الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2416/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

2 October 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2416/2014 * **

بلاغ مقدم من: باكيتجول سليمانوفا (يمثله ا المحامي بخيتشان تورجوزينا )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ : ١٠ أيار/مايو ٢٠١٤ (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة ٩٧ من النظام الداخلي للجنة (المادة ٩٢ حالياً)، والمحال إلى الدولة الطرف في ١٠ حزيران/ يونيه ٢٠١٤ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ١٧ تموز/يوليه ٢٠١٩

الموضوع: التوقيف والإدانة بسبب مخالفة إدارية؛ التغريم بسبب تنظيم تجمع جماهيري غير مرخص به

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وإثبات الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية: حرية تكوين الجمعيات؛ حرية التعبير؛ الحق في محاكمة عادلة

مواد العهد: 14 و19(2) و21

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و5

١- صاحبة البلاغ هي باكيتجول سليمانوفا ( ) ، وهي مواطنة من كازاخستان مولودة في عام ١٩٥٩ . وهي تدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المواد ١٤ و٩(٢) و٢١ من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في ٣٠ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٩. ويمثل صاحبة البلاغ محام.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

٢-١ في ١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣، وصلت صاحبة البلاغ مع أشخاص آخرين ناهز عددهم المائتين إلى أستانا ( ) وتجمعوا أمام مقر الحكومة لتسليم التماس إلى رئيس كازاخستان . وتناول الالتماس مشاكل الإسكان والمصارف المحتالة والقروض في كازاخستان. وكانت الحركة الاجتماعية، التي حملت عنوان ” توفير السكن للناس “ ، قد قررت سلفاً تنظيم هذه الزيارة. وأُبلغت الحكومة بذلك عن طريق شبكة الإنترنت والبرق.

٢-٢ وفي التاريخ نفسه، خاطب موظفان (أحدهما هو النائب الأول لوزير التنمية الإقليمية) الأشخاص المحتشدين ووعد بإعلان قرار السلطات قبل وقت الغداء. واستمر الاحتشاد سلمي اً بجوار مقر الحكومة. وبحلول الساعة ٤ بعد الظهر لم يظهر أحد من أعضاء الحكومة فشرع الأشخاص المحتشدون يهتفون ” نزارباييف ، ساعدنا! “ وبعد ذلك، بدأت الشرطة في اعتقال الأشخاص واقتيادهم إلى مختلف إدارات الشؤون الداخلية في أستانا.

٢-٣ وكانت صاحبة البلاغ ضمن الأشخاص الذين قُبِض عليهم. وفي اليوم نفسه، مثلت أمام المحكمة الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات في أستانا. وأُدينت بتهمة المشاركة في تجمع جماهيري غير مرخص به استناد اً إلى قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية والمادة ٣٧٣ ( ٣) من قانون الجرائم الإدارية ( ) ، وصدر الأمر بتغريمها مبلغ اً قدره ٥٢٠ ١٨ تينغ (حوالي ٥٠ دولارا ً ) .

٢-٤ وفي ٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣، استأنفت صاحبة البلاغ قرار المحكمة الإدارية أمام محكمة مدينة أستانا؛ غير أن المحكمة رفضت استئنافها في ٢١ تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠١٣.

٢-٥ وفي وقت لاحق، قدمت شكويين، واحدة في ٢٢ كانون الثاني/يناير ٢٠١٤ إلى مكتب المدعي العام لأستانا وأخرى في ١٤ آذار/مارس ٢٠١٤ إلى مكتب المدعي العام، بموجب إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، وطعنت في الحكم الصادر في ١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣. ورُفِض الطلبان من مكتب المدعي العام لأستانا في ٢٤ شباط/ فبراير ٢٠١٤ ومن مكتب المدعي العام في ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠١٤. وتوضح صاحبة البلاغ أنها قد استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

الشكوى

٣-١ تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المواد ١٤ و١٩ ( ٢) و٢١ من العهد. وأن الحكومة كانت تعلم أن مجموعة من الأشخاص سيسلمون التماس اً إلى الرئيس، غير أن السلطات تجاهلت التجمع ولم تتواصل مع الأشخاص المحتشدين كما ينبغي. وترى صاحبة البلاغ أن الحق في مخاطبة الرئيس وتوجيه اهتمامه إلى القضايا الاجتماعية لا يمكن اعتباره أمراً مخالف اً للقانون. وقد كان التجمع قرب مقر الحكومة سلمياً ولم يكن فيه ما يهدد مصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. وعلاوة على ذلك، طُلب من الأشخاص المحتشدين البقاء قرب مقر الحكومة بانتظار صدور قرار. ومع ذلك، تجوهلت طلبات الأشخاص المحتشدين وكان منهم من اعتُقل بأسلوب عنيف على أيدي عناصر الشرطة ومنهم من فرضت عليه الغرامة ومنهم من حُكم عليه بالاحتجاز الإداري.

٣-٢ وتدعي صاحبة البلاغ أن الإدانة وفرض عقوبة إدارية، في حالتها، نجما عن عقد تجمع عام لم تسمح به السلطات المحلية. وتؤكد أن إدانتها في ظل هذه الظروف تشكل تقييداً لحريتها في التجمع. وتدعي صاحبة البلاغ أن القيود المذكورة أعلاه لا تتفق مع المادة ٢١ من العهد.

٣-٣ وتشير إلى أنه يجب، وفق اً للاجتهاد القضائي للجنة، ألا تخرج أية قيود تفرض على الحق في حرية التجمع عن نطاق الحدود التي تجيزها المادة ٢١ من العهد. وتدعي أن الشرطة والمحاكم لم تقدم أي تبرير لفرض قيود على حريتها في التجمع. وعليه، فإن العقوبات الإدارية التي فرضت عليها تشكل تقييد اً لا مبرر له على حقها في حرية التجمع، وهو حق تنص على حمايته المادة ٢١ من العهد.

٣-٤ وتطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن تحث الدولة الطرف على محاسبة الأشخاص المسؤولين عن انتهاك حقوقها ومنحها تعويض اً عن الضرر المعنوي الذي لحق بها؛ وضمان إلغاء القيود غير المبررة المفروضة على حرية التجمع وحرية التعبير، وضمان توافق التشريعات ذات الصلة مع المادتين ١٩ ( ٢) و٢١ من العهد؛ وضمان عدم التعرض للعقاب نتيجة تنظيم التجمعات السلمية والتعبير عن الرأي.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

٤-١ قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة ٢٨ كانون الثاني/يناير ٢٠١٥، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ، ودفعت فيها بأن البلاغ غير مقبول وغير مدعم بأدلة مثبتة بموجب المادة ٥(٢)(ب) من البروتوكول الاختياري. وتدعي الدولة الطرف أن المادة ٤٠ من قانون الجرائم الإدارية ينص على إجراء استثنائي كان بإمكان صاحبة البلاغ أن تقدم بموجبه طلب اً إلى المدعي العام للشروع في إجراءات المراجعة القضائية الرقابية بشأن قضيتها الإدارية أمام المحكمة العليا. ولم تستنفد صاحبة البلاغ سبل الانتصاف المحلية بعدم لجوئها إلى هذا الإجراء.

٤-٢ وتشير الدولة الطرف إلى أن الحقوق المنصوص عليها في المادتين ١٩ و٢١ من العهد تخضع لبعض القيود. وتفيد الدولة الطرف بأن حرية التجمع السلمي غير محظورة في كازاخستان، ولكنها توضح أن تنظيم التجمعات يتطلب اتباع إجراءات معينة. وتشير الدولة الطرف إلى المواد ٢ و٧ و١٠ من القانون المتعلق بإجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية، التي تنص على ما يلي: يتعين على الجهات المنظمة أن تطلب الحصول على ترخيص من السلطات التنفيذية المحلية لعقد التجمع؛ ويجوز للسلطات المحلية أن تحظر عقد تجمع عام إذا كان الهدف منه مخالف اً للقانون أو كان عقده يهدد النظام العام وسلامة المواطنين؛ ويجوز للسلطات المحلية أن تفرض شروط اً إضافية لعقد التجمعات العامة. ولم تحصل صاحبة البلاغ على هذا الترخيص. ولذلك عوقبت على انتهاكها للإجراء الخاص بعقد التجمع.

٤-٣ وتدعي الدولة الطرف أن المحاكم الوطنية قيَّمت بعناية ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن عدم ارتكابها لأية أفعال غير مشروعة، وخلصت إلى أن هذه الادعاءات غير مدعمة بسند. وأخذت المحاكم في الحسبان ملابسات قضية صاحبة البلاغ، وخلصت إلى أن العقوبة المطبقة هي ضمن الحدود المنصوص عليها في المادة ٣٧٣ ( ٣) من قانون الجرائم الإدارية.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

٥-١ في ٣ شباط/فبراير ٢٠١٥، طعنت صاحبة البلاغ في ملاحظات الدولة الطرف باعتبارها غير مدعمة بأدلة مثبتة. وتدعي صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بما في ذلك تقديم طلب إلى مكتب المدعي العام للشروع في إجراءات المراجعة القضائية الرقابية أمام المحكمة العليا، مع أن ذلك ليس من سبل الانتصاف الفعالة. وهي تؤكد أن هذه الحجة التي تذرعت بها الدولة الطرف غير مقنعة.

٥-٢ وتدعي صاحبة البلاغ أنه الرغم من أن الحقوق المنصوص عليها في المادتين ١٩ و٢١ من العهد مكفولة في كازاخستان، وفقاً للدولة الطرف، ولا يجوز تقييدها إلا في ظروف معينة، فإن الدولة الطرف لم توضح لماذا كان من الضروري أن تفرض عليها عقوبة الغرامة.

٥-٣ وتفيد صاحبة البلاغ بأن المحاكم لم تكن محايدة، وهو ما يشكل انتهاك اً للمادة ١٤ من العهد، وتجاهلت الالتماسات التي قدمتها لها مثلما تجاهلت أحكام العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٦- في ١٧ نيسان/أبريل ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. وادعت أنه لم يحدث أي انتهاك للحقوق المكفولة لصاحبة البلاغ بموجب المواد ١٤ و١٩ و٢١ من العهد في هذه القضية. وكررت أيض اً حجتها بخصوص مقبولية البلاغ.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٧-١ في ٢٢ أيار/مايو ٢٠١٥، قدمت صاحبة البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. وهي تدعي أن الالتزامات الدولية التي تعهدت بها الدولة الطرف تقضي بتوخي التناسب في أية قيود تفرض على حرية التجمع وتطبيقها وفق ما تقتضيه الظروف الخاصة بكل حالة، وبتقليص تدخل السلطات في عملية تنظيم التجمعات العامة إلى أدنى حد وعدم اللجوء إلى كبح التجمعات بالقوة إلا كملاذ أخير. وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تتجاهل هذه المبادئ وتنتهكها.

٧-٢ وتشير صاحبة البلاغ إلى الملاحظات التي أبداها المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في تكوين الجمعيات ومفادها أن القانون هو تعبير عن إرادة الشعوب، وعليه، فإن القصد منه هو خدمة الشعب. ومبدأ سيادة القانون يعني ضمن اً حرية الأفراد في التمتع بحقوق الإنسان من دون الحصول على إذن مسبق من السلطات الحكومية (A/HRC/29/25/Add.2، الفقرة 91).

٧-٣ وتكرر صاحبة البلاغ ادعاءاتها بشأن انتهاك حقوقها المكفولة بموجب المواد ١٤ و١٩ ( ٢) و٢١ من العهد.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٨-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة ٩٧ من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٨-٢ وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه المادة ٥(٢) ( أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

٨-٣ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحبة البلاغ بشأن استنفادها جميع سبل الانتصاف المحلية. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بملاحظة الدولة الطرف التي تفيد بأن صاحبة البلاغ لم تطلب إلى المدعي العام الشروع في إجراءات المراجعة القضائية الرقابية أمام المحكمة العليا، وأنها بذلك، لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت طلبين إلى مكتب المدعي العام، في ٢٢ كانون الثاني/يناير ٢٠١٤ و١٤ آذار/مارس ٢٠١٤، للشروع في إجراءات المراجعة القضائية الرقابية. ورُفض الطلبان من مكتب المدعي العام لأستانا في ٢٤ شباط/فبراير ٢٠١٤ ومن مكتب المدعي العام في ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠١٤. وتشير اللجنة كذلك إلى اجتهادها القضائي، الذي يقضي بأن تقديم التماسٍ إلى محكمة أو إلى مكتب المدعي العام للمطالبة بمراجعة قرارات قضائية دخلت حيز التنفيذ وخاضعة لسلطة التقديرية الممنوحة لأحد القضاة أو المدعين العامين يشكل سبيل انتصاف استثنائي اً، وبوجوب أن تثبت الدولة الطرف أن ثمة احتمالاً معقولاً بأن توفر هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالاً في ظروف هذه القضية ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن تقديم التماسات بموجب إجراءات المراجعة القضائية كان مجدي اً في قضايا تتعلق بحرية التعبير والتجمع. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن أحكام الفقرة (2)(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

٨-٤ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحبة البلاغ أن حقوقها التي تكفلها المادة ١٤ من العهد قد انتهكت بسبب تحيز المحكمة واعتمادها نهج الاتهام عند النظر في قضيتها. بيد أن اللجنة ترى، في ظل خلو الملف من معلومات أخرى ذات صلة بهذا الشأن، أن صاحبة البلاغ لم تقدم ما يكفي من الأدلة لإثبات هذا الادعاء لأغراض المقبولية. وبناء على ذلك، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة ٢ من البروتوكول الاختياري.

٨-٥ وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت ما يكفي من الأدلة على ادعاءاتها التي تندرج في إطار المادتين ١٩ ( ٢) و٢١ من العهد لأغراض المقبولية. ولهذا تعلن مقبولية هذه الادعاءات وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٩-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تقتضيه أحكام المادة ٥ ( ١) من البروتوكول الاختياري.

٩-٢ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها في حرية التعبير وفي حرية التجمع حين فرضت عليها غرامة إدارية بسبب مشاركتها في تجمع سلمي. وتؤكد صاحبة البلاغ أنه قُبِض عليها في سياق احتجاج سلمي عُقد كردٍّ ” مباشر وفوري “ على عدم البت في الالتماس المقدم من المحتجين بشأن انتهاكات حقوق السكن، وهو ما كانت السلطات قد وعدت به. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ قُبض عليها بسبب مشاركتها في تجمع عام غير مرخص به.

٩-٣ وترى اللجنة أن فرض عقوبة على صاحبة البلاغ بسبب الإعراب عن آرائها عن طريق المشاركة في احتجاجات عامة هو تدخل في حقها في نقل مختلف ضروب المعلومات والأفكار الذي تكفله المادة ١٩ ( ٢) من العهد. وتشير اللجنة إلى أن المادة ١٩ ( ٣) من العهد تجيز فرض بعض القيود شريطة أن تقتصر على ما ينص عليه القانون، وتكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ولحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم ٣٤ ( ٢٠١١) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، الذي ورد فيه أن هاتين الحريتين هما شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد، وهما عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع. وتشكلان حجر الأساس لأي مجتمع حر وديمقراطي. ويجب أن يتوافق أي تقييد لهما مع معياريْ الضرورة والتناسب الصارمين. ويجب ألاَّ تُطبق القيود إلا للأغراض التي وضعت من أجلها، ويجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تستند إليه. وتُذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف هي التي يجب أن تُثبت وجه الضرورة والتناسب في القيود المفروضة على حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 19 من العهد ( ) .

٩-٤ وتشير اللجنة إلى أن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة ٢١ من العهد، هو حق أساسي من حقوق الإنسان لا بد منه ليعبر الفرد علن اً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في المجتمع الديمقراطي ( ) . ويتضمن هذا الحق إمكانية تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه في مكان عام. ويحق لمنظمي التجمعات عموماً اختيار مكان التجمع على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف، ولا يجوز فرض أي قيد على هذا الحق إلا إذا : (أ) فُرِضَ على نحو يتوافق مع القانون؛ و(ب) كان ضروري اً في مجتمع ديمقراطي لصون الأمن القومي أو السلامة العامة أو حفظ النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح آنفة الذكر التي تهم الجميع، فينبغي لها أن تسترشد بهدف تيسير هذا الحق لا السعي إلى فرض قيود غير ضرورية أو غير متناسبة على هذا الحق ( ) . ولذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تبرر تقييد الحق الذي تحميه المادة ٢١ من العهد وأن تثبت أن هذا التقييد لا يشكل عقبة غير متناسبة تحول دون ممارسة الحق ( ) .

٩-٥ وترى اللجنة أن فرض شرط إخطار السلطات بالتجمع السلمي الذي تقرَّر عقده أو الحصول على إذن لعقد تجمع من هذا القبيل، ومنح التراخيص تلقائي اً، هو شرط لا ينتهك في حد ذاته، المادة ٢١ إذا طبق وفق اً لأحكام العهد. وفي الوقت نفسه، ينبغي، عموماً، ألا تُفرض أنظمة الترخيص التي تخول السلطات سلطة تقديرية واسعة للترخيص بالتجمع، (CCPR/C/MAR/CO/6، الفقرات 45-46)؛ و(CCPR/C/GMB/CO/2، الفقرتان 41 و42). ولا ينبغي على أية حال، في الحالات التي يُطبق فيها إجراء الإخطار أو الترخيص، أن يبلغ هذا الإجراء حد إثقال الكاهل ( ) . وحتى في حالة التجمعات التي تعقد من دون إخطار أو طلب الترخيص بعقدها، يجب أن يكون أي تدخل في الحق في التجمع السلمي مبرر اً وفقاً لمضمون الجملة الثانية من المادة ٢١.

٩-٦ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أن سلطات الدولة الطرف ومحاكمها لم تبرر فرض غرامة إدارية عليها بسبب مشاركتها في تجمع سلمي وإن كان غير مرخص به. وتحيط اللجنة علماً أيض اً بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن القيود فرضت على صاحبة البلاغ وفق اً للقانون الجرائم الإدارية ولأحكام القانون المتعلق بإجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن الهدف من شرط تقديم الطلب هو حماية النظام العام، فضل اً عن حماية حقوق وحريات المواطنين الآخرين. وتحيط اللجنة علم اً كذلك بادعاء صاحبة البلاغ أن فرض القيود قد يكون قانوني اً بموجب القانون الوطني ولكن القبض عليها وإدانتها لم يكونا ضروريين في مجتمع ديمقراطي من أجل تحقيق الأهداف المشروعة التي تذرعت بها الدولة الطرف. وتدفع صاحبة البلاغ كذلك بأن الاحتجاج، الذي نظم كرد فعل بشأن قضية هامة تتمثل في تجاهل السلطات لمسألة توفير السكن لمواطنيها وقضية المصارف المحتالة والقروض، كان سلمي اً ولم يكن فيه ضرر أو تهديد لأي شخص أو أي شيء.

٩-٧ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد استندت فقط إلى أحكام القانون المتعلق التجمعات العامة، الذي يشترط تقديم طلب قبل عقد التجمع بعشرة أيام والحصول على ترخيص بذلك من السلطات التنفيذية المحلية، وهي نفسها تقيد بالفعل، الحق في التجمع السلمي. ويقتضي الامتثال للعهد أن تستوفي القيود المفروضة على الحق المشار إليه المعايير المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة ٢١ من العهد، حتى وإن كانت القوانين الوطنية تجيز هذه القانون. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن فرض غرامة إدارية على صاحبة البلاغ بسبب مشاركتها في احتجاج عام سلمي ضروريٌ في مجتمع ديمقراطي لتحقيق غرض مشروع أو أنه يتناسب مع هذا الهدف وفق اً للشروط الصارمة المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة ٢١ من العهد. ولهذه الأسباب، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة ٢١ من العهد.

٩-٨ كذلك تخلص اللجنة، في ضوء القيود المفروضة على حرية صاحبة البلاغ في التعبير من دون أن تقدم الدولة الطرف أي معلومات ذات صلة لإثبات امتثال هذه القيود لأحكام المادة 19 ( ٣) من العهد، إلى أن الحقوق المكفولة لصاحبة البلاغ بموجب المادة 19 ( ٢) من العهد قد انتهكت.

١٠- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة ٤ من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادتين ١٩ ( ٢) و٢١ من العهد.

١١- ووفقاً لأحكام الفقرة 3 ( أ) من المادة 2 من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. ويقتضي منها ذلك توفير الجبر الكامل للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الخطوات المناسبة لمنح صاحبة البلاغ تعويضاً مناسباً وسداد أية تكاليف قانونية تكبَّدتها. والدولة الطرف ملزمةٌ أيض اً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة من جديد أن الدولة ملزمةٌ، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة ٢ ( ٢) من العهد، بأن تراجع تشريعاتها بما يكفل التمتع الكامل بالحقوق المنصوص عليها في المادة ٢١ من العهد، بما في ذلك تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية في الدولة الطرف.

١٢- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.