الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2269/2013

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

4 October 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2269/2013 * ** ***

بلاغ مقدم من: فيتالي لوباسوف (لا يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 28 كانون الأول/ديسمبر 2012 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: ا لقرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة (المادة 92 حاليا ً ) ، والمحال إلى الدولة الطرف في 26 تموز/يوليه 2013 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 25 تموز/يوليه 2019

الموضوع: فرض غرامة بسبب المشاركة في اجتماع سلمي ؛ حرية التعبير؛ عدم إجراء محاكمة عادلة

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ عدم تعاون الدولة الطرف

المسائل الموضوعية: حرية التجمع؛ حرية التعبير

مواد العهد: 2(2) و19 و21

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و5(2)(ب)

1- صاحب البلاغ هو فيتالي لوباسوف ، مواطن بيلاروسي مولود في عام 1973 . وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 2(2) و19 و21 من العهد ( ) . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 كانون الأول/ ديسمبر 1992. ولا يمثل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2012، شارك صاحب البلاغ مع آخرين في إحياء ذكرى الانتفاضة البيلاروسية التي وقعت في عام 1863 في غرودنو . وفي هذا السياق، وإلى جانب المشاركين الآخرين، انتقل صاحب البلاغ بين مناطق مختلفة، حيث سار من ضريح روموالد تراوغوت نحو النُصب التذكاري لكاستاس كالينوفسكي ، ووضع الزهور عند النصب التذكاري لكارل ماركس في مدينة سفيسلوتش ، وحضر اجتماعات واستمع إلى خطب ألقاها عدد من المشاركين. وحمل العديد من المشاركين، بمن فيهم صاحب البلاغ، علم اً باللونين الأحمر والأبيض ( ) . ويدفع صاحب البلاغ بأنه شارك في احتفالات مماثلة لإحياء الذكرى على مدى السنوات العشرين الماضية، تضمنت حمل الزهور والأكاليل الجنائزية والتوابيت وعدة رموز أخرى، بما فيها علم الدولة القديم، دون أية عوائق. ويفيد بأن الاجتماعات كانت ذات طابع سلمي ولم تسبب إزعاج اً للنظام العام.

2-2 وخلال المناسبة، ألقى ضباط من الشرطة تابعون لإدارة الشؤون الداخلية في غروندو القبض على صاحب البلاغ واقتادوه إلى مركز الشرطة دون إبداء أي أسباب. وأُحيل إلى محكمة سفيسلوتش المحلية لانتهاكه الإجراء الخاص بتنظيم وإدارة الاجتماعات العامة.

2-3 وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 2012، قررت المحكمة أن صاحب البلاغ انتهك أحكام قانون المناسبات الجماهيرية فيما يتعلق بتنظيم الاجتماعات ، ومن ثم ارتكب جريمة إدارية بموجب المادة 23-34(1) من قانون الجرائم الإدارية. وبناء على ذلك، أمرت محكمة سفيسلوتش المحلية صاحب البلاغ بدفع غرامة قدرها 000 000 3 روبل بيلاروسي قديم ( ) . واستأنف القرار أمام محكمة غرودنو الإقليمية، التي أيدت قرار المحكمة الابتدائية. ومن ثم دخل قرار محكمة سفيسلوتش المحلية حيز النفاذ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012.

2-4 ويؤكد صاحب البلاغ أنه في غياب أي تفسيرات تستند إلى أسس سليمة وتبرر استنتاج المحكمة، فإن العقوبة المفروضة عليه لا يمكن اعتبارها مبررة من أجل حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، أو من أجل احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.

2-5 ويدفع صاحب البلاغ بأنه استنفد كل سبل الانتصاف المحلية. ويشير إلى أنه لم يستأنف قرار محكمة سفيسلوتش المحلية أمام رئيس المحكمة العليا أو مكتب المدعي العام في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، لأن هذه الإجراءات لا تشكل سبيل انتصاف فعال اً. ويشير إلى الاجتهادات السابقة للجنة، التي تقضي بأن إجراءات المراجعة القضائية الرقابية إزاء قرارات المحاكم التي دخلت بالفعل حيز النفاذ لا تشكل سبيل انتصاف فعالا ً .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة انتهكت حقوقه بموجب المادتين 19 و21 مقروءتين بالاقتران مع المادة 2(2) من العهد، حيث إن السلطات لم تسمح له بالمشاركة في مناسبة تذكارية سلمية.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن القيود على تنظيم مناسبة عامة لا تبررها أسباب تتعلق بحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، أو احترام حقوق وحريات الآخرين. ويدعي أن شرط الإذن المسبق لتنظيم الاجتماعات، الوارد في قانون المناسبات الجماهيرية، والقيود المفروضة على عقد الاجتماعات في منطقة معينة، على النحو المنصوص عليه في القرار رقم 717 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمقاطعة سفيسلوتش بتاريخ 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 بشأن تحديد مناطق للاجتماعات العامة في سفيسلوتش ، أمران لا يشكلان قيود اً مسموح اً بها لأغراض المادتين 19 و21 من العهد.

3-3 ويدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف، بتصديقها على العهد، قد تعهدت، بموجب المادة 2 منه، باحترام وضمان جميع ما يرد فيه من حقوق فردية وباعتماد ما قد يلزم من قوانين أو تدابير أخرى لإعمال الحقوق المعترف بها فيه. ومع ذلك، فإن الدولة الطرف لا تفي بالتزاماتها بموجب المادة 2(2)، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21 من العهد، حيث إن قانون المناسبات الجماهيرية يتضمن أحكام اً مبهمة وغامضة. فعلى سبيل المثال، تمنح المادة 9 من القانون السلطات التنفيذية المحلية السلطة التقديرية لتخصيص أماكن محددة دائمة لتنظيم التجمعات السلمية، دون أي تبرير.

3-4 وفي هذا السياق، يطلب صاحب البلاغ أن توصي اللجنة بأن تجعل الدولة الطرف تشريعاتها، وخاصة قانون المناسبات الجماهيرية والقرار رقم 717 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمقاطعة سفيسلوتش ، متسقة مع المعايير الدولية المبينة في المادتين 19 و21 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 22 كانون الثاني/يناير 2013، أفادت الدولة الطرف بأنها وافقت، عندما أصبحت طرف اً في البروتوكول الاختياري وبموجب المادة 1 منه، على الاعتراف باختصاص اللجنة بتلقي البلاغات المقدمة من الأفراد المشمولين بولايتها الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاكها لأي من الحقوق التي يحميها العهد، وبالنظر في تلك البلاغات. وقد اعترضت الدولة الطرف على تفسير اللجنة الواسع النطاق للبروتوكول الاختياري، وأعربت في هذا السياق عن قلقها إزاء عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية عند تسجيل البلاغات الفردية وإزاء تسجيل قضايا مقدمة من أطراف ثالثة. وتدفع بأن اللجنة ليس لديها سلطة مطلقة في تفسير العهد على نحو موسع. ولهذا الغرض، طلبت الدولة الطرف أن تتوقف اللجنة عن تسجيل البلاغات الفردية بما يخالف مقتضيات البروتوكول الاختياري.

4-2 كما أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها لن ترد على أي مراسلات تتعلق ببلاغات مسجلة بما يخالف البروتوكول الاختياري، سواء فيما يتعلق بالمقبولية أو بالأسس الموضوعية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في رسالة مؤرخة 27 تشرين الأول/أكتوبر 2015، علّق صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. وبالإشارة إلى الاجتهادات السابقة للجنة، يفيد صاحب البلاغ بأن طلب الاستئناف لدى المدعي العام في إطار إجراء المراجعة القضائية الرقابية لا يشكل سبيل انتصاف فعال اً. ويضيف أن هذا الإجراء يخضع لسلطة المدعي العام التقديرية ولا يمثل نظر اً في القضية من حيث أسسها الموضوعية. ويخلص إلى أن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة قد استُنفدت في قضيته.

5-2 وبالإشارة إلى ملاحظات الدولة الطرف بشأن التفسير الواسع النطاق للعهد، يفيد صاحب البلاغ بوجود التزام على الدولة الطرف ليس فقط باتباع قواعد اللجنة وإجراءاتها، بل أيض اً بالتفسير الشامل للأحكام الموضوعية للعهد من قبل اللجنة على النحو الوارد في تعليقاتها العامة.

عدم تعاون الدولة الطرف

6-1 تلاحظ اللجنة تأكيد الدولة الطرف بأنه لا توجد أسس قانونية للنظر في البلاغ المقدم، لكونه مسجل اً بما يخالف أحكام البروتوكول الاختياري، وبأنه إذا اتخذت اللجنة قرار اً بشأن هذا البلاغ فإن الدولة الطرف ستنأى بنفسها عن آراء اللجنة.

6-2 وتذكّر اللجنة بأنها مخولة، بموجب المادة 39(2) من العهد، بوضع نظامها الداخلي، وهو ما اتفقت الدول الأطراف على الاعتراف به . وتلاحظ كذلك أنه بانضمام أي دولة طرف في العهد إلى البروتوكول الاختياري، فإنها تعترف باختصاص اللجنة بتلقي البلاغات المقدمة من الأفراد الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك أي من الحقوق المنصوص عليها في العهد، وبالنظر في تلك البلاغات (ديباجة البروتوكول الاختياري والمادة 1 منه). وتذكّر اللجنة بممارستها المتبعة، على النحو الوارد في المادة 99(ب) من نظامها الداخلي، ومفادها أنه يجوز تمثيل الأفراد من قبل شخص يختارونه على أن يكون الممثل مفوض اً على النحو الواجب. و انضمام دول ة ما إلى البروتوكول الاختياري إنما يعني ضمن اً تعهدها بالتعاون مع اللجنة بحسن نية لتتيح لها النظر في هذه البلاغات ثم إحالة آرائها فيها، بعد بحثها، إلى كل من الدولة الطرف والشخص المعني، وتمكّنها من ذلك (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). ويكفل النظام الداخلي أن يتاح ل لدول الأ طر ا ف في البروتوكول الاختياري فرصة كاملة لعرض موقفها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية لأي قضية تعرض على اللجنة.

6-3 و مما يتعارض مع تلك الالتزامات أن تتخذ الدولة الطرف أي إجراء من شأنه أن يمنع أو يعطل قيام اللجنة بالنظر في ال بلاغ ودراسته و ب إبداء آرائها ( ) . و يعود إلى اللجنة أمر البتّ فيما إذا كان ينبغي تسجيل البلاغ أم لا. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، ب عدم قبولها اختصاص اللجنة بالبت فيما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ ما أم لا، وبإعلانها المسبق عدم قبولها قرار اللجنة بشأن مقبولية البلاغ أو أسسه الموضوعية، تكون قد أخلت بالتزاماتها بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ، وفقاً للمادة ٩٧ من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة ٥(٢)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وتحيط اللجنة علم اً بحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ أن سبيل الانتصاف الوحيد الذي كان ممكن اً لصاحب البلاغ، بعد رفض محكمة غرودنو الإقليمية الاستئناف الذي قدمه، هو تقديم استئناف في إطار إجراء المراجعة القضائية الرقابية لدى المدعي العام أو المحكمة العليا. وفي هذا السياق، تذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تفيد بأن تقديم التماس لمكتب المدعي العام من أجل طلب مراجعة قرارات محكمة دخلت حيز النفاذ لا يشكل سبيل انتصاف فعال اً يتعين استنفاده لأغراض المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الدولة الطرف أمثلة لإثبات أن إجراءات المراجعة القضائية الرقابية أمام المحكمة العليا يمكن أن تحقق انتصاف اً فعال اً في القضايا المتعلقة بحرية التعبير والتجمع، وتحديد اً قضايا مماثلة للقضية موضع النظر. ومن ثم ترى اللجنة عدم وجود ما يمنعها، بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، من النظر في هذا البلاغ.

7-4 وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ أن حقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 و21، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2(2) من العهد، قد انتُهكت. وتذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تشير إلى أن أحكام المادة 2 من العهد تنص على التزام عام يقع على عاتق الدول الأطراف ولا يمكن أن ينشأ عنها، عند الاستشهاد بها منفردة، ادعاء في بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . وترى اللجنة أيض اً أن أحكام المادة 2 لا يمكن الاستشهاد بها في سياق ادعاء في بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري بالاقتران مع أحكام أخرى من العهد، إلا عندما يكون عدم تقيد الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب المباشر لانتهاك واضح للعهد يؤثر مباشرة على الشخص المدعي أنه ضحية. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يزعم بالفعل وقوع انتهاك لحقوقه بموجب المادتين 19 و21، بسبب تفسير وتطبيق القوانين القائمة في الدولة الطرف، ولا ترى اللجنة أن النظر فيما إذا كانت الدولة الطرف قد خالفت أيض اً التزاماتها العامة بموجب المادة 2(2) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21، يعد منفصل اً عن النظر في انتهاك حقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 19 و21 من العهد. وبالتالي ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ في هذا الصدد لا تتوافق مع المادة 2 من العهد، وهي غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

7-5 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم ما يكفي من أدلة لإثبات ادعائه بموجب المادتين 19 و21 من العهد، لأغراض المقبولية. وتعلن بالتالي أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها لها الطرفان، وفقاً للمادة ٥(١) من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بأن إلقاء القبض عليه وإدانته لمشاركته في مظاهرة سلمية عقدت من دون إذن مسبق يشكلان تقييد اً غير مبرر على حقوقه في حرية التعبير وفي حرية التجمع، التي تحميها المادتان 19(2) و21 من العهد. ويجب على اللجنة بالتالي أن تنظر فيما إذا كان القيد المفروض على حقوق صاحب البلاغ في هذه القضية مبرر اً بموجب أي من المعايير المبينة في المادة 19(3) وفي الجملة الثانية من المادة 21 من العهد.

8-3 وتذكّر اللجنة بأن المادة 19(3) من العهد تسمح بقيود معينة، ولكنها تقتصر على ما ينص عليه القانون وما يلزم لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم ولحماية الأمن الوطني أو النظام العام ( ordre public ) أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34(2011) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، حيث تفيد بأنهما شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد وهما عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع . و ت شكلان حجر الأساس لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية . وأي قيود تفرض على ممارسة هاتين الحريتين يجب أن تتوافق مع الاختبارات الصارمة المتعلقة بالضرورة والتناسب ( ) . ويجب ألا تطبق أية قيود إلا للأغراض التي وضعت من أجلها كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تأسست عليه . وتذكّر اللجنة بأن إثبات ضرورة وتناسب القيود المفروضة على ح قو ق صاحب البلاغ بموجب المادة 19 يقع على عاتق الدولة الطرف ( ) .

8-4 وبالمثل، فإنه في غياب أية معلومات ذات صلة من الدولة الطرف لتبرير القيود المفروضة على نحو يتنافى مع أحكام المادة 19 (3) من العهد، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 19(2) من العهد .

8-5 وتذكّر اللجنة أيض اً بأن الحق في التجمع السلمي، على النحو الذي تكفله المادة 21 من العهد، هو حق أساسي من حقوق الإنسان وهو ضروري ليعبر المرء عن وجهات نظره وآرائه على الملأ ولا غنى عنه في أي مجتمع ديمقراطي . وينطوي هذا الحق على إمكانية تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه ، بما في ذلك الحق في تنظيم تجمع ثابت (كالاعتصام) في مكان عام . و يحق لمنظمي تجمع ما عموم اً اختيار مكان يقع على مرأى ومسمع جمهور هم المستهدف، ولا يجوز تقييد هذا الحق إلا إذا كان التقييد مفروض اً بموجب القانون وضروري اً في مجتمع ديمقراطي، أو لمصلحة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام ، أو ل حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم . ومن ثم تكون الدولة الطرف ملزمة بتبرير تقييدها للحق الذي تحميه المادة 21 من العهد ( ) .

8-6 وتلاحظ اللجنة مزاعم صاحب البلاغ بإلقاء القبض عليه واقتياده إلى قسم الشرطة لمشاركته في مظاهرة سلمية ولكن غير مأذون لها، ولحمله علم اً غير مصرح به باللونين الأحمر والأبيض في سفيسلوتش . وتلقى لاحق اً غرامة إد ا رية لانتهاك المادة 23-34 (1) من قانون الجرائم الإدارية.

8-7 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بأنه لم يطلب إذن اً مسبق اً للمشاركة في المظاهرة بسبب النظام الصارم لقانون المناسبات الجماهيرية الذي يفرض قيود اً غير معقولة على الحق الذي تكلفه المادة 21 من العهد. وتذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف، عندما تفرض قيود اً على الحق في التجمع السلمي، يتعين عليها الاسترشاد بهدف تيسير الحق وليس فرض قيود غير ضرورية أو غير متناسبة عليه ( ) . وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أنه بينما كانت القيود في قضية صاحب البلاغ مفروضة طبق اً للقانون، فإن الدولة الطرف لم تحاول تفسير السبب وراء ضرورة هذه القيود وما إذا كانت متناسبة مع أحد الأغراض المشروعة المبينة في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. كما لم تفسر الدولة الطرف، في الممارسة المتعلقة بهذه القضية، الكيفية التي يمكن بها لمشاركة صاحب البلاغ في مظاهرة سلمية لم يشارك فيها سوى عدد قليل من الأشخاص أن تكون قد انتهكت حقوق وحريات الآخرين أو شكلت تهديد اً لحماية السلامة العامة أو الأمن العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف يجب أن تبرر السبب الذي يجعل إلقاء القبض على صاحب البلاغ وفرض غرامة إدارية عليه أمرين ضروريين ومتناسبين مع ذلك الغرض. وبالتالي، وفي غياب أي تفسير ذي صلة من الدولة الطرف، ترى اللجنة أنه يجب إيلاء مزاعم صاحب البلاغ الأهمية الواجبة.

8 -8 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد ألقي القبض عليه وفُرضت عليه غرامة إدارية وفق اً للمادة 23-34(1) من قانون الجرائم الإدارية بسبب مشاركته في مظاهرة غير مصرح بها. كما تلاحظ أن محكمة سفيسلوتش المحلية خلصت إلى أن صاحب البلاغ انتهك المادتين 5 و11 من قانون المناسبات الجماهيرية ، الذي ينص على أن تحصل جميع التجمعات العامة والحشود الجماهيرية والمسيرات والمظاهرات والاعتصامات على إذن مسبق من السلطات، فيما يتعين تسجيل استخدام الأعلام أو الرايات المثلثة وفق اً للإجراء المتبع. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن إلقاء القبض على صاحب البلاغ وفرض غرامة عليه، وإن كان لهما أساس قانوني، يعتبران ضروريين ومتناسبين لتحقيق أحد الأغراض المشروعة بموجب الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وبالتالي تخلص اللجنة إلى أن الوقائع على النحو الذي قدمت به تكشف انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد.

9- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة ٥(٤) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ بموجب الماد تين 19(2) و21 من العهد . وتكرر اللجنة استنتاجها بأن الدولة الطرف قد خالفت أيض اً التزاماتها بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

10- ووفق اً لأحكام المادة 2(3)(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك تقديم الجبر الكامل ل لأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد . وبناء على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بأن تتخذ الإجراءات المناسبة من أجل: (أ) منح صاحب البلاغ تعويض اً كافيا ً ؛ (ب) اتخاذ خطوات لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل. في هذا الصدد، تكرر اللجنة القول ب أنه ينبغي على ا لدولة الطرف أن تراجع تشريعاتها وفق اً لالتزاماتها بموجب المادة ٢(٢)، وخاصة قانون المناسبات الجماهيرية والقرار رقم 717 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمقاطعة سفيسلوتش ، على النحو المطبق في هذه القضية، بهدف ضمان إمكانية التمتع الكامل بالحقوق التي تكفلها المادتان 19 و21 من العهد في الدولة الطرف .

11- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد، وتعهدت ، عملاً بالمادة ٢ من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعال اً وقابل اً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون ١٨٠ يوم اً معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيض اً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.

المرفق

رأي فردي لعضو اللجنة جنتيان زيبيري (رأي مخالف جزئياً)

1- إنني أتفق مع النتيجة التي توصلت إليها اللجنة بوقوع انتهاك للمادتين 19 و21. ولكن اختلافي في الرأي يتعلق بقرار اللجنة بعدم تناول ادعاء صاحب البلاغ بوقوع انتهاك للمادتين 19 و21، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2(2) من العهد (الفقرة 3-1).

موقف اللجنة بشأن الادعاء بموجب المادة 2(2)

2- أول اً، تشير اللجنة في الفقرة 7-4 إلى أن أحكام المادة 2 من العهد تنص على التزام عام يقع على عاتق الدول الأطراف ولا يمكن أن ينشأ عنها، عند الاستشهاد بها منفردة، ادعاء في بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . وتوضح اللجنة بعد ذلك أنها ترى ” أن أحكام المادة 2 لا يمكن الاستشهاد بها في سياق ادعاء في بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري بالاقتران مع أحكام أخرى من العهد، إلا عندما يكون عدم تقيد الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب المباشر لانتهاك واضح للعهد يؤثر مباشرة على الشخص المدعي أنه ضحية . وأخير اً، ونظر اً لأن الشاكي يزعم وقوع انتهاك لحقوقه بموجب المادتين 19 و21، فقد استبعدت اللجنة النظر فيما إذا كانت الدولة الطرف قد انتهكت أيض اً المادة 2(2)، باعتبار ذلك متعارض اً مع المادة 2 من العهد وغير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

موقفي بشأن الادعاء المقدم بموجب المادة 2(2)

3- أرى - خلاف اً للجنة - أنه يتعين النظر في أي انتهاك للمادة 2(2) عندما يُثار بالاقتران مع حقوق موضوعية، على أن يكون ذلك رهن اً بالاختبار والتوجيه القانونيين اللذين وضعتهما اللجنة في اجتهاداتها السابقة، من خلال سوابقها بالدرجة الأولى، بل وأيض اً من خلال تعليقاتها العامة وملاحظاتها الختامية. وقد اعتمد زملاء آخرون عملوا مع اللجنة هذا الرأي وشرحوه في قضايا وسياقات مختلفة ( ) .

4- وتنص المادة 2(2) على الالتزام الأساسي الذي يقع على عاتق الدولة الطرف والمتمثل في أن تتعهد كل دولة من الدول الأطراف في العهد بالقيام، وفق اً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام العهد، باتخاذ الخطوات اللازمة لاعتماد القوانين أو التدابير الأخرى التي قد تكون ضرورية لإعمال الحقوق المعترف بها في العهد، إن كان ذلك غير منصوص عليه بالفعل بموجب التدابير التشريعية أو التدابير الأخرى القائمة. ويتعين أن تضع الدولة الطرف إطار اً قانوني اً محلي اً وممارسات قانونية وإدارية ذات صلة بما يضمن احترام أحكام العهد. وفي غياب هذا الإطار القانوني المحلي وهذه الممارسات، تكون الدولة الطرف قد خالفت التزاماتها بموجب العهد، وتكون المشكلة التي تواجه الأفراد المتضررين الخاضعين لولاية تلك الدولة الطرف واللجنة باعتبارها هيئة الرصد مشكلة ذات طابع هيكلي.

حرية التعبير والحق في التجمع السلمي في بيلاروس

5- تلقت اللجنة على مدى السنوات أكثر من 30 قضية ضد بيلاروس بشأن انتهاكات للمادتين 19 و21، وقد خلصت إلى وقوع انتهاك في معظمها، إن لم يكن جميعها. ويشير ذلك إلى مشكلة هيكلية هامة تتعلق بعدم امتثال الدولة لالتزاماتها بموجب العهد. وكان يتعين أن يؤدي هذا الموقف الخطير إلى حث اللجنة على تناول انتهاك المادة 2(2)، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و21، مثلما طلب الشاكي.

6- وما يجعل هذا التقييم أكثر إلحاح اً في هذه القضية أن الاختبار القانوني الخاص باللجنة قد استُوفي. فوفق ا ً لهذا الاختبار الثلاثي، لا يمكن الاستشهاد بأحكام المادة 2 بالاقتران مع أحكام أخرى من العهد، إلا عندما يكون عدم تقيد الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب المباشر للانتهاك ، ويكون هناك انتهاك واضح ، ويكون الشخص قد تضرر بشكل مباشر ( ) . وفي القضية موضع النظر، يمكن أول اً اعتبار أن عدم تقيد الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب المباشر للانتهاك. فقد هيأ قانون المناسبات الجماهيرية والممارسات ذات الصلة من قبل سلطات بيلاروس ظروف انتهاك حقوق صاحب البلاغ. وثاني اً، هناك انتهاك واضح لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 19 و21 من العهد (الفقرتان 8-4 و8-8). وثالث اً وأخير اً، فقد تضرر صاحب البلاغ بشكل مباشر. ولم يكن انتهاك حقوقه بموجب المادتين 19 و21 نظري اً أو مجرد اً، بل مباشر اً وشخصيا ً .

7- وفي الجزء المتعلق بسبل الانتصاف، تكرر اللجنة بدقة أنه ينبغي على الدولة الطرف أن تراجع تشريعاتها وفق اً لالتزاماتها بموجب المادة ٢(٢)، وخاصة قانون المناسبات الجماهيرية والقرار رقم 717 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمقاطعة سفيسلوتش ، على النحو المطبق في هذه القضية، بهدف ضمان إمكانية التمتع الكامل بالحقوق التي تكفلها المادتان 19 و21 من العهد في الدولة الطرف (الفقرة 10). ومع ذلك، أرى أن هذا الاستنتاج العام في الجزء المتعلق بسبل الانتصاف كان يتعين أن يقترن بتقييم لما إذا كان قد وقع انتهاك للمادة 2(2) بالاقتران مع الحقوق الموضوعية في الجزء المتعلق بالأسس الموضوعية من آراء اللجنة.

ملاحظات ختامية

8- إن الاختبار الذي وضعته اللجنة يعد بوجه عام مناسب اً لرفض الادعاءات التي لا يوجد بشأنها مشاكل هيكلي ة واضحة، أو التي تتسم فيها الانتهاكات موضع الشكوى بأنها مجردة أو غير مباشرة، أو التي لا يكون سجل القضية فيها واضح اً بالقدر الكافي. ومع ذلك، يتعين على اللجنة أن تقيّم بعناية القضايا التي تتبع نمط اً محدد اً من الانتهاكات التي تشير إلى وجود مشاكل هيكلية في الإطار القانوني المحلي والممارسات ذات الصلة. ويتعين على اللجنة في المستقبل أن تنظر في تناول الادعاءات بوقوع انتهاكات للحقوق الموضوعية بالاقتران مع المادة 2(2)، خاصة عندما يطلب منها الشاكي ذلك تحديد اً وعندما تُظهر اجتهاداتها السابقة وجود مشاكل هيكلية في الإطار القانوني المحلي والممارسات ذات الصلة.