الأمم المتحدة

CCPR/C/122/D/2201/2012

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

30 April 2018

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 (4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2201/2012 * **

بلاغ مقدم من : أليكسندر تايفنتشوك وآخرين (يمثلهم المحامي رامان كيسلياك)

الأشخاص المدَّعى أنهم ضحايا : أليكسندر تايفنتشوك و28 شخصاً آخرين

الدولة الطرف : بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ : 23 شباط/فبراير 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتَّخذ عملاً بالمادة 97 من نظام اللجنة الداخلي، الذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2012 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 26 آذار/مارس 2018

موضوع البلاغ : عدم إجراء محاكمة عادلة

المسائل الإجرائية : إثبات صحة الدعاوى بأدلة، استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : اختصاص المحكمة واستقلالها وحيادها، إجراء محاكمة عادلة، الوقائع والأدلة، حق الطعن

مادة العهد : الفقر تان 1 و2 والفقرتان الفرعيتان (ب) و(ه) من الفقرة 3 والفقرتان 5 و6 من المادة 14

مواد البروتوكول الاختياري : المادتان 1 و2 والفقرة 2 من المادة 5

1- أصحاب البلاغ هم أليكسندر تايفنتشوك، يوليا تارتسان، ألكسندر أسخَبتشيك، فاليري كوندراتينكو، أليغا أوليغ بوبوزني، فيكتور غولديوك، فييتشيسلاف بافلوف، فيكتور شيشوك، فَيْتالي رايباكوف، فاليري غروزينسكي، فلاديمير سيريغل، سيرجي بليزنياك، إيغور باسيوك، أليكسيّ بانيكوف، أناتولي غالوبكين، فلاديمير بوياك، دميتري تيمتشينكا، ستانيسلاف كوتشيْتس، يوري نيكولايف، يوري أكرايميوك، فيكتور أندريتشيكوف، أليكسندر مارياكوف، فيكتور ديميديوك، يوري أَفيارتشوك، أناتولي أسيبوك، نيكولاي لييشكيفيتش، فلاديمير سيليفونيتس، ألكسندر أزخوف، أليكسيّ تشوميتشيف ( ) ، وهم مواطنون بيلاروسيون. ويدّعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب الفقرتين (1) و(2) والفقرتين الفرعيتين (ب) و(ه) من الفقرة 3 والفقرتين 5 و6 من المادة 14 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف في 30 أيلول/سبتمبر 1992. ويمثل أصحابَ البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 في عام 2002، أجرى موظفو نقطة زبادني باغ للتفتيش الجمركي الواقعة بالقرب من مدينة بريست ببيلاروس عملية تدقيق مقارَن لقواعد البيانات الإلكترونية (المتعلقة بدخول الشاحنات وخروجها) بالتعاون مع دائرة الجمارك البولندية. فثبت أن 82 شاحنة كانت قد سُجلت في مركز فيستافتا الجمركي بنقطة زبادني باغ للتفتيش الجمركي لم تدخل قط إلى بولندا من بيلاروس، خلافاً لخطوط سيرها المبيّنة في السجلات الجمركية. وفي مطلع عام 2003، فُتح تحقيق جنائي في الواقعة مع موظفي وميكانيكيّي المركز الجمركي الذي سُجلت فيه تلك الشاحنات. وكان أصحاب البلاغ من بين المتهمين. وفي نيسان/أبريل 2004، أُحيلت القضية الجنائية المقامة على أصحاب البلاغ إلى محكمة مقاطعة بريست على خلفية ادعاء تورّطهم في المساعدة على إدخال بضائع مستوردة إلى إقليم بيلاروس من دون سداد الرسوم الجمركية، إذ اتُّهموا بانتهاك أحكام المادة 16 (6) (المساعدة والتحريض) والمادة 231(2) (المساعدة على التهرّب من سداد الرسوم الجمركية) والمادة 424(3) (إساءة استخدام السلطة) من القانون الجنائي البيلاروسي.

2-2 وفي 14 نيسان/أبريل 2004، قُسّمت هذه القضية الجنائية، بإيعاز من رئيس المحكمة العليا، إلى قضيتين ( القضية رقم 02018000177 والقضية رقم 04018000020) أُحيلتا إلى محكمة مينسك العسكرية. ويشير أصحاب البلاغ إلى أنهم فشلوا في الاعتراض على هذا القرار على أساس أن ليس بينهم أي أفراد عسكريين. وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر 2004 و5 آب/أغسطس 2005، على التوالي، أدانتهم المحكمة العسكرية بموجب المواد 16(6) و231(2) و424(3) من القانون الجنائي، وحكمت عليهم بالسجن لمدد متباينة، وأمرت بمصادرة ممتلكاتهم. ويدفع أصحاب البلاغ بأن المحكمة العسكرية قد رفضت مراراً أثناء جلسات الاستماع طلب محاميهم تقديم شهود الدفاع من دون أن تُبدي أي أسباب. فقدم أصحاب البلاغ طعناً بالنقض في قراري محكمة مينسك العسكرية أمام الدائرة العسكرية بالمحكمة العليا، التي أيّدت القرارين في 4 آذار/مارس و21 تشرين الأول/أكتوبر 2005، على التوالي.

2-3 ويدفع أصحاب البلاغ بأنهم قدموا شكاوى عديدة خلال عامي 2005 و2006 بشأن عدم فعالية التحقيقات وعدم عدالة المحاكمة إلى رئيس بيلاروس، ومكتب المدعي العام، والمحكمة العليا، ووزارة العدل وغيرها من الأجهزة الحكو مية، أسفرت عن قيام مكتب المدعي العام بإنشاء فريق تحقيقات جديد للتحقيق في ملابسات القضية. وفي عام 2007، خلص التحقيق إلى جهل أصحاب البلاغ حقيقة النشاط الإجرامي الذي كان جارياً في نقطة التفتيش الجمركي، وعدم إدراكهم أن مدبّري الجريمة قد استغلوهم. وفي 4 أيلول/سبتمبر 2008، استأذن المدعي العام المحكمة العليا في تحريك دعوى جنائية جديدة بنفس الموضوع في ضوء الملابسات المكشوف عنها حديثاً وطلب إليها إلغاء قراري محكمة مينسك العسكرية. فرفضت المحكمة العليا طلبه في 26 أيلول/سبتمبر 2008 من دون تسبيب قرار الرفض.

2-4 ثم طعن أصحاب البلاغ عدة مرات في قرار المحكمة العليا أمام مكتب المدعي العام بموجب إجراء المراجعة القضائية الرقابية، ورفعوا شكوى إلى رئيس بيلاروس ومجلس الأمن البيلاروسي. غير أن أيا ً من هذه السلطات لم يبحث موضوع طعونهم.

2-5 وفي 27 شباط/فبراير 2006، أقام المدعي العسكري على أصحاب البلاغ دعوى تعويض مدنية عن الأضرار المادية الجسيمة الناجمة عن خرق اللوائح الجمركية. وفي 27 آذار/ مارس و25 نيسان/أبريل 2006، أمرت محكمة منطقة موسكو بمقاطعة بريست أصحاب البلاغ بدفع مبالغ تعويضات مختلفة (تتراوح بين 80 مليون وبليوني روبل بيلاروسي) ( ) . ويدفع أصحاب البلاغ أيضاً بأن محكمة منطقة موسكو لم تُسنِد قرارها إلا إلى قرارات المحكمة الجنائية الصادرة في القضيتين المقامتين عليهما ولم تبحث أيا ً من حججهم أو اعتراضاتهم. ويحتج أصحاب البلاغ بأنهم حاولوا الطعن في القرار الصادر بحقهم أمام محكمة إقليم بريست (في 5 أيار/مايو 2006) والمحكمة العليا (في 28 تموز/يوليه 2006)، لكن طعنيْهم رُفضا في 6 أيار/ مايو و25 آب/أغسطس 2006، على التوالي، لعدم سدادهم الرسوم القضائية. ووفقاً لإفادة أصحاب البلاغ، فإنه يلزمهم لسداد هذه الرسوم العمل مدة عشر سنوات من دون دفع إيجارات منازلهم ولا الإنفاق لشراء الغذاء. وقد رفضت المحكمة العليا ومحكمة إقليم بريست طلبهم تنازل المحكمتين عن تحصيل هذه الرسوم الباهظة.

الشكوى

3-1 يدعي أصحاب البلاغ أنه على الرغم من أنه ليس بينهم أي أفراد عسكريين، فقد نظرت محكمة مينسك العسكرية في القضيتين الجنائيتين المقامتين عليهم. كما يدّعون أن المحكمة العسكرية قد تحيّزت ضدهم وأن تقييم الوقائع والأدلة وتفسير التشريعات الداخلية في قضيتيهم كانا تعسفيين. ويدّعون أن الواقعتين الموجزتين أعلاه تكشفان عن انتهاك لحقوقهم المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

3-2 ويدعي أصحاب البلاغ وقوع انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 14من العهد، فيما يتعلق بدعوى التعويض المدنية بسبب تحيّز محكمة منطقة موسكو ضدهم، ذلك أن رئيس هيئة المحكمة كان قد عُيّن فيها حديثاً من محكمة مقاطعة أخرى، وأن المحكمة لم تُسنِد قرارها إلا إلى قرارات المحكمة الجنائية الصادرة في القضيتين ولم تبحث أيا ً من حججهم أو اعتراضاتهم. ويدّعون أن رفض محكمة إقليم بريست والمحكمة العليا طلبهم تنازل المحكمتين عن تحصيل الرسوم القضائية الباهظة المستحقة على الطعون التي قدموها بطريق النقض يبلغ حد انتهاك أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

3-3 ويدعي أصحاب البلاغ أيضاً أن حق الدفاع المكفول لهم بموجب الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد قد انتُهك، ذلك أنهم لم يُمنحوا وقتاً كافياً لإعداد دفاعهم. ويوضحون أنه حينما أُحيلت القضيتان الجنائيتان من بريست إلى مينسك، اضطروا إلى قطع مسافة 350 كيلومتراً من منازلهم وتعيين محامين جدد ليمثلوهم، ومن ثم كان لا بُد لمحاميهم من إعداد دفاع موكّليهم في مدة زمنية وجيزة جداً، الأمر الذي أثر على جودة دفاعهم ( ) .

3-4 ويدعي أصحاب البلاغ كذلك أن أحكام الفقرة 1 والفقرة الفرعية (ه) من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد قد انتُهكت لأن محكمة مينسك العسكرية رفضت طلب ثلاثة منهم استدعاء أربعة شهود كان يمكنهم تأكيد حجج الدفاع.

3-5 ويدعي أصحاب البلاغ وقوع انتهاك لأحكام الفقرة 2 من المادة 14 من العهد من دون توفير مزيد من التوضيح.

3-6 ويدعي أصحاب البلاغ أنه وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية، لا يجوز لمحاكم النقض أن تراجع من قرارات المحاكم الابتدائية سوى المسائل القانونية. فأثناء نظر الدائرة العسكرية بالمحكمة العليا في الطعون التي قدموها بطريق النقض، لم تُجرِ الدائرة العسكرية مراجعة كاملة لقضيتيهم ( ) واكتفت بمراجعة الكيفية التي طبّقت بها المحاكم الأدنى درجةً القانون، وهو ما يشكل انتهاكاً لحقوقهم المكفولة بموجب الفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

3-7 كما يدعي أصحاب البلاغ أنهم ضحايا انتهاك أحكام الفقرة 6 من المادة 14 من العهد. فعلى الرغم من جمع أدلة براءة جديدة في إطار التحقيق الذي فُتح في عام 2007 ومن طلب مكتب المدعي العام إلى المحكمة العليا إعادة رفع الدعوى الجنائية، لم تلغِ المحكمة العليا القرارات القضائية السابقة الصادرة بحقهم ولا أحالت القضية إلى محكمة مختصة لمراجعتها مجدداً.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4- تطعن الدولة الطرف في مذكرة شفوية مؤرخة 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 في مقبولية البلاغ بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري. إذ تشير إلى أن البلاغ قُدم من أطراف ثالثة باسم أصحاب البلاغ، ولا سيما من طرف س. ف. من أوكرانيا وأ. ك. من بولندا، غير الخاضعين لولاية الدولة الطرف. وفي ضوء ما تقدم، ترى الدولة الطرف أن تسجيل هذا البلاغ يشكل خرقاً لأحكام البروتوكول الاختياري، ومن ثم، فقد أوقفت إجراءات النظر فيه وستعتبر نفسها غير معنية بأي آراء قد تعتمدها اللجنة في الحالة المعروضة عليها.

عدم تعاون الدولة الطرف

5-1 تشير اللجنة إلى تأكيد الدولة الطرف عدم وجود أسس قانونية لتنظر في البلاغ المقدم من أصحابه ذلك أن تسجيله يشكل انتهاكاً لأحكام البروتوكول الاختياري، واعتزامها عدم التعاون مع اللجنة بشأن ما سيُعتمد فيه من آراء.

5-2 وتشير اللجنة إلى الفقرة 2 من المادة 39 من العهد التي تُجيز لها وضع نظامها الداخلي، الذي وافقت الدول الأطراف في العهد على الاعتراف به. وبانضمام أي من الدول الأطراف في العهد إلى البروتوكول الاختياري، فإنها تعترف باختصاص اللجنة بتلقّي بلاغات من أفراد يدّعون أنهم ضحايا انتهاك أي من الحقوق المنصوص عليها في العهد (ديباجة البروتوكول الاختياري والمادة 1 منه) وبالنظر في هذه البلاغات. كما تشير اللجنة إلى ممارستها المبيّنة في الفقرة (ب) من المادة 96 من نظامها الداخلي والمتعلقة بجواز أن يمثِّل الفرد شخص من اختياره شريطة أن يكون ممثله هذا مخولاً على النحو الواجب. وانضمام أي من الدول إلى البروتوكول الاختياري إنما يقتضي ضمناً التزامها بالتعاون مع اللجنة بحسن نية لتتيح لها النظر في هذه البلاغات ثم إحالة آرائها فيها، بعد بحثها، إلى كلٍّ من الدولة الطرف والفرد وتمكّنها من ذلك (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). وقيام أي من الدول الأطراف باتخاذ أي إجراء من شأنه أن يمنع اللجنة من النظر في بلاغ ما وبحثه والإعراب عن آرائها فيه أو يثبّطها عن ذلك يشكل مخالفةً لهذا الالتزام ( ) . إذ يؤول إلى اللجنة اختصاص البتّ في وجوب تسجيل حالة ما من عدمه. وتلاحظ اللجنة أن بإنكار الدولة الطرف حق الفرد في أن يكون له ممثل ينوب عنه، وعدم قبولها اختصاص اللجنة بالبتّ في مسألة تسجيل البلاغ من عدمه، وإعلانها صراحةً اعتزامها عدم قبول قرار اللجنة بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، فقد انتهكت الالتزامات التي قطعتها بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 وقد تثبّتت اللجنة، وفقاً لمقتضى الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وفي ظل عدم اعتراض الدولة الطرف على مسألة استنفاد أصحاب البلاغ سبل الانتصاف المحلية، ترى اللجنة أنه قد أُوفي بمقتضيي الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يوضحوا الكيفية التي انتُهكت بها قرينة البراءة المقررة بموجب الفقرة 2 من المادة 14 من العهد، وترى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول في إطار المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وتشير اللجنة إلى شكوى أصحاب البلاغ انتهاك حقوقهم المكفولة بموجب الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد لبُعد محكمة مينسك العسكرية عن محل إقامتهم ب ‍ 350 كيلومتراً واضطرارهم إلى تعيين محامين جدد لم يتّسع لهم الوقت لإعداد دفاع موكّليهم. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة من المادة المعروضة عليها أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا صحة ادعائهم بأدلة كافية وترى أن الادعاء غير مقبول في إطار المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 كما تشير اللجنة إلى ادعاء أصحاب البلاغ أن أحكام الفقرة 5 من المادة 14 من العهد قد انتُهكت لأن الدائرة العسكرية بالمحكمة العليا، العاملة كمحكمة نقض، قصرت نظرها في الطعون المرفوعة أمامها على المسائل القانونية للقرارات الصادرة في القضية فحسب، ولم تُجرِ مراجعة جوهرية للوقائع والأدلة المتصلة بالقضية. وتشير أيضاً إلى ادعاء أصحاب البلاغ أنه وفقاً للقانون الداخلي للدولة الطرف، لا يجوز لمحاكم النقض أن تبحث من قرارات المحاكم الابتدائية سوى المسائل القانونية. وبهذا الخصوص، تشير اللجنة إلى أن الفقرة 5 من المادة 14 من العهد تُوجب على الدولة الطرف إجراء مراجعة جوهرية لحكم الإدانة والعقوبة الموقّعة، من حيث كفاية الأدلة والأسس القانونية المستنَد إليها كلتيهما، بحيث يتيح الإجراء النظر في طبيعة القضية حسب الأصول ( ) . وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يحددوا ماهية الادعاءات الموضوعية التي تعذّر عليهم تقديمها أمام الدائرة العسكرية بالمحكمة العليا أو الادعاءات الواردة في الطعن الذي قدموه ولم تبحثها المحكمة العليا. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن المحكمة العليا قد أجرت بالفعل تقييماً للوقائع والأدلة ولم تُقصر إجراء المراجعة على المسائل القانونية للقرارات الصادرة بحقهم. وفي ظل عدم تقديم أصحاب البلاغ ادعاءات محددة في هذا السياق، ترى اللجنة أن الادعاء الذي ساقوه في إطار الفقرة 5 من المادة 14 من العهد عام بطبيعته وغير مُثبت بأدلة كافية، وتعتبر هذا الجزء من الشكوى غير مقبول في إطار المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وتشير اللجنة إلى ادعاء أصحاب البلاغ أن رفض المحكمة العليا إعادة رفع الدعوى على أساس وجود ملابسات جديدة كُشف عنها حديثاً يشكل انتهاكاً لحقوقهم المكفولة بموجب الفقرة 6 من المادة 14 من العهد. ويدعي أصحاب البلاغ أن المحكمة لم تقدم تبريراً لهذا الرفض. غير أن اللجنة تلاحظ من نص قرار المحكمة العليا قيد النظر الأسباب الأربعة التالية لقرارها هذا: انتهت المحكمة العليا إلى أن استنتاج المدعي العام بشأن الملابسات المكشوف عنها حديثاً كان يستند إلى شهادات سبعة أشخاص مُدانين في القضية رقم 02018000177، غيّروا إفاداتهم خلال التحقيق في قضية جنائية جديدة (القضية رقم 05018000044). وانتهت المحكمة إلى أن إدانة أصحاب البلاغ قد ثبتت بالأدلة المجموعة في القضية رقم 02018000177، التي درستها المحكمة الابتدائية. وخلصت المحكمة إلى أن تغيير إفادات أشخاص مُدانين بقرار قضائي (أصبح القرار نهائياً فيما بعد) لا يُقيم في حد ذاته ظروفاً جديدة تفضي إلى إعادة رفع القضية الجنائية. وتشير اللجنة إلى أيلولة اختصاص تقييم الوقائع والأدلة أو تطبيق التشريعات الداخلية في القضايا إلى محاكم الدول الأطراف بوجه عام، ما لم يمكن التثبّت في قضية ما من أن هذا التقييم كان تعسفياً بوضوح أو بلغ حد إنكار العدالة، أو أن المحكمة لم تلتزم الاستقلالية والحيدة في أداء واجبها ( ) . وفي ظل عدم تقديم أصحاب البلاغ ادعاءات محددة أخرى تشير إلى أن قرار المحكمة العليا كان تعسفياً بوضوح أو بلغ حد الخطأ البيّن أو إنكار العدالة، أو أن المحكمة انتهكت على أي نحو آخر التزامها بتوخي الاستقلالية والحيدة، ترى اللجنة أن الادعاء المقدم في إطار الفقرة 6 من المادة 14 من العهد غير مُثبت بأدلة كافية لأغراض إقرار مقبوليته بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-7 وتشير اللجنة إلى ادعاء أصحاب البلاغ أن محاكمتهم أمام محكمة مينسك العسكرية تثير مسائل تدخل في إطار الفقرة 1 من المادة 14 من العهد نظراً إلى أنه ليس بينهم أي أفراد عسكريين. وتشير أيضاً إلى أن سائر ادعاءات أصحاب البلاغ المقدمة في إطار الفقرة 1 من المادة 14 منه، بشأن الدعوى المقامة أمام محكمة مينسك العسكرية ودعوى التعويض المدنية المقامة أمام محكمة منطقة موسكو ب مقاطعة بريست ، فضلاً عن ادعاءاتهم المقدمة في إطار الفقرة الفرعية (ه) من الفقرة 3 من المادة 14، وثيقة الصلة بالدعوى المقامة أمام المحكمة العسكرية. وفي ظل عدم تقديم الدولة الطرف حججاً بشأن مدى مقبولية هذه الادعاءات، تعتبرها اللجنة مقبولة وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

6-8 وتشير اللجنة أيضاً إلى ادعاء أصحاب البلاغ أن الرسوم القضائية الباهظة المفروضة في الدعاوى المدنية ورفض محكمتي النقض التنازل عن تحصيلها قد منعاهم من اللجوء إلى محكمتي النقض وشكلاً انتهاكاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن الوثائق المتصلة بهذا الادعاء المقدمة في ملف الحالة تتعلق بالطعن المقدم من شخص واحد فقط من أصحاب البلاغ، هو السيد تايفنتشوك ، في قرار المحكمة المدنية المؤرخ 25 نيسان/أبريل 2006، بينما يخلو الملف من أي معلومات تفيد بأن سائر أصحاب البلاغ قد طعنوا في قرار المحكمة المدنية الصادر في قضيتهم. ومن ثم، تعتبر اللجنة هذا الادعاء المقدم في إطار الفقرة 1 من المادة 14 من العهد مقبولاً فيما يتعلق بالسيد تايفنتشوك وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية، وترى أنه غير مُثبت بأدلة كافية وغير مقبول في إطار المادة 2 من البروتوكول الاختياري فيما يتعلق بسائر أصحاب البلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة إليها من الطرفين.

7-2 وتشير اللجنة إلى ادعاء أصحاب البلاغ أن محكمة مينسك العسكرية قد حاكمتهم وأدانتهم بموجب القانون الجنائي في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2004 و5 آب/ أغسطس 2005، وذلك بعدما قرر رئيس المحكمة العليا إحالة قضيتهم إلى محكمة عسكرية على الرغم من أنه ليس بينهم أي أفراد عسكريين. ومع أن العهد لا يحظر صراحةً محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية، إلا أنه لا ينص على ذلك أيضاً. وتشير اللجنة إلى أن محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية يثير مشاكل خطيرة بشأن مسألة التزام العدل والحياد والاستقلال في إقامة العدل ( ) . لذا سعياً إلى ضمان الحق في محاكمة عادلة، تُلزَم الدول الأطراف بوجه عام باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحظر محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية ( ) . وفي هذه الحالة، لم تنازع الدولة الطرف في كون أصحاب البلاغ من الأفراد المدنيين. ومن ثم، تخلص اللجنة إلى أن محاكمة أصحاب البلاغ وإصدار عقوبات بحقهم من جانب محكمة عسكرية يشكل انتهاكاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

7-3 وبالنظر إلى هذا الاستنتاج، وإلى صلة التلازم القائمة بين المحاكمة التي أجرتها محكمة مينسك العسكرية وبين سائر ادعاءات أصحاب البلاغ المقدمة في إطار الفقرة 1 والفقرة الفرعية (ه) من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد، بشأن الدعوى المقامة أمام هذه المحكمة، وادعائهم المقدم في إطار الفقرة 1 من المادة 14 منه، بشأن الدعوى المدنية المقامة أمام محكمة منطقة موسكو بمقاطعة بريست، تقرر اللجنة بحث هذه الادعاءات مجتمعةً.

7-4 وتشير اللجنة إلى ادعاء السيد تايفنتشوك أن الرسوم القضائية الباهظة المفروضة على تقديم طعون بالنقض أمام محكمة إقليم بريست أدت إلى استحالة نظر المحكمة في الطعن الذي قدمه أمامها بطريق النقض بتاريخ 5 أيار/مايو 2006 في قرار المحكمة المدنية الصادر بحقه، فُحرم بذلك من إمكانية اللجوء إلى القضاء في انتهاكٍ لأحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن قيمة الرسوم القضائية التي كان يُفترض أن يسددها السيد تايفنتشوك تصل إلى 5 في المائة من قيمة التعويض الذي يُفترض أن يدفعه بموجب العقوبة الجنائية الموقّعة عليه، إذ بلغت قيمة التعويض 450 773 904 روبلاً ( ) ، واحتُسبت قيمة الرسوم القضائية، وفقاً لذلك، بـ 675 238 45 روبلاً ( ) . وتشير اللجنة كذلك إلى أن صاحب البلاغ قدم إلى المحكمة إثباتاً براتبه ودخله الشهري الذي يبلغ 600 297 روبل ( ) . كما أوضح أن ممتلكاته قد صودرت بحكم محكمة مينسك العسكرية. وتشير اللجنة إلى أن محكمة منطقة موسكو بمقاطعة بريست، العاملة كمحكمة نقض، والمحكمة العليا، العاملة كمحكمة رقابية، أبتا طلب صاحب البلاغ التنازل عن تحصيل الرسوم القضائية ورفضتا الطعن المقدم من السيد تايفنتشوك لعدم سداده الرسوم، من دون أن تأخذا في اعتبارهما حجته أن الرسوم باهظة ويستحيل عليه سدادها. وتلاحظ اللجنة أنه يجوز للمحكمتين قانونياً التنازل عن تحصيل هذه الرسوم. ومن ثم، فبرفضهما المباشر طلب صاحب البلاغ التنازل عن تحصيل الرسوم القضائية، من دون أن تأخذا في اعتبارهما الظروف الخاصة بحالته، قد حرمتاه من إمكانية اللجوء إلى القضاء، وبالتالي، من إمكانية مراجعة قضيته عن طريق الإجراء القضائي المقرر في القانون الوطني ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن هذا الجزء من البلاغ يكشف أيضاً عن وقوع انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

8- وترى اللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الدولة الطرف قد انتهكت أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد بالنسبة إلى حقوق جميع أصحاب البلاغ فيما يتعلق بمحاكمتهم أمام محكمة مينسك العسكرية، وبالنسبة إلى حقوق السيد تايفنتشوك فيما يتعلق برفض المحكمتين المدنيتين التنازل عن تحصيل الرسوم القضائية. وتكرر اللجنة تأكيد استنتاجها أن الدولة الطرف قد انتهكت أيضاً التزاماتها الناشئة بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

9- ووفقاً للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف مُلزمة بتوفير سبل انتصاف فعالة للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد، وذلك في هيئة جبر كامل. وعليه، فالدولة الطرف مُلزمة بتقديم تعويض مناسب إلى أصحاب البلاغ، ضمن التزامات أخرى. إذ إن الدولة الطرف مُلزمة، في هذه الحالة، بالوفاء بجملة التزامات من بينها إلغاء قراري محكمة مينسك العسكرية المؤرخين 26 تشرين الأول/أكتوبر 2004 و5 آب/ أغسطس 2005 ، والقرارات القضائية التي صدرت لاحقاً بناءً عليهما، وإجراء محاكمة جديدة لأصحاب البلاغ ، مع منحهم جميع الضمانات المحددة في المادة 14 من العهد. كما أن الدولة الطرف مُلزمة باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإن اللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري قد اعترفت باختصاص اللجنة بالبتّ في مسألة وقوع انتهاك لأحكام العهد من عدمه، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 منه، بأن تضمن تمتع جميع الأفراد المقيمين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفر لهم سبل انتصاف فعالة في حال ثبوت وقوع انتهاك لها، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. كما يُطلب إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.