اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2455/2014 * **
بلاغ مقدم من : تاتسيانا روفياكو (لا يمثلها محام)
الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ
الدولة الطرف : بيلاروس
تاريخ تقديم البلاغ : 26 آذار/مارس 2014 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية : القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 15 شباط/فبراير 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء : 23 تموز/يوليه 2020
الموضوع : حرية التعبير
المسألة الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية
المسألة الموضوعية : حرية التعبير
مواد العهد : المادتان 2(3)(أ) و 19(2)
مواد البروتوكول الاختياري : 2، و5(2)(ب)
1- صاحبة البلاغ هي تاتسيانا روفياكو ، وهي مواطنة بيلاروسية مولودة في عام 1968. وهي تدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها بموجب المادتين 2(3)(أ) و19(2) من العهد. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى بيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992. ولا يمثل صاحبة البلاغ محامٍ.
الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ
2-1 في 5 آب/أغسطس 2013، كانت صاحبة البلاغ توزع منشورات كتب عليها ( ) "أليس بلياتسكي . مدافع عن حقوق الإنسان خلف القضبان"، في وسط مينسك، عندما ألقت الشرطة القبض عليها. وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، سجلت الشرطة محضراً بمخالفة إدارية.
2-2 وفي 6 آب/أغسطس 2013، أدانت محكمة الدائرة السوفييتية في مينسك صاحبة البلاغ بارتكاب مخالفة إدارية بموجب المادة 23-34(1) (بشأن خرق الأمر المتعلق بتنظيم وعقد المناسبات الجماعية) من قانون الإجراءات الإدارية والإنفاذ، وفرضت عليها غرامة ( ) .
2-3 وفي 12 آب/أغسطس 2013، طعنت صاحبة البلاغ في هذا القرار أمام محكمة مدينة مينسك، محتجة بأن المحكمة الأدنى لم تطبق الدستور والعهد (المادة 19) ولم تبرر عدم التطبيق. كما دفعت صاحبة البلاغ بأن الدائرة لم تنظر فيما إذا كان قانون المناسبات العامة مطابقاً للدستور وما إذا كانت ترى أن القانون يتماشى مع الدستور، لتبرير قرارها. وادعت صاحبة البلاغ أنها كانت تمارس حريتها في التعبير على أساس الدستور والعهد وليس على أساس قانون الأحداث العامة، الذي اعتبرت المحكمة الدنيا أنه انتهك بسبب عدم طلبها الحصول على إذن مسبق لإجراء الاعتصام. وطلبت صاحبة البلاغ في استئنافها إلغاء العقوبة الإدارية التي فرضتها المحكمة الأدنى، وحفظ الدعوى الإدارية المرفوعة ضدها. وفي 27 آب/أغسطس 2014، أيدت محكمة مدينة مينسك قرار محكمة الدائرة.
2-4 وفي 30 أيلول/سبتمبر 2013، استأنفت صاحبة البلاغ قراري محاكمتي الدائرة والمدينة أمام رئاسة محكمة مدينة مينسك، معتدة بالحجج نفسها. وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، أيّدت رئاسة محكمة مدينة مينسك القرارين السابقين.
2-5 وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، طعنت صاحبة البلاغ أمام رئاسة المحكمة العليا في بيلاروس في إطار إجراءات المراجعة الرقابية. وفي 11 كانون الثاني/يناير 2014، رفضت المحكمة العليا تلبية طلب صاحبة البلاغ إلغاء العقوبة الإدارية وحفظ الدعوى الإدارية المرفوعة ضدها. ورأت المحكمة العليا أن تنظيم المناسبات الجماهيرية يحكمه قانون خاص وليس الدستور، وأن صاحبة البلاغ كانت ملزمة بالتقيد بذلك القانون. ونظراً إلى أنها لم تتبع الإجراء الذي ينص عليه القانون لطلب الإذن، فإن المحاكم الأدنى درجة قد أدانت صاحبة البلاغ بصورة مشروعة بارتكاب جريمة إدارية. ورأت المحكمة أن ادعاء صاحبة البلاغ أن قانون المناسبات العامة لا يتماشى مع الدستور ادعاء لا أساس له من الصحة.
الشكوى
3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن المحاكم انتهكت حقوقها بموجب المادة 19(2) من العهد بفرض الجزاء وعدم تبرير التقييد لأغراض المادة 19(3) من العهد.
3-2 وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها بموجب المادة 2(3)(أ) من العهد، إذ لم توفر لها سبيل انتصاف فعالاً، على نحو ما يكفله العهد.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
4- في مذكرة شفوية مؤرخة 15 نيسان/أبريل 2015، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها، مشيرة إلى أن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية وفق ما تقتضيه المادة 2 من البروتوكول الاختياري ( ) . وهي تدعي أن تسجيل البلاغ في انتهاك لمقتضيات المادة 2 من البروتوكول الاختياري يترتب عليه انتهاك من اللجنة للمادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتخلص الدولة الطرف إلى أن صاحبة البلاغ واللجنة لم يلتزما بالقواعد الإجرائية المنصوص عليها في العهد وبروتوكوله الاختياري، وأن الدولة الطرف لن تتبادل من ثم أي مراسلات أخرى بشأن البلاغ.
تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية
5- في 12 أيار/مايو 2015، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وأشارت إلى أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية آخذة في اعتبارها أن إجراء المراجعة الرقابية لا تعتبره اللجنة سبيل انتصاف فعالاً ( ) .
عدم تعاون الدولة الطرف
6-1 تلاحظ اللجنة تأكيد الدولة الطرف عدم وجود أسس قانونية للنظر في البلاغ ما دام تسجيله انطوى على انتهاك لأحكام البروتوكول الاختياري، وأن الدولة الطرف لن تتبادل مزيداً من المراسلات بشأن هذا البلاغ.
6-2 وتشير اللجنة إلى أن أية دولة طرف في العهد، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة في تلقّي وبحث البلاغات التي ترد من أفراد يدَّعون أنهم وقعوا ضحايا لانتهاك أي من الحقوق المنصوص عليها في العهد (الديباجة والمادة 1 من البروتوكول الاختياري). وانضمام دولة ما إلى البروتوكول الاختياري يعني ضمناً تعهدها بالتعاون مع اللجنة بحسن نية من أجل السماح لها بالنظر في هذه البلاغات وتمكينها من ذلك ثم إحالة آرائها إلى الدولة الطرف والفرد المعني بعد بحث البلاغ (المادة 5(1) و (4)). وأي إجراء تتخذه دولة طرف ومن شأنه أن يُعطل أو يمنع اللجنة من النظر في البلاغ ودراسته والتعبير عن آرائها بشأنه هو إجراءٌ يتعارض مع التزامات الدولة الطرف ( ) . ويعود إلى اللجنة أن تقرر ما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ ما أم لا. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف إذ ترفض اختصاص اللجنة المتمثل في تحديد ما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ ما وإذ تضع حداً لتعاونها مع اللجنة فيما يتعلق بأي بلاغ، فإنها تخل بالتزاماتها بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.
القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.
7-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
7-3 وتحيط اللجنة علماً بإفادة الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ اللجنة تأكيد صاحبة البلاغ أن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة قد استنفدت وأن إجراءات المراجعة الرقابية لا تعتبرها اللجنة سبيل انتصاف فعالاً ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت شكويين ضد قرار محكمة الدائرة الصادر في 6 آب/أغسطس 2013، وذلك في 30 أيلول/سبتمبر 2013 إلى رئاسة محكمة مدينة مينسك، وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 إلى رئاسة المحكمة العليا. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لا تذكر سبل الانتصاف المحددة التي كانت متاحة لصاحبة البلاغ ويمكن أن تكون فعالة في قضيتها. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن أحكام الفقرة (2)(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.
7-4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب المادة 2(3) من العهد. وتذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تفيد بأن أحكام المادة 2 من العهد تنص على التزام عام يقع على عاتق الدول الأطراف، ولا يمكن أن ينشأ عنها، عند الاستشهاد بها منفردة، ادعاءٌ في بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . وبناءً عليه، تستنتج اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
7-5 وترى اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة 19(2) من العهد قد أُثبتت بما فيه الكفاية لأغراض المقبولية، وتشرع في بحث الأسس الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
8-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري. بيد أن الدولة المعنية عندما لا ترد على بلاغ ما أو ترد عليه رداً ناقصاً فإنها تُضعف موقفها، لأن اللجنة تكون مضطرة حينئذ إلى النظر في البلاغ دون أن تتوفر لها المعلومات الكاملة المتعلقة به ( ) . وفي حال عدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح بشأن الأسس الموضوعية، وجب إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الأهمية الواجبة ما دامت معللة بما فيه الكفاية.
8-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ أن السلطات انتهكت المادة 19(2) من العهد بتقييد حقوقها بموجب هذه المادة دون مبرر. ويتضح من العناصر المعروضة على اللجنة أن صاحبة البلاغ قد ألقي القبض عليها وأدينت بعد ذلك وغُرّمت بسبب توزيعها منشورات في الشارع. وترى اللجنة أن إجراءات الدولة تلك تتعارض مع حق صاحبة في نقل المعلومات والأفكار بجميع أنواعها، على النحو المنصوص عليه في المادة 19(2) من العهد.
8-3 وتحيل اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34(2011)، الذي ورد فيه أن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النماء التام للفرد. وهاتان الحريتان لا غنى عنهما لأي مجتمع وتشكلان حجر الأساس لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية (الفقرة 2). وتذكر اللجنة أيضاً بأن المادة 19(3) من العهد تُجيز فرض بعض القيود على أن تكون محددة بقانون وأن تكون ضرورية لتحقيق الغرضين التاليين: (أ) احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ و(ب) حماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة. وأي تقييد لممارسة هاتين الحريتين يجب أن يتوافق مع المعياريْن الصارمين المتمثليْن في الضرورة والتناسب. ولا يجوز فرض قيود إلا للأغراض التي وُضِعت من أجلها ويجب أن ترتبط القيود مباشرة بالحاجة المحددة التي اقتضت فرضها ( ) .
8-4 وتذكّر اللجنة بأن المسؤولية عن إثبات ضرورة وتناسب القيود المفروضة على الحقوق بموجب المادة 19 تقع على عاتق الدولة الطرف ( ) . وتلاحظ اللجنة أن اعتقال صاحبة البلاغ ومحاكمتها الإدارية بتهمة توزيع منشورات باعتبارها انتهاكا ً للترتيب المتعلق بتنظيم حدث جماهيري لا يفيان فيما يبدو بمعايير الضرورة والتناسب المنصوص عليهما في المادة 19 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ومحاكمها الوطنية لم تقدم أي منها تبريراً لفرض هذه القيود. وترى اللجنة، في ملابسات هذه القضية، أن العقوبات المفروضة على صاحبة البلاغ، رغم استنادها إلى القانون المحلي، لا يمكن اعتبارها مبررة لأغراض المادة 19(3) من العهد ( ) .
8-5 وتذكر اللجنة أن الدولة الطرف ومحاكمها الوطنية لم تقدم أي منها تبريراً لفرض هذه القيود على حرية صاحبة البلاغ في التعبير. وتشير اللجنة إلى أنها نظرت في قضايا مماثلة تتعلق بالقوانين والممارسات ذاتها للدولة الطرف في عدد من البلاغات السابقة. وتماشياً مع هذه الاجتهادات السابقة، تستنتج اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت، في هذه القضية، حقوق صاحبة البلاغ المكفولة في المادة 19(2)، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد ( ) .
9- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 19(2) من العهد. وقد انتهكت الدولة الطرف أيضاً المادة 1 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد بعدم تعاونها مع اللجنة.
10- وعملاً بأحكام المادة 2(3)(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لأصحاب البلاغات. ويقتضي منها ذلك جبر الضرر جبراً تاماً لمن انتُهِكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الخطوات المناسبة لمنح صاحبة البلاغ تعويضاً مناسباً وسداد التكاليف القانونية التي تكبَّدتها. ويقع أيضاً على عاتق الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.
11- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إن كان وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إن ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.