الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2751/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

20 September 2019

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥(٤) من البروتوكول الاختياري ، بشأن البلاغ رقم 2751/2016 * **

بلاغ مقدم من: نورما بورتيلو كاسيريس (بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن أخيها المتوفى روبن بورتيلو كاسيريس )، وهيرمينيغيلدا كاسيريس ، وإيزابيل بوردون راميريز (بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن ا ب ن ها القاصر دييغو روبن بورتيلو بوردون ، ابن المتوفى)، وروبرتو بوردون خواريز ، وإغناسيو بوردون راميريز، وكافرينو بوردون راميريز، وخوسيه بوردون راميريز، وأليسيا أراندا (بالأصالة عن نفسها ونيابة عن ا بنها القاصر سانتياغو بوردون أراندا )، وبينيتو ميلسياديس خارا سيلفا، (تمثله لجنة تنسيق حقوق الإنسان ل باراغواي، وجمعية باسه للبحوث الاجتماعية)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ، والطفلان القاصران، وروبن بورتيلو كاسيريس

الدولة الطرف: باراغواي

تاريخ تقديم البلاغ: 30 أيلول/سبتمبر 2013

الوثائق المرجعية: القرار الذي اتخذه المقرر الخاص بموجب المادة 92، والمحال إلى الدولة الطرف في 16 آذار/مارس 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 25 تموز/يوليه 2019

الموضوع: تبخير المحاصيل بالكيماويات الزراعية وأثره على حياة الناس

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في سبل الانتصاف الفعال؛ والحق في الحياة؛ وحظر المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والحق في عدم التعرّض للتدخل التعسفي أو غير القانوني في الخصوصية أو شؤون الأسرة أو البيت

مواد العهد: 2(3)، و6، و7، و17

مواد البروتوكول الاختياري: 5(2)(ب)

١- أصحاب البلاغ، المؤرخ 30 أيلول/سبتمبر 2013، هم نورما بورتيلو كاسيريس ، وهيرمينيغيلدا كاسيريس ، وإيزابيل بوردون راميريز، وروبرتو بوردون خواريز ، وإغناسيو بوردون راميريز، وكافرينو بوردون راميريز، وخوسيه بوردون راميريز، وأليسيا أراندا وبينيتو ميلسياديس خارا سيلفا، و جميعهم بالغون من رعايا باراغواي، يقدمون البلاغ أصالة عن أنفسهم ونيابة عن قريبهم المتوفى، روبن بورتيلو كاسيريس ، وعن الطفلين دييغو روبن بورتيلو بوردون (ابن المتوفى) وسانتياغو بوردون أراندا (ابن أخ المتوفى) . ويدّعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم بموجب المواد 6 و7 و17 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2(3). وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 10 نيسان/أبريل 1995. ويمثل أصحابَ البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

السياق: التبخير بكيماويات زراعية في مزارع صناعية مجاورة

2-1 ينتمي أصحاب البلاغ إلى أ سرتين متصاهرتين ب زواج إ حدى أصحاب البلاغ، إ يزابيل بوردون راميريز، بالمتوفي روبن بورتيلو كاسيريس ، ويشتغلون في مزرعة عائلية يُستخدم إنتاجها للاستهلاك العائلي وللبيع.

2-2 وهم يعيشون في مستوطنة يروتي (في مقاطعة كانيندي و ، بإقليم كوروغواتي ) التي أُنشئت في عام 1991 على أرض مملوكة للدولة وُزعت على المزارعين في إطار برنامج الإصلاح الزراعي. ويدير المستوطنة معهد ُ التنمية الريفية واستصلاح الأراضي، وهو الوكالة الرائدة في تنفيذ سياسة البلد في مجال استغلال الأراضي. وفي عام 2011، كانت يروتي موطن اً لما لا يزيد عن حوالي 400 شخص بسبب النزوح الذي أحدثته صعوبة ظروف العيش اللائق (قلة فرص الوصول إلى الخدمات العامة، و تكرار تبخير ا لمحاصيل بالكيماويات الزراعية السامة، و تزايد تلوث ا لمجاري المائية في المنطقة).

2-3 وتقع مستوطنة يروتي في إ حدى المناطق التي شهدت أكبر توسع في الأعمال التجارية الزراعية. وتحيط بها مزارع كانت تُستخدم لتربية الماشية و أصبحت تُستخدم منذ عام 2005 فقط للزراعة الآلية الكثيفة لفول الصويا المحوّر جيني اً. وتقع منازل أصحاب البلاغ على الحدود الجنوبية الشرقية ل مستوطنة يروتي و بجوار المزارع الصناعية الموجودة داخل المستوطنة وخارجها. وهذه المزارع الكبيرة، التي تُبخّر فيها المحاصيل بشدة بكيماويات زراعية، باستخدام جرارات أو طائرات خفيفة، تنتهك القوانين البيئية المحلية بشكل منهجي. وعلى وجه التحديد، تُزرع نباتات فول الصويا مباشرة على جانب الممرات العامة، في خرق للقانون المحلي الذي ينص، في حالة استخدام مبيدات الآفات، على وقاية الطرق المحلية المأهولة بزرع حواجز من الشجر ال كثيف الأوراق لا يقل عرضها عن 5 أمتار وارتفاعها عن مترين. وينص القانون، في حالة عدم وجود مثل تلك الحواجز الوقائية، على عدم استخدام مبيدات الآفات على مسافة تقل عن 50 متر ا ً من الطرق المجاورة (1) . و إضافة إلى ذلك، زرعت المزارع الصناعية فول الصويا أيضا ً على الأرض المؤدية إلى منازل أصحاب البلاغ، منتهكة القانون ال محلي الذي يقضي بوجود مسافة 100 متر تعزل بين المناطق التي تستخدم فيها مبيدات الآفات و بين المستوطنات البشرية والمدارس ومرافق الرعاية الصحية وأماكن العبادة والأماكن العامة (2) . ولا تترك تلك المزارع الصناعية أيض اً مسافة 100 متر المطلوبة لعزل الأنهار، والجداول، والعيون، والبحيرات (3) ، وه ي ت شطف صهاريج مواده ا الكيماوية الزراعية في الجداول .

2-4 وذُكر أن تصر ّ ف الأعمال التجارية الزراعية ب تلك الطريقة يعود إلى عدم وفاء الدولة بالتزاماتها في مجال الترخيص والرقابة. ووزارة البيئة، بصفتها الهيئة المكلفة بصياغة السياسات البيئية وتنسيقها وتنفيذها، مسؤولة أيض اً عن منح التصاريح البيئية و عن التأكد من أن تلك المزارع لديها تلك التصاريح وتتبع الخطط الإدارية السارية (4) . وتتولى الهيئة الوطنية لجودة وصحة النباتات والبذور مسؤولية تسجيل ومراقبة شراء وبيع الكيماويات الزراعية، وضمان استخدام المزارع للمنتجات المرخص لها بإشراف مستشار تقني مسجل لدى الهيئة ، وصيانة الحواجز الوقائية والمناطق العازلة المطلوبة. وال هيئة مسؤولة أيض اً عن الإشراف على كيفية تعفير المزروعات (5) . و يضاف إلى ذلك أن وزارة الزراعة والثروة الحيوانية مسؤولة عن السياسة الزراعية وعن الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئة. ومعهد التنمية الريفية واستصلاح الأراضي مسؤول عن السياسات المتعلقة بالمستوطنات الريفية والرفاه، وعن منع الأنشطة غير القانونية، مثل بيع أراضي إنتاج فول الصويا إلى أشخاص لا يحق لهم الاستفادة من الإصلاح الزراعي.

تسبب التلوث في مستوطنة يروتي في وفاة السيد بورتيلو كاسيريس وتسمم أصحاب البلاغ

2-5 أثّر استخدام الكيماويات الزراعية السامة على نطاق واسع تأثير اً شديد اً على ظروف معيشة أصحاب البلاغ وعلى سبل عيشهم وصحتهم. وعلى وجه التحديد، تسبب استخدام تلك المواد في تلويث موارد المياه و المياه الجوفية، فاستحال استخدام جد ا ول يروتي وكويرو التي ظهرت فيها أسماك ميتة، وفقدت الأشجار ثمارها، ونفقت مختلف حيوانات المزارع، ولحقت بالمحاصيل أضرار بالغة.

2-6 ومنذ حوالي عام 2005، عندما بدأت الأعمال التجارية الزراعية المجاورة استخدام تقنيات الإنتاج الآلية، شعر أصحاب البلاغ بعدة أعراض جسدية أثناء وبعد عمليات التبخير خلال موسم زراعة محاصيل فول الصويا. وشملت تلك الأعراض الغثيان، والدوار، والصداع، والحمى، وآلام المعدة، والقيء، والإسهال، والسعال، والالتهابات الجلدية. وكلٌ من المسارين الترابيين اللذين يربطان المستوطنة بالطريق المعبدة الرئيسية يعبران مساحات شاسعة من الحقول الخالية من أي حماية كافية. وبالتالي، يتعرض السكان المحليون الذين يحتاجون إلى الوصول إلى الطريق الرئيسية لكيماويات زراعية سامة. وفي كل عام، يقدم السكان المحليون خلال موسم زراعة فول الصويا شكاوى إلى مختلف السلطات الوزارية والإدارية والقضائية (بما في ذلك وزارة الزراعة والثروة الحيوانية، ووزارة البيئة، ومعهد التنمية الريفية واستصلاح الأراضي، والهيئة الوطنية لجودة وصحة النباتات والبذور، ومكتب المدعي الجنائي في كوروغواتي )؛ ولم يتلقوا أي رد.

2-7 وفي 3 كانون الثاني/يناير 2011، بدأ السيد بورتيلو كاسيريس ، وهو مزارع في سن السادسة والعشرين، يعاني من القيء، والإسهال، والحمى، ويشعر بالضيق بصفة عامة. وكانت قد ظهرت في فمه وعلى وجهه وأصابعه، قبل ذلك بأسابيع، قروح متقي ّ حة. وفي 6 كانون الثاني/يناير 2011، ساءت حالته ونُقل إلى المرفق الصحي بالمستوطنة حيث تلقى علا ج اً للغثيان والقيء. وعندما لم تتحسن حالته، وكان شاحب اً وضعيف اً وغير قادر على الوقوف، تمكن أقرباؤه من الترتيب لنقله إلى مستشفى المقاطعة في كوروغواتي ، على بعد أكثر من أربع ساعات (6) . وتوفي السيد بورتيلو كاسيريس أثناء عملية النقل تلك. وفي المستشفى، حاول الطبيب الذي كان في الخدمة إ نعاشه ، ولكن بدون جدوى.

2-8 وفي الفترة بين 8 و14 كانون الثاني/يناير 2011، أُدخل إلى المستشفى 22 آخر ي ن من سكان مستوطنة يروتي ، من بينهم أصحاب البلاغ والطفلان، بعد معاناة من أعراض مماثلة. واتصل مدير المستشفى هاتفي اً بمختلف المؤسسات، بما في ذلك وزارة البيئة، والهيئة الوطنية لجودة وصحة النباتات والبذور، لإبلاغها بالأعراض التي ظهرت لدى أصحاب البلاغ، وبوفاة السيد بورتيلو كاسيريس .

التماس سبل الانتصاف المحلية بعد وفاة السيد بورتيلو كاسيريس وتسمم أفراد من المجتمع المحلي

الشكوى الجنائية

2-9 في 13 كانون الثاني/يناير 2011، قدم أصحاب البلاغ شكوى إلى مكتب المدعي العام المحلي في كوروغواتي بشأن وفاة السيد بورتيلو وتسممهم. وأشعرت وحدة الجريمة البيئية رقم 1 المحكمة الجنائية بفتح ملف القضية الجنائية رقم 60/2011، تحت عنوان ’’التحق ق من انتهاك مزعوم للمعايير البيئية، ومن حادثة تسمم‘‘.

2-10 وفي نفس اليوم، أبلغ مكتب المدعي الجنائي مركز شرطة كوروغواتي والمركز المحلي في كامبو أغوا بالأمر ليمكنهما التحقيق مع مالكي مزارع فول الصويا المحيطة بالمستوطنة. وقدم المركز المحلي أسماء مختلف المالكين والمستأجرين الذين يزرعون ما بين 17 و170 هكتار اً من فول الصويا في مستوطنة يروتي .

2-11 وفي ذلك اليوم أيض اً، أجرى الفنيون من وحدة الجرائم البيئية و من الهيئة الوطنية لجودة وصحة النباتات والبذور فحص اً للمستوطنة جمعوا خلاله عينات من بئر منزل أصحاب البلاغ، وأظهرت النتائج وجود كيماويات زراعية محظورة (7) .

2-12 وفي 14 كانون الثاني/يناير 2011، أجرت وزارة البيئة تفتيش اً لدى اثنين من منتجي فول الصويا بجوار مزارع أصحاب البلاغ ولكن خارج المستوطنة (8) ووجدت أنهما لم يكونا يقيمان منطقة عازلة، أو يحملان تصريح اً بيئي اً، وكانا يستخدمان كيماويات زراعية سامة بدون ترخيص باستخدامها أو وجود خدمات مستشار تقني (9) .

2-13 وفي 14 آذار/مارس 2011، وفيما يتعلق بملف القضية الجنائية رقم 60/2011، وجهت النيابة العامة تهماً أولية بخرق القانون البيئي إلى سبعة من سكان مستوطنة يروتي .

2-14 وفي 14 أيلول/سبتمبر 2011، وجهت النيابة العامة تهم اً جنائية إلى أولئك الأفراد السبعة. وعُلقت الجلسة الأولية المقررة ليوم 20 أيلول/سبتمبر 2011، لأسباب إجرائية. وظلت الإجراءات متوقفة حتى 9 أيار/مايو 2012 عندما طلبت نورما بورتيلو كاسيريس معلومات محدّثة عن القضية. ودعا القاضي إلى عقد جلسة تمهيدية في 29 أيار/مايو 2012، ولكن الجلسة لم تُعقد بسبب عدم إ شعار الأطراف.

2-15 وعُقدت جلسة الاستماع الأولية في 25 حزيران/ يونيه 2013. وقال الدفاع إن مزارع المدعى عليهم كانت أصغر بكثير من المزارع الكبيرة المجاورة المذكورة في التحقيق، وإن تبخير محاصيلهم حدث على نطاق أصغر بكثير مما حدث مع الممتلكات الكبيرة، و إ ن الكيماويات الزراعية التي استخدموها لا يمكن أن تكون قد وصلت، بالتالي، إلى مزارع أصحاب البلاغ. وسحبت النيابة العامة التهم وطلبت وقف الإجراءات بحجة عدم وجود أدلة. وفي 31 تموز/ يوليه 2013، وقّع مكتب المدعي العام إشعار اً بوقف الإجراءات وطلب 22 بيّنة إضافية تُجمع خلال سنة، هي فترة وقف الاجراءات (أقوال شهود، وتقارير اختبارات معملية، وسجلات المدعى عليهم الجنائية، وسجلات الشرطة عنهم، والتقرير عن تشريح جثة السيد بورتيلو كاسيريس ). وفي 3 أيلول/سبتمبر 2013، أوقفت المحكمة الجنائية في كوروغواتي الإجراءات ضد المدعى عليهم السبعة.

2-16 غير أن بعض الأدلة التي طلبها المدعي العام لم تُجمع. ولم يُجر أي تشريح لجث ة المتوفي، بالرغم من أن ذلك التشريح طُلب في أربع مناسبات بغرض تحديد ما إذا كانت الأعضاء الداخلية للسيد كاسيريس تحمل آثار كيماويات زراعية تدل على وجود صلة بين موته وبين التعرض المتكرر للرش ولتلوث المياه والتربة والغذاء (10) . ولم يُدرج التاريخ الطبي لأصحاب البلاغ، ولم يتضمن ملف القضية نتائج اختبارات الدم والبول التي أجروها. وعلاوة على ذلك، لم تُوجّه أي تهمة جنائية إلى مالكي ومديري المزرعتين الصناعيتين الكبيرتين المجاورتين لمنازل المرضى.

إجراء الحماية القضائية

2-17 في 14 كانون الثاني/يناير 2011، قدمت نورما بورتيلو كاسيريس طلب اً للحصول على أمر بحماية قضائية للبيئة ولصحة جميع سكان يروتي ضد أربع وكالات حكومية (وزارة الزراعة والثروة الحيوانية، والهيئة الوطنية لجودة وصحة النباتات والبذور، ووزارة البيئة، ومعهد التنمية الريفية واستصلاح الأراضي). وورد في طلبها أن الدولة أخفقت في الاضطلاع بواجبها في توفير تلك الحماية، حيث إ ن الدولة هي التي أقامت المستوطنة وباعت لأصحاب البلاغ مزارعهم، وأن وكالات الدولة هي التي سمحت بأن تصبح مستوطنة يروتي محاطة بمنتجين صناعيين لفول الصويا يرتكبون جميع أنواع الجرائم البيئية بدون عقاب. وذكر الأطراف في الطلب أن عدم قيام الدولة بالرقابة على الإنتاج الزراعي وفشلها في تعليق الأنشطة المحظورة وتطبيق العقوبات، مكّن المنتجين من العمل بدون تصاريح بيئية، ومن تبخير محاصيلهم بدون إنشاء المنطقة العازلة القانونية. وذكروا أيض اً أن عدم الإشراف على إيجار قطع الأراضي وملكيتها داخل المستوطنة أدى إلى انتقال حيازة الأرض إلى أفراد لا يحق لهم استخدامها في زراعة فول الصويا. وادعى المشتكون أن حق السكان في الحياة، وفي العيش في بيئة صحية، وفي الغذاء والماء، وفي الصحة، وفي نوعية الحياة، وهي كلها حقوق منصوص عليها في الدستور، قد انتُهكت.

2-18 وفي اليوم نفسه، قبلت المحكمة الجنائية رقم 9 في أسونسيون الطلب (11) وط ُ لب من الكيانات المذكورة فيه تقديم تقرير. ودفعت وزارة الزراعة والثروة الحيوانية بعدم وجود أدلة كافية لدعم الاتهامات وأكدت مسؤولية الكيانات الثلاثة الأخرى. وردت الهيئة الوطنية لجودة وصحة النباتات والبذور بأنها زارت المنطقة لجمع عينات من المياه. ووصفت وزارة البيئة الإجراءات التي اتخذتها في القضية واعترفت بدورها في عدم وجود رقابة (12) . ولم يرد ّ معهد التنمية الريفية واستصلاح الأراضي على الطلب.

2-19 وفي قرار صادر في 28 كانون الثاني/يناير 2011، ذكرت المحكمة الجنائية رقم 9 في أسونسيون أنها لا تتمتع بالولاية القضائية الإقليمية (13) وأحالت القضية إلى محكمة كوروغواتي المحلية. وكانت تلك هي نفس المحكمة التي اتصل بها أصحاب البلاغ في البداية، ولكن موظفيها رفضوا التعامل مع طلب الحماية القضائية، قائلين إنه ينبغي إيداعه في العاصمة لأنه يتناول مؤسسات تابعة للدولة.

2-20 وفي 15 نيسان/أبريل 2011، رفضت محكمة كوروغواتي المحلية الطلب فيما يتعلق بمعهد التنمية الريفية واستصلاح الأراضي، ووزارة الزراعة والثروة الحيوانية، على أساس أنهما غير مسؤولين عن الإشراف على الامتثال لمعايير السلامة في استخدام منتجات الصحة النباتية. وقبلت جزئي اً الطلب فيما يتعلق بالهيئة الوطنية لجودة وصحة النباتات والبذور، ووزارة البيئة. وأشارت المحكمة المحلية في قرارها إلى أن الوزارة اعترفت ب مسؤولي تها في عدم ال وفا ء بواجباتها ، وأنها تسببت بذلك أيض اً في إلحاق أذى جسدي خطير بسكان مستوطنة يروتي نتيجة تبخير المنتجين الزراعيين لمحاصيلهم الزراعية. ورأت المحكمة المحلية أن ’’الدولة فشلت في الوفاء بالتزامها أو بواجبها في حماية الحق في الصحة، وهو حق إنساني أساسي‘‘. وذكرت أيض اً أن ذلك الوضع ’’ينتهك أيض اً الحق الدستوري في تلقي حماية من الدولة للحق في السلامة الجسدية والنفسية ، وفي نوعية الحياة ، وفي العيش في بيئة صحية وسليمة بيئيا ً ".

2-21 وفيما يتعلق بالهيئة الوطنية لجودة وصحة النباتات والبذور، أشارت المحكمة إلى أنه ’’من الواضح أنه لم تكن هناك أي رقابة على استخدام منتجات الصحة النباتية الزراعية‘‘، وأنه ’’لم يكن هناك إنفاذ لشروط إقامة المنطقة العازلة‘‘ وأن ’’الهيئة الوطنية لجودة وصحة النباتات والبذور لا تؤدي وظائفها المنصوص عليها في قانونها الأساسي فيما يتعلق بالمنتجين الزراعيين الكبار الذين يبخّرون محاصيلهم بكيماويات زراعية بدون أي رقابة من قبل تلك الهيئة ، ويلحقون أضرار اً جسيمة بصحة سكان يروتي ‘‘. وأضافت المحكمة المحلية تقول إن ’’الإجراءات المذكورة تصبح تعسفية أو غير شرعية عندما يبخّر المنتجون الزراعيون حقولهم الكبيرة بدون إشراف أو رعاية أو ضمانات من أي نوع، مما يؤثر بالتالي تأثير اً مباشر اً على سكان المناطق المجاورة‘‘. وأقرت المحكمة في قرارها بالطابع الملح ّ للحالة التي تشكل خطراً كبير اً و مستمراً على صحة السكان. وأشارت المحكمة في الختام إلى أنه ’’لا توجد قنوات قانونية منتظمة لطلب الحماية للحق الذي انتُهك، نظر اً لأن المؤسسات المسؤولة عن سياسات البيئة والصحة النباتية هي نفسها التي قصّرت في إنفاذ تلك السياسات‘‘.

2-22 وبناءً على ذلك، أمرت المحكمة المحلية كلا المؤسستين بتنفيذ المهام المسندة إليهما في التسوية، والمتمثلة في ’’التخطيط والتنفيذ والإشراف على السياسات ذات الصلة، وحماية الموارد البيئية، وضمان إقامة مناطق عازلة أو وقائية تفصل بين المناطق التي تُستخدم فيها منتجات الصحة النباتية الزراعية وبين المستوطنات البشرية ، والمدارس ، ومرافق الرعاية الصحية ، وأماكن العبادة ، والأماكن العامة ، والمجاري المائية بشكل عام‘‘.

2-23 ويدعي أصحاب البلاغ أنه لم تُتخذ أي خطوات لتطبيق ذلك القرار، وأنه لم ينفَّذ، وأن التبخير استمر بدون أن تُتخذ أي تدابير لحماية البيئة .

الشكوى

3-1 يدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف أخفقت في الوفاء بواجبها في توفير الحماية لأنها لم تمارس العناية الواجبة وسمحت بالرش الكثيف بالكيماويات الزراعية السامة في المزارع الصناعية المجاورة لمنازلهم، في انتهاك للقانون. وهم يزعمون أن تلك الانتهاكات يرتكبها موظفون عموميون أثناء ممارستهم لوظائفهم. ونتيجة لذلك، توفي السيد بورتيلو كاسيريس بعد أن ظهرت لديه أعراض التسمم بالكيمياويات الزراعية، وعانى أصحاب البلاغ من مشاكل صحية خطيرة.

3 -2 ويدعي أصحاب البلاغ أن هذه القضية مثال على حالات أخرى سبق أن لاحظتها هيئات تعاهدي ة وآليات غير تعاهدية تابعة للأمم المتحدة. وأشارت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى ’’أن التوسع في زراعة فول الصويا قد عزّز الاستخدام العشوائي للكيماويات الزراعية السامة، الأمر الذي أدّى إلى حدوث وفيات وأمراض‘‘ وحثت الدولة الطرف على ’’اعتماد تدابير عاجلة كي تضمن عدم تسبب زراعة فول الصويا في تقويض قدرة السكان على ممارسة حقوقهم التي يعترف بها العهد‘‘ (14) . وأعربت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة عن قلقها من أن تُلحق إساءة استخدام الكيماويات الزراعية السامة ضرر اً بصحة المرأة الريفية، وطلبت إلى الدولة الطرف إجراء دراسة شاملة عن الأسباب السلبية المحتملة لإساءة استخدام الكيماويات الزراعية السامة في الزراعة ’’بغية تنفيذ التدابير اللازمة للقضاء على تأثيرها على صحة المرأة وأطفالها‘‘ (15) . وأعربت لجنة حقوق الطفل عن قلقها إزاء ’’الآثار السلبية لتبخير المحاصيل الزراعية بمواد سامة على الأسر الزراعية‘‘، وأوصت الدولة الطرف بتنفيذ جميع التدابير اللازمة ’’للتصدي للآثار الشديدة الضرر التي يُحدثها تبخير المحاصيل الزراعية بمواد سامة في المجتمعات الريفية‘‘ (16) . وأشارت المقررة الخاصة المعنية بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان، أثناء بعثتها إلى باراغواي، إلى أن التوسع في زراعة فول الصويا، كمحصول وحيد، وإساءة استخدام الكيماويات الزراعية يهدد بشدة صحة مجتمعات الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية وأن الدولة لم تتخذ أي إجراء على الإطلاق لحماية حق المتضررين في الصحة، مما يعرض حياة الأشخاص الذين تحيط مزارع فول الصويا بمنازلهم للخطر، ولا سيما في كانينديو (17) .

3-3 ويؤكد أصحاب البلاغ أنهم معفون من شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن الوكالات الحكومية التي ثبت أنها مسؤولة لم تمتثل لتعليمات المحكمة عملاً بأمرها المتعلق ب الحماية القضائية. وبالإضافة إلى ذلك، فُتح التحقيق الجنائي منذ 12 كانون الثاني/يناير 2011 ومُدد لفترة غير معقولة، حيث استغرق الأمر عامين لتحديد موعد الجلسة ال أولية ، في انتهاك لقوانين الإجراءات الجنائية التي تقضي بتعيين موعد لعقد جلسة استماع في غضون 20 يوم اً. ثم أوقفت الإجراءات من أجل إعطاء النيابة العامة وق ت اً إضافي اً لجمع الأدلة التي لم تُجمع أثناء التحقيق. وإلى حد تاريخ تقديم البلاغ، لم تُجمع الأدلة ولا يزال التحقيق متوقف اً. ويستشهد أصحاب البلاغ بآراء اللجنة التي اعتبرت فيها أن مرور خمس سنوات بدون قيام السلطات بتقديم الجناة المشتبه بهم للمحاكمة يشكل تأخير اً غير مبرر (18) ، ووجدت فيها أنه، مع مرور خمس سنوات بدون تقديم السلطات تاريخ اً ممكن اً لإتمام التحقيق، يكون أمد سبل الانتصاف المحلية قد طال بشكل غير معقول (19) . وذكر أصحاب البلاغ أيض اً قضية وجدت فيها اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في بلاغ بعد أن تأخر البت في قضية أكثر من ثلاث سنوات على مستوى المحكمة الابتدائية (20) .

3-4 ويد ّ عي أصحاب البلاغ أن الأحداث في هذه القضية تمثل انتهاك اً للمواد 6 و7 و17 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2(3).

3-5 وفيما يتعلق بانتهاك الحق في الحياة والسلامة البدنية، يؤكد أصحاب البلاغ أنهم مرضوا وأن السيد بورتيلو كاسيريس توفي بسبب رش المحاصيل بدون أي إشراف من الدولة. و هم يضيفون أن الدولة الطرف لم تفِ بواجبها في حماية حياتهم وسلامتهم الجسدية بسبب عدم حرصها على تطبيق المعايير والقوانين البيئية. ويدعي أصحاب البلاغ أيض اً أن حقهم في الحياة بكرامة قد ا نتُهك بسبب الظروف التي يعيشون فيها، لأنهم محاطون بتغبير غير منضبط للمحاصيل أضر بحياتهم اليومية وتسبب في تسممهم، ولوث المجاري المائية التي يصطادون فيها ومياه الآبار التي يشربونها، ودمر المحاصيل التي يستخدمونها في الغذاء، وتسبب في نفوق حيوانات مزارعهم.

3-6 ويؤكد أصحاب البلاغ أن الحق المعترف به بموجب المادة 17 من العهد قد انت ُ هك نتيجة للتلوث البيئي الذي أحدثته المزارع الصناعية المتاخمة لأراضيهم، ولعدم اتخاذ الدولة الطرف أي إجراء على الإطلاق للتصدي له. وهم يقولون إنه ينبغي تفسير الفقرة 8 من التعليق العام رقم 31(2004)، بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، بمعنى أن مجال الحماية المنصوص عليه في المادة 17 يشمل حماية البيت والحياة الخاصة من التلوث البيئي الذي تحدثه أفعال أطراف ثالثة عندما تشكل تلك الأفعال تدخلاً تعسفي اً أو غير قانوني في خصوصيتهم أو شؤونهم الأسرية. ولذلك يطالب أصحاب البلاغ الدولة بالاعتراف بمسؤوليتها الناتجة عن عدم إنفاذها للقوانين التي تنظم أنشطة زراعية قامت بها أطراف ثالثة وتسبب ت في تلوث أضر ّ بخصوصية أشخاص آخرين أو ب شؤون أسرهم أو بيوتهم .

3-7 ويؤكد أصحاب البلاغ أن هذا التفسير غير غريب عن القانون الدولي لحقوق الإنسان؛ ويذكّرون بالسوابق القضائية المستقرة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تشير إلى أنه بالرغم من أن اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) لا تتضمن حكم اً يحمي الحقوق البيئية، فإن الخطر البيئي يصبح انتهاك اً لل حق في ال خصوصية و ا لحياة الأسرية، إذا بلغ من الشدة ما يجعله يحدّ بدرجة كبيرة من قدرة الشخص على التمتع ببيته و بخصوصيته وب حياته ال أسر ية . و يمكن أن يؤثر التلوث البيئي الشديد على رفاه الأفراد ويحرمهم من الاستمتاع ببيوتهم بطريقة تؤثر سلب اً على خصوصيتهم و حياتهم الأسرية (21) . ويشدد أصحاب البلاغ على أنه ينبغي تفسير المادة 17 من العهد بطريقة متطورة في ضوء فقه المحكمة الأوروبية حيث إ نه توجد، في القضية المطروحة، أدلة كافية على وجود علاقة سببية بين الرش الكثيف بمبيدات الآفات وبين تلوث مياه الشرب بالكيماويات الزراعية المحظورة، وتسمم أصحاب البلاغ ووفاة السيد بورتيلو كاسيريس .

3-8 وأخيراً، يدعي أصحاب البلاغ حدوث انتهاك لحقهم في سبل الانتصاف القانوني الفعال على أساس أن التلوث البيئي الذي سمم أصحاب البلاغ وأدى إلى وفاة السيد بورتيلو كاسيريس لم يكن موضوع تحقيق فعال ومناسب وغير متحيز ودؤوب، ولأن الأطراف المسؤولة عن ذلك التلوث لم تعاقَب.

3-9 وعلى وجه التحديد، يذكر أصحاب البلاغ عدم فعالية سبل الانتصاف التي لج أ وا إليها، وذلك بالرغم من أن التفتيش الميداني الذي أجري أسفر عن تقديم أدلة كافية على افتراض وجود صلة مباشرة بين انتهاك القوانين البيئية وبين التلوث الذي سبب لهم الضرر: (أ) استغرق الأمر من السلطات عامين لعقد جلسة استماع أولية في قضية شملت بعض المنتجين، ولم تشمل أكبر اثنين منهم؛ (ب) صدر في نهاية المطاف أمر بوقف الإجراءات؛ (ج) لم تغتنم النيابة العامة الفرصة الإجرائية الممنوحة لها لتجمع الأدلة؛ (د) لم يُدرَج في الملف الخاص بالتحقيق لا التاريخ الطبي لأصحاب البلاغ ولا نتائج اختباراتهم للدم والبول؛ (ه) الإفلات من العقاب سائد والتلوث متواصل؛ (و) لم ينفَّذ قط أمر الحماية القضائية الصادر لفائدتهم.

3-10 ويطلب أصحاب البلاغ تدابير الانتصاف التالية: (أ) إجراء تحقيق شامل وفعال ومعاقبة الأطراف المسؤولة؛ (ب) اعتماد التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير التي تكفل بفعالية عدم وقوع أحداث مماثلة في المستقبل؛ (ج) الجبر الكامل والملائم.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تحتج الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 19 أيلول/سبتمبر 2018، بأن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي لأن العهد لا يعترف بالحقوق البيئية (22) . وتضيف الدولة الطرف أنه لا توجد صلة بين الأحداث المعنية - المتعلقة بالانتهاكات المفترضة للوائح الإدارية في باراغواي فيما يتعلق باستخدام الكيماويات الزراعية - وبين الحقوق المنصوص عليها في العهد.

4-2 وتحتج الدولة الطرف أيضاً بأن البلاغ غير مقبول لأن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد، حيث إ ن الأحداث المعنية هي موضوع قضية جنائية مفتوحة. وتشير الدولة الطرف إلى أن القضية أعيد فتحها، وأن تهم اً وُجهت في 30 أيلول/سبتمبر 2017 إلى أربعة من الأشخاص السبعة الذين وُجهت إليهم تهمٌ في البداية (23) وأنه تم تحديد موعد لعقد جلسة استماع أولية في 27 أيلول/ سبتمبر 2018. وتؤكد الدولة الطرف أن أصحاب البلاغ سيحصلون على حقوقهم، في حالة إدانة المدعى عليهم. وتؤكد أيض اً أن الإجراءات لم تكن مطولة بدون مبرر، للأسباب التالية: (أ) تصرفت الدولة وفق اً لمبدأ الموضوعية واحترام الحق في افتراض البراءة؛ (ب) كانت القضية معقدة، حيث وجب أن يشمل التحقيق عدد اً كبير اً من الأشخاص، وكان الأمر ينطوي على إيجاد أدلة ذات طابع تقني؛ (ج) توقفت الإجراءات عدة مرات بسبب عدم مثول المتهمين أمام المحكمة.

4-3 وتؤكد الدولة الطرف أيض اً أن سبل الانتصاف الأخرى متاحة لأصحاب البلاغ بموجب القانون المدني الذي يوفر إمكانية الوصول إلى حل أسرع وأوسع نطاق اً، مثل دعاوى الحيازة المدنية لحماية ممتلكاتهم الخاصة، وضمان وقف الأعمال غير القانونية، والمطالبة بالتعويض المناسب عن الأضرار (24) .

4-4 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تحتج الدولة الطرف بأنها لم تنتهك المادتين 6 أو 7 من العهد لأن أصحاب البلاغ لم يثبتوا أنهم أصيبوا بالتسمم بمبيدات الآفات، لأن اختبارات الدم والبول أعطت قيما ً ’’في حدود المعايير العادية ولم تشر إلى وجود سموم متبقية في أجسادهم‘‘ (25) . وتضيف الدولة الطرف أن الليند ا ن هو العنصر النشط الوحيد الذي و ُ جد بتركيز أعلى من الحد المسموح به (0.03 ملغ/كغ، بدلاً من 0.01 ملغ/كغ). وتشدد الدولة الطرف أيضاً على أن أصحاب البلاغ ذكروا إصابتهم بالحمى، ولكن الحمى ليست في الواقع من الأعراض المعتادة للتسمم بالليند ا ن .

4-5 وفيما يتعلق بالانتهاك المفترض للمادة 17 من العهد، تدّعي الدولة الطرف أن وجود قوانين سارية لحماية البيئة، إلى جانب وجود هيئات رقابة مرخص لها بتطبيق الجزاءات، يجعل غياب الإشراف على تلك الأنشطة أمر اً غير مرجح الحدوث. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن الأحداث المبلغ عنها تمثل حالة منعزلة سُلطت فيها عقوبات إدارية على شركتي الأعمال التجارية الزراعية الكبيرتين الواقعتين على أرض متاخمة لمساكن أصحاب البلاغ. وقد اتُخذت إجراءات إدارية، وغُرمت الأطراف التالية بما يعادل 000 5 يوم عمل بالأجر الأدنى ، وصدر أمر بمراقبة أنشطتها والإشراف عليها بانتظام ، بموجب القرار رقم 217/2018 المؤرخ 13 نيسان/أبريل بالنسبة للشركة Cóndor S.A، والقرار رقم 250/2018 المؤرخ 26 نيسان/أبريل بالنسبة للشرك ةHermanos GalheraAgrovalle del Sol S.A.، و/أو Emmerson Shimmin.

4-6 وفيما يتعلق بالانتهاك المفترض للمادة 2(3) من العهد، تشير الدولة الطرف إلى أن تحقيق اً جنائي اً فُتح وحدد الأشخاص الذين يزرعون فول الصويا في مستوطنة يروتي والذين قد تُفرض عليهم عقوبات بمجرد اكتمال الإجراءات الجنائية.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 أشار أصحاب البلاغ في تعليقاتهم المؤرخة 23 كانون الأول/ديسمبر2018 إلى أنهم لا يدّعون حدوث انتهاك للحق في بيئة صحية بل يحتجون على غزو خصوصيتهم وحياتهم الأسرية وانتهاك حقهم في الحياة والسلامة البدنية وعدم وجود سبل انتصاف فعالة (26) .

5-2 وفيما يتعلق بافتراض عدم وجود صلة بين الأحداث المعنية والعهد، يؤكد أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف تقدم تفسير اً خاطئ اً وضيق اً لالتزاماتها فيما يتعلق بالحق في الحياة، وهي التزامات تشمل، إضافة إلى الالتزام السلبي بعدم اتخاذ أي إجراء مباشر يحرم الشخص من حياته، الالتزامَ الإيجابي بضمان ظروف معيشية لائقة. ولذلك وجب تحليلُ الأسس الموضوعية للبلاغ.

5-3 وفيما يتعلق بإعادة فتح الإجراءات الجنائية في عام 2017، يقول أصحاب البلاغ إنهم علموا بذلك القرار فقط عندما قرأوا ملاحظات الدولة الطرف في القضية. وهم يؤكدون أن هذه ’’محاولة يائسة من الدولة لتجنب تحم ّ ل مسؤوليتها، ودليل اً على عدم جديتها‘‘ كما يتضح من عدم عقد جلسة الاستماع الأولية التي قالت إنها ستُعقد في أيلول/سبتمبر 2018. و لذلك، لا يزال أصحاب البلاغ، بعد مرور أكثر من سبع سنوات على الأحداث المعنية، في انتظار حصولهم على الانتصاف.

5-4 وفيما يتعلق بموضوع دعاوى الحيازة المدنية، يذكر أصحاب البلاغ أن تلك الدعاوى ليست وسيلة فعالة لطلب حماية حقهم في الحياة والسلامة من الانتهاكات الناجمة عن عدم استجابة السلطات بشكل فعال. وهم يضيفون أنه وفق اً للوائح برازيلي اً بشأن وصول المستضعفين إلى العدالة، ينبغي أن يؤخذ في الحسبان الوضع الضعيف للمزارعين المقيمين في مستوطنة يروتي الريفية النائية (27) ، الذي لا يمكنّهم من الاستعانة بمحامٍ ودفع أتعابه والمخاطرة بتكبد تكاليف المقاضاة الباهظة في حالة خسارة الدعوى. وهم يرون أنه بالرغم من وجود قوانين بيئية سارية، فإن القضاة في نظام العدالة المدنية الذي أنشئ للدفاع عن حقوق الملكية الخاصة للأفراد ليسوا ملزمين بالنظر في مبادئ القانون الزراعي أو القانون البيئي، وأنه ليس للدولة الطرف أي محاكم متخصصة لها صلاحية النظر في المسائل الزراعية والبيئية وتوفر لهم وسيلة قانونية مناسبة.

5-5 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، أشار أصحابه مرة أخرى إلى انتهاكات الحق في الحياة والحق في السلامة البدنية؛ وذكروا أن وكالة تابعة للدولة الطرف استنتجت أن آبارهم كانت ملوثة بالكيماويات الزراعية، وأن مكتب اً حكومي اً آخر وضع قائمة بالجرائم الإدارية التي ارتكبتها الشركات الموجودة بجوار مزارعهم. وهم يؤكدون أن إجراءات متعمدة ، اتخذها أفرادٌ وكان بإمكان الدولة الطرف أن تتجنبها، تسببت في وفاة أحد المزارعين من سكان القرية، وأضرت بقدرة أفراد المجتمع المحلي الآخرين على ممارسة حقوقهم في العيش بكرامة و في السلامة البدنية.

5-6 ويؤكد أصحاب البلاغ أنه إذا لم تكن الدولة تسعى إلى فرض ضوابط فعالة لتفادي تسمم المواد الغذائية، فإنها تنتهك بذلك الحق في الحياة. وه م يرون أن توفير البيئة الصحية، وتقديم الرعاية الصحية العالية الجودة في الوقت المناسب، والمواد الغذائية الخالية من السموم، هي من عناصر الحق في الحياة. ويشير أصحاب البلاغ إلى التعليق العام رقم 36 كأساس للتذكير بأنه: ’’ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ التدابير الملائمة لمعالجة الظروف الاجتماعية العامة التي قد تتسبب في أخطار مباشرة تهدد حياة الأشخاص أو تمنعهم من التمتع بحقهم في الحياة بكرامة‘‘ ، والتي ’’قد تشمل ... تدهور البيئة‘‘ (28) . وهم يشددون على أن الحق في الحياة ’’يشمل حق الأفراد في عدم الوقوع ضحية لأفعال وأوجه تقصير يُقصد بها أو يُتوقع منها أن تتسبب في وفاتهم وفاةً غير طبيعية أو مبكرة‘‘ (29) .

5-7 وفيما يتعلق بانتهاك المادة 17 من العهد، يرى أصحاب البلاغ أنه لا يمكن للدولة الطرف أن تتنصل من مسؤوليتها بمجرد ادعاء اعتمادها لقوانين بيئية وبأن لديها وكالات مكلفة بإنفاذ القوانين واللوائح البيئية. فإخفاق الدولة في إنفاذ تلك القوانين واللوائح هو بالتحديد ما يشكل تدخلاً تعسفياً في خصوصية الناس و شؤون أسرهم و بيوتهم . ويشير أصحاب البلاغ إلى تلوث المجاري المائية والمحاصيل ونفوق حيوانات المزارع. ويضيفون أن جميع تلك العناصر تشكل جانب اً من خصوصيتهم وشؤون أسرهم وبيوتهم التي تعرضت للانتهاك. وكان ممكن اً تجنب ذلك الوضع لو مارست الدولة الطرف العناية الواجبة في الوفاء بواجبها في توفير الحماية.

5-8 وفيما يتعلق بالإجراءات الإدارية التي بدأت بعد خمس سنوات من الأحداث المعنية (30) ، يشير أصحاب البلاغ إلى أن تلك الإجراءات لم تفشل فقط في تعليق عمليات الرش، بل أن الإجراء الإداري المتعلق بالشركتين HermanosGalheraAgrovalledelSolS.A. و/أو Emmerson Shimmin أفضى إلى عدم سماع الدعوى في القضية وإلى استنتاج أن الطرفين المذكورين لا يتحملان أي مسؤ و لية، بعد تقديمهما طلب اً لإعادة النظر في القضية في 23 أيار/ مايو 2018. وفي قرار مؤرخ 24 أيلول/سبتمبر 2018، ذكرت مديرية الخدمات الاستشارية القانونية التابعة لوزارة البيئة والتنمية المستدامة بأنه ’’لم يمكن تحديد هوية مالك المنشأة التي فتشتها السلطات البيئية، تحديد اً قطعيا ً ‘‘. وأن ’’معلومات ضرورية، مثل رقم تسجيل المزرعة، لم تكن متاحة، ولم تكن إحداثيات المزرعة مسجلة، ولم تكن هناك بالتالي معلومات دقيقة عن هوية الشخص المادي أو الاعتباري الذي كان يمتلك أو يستأجر العقار المعني‘‘. ووفق اً لذلك، وبموجب القرار رقم 116/18 المؤرخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2018، أسقطت الوزارة القضية المرفوعة على تلك الشركة و على EmmersonShimmin. وبالنسبة للإجراء الإداري فيما يتعلق بالشركتين CóndorAgrícolaS.A. و/أو KLMS.A.، طلب أصحاب البلاغ من السلطات المختصة تسليمهم نسخة من ملف القضية ولكنهم لم يتمكنوا من الحصول عليها، ولم يتمكنوا بالتالي من تحليل محتوياته.

5-9 ويؤكد أصحاب البلاغ أن هذه الأحداث ليست حالة منعزلة، كما يتضح من تعدد الحالات التي يُعرب فيها عن القلق بشأن هذا الموضوع في العالم. وبالإضافة إلى البيانات الأخرى المتعلقة بمثل هذه الحالات المشار إليها سابقاً (انظر الفقرة 3-2 أعلاه)، يستشهد أصحاب البلاغ بتقرير المقررة الخاصة المعنية بالحق في الغذاء عن مهمتها في باراغواي، الذي طلبت فيها من الدولة الطرف وضع إطار قانون فعال لحماية البيئة، بما في ذلك الحماية من استخدام المنتجات الكيميائية الزراعية السامة، واعتماد عقوبات مناسبة ضد من يخالفون القانون وتعويضات مناسبة للأشخاص المتضررين (31) . و هم يذكرون أيض اً تقرير المقررة الخاصة المعنية بحقوق الشعوب الأصلية عن مهمتها في باراغواي، الذي أشارت فيه إلى أن نموذج التنمية في البلاد، الذي يشجع النمو الاقتصادي السريع من خلال زراعة محصول وحيد، يفاقم المشكلات البيئية الحالية الناجمة عن زراعة المحاصيل المحوّرة جيني اً، وعن استخدام مبيدات الآفات. ولذلك أوصت المقررة الخاصة بأن تجري الدولة الطرف بحثاً بشأن ’’آثار رش مبيدات الآفات والمنتجات الكيميائية الزراعية الأخرى ... على صحة الناس وعلى التمتع بحقوق الإنسان الأخرى ... واعتماد وتنفيذ تشريعات لتنظيم استخدام هذه المنتجات‘‘ (32) . ويشير أصحاب البلاغ أيض اً إلى الملاحظات الختامية الصادرة عن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشأن التقرير الدوري الرابع لباراغواي الذي كررت فيها اللجنة الإعراب عن قلقها إزاء الآثار الضارة للزراعة المكثفة لفول الصويا، والاستخدام العشوائي للكيماويات الزراعية السامة، وتلوث إمدادات المياه وانعدام الأمن الغذائي. و هم يشيرون أيض اً إلى أن اللجنة حثت الدولة الطرف على ’’اتخاذ التدابير اللازمة لمراقبة زراعة فول الصويا بغرض الحيلولة دون تقويضها لمستوى التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا سيما الحق في مستوى معيشي لائق وفي الغذاء والماء والصحة‘‘ (33) . ويقدم أصحاب البلاغ أمثلة على الحالات التي توفي فيها أشخاص نتيجة التسمم بمبيدات الحشرات. فقد نُقلت إيفانجيليستا بيرالغو ، وكانت تبلغ من العمر 28 عام اً وتعيش في مستوطنة كامبو أغوا الأصلية (على الجانب الآخر من الطريق الرئيسية ويربطها ب مستوطنة يروتي طريق ترابي) ، إلى المستشفى وكانت تتقيأ دم اً وماتت هناك. وفي 7 كانون الثاني/يناير 2003، توفي سيلفينو تالافيرا ، وكان يبلغ من العمر 11 عام اً، بعد تعرضه للرش بكيماويات زراعية سامة في مقاطعة إيتابيا بينما كان يستقل دراجته على طول طريق ثانوي محاذ لحقول مزروعة (34) . ويقول أصحاب البلاغ أن شقيقتين توفيتا في عام 2014 بعد رش أراض مجاورة لمنزلهما وأن 18 شخص اً بالغ اً في مجتمعهما المحلي مرضوا (35) . ويشير أصحاب البلاغ أيض اً إلى أن مجتمع اً أخر لشعوب أصلية في كوروغواتي تضرر بسبب تبخير المحاصيل في آب/ أغسطس 2017 (36) .

5-10 وأخيراً، وفيما يتعلق بانتهاك المادة 2(3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و7 و17، يشير أصحاب البلاغ إلى ما يلي: (أ) لم يُجر أي تشريح لجثة السيد بورتيلو كاسيريس ؛ (ب) لم يُجر أي تحقيق جنائي فيما يتعلق بمالكي الأعمال التجارية الزراعية المجاورة التي تبين أنها ارتكبت انتهاكات إدارية؛ (ج) لم ي ؤد أي سبيل من سبل الانتصاف التي التمسوها إلى تصحيح غياب تدابير الوقاية لحماية المناطق من الرش، الذي لا يزال مستمر اً ، أو إلى اتخاذ تدابير محددة لتنظيف المجاري المائية القريبة وتنقيتها؛ (د) لم يتلق المتضررون جبر اً للضرر الذي لا يزال يصيبهم جراء تلك الانتهاكات.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، وفق اً لما تنص عليه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لا يجري بحثها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي لأن الحقوق البيئية غير منصوص عليها في العهد. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن أصحاب البلاغ ذكروا أنهم لا يد ّ عون حدوث انتهاك للحق في بيئة صحية بل حدوث انتهاكات لحقهم في الحياة، والسلامة البدنية، والخصوصية، والحياة الأسرية، وفي الحصول على انتصاف فعال، وأن مطالبتهم تقوم على أساس أن الدولة الطرف لم تف بالتزامها الإيجابي بحماية تلك الحقوق، وهو ما يستلزم، في الحالة المطروحة، إنفاذ المعايير البيئية. ولذلك ترى اللجنة أن المادة 3 من البروتوكول الاختياري لا تشكل عقبة أمام استنتاج مقبولية هذا البلاغ.

6-4 وتحيط اللجنة علماً بدفع الدولة الطرف فيما يتعلق بعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وقولها إن هناك تحقيقاً جنائياً جاري اً في وفاة السيد بورتيلو كاسيريس وتسمم أصحاب البلاغ نتيجة لانتهاك القوانين البيئية. وتشير اللجنة إلى أن الغرض من اشتراط استنفاد سبل الانتصاف المحلية هو إتاحة الفرصة للدول الأطراف لأداء واجبها في حماية وضمان الحقوق المنصوص عليها في العهد (37) . ومع ذلك، وعملاً بالمادة 5 ( 2) ( ب) من البروتوكول الاختياري، ينبغي ألا تكون سبل الانتصاف المحلية مطولة على نحو غير معقول. و نظر اً إلى أكثر من ثماني سنوات انقضت على الأحداث المعنية، وأن القضية الجنائية لم تحقق تقدماً ملموساً، وأن الدولة الطرف فشلت في تبرير ذلك التأخير الكبير، ترى اللجنة أن التحقيق قد طال أمده بشكل غير معقول، وأنه لها أن تنظر تبع اً لذلك في هذا البلاغ (38) .

6-5 وتحيط اللجنة علماً كذلك بدفع الدولة الطرف بأن أصحاب البلاغ لم يستنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأنهم لم يرفعوا دعوى حيازة مدنية. غير أن اللجنة تحيط علم اً بتأكيد أصحاب البلاغ أن ذلك النوع من الدعوى ليس وسيلة فعالة لطلب حماية حقهم في الحياة والسلامة من الانتهاكات الناجمة عن عدم استجابة السلطات بشكل فعال. وتشير اللجنة إلى أنه تمشياً مع المادة 5 ( 2) ( ب) من البروتوكول الاختياري، فإن أصحاب البلاغ ليسوا مطالبين بأكثر من استخدام جميع السبل التي تتيح لهم إمكانية معقولة للانتصاف (39) ، والتي تتعلق بالانتهاك المزعوم، والتي تتيح الحصول على تعويض متناسب مع الضرر الذي حدث. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن المحكمة التي نظرت في طلب حق الحماية القضائية ذكرت أنه ’’لا توجد قنوات قانونية منتظمة لطلب الحماية للحق الذي انتُهك، نظر اً لأن المؤسسات المسؤولة عن سياسات البيئة والصحة النباتية هي نفسها التي قصّرت في إنفاذ تلك السياسات‘‘. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن رفع دعوى بشأن الحيازة المدنية لن تكون وسيلة انتصاف فعالة في هذه القضية، وتخلص إلى أن البلاغ مقبول بموجب المادة 5 (2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

6-6 وبما أن البلاغ يستوفي جميع الشروط المتعلقة بالمقبولية، وأن صحة ادعاءات أصحاب البلاغ، استناداً إلى المواد 2 ( 3) و6 و7 و17 من العهد، قد ثبتت بما يكفي لأغراض استنتاج المقبولية، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتشرع في فحصه من حيث أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 -1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف، على النحو المنصوص عليه في المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء أصحاب البلاغ أن الأحداث في هذه القضية تشكل انتهاكاً بالتقصير للمادة 6 من العهد فيما يتعلق بكل من السيد بورتيلو كاسيريس ، الذي توفي وقد ظهرت عليه أعراض التسمم بمبيدات الآفات، وأصحاب البلاغ أنفسهم، نتيجة فشل الدولة الطرف في أداء واجبها في توفير الحماية. وهم يزعمون أن حقهم في ال حياة بكرامة قد انتُهك نتيجة التبخير المستمر الذي يُحدث تأثير اً سلبي اً على حياتهم اليومية، ويلوث المجاري المائية التي يصطادون فيها، والآبار التي يشربون منها، والمحاصيل وحيوانات المزارع التي هي مصدر غذائهم، وقد أدى كل ذلك إلى تسممهم مما تطلب دخولهم إلى المستشفى بسبب نفس الأعراض التي عانى منها السيد بورتيلو كاسيريس (الغثيان، والدوار، والصداع، والحمى، وآلام المعدة، والقيء، والإسهال، والسعال، والالتهابات الجلدية). وتلاحظ اللجنة أيض اً أن الدولة الطرف تؤكد أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا أنهم تسمموا بمبيدات الآفات وأن الليندن هو المادة الكيميائية الزراعية السامة الوحيدة التي وجدت بتركيز أعلى من العتبة المسموح بها. غير أن اللجنة تلاحظ أن تقرير النيابة العامة عن نتائج تحليل عينات المياه المأخوذة من البئر الذي تستخدمه أسرة السيد بورتيلو كاسيريس يشير إلى وجود الألدرين والليندن ، وهما مبيد آفات ومبيد حشرات محظوران بموجب قانون باراغواي. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أنه لم يجر تشريح جثة السيد بورتيلو كاسيريس بالرغم من طلب ذلك في أربع مناسبات مختلفة بغرض تحديد ما إذا كانت هناك آثار لكيماويات زراعية في أجهزته الداخلية؛ وأن التاريخ الطبي لأصحاب البلاغ ونتائج اختباراتهم للدم والبول لم تُدرج في ملف القضية؛ وأن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل لإثبات أن القيم التي أسفرت عنها تحليلات عينات الدم والبول كانت داخل النطاقات الطبيعية. وتشير اللجنة إلى أن ما يجعل عبء الإثبات لا يقع على عاتق أصحاب البلاغ فقط، هو، على وجه الخصوص، أنه ليس للطرفين ، أصحاب البلاغ والدولة الطرف ، دائم اً نفس القدرة على الوصول إلى الأدلة؛ فغالب اً ما تكون للدولة الطرف وحدها، في كثير من الأحيان، إمكانية الوصول إلى المعلومات اللازمة. وفي الحالات التي يتوقف فيها التوضيح على معلومات متاحة فقط للدولة الطرف، يجوز للجنة أن تعتبر أن للادعاءات ما يبررها إذا لم تدحضها الدولة الطرف بتقديمها أدلة وتفسيرات مُرضية (40) .

7-3 وتلاحظ اللجنة أن التفسير الضيق لا يلائم بشكل كاف المفهوم الكامل للحق في الحياة، وأن على الدول أن تتخذ إجراءً إيجابياً لحماية ذلك الحق (41) . وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 36، الذي أثبتت فيه أن الحق في الحياة يشمل أيضا ً حق الأفراد في ال حياة بكرامة وعدم الوقوع ضحية لأفعال أو أوجه تقصير تتسبب في وفاتهم وفاة غير طبيعية أو مبكرة (42) . وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ التدابير الملائمة لمعالجة الظروف الاجتماعية العامة التي قد تتسبب في أخطار مباشرة تهدد حياة الأشخاص أو تمنعهم من التمتع بحقهم في الحياة بكرامة، وتشمل تلك الظروف تدهور البيئة (43) . وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن الدولة الطرف ملزمة أيضاً باتفاقية استكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة. وتشير اللجنة أيض اً إلى أن الدول الأطراف قد تكون في حالة انتهاك للمادة 6 حتى لو لم تؤد تلك الأخطار والأوضاع إلى فقدان الحياة (44) .

7-4 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بالتطورات في المحاكم الدولية الأخرى التي اعترفت بوجود صلة لا يمكن إنكارها بين حماية البيئة وإعمال حقوق الإنسان، وأثبتت أن التدهور البيئي يمكن أن يؤثر سلباً على التمتع الفعلي بالحق في الحياة (45) . وبالتالي، فإن التدهور البيئي الشديد أدى إلى استنتاج حدوث انتهاكات للحق في الحياة (46) .

7-5 وفي هذه الحالة ، ترى اللجنة أن رش المنطقة ب كثافة بالكيماويات الزراعية السامة - وهو إجراء تم توثيقه بشكل واف (47) - يشكل خطر اً متوقعاً بشكل معقول على حياة أصحاب البلاغ بالنظر إلى أن ذلك التبخير الواسع النطاق قد تسبب في تلوث الأنهار التي يصطاد فيها أصحاب البلاغ، ومياه الآبار التي يشربونها، وأشجار الثمار والمحاصيل وحيوانات المزارع، التي هي مصدر غذائهم. وقد نُقل أصحاب البلاغ إلى المستشفى بسبب تسممهم، ولم تقدم الدولة الطرف أي دليل من أي نوع لإثبات أن قيَم اختبارات دمهم وبولهم كانت ضمن النطاق الطبيعي، ولم تقدم أي تفسير بديل للأحداث المذكورة. وعلاوة على ذلك، توفي السيد بورتيلو كاسيريس بدون أي تفسير من الدولة الطرف لوفاته، حيث لم يجر تشريح لجثته. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه خلال فترة لا تقل عن خمس سنوات قبل حدوث أحداث هذه القضية، استُرعي ا نتباه عدد من السلطات الحكومية إلى عمليات التبخير وتأثيرها على سكان مستوطنة يروتي (الفقرة 2-6). وبالرغم من تلك التقارير والشكاوى، لم تتخذ الدولة الطرف أي إجراء. و بالمثل، أقرت الدولة الطرف، بفرضها عقوبات إدارية على اثنين من المنتجين (الفقرة 4-5)، بأن تلك الأنشطة تشكل خطراً، وهو واقع لا يتأثر بوقف الإجراءات التي صدر بشأنها أمر في إحدى هذه القضايا على أساس ارتكاب أخطاء رسمية في الإجراءات التي اتخذتها السلطات البيئية (الفقرة 5-8). و إضافة إلى ذلك، أقرت وزارة البيئة بمسؤوليتها عن عدم وجود رقابة. وأخير اً، ذكرت المحكمة المحلية بوضوح، عند قبولها طلب إصدار أمر بالحماية القضائية، أن ’’الدولة لم تف بالتزاماتها أو لم تؤد واجبها في الحماية‘‘. وبالرغم مما تقدم، تواصلت عمليات التبخير. وبالتالي، ونظر اً للتسمم الحاد الذي عانى منه أصحاب البلاغ، كما اعتُرف به في الأمر ب الحماية القضائية الصادر في عام 2011 (الفقرتان 2-20 و2-21)، ولوفاة السيد بورتيلو كاسيريس ، الذي لم تجر الدولة الطرف أبدا تشريح اً لجثته، تخلص اللجنة إلى أن المعلومات المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادة 6 من العهد في حالات السيد بورتيلو كاسيريس وأصحاب هذا البلاغ.

7-6 وبعد أن خلصت اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 6 من العهد فإنها لا ترى ضرورة تناول مسألة ما إذا كانت تلك الأعمال تشكل انتهاكاً للمادة 7.

7-7 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 17 من العهد، تحيط اللجنة علماً بادعاء أصحاب البلاغ أن حيوانات المزارع والمحاصيل وأشجار الفاكهة وموارد المياه والأسماك تشكل عناصر من خصوصيتهم وحياتهم الأسرية، و بيوتهم ، وأن إخفاق الدولة الطرف في إنفاذ المعايير البيئية يشكل بالتالي حالة من التدخل التعسفي في خصوصيتهم و شؤون أسرهم و بيوتهم . ويدعي أصحاب البلاغ أيضاً أن نطاق الحماية التي توفرها المادة 17 من العهد يشمل الحماية من التلوث البيئي، وأن الدولة تتحمل بالتالي مسؤولية الإخلال بمقتضيات اليقظة لعدم وضعها ضوابط للنشاط الزراعي الذي يسبب التلوث. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بأنه، وفقاً للدولة الطرف، فُرضت عقوبات إدارية على الشركات المعنية وأن تهم اً جنائية وُجهت إلى أربعة أفراد، وبدونها لا تكون هناك أي انتهاكات للمادة 17 من العهد. غير أن اللجنة تلاحظ أن تطبيق تلك الإجراءات الإدارية قد توقف في نهاية المطاف بسبب ارتكاب أخطاء شكلية في الإجراءات التي اتخذتها السلطات البيئية (الفقرة 5-8)، وأن الرش غير المشروع للمحاصيل لم يتوقف.

7-8 وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ، وهم مزارعون من أسرة واحدة تمارس زراعة أسرية في أراض مملوكة للدولة ويديرها كيان حكومي (الفقرة 2-2)، يعتمدون في عيشهم على محاصيلهم، وأشجارهم المثمرة، وماشيتهم، ومواردهم المائية، وعلى صيدهم للأسماك. ولم تطعن الدولة الطرف في ذلك. وتشير اللجنة إلى أن مصطلح ’’ البيت ‘‘ يجب أن يُفهم على أنه يشير إلى المكان الذي يقيم فيه الشخص أو يمارس فيه نشاطه المعتاد (48) . وترى اللجنة أيض اً أن العناصر المذكورة أعلاه تشكل مكونات الطريقة التي يعيش بها أصحاب البلاغ الذين يربطهم بالأرض تعلقهم بها واعتمادهم عليها بشكل خاص (49) ، وأنه يمكن اعتبار تلك العناصر جانب اً من نطاق الحماية المنصوص عليه في المادة 17 من العهد (50) . وترى اللجنة كذلك أنه لا ينبغي فهم المادة 17 على أنها تقتصر على الامتناع عن التدخل التعسفي، بل هي تشمل أيضاً التزام الدول الأطراف باتخاذ التدابير الإيجابية الضرورية لضمان الممارسة الفعالة لذلك الحق، في ضوء تدخل سلطات الدولة والأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين (51) . وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تضع ضوابط مناسبة للأنشطة غير القانونية التي تسببت في التلوث. وعدم قيام الدولة الطرف بأداء واجبها في الحماية، على النحو المعترف به في الأمر ب الحماية القضائية (الفقرتان 2-20 و 2-21)، أتاح استمرار التبخير على نطاق واسع، في خرق للوائح الداخلية، بما في ذلك استخدام كيماويات زراعية محظورة، مما تسبب ليس فقط في تلوث مياه الآبار في بيوت أصحاب البلاغ، على النحو المعترف به من قبل النيابة العامة، وإنما أيض اً في نفوق الأسماك والماشية وفقدان المحاصيل والأشجار المثمرة على الأرض التي يعيش عليها أصحاب البلاغ ويزرعون محاصيلهم، وهي عناصر تشكل مكونات خصوصيتهم وشؤون أسرهم و بيوتهم . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير بديل في هذا الصدد. وعندما تكون للتلوث انعكاسات مباشرة على حق الناس في الخصوصية وشؤون الأسرة والبيت ، وتكون العواقب الضارة لذلك التلوث خطيرة بسبب شدته أو مدته أو ما يحدثه من ضرر جسدي أو عقلي، فإنه يمكن لتدهور البيئة أن يؤثر بشكل سلبي على رفاه الأفراد وأن يمثل انتهاكات للخصوصية وشؤون الأسرة والبيت (52) . وبالتالي، تخلص اللجنة في ضوء المعلومات التي عُرضت عليها إلى أن الأحداث موضع هذه الحالة تكشف عن انتهاك للمادة 17 من العهد.

7-9 وأخيراً، تحيط اللجنة علماً بادعاء أصحاب البلاغ أن الأحداث موضع هذه القضية تشكل أيضاً انتهاكاً للمادة 2(3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 6 و17، بسبب عدم القيام بتحقيق فعال وملائم ومحايد ودؤوب في التلوث البيئي الذي أصاب أصحاب البلاغ بالتسمم وأدى إلى وفاة السيد بورتيلو كاسيريس . وهم يشيرون على وجه الخصوص إلى أن ملف القضية لم يُضمّن لا تاريخهم الطبي ولا نتائج اختباراتهم للدم والبول؛ وأن المشتبه بهم لم يدانوا، وأن التلوث لم يتوقف؛ وأن أصحاب الأعمال التجارية الزراعية المجاورة التي ارتكبت الانتهاكات، وهي انتهاكات ثبتت صحتها في الإجراءات الإدارية، لم يخضعوا لأي تحقيق جنائي؛ وأن الأمر بالحماية القضائية التي مُنحت لهم لم يدخل حيز التنفيذ؛ وأن أي اً من التماسات وسائل الانتصاف التي قدموها لم ي سفر عن تصحيح لغياب حواجز الوقاية لحماية المناطق من الرش الذي لا يزال مستمرا ً ؛ وأنهم لم يتلقوا الانتصاف المطلوب. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه، وفقاً للدولة الطرف، تم تحديد المشتبه فيهم الذين قد يتعرضون للعقاب بمجرد اكتمال الإجراءات الجنائية. غير أن التحقيقات لم تتوصل، بعد أكثر من ثماني سنوات من تاريخ الأحداث المذكورة في هذا البلاغ، إلى أي تقدم ملموس ولم تسفر عن انتصاف لأصحاب البلاغ من الضرر الذي لحق بهم، في انتهاك للمادة 2 ( 3)، مقروءة بالاقتران مع المادتين 6 و17 من العهد.

8- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن المعلومات المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادتين 6 و17 من العهد، مقروء تين بمفرده م ا وبالاقتران مع المادة 2 ( 3).

9- ووفقاً للمادة 2 ( 3) ( أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبل انتصاف فعالة لأصحاب البلاغ، مما يستلزم جبر اً كاملاً للأشخاص الذين انت ُ هكت حقوقهم. وينبغي للدولة الطرف بالتالي: (أ) إجراء تحقيق فعال وشامل في الأحداث المعنية؛ (ب) فرض عقوبات جنائية وإدارية على جميع الأطراف المسؤولة عن الأحداث المذكورة في هذه القضية؛ (ج) تقديم جبر كامل، بما في ذلك التعويض المناسب، إلى أصحاب البلاغ عن الضرر الذي لحقهم. والدولة الطرف ملزمة أيض اً باتخاذ خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف، عملاً بالمادة 2 من العهد، تعهدت بأن تضمن لجم يع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر وسيلة انتصاف فعالة وقابلة للتنفيذ من الناحية القانونية عند ثبوت حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى في غضون 180 يوم اً معلومات من الدولة الطرف عن التدابير المتخذة تنفيذ اً لآراء اللجنة. ومطلوب من الدولة الطرف أيض اً نشرُ هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع، لا سيما في صحيفة يومية واسعة الانتشار في مقاطعة كاننديو .