الأمم المتحدة

CCPR/C/129/D/2931/2017

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

14 December 2020

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2931 / 2017 * **

بلاغ مقدم من: ألبيرتو بيلاسكيث إيتشيبيري (يمثله المحامي بيكتور خابيير موسكيرا مارين)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كولومبيا

تاريخ تقديم البلاغ: 1 آب/أغسطس 2016

الوثيقة المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدول ة الطرف في 11 كانون الثاني/يناير 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 21 تموز/يوليه 2020

الموضوع: إدانة مدير سابق لقسم الشؤون الإدارية لرئاسة الجمهورية إدانةً ابتدائية ونهائية أمام أعلى هيئة قضائية

المسائل الإجرائية: إعادة النظر في القضية في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية؛ واستنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في المحاكمة وفق الأصول القانونية؛ والحق في المحاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة؛ والحق في قرينة البراءة؛ والحق في أن تعيد محكمة أعلى النظر في حكم الإدانة والعقوبة؛ والمساواة أمام القانون؛ وحق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه؛ والحق في عدم التعرض للتمييز

مواد العهد: 2 ؛ و 3 ؛ و 9 ( 1 )؛ و 14 ( 1 )، و( 2 )، و( 3 )(أ) و(ب) و(ج) و(ه)؛ و 5 ؛ و 7 ؛ و 26

مواد البروتوكول الاختياري: 2 ؛ و 3 ؛ و 5 ( 2 )(ب)

1 - 1 صاحب البلاغ هو ألبيرتو بيلاسكيث إتشيبيري ، وهو مواطن كولومبي، وُلد في عام 1949 . ويدَّعي أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف حقوقَه الواردة في المواد 2 ، و 3 ، و 9 ( 1 )، و 14 ( 1 ) و( 2 ) و( 3 )(أ) و(ب) و(ج) و(ه)، و 5 ، و 7 ، و 26 من العهد. ويمثّل صاحبَ البلاغ محام. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1969 .

1 - 2 وفي 1 آب/أغسطس 2016 ، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم توجيه طلب إلى الدولة الطرف باتخاذ تدابير مؤقتة لفائدة صاحب البلاغ، بموجب المادة 94 من نظامها الداخلي.

1 - 3 وفي 8 شباط/فبراير 2017 ، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة ( ) ، أن تطلب إلى الدولة الطرف إعمال التدبير المؤقت الذي طلبه صاحب البلاغ، والذي يتمثل في إبقائه رهن الإقامة الجبرية، وذلك بموجب المادة 94 من نظامها الداخلي ( ) .

الأسس الوقائعية

2 - 1 خلال الفترة الممتدة بين 7 آب/أغسطس 2002 و 19 تموز/يوليه 2004 ، كان صاحب البلاغ يشغل منصب مدير قسم الشؤون الإدارية لرئاسة جمهورية كولومبيا، إبَّان حكم رئيس الجمهورية آنذاك، آلبارو أوريبي .

2 - 2 وقد وافقت اللجنة الأولى لمجلس النواب في كونغرس الجمهورية، خلال اجتماعها في الفترة الممتدة بين 2 و 4 حزيران/ يونيه 2004 ، على مشروع القانون التشريعي 267 ( ) ، الذي أتاح إمكانية إعادة انتخاب رئيس الجمهورية آنذاك، آلبارو أوريبي . وفي 7 حزيران/يونيه 2004 ، قدم عضو الكونغرس، خيرمان ناباس تاليرو ، شكوى إلى محكمة العدل العليا ( ) ضد عضو الكونغرس، ييديس ميدينا بادِيَّا ( ) ، بتهمة الرشوة. وفي 23 شباط/فبراير 2005 ، أصدرت المحكمة قراراً بالامتناع عن النظر في هذه الشكوى وحفظت ملف التحقيق فيها ( ) .

2 - 3 وفي شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل 2008 ، نُشر في وسائط الإعلام مقالان صحفيان ( ) ، اعترفت فيهما السيدة مدينا بادِيَّا بأنها قبلت امتيازات بيروقراطية عرضها عليها صاحب البلاغ ومسؤولون كبار آخرون، مقابل تصويتها لصالح اعتماد القانون التشريعي 267 لعام 2004 . وعقب نشر هذين المقالين الصحفيين، قررت محكمة العدل العليا، في 10 نيسان/أبريل 2008 ، إلغاء قرار الامتناع عن النظر في الشكوى، المؤرخ 23 شباط/فبراير 2005 ، وباشرت إجراءات جنائية ضد السيدة ييديس ميدينا بادِيَّا، العضو السابق في الكونغرس، التي أدينت في نهاية المطاف في 26 حزيران/يونيه 2008 من خلال حكم مستعجل ( ) بتهمة تلقي الرشوة، بعدما اعترفت أنها قبلت وعداً بمكافأة من صاحب البلاغ ومسؤولين كبار آخرين، مقابل تصويتها لصالح مشروع القانون التشريعي 267 ، الذي أتاح إمكانية إعادة انتخاب رئيس الجمهورية ( ) .

2 - 4 وعلاوة على ذلك، واستناداً إلى المعلومات التي قدمتها السيدة مدينا بادِيَّا إلى وسائط الإعلام، باشر مكتب المدعي العام، في 14 أيار/مايو 2008 ، بحكم وظيفته، تحقيقاً في سلوك صاحب البلاغ، أفضى إلى صدور قرار إداري بتبرئته في 16 آذار/مارس 2009 ( ) .

2 - 5 وفي 8 أيار/مايو 2008 ، أحالت محكمة العدل العليا إلى مكتب المدعي العام وثائق ملف قضية السيدة مدينا بادِيَّا كي يباشر، إن رأى ذلك مناسباً، التحقيق الجنائي ضد صاحب البلاغ. وفي 13 حزيران/يونيه 2008 ، أعلن المدعي العام آنذاك أن ثمة ما يمنعه من النظر في القضية ( ) . وفي 23 حزيران/يونيه 2008 ، تولى نائب المدعي العام آنذاك مهمة إجراء التحقيق الجنائي ضد صاحب البلاغ ومسؤولين كبار آخرين ( ) ، وقرر، في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، إغلاق ملف التحقيق ( ) .

2 - 6 وفي 19 كانون الثاني/يناير 2011 ، أعلن نائب المدعي العام الجديد ( ) ، بدوره، أن ثمة ما يمنعه من النظر في القضية، وقبلت محكمة العدل العليا ذلك المانع ( ) ، في 6 نيسان/أبريل 2011 ، وأمرت المدعيةَ العامة بمواصلة الإجراءات ذات الصلة. وفي 23 آب/أغسطس 2011 ، أعلنت المدعية العامة بطلان جميع الإجراءات المنجزة بدءاً بإغلاق ملف التحقيق وما تلاه، بالنظر إلى عدم اختصاص نائب المدعي العام باعتماد هذا القرار ( ) .

2 - 7 وفي 7 شباط/فبراير 2012 ، فوضت المدعية العامة آنذاك، بموجب القانون التشريعي رقم 06 المؤرخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ( ) ، إلى المدعي العام السادس المفوض لدى محكمة العدل العليا مهام التحقيق في هذه القضية وإعداد لائحة الاتهام والمشاركة في إجراءات المحاكمة.

2 - 8 وفي 6 آذار/مارس 2012 ، أعاد المدعي العام السادس المفوض تقييم ملف التحقيق ووجه التهمة إلى صاحب البلاغ باعتباره المسؤول المزعوم عن جريمة الرشوة، بإعطائها أو عرضها، مع ظروف التشديد بالنظر إلى المنصب المتميز الذي كان يشغله ( ) وإلى تواطئه في ارتكاب فعل جنائي ( ) ، وظروف التخفيف بالنظر إلى خلو سجله من أي سوابق جنائية ( ) . وفي وقت لاحق، أُحيلت القضية إلى محكمة العدل العليا لمباشرة إجراءات المحاكمة.

2 - 9 وفي 8 آذار/مارس 2012 ، قدم صاحب البلاغ إلى المدعي العام السادس طلباً لإعادة النظر في التهمة الجنائية الموجهة إليه؛ وفي 12 آذار/مارس 2012 ، طلب صاحب البلاغ تمديد الأجل القانوني لتقديم الأدلة الداعمة لهذا الطلب. وفي 13 آذار/مارس 2012 ، رفض المدعي العام السادس المفوض طلب التمديد، وقدم صاحب البلاغ في التاريخ ذاته طلباً لإبطال "إجراء تقييم ملف التحقيق" لعدم اختصاص المدعي العام المفوض، وفقاً للقانون الساري آنذاك ( ) . وفي 2 أيار/مايو 2012 ، أكد المدعي العام السادس المفوض التهم الجنائية الواردة في لائحة الاتهام. وفي 28 آب/أغسطس 2012 ، أمرت محكمة العدل العليا بضم قضية صاحب البلاغ إلى قضيتي مسؤوليْن كبيريْن آخريْن ( ) . وفي 4 أيلول/سبتمبر 2012 ، طلب صاحب البلاغ إبطال القرار القاضي بضم القضايا. وفي 19 نيسان/أبريل 2013 ، قررت محكمة العدل العليا رفض طلب إعادة النظر في لائحة الاتهام وطلب إبطال قرار ضم القضايا ( ) ؛ وفيما يتعلق بطلب إبطال قرار تفويض القضية للمدعي العام السادس، كررت محكمة العدل العليا أن قرار الاتهام تناول مسألة التفويض، ووضح الأسباب التي اقتضت أن يباشر هذا الموظف تقييم ملف التحقيق ( ) .

2 - 10 وفي 5 تموز/يوليه 2013 ، قدَّم أحد المتهمين في القضية الجنائية ذاتها المتعلقة بصاحب البلاغ دعوى طلب الحماية الدستورية إلى دائرة النقض الجنائية بمحكمة العدل العليا وإلى مكتب المدعي العام، محتجاً بحقه في المحاكمة وفق الأصول القانونية وحقه في أن يضطلع القاضي الطبيعي بإجراء التحقيق وإعداد لائحة الاتهام وفقاً للقوانين السارية وقت حدوث الوقائع. وفي 21 أيار/مايو 2015 ، رفضت المحكمة الدستورية ( ) دعوى طلب الحماية الدستورية، بحجة أنه لم يثبت أن هذه المخالفة عُرضت للنظر فيها على الهيئة المعنية خلال الأجل المحدد لهذا الإجراء ( ) .

2 - 11 وفي 15 نيسان/أبريل 2015 ، اعتبرت دائرة النقض الجنائي بمحكمة العدل العليا، في حكم ابتدائي ونهائي، صاحب البلاغ مسؤولاً من الناحية الجنائية باعتباره "مشاركاً في جريمة الرشوة، بإعطائها أو عرضها"، وحكمت عليه بالحبس مدة 60 شهراً، وبغرامة مالية تعادل قيمتها الحد الأنى القانوني للأجر عن 83 , 5 شهراً، وبالحرمان من الحقوق والوظائف العامة مدة 84 شهراً.

2 - 12 ويدعي صاحب البلاغ أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية، لأن حكم الإدانة الابتدائي والنهائي نفسه الصادر في حقه عن الدائرة الجنائية بمحكمة العدل العليا ( ) يشير إلى أنه حكم غير قابل لأي طعن ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، يفيد صاحب البلاغ بأنه قدَّم، في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2015 ، دعوى طلب الحماية الدستورية إلى الدائرة المدنية بمحكمة العدل العليا، على أساس أن حكم الإدانة انتهك حقه في المحاكمة وفق الأصول القانونية ومبدأ "تفسير الشك لصالح المتهم" . وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 ، رفضت دائرة النقض المدنية بمحكمة العدل العليا دعوى طلب الحماية الدستورية.

2 - 13 وبالإضافة إلى ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أن المحكمة الدستورية حثت الكونغرس، من خلال القرار الصادر في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، على أن يسوي بشكل تام، في غضون سنة واحدة من تاريخ إخطاره بهذا القرار، الحق في الطعن في جميع أحكام الإدانة. وإن لم يفعل ذلك، فسيُفهم أنه يجوز الطعن في جميع أحكام الإدانة أمام هيئة أعلى من الناحية الهرمية أو الوظيفية من تلك التي أصدرت حكم الإدانة. وبعد انقضاء المهلة المحددة في 25 نيسان/أبريل 2016 ، لم يمتثل الكونغرس لأمر المحكمة الدستورية، وهو ما ترتب عليه الأثر القانوني المبين في القرار المذكور. وفي 28 نيسان/أبريل 2016 ، أكدت محكمة العدل العليا، في البيان الصحفي رقم 08 / 16 ، أن الأثر القانوني المنصوص عليه في قرار المحكمة الدستورية "غير قابل للتحقيق"، إذ لا يمكنها، باعتبارها المحكمة العليا والنهائية في نظام القضاء العادي، إنشاء هيئة أعلى من الناحية الهرمية لمراجعة الأحكام الصادرة عن دوائرها المتخصصة. وفي اليوم ذاته، أصدرت المحكمة الدستورية قراراً جديداً SU215/16، ينص على أن التمتع بالحق في الطعن في أحكام الإدانة الابتدائية والنهائية لا ينطبق إلا على القضايا التي صدرت بشأنها أحكام اعتباراً من 24 نيسان/أبريل 2016 ( ) .

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك حقوقه الواردة في المواد 2 ، و 3 ، و 9 ، و 14 ، و 26 من العهد.

3 - 2 ويؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب المادتين 2 و 3 ، لأن مركزه كمسؤول كبير لم يكفل تمتعه الفعلي بالحقوق المعترف بها في العهد، ولا سيما في المادة 14 ( 5 )، بل عرقله وأعاقه.

3 - 3 ففيما يتعلق بانتهاك المادة 9 ، يؤكد صاحب البلاغ أن حريته قُيدت بموجب حكم إدانة جنائية، لا يستوفي المقتضيات الدنيا المنصوص عليها في المادة 14 من العهد. ويفيد صاحب البلاغ بأن انتهاك هذا الحق يتمثل على وجه الخصوص في حرمانه من التمتع الفعلي بامتياز الإقامة الجبرية، رغم استيفائه الشروط القانونية المنصوص عليها لهذا الغرض في القانون المحلي ( ) .

3 - 4 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه واجه، في سياق الإجراءات الجنائية المتبعة ضده، حالة من عدم المساواة أمام القضاء نجمت عن تطبيق قانون صدر بعد ارتكاب الأفعال المعنية ( ) ، سمح بأن يُجري موظف مفوض وغير مختص التحقيق في قضيته ويُوجه إليه التهمة. ويشير صاحب البلاغ إلى عدم كفالة مبدأ تكافؤ وسائل الدفاع، إذ كان ينبغي الطعن في القرارات أمام المدعي العام نفسه الذي أصدرها. ويؤكد وقوع انتهاك للضمانة الواجبة المتمثلة في المحاكمة أمام محكمة مختصة، المنصوص عليها في المادة 14 ( 1 ) من العهد، بالنظر إلى أن المدعي العام، وفقاً للقانون المحلي، هو الهيئة الوحيدة المختصة بإجراء التحقيق في قضيته وملاحقته جنائياً. غير أن المدعي العام فوض اختصاصه لموظف تابع له. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه لم يُسمح بمحاكمته فردياً، مما قَيَّد حقه في محاكمة عادلة، وفي ذلك انتهاك للمادة 14 ( 1 ).

3 - 5 ويرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت ضمانة المحاكمة أمام محكمة مستقلة ومحايدة، بالنظر إلى أن القضاة الذين حاكموه أثَّروا، من جهة، في مسألة اختيار المدعي العام المكلف بالتحقيق معه خلال مرحلة التحقيق الجنائي ( ) ، ولأنهم، من جهة أخرى، تأثروا في حكمهم عليه بالتحيز الشخصي وبأفكار مسبقة عن هذه القضية. ويدعي صاحب البلاغ أن استقلالية القضاء نالت منها إشارة القضاة في قرار إدانته إلى الآثار السياسية لقراراتهم. ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى أن القاضي المقرر قدَّم المشورة إلى أحد القضاة الذين أدانوا السيدة مدينا بادِيَّا، وأن المفوض السادس للمدعي العام أصبح لاحقاً قاضياً مساعداً لأحد القضاة الذين حاكموه. ويدعي صاحب البلاغ أن القضاة الذين حاكموه سبق أن أبدوا رأيهم بشأن قضيته.

3 - 6 ويرى صاحب البلاغ أن حقه في قرينة البراءة الوارد في المادة 14 ( 2 ) قد انتُهك، إذ افتُرض أنه مذنب طوال الإجراءات القضائية بالنظر إلى أن إدانة السيدة مدينا بادِيَّا انطوت أيضاً على إدانته بشكل غير رسمي، والدليل على ذلك نقلُ معظم الأدلة من إجراءات قضائية أخرى.

3 - 7 ويدعي صاحب البلاغ أن الضمانات الواردة في المادة 14 ( 3 ) قد انتُهكت للأسباب التالية: (أ) حُرم صاحب البلاغ والمسؤولون الكبار الآخرون الذين اتهمتهم السيدة مدينا بادِيَّا من إمكانية الإدلاء بإفاداتهم أثناء محاكمتها ودحض ادعاءاتها ضدهم ( ) ، ولم يُسمح له أيضاً بالطعن في الأدلة المنقولة من إجراءات قضائية أخرى ( ) ؛ و(ب) لم يُمنح دفاعُه الوقت اللازم لدراسة ملف القضية؛ و(ج) اضطر لتحمل إجراءات التحقيق الجنائي والمحاكمة التي طالت مدتها سبع سنوات تقريباً، إذ لا يوجد أي مبرر للفترة الزمنية الفاصلة بين توجيه التهمة إليه رسمياً وبداية المحاكمة.

3 - 8 وأخيراً، يفيد صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت حقه في عرض قرار إدانته على محكمة أعلى درجة على النحو المنصوص عليه في المادة 14 ( 5 ) من العهد، لأن القانون الكولومبي يُسند إلى محكمة العدل العليا مهمة النظر في القضية وإصدار حكم ابتدائي ونهائي بشأنها، لا يوجد أي سبيل انتصاف للطعن فيه ( ) .

3 - 9 وفيما يتعلق بالمادة 26 من العهد، يشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف مارست التمييز ضده طوال إجراءات المحاكمة، ويتجلى هذا الانتهاك بوضوح في تقييد حقه في استئناف الحكم أمام محكمة أعلى درجة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4 - 1 تشير الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 20 شباط/فبراير 2017 ، إلى أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، لأن المسألة عُرضت بالفعل على إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

4 - 2 وتفيد الدولة الطرف بأن مجلس حقوق الإنسان أرسل إليها، من خلال الرسالة G/SO215/1COL222 المؤرخة 22 أيلول/سبتمبر 2015 والرسالة G/SO215/1COL222 المؤرخة 22 أيار/مايو 2016 ، كلا البلاغين اللذيْن قدمهما حزب المركز الديمقراطي ضد كولومبيا، بدعوى اضطهادها هذا الحزب وأعضاءه، وضَمَّنهما ادعاءات تتعلق صراحة بصاحب هذا البلاغ. ومن خلال المذكرة الشفوية G/SO215COL222 المؤرخة 22 آب/أغسطس 2016 ، أعلن مجلس حقوق الإنسان قبول ادعاءات الدولة الطرف بشأن القضية التي قدمها حزب المركز الديمقراطي وأعضاؤه، ورأى أن دوافعها سياسية على ما يبدو.

4 - 3 وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وفي 15 نيسان/أبريل 2015 ، خلص القضاة التسعة في دائرة النقض الجنائية بمحكمة العدل العليا إلى أن صاحب البلاغ مسؤول جنائياً باعتباره شريكاً في جريمة إعطاء أو عرض الرشوة. ورغم صدور حكم ابتدائي ونهائي في حق صاحب البلاغ، باعتباره موظفاً يتمتع بالحصانة الدستورية، فلم يستنفد جميع سبل الانتصاف، بالنظر إلى أنه، وإن كان لا يجوز في حالته الطعن في الحكم أمام محكمة أعلى درجة، كان بإمكانه فعلاً من الناحية القانونية تقديم دعوى طلب مراجعة الحكم وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية ( ) .

4 - 4 وتحاج الدولة الطرف أيضاً بأن المحكمة الدستورية نفسها شددت على أنه "تشكل دعوى طلب المراجعة، في التقليد القانوني الجنائي، أداة لحماية الحقوق الأساسية للمدان، بالنظر إلى طبيعة الحقوق المعرضة للخطر في هذا الصدد، ولا سيما الحق في الحرية الشخصية" ( ) .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5 - 1 يفيد صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 11 كانون الأول/ديسمبر 2017 ، بأن بلاغه يستوفي معايير المقبولية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري، ويكرر الادعاءات التي قدمها في رسالته الأولى.

5 - 2 وفيما يتعلق بالحجج التي ساقتها الدولة الطرف بشأن عدم المقبولية، يشير صاحب البلاغ إلى أن مجلس حقوق الإنسان لا ينظر في قضايا المنازعات وأن إجراءاته ليست ملزمة، ولا يمكن بالتالي اعتباره سبيل انتصاف دولياً مستنفداً. ولا يُعتبر مجلس حقوق الإنسان ولا الإجراءات الخاصة هيئات دولية شبه قضائية، ولا يجوز بالتالي ادعاء عدم مقبولية البلاغ لأن المسألة المعنية سبق عرضها على هذه الهيئات ( ) .

5 - 3 ويكرر صاحب البلاغ ادعاءاته التي مفادها أن الدعوى الجنائية المقدمة ضده شكلت انتهاكاً للمادة 14 ( 5 ) من العهد. ولا تتيح سبلُ الانتصاف التي ذكرتها الدولة الطرف إمكانية إجراء مراجعة موضوعية لحكم الإدانة والعقوبة. ويشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف تستند إلى قاعدة إجرائية جنائية ( ) لم يُحاكَم بموجبها ( ) . وطلبُ مراجعة الأحكام القضائية سبيل انتصاف استثنائي، إذ لا يتيح إمكانية الاعتراض على القرارات أثناء المحاكمة، وإنما عندما تنتهي المحاكمة وتظهر أدلة جديدة أو يحدث تغير في الاجتهادات القضائية أو يطرأ مستجد يبرر إعادة فتح المداولات، ولكنه لا يتيح إمكانية الطعن فيما صدر بشأنه حكم نهائي. وعلاوةً على ذلك، تبت فيه المحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم الابتدائي والنهائي، ولا يمكن بالتالي اعتباره سبيل انتصاف ملائماً.

5 - 4 ويشدد صاحب البلاغ على أن محكمة العدل العليا تؤكد في الحكم نفسه أنه حكم "غير قابل لأي طعن". وبالتالي، لا يوجد أي سبيل انتصاف ملائم وفعال يتيح إمكانية طلب مراجعة حكم الإدانة والعقوبة الصادر عن محكمة العدل العليا في إطار محاكمة ابتدائية ونهائية. ويفيد صاحب البلاغ بأن سبيل الانتصاف الذي أشارت إليه الدولة الطرف ليس ملائماً ولا فعالاً. ويكرر صاحب البلاغ أن القواعد التي تنظم إجراءات محاكمة محكمة العدل العليا كبارَ المسؤولين المتمتعين بالحصانة محاكمةً جنائيةً ابتدائيةً ونهائيةً، من دون إمكانية عرض حكم الإدانة والعقوبة على محكمة أعلى درجة لمراجعته، تنتهك أحكام المادة 26 من العهد، إذ تحرم بعض المسؤولين الحكوميين من التمتع بالحق المنصوص عليه في هذه المادة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6 - 1 تكرر الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 11 تموز/يوليه 2017 ، أن البلاغ لا يستوفي معايير المقبولية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري. وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى عدم دعم صاحب البلاغ ادعاءاته بالأدلة.

6 - 2 وتكرر الدولة الطرف أن الإجراءات الجنائية المباشَرة أمام محكمة العدل العليا ضد صاحب البلاغ لا تشكل انتهاكاً للمادة 14 ( 5 ) من العهد. فقد صدر قرار إدانة صاحب البلاغ عن أعلى محكمة، ويجوز له قانوناً الطعن فيه من خلال دعوى طلب المراجعة أمام المحكمة ذاتها، التي هي أعلى هيئة في هرم الدولة القضائي ( ) . وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن السوابق القضائية الدستورية ( ) التي كانت سارية وقت المحاكمة أضفت الطابع الشرعي على محاكمة كبار المسؤولين المعنيين أمام محكمة العدل العليا باعتبار ذلك "الضمانة القصوى للمحاكمة وفق الأصول القانونية"، وبررت تقييد الحق في اللجوء إلى محكمة أعلى درجة بمحاكمتهم في المقابل أمام أعلى محكمة جنائية تصدر أحكاماً نهائية ذات طابع جماعي. وعلاوةً على ذلك، أوضحت المحكمة الدستورية، على سبيل الحماية، أن قواعد مجموعة القوانين الدستورية المتعلقة بإمكانية الطعن في أي حكم لا تنطبق بالمعنى الدقيق عندما يصدر عن دائرة النقض الجنائية بمحكمة العدل العليا ( ) . وعلى غرار ذلك، رأت المحكمة الدستورية أن تطبيق القواعد العامة المنصوص عليها في مجموعة القوانين الدستورية خلال محاكمات كبار المسؤولين ينبغي أن يأخذ في الاعتبار مركزهم داخل الهيكل المؤسسي، وخصوصية صلاحياتهم ومكانتهم في التسلسل الهرمي؛ و"ينبغي أن تكون القواعد الدولية، في حالة انطباقها، عامةً، بحيث تحترم طريقة المحاكمة الخاصة المعتمدة تبعاً لشكل الدولة الطرف المعنية، أو نموذجها الديمقراطي أو نظامها الجمهوري المحدد" ( ) .

6 - 3 وبخصوص الادعاءات المتعلقة بعدم النزاهة، تشير الدولة الطرف إلى أن عدم قبول صاحب البلاغ تقييم الأدلة أو اعتراضه على أدلة الإثبات لا يصح كحجة، وأنه كان على محاميه أن يثيروا خلال المرحلة المناسبة من الإجراءات ( ) العيوب التي قد تكون شابت التحقيق أو المحاكمة، وكذلك دواعي منع أو تنحي الموظفين القضائيين المعنيين.

6 - 4 ولا تشكل المحاكمة الجنائية ولا الإدانة والعقوبة المفروضة أيضاً انتهاكاً للحق في المساواة أمام المحاكم والقانون، الذي تنص عليه المادتان 14 ( 1 ) و 26 من العهد. وأخيراً، تفيد الدولة الطرف بأن الحقوق المعترف بها في المواد 1 ، و 2 ، و 3 ، و 9 من العهد رُوعيت واحتُرمت طوال الإجراءات الجنائية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7 - 1 يكرر صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 11 كانون الأول/ديسمبر 2017 ، ادعاءاته السابقة ويشير إلى أن المدعي العام الذي أجرى التحقيق معه غير مختص، إذ طُبق على قضيته قانون صدر بعد حدوث الوقائع.

7 - 2 ويشير صاحب البلاغ إلى أن ملف القضية أُحيل إلى المحكمة الدستورية في 19 كانون الثاني/ يناير 2016 ، بعد رفض دعوى طلب الحماية. وفي 13 أيلول/سبتمبر 2016 ، قررت المحكمة الدستورية، من خلال الحكم SU 489/16، تأييد الحكم الصادر بشأن دعوى طلب الحماية عن دائرة النقض المدنية بمحكمة العدل العليا. وفي 14 تشرين الأول/أكتوبر 2016 ، أُبلغ صاحب البلاغ رسمياً بالحكم. وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 ، قدم إلى المحكمة الدستورية طلباً لإبطال الحكم، رفضته في 31 كانون الثاني/ يناير 2017 .

7 - 3 ويضيف صاحب البلاغ أنه جرى، فيما يتعلق بالعقوبة التأديبية، انتهاك مبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين، الذي يرد في المادة 14 ( 7 ).

7 - 4 ويكرر صاحب البلاغ أنه، بصفته مسؤولاً كبيراً سابقاً، حُرم من تدبير الإقامة الجبرية رغم استيفائه جميع الشروط اللازمة لذلك.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان هذا البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8 - 2 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي مفادها أن مجلس حقوق الإنسان أعلن قبول ادعاءاتها بشأن القضية التي قدمها حزب المركز الديمقراطي وأعضاؤه، ورأى أن دوافعها سياسية على ما يبدو. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحب البلاغ أن مجلس حقوق الإنسان لا ينظر في قضايا المنازعات وأن إجراءاته ليست ملزمة، ولا يمكن بالتالي اعتباره سبيل انتصاف دولياً مستنفداً. وتلاحظ اللجنة أن مجلس حقوق الإنسان ليس هيئة للفصل في القضايا ولا لتسوية المنازعات بالمعنى المقصود في المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، وأن الإجراء المعروض على المجلس قد انتهى على أية حال ( ) . وبالتالي، تخلص اللجنة إلى أنه لا يوجد أي مانع يَحول دون إعلان قبول البلاغ بموجب المادة 5 ( 2 )(أ).

8 - 3 وتحيط اللجنة علماً بإشارة الدولة الطرف أيضاً إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، إذ كان بإمكانه تقديم دعوى طلب المراجعة كسبيل انتصاف للطعن في حكم الإدانة الصادر عن محكمة العدل العليا في 15 نيسان/أبريل 2015 . وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحب البلاغ التي مفادها أن سبل الانتصاف هذه ليست ملائمة ولا فعالة وأن محكمة العدل العليا تؤكد في الحكم نفسه أنه حكم ”غير قابل لأي طعن“؛ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم توضح كيف يمكن أن تكون سبل الانتصاف المذكورة في ملاحظاتها فعالة في قضية صاحب البلاغ، أي أن من شأنها أن تتيح إمكانية مراجعة حكم الإدانة والعقوبة ( ) . وعليه، ترى اللجنة أن الشروط المنصوص عليها في المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

8 - 4 وتحيط اللجنة علماً باحتجاج صاحب البلاغ بوقوع انتهاك للمواد 2 و 3 و 26 من العهد، من دون تقديم أي تعليل أو حجة ملائمة بشأن معاملته بطريقة مختلفة عن أشخاص آخرين في حالات مماثلة، وتعلن بالتالي عدم قبول هذه الادعاءات لعدم دعمها بأدلة، وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8 - 5 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالمادة 9 من العهد، ومفادها أنه جرى تقييد حريته، حيث أُجبر على تحمل عقوبة تعسفية بسبب عدم تصنيف الجريمة وتحديد العقوبة على النحو الواجب، وحرمانه من التمتع الفعلي بامتياز الإقامة الجبرية بصفته مسؤولاً كبيراً سابقاً. بيد أن اللجنة تلاحظ أن هذه الادعاءات عامة وغير معللة على النحو الكافي. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي من الأدلة هذه الشكوى لأغراض المقبولية، وتعلن عدم قبولها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8 - 6 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في المساواة أمام المحاكم والقانون وحقه في محاكمة عادلة، المنصوص عليهما في المادة 14 ( 1 ) من العهد، بالنظر إلى عدم تكافؤ وسائل الدفاع؛ وأن المدعي العام الذي وجه إليه التهمة غير مختص، بالنظر إلى تطبيق قانون صدر بعد حدوث الوقائع، وهو ما يشكل انتهاكاً لحقه في القاضي الطبيعي؛ وأن القضاة الذين حاكموه كان لديهم رأي مسبق بشأن قضيته، وأن المدعي العام الذي وجه إليه التهمة صار في نهاية المطاف القاضي الذي حاكمه. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجج الدولة الطرف التي مفادها أن الإجراءات المباشَرة ضد صاحب البلاغ تتوافق مع الإجراءات الجنائية المتبعة في حالة المواطنين الذين يتمتعون بالحصانة البرلمانية بحكم المهام التي يؤدونها بصفتهم مسؤولين كباراً؛ وأنه لا يوجد أي أساس للتشكيك في سلطة محكمة العدل العليا أو نزاهتها؛ وأن لائحة الاتهام أعدها المدعي العام المختص. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يوضح كيف جرى انتهاك حقه في المساواة أمام المحاكم، ولا كيف أدى تعيين المدعي العام المكلف بالتحقيق في قضيته وإعداد لائحة الاتهام إلى انتهاك حقه في المحاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة، ولا سيما بالنظر إلى أنه أُتيحت له إمكانية الطعن في هذه الوقائع أمام المحاكم. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم هذه الادعاءات بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية، وتعلن عدم قبولها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8 - 7 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أنه انتُهك حقه في قرينة البراءة وحقه في الطعن في الأدلة؛ ولم يُمنح ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه؛ وأن السلطات منعته من الاطلاع على الأدلة؛ وأن محكمة العدل العليا لم تقبل الأدلة الأساسية التي قدمها للدفاع عن نفسه؛ وأنه لم يحاكم خلال أجل معقول. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بملاحظات الدولة الطرف التي مفادها أن صاحب البلاغ مُنح كل التسهيلات اللازمة لإعداد دفاعه وتقديم أدلة خلال الإجراءات الجنائية؛ وأن الهيئات القضائية قيمت كل الأدلة على النحو الواجب؛ وأنه أُتيحت لصاحب البلاغ فرصة الطعن في هذه الأدلة خلال الإجراءات. وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بشأن فحص محكمة العدل العليا للأدلة، تُذكر اللجنة باجتهاداتها التي تقع على هيئات الدول الأطراف، وفقاً لها، مسؤولية تقييم الوقائع والأدلة في كل حالة بعينها، أو تطبيق القانون المحلي، ما لم يثبت أن هذين الإجراءين اتَّسمَا بتعسف واضح أو كانا بمثابة خطأ بيِّن أو إنكار للعدالة ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يحدد ما رُفض من الأدلة الأساسية التي قدمها للدفاع عن نفسه، ولا الأدلةَ التي لم تُتح له إمكانية الاطلاع عليها. ولا تتضح هذه المعلومات أيضاً من حكم محكمة العدل العليا، المتاح للجنة. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي من الأدلة شكواه المتعلقة بانتهاك حقوقه المكفولة بموجب الفقرتين 2 ، و 3 (أ) و(ب) و(ج) و(ه) من المادة 14 من العهد، وتعلن عدم قبول هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8 - 8 وتحيط اللجنة علماً بادّعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالمادة 14 ( 7 ) من العهد، التي مفادها أنه حوكم مرتين على الأفعال نفسها. غير أن اللجنة تلاحظ أن المعلومات المقدمة إليها لا تسمح باستنتاج أن تبرئة مكتب المدعي العام صاحب البلاغ، في إطار إجراءات إدارية تأديبية، تعد بمثابة قرار ذي طابع جنائي، وتذكِّر بأن الضمانات التي تكفلها هذه المادة من العهد تتعلق بالجرائم الجنائية فقط، وليس بالتدابير التأديبية التي لا تُعتبر عقوبة على جريمة، بالمعنى المقصود في المادة 14 من العهد ( ) . وعليه، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات لم تُدعم أيضاً بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية، وتعلن عدم قبولها بموجب المادة 2 من العهد.

8 - 9 غير أن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ دعم بما يكفي من الأدلة ادعاءاته المتعلقة بالمادة 14 ( 5 ) من العهد، التي مفادها أنه حوكم ابتدائياً ونهائياً من دون إمكانية مراجعة حكم الإدانة والعقوبة. وبالتالي، تعلن اللجنة قبول شكوى صاحب البلاغ المقدمة بموجب المادة 14 ( 5 ) من العقد، وتنتقل إلى النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

9 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن الإجراءات الجنائية المباشَرة ضده شكلت انتهاكاً لأحكام المادة 14 ( 5 ) من العهد، بالنظر إلى أنه لم تكن ثمة آلية فعالة لاستئناف الحكم وطلب مراجعة محكمة أعلى درجة حكمَ الإدانة والعقوبة الصادر عن الدائرة الجنائية بمحكمة العدل العليا في 15 نيسان/أبريل 2015 .

9 - 3 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجج الدولة الطرف بأن السوابق القضائية الدستورية التي كانت سارية وقت المحاكمة سمحت بمحاكمة هؤلاء المسؤولين الكبار من قبل محكمة العدل العليا باعتبار ذلك "الضمانة القصوى للمحاكمة وفق الأصول القانونية"، وبررت تقييد الحق في اللجوء إلى محكمة أعلى درجة بمحاكمتهم أمام أعلى محكمة تصدر أحكاماً ذات طابع جماعي، بما لذلك من مزايا مثل اختصار الإجراءات وتفادي الأخطاء التي قد يرتكبها القضاة أو المحاكم الأدنى درجة؛ وبأن محاكمة هؤلاء الأشخاص، بصفتهم مسؤولين كباراً متمتعين بالحصانة، أمام أعلى هيئة مختصة في القضايا الجنائية شكلت في حد ذاتها ضمانة شاملة للحق في المحاكمة وفق الأصول القانونية.

9 - 4 وتذكِّر اللجنة بأن المادة 14 ( 5 ) من العهد تنصّ على أن لكل شخص مدان حق اللجوء، وفقاً للقانون، إلى محكمة أعلى لتعيد النظر في قرار إدانته وعقوبته. وتُذكر اللجنة بأن عبارة "وفقاً للقانون" لا يُقصد بها أن وجود الحق في المراجعة في حد ذاته مسألة متروكة للسلطة التقديرية للدول الأطراف. وحتى لو كانت تشريعات دولة طرف تنص، في حالات معينة، على محاكمة شخص ما، بحكم منصبه، أمام محكمة أعلى درجة من تلك التي تنظر عادة في القضايا المماثلة، فلا يجوز أن يمس ذلك في حد ذاته بحق المتهم في أن تراجع محكمة أعلى قرار إدانته وعقوبته ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أنه لم يُتَح لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعال لطلب مراجعة حكم الإدانة والعقوبة الصادر في حقه من قبل هيئة أعلى ( ) . وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 14 ( 5 ) من العهد ( ) .

10 - وترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تُبين وقوع انتهاك للمادة 14 ( 5 ) من العهد.

11 - ووفقاً لأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك تقديمَ تعويض كامل للأشخاص الذين انتُهِكت حقوقهم. والدولة الطرف ملزمة بتقديم تعويض ملائم لصاحب البلاغ وباعتماد جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن السلطة التشريعية عدَّلت الدستور في 18 كانون الثاني/يناير 2018 ، بموجب القانون التشريعي رقم 01 لعام 2018 ، لكفالة الحق في التقاضي جنائياً على درجتين لكبار المسؤولين ( ) ، وهذا تدبير تعتبره اللجنة ضمانة لعدم التكرار ( ) .

12 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ قانونياً في حالة ثبوت وقوع انتهاك ما، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ هذه الآراء. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع.