الأمم المتحدة

CCPR/C/122/D/2212/2012*

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

14 May 2018

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2212/2012 ** ***

بلاغ مقدم من: أندري سانّيكوف ( ) (لا يمثّله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 12 تموز/يوليه 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ٢٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٦ نيسان/أبريل ٢٠١٨

الموضوع: إدانة أحد زعماء المعارضة؛ الاحتجاز غير القانوني؛ ‬ المحاكمة غير العادلة ‬ ؛ التعذيب والإكراه على الاعتراف؛ ظروف الاحتجاز اللاإنسانية؛ التدخل غير القانوني في الخصوصية؛ حرية التعبير؛ حرية التجمع السلمي ‬ ؛ التمييز بسبب الرأي السياسي

المسائل الإجرائية: مستوى إثبات الادعاءات ‬ ؛ عدم تعاون الدولة الطرف‬‬‬‬‬‬

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ الاحتجاز التعسفي؛ الحق في المثول سريعاً أمام قاضٍ؛ الحق في محاكمة عادلة أمام محكمة محايدة؛ الحق في افتراض البراءة؛ حق الشخص في أن يتاح له ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه؛ حق الشخص في التواصل مع محام من اختياره؛ الحق في مناقشة الشهود ‬ ؛ حق الشخص في عدم الإكراه على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بالذنب؛ الحق في الخصوصية؛ حرية التعبير؛ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ الحق في التجمع السلمي؛ المساواة أمام القانون والمساواة في التمتع بحماية القانون؛ سبيل الانتصاف الفعال‬‬‬‬‬‬

مواد العهد: 7 و9 و10 و14 و17 و19 و21 و26

مواد البروتوكول الاختياري: ٢

١- صاحب البلاغ هو أندري سانّيكوف، مواطن بيلاروسي وُلد في عام 1954. وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المواد 7 و9 و10 و14 و17 و19 و21 و26 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى بيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992. وصاحب البلاغ لا يمثله محامٍ. ‬‬‬‬‬‬‬

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ صاحب البلاغ سياسي وناشط. وقد عمل في السلك الدبلوماسي وتبوأ عدة مناصب عالية ( ) ، منها نائب وزير الخارجية من ١٩٩٥ إلى ١٩٩٦، ونال درجة سفير فوق العادة ومفوض. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٩٦، استقال من منصب نائب وزير الخارجية، احتجاجاً على استفتاء أُجري في تلك السنة وأدى إلى تعديل دستور بيلاروس، فوسّع صلاحيات السلطة التنفيذية، وقيّد بعض الحقوق والحريات. وفي تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٩٧، اشترك في تأسيس مبادرة ميثاق 97 المدنية. ونظّم احتجاجات غير عنيفة على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية للأعوام 2001 و2004 و2006 و2008. وفي عام ٢٠٠٥، مُنح جائزة برونو كرايسكي للخدمات المقدمة إلى حقوق الإنسان. وفي عام ٢٠٠٨، أطلق مع مجموعة من السياسيين البيلاروسيين البارزين، الحملة المدنية الأوروبية لبيلاروس ( ) . ويَعد نفسه أحد زعماء المعارضة السياسية في بيلاروس.

٢-٢ وفي تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٠، سجل صاحب البلاغ نفسه مرشحاً للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، إلى جانب تسعة مرشحين آخرين، منهم رئيس بيلاروس، السيد ألكساندر لوكاشينكو. وأثناء الحملة الانتخابية، أدلى صاحب البلاغ ببيانات كثيرة أمام وسائط الإعلام والناخبين مشيراً إلى عدم شرعية سلطات الرئيس آنذاك، ومنتقداً النظام والطابع غير الديمقراطي للعملية الانتخابية. وقام على وجه الخصوص بتشجيع أنصاره على الانضمام إلى مظاهرة سلمية دعماً للمعارضة مساء يوم الانتخابات. وكان يُفترض أن تبدأ المظاهرة في الساعة الثامنة مساءً في ساحة أوكتيابرسكايا (ساحة أكتوبر)، في وسط مينسك، ودعا سبعةُ مرشحين رئاسيين آخرين أيضاً أنصارهم إلى المشاركة في الحدث.

٢-٣ ويدعي صاحب البلاغ أنه عملاً بالمادتين ٥ و٩ من قانون المناسبات العامة المؤرخ ٣٠ كانون الأول/ديسمبر ١٩٩٧، يُشترط في كل التجمعات العامة الحصول على إذن مسبق من السلطات، وهي في هذه الحالة اللجنة التنفيذية لمدينة مينسك، وأن الساحة التي اختارها منظمو المظاهرة السلمية لم تكن ضمن المواقع التي أقرتها لهذا الغرض سلطات مينسك ( ) . وكان صاحب البلاغ يدرك تماماً أن المظاهرة، من دون إذن رسمي، ستعد غير قانونية، وقد حذرته النيابة العامة من أن هذه المناسبة العامة غير مسموح بها. إلا أن صاحب البلاغ يؤكد أنه لم يستصدر لا هو ولا غيره من مرشحي المعارضة ترخيصاً لتنظيم المظاهرة، لأنهم كانوا يعلمون أن فرص حصولهم على الترخيص معدومة بالنظر إلى المناخ السياسي السائد والممارسات الإدارية المعمول بها. ومع ذلك، حاول صاحب البلاغ ومرشحو المعارضة الآخرون، خلال الحملة الانتخابية، مناقشة المناسبة المقبلة مع السلطات المختصة. وطلبوا بلا جدوى الاجتماع بوزير الداخلية ورئيس وكالة أمن الدولة، وفي ١٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، قال رئيس وكالة أمن الدولة، في مقابلة أجريت معه، إن الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون لا يمكنهم مناقشة طلبات تنظيم المظاهرات مع المعارضة لأن هذه المناسبات غير قانونية ( ) .

٢-٤ وفي ١١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، ادعى رئيس الإد ارة الرئاسية، في بيان بثته قنا ة تلفزيونية عامة، أن المعارضة تحشد مجموعة من المسلحين وتخزن ألعاباً نارية وأجهزة متفجرة بهدف إثارة الفوضى أثناء المظاهرة المقرر تنظيمه ا في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ .

٢-٥ وفي حوالي الساعة الثامنة من مساء يوم ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، بدأ أفراد من الجمهور يحتشدون في ساحة أوكتيابرسكايا بمينسك، في إطار مظاهرة غير مرخص لها. وشارك في المظاهرة معظم مرشحي المعارضة، ومنهم صاحب البلاغ، ونحو ٠٠٠ ١٥ من أنصارهم، احتجاجاً على ما يعتقدون أنها انتخابات غير نزيهة، معربين عن استنكارهم لما اعترى الانتخابات من مخالفات وأعمال تزوير كبيرة. وكان الحدث سلمياً ولم يدعُ أي من المتحدثين إلى إثارة الفوضى أو العنف. وألقى صاحب البلاغ كلمة انتقد فيها الطابع غير الديمقراطي للنظام وأشار إلى أن نتائج استطلاعات الرأي عقب الاقتراع تختلف عن النتائج الرسمية للانتخابات ( ) . ودعا صاحب البلاغ ومرشحو المعارضة الآخرون أنصارهم إلى التوجه نحو دار الحكومة في ساحة نيزافيسيموست (ساحة الاستقلال)، من أجل بدء مفاوضات مباشرة مع السلطات، وضمان ألا تكون اللجنة الانتخابية المركزية ارتكبت انتهاكات أثناء عملية فرز الأصوات. وراقب أفراد الشرطة المظاهرة ولم يتدخلوا. وفي حوالي الساعة التاسعة مساءً بدأت غالبية المتظاهرين، بمن فيهم مرشحو المعارضة، السير سلمياً على جادة نيزافيسيموست (جادة الاستقلال)، بما في ذلك على الطريق العام ( ) ، باتجاه دار الحكومة ومكاتب اللجنة الانتخابية المركزية. ويوضح صاحب البلاغ أنه سار في وسط موكب المحتجين، وإن لم يكن هو من قاد المتظاهرين للسير على الطريق العام. واحتشد في ساحة نيزافيسيموست نحو ٠٠٠ ٤٠ شخص. وألقى مرشحو المعارضة، بمن فيهم صاحب البلاغ، كلمات لكنهم لم يدعوا إلى إثارة الفوضى أو العنف. ولم يكن أمام دار الحكومة أيٌ من عناصر إنفاذ القانون أو ترتيبات أمنية أخرى، رغم أن السلطات كان لديها متسع من الوقت والوسائل لتنظيم نطاق أمني.

٢-٦ وفي حوالي الساعة 9:45 مساءً، بدأت مجموعة صغيرة معزولة من الأفراد مجهولي الهوية برشق الحجارة على دار الحكومة. وكان يرافقهم أشخاص يصورون الأحداث بكاميرات فيديو. غير أن موظفي إنفاذ القانون في المكان لم يتدخلوا في الدقائق الثلاثين الأولى. وحاول عدد من مرشحي المعارضة ( ) ، بمن فيهم صاحب البلاغ، الاقتراب من دار الحكومة لبدء مفاوضات مع السلطات. وطلبوا إلى الحشد الحفاظ على الهدوء وتفادي ارتكاب أعمال تخريب، مشيرين إلى أن رشق الحجارة أقدم عليه عملاء الحكومة لاستفزاز المتظاهرين. وقد أدلى بمثل هذا الكلام فيتالي ريماشيفسكي، أحد مرشحي المعارضة، مستخدماً مكبر صوت. وتحركت وحدات الشرطة الخاصة بعد حوالي نصف ساعة وشكلت سلسلة أمام بوابات دار الحكومة، حيث مكثت ١٠ دقائق قبل أن تنصرف. وبعد ذلك، واصلت مجموعة صغيرة من الأفراد تهشيم نوافذ وأبواب دار الحكومة. وفي وقت من الأوقات، بُلّغ مرشحو المعارضة أن هيئات إنفاذ القانون مستعدة للتفاوض، فدنا صاحب البلاغ وزوجته ونيكولاي ستاتكيفيتش من دار الحكومة. ونظر صاحب البلاغ عبر الأبواب وسأل ضباط الشرطة الواقفين داخل المبنى إن كان يمكنهم التفاوض. ولم يبدر أي رد فعل فعاد المرشحون إلى المنصة. وبعد ذلك بنصف ساعة، تحركت وحدات الشرطة وأخذت تفرّق الحشد في ساحة نيزافيسيموست، باستخدام قوة مفرطة، بما فيها وسائل مثل دروع الشغب والهراوات. وامتنعت غالبية المتظاهرين عن المقاومة، لكن الشرطة انهالت عليهم بالضرب. ويلاحظ صاحب البلاغ أن السلطات لم تدعُ الحشد في أي وقت أثناء المظاهرة للتفرّق طوعاً. وضُرب صاحب البلاغ على ساقه ورأسه وأُغمي عليه ( ) . وعندما استرد وعيه، أدرك أنه أصيب إصابة خطرة في ساقه وأنه بحاجة إلى مساعدة طبية. وعرض أصدقاء له نقله بسيارة إلى مستشفى فوافق. بيد أن الشرطة أوقفت السيارة بعد بضعة كيلومترات وجرت صاحب البلاغ خارجها، وألقت القبض عليه باستخدام قوة مفرطة. وأثناء القبض عليه، تعرض للضرب والركل، وتلقى لطمات على وجهه ورأسه وذراعيه وجذعه، ما أسفر عن إصابته بتورمات دموية متعددة في رأسه وذراعيه وجذعه، وبجرح خطير في ساقه.

٢-٧ واحتُجز صاحب البلاغ بداية الأمر في زنزانة حبس مؤقت في مبنى بشارع أوكريستينا بمينسك، وبعد ذلك بمدة وجيزة قيل له إنه سيُنقل إلى مستشفى، لكنه نُقل إلى مركز احتجاز سابق للمحاكمة تابع لوكالة أمن الدولة، حيث احتُجز حتى نهاية محاكمته. وفي ٢٠ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، رُفعت على صاحب البلاغ دعوى جنائية بموجب المادة ٢٩٣، الجزء 1، من قانون العقوبات (تنظيم اضطرابات جماعية مصحوبة بعنف ضد الأهلين، التخريب، إضرام النار عمداً، تدمير الأملاك، المقاومة المسلحة ضد السلطات) والمادة ٢٩٣، الجزء 2، من قانون العقوبات (المشاركة في أعمال شغب، بما في ذلك ارتكاب الأفعال المذكورة في الجزء 1 من المادة ٢٩٣). وفي ٢٢ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، أمرت النيابة العامة بوضع صاحب البلاغ رهن الاحتجاز المؤقت وظل محتجز اً لحين محاكمته. واتُهم صاحب البلاغ رسمياً، بموجب المادة ٢٩٣، الجزأين 1 و٢، من قانون العقوبات، في 29 كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٠. وصيغت التهم الموجهة إليه بعبارات عامة، ولم تحدَّد الأفعال التي اتُهم بارتكابها. ويدفع صاحب البلاغ بأن احتجازه المؤقت غير قانوني ولا أساس له من الصحة بموجب التشريعات الداخلية ( ) . وعلاوة على ذلك، وُضع رهن الاحتجاز المؤقت بإذن من المدعي العام، الذي لا يخوله القانون ممارسة سلطة قضائية ( ) . وقدم محامو صاحب البلاغ طعوناً في احتجازه المؤقت وطلبات للإفراج عنه بكفالة في ٢٣ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ و٢١ كانون الثاني/يناير ٢٠١١ و٢٨ كانون الثاني/يناير ٢٠١١ و٢٤ شباط/فبراير ٢٠١١ و٢٥ آذار/مارس ٢٠١١ و٥ نيسان/أبريل ٢٠١١ و٨ نيسان/أبريل ٢٠١١ و١١ نيسان/ أبريل ٢٠١١ و٢٧ نيسان/أبريل ٢٠١١، وكلها رفضتها المحاكم أو تجاهلتها ( ) .

٢-٨ ويدعي صاحب البلاغ أن اتصالاته بمحاميه كانت مقيدة أثناء التحقيق السابق للمحاكمة. وخلال الفترة من 19 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ إلى ٢٢ آذار/مارس2011، وكان وقتها محتجزاً في مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة التابع لوكالة أمن الدولة، علم محاموه من سلطات مركز الاحتجاز أنهم لا يمكنهم زيارته لعدم وجود غرف متاحة لهذا الغرض. ولم تتَح لصاحب البلاغ في أي وقت خلال فترة احتجازه فرصة للتواصل مع محاميه على انفراد رغم أن إجراءات التحقيق كانت مستمرة. وقدم محاموه شكاوى في هذا الصدد في 23 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ و٢٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ و٦ كانون الثاني/يناير ٢٠١١ و٢٧ كانون الثاني/يناير ٢٠١١ و١٦ شباط/فبراير ٢٠١١. وجميع هذه الشكاوى تجاهلها أو رفضها المحققون أو سلطات مركز الاحتجاز. وعلاوةً على ذلك، في ٣ آذار/مارس ٢٠١١، عمدت نقابة المحامين في مدينة مينسك إلى شطب اسم محامي صاحب البلاغ الأول، بافيل سابلكو، وسحبت وزارة العدل رخصته، بدعوى أنه أعرب علناً عن قلقه إزاء ظروف صاحب البلاغ "المروعة" وإساءة الحكومة معاملته أثناء احتجازه السابق للمحاكمة.

٢-٩ ويدعي صاحب البلاغ أنه بينما كان محتجزاً في مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة التابع لوكالة أمن الدولة تعرض للتعذيب وسوء المعاملة. وعندما اقتيد إلى مركز الاحتجاز في ٢٠ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، كان يعاني إصابات عديدة بسبب ضربه، لكنه لم يحصل على مساعدة طبية. ومُنع من الذهاب إلى المرحاض مدة خمس ساعات، وأودع زنزانة ضئيلة الحجم باردة، وأُجبر على الاستلقاء على أرضية خشبية عارية. وكان لا يكاد يستطيع استخدام الحيز الضيق المخصص له بسبب آلام حادة في ساقه المصابة. وبعد ثلاثة أو أربعة أيام، خُصص له حيز على سرير خشبي لكنه أُمر بالاستلقاء دون حركة في مواجهة ضوء ساطع. وكان الضوء في الزنزانة يُترك مفتوحاً دائماً. ولم يكن يُسمح له بتغيير وضعيته على السرير الخشبي، حتى إنه إذا غلبه النوم واستدار دخل عليه السجانون وأيقظوه هو ورفاقه في الزنزانة وأمروهم بالعودة إلى الوضعية المذكورة أعلاه. وكتب رسالة شكوى إلى رئيس مركز الاحتجاز قبل المحاكمة التابع لوكالة أمن الدولة، نُقل على أثرها إلى زنزانة أخرى، حيث أُجبر مرة أخرى على النوم على ال قاع. وسببت له ساقه المصابة ألماً شديداً. والزنزانة نفسها لم يكن فيها مرحاض ولم يكن يُسمح لصاحب البلاغ باستخدام المراحيض الخارجية إلا مرتين في اليوم. وأُخضع لتفتيش يومي مهين، كان يجبره خلاله أفراد مقنّعون مجهولو الهوية على صعود درج ونزوله على الرغم من ساقه المصابة، وكانوا يأمرونه بخلع ملابسه، ويتعرضون له بالإساءة اللفظية ويضربونه بالعصي. وكان في كل مرة يغادر زنزانته تكبَّل يداه خلف ظهره.

٢-١٠ ومُنع صاحب البلاغ من الاتصال بأقاربه، ولم يتلق أي أخبار منهم مدة شهر بعد اعتقاله. وقيل له إن زوجته احتُجزت هي أيضاً وأنه سيفقد حضانة ابنه ذي السنوات الثلاث وأن أسرته ستتعرض لتدابير قاسية ما لم يعترف ( ) . ويُذكر على وجه الخصوص أن رئيس وكالة أمن الدولة زار صاحب البلاغ في ٣١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، وتوعده صراحةً بالتعرض لحياة وصحة زوجته وطفله. ولما كان صاحب البلاغ يعلم تماماً أن المسؤول المعني قادر على تنفيذ وعيده، وافق على الاعتراف بعد لقائهما الثاني. وخلال عمليات الاستجواب اللاحقة، ناقش "شهادةَ" صاحب البلاغ سلفاً ضابطُ الشرطة والمحقق المكلفان بالقضية، ثم سجلاها وفقاً لبروتوكول الاستجواب. ورغم أن محامي صاحب البلاغ كان يحضر الاستجواب، لم يكن يُسمح لصاحب البلاغ بالتحدث إليه ولا حتى بالنظر إليه، ولذلك لم يحصل على أي مساعدة قانونية. وخلال عمليات الاستجواب، تعرض صاحب البلاغ لضغوط نفسية وبدنية. ومُنع أيضاً من أي اتصال بالعالم الخارجي، بما في ذلك مطالعة الصحف ومشاهدة قنوات التلفزيون العامة. وأُكره صاحب البلاغ على مشاهدة ما يسمى قنوات التلفزيون الداخلية، التي تبث دعاية معادية للسامية وتسجيلات لمشاهد عنيفة. وفي آذار/مارس ٢٠١١، رفضت إدارة مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة طلب صاحب البلاغ تحويله إلى مستشفى لمعالجة شكل حاد من داء النقرس. وفي ٨ نيسان/أبريل ٢٠١١، قدم صاحب البلاغ شكوى خطية من التعذيب وسوء المعاملة إلى رئيس الوحدة المكلفة بالتحقيق في الجرائم المرتكبة ضد حياة الناس وصحتهم وممتلكاتهم التابعة لإدارة الشؤون الداخلية في مدينة مينسك، لكن لم يتبع ذلك أيُ تحقيق.

٢-١١ وقدم صاحب البلاغ ومحاموه شكاوى بشأن استخدام القوة المفرط ضده أثناء اعتقاله، وطلبوا في ٢٠ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ إجراء فحص طبي لإصاباته، لكن الطلب رفضه محقق وكالة أمن الدولة في ٢٣ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠. وطعن محامي صاحب البلاغ في الرفض لدى المدعي العام لبيلاروس، من خلال الهيئات المكلفة بالتحقيق السابق للمحاكمة. وفي ١٤ شباط/فبراير ٢٠١١، تلقى رداً موقعاً من محقق وكالة أمن الدولة نفسه، جاء فيه أن طلب الفحص الطبي سبق البت فيه ورُفض. لذا، لم يُحَل الطعن قط إلى المدعي العام. وفي ١٢ أيار/مايو ٢٠١١، أثناء جلسة استماع أمام محكمة بارتيزانسكي المحلية بمينسك، ذكر صاحب البلاغ أن حراس السجن عذبوه، وأنه حُرم من النوم وعُرض لدرجات حرارة شديد ة البرودة وأن أسرته تعرضت للتهديد في محاولة لانتزاع اعترافات. وأفاد بأن بعض الأدلة التي قدمتها الحكومة انتُزعت منه بالإكراه. ورداً على ذلك، عرض وكيل النيابة على المحكمة رسالة مؤرخة ١٧ أيار/مايو ٢٠١١ موقعة من نائب المدعي العام لمدينة مينسك، تشير إلى أن ادعاءات صاحب البلاغ لم تُثبت. ولم تأمر المحكمة بأي تحقيق آخر في تلك الادعاءات. وفي جميع الطعون اللاحقة، اشتكى صاحب البلاغ دون جدوى من أنه تعرض للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازه في مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة التابع لوكالة أمن الدولة.

٢-١٢ ويدعي صاحب البلاغ أنه في الفترة التي كان يجري فيها التحقيق السابق للمحاكمة بشأن قضيته، قام عدد من المنافذ الإعلامية الخاضعة لسيطرة الدولة بنشر مقالات أو بث برامج وثائقية ذُكر فيها أنه مذنب بارتكاب جرائم مرتبطة بأحداث ١٩ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٠ ( ) . وأشار رئيس بيلاروس، السيد ألكساندر لوكاشينكو، أيضاً إلى جرم صاحب البلاغ في مقابلات أجريت مع قنوات تلفزيونية خاضعة لسيطرة الدولة، ومع صحيفة واشنطن بوست في ٢٨ شباط/فبراير ٢٠١١.

٢-١٣ وفي نهاية التحقيق السابق للمحاكمة، وبينما كان صاحب البلاغ يطالع المواد المتعلقة بقضيته، علم أن نائب المدعي العام لبيلاروس كان قد أذن بتسجيل المكالمات الهاتفية لصاحب البلاغ وزوجته وأعضاء حملته الانتخابية خلال الفترة 28 تموز/يوليه ٢٠١٠ - ١٩ كانون الأول/ديسمبر 2010، بما في ذلك عندما كان اسمه مسجلاً رسمياً كمرشح للانتخابات الرئاسية. وأُرسلت شكوى صاحب البلاغ المتعلقة بالتنصت على المكالمات الهاتفية إلى المدعي العام لبيلاروس في نهاية أيار/مايو ٢٠١١. ورغم أنه لم يتلق أي رد على تلك الشكوى ولم يتبعها أي تحقيق، استخدمت المحكمة الابتدائية معلومات تم الحصول عليها بطريقة غير قانونية عن طريق التنصت المشار إليه دليلاً لإثبات جرم صاحب البلاغ.

٢-١٤ وفي ١٥ نيسان/أبريل ٢٠١١، أحالت النيابة العامة قضية صاحب البلاغ إلى المحكمة الابتدائية. واستناداً إلى قرار الاتهام النهائي، اتُهم بموجب المادة ٢٩٣، الجزء 1، من قانون العقوبات بما يلي: دعوة الناس للمشاركة في مظاهرة يوم ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠؛ ونشر معلومات كاذبة عن أن الانتخابات كانت غير ديمقراطية وأن نتائجها زُورت؛ والتخطيط والإعداد لتحريض الحشد على سلوك عدائي؛ وقيادة مسيرة من ساحة أوكتيابرسكايا إلى ساحة نيزافيسيموست؛ وممارسة نفوذه على الناس المحتشدين بهدف التمكن من دخول دار الحكومة. وخلال جلسات الاستماع أمام محكمة بارتيزانسكي المحلية بمينسك، رُفضت الطلبات العديدة المقدمة من صاحب البلاغ ومحاميه التي التمسوا بها، في جملة أمور، إجراء فحوص، وتقديم أدلة، ومناقشة شهود معينين، وتقديم أشرطة فيديو سُجلت في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ باستخدام كاميرات تلفزيونية مغلقة الدائرة موجودة في ساحة نيزافيسيموست ( ) . فعلى سبيل المثال، سجل محامو صاحب البلاغ باسمه أقوال شهود وقدموا صوراً لساحة نيزافيسيموست ليلة المظاهرة. ومع ذلك، لم تقبل المحكمة هذه الصور أدلةً. وفي المقابل، سمحت المحكمة للمدعي العام باستخدام تسجيلات لمكالمات هاتفية لصاحب البلاغ دليلاً، وهي تسجيلات تم الحصول عليها بالتنصت على هاتفه أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية. ولم يقدم الادعاء أي دليل على أن صاحب البلاغ، أثناء المظاهرة، ارتكب أو حرض أشخاصاً آخرين على ارتكاب أعمال فوضى أو عنف أو أذى للأفراد أو تدمير للأملاك. ولدى صاحب البلاغ، بالإضافة إلى الجروح التي أصيب بها في ساقيه أثناء اعتقاله، سجل موثق من المشاكل الطبية. وفي مرات عديدة، طلب إلى المحكمة أن تعلق مؤقتاً إجراءات المحاكمة حتى يتسنى له الحصول على مساعدة طبية، لكن هذه الطلبات قوبلت بالرفض.

٢-١٥ وفي ١٤ أيار/مايو ٢٠١١، أدين صاحب البلاغ، بموجب المادة ٢٩٣، الجزء 1، من قانون العقوبات، بتنظيم اضطرابات جماعية، وحُكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات في معسكر عقابي ذي تدابير أمنية مشددة. وقدم طعناً بالنقض أمام محكمة مدينة مينسك، أشار فيه، في جملة أمور، أن حقوقه بموجب المواد ٧ و9 و١٤ و١٧ و١٩ و٢١ و٢٦ من العهد قد انتُهكت. وكان صاحب البلاغ قد طلب أن يُسمح له بحضور الجلسة شخصياً، لكن طلبه قوبل بالرفض. ورفضت محكمة مدينة مينسك طعن صاحب البلاغ بالنقض بعد جلسة قصيرة جداً يوم ١٥ تموز/يوليه ٢٠١١، وبدأ نفاذ عقوبة صاحب البلاغ. وفي تاريخ غير محدد، قدم محامو صاحب البلاغ طلباً لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى رئيس محكمة مدينة مينسك، فرُفض الطلب في ١٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١. وفي تاريخ آخر غير محدد، قدم محامو صاحب البلاغ طلباً آخر لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى رئيس المحكمة العليا، وهو طلب رفضه نائب رئيس المحكمة العليا في 27 كانون الثاني/يناير ٢٠١٢. ووُجه طلب ثان لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى رئيس المحكمة العليا رفضه النائب الأول لرئيس المحكمة العليا في ٩ نيسان/أبريل ٢٠١٢.

٢-١٦ ويؤكد صاحب البلاغ أنه أثناء قضاء عقوبته نُقل من معسكر عقابي إلى آخر مرتين دون إبلاغه بأسباب نقله، وأنه حُرم من إمكانية الاجتماع بمحاميه في الفترة بين ١٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١ و١٦ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢. وفي كل مرة زار محامو صاحب البلاغ المعسكر العقابي لمقابلته، أُبلغوا أنهم لن يتسنى لهم مقابلة موكلهم، بالنظر إلى "تدابير الحماية" المطبقة عليه بسبب ما ذكره من خطر يهدد حياته. واشتكى أحد محامي صاحب البلاغ من رفض السماح له بمقابلة موكله في المعسكر العقابي رقم 4 بمنطقة موغيليف في ١٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١، لكن النيابة العامة أبلغته في 19 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١ أنها لم تخلص إلى حدوث انتهاك لحق صاحب البلاغ في الدفاع. وفي ٣٠ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢، طعن المحامي في رفض السماح له بمقابلة موكله أمام محكمة لنينسكي المحلية بموغيليف، لكن طعنه رُفض في ٣ شباط/فبراير ٢٠١٢. وفي ١٠ شباط/فبراير ٢٠١٢، طعن محامي صاحب البلاغ مرة أخرى في الرفض أمام محكمة موغيليف الإقليمية، فرفضت الطعن في ٢ نيسان/أبريل ٢٠١٢. وفي ٣٠ نيسان/أبريل ٢٠١٢، قدم محامي صاحب البلاغ طلباً لإجراء مراجعة قضائية رقابية للقرارات المذكورة أعلاه إلى رئيس محكمة موغيليف الإقليمية، لكن الطعن بقي دون رد. كما طعن محامو صاحب البلاغ في رفض السماح لهم بمقابلة موكلهم أثناء الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١ إلى ١٦ كانون الثاني/يناير 2012 إلى مكتب النيابة لمنطقة موغيليف، وإلى المدعي العام لبيلاروس، وإلى الإدارات المختصة بوزارة الداخلية وإلى وزير الداخلية، لكن جميع طعونهم رُفضت.

٢-١٧ وقدم محامو صاحب البلاغ أيضاً شكوى إلى محكمة فيتيبسك المحلية في منطقة فيتيبسك إزاء رفض السماح لهم بمقابلة موكلهم في المعسكر العقابي رقم ٣ بمنطقة فيتيبسك في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١، لكن الشكوى رُفضت في ٦ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢. وفي تاريخ غير محدد، طعن محامو صاحب البلاغ مرة أخرى في الرفض أمام محكمة فيتيبسك الإقليمية، فرفضت الطعن في ٣٠ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢. وفي ٣١ كانون الثاني/ يناير ٢٠١٢، قدم محامو صاحب البلاغ طلباً لإجراء مراجعة قضائية رقابية للقرارات السالفة الذكر إلى رئيس محكمة فيتيبسك الإقليمية، فرفضه في ٢ آذار/مارس ٢٠١٢. وفي تاريخ غير محدد، قدم محامو صاحب البلاغ طلباً لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى رئيس محكمة مدينة مينسك، وهو طلب رفضه نائب رئيس المحكمة العليا في 26 نيسان/أبريل ٢٠١٢. ويذكر صاحب البلاغ أنه لم يُسمح له بمقابلة محاميه في المعسكر العقابي رقم ٣ بمنطقة فيتيبسك إلا بعد ١٦ كانون الثاني/يناير ٢٠١١، وأنه خلال "فترة التعتيم"، قُيد أيضاً استعماله للمراسلات الخطية والمكالمات الهاتفية مع محاميه وأفراد أسرته.

٢-١٨ وفي ١٤ نيسان/أبريل ٢٠١٢، مُنح صاحب البلاغ عفواً رئاسياً وأُلغيت الفترة المتبقية من عقوبته. بيد أن العفو لم يشمل شطب إدانته من سجله الجنائي ( ) . ووُضع تحت ما يسمى المراقبة الوقائية، وكان عليه بموجب ذلك أن يبلغ الإدارات المختصة في وزارة الداخلية بأي تغيير لمكان إقامته، أو تغيبه عن مكان إقامته المعتاد لأكثر من شهر، والمثول أمام السلطات المذكورة أعلاه عند الطلب لتوضيح سلوكه وأسلوب حياته.

٢-١٩ ويؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة. ‬

الشكوى

٣- 1 يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب المادة ٧ من العهد انتُهكت، لأن المحققين وموظفي مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة التابع لوكالة أمن الدولة وغيرهم من موظفي وكالة أمن الدولة أنزلوا به التعذيب وسوء المعاملة والضغط النفسي في مرحلة التحقيق السابق للمحاكمة، بهدف انتزاع اعتراف منه. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه تعرض لأذى جسدي نتيجة استخدام القوة المفرطة معه أثناء العملية الأمنية التي قامت بها وحدات الشرطة الخاصة في ساحة نيزافيسيموست يوم 19 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ وأثناء اعتقاله اللاحق. ورغم الشكاوى العديدة التي قدمها صاحب البلاغ ومحاموه إلى السلطات والمحاكم المعنية في الدولة الطرف (انظر الفقرات 2-9 /2-11 أعلاه)، لم يُشرع في أي تحقيق سريع وموضوعي ومستقل في تلك الادعاءات.

٣-٢ ويدعي صاحب البلاغ أن اعتقاله واحتجازه لم يمتثلا الضمانات المنصوص عليها في المادة ٩ من العهد. ويفيد أن القرار الأول بشأن القيود السابقة للمحاكمة واستمرار تمديد حبسه المؤقت تدابير غير قانونية، لأنها لم تأخذ في الاعتبار ظروف القضية، أو ظروفه الشخصية. ويشير صاحب البلاغ إلى أن سلطات الدولة الطرف التي أبقته رهن الحبس المؤقت لم تقدم لا هي ولا المحاكم أي تفسير للأسباب التي حالت دون أن تطبَّق في حالته القيود المتوخاة بموجب قانون الإجراءات الجنائية غير الحبس المؤقت و/أو الإفراج بكفالة. ويضيف صاحب البلاغ أن حبسه المؤقت أقره المدعي العام، الذي لا يخوله القانون ممارسة سلطة قضا ئية، على نحو ما تقتضيه المادة ٩ (3) من العهد (انظر الفقرة 2-7 أعلاه).

٣-٣ وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة ١٠ من العهد، يؤكد صاحب البلاغ أنه في الفترة ما بين 17 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١ و١٦ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢، منعته إدارات المؤسسات العقابية التي كان يقضي فيها عقوبته، من الاجتماع مع محاميه، بحجة أن "تدابير الحماية" المطبقة عليه لضمان أمنه يتعذر معها عقد هذا الاجتماع. ويضيف أنه خلال "فترة التعتيم"، قُيد أيضاً استعماله للمراسلات الخطية والمكالمات الهاتفية مع محاميه وأفراد أسرته (انظر الفقرة 2-17 أعلاه).

٣-٤ ويدعي صاحب البلاغ أنه حُرم من محاكمة منصفة أمام محكمة مستقلة ومحا يدة، ما يشكل انتهاكاً للمادة 14 (1) من العهد. ويذكر أن المحاكم رفضت أدلة أساسية قُدمت في دفاعه وقبلت، بدلاً منها، أدلة مجحفة وغير ذات صلة قدمتها النيابة العامة. ورفضت المحاكم أيضاً استجواب شهود معينين سماهم محامو صاحب البلاغ، وأبطلت جميع طلبات الدفاع، بينما أيدت بصورة منهجية طلبات الادعاء (انظر الفقرة 2-14 أعلاه). ويضيف صاحب البلاغ أن المحاكم، إذ امتنعت عن مناقشة شهود باسمه، إنما انتهكت أيض اً الحق المكفول بموجب المادة ١٤ (3)(ه) من العهد. ويؤكد صاحب البلاغ أن نظام المحاكم في بيلاروس ليست مستقلاً ويشير إلى عدد من التقارير المؤيدة لادعائه ( ) .

٣-٥ ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأنه، خلال الفترة من 19 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ إلى ٢٢ آذار/مارس 2011، لم يُسمح له بمقابلة محاميه والتواصل معهم على انفراد أثناء سير إجراءات التحقيق. وعلاوةً على ذلك، عمدت نقابة المحامين في مدينة مينسك إلى شطب اسم محاميه الأول، وسحبت وزارة العدل رخصته، بدعوى أنه أعرب علناً عن قلقه إزاء ظروف صاحب البلاغ "المروعة" وإساءة الحكومة معاملته أثناء احتجازه السابق للمحاكمة (انظر الفقرة 2-8 أعلاه). ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن حقه في افتراض براءته المكفول بموجب المادة ١٤ (2) من العهد، قد انتُهك، لأن وسائط الإعلام الخاضعة لسيطرة الدولة وسلطات الدولة الطرف اتهمته علناً هو وغيره من مرشحي المعارضة بمحاولة إطاحة الرئيس آنذاك قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها، وذكرت أن صاحب البلاغ مذنب بارتكاب جرائم مرتبطة بأحداث 19 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ قبل أن تثبت المحاكم أنه مذنب. ويضيف صاحب البلاغ أن يديه كُبلتا ووُضع في قفص في قاعة المحكمة طوال جلسات المحاكمة في قضيته، وأن هذا يشكل أيضاً انتهاكاً لحقه في افتراض براءته.

٣-٦ ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة ١٧ من العهد، مؤكداً أن سلطات الدولة الطرف سجلت بصورة غير قانونية مكالمات هاتفية له ولزوجته وأفراد حملته الانتخابية خلال الفترة من 28 تموز/يوليه ٢٠١٠ إلى ١٩ كانون الأول/ديسمبر 2010، عندما كان اسمه مسجلاً رسمياً كمرشح للانتخابات الرئاسية. ويذهب إلى أن التنصت على المكالمات الهاتفية لم يكن ضرورياً ولا قانونياً ولا مبرراً، ومن ثم فهو يشكل انتهاكاً لحقه في الخصوصية. وعلاوةً على ذلك، استخدمت المحكمة الابتدائية معلومات تم الحصول عليها بطريقة غير قانونية عن طريق التنصت المشار إليه دليلاً لإثبات جرمه (انظر الفقرة 2-13 أعلاه).

٣- 7 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً انتهاك حقه في اعتناق آراء دون مضايقة وحقه في حرية التعبير، المكفولين بموجب المادة ١٩ من العهد، لأن القيود التي فرضتها الدولة الطرف على ممارسة هذين الحقين لا ينص عليها القانون وليست ضرورية في مجتمع ديمقراطي. ويضيف أن ما يسمى بالأعمال الإجرامية التي نسبتها إليه المحاكم تضمنت، في جملة أمور، نشر "معلومات كاذبة" مفادها أن الحكومة الحالية غير مشروعة، وأن الانتخابات كانت غير ديمقراطية وأن نتائجها زورتها اللجنة الانتخابية المركزية. ويؤكد، في هذا الصدد، أن الأقوال المجرّمة هي في حقيقة الأمر صحيحة، على نحو ما أكده العديد من التقارير الصادرة عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا/مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان بشأن الانتخابات في بيلاروس ( ) . ويذكر صاحب البلاغ كذلك أن سلطات الدولة الطرف لاحقته جنائياً وحكمت عليه بالسجن مدة خمس سنوات بسبب ممارسة حقه في حرية التعبير. ويضيف أن هذه العقوبة غير متناسبة بشكل واضح، لا سيما بالنظر إلى أن هيئات التحقيق لم تثبت وجود علاقة سببية مباشرة بين الأقوال المجرّمة والتصرفات غير القانونية للأفراد مجهولي الهوية الذين اقتحموا دار الحكومة في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠.

٣-٨ ويذكر صاحب البلاغ أنه كان أحد المشاركين في تنظيم التجمع العام السلمي غير المرخص له في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠. ويضيف أنه وفقاً للمعايير الدولية المتعلقة بممارسة الحق في التجمع السلمي، الذي تضمنه المادة ٢١ من العهد، يقع على عاتق سلطات الدولة الطرف واجب إيجابي بضمان أمن التجمعات السلمية حتى لو لم يرخَّص لها رسمياً. ويدعي صاحب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف لم تمتثل هذا الواجب عندما تخلفت عن المسارعة إلى احتواء الأعمال غير المشروعة التي قامت بها مجموعة صغيرة ومعزولة من الأفراد الذين اقتحموا دار الحكومة في الساعة 9:45 من مساء يوم 19 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ (انظر الفقرة 2-6 أعلاه). ويدعي صاحب البلاغ أن تصرفاته هو كانت سلمية تماماً، وأنه لم يدعُ أنصاره قط إلى اقتحام دار الحكومة. بل دعاهم علناً إلى الحفاظ على الهدوء وتجنب القيام بأي أعمال عنف. ورغم أن المظاهرة التي نظمها صاحب البلاغ وغيره من مرشحي المعارضة كان القصد منها أن تكون تجمعاً سلمياً، فقد فرّقتها سلطات الدولة الطرف في انتهاك للمادة ٢١ من العهد باستخدام القوة المفرطة. وأُدين صاحب البلاغ نفسه فيما بعد بموجب المادة ٢٩٣، الجزء 1، من قانون العقوبات، بتهمة تنظيم اضطرابات جماعية. ويحاجج صاحب البلاغ بكثير من التفصيل بأن أحكام المادة ٢٩٣ من قانون العقوبات غامضة وفضفاضة للغاية ولا تسمح بالتنبؤ بالنتائج القانونية المترتبة على تصرفات الفرد وأن القانون الداخلي لا يتضمن تعريفاً لتعبير "اضطرابات جماعية". ويخلص صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف إذ حكمت عليه بالسجن مدة خمس سنوات بموجب المادة ٢٩٣، الجزء 1، من قانون العقوبات لتنظيمه تجمعاً عاماً غير مرخص له حتى لو كان سلمياً، إنما تتدخل تدخلاً غير متناسب في ممارسته حقه في التجمع السلمي بموجب المادة ٢١ من العهد. وعلاوةً على ذلك، لا ينص القانون على مثل هذا التدخل، أي أن القانون تعتريه ثغرات.

٣-٩ ويدعي صاحب البلاغ أن الأفعال التي وصفتها المحاكم بأنها "تنظيم اضطرابات جماعية" في قضيته (بما في ذلك تشجيع أنصاره على الانضمام إلى المظاهرة السلمية في ساحة أوكتيابرسكايا والسير إلى ساحة نيزافيسيموست، وانتقاد الحكومة الحالية ومحاولة الاقتراب من دار الحكومة لبدء مفاوضات مع هيئات إنفاذ القانون) "ارتكبها" أيضاً مرشحو المعارضة الآخرون ( ) . بيد أن بعضهم أدين بارتكاب جرائم أقل خطورة ( ) ، بينما سلِم آخرون من الملاحقة ( ) . ويقول صاحب البلاغ إنه من غير الواضح ما يجعل نفس الأفعال التي يرتكبها أفراد مختلفون تسفر عن عواقب قانونية مختلفة. ويدفع صاحب البلاغ بأن سلطات الدولة الطرف انتهكت المادة ٢٦ من العهد إذ ميزت ضده بسبب رأيه السياسي، ما حرمه من المساواة أمام القانون ومن المساواة في التمتع بحماية القانون.

عدم تعاون الدولة الطرف

٤- في مذكرات شفوية مؤرخة 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 و29 كانون الثاني/ يناير 2014 و19 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 و16 شباط/فبراير 2015، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف أن تقدم إليها معلومات وملاحظات بشأن مقبولية هذا البلاغ وأسسه الموضوعية. ‬ وتلاحظ اللجنة أنها لم تتلق هذه المعلومات. ‬ وتأسف اللجنة لأن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات فيما يتعلق بمقبولية البلاغ أو فحوى ادعاءات صاحبه. ‬ وتذكِّر بأن المادة 4(2) من البروتوكول الاختياري تلزم الدول الأطراف بأن تفحص بحسن نية جميع الادعاءات المقدَّمة ضدها، وأن تتيح للجنة كلّ ما لديها من معلومات. ونظراً لعدم تلقي رد من الدولة الطرف، يجب إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الاعتبار الواجب ما دامت مدعّمة بأدلة كافية ( ) . ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٥-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٥-٢ وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٥-٣ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة قد استُنفدت. وفي ظل عدم تقديم الدولة الطرف أي اعتراض في هذا الصدد، ترى اللجنة أن متطلبات الفقرة (2)(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

٥-٤ وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة ٢٦ من العهد أن سلطات الدولة الطرف ميزت ضده بسبب رأيه السياسي، ذلك أن مرشحي المعارضة الآخرين الذين شاركوا في المظاهرة السلمية غير المرخص لها في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ أدينوا بارتكاب جرائم أقل خطورة، في حين سلِم البعض من الملاحقة (انظر الفقرة 3-9 أعلاه). وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعَم شكواه بأدلة كافية بموجب المادة 26 من العهد لأغراض المقبولية وتخلص من ثمّ إلى أنها غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ‬‬‬‬‬‬‬

٥-٥ وترى اللجنة أن صاحب البلاغ أثبت بأدلة كافية صحة ادّعاءاته المتبقية بموجب المواد 7 و9 و10 و14 و17 و19 و21 من العهد لأغراض المقبولية. ‬ وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية .

النظر في الأسس الموضوعية

٦-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

٦-٢ وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب وسوء المعاملة والضغط النفسي في مرحلة التحقيق السابق للمحاكمة، بهدف انتزاع اعتراف منه، تلاحظ اللجنة أنه قدم وصفاً مفصلاً للأساليب المستخدمة، مثل استغلال حالته الصحية الهشة، والتهديد باستخدام تدابير قاسية ضد أفراد أسرته الأقربين، والأساليب المهينة، مثل الحرمان من النوم والتفتيش الجسدي اليومي. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أنه تعرض لأذى جسدي نتيجة استخدام أفراد وحدات الشرطة الخاصة القوة المفرطة معه أثناء العملية الأمنية في ساحة نيزافيسيموست يوم 19 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ وأثناء اعتقاله اللاحق. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحب البلاغ لم يحصل على المساعدة الطبية رغم تعرضه لإصابات متعددة، وأن طلباته المتعلقة بإجراء فحص طبي لإصاباته قوبلت بالرفض. وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه خلال "فترة التعتيم" من ١٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١ إلى ١٦ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢، مُنع من مقابلة محاميه، وقُيد أيضاً استعماله للمراسلات الخطية والمكالمات الهاتفية مع محاميه وأفراد أسرته. واستناداً إلى الوثائق المتاحة في الملف، قدم صاحب البلاغ نفسه ومحاموه تلك الادعاءات إلى السلطات والمحاكم المعنية في الدولة الطرف مرات عديدة. ويشار بوجه خاص إلى أن صاحب البلاغ ذكر، في ١٢ أيار/مايو ٢٠١١، أثناء جلسة استماع أمام محكمة بارتيزانسكي المحلية بمينسك، أن حراس السجن عذبوه، وأنه حُرم من النوم وعُرض لدرجات حرارة شديد البرودة وأن أسرته تعرضت للتهديد في محاولة لانتزاع اعترافات. وأفاد بأن بعض الأدلة التي قدمتها الحكومة انتُزعت منه بالإكراه. ورداً على ذلك، عرض وكيل النيابة على محكمة بارتيزانسكي المحلية بمينسك رسالة مؤرخة ١٧ أيار/مايو ٢٠١١ موقعة من نائب المدعي العام لمدينة مينسك، تشير إلى أن ادعاءات صاحب البلاغ لم تُثبت. ولم تأمر المحكمة بأي تحقيق آخر في تلك الادعاءات. وتذّكر اللجنة في هذا الصدد بأن على الدولة الطرف، ما أن تقدَّم شكوى تتعلق بإساءة معاملة تتنافى مع المادة 7 من العهد، أن تحقق فيها بسرعة ونزاهة ( ) . ‬ وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تبين كيف حققت سلطاتها ومحاكمه ا المعنية في ادعاءات صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب وسوء المعاملة والضغط النفسي، بهدف انتزاع اعتراف بالذنب. وفي ظل هذه الظروف، يجب إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الاعتبار الواجب، وترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادة 7 من العهد. ‬‬‬‬‬‬‬

٦-٣ وفي ضوء الاستنتاجات الآنفة الذكر، لا ترى اللجنة ضرورة لفحص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 10 من العهد بمعزل عن الادعاءات الأخرى. ‬‬‬‬‬‬

٦-٤ وتشير اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة التي جاء فيها أن الفقرة 3(ز) من المادة 14 من العهد التي تنص على "ألا يُكره أي شخص على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب" يجب أن تُفهم بأنها تعني عدم ممارسة أي إكراه جسدي أو نفسي مباشر أو غير مباشر من سلطات التحقيق على المتهم بغية انتزاع اعتراف منه بالذنب ( ) . ‬ وتذكّر اللجنة أيضاً بأنه، في الحالات المتعلقة بادعاء انتزاع اعترافات بالإكراه، يقع على الدولة عبء إثبات أن المتهم أدلى بأقواله طواعية ( ) . ‬ وفي هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف أيضاً عن انتهاك الفقرة 3(ز) من المادة 14 من العهد. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

٦-٥ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ، بموجب المادة ٩ من العهد، أن القيود السابقة للمحاكمة التي طُبقت عليه واستمرار تمديد حبسه المؤقت إجراءات غير قانونية، لأنها لم تأخذ في الاعتبار ظروف القضية وظروفه الفردية. ويشير صاحب البلاغ إلى أن سلطات الدولة الطرف التي أبقته رهن الحبس المؤقت لم تقدم لا هي ولا المحاكم أي تفسير للأسباب التي حالت دون أن تطبَّق في حالته القيود المتوخاة بموجب قانون الإجراءات الجنائية غير الحبس المؤقت و/أو الإفراج بكفالة. وتلاحظ اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ عُرضت على السلطات والمحاكم المختصة في الدولة الطرف، وأنها رفضتها دون اكتراث. وتذكّر اللجنة في هذا الصدد أن مفهوم "التعسف" لا يجوز اعتباره صنواً لمفهوم "مخالفة القانون"، بل يجب تفسيره بشكل أوسع ليشمل عناصر مخالفة الأعراف والظلم وعدم قابلية التنبؤ وعدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، علاوةً على عناصر المعقولية والضرورة والتناسب ( ) . وهذا يعني، في جملة أمور، أن الحبس المؤقت بتهمة جنائية يجب أن يكون معقولاً وضرورياً في جميع الظروف وذلك، مثلاً، لمنع فرار المتهم أو التلاعب بالأدلة أو تكرار الجريمة ( ) . ولم تثبت الدولة الطرف أن وجود تلك المخاطر في هذه القضية. لذا، تخلص اللجنة، في ظل عدم وجود أي معلومات إضافية، إلى حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 9. ‬‬‬‬‬‬‬

٦-٦ وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ أن حبسه المؤقت أقره المدعي العام، الذي لا يخوله القانون ممارسة سلطة قضا ئية، على نحو ما تقتضيه المادة ٩ (3) من العهد. وتذكّر اللجنة بأن الحكم المذكور أعلاه يعطي المحتجز المتهم بارتكاب جريمة الحق في أن يراقَب احتجازه قضائياً. ‬ وأحد المقومات الأساسية للممارسة السليمة للسلطة القضائية هو أن تمارسها سلطة مستقلة تتسم بالموضوعية والحيادية في تناول المسائل المعروضة عليها ( ) . لذا فاللجنة غير مقتنعة بأن المدعي العام شخص يمكن النظر إليه بأنه يتحلى بصفة الموضوعية والنزاهة المؤسسية اللازمة كي يُعتبر موظفاً مخولاً ممارسة السلطة القضائية بمفهوم الفقرة 3 من المادة 9 ‬ ( ) ، وتخلص إلى حدوث انتهاك لهذا الحكم.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

٦-٧ وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أنه حرم من محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة وم حايدة، وفي ذلك انتهاك للمادة ١٤ (1) من العهد (انظر الفقرتين 2-14 و3-4 أعلاه)، وأن محاكم الدولة الطرف لم توفر له الضمانات الدنيا الوارد ة في المادة ١٤ (3) (ب) و(ه ) من العهد (انظر الفقرتين 2-8 و3-5 أعلاه). وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أنه، خلال الفترة من 19 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ إلى ٢٢ آذار/مارس 2011، لم يسمَح له بمقابلة محاميه أو التواصل معهم على انفراد أثناء سير إجراءات التحقيق. وتلاحظ اللجنة كذلك تأكيد صاحب البلاغ أن نقابة المحامين في مدينة مينسك عمدت، إ لى شطب اسم محاميه الأول، و أن وزارة العدل سحبت ر خصته، بدعوى أنه أعرب علناً عن قلقه إزاء ظروف صاحب البلاغ "المروعة" وإساءة الحكومة معاملته أثناء احتجازه السابق للمحاكمة. وفي ظل عدم تقديم الدولة الطرف تعليقات رداً على ادعاءات صاحب البلاغ، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عل يها تشكل انتهاكاً للفقرتين 1 و3 (ب) و(ه‍) من المادة 14 من العهد. ‬‬‬‬‬‬‬

٦-٨ وفيما يتعلق بالادعاءات التي تشير إلى حدوث انتهاكات للمادة ١٤(2)، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن حقه في افتراض البراءة قد انتُهك، لأن وسائط الإعلام الخاضعة لسيطرة الدولة والسلطات العليا في الدولة الطرف اتهمته علناً بمحاولة الإطاحة بالرئيس آنذاك، وذكرت أن صاحب البلاغ مذنب بارتكاب جرائم مرتبطة بأحداث 19 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠ قبل أن تثبت المحكمة حسب الأصول أنه مذنب. وادعى صاحب البلاغ أيضاً أن يديه كُبلتا ووُضع في قفص في قاعة المحكمة طوال جلسات المحاكمة في قضيته. ولم تعترض الحكومة على هذه الادعاءات. وتذكّر اللجنة بأن حق المتهم في افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته أمام محكمة مختصة مكفول بموجب العهد. وفي ظل عدم ورود أي معلومات ذات صلة من الدولة الطرف في هذا الصدد، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع التي عرضها صاحب البلاغ تكشف عن انتهاك المادة 1 4 (2) من العهد.

٦-٩ ويدعي صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك للمادة ١٧ من العهد، مؤكداً أن سلطات الدولة الطرف تنصتت بصورة غير قانونية على هاتفه وسجلت مكالماته ومكالمات زوجته وأفراد حملته الانتخابية خلال الفترة من 28 تموز/يوليه ٢٠١٠ إلى ١٩ كانون الأول/ديسمبر 2010، بما في ذلك عندما كان اسمه مسجلاً رسمياً كمرشح للانتخابات الرئاسية في بيلاروس. وهو يحاجج كذلك بأن التنصت على المكالمات الهاتفية لم يكن ضرورياً ولا قانونياً ولا مبرراً، ومن ثم فهو يشكل انتهاكاً لحقه في الخصوصية. وعلاوةً على ذلك، استخدمت المحكمة الابتدائية معلومات تم الحصول عليها بطريقة غير قانونية عن طريق التنصت المشار إليه دليلاً لإثبات جرمه. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن شكوى صاحب البلاغ إلى المدعي العام في بيلاروس بشأن التنصت على المكالمات الهاتفية بقي دون رد، وأن الدولة الطرف لم تعلق على ادعاءات صاحب البلاغ المفصلة في هذا الصدد. وتخلص اللجنة إذن إلى أن الوقائع المعروضة عليها تنم عن انتهاك الدولة الطرف حق صاحب البلاغ بموجب المادة 17 من العهد.

٦-١٠ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن إدانته الجنائية بموجب المادة ٢٩٣، الجزء 1، من قانون العقوبات يشكل انتهاكاً لحقه في اعتناق الآراء دون تدخل وحقه في حرية التعبير، على النحو الذي تكفله المادة ١٩ من العهد، لأن القيود التي تفرضها الدولة الطرف على ممارسة هذين الحقين لا ينص عليها القانون وليست ضرورية في مجتمع ديمقراطي. وذكر صاحب البلاغ كذلك أن سلطات الدولة الطرف لاحقته جنائياً وحكمت عليه بالسجن مدة خمس سنوات بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أن هذه العقوبة غير متناسبة بشكل واضح، بالنظر إلى أن هيئات التحقيق لم تثبت وجود علاقة سببية مباشرة بين الأقوال المجرّمة له والتصرفات غير القانونية للأفراد مجهولي الهوية الذين اقتحموا دار الحكومة في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠.

٦-١١ وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34(2011) بشأن حرية الرأي والتعبير، وقد جاء فيه أن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لنماء الشخص نماءً كاملاً، وأن هاتين الحريتين ضروريتان لأي مجتمع. فهما تشكلان حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية (الفقرة 2). وتذكِّر اللجنة بأن المادة 19(3) من العهد تجيز بعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية (أ) لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم؛ و(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وكل تقييد لهما يجب أن يتوافق مع اختباري الضرورة والتناسب الصارمين. ولا يجوز تطبيق القيود إلا للأغراض التي وُضعت من أجلها كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تأسست عليه ( ) . وتذكِّر اللجنة أيضاً بأن على الدولة الطرف أن تثبت أن القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 19 من العهد ضرورية ومتناسبة ( ) . لكن اللجنة تلاحظ، في هذه القضية، أن الدولة الطرف لم تقدم لا هي ولا المحاكم أي تفسير يوضح كيف تكون القيود المفروضة على صاحب البلاغ في ممارسة حقه في حرية التعبير مبررة بموجب شرطي الضرورة والتناسب المنصوص عليهما ف ي المادة ١٩ (3) من العهد. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت ح قوق صاحب البلاغ بموجب المادة 19 (2) من العهد. ‬‬‬‬‬‬‬

٦-١٢ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف إذ حكمت عليه بالسجن مدة خمس سنوات بموجب المادة ٢٩٣، الجزء 1، من قانون العقوبات لتنظيمه تجمعاً عاماً غير مرخص له حتى لو كان سلمياً، إنما تدخلت تدخلاً غير متناسب في ممارسته حقه في التجمع السلمي بموجب المادة ٢١ من العهد. وهذا التدخل غير منصوص عليه في القانون، ذلك أن أحكام المادة ٢٩٣ من قانون العقوبات غامضة وفضفاضة للغاية ولا تسمح بالتنبؤ بالنتائج القانونية المترتبة على تصرفات الفرد وأن القانون الداخلي لا يتضمن تعريفاً لتعبير "اضطرابات جماعية". وعليه، تذكّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، المكفول بموجب المادة 21 من العهد، حق من حقوق الإنسان الأساسية ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. ‬ ويستتبع هذا الحق إمكانية تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه، حتى لو كان تلقائياً، في مكان عام. وفي ظل عدم ورود أي معلومات ذات صلة من الدولة الطرف، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت، في هذه القضية، حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد. ‬

٧- واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للمادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمواد 7 و 9 (1) و(3) و14 (1) و(2) و(3)(ب) و(ه) و(ز) و17 و19 (2) و21 من العهد.

٨- ووفقاً للمادة ٢(3)(أ) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بأن تتيح للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المشمولة بالعهد سبيل انتصاف فعالاً في شكل جبر كامل. وبناءً على ذلك، تُلزَم الدولة الطرف، في جملة أمور، بتعويض أندري سانيكوف تعويضاً كافياً، وشطب إدانته من سجله الجنائي وإجراء تحقيق سريع ومحايد وفعال وشامل في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، واتخاذ إجراءات جنائية ضد المسؤولين عن ذلك. ويقع على عاتق الدولة الطرف أيضاً التزام باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

٩- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغات الدولة الطرف الرسمية. ‬‬‬‬‬‬‬