاته، بتهم تنظيم أعمال شغب وتدمير ممتلكات واستخدام أسلحة نارية بصورة غير قانونية وقتل شخصين أو أكثر في سياق ممارسة وظائفهم الرسمية. وفي 27 كانون الأول/ديسمبر 2010، خفضت محكمة أوش الإقليمية الحكم إلى السجن 25 سنة. وأيدت المحكمة العليا هذا الحكم في 12 أيار/مايو 2012. وخلال الإجراءات الجنائية أمام المحاكمة الوطنية، تمسك صاحب البلاغ بأنه أُجبر على الاعتراف بالذنب في أثناء التحقيق السابق للمحاكمة. ويشير إلى أن ملاحقته الجنائية مرتبطة بالأحداث التي وقعت في أوش في حزيران/ يونيه 2010.

2-2 وفي 22 حزيران/ يونيه 2010، حوالي منتصف النهار، دخل أربعة شرطيين مسلحين منزل والد صاحب البلاغ وأجروا عملية تفتيش بهدف العثور على أسلحة. ولم يُعثر على أسلحة خلال التفتيش. واقتيد والد صاحب البلاغ إلى مركز شرطة في منطقة أوش. وأجبر والد صاحب البلاغ على الاتصال بابنه وإبلاغه بأنه مطلوب من الشرطة ويجب عليه الذهاب إلى قرية كشكار كيشتاك ، حيث يمكن للشرطة توقيفه.

2-3 وفي اليوم ذاته، توجه صاحب البلاغ، بعد أن تلقى الاتصال الهاتفي من والده، إلى القرية المذكورة حيث أوقفه أربعة شرطيين واقتادوه إلى مركز شرطة في منطقة أوش. وهناك، اقتيد إلى أحد المكاتب في الطابق الثاني من مبنى الشرطة. وكان والد صاحب البلاغ محتجزاً في مكتب آخر بالطابق ذاته. وسرعان ما سمع والد صاحب البلاغ ابنه يصرخ وجعاً. ثم أبلغ الوالد بأن ابنه ضالع في مقتل رئيس قسم الشرطة في مقاطعة كاراسو . وأُفرج عن والد صاحب البلاغ بعد ذلك وظل يتنظر ابنه خارج المبنى.

2-4 وفي اليوم ذاته، بين الثالثة والرابعة عصراً، أُخرج صاحب البلاغ من مركز الشرطة. وقد رآه والده مستنداً إلى شرطيين، إذ كان عاجزاً عن التنق ل بنفسه، ورأى وجهه وثيابه مخضبة بالدماء. وبعد مضي 14 ساعة، سُجل صاحب البلا غ أخيراً في مركز الشرطة. وفي 23 حزيران/ يونيه 2010، قررت محكمة مدينة أوش إيداعه في الاحتجاز رهن المحاكمة. وفي 24 حزيران/ يونيه 2010، أجرى محامي صاحب البلاغ، الذي كان قد عينه المحقق، مكالمة هاتفية مع والد صاحب البلاغ أخبره فيها بأنه يمثل ابنه.

2-5 وفي 28 أو 29 حزيران/ يونيه 2010، اتصل المحامي بحكم المنصب هاتفياً بوالد صاحب البلاغ مجدداً ودعاه إلى زيارة الموظف المكلف بالتحقيق. وخلال المقابلة، طلب منه المحقق دفع مبلغ 000 10 دولار من دولارات الولايات المتحدة للإفراج عن ابنه. وبعد تلقي رد سلبي، سأل المحقق الوالد إن كان باستطاعته إذاً دفع 000 5 دولار. واقترح المحقق على الوالد التفكير في العرض، قائلاً إن ابنه، في حال دفع المبلغ المطلوب، لن يُتهم إلا بالمشاركة في الاحتجاجات الجماهيرية. وبعد 3 أيام أو 4، اتصل المحقق هاتفياً بوالد صاحب البلاغ لمعرفة ما إذا كان تمكن من جمع المبلغ المطلوب. وكان الوالد قد تمكن من جمع 000 1 دولار فطلب إليه المحقق دفع ذلك المبلغ ( ) .

2-6 وفي حدود 10 تموز/يوليه 2010، اتصل صاحب البلاغ هاتفياً بوالده وأخبره بأنه ما فتئ يخضع لإساءة المعاملة والتعذيب، قائلاً إنه يُحقن عنوة بمواد مجهولة ويجبر على تناول أدوية لا يعرفها. وقال إنهم خلال استجوابه لفوا رأسه في كيس بلاستيكي وطلبوا منه الاعتراف بالذنب. وعلاوة على ذلك، قال إنه أُجبر على الجلوس نصف عار على كرسي مخروم، وعندما جلس، ضرب على أعضائه التناسلية بقوارير بلاستيكية مملوءة ماء. وإضافة إلى ذلك، اشتكى من إدخال جسم حاد تحت أظافر يديه ورجليه. وعلاوة على ذلك، قال إنه كان يقضي الليل ويداه مكبلة إلى مشعاع .

2-7 وفي 4 آب/أغسطس 2010، أُخذ صاحب البلاغ للمشاركة في إجراء تحديد الهوية، وتعرض في أثناء ذلك مرة أخرى للضرب المبرح. ويفيد صاحب البلاغ بأنه كان ضُرِب بطريقة منهجية على مستوى بطنه ورأسه. وخلال إجراء تحديد الهوية، رفض صاحب البلاغ الاعتراف بالذنب فتعرض مجدداً لضرب مبرح جعله يفقد وعيه ويُنقل إلى المستشفى. ومع ذلك، أُعيد في اليوم ذاته إلى مرفق الاحتجاز رهن المحاكمة رقم 5، حيث أصر المحتجزون معه على أخذه إلى الوحدة الطبية لمرفق الاحتجاز. وقضى صاحب البلاغ نحو 10 أيام في الوحدة الطبية لمرفق الاحتجاز لدى الشرطة رهن المحاكمة ( ) .

2-8 وفي 4 آب/أغسطس 2010 أيضاً ( ) تلقى صاحب البلاغ زيارة محاميه الحالي، ذلك أن المحامي الذي عينه المحقق المكلف لم يكن يقوم بواجبه. ولاحظ المحامي الجديد رضوضاً في ظهر صاحب البلاغ، وورماً دموياً تحت إحدى عينيه، وكدمات حمراء تحت شفتيه وفي ذراعيه وخلف رأسه. وبطلب من المحامي، فحص صاحب البلاغ طبيب من مرفق الاحتجاز رهن المحاكمة رقم 5 ودون في تقريره الطبي جميع الإصابات الجسدية المذكورة ( ) .

2-9 و في تاريخ غير محدد، خضع صاحب البلاغ لفحص الطب الشرعي، ودوّن في وثائقه الطبية أنه خضع لفحص طاقم طبي في 4 آب/أغسطس 2010، ولوحظت إصابته برضوض في الظهر وورم دموي تحت إحدى عينيه وكدمات حمراء تحت شفتيه وفي ذراعيه وخلف رأسه.

2-10 وفي أواخر آب/أغسطس 2010، زار والد صاحب البلاغ ابنه في مرفق الاحتجاز رهن المحاكمة رقم 5. وأخبر صاحب البلاغ والده، خلال اللقاء، بأنه يخضع للتعذيب، وأراه جرحاً عميقاً في صدره وآثار حروق في وركيه وفخذيه كما أراه إصبع رجله منزوع الظفر ورضوض تحت أظافر أصابع رجليه الأخرى.

2-11 وخلال جلسة المحكمة الأولية المعقودة في 29 أيلول/سبتمبر 2010، أعلم صاحب البلاغ وغيره من المدعى عليهم في القضية ذاتها القاضي المترئس بأن اعترافهم انتُزِع تحت التعذيب والإكراه وينبغي ألا يحفظ كدليل. وخلال الاستراحة، بدأ الشرطيون الذين يصطحبون المتهمين إلى المحكمة في ضربهم مرة أخرى طالبين منهم الاعتراف. ويدعي صاحب البلاغ أن المحكمة لم تحرك ساكناً وأنه لم يُفتح تحقيق في هذا الخصوص.

2-12 وقد اشتكى صاحب البلاغ ومحاميه مرار اً إلى النيابة، بما في ذلك مكتب النائب العام، طالبين فتح تحقيق فعال واتخاذ إجراءات جنائية فيما يتصل بادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالتعذيب. بيد أن جميع الطلبات رفضت. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن المحاكمة اعتراها عدد من العيوب الإجرائية. فقد جرت المحاكمة في المباني التابعة لوزارة الداخلية في مدينة أوش عوضا ً عن قاعة المحكمة العادية. وعلاوة على ذلك، لم يتسن لوالد صاحب البلاغ وأقارب آخرين حضور الجلسات، إذ تلقى أقارب المدعى عليهم تهديدات من مجموعة أفراد مجهولين ذهبوا إلى حد مهاجمتهم.

2-13 وادعى صاحب البلاغ وجميع المدعى عليهم في القضية ذاتها أنهم خضعوا للتعذيب واعترفوا تحت الإكراه، لكن المحكمة تجاهلت ادعاءاتهم. ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأنه مُنِع من استدعاء شاهد كان باستطاعته تأكيد أن صاحب البلاغ كان قريبا ً من الحدود بين قيرغيزستان وأوزباكستان وقت الاحتجاجات الجماهيرية.

2-14 ويفيد صاحب البلاغ بأنه استهدف بسبب أصله الأوزبكي. فقد كان جميع المسؤولين عن التحقيق وجلسات المحكمة منحدرين في الأصل من إثنية قيرغيزية .

2-15 وفي 12 أيار/مايو 2011، رفضت المحكمة العليا طعنه. لذا يدفع صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف أخضعته للتعذيب بغية انتزاع اعترافات منه ولم تفتح بعد ذلك تحقيقا ً في شكاواه المتعلقة بالتعذيب وإساءة المعاملة، وأن هذه التجاوزات تشكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المادة 7 مقروءة على حدة وبالاقتران مع المادة 2(3) من العهد.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن توقيفه واحتجازه رهن المحاكمة، وكذلك امتناع القاضي الذي فصل مسألة احتجازه عن النظر في شرعية ت وقيفه، أمور تشكل انتهاكاً للمادة 9(1) و(3) و(4) من العهد.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يحصل على محاكمة منصفة وعلنية، ما يشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب المادة 14(1) من العهد، كما يدعي حدوث انتهاك للمادة 14(3)(ه) من العهد، إذ لم يسمح له باستدعاء شاهد مهم للدفاع عنه. وعلاوة على ذلك، استخدم الاعتراف المنتزع بالتعذيب دليلاً لإدانته، ما يشكل انتهاكاً للمادة 14(3)(ز).

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أنه استهدف ظلماً بسبب أصله الإثني ، ما يشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 6 شباط/فبراير و8 تموز/يوليه 2015، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتفيد الدولة الطرف بأمور منها أن رئيس قسم الشرطة في مقاطعة كاراسو وسائقه قتلا يوم 13 حزيران/ يونيه 2010 على أيدي مجهولين، في سياق أحداث حزيران/يونيه 2010. وأدت التحقيقات إلى توقيف عدة أشخاص، منهم صاحب البلاغ. واحتجز صاحب البلاغ في 22 حزيران/ يونيه 2010.

4-2 واتهم صاحب البلاغ بموجب عدد من مواد القانون الجنائي لقيرغيزستان، وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر 2010، حكم عليه بالسجن المؤبد. وفي 27 كانون الأول/ ديسمبر 2010، عُدّل الحكم والعقوبة جزئيا ً وخفض محكمة منطقة أوش عقوبة صاحب البلاغ إلى السجن 25 سنة. وأعيد النظر مرة أخرى في قضية صاحب البلاغ وقررت المحكمة العليا لقيرغيزستان، في 12 أيار/مايو 2011، تأكيد عقوبة السجن 25 سنة.

4-3 وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ خضوعه للتعذيب، تدفع الدولة الطرف بأن محامي صاحب البلاغ قدم في 5 آب/أغسطس 2010 شكوى إلى النيابة زعم فيها خضوع موكله للتعذيب على أيدي موظفي شرطة أوش. ونتيجة لذلك، أُمر بفحص طبي. وفي 12 آب/ أغسطس 2010، خلص الطبيب الذي أجرى الفحص إلى أن جسد صاحب البلاغ كان يحمل آثار إصابات لكنها "لا تتطابق مع الفترة الزمنية والظروف" التي عرضها صاحب البلاغ. لذا رفضت النيابة مباشرة إجراءات جنائية بشأن ادعاءات صاحب البلاغ بخصوص التعذيب.

4-4 وفي 23 أيلول/سبتمبر 2010، أصدرت محكمة مدينة أوش أمراً بإعادة فحص صاحب البلاغ. وصدرت استنتاجات الفحص الطبي الثاني في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 وخلص هذا الفحص أيضاً إلى وجود بعض الإصابات الطفيفة في جسد صاحب البلاغ دون أن يتسنى بشكل قاطع تحديد تاريخ وقوع تلك الإصابات تحديداً دقيقاً. بعدئذ قررت النيابة مرة أخرى عدم مباشرة إجراءات جنائية بشأن ادعاءات صاحب البلاغ بخصوص التعذيب.

4-5 وعلاوة على ذلك، اشتكى صاحب البلاغ وآخرون من المدعى عليهم في القضية ذاتها تعرضهم للضرب في أثناء استراحة تخللت جلسات المحكمة في 29 أيلول/سبتمبر 2010، وكان ذلك على أيدي موظفي وحدة إنفاذ القانون الخاصة التابعة لوزارة داخلية قيرغيزستان ("شير"). وأجرى مكتب الطب الشرعي الإقليمي في أوش فحصاً لصاحب البلاغ والمدعى عليهم في القضية ذاتها، وأصدر استنتاجاته في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2010، مؤكداً عدم عثوره على آثار إصابات لدى أي من المدعى عليهم. ووفقاً للسجلات الطبية المتعلقة بصاحب البلاغ، اعتبرت حالته الصحية "جيدة" ( ) .

4-6 وعُقدت جلسات المحكمة في مقر الوحدة العسكرية رقم 703 التابعة لوزارة الداخلية؛ وكان الدافع الوحيد لاختيار هذا المكان هو توفير الأمن للمدعى عليهم وأقاربهم. وفي ذلك اليوم، أي 29 أيلول/سبتمبر 2010، اختتمت جلسات المحكمة الساعة 30/5 مساءً، لتستأنف في 30 أيلول/سبتمبر 2010. وقد تأكد أن موظفي وحدة إنفاذ القانون الخاصة "شير" تدخلوا في 29 أيلول/سبتمبر 2010 لمنع هجوم عدة من أقارب الضحايا على المدعى عليهم.

4-7 وخلال جلسات المحكمة المعقودة في 30 أيلول/سبتمبر 2010، اشتكى أحد محامي المدعى عليهم، السيد ت. أ.، إلى القاضي تعرض موكليه في 29 أيلول/سبتمبر 2010 للضرب المبرح على أيدي موظفي الوحدة العسكرية رقم 703. وأثارت هذه الشكوى غضب أقارب الضحايا، الذين حاولوا الهجوم على المحامي. وتجنباً للمواجهة، أُجّلت جلسات المحكمة إلى 19 تشرين الأول/أكتوبر 2010.

4-8 ومع ذلك، نظرت النيابة في الشكاوى الناشئة عن الحادث المزعوم وقوعه في 29 أيلول/سبتمبر 2010. وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر 2010، قررت النيابة عدم فتح تحقيق جنائي في هذه الادعاءات، لنقص الأدلة الداعمة ( ) .

4-9 وعلاوة على ذلك، تأكد عدم حدوث أي انتهاكات لقانون الإجراءات الجنائية لقيرغيزستان في أثناء جلسات المحكمة. بيد أنه يجدر بالإشارة أن التعذيب جريمة يصعب إثباتها، خصوصاً بمرور الوقت، إذ يغدو من المستحيل تحديد الفترة الزمنية والإصابات المدعى وقوعها تحديداً دقيقاً. وتقترن صعوبات أخرى بالشهود المزعومين على جرائم التعذيب، الذين غالباً ما يتقاسمون الزنزانة ويرفضون الإدلاء بشهاداتهم لتوريط موظفي إنفاذ القانون.

4-10 وتدين النيابة العامة لقيرغيزستان استخدام التعذيب، وتتخذ جميع التدابير اللازمة لمنع هذه الحوادث. لذا تجري السلطات عمليات تفتيش لأماكن الاحتجاز. ويتعين على وكلاء النيابة أيضاً استجواب المدعى عليهم لتحديد حوادث التعذيب.

4-11 وينص قانون الإجراءات الجنائية لقيرغيزستان على إمكانية الطعن في جميع قرارات المحاكم الأدنى درجة في إطار إجراءات الطعن القائمة، بما فيها إجراء الطعن الرقابي. وقد طُبق هذا الإجراء في قضية صاحب البلاغ ولم يتبين حدوث أي انتهاكات. ولا يجوز استئناف قرارات المحاكم على المستوى الرقابي، وفقاً للمادة 96 من دستور قيرغيزستان.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 في 9 نيسان/أبريل و10 آب/أغسطس 2015، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. ويدفع صاحب البلاغ بأن الادعاءات التي قدمها في بلاغه الأولي إلى اللجنة لم يطلب فيها إلى هذه الأخيرة إبطال الحكم والعقوبة الصادرين في حقه، بل ركز فيها على انتهاكات محددة للعهد في حق صاحب البلاغ.

5-2 ويكرر صاحب البلاغ ادعاءاته أن والده طلب منه الحضور لمقابلة موظفي إنفاذ القانون الذين كانوا في ذلك الوقت يحتجزون والده بصورة غير قانونية. ثم أُفرج عن والد صاحب البلاغ، لكنه بقي على مقربة من مركز الشرطة وشهد إخراج ابنه من المبنى. وكان الابن قد تلقى من الضرب ما جعله يحتاج إلى مساعدة شرطيين له على المشي.

5-3 ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأن والده لم يتمكن من المشاركة في جلسات المحكمة، ذلك أن سلطات الدولة الطرف لم تكن قادرة على ضمان أمن أقارب المدعى عليهم. وفي هذا انتهاك واضح للمادة 14(1) من العهد، التي تدعو إلى عقد جلسة "منصفة وعلنية". وقد تعرض أقارب المدعى عليهم للمضايقة والشتم وحتى للضرب خارج قاعة المحكمة.

5-4 ويدفع صاحب البلاغ بأنه وك َّ ل محامياً خاصاً، لكن السلطات عينت له في 4 آب/أغسطس 2010 محامياً بحكم المنصب، وقد تعرض في اليوم ذاته للضرب الشديد على يد أحد المحققين. وشكا صاحب البلاغ مما خلفه له ذلك من آلام حادة في البطن والصدر. وقد طلب محاميه فحصاً طبياً أكد وجود إصابات عديدة في رأسه وبطنه وصدره وعينيه وظهره. وقد دُون ذلك في السجل الطبي لصاحب البلاغ في مرفق الاحتجاز رهن المحاكمة.

5-5 وابتداءً من 6 آب/أغسطس 2010، قدم محامي صاحب البلاغ عدة شكاوى ادعى فيها خضوع موكله للتعذيب. وأُحيلت بعض الشكاوى إلى وزارة الداخلية، وهي المؤسسة ذاتها التي ينتمي إليها الموظفون الذين ارتكبوا هذه الجرائم. وقد رفضت النيابة هذه الشكاوى في عدة مناسبات دون إجراء تحقيق فعلي (في 13 آب/أغسطس 2011 مثلاً). ورفضت المحكمة أيضاً جميع الشكاوى المقدمة من صاحب البلاغ.

5-6 ويدفع صاحب البلاغ أن من السهل جداً، خلافاً لما تدعيه الدولة الطرف، إثبات خضوعه للتعذيب على أيدي أفراد الشرطة. ويقدم صاحب البلاغ نسخاً من فحوص طبية وشهادات والده وشهاداته ووثائق أخرى.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، على نحو ما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف الفعالة المتاحة له. وفي غياب أي اعتراض من الدولة الطرف في هذا الخصوص، ترى اللجنة أن متطلبات المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

6-4 وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 26 من العهد، لكنها ترى أن صاحب البلاغ لم يقدم أي معلومات لإثبات انتهاك الدولة الطرف حقه في التمتع بحماية القانون على قدم المساواة مع غيره. وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ بشأن انتهاك المادة 14(3)(ه) من العهد، فيما يتصل باستجواب الشهود خلال المحاكمة، تذكر اللجنة بأنه يعود لمحاكم الدول الأطراف عادة أن تقيم الوقائع والأدلة المعروضة في قضية معينة، إلا إذا تسنى تأكيد أن هذا التقييم كان تعسفياً بصورة واضحة أو شكل إنكاراً للعدالة، أو أن المحكمة أخلت بواجب الحفاظ على استقلالها ونزاهتها ( ) . وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت أن ما ادعاه من امتناع عن استدعاء الشهود بلغ حد التعسف في تقييم الأدلة أو شكّل إنكاراً للعدالة. وفي غياب أي معلومات وجيهة إضافية في الملف، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يُدعّم هذه الادعاءات بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وعليه، تعلن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ دعّم بما يكفي من الأدلة، لأغراض المقبولية، ما تبقى من ادعاءاته بموجب المادة 7، مقروءة على حدة وبالاقتران مع المواد 2(3) و9(1) و(3) و(4) و14(1) و(3)(ز) من العهد، وتعلن هذه الادعاءات مقبولة، وتشرع في بحث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتلاحظ اللجنة بداية ادعاء صاحب البلاغ أنه خضع في عديد المناسبات للتعذيب على أيدي موظفي إنفاذ القانون. ويقدم صاحب البلاغ وصفاً مفصلاً لكيفية تعذيبه وأوقات ذلك وحتى أسماء بعض الجناة المزعومين. وإضافة إلى ذلك، يقدِّم صاحب البلاغ إفادات شهود، بمن فيهم والده ومحاميه، وكذلك شهادة طبية، كلها تؤكد الإصابات المزعومة. وعلاوة على ذلك، تلاحظ الل جنة أن صاحب البلاغ ومحاميه قدما شكاوى عديدة بشأن التعذيب إلى النيابة، كما اشتكيا من ذلك في جلسات المحكمة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تفيد بأنها حققت في البعض من الشكاوى العديدة المقدَّمة من صاحب البلاغ لكنها لم تبيِّن أن هذه التحقيقات فُتحت بسرعة أو أنها أُجريت بفعالية. وتود اللجنة أن تبرز أن صاحب البلاغ قدم ادعاءاته الأولى المتعلقة بالتعذيب في 6 آب/أغسطس 2010، أي حالما تسنى له الاتصال بمحاميه الخاص. وترى اللجنة أنه ينبغي، في ظروف هذه القضية، ولا سيما في ضوء عجز الدولة الطرف عن تقديم شرحٍ لأمارات سوء المعاملة الواضحة التي لوحظت في عدد من المناسبات، إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ.

7-3 وبخصوص التزام الدولة الطرف بإجراء تحقيق ملائم في ادعاءات صاحب البلاغ بشأن التعذيب، تُذكِّر اللجنة بآرائها في قضايا سابقة ومفادها أن التحقيقات الجنائية وما يترتب عليها من ملاحقة تعتبر سبل انتصاف ضرورية في حالات انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها الحقوق المكفولة بالمادة 7 من العهد ( ) . وفي حين تدَّعي الدولة الطرف أنها أجرت تحقيقات، تلاحظ اللجنة من العناصر الواردة في الملف أن سلطات الدولة الطرف لم تقدم معلومات تُبيِّن استجوابها أي شهود (بمن فيهم صاحب البلاغ نفسه ووالده)، كما لم تقدم نتائج الفحص الطبي. وفي هذه الظروف، تعتبر اللجنة أن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيقات فعالة في ادعاءات التعذيب، رغم شهادة والد صاحب البلاغ وصدور شهادة طبية تؤكد وجود إصابات في جسد صاحب البلاغ. وفي ظروف هذه القضية، وبالنظر إلى عدم تقديم الدولة سجلات طبية إضافية، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3).

7-4 وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14(1) من العهد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تنازع في كون جلسات المحكمة لم تعقد في قاعة محكمة عادية وإنما في مرفق عسكري، وكون أقارب المدعى عليهم، بمن فيهم أقارب صاحب البلاغ، لم يسمح لهم بحضور تلك الجلسات. وتدفع الدولة الطرف في ملاحظاتها بأن سبب عقد الجلسات في الوحدة العسكرية يكمن تحديداً في توفير الأمن للمدعى عليهم وأقاربهم. وتذكِّر اللجنة بأحكام تعليقها العام رقم 32(2007) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، ومفادها أن "جميع المحاكمات المتعلقة بمسائل جنائية أو بدعوى مدنية" يجب أن تعقد "من حيث المبدأ، بطريقة شفهية وعلنية" ( ) . وتسلِّم المادة 14(1) من العهد بأن للمحاكم سلطة استبعاد الجمهور كله أو جزء منه "لأسباب تتعلق بالآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة" ( ) . وتدَّعي الدولة الطرف أن سبب عقد جلسات المحكمة في الوحدة العسكرية "ليس سوى توفير الأمن للمدَّعى عليهم وأقاربهم". بيد أن الدولة الطرف لم تشرح الأسباب التي استدعت استبعاد أقارب صاحب البلاغ من حضور جلسات المحكمة في ضوء أحد المبررات المعروضة في المادة 14(1). وفي غياب شروح معقولة من الدولة الطرف، يجب على اللجنة أن تخلص إلى أن الدولة الطرف فرضت قيداً غير متناسب مع الظروف على حقوق صاحب البلاغ في جلسة منصفة وعلنية، منتهكة بذلك حقوقه بموجب المادة 14(1).

7-5 وفي ضوء الاستنتاجات السابقة، لن تنظر اللجنة في ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 9(1) و(3) و(4) و14(3)(ز) بخصوص الوقائع ذاتها.

8- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) وبموجب المادة 14(1) من العهد.

9- ووفقاً للمادة 2(3)(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك تقديم تعويض كامل للأشخاص الذين انتُهِكت حقوقهم التي يكفلها العهد. وبناء عليه، يتعين على الدولة الطرف القيام بأمور منها اتخاذ الخطوات المناسبة في سبيل (أ) إبطال إدانة صاحب البلاغ والإفراج عنه، وإن لزم الأمر، إعادة المحاكمة وفقاً لمبادئ المحاكمة العادلة وافتراض البراءة وغيرها من الضمانات الإجرائية؛ (ب) إجراء تحقيق سريع ونزيه في ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالتعذيب؛ (ج) تقديم تعويض كافٍ لصاحب البلاغ. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد، والتزمت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليميها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع باللغات الرسمية للدولة الطرف.

المرفق

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة خوسيه مانويل سانتوس بايس (معارض)

1- آسف لأنه لا يسعني أن أؤيد بالكامل المنطق الذي اتبعه أغلبية أعضاء اللجنة والذي قام عليه استنتاجها أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3). وأنا متردد بعض الشيء حيال هذا الاستنتاج، لا سيما فيما يتعلق بالوقائع المعروضة في المادة 7-2.

2- وصحيح أن الملف يتضمن عدة ادعاءات تتعلق بالتعذيب، لكن هذه الادعاءات صادرة بطبيعة الحال عن صاحب البلاغ (الفقرات 2-6 و2-7 و2-10 و2-11 و2-13 و3-1) أو محاميه (الفقرة 2-8) أو والده (الفقرتان 2-3 و2-4). بيد أن المرء عندما يشرع في البحث عن أدلة فعلية على أمارات تعذيب موضوعية، يفاجأ بوجود شهادة طبية واحدة في الملف تؤكد حدوث إصابات جسدية (انظر الحاشية 2 (بخصوص الفقرة 2-7)).

3- وفي الواقع، يدعي صاحب البلاغ أنه تعرض في 4 آب/أغسطس 2010 لضرب مبرح جعله يقضي نحو عشرة أيام في الوحدة الطبية لمرفق الاحتجاز رهن المحاكمة لدى الشرطة (الفقرة 2-7)، لكن الآثار الموجودة في ظهره، والورم الدموي تحت إحدى عينيه، والكدمات الحمراء على شفتيه وذراعيه وخلف رأسه لا تعكس ذلك "الضرب المبرح".

4- وفي هذا الخصوص، تدعي الدولة الطرف أن السلطات أمرت بفحص طبي وأن الطبيب الذي أجراه خلص، في 12 آب/أغسطس 2010، أي بعد بالكاد أسبوعاً واحداً بعد حدوث "الضرب المبرح"، وبعد الإقرار بوجود بعض الإصابات في جسد صاحب البلاغ، إلى أن تلك الإصابات "لا تتطابق مع الفترة الزمنية والظروف" التي عرضها صاحب البلاغ (الفقرة 4-3). وتدعي الدولة أيضاً أن محكمة مدينة أوش أمرت، في 23 أيلول/سبتمبر 2010 ، بإعادة فحص صاحب البلاغ. ومرة أخرى، خلص الفحص الطبي الثاني، الذي صدرت نتائجه في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، إلى وجود بعض الإصابات الطفيفة في جسد صاحب البلاغ، دون أن يتسنى بشكل قاطع تحديد تاريخ وقوع تلك الإصابات تحديداً دقيقاً (الفقرة 4-4). وتدعي الدولة أخي راً أنه بالنظر إلى أن صاحب البلاغ وآخرين من المدعى عليهم شكوا من تعرضهم للضرب على أيدي موظفي وحدة إنفاذ القانون الخاصة "شير" التابعة لوزارة داخلية قيرغيزستان، خلال استراحة تخللت جلسات المحكمة في 29 أيلول/ سبتمبر 2010، فقد أجرى المكتب الإقليمي للطب الشرعي في أوش فحصا لصاحب البلاغ ومن معه من المدعى عليهم، وخلص، في 4 تشرين الثاني/أكتوبر 2010، إلى عدم وجود أي آثار إصابات لدى أي منهم. وقد اعتبرت حالة صاحب البلاغ الصحية "جيدة"، وفقاً لسجله الطبي (الفقرة 4-5). وصحيح، مع ذلك، أن الدولة الطرف لم تقدم نتائج هذين الفحصين الطبيين الأخيرين، لكن صاحب البلاغ لم يفعل هو الآخر.

5- لذا، ورغم تفهمي موقف أغلبية أعضاء اللجنة، الذين اعتبروا أنه في ظل عجز الدولة الطرف عن شرح أمارات التعذيب الواضحة التي لوحظت في عدد من المناسبات، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ (الفقرة 7-2)، أفضل الاستناد إلى المزيد من الأدلة الموضوعية على " أمارات سوء المعاملة الواضحة" هذه لأخلص إلى حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3).

6- وآسف كذلك لأنه لا يسعني تأييد المنطق الذي اتبعه أغلبية أعضاء اللجنة والذي قام عليه استنتاجها أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 14(1) من العهد (الفقرة 7-4). وفي هذا الخصوص، خلصت الأغلبية إلى أن الدولة الطرف لم تبين الأسباب التي جعلت المحكمة تتمسك بضرورة استبعاد أقارب صاحب البلاغ من حضور الجلسات في إطار أحد المبررات المعروضة في المادة 14(1).

7- بيد أن صاحب البلاغ نفسه يؤكد أن المحكمة ليست هي التي منعت والده أو غيره من أقاربه من حضور الجلسات، بل إنهم لم يستطيعوا الحضور لأن مجموعة من الأشخاص المجهولين هددوا أقارب المدعى عليهم بل هاجموهم بالفعل (الفقرة 2-11). ويؤكد صاحب البلاغ هذا الأمر كذلك إذ يضيف أن والده لم يتمكن من حضور جلسات المحكمة لأن سلطات الدولة الطرف لم تكن قادرة على ضمان أمن أقارب المدعى عليهم. فقد تعرض أقارب هؤلاء، خارج قاعة المحكمة، للمضايقة والشتم وحتى للضرب (الفقرة 5-3).

8- وقد أكدت الدولة بالفعل هذه المشاكل الأمنية عندما اعترفت بأن موظفي وحدة إنفاذ القانون الخاصة "شير" تدخلوا، في 29 أيلول/سبتمبر 2010، لمنع هجوم عدد من أقارب الضحايا على المدعى عليهم (الفقرة 4-6). وقد تعين تأجيل الجلسات إلى 10 تشرين الأول/أكتوبر 2010 تجنبا ً للمواجهة، بسبب ردود الفعل الغاضبة التي صدرت عن أقارب الضحايا، الذين حاولوا الهجوم على أحد محامي المدعى عليهم (الفقرة 4-7).

9- لذا يصعب عل ي أن أ فهم، في ظل هذه الظروف الحساسة، التي تسببت في مشاكل عويصة من حيث تنظيم جلسات المحكمة والحفاظ على الأمن العام، كيف خلصت أغلبية اللجنة إلى أن الدولة الطرف، أي المحكمة، فرضت قيداً غير متناسب مع الظروف على حقوق صاحب البلاغ في محاكمة منصفة وعلنية، ومن ثم حقوقه بموجب المادة 14(1)، بمنع أقاربه من حضور جلسات المحكمة - والحال أن صاحب البلاغ نفسه يقول إن هذا القرار لم يكن قرار المحكمة.