الأمم المتحدة

CCPR/C/124/D/2783/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

13 August 2019

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2783/2016 * ، **

بلاغ مقدم من :

كريم ميسا واد (يمثله المحامون: ميشيل بوايون، ومحمد سيدو دياغني وسيري كليدور لي)

الشخص المدعى أنه ضحية:

صاحب البلاغ

الدولة الطرف:

السنغال

تاريخ تقديم البلاغ :

٣١ أيار/مايو ٢٠١٦ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية :

القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة (المادة 92 من النظام الداخلي الجديد)، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 6 تموز/يوليه ٢٠١5 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

٢٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٨

الموضوع:

إجراءات جنائية بتهمة اختلاس أموال عامة

المسائل الإجرائية:

إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية؛ إساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات ؛ عدم الاختصاص الموضوعي؛ عدم دعم الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية:

الحق في عرض إعلان الإدانة والحكم بالعقوبة على محكمة أعلى درجةً لإعادة النظر فيهما.

مواد العهد:

الفقرة 5 من المادة 14

مواد البروتوكول الاختياري:

3 و5 (الفقرة 2أ)

١-١ صاحب البلاغ هو السيد كريم ميسا واد، مواطن سنغالي وُلد في 1 أيلول/ سبتمبر 1968. وهو يدعي أنه ضحية انتهاك السنغال للفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد. وقد دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ في الدولة الطرف في 13 شباط/ فبراير 1978. ويمثل صاحبَ البلاغ الأساتذة المحامون ميشيل بوايون، ومحمد سيدو دياغني، وسيري كليدور لي.

١-٢ وقدم صاحب البلاغ والدولة الطرف كذلك ثمانية طلبات إلى اللجنة. وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، أبلغت اللجنة الدولة الطرف وصاحب البلاغ برفضها النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية وفقاً للمادة ٩٧(3) من نظامها الداخلي.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ ( )

٢-١ تقلد صاحب البلاغ مناصب وزير دولة، ووزير التعاون الدولي والتهيئة العمرانية والنقل الجوي والهياكل الأساسية، ووزير الطاقة في السنغال في الفترة من ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٢. وبعد مضي بضعة أشهر على الانتخابات الرئاسية في آذار/مارس ٢٠١٢ التي فاز بها معارض الرئيس المنتهية ولايته، لاحقت الدولة الطرف صاحب البلاغ قضائياً ضمن إطار مكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة الرشيدة. ويدعي صاحب البلاغ أنه تبيّن أن هذه الملاحقات كانت انتقائية واستهدفت مسؤولين ونشطاء من المعارضة الجديدة وأفراداً من أسرة رئيس الجمهورية السابق كذلك.

٢-٢ ويدّعي صاحب البلاغ أن إدارة الشؤون العامة، التي كان مسؤولا ً عنها، خضعت لتدقيق الحسابات ولعمليات تفتيش من طرف أهم هيئات الرقابة في السنغال، بما فيها المفتشية العامة للدولة ومحكمة تدقيق الحسابات وهيئة تنظيم المشتريات العامة. ولم يوجه أي من هذه الهيئات أي اتهام إلى صاحب البلاغ ولم تُنْح عليه بأي لائمة.

٢-٣ وفي ٢٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، قدمت الدولة الطرف شكوى بصاحب البلاغ أمام محاكم فرنسا بتهمة ” الكسب غير المشروع “ . وفي ٢٧ أيار/مايو ٢٠١٤، قرر المدعي العام في باريس المختص بالقضايا المالية حفظ ملف القضية "لعدم كفاية الأدلة التي تثبت ارتكاب المخالفة"، بعد تحقيقٍ - وصفه صاحب البلاغ بالدقيق - أجرته النيابة العامة الوطنية المختصة بالقضايا المالية والمكتب المركزي لقمع الجرائم المالية الخطيرة.

٢-٤ وبموازاة ذلك، لاحقت الدولة الطرف صاحب البلاغ قضائياً على أراضيها، أمام محكمة قمع الإثراء غير المشروع، وهي محكمة استثنائية، التي فتحت تحقيقا ً أوليا ً في ٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢. وفي نهاية التحقيق في ٨ آذار/مارس ٢٠١٣، وُجّه اتهام إلى صاحب البلاغ ووُضع رهن الاحتجاز المؤقت في ١٧ نيسان/أبريل ٢٠١٣. وبموجب المادة 10 من القانون رقم 81-54 المؤرخ ١٠ تموز/يوليه ١٩٨١ المنشئ لمحكمة قمع الإثراء غير المشروع، لا تتجاوز التحقيقات التمهيدية ستة أشهر انطلاقا ً من تاريخ الإحالة إلى لجنة التحقيق. وبناءً عليه، يدعي صاحب البلاغ أنه كان يتعين إنهاء التحقيق في ١٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٣. ومع ذلك، وجه إليه اتهام مرة أخرى بسبب نفس الوقائع، وأُبقيَ في الاحتجاز المؤقت.

٢-٥ وفي ٢٢ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣، قدم صاحب البلاغ طعناً أمام المحكمة العليا بدعوى عدم الاختصاص، لإبطال قرار لجنة التحقيق التابعة لمحكمة قمع الإثراء غير المشروع التي وجهت التهمة إليه. وحسب قول صاحب البلاغ، لم ترد المحكمة العليا على هذا الطعن. واستأنف القرار أيضا ً أمام المجلس الدستوري طلباً لاعتبار القانون رقم 81-54 غير قانوني، وقد رفض المجلس طلبه في قرار مؤرخ ٣ آذار/مارس ٢٠١٤.

٢-٦ وعُرض صاحب البلاغ في ١٦ نيسان/أبريل ٢٠١٤ على هيئة قضائية في محكمة قمع الإثراء غير المشروع. وبدأت المحاكمة في ٣١ تموز/يوليه ٢٠١٤ ثم بُرّئت ساحته في 23 آذار/مارس ٢٠١٥ من تهمة الفساد لكنه أدين بتهمة الإثراء غير المشروع، بحجة أنه لم يثبت المصدر المشروع لثروته. وحُكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات وبدفع غرامة قدرُها نحو ٢٠٠ مليون يورو وتعويضات للدولة تبلغ حوالي ١٥ مليون يورو. وصودر جميع ممتلكاته أيضا ً ، حتى أن بعض ما صودر هو ملكية لأغيار لكن الخبراء نسبوا إليه ملكيتها بطريقة عشوائية، دون أن تتاح إمكانية الاستشهاد بخبرات مضادة أمام محكمة قمع الإثراء غير المشروع. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه أعيد تفعيل هذه المحكمة بواسطة مرسومين رئاسيين مؤرخين 5 أيار/مايو و ٦ تموز/يوليه ٢٠١٢ توخياً لهدف واحد فقط هو إدانته واستبعاده من الحياة السياسية، فالمحكمة لم تصدر سوى قرارين منذ إنشائها.

٢-٧ وعلاوة على ذلك، قدّم صاحب البلاغ طع ناً بالنقض إلى المحكمة العليا على أساس عدم إمكانية مراجعة قرارات محكمة قمع الإثراء غير المشروع من قِبل محكمة أعلى درجة. ورفض طلب الطعن الذي قدمه في قرار صادر عن المحكمة العليا في ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥.

٢ -٨ ويستند صاحب البلاغ إلى عدد من بيانات ممثلي المنظمات الوطنية والدولية للدفاع عن حقوق الإنسان، مدعيا ً أن محكمة قمع الإثراء غير المشروع لا تكفل حقوق الأشخاص المتهمين.

٢-٩ وكان صاحب البلاغ قد باشر، قبل إدانته من طرف محكمة قمع الإثراء غير المشروع في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥، العديد من الإجراءات من أجل تسوية وضعه. فقدّم، في ٢٤ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢، مع غيره من وزراء سابقين، طل باً إلى محكمة العدل التابعة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. وإذ اعتبرت هذه الأخيرة في حكمها المؤرخ ٢٢ شباط/فبراير ٢٠١٣ أن الدولة الطرف قد انتهكت حق صاحب البلاغ في افتراض البراءة، فإنها أمرت برفع القيود عن حق مقدمي الطلب في مغادرة الإقليم الوطني، بمن فيهم صاحب البلاغ.

٢-١٠ وفي ٣١ آذار/مارس ٢٠١٤، قدّم صاحب البلاغ طل باً إلى أمانة الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي. وهو يذكر باستنتاجات الفريق العامل الذي خلص في رأيه رقم ٤/٢٠١٥ المؤرخ ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠١٥ (A/HRC/WGAD/2015/4)، إلى أن احتجاز صاحب البلاغ تعسفي، مع التشديد على أن القواعد الإجرائية المعمول بها في الدولة الطرف لم تُحترم فيما يتعلق بمدة الاحتجاز المؤقت. وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١ 5 ، رفض الفريق العامل طلب المراجعة الذي قدمته الدولة الطرف.

مضمون الشكوى

٣-١ يدّعي صاحب البلاغ أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية، مشي راً إلى أن التشريعات السنغالية لا تسمح له بالطعن في قرار الإدانة الصادر عن محكمة قمع الإثراء غير المشروع في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥. ومع ذلك، قدم طع ناً بالنقض إلى المحكمة العليا للسنغال مدع ياً انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد، ورفض طعنه بالنقض في حكم صادر في ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥. وهو يذكّر بأن الطعن بالنقض لا يتيح دراسة مسائل الاختصاص وانتهاك القانون وأنه يستبعد أي مراجعة جديدة لكل من إعلان الإدانة والحكم بالعقوبة. وإذ اعتبرت المحكمة العليا أن محكمة قمع الإثراء غير المشروع مختصة لمحاكمة صاحب البلاغ، فقد أصبح حكم هذه الأخيرة نهائيا ً . واستنا داً إلى عدد من قرارات اللجنة، طلب إليها صاحب البلاغ أن تعلن أن سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت.

انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد

٣-٢ يشير صاحب البلاغ إلى انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد، حيث إ ن قانون الإجراءات الخاص بمحكمة قمع الإثراء غير المشروع لا يجيز مراجعة قرار الإدانة والحكم بالعقوبة من طرف محكمة أعلى.

٣-٣ ويعرض صاحب البلاغ تلك الأحكام الواردة في تشريعات الدولة الطرف التي تتعارض مع الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد. وهكذا، فإن المادة ١٧ من القانون رقم 81-54 تنص على أن أحكام المحكمة تصدر في جلسات علنية، ويجوز الطعن فيها بالنقض من قِبل الشخص المدان أو المدعي العام، وفقا ً للشروط الواردة في الأمر رقم 60-17 المؤرخ 3 أيلول/ سبتمبر ١٩٦٠ المتعلق بالقانون الأساسي للمحكمة العليا. ويدعي صاحب البلاغ أن القانون قد كان، في ١٩٨١، يتناقض مع أحكام العهد. وحتى الآن، فإن القانون الأساسي رقم ٢٠٠٨-35 المؤرخ ٧ آب/أغسطس ٢٠٠٨ المتعلق بإنشاء المحكمة العليا ينص في المادة ٢ منه على أن المحكمة العليا لا تنظر في الأسس الموضوعية للقضايا، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ومن أجل مواءمة تشريعاتها مع التزاماتها الدولية، سنّت الدولة الطرف القانون رقم ٢٠٠٨-50 المؤرخ ٢٣ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٨ الذي يعدل قانون الإجراءات الجنائية، من أجل تضمينه الحق في الاستئناف في القضايا الجنائية. ويدعي صاحب البلاغ أن هذه المواءمة لم توسَّع أب داً لتشمل القانون رقم81-54 . ويؤكد أيضاً أنه حتى التشريعات الخاصة بالمحاكمات التي تنظمها الدوائر الأفريقية الاستثنائية على الجرائم المرتكبة في حق الإنسانية على إجراءات استئناف لإعادة النظر في الإدانة والحكم بالعقوبة.

٣-٤ ويدعي صاحب البلاغ أنه قد استفاض في عرضه أوجه النقض ومن بينها انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد، وأن المحكمة العليا قد شوهت حججه حيث شبهتها بانتقادات لنزاهة واستقلالية قضاة محكمة قمع الإثراء غير المشروع. وأخي راً، وفيما يتعلق بقرار المجلس الدستوري المؤرخ ٣ آذار/مارس ٢٠١٤، يؤكد صاحب البلاغ أن هذا الأخير لاحظ عدم وجود إمكانية الاستئناف لكنه اعتبر أن ذلك لا يؤدي بالضرورة إلى عدم وجود سبيل انتصاف مجد أو فعال، وأن عدم وجود محكمة من درجة ثانية لا يتعارض بالضرورة مع الدستور ( ) .

٣-٥ ويعتد صاحب البلاغ بعدد من البيانات العامة التي مفادها أن محكمة قمع الإثراء غير المشروع لا تحترم حقوق الأشخاص المتهمين. وفيما يتعلق بالسلطات القضائية، يذكُر الرئيسَ الأول للمحكمة العليا، الذي أعلن في ١٥ كانون الثاني/يناير ٢٠١٤، أنه ينبغي للدولة الطرف أن تعيد النظر في معاييرها من أجل ضمان الحق في محاكمة عادلة، ولاسيما الحق في الطعن لأغراض إعادة النظر في قرارات الإدانة والأحكام بالعقوبة. وفيما يتعلق بالسلطات السياسية، يشير إلى مقابلة مع الرئيس ماكي سال، في ٧ حزيران/يونيه ٢٠١٥، اعترف فيها بعدم وجود حق في استئناف قرارات محكمة قمع الإثراء غير المشروع، معتبراً في الوقت ذاته أن الطعن بالنقض يمثل طعناً بالاستئناف. وصرح عل ناً صدِّيقي كابا، الذي كان وزير العدل وقت كتابة هذا البلاغ، وسلفه، أميناتا توريه، في ٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥ و١٩ تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠١٥ على التوالي، أن عدم إتاحة الحق في الاستئناف في محكمة قمع الإثراء غير المشروع لا يتماشى مع الحقوق الأساسية التي تمنحها الجمهورية.

٣-٦ ويشير صاحب البلاغ بعد ذلك إلى الفقرة ٤٧ من الملاحظة العامة رقم ٣٢(٢٠٠٧) للجنة المعنية بالحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، ويذكّر استنا داً إلى عدد من قرارات اللجنة، بالموقف الثابت لهذه الأخيرة الذي مفاده أن الانتهاك يقع عندما تخل الدولة بالتزامها بمراجعة إعلان الإدانة والحكم بالعقوبة ( ) . ويذكّر بأنه توجد أيضاً تشريعات معادلة للفقرة ٥ من المادة 14 من العهد في جميع النظم الإقليمية لحماية حقوق الإنسان.

٣-٧ ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة بما يلي: (أ) الإقرار بمقبولية البلاغ؛ (ب) الإحاطة علما ً بانتهاك الدولة الطرف حقَّه في طلب أن تنظر محكمة أعلى درجة في إعلان إدانته والحكم عليه؛ (ج) الإحاطة علماً بانتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد عن طريق تنفيذ القانون رقم 81-54؛ (د) الطلب إلى الدولة الطرف أن تلغي دون تأخير إعلان الإدانة وتدابير المصادرة والغرامة؛ (ﻫ) الطلب إلى الدولة الطرف اتخاذَ جميع التدابير للإفراج عنه فو راً ودون تأخير.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

المسألة التي ناقشها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (المادة ٥، الفقرة 2(أ)) من البروتوكول الاختياري)

الدولة الطرف

٤-١ تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ باشر في ٢٤ حزيران/يونيه ٢٠١٤ إجراءً أمام الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، أشار فيه إلى عدم إ مكانية استئناف قرارات لجنة التحقيق التابعة لمحكمة قمع الإثراء غير المشروع. وترى الدولة الطرف أن الفريق العامل لم يمتثل للقواعد الإجرائية الخاصة به، مشيرة إلى تطبيق أساليب عمل جديدة في إطار الرأي رقم ٤/٢٠١٥ المؤرخ ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠١٥، وهي أساليب لم تُعتمد رسم ياً إلا في ٤ آب/أغسطس ٢٠١٥ و١٢ تموز/يوليه ٢٠١٦. وترى الدولة الطرف أن هذه الحقائق تكشف عن إنكار للعدالة في حقها، حيث رفض الفريق العامل حججها بدعوى أنها قُدمت بعد انقضاء الآجال المحددة، على أساس قاعدة إجرائية غير قابلة للتطبيق.

صاحب البلاغ

٤-٢ فيما يتعلق باللجوء إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، يذكّر صاحب البلاغ بأن ذلك كان في آذار/مارس ٢٠١٤، أي قبل صدور قرار إدانته في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥، وأنه لم يثر أمام الفريق العامل انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد. غير أنه أثار مسألة عدم إتاحة أي سبيل انتصاف من قرارات لجنة التحقيق التابعة لمحكمة قمع الإثراء غير المشروع، من بين مسائل أخرى. وشدد أيضاً على أن القرارات الصادرة عن اللجنة سابقاً قضت بأن عرض المسألة على المقررين الخاصين للأفرقة العاملة ليس يعادل عرضها على آلية دولية.

٤-٣ ويشير صاحب البلاغ إلى أنه يجوز للجنة، في ضوء الفقرة ٢(أ) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري، النظر في الشكاوى التي سبق تقديمها إلى أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية، ما دام الغرض والأسباب مختلفين في الواقع.

المسألة التي نظرت فيها محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (المادة ٣ والفقرة 2(أ ) من المادة ٥)، من البروتوكول الاختياري والمادة ٩٦ من النظام الداخلي للجنة)

الدولة الطرف

٥-١ تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لجأ إلى محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في ٢٤ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢ بشأن انتهاك حقوق الإنسان، ولا سيما الحق في الاستئناف في حالة صدور قرار بالإدانة. وهو يدعي أن المحكمة، في قرارها الصادر في ٢٢ شباط/فبراير ٢٠١٣، حكمت بشأن هذه النقطة ورفضت طلب صاحب البلاغ الذي اعتبرته غير ذي أثر، حيث إنها ترفض النظر في القوانين الداخلية للدول والقرارات التي تصدر عنها . وعليه، فإن هذا القرار قد أكّد نهاية الإجراء الدولي أو التسوية الدولية الذي باشره صاحب البلاغ. وترفض الدولة الطرف الحجة القائلة إن حكم محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لا يتعلق بنفس الوقائع أو نفس الحقوق أو نفس المسألة بما أن حكم محكمة قمع الإثراء غير المشروع لم يصدر إلا في آذار/مارس ٢٠١٥. وتدّعي الدولة الطرف أيضاً أن صاحب البلاغ، بسبب احتجازه رهن المحاكمة، قدم طع ناً ثان ياً أمام محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، أثار فيه من جديد عدم وجود سبيل للطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة قمع الإثراء غير المشروع. وفي الحكم الصادر في ١٩ تموز/ يوليه ٢٠١٣، أيدت محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مشروعية احتجاز صاحب البلاغ.

صاحب البلاغ

٥-٢ يدعي صاحب البلاغ من جانبه أن قرار محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا صدر في ٢٢ شباط/فبراير ٢٠١٣، في حين أن إعلان الإدانة والحكم بالعقوبة قد صد راً عن محكمة قمع الإثراء غير المشروع في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥. وكان الهدف من الطلب الذي قدمه صاحب البلاغ في ٢٤ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢ لمحكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا انتقادَ عدم إجراء محاكمة عادلة، فقط لا غير. ويشدد أيضاً على أن القرار الذي أصدرته المحكمة في ٢٢ شباط/فبراير ٢٠١٣ لا يتناول نفس الوقائع ونفس الحقوق الجوهرية، ناهيك عن نفس موضوع البلاغ المقدم إلى اللجنة. ولم يكن صاحب البلاغ في ذلك الوقت ضحية بعدُ لانتهاك الفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

إساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات (المادة ٩٦ من النظام الداخلي للجنة)

الدولة الطرف

٦-١ استنا داً إلى المادة ٩٦(ج) من النظام الداخلي للجنة، ترى الدولة الطرف أنه كان على صاحب البلاغ أن يقدم بلاغه إلى اللجنة، في موعد لا يتجاوز ٢١ شباط/فبراير ٢٠١٦. وبما أن صاحب البلاغ لم يقدم أي تبرير لتجاوزه الأجل المحدد، تدعو الدولة الطرف اللجنة إلى اعتبار البلاغ غير مقبول لأنه يشكل إساءةً لاستعمال الحق في تقديم البلاغات.

٦-٢ وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن صاحب البلاغ ادعى في البداية عدم اختصاص محكمة قمع الإثراء غير المشروع لصالح محكمة العدل العليا التي لا يجوز الطعن في قراراتها. ثم تحجج بعد ذلك بالفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد وطلب إعادة النظر في قرار محكمة قمع الإثراء غير المشروع من جانب محكمة أعلى درجة يُبين عن استخدام صاحب البلاغ للإجراءات عن سوء نية. فالأمر يتعلق بإساءة استخدام الحق من حيث الاختصاص الموضوعي، مما يؤدي إلى عدم مقبولية البلاغ.

صاحب البلاغ

٦-٣ يدعي صاحب البلاغ، أولا، أن إساءة استخدام الحق في تقديم البلاغات لا يعد سب باً لعدم المقبولية من حيث الاختصاص الزمني، مشي راً في ذلك إلى نص المادة ٩٦(ج) من النظام الداخلي للجنة. ويشدد على أن البروتوكول الاختياري لا يحدد أي أجل نهائي لتقديم البلاغات.

٦-٤ وثانيا ً ، يؤكد صاحب البلاغ أنه تم احترام انقضاء مهلة خمس سنوات بعد استنفاد سبل الانتصاف المحلية، المنصوص عليها في المادة ٩٦(ج) من النظام الداخلي اللجنة. ويتمثل سبيل الانتصاف الوحيد المتاح لصاحب البلاغ في الواقع في الطعن أمام المحكمة العليا. وقضت هذه الأخيرة بإصدار قرار مؤرخ ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥، دون أن ترد على ادعائه انتهاكَ الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد.

٦-٥ وأخي راً، يؤكد صاحب البلاغ أن ظرو فاً خاصة تعوق توصيف إساءة استخدام الحق في تقديم البلاغات. ويذكّر بأن الانتهاك المدعى وقوعه لم يكن في ٢٢ شباط/فبراير ٢٠١٣، وأنه تجسد بإعلان الإدانة والحكم بالعقوبة في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥، بموجب القرار الصادر عن محكمة قمع الإثراء غير المشروع. كما يشير إلى العبارات المحدَّدة المستخدمة في صياغة الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد، التي تستخدم مصطلحات “كل شخص مدان”. وبالإضافة إلى ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أنه لم يكون مخولاً في الواقع، بمقتضى الفقرة (و) من المادة96 من النظام الداخلي للجنة، التوجه إلى اللجنة قبل ذلك مخافة إعلان عدم مقبولية الشكوى لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وأخي راً، ومع افتراض أن أجل ثلاث سنوات كان سارياً، يجب أن تكون نقطة بدايته تاريخ صدور الإعلان بالإدانة والحكم بالعقوبة في ٢٣ آذار/ مارس ٢٠١٥.

عدم تدعيم الشكوى بما يكفي من الأدلة (المادة 3 من البروتوكول الاختياري)

الدولة الطرف:

٧-١ تذكّر الدولة الطرف، في إشارة إلى القرارات السابقة للجنة بشأن عدم تقديم الأدلة الكافية لإثبات الادعاءات في سياق انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد، بأنه لطالما أعلنت هذه الأخيرة عدم مقبولية كل بلاغ لا يوفر ما يكفي من الأدلة على ادعاءاته ( ) . وتدعي أن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد تتسبب في التشويش لأنها توحي بأن هذه المادة تلزم الدول الأطراف بإنشاء محكمة استئناف، بينما الأمر ليس كذلك. وتشير إلى أن اللجنة اعتبرت دائما أن الدول الأطراف ليست ملزمة بإنشاء نظام يوفر تلقائ ياً الحق في الاستئناف. وتدعي الدولة الطرف أن الشرط الوحيد المستمد من تلك المادة يتعلق بالمراجعة من جانب محكمة أعلى درجة ، وهي العبارة المصطلحية المستخدمة في تلك المادة، وليس محكمة استئناف.

صاحب البلاغ

٧-٢ يؤكد صاحب البلاغ أنه يحق للمدعى عليه الذي صدر في حقه قرار عدم مقبولية الشكوى أن يحتج بالأسباب المحددة وراء إعلان عدم مقبولية الشكوى. ويدفع بأن البلاغ مدعم بأدلة كافية فيما يتعلق بادعائه أن القانون رقم 81-54 الخاص بمحكمة قمع الإثراء غير المشروع، والقانون الأساسي رقم 2008-35 الخاص بالمحكمة العليا، وقانون الإجراءات الجنائية للدولة الطرف لا يمتثلون للعهد. ويذكّر بأن أحكام الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد تنطبق على جميع محاكم الدولة الطرف، باستثناء محكمة قمع الإثراء غير المشروع، وأن القانون رقم ٨١-54 لا يتقيد بالقانون العام.

٧-٣ وفيما يتعلق بالقانون الأساسي رقم 2008-35، قدم صاحب البلاغ ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاته أنه لا يجوز للمحكمة العليا سوى النظر في المسائل القانونية، وليس في الوقائع. ويشير إلى المادة ٢ من القانون المذكور التي تنص على أنه "لا تنظر المحكمة العليا في الأسس الموضوعية للقضايا، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك"، ويذكّر بضرورة إعادة النظر في القضية من الناحيتين الوقائعية والقانونية كما جاء في تعليق اللجنة العام رقم ٣٢.

٧-٤ ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أن الشكوى مدعمة بما يكفي من الأدلة فيما يتعلق بقرار محكمة قمع الإثراء غير المشروع المؤرخ ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥، وبقرار المحكمة العليا المؤرخ ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥. ويذكّر بأنه لم تتم أب داً مواءمة القانون رقم ٨١-54 مع أحكام العهد. ويعود إلى اللجنة أن تقرر ما إذا كان يمكن اعتبار المحكمة العليا، في هذه الشكوى، بمثابة محكمة أعلى درجة بالمعنى المقصود في الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد. ويشير صاحب البلاغ إلى التوافق في الآراء الفقهية الذي مفاده أن محاكم النقض لا تنظر إلا في الوسائل القانونية، وتراقب الأحكام والقرارات دون النظر في الأسس الموضوعية للدعاوى، ولا يمكن أن تمثل محكمة من الدرجة الثالثة. وقد مارست المحكمة العليا، في قرارها المؤرخ ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥، أدنى حد من المراقبة إلى درجة أنها لا يمكن أن تستوفي متطلبات الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد، حيث قالت المحكمة إن الأدلة والوقائع كانت قد خضعت للسلطة التقديرية المطلقة لقضاة محكمة قمع الإثراء غير المشروع، وإنه لا يمكن مناقشتها أمامها.

٧-٥ ويضيف صاحب البلاغ، كدليل على أن سلطات الدولة الطرف تدرك عدم امتثال التشريعات الحالية للعهد، أن الحكومة قد وضعت مشروع قانون في بداية عام ٢٠١٤ بشأن إصلاح محكمة قمع الإثراء غير المشروع يُراد به، بوجه خاص، معالجة أوجه القصور الراهنة فيما يتعلق بالفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد. وفي الختام، يشير صاحب البلاغ إلى أنه قدم ٣٧ مرفقاً يشكل أدلة مادية وملموسة دعمت البلاغ بما يكفي.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

الخلفية الوقائعية وإدانة صاحب البلاغ بالفساد

الدولة الطرف

٨-١ تولى صاحب البلاغ بالفعل منصب وزير من ٢٠٠٩ إلى ٢٠١٢. وقد كانت الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٢ تعبيراً عن رغبة الشعب في تشديد مكافحة الفساد وتكثيفها. وبناءً عليه، اتخذت الحكومة عد داً من التدابير، من بينها إعادة تفعيل محكمة قمع الإثراء غير المشروع. ويُدَّعى أن ثروة صاحب البلاغ الشخصية قُدِّرت بـ 1.1 مليار يورو، مما أثار تساؤلات ملحة في صفوف المجتمع المدني واستفساراً من العدالة. وتشير الدولة الطرف إلى أن جميع الاعتبارات السياسية التي عرضها صاحب البلاغ غير مجدية في سياق شكوى تستند إلى الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد.

٨-٢ وفي ٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢، فتح مكتب المدعي العام المختص لدى محكمة قمع الإثراء غير المشروع تحقيقا ً أوليا ً على أساس المادة ٥ من القانون رقم ٨١-54. وبالنظر إلى ثروة صاحب البلاغ الشخصية ومستوى معيشته، اللذين لا يتناسبان مع دخله المشروع، طلب المدعي العام المختص إلى رئيس قسم البحث التابع للدرك الوطني البدء في التحري. وتذكِّر الدولة الطرف بالتعريف الوارد في المادة 3 من القانون رقم ٨١-53 الذي ينص على أن الإثراء غير المشروع يثبُت عندما يعجز الشخص عن تبرير المصدر المشروع للموارد ذات الصلة بممتلكاته ومستوى معيشته.

٨-٣ وفي ١٥ آذار/مارس ٢٠١٣، بعد إنهاء التحري في ٨ آذار/مارس ٢٠١٣، أعذر المدعي العام المختص صاحب البلاغ أن يبرر المصدر المشروع لثروته في غضون شهر واحد. وفي ١٧ نيسان/أبريل ٢٠١٣، وُجهت تهمة إلى صاحب البلاغ ووُضع رهن الاحتجاز المؤقت، إلى جانب خمسة متهمين آخرين، بالاستناد إلى المادتين ١٠ و ١١ من القانون رقم 81-54. ولجأ صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا التي أحالت القضية إلى المجلس الدستوري لأغراض البت في دستورية القانون رقم 81-54. وخلص هذا الأخير في ٣ آذار/مارس ٢٠١٤ إلى امتثال القانون امتثالا ً تاما ً للدستور.

٨-٤ وفي ١٦ نيسان/أبريل ٢٠١٤، أحيل صاحب البلاغ إلى محكمة قمع الإثراء غير المشروع لمقاضاته على كسبه ثروة تقدر بـ 117 993 037 117 فرنكاً بفرنكات الجماعة المالية الأفريقية (حوالي ١٧٨ مليون يورو)، ما بين عامي ٢٠٠٠ و٢٠١٢، دون أن يتمكن من إثبات مصدرها المشروع. وبدأت المحاكمة في ٣١ تموز/يوليه ٢٠١٤. واستصدر صاحب البلاغ أمراً بعدم الاختصاص، لكن محكمة قمع الإثراء غير المشروع رفضت ذلك في ١٨ آب/أغسطس ٢٠١٤ في قرار طعن فيه صاحب البلاغ بالنقض لدى المحكمة العليا. كما قدم صاحب البلاغ طل باً للإفراج عنه فرفضته محكمة قمع الإثراء غير المشروع في قرارها الصادر في ٢٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٤، وطعن فيه صاحب البلاغ بالنقض أيضاً لدى المحكمة العليا، ورُفض الطعن بالنقض في ٣٠ آذار/مارس ٢٠١٥.

٨-٥ وأدانت محكمة قمع الإثراء غير المشروع صاحب البلاغ في 23 آذار/مارس 2015، في قرار طعن فيه صاحب البلاغ بالنقض لدى المحكمة العليا. وفي قرار استفاض في الحيثيات وصدر بتاريخ ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥، بتت المحكمة العليا في طلب الإفراج مؤقتا عن صاحب البلاغ، وفي مسائل حياد قضاة محكمة قمع الإثراء غير المشروع ونزاهة تشكيل هيئة قضاتها، وانتهاك الحق في محاكمة عادلة، وتجاهل افتراض البراءة، والتدابير التحفظية التي اتُّخِذت بشأن شركات صاحب البلاغ، ومصادرة جميع ممتلكات صاحب البلاغ، ومقبولية ادعاء الدولة الطرف بالحق المدني. ورفضت المحكمة مختلف طلبات صاحب البلاغ.

٨ -٦ وحظي صاحب البلاغ بعفو صادر بموجب مرسوم رئاسي في ٢٤ حزيران/يونيه ٢٠١٦، يعفيه من عقوبة السجن المتبقية. وهو يتمتع بالحرية التامة غير المشروطة. وأي يُفترض أن يكون أي إكراه بدني اتخاذ صاحب البلاغ قرار التهرب من تنفيذ قرار المحكمة المتعلق به. فالأمر لا يتعلق بعقوبة جديدة بالسَّجن، والإكراه البدني، على أية حال، لا يتقرر بطريقة عشوائية؛ بل يجب أن ينتج عن اتباع إجراء قضائي.

صاحب البلاغ

٨-٧ يؤكد صاحب البلاغ أن ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية لا أساس لها من الصحة ولا يراد منها سوى النيل من شرفه وسمعته. ويشير إلى: (أ) أنه لم يُتهم أب داً بالفساد سواء في الدولة الطرف أو في أي مكان آخر، حيث إن القرار الصادر في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥ عن محكمة قمع الإثراء غير المشروع برّأه من تهمة الفساد؛ (ب) أن هيئة الادعاء الوطنية الفرنسية المعنية بالقضايا المالية حفظت شكوى الدولة الطرف عليه؛ (ج) أن المحاكم الفرنسية رفضت تنفيذ الحكم الصادر في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥ عن محكمة قمع الإثراء غير المشروع؛ (د) أن محكمة قمع الإثراء غير المشروع حكمت وفقاً لقواعد تتعارض مع متطلبات القانون الدولي، مثلما أكّدت شخصيات مرموقة في مجال حماية حقوق الإنسان والدوائر القانونية في الدولة الطرف؛ ( ﻫ) أن العدالة في الدولة الطرف استُخدمت لأغراض سياسية؛ (و) أنه تعرض للاحتجاز التعسفي، على نحو ما أقره الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في رأيه رقم ٤/٢٠١٥ الذي ردت عليه الدولة الطرف بعنف؛ (ز) أن محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لاحظت انتهاك حقوقه؛ (ح) أن البنك الدولي خلص إلى عدم وجود أي نشاط غير مشروع يمكن نَسبُه إليه.

٨-٨ وفيما يتعلق بادعاء أن ممتلكاته تقدر بما يعادل 1.1 مليار يورو، يدعي صاحب البلاغ أن هذه الممتلكات نُسبت إليه خطأ وأن الخبراء بالغوا في تقديرها إلى حد كبير دون احترام مبدأ إثبات العكس، حيث إن قضاة محكمة قمع الإثراء غير المشروع رفضوا في كل مرة طلبات صاحب البلاغ إجراءَ خبرة النفي.

٨-٩ وفيما يتعلق بالعفو الرئاسي المؤرخ ٢٤ حزيران/يونيه ٢٠١٦، يؤكد صاحب البلاغ أنه يقتصر على إنفاذ أحكام السجن، ولا يشمل العقوبات النقدية. وعلاوة على ذلك، تنص مواد قانون الإجراءات الجنائية من 681 إلى 700 على عقوبات بالسجن طويلة ج داً في حالة الإدانة بدفع غرامات ورد ممتلكات وسداد تعويضات إلى الدولة. بيد أن السلطات الحكومية أعلنت بشكل صريح وعلني عزمَها استعادة الأموال المستحقة على صاحب البلاغ وإنفاذ عقوبة الحبس. وأخي راً، لم يُخطَر صاحب البلاغ أبداً بمرسوم العفو عليه. وأُطلق سراحه دون تنفيذ أي إجراء من الإجراءات الرسمية اللازم اتباعها عند الإفراج عن السجناء.

امتثال محكمة قمع الإثراء غير المشروع والمحكمة العليا للأطر القانونية الوطنية والدولية ذات الصلة

الدولة الطرف

٩-١ محكمة قمع الإثراء غير المشروع التي استُحدثت بموجب القانون رقم ٨١-54 محكمةٌ مختصة أنشئت من أجل النظر في القضايا المتعلقة بفئة معينة من الأشخاص، في إطار أفعال الإثراء غير المشروع ومعاقبة هؤلاء الأشخاص عند الاقتضاء. وتفيد الدولة الطرف بأن دولاً أخرى أنشأت محاكم خاصة لتحديد المسؤولية الجنائية لأعضاء الحكومة، على غرار محكمة عدل الجمهورية في فرنسا، وأن العهد لا يعترض على وجود مثل هذه المحاكم. وتذكّر بأن المحكمة الدستورية، في قرارها الصادر في ٣ آذار/مارس ٢٠١٤، أكّدت دستورية القانون المذكور سابقا ً .

٩-٢ وقد بدأت محكمة قمع الإثراء غير المشروع عملها فعلياً في عام ١٩٨٣. ومنذ ذلك الحين، عُرضت عليها قضيتان وأصدرت إدانة واحدة. ولم يتم أب داً إلغاء قانون إنشاء المحكمة. ولمحاربة آفة الفساد، اعتُمد المرسوم رقم ٢٠١٢-502 الصادر في 10 أيار/مايو ٢٠١٢ بشأن تعيين القضاة الذين تتكون منهم المحكمة. وإذ أدين صاحب البلاغ، فإن الدولة الطرف تؤكّد أن ثلاثة أشخاص آخرين أدينوا أيضاً . وبالتالي، لا يتعلق الأمر بمحكمة منشأة لغرض وحيد هو ملاحقة صاحب البلاغ. ومن الناحية الإجرائية، تُرفع دعوى إلى المحكمة بموجب قرار إحالة صادر عن لجنة التحقيق، التي يطلب إليها المدعي العام المختص إجراء التحقيق. وتصدر المحكمة بعد ذلك قرا راً، وفقاً للمادة 17 من القانون رقم ٨١-54، قابلاً للطعن فيه أمام المحكمة العليا.

٩ -٣ وأُنشئت المحكمة العليا بموجب الأمر رقم ٦٠-17 الصادر في ٣ أيلول/سبتمبر ١٩٦٠ وعُيّن قضاتها في ١ تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٦٠. والمحكمة العليا في الهيكل القضائي السنغالي هي المحكمة الأعلى درجة بالنسبة لمحكمة قمع الإثراء غير المشروع. وتراقب المحكمة العليا جميع جوانب الحكم، بما فيها إعلان الإدانة والحكم بالعقوبة.

٩-٤ وفيما يتعلق بالإطار القانوني الدولي، تؤكد الدولة الطرف أن مكافحة الفساد جزء من التزام دولي وتذكّر بأنها صدّقت على عدد من الصكوك الدولية والإقليمية في هذا الصدد. وتقتضي جميع هذه الصكوك أن تتخذ الدولة الطرف التدابير اللازمة لتعريف الإثراء غير المشروع ومكافحته.

٩-٥ وتؤكد الدولة الطرف أن قرارات محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا غير قابلة للطعن فيها. وتشير أيضاً إلى المادة ٢ من البروتوكول السابع الملحق باتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) وتقريرها التفسيري، وعلى وجه الخصوص الفقرة ١٨ التي تنص على أنه: "يجوز أن تقتصر [إعادة النظر من قبل محكمة أعلى ، حسب الحالات، على تنفيذ القانون، مثل تقديم طلب بالطعن. وتطبق بلدان أخرى الحق في الاستئناف، الذي يمكّن من رفع كل من وقائع القضية والمسائل القانونية إلى محكمة أعلى درجة. وتترك هذه المادة للقانون الوطني حرية تحديد طرائق ممارسة هذا الحق، بما في ذلك أسباب ممارسته."

صاحب البلاغ

٩-٦ في الفقرة ٢٤ من القرار رقم1-C-2014، يقر المجلس الدستوري نفسُه باستحالة أن يمارس صاحب البلاغ حقه في الطعن الذي يسمح لمحكمة بإعادة النظر في الإدانة والحكم بالعقوبة. وبموجب القانون الجنائي في الدولة الطرف، وحده إجراء الاستئناف يسمح بالنظر في إعلان الإدانة والحكم بالعقوبة في القضايا الجنائية والجُنحية والمتعلقة بالمخالفات (في حالة الحكم بالسجن).

٩-٧ ويوجه صاحب البلاغ عناية اللجنة إلى أن الدولة الطرف قد اعتمدت، بذريعة مكافحة الإثراء غير المشروع، تشريعات جنائية تتضمن قواعد إجرائية خاصة، تختلف عن القواعد الإجرائية المنصوص عليها في القانون العام الذي يطبَّق على جميع المواطنين. حيث لا يسمح القانون رقم ٨١-54 لمحكمة قمع الإثراء غير المشروع بتحويل عبء الإثبات فحسب، بل إنه ينكر عم داً أيضاً على الأشخاص الخاضعين للمحاكمة الحق في طلب إعادة النظر في إعلان الإدانة والعقوبة المحكوم بها عليهم من جانب محكمة أعلى درجة. وفي مرحلة التحقيق، لا يُقدَّم طلب الاستئناف إلّا من جانب النيابة العامة، وليس من طرف الشخص المتابَع قضائياً، ولا يمكن الاستئناف عندما تبت محكمة قمع الإثراء غير المشروع في الأسس الموضوعية.

٩-٨ وفيما يتعلق بالمحكمة العليا، يذكر صاحب البلاغ بأن المادة ٢ من القانون الأساسي رقم ٢٠٠٨-35 تنص على أن المحكمة العليا التي تبت في طلبات الطعن بالنقض لا تنظر في الأسس الموضوعية للقضايا، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ويشدد على أنه لا يتاح طرفي الدعوى المثول شخصياً ولا تتاح المناقشات ولا طرح أسئلة بشأن الوقائع يتعين الإجابة عليها. ولا يتسنى سوى تقديم ملاحظات شفوية موجزة للغاية سوى للمحامين إيضاحاً لبعض ما يرد في مذكراتهم الخطية من نقاط. وصحيح أن النظام القانوني للدولة الطرف يسمح بالطعن في قرارات محكمة قمع الإثراء غير المشروع، غير أن المحكمة العليا ليست مختصة للبت في قرار الإدانة والحكم بالعقوبة.

٩-٩ وحتى لو افتُرض جدلاً أن محكمة قمع الإثراء غير المشروع محكمةٌ مختصة ولم تُنشأ لمحاكمة المواطنين العاديين، فإنها لم تُدِن سوى صاحب البلاغ من بين مائتي شخصية سياسية ومسؤولين كباراً مارسوا مهامهم في ظل الرئاسة السابقة.

٩-١٠ ويشير صاحب البلاغ إلى أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لا تسري على الدولة الطرف. ويعرب عن اندهاشه لعدم إشارة الدولة الطرف لأحكام الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وللمبادئ التوجيهية المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا التي وضعتها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد

الدولة الطرف

١٠-١ لم تمنع الدولة الطرف أب داً صاحب البلاغ من ممارسة حقه في الاستئناف أمام محكمة أعلى درجة (انظر الفقرتين 8-4و8-5)، التي لا ينبغي الخلط بينها وبين محكمة من درجة ثانية. وقد قدم صاحب البلاغ طع ناً بالنقض في الحكم الصادر في ١٨ آب/أغسطس ٢٠١٤ ثم في الحكم الصادر عن محكمة قمع الإثراء غير المشروع في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥. وهو، بالتالي، قد مارس حقه في سبيل انتصاف فعال يتعيّن عدم الخلط بينه وبين محكمة من درجة ثانية.

١٠-٢ وتقول الدولة الطرف إن التحقيق الذي استغرق ثمانية عشر شه راً كان دقيقا، وتم فيه التحقق من الوقائع ومقارنتها. وقد أتاحت مرحلة المحاكمة أمام محكمة قمع الإثراء غير المشروع، من تموز/يوليه ٢٠١٤ إلى شباط/فبراير ٢٠١٥، إعادة النظر في مجموع الوقائع ومناقشتها حضورياً والاستماع للشهود. وتم احترام جميع حقوق الدفاع كلِّها طوال الإجراءات.

١٠-٣ وقدم صاحب البلاغ طع ناً بالنقض في الحكم بالعقوبة الصادر عن محكمة قمع الإثراء غير المشروع في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥. وتدّعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قدم إلى المحكمة العليا طل باً يتألف من ٩٧ صفحة يثير فيه مسائل انتهاك القانون، وعدم تبيين الدوافع، وعدم وجود أساس قانوني، وتشويه الوقائع. وفي هذه الظروف، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان بالضرورة يعلم أن المحكمة العليا تتمتع بصلاحيات إعادة النظر بهدف إلغاء القرار المتعلق بالإدانة والحكم بالعقوبة.

١٠-٤ وترى الدولة الطرف أن المحكمة العليا قدمت ر داً مناس باً على كل تظلم من التظلمات التي أثارها صاحب البلاغ وذلك بالتحقق من الأدلة والتطبيق الصحيح للقانون. ولم يكن نظر المحكمة العليا في القضية مجرد مراقبة صورية، تقتصر على انتقاد التعسف أو إنكار العدالة، كما أن حكمَ المحكمة معلل بإسهاب وبدقة. فتحققت المحكمة من احترام قواعد المحاكمة العادلة، ومن الحصول على الأدلة بصورة مشروعة، ومن استناد إعلان الإدانة والحكم بالعقوبة إلى أسس قانونية، ومن تطبيق القانون بمعناه الدقيق على الوجه الصحيح.

صاحب البلاغ

١٠-٥ يعترض صاحب البلاغ على إعلان الدولة الطرف الذي جاء فيه أنه أساء استخدام حقه في الاستئناف أمام محكمة أعلى درجة وف قاً للفقرة 5 من المادة ١٤ من العهد. ويقتصر إجراء النقض على الأحكام النهائية ويقتصر على النظر في القانون، وليس الوقائع، لكن النظر في الوقائع وحده يمكّن من إثبات نسب الأفعال إليه مما يفرض إعلان الإدانة والحكم بالعقوبة. والمحكمة العليا، وهي المحكمة الوحيدة التي يمكنها النظر في قرارات محكمة قمع الإثراء غير المشروع، لا تملك صلاحية تقييم الأدلة أو النظر في الوقائع التي أدت إلى صدور القرار؛ وعليه، يكون إثبات انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد تحصيل حاصل.

١٠-٦ وينظر صاحب البلاغ إلى انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد على ضوء المواد ٣٦٧ و482 و484 و497 و503 و٥٠٥ من قانون الإجراءات الجنائية، التي تنص على الحق في الطعن لدى محكمة أعلى درجة في القضايا الجنحية والجنائية.

١٠-٧ ور داً على حجة الدولة الطرف التي مفادها أن حكم المحكمة العليا المؤرخ ٢٠ آب/ أغسطس ٢٠١٥ قد استفاض في شرح حيثياته، يؤكد صاحب البلاغ أن الحيثيات لا تتناول مطلقاً النظر في إعلان الإدانة والحكم بالعقوبة.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

١١-١ قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري. ‬

١١-٢ وقد تأكـدت اللجنـة، وفقـاً لما تقتضيـه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. ‬ وتلاحظ اللجنة أنه، في الرأي رقم ٤/٢٠١٥، المعتمد في ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠١٥، اعتبر الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي أن احتجاز كريم ميسا واد تعسفي. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة الدولة الطرف القائلة ‘ن هذا الرأي يشوبه عيب شكلي. وتشدد اللجنة على أنْ ليس من اختصاصها النظر في صحة آراء الفريق العامل. وتذكر، من جهة أخرى، بأنه إذا كان على اللجنة التحقق، بموجب الفقرة ٢(أ) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، فإن لا شيء يمنعها من النظر في البلاغات المتعلقة بقضايا كانت قد تناولتها هيئة أخرى من هيئات الحماية، بما في ذلك إذا اعتمدت هذه الأخيرة قرا راً بشأن الأسس الموضوعية، ما لم تكن الدولة الطرف قد أبدت تحفظا صريحا يحظر تقديم الطعون الواحد تلو الآخر ( )( ) . وإذ انتهى الفريق العامل من النظر في القضية قبل عرض هذا البلاغ على اللجنة، فإن هذه الأخيرة لن تبحث مسألة ما إذا كان نظر الفريق العامل في حالة معينة يشكل إجراءً آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين بمعنى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري أمْ لا ( ) . ومن ثم، فإن نظر الفريق العامل في قضية صاحب البلاغ لا يعوق مقبولية البلاغ.

١١-٣ وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ لجأ إلى محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي أصدرت حكمين في ٢٢ شباط/فبراير و١٩ تموز/يوليه ٢٠١٣. وتحيط علما ً بحجة الدولة الطرف التي مفادها أن القرار الصادر في ٢٢ شباط/فبراير ٢٠١٣ يتعلق بنفس صاحب البلاغ ونفس الوقائع التي أدت إلى الانتهاك المدَّعى للفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن قرار محكمة العدل التابعة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا كان قد صدر قبل أكثر من عامين من تاريخ صدور أحكام محاكم الدولة الطرف، في ٢٣ آذار/مارس ٢٠١٥ بالنسبة لمحكمة قمع الإثراء غير المشروع، و٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥ بالنسبة للمحكمة العليا. وترى أنه إذا كان صاحب البلاغ هو نفسه والوقائع هي نفسها بالفعل، فلا يجوز أن يكون موضوع الطلب هو نفسه، حيث يستحيل أن يكون الانتهاك المدعى للفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد قد حدث في ٢٢ شباط/فبراير ٢٠١٣. وتقول اللجنة إنه، في جميع الأحوال، إذا كان من واجب اللجنة التحقق، بموجب الفقرة ٢(أ) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، فلا شيء يمنعها من النظر في البلاغات المتعلقة بالقضايا التي تتناولها هيئة أخرى من هيئات الحماية، حتى عندما تكون هذه الأخيرة قد اعتمدت قرا راً بشأن الأسس الموضوعية، ما لم تكن الدولة الطرف قد أبدت تحفظا يحظر صراحة تقديم الطعون الواحد تلو الآخر (انظر الفقرة 11-2). وبالتالي، لا تشكل قرارات محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، عائ قاً أمام مقبولية البلاغ.

١١-٤ وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سُبُل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة أمامه. وإذ لم يرد أي اعتراض من الدولة الطرف في هذا الخصوص، فإن اللجنة ترى أن مقتضيات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

١١-٥ وتحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف التي مفادها أنه، بموجب المادة ٩٦(ج) من نظامها الداخلي، يشكل تقديم صاحب البلاغ بلاغَه إساءةً لاستعمال الحق في تقديم البلاغات من حيث الاختصاص الزمني، حيث إن أمام صاحب البلاغ مهلة ثلاث سنوات بعد اختتام إجراء آخر من إجراءات التسوية الدولية كي يقدّم شكواه إلى اللجنة (انظر الفقرة 6-1). وتحيل اللجنة إلى الاستنتاجات التي توصلت إليها في الفقرة 11-3 وتذكّر بأنه إذا كانت وقائع البلاغ هي نفسها المذكورة في القرار الصادر في ٢٢ شباط/فبراير ٢٠١٣ عن محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وصاحب البلاغ هو نفسه، لا يمكن أن يكون موضوع البلاغ هو نفسه، حيث إن الانتهاك المدعى للفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد قد حصل في ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥ ( ) . وعليه، يجب عدم الأخذ بمهلة الثلاث سنوات التي أشارت إليها الدولة الطرف بغرض الطعن في مقبولية البلاغ. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن البروتوكول الاختياري لا يحدد، على أي حال، أي أجل لأغراض تقديم البلاغات وأن الفترة الفاصلة بين الانتهاك المدعى وتقديم البلاغ بشأنه لا تشكل في حد ذاتها إساءة استخدام للحق في تقديم البلاغات، إلا في حالات استثنائية ( ) . وعليه، لا يشكّل ما مر من الوقت بين صدور حكم محكمة العدل للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وتقديم البلاغ إلى اللجنة عائقاً أمام مقبوليته.

١١-٦ وفيما يخص الادعاء بعدم الاختصاص الموضوعي الذي أثارته الدولة الطرف، والذي يفيد بأن صاحب الشكوى يعتد بالحق في اللجوء إلى محكمتين من درجتين، وهو أمر لا تتطرق إليه الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد، ترى اللجنة أن الأمر يتعلق هنا بمسألة لا ينبغي بحثها في مرحلة المقبولية وأنها من ثم ستنظر في هذا الادعاء عند النظر في الأسس الموضوعية.

١١-٧ وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف ومفادها أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءاته بأدلة كافية. بيد أنها تلاحظ أن صاحب البلاغ قد قدم، فيما قدمه، ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاته لأغراض مقبولية البلاغ، حيث بيّن كيف أن التشريعات وكذلك قرار المحكمة العليا الصادر في ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥ يتعارضان مع أحكام الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد.

١١-٨ وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد دعم ادعاءاته بأدلة كافية بموجب الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد، وأنه لا يوجد ما يعوق مقبوليتها. وبذلك تنتقل اللجنة إلى النظر في البلاغ من حيث أسسه الموضوعية بخصوص ما ادُّعي من انتهاكات.

النظر في الأسس الموضوعية

١٢-١ نظرت اللجنة في البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة (1) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

١٢-٢ وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف ومفادها أن حق الاستئناف غير منصوص عليه صراحة في العهد. وتشير اللجنة إلى أن من واجب كل دولة طرف تنظيم نظامها القضائي على النحو الذي تراه مناسبا ً ، وأنها لا تولي أهمية للشكل الخاص والنظام المعتمد، طالما أن قانون الدولة الطرف يحدد طرائق تمكِّن أي شخص أدين بارتكاب مخالفة ما من أن يعاد النظر في إدانته والحكم عليه من قبل محكمة أعلى ( ) . ومع ذلك، تشير اللجنة إلى أنه، إذا كان العهد لا يقتضي محاكمة جديدة لوقائع القضية، فلا بد من إجراء يتيح مراجعة فعالة ومعمقة لإعلان الإدانة ويمكّن من تقييم الأدلة والوقائع، وعدم الاقتصار على مراجعة لا تتعدى الجوانب القانونية ( )( ) .

١٢-٣ وتلاحظ اللجنة في هذه القضية أن محكمة قمع الإثراء غير المشروع، وهي المحكمة التي أعلنت إدانة صاحب البلاغ وحكمت عليه، تصدر أحكامها حضورياً وفي جلسة علنية في ابتدائياً ونهائياً، وأن قراراتها قابلة للطعن بموجب المادة ١٧ من قانون رقم ٨١-54 من طرف المحكوم عليه أو المدعي العام، وفقا ً لأحكام الأمر القضائي رقم 60-17 المؤرخ 3 أيلول/ سبتمبر ١٩٦٠ المتضمِّن القانون الأساسي للمحكمة العليا. وتلاحظ أيضاً أن قرارات لجنة التحقيق في محكمة قمع الإثراء غير المشروع غير قابلة للطعن مطلقاً بموجب المادة ١٣ من نفس القانون. وتحيط اللجنة علما ً بالمادة ٢ من القانون الأساسي رقم ٢٠٠٨-35، التي تنص على أن المحكمة العليا لا تنظر في الأسس الموضوعية للقضية، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك. وتلاحظ أيضاً أن تعديل قانون الإجراءات الجنائية المؤرخ ٢٣ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٨ بموجب القانون رقم 2008-50، الذي ينص على الحق في الاستئناف في القضايا الجنائية، بالإضافة إلى الطعن بالنقض، لا ينطبق على قرارات محكمة قمع الإثراء غير المشروع.

١٢-٤ وتلاحظ اللجنة أيضاً حجج الدولة الطرف التي مفادها أن: (أ) التحقيق الذي أجرته لجنة التحقيق في محكمة قمع الإثراء غير المشروع كان دقيقا ً ؛ (ب) الحكم الصادر عن هذه المحكمة أتاح إعادة دراسة جميع الوقائع؛ (ج) الاستعراض الذي أجرته المحكمة العليا لم يقتصر على إجراء مراقبة صورية صرفة. وتلاحظ اللجنة، بعد النظر بعناية في القرار الصادر في ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥ عن المحكمة العليا، أن هذه الأخيرة أحالت إلى بيان الوقائع الصادر عن محكمة قمع الإثراء غير المشروع ونحّت جانباً كل وسائل وحجج صاحب البلاغ الرامية إلى مناقشة الأدلة والوقائع المتروكة لتقدير قضاة محكمة قمع الإثراء غير المشروع وحدهم، وذلك وف قاً للمادة ٢ من القانون الأساسي رقم 2008-35 ، الأمر الذي يحصر دورها في النظر في المسائل القانونية فقط. ويتبين من قراءة الحكم الصادر في ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١٥ أن المحكمة العليا لم تقيِّم الأدلة التي استخدمتها محكمة قمع الإثراء غير المشروع. وعلى ضوء المعلومات المذكورة أعلاه، لا يمكن للّجنة أن تقبل حجة الدولة الطرف أنّ سبيل الانتصاف المتمثل في الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا يشكّل مراجعة من قِبل محكمة أعلى درجة وف قاً للفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد وتشير إلى تعليقها العام رقم ٣٢ الذي جاء فيه أن استعراضا يقتصر على الجوانب القانونية أو الصورية من الإدانة ولا يعير اهتماماً البتة للوقائع ليس كا فياً بموجب العهد.

١٢-٥ وتدرك اللجنة ما للغرض المشروع المتمثل في مكافحة الفساد من أهمية لدى الدول، لكنها تشدد أيضاً على وجوب الاضطلاع بها في إطار مراعاة القواعد الإجرائية والحق في محاكمة عادلة.

١٣- واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن المعلومات المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف حقوقَ كريم ميسا واد التي تكفلها الفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

١٤- ووفقاً للفقرة 3( أ) من المادة 2 من العهد، يتعين على الدولة الطرف أن توفر سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك أن ترد الدول الأطراف الحق بالكامل للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وفي هذه القضية، يجب إعادة النظر في إعلان الإدانة والعقوبة المحكوم بها على صاحب البلاغ وف قاً لأحكام الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد. ويتعيّن على الدولة الطرف كفالة عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

١٥- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي تتخذها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف تعميم هذه الآراء ونشرها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.